الــصــحـيـــح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) ج20
العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي
المركز الإسلامي للدراسات

بسم الله الرحمن الرحيم
الفصل الثاني:
معركة مؤتة
المسلمون في مؤتة:
قالوا: ولما فصل المسلمون من المدينة سمع العدو بمسيرهم، فتجمعوا لهم، وقام فيهم شرحبيل بن عمرو، فجمع أكثر من مائة ألف، وقدم الطلائع أمامه([1]).
فلما نزل المسلمون وادي القرى، بعث أخاه سدوس بن عمرو في خمسين من المشركين، فاقتتلوا. وانكشف أصحاب سدوس، وقد قتل، فشخص أخوه ـ وعند الواقدي: "وخاف شرحبيل بن عمرو، ودخل حصناً فتحصن، وبعث أخاً له يقال له: وبر بن عمرو"([2]) ـ إلى هرقل يستمده، فبعث هرقل زهاء مائتي ألف([3]).
المسلمون في مواجهة هرقل:
ومضى المسلمون حتى نزلوا مُعان من أرض الشام. وبلغ الناس أن هِرقل قد نزل مآب من أرض البلقاء في مائة ألف من الروم، وانضم إليهم مائة ألف أخرى من لَخُم وجُذام، وبكر ووائل، وقبائل قضاعة من بلقين، وبهراء، وبليَّ، عليهم رجل من بليَّ، ثم أحد بني إراشة، يقال له: مالك بن رافلة.
وقيل: كانوا مائتي ألف من الروم وخمسين ألفاً من قبائل العرب المتنصرة، ومعهم من الخيول والسلاح ما ليس مع المسلمين.
فلما بلغ ذلك المسلمين أقاموا على معان ليلتين يفكرون في أمرهم، وقالوا: نكتب إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" فنخبره بكثرة عدونا، فإما أن يمدنا بالرجال، وإما أن يأمرنا بأمر فنمضي له.
فشجع الناس عبد الله بن رواحة، فقال: "يا قوم، والله، إن التي تكرهون، للتي خرجتم تطلبون: الشهادة. وما نقاتل الناس بعدد، ولا قوة، ولا كثرة، وما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، فانطلقوا، فإنما هي إحدى الحسنيين، إما ظهور، وإما شهادة، وليست بشرِّ المنزلتين".
فقال الناس: صدق والله ابن رواحة([4]).
فمضى الناس حتى إذا كانوا بتخوم البلقاء لقيتهم جموع هرقل، من الروم والعرب، بقرية من قرى البلقاء، يقال لها: مشارف([5]).
في المواجهة:
ثم دنا العدو، وانحاز المسلمون إلى قرية يقال لها: مؤتة. فالتقى الناس عندها، فتعبأ لهم المسلمون([6]).
وروى أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم، ومحمد بن القرَّاب في تاريخه، عن برذع بن زيد، قال: قدم علينا وفد رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى مؤتة، وعليهم زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن رواحة، وخرج معهم منا عشرة إلى مؤتة، يقاتلون معهم. قد كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" نهاهم أن يأتوا، فركبت القوم ضبابة، فلم يبصروا حتى أصبحوا على مؤتة.
وروى محمد بن عمر، عن أبي هريرة قال: "شهدت مؤتة، فلما دنا العدو منا رأينا ما لا قِبل لأحد به من العَدد والعُدد، والسلاح والكراع، والديباج والحرير، والذهب، فبرق بصري، فقال لي ثابت بن أقرم: يا أبا هريرة، كأنك ترى جموعاً كثيرة.
قلت: نعم.
قال: إنك لم تشهد معنا بدراً، إنَّا لم ننصر بالكثرة([7]).
قال ابن إسحاق: وتعبأ المسلمون للمشركين، فجعلوا على ميمنتهم رجلاً من عذرة، يقال له: قطبة بن قتادة، وعلى ميسرتهم رجلاً من الأنصار يقال له: عباية بن مالك.
[قال ابن هشام]: ويقال له: عبادة بن مالك([8]).
استشهاد القادة:
قال ابن عقبة، وابن إسحاق، ومحمد بن عمر: ثم التقى الناس، واقتتلوا قتالاً شديداً.
فقاتل زيد بن حارثة براية رسول الله "صلى الله عليه وآله" حتى شاط في رماح القوم.
ثم أخذها جعفر بن أبي طالب، فقاتل بها حتى إذا ألحمه القتال اقتحم عن فرس له شقراء، فعرقبها.
ثم قاتل القوم حتى قتل.
فكان جعفر أول رجل من المسلمين عرقب فرساً له في سبيل الله([9]).
وروى ابن إسحاق، عن عباد بن عبد الله بن الزبير، قال: حدثني أبي الذي أرضعني، وكان أحد بني مرة بن عوف، وكان في غزوة مؤتة، قال: والله، لكأني أنظر إلى جعفر حين اقتحم عن فرس له شقراء، ثم عقرها، ثم قاتل حتى قتل، وهو يقول:
يـاحـبـذا الجــنـة واقـترابـهـــا طـيـبـــة وبــــارداً شـــرابهــــا
والـروم روم قـد دنـا عـذابـهـا كــافـــــرة بـعـيـدة أنـسـابهـــا
عـلي إذ لاقـيـتـهـــا ضـرابهــــا
وهذا الحديث رواه أبو داود من طريق ابن اسحاق، ولم يذكر الشعر([10]).
وفي حديث أبي عامر عند ابن سعد: أن جعفراً "رحمه الله" تعالى لبس السلاح، ثم حمل على القوم، حتى إذا همَّ أن يخالطهم رجع فوحَّش بالسلاح، ثم حمل على العدو، وطاعن حتى قتل.
قال ابن هشام: وحدثني من أثق به من أهل العلم: أن جعفر بن أبي طالب أخذ اللواء بيمينه فقطعت، فأخذه بشماله فقطعت، فاحتضنه بعضديه حتى قتل "رحمه الله" تعالى، وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة. فأثابه الله بذلك جناحين في الجنة يطير بهما حيث شاء.
ويقال: إن رجلاً من الروم ضربه يومئذ ضربة فقطعه نصفين([11]).
وقيل: وقع أحد نصفيه في كرم، فوجد في نصفه ثلاثون أو بضعة وثلاثون جراحاً([12]).
جراحات جعفر:
روى الذهبي: عن أسامة بن زيد الليثي، عن نافع: أن ابن عمر قال: جمعت جعفراً على صدري يوم مؤتة، فوجدت في مقدم جسده بضعاً وأربعين من بين ضربة وطعنة([13]).
وعن نافع، عن ابن عمر أيضاً: "أنه وقف على جعفر يومئذٍ، وهو قتيل، فعددت به خمسين بين طعنة وضربة، ليس منها ـ أو قال فيها ـ شيء في دبره"([14]).
وعن أبي جعفر "عليه السلام": "أصيب يومئذٍ جعفر، وبه خمسون جراحاً، خمس وعشرون منها في وجهه"([15]).
وروى البخاري، والبيهقي، عن عبد الله بن عمر قال: "كنت فيهم في تلك الغزوة فالتمسنا جعفر بن أبي طالب، فوجدناه في القتلى، ووجدنا في جسده بضعاً وستين من طعنة ورمية"([16]).
وعن نافع، عن ابن عمر: أنه كان يأتي عبد الله بن جعفر، فقال له الناس: إنك تكثر إتيان عبد الله بن جعفر.
فقال ابن عمر: لو رأيتم أباه، أحببتم هذا. وجد فيما بين قرنه إلى قدمه سبعون بين ضربة سيف وطعنة برمح([17]).
وفي نص آخر عنه أيضاً: وجد فيما أقبل من بدن جعفر ما بين منكبيه اثنان وسبعون ضربة بسيف، أو طعنة برمح([18]).
وقيل: وجدوا في إحدى شقيه بضعة وثمانين جرحاً([19])، وفيما أقبل من بدنه اثنين وسبعين ضربة بسيف، وطعنة برمح([20]).
وعن ابن عمر أيضاً: وجدنا فيما بين صدر جعفر ومنكبيه، وما أقبل منه تسعين جراحة، ما بين ضربة بالسيف، وطعنة بالرمح([21]).
وعن ابن عمر قال: "التمسنا جعفر بن أبي طالب، فوجدناه في القتلى، في جسده (نيفاً) بضعاً وتسعين من طعنة ورمية"([22]).
وفي نص آخر: فقدنا جعفر بن أبي طالب. طلبناه في القتلى، فوجدناه وبه طعنة ورمية بضع وتسعون فوجدنا ذلك فيما أقبل من جسده([23]).
وقال ابن عمر: وكنت معهم في تلك الغزوة، فالتمسنا جعفراً، فوجدنا فيما أقبل من جسمه بضعاً وتسعين ما بين ضربة بسيف وطعنة برمح ورمية.
وروى ابن كثير: أنه لما قتل، وجدوا فيه بضعاً وتسعين ما بين ضربة بسيف، وطعنة برمح، ورمية بسهم، وهو في ذلك كله مقبل غير مدبر، وكانت قد طعنت يده اليمنى ثم اليسرى وهو ممسك للواء، فلما فقدهما احتضنه حتى قتل وهو كذلك([24]).
وعن الفيروزآبادي: فوجد فيما أقبل من جسده تسعون ضربة ما بين طعنة برمح وضربة بسيف([25]).
وذكر ابن الأثير: أنه لما قتل جعفر وجد به بضع وسبعون جراحة ما بين ضربة بسيف وطعنة برمح كلها فيما أقبل من بدنه.
وقيل: بضع وخمسون، والأول أصح([26]).
فظهر ذلك التخالف. أي أن التخالف بين الروايات أصبح ظاهراً وواضحاً.
كيفية الجمع بين الروايات:
قال الحافظ: ويجمع بأن العدد قد لا يكون له مفهوم، أو بأن الزيادة باعتبار ما وجد فيه من رمي السهام، فإن ذلك لم يذكر في الرواية الأولى، أو الخمسين مقيدة بكونها ليس فيها شيء في دبره أي ظهره، فقد يكون الباقي في بقية جسده، ولا يستلزم ذلك أنه ولى دبره، وإنما هو محمول على أن الرمي جاءه من جهة قفاه أو جانبيه، ولكن يريد الأول: أن في رواية العمري عن نافع: فوجدنا ذلك فيما أقبل من جسده، بعد أن ذكر العدد بضعاً وتسعين([27]).
ووقع في رواية البيهقي في الدلائل بضع وسبعون ـ بتقديم السين على الموحدة ـ وأشار أن بضعاً وتسعين بتقديم الفوقية على السين أثبت([28]).
طليعة شرحبيل:
ذكرت الروايات المتقدمة: أن شرحبيل بن عمرو الغساني قد جمع مائة ألف.
ولكنها تعود لتقول: إنه لما نزل المسلمون وادي القرى أرسل شرحبيل أخاه في خمسين رجلاً، فاقتتلوا، ثم انكشف المشركون وقد قتل أخوه سدوس..
ثم تذكر: أن شرحبيل هذا قد خاف، فدخل حصناً فتحصن فيه.
ونقول:
إن هذه التصرفات لا تنسجم مع المنطق السليم، والعقل القويم، وذلك لما يلي:
1 ـ إن من يجمع مائة ألف مقاتل لا تكون طليعته خمسين رجلاً بحسب العادة، فإن المشركين الذين لا يجمعون ما يصل إلى عُشر ما جمعه شرحبيل، تكون طليعتهم مائتي فارس في الحديبية([29])، لمواجهة أقل من ألف وخمس مائة مقاتل..
2 ـ ما معنى أن يخاف شرحبيل من ثلاثة آلاف رجل حتى إنه ليدخل حصناً ويتحصن فيه، مع أن معه مائة ألف مقاتل؟!..
3 ـ وحين دخل شرحبيل الحصن، أين كان المائة ألف الذين جمعهم؟ هل دخلوا معه؟! أم تركهم في خارجه؟
وإذا كانوا دخلوا معه، فهل اتسع ذلك الحصن لهذه الأعداد الهائلة؟!
وإن كانوا قد بقوا في الخارج، كيف أقنعهم بصحة تصرفه هذا، وأن يبقوا عرضة للخطر في العراء، ويبيت هو في داخل الحصن؟!
وهل رضوا منه به أم لم يرضوا؟
4 ـ وعن أخيه سدوس نقول:
كيف تجرأ أخوه سدوس على الدخول في حرب ضد ثلاثة آلاف مقاتل، مع أن الذين معه كانوا خمسين رجلاً فقط؟!
وإذا كان شرحبيل ـ وهو في مائة ألف مقاتل ـ لا يجرؤ على مواجهة ثلاثة آلاف مقاتل، بل يُدْخِلُه خوفه منهم حصناً ليأمن على نفسه فيه، فكيف يقدم سدوس على الدخول في حرب مع نفس هؤلاء الذين هرب منهم أخوه الذي أرسله؟!
وإذا كان باستطاعة الخمسين رجلاًَ ـ بمن فيهم سدوس ـ أن يفلتوا، وينكشفوا ويَسْلَموا حتى إنه لم ينقل أحد أن أحداً منهم قد أصيب ولو بجراحة، فلماذا لم يفلت سدوس نفسه أيضاً؟!
5 ـ ولست أدري كيف استطاع شرحبيل أن يجمع مائة ألف مقاتل بهذه السرعة الفائقة. أي من حين بدأ المسلمون مسيرهم نحوهم، وإلى حين وصولهم؟! هل كانوا مجتمعين في منطقة واحدة، فدعاهم، فأجابوه؟! أم أنه قد جمعهم من مناطق متباعدة؟!
إننا لم نعهد في منطقة مؤتة تجمعات كبيرة تستطيع أن تفرز مائة ألف مقاتل بهذه السرعة..
6 ـ على أن من يستطيع أن يجمع أكثر من مائة ألف بهذه السرعة، فلا بد أن يكون ذا نفوذ عظيم يضاهي نفوذ هرقل ملك الروم، ويستحق أن يجعله هرقل على بلاد الشام كلها، ولا يجعل سواه، لا الحارث بن أبي شمر الغساني، ولا غيره.
بل هو يستطيع أن يستقل عن هرقل نفسه، فهو ليس بحاجة إليه، فلماذا يأنف من أن يكون تابعاً له؟!
الأرقام عن عدد جيوش العدو:
نحن وإن كنا لا نريد أن نعطي رقماً مبالغاً فيه عن عدد جيوش العدو، غير أننا نشير إلى أن مراجعة النصوص المتقدمة تعطي الإنطباع عن عدد جيوش العدو، وأنه كان أكثر من مائتي ألف، بل قد يصل إلى ضعف هذا العدد..
فقد تقدم: أن شرحبيل جمع أكثر من مائة ألف، وأن هرقل بعث إليه زهاء مائتي ألف.
وكان هرقل نفسه قد نزل البلقاء في مائة ألف من الروم، ومائة ألف أخرى من العرب.
وقيل: بل كان معه مائتا ألف من الروم، وخمسون ألفاً من العرب المتنصرة..
فإذا ضممنا هذه الأرقام إلى بعضها البعض، فإن العدد سوف يتضاعف ليصل إلى ما يقارب الخمس مائة وخمسين ألفاً. وهو رقم لم يذكره أحد من المؤرخين. فهل كان ذلك غفلة منهم عن حقيقة الحال؟! أم أن ارتباك الروايات جعلهم يقتصرون على ذكر المائتي ألف، أو ما يزيد على ذلك بما لا يصل إلى هذه الأرقام العالية؟!
أم أن كثرة الأعداد، أوجبت اختلاط الأمور عليهم؟!
إننا لا نستطيع أن نقدم أية إجابة حاسمة على هذا السؤال، لكننا نقول:
لا شك في أن الجيوش المجتمعة كانت هائلة، حتى مع الإعتراف بغياب القدرة على تقديم إحصاءات دقيقة عنها..
وقد يكون سبب عزوف المؤرخين عن التصريح بأرقامها العالية هو استبعادهم أن يكون ذلك قد حصل فعلاً. فاكتفوا بذكر ما يسع الناس تصديقه، ولو بنحو من التكلف وادِّعاء التسامح، وتركوا ما عداه..
واحتمال تكثير عدد الجيوش إلى هذا الحد الذي ربما يبدو خيالياً هو إيجاد العذر لخالد عن هزيمته النكراء التي فوتت على الإسلام والمسلمين أعظم الإنجازات التي ربما لو تحققت لفتح الإسلام بلاد الروم بأسرها. ولكن ذلك وإن كان في محله إلا أن للمبررات حدودها المعقولة، فلو لم يكن العدد هائلاً بالفعل لم تصح ولم تقبل هذه المبالغة من أحد.
غير أن مما لا شك فيه أن النصر كان أكيداً مهما قلنا في عدد الجيوش، وأن خالداً هو الذي ضيعه، ويدل على ذلك هذا الموقف الصارم من المسلمين تجاه خالد وجميع من فر معه، ولم يتدخل النبي "صلى الله عليه وآله" للتخفيف عنهم، لأنه رآهم يستحقون أكثر من ذلك، ورأى أن للمسلمين الحق بأن يعاملوه بما هو أشد.
فتجمعوا لهم:
ذكرت النصوص المتقدمة: أن المائة ألف الذين جمعهم شرحبيل قد تجمعوا لهم. أي استعداداً لمواجهة المسلمين.
غير أننا نقول:
إن المتوقع ممن يستعد لمواجهة عدو قادم هو أن يواجهه بكمائن ومفاجآت تربك أو تعيق حركته، وتنهك قوته، وربما تنجح في حسم الأمور معه بأدنى الخسائر.. غير أننا لم نجد شيئاً من ذلك سوى طليعة سدوس التي انتهت بقتله، وفرار من معه.
مع ملاحظة: أنه ليس فيها أي عمل ذكي من الناحية العسكرية، بل هي مجرد عمل روتيني فاشل وضعيف.
إما النصر وإما الشهادة:
وعن تشجيعات عبد الله بن رواحة للناس، وقوله: "هي إحدى الحسنيين، إما ظهور، أو شهادة، وليست بشر المنزلتين"، نقول:
إن الحديث عن الظهور والغلبة في ظروف كهذه، وحيث يعدُّ عدوهم بمئات الألوف، وبأحسن عدة، وأتم تجهيز، لهو أمر يبعث على الإعتزاز، والفخر من جهة، وهو يدل على وجود مبررات لهذا الحديث، تجعل من توقع حصول النصر أمراً مقبولاً ومعقولاً.. وعلى أن هذه الأعداد لم تفاجئهم، بل كانوا يتوقعون حشوداً كبيرة جداً، تقترب من الأرقام التي صادفوها.
لكن ما لم يكن ذلك الجيش الإسلامي يتوقعه هو زيادة رقم الحشود إلى حد جعله يفكر بمراجعة النبي "صلى الله عليه وآله" لمعرفة ما إذا كانت هذه الزيادة تستدعي توجيهاً آخر منه "صلى الله عليه وآله"، أم أن الأمور لم تصل إلى حد يدعو إلى ذلك..
ولكن ما يبقى غامضاً بالنسبة إلينا هو حقيقة تلك المبررات التي تدعو جيش المسلمين إلى توقع النصر، أو احتماله. فإن المادة التاريخية المتوفرة لدينا لا تخولنا معرفة شيء منها.
ولعل السبب في ضآلة النصوص هنا هو الرغبة في الحفاظ على ماء الوجه لبعض من تسبب بحدوث الهزيمة، فعمد الرواة والمؤرخون إلى إهمال التصريح بأمور كثيرة وخطيرة، كان التصريح بها مفيداً جداً وضرورياً..
وينبغي أن لا نهمل الإشارة إلى أن مما يؤكد ذلك كله: هو التعبير عن الشهادة بأنها "ليست بشر المنزلتين"، حيث يستبطن هذا التعبير إلماحة إلى أن موضوع الشهادة، كان هو الأبعد احتمالاً عن ذهن جيش المسلمين، باستثناء استشهاد القادة الثلاثة..
وهناك ما هو أصرح وأوضح، وهو: قول ثابت بن أقرم لأبي هريرة، حين رأى جموع الروم، فبهرته كثرتهم وتجهيزاتهم:
"يا أبا هريرة، كأنك ترى جموعاً كثيرة!!
قلت: نعم.
قال: إنك لم تشهد معنا بدراً، إنَّا لم ننصر بالكثرة"([30]).
فالنصر كان متوقعاً، وكانت الأمثولة لهم هي غزوة بدر، والنصر المؤزر الذي تحقق فيها..
فخرج على قومه في زينته:
وإن قصة أبي هريرة حين رأى كثرة القوم، والعدَّة والسلاح، والحرير، والديباج، والذهب، حيث برق بصره ـ لتذكرنا بقوله تعالى عن قارون: ?فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ، وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ?([31]).
ويقول تعالى عن فرعون: ?وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ، أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ، فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَاء مَعَهُ المَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ، فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ?([32]).
فقد أظهرت هذه الآيات الخلل العميق في النظرة وفي المعايير لدى قوم فرعون، وأمثالهم من طلاب الحياة الدنيا، وذلك لأن رؤيتهم للزينة الحاضرة، وللأنهار تجري من تحت فرعون، وكون أن ملك مصر بيده.. ثم التفاتهم إلى أن موسى "عليه السلام" لا تلقى عليه أسورة الذهب، ولا تأتي معه الملائكة، قد جعلهم يتخيلون أن السعادة، واللذة والحياة ستكون في جانب فرعون، وأن البؤس والسغب والحرمان سيكون في الجانب الآخر، فيستثير ذلك غرائزهم، ويدفع أهواءهم، للإندماج والانغماس، في هذا الواقع الزاخر بالشهوات.. ويدفعهم ذلك إلى أن ينأوا بأنفسهم عن الاستجابة لدعوات الحق، ويزيد من نفورهم منه، وابتعادهم عنه.
وأما عقولهم، فلا يكون لها دور، ولا يسمع لها رأي، لأنهم يشعرون أن عقولهم تدعوهم للتخلي على اللذة الحاضرة منهم، من دون عوض حاضر تقدمه إليهم.
وهذا بالذات هو ما جرى لأبي هريرة، فإنه حين رأى الديباج والحرير، والذهب، والعدة والعدد، والعتاد والسلاح، استيقظت غرائزه، واشرأبت أعناق الشهوات وحب الدنيا في نفسه، لتغرق في هذا الذهب، وذلك الحرير، وتعيش الركون إلى العدة والعدد، والسلاح.. وغاب العقل عن مسرح القرار، وخف ميزانه، وضعفت قدرته على التأثير في نفس هيمنت عليها الغرائز، وتملكها حب الدنيا، وركنت وانشدت إليها..
وربما يذكِّره ثابت بن أقرم بالمعادلة الصحيحة، وهي: أن النصر ليس للكثرة، وأن بدراً هي خير شاهد ودليل على ذلك..
فسكت أبو هريرة، ولم يجرؤ على إظهار حقيقة ما يعتلج في نفسه، ولم يكن لديه حيلة، ولا وسيلة، إلا هذا السكوت الساتر لما في الضمائر..
إيذاء الحيوان لا يجوز:
وذكروا: أن جعفراً رضوان الله تعالى عليه قد عقر فرسه.. وهذا ما رواه أبو داود، من طريق محمد بن سلمة، عن ابن إسحاق، قال: عن يحيى بن عبَّاد، عن أبيه عبَّاد بن عبد الله بن الزبير، قال: حدثني أبي الذي أرضعني، فذكره، وقال: ليس هذا الحديث بالقوي.
قال الصالحي الشامي: وقد جاء نهي كثير من أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" [عن تعذيب البهائم، وقتلها عبثاً] كذا قال أبو داود: إنه ليس بقوي وابن اسحاق حسن الحديث.
وقد صرح بالتحديث في رواية زياد البكائي، فقال: حدثني يحيى بن عباد، ويحيى وأبوه ثقتان، وجهالة اسم الصحابي لا تضرّ، ورواه أيضاً عن ابن اسحاق عن عبد الله بن إدريس الأودي كما في مستدرك الحاكم، فسند الحديث قوي([33]).
قال الخطابي عن عقر جعفر لفرسه: وهذا يفعله الناس في الحرب إذا أرهق وأيقن أنه مغلوب، لئلا يَظفَر به العدوّ، فيتقوى به على قتال المسلمين([34]).
قال الحلبي: ومن ثم لم ينكر عليه أحد من أصحابه. وبه استدل من جوز قتل الحيوان خشية أن ينتفع به الكفار([35]).
واختلف العلماء في الفرس يعقره صاحبه لئلا يظفر به العدو، فرخص فيه مالك، وكره ذلك الأوزاعي والشافعي.
واحتج الشافعي بحديث النبي "صلى الله عليه وآله": "من قتل عصفوراً فما فوقه بغير حقه يسأله الله تعالى عن قتله".
واحتج بنهيه "صلى الله عليه وآله" عن قتل الحيوان إلا لمأكلة.
قال: وأما أن يعقر الفرس من المشركين، فله ذلك، لأن ذلك أمر يجد به السبيل إلى قتل من أمر بقتله([36]).
هذا ما قاله هؤلاء، أما نحن فنقول:
عقر الفرس أم عرقبها:
1 ـ مما تجدر الإشارة إليه، هو: أن ما يذكرونه عن جعفر بالنسبة لفرسه، قد ورد بصيغتين:
إحداهما: أنه عرقب فرسه([37]).
والأخرى: أنه عقر فرسه([38]).
ولعل الثانية هي الأولى والأقرب إلى الصحة، لأن عرقبة الفرس لا تتناسب مع ما ورد من النهي الشرعي عن إيذاء الحيوان، حسبما قدمناه في غزوة الحديبية، وذكرناه في كتابنا: "حقوق الحيوان في الإسلام"، ونحن نجل جعفراً عن الإقدام على عمل نهى عنه الشارع، ويأباه الخلق الإنساني الرفيع.
بل هناك نص عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" يتعرض لنفس هذا المعنى، فقد روي عنه "صلى الله عليه وآله" قوله: "إذا حرنت على أحدكم دابة في أرض العدو فليذبحها، ولا يعرقبها"([39]).
أما عقر الفرس فلا يأبى عن إفادة معنى الذبح، فهو الأقرب والأنسب بسجايا جعفر، الذي أشبه رسول الله "صلى الله عليه وآله" في خَلْقِهِ وخُلُقِهِ([40]).
والذبح لغرض عقلائي، لا يأباه الخلق الإنساني، ولا يمنع منه الشرع الشريف.
2 ـ زعموا: أنه يمكن توجيه مبادرته إلى عرقبة الفرس بأنه أراد أن يحرم العدو من الاستفادة منه([41]).
ونقول:
إن ذلك غير دقيق، فيما لو كان بإمكانه إيكال أمره إلى غيره من مقاتلي المسلمين، ليستفيد منه في الحرب والنزال، أو في غرض مشروع آخر..
3 ـ أما أسباب المبادرة إلى ذبح الفرس، فيمكن أن نتلمسها فيما يلي:
ألف: إفهام العدو سرّ البطولة، ورمزها، وحقيقتها. وأنها إرادة وتصميم، وإيمان وجهاد، وتضحيات، وأن يملك الإنسان نفسه، وقرارها، والقدرة على التصرف فيها..
وليست الشجاعة هي مجرد امتلاك القدرة على التصرف في قدرات الجسد، في دائرة هوى النفس، وعلى خط تلبية متطلباتها.
بل الشجاعة هي امتلاك القدرة على التصرف في الجسد نفسه، انسجاماً مع مقتضيات الإيمان، وتطبيقاً للمبادئ، وانسجاماً مع القيم، والمثل الإلهية العليا.
إنه يريد: أن يوجه للروم وللعرب الذين معهم إنذاراًَ، وأن يزرع الإعجاب والرعب في قلوبهم في آن واحد، ثم أن يعطي المسلمين الذين جاؤوا معه للجهاد درساً في الشمم والفداء، ومعنى الشجاعة، وسر الإباء، ولكنه درسٌ كلماته الأفعال، وحروفه التضحيات، واللسان الناطق به هو إيمان شامخ، ورأي باذخ، ويقين راسخ.
أما جيوش الروم فوجدت نفسها أمام التحدي الكبير، فواجهت اندفاع جعفر للتضحية والفداء، باندفاع غرائزي فيها، يهدف إلى التنفيس عن حقد دفين، وعن لؤم مشين وخزي وابتذال مهين، ولاذت بأسلحتها الفتاكة، وانهمرت على جعفر بطعناتها وضرباتها.. فقطعت يده اليمنى، ثم اليسرى.. وذلك حين وجدوا أنفسهم أمام حرب لا تخمد نارها إلا بإسقاط راية القائد، الذي لن يدعها تسقط ما دام حياً..
لقد آثر جعفر التخلص من الفرس، لأنه يريد أن يفهم عدوه مدى تصميمه في حربهم، ومدى تفانيه في الأهداف التي يحارب من أجلها..
وأن قادة الجيوش الإسلامية لا يريدون الإحتماء بالأبطال، ولا يريدون أن يموت الناس في الدفاع عنهم، بل هم الذين يريدون أن يموتوا قبل الناس، من أجل حفظ دين الناس، وحفظ أرواحهم وراحتهم..
وليست القضية مجرد خطب حماسية، وشعارات رنانة، بل هي مبادرة، واستعداد، وبذل وتضحية وجهاد، يرونه رأي العين..
بل إن هذا القائد لا يريد أن يهرب من الموت، ولا أن يحمي نفسه منه، فإنه يراه خيراً وصلاحاً، وسعادة، ونجاحاً، وفوزاً وفلاحاً. إنه يريد أن لا تفصله عنه حتى عدوة فرس، فآثر التخلص منه، فعقره..
أول من عرقب فرسه:
وزعموا: أن جعفراً كان أول من عرقب فرسه في الإسلام([42]).
ولكننا قلنا: إن ذلك لم يثبت، بل الراجح: أنه قد عقر فرسه،([43])، لا أنه عرقبه. فرواية الأمالي هي الأصح، وهي الأوفق بالتزام جعفر لحدود الشرع فيما يرتبط بالتعامل مع الحيوان.
وقد نقل "رحمه الله" عن الزهري قوله: وكان جعفر أول رجل من المسلمين عقر فرسه([44]).
آخر محاولة للشيطان!!
ورووا: أنه لما أخذ جعفر بن أبي طالب الراية جاءه الشيطان فمنَّاه الحياة الدنيا، وكرَّه له الموت، فقال:
الآن!! حين استحكم الإيمان في قلوب المؤمنين تمنيني الدنيا؟!
ثم مضى قدماً حتى استشهد. فصلى عليه رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ودعا له، ثم قال: "استغفروا لأخيكم جعفر؛ فإنه شهيد، وقد دخل الجنة، وهو يطير فيها بجناحين من ياقوت حيث يشاء من الجنة"([45]).
ونقول:
لا شك في أن الشيطان لا يدع فرصة إلا ويحاول اقتناصها، وهو يرى: أنه حين تنقطع السبل بالإنسان، ويواجه الخطر الأعظم في لحظة الموت الرهيب، تضعف عزيمته، وتتبلبل أفكاره، ويضطرب في قراراته، ويضيع في زحمة المشاعر والأفكار التي تظهر عليها عوارض التناقض والإختلاف.
ولكن هناك رجال مؤمنون، وأصفياء متقون، لا يفقدون السيطرة على أنفسهم، حتى في هذه اللحظات، بل إن منهم من يجد في هذه اللحظات ما يؤكد يقينه، ويزيد من وضوح الصورة لديه، فيزيده ذلك رضاً، قد يصل به إلى حد البهجة والسرور، على قاعدة: "فزت ورب الكعبة"، حيث يأنس بالموت كما يأنس الطفل بثدي أمه، ويراه أحلى من العسل، لأنه يشاهد ما أعده الله تعالى له، انطلاقاً من حقيقة: "لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقيناً"، وعلى هذا الأساس جاء قول جعفر:
يـاحـبـذا الجــنـة واقـترابـهـــا طـيـبـــة وبــــارداً شـــرابهــــا
والـروم روم قـد دنـا عـذابـهـا كــافـــــرة بـعـيـدة أنـسـابهـــا
عـلي إذ لاقـيـتـهـــا ضـرابهــــا([46])
فقد عبر "سلام الله عليه" في أبياته هذه عن تلهفه للجنة، واشتياقه البالغ لها..
تسقط اليد ويرتفع اللواء:
وحين قطعت يد جعفر وسقطت، فإن ألم قطعها لم يشغل جعفراً، ولم يمنعه من المبادرة إلى رفع اللواء باليد الأخرى، ولم ير "عليه السلام" في هذا الذي جرى له عذراً يبرر انكفاءه عن المواجهة.
بل وجد أن واجبه هو: أن يهزم العدو بالرعب من خلال ما يشاهده من إصراره الأكيد على رفع اللواء باليد الأخرى، وليكون ذلك سبباً في مضاعفة حدة اندفاع المسلمين في مواجهة عدوهم.
وحتى حين قطعت اليد الأخرى، فإنه يواصل جهاده ويبذل قصارى جهده في حفظ جذوة الحماس ملتهبة لدى كتائب الجيش الإسلامي، الذي لا بد أن يظهر ـ من أجل ذلك ـ من البسالة والإقدام والشجاعة، ما يحير العقول، ويذهل الألباب..
وتصعد روح جعفر إلى بارئها، ويرتفع جعفر، ويحلق إلى مقامات القرب والزلفى، ومواقع العز والكرامة بنفس هاتين اليدين المقطوعتين، اللتين ألبستاه ـ بفقدهما ـ حلتين من البهاء والجمال، والعظمة والجلال.
الطيار بعد قطع يديه:
وقد صرحت بعض الروايات: بأن جعفرَاً قطعت يمينه، فأخذ الراية بيساره، فقطعت يساره، فاحتضن الراية، وقاتل حتى قتل([47]).
ونقول:
إننا نتعقل أن يأخذ مقطوع اليدين اللواء ببقايا يديه، ويضمه إلى صدره، ولكن لا يمكن أن نتصوره قادراً على قتال العدو بسيف أو برمح، سوى مبادرته إلى ركل من يهاجمه بإحدى رجليه، ليدفعه عن نفسه، وليلحق به أكبر قدر ممكن من الأذى.
بل إن أخذه الراية بشماله، بعد قطع يده اليمنى يجعله غير قادر على حمل السيف بها أيضاً، لأنها أصبحت مشغولة باللواء.
وهذا معناه: أنه "عليه السلام" قد بذل محاولة لإبقاء الراية مرفوعة ليراها المسلمون، ويواصلوا القتال أطول وقت ممكن، لأنه يعلم: أن وقوع الراية على الأرض، يوجب تضعضع الجيش، وربما يؤدي ذلك إلى هزيمته، وهذا ما لا يريده ولا يرضاه..
الطيار أسوة وقدوة:
وغني عن البيان هنا: أن نفس هذا الذي جرى لجعفر بن أبي طالب "عليه السلام" قد جرى ما يشبهه للعباس بن أمير المؤمنين "عليهما السلام" في كربلاء، فإن يمينه قطعت، فأخذ السيف بيساره، فقطعت، فقاتل حتى ضعف، فضربه ملعون بعمود من حديد على رأسه فقتله([48]).
وقد روي: أن الله تعالى عوضه أيضاً بجناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة، فقد روى الصدوق "رحمه الله" بسنده عن ثابت بن أبي صفية، قال: قال علي بن الحسين "عليه السلام": رحم الله العباس ـ يعني ابن علي ـ فلقد آثر وأبلى، وفدى أخاه حتى قطعت يداه، فأبدله الله بهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة، كما جعل لجعفر بن أبي طالب([49]).
استشهاد جعفر وهو صائم:
وتقدم عن ابن عمر قال: أتيته (يعني جعفراً) وهو مستلق آخر النهار، فعرضت عليه الماء، فقال: إني صائم، فضعه في ترسي عند رأسي، فإن عشت حتى تغرب الشمس أفطرت.
قال: فمات صائماً قبل غروب الشمس شهيداً، وعمره إحدى وأربعون سنة، وقيل: ثلاث وثلاثون..
ونقول:
ألف: بالنسبة لعمره "عليه السلام" فإن صح ما يقولونه من كونه أسن من علي "عليه السلام" بعشر سنين([50]). فإن عمر علي "عليه السلام" كان آنذاك حوالي ثلاثين سنة، فلا بد أن يكون عمر جعفر أكثر من ذلك بعشر سنين. فكيف يكون عمره ثلاثاً وثلاثين سنة ـ كما يقولون ـ؟!
ب: إن المعركة إذا كانت قائمة، فلا يكون هناك مجال لأن يستلقي جعفر آخر النهار، ليعرض ابن عمر الماء عليه. ثم يستشهد قبل غروب الشمس!!
ج: قال الحلبي: "كونه رضي الله عنه مات صائماً لا يناسب كونه شق نصفين"([51]).
وهو كلام عجيب، فهل شقه نصفين يمنع من كونه مات صائماً؟! فإن شقه هذا لا يوجب إفطاره، ولا إفساد صومه..
ذو الجناحين:
وفي بعض المصادر: أنه "قد وردت أخبار في أنه لما رفعوه على الرماح، منّ الله عليه بجناحين، فطار من رأس الرماح إلى السماء، وهو يطير في الجنة مع الملائكة"([52]).
ولا ندري مدى صحة هذا الحديث، ولو صح فربما يكون هذا قد جاء على سبيل المجاز، أو أنه قد طار فعلاً إلى السماء مقداراً ثم عادت جثته إلى الأرض، وبقيت روحه تطير مع الملائكة، وربما، وربما..
نظرة في الكرامات:
إنه تعالى حين يظهر الكرامة لولي من أوليائه، فإنه لا يريد بذلك أن يقهر الناس على الإيمان، ولا أن يتهددهم بهذا الأمر، ليفرض عليهم سلوك طريق الحق، تحت طائلة التدخل الغيبي في صورة مخالفتهم للأوامر والنواهي الإلهية..
بل يريد تبارك وتعالى.. أن يثير في نفس الإنسان المؤمن، الطموح، لنيل مقامات القرب والزلفى عنده، وذلك من خلال تقديم نموذج تطبيقي حي وملموس، يسهِّل على المؤمنين اليقين بوعد الله تعالى، والسكون والركون إلى تحققه حتى كأنهم يرونه ماثلاً أمامهم، من دون أي إخلال أو انتقاص.
ويريد أن يقول لهم: إنه لا مجال لاحتمال المبالغة في البيانات الصادرة، فإنه إن كان هناك تجوُّز في التعبير عن حقيقة ذلك الوعد، والموعود به، فإنما هو محاولة لتقريب الصورة الحقيقية، التي تعجز التعابير المجازية أو الكنايات والإستعارات، عن الإحاطة بها، بل تبقى مجرد إشارات وإلماحات لما هو أعظم وأتم، وأخطر وأهم..
كما أن هذا الإنسان الذي هو مستغرق فيما هو مادي ومحسوس، إلى درجة أنه إنما يطل على الغيب من خلال ذلك.. يحتاج إلى اختصار المسافة بينه وبين الغيب.. فتأتي الكرامات والمعجزات، لتقوم بهذه المهمة، وليكون للغيب أيضاً حضوره وشهوده. ليعطي سلاماً للروح، وحياة في الوجدان، ويقظة في الضمير، وحركة في العقل بالاتجاه الصحيح، وعلى أساس من الوعي العميق، والرؤية الواضحة، والشمولية، والواقعية..
على أن هذه الكرامات تسهل على الإنسان المؤمن أن يعي كيف أن لمسألة الغيب حضورها في كل شيء، بل هي جزء من حياة هذا الكائن، وهي مستوعبة لكل المساحات التي ينطلق فيها في حركته نحو الله تعالى..
فالغيب ليس غائباً عن أي من مواقع حركة هذا الإنسان، حتى فيما يتخيل أنه مادي صرف، ولا موقع للغيب فيه، فإن الغيب كامن في عمق ذاته، وفي كنه وجوده.. فعليه أن يشعر به في كل المواقع والمواضع من دون استثناء.
ومن جهة أخرى: فقد تمس الحاجة إلى إقامة الحجة على الناس في أمر ظهر فيه تقصيرهم، أو ظهرت فيهم بوادر هذا التقصير، كما هو الحال في قضية جعفر "عليه السلام" في مؤتة، فإن ظهور هذه الكرامة له، بأن يطير جسده إلى السماء ولو مقداراً ما.. لا بد أن يقيم الحجة على الأعداء أولاً.. من حيث إنه يفتح أمامهم باب الهداية، ويسهل عليهم الحصول على القناعة من أقرب طريق.. ألا وهو طريق الوجدان، والإحساس القلبي، ويختصر المراحل أمامهم..
ثم هو تعميم للحجة على جيش المسلمين، الذين قد يخطر ببالهم: التماس العذر لأنفسهم عن فرار وشيك ربما يراود أذهانهم، فيزعمون: أن مواجهة مئات الألوف لا مبرر لها، لأن احتمالات النصر على تلك الأعداد الهائلة تكاد تكون معدومة، بل هي معدومة فعلاً..
وأما ما فعله جعفر "عليه السلام" فإنما هو مبادرة شخصية منه، وتضحية يحمد عليها، ولكنها هدر للطاقة، لا تجدي نفعاً، ولا تحقق نصراً.
فجاءت الكرامة الإلهية له لتقول لهم: إن الله تعالى إذا كان هو الراعي لهم، والمشرف على حالهم، وهو الذي ينزل النصر عليهم، أو يحجبه عنهم. فعلى كل أنسان أن يقوم بواجبه، ويمتثل أمر الله ورسوله، وليس له أن ينظر في نتائج ذلك، ولا أن يحدد طبيعة النصر، وحجمه، ومواصفاته.. ولا أن يدَّعي لنفسه المعرفة بالغيب الإلهي فيه.
فلعل المطلوب الإلهي أمر آخر غير النصر العسكري ـ كما كان الحال في كربلاء مثلاً ـ ولعل المطلوب هو النصر العسكري، ولكن بطريقة حجب الله تعالى عنهم بعض عناصرها. ولو بأن تحدث اختلافات ومنازعات بين كتائب جيوش الأعداء، لأجل ما يرونه من استبسال لدى جنود أهل الإسلام.. وقد ينشأ عن ذلك الإستبسال، والإستشهاد هداية لطائفة أو لطوائف من جيش الأعداء. وقد تحدث انقسامات بين العرب وبين غيرهم لأكثر من سبب فيما لو طالت الحرب.. إلى غير ذلك من أسباب.
استشهاد ابن رواحة:
روى ابن إسحاق، قال: قتل جعفر، فأخذ الراية عبد الله بن رواحة، ثم تقدم بها وهو على فرسه، فجعل يستنزل نفسه ويتردد بعض التردد، ثم قال:
أقـسـمـت يـا نـفـس لـتـنـزلنه طــــائـعــة أو لــتـكــرهـنـــه
إن أجلب الناس وشدوا الـرنـة مــــا لي أراك تــكـرهـين الجنـة
قـد طـالمـا قـد كـنـت مطمئنـة هـل أنـت إلا نـطـفـة في شــنــة
وقال أيضاً:
يـا نـفـس إلَّا تـقـتــلي تمـــوتي هـذا حمــام المـوت قـد صـلـيـت
ومـا تمـنـيـت فـقـد أعـطـيـت إن تـفـعــلي فـعـلـهــما هـديت([53])
يريد صاحبيه زيداً وجعفراً، ثم نزل.
فلما نزل أتاه ابن عمر بعَرْق من لحم، فقال: شد بهذا صلبك، فإنك لقيت في أيامك هذه ما لقيت.
فأخذه من يده، ثم انتهس منه نهسة، ثم سمع الحطمة في ناحية الناس، فقال: وأنت في الدنيا؟
ثم ألقاه من يده، ثم أخذ سيفه، ثم تقدم فقاتل حتى قتل.
ووقع اللواء من يده، فاختلط المسلمون والمشركون، وانهزم بعض الناس، فجعل قطبة بن عامر يصيح: يا قوم يُقتل الرجل مقبلاً أحسن من أن يقتل مدبراً.
قال سعيد بن أبي هلال: وبلغني أن زيداً، وجعفراً، وعبد الله بن رواحة دفنوا في حفرة واحدة([54]).
تردد ابن رواحة في النزول:
وفي بعض الروايات: "فأخذها (يعني: الراية) عبد الله رواحة، وتقدم بها وهو على فرسه، وجعل يتردد في النزول عن فرسه، ثم نزل، وقاتل حتى قتل"([55]).
ونستطيع أن نفهم أن النزول عن الفرس إنما هو حين يراد إفهام العدو أن الفارس قد استقتل، وأن أي توهم في حبه للنجاة من خلال بقائه على ظهر فرسه، ما هو إلا توهم باطل..
الحرب دامت أياماً:
من يلاحظ النصوص المتداولة لغزوة مؤتة يخرج بنتيجة مفادها: أن القادة الثلاثة قد قتلوا في أول المعركة، ثم أخذ اللواء خالد، وولى هارباً، وتبعه المسلمون.. ولذلك اقتصر عدد قتلى المسلمين على ثمانية شهداء، وقيل: قتل اثنا عشر شهيداً، أو نحو ذلك. كما سيأتي إن شاء الله تعالى..
ولكننا نقول:
إن ذلك موضع شك كبير. ومن موجبات هذا الشك:
أن هذا الرقم للقتلى لا يتناسب مع قولهم أيضاً: إن الحرب قد دامت سبعة أيام([56]).
ويؤيد ذلك قولهم المتقدم: إن ابن عمر جاء إلى ابن رواحة بعرق من لحم، وقال له: "شد بهذا صلبك، فإنك لقيت في أيامك هذه ما لقيت".
حيث يشير إلى أن ابن رواحة قد لقي مصاعب كبيرة خلال أيام مرت عليه، ولعلها هي الأيام السبعة المشار إليها، وكان ـ فيما يبدو ـ يمارس القتال المجهد فيها.
وأما احتمال أن يكون المراد هو: مشقات قطع المسافات الطويلة من المدينة إلى مؤتة، فهو بعيد عن الذهن، وليس له ما يؤيده.
ويؤيد ذلك: ما سيأتي من أن المسلمين اعتمدوا أسلوب مبارزة الفرسان، وهي طريقة ممتعة، يظهر فيها الفرسان شجاعتهم، ويقدمون فيها عروضاً شيقة لفنون الحرب والقتال وتوجب طول أمد الحرب..
ولعل المسلمين أظهروا فيها براعة نادرة، وشجاعة فريدة.. فقل شهداؤهم، وكثرت القتلى من أعدائهم، وربما كان لابن رواحة سهم وافر في هذا المجال..
ثم اختار الأعداء أسلوب الهجوم الشامل.. فقتل القادة آنئذٍ.. وربما تكون بوادر النصر قد بدأت بالظهور، فضيعها خالد.
هزيمة خالد:
وبعد أن استشهد عبد الله بن رواحة بادر خالد بن الوليد فأخذ الراية وانهزم بها وتبعه سائر الناس، ولكن هناك من سعى لتزوير الحقيقة وإيهام الناس بعكسها، ونحن نذكر ذلك، ونبين وجه الحق فيه في الفصل التالي.
الآن حمي الوطيس:
وحول القول المنسوب لرسول الله "صلى الله عليه وآله" وهو يصف للمسلمين ما يجري في مؤتة: "الآن حمي الوطيس"، قال ابن أبي الزناد ما يلي:
"بلغت الدماء بين الخيل موضع الأشاعر من الحافر. والوطيس أيضاً ذاك. وإذا حمي ذلك الموضع من الدابة كان أشد لعدوها"([57]).
ونحسب: أننا لسنا بحاجة إلى التعليق على هذه الروايات المغرقة في غرابتها، ولكن الأغرب منها: أن يبادر المؤرخون والمحدثون إلى إيرادها في كتبهم وفي مجاميعهم الحديثية والتاريخية، وغيرها، ويقدمونها للناس على أنها هي الحقائق الناصعة، وذلك من أجل أن تبقى حقيقة فرار خالد عن الناس ضائعة..
ولست أدري كيف يمكن أن يخبر النبي "صلى الله عليه وآله" عن بلوغ الدماء موضع الأشاعر، وهو يرى ما يجري عياناً، بعد أن رفع الله تعالى له كل خفيض، وخفض كل رفيع، ثم يرى الناس يظلمون هؤلاء المجاهدين ويطردونهم.. ثم لا يدافع عنهم؟! بل إنهم حتى لو كانوا قد هربوا من ساحة المعركة فإنهم لم يرتكبوا بذلك حراماً، بعد أن كان عدوهم يزيدهم بعشرات الأضعاف. كما أشرنا إليه أكثر من مرة..
وذلك يدل على عدم صحة ما زعموه، وأن الصحيح هو أن خالداً قد فرَّ بهم لحظة استشهاد القادة..
وتتأكد الشكوك في صحة هذه المزاعم حين نقارن بين عدد شهداء المسلمين وبين ما يزعم من أن الدماء قد بلغت الأشاعر من حوافر الخيل!!
شهداء مؤتة:
أما بالنسبة للذين استشهدوا من المسلمين في سرية مؤتة فهم:
جعفر بن أبي طالب، وزيد بن حارثة، وعبد الله بن رواحة، ومسعود بن الأسود بن حارثة (بن نضلة)، ووهب بن سعد بن أبي سرح، وعباد بن قيس، والحارث بن النعمان (بن إساف بن نضلة)، وسراقة بن عمرو بن عطية (بن خنساء)([58]).
وزاد ابن هشام نقلاً عن ابن شهاب الزهري:
أبا كليب، أو كلاب بن عمرو بن زيد، وأخاه جابر بن عمرو بن زيد، وعمرو، وعامر ابنا سعد بن الحارث([59]).
وزاد الكلبي والبلاذري: هوبجة بن بجير الضبي. ولما قتل فقد جسده، ولا ذِكر لهوبجة فيما وقفت عليه من نسخ الإصابة للحافظ، ولا القاموس. مع ذكر الذهبي له في التجريد، وأن له وِفادة وهجرة([60]).
وزاد ابن سعد، والعدوي، وابن جرير الطبري: زيد بن عبيد بن المعلى الأنصاري([61]).
وزاد ابن إسحاق، كما في الإصابة، وجزم به في الزهر: عبد الله بن سعيد بن العاص بن أمية.
قال ابن الأثير: قتل باليمامة في الأكثر.
وقال الذهبي: الأصح ببدر.
وقيل: باليمامة.
وقيل: بمؤتة([62]).
وزاد ابن الكلبي، وابن سعد، والزبير بن بكار: هبار بن سفيان بن عبد الأسد المخزومي، وقال عروة، وابن شهاب الزهري، وابن إسحاق، وابن سعد: استشهد بأجنادين([63]).
وقال سيف بن عمر: استشهد باليرموك([64]).
وزاد ابن عقبة: عبد الله بن الربيع الأنصاري([65])، ومعاذ بن ماعص([66]).
ووقع في نسخة من مغازي موسى بن عقبة: أن الذي استشهد بمؤتة أخوه عباد([67]).
وقال في البداية، بعد أن ذكر جميع من قتل بمؤتة من المسلمين: (فالمجموع على القولين) اثنا عشر رجلاً([68]).
وهذا عظيم جداً أن يتقاتل جيشان متعاديان في الدين، أحدهما وهو الفئة التي تقاتل في سبيل الله تعالى عدتها ثلاثة آلاف، وأخرى كافرة عدتها مائتا ألف مقاتل: من الروم مائة ألف، ومن نصارى العرب مائة ألف، يتبارزون ويتصاولون، ثم مع هذا كله لا يقتل من المسلمين سوى اثني عشر رجلاً، وقتل من المشركين خلق كثير، هذا خالد وحده يقول:
"لقد اندقت في يدي يومئذٍ تسعة أسياف وما صبرت في يدي إلا صفيحة يمانية".
فماذا ترى قد قتل بهذه الأسياف كلها؟
دع غيره من الأبطال والشجعان([69]).
الفصل الثالث:
خالد يضيع النصر الأعظم
الإنحياز، أم النصر والفتح؟!
لقد وضع محبو خالد خطة تهدف إلى حفظ ماء وجهه، حتى لو كان ثمن ذلك هو تضييع الحق وتزوير التاريخ، والخطة هي التالية:
أن يدَّعوا: أن الذي حصل هو أحد أمرين: إما مجرد الانحياز والمحاشاة، ثم الانصراف. وإما النصر والفتح على يد خالد.
ثم يتم تضعيف دعوى المحاشاة، وادعاء أن الصحيح هو الفتح، وتحقيق النصر على يد خالد بن الوليد..
فنحن نبدأ بذكر ما قالوه وما استدلوا به، ثم نعقب ذلك بالنصوص المصرحة بالحقيقة، وبيان زيف دعواهم وبطلانها، وذلك على النحو التالي:
قال ابن إسحاق: "فلما أخذ الراية خالد بن الوليد دافع القوم، وحاشى بهم، ثم انحاز، وانحيز عنه، وانصرف الناس"([70]).
وعلى حد تعبير الزهري: "ثم أخذ اللواء خالد بن الوليد، فناوش القوم، وراوغهم حتى انحاز بالمسلمين منهزماً، ونجا بهم من الروم"([71]).
قالوا: هكذا ذكر ابن إسحاق: أنه لم يكن إلا المحاشاة والتخلص من أيدي الروم الذين كانوا مع من انضم إليهم أكثر من مائتي ألف، والمسلمون ثلاثة آلاف. ووافق ابن اسحاق على ذلك شرذمة.
وعلى هذا سمي هذا نصراً وفتحاً، باعتبار ما كانوا فيه من إحاطة العدو، وتراكمهم، وتكاثرهم عليهم. وكان مقتضى العادة أن يقتلوا بالكلية([72]).
وهو محتمل، لكنه خلاف الظاهر من قوله "صلى الله عليه وآله": "حتى فتح الله عليكم"([73]).
وقد لوحظ: أنهم حين يريدون الحديث عن الهزيمة يقتصرون على خصوص عبارة ابن إسحاق التي جاءت ملطفة ومخففة إلى حد كبير، ثم يصفون سائر الذين صرحوا بالهزيمة بأنهم شرذمة. نعم مجرد شرذمة بنظرهم.. ثم يواصلون توجيه الكلام بطريقة توحي بأن النصر أمر مسلَّم، لكن الاختلاف إنما هو في كيفيته ومداه.
فيزعمون: أن سبب تسمية ما جرى في مؤتة نصراً هو تمكن المسلمين من الإفلات من يد تلك الكثرة الهائلة، وأن هذا هو ما يقصده ابن إسحاق، وأنه محتمل، ولكنه خلاف الظاهر.
ومهما يكن من أمر، فإنهم استدلوا على النصر في مؤتة بما يلي:
دلائل انتصار خالد:
وقالوا أيضاً: والأكثرون على أن خالداً ومن معه قاتلوا المشركين حتى هزموهم.
ففي حديث أبي عامر عند ابن سعد وغيره: أن عبد الله بن رواحة لما قتل "انهزم المسلمون أسوأ هزيمة رأيتها قط. (في كل وجه)، حتى لم أر اثنين جميعاً. ثم أخذ اللواء رجل من الأنصار، (يقال له: ثابت بن أرقم، فجعل يصيح بالأنصار)، ثم سعى به حتى إذا كان أمام الناس، ركزه ثم قال: إليَّ أيها الناس.
فاجتمع إليه الناس، حتى إذا كثروا مشى باللواء إلى خالد بن الوليد.
فقال له خالد: لا آخذه منك، أنت أحق به.
فقال الأنصاري: والله ما أخذته إلا لك.
فأخذ خالد اللواء من الأنصاري، و "حمل على القوم، فهزمهم الله أسوأ هزيمة رأيتها قط. حتى وضع المسلمون أسيافهم حيث شاءوا، (وأظهر الله المسلمين)"([74]).
فأتيت رسول الله "صلى الله عليه وآله" فأخبرته، فشق ذلك عليه،
فصلى الظهر ثم دخل الخ..
وروى الطبراني برجال ثقات، عن موسى بن عقبة، قال: ثم اصطلح المسلمون بعد أمراء رسول الله "صلى الله عليه وآله" على خالد بن الوليد المخزومي، فهزم الله تعالى العدو، وأظهر المسلمين([75]).
وروى محمد بن عمر الأسلمي، عن عطاف بن خالد: لما قتل ابن رواحة مساءً، بات خالد بن الوليد، فلما أصبح غدا، وقد جعل مقدمته ساقته، وساقته مقدمته، وميمنته ميسرة، وميسرته ميمنة، فأنكروا ما كانوا يعرفون من راياتهم وهيأتهم، وقالوا: قد جاءهم مدد، فرعبوا وانكشفوا منهزمين.
قال: فقتلوا مقتلة لم يقتلها قوم.
وفي نص آخر: فتبعهم المسلمون يقتلونهم كيف شاءوا، فغنم المسلمون من أموالهم، فرجعوا إلى المدينة([76]).
وذكر ابن عائذ في مغازيه نحوه([77]).
وروى محمد بن عمر، عن الحارث بن الفضل: لما أخذ خالد بن الوليد الراية قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "الآن حمي الوطيس"([78]).
وروى الحاكم في المستدرك، عن أبي هريرة، وأبي سعيد الخدري، وهذا الذي ذكره أبو عامر والزهري، وعروة، وابن عقبة، وعطاف بن خالد، وابن عائذ، وغيرهم، هو ظاهر قوله "صلى الله عليه وآله" في حديث أنس: "ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله، ففتح الله على يديه"([79]).
وفي حديث أبي قتادة مرفوعاً كما سيأتي: ثم أخذ خالد بن الوليد اللواء، ولم يكن من الأمراء، هو أمَّر نفسه. ثم رفع رسول الله "صلى الله عليه وآله" إصبعه، ثم قال: "اللهم إنه سيف من سيوفك فانصره"([80]).
وعند الحلبي أنه "صلى الله عليه وآله" قال: "ثم أخذ الراية خالد بن الوليد، نعم عبد الله وأخو العشيرة، وسيف من سيوف الله سله الله على الكفار والمنافقين، من غير إمرة حتى فتح الله عليهم"([81]).
فمن يومئذٍ سمي خالد بن الوليد "سيف الله"([82])، رواه الإمام أحمد برجال ثقات.
ويزيده قوة، ويشهد له بالصحة، ما رواه الإمام أحمد، ومسلم، وأبو داود، والبرقاني، عن عوف بن مالك الأشجعي، قال: "خرجت [مع من خرجٍ] مع زيد بن حارثة في غزوة مؤتة، ورافقني مددي من المسلمين من اليمن، ليس معه غير سيفه. فنحر رجل من المسلمين جزوراً، فسأله المددي طائفة من جلد، فأعطاه إياه، فاتخذه كهيئة الدرقة، ومضينا، ولقينا جموع الروم، فيهم رجل على فرس له أشقر، عليه سرج مذهب، وسلاح مذهب، فجعل الرومي يسل على المسلمين، ويغري بهم، فقعد له المددي خلف صخرة، فمر به الرومي، فعرقب فرسه بسيفه، وخر الرومي، فعلاه بسيفه فقتله، وحاز سلاحه، وفرسه.
فلما فتح الله تعالى على المسلمين بعث إليه خالد بن الوليد، فأخذ منه بعض السلب.
قال عوف: فأتيت خالداً، وقلت له: أما علمت أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قضى بالسلب للقاتل؟
قال: بلى، ولكني استكثرته.
فقلت: لتردنه، أو لأعرفنكها عند رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فأبى أن يرد عليه.
قال عوف: فاجتمعنا عند رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقصصت عليه قصة المددي وما فعل خالد، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "ما صنعت"؟
قال: استكثرته.
قال: "رد عليه ما أخذت منه".
قال عوف: دونكها يا خالد، ألم أف لك؟
[فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "وما ذاك"؟
فأخبرته].
فغضب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وقال: "يا خالد، لا ترد عليه. هل أنتم تاركون أمرائي؟ لكم صفوة أمرهم، وعليهم كدره"([83]).
الغنائم دليل النصر:
وقالوا أيضاً: روى محمد بن عمر، والحاكم في الإكليل، عن جابر رضي الله تعالى عنه، قال: أصيب بمؤتة ناس من المسلمين، وغنم المسلمون بعض أمتعة المشركين، وكان فيما غنموا خاتم جاء به رجل الى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال: قتلت صاحبه يومئذ.
فنفله رسول الله "صلى الله عليه وآله" إياه([84]).
وتقدم في حديث عوف بن مالك ما يشير إلى ذلك آنفاً.
وروى محمد بن عمر، عن خزيمة بن ثابت قال: "حضرت مؤتة، فبارزني رجل منهم يومئذٍ، فأصبته وعليه بيضة له فيها ياقوتة، فلم تكن همتي إلا الياقوتة، فأخذتها. فلما رجعنا إلى المدينة أتيت بها رسول الله "صلى الله عليه وآله" فنفلنيها، فبعتها زمن عثمان بمائة دينار، فاشتريت بها حديقة نخل"([85]).
قال في البداية: "وهذا يقتضي أنهم غنموا منهم، وسلبوا من أشرافهم، وقتلوا من أمرائهم"([86]).
وروى البخاري عن خالد، قال: "لقد اندقت في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف، وما ثبت في يدي إلا صفيحة يمانية"([87]).
وهذا يقتضي أنهم أثخنوا فيهم قتلاً، ولو لم يكن كذلك لما قدروا على التخلص منهم، إذ كان المسلمون ثلاثة آلاف، والمشركون أكثر من مائتي ألف، وهذا وحده دليل مستقل([88]).
وقال الحلبي: وفي رواية: أصاب خالد منهم مقتلة عظيمة، وأصاب غنيمة.
وهذا لا يخالف ما يأتي أن طائفة منهم فروا إلى المدينة لما عاينوا كثرة جموع الروم، فصار أهل المدينة يقولون لهم: أنتم الفرارون([89]).
وقد ذكر ابن إسحاق: أن قطبة بن قتادة العذري، الذي كان على ميمنة المسلمين حمل على مالك بن زافلة، ويقال: ابن رافلة، وهو أمير أعراب النصارى، فقتله، وقال قطبة يفتخر بذلك:
طعـنت ابـن رافلـة ابـن الإراش بـرمـح مـضـى فـيه ثـم انحـطـم
ضـربـت عـلى جـيـده ضـربــة فـــمال كـما مـال غـصـن السـلـم
وسـقـنـا نـسـاء بـنـي عـمـــه غـداة رقـوقــين ســوق الـنـعــم
وهذا يؤيد ما نحن فيه، لأن من عادة أمير الجيش إذا قتل أن يفر أصحابه، ثم إنه صرح في شعره بأنهم سبوا من نسائهم، وهذا واضح فيما ذكرناه([90]).
وعن أنس قال: نعى رسول الله "صلى الله عليه وآله" وهو على المنبر زيداً، وجعفراً، وابن رواحة للناس يوم أصيبوا قبل أن يأتيه خبرهم، فقال:
"أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذها ابن رواحة فأصيب، وعيناه تذرفان، حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله، ففتح الله عليهم"([91]).
وروى النسائي، والبيهقي، عن أبي قتادة قال: "بعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" جيش الأمراء، فانطلقوا فلبثوا ما شاء الله، فصعد رسول الله "صلى الله عليه وآله" المنبر، فنودي: الصلاة جامعة. فاجتمع الناس إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال:
"أخبركم عن جيشكم هذا. إنهم انطلقوا فلقوا العدوفقتل زيد شهيداً، فاستغفر له. ثم أخذ اللواء جعفر فشدَّ على القوم حتى قتل شهيداً، فاستغفر له، ثم أخذه خالد بن الوليد، ولم يكن من الأمراء، هو أمر نفسه".
ثم قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "اللهم إنه سيف من سيوفك فأنت تنصره". فمن يومئذ سمي خالد: "سيف الله"([92]).
صمود ونصر، أو مجرد انحياز:
فاتضح مما تقدم: أن سياق حديث هؤلاء يسير باتجاه الإيحاء بأن الذي كان في مؤتة هو إما الانحياز والمحاشاة، أو النصر والفتح.. ثم يصرحون بعدم صحة الأول، ويؤكدون على صحة الثاني، كما رأينا..
غير أننا نقول:
إن هؤلاء الناس أنفسهم قد ساقوا لنا طائفة من الدلائل والشواهد على أن الأمر لم يكن كما زعموا، وإن كان ربما يلاحظ في بعضه سعي لحفظ ماء الوجه بطريقة أو بأخرى..
كما أن نفس تلك النصوص التي أرادوا منها أن تدلل على صحة ما قالوه وتؤيده قد جاء أكثرها عاجزاً عن ذلك، كما سيتضح إن شاء الله تعالى.
تهافت بلا مبرر:
إن هناك العديد من الموارد قد تخالف ما سبق وقد ظهر فيها أيضاً التهافت حتى في الرواية الواحدة، فلاحظ ما يلي:
1 ـ حدث رجل من بني مرة، كان في الجيش. قيل له: إن الناس يقولون: إن خالداً انهزم من المشركين.
فقال: لا والله، ما كان ذلك. لما قتل ابن رواحة، نظرت إلى اللواء قد سقط، واختلط المسلمون والمشركون، فنظرت إلى اللواء في يد خالد منهزماً، واتبعناه فكانت الهزيمة([93]).
2 ـ ويروي الواقدي عن محمد بن صالح، عن رجل من العرب عن أبيه: أنه لما قتل ابن رواحة انهزم المسلمون أسوأ هزيمة رأيتها قط، في كل وجه، ثم تراجعوا، وكان ثابت بن أقرم قد أخذ اللواء.. ثم أعطاه لخالد "فأخذه خالد، فحمله ساعة، وجعل المشركون يحملون عليه، فثبت حتى تكركر المشركون، وحمل بأصحابه، ففض جمعاً من جمعهم، ثم دهمه منهم بشر كثير، فانحاش المسلمون، فانكشفوا راجعين"([94]).
قال ابن إسحاق: ثم أخذ الراية ثابت بن أقرم أخو بني العجلان، فقال: يا معشر المسلمين، اصطلحوا على رجل منكم.
فقالوا: أنت.
قال: ما أنا بفاعل.
فاصطلح الناس على خالد بن الوليد([95]).
وروى الطبراني عن أبي اليسر الأنصاري، قال: أنا دفعت الراية إلى ثابت بن أقرم لما أصيب عبد الله بن رواحة، فدفعت إلى خالد.
وقال [له ثابت بن أقرم]: أنت أعلم بالقتال مني([96]).
وعند الواقدي: أنت رجل سن، وقد شهدت بدراً.
زاد الحلبي: "فقال له خالد: أنت أحق به مني، لأنك ممن شهد بدراً، ثم أخذه خالد ومانع القوم، وثبت، ثم انحاز كل من الفريقين عن الآخر من غير هزيمة على أحدهما"([97]).
3 ـ وعن ابن كعب بن مالك قال: حدثني نفر من قومي حضروا يومئذٍ، قالوا: لما أخذ خالد اللواء انكشف بالناس، فكانت الهزيمة، وقتل المسلمون، واتبعهم المشركون، فجعل قطبة بن عامر يصيح: يا قوم، يقتل الرجل مقبلاً أحسن من أن يقتل مدبراً، يصيح بأصحابه، فما يثوب إليه أحد، هي الهزيمة.
ويتبعون صاحب الراية منهزماً([98]).
4 ـ وعن أبي هريرة: لما قتل ابن رواحة، انهزم المسلمون، فجعل خالد يدعوهم في أخراهم، ويمنعهم عن الفرار، وهم لا يسمعون، حتى نادى قطبة بن عامر: أيها الناس، لأن يقتل الرجل في حرب الكفار، خير من ان يقتل حال الفرار، فلما سمعوا كلام قطبة تراجعوا([99]).
طريق جمع فاشل:
وقد حاول بعضهم: أن يجمع بين هذه الروايات المختلفة والمتخالفة، فقال:
"هذا لا يخالف ما يأتي من أن طائفة منهم فروا إلى المدينة لما عاينوا كثرة جموع الروم، فصار أهل المدينة يقولون لهم: أنتم الفرارون"([100]).
قال في البداية: لعل طائفة منهم فروا لما عاينوا كثرة جموع العدو، على ما ذكروه مائتي ألف، وكان المسلمون ثلاثة آلاف، ومثل هذا يسوغ الفرار.
فلما فر هؤلاء ثبت باقيهم، وفتح الله عليهم، وتخلصوا من أيدي أولئك، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة، كما ذكره الزهري، وموسى بن عقبة، والعطاف بن خالد، وابن عائذ.
وحديث عوف بن مالك السابق يقتضي أنهم غنموا منهم، وسلبوا من أشرافهم، وقتلوا من أمرائهم.
وقد تقدم فيما رواه البخاري: أن خالداً قال: "اندقت في يدي تسعة أسياف الخ.."، يقتضي أنهم أثخنوا فيهم قتلاً، ولو لم يكن كذلك لما قدروا على التخلص منهم، وهذا وحده دليل مستقل([101]).
وقال الصالحي الشامي: أكثر الآثار تدل: على أن المسلمين هزموا المشركين، وفي بعضها أن خالداً انحاز بالمسلمين، وقد تقدم بيان ذلك.
قال الحافظ: ويمكن الجمع بأن يكون المسلمون هزموا جانباً من المشركين، وخشي خالد أن يتكاثر الكفار عليهم. فقد مر أنهم كانوا أ كثر من مائتي ألف، فانحاز عنهم حتى رجع بالمسلمين إلى المدينة([102]).
وقال الحافظ ابن كثير في البداية: يمكن الجمع بأن خالداً لما انحاز بالمسلمين بات، ثم أصبح وقد غير بقية العسكر كما تقدم، وتوهم العدو أنهم قد جاءهم مدد، حمل عليهم خالد حينئذ فولوا فلم يتبعهم، ورأى الرجوع بالمسلمين مع الغنيمة الكبرى([103]).
وقال الواقدي: "فانكشفوا منهزمين، فقتلوا مقتلة عظيمة، لم يقتلها قوم"([104]).
غير أنه سيتضح: أن هذه التمحلات بعيدة جداً عن الواقع، وأن من نسب إليهم القول بحصول النصر والفتح على يد خالد ومن معه، لا تصح النسبة إلى معظمهم، أو لا يصح الاستدلال بقولهم.. فنسبة ذلك إليهم ما هو إلا تدليس ظاهر، من ماكر ماهر.
والذين نسب إليهم ذلك هم ـ كما زعموا ـ أبو عامر، وأبو هريرة، والزهري، وعوف بن مالك، وأنس، وابن عائذ، وعروة، وأبو سعيد الخدري، وعطاف بن خالد، وابن عقبة..
وسيتضح فيما يلي مطالب عدم صحة ذلك، إلا بالنسبة لبضعة أفراد لا يصل عددهم إلى عدد أصابع اليد الواحدة. بل إن بعضهم قد روى العكس، كما سنوضحه فيما يلي:
حديث جابر وخزيمة:
ورد في حديث جابر كلام عن اغتنام بعض أمتعة المشركين، وأن أحدهم غنم خاتماً، فجاء به إلى النبي "صلى الله عليه وآله" فنفله إياه([105]).
بالإضافة إلى حديث الياقوتة التي غنمها خزيمة بن ثابت، فنفله إياها رسول الله "صلى الله عليه وآله"([106]) أيضاً..
وكلا الحديثين غير مفيد، وذلك لما يلي:
1 ـ إنه لو كان هناك نصر وفتح، وغنائم في مؤتة، فلابد أن يقسَّم في ساحة المعركة، بعد انتهاء الحرب، فما معنى أن يبقى ذلك الخاتم مع ذلك الرجل إلى المدينة، حتى يعرضه على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فينفله إياه؟!
ولماذا لم يعترض رسول الله "صلى الله عليه وآله" على ذلك الرجل، لأنه احتفظ بذلك الخاتم إلى هذا الوقت؟
ولماذا لم يسأله عن السبب في أنه لم يعلم به أمير الجيش حين اقتسام الغنائم؟!
2 ـ إن رواية خزيمة تصرح بأن خزيمة قد قتل صاحب الياقوتة، وسلبه إياها، فهو من السلب الذي حكم رسول الله "صلى الله عليه وآله" بأنه للقاتل، وقد كان هذا الأمر معروفاً لدى الناس، كما ظهر من قصة عوف بن مالك مع خالد. فما معنى مراجعة رسول الله "صلى الله عليه وآله" في الياقوتة، لينفله إياها.
3 ـ إن الحرب في مؤتة لم تكن عابرة، وبلا جهد وجهاد، من قبل جيش المسلمين، حتى لو كان هذا الجيش قد انهزم في نهاية الأمر متابعة منه لخالد بن الوليد حامل لوائه.
وقد ذكروا: أن ذلك الجيش بقي سبعة أيام يقاتل أعداءه إلى أن استشهد قادته الثلاثة. ومن الطبيعي أن يحصل بعضهم على بعض السلب ممن كانوا يقتلونهم من أفراد جيش العدو.. ثم كانت الهزيمة بعد ذلك على يد خالد، ولم يكن هناك اقتسام لغنائم، فجاء أولئك الأفراد ببعض ما حصلوا عليه إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ولعل قصة جابر، وخزيمة قد جاءت على هذا السياق.
4 ـ إن رواية خزيمة نفسها تصرح بالهزيمة، فقد جاء فيها ـ حسب رواية البيهقي ـ قوله: "فأخذتها، فلما انكشفنا رجعنا إلى المدينة الخ.."([107]).
فما معنى الاستدلال بهذه الرواية على صمودهم، وعلى حصول النصر والفتح لهم؟!
حديث عوف بن مالك:
وجاء في حديث عوف بن مالك الأشجعي: أن أحدهم قد غنم فرس وسلاح أحد المشركين.
ونقول:
1 ـ إن هذا أيضاً لا يدل على أنه قد غنم ذلك بعد استشهاد القادة، بل ظاهر الرواية: أن ذلك قد حصل بمجرد نشوب الحرب، وبمجرد التقاء المسلمين بجموع الروم.
2 ـ إن هذا الحديث مرفوض جملة وتفصيلاً، فإنه يكاد يكون صريحاً في ادِّعاء: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد تناقض في تصرفاته، إذ إنه إذا كان ـ كما يزعمون ـ قد خطَّأ خالداً في رأيه الأول، فكيف صح أن يعود إلى تصويبه أخيراً. فهل يصح تصويب الخطأ؟!
قال الصالحي الشامي: إنما رد "صلى الله عليه وآله" السلب إلى خالد بعد الأمر الأول بإعطائه للقا تل نوعاً من النكير، ودعا له، لئلا يتجرأ الناس على الأئمة.
وكان خالد مجتهداً في صنيعه ذلك، فأمضى رسول الله "صلى الله عليه وآله" اجتهاده لما رأى في ذلك من المصلحة العامة، بعد أن خطَّأه في رأيه الأول.
ويشبه أن يكون النبي "صلى الله عليه وآله" عوّض المددي من الخمس الذي هو له، وأرضى خالداً بالصفح عنه، وتسليم الحكم له في السلب([108]).
ونقول:
ويلاحظ عليه: أنه يعترف بخطأ خالد في أخذه السلب من صاحبه، فردَّه النبي "صلى الله عليه وآله" عليه، ثم رأى أن من المصلحة أن يتراجع عن حكمه هذا. ويسترجع السلب من صاحبه مرة أخرى..
ثم لما رأى شناعة هذا الفعل ادَّعى من عند نفسه: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد عوَّض ذلك المددي من الخمس!!
ولا ندري من أين جاء بهذا الادعاء التاريخي الخيالي والموهوم، الذي يلزم منه نسبة السفه إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟! فإنه إذا كان "صلى الله عليه وآله" قد عوضه من الخمس، فلماذا يأخذ منه مالاً هو له، وحتى يجب عليه أن يعوض صاحبه عنه؟!
فإن قيل: إن السبب هو التأديب.
أجيب: بأن التأديب لا يحصل بهذا النحو من التصرف العبثي.
3 ـ إنه إذا كان خالد بن الوليد هو الذي أمَّر نفسه، كما هو مجمع عليه عند المؤرخين؛ وكما صرحت به بعض الروايات.
فما معنى أن يغضب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ويقول لعوف: "هل أنتم تاركون أمرائي لكم صفوة الخ.." فإن خالداً لم يكن أميراً من قبله "صلى الله عليه وآله"، وإذا كان الناس قد رضوا به أميراً، فعليه (أي على خالد) أن يلتزم بالحدود التي فوضوه التصرف فيها..
4 ـ ما معنى أن ينسب إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" أنه قال عن أمرائه "لكم صفوة أمرهم، وعليهم كدره"؟! فهل ذلك يعني أنه لا يحق لأحد أن يعترض على الأمير إذ حكم بغير ما أنزل الله؟! وتصرف على خلاف ما يريده الله؟ وما جاء في سنة رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟!
كما هو الحال في هذا المورد بالذات؟!
5 ـ وأي صفوٍ ظهر من خالد هنا، وهو يظلم شخصاً حقه الذي قرره له الشرع الشريف وسنه رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟!.. بل هو يصر على سلبه حقه هذا حتى بعد أن أخبره بأن رسول الله "صلى الله عليه وآله" هو الذي سن وقرر، وقضى بأن السلب للقاتل.. فهل هذا من صفو الأمر الذي يعود نفعه للناس؟!
وهل يصح توجيه اللوم والتأنيب إليهم، إذا لم يرضوا بهذا التعدي؟!
6 ـ هل يمكن أن يتخيل أحد أن السلب إذا كان كثيراً فليس للقاتل أن يأخذه، وأن السلب القليل فقط هو الذي يكون له؟!
7 ـ هل وعد عوف لخالد: بأنه سيعرِّفه الحكم الصحيح عند رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ثم تذكيره إياه بهذا الوعد، يستدعي هذا الغضب من النبي "صلى الله عليه وآله"؟! ويوجب إنزال هذه العقوبة به؟!
8 ـ حتى لو كان عوف قد تجاوز الحد مع خالد، فهل هذا يبطل حقه بالسلب؟! وهل عقوبة من يتجاوز الحد بهذا النحو هي دفع هذه الغرامة المالية؟! أم أن العقوبة هي الحبس أو التعزير، أو ما إلى ذلك؟!
خالد يتحدث عن نفسه!!
وحديث خالد عن بطولاته أيضاً، حتى إن سبعة أسياف قد اندقت بيده، ولم تثبت بيده إلا صفيحة يمانية ـ إن ذلك ـ كله لا مجال لقبوله، وذلك لما يلي:
1 ـ جاءت الأخبار الكثيرة لتؤكد أن خالداً قد فر، بل كان أول الفارِّين.
2 ـ إنه إنما يجرُّ بذلك النار إلى قرصه، ويسعى إلى تبرئة نفسه. ولا تقبل شهادة الإنسان لنفسه في القضاء، إلا إذا كان نبياً أو وصي نبي، أو ممن جاء الوحي الإلهي بقبول أقوالهم، وأخبر الله عن صدقهم..
وأما في غير القضاء، فلا بد أن تثبت وثاقة من يتحدث عن نفسه، وتقوم الشواهد على صدقه، وليس خالد من هؤلاء، فإنه قاتل مالك بن نويرة، والزاني بامرأته، والمتحامل على أهل البيت "عليهم السلام"، والمشارك في مهاجمة بيت الزهراء "عليها السلام" إلى غير ذلك من موبقات..
3 ـ إنه لم يصرح بالوقت الذي ظهرت فيه بطولاته هذه، فهل كانت بعد استشهاد القادة الثلاثة؟! أو كانت قبل ذلك؟!
فإن كانت في الأيام السبعة التي سبقت استشهادهم، فلا تفيد في دفع التهمة الواردة في النصوص، والدالة على أنه حين استشهد القادة آثر الفرار على الثبات..
4 ـ لعل البطولات التي تحدث عنها خالد قد كانت في تلك القرية التي هاجموها حين عودتهم من مؤتة، وكان بها حصن أيضاً، فافتتحوه، وقتل خالد من كان فيه من المقاتلين، كما سنرى..
حديث قتل ابن رافلة:
والحديث القائل: إن قطبة بن قتادة العذري قد قتل مالك بن رافلة، لا يدل أيضاً على مطلوبهم، وذلك لما يلي:
1 ـ من الذي قال: إن قتل ابن رافلة قد كان بعد استشهاد القادة الثلاثة، فإن القتال قد دام سبعة ايام قبل استشهادهم حسبما استظهرناه. فلعله قتله في تلك الأيام السابقة.
2 ـ إنهم قد ذكروا: أن الجيش قد هاجم ـ وهو عائد ـ قرية لها: حصن، فحاصروهم حتى فتحوا ذلك الحصن. وقتل خالد مقاتلتهم([109]).
فلعل ابن رافلة قد قتل في هذه المعركة.
3 ـ أما حديث السبي الوارد في هذه الرواية، فأمره أكثر إشكالاً، وحديثه أكثر اعتلالاً، واختلالاً، فإنهم إذا كانوا قد سبوا أحداً فلماذا اختص ذلك ببنات عم أمير أعراب النصارى؟! ولماذا لم تُسْبَِ آلاف النسوة اللواتي كن مع ذلك الجيش العظيم، الذي يدَّعون أنه قد هُزم على يد خالد وجيشه؟! حيث لابد أن تغص المدينة بهذا السبي الهائل!!
على أن الأهم من ذلك هو كيف يترك ذلك الجيش بنات عم أعظم أمراء نصارى الأعراب تسبين، ثم لا يلحق بالمسلمين لتخليصهن؟
4 ـ إن الشعر المذكور في الرواية يدَّعي: أن سبي بنات عم ابن رافلة إنما حصل في الغارة على موضع سماه بـ "رقوقين" وقد بحثت عن هذا الاسم، فلم أجد فيما توفر لدي من مصادر شيئاً يفيد في تحديد معناه سوى أنه اسم موضع.
وقال الصالحي الشامي: "لم أجد له ذكراً فيما وقفت عليه من أسماء الأماكن"([110]).
ومن الذي قال: إن هذا الموضع كان في مؤتة؟!
5 ـ إن ما ذكره من أن ابن رافلة كان أمير أعراب النصارى، لا يتناسب مع ما يذكرونه من أن الحارث ابن أبي شمر الغساني كان هو الأمير الأكبر في تلك المنطقة، وكان عاملاً لقيصر ملك الروم..
إلا أن يقال: إنه كان أميرهم في القتال في تلك المعركة..
إخبار النبي ' عن الشهداء:
أما ما ذكروه: من أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد وصف المعركة للمسلمين، ونعى "صلى الله عليه وآله" زيداً، ثم جعفراً، ثم ابن رواحة، ثم أخبر عن أخذ خالد للراية، ووصفه بأنه: سيف من سيوف الله، ففتح الله عليهم.
نقول فيه:
1ـ قد تقدم: أن جعفراً كان هو الأمير الأول في مؤتة، وهذه الروايات تذكر تقدم زيد عليه، وهذا يشير إلى وجود تلاعب وتصرف في هذا الأمر، فلا يؤمن أن يكون التلاعب قد نال مواضع أخرى في الرواية أيضاً.
2 ـ إذا كان خالد سيفاً من سيوف الله، وله هذه الشجاعة الفريدة، والهمة العتيدة، وهذا الأثر العظيم، فلماذا لم يوله القيادة معهم "صلى الله عليه وآله" قيادة الجيش من أول الأمر؟! بل هو لم يوله أصلاً؟!..
فهل يعقل أن يكون "صلى الله عليه وآله" قد فرط في أمر المسلمين، فولى من ليس أهلاً، وترك هذا الرجل العظيم؟!! مع علمه بموقعه، وبأثره، كما ظهر من وصفه له بأنه سيف من سيوف الله؟!!
أم أنه ـ والعياذ بالله ـ قد أراد التخلص من القادة الثلاثة بصورة غادرة وماكرة، لأسباب عجز التاريخ عن الإفصاح عنها؟! وهل يصح هذا المكر والغدر من أفضل الأنبياء وأشرف الخلق؟! وهل يكون مسلماً أو مؤمناً من يعتقد بالنبي أنه ـ والعياذ بالله ـ يغدر ويمكر؟!
ومن الذي قال: إن هذا الموضع قد كان في مؤتة؟!
3 ـ وإذا كان "صلى الله عليه وآله" لا يميز بين من هو أهل للقيادة، وبين من ليس أهلاً لها، فالأمر يصبح أعظم وأدهى، لما يتضمنه من الطعن في عقل وإدراك النبي الكريم "صلى الله عليه وآله"، نعوذ بالله من الخطأ والزلل، في الفكر والقول، والعمل.
4 ـ وأما الحديث عن أن خالداً هو سيف الله، فستأتي الإشارة إلى أنه غير صحيح إن شاء الله تعالى.
5 ـ وأي فتح كان على يد خالد سوى الفرار القبيح والمزري، الذي استحق به هو ومن معه أن يحثو أهل المدينة التراب في وجوههم، وأن يقاطعوهم، ولا يكلمهم منهم أحد؟!
حديث عطاف بن خالد:
وقد ذكر في حديث عطاف بن خالد: أن ابن رواحة قتل مساءً، ثم لما أصبحوا غير خالد الميمنة إلى الميسرة والعكس، وجعل الساقة مقدمة، فأوهم ذلك جيش الأعداء بأن مدداً قد أتى للمسلمين، فهربوا رعباً من ذلك..
ونقول:
1 ـ هل طبعت صورة الأشخاص في الجيش الإسلامي في ذاكرة جيش العدو حتى أصبح يتحرك ويتعامل مع خصوص تلك الصور؟!
وحتى لو كان الأمر كذلك، فهل كان من الواجب أن لا تتبدل مواقع الأفراد في كل يوم عما كانت عليه في اليوم السابق؟!
ولماذا لا يفسرون هذا التبدل: بأن القائد الميداني قد وزع الأشخاص بطريقة مخالفة للتوزيع الذي كان في اليوم السابق؟!
ولماذا يظنون بوصول مدد للجيش المقابل. ألا يرون حجمه، وعدده؟ وأنه لم يزد عما كان عليه في اليوم السابق؟!
2 ـ هل صحيح: أن الناس تمكنوا من المبيت في ساحة المعركة، حتى بعد استشهاد ابن رواحة؟! أم أن الهزيمة قد حلت بهم، وغادروا إلى جهة المدينة يتقدمهم خالد فور استشهاد ابن رواحة؟!
إن النصوص التي أوردناها تؤكد هذا الأمر الثاني!!
3 ـ إذا كان المسلمون قد قتلوا المشركين كيف شاؤا، أو قتلوهم مقتلة لم يقتلها قوم، فلماذا اختص نقل ذلك بعطاف بن خالد، وبابن عائذ؟!
ولماذا لم ينقله حتى ابن إسحاق، وهو المعتمد في المغازي، بل الناس عيال عليه فيها؟! بل لماذا جاءت الروايات الأخرى من الذين حضروا المعركة لتؤكد على حصول الهزيمة النكراء؟!
4 ـ ولماذا لم يحتف أهل المدينة بهؤلاء الفاتحين حين عودتهم، ولم يكرموهم، ولم يقيموا لهم الإحتفالات، ولم يتغن أحد من الشعراء بهذا النصر العظيم؟!
بل هم قد واجهوهم بما يسؤهم، حتى اضطروهم بالاختباء في بيوتهم؟!
بل لماذا لم يعتذروا هم للناس ولم يقولوا لهم: إن القضية كانت على عكس ما يظنون، فقد انتصروا على أعدائهم، وقتلوهم قتلة لم يقتلها قوم، وهزموهم أسوأ هزيمة؟!
ولماذا لم تشفع لهم الغنائم والسبايا التي جاؤا بها إلى المدينة؟ والتي لابد أن تعد بعشرات الألوف، ولماذا لم يخمد غضب الناس الغاضبين ولم ينظر إليها أحد من أهلهم ومحبيهم الذين طردوهم وأهانوهم؟!
ولماذا لم يدافع عنهم الرسول الكريم "عليه السلام" إذا كانوا مظلومين فيما يجري لهم؟ ولماذا ؟! ولماذا؟!
حديث برذع:
وقد لوحظ: أن ما روي عن برذع بن زيد، من أن المسلمين اقتتلوا مع المشركين سبعة أيام([111]) قد أورد في سياق الإستدلال على عدم هزيمة خالد، مع أنه لا يدل على ذلك، لأن الظاهر: هو أنه يتحدث عن الفترة التي استمرت فيها المبارزات والمناوشات قبل استشهاد القادة.
بل الأولى جعله من أدلة هزيمته، والشاهد على ما نقول: أن الظاهر: هو أن ابن رواحة قد حارب المشركين أياماً قبل استشهاده، حتى إن ابن عم له قد جاءه بعرق من لحم ليقيم به صلبه، بعد أن لقي ما لقيه في أيامه التي سبقت استشهاده([112]).
حديث أبي عامر:
1 ـ وقد ظهر من رواية أبي عامر المتقدمة: أنهم يريدون أن يدَّعوا: أن الهزيمة التي حلت بالمسلمين قد حلت بهم قبل أن يأخذ خالد اللواء..
وقد فصلنا الكلام حول هذه المقولة، وأظهرنا أنها لا يمكن قبولها، لأن النصوص المختلفة تكذبها.. ويكفي دليلاً على ذلك ما جرى في المدينة من أن الناس قد حثوا التراب في وجه الجيش العائد بقيادة خالد، وعيروهم بهذا الأمر، حتى انزووا في بيوتهم.
2 ـ إن رواية أبي عامر تذكر: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد علم بما جرى في مؤتة من أبي عامر نفسه، مع أن النصوص الأخرى تؤكد على أنه "صلى الله عليه وآله" قد أخبر الناس وهو على المنبر بما جرى لحظة فلحظة، حيث خفض الله له كل رفيع، ورفع له كل خفيض، حتى رأى ما يجري هناك.
3 ـ إن الحديث المتقدم عن الرجل المرّي يصرح: بأن خالداً كان في طليعة المنهزمين، وتبعه الناس في الهزيمة، وحديث أبي عامر أيضاً ذكر أن الناس انهزموا أسوأ هزيمة رآها قط. حتى لم ير اثنين جميعاً.
ولكن أبا عامر يدَّعي: أن الناس قد تجمعوا بعد تلك الهزيمة، وهاجموا جيش العدو، وهزموه.
وهو كلام غير مقبول، فإنه إذا وقعت الهزيمة، فسيبقى الجيش المتفوق يلاحق المنهزمين، ويمعن فيهم قتلاً، وأسراً، ويطلب الحصول على ما يتركونه من غنائم..
ولم نر جيشاً منتصراً يترك عدوه يفلت من يده، ويقف ليتفرج عليه وهو ينسحب من الساحة بأمان، ويمهله حتى تتجمع فلوله، ثم يعود لمهاجمته من جديد، خصوصاً مع علمه بأن ملاحقة فلول الجيش المنهزم لا تضره، ما دام أن مصدر الإمداد لهم بعيد عنهم مسيرة أيام كثيرة، بل لعل عبارات أبي عامر الذي لم ير اثنين جميعاً، تشير إلى حدوث هذا الإمعان في ملاحقتهم لتفريق جمعهم، وتشتيت شملهم..
4 ـ على أن حديث أبي عامر هذا لا يتلاءم مع ما زعموه من أن ابن رواحة قد قتل عند المساء، فباتوا. وفي اليوم التالي خالف خالد في ترتيب أجنحة الجيش فخاف جيش العدو، فانهزم.
5 ـ إن الهزيمة معناها سعي المنهزمين للخروج من المعركة بأقصى سرعة يقدرون عليها. ولذلك يسعى الفرسان إلى اقتناء السابق من الخيل، ليتمكن صاحبها من الحركة السريعة في ميدان الحرب، ومن اللحاق بالمطلوب إذا كان طالباً ومن النجاة عليه إن حز به أمر، يخاف فيه الهلاك، فأصبح هارباً..
فما معنى أن يتمكن أبو عامر من أخذ اللواء في لحظات الهزيمة، ثم أن يسعى حتى يسبق المقاتلين، ويصير أمامهم؟! إلا أن يكون أسرع من الطير في الهواء، ومن السهم في حنايا البيداء؟!
6 ـ إن حديث أبي عامر يصرح: بأن ثابت بن أقرم الأنصاري أعطى اللواء إلى خالد، فرفض خالد قبوله: فقال الأنصاري: والله ما أخذته إلا لك..
مع أن ابن اسحاق يقول: إن ثابتاً أخذ اللواء وقال: يا معشر المسلمين، اصطلحوا على رجل منكم، فقالوا: أنت.
فقال: ما أنا بفاعل.
فاصطلح الناس على خالد..
وفي نص ثالث عن أبي اليسر: أنه هو الذي دفع الراية إلى ثابت بن أقرم، فدفعت (بالبناء للمجهول) إلى خالد، فهل ذلك يدل على أن الذي دفع الراية إلى خالد هو غير ثابت هذا؟!
وفي جميع الأحوال نقول: أي ذلك هو الصحيح؟!
7 ـ ما معنى أن يقول ثابت بن أقرم لخالد: ما أخذته إلا لك؟!
فلماذا أخذه لخصوص خالد؟! ألم يكن في ذلك الجيش من يليق بمقام القيادة غير خالد؟! أم أن لخالد خصوصية لدى ثابت بن أقرم.. أو أنه هو وحده المقبول من قبل المقاتلين؟!
والإحتمال الأخير بعيد، فإن رواية ابن اسحاق قد صرحت: بأنه حين قال ثابت بن أقرم للناس: إصطلحوا على رجل منكم.
قالوا: أنت. ولم يذكروا خالداً ولا غيره.
وهذا معناه: أنه لم تكن لخالد عندهم خصوصية تميزه عن غيره وترجحه على من عداه لقيادة الجيش.
8 ـ على أن رواية ثابت بن أقرم تصرح: بأن خالداً هو الذي بادر إلى أخذ اللواء بنفسه، ولم يأخذه له ابن أقرم، وتصرح أيضاً: بأنه أخذه وانهزم به، فتبعه الناس..
9 ـ ثم إن رواية أبي عامر تدَّعي: أن ثابتاً هو الذي دعا الناس إليه، فاستجابوا له، واجتمعوا عنده، فأعطى اللواء لخالد..
مع أن أبا هريرة يقول: إن الناس إنما تراجعوا عن الهزيمة استجابة لكلام قطبة بن عامر. وإن كانت رواية ابن كعب بن مالك تذكر: أنهم لم يستجيبوا لقطبة أيضاً بل اتبعوا صاحب الراية في هزيمته. وصاحب الراية هو خالد نفسه.. وقديماً قيل: لا حافظة لكذوب.
وأغرب من ذلك، ما زعمه أبو هريرة أيضاً: من أن خالداً جعل يصيح بالناس حين انهزموا، ويدعوهم في أخراهم، فلم يستجيبوا له، فلما دعاهم قطبة استجابوا، مع أن رواية الرجل المرّي تقول: إن خالداً كان أول من انهزم، ثم تبعه الناس. ومع أن السؤال المحير يبقى ماثلاً أمامنا عن السبب في استجابة الناس لقطبة بن عامر، وعدم استجابتهم لخالد!!
ألا يجعلنا هذا التهافت نظن: أن المهم عند أبي هريرة هو حفظ ماء وجه خالد، والتصريح بأنه لم ينهزم، بل المنهزم هم الآخرون؟!.
إيهام أم إبهام؟!
وذكرت بعض الروايات المتقدمة: أن ثابت بن أقرم الأنصاري أخذ اللواء، وجعل يصيح بالأنصار، ثم سعى به إلى خالد.
ونقول:
لماذا خص صياح ثابت بن أقرم بالأنصار؟ هل يريد الإيحاء بأن الهزيمة إنما وقعت على الأنصار دون المهاجرين؟!
وربما لأجل ذلك أعطى اللواء لخالد، الذي يعد في جملة المهاجرين دون الأنصار؟!
أم أنه يريد أن يفهمنا: أن المهاجرين لم يحضروا غزوة مؤتة لتقع الهزيمة عليهم. (رغم أن الروايات قد صرحت بأسماء عدد منهم كان قد حضر مؤتة) أم أن ثابت بن أقرم لم يكن يرى أن من حقه أن ينادي المهاجرين، لأنه كان أنصارياً، ولم يكن مهاجرياً؟!
مع أن هذا باطل أيضاً، ولوصح، فقد كان بامكانه أن يقول كما ذكرته رواية أبي عامر وغيرها: إليَّ أيها الناس.. ولكنها قد غيرت، لأن هؤلاء الناس يريدون حياكة الأمور بطريقة ذكية، تجعلها تصب في الاتجاه الذي رسموه، وتخدم الأهداف التي حددوها.. حتى إذا ما رأوا: أن في تلك الصياغة ما يضر أيضاً بمصالحهم، عادوا إلى التقليم والتطعيم، والتغيير والتبديل، وفق ما يحبون، وعلى حسب ما يشتهون، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
هل اصطلح المسلمون على خالد؟!
وقد تقدم: أن الروايات قد اختلفت في كيفية وصول اللواء إلى خالد، فهل خصه به ثابت بن أقرم، وهو إنما اخذ اللواء له؟! أم أن المسلمين اصطلحوا على خالد؟!
ونضيف هنا التساؤلات التالية:
هل كانت هناك فرصة للحوار حول موضوع اللواء، بعد قتل القادة، مع أن المسلمين قد اختلطوا بالمشركين؟!
أم ان المقصود هو تشريف خالد، وإظهار عظمته، وبخوع الناس لشجاعته، وتنزهه عن السعي لأخذ اللواء، وإظهار أنه أعلم بالقتال من غيره، وأن المسلمين هم الذين حمَّلوه هذه المسؤولية؟! وأنه.. وأنه؟!
أم أن المطلوب هو التعتيم على الحقيقة والتشكيك بالنصوص التي صرحت: بأن خالداً بمجرد أن أخذ اللواء، الذي كان قد سقط على الأرض انهزم به، فلما رآه المسلمون منهزماً تبعوه ووقع المحذور ـ كما صرحت به روايات عديدة، ومنها رواية ذلك الرجل المرّي، وغيرها؟!
ثبت خالد مقداراً مَّا:
ويريدون إيهام الناس أيضاً برواية مصطنعة تقول: إن خالداً نفسه لم ينهزم، بل انهزم الناس، فلما أخذ اللواء حمله ساعة.. فثبت للحملات عليه حتى تكركر المشركون، ثم حمل بأصحابه ففض جمعاً من جمعهم. "ثم دهمه منهم بشر كثير، فانحاش المسلمون، فانكشفوا راجعين"([113]).
ونقول:
إن هذه الرواية تريد ان تقول: إن خالداً لم ينهزم، لا في البداية ولا في النهاية، بل ثبت، والذين انهزموا قبل أخذه للواء هم المسلمون، فلما أخذه ثبت بهم أولاً، ثم ألحق هزيمة بجمع من جمع العدو.. ثم إن المسلمين انحاشوا، ثم انكشفوا راجعين، فهم أيضاً لم ينهزموا، بل ما حصل هو مجرد الانحياش، ثم الانكشاف.. وترك الحرب والرجوع، مع أننا قد ذكرنا:
1 ـ أن الرواية المتقدمة عن الرجل المرّي الذي كان حاضراً تقول: إن أول منهزم كان في المرة الأولى هو خالد بن الوليد، ثم تبعه في الهزيمة سائر الناس.. وصرحت روايات عديدة أخرى بهزيمة خالد أيضاً.
وفي رواية ابن كعب بن مالك عن رجال من قومه: أن قطبة بن عامر جعل يصيح: يا قوم.. فما يثوب إليه أحد، هي الهزيمة. ويتبعون صاحب الراية منهزماً.
وقد ذكر المرّي: أن صاحب الراية هو خالد..
2 ـ وسيأتي: أن أهل المدينة قد واجهوا ذلك الجيش العائد بالطرد، والإدانة، والإهانة حتى حثوا في وجوههم التراب، وعيروهم بالفرار.. وعاشوا حالة من الإحساس بالذلة والذنب، بلغت بهم حد الاختفاء عن أعين الناس في بيوتهم، وانقطعوا عن المسجد، وعن الصلاة مع رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
3 ـ إنه إذا انحاش المسلمون وانحازوا إلى جهة بعينها، وتجمعوا فيها حين دهمهم الكفار، فلماذا انكشفوا راجعين في هذه اللحظة بالذات.. مع أنهم كانوا ـ حسب زعم هؤلاء ـ قادرين على مواصلة الحرب والقتال.. خصوصاً إذا أخذنا بقول الحلبي: "ثم أخذه خالد، ومانع القوم وثبت، ثم انحاز كل من الفريقين عن الآخر، من غير هزيمة على أحدهما"([114]). فإن ذلك يتطلب منهم معاودة الهجوم، لا ترك ساحة الحرب والانكشاف والعودة!!
4 ـ والغريب في الأمر: أن رواية كعب بن مالك عن نفر من قومه تقول: "فكانت الهزيمة، وقتل المسلمون، واتبعهم المشركون".
وهذا معناه: أن الهزيمة كانت هي السبب في استشهاد هذا العدد من المسلمين.. ثمانية أو اثنا عشر أو نحو ذلك..
وهو يعني أيضاً: أن المشركين لم يتركوا المسلمين حين انهزم بهم خالد، بل لاحقوهم، وقتلوا عدداً منهم.
وهو يدل أيضاً: أن أحداً لم يستشهد قبل استشهاد القادة، رغم استمرار الحرب سبعة ايام، كما تقدم.
النصر الموهوم:
وعن زعمهم: أن خالداً قد سجل نصراً مؤزراً وعظيماً على جيوش الروم.. بل في بعضها: أن الروم قتلوا قتلة لم يقتلها قوم، وأن المسلمين قد وضعوا اسيافهم حيث شاؤوا، نقول:
قد نسي الأفاكون: أن أهل المدينة قد طرد ذلك الجيش العائد، بقيادة خالد. وحثوا التراب في وجوههم، وهجروهم، وعاقبوهم أسوأ عقوبة كما سيأتي.. فلو صح انهم قد انتصروا لكان ينبغي أن يلاقوهم بالورود والأناشيد، وبالأفراح والزغاريد، وأن يرفعوهم على الراحات، ويدوروا بهم في النوادي والساحات.
ولكان يجب على خالد وجيشه أن يعترضوا على استقبال أهل المدينة بالتعنيف والطرد، وأن يشتكوهم إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ويجهروا بمظلوميتهم وبأنهم معتدى عليهم. فلماذا اختبأوا في بيوتهم، حتى إن منهم من ترك الحضور للصلاة من شدة الخجل مما حدث وحصل؟!
بل إن المتوقع في مثل هذه الحالة هو أن يبادر رسول الله "صلى الله عليه وآله" لمنع هذا التجني، ولجم الظلم الذي حاق بهؤلاء الأبرياء المجاهدين!! ولو بأن يخطب الناس في المدينة، ويؤنبهم على ظلمهم هذا، إن لم يتمكن من أن يعاقبهم عليه.
على أن هذا الذي ذكرناه لا يعني أننا نريد أن ننفي أن يكون المسلمون قد أظهروا درجة من الجدية في قتال أعدائهم، وأنهم قد سجلوا عليهم انتصارات قوية..
ولكننا نقول: إن ذلك إن كان قد حصل، فإنما حصل في الأيام أو في الساعات التي سبقت استشهاد القادة، ولعل جذوته قد اتقدت بعد استشهادهم بصورة أكبر. ولكن خالداً ضيع ذلك..
على أن من الواضح: أن صياغة الأحداث بهذه الطريقة التي نشاهدها في كتب التاريخ تعطي: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد ألقى بالمسلمين إلى تهلكة عظيمة، وأن خالد بن الوليد هو الذي نجاهم منها.
وهذه جرأة على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وخروج عن حدود الاعتقاد الصحيح، ولا نريد أن نقول أكثر من ذلك.
المضحك المبكي:
ومن المضحك المبكي حديث الرجل من بني مرة، الذي أنكر فيه أن يكون خالد قد انهزم.. ثم شرح ذلك، بأن اللواء سقط بعد قتل ابن رواحة.. واستمرت الحرب قال: "فنظرت إلى اللواء في يد خالد منهزماً، واتبعناه، فكانت الهزيمة"([115]).
فما معنى نفيه هزيمة خالد أولاً، ثم إثباته لها أخيراً. حتى لقد جعل خالداً أول منهزم باللواء فيهم، ثم تبعه الناس.
وهذه القضية التي جاءت بعفوية تامة، تظهر إلى أي حد كان هذا الرجل سليم الذات، فهو ينقاد لمشاعره تجاه خالد أولاً، فلا يرضى بنسبة الهزيمة إليه، ثم لما أراد بيان ما جرى ساقته عفويته، وسلامة ذاته، وصدق لهجته إلى بيان حقيقة ما جرى بدقة، فظهر التناقض بين ما تدعوه إليه مشاعره من جهة، وبين ما أظهرته عفويته، وسلامة نفسه، وصدق لهجته من جهة أخرى..
دلالات في تشويش النصوص وتناقضها:
إن من يقرأ تلك النصوص، وسواها مما سيأتي يخرج مندهشاً من شدة اضطرابها، واختلافها، حيث إن بعضها حريص على الإيحاء بأن قيادة خالد قد جلبت النصر للمسلمين. مع ظهور أو صراحة قسم وافر منها، ومؤيد بالشواهد والأدلة على أن هذه القيادة قد جلبت على ذلك الجيش الهزيمة والعار، حتى من أهلهم وذويهم..
ولا شك في أن هذا السعي الحثيث، وهذا الإصرار العجيب على تصوير الهزيمة بأنها فتح ونصر، بل هي أعظم من النصر في خيبر، والخندق، وبدر ـ يدل على أن ثمة استهتاراً بالحق والحقيقة، وقلة حياء، وانعدام ضمير لدى من يتصدى لهذا الأمر، ويحرص عليه..
ولئن ظهر هذا الأمر في هذا المورد بصورة جلية، فمن السذاجة أن نعتبره المورد الوحيد الذي تعرض لمثل هذا التزوير الفاضح، بل إن هذه الخيانة قد مورست في سائر مفاصل السيرة وغيرها، بل هي قد نالت سائر الموارد التي تشبه في دلالاتها وفي إيحاءاتها ما يحرصون على التخلص منه وطمسه في سرية مؤتة..
وهذه خيانة عظيمة، بل جناية كبرى على أمة الإسلام، وعلى البشرية كلها، حين تصور الأكاذيب والأباطيل على أنها هي الحقائق. وتصبح الحقائق في عداد الأباطيل والترهات، فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله.
خالد سيف الله:
وقد زعموا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد وصف خالداً في سرية مؤتة بأنه سيف من سيوف الله([116])..
فسمي بسيف الله منذئذٍ([117]).
فهو غير صحيح، وذلك لأن خالداً كان حديث عهد بالإسلام، فإنه أسلم في شهر صفر سنة ثمان، وذكره بعضهم([118])، كما تقدم بيانه في موضعه من هذا الكتاب. وسرية مؤتة كانت بعد ذلك بحوالي ثلاثة أشهر. أي في جمادى الأولى في سنة ثمان([119]).
وقيل: أنه أسلم قبل غزوة مؤتة بشهرين([120]).
وقيل: أنه أسلم سنة سبع([121]).
وقد أفنى عمره في محاربة هذا الدين وأهله، كما أنه لم يكن مهتماً بالالتزام بأحكامه، والتقيد بشرائعه.. كما ظهر من سيرته في حياة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وبعده.
وقد شكى خالد عماراً إلى النبي "صلى الله عليه وآله" لكلام جرى بينهما، فقال "صلى الله عليه وآله": إنه من يعادي عماراً يعاديه الله، ومن يبغض عماراً يبغضه الله، ومن سبه سبه الله([122]).
ثم إن من يكون سيفاً لله، فلا يبطش بالناس بغير حق كما صنع خالد ببني جذيمة، حيث قتلهم صبراً، بعد أن أمنهم، مع أن النبي "صلى الله عليه وآله" أرسله إليهم داعياً لا مقاتلاً.
ولما بلغ النبي "صلى الله عليه وآله" ما فعل بهم، رفع يديه وقال: "اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد"..
ثم أرسل "صلى الله عليه وآله" الإمام علياً "عليه السلام"، فودى لهم الدماء، وما أصيب من الأموال، حتى إنه ليدي ميلغة الكلب، وبقيت بقية من المال، أعطاهم إياها احتياطاً لرسول الله "صلى الله عليه وآله"([123]).
وقال النبي "صلى الله عليه وآله" في فتح مكة لخالد وللزبير: لا تقاتلا إلا من قاتلكما([124])، ولكن خالداً بسط يده، وقتل نيفاً وعشرين رجلاً من قريش، وأربعة نفر من هذيل، فأرسل إليه من يردعه عن ذلك([125]).
وقد تابع خالد مسيرته الدموية هذه إلى ما بعد وفاة النبي "صلى الله عليه وآله".
فأغار على قوم الصحابي المعروف مالك بن نويرة، فأمنهم أيضاً، وصلوا وإياهم، ثم أخذهم فقتلهم، وقتل مالك بن نويرة، ونزا على امرأته في نفس تلك الليلة، وجعل رأسه أثفية تحت القدر التي كان يطبخ فيها الطعام.
وتكلم عمر بن الخطاب في ذلك عند أبي بكر، فلم يسمع منه، وعذر أبو بكر خالداً([126]).
وقال: تأول فأخطأ.. أو اجتهد فأخطأ..
وأما بالنسبة لسبب تسمية خالد بسيف الله:
فالظاهر: أن منشأها أبو بكر بن أبي قحافة. فإنه حين ألح عليه عمر بن الخطاب بعزل خالد بن الوليد، بسبب قتله مالك بن نويرة، محتجاً بأن في سيفه رهقاً..
قال أبو بكر: لا يا عمر، ما كنت لأشيم سيفاً سله الله على الكافرين([127]).
وعن سبب هذه التسمية ذكر صاحب البحار: أنه بعد أن قلد أبو بكر الصدقات بقرى المدينة وضياع فدك رجلاً من ثقيف يقال له: الأشجع بن مزاحم الثقفي، وكان له أخ قتله علي بن أبي طالب في وقعة هوازن وثقيف.. فباغت ضيعة من ضياع أهل البيت "عليهم السلام" يقال لها "بانقيا"، واحتواها، واحتوى صدقات لعلي "عليه السلام"، وتغطرس على أهلها، يريد الثأر لأخيه يوم هوازن، فشكوه لعلي "عليه السلام"..
ثم ذكر: أن الفضل بن العباس قتله بعد أن قال لعلي "عليه السلام": قبحك الله وبتر عمرك..
ولما أراد أصحابه قتل الفضل سل علي "عليه السلام" سيفه، فرمى القوم أسلحتهم.
ثم أتوا أبا بكر برأس صاحبهم، فجمع المهاجرين والأنصار وحرضهم للخروج على علي "عليه السلام"، فدارت أعينهم في وجوههم وأخذتهم سكرة الموت حسب تعبيره..
قال: فالتفت إليه عمر بن الخطاب، فقال: ليس له إلا خالد بن الوليد.
فالتفت إليه أبو بكر، فقال: يا أبا سليمان ، أنت اليوم سيف من سيوف الله ، وركن من أركانه، وحتف الله على أعدائه، وقد شق علي بن أبي طالب عصا هذه الأمة، وخرج في نفر من أصحابه إلى ضياع الحجاز، وقد قتل من شيعتنا ليثا صؤولاً وكهفاً منيعاً، فصر إليه في كثيف من قومك وسله أن يخدل الحضرة، فقد عفونا عنه، فإن نابذك الحرب فجئنا به أسيراً([128]).
وأما الرواية التي تقول: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" هو الذي أطلق هذه التسمية عليه، وفي مناسبة حرب مؤتة فهي غير صحيحة، لأن خالداً انهزم بالناس في مؤتة.. فكيف يعطي النبي "صلى الله عليه وآله" الأوسمة للمهزوم؟!
وحينما عاد الجيش إلى المدينة جعل الناس يحثون التراب في وجه ذلك الجيش، ويقولون: يا فرار في سبيل الله..
ودخل أفراد ذلك الجيش إلى بيوتهم، ولم يعد يمكنهم الخروج منها، لأنهم كلما خرجوا صاح بهم الناس: أفررتم في سبيل الله؟!.. كما تقدم.
علي × سيف الله المسلول:
غير أن الحقيقة هي: أن هذا اللقب: "سيف الله المسلول" هو من مختصات علي عليه السلام، ولكنه سرق في جملة كثيرة من فضائله، ومناقبه عليه السلام، في غارات شعواء من الشانئين، والحاقدين، والمبطلين، والمزورين للحقائق..
وقد روي عن النبي "صلى الله عليه وآله"، أنه قال: "علي سيف الله يسله على الكفار والمنافقين"([129]).
وفي الحديث القدسي، المروي عن رسول الله "صلى الله عليه وآله": "وأيّدتك بعلي، وهو سيف الله على أعدائي"([130]).
وحول تسمية التمر بالصيحاني روي عن جابر: أن سببها هو أنه صاح: "هذا محمد رسول الله، وهذا علي سيف الله"([131]).
وقال خالد بن سعيد بن العاص لعمر، في أحداث غصب الخلافة: "وفينا ذو الفقار، وسيف الله وسيف رسوله"([132]).
وفي زيارة أمير المؤمنين، المروية عن الصادق "عليه السلام": "وسيف الله المسلول"([133]).
وعن النبي "صلى الله عليه وآله": "هذا علي بن أبي طالب، هذا سيف الله المسلول على أعدائه"([134]).
وعن جابر: "علي سيف الله"([135]).
وعن سلمان عن النبي "صلى الله عليه وآله": "فأنا رسول الله، وعلي سيف الله"([136]).
وعنه "صلى الله عليه وآله" في حديث له في حق علي: "وسيف الله وسيفي"([137]).
وعن أنس عن النبي "صلى الله عليه وآله": يا معاشر المسلمين، هذا أسد الله، وسيفه في أرضه على أعدائه([138]).
ونجد في فصل: الحصار والقتال في غزوة بني قريظة المزيد من المصادر.
من الذي سمى خالداً بسيف الله؟!
فتبين مما تقدم: أن النبي "صلى الله عليه وآله" الذي لا ينطق عن الهوى لا يسمي خالداً بسيف الله، ما دام أن سيرته ستكون حافلة بمعاصي الله، والتعدي على عباده..
وإن أبا بكر ـ فيما يبدو لنا ـ هو الذي منح خالداً هذا اللقب، وذلك حين طلب منه عمر أن يجازي خالداً على ما فعله بمالك بن نويرة، فقال له أبو بكر: ما كنت لأشيم سيفاً سله الله على أعدائه([139]).
ثم جاء عمر بعد ذلك، وأكد على هذا اللقب لخالد، مدَّعياً: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" هو الذي منحه إياه، حيث يقول:
"ولو أدركت خالداً ثم وليته، ثم قدمت على ربي، فقال لي: من استخلفت على أمة محمد لقلت: سمعت عبدك وخليلك يقول لخالد: سيف من سيوف الله، سله الله على المشركين"([140]).
ثم عملوا على نسبة هذا الكلام إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" كما قلنا([141])، مع أن الصحيح هو: أن علياً "عليه السـلام" هو صاحب هذا اللقب.
حديث الهزيمة:
وقد صرحت الروايات: بهزيمة جيش مؤتة، وصرح عدد منها بأن خالداً كان هو المنهزم الأول، فلاحظ ما يلي:
1 ـ قال ابن إسحاق عن خالد: إنه لما أخذ الراية: "دافع القوم، وحاشى بهم، ثم انحاز، وانحيز عنه، وانصرف الناس"([142]).
وهو تعبير خجول عن هزيمة الجيش بقيادة خالد، كما لا يخفى.
2 ـ وقال الزهري: "فناوش القوم، وراوغهم، حتى انحاز بالمسلمين منهزماً، ونجا بهم من الروم"([143]).
3 ـ ويقول الواقدي في بعض كلامه: "ثم دهمه بشر كثير، فانحاش المسلمون، فانكشفوا راجعين"([144]).
4 ـ وروى ابن كعب بن مالك، عن نفر من قومه: أنه "لما أخذ خالد اللواء انكشف بالناس، فكانت الهزيمة، وقتل المسلمون، واتبعهم المشركون"([145]).
ثم تذكر الرواية صياح قطبة بن عامر: "فما يثوب إليه أحد، هي الهزيمة، ويتبعون صاحب الراية"([146]).
5 ـ وقال الحلبي: "ثم أخذه خالد، ومانع القوم، وثبت، ثم انحاز كل من الفريقين عن الآخر، من غير هزيمة على أحدهما"([147]).
6 ـ وفي حديث رجل من بني مرة قال: إنه لما قتل ابن رواحة.. "فنظرت إلى اللواء في يد خالد منهزماً، واتبعناه، فكانت الهزيمة"([148]).
7 ـ وعن عروة بن الزبير: "لما أقبل أهل مؤتة إلى المدينة تلقاهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" والمسلمون، وجعل الناس يحثون على الجيش التراب، ويقولون: يا فرار فررتم في سبيل الله الخ.."([149]).
8 ـ وروي نحوه عن أبي سعيد الخدري([150]).
9 ـ وهذا هو الذي أشار إليه ابن عمر في حديثه عن فرار الناس في سرية لم يصرح باسمها، قال: "فحاص الناس فكنت في من حاص". ثم ذكر عودتهم إلى المدينة، وقولهم لرسول الله "صلى الله عليه وآله": نحن الفرارون([151]).
وقد ذكر الصالحي الشامي والحلبي والشافعي هذا الحديث في سياق سرية مؤتة، فراجع.
10 ـ وقال الواقدي: قال أبو عبد الله: "والأول أثبت عندنا: أن خالداً انهزم بالناس"([152]).
11 ـ وعن داود بن سنان قال: "سمعت ثعلبة بن أبي مالك يقول: انكشف خالد بن الوليد يومئذٍ حتى عيروا بالفرار، وتشاءم الناس به"([153]).
12 ـ وعن خالد بن إلياس، عن أبي بكر بن عبد الله بن عتبة، قال: "ما لقي جيش بعثوا معنا ما لقي أصحاب مؤتة من أهل المدينة، لقيهم اهل المدينة بالشر، حتى إن الرجل لينصرف إلى بيته وأهله، فيدق عليهم الباب فيأبون أن يفتحوا له، يقولون: ألا تقدمت مع أصحابك؟!
فأما من كان كبيراً من أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فجلس في بيته استحياءً، حتى جعل النبي "صلى الله عليه وآله" يرسل إليهم رجلاً رجلاً، يقول: أنتم الكُرَّارُ في سبيل الله، فخرجوا"([154]).
13 ـ وعن إسماعيل بن مصعب، عن إبراهيم بن يحيى بن يزيد، قال: لما أخذ اللواء ثابت بن أرقم، فاصطلح الناس على خالد بن الوليد.
قال ثابت: اصطلحتم على خالد؟!
قالوا: نعم.
فأخذ خالد فانكشف بالناس([155]).
14 ـ زاد في نص آخر قوله: وكانت الهزيمة([156]).
15 ـ يضاف إلى ذلك: ما روي عن أبي هريرة عما لقوه من أهل المدينة، قال: كنا نخرج ونسمع ما نكره من الناس. لقد كان بيني وبين ابن عم لي كلام، فقال: إلا فرارك يوم مؤتة!! فما دريت أي شيء أقوله له([157]).
16 ـ وعن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، قال: كان في ذلك البعث سلمة بن هشام بن المغيرة، فدخلت امرأته على أم سلمة، فسألتها عن سلمة، فأخبرتها: أنه لا يستطيع الخروج، إذا خرج صاحوا به وبأصحابه: يا فرار، أفررتم في سبيل الله؟ حتى قعد في البيت.
فذكرت أم سلمة ذلك لرسوله الله "صلى الله عليه وآله"، فقال: بل هم الكرار، فليخرج، فخرج([158]).
17 ـ عن خزيمة بن ثابت: حضرت مؤتة، وبرز لي رجل منهم.. (ثم ذكر أنه قتله وسلب منه ياقوتة) إلى أن قال: "فلما انكشفنا رجعنا إلى المدينة، فأتيت رسول الله "صلى الله عليه وآله" الخ.." ([159]).
18 ـ ورويت هذه الرواية عن عمارة بن غزية، عن أبيه، فراجع([160]).
رواة حديث الهزيمة:
وقد أظهرت الروايات المتقدمة ـ رغم أننا لم نستقص النصوص ـ: أن رواة هزيمة الجيش في مؤتة كثيرون. وأن طائفة منها قد صرحت: بأن خالداً كان هو المبادر للهزيمة، فتبعه الآخرون..
والروايات المتقدمة كلها ـ باستثناء روايتين أو ثلاث ـ تدل على هذه الهزيمة الشاملة..
والذين ذكرنا رواياتهم آنفاً هم: أبو سعيد الخدري، وأبو هريرة، وابن إسحاق، وابن كعب بن مالك عن نفر من قومه، والواقدي، والزهري، وثعلبة بن أبي مالك، ورجل من بني مرة، وأبو عامر، وأبو بكر بن عبد الله بن عتبة، وإبراهيم بن يحيى بن زيد، وخزيمة بن ثابت، وغزية بن الحارث الأنصاري، وعروة..
ولا مجال لتأويل هذه النصوص، أو النقاش فيها إلا على سبيل التعسف، والتحكم غير المقبول، ولا المعقول..
شرذمة لماذا؟!
وقد اتضح مما ذكرناه: أن وصف من روى حديث فرار الجيش بقيادة خالد: بأنهم "شرذمة"، وبأن ذلك مجرد احتمال([161]) ما هو إلا تجن على الحقيقة، ومجانبة للإنصاف..
كما أن ما ذكروه من روايات زعموا أنها تدل على النصر والفتح، لا تصمد أمام النقد الموضوعي والنزيه، فإن معظمها لا يدل على مطلوبهم، كما اتضح مما سجلناه على رواية جابر وخزيمة، وبرذع، وعوف بن مالك، وابن إسحاق.. وحديث خالد عن نفسه، وحديث قتل ابن رافلة، وحديث أن خالداً سيف الله ـ الذي جاء في ذيل أخبار النبي "صلى الله عليه وآله" عن أمر الشهداء، وحديث عطاف بن خالد، وأبي عامر، وغير ذلك..
الفصل الرابع:
نهايات ونتائج
عدد الشهداء دليل هزيمة خالد:
قد تقدم: أن البعض قد زعم: أن قلة عدد الشهداء دليل على انتصار خالد، غير أننا نقول:
إن عكس ذلك هو الصحيح، فإن عدد الشهداء الذين سقطوا في غزوة مؤتة يدل على أن خالداً لم يحارب، بل أخذ الراية وانهزم بها..
فإن المفروض: أن القادة الثلاثة، قد سقطوا قبل أخذ خالد للراية، وهم من الفرسان المشهود لهم بالشجاعة، والفروسية، ولا شك في أن الأمر لم يقتصر عليهم، بل قتل معهم اناس آخرون.
وبعد أن أخذ الراية خالد، فإذا صح أنه قد حارب، حتى اندقت في يده تسعة أسياف، وأن عدوهم كان مئتي ألف، بل مئات الألوف، وكان المسلمون ثلاثة آلاف فقط، فلابد أن نتوقع أن يقتل من المسلمين المئات، والألوف أيضاً، فإن المشركين قَتلوا في أُحد عشرات المسلمين، واستشهد في بدر مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" عدد من المسلمين، يضاهي عدد شهداء مؤتة مع أن المشركين كانوا لا يصلون إلى ألف رجل، وكان جيش المسلمين يقارب ثلث عدد المشركين، فكيف حقق خالد ما لم يحققه أبطال الإسلام في ظل قيادة رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟!
وإذا كان خالد قد حقق هذا الإنجاز، فلماذا يطردهم المسلمون، ويعادونهم، ويظلمونهم هذا الظلم الفاحش العجيب؟! ثم يسكت رسول الله "صلى الله عليه وآله" عن ذلك..
هذا كله، بالإضافة إلى ما قدمناه من أدلة وشواهد تؤيد هزيمة خالد، بل هي تؤيد أن الذين قتلوا من المسلمين إنما قتلوا في المبارزات التي جرت قبل استشهاد القادة.
أليس بعد كل هذا الذي ذكرناه هنا وفيما سبق يصبح قول ابن كثير في البداية والنهاية: من أن قلة عدد الشهداء تشهد لانتصار خالد بمن معه وحصول الفتح على أيديهم مما يضحك الثكلى؟!.
المبارزات قللت عدد الشهداء:
وقد جرت مبارزات بين فرسان الجيشين، كما رواه عمارة بن غزية عن أبيه..
ومبارزة الفرسان أمر يتشوق له الناس في ساحات القتال، ويعطي للحرب رونقاً، ويثير حماس الشجعان، ويدعوهم إلى إظهار فنونهم، وشدتهم، وبطولاتهم.
ولعل هذا يفسر امتداد الحرب في مؤتة إلى سبعة أيام كما ذكروه([162])، وربما يساعد هذا على تفسير قلة الشهداء في صفوف المسلمين.
فقد ذكروا: أن عددهم هو ثمانية شهداء([163]).
أو اثنا عشر شهيداً([164]).
أو خمسة عشر شهيداً([165]) على أبعد تقدير.
وهذا يدل: على أن جيش الروم كان يعاني من هزيمة حقيقية في معنوياته، وأن زمام المبادرة لم يكن في يد ذلك الجيش في ساحة المعركة طيلة عدة أيام وإلى آخر ساعاتها أي لحظة قتل القادة الثلاثة، فليس صحيحاً: أن القادة قد استشهدوا في الساعات الأولى من المعركة.
ومما يدل على أن زمام المبادرة في ساحة القتال كان بيد المسلمين.. ما روي عن ابن عمر: أنه قال أتيته (يعني جعفراً) بعرق من لحم وهو مستلق آخر النهار، فعرضت عليه فقال: إني صائم، فضعه عند رأسي، فإن عشت حتى تغرب الشمس أفطرت.
قال: فمات صائماً قبل غروب الشمس([166]).
لو كان النصر للروم؟!:
ومن الأمور الجديرة بالتأمل: أن هذا الجيش الهائل الذي جمعه الروم، لم يجرؤ على ملاحقة جيش المسلمين حتى حين انسحب من المعركة، مهزوماً بفعل خالد بن الوليد..
ولو كان ذلك الجيش الهائل يرى نفسه منتصراً لحظة استشهاد القادة، أو يحتمل أن بإمكانه أن يكسب لنفسه نصراً لم يتوان عن ملاحقتهم حتى المدينة، لكي يتخلص من هؤلاء الناس الذين تجرؤوا على غزو أمبرطوريتهم في عقر دارهم وبلادهم، وشاهدوا منهم ما أذهلهم، وطاشت له ألبابهم، طيلة أيام عديدة، وكان ما جرى للقادة الثلاثة هو التتويج لتلك البطولات، الذي وضعهم على عتبة الإنهيار والاستسلام لو لم يبادر خالد إلى الفرار، وتبعه المسلمون في ذلك.
نعم، إن الله تعالى ألبسهم لباس الذل والخزي، وملأ الرعب قلوبهم وهذا هو الذي يصنع النصر كما قال "صلى الله عليه وآله": "نصرت بالرعب". ولم يكن أمامهم أي خيار سوى لملمة جراحهم، والإنكفاء الذليل، الذي جعلهم يعيشون الحيرة، وربما الدهشة، والرضا بالنكسة التي نالتهم.
لقد استبدل خالد النصر الذي كان في متناول أيدي المسلمين بهزيمة شنعاء، نكراء نشأت عنها متاعب جمة، وتسببت بأن يعود لكيان الأمبرطورية الرومية لاستجماع قواه، وليلحق الأذى بأهل الإسلام بعد ذلك مرة بعد أخرى.
أثر مؤتة في فتح مكة:
ولا نستطيع أن نستبعد تأثير ما جرى في مؤتة التي تمثل هزيمة حقيقية لجيش ملك يهيمن على إحدى الدولتين الأعظم في العالم.. رغم أن ذلك الملك وتلك الدولة تعيش عنفواناً قوياً بلغ أقصى مداه بانتصاره على مملكة فارس، ولابد أن تكون آثار هذا النصر بالغة العمق على الدولة الرومية وعلى ملكها، الذي نذر المشي على لزيارة بيت المقدس، وقد قطع مئات الأميال من أجل الوفاء بنذره هذا.
فما معنى أن تنتصر على هذا الملك وعلى جيشه العظيم الخارج من نصر غالٍ جداً مجموعة صغيرة من الناس كانت تعيش في جاهليتها حالة الإنكفاء، والإنطواء والإنزواء في صحراء الجزيرة العربية؟!
ولابد أن يزيد هذا من ثورة الألم لدى قيصر وجيشه، وهو يرى أن هذه المجموعة الصغيرة تجتاح البلاد التي سيطر عليها عن عمد وقصد، وتصميم، ومبادرة متعمدة، رغم قلة عددها، ثلاث آلاف لتواجه مئات الألوف.. علماً بأن مئة ألف من ذلك الجيش الهائل كان من سنخ اولئك المهاجمين، ولا يختلف عنهم كثيراً في اللغة، وفي الذهنية، وفي التركيبة الإجتماعية، وفي المفاهيم، وفي العادات، والتقاليد، وما إلى ذلك.
فماذا يمكن لمشركي مكة ان يفعلوا بعد هذا كله.. وبعد أن سحق بغي اليهود، وسقطت جيوش الشرك طعمة لسيوف أهل الإيمان في المعارك المختلفة، طيلة تلك السنوات التي خلت.
الإخلاص في العمل أشد من العمل:
وروى عبد الرزاق عن ابن المسيب مرسلاً قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "مثل جعفر، وزيد، وابن رواحة في خيمة من در، فرأيت زيداً، وابن رواحة في أعناقهما صدوداً، ورأيت جعفراً مستقيماً ليس فيه صدود، فسألت، أو قيل لي: إنهما حين غشيهما الموت اعترضا، أو كأنهما صدا بوجهيهما، وأما جعفر فإنه لم يفعل، وإن الله تعالى أبدله جناحين يطير بهما في الجنة حيث شاء"([167]).
وروى البخاري والنسائي، عن عامر الشعبي، قال: "كان ابن عمر إذا حيَّا عبد الله بن جعفر قال: السلام عليك يا ابن ذي الجناحين"([168]).
قال ابن إسحاق: "ولما أصيب القوم قال رسول الله "صلى الله عليه وآله" ـ فيما بلغني ـ: "أخذ الراية زيد بن حارثة، فقاتل بها حتى قتل شهيداً".
قال: ثم صمت رسول الله "صلى الله عليه وآله" حتى تغيرت وجوه الأنصار، وظنوا أنه قد كان في عبد الله بن رواحة بعض ما يكرهون، ثم قال: "ثم أخذها عبد الله بن رواحة، فقاتل بها حتى قتل شهيداً".
ثم قال: "لقد رفعوا إليَّ في الجنة فيما ير ى النائم على سرر من ذهب". فذكر مثل ما سبق([169]).
وفي نص آخر: لما أصابت الجراحة ابن رواحة نكل، فعاتب نفسه، فشجع، فاستشهد([170]).
التأكيد على عظمة جعفر:
1 ـ لقد صرحت النصوص المتقدمة بما دل على أن جعفراً كان هو الأفضل والأكمل، والأصفى، والأتم والأعظم إخلاصاً لله تبارك وتعالى.. وقد جاهد في الله حق جهاده بخصائصه هذه، التي ميزته حتى عن رفيقيه في الجهاد، وفي الاستشهاد..
2 ـ إن الجهاد باب من أبواب الجنة، فتحه الله لخاصة أوليائه، والشهادة هي ما بعد ذلك الباب، ولا ينال درجتها إلا من أقدم عليها طائعاً مختاراً، قاصداً القربة إلى الله تعالى.. فمن أجبر عليها حتى قتل كارهاً لموقفه فهو قتيل، وليس شهيداً.
3 ـ إن الإنسان حين يشارك في أي حرب حقيقية، فإنه يعرض نفسه لخطر محتمل، مع تفاوت درجات قوة هذا الاحتمال لديه، كما أن احتمال السلامة في أكثر مواقف الجهاد قائم أيضاً.. ولكن احتمال الخطر حتى لو كان قوياً فهو لا يجوز التخلي عن ساحة القتال بحال من الأحوال.
وأما حين يكون القتل يقينياً، فقد يجب الإصرار على مواجهة الموت، وقد يحرم ذلك فيما لو أوجب ذلك انكسار جيش الإسلام، وظهور جيش الكفر.
وقد يجب الخروج من ساحة المعركة، إذا كان في قتل هؤلاء هدر للطاقة، وتجرئة للعدو، وإضعاف لقوة الدين وأهله.
وقد يكون التعرض للقتل راجحاً، من دون أن يصل إلى حد الإلزام، كما جرى لرسولَي النبي "صلى الله عليه وآله" إلى مسيلمة، حيث خيَّرهما مسيلمة لعنه الله بين القتل، وبين الإقرار بنبوته، فرفض أحدهما فقتل، وقال له الآخر: أنت ومحمد رسول الله، فقال "صلى الله عليه وآله": أما أحدهما فمضى على يقينه، وأما الآخر فأخذ بالرخصة([171]).
والظاهر من موقف النبي "صلى الله عليه وآله" من الفارين في مؤتة هو وجوب التصدي حتى لو تيقن بعض المقاتلين بالشهادة، لأن هذا هو الذي كان يستحق النصر على جيش الروم، وسيكون نصراً هائلاً وعظيماً في آثاره وفي بركاته..
وربما يكون من تلك البركات هو انتشار الإسلام في جميع أنحاء الدولة الرومية، وفي مناطق نفوذها.
4 ـ إن هذه النصوص وما يجري مجراها قد بينت أن على أهل الإيمان أن يحتفظوا بصفاء إيمانهم، وأن يبلغوا في إيمانهم حداً لا يشعرون معه بأن ثمة بوناً أو فجوة فيما بين الأمر الاعتقادي، وبين ما يجري في هذه الحياة الدنيا من أحداث.. فلا يظنون أن الاستشهاد في ساحات الجهاد، معناه: أن الشهيد قد أودع حفرة، تأكله فيها هوام الأرض، وبقي غيره من بعده يتمتع بالنعم، ويحصل على الأموال والإمتيازات، ويتقلب في أحضان الملذات والشهوات.
وقد أراد رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يبين هذه الحقيقة للناس من خلال تقديم صورة حية وواقعية لما جرى للشهداء القادة في مؤتة.. فإن تقديم المفهوم الإيماني، وغيره، متجسداً في واقع ينبض بالحياة، يجعله قادراً على اقتحام القلوب والعقول، واحتلال موقعه اللائق به فيها.
وكان المثال الأكثر تأثيراً هو ذلك الذي يأتي في اللحظة التي يعيش الناس فيها أجواء إثارة وانفعال، توهج عاطفي مرتبط بشهيد اختار طريق الشهادة بوعي، وصلابة، وباندفاع، وإخلاص، وإباء في أجواء زاخرة بالتحدي الذي يتجاوز التصورات، ليلامس الخيال المغرق في البعد، حين يواجه ذلك الشهيد مئات الألوف، ويبذل كل ما يملكه غير آسف على شيء في هذه الدنيا، ولا يجد في نفسه عن الموت صدوداً، مع أنه يراه بأم عينيه، ولا يرى عنه محيداً.
5 ـ وأظهرت الملاحظة التي بينها الرسول "صلى الله عليه وآله" حول التردد الخفي الذي راود ابن رواحة، وحتى زيداً لتؤكد للناس: أن النية جزء من العمل، وان تأثير العمل في تحقيق غايته مرهون بدرجة الخلوص والإخلاص فيه، كما هو ظاهر.
إمتياز جعفر لقرابته!!
وقد ذكرت الروايات: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قال: رأيت جعفراً ملكاً يطير في الجنة، تدمى قادمتاه، ورأيت زيداً دون ذلك.
فقلت: ما كنت أظن أن زيداً دون جعفر.
فأتى جبرئيل "عليه السلام" وقال: إن زيداً ليس بدون جعفر، ولكنا فضلنا جعفراً لقرابته منك([172]).
ونقول:
أولاً: إن ما حصل عليه جعفر "عليه السلام" من امتيازات لم يكن لأجل قرابته من رسول الله "صلى الله عليه وآله" ـ وإن كان للقرابة قيمة من بعض الجهات ولأجل بعض الآثار ـ وإنما لأنه لم يجد صدوداً، ولا إعراضاً، ولا تردداً. حين واجه الموت في سبيل الله سبحانه، كما صرحت به الروايات.
ثانياً: قد تقدم في فصول سابقة من هذا الكتاب ولاسيما في غزوة خيبر: أن لجعفر "عليه السلام" من الفضل ما لا يدانيه فيه زيد ولا ابن رواحة..
ومن ذلك قوله "صلى الله عليه وآله": خير الناس حمزة، وجعفر وعلي([173]).
فلماذا نجعل القرابة هي السبب؟!
حرب أخرى في مؤتة:
قال ابن عائذ: "وقفل المسلمون، فمروا في طريقهم بقرية لها حصن، كان أهلها قتلوا في ذهاب المسلمين رجلاً من المسلمين، فحاصروهم حتى فتحه الله عليهم عنوة، وقتل خالد مقاتلتهم"([174]).
ونقول:
إننا نحب أن نسأل:
1 ـ هل استأذن خالد ومن معه رسول الله "صلى الله عليه وآله" في قتال هذه القرية، وحصارها؟! ثم في قتل مقاتليها؟!
2 ـ إن كان أهل تلك القرية قد اعتدوا عليهم، وقتلوا منهم رجلاً، فلماذا لم يقاتلوهم في ذلك الوقت وبمجرد اعتداءهم عليهم، وقتلهم لذلك الرجل المسلم؟! ولماذا انصرف جعفر وزيد وابن رواحة عن مطالبتهم بأسباب عدوانهم ولماذا لم يطلب منهم تسليم قاتلي ذلك الرجل؟!
أم يعقل أن تكون مهمتهم حين الذهاب كانت مستعجلة، ولا يجوز فيها التواني والتأخير، ولو للمطالبة بدم شهيد منهم؟!
3 ـ كيف تجرأ أهل تلك القرية على النيل من جيش المسلمين الذي سار ذكر انجازاته وبطولاته في الآفاق، وبعد أن فتح حصون خيبر، وبعد حرب أحد، وبدر، والخندق، وسواهما؟!
4 ـ لماذا قتل خالد مقاتلتهم ولم يبقهم أسرى، ليعرض أمرهم على رسول الله "صلى الله عليه وآله" ليبت هو في شأنهم ؟!.
النبي ' يرى ما جرى في مؤتة:
وقد صرحت الروايات بأنه "صلى الله عليه وآله" قد وصف لأصحابه في المدينة ما كان يجري في مؤتة لحظة وقوعه.. ثم وصف ذلك ليعلى بن أمية، ثم لعبد الرحمن بن سمرة، حتى إنه "صلى الله عليه وآله" ما ترك من أمرهم حرفاً واحداً لم يذكره.
فقد ذكر الزهري: أنهم لما عادوا أنفذ خالد رجلاً يقال له عبد الرحمن بن سمرة إلى النبي "صلى الله عليه وآله" بالخبر، قال عبد الرحمن: فسرت إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، فلما وصلت إلى المسجد قال لي رسول الله "صلى الله عليه وآله": على رسلك يا عبد الرحمن، ثم قال: أخذ اللواء زيد فقاتل به فقتل الخ..([175]).
وروى البيهقي عن ابن عقبة، قال: "قدم يعلى بن أمية على رسول الله "صلى الله عليه وآله" بخبر أهل مؤتة، فقال رسول الله"صلى الله عليه وآله": إن شئت أخبرني، وإن شئت أخبرك بخبرهم.
قال: بل أخبرني يا رسول الله، فأخبره رسول الله "صلى الله عليه وآله" خبرهم كله.
فقال: والذي بعثك بالحق، ما تركت من حديثهم حرفاً واحداً لم تذكره، وإن أمرهم لكما ذكرت.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "إن الله عز وجل رفع لي الأرض حتى رأيت معتركهم، ورأيتهم في المنام على سرر من ذهب، فرأيت في سرير عبد الله بن رواحة ازوراراً عن سريريْ صاحبيه، فقلت: عم هذا؟.
فقيل لي: مضيا، وتردد بعض التردد، ثم مضى"([176]).
ونقول:
1ـ قد يكون النبي "صلى الله عليه وآله" قد أخبر كلا الرجلين يعلى بن أمية، وعبد الرحمن بن سمرة، بما جرى في مؤتة..
2 ـ إن ما ورد في رواية الزهري من أن زيداً كان أول من أخذ اللواء لا يصح.. بل كان جعفر بن أبي طالب هو الأول كما تقدم.
3 ـ قد تضافرت الروايات: في أنه "صلى الله عليه وآله" قد نعى لأهل المدينة القادة الثلاثة ووصف لهم ما جرى قبل وصول الخبر إليهم([177])، لأن الله تعالى قد رفع له الأرض حتى رأى معتركهم كما في حديث يعلى بن أمية..
وعن الإمام الصادق "عليه السلام" قال: بينا رسول الله "صلى الله عليه وآله" في المسجد إذ خفض له كل رفيع، ورفع له كل خفيض حتى نظر إلى جعفر "عليه السلام" وهو يقاتل الكفار، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": قتل جعفر. وأخذه المغص([178]).
والذي نريد أن نقرره هنا: هو أن رؤية النبي "صلى الله عليه وآله" لأهل مؤتة، ورفع كل خفيض، وخفض كل رفيع من الأرض له ليس بالأمر الخارج عن سياق الحركة الطبيعية بالنسبة إليه "صلى الله عليه وآله".. بل هو جارٍ وفق ما رسمه الله تعالى لنبيه "صلى الله عليه وآله" من وظائف، وقرره من مهمات، وهيأ له كافة القدرات والوسائل التي تمنحه القدره على إنجازها.. فإن مقام الشاهدية على الأمة وعلى الأنبياء السابقين "عليهم السلام" الذي نطق به القرآن وهو من شؤون النبوة الخاتمة يقضي بتحقق هذا الشهود النبوي المباشر لما جرى في مؤتة..
فأما شاهديته على هذه الأمة فقد أشير إليه في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً، وَدَاعِياً إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً}([179]).
وقال سبحانه: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً}([180]).
وعن شاهديته "صلى الله عليه وآله" على الأنبياء "عليهم السلام" قال تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاء شَهِيداً}([181]).
وقال سبحانه: {وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَؤُلاء}([182]).
وهذه الشاهدية تعني رؤية "صلى الله عليه وآله" بأعمال العباد، وبكل ما يقع في دائرة مسؤولياته، على مستوى الحضور والشهود وقد يسرها الله له حين جعله يرى من خلفه، وتنام عيناه ولا ينام قلبه، إذ لولا ذلك لم يتمكن من الشهادة على الناس في حال نومه، أو حين يكونون خلف ظهره.
ولابد أن يكون من وسائل ذلك أيضاً: أن يرفع له الخفيض من الأرض، ويخفض الرفيع، بمعنى أن لا تمنعه الحواجز من مشاهدة أعمالهم، وأن يتمكن من رؤية نواياهم، ويطَّلع على حالاتهم النفسية، فيرى الحب والبغض، والغبطة والحسد، والفرح والحزن، وما إلى ذلك، وأن يكون مجهزاً بما يمكنه من الإحاطة بذلك كله بالنسبة إلى الأمة بأسرها، حتى بعد استشهاده "صلى الله عليه وآله".
بل لابد أن يكون له درجة أو نوع من الحضور والشهود بالنسبة للأنبياء السابقين "عليهم السلام"، ليتمكن من أن يشهد على أعمالهم في يوم القيامة، وفق ما دلت عليه الآيات المشار إليها..
وهذا معناه: أن له حياة من نوع ما، حتى في تلك الأحقاب والأزمان، يمكن أن يصدق معها قوله "صلى الله عليه وآله": أو "كنت نبياً (أو نبئت) وآدم بين الروح والجسد"([183]).
4 ـ وآخر ما نحب الإشارة إليه هنا: هو أن النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله" كان يريد أن يحفظ إيمان الناس، وأن يربط على قلوبهم، ويقوي من عزيمتهم من خلال ربطهم بالغيب، وإفهامهم أنهم في موضع رعاية الله، وفي محل عنايته.. وأن تضييع النصر الأكبر على يد خالد لا يعني أن يهيمن عليهم الشعور بالخيبة، وأن يستسلموا لمشاعر الفشل. فإن الله الذي يرفع كل وضيع، ويخفض كل رفيع من الأرض لنبيه "صلى الله عليه وآله" قادر على إسقاط جبروت الملوك، وتحطيم كبريائهم الظالم..
يا فُرَّار!!:
وعلى كل حال، فإن الهاربين بقيادة خالد حين اقتربوا من المدينة لقيهم الصبيان يشتدون، ورسول الله "صلى الله عليه وآله" مقبل مع القوم على دابة، فقال: خذوا الصبيان فاحملوهم، واعطوني ابن جعفر، فإتي بعبد الله بن جعفر، فأخذه فحمله بين يديه([184]).
وروى إسحاق، عن عروة، قال: لما أقبل أصحاب مؤتة، تلقاهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" والمسلمون معه([185]).
قال: وجعل الناس يحثون على الجيش التراب، ويقولون: يا فرار، فررتم في سبيل الله!!
قال: فيقول رسول الله "صلى الله عليه وآله": "ليسوا بالفُرَّار ولكنهم الكُرَّار إن شاء الله تعالى"([186]).
وروي نحو ذلك: عن أبي سعيد الخدري([187]).
وروى أحمد، وأبو داود، وابن ماجة عن عبد الله بن عمر قال: "كنت في سرية من سرايا رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فحاص الناس وكنت فيمن حاص([188]).
وفي رواية: فلما لقينا العدو في أول غادية، فأردنا أن نركب البحر، فقلنا: كيف نصنع وقد فررنا من الزحف؟
ثم قلنا: لو دخلنا المدينة (قُتلنا)، فقدمنا المدينة في نفر ليلاً، فاختفينا.
ثم قلنا: لو عرضنا أنفسنا على رسول الله "صلى الله عليه وآله" فاعتذرنا إليه، فإن كانت لنا توبة وإلا ذهبنا.
فأتيناه قبل صلاة الغداة، فخرج فقال: "من القوم"؟
قلنا: نحن الفَرارون.
قال: "بل أنتم الكرارون، وأنا فئتكم..".
أو قال: "وأنا فئة كل مسلم".
قال: فقبلنا يده([189]).
حدثني داود بن سنان قال: سمعت ثعلبة بن أبي مالك يقول: انكشف خالد بن الوليد يومئذٍ، حتى عيروا بالفرار، وتشاءم الناس به([190]).
قال الواقدي أيضاً: حدثني خالد بن إلياس، عن أبي بكر بن عبد الله بن عتبة، يقول: ما لقي جيش بعثوا معنا ما لقي أصحاب مؤتة من أهل المدينة، لقيهم أهل المدينة بالشر، حتى إن الرجل لينصرف إلى بيته وأهله، فيدق عليهم الباب، فيأبون أن يفتحوا له، يقولون: ألا تقدمت مع أصحابك؟
فأما من كان كبيراً من أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فجلس في بيته استحياء، حتى جعل النبي "صلى الله عليه وآله" يرسل إليهم رجلاً رجلاً، يقول: أنتم الكُرار في سبيل الله! فخرجوا([191]).
حدثني مصعب بن ثابت، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، قال:
كان في ذلك البعث سلمة بن هشام بن المغيرة، فدخلت امرأته على أم سلمة زوج النبي "صلى الله عليه وآله" فقالت أم سلمة: ما لي لا أرى سلمة بن هشام؟ أشتكى شيئاً؟
قالت امرأته: لا والله، ولكنه لا يستطيع الخروج. إذا خرج صاحوا به وبأصحابه: "يا فُرار، أفررتم في سبيل الله"؟ حتى قعد في البيت.
فذكرت ذلك أم سلمة لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله"، بل هم الكرار في سبيل الله، فليخرج! فخرج([192]).
حدثني خالد بن إلياس، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: كنا نخرج ونسمع ما نكره من الناس، لقد كان بيني وبين ابن عم لي كلام، فقال: إلا فرارك يوم مؤتة! فما دريت أي شيء أقوله له.
الرسول ': رؤوف رحيم:
ونقول تعليقاً على ما تقدم:
لقد عرف الناس كلهم هذا النبي الكريم "صلى الله عليه وآله" بالرحمة والرأفة بالمؤمنين، وبمناهضة التعدي والظلم، من أي إنسان على أي كان من الناس..
وقد نوه القرآن الكريم بهذه الخصال فيه، ومدحه عليها، بل أظهر بما لا يقبل الشك أنها متجذرة في أعماق أعماقه، حتى ليكاد يظن بعض الناس من ذوي الأفهام القاصرة: أنها قد تجاوزت حدود ما هو مطلوب..
قال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ الله لِنتَ لهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ}([193]).
وقال سبحانه: {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}([194]).
غير أننا نلاحظ: أن أهل المدينة يخرجون لاستقبال الجيش العائد، بقيادة خالد، ثم يحثون التراب في وجه العائدين، ويصيحون في وجوههم: يا فرار، فررتم في سبيل الله.. ورسول الله "صلى الله عليه وآله" حاضر وناظر، لا يلوم أحداً على فعله، ولا يظهر تغيظاً، ولا يعاقب، ولا يطالب.. مع أنه نصير كل مظلوم، وإنما يكتفي بالتفوه بكلمات يسيرة على سبيل تطييب الخاطر، والسعي لإعادة المعنويات المنهارة..
بل إن هؤلاء العائدين بالفشل لا يجرؤون على شكوى أحد من الناس الذين يواجهونهم بالتأنيب واللوم إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، بل يكتفون بالاختباء في بيوتهم، رغم أنهم لم يقترفوا ذنباً، ولا ارتكبوا خطيئة، لا عند الشرع، ولا بنظر العرف.
كما أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" نفسه لا يسأل عن أحد منهم، ولا يتساءل عن سبب غيبتهم عن جماعته، وعن مجلسه، وعن جميع المنتديات والمجالس.
ويتأكد مضمون هذا السؤال إذا لاحظنا أن المختبئين في البيوت هم أصحاب الشأن، والأعيان منهم، حسبما صرحت به الروايات..
هل ظلم الفارون؟!
وإنما قلنا: أنهم لم يرتكبوا ذنباً بنظر الشرع، لأن الفقهاء قد ذكروا: أنه يجوز الهرب في الجهاد في أحوال ثلاثة:
الأولى: أن يزيد عدد الكفار على ضِعْفِ عدد المسلمين، والدليل على الجواز:
1 ـ قوله تعالى: {الآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}([195]).
2 ـ ما رواه العامة عن ابن عباس، قال: "من فر من اثنين فقد فر، ومن فر من ثلاثة فما فر"([196]).
3 ـ ما روي من طريق الخاصة: عن الصادق "عليه السلام": "من فر من رجلين في القتال من الزحف فقد فر، ومن فر من ثلاثة في القتال من الزحف فلم يفر"([197]).
الحالة الثانية: أن يترك القتال، ولكن لا بنية الهرب، بل لأجل أن ينصرف ليكمن في موضع، ثم يهجم.
الحالة الثالثة: أن يتحيز إلى فئة، وهو: أن ينصرف على قصد أن يذهب إلى طائفة ليستنجد بها في القتال([198]).
وعلى هذا فإنه إذا كان عدد الفارين ثلاثة آلاف، والجيش الذي يواجههم يعد بمئات الألوف، فلماذا يلامون على الفرار؟ ولماذا يطردون؟ ولماذا يعيرون؟! ولماذا؟! ولماذا؟!
التخفيف والتلطيف:
وأما قوله "صلى الله عليه وآله" للذين اعترفوا أمامه بالفرار من الزحف: "بل أنتم الكرارون، وأنا فئتكم، أو قال: وأنا فئة كل مسلم" فأراد "صلى الله عليه وآله" به أن يؤيد اعترافهم بالفرار، ثم يخفف من وطأة ذلك على نفوسهم حين يقرر أن فرارهم يدخل في سياق التحيز إلى فئة، وبذلك يكون قد خفف عنهم بعض الألم الذي كان يعتصر قلوبهم..
وبتعبير آخر أوضح وأصرح:
إنه "صلى الله عليه وآله" إنما قال ذلك لهم على سبيل التشبيه والتنزيل والمجاز، لا على سبيل الحقيقة، إذ ليس في ظاهر حالهم حين فرارهم ما يدل على أنهم كانوا يقصدون بهذا الفرار التحيز إلى فئة. بل كان همهم النجاة بأنفسهم وحسب.
ولكن النبي "صلى الله عليه وآله" ـ كما قلنا ـ قد أراد معالجة سلبيات الهزيمة بهذا النحو من التخفيف والتلطيف، واعتبارهم كأنهم قد تحيزوا إلى فئة، حتى قال لهم: وأنا فئتكم.
ولو كان كلامه "صلى الله عليه وآله" جار على سبيل الحقيقة، لم يحتج إلى بيان من هو الفئة لهم..
لو دخلنا المدينة قتلنا!!
والأمر الأكثر إثارة، والأشد غرابة والأوضح دلالة، أن يبلغ الخوف بالفارين من الزحف حداً يجعلهم يصرحون بأنهم لو دخلوا المدينة قتلوا..
فإن هذا الخوف لا يكون لمجرد تحيزهم إلى فئة، بل هو فرارهم من الزحف..
إن لم نقل: إن ذلك قد يثير احتمال ظهور تواطؤ أو خيانة منهم اكتشفها المسلمون، فأثارت لدى مرتكبيها احتمالات القتل..
ويتأكد هذا الذي ذكرناه مع علم الجميع: بأن الفرار من وجه جيش يزيدهم عشرات الأضعاف، لا يوجب للفارين أية مجازاة أو عقوبة. أو لوم.
الحر تكفيه الإشارة:
عن الزهري: أن النبي "صلى الله عليه وآله" لما أخبر الناس بقتل القادة الثلاثة "بكى أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وهم حوله، فقال لهم النبي "صلى الله عليه وآله": "وما يبكيكم"؟
فقالوا: وما لنا لا نبكي، وقد ذهب خيارنا وأشرافنا، وأهل الفضل منا؟!
فقال لهم "صلى الله عليه وآله": لا تبكوا، فإنما مثل أمتي مثل حديقة قام عليها صاحبها، فأصلح رواكبها، وبنى مساكنها، وحلق سعفها، فأطعمت عاماً فوجاً، ثم عاماً فوجاً، ثم عاماً فوجاً.
فلعل آخرها طعماً أن يكون أجودها قنواناً، وأقومها شمراخاً!!
والذي بعثني بالحق نبياً، ليجدن عيسى بن مريم في أمتي خلفاً من حواريه"([199]).
ونقول:
إن كلام رسول الله "صلى الله عليه وآله" هنا يكاد يكون صريحاً في أنه يدين ما صدر من الفارين في مؤتة، فإنه أشار إلى أن قتل الخيار لابد أن يعقبه أن تنجب الأمة فوجاً آخر من هؤلاء الخيار.
ولعل الفوج الأخير ـ الذي هو من أنصار المهدي "عليه السلام" ـ سوف يكون خيراً من حواري عيسى "عليه السلام" نفسهم.. وسيلمس عيسى "عليه السلام" ذلك حينما يظهر مع الإمام "عليه السلام"، ليقيم الحجة على النصارى في أمر بشريته، وتابعيته لوصي محمد "صلى الله عليه آله"، حيث يصلي خلفه، ويكون من أعوانه..
فيلاحظ: أنه "صلى الله عليه وآله" لم يشر بشيء إلى أي نصر أنجزه خالد ومن معه، فضلاً عن تحقيق ما يستحق أن يسمى فتحاً.. بل هو "صلى الله عليه آله" قد قبل بأن المقتولين هم خيار أصحابه، وأشرافهم، وأهل الفضل فيهم.. ولا يرى في الذين سلموا في مؤتة خلفاً من الذين قتلوا، بل لابد من انتظار ظهور فوج جديد من الأخيار، والأشراف، وأهل الفضل.
النصر الضائع:
ونستطيع بعد كل هذا الذي ذكرناه وقررناه، أن نؤكد على أن كل الدلائل تشير إلى أن الفارين كانوا عارفين بعظيم جرمهم، وقبح جنايتهم، كما أن أهل المدينة كانوا عارفين بذلك، وكذلك رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
وقد كان واضحاً للجميع: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أرسلهم لإنجاز مهمة كبرى كان يعرف حجمها، ولابد ان يكون قد رسم لهم معالم حركتهم فيها، وحدد كل تفاصيلها، ولابد أن يكون عارفاً بجموع قيصر ونواياه وخططه، وكيف لا يكون كذلك، وهو قد اثبت أن لديه قدرة فائقة على رصد حركة أعدائه في مختلف البقاع والأصقاع مهما اختلفت الفئات والأنواع.
وكانت هذه المهمة من الخطورة بحيث تستحق أن يضحي من أجلها بمثل جعفر، وزيد، وابن رواحة، ولعلها كانت ستنتهي بالانتصار على جيوش قيصر، وربما بأسره، وإسلام البلاد التي يحكمها أو كان له نفوذ فيها.. ولعل هذا النصر كان سيتحقق بعد استشهاد القادة بيسر، ولكن الفرار قلب الأمور، فوقع المحذور.
ولذلك لم يتمكن الفارون من تقديم أي عذر أو تأويل، بل ربما كانوا خائفين من وصول الأمور إلى حد اتخاذ القرار بقتلهم.
ولذلك لم يتساهل أهل المدينة معهم، بل حثوا التراب في وجوههم وطردوهم، ولم يفتحوا لهم أبواب بيوتهم، كما أن النبي الكريم، والرؤوف الرحيم بالمؤمنين لم يعترض على أحد من أهل المدينة فيما يفعل، ولم يردعهم عن شيء من تصرفاتهم التي تدخل في سياق الإهانة والتحقير لهذا الجيش..
وقد قلنا آنفاً: أن الفرار من جيش يفوق عدده عدد جيش المسلمين بعشرات الأضعاف ليس جرماً ولا حراماً..
وهذا يدلنا: على أن القضية لم تكن قضية فرار وحسب، وإنما هي أدهى وأكبر، وأعظم، وأمر وأخطر، لأنها قضية تضييع أعظم نصر عرفه تاريخ البشرية.
واقتصر الأمر على مجرد تراجع جيش الروم عن تصميمه بمهاجمة المسلمين في عمق بلادهم، وفي عقر دارهم، في المدينة نفسها..
إذ إننا نرى: أن هرقل بعد أن انتصر على كسرى، طمع بالإستيلاء على الحجاز ليؤكد شوكته، وليعزز سلطانه..
فجاء بالجيوش بحجة المشي إلى بيت المقدس وفاءً بنذره، فبادر رسول الله "صلى الله عليه وآله" لمباغتته بخطة تبطل كيده، وتمزق جنده، فضيع ذلك خالد بهزيمته النكراء تلك. وإلا فكيف نفسر وجود هذه الجيوش الهائلة التي تعد بمئات الألوف في منطقة الأردن القريبة من الحجاز، بل هي على مشارفه، وقد ظهر مصداق هذا النصر في الحرب التي لم تسفر رغم امتدادها أياماً سوى عن ثمانية، وقيل: اثني عشر قتيلاً على أبعد التقادير.
مع أن العادة تقضي بأن جيشاً، قد يصل عدده إلى نصف مليون مقاتل لا يحتاج إلى استئصال ثلاثة آلاف مقاتل إلى أكثر من نهار.
النبي '.. وعائلة جعفر:
عن أسماء بنت عميس رحمها الله قالت: دخل علي رسول الله "صلى الله عليه وآله" يوم أصيب جعفر وأصحابه، فقال: "إيتيني ببني جعفر".
فأتيته بهم فضمهم، وشمهم، وذرفت عيناه، فقلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي، ما يبكيك؟ أبلغك عن جعفر وأصحابه شئ؟
قال: "نعم أصيبوا هذا اليوم".
قالت: فقمت أصيح. واجتمع إليَّ النساء([200]).
زاد الواقدي وابن سعد: فجعل رسول الله "صلى الله عليه وآله" يقول: يا أسماء، لا تقولي هجراً، ولا تضربي صدراً.
قالت: فخرج رسول الله "صلى الله عليه وآله" حتى دخل على ابنته فاطمة "عليها السلام" وهي تقول: وا عماه.
فقال "صلى الله عليه وآله": على مثل جعفر فلتبكي الباكية، ثم قال: اصنعوا لآل جعفر طعاماً، قد شغلوا عن أنفسهم اليوم([201]).
وقال الواقدي: حدثني محمد بن مسلم، عن يحيى بن أبى يعلى، قال: سمعت عبد الله بن جعفر يقول: أنا أحفظ حين دخل رسول الله "صلى الله عليه وآله" على أمي، فنعى لها أبي، فأنظر إليه وهو يمسح على رأسي ورأس أخي، وعيناه تهراقان الدموع حتى تقطر لحيته. ثم قال: اللهم إن جعفراً قد قدم إلى أحسن الثواب، فاخلفه في ذريته بأحسن ما خلفت أحداً من عبادك في ذريته.
ثم قال: يا أسماء، أ لا أبشرك؟
قالت: بلى، بأبى وأمى.
قال: فإن الله عز وجل جعل لجعفر جناحين يطير بهما في الجنة.
قالت: بأبى وأمى يا رسول الله، فأعلِم الناس ذلك!
فقام رسول الله "صلى الله عليه وآله" وأخذ بيدى، يمسح بيده رأسي حتى رَقِي على المنبر، وأجلسني أمامه على الدرجة السفلى، والحزن، يعرف عليه، فتكلم فقال: إن المرء كثير بأخيه وابن عمه. ألا إن جعفراً قد استشهد، وقد جعل الله له جناحين يطير بهما في الجنة.
ثم نزل "صلى الله عليه وآله"، فدخل بيته، وأدخلني، وأمر بطعام فصنع لأهلي، وأرسل إلى أخى فتغدينا عنده ـ والله ـ غداء طيباً مباركاً، عمدت سلمى خادمته إلى شعير فطحنته، ثم نسفته، ثم أنضجته، وأدمته بزيت، وجعلت عليه فلفلاً. فتغديت أنا وأخي معه،
فأقمنا عنده ثلاثة أيام في بيته، ندور معه كلما صار في إحدى بيوت نسائه، ثم رجعنا إلى بيتنا، فأتى رسول الله "صلى الله عليه وآله" بعد ذلك وأنا أساوم بشاة أخٍ لي، فقال: اللهم بارك في صفقته.
فقال عبد الله: فما بعت شيئاً ولا اشتريت إلا بورك فيه([202]).
وعن الإمام الصادق "عليه السلام" قال: إن النبي "صلى الله عليه وآله" حين جاءته وفاة جعفر بن أبي طالب، وزيد بن حارثة كان إذا دخل بيته كثر بكاؤه عليهما جداً، ويقول: كانا يحدثاني ويؤنساني، فذهبا جميعاً([203]).
عن خالد بن الوليد قال: لما أصيب زيد بن حارثة أتاه النبي "صلى الله عليه وآله"، فجهشت بنت زيد في وجه رسول الله، فبكى "صلى الله عليه وآله" حتى انتحب (أي رفع صوته في البكاء).
فقال له سعد بن عبادة: يا رسول الله، ما هذا؟!
قال "صلى الله عليه وآله": هذا شوق الحبيب إلى حبيبه([204]).
وعن الإمام السجاد "عليه السلام": ما من يوم أشد على رسول الله "صلى الله عليه وآله" من يوم أحد، قتل فيه عمه حمزة بن عبد المطلب، أسد الله، وأسد رسوله.
وبعده يوم مؤتة قتل فيه ابن عمه جعفر بن أبي طالب.
ثم قال "عليه السلام": لا يوم كيوم الحسين، ازدلف إليه ثلاثون ألف رجل الخ..([205]).
وعن العباس بن موسى بن جعفر قال: سألت أبي "عليه السلام" عن المأتم، فقال: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" لما انتهى إليه قتل جعفر بن أبي طالب دخل على أسماء بنت عميس امرأة جعفر، فقال: أين بني؟!
فدعت بهم، وهم ثلاثة: عبد الله، وعون، ومحمد. فمسح رسول الله "صلى الله عليه وآله" رؤوسهم، فقالت: إنك تمسح رؤوسهم كأنهم أيتام!
فعجب رسول الله "صلى الله عليه وآله" من عقلها، فقال: يا أسماء، الم تعلمي أن جعفراً رضوان الله عليه استشهد؟!
فبكت، فقال لها رسول الله "صلى الله عليه وآله": لا تبكي، فإن الله أخبرني أن له جناحين في الجنة من ياقوت أحمر.
فقالت: يا رسول الله، لو جمعت الناس وأخبرتهم بفضل جعفر، لا ينسى فضله.
فعجب رسول الله "صلى الله عليه وآله" من عقلها.
ثم قال: ابعثوا إلى أهل جعفر طعاماً فجرت السنة([206]).
وقالوا أيضاً: لما قتل جعفر بمؤتة، أمهل النبي "صلى الله عليه وآله" آل جعفر أن يأتيهم ثلاثة أيام، فندبوا.
ثم قال: لا تبكوا على أخي بعد اليوم، وقال: إن له جناحين يطير بهما حيث شاء من الجنة([207]).
لا تقولي هجراً، ولا تضربي صدراً:
1 ـ إن المصائب التي تحل بالناس، ولاسيما فقد الأحبة، قد تخرجهم عن حالة التوازن، فتصدر منهم بعض التصرفات غير المقبولة ولا المعقولة.. فإذا تركوا، فقد يتفاقم الأمر، ليص إلى حد الخروج عن دائرة الشرع وأحكام الدين..
ولذلك، كان من المستحسن إذا ظهرت بوادر هذا الاختلال، المبادرة إلى وضع حد يمنع من الانسياق مع أجواء الانفعال هذه لتبقى الأمور تحت السيطرة، وفي دائرة الانضباط..
والظاهر: أن ما ظهر من أسماء بنت عميس في حضرة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، حين أخبرها باستشهاد زوجها جعفر بن أبي طالب يدخل في هذا السياق، فإن صياحها بحضرة الرسول "صلى الله عليه وآله"، واجتماع النساء إليها قد أظهر أنها قد تخرج تحت تأثير الفاجعة عن حدود الاتزان المعقول والمقبول في كلامها، وفي حركتها الإنفعالية التصعيدية..
فبادر النبي "صلى الله عليه وآله" إلى وضع حدٍ لهذا التصعيد حين جعل يقول لها: لا تقولي هجراً، ولا تضربي صدراً.. مع ملاحظة: أن سياق هذا التعبير يعطي أنه "صلى الله عليه وآله" قد كرر قوله هذا لها.
2 ـ يضاف إلى ما تقدم: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" يعلم: أن الناس يتعاملون مع أقواله، وأفعاله، وكل ما يفعل بحضرته مع سكوته عنه، وقدرته على القبول والرد.. على أنه مسنون ومشروع..
فإذا لطمت أسماء صدرها بحضرته، وسكت عنها رسول الله "صلى الله عليه وآله".. فسيفهم الناس أن ذلك مما يشرع أو يسنّ في الشريعة بالنسبة إلى كل بيت، وقد يدخل ذلك في صميم عادات الناس وممارستهم حين يفقدون أحداً من أعزائهم.
مع أن الشهيد الذي يحسن إظهار الجزع في مأتمه، ويكون لطم الصدور فيه راجحاً هو الإمام الحسين "عليه السلام"، لأن في ذلك قوة للدين، وترسيخاً للإيمان واليقين.. فلابد من حفظ الخصوصية له صلوات الله وسلامه عليه من أجل ذلك..
فالنهي عن لطم الصدر هنا لا يعني أنه حرام، بل هو هنا لأجل أن لا يستفاد من ذلك مطلوبية هذا الأمر، بالنسبة لكل من مات أو استشهد..
على مثل جعفر فلتبك البواكي:
1 ـ ثم إن هناك نوعاً من الناس يحمل مزايا فريدة، ويتميز بإنسانية عالية وكاملة ورائدة، وأمثولة للفضيلة حية، فإذا مات أو استشهد فلابد أن يبكيه الناس كلهم، لأن فقده يعنيهم كلهم. وخسارة لهم جميعاً..
وقد بين النبي "صلى الله عليه وآله" مواصفات هؤلاء الناس من خلال النموذج الذي قدمه لهم على أنه يحمل هذه المزايا والمواصفات، وذلك حين قال: على مثل جعفر فلتبك البواكي([208]).
فالبكاء على جعفر إنما هو لأجل ما ذكرناه، لا لأنه في نسبه قريب أو صاحب أو حبيب.
وقد أوضح نص آخر: أن هذه المزايا لا حد لها ولا حصر لها في شخصية جعفر "عليه السلام".
فقد روي أنه "صلى الله عليه وآله" قال لفاطمة "عليها السلام"، حين قتل جعفر بن أبي طالب: لا تدعي بذل، ولا ثكل، ولا حَرَبٍ. وما قلت فيه فقد صدقت([209]).
فهذه العبارة الأخيرة قد أفسحت المجال لكل قول يبين سجايا جعفر ومزاياه الفاضلة، مهما كان نوع ومستوى ما يقال من تلك السجايا والمزايا. لأن كل ما يقال فيه من فضل، فهو صدق وحق وعدل..
وهذه المزايا إذا اجتمعت وتكاملت في أيٍ كان من الناس، فإنه يصبح مثلاًَ أعلى، وأسوة وقدوة، يحس الناس كلهم بالحاجة إليه، ويكون إلحاق الأذى به بمثابة التعدي عليهم، وإلحاق الأذى بهم كلهم.
فلماذا إذن لا يبكون إذا فقد، ولا يحنون إليه إذا غاب.
2 ـ ومن جهة ثانية إن هذه الكلمة وكذا النصوص المصرحة ببكاء النبي "صلى الله عليه وآله" على جعفر "عليه السلام"، وزيد بن حارثة "رحمه الله"، قد جاءت لتؤكد على مشروعية البكاء على الميت، بل على مطلوبيته بالنسبة لبعض من يموت أو يستشهد، من الأتقياء الأبرار، والعلماء الأخيار.. فلا يصح ما يزعمونه من المنع عن ذلك، وقد أشرنا إلى هذه الحقيقة في أكثر من موضع من هذا الكتاب.
مدى حزن النبي ' على جعفر:
وإذا أردنا أن نتصور مدى حزن النبي "صلى الله عليه وآله" على جعفر، فعلينا أن نتذكر عودة جعفر من الحبشة، فقد كان سرور النبي "صلى الله عليه وآله" بقدومه منها يوازي سروره بفتح الله خيبراً على يد أخيه علي "عليه السلام"، أو يزيد عليه..
فإن ذلك يعطي انطباعاً عن مستوى، ومقدار حزنه على هذا الرجل الذي أشبه خَلْقَه وخُلُقَه "صلى الله عليه وآله"، فإن مقدار الحزن لابد أن يوازي مقدار السرور هناك..
وخصوصاً إذا كان شرار الخلق قد هتكوا حرمته، حتى قضى شهيداً، وبالأخص بعد قطع يديه، وما جرى عليه، حتى إن الطعنات التي وجدت في مقدم جسده باتت تعد بالعشرات حسبما تقدم..
النبي ' بدون جعفر وعلي ':
قال المسعودي: "وكان رسول الله "صلى الله عليه وآله" بعد أن قتل جعفر بن أبي طالب الطيار، بمؤتة من أرض الشام، لا يبعث بعلي في وجه من الوجوه، إلا ويقول: {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ}([210])"([211]).
ونقول:
أما بالنسبة لجعفر فقد ذكرنا في حديثنا عن غزوة خيبر شبهه برسول الله "صلى الله عليه وآله"، وما كان له من قيمة عند الله، أما علي فقد صرح القرآن الكريم: بأنه "عليه السلام" هو نفس رسول الله "صلى الله عليه وآله"، حيث قال في آية المباهلة:
{فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ الله عَلَى الْكَاذِبِينَ}([212]).
وقد أكد ذلك النبي "صلى الله عليه وآله" في عشرات النصوص، في العديد من المناسبات، وذلك كله يبين: أن فقد النبي "صلى الله عليه وآله" لجعفر ولعلي "عليهما السلام" معناه: أن لا يبقى له "صلى الله عليه وآله" نظير على وجه الأرض، ولذلك، كان يظهر شعوره بقيمة علي "عليه السلام"، ويعتبر أن فقده لعلي "عليه السلام" سيجعله فرداً وحيداً في هذه الحياة، ولا يعود له وارث في الأرض..
فكان لا يبعث علياً "عليه السلام" في وجه من الوجوه إلا ويقول: {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ}([213]).
حديث عائشة في بكاء النساء:
وربما يقال: قد روي في هذه المناسبة ما يدل على عدم صحة البكاء على الأموات، كما ذكرته عائشة فيما رواه الواقدي عنها، فقد قالت: لما قدم نعي جعفر عرفنا في وجه رسول الله "صلى الله عليه وآله" الحزن.
قالت: قديماً ما ضرّ الناس التكلف؛ فأتاه رجل فقال: يا رسول الله، إن النساء عنَّيننا مما يبكين.
قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "ارجع إليهن فأسكتهن، فإن أبين فاحث في أفواههن التراب".
فقلت في نفسي: أبعدك الله! فوالله ما تركت نفسك، وما أنت بمطيع رسول الله "صلى الله عليه وآله".
وروى الواقدي أيضاً عن عائشة: "أنا أطَّلع من صير الباب فأسمع هذا"([214]).
ونقول:
إنه يمكن قبول هذه الرواية، إذا كان ذلك الرجل يريد أن يشتكي من أن بكاء النساء قد تجاوز الحدود المعقولة وصار يوجب إلحاق العناء بالناس، كما صرحت به الرواية.
أو أنه صار كأنه يمثل نوعاً من الاعتراض على الله سبحانه..
أو أنه بلغ حداً من شأنه أن يضر بمعنويات المجتمع الإسلامي، ويوهن من عزيمته، ويحد من الإقبال على الجهاد في سبيل الله.. فلابد من التصدي لهذه المبالغات لتعود الأمور إلى مجراها الطبيعي.
وهذه الاحتمالات معقولة، ومقبولة، وتنسجم مع سائر ما دل على جواز البكاء على الأموات.
غير أن في النص أمراً آخر، لابد من الوقوف عنده، وهو أن عائشة تقول: إنها كانت تسمع هذا وهي تطَّلع من صير الباب. حيث إننا لا نظن أن يرضى النبي "صلى الله عليه وآله" بهذا العمل منها.. ولو أنه رآها تفعل ذلك، أو أن أحداً ذكر له ذلك عنها لزجرها وأنبها، وأعلن عن عدم رضاه بهذه الجرأة، وبهذا التجسس عليه، الهادف إلى الإطلاع على ما يريد ستره عنها، وهو أمر قد نهى عنه القرآن، وأكدت على رفضه وأدانته كلمات رسول الله "صلى الله عليه وآله" في المناسبات المختلفة.
أسماء وتعريف الناس بفضل جعفر:
وقد صرحت الروايات المتقدمة: بأن أسماء قد طلبت من النبي "صلى الله عليه وآله": أن يعلم الناس بما حبا الله تعالى به جعفراً "عليه السلام"، فأجاب طلبها رضوان الله تعالى عليها، وأخبر الناس من على منبره بذلك.
ونقول:
لقد أظهرت أسماء عقلاً راجحاً، واتزاناً واضحاً، حين طلبت من النبي "صلى الله عليه وآله" أن يذكر للناس فضل جعفر، كما صرحت به الرواية المتقدمة عن الإمام الكاظم "عليه السلام"، لأن هدف أسماء رحمها الله تعالى لم يكن هو الفخر، والتباهي أمام الناس بهذا العطاء الإلهي لجعفر "عليه السلام"، لتكون قد استغلت دمه الشريف لأهداف دنيوية، وإثارات فارغة..
بل كان هدفها:
أولاً: أن يستفيد الناس من هذه الأمثولة الرائدة المزيد من الاندفاع للتضحية، والبذل والعطاء في سبيل الله تعالى. وأن يتضاعف حرصهم على نيل المقامات السامية، والحصول على المزيد من التطهير والتزكية لنفوسهم وقلوبهم.
ثانياً: إنها أرادت أن تبين للناس: أن ما يثيره الحاقدون من أجواء تشكيكية بفضل جعفر "عليه السلام"، وبهجرته وجهاده، ما هو إلا سموم تنضح من أنياب أفاعٍ يلذ لها أن تنهش بأجساد الأخيار والأبرار، وان ما تظهره تلك الأراقم من لين الجانب ونعومة الملمس إنما يخفي وراءه السم الناقع، والغدر الذميم والبغيض.
ولأجل ذلك استجاب لها رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ولم نلاحظ أن لديه أي تحفظ على ما طلبته، ولو أنه شعر بأنها تسعى لنيل شيء من حطام الدنيا، حتى لو كان ذرة من حب التفاخر والتباهي لأظهر لها ذلك، ولكان وعظها وحذَّرها، ولرفض طلبها، إذ لا يمكن أن يرضى لنفسه أن يكون له أي أثر في تمكينها من تحقيق أهداف من هذا القبيل.
ويعزز هذا الذي نقوله: أن أسماء كانت معروفة بالعقل والإتزان، وبالالتزام والتقوى. ولم يلاحظ أحد على سلوكها وتصرفاتها أنها ممن كان يسعى لاستجلاب المنافع الدنيوية لنفسها.
بل الظاهر من حالها وحياتها هو: مراعاة أحكام الشرع، والاهتمام بما يرضي الله سبحانه..
ويدل على ذلك: ما روي من شهادة النبي "صلى الله عليه وآله" لها بأنها من أهل الجنة، أو من المؤمنات([215]). وأن نجابة ولدها محمد بن أبي بكر أتت من قبلها([216]).
على أن الوقت الذي طلبت فيه أسماء رحمها الله من النبي "صلى الله عليه وآله" أن يعرف الناس بفضل جعفر، كان وقت وقوع الصدمة عليها، وهو الوقت الذي تلتهب فيه المشاعر إلى أقصى مدى، فلا يبقى مجال للتفكير في أمثال هذه القضايا، أو الانسياق وراء هذه الأوهام.
إتخاذ الطعام في أيام العزاء سُنة:
قال السهيلي معلقاً على حديث الطعام لأبناء جعفر "عليه السلام": هو أصل في طعام التعزية، ويسميه العرب "الوضيمة".
كما تسمي طعام العرس: "الوليمة".
وطعام القادم من السفر: "النقيعة".
وطعام البناء: "الوكيرة"([217]).
والدليل الصحيح والأدق في موضوع طعام التعزية هو ما روي عن الإمام جعفر الصادق "عليه السلام" قال: "لما مات جعفر بن أبي طالب أمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" فاطمة "عليها السلام" أن تتخذ طعاماً لأسماء بنت عميس، وتأتيها ونساؤها ثلاثة أيام، فجرت بذلك السنة: أن يصنع لأهل الميت ثلاثة أيام طعام"([218]).
زيارة عوائل الشهداء:
وقد أظهرت النصوص المتقدمة: أن سيد الرسل وأفضل الخلق "صلى الله عليه وآله"، الذي كان لا يتعامل مع الأمور بمنطق العشائرية والقبلية، بل بروح رسالية، وتوجيه إلهي كان يزور بيوت الشهداء، ويواسي عوائلهم، ويجهش بالبكاء، ويشاركهم فيما يظهرونه من أسى وألم..
الأمر الذي يجسد رقته "صلى الله عليه وآله" وحنانه، ورأفته، كما أنه يؤكد رعايته، وأبوته لتلك العوائل بصورة عملية وواقعية.
ثم هو يدلل على درجة عالية من الإخاء والمصافاة والوفاء.. بين الناس وبين موقع القيادة، حتى على مستوى النبوة الخاتمة، حيث إن هذا النبي الكريم والعظيم يعامل من يقر بنبوته، ويتبع رسالته بهذه الروح، بعيدا عن أي حالة تشي بتمييز نفسه عنهم، أو حتى بأية خصوصية له دونهم، فهو فيهم كأحدهم، يفرح لفرحهم، ويحزن لحزنهم، وتندمج روحه بأرواحهم حباً، ويذيبها الحنين إليهم شوقاً.
شهداء في قبر واحد، وإخفاء القبر:
قال ابن عنبة: "دفن جعفر، وزيد بن حارثة، وعبد الله بن رواحة في قبر واحد، وعمي القبر"([219]).
ولم تبذل محاولة حقيقية لتحديد موضع دفنهم رضوان الله تعالى عليهم إلا في العصور المتأخرة..
وقد كان من الطبيعي: أن يُعَمَّى موضع قبور الشهداء، فإن المنطقة قد بقيت في يد الأعداء، إلى أن ظهر الإسلام فيها، ولكن لم يكن هؤلاء المسلمون ممن يهتمون بإظهار أمر آل أبي طالب، بل كان اهتمامهم منصباً على ما يناقض ذلك..
وقد أخفي قبر علي بن أبي طالب "عليه السلام" حوالي مئة سنة إلى أن أظهره الإمام الصادق "عليه السلام" في عهد المنصور العباسي.
كيف وقد نبش الحجاج ثلاثة آلاف قبر من أجل أن يعثر على جسد علي "لكي يحرقه"، ولا يبقي له أثراً، فلم يمكنه الله من ذلك([220]).
وقد أخفي قبر زيد بن علي، ثم لما عرف صلبوه سنوات، ثم أحرقوه([221]).
وعلينا أن لا ننسى قبر الزهراء "عليها السلام" الذي لا يزال مجهولاً إلى يومنا هذا.
ولعلها حين ارادت إعلان الاحتجاج على الذين آذوها وضربوها، وأسقطوا جنينها، واغتصبوا منها فدكاً وسواها..
أرادت أيضاً: أن تحفظ جثمانها الطاهر من أن يتعرض للنبش والهتك من قبل من حاول نبش قبر ولدها الإمام الحسين "عليه السلام"، وزوجها علي، ونبش قبر حفيدها زيد، كما هو ظاهر.
الفصل الخامس:
صورة موهومة لسرية ذات السلاسل
غزوة ذات السلاسل:
قال ابن عقبة، وابن إسحاق، وابن سعد، ومحمد بن عمر، واللفظ له: "بلغ رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن جمعاً من قضاعة يريدون أن يدنوا الى أطراف مدينة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فدعا رسول الله "صلى الله عليه وآله" عمرو بن العاص بعد إسلامه بسنة".
وعند ابن إسحاق: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" بعث عمرواً يستنفر العرب إلى الشام، فعقد له لواء أبيض، وجعل معه راية سوداء، وبعثه في ثلاثمائة من سراة المهاجرين، (منهم: عامر بن ربيعة، وصهيب، وسعيد بن زيد، وسعد بن أبي وقاص) والأنصار، (منهم: أسيد بن حضير، وعباد بن بشر، وسلمة بن سلامة، وسعد بن عبادة) وأمره أن يستعين بمن مرَّ به من العرب: من بُلي، وعذرة، وبلقين.
وذلك أن عمرواً كان ذا رحم فيهم، كانت أم العاص بن وائل بلوية، فأراد رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يتألفهم بعمرو([222]).
وفي حديث بريدة عند إسحاق بن راهويه: أن أبا بكر قال: "إن عمرواً لم يستعمله رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلا لعلمه بالحرب". انتهى.
وكان معه ثلاثون فرساً، فكان يكمن النهار ويسير الليل، حتى إذا كان على ماء بأرض جذام، يقال له: السلاسل ـ ويقال: السلسل، وبذلك سميت الغزوة ذات السلاسل ـ (وقيل: سميت بذلك لأن المشركين ارتبط بعضهم إلى بعض، مخافة أن يفروا)([223]). بلغه أن لهم جمعاً كثيراً، فبعث عمرو رافع بن مكيث الجهني إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" يخبره أن لهم جمعاً كثيراً ويستمده.
فبعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" أبا عبيدة بن الجراح، وعقد له لواء، وبعث معه سراة المهاجرين، كأبي بكر وعمر بن الخطاب، وعدة من الأنصار. وأمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" أبا عبيدة أن يلحق بعمرو بن العاص، وأن يكونا جميعاً ولا يختلفا.
وكان أبو عبيدة في مائتي رجل حتى لحق بعمرو. فلما قدموا أراد أبو عبيدة أن يؤم الناس، فقال عمرو: "إنما قدمت عليَّ مدداً لي، وليس لك أن تؤمني وأنا الأمير".
فقال المهاجرون: "كلا بل أنت أمير أصحابك وهو أمير أصحابه".
فقال عمرو: "لا، أنتم مدد لنا".
فلما رأى أبو عبيدة الاختلاف، وكان رجلاً ليناً حسن الخلق سهلاً، هيناً عليه أمر الدنيا، يسعى لأمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" وعهده، قال: "يا عمرو، تعلمن أن آخر شيء عهد إليَّ رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن قال: "إذا قدمت على صاحبك فتطاوعا ولا تختلفا. وإنك والله إن عصيتني لأطيعنك".
وأطاع أبو عبيدة عمرواً. فكان عمرو يصلي بالناس.
وقال عمرو: "فإني الأمير عليك وأنت مددي".
قال: "فدونك"([224]).
وعن الشعبي مرسلاً قال: "انطلق المغيرة بن شعبة إلى أبي عبيدة فقال: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد استعملك علينا، وإن ابن فلان قد اتبع أمير القوم، فليس لك معه أمر".
فقال أبو عبيدة: "إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" أمرنا أن نتطاوع، فأنا أطيع رسول الله "صلى الله عليه وآله" وإن عصاه عمرو".
فأطاع أبو عبيدة عمرواً، فكان عمرو يصلي بالناس، وصار معه خمسمائة.
فسار حتى نزل قريباً منهم، وهم شاتون. فجمع أصحابه الحطب يريدون أن يوقدوا ناراً ليصطلوا عليها من البرد، فمنعهم، فشق عليهم ذلك، حتى كلمه في ذلك بعض المهاجرين، فغالظه.
فقال له عمرو: "قد أمرت أن تسمع لي".
قال: نعم.
قال: فافعل([225]).
وروى ابن حبان، والطبراني برجال الصحيح، عن عمرو بن العاص: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" بعثه في غزوة ذات السلاسل، فسأله أصحابه: أن يوقدوا ناراً، فمنعهم. فكلموا أبا بكر، فكلمه، فقال: "لا يوقد أحد منهم ناراً إلا قذفته فيها"([226]).
وروى الحاكم([227]) عن بريدة قال: "بعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" عمرو بن العاص في سرية فيهم أبو بكر، وعمر بن الخطاب، فلما انتهوا إلى مكان الحرب أمرهم عمرو ألا يوقدوا ناراً، فغضب عمر بن الخطاب، وهمَّ أن يأتيه، فنهاه أبو بكر، وأخبره أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" لم يستعمله إلا لعلمه بالحرب. فهدأ عنه([228]).
وفي حديث بريدة: أن عمر أراد أن يكلم عمرواً لما منع الناس أن يوقدوا ناراً.
وفي حديث عمرو: أن أبا بكر كلم عمرواً في ذلك.
ويجمع بين الحديثين: بأن أبا بكر سلم لعمرو أمره، ومنع عمر بن الخطاب من كلامه، فلما ألح الناس على أبي بكر في سؤاله سأله حينئذ فلم يجبه. ويحتمل أن منع أبي بكر لعمر بن الخطاب كان بعد سؤال أبي بكر لعمرو([229]) .
وروى ابن حبان، والطبراني عن عمرو بن العاص: أن الجيش لما رجعوا ذكروا لرسول الله "صلى الله عليه وآله" منعي لهم من إيقاد النار، ومن اتباعهم العدو، فقلت: يا رسول الله، إني كرهت أن يوقدوا ناراً فيرى عدوهم قلتهم، وكرهت أن يتبعوهم، فيكون لهم مدد، فيعطفوا عليهم.
فحمد رسول الله "صلى الله عليه وآله" أمره([230]).
فسار عمرو الليل، وكمن النهار، حتى وطئ بلاد العدو ودوخها كلها، حتى انتهى إلى موضع بلغه أنه قد كان به جمع، فلما سمعوا به تفرقوا.
فسار حتى إذا انتهى إلى أقصى بلادهم، ولقي في آخر ذلك جمعاً ليسوا بالكثير، فاقتتلوا ساعة، وحمل المسلمون عليهم فهزموهم، وتفرقوا (ورمي يومئذٍ عامر بن ربيعة بسهم، فأصيب ذراعه).
ودوخ عمرو ما هنالك، وأقام أياماً لا يسمع لهم بجمع ولا مكان صاروا فيه [إلا قاتلهم].
وكان يبعث أصحاب الخيل فيأتون بالشاء والنعم، فكانوا ينحرون ويأكلون، ولم يكن أكثر من ذلك، لم يكن في ذلك غنائم تقسم. كذا قال جماعة([231]).
قال البلاذري: فلقي العدو من قضاعة، وعاملة، ولخم، وجذام ـ وكانوا مجتمعين ـ ففضهم، وقتل منهم مقتلة عظيمة، وغنم.
وروى ابن حبان، والطبراني، عن عمرو: أنهم لقوا العدو، فأراد المسلمون أن يتبعوهم فمنعهم.
وبعث عمرو عوف بن مالك الأشجعي بشيراً إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" بقفولهم وسلامتهم، وما كان في غزاتهم([232]).
ونقول:
إن لنا مع ما تقدم وقفات، نجملها في ما يلي من مطالب:
تاريخ غزوة ذات السلاسل:
قالوا: إن غزوة ذات السلاسل كانت في جمادى الآخرة سنة ثمان([233]).
وقيل: كانت سنة سبع، وبه جزم ابن أبي خالد في صحيح التاريخ([234]).
ونقل ابن عساكر الاتفاق: على أنها كانت بعد غزوة مؤتة إلا أن ابن إسحاق قال قبلها([235]).
والظاهر: أن ذلك في غير رواية زياد البكائي، التي نقلها ابن هشام في تهذيبه.. أما رواية زياد فذكرت ذات السلاسل بعد غزوة مؤتة([236]).
مقصد السرية:
هل المقصود بذات السلاسل، ماء وراء ذات القرى، وذلك من المدينة على عشرة أيام؟ أو هو موضع بناحية الشام في أرض بني عذرة.
وفي سيرة ابن هشام: ماء بأرض جذام؟([237]).
سراة المهاجرين والأنصار مع عمرو:
وقد زعموا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد بعث عمرواً في سراة المهاجرين والأنصار، ثم ذكروا بعض أسماء هؤلاء. ثم لما استمد عمرو النبي "صلى الله عليه وآله" بعث أبا عبيدة مدداً له، ومعه سراة المهاجرين، وعدة من الأنصار([238]).
ونقول:
1 ـ إن ظاهر عباراتهم أن الثلاث مئة كانوا جميعاً من سراة المهاجرين والأنصار..
ولا ندري إن كان في المهاجرين والأنصار هذا المقدار من السراة؟! وإن كان ذلك فيهم، فهل كانوا جميعاً يستطيعون المشاركة في الحرب؟!
2 ـ لماذا تخيَّر النبي "صلى الله عليه وآله" خصوص السراة ليرسلهم مع عمرو ؟!..
مع أننا لم نجده قد فعل مثل ذلك مع غيره في أية غزوة أخرى، لا قبل ذلك ولا بعده.
3 ـ إن الذين عدوَّهم من السراة، والذين كانوا مع عمرو أيضاً إنما كانوا باستثناء سعد بن عبادة من الذين يدورون في فلك غاصبي الخلافة بعد رسول الله "صلى الله عليه وآله"، أو من أقرب أعوانهم على هذا الأمر، أو من مؤيديهم فيه..
أما سعد بن عبادة، فإن سعيه للاستئثار بهذا الأمر لنفسه.. يجعله في الجهة المناوئة لعلي "عليه السلام"، فهم يقدرون له موقفه هذا، وإن كانوا يكرهونه لأجل أنه لم يسلم بالخلافة لأبي بكر، بل نافسه فيها، ونابذه، ولم يبايعه حتى اغتاله خالد بن الوليد بالشام.. ثم زعموا: أن الجن قتلته([239]).
4 ـ إن اللافت: أنهم حين ذكروا الذين كانوا مع أبي عبيدة قالوا: "بعث معه سراة المهاجرين، كأبي بكر، وعمر بن الخطاب، وعدة من الأنصار" كما تقدم.. فالسراة حسب تعبيرهم هذا هم في المهاجرين فقط.. مثل أبي بكر وعمر.. أما الأنصار فلا سراة فيهم، ولذلك جاء التعبير ليقول: "وعدة من الأنصار"، فهل السبب في هذه المفارقة: أنه لم يكن في هؤلاء الأنصار من كان يظهر النصرة والتأييد والحماس لهم، ولمشروعهم الرامي إلى غصب الخلافة من صاحبها الشرعي؟!
لا ندري!! ولعل الفطن الذكي يدري!!
علم عمرو بن العاص بالحرب:
وقد ذكروا: أن أبا بكر قال: إن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يستعمل عمروا إلا لعلمه بالحرب.
ونقول:
1 ـ إننا لم نعرف عن عمرو علماً يذكر له بالحرب سوى أنه كان إذا دهمه أمر لا يقدر على دفعه، اتقاه بعورته، كما صنع في صفين، فإنه خلَّص نفسه من سيف علي "عليه السلام" بأن كشف عن عورته، فأعرض عنه علي، فنجا عمرو بنفسه([240]).
كما أنه لم يظهر منه في غزوة ذات السلاسل ما يدل على هذه المعرفة، ولا على الشجاعة التي تحتاجها الحروب، بل ظهر منه خلافها. وسنرى أنه لا صحة لما يدَّعونه له من إنجازات فيها. وليس له في عهد رسول الله "صلى الله عليه وآله" أثر آخر يستحق الذكر في حروبه في صفوف المسلمين. كما أنه لم يظهر له ما يشير إلى شيء من ذلك، حين كان يقاتل في صفوف المشركين..
3 ـ إذا كان علم عمرو بن العاص بالحرب هو السبب في تأمير النبي "صلى الله عليه وآله" له على السرية، فلماذا لم يؤمر من هم أعرف منه بأمر الحرب، وأظهر شجاعة، وأكثر مراساً؟!
ولا نريد أن نذكر: المقداد، وأبا دجانة وأمثالهما، بل نريد أن نخص بالذكر من يحبونهم.. وينسبون لهم البطولات في المواقف المختلفة، مثل الزبير، وخالد، ومحمد بن مسلمة وسواهم، ممن يزعمون: أن لهم سوابق مشهورة ومشهودة، وآثار محمودة في هذا السبيل..
4 ـ من أين علم أبو بكر: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد ولى عمرواً هذه السرية لعلمه بالحرب.. فلعله ولاه تألفاً له؟! بل لعله ولاه ليفضح أمره فيما يدَّعيه لنفسه من بطولات، أو من إخلاص يدَّعي أنه قد بلغ فيه حداً يجعله على استعداد للتضحية بكل غال ونفيس في سبيل هذا الدين؟! فجاءت هذه القضية لتفضحه، ولتكون بمثابة تحذير للناس من أن يخدعوا بكلامه، ويصدقوه فيما يحاول أن يدلسه عليهم.
ورطة تأمير عمرو على الشيخين:
قال الصالحي الشامي:
"ليس في تأمير رسول الله "صلى الله عليه وآله" عمرواً على أبي بكر وعمر تفضيله عليهما، بل السبب في ذلك معرفته بالحرب، كما ذكر ذلك أبو بكر لعمر، كما في حديث بريدة، فإن عمرواً كان أحد دهاة العرب، وكون العرب الذين أمره رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يستعين بهم أخوال أبيه، كما ذكر في القصة، فهم أقرب إجابة إليه من غيره".
وروى البيهقي، عن أبي معشر، عن بعض شيوخه: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال: "إني لأؤمر الرجل على القوم، وفيهم من هو خير منه؛ لأنه أيقظ عيناً، وأبصر بالحرب"([241]).
وعن أبي عثمان النهدي قال: سمعت عمرو بن العاص يقول: بعثني رسول الله "صلى الله عليه وآله" على جيش ذي السلاسل، وفي القوم أبو بكر، وعمر، فحدثت نفسي أنه لم يبعثني على أبي بكر وعمر إلا لمنزلة عنده.
قال: فأتيته حتى قعدت بين يديه، وقلت: يا رسول الله من أحب الناس؟
قال: "عائشة".
قلت: إني لست أ سألك عن أهلك.
قال: "فأبوها".
قلت: ثم من؟
قال: "عمر".
قلت: ثم من؟ حتى عد رهطاً.
قلت في نفسي: لا أعود أسأل عن هذا،
وفي رواية الشيخين: فسكتُّ مخافة أن يجعلني في آخرهم([242]).
ونقول:
1 ـ قد اتضح: أن المشكلة عند هؤلاء هو أن يتأمر عمرو بن العاص على أبي بكر وعمر، فلابد من إيجاد مخرج من هذه الورطة، التي ربما تلقي بظلال غير مرغوب فيها على الهالة التي ينسجونها حول الشيخين، وما لهما من مقام عند الله ورسوله، وما لهما من ميزات وفضل في أنفسهما.
2 ـ لقد أكد الحاجـة إلى هـذا المخرج مـا يعرفونه في عمرو بن العاص ـ وهو من دهاة العرب ـ من قدرة على الاستفادة من هذا الأمر في خدمة طموحاته ورغباته.. وربما يكون غضب عمر السريع، وبلا مبرر ظاهر، في قضية المنع من إيقاد النار حتى احتاج إلى تهدئة إبي بكر، ـ إن غضبه هذا ـ قد جاء قبل أن يظهر له المخرج المناسب من هذه الورطة، فلما أظهره أبو بكر له هدأ!!
ولو صحت قصة أبي عثمان النهدي (المحرفة) فإنها تكون شاهداً على هذا أيضاً.
وقد جاء هذا المخرج على لسان أبي بكر تارة، ثم جاء منسوباً إلى النبي "صلى الله عليه وآله" تارة أخرى..
وملخصه: أن الأمارة في السرايا لا تخضع لعنوان الفضل والمقام والكرامة عند الله تعالى.
بل ليس ميزانها هو الشجاعة والإقدام أيضاً، وإنما ميزانها العلم والبصر بالحرب، ويقظة العين.
ولا مانع من التنازل عن هذه الأمور، مع الاحتفاظ بعناوين الأفضلية في سائر الجهات، التي يريدون تسويقها، لكي تُرشِّح أبا بكر وعمر لمقام الخلافة بعد رسول الله "صلى الله عليه وآله".
ولذلك هدأ عمر عندما وجد لدى أبي بكر الرد الكافي، والدواء الشافي. وهو قوله: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" لم يول عمرواً إلا لعلمه بالحرب..
ثم نسب أبو معشر إلى بعض شيوخه أنه زعم: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال: "إني لأؤمر الرجل على القوم، وفيهم من هو خير منه، لأنه أيقظُ عيناً، وأبصر بالحرب".
ثم سعوا إلى تضعيف مقولة علم عمرو بالحرب، بمقولة أخرى، لا تعطيه أية مزية، سوى أن له أخوالاً يحتاج الرسول "صلى الله عليه وآله" إلى الاستعانة بهم.
ولذلك زعموا: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" إنما ولى عمرواً في تلك الغزوة لأنه أراد منه وأمره أن يستعين بالعرب الذين هم أخوال أبيه، وهم بنو بُلي([243]).
ونظن: أن موضوع الاستعانة بالأخوال قد اختلق في وقت متأخر، ولعله لأجل تعمية الأمور على الأجيال الآتية.. وذلك لأن الناس الذين حضروا الواقعة لا يفيدهم هذا التوجيه؛ إذ لا أساس له من الصحة، فلا مجال للإعتذار به لهم..
وأما حديث علم عمرو بالحرب، فيمكن معالجته بادعاءات أو بأساليب أخرى، بحسب ما يناسب كل فريق.
3 ـ أما حديث أبي عثمان النهدي فهو يرويه عن ابن العاص نفسه، وقد صاغه ابن العاص وفق هواه السياسي، وقد ظهرت على هذا النص معالم التجني والافتراء.
ولكننا لا نستطيع أن نقطع: بأن عمرواً هو الذي كذب هذا الحديث، حيث إننا لا نملك الدليل القاطع على ذلك..
بل نريد أن نقول: إننا نرجح أن يكون عمرو نفسه قد اصطنع هذا الحديث، وذلك حين احتاج إلى التزلف للشيخين، من أجل أن يحصل منهما على بعض ما يطمح إليه من مناصب وولايات.. وغنائم وإقطاعات.
4 ـ إن حديث عمرو قد تضمن: أن أحب الناس إلى النبي "صلى الله عليه وآله" عائشة، فلما قال له: إني لست أسألك عن أهلك.. أخبره: أن أحب الناس إليه أبو بكر، ثم عمر.
وروي عن عائشة وابن العاص: أنهما سألا رسول الله أي الناس أحب إليك؟
فقال: أبو بكر.
قالا: ثم من؟
قال: عمر.
فقال فتى من الأنصار: يا رسول الله، فما بال علي؟
فقال له النبي "صلى الله عليه وآله": ما ظننت أن أحداً يسأل عن نفسه([244]).
مع أن عائشة تروي عن رسول الله "صلى الله عليه وآله": أن أحب الناس إلى النبي "صلى الله عليه وآله" فاطمة "عليها السلام" من النساء، وعلي "عليه السلام" من الرجال([245]). فأيهما نصدق؟ عائشة؟ أم عمرو بن العاص؟!
وعن شريح بن هاني عن أبيه، عن عائشة قالت: ما خلق الله خلقاً كان أحب إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" من علي بن أبي طالب([246]).
ونبادر إلى القول: إننا لابد أن نصدق عائشة، لأن إجابة النبي "صلى الله عليه وآله" لها قد فرضت عليها فرضاً، وجاءت على خلاف هواها، لأنها في حق أناس تبغضهم، وقد ظهر هذا البغض في حروب طاحنة أثارتها ضدهم.
أما عمرو بن العاص فقد جاء كلامه منسجماً مع أهوائه، وقد كان يرى: أن له مصلحة في تحريف الحقائق، وإنكار فضائل علي "عليه السلام"؛ وكان يهمه أيضاً منح الفضائل لأبي بكر وعمر، لأن في ذلك إيذاء لعلي وأهل بيته "عليهم السلام"، الذين شن هو ومعاوية الحروب الطاحنة عليهم، ولأن ذلك يجلب له المنافع والمناصب، وقد كان يملك مفاتيحها، أبو بكر وعمر، ومحبوهما.
النبي ' يتألف الناس بعمرو، ويستنفر العرب:
وذكروا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" بعث عمرو بن العاص في ثلاث مئة يستنفر العرب للشام، وأمره أن يستعين بمن مر به من العرب من بُلَيّ، وعُذره، وبَلْقَيْن. لأنه كان ذا رحم فيه لأن أم العاص كانت بلوية([247]).
ونقول:
أولاً: إننا لم نجد ما يدل على أن البلويين، وعذرة، وبلقين قد أعانوا عمرواً في مهمته تلك. ولم يزد عدد من معه في سريته سوى أولئك الذين التحقوا به ممن جاؤوا من المدينة مع أبي عبيدة.
ثانياً: إن الكثيرين بين المسلمين كانوا ذوي رحم في تلك القبائل التي كانوا يسيرون لحربها بين الفينة والأخرى، أو كانوا يمرون عليها في مسيرهم إلى حروبهم. فلماذا لم يكن يوليهم أمارة الجيوش ليستميل بهم تلك القبائل، ويستعين بها في حروبه تلك.
ثالثاً: إن هذا النص يقول: إنه "صلى الله عليه وآله" إنما بعث عمرواً ليستنفر العرب إلى الشام، ولم يبعثه ليحارب.. فهل تعدى أمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" وحارب من دون أن يكون مأموراً بذلك؟!.
رابعاً: لماذا لم يستجب لعمرو أحد من العرب؟ فبقي في الثلاث مئة الذين جهزهم معه رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ثم أضيف إليهم مئتان جهزهم النبي "صلى الله عليه وآله" إليه أيضاً، بقيادة أبي عبيدة؟!.
خامساً: إن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أرسل إلى مؤتة ثلاثة آلاف مقاتل، وإلى خيبر ألفاً وخمس مئة مقاتل، وكان معه في الحديبية، نحو ذلك أيضاً، ولم نسمع أنه أرسل يستنفر العرب لأي من هذه الوقائع، وليس فيما بين أيدينا ما يشير إلى أن لدى قضاعة في بلاد الشام ما يخيف إلى هذا الحد..
على أن الذين ذهبوا مع عمرو هم خمس مئة مقاتل فقط، وقد زعموا: أنه دوخ بهم البلاد، وجال في بلادهم حتى بلغ أقصاها.. ولم يحتج في سفره ذاك لأكثر من العدد الذي جهزه رسول الله "صلى الله عليه وآله".. فلماذا بعثه يستنفر العرب إلى الشام. إذا كان ذلك يكفيه، ولا يحتاج على أحد..
اللواء.. والراية:
قد ذكروا: أنه "صلى الله عليه وآله" حين أرسل عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل "عقد له لواء أبيض، وجعل معه راية سوداء"([248]).
ولا ندري لماذا كان ذلك؟! أي لماذا أعطاه الإثنين معاً؟
ولماذا اختلفت ألوانهما، هذا أبيض، وتلك سوداء؟!
فإن المفروض هو: أن تكون لمثل هذه الأفعال دلالاتها المفيدة لمعنى ظاهر، إذ ليس ذلك من الأمور التعبدية.. ولا هو من الرسوم أو العادات المتبعة في الحروب..
ونحن لم نفهم لضم الراية السوداء إلى اللواء الأبيض أي معنى، لا بالنسبة للذين أرسلهم النبي "صلى الله عليه وآله".. ولا بالنسبة لقائدهم، ولا فيما يرتبط بالتأثير على العدو في ميادين الحرب، أو نحو ذلك.
غير أننا نظن أن ذلك من تفننات محبي عمرو بن العاص، بهدف الإيحاء بأن له خصوصية مّا، ولو بهذا المقدار الذي لا معنى له، ولا طائل تحته.
هذا كله.. على فرض أن يكون ثمة اختلاف بين اللواء والراية، مع أنه قد تقدم في غزوة أحد وفي غيرها: أنهما واحد، وإن حاول بعضهم أن يدَّعي خلاف ذلك..
سراة المهاجرين والأنصار:
ويلفت نظرنا قولهم: "بعثه في ثلاث مئة من سراة المهاجرين والأنصار". ثم طلب منه عمرو المدد، "فبعث إليه أبا عبيدة بن الجراح في ماءتين من سراة المهاجرين والأنصار، وبينهم أبو بكر وعمر"([249]).
وقد راجعنا كتب الحديث والسيرة والتاريخ، فلم نجدهم ذكروا أسماء أحد من الصحابة، تستطيع أن تبرر إطلاق وصف السراة ـ خصوصاً بنظر هؤلاء ـ سوى اسم رجلين كانوا وما زالوا يهتمون بهما، ويحاولون تعظيمهما، وهما أبو بكر، وعمر، الذين كانا مع أبي عبيدة، الذي أرسله النبي "صلى الله عليه وآله" مدداً لعمرو، ولا نرى أن ذلك يبرر إطلاق هذا التعبير بهذه الطريقة التهويلية، إلا على قاعدة: "من أجل عين ألف عين تكرم". كما أن التعبير بـ "السراة" فيه تعظيم وتفخيم لعمرو وأبي عبيدة.
خصوصاً مع علمنا: بأن مجموع عدد الصحابة قليل وليس فيهم هذا العدد الضخم من السراة، فإن السرى هو العظيم في قومه.
ووجود خمس مئة سري إنما يتوقع في أمة تعد بعشرات الألوف، وقد قلنا: إن عدد المسلمين كان قليلاً وضئيلاً جداً كما هو معلوم..
الإختلاف على الصلاة؟ أم على الإمارة؟!
1 ـ إن من الواضح: أن صلاة الجماعة منوطة في مذهب أهل البيت "عليهم السلام" بثقة المأموم بعدالة الإمام، وليست منوطة بالإمارة على الجند، ولا على غيرهم، ولا بأي منصب آخر.. فمن وثق به الناس جاز لهم أن يأتموا به في الجماعة... وقد يأتمون اليوم بشخص، ثم يأتمون غداً بغيره..
كما أن أغلب أهل السنة والجماعة يجيزون إمامة الفاسق: استناداً إلى ما رووه عن النبي "صلى الله عليه وآله": صلوا خلف كل بر وفاجر([250]).
فلا مكان للاختلاف والتنازع في هذا الأمر، فما معنى تنازع أبي عبيدة، وعمرو بن العاص فيه؟ كما لا مجال للاستدلال على الأحقية بإمامة الصلاة بأن هذا أمير، وذاك ليس بأمير، كما أن هذا لا يدخل في باب التشاح إمامة الصلاة لأجل الحصول على الثواب، لأن اختلافهم إنما هو على الأحقية بها، حيث إن كلاً منهما يدّعيها لنفسه دون الآخر، ولأجل هذا وذاك نقول:
ألا يدل ذلك على انهم إنما يتنازعون على أمر يرون فيه مكسباً دنيوياً؟!
2 ـ إننا حين نتأمل في النصوص التي نقلت لنا هذا الحدث نلاحظ: أن موضوع الإمامة في الصلاة كان هو الواجهة، وأن مصبّ الاختلاف كان أمراً آخر، سرعان ما ظهرت دلائله، ونشرت أعلامه، ألا وهو الإمارة على السرية نفسها، حيث فهم عمرو بن العاص: أن تصدي أبي عبيدة لإمامة الصلاة ينطلق من خلفية سعيه إلى إمارة السرية، وقد وجد من بين أصحابه من يؤيده في ذلك، ولا يرضى بإمارة عمرو..
3 ـ ولعل من أبرز هؤلاء المؤيدين لأبي عبيدة أبو بكر وعمر، كما يظهر من تغيظ عمر، إلى حد أنه أراد أن يبادر إلى الاعتراض على ابن العاص، لكن نصيحة أبي بكر منعته من ذلك.. ربما لأنه وجد أن حجة عمرو ستكون أقوى، وأعظم أثراً في نفوس الناس، فآثر الخروج من حلبة الصراع بخسارة واحدة، بدلاً من خسارتين.
4 ـ ثم إن أبا عبيدة حين وجد أن الغلبة ستكون لعمرو آثر أن ينسحب من هذا المأزق بلباقة، وأن يعوض عن بعض خسارته بإظهار التسامح والتواضع والانقياد لأوامر رسول الله "صلى الله عليه وآله"، التي زعم أنه أصدرها له، بقوله: قدمت على صاحبك فتطاوعا.
ثم جاء محبوه ومؤيدوه، فصرحوا بما ألمح إليه، حين وصفوه بحسن الخلق، ولين العريكة، واعتبروا أن هذا هو سبب تراجعه أمام حجة عمرو بن العاص.
المغيرة داعية فتنة ومتزلف:
ولسنا بحاجة إلى تفصيل القول فيما ذكره المغيرة بن شعبة لأبي عبيدة عن أن فلاناً من الناس قد اتبع أمير القوم.. وقول أبي عبيدة: "فأنا اطيع رسول الله "صلى الله عليه وآله" وإن عصاه عمرو".
غير أننا نكتفي بالإشارة إلى ما يلي:
1 ـ إن حركة المغيرة هذه تظهر كيف أن المغيرة يغتنم الفرصة للعبث بمشاعر الناس، وإثارة غرائزهم العدوانية تجاه بعضهم البعض، حتى لو كان هؤلاء الناس ممن يلتقي معهم في كثير من التوجهات والانتماءات، فيحاول الإبقاء على حالة التنافر، والتنافس بين أبي عبيدة وعمرو بهذا التحريض الذي مارسه في موقفه هذا.
2 ـ إن المغيرة لا يتورع عن إشراك أناس آخرين في حالة الصراع، ويسعى ليوغر صدر أبي عبيدة على (ابن فلان)، لمجرد أنه قبل بمنطق عمرو في أمر تولي عمرو للصلاة.
3 ـ إن حركة المغيرة هذه يمكن وضعها في سياق تزلف المغيرة لأبي عبيدة أيضاً.. وربما يكون سببها في ذلك هو شعور المغيرة بالضعف، والحاجة إلى مساعدة أبي عبيدة في تحقيق مأرب يعجز المغيرة عن تحقيقه بنفسه..
4 ـ والملاحظة الأخيرة لنا هنا: هي أن أبا عبيدة يصرح: بأنه يعتبر عمرواً عاصياً لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، ثم يقدم نفسه هو على أنه مطيع لرسول الله "صلى الله عليه وآله" دونه..
فهو يشير بذلك: إلى أن قضيته مع عمرو قد تجاوزت حدود الخطأ غير المقصود، أو الخطأ في الاجتهاد لتصل إلى مستوى التمرد على الآمر، والمعصية المتعمدة لرسول الله "صلى الله عليه وآله".
وبذلك يظهر: أن ثمة اختلافاً أساسياً في موضوع عدالة الصحابة بين أبي عبيدة وبين أكثر المسلمين من غير الشيعة، الذين يصرون على عدالتهم، وعلى ان ما يرتكبونه ما هو إلا خطأ في الاجتهاد، ولا يصل إلى حد المعصية لله ولرسوله.
أخلاق أبي عبيدة:
وقد وصف الراوي أبا عبيدة: بأنه "كان رجلاً ليناً، حسن الخلق، سهلاً، هيناً عليه أمر الدنيا، يسعى لأمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" وعهده".
ونقول:
1 ـ ليت أبا عبيدة كان كذلك في يوم السقيفة، حين سعى في تضييع أمر رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ونقض تدبيره.. بل هو قد سعى في تكريس مخالفة أمر الله، وساعد وشارك في نقض عهد الله تبارك وتعالى، وذلك حين نكث بيعته لعلي "عليه السلام" في يوم الغدير، وخالف أمر الله ورسوله في التسليم لإمامته "عليه السلام"، والبخوع لأمر الله تبارك وتعالى فيها.. وكان هو وعمر بن الخطاب من أقوى المساعدين على استئثار أبي بكر بهذا الأمر.
2 ـ إن إمامة الجماعة ليست من أمور الدنيا، التي تهون على أبي عبيدة، بل هي عبادة لها ثوابها، وقيمتها المعنوية، التي لا يصح التفريط أو الاستهانة بها.
أما اعتبار قيادة السرية وإمارتها أمراً دنيوياً.. فذلك أيضاً غير مقبول، لأن هذه الإمارة أيضاً أمر عبادي، من حيث أنه موقع جهادي متقدم وحساس، وليس على المؤمن لو طلبه وسعى إليه من غضاضة..
3 ـ إن هؤلاء الذين يقدسون جميع الصحابة، ويعتقدون بعدالتهم، وإن كانوا قد مدحوا أحدهم، ودافعوا ودفعوا عنه، ما ربما ينسب إليه مما لا يليق به، ولكنهم قد سقطوا في فخ الطعن في نزاهة صحابي آخر حيث نسبوا إليه حب الدنيا والسعي إليها.. ألا وهو عمرو بن العاص نفسه.
وهذا يتنافى مع نظرتهم التنزيهية للصحابة.. إلا أن يدَّعوا: أن حب الدنيا لا ينافي العدالة التي يتحدثون عنها..
غير أننا نقول: إن حب الدنيا والتنازع عليها منقصة في الإنسان، والمفروض بأهل الإيمان والمجاهدين أن ينزهوا أنفسهم عنها. ولاسيما وهم في مواقع الجهاد، وفي ساحات التضحية.
صلاة الجماعة:
1 ـ لماذا يقع النزاع بين عمرو وأبي عبيدة على إمامة الجماعة؟! ما دام أن الأمر يرجع فيها إلى المأمومين أنفسهم، فالأمر في اختيار إمام الجماعة يعود إليهم، فهم يأتمون بمن شاؤوا.. إذ لا يجب أن يكون أمير السرية هو الإمام في الصلاة.
فاختلافهم في ذلك يدل على عدم وجود نص حاسم من رسول الله "صلى الله عليه وآله" على إمامة شخص بعينه في هذه السرية على أقل تقدير.
2 ـ إن نفس أن يتصدى أبو عبيدة لإمامة الناس يدل على أن إمامة الأمير للناس في الصلاة لم تكن مستندة إلى أوامر من رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وإنما هو اعتماد على مجرد تقليد متَّبع، وعادة جرت. وهذا هو ما قصد إليه عمرو في اعتراضه على أبي عبيدة..
ويؤكد هذا المعنى: أن أبا عبيدة لم يتصد لإمامة الماءتين الذين جاء بهم.. بل تصدى لإمامة جميع الحاضرين حتى الذين جاؤوا مع عمرو، وحتى عمرو نفسه. وهذا ما أثار حفيظته، ودعاه إلى الطلب من أبي عبيدة أن يتنحى، ويترك الأمر له.
3 ـ إنه لأمر مثير للعجب أن يكون الذين أجابوا عمرو بن العاص على حجته هم خصوص المهاجرين، كما صرحت به الرواية..
بل هم خصوص المهاجرين الذين جاؤوا مع أبي عبيدة.. ونتوقع أن يكون على رأسهم عمر بن الخطاب، فإنه هو الذي يشهر سيف الاعتراض كثيراً، حيث يبدو لنا: أنه هو وربما غيره من المهاجرين معه قد اعترضوا على إمامة عمرو لهم، خوفاً من أن يؤسس ذلك لتفضيله وتقديمه عليهم في أمور أخرى..
4 ـ ولعل هذا الأمر يشير إلى أنه قد كان ثمة ضعف ظاهر في الأنصار، حيث لا يظهر منهم أي تحرك اعتراضي أو حتى استعراضي، كما نشهده لدى المهاجرين.. في العديد من المناسبات، وفي هذه السرية أيضاً.
المهاجرون يعترضون مرة أخرى:
وقد ذكرت النصوص المتقدمة: موقفاً آخر للمهاجرين في هذا السياق، فحين منعهم عمرو، هم وغيرهم من إيقاد النار ليصطلوا عليها، كلمه في ذلك بعض المهاجرين فغالظه.. ثم طلبوا من أبي بكر أن يكلمه، ففعل فتوعد أن يقذف في النار من أوقدها.
وذكروا أيضاً: غضب عمر من هذ الإجراء. وأنه همَّ أن يأتيه، فنهاه أبو بكر، وأخبره: أن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يستعمله إلا لعلمه بالحرب، فهدأ عنه.
ونقول:
1 ـ لماذا علت أصوات المهاجرين فقط في هذه الحادثة أيضاً؟!..
فهل كان الأنصار يخافون من الاعتراض على القائد إذا كان مهاجرياً؟!
ولماذا يخافون؟!
2 ـ لماذا يصل الأمر إلى حد المغالظة والتهديد بإلقاء الناس في النار التي يوقدونها؟!
ألم يكن بالإمكان حسم الأمر بكلمة واحدة، وهي أن إيقاد النيران يدل العدو على وجودهم في المنطقة، ولهذا الأمر سلبيات كبيرة، أدناها ضياع الفرصة المتاحة، ومنح العدو فرصاً قد تكون خطيرة على هذه السرية؟!
3 ـ إن التأييد الذي روي عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" في هذا الإجراء إنما رواه عمرو بن العاص نفسه، لتدعيم موقفه أمام منتقديه، فليلاحظ ذلك.
4 ـ ما معنى أن يعاقب عمرو من يوقد ناراً بأن يقذفه فيها؟! فهل وردت هذه العقوبة في آية أو رواية؟ أو سمعها من رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟ أو رآه فعلها؟ أو رخص أحداً فيها؟!
ولماذا لم يعترض عليه أبو بكر: بأنه ليس من حقه أن يمارس عقوبة من هذا القبيل؟!
ولا يمكن حمل كلام عمرو على المبالغة في الوعيد، إلا إذا قامت قرينة على أنه لم يكن قاصداً لظاهر كلامه.. وهي مفقودة هنا.
التناقض والإختلاف:
إننا نراهم تارة يزعمون: أن الذين سار إليهم عمرو بسريته تلك هم قضاعة، وعاملة، وجذام، ولخم.. وأنهم جمع كثير، وأنهم كانوا مجتمعين ففضهم، وقتل منهم مقتلة عظيمة، وغنم.
وتارة يقولون: إنه "صلى الله عليه وآله" أرسله إلى جمع من قضاعة، ولم يذكر غيرهم.
ثم يقولون: إنه وطأ بلاد العدو ودوخها كلها، حتى انتهى إلى موضع بلغه أنه قد كان به جمع، فلما سمعوا به تفرقوا.. ثم سار حتى بلغ أقصى بلادهم، فلقي هناك جمعاً ليسوا بالكثير، فاقتتلوا ساعة، وحمل عليهم المسلمون فهزموهم وتفرقوا..
ثم يذكرون: أنه أقام لا يسمع لهم بجمع ولا مكان صاروا فيه إلا قاتلهم. وكان يبعث أصحاب الخيل، فيأتون بالشاء والنعم، فكانوا ينحرون ويأكلون، ولم يكن اكثر من ذلك، ولم يكن في ذلك غنائم تقسم، كذا قال جماعة.
ويقولون في مقابل ذلك: إن النبي "صلى الله عليه وآله" أخبره أن الله سوف يغنمه في مسيره ذاك..
فترى كيف أن التناقضات ظاهرة بين هذه النصوص بحيث لا مجال للملاءمة فيما بينها كما هو ظاهر.
غنائم عمرو المكذوبة:
وقد زعمت الروايات عن عمرو بن العاص نفسه: أن النبي "صلى الله عليه وآله" دعاه، وأمره أن يأخذ ثيابه وسلاحه، وقال: يا عمرو، إني أريد أن أبعثك على جيش، فيغنمك الله، ويسلمك.
فقلت: إني لم أسلم رغبة في المال.
قال: نعم المال الصالح للرجل الصالح([251]).
ونقول:
إن هذا الكلام غير صحيح، إذ لو كان النبي "صلى الله عليه وآله" قد قال ذلك، لكان قد تحقق، ولكان عمرو قد أتى بغنائم تحقق ما وعده به النبي "صلى الله عليه وآله"، مع أنهم يقولون: إنه قد رجع خالي الوفاض من أي شيء من ذلك، رغم أنهم يزعمون: أنه سار حتى انتهى إلى أقصى بلادهم، ودوَّخ عمرو ما هنالك. وأنه أقام أياماً لا يسمع لهم بجمع ولا مكان صاروا فيه إلا قاتلهم.
"وكان يبعث أصحاب الخيل، فيأتون بالشاء والنعم، فكانوا ينحرون ويأكلون ولم يكن أكثر من ذلك. لم يكن في ذلك غنائم تقسَّم. كذا قال جماعة"([252]).
فأين كانوا يخبئون شاءهم ونعمهم يا ترى؟! أم أنهم كانوا يأخذونها معهم أينما ذهبوا، وحيثما توجهوا؟!
أليس قد وطأ عمرو بلادهم بعساكره؟ ودوَّخ تلك البلاد؟
ولماذا فشل في العثور عليها رغم إقامته أياماً لا يسمع بجمع لهم إلا قصده؟!
ولماذا يأتي ـ كما يزعمون ـ ابن أبي حدرد وفي غزوة الغابة، ورجلان معه بإبل عظيمة، وغنم كثيرة، ويأتي أبو قتادة في خمسة عشر رجلاً فقط، بألفي شاة، ومئتي بعير، حتى يحصل كل فرد بعد إخراج الخمس من تلك السرية على ثلاثة عشر بعيراً. ثم لا يصيب عمرو بن العاص في تلك البلاد كلها إلا بعض ما استفاده في طعامهم، ولم يكن أكثر من ذلك.
إن هذا الأمر عجيب جداً، وأي عجيب!!
وهل يعقل أن لا يصدق ما أخبره به رسول الله "صلى الله عليه وآله" من أن الله يغنمه ويسلمه،؟! وهو الذي صرح القرآن بأنه: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}([253]).
ألا يحق لنا بعد هذا كله، أن نشك في كثير مما ينسبه ابن العاص لنفسه، أو ينسبه له الناس؟!
ولماذا لا يكون عمرو بن العاص قد أراد أن يضع لنفسه أمجاداً، مكذوبة؟ حتى لو أدى ذلك إلى التشكيك بالنبوة والعياذ بالله؟!
وإذا كان هو الذي وضع هذه الأمور لصالح نفسه، فالسؤال هو: كيف يكذب وهو صحابي؟! أليس الصحابة عدولاً كما يزعم هؤلاء؟!
لا تأمّرنّ على اثنين:
وقالوا أيضاً:
روى ابن إسحاق، ومحمد بن عمر، عن رافع ما ملخصه قال: "كنت امرءاً نصرانياً وسميت سرجس، فلما أسلمت خرجت في تلك الغزوة التي بعث فيها رسول الله "صلى الله عليه وآله" عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل".
قال: "فقلت: والله، لأختارن لنفسي صاحباً".
قال: "فصحبت أبا بكر فكنت معه في رحله، وكان ذا عباءة، فدكية، فكان إذا أنزلنا بسطها، وإذا ركبنا لبسها، ثم شكها عليه بخلال له.
وذلك الذي يقول أهل نجد، حين ارتدوا كفاراً: نحن نبايع ذا العباءة؟!
قال: "فلما دنونا من المدينة قافلين، قلت: يا أبا بكر رحمك الله، إنما صحبتك لينفعني الله تعالى بك، فانصحني وعلمني".
قال: "لو لم تسألني ذلك لفعلت. آمرك أن توحد الله تعالى، ولا تشرك به شيئاً، وأن تقيم الصلاة، وأن تؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت، وتغتسل من الجنابة، ولا تتأمرن على رجلين من المسلمين أبداً".
إلى أن قال: ففارقته على ذلك، فلما قبض رسول الله "صلى الله عليه وآله"، واستخلف أبو بكر على الناس قدمت عليه فقلت له: يا أبا بكر، ألم تك نهيتني عن أن أتأمر على رجلين من المسلمين؟
قال: "بلى، وأنا الآن أنهاك عن ذلك".
فقلت له: "فما حملك على أن تلي أمر الناس"؟
قال: "اختلف الناس، وخشيت عليهم الهلاك".
وفي رواية: "الفرقة، ودعوا إلي، فلم أجد بداً من ذلك"([254]).
ونقول:
إن لنا مع هذه القضية وقفات، هي التالية:
نبايع ذا العباءة؟!
قد نقل ذلك الرجل عن أهل نجد أنهم حين رفضوا بيعة أبي بكر، قالوا: نبايع ذا العباءة؟!
ونقول:
إنه وإن كان يحتمل أن تكون كلمة "ذا العباءة" قد جاءت للإشارة إلى صاحبها، ولكن من المحتمل جداً أيضاً أن يكون هذا التعبير قد جاء على سبيل الاستصغار لشأن أبي بكر، وإظهار الاستنكاف عن إعطاء البيعة له..
وقد ظهر رفض البيعة لأبي بكر لدى قبائل كثيرة، ولكن أبا بكر أصرَّ على بسط نفوذه على تلك القبائل، فكان يطالبهم بدفع الزكاة له.. فمن أبى منهم اتهمه بالكفر والارتداد، وشن الحرب عليه، وقتل الرجال، وسبي النساء والأطفال، واستولى على الأموال.
ولذلك يلاحظ: أنهم يطلقون على حروبهم لمانعي الزكاة عن أبي بكر، اسم "حروب الردة"، تعمية بذلك على الناس، وسعياً في إبطال الحقائق..
مع أن الحقيقة هي: أن هؤلاء لم يرضوا بمخالفة أمر الله، ورد توجيهات رسوله في موضوع الإمامة.. خصوصاً بعد يوم الغدير وبيعة عشرات الألوف من الناس لعلي "عليه السلام".
والظاهر: أن هؤلاء الذين ذكرهم رفيق أبي بكر، كانوا من هؤلاء الذين أوقع بهم أبو بكر.. ولم يكونوا مرتدين على الحقيقة، بل هم رفضوا الاعتراف بشرعية خلافته، والرواية المتقدمة تدل على ذلك تلميحاً، فرغم نعتهم بالإرتداد إلا أنّ ما نسبه إليهم من قول لا يعدو كونه إعلاناً برفض بيعة أبي بكر، وقد امتنعوا عن إعطاء الزكاة له تعبيراً عن هذا الرفض، فجعل ذلك أبو بكر ذريعة لاتهامهم بالارتداد، وسبباً للإيقاع بهم، وقتلهم.. وقصة مالك بن نويرة معروفة ومشهورة..
أما الذين ارتدوا بالفعل، أو أعلنوا مناقضة هذا الدين.. فهم مسيلمة الكذاب، والأسود العنسي، وطليحة بن خويلد.. وهم إنما أعلنوا ذلك، أو ارتدوا في عهد رسول الله "صلى الله عليه وآله"، كما يعلم بالمراجعة..
أبو بكر مجبر على الخلافة:
ولسنا بحاجة إلى التعليق على ما زعمه أبو بكر مبرراً لقبوله للخلافة، غير أننا نقول:
1 ـ إن الذي أوجد الخلاف بين الناس، وكان هو الركن الرئيس فيه هو أبو بكر نفسه، ومعه صاحبه عمر بن الخطاب.
وقد بادر هو إلى ابتزاز هذا الأمر من صاحبه الشرعي، حتى قبل أن يدفن رسول الله "صلى الله عليه وآله".. وهو الذي وراء حادث الهجوم على بيت فاطمة الزهراء "عليها السلام"، ومحاولة إحراقه بالنار، ثم ضربها في ذلك الهجوم، وأسقاط جنينها، إلى غير ذلك مما جرى عليها يعلمه القاصي والداني..
2 ـ أما اجتماع الأنصار في السقيفة، فلم يكن يشكل أية خطورة على وحدة المسلمين، بل كان أمرهم أهون مما نتصور..
والدليل على ذلك: أن بضعة أشخاص قد لا يبلغ عددهم عدد أصابع اليد الواحدة، قد سلبوا الأنصار المجتمعين في سقيفتهم، وبحضور أكثريتهم، ما كان سعد بن عبادة يطمح له، وأراد أن يسبقهم بعد أن علم بتصميمهم على سلب هذا الأمر من صاحبه الشرعي، وهو علي "عليه السلام".
والأشخاص الذين نتحدث عنهم، والذين سلبوهم هذا الأمر هم أبو بكر، وعمر، وأبو عبيدة.. وعاونهم من الأنصار بشير بن سعد، وأسيد بن حضير..
وهؤلاء هم الفريق الذي كان الناس يعرفون أنهم مصممون على إبعاد علي "عليه السلام" عن حقه في هذا الأمر بكل ثمن..
3 ـ إن أبا بكر هو الذي بادر مع عمر وأبي عبيدة لاقتناص الخلافة من الأنصار، ولم يطلب منه أحد منهم التدخل لحسم خلافهم فيه.. بل لم يكن قد ظهر بينهم فيه خلاف.
فما معنى قوله: إنه أراد حسم الخلاف في هذا الأمر، وأنهم دعوا إليه، فلم يجد بداً من ذلك؟!
4 ـ إذا كان الاختلاف حول هذا الأمر قد بلغ حداً يخشى أبو بكر معه على الناس الهلاك، فهل يعقل أن لا يكون هناك بيان من الله ورسوله حول هذا الأمر؟!
ألم يأمرهم الله سبحانه بالرجوع في الأمور التي يختلفون فيها إلى الله ورسوله، فقال: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ ذَلِكُمُ اللهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}([255]).
ومن الواضح: أن أعظم خلاف بين الأمة خلاف الإمامة، إذ ما سل سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثل ما سل على الإمامة في كل زمان.. كما يقوله الشهرستاني([256]).
وهل نسي الناس ما جرى في يوم الغدير، الذي حصل قبل استشهاد رسول الله "صلى الله عليه وآله" بسبعين يوماً؟! وكذلك سائر مواقف رسول الله "صلى الله عليه وآله" الكثيرة، وأقواله الغزيرة حول إمامة علي أمير المؤمنين "عليه السلام"؟!.
الأجرة على قسمة الجزور:
عن عوف بن مالك الأشجعي قال: "كنت في الغزاة التي بعث فيها رسول الله "صلى الله عليه وآله" عمرو بن العاص، وهي غزوة ذات السلاسل، فصحبت أبا بكر وعمر، فمررت بقوم وهم على جزور قد نحروها، وهم لا يقدرون على أن يبعضوها. وكنت امرءاً [لبقاً] جازراً، فقلت لهم: أتعطوني منها عشيراً على أن أقسمها بينكم؟
قالوا: نعم.
فأخذت الشفرة، فجزأتها مكاني، وأخذت جزءاً، فحملته إلى أصحابي، فاطَّبخناه وأكلناه.
فلما فرغوا قال لي أبو بكر وعمر: أنى لك هذا اللحم يا عوف؟
فأخبرتهما.
فقالا: والله، ما أحسنت حين أطعمتنا هذا. ثم قاما يتقيآن ما في بطونهما منه.
فلما قفل الناس [من ذلك السفر]. كنت أول قادم على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فجئته وهو يصلي في بيته، فقلت: السلام عليك يا رسو ل الله ورحمة الله وبركاته.
فقال: "أعوف بن مالك"؟
فقلت: نعم، بأبي أنت وأمي.
فقال: "أصاحب الجزور"؟ ولم يزدني على ذلك شيئاً([257]).
ونقول:
لا ندري ماذا نقول حول هذا التقيؤ لما أكلاه، وكأنهما يريدان إظهار الورع عن أن يرضيا بأن يستقر طعام فيه شبهة في بطونهما، مع أنه لا مجال لادعاء الشبهة في ذلك اللحم، فهو جعالة تراضى عليها الطرفان، وقد أخذ عوف حقه الذي جعل له..
ثم إننا لا ندري لماذا يسألاه عن شأن ذلك اللحم قبل طبخه، أو قبل أو حتى أثناء أكله؟!
بل أخرا السؤال إلى أن أكلا وشبعا..
ولا ندري كذلك كيف يقفان عند شبهة لا حقيقة لها هنا، ثم يقدمان على اغتصاب إرث رسول الله "صلى الله عليه وآله" من ابنته فاطمة "عليها السلام"، وعلى اغتصاب فدك منها أيضاً.
يضاف إلى ذلك: أنهما كانا يرتزقان من بيت المال، الذي كان يحوي أموال مانعي الزكاة الذين قتلوهم، وغنموا أموالهم مثل مالك بن نويرة وأضرابه؟!
ألا يرون في ذلك كله أية شبهة توجب تقيؤ ما يأكلانه من هذا وذاك؟! ولو بمقدار الشبهة في اللحم الذي كان لعوف بن مالك أجرة له على عمل قام به؟!
هذا كله، عدا عن الشبهة في اغتصاب خلافة علي، وفي ضرب الزهراء "عليهما السلام"، وفي إسقاط جنينها، وغير ذلك من أمور!
جنابة، وصلاة:
وذكروا: أن جنابة أصابت عمرواً في طريق العودة، فتيمم وصلى بأصحابه([258])، وقد حاول بعضهم أن يثير الإشكال في صحة الجماعة إذا كانت صلاة الإمام بالتيمم.
ولكن الصحيح هو: أنه يجوز للمتوضي أن يأتم بالجنب المتيمم فلا إشكال!
رواياتهم مزيفة:
قد ظهر مما تقدم: أن رواياتهم لما جرى في سرية ذات السلاسل مليئة بالأكاذيب، حافلة بالادعاءات الباطلة، التي تكذبها الوقائع، ويدحضها المنطق السليم، والاعتبار العقلائي القويم..
غير أن بعض ما ذكروه ليس مكذوباً من أساسه، بل هو صحيح في حد ذاته، ولكنه حرِّف وزيِّف بصورة كبيرة.
الصورة الأوضح والأصرح:
ولكن ما لم يكن يدور في خلدنا هو أن يُسقط هؤلاء الناس عمدة وأهم أحداث هذه السرية. وهو ذلك الجانب الذي يظهر أن ثمة أحداثاً فريدة ومتميزة من شأنها أن تسوق الفكر إلى استقدام صور لأحداث مشابهة، على سبيل تداعي المعاني، ليتكون ـ من ثم ـ انطباع في غاية السلبية عن شخصيات كان لها أثر عظيم، ولا يزال في تصورات وفي اعتقادات طائفة كبيرة من المسلمين، مع مزيد من الاحترام والتقديس منقطع النظير..
إن الصورة الحقيقية لما حدث تبين أن ما جرى في خيبر، وفي فدك، وفي قريظة، قد تكرر في سرية ذات السلاسل أيضاً، حيث أرسل النبي "صلى الله عليه وآله" جيشه إلى ذات السلاسل، وعلى رأسه قيادات لم تستطع أن تحقق نصراً، فعادت تجر أذيال الخيبة، حتى أرسل علياً "عليه السلام"، ففتح الله على يديه، وعاد بالخبر الأكيد، والنصر الفريد، والخبر السعيد.. فظهر بذلك فضله على من سواه. والله متم نوره، ولو كره المشركون، والكافرون، والحاقدون، والشانئون..
ونحن نذكر النصوص التي ذكرت ذلك، ثم نشير إلى بعض ما يرتبط بها، وذلك فيما يأتي من مطالب.
الفصل السادس:
الصورة الحقيقة لغزوة ذات السلاسل
تتمات أغفلوها عمداً:
قلنا في الفصل السابق: إن الحديث عن سرية ذات السلاسل. قد جاء مبتوراً ومحرفاً، بصورة عجيبة وغريبة.. وقد ظهرت بعض سمات تحريفه فيما سبق، وسيأتي إن شاء الله المزيد عن ذلك في الشروح، والملاحظات، والإلفاتات الآتية..
وأما بالنسبة لكونه جاء مبتوراً، فتوضحه نصوص أخرى قد جرى إغماض النظر عنها عمداً، لأنها ليس فقط لا تنسجم مع الهوى السياسي والمذهبي لأولئك الذين تصدوا لتدوين التاريخ..
بل هي تفسد عليهم خطتهم التي ترمي إلى سوق الأمور باتجاه معين، يخدم أهدافاً رسمت، وأهواءً اتبعت وسياسات وضعت..
وبما أن النصوص المشار إليها قد جاءت مطولة ومفصلة، فلا محيص عن اختصار وتلخيص بعضها. وإيراد بعضها الآخر كما هو..
وهذا ما سوف نقوم به أولاً.. ثم نلحق ذلك ببيانات وتوضيحات نرى أنها ضرورية ومفيدة، فنقول:
نصوص أوجزناها:
والنصوص التي أوجزناها هي التالية:
1 ـ ورد في بعض الروايات عن الإمام الصادق "عليه السلام": أن النبي "صلى الله عليه وآله" وجَّه عمر بن الخطاب في سرية فرجع منهزماً، يجبِّن أصحابه ويجبنونه، فأرسل علياً "عليه السلام" وأمره أن لا يفارقه العين، فأغار عليهم، فنزلت: {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً..} إلى آخر السورة([259]).
2 ـ وروي أن النبي "صلى الله عليه وآله" لما بعث سرية ذات السلاسل، عقد الراية وسار بها أبو بكر، حتى إذا صار بها بقرب المشركين اتصل خبرهم فتحرزوا ولم يصل المسلمون إليهم، فأخذ الراية عمر وخرج مع السرية، فاتصل بهم خبرهم، فتحرزوا، ولم يصل المسلمون إليهم.
فأخذ الراية عمرو بن العاص، فخرج في السرية فانهزموا.
فأخذ الراية لعلي، وضم إليه أبا بكر، وعمر، وعمرو بن العاص، ومن كان معه في تلك السرية.
وكان المشركون قد أقاموا رقباء على جبالهم، ينظرون إلى كل عسكر يخرج إليهم من المدينة على الجادة، فيأخذون حذرهم واستعدادهم.
فلما خرج علي "عليه السلام" ترك الجادة، وأخذ بالسرية في الأودية بين الجبال.
فلما رأى عمرو بن العاص وقد فعل علي ذلك، علم أنه سيظفر بهم، فحسده فقال لأبي بكر، وعمر، ووجوه السرية: إن علياً رجل غر لا خبرة له بهذه المسالك، و نحن أعرف بها منه، وهذا الطريق الذي توجه فيه كثير السباع، وسيلقى الناس من معرتها أشد ما يحاذرونه من العدو، فاسألوه أن يرجع عنه إلى الجادة.
فعرَّفوا أمير المؤمنين "عليه السلام" ذلك، قال: من كان طائعاً لله ولرسوله منكم فليتبعني، ومن أراد الخلاف على الله ورسوله فلينصرف عني.
وفي نص آخر: فقال لهم أمير المؤمنين "عليه السلام": الزموا رحالكم، وكفوا عما لا يعنيكم، واسمعوا وأطيعوا فإني أعلم بما أصنع([260]).
فسكتوا، وساروا معه، فكان يسير بهم بين الجبال في الليل، ويكمن في الأودية بالنهار، وصارت السباع التي فيها كالسنانير، إلى أن كبس المشركين وهم غارون آمنون وقت الصبح، فظفر بالرجال، والذراري، والأموال، فحاز ذلك كله، وشد الرجال في الحبال كالسلاسل، فلذلك سميت غزاة ذات السلاسل.
فلما كانت الصبيحة التي أغار فيها أمير المؤمنين "عليه السلام" على العدو ـ ومن المدينة إلى هناك خمس مراحل ـ خرج النبي "صلى الله عليه وآله" فصلى بالناس الفجر، وقرأ: "والعاديات" في الركعة الأولى، وقال: "هذه سورة أنزلها الله عليَّ في هذا الوقت، يخبرني فيها بإغارة علي على العدو، وجعل حسده لعلي حسداً له، فقال: {إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ}([261]). والكنود: الحسود([262]).
3 ـ وذكر نص آخر: أن أعرابياً أخبر النبي "صلى الله عليه وآله" باجتماع قوم من العرب في وادي الرمل ليبيتوه في المدينة.. فأخبر النبي "صلى الله عليه وآله" المسلمين..
فانتدب إليهم جماعة من أهل الصفة، فأقرع بينهم، فخرجت القرعة على ثمانين رجلاً، فاستدعى أبا بكر، فقال له: خذ اللواء، وامض إلى بني سليم، فإنهم قريب من الحرة..
فمضى إليهم. وهم ببطن الوادي، والمنحدر إليهم صعب. فخرجوا إليه ـ حين أرادوا الإنحدار ـ فهزموه، وقتلوا من المسلمين جمعاً كثيراً.
فعقد "صلى الله عليه وآله" لعمر بن الخطاب وبعثه إليهم.. فهزموه أيضاً.
فأرسل إليهم عمرو بن العاص بطلب من عمرو نفسه، فخرجوا إليه، فهزموه، وقتلوا جماعة من أصحابه..
فدعا علياً "عليه السلام"، فعقد له، ثم قال: "أرسلته كراراً غير فرار".
وشيعه إلى مسجد الأحزاب، وأنفذ معه أبا بكر، وعمر، وعمرو بن العاص.
فسار بهم "عليه السلام" نحو العراق متنكباً للطريق، حتى ظنوا أنه يريد بهم غير ذلك الوجه، ثم انحدر بهم على محجة غامضة، حتى استقبل الوادي من فمه..
وكان يسير بالليل، ويكمن بالنهار.
فلما قرب من الوادي أمرهم أن يعكموا الخيل..
فعرف عمرو بن العاص أنه الفتح.
ثم ذكرت الرواية نحو ما تقدم في الرواية السابقة.
ثم قالت: قالوا: وقتل منهم مئة وعشرين رجلاً. وكان رئيس القوم الحارث بن بشر، وسبى منهم مئة وعشرين.
فلما رجع واستقبله النبي "صلى الله عليه وآله" والمسلمون..
قال له: "لولا أني أشفق أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في المسيح عيسى بن مريم لقلت فيك اليوم مقالاً لا تمر بملأ من الناس إلا وأخذوا التراب من تحت قدميك"([263]).
4 ـ وجاء في نص آخر: أن النبي "صلى الله عليه وآله" أخبر الناس بما أنذر به الإعرابي، وقال لهم: "فمن للوادي"؟
فقام رجل من المهاجرين، فقال: أنا له يا رسول الله، فناوله اللواء، وضم إليه سبع مائة رجل، فسار إليهم، فسألوه عن شأنه، فأخبرهم، فقالوا: "ارجع إلى صاحبك، فإنَّا في جمع لا تقوم له"، فرجع.
فأرسل مهاجرياً آخر، فمضى ثم عاد بمثل ما عاد به صاحبه.
فأرسل علياً "عليه السلام" فمضى إلى وادي الرمل، فوافى القوم بسحر فأقام حتى أصبح، ثم عرض على القوم أن يسلموا أو يضربهم بالسيف، فطلبوا منه أن يرجع كما رجع صاحباه، فأبى، وأخبرهم أنه علي، فاضطربوا لما عرفوه ثم اجترأوا على مواقعته، فقتل منهم ستة أو سبعة، وانهزموا، وظفر المسلمون بالغنائم، ورجعوا.
فاستقبله المسلمون والنبي، فلما بصر بالنبي "صلى الله عليه وآله" ترجل عن فرسه، وأهوى إلى قدميه يقبلهما.
فقال له "صلى الله عليه وآله": "اركب، فإن الله تعالى ورسوله عنك راضيان".
فبكى علي "عليه السلام" فرحاً، ونزلت سورة العاديات في هذه المناسبة([264]).
5 ـ وفي حديث ابن عباس: أنه "صلى الله عليه وآله" دعا أبا بكر إلى غزوة ذات السلاسل، فأعطاه الراية فردها..
ثم دعا عمر، فأعطاه الراية فردها.
ثم دعا خالد بن الوليد فأعطاه الراية، فرجع.
فأعطاها علياً "عليه السلام" فانطلق بالعسكر، فنزل في أسفل جبل كان بينه وبين القوم، وقال: اركبوا (لعل الصحيح: اكعموا) دوابكم.
فشكا خالد لأبي بكر وعمر: أنه أنزلهم في واد كثير الحيات، كثير الهام، كثير السباع، فإما يأكلهم مع دوابهم سبع، أو تعقرهم ودوابهم حيات، أو يعلم بهم العدو فيقتلهم..
فراجعوا علياً "عليه السلام" بالأمر، فلم يقبل منهم.
ثم راجعوه مرة أخرى فلم يقبل.
فلما كان السحر أمرهم فطلعوا الجبل، وانحدروا على القوم، فأشرف عليهم، وقال لأصحابه: انزعوا عكمة دوابكم، فشمَّت الخيل ريح الإناث، فصهلت، فسمع القوم صهيل الخيل فهربوا.
فقتل مقاتليهم، وسبى ذراريهم. فنزلت سورة "والعاديات" على النبي "صلى الله عليه وآله"، ثم جاءته البشارة([265]).
إختلافات لها حل:
وقد ظهرت في النصوص المتقدمة بعض الاختلافات التي تحتاج إلى معالجة معقولة ومقبولة.
وهذه المعالجة ليست بعيدة المنال في هذا المورد الذي نحن بصدد الحديث عنه.
ونحن نذكر نماذج منها، ثم نعقب ذلك بما نراه معالجة مناسبة، فنقول:
1 ـ ما هو المقصد؟!
وهل بعث النبي "صلى الله عليه وآله" هذه السرية إلى قضاعة، وإلى عاملة، ولخم، وجذام، وكانوا مجتمعين([266]).
أو إلى قضاعة فقط كما في الروايات الأخرى، بعد أن بلغه أنهم أرادوا أن يدنوا إلى أطراف المدينة([267]). أو بعثها إلى بني سليم([268]).
بل في بعض الروايات: أنه "صلى الله عليه وآله" بعث عمرو بن العاص، يستنفر العرب إلى الشام([269]).
2 ـ المقتولون من الأعداء:
وقد ذكرت بعض نصوص هذه الغزوة: أن المقتولين من الأعداء حين هاجمهم علي "عليه السلام" هم مئة وعشرون رجلاً، وسبي منهم مئة وعشرون ناهداً([270]).
وفي نص آخر: قتل منهم ستة أو سبعة، ثم انهزموا([271]).
3 ـ المحرض على الاعتراض:
وثمة من يصرح: بأن عمرو بن العاص هو الذي حرك أبا بكر وعمر ليعترضا على علي "عليه السلام"، لأنه سار بهم في طريق وعرة، أو نزل بهم في موضع صعب([272]).
ثم نجد ما يدل: على أن المحرض على الاعتراض هو خالد بن الوليد، لا عمرو بن العاص([273]).
4 ـ محور الاعتراض:
وهل اعترض أبو بكر، وعمر، وعمرو بن العاص على المنزل الذي أنزلهم علي "عليه السلام" فيه([274]).
أو أنهم اعترضوا على الطريق التي سلكها بهم([275]).
5 ـ من المخبر للنبي ' بجمع الأعداء؟!:
وقد تحدثت بعض الروايات عن أن جبرئيل هو الذي أخبر النبي "صلى الله عليه وآله" بجمع هؤلاء الأعداء، وبعددهم، وبما تعاقدوا وتعاهدوا عليه، فأخبر النبي "صلى الله عليه وآله" الناس بذلك([276]).
ولكن نصوصاً أخرى تقول: إن الذي أخبر النبي "صلى الله عليه وآله" بجمعهم هو رجل أعرابي([277]).
6 ـ وقت الإغارة:
تذكر روايات: أن علياً "عليه السلام" أغار على الأعداء عند الفجر([278]).
وبعضها يقول: عند السحر([279]).
7 ـ ماذا جرى لأبي بكر وعمرو بن العاص؟!
وهل خرج إلى أبي بكر مئتا رجل فكلموه وخوفوه فرجع، حسبما تقدم؟!([280]). أم أنه لما صار أبو بكر إلى الوادي، وأراد الانحدار خرجوا إليه، فهزموه، وقتلوا من المسلمين جمعاً كثيراً؟!
ثم أرسل إليهم عمر بن الخطاب، فجرى له نفس ما جرى لأبي بكر.
ثم أرسل عمرو بن العاص، فكان الأمر كذلك أيضاً([281]).
8 ـ كيف أوقع علي × بالأعداء؟!
وفي حين تذكر روايات: أن علياً "عليه السلام"، سار إلى أن كبس المشركين، وهم غارون، فظفر بهم([282]).
تجد نصاً آخر يقول: إنهم سمعوا صهيل خيله، فولوا هاربين([283]).
وفي نص ثالث: أنه "عليه السلام" خاطبهم، وأخبرهم: أن النبي "صلى الله عليه وآله" أرسله إليهم، ثم عرفهم بنفسه، فاجترؤا على مواقعته، فواقعهم، فقتل منهم ستة أو سبعة وانهزموا([284]).
9 ـ عدد قتلى المشركين:
وهل قتل من المشركين ستة أو سبعة([285]).
أو قتل منهم مئة وعشرون رجلاً([286]).
10 ـ الذين هاجموا المشركين:
ثم إن بعض النصوص قد اقتصرت على ذكر عمرو بن العاص، وأنه هاجم المشركين، فهربوا، ودوَّخ تلك البلاد، وهي التي اختارها عموم المؤرخين، من الفريق المحب لعمرو بن العاص.
ولكن نصاً آخر يذكر: أنه أرسل عمر، ففشل، فأرسل علياً "عليه السلام"([287])، فكان الفتح على يديه.
وذكر نص آخر: إرسال أبي بكر، ثم عمر، ثم علي([288]).
وفي نص آخر ذكر: رجلاً من المهاجرين، ثم رجلاً من المهاجرين، ثم علياً([289]).
وذكر نص آخر: أبا بكر، ثم عمر، ثم عمرو بن العاص، ثم علياً "عليه السلام"([290]).
وفي نص أيضاً: أنه "صلى الله عليه وآله" أعطى الراية أبا بكر، فردها، ثم أعطاها عمر، فردها. ثم أعطاها خالداً، فرجع. ثم أعطاها علياً "عليه السلام"([291]).
11 ـ كيف عرف المشركون بجيش علي ×:
وقد ذكرت بعض تلك الروايات: أن المشركين عرفوا بوجود جيش علي "عليه السلام" حين سمعوا صهيل خيل المسلمين، فولوا هاربين([292]).
ونص آخر يقول: بل كلمهم علي "عليه السلام" ثم واقعهم([293]).
12 ـ وادي اليابس أم وادي الرمل:
وذكرت بعض الروايات: أن السرية أرسلت إلى وادي اليابس([294]).
وذكر بعضها: أنها أرسلت إلى وادي الرمل([295]).
هذا هو الحل:
وبعدما تقدم نقول:
هناك سؤال يقول: ألا يضعف هذا الاختلاف من درجة اعتبار هذه الروايات، ويسقطها عن صلاحية الاعتماد عليها؟!
ويمكن أن نجيب: أن هذه الاختلافات لا تصل إلى حد التناقض والاختلاف.
إذ يمكن أن يعترض عمرو بن العاص على علي "عليه السلام"، ثم يحرض أبا بكر وعمر على ثني عزيمة علي "عليه السلام"، على مواصلة مسيره ذاك..
ويمكن أن يعترض أبو بكر وعمر على علي "عليه السلام" مرتين، مرة على المسير المخيف، ومرة أخرى على المنزل المخيف.
ويمكن أن يخبر جبرئيل بجمع الأعداء، ثم يخبر به ذلك الأعرابي مرة أخرى.
ويمكن أن يكبس علي "عليه السلام" المشركين، وهم غارون. ثم تكون أول معرفتهم بالمهاجمين هو حين سمعوا صهيل الخيل، فهربوا فأوقع بهم علي "عليه السلام"..
ويمكن أن يكون قد واقعهم في اليوم الأول، فقتل منهم ستة أو سبعة فانهزموا، ثم لما استقر بهم المقام عاد فهاجمهم في فجر اليوم التالي، فقتل منهم مائة وعشرين رجلاً..
ويمكن أن يكون هناك واد واحد يسمى بوادي اليابس تارة، وبوادي الرمل أخرى.
ويمكن أن تذكر بعض النصوص مهاجمة عمر، ثم علي لهم.. وتسكت عن مهاجمة أبي بكر وعمرو وخالد.. ولكن راوياً آخر يضيف أبا بكر، ثم يضيف راوٍ ثالث عمرواً، أو خالداً..
ويمكن أن يفاجئهم علي "عليه السلام" بالجيش، ثم يكلمهم ويقيم عليهم الحجة، ويحصل بعض المواجهات فيما بينهم، ويقتل منهم ستة، أو سبعة.. ثم يغير عليهم مرة أخرى بعد ذلك، في وقت السحر أو حين طلوع الفجر.
ويمكن أن تجتمع سليم، وقضاعة، ولخم، وجذام.. فيروي أحد الرواة وجود هذا الفريق، ويهمل الإشارة إلى من عداه.. ولهذا الإهمال أسبابه التي تختلف من شخص لآخر أيضاً، ثم يذكر راوٍ آخرن ذلك الفريق، ويهمل من عداه.
ويمكن أن تكون هناك مهمات عديدة لبعث واحد، مثل أن يواجه الأعداء المتربصين من جهة، وأن يستنفر العرب إلى الشام أيضاَ..
ويمكن: أن يعبر عن الصبح والفجر بالسحر، وكذلك العكس لتقارب الوقتين واتصالهما، خصوصاً وأن الناس يتسامحون في مثل هذه الاختلافات.
ويمكن: أن تتعدد التعابير بتعدد الهجمات، فإحداها كانت عند السحر، والأخرى عند الصبح وهكذا..
ويمكن: أن يتحدث أحدهم عن أن عدد الجيش هو سبع مائة، ويكون نظره إلى أول دفعة، ينتدبها، ويغض الرسول "صلى الله عليه وآله" الطرف عن ذكر العدد النهائي.
إختلافات لا حل لها:
وتبقى هناك اختلافات لا مجال لحلها على الطريقة المتقدمة.. بل تحتاج إلى حلول أخرى قد يكون من بينها الحكم على الرواية بالتحريف والتزييف، إذا قامت الأدلة والشواهد الأخرى على ذلك..
وقد يكون من بينها أيضاً الحكم بتعدد الواقعة، إذا كان ذلك ممكناً، حتى وإن استلزم ذلك نسبة الوهم والخطأ إلى بعض الناقلين، حيث ظنوا بأن تلك الوقائع واحدة، لمجرد رؤيتهم لبعض مفردات التشابه فيما بينها. فأقحموا توضيحات وتفسيرات من عند أنفسهم، ظناً منهم أنهم يسهلون فهم الأمور على من بعدهم..
ولعل مما يصلح شاهداً على ما نقول: هذا التشابه الشديد فيما بين السرايا، ثم هذا التشابه بين مضامين عدد من الأحاديث أيضاً.. حتى إنك تجد أمراً واحداً يذكر في العديد من المواقع والمواضع..
ومن شواهد إقحام الرواة تفسيراتهم الخاطئة في النص ما يذكر في ولادة الحسنين "عليهما السلام"، من أن أسماء كانت حاضرة آنئذٍ، وأتت بهما إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله".
والمراد هو: أسماء بنت يزيد الأنصارية، أو أسماء أخرى منهم، ولكن الرواة أقحموا كلمة "بنت عميس" من عند أنفسهم، ربما لارتكاز ذلك في أنفسهم، أو بهدف التوضيح، مع أن أسماء بنت عميس كانت حين ولادة الحسنين "عليهما السلام" مع زوجها جعفر بن أبي طالب في الحبشة..
وقد يسأل سائل هنا: عن السبب في أن كثيراً من مؤرخي أهل السنة، والمتصدين لمعالجة رواياتهم منهم، حين يلاحظون وجود بعض الاختلافات بين الروايات يبادرون إلى الحكم بتعدد الواقعة..
ولكنهم لم يذكروا شيئاً من ذلك في غزوة ذات السلاسل.
والجواب: أن ذلك يعود إلى أنهم قد قصروا نظرهم في هذه الغزوة على مروياتهم هم، والتي تحصر الموضوع في عمرو بن العاص، وادعاء أنه دوَّخ بلاد قضاعة، وعاد منتصراً.. ولم يكترثوا بالروايات الأخرى التي وردت في مصنفات سائر المسلمين، ولاسيما شيعة واتباع خط ونهج أهل البيت "عليهم السلام".
1 ـ عدد أفراد السرية:
وقد روى المؤرخون المتعاطفون مع عمرو بن العاص، وأبي عبيدة وغيرهما، والمهتمون بحفظ ماء وجههم: أن عدد أفراد سرية ذات السلاسل بلغ خمس مائة مقاتل، مائتان منهم جاء بهم أبو عبيدة مدداً لعمرو بن العاص. وقد تقدم ذلك في فصل سابق([296]).
أما الروايات الأخرى فتقول: إن العدد قد بلغ أربعة آلاف مقاتل([297]).
ورواية أخرى تقول: كانوا سبع مائة مقاتل([298]).
وهناك نص يقول: إنه أرسل علياً "عليه السلام" في ثمانين من أهل الصفة، أخرجتهم له القرعة([299]).
2 ـ المقتولون مع أبي بكر:
إن بعض الروايات تصرح: بأن أبا بكر قد عاد إلى النبي "صلى الله عليه وآله" دون أن يباشر قتالاً، وكذلك عمر ـ وهي رواية القمي..
ورواية أخرى ذكرت: أن أولئك القوم خرجوا إلى أبي بكر، فهزموه، وقتلوا من المسلمين جمعاً كثيراً([300]).
3 ـ اختلاف التاريخ:
هناك من يقول: إنها كانت قبل مؤتة ـ كابن إسحاق ـ .
وقيل: بعدها.
وقيل: كانت سنة سبع.
وقيل: ثمان، في جمادى الآخرة..
وكل ذلك قد تقدم.
فإن كانت سنة سبع، فذلك لا يتلاءم مع القول: بأن عمرو بن العاص قد اسلم أول سنة ثمان، وأنه قد حضرهذه الغزوة، وكان له دور فيها..
وذكرها المفيد رحمه الله بعد غزوة تبوك، وذكرها على وجه آخر ـ على ما في بعض النسخ القديمة ـ بعد غزوة بني قريظة، وقبل غزوة بني المصطلق([301]).
قال المجلسي نقلاً عن المفيد: وقد كان من أمير المؤمنين عليه السلام في غزوة وادي الرمل ـ ويقال: إنها كانت تسمى بغزوة السلسلة([302]).
4 ـ بعدها عن المدينة:
وهل تبعد عن المدينة اثنتا عشرة مرحلة([303]).
أربع عشرة مرحلة؟([304]).
أو تبعد عنها خمس مراحل فقط؟([305]).
وفي جميع الأحوال نقول: إنه يمكن اعتماد الرواية التي تقول: إن المكان كان قريباً من المدينة.. وذلك للرواية التي تقول: "كان المشركون قد أقاموا رقباء على جبالهم، ينظرون إلى كل عسكر يخرج إليهم من المدينة على الجادة، فيأخذون حذرهم الخ.."([306]).
وفي نص آخر: أنه "صلى الله عليه وآله" أرسلهم لغزوة بني سليم، فإنهم قريب من الحرة([307]).
هل هناك اكثر من سرية؟!:
وهذه الاختلافات في الموارد الأربعة المتقدمة تدعونا للتفكير بجدية في اعتبارها مبرراً لتقوية احتمال تعدد الحادثة، وأن هذه الحوادث قد تشابهت في بعض عناصرها.
إلا أن يحمل هذا الاختلاف على وهم وقع فيه الرواة، أو عبث مارسوه، لغاية في أنفسهم.. وفي جميع الأحوال نقول:
إنه لابد لنا من وقفات تدبر وتأمل في النصوص المذكورة، فلاحظ ما نذكره فيما يلي:
الإغارة قبل الاحتجاج أم بعده؟!
ونريد أن نرجح هنا: أن علياً صلوات الله وسلامه عليه قد فاجأ الأعداء في اليوم الأول، ودعاهم إلى ما فيه لهم خير وصلاح، وفلاح ونجاح، فأصروا، فواقعهم، فقتل منهم ستة أو سبعة، ثم أغار عليهم في سحر الليلة الثانية، أو حين الفجر، فأوقع بهم، وقتل منهم مئة وعشرين رجلاً، وأسر منهم مئة وعشرين ناهداً، وغنم ما شاء الله..
نقول هذا لأننا نعرف: أن علياً "عليه السلام" لم يكن يحارب قوماً إلا بعد أن ينذرهم، ويحذرهم، ويحتج عليهم، فإذا أصروا على العناد والحرب واقعهم..
وقد أوصاه النبي "صلى الله عليه وآله" بذلك ـ فيما روي ـ فقال له: "يا علي لا تقاتل أحداً حتى تدعوه إلى الإسلام الخ.."([308]).
بل لقد روي عن الصادق "عليه السلام" أنه قال: ما بيَّت رسول الله "صلى الله عليه وآله" عدواً قط ليلاً([309]).
وروي عنه "عليه السلام" قال: كان أمير المؤمنين "عليه السلام" لا يقاتل حتى تزول الشمس.
ويقول: تفتح أبواب السماء، وتقبل الرحمة، وينزل النصر.
ويقول: هو أقرب إلى الليل، وأجدر أن يقلَّ القتل، ويرجع الطالب، ويفلت المنهزم([310]).
فهل يصح بعد هذا كله، أن يقال: إنه قد فاجأهم، وقتل وسبا، وغنم، قبل أن يحتج عليهم..
وقد يقال: إن قتال علي "عليه السلام" لهؤلاء القوم إنما كان بعد أن غزوا، وقوتلوا، وقاتلوا، وذلك حين سار إليهم أبو بكر، وعمر، وعمرو، ولا يجب دعوتهم في مثل هذه الحال، كما دلت عليه الرواية عن الإمام الصادق "عليه السلام"([311]).
بل لقد ذكرت بعض الروايات: أن النبي "صلى الله عليه وآله" أمره أن يدعوهم إلى الإسلام قبل أن يقاتلهم، وأنه صلوات الله وسلامه عليه قد فعل ذلك.. وقد ذكرنا ذلك فيما تقدم.
تحرزوا!! انهزموا!!
في الحديث رقم (2) المذكور في صدر هذا الفصل، يلاحظ: أن الرواية تحاول أن تتحاشى التصريح بهزيمة أبي بكر وعمر، فتقول:
"حتى إذا صار بها بقرب المشركين اتصل بهم خبرهم، فتحرزوا، ولم يصل المسلمون إليهم.."
وهذا معناه: أن أبا بكر وعمر لم ينهزما بالراية، بل لم تجر حرب ولا صدام فيما بينهم وبين المشركين، لأن المشركين تحرزوا منهم.
وأما حين يصل الأمر إلى عمرو بن العاص فإن الحديث يصرح بهزيمة عمرو..
فما هذا الحنان على أبي بكر وعمر، الذي لا يستحقه حتى عمرو بن العاص، مع أنه هو الآخر أيضاً من أوليائهم وأحبائهم؟!
على أنك تلاحظ: أنهم حين يصلون إلى عمرو، لا يشيرون إلى تحرز المشركين، الذين كانوا أيضاً يراقبون العساكر التي تخرج من المدينة..
فإن كانوا قد تحرزوا من أبي بكر وعمر، فلماذا لم يتحرزوا من عمرو.. لكي يرجع عمرو كما رجع صاحباه من دون أن يصل المسلمون إليهم؟!.
وإن كانوا لم يتحرزوا وهاجموا عمرواً ومن معه، فلماذا لم يهاجموا أبا بكر ومن معه، وعمر ومن معه.. وتركوهم يرجعون قبل أن يصلوا إليهم؟!.
القائد فقط هو السبب:
وذكرت الرواية المتقدمة برقم (2) أيضاً: أنه "صلى الله عليه وآله" لم يزد على أن "أخذ الراية لعلي، وضم إليه أبا بكر، وعمر، وعمرو بن العاص، ومن كان معه في تلك السرية". فتحقق النصر العظيم على يده صلوات الله وسلامه عليه، مع أنه لم يجر أي تعديل، سوى أنه أعطى القيادة لأمير المؤمنين علي "عليه السلام"..
وهذا يشير إلى: أن العيب، أو فقل التقصير كان من القادة بالدرجة الأولى..
بل يمكن القول: إن هزيمة نفس هذا الجيش ثلاث مرات متوالية، من شأنها أن تجعل احتمالات الهزيمة في المرة الرابعة أقوى، لأن تلك الهزائم قد حطمت معنوياته وزادت من جرأة جيش الأعداء عليه، ومن شراسته ضده.
وهذا الأمر لابد من أن يؤثر في زيادة الأمور صعوبة، من حيث أنه يهيئ الأجواء لهزيمةٍ أتعس، ولمقاومة من قبل الأعداء أشد وأشرس.
ولكن النتائج قد جاءت على عكس ذلك تماماً، وكان النصر على يد سيد الوصيين، وقائد الغر المحجلين، إلى جنات النعيم كما هو معلوم..
حسد عمرو أشرُّ من الهزيمة وأضرُّ:
وبعد، فقد يمكن أن يلتمس للمهزوم عذر، ولو كان باهتاً وضعيفاً، ولو بادعاء أن يكون خوفه على نفسه، وشدة الوجل والوهل قد أذهله عن تكليفه الشرعي، وأضعف عزيمة التصدي والصمود لديه.. ثم هو قد يراجع نفسه، ويندم على ما فرط منه، ويكون ما بدر منه حافزاً له على أن يرمي نفسه في أشد الأخطار، ليكفر عن ذنبه، وليرضي بذلك ربه..
ولكن أن يبادر الإنسان الذي يعيش في محيط الأمن والأمان، إلى العمل على تضييع النصر، وإلحاق الهزيمة بنفسه، وبجيش المسلمين لمجرد الاستجابة لرذيلة الحسد التي تحركت في نفسه، فذلك يدل على خلل عميق في الدين، وفي واقع الإيمان في عمق ذاته..
استجابة الشيخين لابن العاص:
والذي يثير دهشة كل منصف: أن ينقاد أبو بكر وعمر لابن العاص، وأن يجيبا طلبه في العمل على ثني علي "عليه السلام" عن عزمه، وحمله على التراجع عن خطته في مهاجمة العدو!!
فهل هما لم يلتفتا إلى حقيقة ما يرمي إليه ابن العاص؟!. وكيف يكون ذلك والحال: أن محبيهما ما زالوا يصفونهما بالحصافة والحكمة والتبصر.. وإن كانا قد التفتا إلى هذا الخطأ، ثم طاوعاه، ورضيا بأن يكونا أداة بيده لتنفيذ مآربه، فالأمر يصبح أدهى وأمر، وأتعس وأضر، ولا نريد أن نقول أكثر من ذلك.
أمير المؤمنين × يتهم:
ويظهر من جواب أمير المؤمنين "عليه السلام" لهؤلاء المعترضين: أنه يعتبر اتباعه "عليه السلام" إطاعة لله ولرسوله "صلى الله عليه وآله"، وأن الاعتراض عليه عصيان لله ولرسوله..
وهو يصرح: بأن إصرارهم على اعتراضهم سوف ينتج طردهم من صفوف الجيش الذي يقوده "عليه السلام". وعليهم أن يواجهوا عاقبة فعلهم هذا، وأن يقدموا تفسيراً مقبولاً ومرضياً لدى رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
وإذا أضيف إلى ذلك جوابه الآخر، المتضمن لأمرهم بلزوم رحالهم، والكف عما لا يعنيهم، فإنه يكون قد أفهمهم:
1 ـ أنه سوف يكون حازماً في موقفه هذا بنحو لا مجال فيه لأي جدل، أو اعتراض، لأنه في موقف لا مجال لغير الحزم فيه، وسيكون إفساح المجال للجدل، وللتشكيك، والأخذ والرد فيه سبباً في خلق مشكلات ونشوء عراقيل قد تؤثر على المهمة التي انتدبه الرسول "صلى الله عليه وآله" لإنجازها.
2 ـ إن الانضباط في المهمات القتالية، والكون في المواقع المحددة من قبل القيادة، يعطي القدرة على التخطيط، والطمأنينة لسلامة التنفيذ، ويمكِّن من تحقيق النتائج، بعيداً عن المفاجآت التي يهيئ لها الخلل في الإعداد والاستعداد..
3 ـ إن تدخل الجنود فيما لا يعنيهم، وخصوصاً فيما يرتبط بالقرارات الحربية للقيادة.. معناه: أن يفقد القائد قدرته على التأثير في فرض تنفيذ قراراته.
4 ـ إنه "عليه السلام" قد عرَّف الناس: أن هذا الاعتراض يهدف إلى تهيئة الأجواء لعصيان أوامر القائد، والتمرد على قراراته، وليس من مصلحة المعترضين أن يظهر هذا الأمر للناس، ولذلك فلم يعد أمامهم أي خيار سوى التراجع عن موقفهم..
5 ـ إنه قد عرفهم وعرف الناس: أن ما يتذرعون به من أنهم يعرفون أمراً لم يكن علي عارفاً به غير صحيح، فهو عالم بما يصنع، ولذلك لا مجال لتضليل الناس بذرائع من هذا القبيل.
خطة علي ×:
إن حذر القوم الذين يراد مهاجمتهم، واستعدادهم لابد أن يكون له أسبابه الواقعية.. وهي أحد أمرين هما:
1 ـ أن يكون لهم عين في المسلمين، يرسل إليهم بما يجري، ويعلمهم بتوجه السرية نحوهم، وبطبيعة تحركاتها..
2 ـ أن يكون لهم رقباء في الجبال المشرفة، يخبرونهم بما يرونه، فيحتاطون ويستعدون للأمر قبل وقوعه، اعتماداً على ما يبلغونهم إياه من مشاهدات، أو معلومات.
وقد كان سلوك علي "عليه السلام" لطريق آخر يكفي لتعريف أولئك القادة الذين هزموا أو هربوا بأن علياً "عليه السلام" يتصرف بحكمة، وبدقة بالغة..
ولأجل ذلك عرف عمرو بن العاص: أنه "عليه السلام" سيظفر بهم.. فكيف لم يعرف بذلك أبو بكر وعمر؟ ولعل وضوح هذا الأمر وبداهته قد جعل علياً "عليه السلام" يعتبر المعترضين يسعون إلى مجرد الخلاف عليه، وأنهم يريدون معصية الله ورسوله بذلك..
تبييت العدو ليس غدراً:
وقد ذكرت الروايات المتقدمة، وسواها: أنه "عليه السلام"، قد بيت المشركين وكبسهم، وهم غارون فظفر بهم..
ونعتقد: أن ذلك قد كان بعد الاحتجاج عليهم كما دلت عليه رواية القمي الآتية، التي ذكرت: أنه "صلى الله عليه وآله" أمر أبا بكر "أن إذا رآهم أن يعرض عليهم الإسلام، فإن تابعوا وإلا واقعهم".
كما أنه سيأتي: أنه "صلى الله عليه وآله" ما كان يقاتل قوماً حتى يدعوهم، ويحتج عليهم. وعلى كل حال، فإن علياً "عليه السلام"، بعد أن فرض عليهم المعركة، في الموقع والمكان والوقت والزمان، الذي أحب وأراد، لم يعد يمكنهم التخلي عن مواقعهم إلى أي موقع آخر، لأن ذلك معناه: الاستيلاء على كل ما لديهم، وعلى منازلهم وأموالهم، بل هو قادر على سبي نسائهم وأطفالهم..
فإذا أبوا الاستجابة لأي منطق، ورفضوا الانصياع لأي خيار مقبول أو معقول، واختاروا طريق البغي والعدوان، فلا مانع من أن يكبسهم وهم غارون في أي وقت شاء..
وليس في هذا العمل أية مخالفة للشرايع، أو الأخلاق، بل هو العمل الحكيم الذي يؤيده الخلق الإنساني، ويرضاه الشرع، وتقره العقول.. لأنه ليس من حق العدو المحارب، المعتدي والظالم أن يعتبر نفسه في مأمن، في الوقت الذي يعطي لنفسه الحق بالغدر بالآخرين، ويرخص لنفسه في تبييتهم، والفتك فيهم، ظلماً وعتواً، وبغياً وعلواً..
بل إن أخذ ذلك الظالم على حين غرة من شأنه أن يقلل من عدد القتلى في صفوف المهاجمين، وفي صفوف الأعداء أنفسهم، لأن ذلك يسقط قدرتهم على المقاومة. وينتهي الأمر بالاستسلام.
وإذا كان الاستسلام لأهل الدين. فإن معاملتهم لابد أن تخضع لأحكام الشرع، وفق ما تفرضه الأخلاق الفاضلة، وتقضي به العقول، ولن يكون متأثراً بالأهواء والنزوات والميول..
تسمية الغزوة بذات السلاسل:
وقد أظهرت الرواية الثانية المتقدمة: أن سبب تسمية الغزوة بذات السلاسل: هو أنهم حين أسروا الرجال شدوهم بالحبال كالسلاسل، وقيل: هو اسم ماء يقال له: السلاسل.
ويظهر من أبي عبيد البكري: أن السلاسل رمل بالبادية، يكون بعضه على بعض كأنه السلسلة([312])، ولعل هذا هو مرادهم حين قالوا: إن الأعداء قد اجتمعوا بوادي الرمل([313])، فراجع.
مع احتمال أن تكون هناك أكثر من سرية، ويكون بعضها إلى وادي الرمل، وبعضها إلى مواضع أخرى.
محاباة لعمر؟!
وقد صرحت الرواية الثالثة: بأن الأعداء قد قتلوا جماعة كثيرة من المسلمين، حينما كانت قيادة المسلمين لأبي بكر..
ولكن الرواية تسكت عن قتل المسلمين حين استلم القيادة عمر بن الخطاب، وتكتفي بذكر هزيمته.. ثم لما وصل الأمر إلى عمرو بن العاص، عادت للتصريح بالهزيمة، وبقتل جماعة من المسلمين!!.
فما هذه المحاباة لعمر في هذا النص على حساب رفيقيه، أبي بكر، وعمرو بن العاص؟!.
علي × كرار غير فرار:
وقد صرحت الرواية الثالثة أيضاً: بأن النبي "صلى الله عليه وآله" قد وصف علياً "عليه السلام" بأنه كرار غير فرار..
وهذا الوصف هو نفسه: هو الذي أطلقه النبي "صلى الله عليه وآله" على علي "عليه السلام" يوم خيبر، بعد أن هُزم أبو بكر، ثم عمر. وأعطى "صلى الله عليه وآله" الراية لعلي "عليه السلام"، فرجع بالفتح.
وقد شرحنا هناك هذا النص، فراجع غزوة خيبر الفصل الثالث.
ما جرى في خيبر لم يزل يتكرر:
واللافت والعجيب: أن فرار هؤلاء القوم بالراية والجيش، ثم حصول الفتح على يد أمير المؤمنين علي "عليه السلام" قد تكرر مرات عديدة..
فإنا لله.. وإنا إليه راجعون..
فقد حصل ذلك في:
1 ـ قريظة.
2 ـ في خيبر.
3 ـ في فدك.
4 ـ في وادي الرمل بمشاركة عمرو بن العاص.
5 ـ أو في ذات السلاسل قرب المدينة ومشاركة خالد.
6 ـ وربما في بني سليم.
7 ـ وربما في قضاعة في بلاد الشام.
فهل هذه صدف.. أم أن النبي الحاضر يرى ما لا يراه الغائب ويريد لهذا الأمر أن يتكرر، وأن يعرف الناس الحقيقة.
علي × يُقبِّل قدمي النبي ':
وذكرت الرواية الرابعة المتقدمة: أن علياً "عليه السلام" أهوى إلى قدمي النبي "صلى الله عليه وآله" يقبلهما..
وهذا يدحض المزاعم التي تقول بعدم جواز التبرك بالأنبياء "عليهم السلام"، وبآثارهم، لأن علياً "عليه السلام"، إنما فعل ذلك طلباً لرضى الله سبحانه، ورغبة في ثوابه.. والتماساً للبركة، التي تعني المزيد من العطاء الهنيء والخير النامي، والمقام السامي..
وعلينا أن لا ننسى: أن هذا يشير إلى ترابية أمير المؤمنين "عليه السلام"، وشدة خضوعه لله سبحانه، ولرسوله "صلى الله عليه وآله"، لم يكن يرى نفسه زميلاً لمحمد. كما أنه يشير إلى صفاء ذاته، وطهارة روحه، وخلوص نواياه..
ونجد في مقابل ذلك: أن النبي "صلى الله عليه وآله" نفسه، كان يتبرك بالعرق الذي يكون على وجه علي "عليه السلام"([314]).
الله ورسوله عنك راضيان:
وقد كانت الجائزة العظمى التي نالها علي "عليه السلام" هي أن الله تعالى ورسوله "صلى الله عليه وآله" راضيان عنه.. وتكون هذه الكلمات هي البشارة الكبرى التي يبكي علي "عليه السلام" فرحاً بها وشوقاً إليها..
فهو إذن لا يطمع بالقصور، ولا بالحور، ولا تهمه الجنان ولا يفرحه كل ما فيها، بمقدار ما يهمه ويفرحه رضى الله تعالى، ورضى رسوله، وفقاً لقوله تعالى: {..رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ}([315]).
وقوله تعالى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ المُطْمَئِنَّةُ، ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً}([316]).
الفصل السابع:
رواية القمي توضح.. بل تصرح
ذات السلاسل برواية القمي:
وقد روى القمي عن جعفر بن أحمد، عن عبيد بن موسى، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله "عليه السلام" ـ ما ملخصه ـ:
إن أهل وادي يابس اجتمعوا اثني عشر ألف فارس، وتعاقدوا، وتعاهدوا، وتواثقوا: أن لا يتخلف رجل عن رجل، ولا يغدر بصاحبه، ولا يخذل أحد أحداً، ولا يفر عن صاحبه، حتى يموتوا كلهم، ويقتلوا محمداً "صلى الله عليه وآله"، وعلي بن أبي طالب "عليه السلام".
فنزل جبرئيل "عليه السلام" على النبي "صلى الله عليه وآله"، وأخبره بالأمر، وأمره أن يبعث أبا بكر في أربعة آلاف فارس، من المهاجرين والأنصار.
فخطب "صلى الله عليه وآله" الناس، وأخبرهم بما أخبره به جبرئيل "عليه السلام" عن أهل وادي اليابس، وأن جبرئيل أمره بأن يسير إليهم أبو بكر بأربعة آلاف فارس.
ثم أمرهم أن يتجهزوا للمسير مع أبي بكر يوم الإثنين، فلما حان وقت المسير أمر "صلى الله عليه وآله" أبا بكر: "أن إذا رآهم أن يعرض عليهم الإسلام، فإن تابعوا، وإلا واقعهم، فقتل مقاتليهم، وسبى ذراريهم، واستباح أموالهم، وخرب ضياعهم، وديارهم".
فسار أبو بكر بهم سيراً رفيقاً، حتى نزل قريباً منهم، فخرج إليه منهم مئتا فارس، وهم مدججون بالسلاح، فسألوهم: من أين أقبلوا؟ وإلى أين يريدون؟ ثم طلبوا مقابلة صاحبهم.
فخرج إليهم أبو بكر، فسألوه، فأخبرهم بما جاء له.
فقالوا: أما واللات والعزى، لولا رحم ماسة، وقرابة قريبة لقتلناك وجميع أصحابك قتلة تكون حديثاً لمن يكون بعدكم، فارجع أنت ومن معك، وارتجوا العافية، فإنما نريد صاحبكم بعينه، وأخاه علي بن أبي طالب.
فقال أبو بكر لأصحابه: يا قوم، القوم أكثر منكم أضعافاً، وأعدُّ منكم، وقد نأت داركم عن إخوانكم من المسلمين، فارجعوا نُعلِم رسول الله "صلى الله عليه وآله" بحال القوم.
فقالوا جميعاً: خالفت يا أبا بكر رسول الله، وما أمرك به، فاتق الله وواقع القوم، ولا تخالف قول رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فقال: إني أعلم ما لا تعلمون. الشاهد يرى ما لا يرى الغائب.
ورجعوا إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، فأعلن على المنبر: أن أبا بكر قد عصى أمره، وأنه لما سمع كلامهم: "انتفخ صدره، ودخله الرعب منهم" ثم قال "صلى الله عليه وآله":
"وإن جبرئيل "عليه السلام" أمرني عن الله: أن أبعث إليهم عمر مكانه في أصحابه، في أربعة آلاف فارس، فسر يا عمر على اسم الله، ولا تعمل كما عمل أبو بكر أخوك، فإنه عصى الله وعصاني".
وأمره بما أمر به أبا بكر.
فسار بهم يقتصد بهم في سيرهم، حتى نزل قريباً من القوم، وخرج إليه مئتا رجل، وقالوا له ولأصحابه مثل مقالتهم لأبي بكر.
فانصرف، وانصرف الناس معه، وكاد أن يطير قلبه مما رأى من عدة القوم وجمعهم، ورجع يهرب منهم.
فنزل جبرئيل "عليه السلام" وأخبر محمداً بما صنع عمر..
فصعد "صلى الله عليه وآله"، وأخبرهم بما صنع عمر، وأنه خالف أمره وعصاه..
فلما قدم عمر قال "صلى الله عليه وآله": "يا عمر، عصيت الله في عرشه، وعصيتني، وخالفت قولي، وعملت برأيك، ألا قبح الله رأيك".
ثم ذكر: أن جبرئيل "عليه السلام" أمره أن يرسل علياً "عليه السلام" مع الأربعة آلاف، وأن الله يفتح عليه وعلى أصحابه، ثم دعاه وأخبره بذلك..
فخرج علي "عليه السلام" فسار بأصحابه سيراً غير سير أبي بكر وعمر، فقد أعنف بهم في السير، حتى خافوا أن ينقطعوا من التعب، وتحفى دوابهم، فقال لهم: لا تخافوا، فإن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد أمرني بأمر، وأخبرني: أن الله سيفتح عليَّ، وعليكم، فأبشروا، فإنكم على خير، وإلى خير.
فطابت نفوسهم وقلوبهم، وواصلوا سيرهم التَّعب، حتى نزلوا بالقرب منهم..
فخرج إليه منهم مائتا رجل شاكين بالسلاح، فلما رآهم علي "عليه السلام" خرج إليهم في نفر من أصحابه، فقالوا لهم: من أنتم؟ ومن أين أنتم؟ ومن أين أقبلتم؟ وأين تريدون؟
قال: أنا علي بن أبي طالب، ابن عم رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وأخوه ورسوله إليكم، أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، ولكم ما للمسلمين، وعليكم ما عليهم من خير وشر.
فقالوا له: إياك أردنا، وأنت طلبتنا، قد سمعنا مقالتك، فاستعد للحرب العوان، واعلم أنَّا قاتلوك وقاتلوا أصحابك، والموعود فيما بيننا وبينك غداً ضحوة، وقد أعذرنا فيما بيننا وبينك.
فقال لهم علي "عليه السلام": ويلكم تهددوني بكثرتكم وجمعكم؟! فأنا أستعين بالله وملائكته والمسلمين عليكم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فانصرفوا إلى مراكزهم، وانصرف علي "عليه السلام" إلى مركزه. فلما جنه الليل أمر أصحابه أن يحسنوا إلى دوابهم، ويقضموا، ويسرجوا.
فلما انشق عمود الصبح صلى بالناس بغلس، ثم غار عليهم بأصحابه، فلم يعلموا حتى وطئتهم الخيل، فما أدرك آخر أصحابه حتى قتل مقاتليهم، وسبى ذراريهم، واستباح أموالهم، وخرب ديارهم، وأقبل بالأسارى والأموال معه.
ونزل جبرئيل فأخبر رسول الله "صلى الله عليه وآله" بما فتح الله على علي "عليه السلام" وجماعة المسلمين، فصعد المنبر، فحمد الله، وأثنى عليه، وأخبر الناس بما فتح الله على المسلمين، وأعلمهم أنه لم يصب منهم إلا رجلان.
ونزل فخرج يستقبل علياً "عليه السلام" في جميع أهل المدينة من المسلمين حتى لقيه على أميال من المدينة.
فلما رآه علي مقبلاً نزل عن دابته، ونزل النبي "صلى الله عليه وآله" حتى التزمه، وقبل ما بين عينيه.
فنزل جماعة المسلمين إلى علي "عليه السلام" حيث نزل رسول الله، وأقبل بالغنيمة والأسارى، وما رزقهم الله من أهل وادي اليابس.
ثم قال جعفر بن محمد "عليهما السلام": ما غنم المسلمون مثلها قط إلا أن تكون خيبراً، فإنها مثل خيبر.
فأنزل الله تبارك وتعالى في ذلك اليوم: {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً..} إلى آخر الرواية([317]).
ونقول:
إن لنا هنا وقفات نجملها على النحو التالي:
وادي اليابس:
إن كانت غزوة وادي اليابس هي نفس غزوة ذات السلاسل، كما يفهم من تطابق أحداثهما، فتكون وادي اليابس وراء وادي القرى، التي كانت من أرض الشام، وليست من أرض المدينة، كما يظهر من كلام السمهودي([318]).
ويظهر من كلامه أيضاً: أن دومة الجندل بوادي القرى، وهي تبعد عن المدينة خمس عشرة أو ست عشرة ليلة([319]).
لماذا يعادون علياً ×؟!
إذا كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد جاء بما أغاظهم، من حيث أن فيه نقضاً لما هم عليه من دين الآباء والأجداد، فلماذا هذا الحقد على علي "عليه السلام"؟! أليس من أجل أنهم رأوا نكايته في أعداء الله، وشدته في دين الله، ونصرته المؤثرة لرسول الله "صلى الله عليه وآله"؟!. حتى لقد هزم الشرك في بلاد العرب، وأذل عزه، وأبار كيده، وتبر ما علاه، وحطم وهدم ما بناه..
أربعة آلاف:
قد تقدم: أنه "صلى الله عليه وآله" قد بعث أربعة آلاف فارس مع أبي بكر، ثم مع عمر بن الخطاب.
فقد يقال: إن ذلك موضع ريب، لأن المسلمين كانوا من القلة بحيث لا يمكن أن يجهزوا هذا العدد الكبير.. وإنما كانت خيبر قبل ذلك بسنة، ولم يجهز لها النبي "صلى الله عليه وآله" سوى ألف وخمس مئة مقاتل..
ويجاب: بأن المسلمين قد كثروا بعد خيبر بصورة ظاهرة، مكنت النبي "صلى الله عليه وآله" من إرسال ثلاثة آلاف مقاتل إلى مؤتة، وإنما كانت ذات السلاسل بعدها بأكثر من سنة..
وربما يكون "صلى الله عليه وآله" قد استنفر العرب لحربهم ـ كما تقدم في بعض النصوص ـ فاستجابوا له لأكثر من سبب يقنعهم بأن من مصلحتهم مجاراة النبي "صلى الله عليه وآله" في ما يريد.. خصوصاً بعد سقوط خيبر، وبعد الحديبية، وعمرة القضاء، وغزوة مؤتة.
تخريب الضياع والديار:
وقد ذكر النص المتقدم: أنه "صلى الله عليه وآله" قد أمر أبا بكر بتخريب الضياع والديار..
وهذا يتنافى مع سياسته "صلى الله عليه وآله"، ومع وصاياه لبعوثه، وما أكثرها.. وقد تقدمت وصيته للجيش الذي أرسله إلى مؤتة، وفيها: "ولا تقربن نخلاً، ولا تقطعن شجراً، ولا تهدمن بيتاً"([320]).
لماذا هذا السير الرفيق؟!
وقد ذكرت الرواية المتقدمة: أن أبا بكر قد سار بأصحابه سيراً رفيقاً.
وهذا يعطيهم نفحة راحة تشعرهم بحب الدنيا، والرغبة بتجنب ضرب السيوف، وملاقات الحتوف، وعزوف أنفسهم عن تحمل المشاق والمتاعب.
وسيصبح من الصعب عليهم الانتقال المفاجئ من هذا النعيم والهناء، إلى مواجهة الأخطار والبلاء، والشقاء والعناء.
الإحسان إلى دوابهم:
وذكرت الرواية: أن علياً "عليه السلام" قد أمر أصحابه في الليلة التي شن الغارة على أعدائه في صبيحتها: أن يحسنوا إلى دوابهم.. وذلك بإنزال أحمالها عنها، وتقديم الماء والعلف لها. وجعلها في مكان مريح، وإبعاد جلها عنها، ونحو ذلك.
وهذا يجعلها أكثر حيوية وفاعلية في موقع النزال، فلا ينتابها التعب بسرعة، ولا يعرضها لحمل أكثر مما تطيق..
على نفسها جنت براقش:
وبعد أن أعلن الأعداء الحرب على أمير المؤمنين "عليه السلام" ومن معه، وقالوا: إنهم قاتلوه ومن معه.. أصبح من المحتم عليهم أن يتوقعوا من الطرف الآخر أن يهتبل أية فرصة لإيراد ضربته القاصمة بهم. وربما يواجههم بكثير من الأمور الخادعة، والضربات الموجعة..
ولا يلام علي "عليه السلام" في الإغارة عليهم في أية ساعة غفلة يرصدها فيهم، بل ذلك هو غاية الحزم، والتدبير الذكي، الذي يستحق عليه الثناء والتقدير، لأنه يحفظ بذلك أهل الإيمان، ويوقع بأهل البغي والطغيان، ويبطل كيدهم، ويخلص الناس من شرهم..
السرعة.. والمفاجأة:
ويلاحظ هنا: سرعة حسم علي "عليه السلام" لأمر الحرب لصالح أهل الإسلام، وقد ألحق بأعدائه أفدح الخسائر، من دون أن تلحق بأهل الإيمان خسائر تذكر، حيث لم يصب منهم إلا رجلان..
أبو بكر يخوف أصحابه:
وإذا عدنا بالحديث إلى أبي بكر، فلابد أن يستوقفنا تخويفه لأصحابه بكثرة عدد وبحسن عدة أعدائهم؟!..
ألم يكن يعلم: أنه لم يكن لهم في كل حروبهم السابقة ـ رغم كثرتها ـ أية فرصة للتكافؤ مع أعدائهم في العدد والعدة؟! بل كانت كلها أبعد عن هذا الأمر، مما هي عليه في هذه السرية؟
فقد كان الجيش الذي يقوده أبو بكر أكبر جيش جهزه رسول الله "صلى الله عليه وآله" حتى ذلك الوقت، حيث بلغ أربعة آلاف مقاتل حسبما ذكرته الرواية المشار إليها.
فلماذا يثير أمامهم حتى مجرد احتمال الحاجة إلى المدد والعون؟!. وهل حدث في أي من الحروب الكثيرة والخطيرة السابقة، أن أمدوا أي سرية وجيش بمال، أو رجال؟!.
لا نريد إلا محمداً وعلياً!!
والغريب في الأمر: أن يعلن هؤلاء الناس لأبي بكر: أنهم لا يريدون إلا شخص رسول الله "صلى الله عليه وآله" ونفس علي "عليه السلام". ثم يرضى أبو بكر بالرجوع عنهم، ولا تثور حفيظته، ولا يزيد تصميمه على حربهم وقتالهم، بل ظنهم أن يُسَلِّم أصحاب محمد محمداً "صلى الله عليه وآله" لأعدائه ليقتلوه. إن لم نقل: إنه قد صدق ظنهم فعلاً.
وبذلك يكون قد أظهر للناس: أن المسلمين لا يدافعون عن دينهم ونبيهم، وإنما كل همهم هو حفظ أنفسهم، حين يجدون أنهم هم المستهدفون بالحرب.. فلو حادت الأمور عنهم، فربما لا يدخلون في الحرب بجد وحماس كهذا الذي يعاينه الناس منهم..
بل إذا كان هذان الشخصان، وهما النبي "صلى الله عليه وآله" وعلي "عليه السلام" يشكلان مشكلة حقيقية لأتباعهما، فقد يفكر هؤلاء الأتباع بحلول وسط، تزيل أية مشكلة بينهم وبين الناس، وقد يفكرون بالتخلي عن محمد وعلي صلوات الله وسلامه عليهما في يوم من الأيام.
ولا ندري إن كان أبو بكر قد فكر بالسبب الذي دعا هؤلاء الأعداء، للحرص على قتل النبي "صلى الله عليه وآله" وعلي "عليه السلام"، مع أنه ربما لا يكون فيما بينهما وبينهم أية مشكلة، إذ لم يكن لهم عندهم ما يعتبره أهل الجاهلية ثارات ولا غير ذلك..
وإذا كان النبي "صلى الله عليه وآله" هو صاحب الدعوة، وكانت هي ذنبه الأكبر عند أهل الشرك. فلماذا الحقد على علي "عليه السلام"؟! الذي هو تابع لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، كسائر الصحابة الذين كانوا معه..
الشاهد يرى ما لا يرى الغائب:
وأغرب ما سمعناه هنا: أن يقول أبو بكر لأصحابه: "الشاهد يرى ما لا يرى الغائب"، فأي شيء رآه أبو بكر لم يره أصحابه الذين كانوا معه؟!..
وهل كانت هناك أمور غائبة حقاً؟! أم أن كل شيء كان واضحاً، ومكشوفاً للناس كلهم؟!
وما الذي علمه أبو بكر، وجهله غيره، ليصح له القول: "إني أعلم ما لا تعلمون"؟!
وليس لنا أن نؤيد احتمال أن تكون هناك اتصالات، أو اتفاقات سريَّة بين أبي بكر هو وبين أهل وادي اليابس.. لم يعلم ولم يشارك بها سواه، وغاب عنها جميع من كانوا معه.
وذلك لأن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أزال هذا الاحتمال حين رجع أبو بكر، فصعد "صلى الله عليه وآله" المنبر، وخطب الناس، وأخبرهم بأن سبب هزيمة أبي بكر هو الخوف والجبن، فقد قال في خطبته:
"فلما سمع كلامهم، وما استبقلوه به انتفخ صدره، ودخله الرعب منهم، وترك قولي، ولم يطع أمري".
ومهما يكن من أمر، فإن إحالة أبي بكر الأمر على مجهول دليل على أنه لم يكن قادراً على التبرير المقنع والمعقول.
فارجعوا نُعلم رسول الله ':
والذي زاد الأمر تعقيداً: أن أبا بكر لم يجد بين أربعة آلاف رجل حتى رجلاً واحداً يوافقه على ما يريد..
بل أعلنوا جميعاً: أن قراره هذا يخالف أمر رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وأن عليه أن يتقي الله، ولا يصر على رأيه. فإن أمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" كان محدداً وواضحاً.
والأهم من ذلك: أن ما زعم أنه يريد أن يخبر به رسول الله "صلى الله عليه وآله"، كان نفس الرسول "صلى الله عليه وآله" قد أخبره به علناً، وفي خطبة عامة على المنبر في المسجد، وقد سمعها الجميع، فذكر لهم "صلى الله عليه وآله" عدد الأعداء الذين يرسلهم إليهم، وبما تعاقدوا عليه بصورة تفصيلية..
كما أنه "صلى الله عليه وآله" قد أزاح احتمال أن يكون قد عرف ذلك من حملة الأخبار ومن الأرصاد، الذين قد يهمون، ويخطئون، وقد يكذبون أيضاً ـ فأخبرهم "صلى الله عليه وآله" بأن جبرئيل "عليه السلام" هو الذي أخبره.
بل إنه "صلى الله عليه وآله" قد أخبرهم بأن جبرئيل أيضاً هو الذي أمره بإرسال أبي بكر في أربعة آلاف..
وذلك يعني: أن أبا بكر قد تمرد على الأمر الإلهي، ولذلك استحق أن يخطب النبي "صلى الله عليه وآله" الناس، ويخبرهم بمخالفة أبي بكر لأمر الله تعالى.
وملاحظة أخيرة وهامة نذكرها هنا، وهي: أنه إذا كان جبرئيل هو الذي نقل الأمر الإلهي بإرسال أبي بكر، فذلك يعني أن الله سبحانه هو الذي يريد أن يرى الناس هزيمة أبي بكر، وجبنه، ومخالفته لأمر الله تعالى، وأمر رسوله.. لأن الله يعلم بما سيكون من أبي بكر..
فهل المقصود هو تعريف الناس بأن أبا بكر ليس أهلاً، لما يسعى للحصول عليه؟ أم أن ثمة سراً آخر؟!
عمر أخو أبي بكر، وعلي × أخو النبي ':
وقد ورد في كلام رسول الله قوله لعمر: "ولا تعمل كما عمل أبو بكر أخوك".
ولكنه وصف علياً "عليه السلام" على المنبر أيضاً في الخطبة الأولى بأنه أخوه، فقال: "حتى يقتلوني، وأخي علي بن أبي طالب".
كما أن علياً "عليه السلام" قد وصف نفسه لأهل وادي اليابس بقوله: "ابن عم رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وأخوه". وأهل الوادي أيضاً وصفوه بالأخوة لرسول الله "صلى الله عليه وآله" كما ظهر من قولهم لأبي بكر..
وقد عمل كل واحد من الأخوين ما يناسب عمل أخيه، وأخلاقه، وحالاته..
فالرسول "صلى الله عليه وآله" المطيع لله سبحانه وتعالى في كل شيء كان له أخ مثله في ذلك..
وأبو بكر الذي عصى رسول الله "صلى الله عليه وآله" رغم التنبيه والتحذير، له أخ مثله في ذلك أيضاً.
واللافت: أن عمر قد سار في أصحابه سيراً رفيقاً، كما سار بهم أبو بكر، ثم هرب من الأعداء كما هرب، وعاش الرعب والخوف كما عاش.
كما أن النبي "صلى الله عليه وآله" حين حذره من أن يعمل مثل عمل أخيه، كأنه أشار إلى أن أخوته له هي التي تثير هذا التوقع منه، وهذا يدل على أن هذه الأخوة قد جاءت على أساس ملاحظة قواسم مشتركة بين الرجلين، ينشأ عنها توافق في السلوك وفي المواقف..
ذنب عمر أعظم:
وقد اظهرت كلمات النبي "صلى الله عليه وآله" التي واجه بها عمر بن الخطاب أن الذنب الذي ارتكبه عمر كان أعظم عند الله من ذنب أبي بكر.. وذلك للأسباب التالية:
1 ـ إنه قد جاء بعد التنبيه والتأكيد.
2 ـ إنه بعد ظهور كونه معصية لله سبحانه، ولرسوله.
3 ـ وبعد التنديد العلني بهذا العمل الشنيع..
فلا مجال بعد هذا كله لتوهم أن شيئاً ما قد خفي على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وأنه يريد أن يعلمه به، ولا مجال أيضاً لاحتمال أن تكون بعض الأمور التي أخبر عنها قد جاءت على سبيل الحدس والتخمين.. ولا مجال أخيراً لاحتمال أن تأتي الأحكام مختلفة ومتفاوتة من واقعة لأخرى، أو من حال إلى حال..
الفتح على يد علي ×:
وقد أخبر جبرئيل: أن الله تعالى يفتح على علي "عليه السلام" وعلى أصحابه.. مبيناً بكل هذه الأحداث المتتابعة: أن هناك سياسية إلهية لتعريف الناس بأن الله سبحانه وتعالى يرعى مسيرة هذه الرسالة، ويواكب تحركات من يدبرون في الخفاء للعبث بالتدبير الإلهي، وسوق الأمور باتجاه آخر، يخدم مصالحهم، ويحقق طموحاتهم..
ولأجل ذلك اختار الله أبا بكر أولاً، ثم اختار عمر ثانياً ليظهر للملأ أنهما ليسا في الموقع الذي يضعان نفسيهما فيه، ولم يكونا مؤهلين لما يطمحان للاستئثار به، وسلبه من صاحبه الشرعي..
ثم اختار علياً "عليه السلام" ثالثاً. مع التصريح بان الفتح سيكون على يديه، ليعلمهم: أن الله مطلع على دخائل نفوسهم، والله قد اختاره لعلمه بأنه هو الذي يوصل السفينة إلى شاطئ السلام.
الفتح لعلي × وأصحابه:
وقد وجدنا: أنه "صلى الله عليه وآله" قد اكتفى بتبديل القائد، وأما الجيش نفسه، فأبقاه على ما هو عليه، ولم يستبدل منه حتى رجلاً واحداً، وقد كانت الهزيمة من نصيب هذا الجيش مرتين متواليتين، مع نفس العدو ومع تقارب الزمان وفي نفس المكان، وفي نفس الظروف، وبنفس الأسلوب، وبعين الكلمات التي استخدمت، ونفس الخطاب والجواب..
وكان النصر حليفاً لهذا الجيش نفسه، مع ذلك العدو بالذات، وفي نفس الحالات، وفي الزمان والمكان عينه، رغم أن القائدين الأولين قد سارا بهذا الجيش سيراً رفيقاً، أو مقتصداً يحببهم بقائدهم. أما الأمير الثالث، فقد بهم في السير، حتى خافوا أن ينقطعوا من التعب، وأن تحفى دوابهم.. ولابد أن يثقل أمر هذا القائد عليهم، وتتجافى عنه قلوبهم، ولا يندفعون في محبته، وفي طاعته بالمقدار الذي يحظى به اللذان سبقاه..
ولكن النتائج جاءت معاكسة تماماً، فقد تحقق النصر، وكان الفتح والعز والكرامة نصيبهم معه، وكانت الهزيمة والمذلة، والمعصية لله في عرشه ولرسوله مع ذينك الأولين.
وهذا مثل للبشر جميعاً، يحمل لهم العبرة، والعظة، ويدعوهم للتأمل العميق، والفكر الدقيق، حملته لنا كلمته "صلى الله عليه وآله" لعلي "عليه السلام" عن جبرئيل: "فأخبرني: أن الله يفتح عليه، وعلى أصحابه"..
فقد نسب الفتح إلى الله، الذي حبا به علياً "عليه السلام" وأصحابه معاً، مع أن الإنسان العادي قد يتوقع تخصيص الفتح بعلي دون أصحابه، الذين هزموا مع القائدين اللذين سبقاه..
ولكن الله ورسوله يريدان لنا أن ندرك حقيقة أن القيادة الصالحة، هي التي تعطي المواقف، وتغير من أحوال الرعية، وتؤثر في توجهاتها ومواقفها، وتعطيها صلابة في الدين، وورعاً في يقين، وتحملها على الصراط المستقيم، ولو لم تصدر لها أمراً، أو تفرض عليها قراراً، أو تبتز منها موقفاً.
وهي التي تثير حميتها وإباءها، وتمنحها نفحة الشجاعة والإقدام، أو التخاذل والإحجام..
وقد ظهر ذلك في هذه الغزوة بصورة جلية وواضحة، فقد ساقهم موقف أمير المؤمنين "عليه السلام" إلى مواقع العزة والكرامة والإباء، وأعطاهم نفحة من نفحات الشجاعة، والشعور بالكرامة. ففتح الله عليه وعليهم، وفق ما قاله الرسول الأكرم والأعظم "صلى الله عليه وآله" له ولهم.
تطمينات علي × لأصحابه:
وحين سار علي "عليه السلام" باصحابه ذلك السير الحثيث الذي أتعبهم، فإنه يكون قد أفهمهم بذلك بأن ثمة جدية حقيقية في إنجاز أمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" على أحسن وجه وأتمه.
ولعلهم أصبحوا يتخوفون من أن يكون للتعب الذي لحقهم في مسيرهم هذا دوراً في خسارتهم الحرب التي يترقبونها.. فأراد "عليه السلام" أن يطمئنهم، ولكن لا بالوعود المادية ولا بالخطب الحماسية، بل بإعطائهم جرعة إيمانية روحية تتولى هي شحذ عزائمهم، وتقوية ضعفهم، وتعطيهم المزيد من الرضا والسعادة والبهجة، وذلك بالاعتماد على الغيب الذي يربطهم بالله سبحانه، وبرسوله.
فذكر لهم قول رسول الله "صلى الله عليه وآله" بصيغة الإخبار من النبي الكريم "صلى الله عليه وآله" لهم بالفتح العظيم.
والخبر من النبي "صلى الله عليه وآله" معناه: أن الله سبحانه هو الذي عرف رسوله به، وأطلعه على غيبه.. فليس الأمر مجرد تفاؤل، ولا هو كلام لمجرد التشجيع، وإثارة الحماس..
ولذلك يصرح النص المتقدم: بأن نفوسهم قد طابت وقلوبهم قد اطمأنت، وواصلوا سيرهم الشاق، وزالت عنهم الوساوس والمخاوف..
علي × أخو النبي ورسوله إليكم:
ولم نعهد في الذين آخى النبي "صلى الله عليه وآله" بينهم أن يذكروا هذه الأخوة في مواقع إبلاغ رسائل الحرب والقتال، لاسيما وأنها أخوة أنشأها وجعلها رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وليست أخوة نسب..
ولكن علياً "عليه السلام" قد فعل ذلك، وأبلغ هذا العدو المحارب بهذه الحقيقة، حين قال لهم: إنه أخو النبي "صلى الله عليه وآله"، ورسوله إليهم.
ولعله أراد أن يفهمهم أن موقفه منهم يحدده موقفهم من رسول الله "صلى الله عليه وآله".. وأنه لا مجال للفصل في حسابات الربح والخسارة بين علي كشخص، وبين علي الشريك مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" في الأخوة، وفي العمل على حفظ الرسالة، من خلال حفظ الرسول، فإن ذلك هو الذي يوصل إلى حفظ هذا الدين والذود عن حياضه.
علي × لا يحتكر النصر:
ورغم أن علياً "عليه السلام" قد حقق المعجزات في تاريخه الجهادي الطويل، ولاسيما حين قلع باب خيبر، وجعله ترساً يدفع به ضرب السيوف، وطعن الرماح، ثم حمله جاعلاً منه معبراً للجيش، بالإضافة إلى أعظم الإنجازات القتالية في بدر، وأُحد، والأحزاب، وقريظة، والنضير، وما إلى ذلك..
ولكنه لا يتهدد الأعداء بقوته، ولا يذكر لهم مواقفه هذه، بل هو يكتفي باستنكار تهديد الأعداء له، ثم هو يستعين بالله، وبالملائكة، وبالمسلمين عليهم، ويخبرهم أن كل حول وقوة لديه إنما هو من الله، وبه سبحانه وتعالى..
وهذا يعطي المسلمين نفحة روحية، ويذكرهم بنصر الله لهم في بدر، حين أمدهم بالملائكة في سائر المواطن. ولابد أن يحدث هذا التذكير بلبلة حقيقية في قلوب الكافرين، وطمأنينة وسكينة في قلوب المؤمنين، لأن له سابقة أثبتت صحة هذا المنطق وقوته، وظهرت نتائجه نصراً مؤزراً في حروب صعبة وهائلة، لابد أن تبقى الأجيال تتمثله كحدث تاريخي فريد، وكيوم من أيام الإسلام مجيد..
ولابد أن يترك إشراك علي "عليه السلام" للمسلمين في هذا العمل الجهادي أثراً طيباً في نفوسهم.. لأن الذي يعطيهم هذا الوسام هو نفس علي الذي لا يرتاب أحد في مقامه الجهادي والإيماني العظيم، ولا يشك أحد في صدقه، وفي تجربته، وفي خبرته بالحرب، ولشهادته هذه قيمة كبيرة لديهم، ولابد أن يهتم كل أحد في أن يحصل على أدنى لفتة من علي، أعظم مجاهد على وجه الأرض، فكيف بما هو أكثر من ذلك..
يضاف إلى ذلك: أن هذا المنطق العلوي، الذي أوضح: أن الله وملائكته سوف يساهمون في تسجيل هذا النصر، لابد أن يصعِّب على المتخاذلين، وعلى غيرهم اتخاذ قرار الانسحاب من المعركة، وسيفرض على الجميع بذل جهد، ودرجة تحملٍ وصبرٍ أعلى وأكبر مما اعتادوا عليه في الحالات الأخرى..
هل خرَّب علي × ديارهم؟!
وأما ما ذكرته الرواية: من أن علياً "عليه السلام" قد خرب ديار الأعداء.. فلابد من التروي في قبوله.. إذ قد يقال: إن أوامره "صلى الله عليه وآله" بعدم التعرض للديار والأشجار، حسبما تقدم في غزوة مؤتة لا يتلاءم مع هذا الذي ورد في هذه الرواية.. إلا إذا فرضت الحرب نفسُها إجراءات تؤدي إلى شيء من ذلك، من حيث توقف تحقيق النصر، على ذلك..
وكذا إذا احتاج حفظ أرواح المسلمين، أو احتاج المسلمون أنفسهم إلى قطع السبيل على أعدائهم ومنعهم من تجديد القوى، ومعاودة الفساد والإفساد، وخلق المتاعب والعبث بأمن أهل الإسلام..
أصول الحرب في سورة العاديات:
وقد ذكرت الروايات المختلفة، وهذه الرواية أيضاً: أن سورة العاديات قد نزلت في هذه الغزوة ـ غزوة ذات السلاسل ـ أو وادي اليابس ـ .
والذي يُلاحظ سير الأحداث فيها، ويُلاحظ أيضاً ما حكته سورة "والعاديات" نفسها، سيجد: أن هذه السورة قد تضمنت أصول الحرب كلها.. وأن علياً "عليه السلام" قد راعاها في هذه الغزوة بالذات..
ونحن نشير إلى ذلك باختصار فيما يلي:
1 ـ إنه حين يقسم الله سبحانه بأمر بعينه، فذلك يعني أن لهذا الأمر أهمية كبيرة، وأنه محبوب ومطلوب له تعالى، لأن له موقعاً كبيراً وأساسياً في المنظومة التي يريد الله سبحانه لها أن تؤثر في إنجاز الأهداف الإلهية الكبرى في إيصال الإنسان، وما في هذا الكون إلى كماله..
2 ـ وحين أقسم الله تبارك وتعالى بالعاديات، وبالموريات، الخ.. فإنه لم يخرج عن هذه القاعدة؛ فالخيل التي تعدو في سبيل الله، وتسرع في هذا العدو إلى الحد الذي تضبح معه بأنفاسها، كما قال تعالى: ?وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً?([321]). فإنها تكون قد بلغت أقصى مدى في سرعة الحركة، التي لها دور هام وحاسم في الحرب.
وقد فسر الضبح: بأنه "صوت أنفاس الفرس، تشبيهاً بالضباح، وهو صوت الثعلب.
وقيل: هو حفيف العدو، وقد يقال ذلك: للعدو.
وقيل: الضبح كالضبع، وهو مد الضبع في العدو الخ.."([322]). أي حتى لا يجد مزيداً([323]).
والمراد بالضبع هنا: وسط العضد بلحمه، أو العضد كله، أو الإبط([324]).
وقيل: الضبح: صوت أجواف الخيل إذا عدت، ليس بصهيل ولا حمحمة([325]).
3 ـ إن عدو الخيل هذا يشير إلى أنها دائمة الإنتقال من مكان إلى مكان، وأنه انتقال سريع، وهذا من شأنه أن يحرم العدو من فرصة رصدها في مكان بعينه، وأن يفقده القدرة على التخطيط لأي عمل يمثل لها خطراً، أو يلحق بها ضرراً..
4 ـ إن شدة اندفاع الخيل في هجمتها تحتم على ذلك العدوِّ أن يتراجع عن موقعه، وأن يتخلى عن حالة الثبات والطمأنينة، دون أن يملك قدرة العودة إلى ذلك الموقع، وهذه حركة لا يختارها المحارب، الذي يملك زمام المبادرة، ويكون له الإختيار.
فحالة الضعف والوهن التي ظهرت لديه هي التي فرضت عليه هذه الحركة التخاذلية.
5 ـ إنه إذا صاحب هذا الاندفاع القوي للخيل كيفيات وحالات خاصة، مثل الأصوات أو الهيئات المخيفة، ومنها صوت ضبح الخيل الذي يدعوهم لتصور حجم اندفاع عدوهم نحوهم، ثم صاحب ذلك لمعات نارية خاطفة وكثيرة، حين تقدح الخيل الشرر بحوافرها، فسوف يتشارك لدى ذلك العدوِّ السمع والبصر في رسم صورة الخطر الداهم، وما يحمله من عنف، يزعزع ثباته، ويهزمه في عمق وجوده.
بل قد يوجب قدح النار تحت حوافر الخيل نشوء حالة تضليلية، من خلال تلهي أفراد العدو بالنظر إليها، وإثارة التكهنات حولها، فتتهيأ الفرصة لمفاجأتهم بالقتال المرير، والضاري.
هذا كله، عدا عن أن قدح النار من حوافر الخيل، من شانه أن يبهج روح فرسانها ويقوي من اندفاعهم، ما دام أنه ناتج عن حركتهم وفعلهم.
6 ـ ويأتي بعد ذلك كله عنصر المفاجأة بالقتال، بشتى أنواعه، التي يحتاج العدو في تحرزه منها إلى حركات متفاوتة في مداها وفي اتجاهاتها، شريطة أن تكون بالغة السرعة، وقوية التأثير..
ولن يكون الإنتقال إلى هذه الحركات سهلاً وميسوراً، إلا لأقل القليل من الناس.
فكيف إذا كان هؤلاء المقاتلين في صفوف العدو، لا يقومون بعمل قد اختاروه لأنفسهم، بل تكون حركتهم مجرد رد فعل، يفقدون معه أي خيار، أو اختيار لموقع القتال ولأسلوبه، فضلاً عن عجزهم عن استهداف أي نقطة بالقتال، فضلاً عن الضعف الذي سوف يعتري طبيعة حركاتهم القتالية نفسها..
والخلاصة: أن هذه المفاجأة بالقتال لابد أن تربكهم، وتمنعهم من التأمل ومن التدبر والتدبير، وتدارك خطة مدروسة لمواجهة الموقف.
7 ـ إن للتوقيت وتحديد ساعة الصفر أهمية بالغة في النجاح في الحرب، فإن المفاجأة إذا كانت في وقت الصبح على قاعدة: ?فَالمُغِيرَاتِ صُبْحاً?([326])، فلابد أن تكون فرص النجاح أكبر وأوفر، لأن الفريق الذي لم يكلف بمهمات قتالية، ولو بمثل الرصد والحراسة، يميل في هذه الساعة إلى أن يخلد للراحة، ظناً منه أن غيره يشاركه في هذا الميل، فينسجم ظنه هذا مع رغبته تلك، ويستسلم من ثم لأحلامه اللذيذة، وتأخذه سنة الكرى، وهو أكثر طمأنينة، وأبعد عن التفكير فيما يزعج ويثير.
وأما المكلف بالرصد أو بالحراسة، فإنه إذا كان قد سهر الليل، حتى بلغ ساعات الصباح الأولى، فلابد أن يتنفس هذا الساهر المرهق في هذا الوقت الصعداء، ويحسب أنه قد أنهى مهمته، وأن عليه أن يستريح، ويعوض جسده عن هذا السهر الطويل، بالنوم المستغرق والعميق..
وهذا كله يجعل المفاجأة لهؤلاء وأولئك كبيرة وخطيرة؛ حيث يكون الراصد والحارس في أقصى حالات الإرهاق، ويكون غيره من الناس مستغرقاً في أحلامه، ولن يكون قادراً على الإنتقال من حالة الإسترخاء الشديد بأقصى درجاته إلى حالة الإستنفار، بل إلى الدخول في أعنف حالات الحركات القتالية، التي لا يقتصر الأمر فيها على أن يفكر في الأسلوب وفي الطريقة القتالية التي يختارها وحسب. بل عليه أن يفكر في اكتشاف الحركة القتالية للعدو أولاً، ثم يعود إلى نفسه ليفكر فيما يمتلكه من وسائل دفعها، وفي كيفية استعمال تلك الوسائل بما يناسب حركة العدو هذه..
وفي سياق آخر نقول:
إن المغير يعرف هدفه، وقد حدده ورسم خطة للتعامل معه، وهو ينفذ ما رسم.
أما الذين يغير غيرهم عليهم، فلا يعرفون شيئاً عن مواقع المهاجمين أو عن خطتهم، أو حالاتهم، وليس لديهم أية وسيلة لكشف ذلك فيهم، لأن العين وهي حاسة الرؤية تكون معطلة بسبب الظلمة، والنور الضئيل الذي ربما يكون قد بدأ ينتشر إنما هو في مستوى محدود، ولا يغير من الواقع شيئاً..
بل إنه حتى في حالات الحرب في العصور الحديثة، فمن جهة تكون أجهزة الرصد غير ذات أثر، فيما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس، وكذلك بعد غياب الشمس إلى مضي حوالي ساعة من أول الليل، ومن جهة تكون العين المجردة محجوبة بالظلمة، أو تكون دائرة عملها محاصرة ومحدودة بمقدار النور الذي استطاع أن يقتحم جحافل الظلام، وأن يتسلل إلى ثنايا تراكماته المهيمنة..
8 ـ وهنا يأتي دور النقع والغبار، الذي يثور في ساحة المعركة، بسبب سرعة حركة الخيل المغيرة، ليكون الساتر، والمانع من الاستفادة من كمية النور الضئيلة، التي تسللت إلى الأفق فيما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس.
كما أن لهذا النقع دوراً في إرباك حركة العدو، وفي التأثير على مخيلته، ويهيء الفرصة لتوهم كيفيات وصور قتالية ضخمة ومهولة، لا وجود لها في الواقع.
ومن شأن هذا أيضاً أن يزيد ذلك العدو ضعفاً ووهناً، ويؤكد هزيمته الروحية، وربما يكون سبباً في مبادرته إلى هدر طاقات، وبذل جهد في غير الاتجاه الصحيح.
9 ـ ثم يأتي دور تلك الخيل العادية في الالتفاف على العدو، ومحاصرته بسرعة حسبما أشير إليه في قوله تعالى: ?فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً?([327])، حتى إذا رأى العدو أنه يواجه القتال في كل اتجاه، فإنه لابد أن يصاب بالإحباط، وباليأس من أن تتيح له المقاومة شيئاً ذا بال، وستتأكد لديه القناعة بأنه لا فائدة من الاستمرار فيها، لأن حصادها لن يكون في هذه الحال سوى أن يصبح طعمة للسيوف، وأن يلاقي الحتوف، وفي مثل هذه الحال سيرى: أن الاستسلام هو الأرجح والأصلح.
وقد أظهرت النصوص المنقولة، وكذلك نزول هذه السورة المباركة في هذه المناسبة: أن علياً "عليه السلام" قد طبق هذه الأمور كلها في غزوة ذات السلاسل.
فصلوات الله وسلامه على علي، سيد الوصيين، وقائد الغر المحجلين، إلى جنات النعيم.
سرية علي × إلى بني خثعم:
عن سلمان الفارسي رحمه الله قال: بينما أجمع ما كنا حول النبي "صلى الله عليه وآله" ما خلا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب "عليه السلام" إذ أقبل أعرابي بدوي، فتخطى صفوف المهاجرين والأنصار حتى جثا بين يدي رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فسأله النبي عن نفسه، وما جاء به، فأخبره أنه رجل من بني لجيم.
فقال النبي "صلى الله عليه وآله": "ما وراك بما جاء لجيم"؟
قال: يا رسول الله خلفت خثعم، وقد تهيأوا وعبأوا كتائبهم، وخلفت الرايات تخفق فوق رؤسهم، يقدمهم الحارث بن مكيدة الخثعمي في خمسمائة من رجال خثعم، يتألَّون باللَّات والعزى أن لا يرجعوا حتى يردوا المدينة، فيقتلوك ومن معك يا رسول الله.
قال: فدمعت عينا النبي "صلى الله عليه وآله" حتى أبكى جميع أصحابه، ثم قال: "يا معشر الناس سمعتم مقالة الاعرابي"؟
قالوا: كلّ قد سمعنا يا رسول الله.
قال: "فمن منكم يخرج إلى هؤلاء القوم قبل أن يطؤنا في ديارنا وحريمنا، لعل الله يفتح على يديه، وأضمن له على الله الجنة؟
قال: فوالله ما قال أحد: أنا يا رسول الله.
قال: فقام النبي "صلى الله عليه وآله" على قدميه وهو يقول: "معاشر أصحابي هل سمعتم مقالة الأعرابي"؟
قالوا: كلّ قد سمعنا يا رسول الله.
قال: "فمن منكم يخرج إليهم قبل أن يطؤنا في ديارنا وحريمنا، لعل الله أن يفتح على يديه، وأضمن له على الله اثني عشر قصراً في الجنة".
قال: فوالله ما قال أحد: أنا يا رسول.
قال: فبينما النبي "صلى الله عليه وآله" واقف إذ أقبل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب "عليه السلام"، فلما نظر إلى النبي "صلى الله عليه وآله" واقفاً ودموعه تنحدر كأنها جمان انقطع سلكه على خديه لم يتمالك أن رمى بنفسه عن بعيره إلى الأرض، ثم أقبل يسعى نحو النبي "صلى الله عليه وآله" يمسح بردائه الدموع عن وجه رسول الله "صلى الله عليه وآله" وهو يقول: ما الذي أبكاك؟ لا أبكى الله، عينيك يا حبيب الله! هل نزل في أمتك شيء من السماء؟
قال: "يا علي، ما نزل فيهم إلا خير، ولكن هذا الأعرابي حدثني عن رجال خثعم بأنهم قد عبأوا كتائبهم.
ثم ذكر له ما جرى، فطلب منه أن يصف له القصور، فوصفها له.
فقال: أمير المؤمنين علي بن أبي طالب "عليه السلام": فداك أمي وأبي يا رسول الله، أنا لهم.
فقال النبي "صلى الله عليه وآله": "يا علي، هذا لك وأنت له، أنجد إلى القوم".
فجهزه رسول الله "صلى الله عليه وآله" في خمسين ومائة رجل من الأنصار والمهاجرين، فقام ابن عباس رضي الله عنه وقال: فداك أبي وأمي يا رسول الله تجهز ابن عمي في خمسين ومائة رجل من العرب إلى خمسمائة رجل وفيهم الحارث بن مكيدة يعد بخسمائة فارس؟!
فقال النبي "صلى الله عليه وآله": "امط عني يا ابن عباس، فوالذي بعثني بالحق لو كانوا على عدد الثرى وعليٌّ وحده لأعطى الله عليهم النصر حتى يأتينا بسبيهم أجمعين".
فجهزه النبي "صلى الله عليه وآله" وهو يقول: "اذهب يا حبيبي، حفظ الله من تحتك، ومن فوقك، وعن يمينك، وعن شمالك، الله خليفتي عليك".
فسار علي "عليه السلام" بمن معه حتى نزلوا بواد خلف المدينة بثلاثة أميال يقال له: وادي ذي خشب، قال: فوردوا الوادي ليلاً، فضلوا الطريق، قال: فرفع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب "عليه السلام" رأسه إلى السماء وهو يقول: يا هادي كل ضال، ويا مفرج كل مغموم، لا تقو علينا ظالماً، ولا تظفر بنا عدونا، واعهدنا إلى سبيل الرشاد.
قال: فإذا الخيل يقدح بحوافرها من الحجارة النار، حتى عرفوا الطريق فسلكوه، فأنزل الله على نبيه محمد: {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً..} يعنى الخيل {فَالمُورِيَاتِ قَدْحاً} قال: قدحت الخيل بحوافرها من الحجارة النار {فَالُمغِيرَاتِ صُبْحاً} قال: صبحهم علي مع طلوع الفجر.
وكان لا يسبقه أحد إلى الأذان، فلما سمع المشركون الاذان قال بعضهم لبعض: ينبغي أن يكون راعي في رؤوس هذه الجبال يذكر الله.
فلما أن قال: أشهد أن محمداً رسول الله "صلى الله عليه وآله".
قال بعضهم لبعض: ينبغى أن يكون الراعي من أصحاب الساحر الكذاب.
وكان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب "عليه السلام" لا يقاتل حتى تطلع الشمس، وتنزل ملائكة النهار.
قال: فلما أن دخل النهار، التفت أمير المؤمنين "عليه السلام" إلى صاحب راية النبي "صلى الله عليه وآله" فقال له: ارفعها.
فلما أن رفعها، ورآها المشركون عرفوها، وقال بعضهم لبعض: هذا عدوكم الذي جئتم تطلبونه، هذا محمد وأصحابه.
قال: فخرج غلام من المشركين، من أشدهم بأساً، وأكفرهم كفراً، فنادى أصحاب النبي: يا أصحاب الساحر الكذاب، أيكم محمد؟ فليبرز إليَّ.
فخرج إليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب "عليه السلام" وهو يقول: ثكلتك أمك أنت الساحر الكذاب، محمد جاء بالحق من عند الحق، قال له: من أنت؟
قال: أنا علي بن أبي طالب، أخو رسول الله، و ابن عمه، وزوج ابنته.
قال: لك هذه المنزلة من محمد؟
قال له علي: نعم.
قال: فأنت ومحمد شرع واحد، ما كنت أبالي لقيتك أو لقيت محمداً، ثم شد على علي وهو يقول:
لاقـيـت يـا عــلي ضـيـغــــماً قـرماً كـريـماً في الـوغـا مـعـلَّـــم
ليث شديد من رجـال خثعمـاً يـنـصر ديـنـاً مـعـلـماً ومحــكــما
فأجابه علي بن أبي طالب "عليه السلام" وهو يقول:
لاقـيـت قرنـاً حدثـاً وضيغـماً([328]) ليثـاً شديـداً في الـوغـا غشمشـما
أنـــا عـــلي ســأبـير خثعــماً بـكـل خـطِّـيٍّ يـري النقـع دمــا
وكل صارم يثبت الضرب فينعما([329])
ثم حمل كل واحد منهما على صاحبه، فاختلف بينهما ضربتان، فضربه علي "عليه السلام" ضربة فقتله، وعجل الله بروحه إلى النار، ثم نادى أمير المؤمنين "عليه السلام": هل من مبارز؟
فبرز أخ للمقتول، وحمل كل واحد منهما على صاحبه، فضربه أمير المؤمنين "عليه السلام" ضربة، فقتله وعجل الله بروحه إلى النار، ثم نادى علي "عليه السلام": هل من مبارز؟
فبرز له الحارث بن مكيدة وكان صاحب الجمع، وهو يعد بخمسمائة فارس، وهو الذي أنزل الله فيه: {إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ}، قال: كفور {وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ} قال: شهيد عليه بالكفر {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الخَيْرِ لَشَدِيدٌ} قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب "عليه السلام": يعني باتباعه محمداً.
فلما برز الحارث، حمل كل واحد منهما على صاحبه، فضربه علي ضربة فقتله، وعجل الله بروحه إلى النار.
ثم نادى علي "عليه السلام": هل من مبارز؟
فبرز إليه ابن عمه يقال له: عمرو بن الفتاك، وهو يقول:
أنـا عـمـرو وأبـي الـفـتـــــاك وبـيـدي نـصـل سـيـف هـتـــاك
أقطع به الرؤس لمن أرى كذاك
فأجابه أمير المؤمنين "عليه السلام" وهو يقول:
هــاكـهـــا مــترعـة دهـاقـــا كأس دهــاق مـزجـت زعـاقـــا
إنـــي امــرؤ إذا مــا لاقــــــا أقــد الهـــام وأجـــذ ســـاقـــا
ثم حمل كل واحد منهما على صاحبه، فضربه علي "عليه السلام" ضربة فقتله، وعجل الله بروحه إلى النار، ثم نادى علي "عليه السلام": هل من مبارز؟
فلم يبرز إليه أحد، فشد أمير المؤمنين "عليه السلام" عليهم حتى توسط جمعهم، فذلك قول الله: {فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً}، فقتل علي "عليه السلام" مقاتليهم، وسبى ذراريهم، وأخذ أموالهم، وأقبل بسبيهم إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فبلغ ذلك النبي، فخرج وجميع أصحابه حتى استقبل علي "عليه السلام" على ثلاثة أميال من المدينة.
وأقبل النبي "صلى الله عليه وآله" يمسح الغبار عن وجه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب "عليه السلام" بردائه، ويقبل بين عينيه ويبكي، وهو يقول:
"الحمد لله يا علي الذي شد بك أزري، وقوَّى بك ظهري، يا علي، إنني سألت الله فيك كما سأل أخي موسى بن عمران صلوات الله وسلامه عليه أن يشرك هارون في أمره، وقد سألت ربي أن يشد بك أزري" ثم التفت إلى أصحابه وهو يقول:
"معاشر أصحابي لا تلوموني في حب علي بن أبي طالب "عليه السلام"، فإنما حبي علياً من أمر الله، والله أمرني أن أحب علياً وأدنيه، يا علي من أحبك فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله، ومن أحب الله أحبه الله، وحقيق على الله أن يسكن محبيه الجنة، يا علي من أبغضك فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله، ومن أبغض الله أبغضه ولعنه، وحقيق على الله أن يقفه يوم القيامة موقف البغضاء، ولا يقبل منه صرفاً ولا عدلاً"([330]).
ونقول:
إننا بغض النظر عن ركاكة الرجز الذي ذكرته الرواية، وعدم استقامة أوزان عدد من فقراته نشير إلى ما يلي:
إعتراض ابن عباس:
قد ذكرت الرواية: أن ابن عباس قد قام، فقال لرسول الله "صلى الله عليه وآله": "فداك أبي وأمي يا رسول الله، تجهز ابن عمي في خمسين ومائة رجل من العرب، إلى خمسمائة رجل، وفيهم الحارث بن مكيدة، يعد بخمسمائة فارس"؟!
فقال "صلى الله عليه وآله": "أمط عني يا بن عباس الخ.."([331]).
ونقول:
أولاً: إن من البعيد أن يصدر ذلك عن ابن عباس، الذي ولد سنة الهجرة، أو قبلها بثلاث سنوات، فيكون عمره في غزوة ذات السلاسل ثماني سنوات أو أحد عشرة سنة على أبعد تقدير.. ولا يتوقع من صبي بهذه السن أن يواجه النبي الأعظم "صلى الله عليه وآله" بهذا الاعتراض. وأن يجيبه النبي "صلى الله عليه وآله" بهذا الجواب.
فإن هذا الجواب، خصوصاً قول "صلى الله عليه وآله": "أمط عني يا بن عباس" يستبطن درجة من القسوة على طفل بهذه السن..
كما أن نفس هذا الذي اعترض به ابن عباس والمتضمن لتفصيل واستدلال، وجرأة، إنما يتوقع من أناس نشأوا في بيئة غير صالحة، وممن لا يلزمون أنفسهم بمقتضيات الأدب مع النبي الكريم "صلى الله عليه وآله"..
ثانياً: إنهم يزعمون: أن العباس هاجر قبل الفتح بقليل وهو موضع ريب وشك، بل هو قد أسلم يوم فتح مكة، قال في الإستيعاب: "أظهر إسلامه يوم فتح مكة، وشهد حنيناً والطائف وتبوك"([332]).
وقال البلاذري: "لقي العباس النبي "صلى الله عليه وآله" بذي الحليفة، ـ قال ابن هشام: لقيه بالجحفة ـ وهو يريد مكة، وقد أظهر إسلامه. فأمر النبي "صلى الله عليه وآله" أن يمضي ثقله إلى المدينة، وقال له: هجرتك يا عم آخر هجرة، كما أن نبوتي آخر نبوة"([333]).
ونظن أن أحفاده العباسيين هم الذين حاولوا: أن ينيلوه فضل الهجرة ولو بأن يلتقي بالنبي "صلى الله عليه وآله" بذي الحليفة، إذ لا هجرة بعد الفتح. مع أنهم قد غفلوا عن أنه كان لا يزال حين الفتح في مكة، وهو الذي ضغط على أبي سفيان لكي يظهر الإسلام قبل ضرب عنقه، وذلك حين استعرض هو وإياه كتائب المسلمين الآتية لفتح مكة فراجع([334]).
فإذا كان العباس آنئذٍ لا يزال يعيش في مكة، ولم يهاجر إلى المدينة إلا بعد الفتح. وكانت عائلته معه، فمن أين؟ وكيف ظهر ابن عباس في هذه الغزوة التي سبقت فتح مكة؟
ثالثاً: أليس قد عاد الناس لِتَوِّهم من غزوة خيبر، التي كان جيش المسلمين فيها حوالي ألف وخمس مئة مقاتل، في مقابل عشرة آلاف من اليهود فضلاً عن غيرهم؟
وكان قد شاع وذاع أيضاً ما حاق بالمشركين على يد المسلمين في بدر، وأُحد، والأحزاب، وفي سائر المواقف، مع قلة عدد المسلمين في أكثر المعارك، وكثرة عدد أعدائهم، الذين كثيراً ما كانوا يزيدونهم بأضعاف، وقد كان النصر حليفهم باستمرار..
رابعاً: إذا كان ابن مكيدة يعد بخمس مئة فارس، فإن علياً "عليه السلام" يعد بالألوف، وهو قالع باب خيبر، وفاتح حصونها بالأمس وحده، وهو قاتل عمرو بن عبد ود، الذي كان يعدُّ يعد بألف فارس، وهو هازم جيش الشرك في حرب أحد وحده، إلى غير ذلك مما هو ذائع وشائع.
عدد جموع الأعداء:
وقالوا لقد كان العدد الذي جمعه بنو خثعم لمهاجمة المدينة هو خمس مئة من رجل كما ورد في بعض الروايات([335]).
ونقول:
ألا يمكن أن يقال: إن خمس مئة رجل قد لا يجرؤون على مهاجمة المدينة، بعد أن هزم الله يهود خيبر، وهم أكثر من عشرة آلاف، بتلك الطريقة المخزية كما تقدم، وهزم الله المشركين يوم الأحزاب، وهم ألوف، وهزمهم الله أيضاً في بدر وفي أُحد، وفي سائر المشاهد؟!
إلا إن كان الهدف هو أخذ المسلمين على حين غرة، قد تنتهي بقتل رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وانفراط جمع المسلمين. ولكنه احتمال بعيد، فإن الإسلام قد انتشر وشاع وذاع، وكثر له الأتباع في جميع الأصقاع، ولا بد أن يوجب قتل رسول الله "صلى الله عليه وآله" ثورة جميع الناس ضد بني خثعم.
إن هذا يقوي احتمال تعدد هذه الواقعة، وتعدد فرار أولئك القوم، أعني أبا بكر، وعمر، قد جاء ليزيل به أية شبهة في عدم صحة ما يدَّعونه لأنفسهم من فضل وكرامات، ومواقف وبطولات، فظهرت هزيمتهم في المواقف المختلفة لكي لا يتخيل أحد: أن ما جرى لهم في بني قريظة، ثم في خيبر، ثم في فدك، وقد كان مجرد حالة عفوية، طارئة، فرضتها معطيات مفاجئة، لم يكونوا يظنون أنهم سوف يواجهونها..
يضاف إلى ذلك كله، فرارهم المتوالي في سرية وادي يابس، وسرية ذات السلاسل، وربما وادي الرمل، وسوى ذلك مما يتأكد احتماله لدى الباحث المنصف([336]).
بكاء رسول الله ':
ثم إن الرواية المتقدمة قد ذكرت: بكاء النبي "صلى الله عليه وآله" حتى أبكى جميع أصحابه، وذلك حين أخبره ذلك الرجل بما عزم عليه بنو خثعم.
والسؤال هو: لماذا هذا البكاء يا ترى؟!
إننا لا يمكن أن نحتمل: أن يكون بكاء الخوف، أو بكاء الضعف، فإن هذا مما لابد من تنزيه رسول الله عنه.. علماً أنه "صلى الله عليه وآله" قد واجه أضعاف هذا العدد من الأعداء في وقت كان المسلمون فيه في غاية القلة، والضعف من حيث العدة والعدد. ولم ينس المسلمون بعد ما جرى في خيبر، والأحزاب، وبدر، وأُحد، وسوى ذلك..
كما أنه "صلى الله عليه وآله" قد أضحى قادراً على حشد اضعاف ما حشده بنو خثعم..
وحتى لو كان هذا الأمر يستوجب البكاء، ولنفترض: أنه بكى إشفاقاً على بعض أصحابه من أن يصيبهم سوء، أو لغير ذلك من أسباب..
ولكن هل يصح أن يكون هذا البكاء علنياً وعلى رؤوس الأشهاد؟!
وألا يوجب هذا البكاء والإبكاء وهناً في المسلمين، وإطماعاً لأعدائهم بهم؟! فيكون بالتالي نقضاً للفرض، وتضييعاً بل تفريطاً خطيراً، وغير مقبول؟!
الإحجام غير المفهوم:
ولا ندري لماذا يحجم المسلمون عن الخروج إلى أولئك القوم، فلا يجيبون رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟!
ولماذا زهدوا بالجنة التي ضمنها لهم رسول الله "صلى الله عليه وآله"، مع كثرة جموعهم، وقلة عدوهم؟!
كيف وقد جهز "صلى الله عليه وآله" إلى مؤتة بالأمس ثلاثة آلاف مقاتل. وجهز قبلها ألفا وخمس مائة مقاتل إلى خيبر، ومثلها إلى الحديبية قبل ذلك.. ثم لا يجرؤ أحد من أصحابه على إجابته، والمبادرة إلى امتثال أمره؟!
مئة وخمسون فقط:
وأما بالنسبة لاقتصار النبي "صلى الله عليه وآله" على مائة وخمسين رجلاً في مقابل خمس مئة، ومنهم بطل يعد بخمس مئة فارس. نلاحظ: أن الرواية أشارت إلى أن ثمة من التفت إلى هذا الأمر، وسأل عنه، وقد سمت الرواية ابن عباس، وقالت: إنه سأل عن أنه إذا كان بإمكان النبي "صلى الله عليه وآله" أن يجهز الألوف إلى الحرب، فلماذا اكتفى بمائة وخمسين رجلاً؟!
فأجابه "صلى الله عليه وآله" بأنه يريد أن يظهر أثر علي "عليه السلام"، وشجاعته، ومدى استعداده للتضحية؟! وأنه لو ارسله وحده فإن الله ينصره عليهم.
وذلك ليؤكد للناس: أنه "عليه السلام" محل عناية الله ورعايته، وأنه مؤيد بنصره عز وجل.. وما ذلك إلا لشدة تفانيه في ذات الله، وحرصه على الفوز برضاه تبارك وتعالى.
الضلال عن الطريق والاهتداء إليها:
ثم إننا نستبعد: أن يكون علي "عليه السلام"، ومن معه ما لبثوا أن ضلوا عن الطريق وهم أهل البلاد، ويعرفون شعابها ومسالكها..
ولو فرض: أن بعضهم قد وقع في الشبهة، فإن من الطبيعي أن يكون بين هذا العدد من الناس الكثيرون ممن يعرفون الطريق، ويرشدون رفقاءهم إليها، ويدلونهم عليها..
يضاف إلى ذلك: أن علياً "عليه السلام" قائدهم هو الذي سلك المسالك الوعرة والغامضة في سرية ذات السلاسل، حتى إن ذلك قد حرك عمرو بن العاص، وكذلك خالد بن الوليد لتوسيط أبي بكر وعمر لديه، ليرجع بهم إلى الجادة، فأجابهم أنه يعلم ما يصنع..
فلماذا لا يرشدهم علي العارف بغوامض الطرق، والواقف على المسالك الصعبة، إلى طريق الجادة، حتى احتاجوا إلى قدح النار من حوافر خيولهم؟!
وحتى لو قبلنا بأنهم قد ضلوا الطريق.. فإن حديث معرفتهم الطريق بسبب قدح النار من حوافر الخيل، يبقى هو الآخر موضع ريب، فإن قدح الشرر لا يوجب رؤية الطريق، وتمييز معالمها، كما أنه لا يوجب اشتعال النار، إلى حد أن تكشف ما حولها..
إلا إن كان المقصود: أن سيره على الحجارة الذي أوجب قدح الشرر من حوافر الخيل قد عرَّفهم بأنهم يسيرون على الطريق. مع افتراض أن يكون وجود الحجارة دليلاً على الطريق، باعتبار أن سائر المسالك لا حجارة فيها..
ولكن هذا يبقى مجرد احتمال، قد يعرض له التأييد أو التفنيد، بحسب ما يعرض له من أدلة أو شواهد. بل هو احتمال بعيد، وافتراض غير سديد.
لا يقاتل حتى تطلع الشمس:
وأما ما ذكرته الرواية: من أن علياً "عليه السلام" كان لا يقاتل حتى تطلع الشمس، وتنزل ملائكة النهار..
فلعله اشتباه من الراوي، وذلك لما يلي:
1 ـ إن ملائكة النهار تنزل من حين طلوع الفجر، كما روي عن الإمام الصادق "عليه السلام" في تفسير قوله تعالى: {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً}([337])، يعني صلاة الفجر، تشهده ملائكة الليل، وملائكة النهار([338]).
2 ـ قد تقدم: أن النبي "صلى الله عليه وآله" ما بيَّت عدواً قط ليلاً..
بل إن علياً "عليه السلام" كان لا يقاتل إلا بعد زوال الشمس ظهراً، وقد تقدم ذلك..
لماذا لا يقاتل إلا بعد الزوال؟!
وقد شرح أمير المؤمنين "عليه السلام" نفسه أسباب عدم قتاله إلا بعد زوال الشمس.. فركز على الأسباب التالية:
1 ـ إن هذا الوقت أقرب إلى الليل، فإذا ذاق المقاتلون طعم القتال، وعرفوا أنه ليس مجرد نزهة، بل فيه آلام ومصائب، وكوارث ونوائب، ثم جنهم الليل، فإنهم سوف يعيدون النظر في حساباتهم، وسيقيِّمون الأمور وفق أمور عينية ملموسة، لم تعد مجرد تصورات غائمة، تكتنفها الكثير من التخيلات التي تقلل من وضوحها، وتهون من أمرها.
فالألم المتصور والمفترض لا يؤثر في قرار الإنسان بمقدار ما إذا أصبح ماثلاً وحاضراً، والمصاب الذي تسمع به أو تقرأ عنه ليس تأثير بمقدار المصاب الذي تراه وتعيشه، وتعاني منه ما تعاني..
فقد يدفعك خيال مَّا، أو يهيجك هائج حمية أو عصبية، أو يدعوك داعي طمع، أو جشع، أو تزين لك أحلام وردية، ترتكز إلى حسابات خاطئة أن تقتحم أتون الحرب.. فتبادر إلى ذلك.. فإذا مسَّك شيء من بلاياها وزراياها، يرجع إليك صوابك، وتلتمس الخلاص، ولات حين مناص.. ثم تطحنك رحى الحرب فيما تطحن، وتحطم ما صلب منك، وتلتهم ما رقَّ ولان. وتجد نفسك غير قادر على استرجاع ما ذهب، ولا استدراك ما يأتي، وتفرض عليك تلك الحرب كل تبعاتها، وتحملك ما أردته وما لم ترده من جرائمها وموبقاتها، وتلقي عليك بكلاكلها وأثقالها، وتبوء بكل مخزياتها..
2 ـ إن هذا الوقت القصير، الذي هو بداية القتال، يكون فيه رجال الحرب على درجة عالية من اليقظة، والنشاط والحذر، ويريد كل منهم أن يختبر قدرات العدو، وأن يكتشف مكامن قوته، ومواضع ضعفه.
فالإقدام فيه محدود، والحذر فيه على أشده.. ولا تتوفر فيه دواع للاستقتال وطلب الموت، إذ لم يستحر القتل فيه بالأحبة، ولا وقع الأسر بعد على الأبناء والإخوة، ولا السبي أو العدوان على رموز الشرف، ومواضع الغيرة..
فلا موجب إذن لثورة حماس الشجعان. ليلقوا بأنفسهم في المهالك، طلباً للثار، أو لأجل محو العار.
وإذا كانت الأمور لا تزال في حدودها المعقولة هذه، فيمكن للعاقل أن يثوب إليه رشده في الليلة التي تعقب هذه البداية، ويكون ـ في هذه الحال ـ مدركاً بعمق حقيقة ما هو فيه، ونتائج ما يقدم عليه، فيوازن بين الحالين، ويتخذ القرار الرشيد، والموقف السديد..
3 ـ وإذا كان هناك من يلاحق مهزوماً فسيمنعه حلول الليل من مواصلة سعيه.
4 ـ ولا ضير في أن ينجو ذلك المهزوم، فإن هزيمته النفسية، تكفيه هو الآخر ليعيد حساباته، ويستأنف حياته، بنمط جديد، وحزر شديد.
كما أن المطلوب المهم هو دفع شره، والتخلص من أذاه.. وقد حصل ذلك فعلاً.. وليس المطلوب هو قتله، أو أسره، إلا إذا كان دفع شره يحتاج إلى ذلك.
وهذا هو ما قاله علي "عليه السلام": "هو أقرب إلى الليل، وأجدر أن يقل القتل، ويرجع الطالب، ويفلت المنهزم "([339]).
إن الإنسان لربه لكنود في من نزلت؟!
وقد ذكرت الرواية المتقدمة أن قوله تعالى: {إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ}([340]) قد نزل في الحارث بن مكيدة، إلى أن قال تعالى: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الخَيْرِ لَشَدِيدٌ}([341]).
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب "عليه السلام": يعني باتباعه محمداً([342]).
وقيل: المراد عمرو بن العاص([343]).
وقيل: غير ذلك..
ونقول:
إن هذا الاختلاف لا ضير فيه، إذ لعل السورة قد نزلت أكثر من مرة. ولهذا نظائر كثيرة، حسبما أشرنا إليه في موارد أخرى في هذا الكتاب، وفي غيره.
غير أن تفسير آية: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الخَيْرِ لَشَدِيدٌ}([344]) بعلي "عليه السلام". لا يلائم سياق الآيات. حيث يظهر من السياق أن حب ذلك الكنود للخير، أي أن حبه للنعم الدنيوية، مثل المال، والجاه، والبقاء على قيد الحياة، شديد، ولذلك خاف الذين أرسلهم النبي "صلى الله عليه وآله" أولاً على أنفسهم، وحسدوا علياً "عليه السلام"، وحاولوا إحباط مسعاه في تحقيق النصر..
ثم ذكرت الآيات أن هؤلاء المحبين للدنيا سيرون في يوم القيامة كيف أن الله سيظهر ما أضمروه في صدورهم، وسيفضح ما انطوت عليه قلوبهم. {أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ، وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ، إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ}([345]).
الفصل الثامن:
سرايا حدثت.. إلى فتح مكة..
سرية أبي قتادة إلى بطن إضم:
وفي أول شهر رمضان سنة ثمان أراد رسول الله "صلى الله عليه وآله" التوجه الى مكة لفتحها، بعث أبا قتادة الحارث بن ربعي في ثمانية نفر إلى بطن إضم([346])، ليظن ظان أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" توجه إلى تلك الناحية، ولأن تذهب بذلك الأخبار([347]).
وقال بعضهم: بعثنا رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى إضم [في نفر من المسلمين]، أميرنا أبو قتادة الحارث بن ربعي، وفينا محلم بن جثامة الليثي، وأنا. فخرجنا حتى إذا كنا ببطن إضم مر بنا عامر بن الأضبط الأشجعي على قعود له، ومعه مُتَيِّع له، ووطب من لبن.
قال: فلما مر بنا سلم علينا بتحية الإسلام فأمسكنا عنه، وحمل عليه محلم بن جثامة فقتله لشيء كان بينه وبينه، وسلبه بعيره ومتيعه.
فلما قدمنا على رسول الله "صلى الله عليه وآله" وأخبرناه الخبر نزل فينا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ الله فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ الله مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ..}([348]).
فانصرف القوم ولم يلقوا جمعاً، حتى انتهوا إلى ذي خشب. فبلغهم أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد توجه إلى مكة، فأخذوا على بيبن حتى لحقوا برسول الله "صلى الله عليه وآله" بالسقيا([349]).
فقال النبي "صلى الله عليه وآله" لمحلم: "أقتلته بعد ما قال آمنت بالله"؟
وفي حديث ابن عمر، والحسن: فجاء محلم في بردين، فجلس بين يدي رسول الله (ليستغفر له)، فقال "صلى الله عليه وآله": "أقتلته بعد ما قال إني مسلم"؟
قال: يا رسول الله، إنما قالها متعوذاً.
قال "صلى الله عليه وآله": "أفلا شققت عن قلبه"؟
قال: لم يا رسول الله؟
قال: "لتعلم أصادق هو أم كاذب".
قال: وكنت عالماً بذلك يا رسول الله. هل قلبه إلا مضغة من لحم؟
قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "إنما كان ينبئ عنه لسانه".
وفي رو اية: فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "لا ما في قلبه تعلم، ولا لسانه صدقت".
فقال: استغفر لي يا رسول الله.
فقال: "لا غفر الله لك".
فقام وهو يتلقى دموعه ببرديه. فما مضت سابعة حتى مات([350]).
وفي حديث ابن إسحاق: فما لبث أن مات، فحفر له أصحابه، فأصبح وقد لفظته الأرض، ثم عادوا وحفروا له، فأصبح وقد لفظته الأرض إلى جنب قبره([351]).
قال الحسن: لا أدري كم قال أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" كم دفناه، مرتين، أو ثلاثاً؟!([352]).
وفي حديث جندب، وقتادة: أما ذلك فوقع ثلاث مرات، كل ذلك لا تقبله الأرض، فجاؤوا رسول الله "صلى الله عليه وآله" فذكروا ذلك له، فقال: "إن الأرض تقبل من هو شر من صاحبكم، ولكن الله تعالى [يريد أن] يعظكم"، فأخذوا برجليه فألقوه في بعض الشعاب، وألقوا عليه الحجارة.
وسيأتي في غزوة حنين حكومته "صلى الله عليه وآله" بين عيينة بن حصن، والأقرع بن حابس في دم عامر بن الأضبط([353]).
نقول:
إن لنا مع هذا الذي ذكروه وقفات، نذكرها في ضمن العناوين التالية:
توضيح لابد منه:
إن الذي يقرأ ما تقدم يحتاج إلى إضافات وتوضيحات تفيده في استكمال ملامح صورة ما جرى، فيحتاج إلى أن يقال له: إن تلك السرية تبدو وكأنها سرية استطلاعية للجيش الكبير المجتمع، الذي يريد التحرك نحو مقصد لم يفصح عنه قائده..
فإذا كانت السرية الاستطلاعية قد توجهت إلى هدف مَّا، فمن الطبيعي أن يظن المراقب للأحداث أن الهدف هو التمهيد، ورصد الطرق والمسالك التي سيسلكها ذلك الجيش، أو يمر بالقرب منها. لكي لا تفاجئه كمائن العدو بهجمات قد تؤثر على تماسكه، وعلى معنوياته..
وربما يكون الهدف من السرايا الاستطلاعية هو تحديد الهدف الأقصى، الذي يراد تسديد الضربة القوية له..
هل كان أبو قتادة عالماً بهدف النبي ':
ويظهر من ثنايا النصوص التي نقلناها: أن أبا قتادة ومن معه ما كانوا يعلمون إلى أين سيتوجه النبي "صلى الله عليه وآله"..
ولذلك قال: فلما انتهوا إلى ذي خشب بلغهم: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد توجه إلى مكة، فلحقوا به.
وهذا معناه: أنه "صلى الله عليه وآله" قد مارس أقصى درجات الحيطة والحذر، حتى إن نفس سراياه كانوا لا يعلمون بالهدف الذي يريد توجيه الضربة إليه، ولا يعلمون بخطته الحربية، ولا بمقاصد تحركاته، حتى بعناوينها العامة..
وبذلك يكون قد أعطى درساً عملياً فيما يرتبط بالأسرار الحربية، على قاعدة ما روي عن أميرالمؤمنين في قوله لأصحابه: "إن لكم عليَّ أن لا أخفي عنكم سراً إلا في حرب"([354]).
نصرت بالرعب:
قلنا في بعض المواضع من هذا الكتاب: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" كان يريد أن يفتح مكة من دون إراقة محجمة من دم فيها، وذلك حفاظاً منه "صلى الله عليه وآله" على قدسية البيت الحرام، الذي يريده الله حرماً آمناً، حتى حين يتخطف الناس من حوله.
فكان أن انتهج سياسة تعرِّف أولئك الطغاة، بقوة الإسلام الحقيقية، وتزيل عن أعينهم غشاء الغرور والعنجهية، ليروا الحقائق على ما هي عليه، بعيداً عن التحجيم تارة، وعن التضخيم أخرى..
حتى إذا ا تضح لهم ذلك دب الرعب في قلوبهم، ولم يجدوا عن التراجع عن تلك المواقف المخزية محيصاً، وبذلك يتابع الإسلام مسيرته الظافرة، ويمارس حقه الطبيعي في الدعوة إلى الله تعالى.
وهذا بالذات هو ما عناه رسول الله "صلى الله عليه وآله" بقوله: "نصرت بالرعب".
وحين كان "صلى الله عليه وآله" من جهة أخرى يمارس أسلوب المفاجأة، فإنما كان يريد أن يظهر جانباً آخر من قوة الإسلام، من حيث أن أسلوب الحرب، وطبيعة الحركة فيها من شأنه أن يضيف المزيد من القدرات المؤثرة في إضعاف العدو، وفي هزيمته الروحية، وفي زيادة اندفاع القوات المهاجمة له، التي تريد تحقيق النصر عليه..
ولذلك بعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" أبا قتادة في ثمانية نفر إلى بطن إضم، ليظن ظان أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" يفكر في التحرك بذلك الاتجاه. أو أنه يفكر في معالجة القضايا القريبة منه، وليس له همة فيما هو أبعد من ذلك.
حتى إذا اطمأن العدو، وانصرف ليفكر في شأن آخر، باغته رسول الله "صلى الله عليه وآله" بجيش قد لا يجرؤ أو لا يقدر على مواجهته حتى وهو في أقصى درجات الاستعداد، فكيف يواجهه في حال الغفلة والاستنامة..
بل إنه حتى لو كان العدو ملتفتاً إلى حركة رسول الله "صلى الله عليه وآله" باتجاه مواقعه، فإن شعوره بأن النبي "صلى الله عليه وآله" قادر على فتح أكثر من جبهة في آن واحد، حتى لو كانت إحدى هذه الجبهات هي أعتى قوى الشرك في الحجاز كله، فإن ذلك سيفسح المجال لخياله ليسرح في آفاق القدرات التي توفرت لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، الذي جُرِّبَتِ الحرب معه مرات ومرات، وخسرها كل من جربها.
ابن جثامة تلفظه الأرض:
وقد زعموا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد رفض أن يستغفر لابن جثامة وأن الأرض قد لفظته.
ونقول:
إننا نتحفظ على قولهم هذا:
فأولاً: قد قيل: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد استغفر له بعد دعائه عليه([355]).
ثانياً: إن ابن جثامة قد مات بحمص أيام ابن الزبير([356]).
ثالثاً: إنهم يقولون: إن رجلاً لفظته الأرض اسمه فليت([357]). فلعلهم استعاروا هذه الحادثة من ذلك الرجل واتحفوا بها ابن جثامة لأسباب لا يهمنا التعرف عليها.
رابعاً: لماذا يستغفر النبي "صلى الله عليه وآله" لأسامة، كما يدعون، ويرفض أن يستغفر لابن جثامة؟!
ما معنى أن يطلب "صلى الله عليه وآله" من الله أن لا يغفر لابن جثامة، الذي كان يبكي، ويظهر الندامة، مع أن الله قد أرسله رحمة للعالمين. ومع أنه قد كان يمكنه أن يجري عليه الأحكام الشرعية التي تتعلق بالقاتل، إن وجده مداناً فيما أقدم عليه.
ثم إن الله هو الذي يتولى حسابه على نواياه، إن كان صادقاً في توبته، أو غير صادق فيها.
ملاحظة أخيرة:
ويلاحظ هنا: أن هذه القصة تشبه في عناصرها، وسياقاتها قصة أسامة بن زيد، التي تقدم الحديث عنها في الجزء السابق من هذا الكتاب.
فكيف لم يتعظ محلم بن جثامة بما جرى لأسامة؟!
وهل يمكن أن نعتبر أن الشدة التي أظهرها النبي الكريم "صلى الله عليه وآله" على محلم بن جثامة، ترجع إلى أن ما جرى لأسامة كان يجب أن يردع ابن جثامة وغيره عن ارتكاب نفس المخالفة، فضلاً عن أن يقدم نفس العذر.
سرية واحدة أم سريتان؟!:
قد أورد الواقدي سرية أبي قتادة إلى خضرة، وابن أبي حدرد إلى الغابة في سياق واحد، معتبراً إياهما سرية واحدة..
لكنه في السيرة الحلبية جعلهما سريتين.
ونحن لا نريد أن نبذل المزيد من الجهد في تحقيق ذلك، ولاسيما بملاحظة ما يرد على كثير من المواضع فيهما من الإشكالات التي تزيد في وهنهما، وإبعادهما عن درجة الاعتماد..
غير أن لنا الحق في أن نقدم تصوراً لما جرى، ربما يكون قادراً على حل الإشكال فيما يرتبط بوحدة القضية أو تعددها.. وهو: أن يكون ابن أبي حدرد ورجلان آخران قد كلفوا بمهمة قتل رفاعة بن قيس، فوافق ذلك مسير أبي قتادة، فضمهم إليه.. فأنجز ابن أبي حدرد ما كلفه به الرسول، في طريق الذهاب أو العودة، وشارك في سرية أبي قتادة، فأصاب ما أصاب من الغنائم في السريتين.. ولأجل ذلك آثرنا الفصل بينهما، وكأنهما سريتان مستقلتان.
ولكن المهم هو إثبات أصل وجود كثير من هذه السرايا، ومنها سرية أبي قتادة، وسرية قتل ابن أبي حدرد لرفاعة.. فضلاً عن لزوم إثبات توافق المواقع والمواضع التي يقيم فيها هؤلاء وأولئك، وإمكانية الإلتقاء في طرقها ومسالكها.
إذ لو كانت هذه القبيلة أو الموقع في الشرق، وذاك في الغرب، فإن هذا التصور يسقط عن الاعتبار.
غير أن علينا هنا أن نذكر ما ذكروه، ثم نشير إلى مواضع النظر فيما زعموه، فنقول:
إننا نورد النصوص التي تتحدث عن هذه القضية وتلك أولاً، ثم نعقب عليها بما يقتضيه المقام.. فلاحظ ما يلي:
سرية أبي قتادة إلى خضرة:
عن عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي قال: تزوجت ابنة سراقة بن حارثة النجاري وقد قتل ببدر، فلم أصب شيئاً من الدنيا كان أحب إلي من نكاحها، وأصدقتها مائتي درهم، فلم أجد شيئاً أسوقه إليها، فقلت: على الله تعالى ورسوله "صلى الله عليه وآله" المعول.
فجئت رسول الله "صلى الله عليه وآله" فأخبرته، فقال: "كم سقت إليها"؟
فقلت: مائتي درهم يا رسول الله.
فقال: "سبحان الله، والله لو كنتم تغترفونه من ناحية بطحان ـ وفي رواية ـ "لو كنتم تغترفون الدراهم من واديكم هذا ما زدتم".
فقلت: يا رسول الله أعنِّي على صداقها.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "ما وافقت عندنا شيئاً أعينك به، ولكن قد أجمعت أن أبعث أبا قتادة في أربعة عشر رجلاً في سرية، فهل لك أن تخرج فيها؟ فإني أرجو أن يغنمك الله مهر امرأتك.
فقلت: نعم([358]).
وفي حديث محمد بن عمر، وأحمد. واللفظ للأول: فخرجنا، ومعنا سلاحنا من النبل والسيوف، فكنا ستة عشر رجلاً بأبي قتادة، وهو أميرنا. فبعثنا رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى غطفان نحو نجد.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "سيروا الليل، واكمنوا النهار، وشنوا الغارة، ولا تقتلوا النساء والصبيان".
قال: فخرجنا حتى جئنا ناحية غطفان([359]).
وفي حديث أحمد: فخرجنا حتى جئنا الحاضر ممسين، فلما ذهبت فحمة العشاء، قال محمد بن عمر، قال: وخطبنا أبو قتادة، وأوصانا بتقوى الله تعالى. وألَّف بين كل رجلين، وقال:
"لا يفارق كل رجل زميله حتى يقتل أو يرجع إلي فيخبرني خبره، ولا يأتين رجل فأسأله عن صاحبه، فيقول: لا علم لي به، وإذا كبرت فكبروا، وإذا حملت فاحملوا، ولا تمعنوا في الطلب".
فأحطنا بالحاضر، فسمعت رجلاً يصرخ: يا خضرة، فتفاءلت وقلت: لأصيبن خيراً، ولأجمعن إلي امرأتي، وقد أتيناهم ليلاً.
قال: فجرد أبو قتادة سيفه وكبر، وجردنا سيوفنا وكبرنا معه، فشددنا على الحاضر وقاتلنا رجالاً، وإذا أنا برجل طويل قد جرد سيفه وهو يمشي القهقري، مرة يقبل علي بوجهه، ومرة يدبر عني بوجهه، كأنه يريد أن يستطردني فأتبعه، ثم يقول: يا مسلم، هلم إلى الجنة فأتبعه.
ثم قال: إن صاحبكم لذو مكيدة، أمره هذا الأمر. وهو يقول: الجنة الجنة. يتهكم بنا.
فعرفت أنه مستقتل، فخرجت في أثره، وناديت: أين صاحبي؟
فقال: لا تبعد، فقد نهانا أميرنا عن أن نمعن في الطلب، فأدركته، وملت عليه فقتلته، وأخذت سيفه.
وقد جعل زميلي يناديني أين تذهب؟ إني والله إن ذهبت إلى أبي قتادة فسألني عنك أخبرته.
قال: فلقيته قبل أبي قتادة.
فقلت: أسأل الأمير عني؟
قال: نعم، وقد تغيظ علي وعليك.
وأخبرني أنهم قد جمعوا الغنائم، وقتلوا من أشرافهم.
فجئت أبا قتادة فلامني، فقلت: قتلت رجلاً كان من أمره كذا وكذا، وأخبرته بقوله كله.
ثم سقنا النعم، وحملنا النساء وجفون السيوف معلقة بالأقتاب، فأصبحت وبعيري مقطور بامرأة كأنها ظبي. فجعلت تكثر الالتفات خلفها وتبكي، فقلت: إلى أي شيء تنظرين؟
قالت: أنظر والله إلى رجل لئن كان حياً لاستنقذنا منكم.
فوقع في نفسي أنه هو الذي قتلت.
فقلت: قد والله قتلته، وهذا والله سيفه معلق بالقتب.
قالت: فألق إلي غمده.
فقلت: هذا غمد سيفه.
قالت: فشِمْه إن كنت صادقاً.
قال: فشِمْته فطبق.
قال: فبكت، ويئست([360]).
وعن ابن عمر قال: بعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" سرية قبل نجد، فخرجت فيها، فغنمنا إبلاً وغنماً كثيرة، فبلغت سهماننا اثني عشر بعيراً، فنفلنا أميرنا بعيراً بعيراً كل إنسان، ثم قدمنا على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقسم علينا غنيمتنا، فأصاب كل رجل منا اثنا عشر بعيراً بعد الخمس، وما حاسبنا رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالذي أعطانا صاحبنا، ولا عاب عليه ما صنع([361]).
وفي رواية: نفلنا رسول الله "صلى الله عليه وآله" بعيراً بعيراً، فكان لكل إنسان ثلاثة عشر بعيراً([362]).
قال عبد الله بن أبي حدرد: فأتينا رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وجئت برأس رفاعة أحمله معي، فأعطاني رسول الله "صلى الله عليه وآله" من تلك الإبل ثلاثة عشرة بعيراً، فدخلت بزوجتي، ورزقني الله خيراً كثيراً([363]).
وعند محمد بن عمر، عن جعفر بن عمر: وقالوا: غابوا خمس عشرة ليلة، وجاؤوا بمائتي بعير، وألف شاة، وسبوا سبياً كثيراً، وجمعوا الغنائم، فأخرجوا الخمس، فعزلوه، وعُدِل البعير بعشر من الغنم([364]).
قال الدياربكري: فقتل من أشرافهم، وسبى سبياً كثيراً، واستاق النعم، فكانت الأبل مائتي بعير، والغنم ألفي شاة، وكانت غيبته خمس عشرة ليلة([365]).
ونقول:
المهور الغالية:
والذي لا مجال للإغماض عنه: هو أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد استكثر المهر الذي أعطاه ابن أبي حدرد لزوجته، ووجه له ما يشبه اللوم لمجرد أنه أصدق زوجته ماءتي درهم..
ونقول:
1 ـ إن النبي نفسه "صلى الله عليه وآله" قد أصدق زوجاته ـ كما يقول هؤلاء أنفسهم ـ ضعف هذا المبلغ أو أزيد من ذلك.. فلماذا يعترض على غيره في أمر هو قد سنه للناس؟! وللناس في رسول الله "صلى الله عليه وآله" أسوة حسنة..
2 ـ على أن ما يزعم أنه قد قاله لابن أبي حدرد: "لو كنتم تغترفون الدراهم من واديكم هذا ما زدتم"، غير ظاهر الوجه على المستوى العملي، فإن عمر بن الخطاب قد أمهر زوجته أم كلثوم أربعين ألف درهم، أو عشرة آلاف دينار، أو أربعين ألف دينار([366]).
ثم زادت المهور، وتنامت حتى بلغت مئات الألوف والملايين. وحديث زواج بوران بنت الفضل بن سهل بالمأمون، وما أنفق في زفافها، وما جُعِل نحلة لها، مما لا يجهله أي مطلع على كتب التاريخ([367]).
3 ـ قد أحل الله سبحانه أن يعطي الرجل للمرأة من المهر ما شاء. وإن كان يستحب تقليل المهر.. ولكن لا يلام ولا يجبه من لم يعمل بالمستحب..
4 ـ إن مقدار المهر وخصوصياته قد تفرضه ظروف خارجة عن اختيار الزوج، وقد يكون منها رغبة الزوجة، أو رغبة أهلها بتكثير المهر لأسباب خاصة بهم.. فلا يستحق الزوج هذا التأنيب أو اللوم، إلا إذا ثبت أنه هو قد بادر إلى ذلك على سبيل المباهاة، أو الشطط..
تبييت العدو:
وقد ذكرت تلك الرواية: أن المسلمين أغاروا على القوم ليلاً.. مع أنه قد تقدم: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" ما بيت عدواً ليلاً..
فإذا كان هو لم يفعل ذلك تنزهاً عنه، فهل يسمح به لسراياه وبعوثه؟!
الغنائم والأسرى:
والذي يثير الشبهة أيضاً هذه الغنائم الكثيرة، التي بلغت ألفي شاة، وماءتي بعير، بل أكثر، بالإضافة إلى الأسرى والسبايا، هو أن الغانمين كانوا ستة عشر رجلاً فقط.. فكيف استطاعوا أن يحافظوا عل كل هذه الغنائم، وكل هذا السبي من محاولات أصحابها، استرجاعها، أو اقتطاع جزء أو أجزاء منها، من أي جهة أرادوا..
فإن ستة عشر رجلاً إذا تفرقوا حول ذلك الحشد العظيم من الغنائم وغيرها، وصاروا أفراداً متباعدين حولها، فإن هجوم أي جماعة من أية جهة كانت، سوف يكون ناجحاً في استعادة ذلك السلب والسبايا، أو في استعادة كثير منه.
علماً بأن كثرة هذه الإبل والغنم، إن لم تكن تشير إلى كثرة المالكين لها، فإن مجرد كونهم من قبائل غطفان يكفي على هذه الكثرة فيهم، ومعها الجرأة أيضاً..
فقد عرفنا: أن عيينة بن حصن الغطفاني كان يتحرك في المنطقة كلها من منطلق كونه قوة رئيسة فيها، حتى لقد كان المناوئون للإسلام يعرضون عليه أثماناً باهظة جداً، إذا نصرهم بالألوف من الغطفانيين الذين كانوا تحت أمره وبأمرته.
إذن.. فكيف يمكن أن نتصور ستة عشر رجلاً يغيرون على غطفان، وهي في بلاد بعيدة عن المدينة ـ حتى لقد غاب المسلمون في سريتهم إليها خمس عشرة ليلة ـ ثم يأخذون سبايا وغنائم بهذا الحجم العظيم، ولا يبادر الأهل والأصحاب، وأهل النجدة من تلك القبيلة لنجدة من حل بهم المصاب؟! واسترجاع كل أو بعض ما أخذ من سبايا، وأسلاب؟! خصوصاً مع طول المسير، وليس للمغيرين ظهير ولا مجير، ولا محام ولا نصير!!
الإحاطة بالحاضر:
وإذا كانت الغنائم والسبايا بهذه الكثرة، فإن الدائرة التي يكون فيها الحاضر متسعة، فكيف أحاط ستة عشر رجلاً بهم فيها؟! وكيف تعرَّف بعضهم على بعض؟.. وكيف؟.. وكيف؟..
يرى وجه مهاجمه في ظلام الليل:
وقد صرحت الروايات المتقدمة: بأن هجوم أبي قتادة ومن معه كان ليلاً، بعد ان ذهبت فحمة العشاء، (أي ذهب إقباله وأول سواده([368])).. فكيف رأى ابن أبي حدرد الرجل الطويل، وقد جرد سيفه؟! وكيف رآه يمشي القهقري، ومرة يقبل عليه بوجهه، ومرة يدبر عنه بوجهه؟!
افتراق الزميلين:
وإذا كان هو قد طارد ذلك الرجل الطويل، وترك صاحبه، فلماذا يتركه صاحبه؟! أو لماذا يترك هو صاحبه؟! وإذا كان يراه يذهب كما تقول الراوية، فلماذا لم يلحق به؟!
الغنائم تحل المشكلات:
ثم إننا لا نستطيع أن نتجاهل ذلك الإنطباع غير المحمود، الذي تتركه الطريقة التي يزعمون أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد عالج بها مشكلة ابن أبي حدرد، من حيث أنه اعتمد في ذلك على الغنائم التي سوف تحصل عليها تلك السرية، وكأن همه "صلى الله عليه وآله" منصرف إلى حل المشكلات بهذا الأسلوب.. وكأن سراياه كانت سرايا تحصيل أموال، وحصول على سبايا وغنائم..
ونحن لا نشك في عدم صحة ذلك، وأنه لا يمكن أن يكون ذلك محط اهتمامات رسول "صلى الله عليه وآله"، ولا هو مما يرتكز إليه في وعوده المالية.. بل كان همه "صلى الله عليه وآله" هو الدعوة إلى الله. وتحصين المسلمين، وحفظهم من كيد اعدائهم، والمتربصين بهم..
وعد آخر بسبية متوقعة:
هذا وقد رووا عن عبد الله بن أبي حدرد: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" كان قد وعد محمية بن جزء الزبيدي بجارية من أول فيء يفيء الله به. فلما رجع أبو قتادة بالغنائم والسبي التي أخذها من غطفان، في أرض محارب، جاء محمية بن جزء إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" وقال: يا رسول الله، إن أبا قتادة قد اصاب جارية وضيئة، وقد كنت وعدتني جارية من أول فيء يفيء الله به عليك.
فأرسل رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى أبي قتادة، وقال: هب لي الجارية، فوهبها له، فأخذها ودفعها إلى محمية بن جزء([369]).
ونقول:
1 ـ لماذا يطلب النبي "صلى الله عليه وآله" من أبي قتادة أن يهبه الجارية، ولا يطلب منه أن يبيعها له؟! أليس ذلك هو الأنسب، من حيث أنه لا تبقى لأحد منة على رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟! وهو الأولى، من حيث تأكيد اليقين بطيب نفسه عن تلك الجارية الوضيئة، والرضا بالمال الذي يحصل عليه كثمن لها؟!
2 ـ لماذا اختار ذلك الرجل الموعود خصوص جارية أبي قتادة الوضيئة، ولم يختر سواها؟!
أو فقل: لماذا يفسح المجال لذلك الشخص ليعيِّن هو هذه الجارية أو تلك؟ ولماذا لا يكتفي بمجرد مطالبة النبي "صلى الله عليه وآله" بالوفاء بوعده، باستخلاص أية جارية كانت من صاحبها، لكي يعطيه إياها؟
3 ـ ألم يكن لرسول الله "صلى الله عليه وآله" الصفى من المغانم؟ أليس كان من الطبيعي أن تكون الجارية الوضيئة التي قد يثور حولها خلاف حين الاقتسام، هي الصفى لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، لينقطع بذلك دابر الخلاف فيها، ويزول الاحساس بالغبن، والتحاسد لدى سائر المقاتلين الذين لم تكن تلك الجارية من نصيبهم؟!
4 ـ إن ما يستوقفنا هنا أيضاً: أن غطفان لم تحاول اللحاق بأولئك الذين قتلوا رجالها، وسبوا نساءها، واستاقوا نعمها وشاءها، وهم خمسة عشر رجلاً فقط، مع أن مسيرهم طويل، وليس فيهم من يخشاه فوارس غطفان، الذين كانوا يعدون بالمئات والألوف..
سرية ابن أبي حدرد إلى الغابة:
وفي هذه السنة كانت سرية عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي أيضاً، ومعه رجلان إلى الغابة، لما بلغه "صلى الله عليه وآله" أن رفاعة بن قيس يجمع لحربه، فذهب الرجال الثلاثة إلى رفاعة فقتلوه وهزموا عسكره، وغنموا غنيمة عظيمة. حكاه مغلطاى([370]).
وعن عبد الله بن أبي حدرد أنه قال: أقبل رجل اسمه رفاعة بن قيس، أو قيس بن رفاعة في بطن عظيم من بني جشم، حتى نزل بقومه، وبمن معه الغابة، يريد أن يجمع قيساً على حرب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وكان ذا اسم وشرف في جشم.
فدعاني رسول الله "صلى الله عليه وآله" ورجلين من المسلمين فقال: "أخرجوا إلى هذا الرجل، حتى تأتوني منه بخبر وعلم".
وقدم لنا شارفاً عجفاء، يحمل عليها أحدنا، فوالله ما قامت به ضعفاً، حتى دعمها الرجال من خلفها بأيديهم، حتى استقلت، وما كادت. ثم قال: "تبلغوا عليها واعتبقوها"([371]).
قال عبد الله بن أبي حدرد: فخرجنا، ومعنا سلاحنا من النبل والسيوف، حتى إذا جئنا قريباً من الحاضر (عشيشية)، مع غروب الشمس، كمنت في ناحية، وأمرت صاحبي فكمنا في ناحية أخرى من حاضر القوم، وقلت لهما: إذا سمعتماني قد كبرت وشددت في ناحية العسكر، فكبرا، وشدا معي.
قال: فوالله إنا لكذلك ننتظر غرة القوم، أو أن نصيب منهم شيئاً، غشينا الليل، فذهبت فحمة العشاء، وكان راعيهم قد أبطأ عليهم حتى تخوفوا عليه. فقام صاحبهم رفاعة بن قيس، أو قيس بن رفاعة. فأخذ سيفه، فجعله في عنقه، ثم قال: والله لأتبعن أثر راعينا هذا، فلقد أصابه شر.
فقال بعض من معه: نحن نكفيك فلا تذهب.
فقال: والله لا يذهب إلا أنا.
فقالوا: ونحن معك.
قال: والله لا يتبعني أحد منكم. وخرج حتى مر بي، فلما أمكنني نفحته بسهم، فوضعته في فؤاده، فوالله ما تكلم، ووثبت إليه، فاحتززت رأسه، وشددت في ناحية العسكر، وكبرت، وشد صاحباي وكبرا.
فوالله ما كان إلا النجاء ممن فيه: عندك، عندك. بكل ما قدروا عليه من نسائهم وأبنائهم، وما خف معهم من أموالهم، واستقنا إبلاً عظيمة، وغنماً كثيرة([372]).
ثم ذكر أنه جاء بالغنيمة إلى رسول الله فأعانه "صلى الله عليه وآله"، منها بثلاثة عشر بعيراً.
ونقول:
إن أكثر المفردات التي وردت في هذه السرية قد جاءت في غير السياق الطبيعي، فلاحظ على سبيل المثال ما يلي:
1 ـ إن راوي هذه الأحداث هو ابن أبي حدرد نفسه، وهو يدعي أنه حقق بطولات نادرة، من شأنها أن تصبح حديث النوادي، للحاضر، وللبادي، وأن يحتفي الناس ببطلها وبمساعديه، ويصبح الرجل المقدم على الأقران، وأن نسمع الثناء عليه وعليهم من كل شفة ولسان، حتى من رسول الله "صلى الله عليه وآله"، في ذلك الوقت، وفي كل عصر وزمان..
ولكن كل ذلك لم يكن..
2 ـ إذا كان هناك جمع عظيم مجموع، ومستعد لحرب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وقد هزمه ثلاثة أشخاص فقط، فإن المتوقع من هذا الجمع العظيم، أن يعيد الكرة على مهاجميه، بعد أن يعود إليه صوابه، وأن يلاحق الذين استاقوا الأبل والشاء، وأن يراقب حركتهم، ويسعى إلى الانتقام لنفسه، ويستعيد كرامته، ويستنقذ شرفه.
ولكن كل ذلك لم يكن أيضاً.
3 ـ إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" إنما أرسل ابن أبي حدرد ورفيقيه في مهمة محددة، وهي أن يأتوا من رفاعة بن قيس بخبر، فما معنى أن يشنوا الغارة عليه، ويقتلوه، ولم يأمرهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" بذلك..
4 ـ ما معنى أن يعطيهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" في مهمتهم تلك التي تحتاج إلى النشاط والحركة السريعة، لكونها مهمة استطلاع شارفاً واحداً؟. ثم أن تكون هذه الشارف عجفاء، أي لم تستطع أن تقوم بواحد منهم لشدة ضعفها([373]).
5 ـ لماذا أصر رفاعة على الخروج في طلب الراعي، ولم يوكل ذلك إلى بعض قومه؟! ثم لماذا أصر أن يكون وحده؟! فهل كان غاضباً من قومه، لائماً لهم على تقصيرهم؟!.
أم أن على الرئيس أن يتولى أمر تفقد رعاته، وأن يبحث عنهم بنفسه؟!
6 ـ لماذا حمل رأس قيس بن رفاعة معه إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟! وهل جرت عادة السرايا أن يأتوا برؤوس الناس إليه "صلى الله عليه وآله"؟!
وما الذي قاله له رسول الله "صلى الله عليه وآله" في ذلك؟! هل قبله منه؟ أم اعترض عليه؟! أم سكت عنه؟!.
7 ـ من هو الذي جمع هذا الجمع العظيم؟! هل هو قيس بن رفاعة؟ أم هو رفاعة بن قيس؟!..
وهل يكون مثلاً من يستطيع أن يجمع هذا الجمع نكرة ومجهولاً إلى هذا الحد؟!
8 ـ لماذا لم يذكر الرواة لنا عن هؤلاء الذين جمعهم رفاعة بن قيس شيئاً، فلم تعرف قبائلهم، ولا عرفنا أحداً من الشخصيات التي كانت معهم، أو في جملة قياداتهم..
9 ـ قد ذكروا: أن ابن أبي حدرد زعم: أنه طلب من النبي"صلى الله عليه وآله" أن يعينه في مهر زوجته، فأرسله في هذه السرية، وأعانه "صلى الله عليه وآله" بثلاثة عشر بعيراً في صداق زوجته([374]).
ثم ذكروا: أنه حين طلب منه "صلى الله عليه وآله" المعونة في ذلك: أرسله مع أبي قتادة في سرية فحصل على ما أراد، فقد روي عن ابن أبي حدرد نفسه أنه قال:
"لما طلبت منه "صلى الله عليه وآله" الإعانة في مهر زوجتي. قال لي: ما وافقت عندنا شيئاً أعينك به، ولكن قد أجمعت أن أبعث ابا قتادة في أربعة عشر رجلاً في سرية، فهل لك أن تخرج فيها".
ثم ذكر خروجه معهم، وأنه قتل ذلك الرجل الذي صار يتهكم به، وأنه رأى في السبي إمرأة كأنها ظبي، تبين له أنها هي صاحبة ذلك الرجل الذي كان قد قتله، فراجع([375]).
ويلاحظ: أن ثمة تشابهاً في مقدار الغنيمة، بين هذه السرية والسرية التي قبلها، فحصته كانت في كل واحدة منها ثلاثة عشر بعيراً.
سرية أبي عبيدة إلى سيف البحر:
وكانت سرية أبي عبيدة إلى سيف البحر، ليرصدوا عيراً لقريش([376]). في شهررجب في السنة الثامنة للهجرة، وذلك بعد أن نكثت قريش العهد وقبل الفتح([377]).
قال بعضهم: وكان النكث ـ كما زعم هؤلاء ـ في شهر رمضان([378]).
ولعل الأمر قد اشتبه عليه، فإن الفتح كان في شهر رمضان، أما النكث فكان قبل ذلك.
ولعله أراد أن يكتب أن الفتح كان في شهر رمضان، فكتب بدل ذلك، أن النكث كان فيه.
وعند ابن سعد: أن هذه السرية كانت في سنة ست أو قبلها، قبل الحديبية([379]).
وعلى كل حال، فقد قالوا: بعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" أبا عبيدة بن الجراح في سرية فيها المهاجرون والأنصار، وهم ثلاثمائة رجل إلى ساحل البحر، إلى حي من جهينة، فأصابهم جوع شديد، فأمر أبو عبيدة بالزاد فجمع حتى إنهم كانوا ليقتسمون التمرة.
فقيل لجابر: فما يغني ثلث تمرة.
قال: لقد وجدوا فقدها.
قال: ولم تكن معهم حمولة. إنما كانوا على أقدامهم، وأباعر يحملون عليها زادهم. فأكلوا الخبط، حتى إن شدق أحدهم بمنزلة مشفر البعير العضة.
فمكثنا على ذلك حتى قال قائلهم: لو لقينا عدواً ما كان بنا من حركة إليه. لما بالناس من الجهد.
فقال قيس بن سعد: من يشتري مني تمراً بجزر. يوفيني الجزر ههنا، وأوفيه التمر بالمدينة؟
فجعل عمر يقول: واعجباه لهذا الغلام، لا مال له، يدَّان في مال غيره.
فوجد رجلاً من جهينة، فقال قيس بن سعد: بعني جزراً وأوفيك سقة من تمر بالمدينة.
قال الجهني: والله ما أعرفك. ومن أنت.
قال: أنا قيس بن سعد بن عبادة بن دليم.
قال الجهني: ما أعرفني بنسبك. أما إن بيني وبين سعد خلة، سيد أهل يثرب.
فابتاع منهم خمس جزر، كل جزور بوسقين من تمر. يشرط عليه البدوي تمر ذخيرة مصلبة من تمر آل دليم.
قال: يقول قيس: نعم.
قال الجهني: فأشهد لي.
فأشهد له نفراً من الأنصار، ومعهم نفر من المهاجرين.
قال قيس: أشهد من تحب.
فكان فيمن أشهد عمر بن الخطاب، فقال عمر: لا أشهد! هذا يدان ولا مال له. إنما المال لأبيه.
قال الجهني: والله، ما كان سعد ليخني بابنه في سقةٍ من تمر! وأرى وجهاً حسناً، وفعالاً شريفاً.
فكان بين عمر وبين قيس كلام حتى أغلظ له قيس الكلام.
وأخذ قيس الجزر فنحرها لهم في مواطن ثلاثة. كل يوم جزوراً. فلما كان اليوم الرابع نهاه أميره وقال: تريد أن تخفر ذمتك ولا مال لك؟
وقال الواقدي: حدثني محمد بن يحيى بن سهل، عن أبيه، عن رافع بن خديج، قال: أقبل أبو عبيدة بن الجراح ومعه عمر بن الخطاب، فقال: عزمت عليك ألا تنحر؛ أتريد أن تخفر ذمتك ولا مال لك؟
فقال قيس: يا أبا عبيدة، أترى أبا ثابت وهو يقضي دين الناس، ويحمل الكل، ويطعم في المجاعة، لا يقضي سقة من تمر لِقومٍ مجاهدين في سبيل الله!
فكاد أبو عبيدة أن يلين له، ويتركه حتى جعل عمر يقول: اعزم عليه! فعزم عليه، فأبى عليه أن ينحر.
فبقيت جزوران معه، حتى وجد القوم الحوت، فقدم بهما قيس المدينة ظهراً يتعاقبون عليها.
وبلغ سعد ما كان أصاب القوم من المجاعة، فقال: إن يكن قيس كما أعرفه فسوف ينحر للقوم.
فلما قدم قيس لقيه سعد، فقال: ما صنعت في مجاعة القوم حيث أصابهم؟
قال: نحرت.
قال: أصبت، انحر.
قال: ثم ماذا؟
قال: ثم نحرت.
قال: أصبت، انحر.
قال: ثم ماذا؟
قال: ثم نحرت.
قال: أصبت، انحر.
قال: ثم ماذا؟
قال: نهيت.
قال: ومن نهاك؟
قال: أبو عبيدة بن الجراح أميري.
قال: ولم.
قال: زعم أنه لا مال لي، وإنما المال لأبيك.
فقلت: أبي يقضي عن الأباعد، ويحمل الكل، ويطعم في المجاعة، ولا يصنع هذا بي.
قال: فلك أربع حوائط.
قال: وكتب له بذلك كتاباً.
قال: وأتى بالكتاب إلى أبي عبيدة، فشهد فيه، وأتى عمر فأبى أن يشهد فيه ـ وأدنى حائط منها يجذ خمسين وسقاً. وقدم البدوي مع قيس فأوفاه سقته، وحمله، وكساه.
فبلغ النبي "صلى الله عليه وآله" فعل قيس، فقال: إنه في بيت جود([380]).
ثم روى الواقدي عن جابر بن عبد الله: أن البحر ألقى لهم حوتاً مثل الظرب، فأكل الجيش منه اثنتي عشرة ليلة، ثم أمر أبو عبيدة بضلع من أضلاعه فنصب، ثم أمر براحلة فرحلت، ثم مر تحتها فلم يصبها([381]).
حدثني ابن أبي ذئب، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله، قال: إن كان الرجل ليجلس في وقب عينه، وإن كان الراكب ليمر بين ضلعين من أضلاعه على راحلته.
حدثني عبد الله بن الحجازي، عن عمر بن عثمان بن شجاع، قال: لما قدم الأعرابي على سعد بن عبادة، قال: يا أبا ثابت! والله، ما مثل ابنك صنعت، ولا تركت بغير مال؛ فابنك سيد من سادات قومه، نهاني الأمير أن أبيعه.
قلت: لم؟
قال: لا مال له! فلما انتسبت إليك عرفته، فتقدمت لما عرفت أنك تسمو على معالي الأخلاق وجسيمها، وأنك غير مذم بمن لا معرفة له لديك.
قال: فأعطى ابنه يومئذ أموالاً عظاماً([382]).
رصد عير قريش لا يصح:
ونقول:
قد ذكروا: أنه "صلى الله عليه وآله" أرسل أبا عبيدة بن الجراح في ثلاث مائة رجل إلى حي من جهينة في ساحل البحر.
وقيل: ليرصدوا عيراً لقريش.
قال الحلبي: "وعليه فتكون هذه السرية قبل الهدنة الواقعة في الحديبية، لما تقدم أنه "صلى الله عليه وآله" لم يكن يرصد عيراً لقريش إلى الفتح.
وتعدد سرية الخبط بعيد، فلا يقال: يجوز أن تكون سرية الخبط مرتين: مرة قبل الهدنة، ومرة بعدها. ومن ثم حكم على هذا القول: بأنه وهم الخ.."([383]).
ونضيف إلى ذلك: أن رصد العير، إن كان لأجل مهاجمتها وأخذها، كان ذلك نقضاً للهدنة، ولا يقدم النبي "صلى الله عليه وآله" على ذلك أبداً.
وإن كان لمجرد الاستعلام عن مسيرها، وعن حالاتها، فيرد سؤال عن الفائدة في الحصول على هذه المعلومات.
وسؤال آخر عن سبب تجهيز ثلاث مائة رجل لمجرد مهمة رصد، يكفي فيها أقل من عشر هذا العدد.
وسؤال ثالث يفرض نفسه هنا، عن سبب امتداد إقامةثلاث مائة شخص ما يقارب الشهرين في تلك المنطقة النائية.
وسؤال رابع عن سبب قصور أزوادهم عن أن تكفيهم في هذه المدة التي يحتاجون إليها لتحقيق مراد رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وإنجاز المهمة الموكلة إليهم..
ثم أن نسأل أخيراً.. إذا كانت المهمة قتالية، لمن كان في ساحل البحر من جهينة، فإن كانوا قد أنجزوها فور وصولهم، فلماذا لم يرجعوا إلى بلادهم مباشرة؟
ولماذا امتدت إقامتهم إلى حين نفذت أزوادهم حتى أكلوا الخبط؟ ثم إلى حين أكلوا شهراً من تلك الدابة البحرية.
وإن كانت تلك المهمة لم تنجز، ولم يباشروا القتال الذي أمروا بمباشرته، فلابد أن نسأل عن سبب ذلك.
على أن الأغرب من ذلك كله.. أن سرية تمتد تحتاج إلى حوالي شهرين لإنجاز مهمتها، وفيها ثلاث مائة مقاتل، لا يذكر لنا التاريخ أي شيء عما جرى لها، وعن أي شيء من إنجازاتها..
فلا ندري هل حققت نصراً، أم منيت بهزيمة.. وإن كانت قد ظفرت بالعدو، فكم قتلت منهم؟ وكم أسرت؟ وما هي الغنائم التي حصلت عليها؟
وإذا كان ثلاثة أشخاص، أو أربعة عشر شخصاً أو نحو ذلك يحققون الإنجازات الكثيرة في سرايا أخرى، فلماذا لم يستطع هذا العدد الكبير هنا تحقيق أي شيء رغم هذه الكثرة؟!
هدف السرية:
وروي عن جابر أنه قال: إن سبب بعث هذه السرية هو "طلب عير لقريش، وترصدها. فأقمنا على الساحل حتى فني زادنا، وأكلنا الخبط حتى تقرحت أشداقنا، ثم إن البحر ألقى إلينا دابة، يقال لها: العنبر، فأكلنا منها نصف شهر حتى صحت أجسامنا"([384]).
ونقول:
إننا لا ندري ما معنى أن يرسل "صلى الله عليه وآله" ثلاث مائة رجل في طلب عير لقريش مع أنه يكفي لأخذ العير ما هو أقل من هذا العدد بكثير..
إلا إذا فرض: أن قريشاً كانت تجهز مئات المقاتلين لحماية قوافلها الاقتصادية.
وإن كان المطلوب كما صرحت به الرواية هو مجرد ترصد تلك البعير، وليس المطلوب القتال فإن هذا العدد الكبير لا يناسب حالة الترصد والاستطلاع، لأنه عدد لا يمكن إخفاؤه لمدة طويلة.. بل هو سوف يطير خبره في كل اتجاه، وسوف يتحاشى الناس من الاقتراب منه.. وفرض توزعهم في الشعاب والجبال ليقوموا بمهمة الرصد، لا يمنع من افتضاح أمرهم مع طول المدة التي تحتاجها مهمة الرصد هذه.. إلا إن كان الهدف من هذه السرية هو الضغط على قريش من الناحية النفسية، وإيجاد حالة من الخشية والترقب، وعدم الاستقرار لديها..
على أن من غير المعقول: في سرية بهذا الحجم، وتحتاج في إنجاز مهمتها إلى وقت طويل، أن لا تحمل معها من القوت ما يكفيها طيلة إقامتها إلا أن يكون اعتمادها على الغارة والسلب، وهذا ما لا يقرهم عليه دينهم وخُلقهم، ولا يقبله وجدانهم ولا يرضاه منهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" كما أشرنا إليه أكثر من مرة.
عقلاء.. أم حساد؟!:
إن سعد بن عبادة كان رئيس الخزرج، وكان من بيت شرف وأريحية وإباء.. وكان قيس نفسه معروفاً بالجود والكرم أيضاً..
ولسنا نشك في أن سعداً لا يخذل ولده في موقف كهذا، بل هو يسر ويفتخر ويتباهى به. وقد قال ذلك الرجل ـ بائع التمر ـ نفسه: والله، ما كان سعد ليخني بابنه في سقة من تمر.
ولكن اللافت: هو هذا الموقف الحاد الذي اتخذه عمر بن الخطاب، الذي كان يكفيه أن يسدي النصيحة لقيس فيما بينه وبينه. وأما تقبيح عمله على رؤوس الأشهاد، ثم التشكيك بوفاء أبيه له، فلا يرضاه أحد لاسيما وانه يستبطن انتقاصاً من سعد ومن قيس على حد سواء..
ولا نريد أن نفسح المجال لخيالنا ليلاحق دوافع هذا الموقف الحاد، فنفترض تارة أن الهدف هو صلاح قيس، وحفظ أموال سعد عن الإهدار والتبذير..
ثم نناقش في ذلك: بأن هذا ليس من التبذير ولا الإهدار، بل هو مال تحفظ به النفوس، وتصان به الأرواح. وإن لم تسخَ به نفس سعد بن عبادة، ولم يف بذمة ولده، فلا شك في أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" نفسه هو الذي سيتولى هذا الوفاء، ولو من بيت مال المسلمين.
وسيكون "صلى الله عليه وآله" شاكراً لقيس، مغتبطاً بما صنع، لأنه حفظ جيش المسلمين من الضياع، وإبعاد الأذى والمتاعب عنه، حتى لو كانت في أدنى حالاتها أمر محبوب ومطلوب لله تعالى، ولرسوله، ولكل عاقل أريب..
وقد كنا نتوقع أن يبادر عمر نفسه، أو أمير السرية والمسؤول عن حفظها ـ وهو أبو عبيدة ـ إلى نفس ما فعله قيس. ولكن الأمور سارت على عكس ما توقعناه، فهما لم يفعلا شيئاً، كما أنهما قد اتفقا على منع غيرهما من فعل أي شيء من ذلك.
وقد زاد الطين بلة، أن عمر بن الخطاب أبى أن يشهد ليس فقط لم يشهد على صفقة قيس مع ذلك الأعرابي على الجزائر التي أخذها ليطعم الجيش، وإنما هو لم يشهد حتى على الكتاب الذي كتبه سعد لولده بالحوائط الأربع، مكافأة له على ما فعل حسبما تقدم.
فهل كان ذلك من حسد اعترى هذا، أو ذاك، أو كليهما؟ أم كان قصر نظر، وعجز عن إدراك هذا الأمر الظاهر البداهة؟ أم أنهم لا يريدون لقيس المعروف بولائه لعلي "عليه السلام" أن يذكر بفضيلة أو مكرمة؟
لا ندري ولعل الفطن الذكي يدري.
عدد الجزائر:
قال البخاري: نحر لهم تسع جزائر، كل يوم ثلاثاً([385]).
وقيل: نحر لهم ستة جزائر، كل يوم ثلاثاً ثم نهاه أبو عبيدة([386]).
لكن الحلبي يقول: بل نحر ثلاث جزائر، ثم أيد ذلك بما تقدم عن الواقدي، من أنه بقي معه جزوران قدم بهما إلى المدينة.
ونقول:
لا ندري كيف أيد القول بأنه نحر لهم ثلاث جزائر من قولهم: إنه بقي معه جزوران.. فلماذا لا ينحر لهم تسعة، ويبقى معه جزوران، فإن المفروض هو: أنه أطعم الجيش ثلاثة أيام..
وإذا كان عدد الجيش ثلاث مائة رجل، فمن المعلوم: أن الجزور الواحد إنما يكفي مائة رجل.. كما ظهر في غزوة بدر، حيث كشف النبي "صلى الله عليه وآله" عدد جيش المشركين من ذبحهم يوماً تسعاً، ويوماً عشراً، فكان الجيش ما بين تسع مائة إلى ألف.. فهل أطعم قيس في كل يوم مائة رجل فقط، وأبقى مائتين بلا طعام؟!
مبالغات لا مبرر لها:
وقد أفاضوا ما شاءت لهم قرائحهم في وصف دابة العنبر، وبيان ضخامتها، وعظم خلقتها حتى قالوا: "فرفع لنا على ساحل البحر كهيئة الكثيب الضخم، فأتيناه، فإذا هو دابة تدعى العنبر، فأقمنا عليها شهراً، ونحن ثلاثمائة حتى سمنَّا.
ولقد رأيتنا نغترف من وقب عينيه بالقلال الدهن، ونقتطع منه القدر كالثور.
ولقد أخذ منا أبو عبيدة ثلاثة عشر رجلاً فأقعدهم في وقب عينها، وأخذ ضلعاً من أضلاعه فأقامها، ثم رحل أعظم بعير معنا، ثم ركبه أطول رجل منا (وهو قيس بن سعد) فجاز من تحتها، وتزودنا من لحمه الوسائق.
فلما قدمنا المدينة أتينا رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فذكرنا ذلك له فقال: هو رزق أخرجه الله تعالى لكم.
فهل معكم من لحمه شيء فتطعمونا؟
فأرسلنا إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" منه فأكله"([387]).
ونقول:
إننا نشك في كثير مما ذكروه هنا.. وذلك لما يلي:
هل للعنبر فلس؟!
إن أول سؤال يرد على الأذهان هو:
هل صحيح أن لحم هذه الدابة العظيمة مما يحل أكله؟! من حيث أن لها فلساً يكون علامة على ذلك، أو ليس لها فلس، فتكون حراماً. كما هو مذهب أهل الحق..
مقدار وقب عينها:
ثم إن هناك تناقضات حتى في مبالغاتهم، فبينما يظهر من بعضها أن شخصاًواحداً قد جلس في وقب عينها نجد نصاً آخر يقول: إن أبا عبيدة قد أجلس في وقب عينها، ثلاثة عشر رجلاً!!
فأي ذلك هو الصحيح؟!
الأعجوبة التي لم يهتم لها أحد!!
إن هذه الدابة إذا كانت بهذا الوصف فهي أعجوبة الدهر، فلماذا لم يقصدها الناس للتفرج على حجم أضلاعها من جميع البلاد؟ ولماذا لم يحتقظ أحد منهم بوقب عينها؟! أو بضلع من أضلاعها، ليفاخر به؟!
لا نظير لهذه الدابة في المحيطات:
وإذا كان هذا هو حجم وقب عينها، وارتفاع أضلاعها، فإن طولها لابد أن يكون مئة متر، أو أكثر بكثير. فهل وجد في محيطات هذا العالم حيوان بهذا الحجم؟!
إنهم يقولون: إن أكبر حيوان بحري يعرف في العالم كله، لا يزيد طوله على ثلاثة وثلاثين متراً، ولعل هناك من يحتمل أن يصل طول واحد منها إلى أربعين متراً..
مع أن وقب عين الدابة التي يتحدث هؤلاء عنها يبلغ مساحة غرفة طولها ثلاثة أمتار بعرض ثلاثة، أو أقل بقليل، فإذا أضفنا إلى ذلك مساحة العين الأخرى، ثم المساحة الواقعة بينهما..
فإن مساحة وجه تلك الدابة، ستكون ما بين عشرة أمتار إلى خمسة عشر متراً على أقل تقدير.. فما بالك بطول هذه الدابة التي عبرت عنها الروايات بالكثيب الضخم..
هل هذا ميتة؟!
وفي حين يقولون: إنهم حين وجدوا الدابة التي تدعى العنبر، قال أبو عبيدة: ميتة.
ثم قال: اضطررتم إليها، فكلوا، فأقمنا عليها شهراً ونحن ثلاث مائة حتى سمنا([388]).
ثم يقولون في مناقضة ذلك: "فلما قدمنا المدينة، ذكرنا ذلك لرسول الله "صلى الله عليه وآله" أمر العنبر، فقال: أخرجه الله تعالى لكم، لعل معكم من لحمه شيء فتطعمونا؟!.
فأرسلنا إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" منه فأكله.
أي ولم يكن أروح، بدليل أنه "صلى الله عليه وآله"، قال: لو نعلم أننا ندركه لم يروح لأحببنا لو كان عندنا منه.
قال ذلك ازدياداً منه([389]).
فكيف يكون ميتة أولاً، ولم يحل لهم إلا لأنهم اضطروا إليه، ثم يطلب النبي "صلى الله عليه وآله" أن يأتوه منه بشيء، ثم يأكله وهو لم يكن مضطراً إليه؟!
إن لم يكن أروح:
وأما الحديث عن الرائحة، فلست أدري ما أقول فيه!! وكيف يمكن أن يبقى هذا اللحم طيلة ما يقرب من أربعين يوماً، وفي بلاد الحجاز بالذات، التي تمتاز بارتفاع درجات الحرارة فيها، ثم لا تظهر له رائحة كريهة، ولا يعرض عليه ما يوجب التحفظ من الاستفادة منه في الطعام؟!
على أن كلمة رسول الله "صلى الله عليه وآله": "لو نعلم: أننا ندركه لم يروح لأحببنا الخ.." تشير إلى أنه "صلى الله عليه وآله" كان يتوقع فيه ذلك، وأن القضية في ذلك لا تخضع للمعجزة والكرامة، والتصرف الإلهي، بل هي جارية وفق السنن والأوضاع الطبيعية، فلا مجال لأي ادعاء في غير هذا السياق.
الفصل التاسع:
حنين الجذع.. ومنبر الرسول '
إتخاذ المنبر:
وزعموا: أن المنبر قد اتخذ لرسول الله "صلى الله عليه وآله" في سنة ثمان من الهجرة، فصار "صلى الله عليه وآله" يخطب عليه وكان قبل ذلك إذا خطب يقوم ويستند إلى أحد جذوع النخل التي كانت في المسجد، لأنه "صلى الله عليه وآله" قد بنى مسجده مسقوفاً على جذوع النخل.
وقد اختلفوا في كثير من الأمور التي يرتبط بهذا الأمر، مما يمكن أن يعطي صورة غير مرضية عن مدى الخلل في رسمهم لصورة كثير من الوقائع والأحداث، ثم هو يشير إلى مدى الجهد الذي ينبغي أن يبذل للتعرف على الصورة الحقيقية، أو المقاربة لها في كل ملامحها، وسماتها، كبيرة كانت، أو صغيرة، وكمثال على ذلك نشير إلى الاختلافات التالية:
1 ـ هل صنع المنبر في السنة السابعة، أو الثامنة، أو التاسعة.
2 ـ هل صنع المنبر من أثل (شجر)، أو من طرفاء.
3 ـ وهل صنعه (باقوم) باني الكعبة لقريش، أو باقوم، أو ميمون، أو رجل رومي، أو صباح، غلام العباس، أو كلاب غلامه، أو مينا، غلام امرأة أنصارية، اسمها: غلاثة.
4 ـ وهل هو درجتان ومجلس، كما عن الواقدي.. أو هو ثلاث مراقي، أو أربع.
5 ـ وهل الذي اقترح على رسول الله "صلى الله عليه وآله" صنع المنبر امرأة أنصارية اسمها عائشة أو علاثة، فعمله غلامها باقوم الرومي. أو أن رجلاً سأله "صلى الله عليه وآله" عن ذلك فأجابه إليه([390]).
ونحن نذكر هنا بعض الروايات التي تضمنت شيئاً مما تقدم.
قال الصالحي الشامي:
"وفيها: اتخذ المنبر وحنين الجذع، وهو أول منبر عمل في الإسلام، كما جزم به ابن النجار وغير واحد.
قال الحافظ: وفيه نظر، لما ورد في حديث الإفك في الصحيحين عن عائشة، قالت: فثار الأوس والخزرج حتى كادوا أن يقتتلوا، ورسول الله "صلى الله عليه وآله" على المنبر، فنزل يخفضهم حتى سكنوا.
فإن حمل على التجوز في ذكر المنبر وإلا فهو أصح مما مضى"([391]).
لكننا قدمنا في الجزء الثالث عشر من هذا الكتاب: أن حديث الإفك موهون جداً، وقد تواردت عليه العلل والأسقام من كل جانب ومكان. فلا يصح الإعتماد عليه في رد ما عداه.
هذا.. وقد روي عن سهل بن سعد: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" أرسل إلى علاثة، امرأة قد سماها سهل: أن مري غلامك النجار أن يعمل لي أعواد المنبر أجلس عليهن إذا كلمت الناس، فأمرته، فعملها من طرفاء الغابة.
وفي رواية: فعمل هذه الثلاث درجات، ثم جاء بها، فأرسلته إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأمر بها فوضعت ها هنا([392]).
وعن أُبي بن كعب قال: كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" يصلي إلى جذع إذ كان المسجد عريشاً، وكان يخطب إلى ذلك الجذع، فقال رجل من أصحابه: يا رسول الله، هل لك أن تجعل لك منبراً تقوم عليه يوم الجمعة، حتى يراك وتسمع الناس خطبتك؟
قال: نعم، فصنع له ثلاث درجات، هي التي أعلى المنبر، فلما صنع وضعه رسول الله "صلى الله عليه وآله" موضعه الذي هو فيه، فكان إذا بدأ الرسول "صلى الله عليه وآله" أن يخطب عليه تجاوز الجذع الذي كان يخطب إليه أولاً.
ثم إن الجذع خار حتى تصدَّع وانشق، فنزل رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فلما سمع صوت الجذع مسحه بيده حتى سكن، ثم رجع إلى المنبر، وكان إذا صلى صلى إليه.
فلما هدم المسجد أخذ ذلك الجذع أُبي بن كعب، فكان عنده حتى بلي [فأكلته الأرض وعاد رفاتاً] ([393]).
وروي عن أنس أنه قال: كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" يوم الجمعة يسند ظهره إلى جذع منصوب في المسجد، فخطب الناس، فجاءه رومي، فقال: ألا أصنع لك شيئاً تقعد عليه كأنك قائم، فصنع له منبراً له درجان ومقعد على الثالثة، فما قعد رسول الله "صلى الله عليه وآله" على المنبر خارالجذع([394]).
وقد تقدم في حديث الإفك: أن بعض الروايات قد صرحت: بأن تميم الداري هو الذي صنع المنبر.
وبعضها يقول: إن غلاماً للعباس اسمه كلاب هو الذي صنع المنبر. وفي نص آخر: أن غلام العباس الذي صنع المنبر اسمه صباح..
وبملاحظة هذه الروايات كلها يتضح مدى التلاعب والتصرف الذي نال هذه القضية، التي قد لا يخطر على بال أحدٍ أن تكون مسرحاً للأهواء، وأن يخبط فيها الرواة خبط عشواء. ولا نريد أن نقول أكثر من ذلك.
ونحن بدورنا لا نرى ضرورة لصرف العمر في تحقيق هذا الأمر، فنكتفي بالإشارة إلى ما يلي:
حنين الجذع:
ويقولون: إن الروايات قد تواترت في أن ذلك الجذع الذي كان يستند إليه رسول الله "صلى الله عليه وآله"، قد اضطرب، وسمع له حنين كحنين الناقة التي انتزع ولدها.
وقد روى هذا الحديث بضعة عشر صحابياً.
وفي رواية أنس: حتى ارتج المسجد لخواره، وكثر بكاء الناس لما رأوا به([395]).
وفي رواية عن أُبي بن كعب: أنه تصدع وانشق حتى جاء النبي "صلى الله عليه وآله"، (فاحتضنه أو) فوضع يده عليه فسكن([396]).
لكن في نص آخر: أن النبي "صلى الله عليه وآله" دعاه إليه، فجاء يخرق الأرض، ثم أمره فعاد إلى مكانه([397]).
وفي رواية عنه "صلى الله عليه وآله" قال: هذا بكى لما فقد من الذكر([398]).
دفن الجذع:
وقالوا: فأمر به النبي "صلى الله عليه وآله" فدفن تحت المنبر([399]).
ولكن روى الراوندي: أن الجذع بقي إلى أن هدم بنو أمية المسجد فقلعوا الجذع([400]).
وفي حديث أبي بن كعب: "فكان إذا صلى النبي "صلى الله عليه وآله" صلى إليه، فلما هدم المسجد وغيِّر أخذ أبي ذلك الجذع، وكان عنده في تلك الدار إلى أن بلي، وأكلته الأرضة (الأرض)، وعاد رفاتاً"([401]).
عبرة.. ومناسبة:
وفي رواية: أنه "صلى الله عليه وآله" قال: معاشر المسلمين، هذا الجذع يحن إلى رسول رب العالمين، ويحزن لبعده عنه.
ففى عباد الله الظالمين أنفسهم من لا يبالي: قرب من رسول الله أم بعد، ولولا أني احتضنت هذا الجذع، ومسحت يدي عليه، ما هدأ حنينه إلى يوم القيامة.
وإن من عباد الله وإمائه لمن يحن إلى محمد رسول الله، وإلى علي ولي الله، كحنين هذا الجذع، وحسب المؤمن أن يكون قلبه على موالاة محمد وعلي وآلهما الطيبين منطوياً.
أرأيتم شدة حنين هذا الجذع إلى محمد رسول الله؟ وكيف هدأ لما احتضنه محمد رسول الله، ومسح يده عليه؟
قالوا: بلى يا رسول الله.
قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": والذي بعثني بالحق نبياً، إن حنين خزَّان الجنان، وحور عينها، وسائر قصورها ومنازلها إلى من يوالى محمداً وعلياً وآلهما الطيبين، ويبرأ من أعدائهما لأشد من حنين هذا الجذع، الذي رأيتموه إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله".
وإن الذي يسكِّن حنينهم وأنينهم، ما يرد عليهم من صلاة أحدكم معاشر شيعتنا على محمد وآله الطيبين، أو صلاة نافلة، أو صوم، أو صدقة.
وإن من عظيم ما يسكن حنينهم إلى شيعة محمد وعلي، ما يتصل بهم من إحسانهم إلى إخوانهم المؤمنين، ومعونتهم لهم على دهرهم.
يقول أهل الجنان بعضهم لبعض: لا تستعجلوا صاحبكم، فما يبطئ عنكم إلا للزيادة في الدرجات العاليات في هذه الجنان، بإسداء المعروف إلى إخوانه المؤمنين.
وأعظم من ذلك مما يسكِّن حنين سكان الجنان وحورها إلى شيعتنا ما يعرِّفهم الله من صبر شيعتنا على التقية، واستعمالهم التورية، ليسلموا من كفرة عباد الله وفسقتهم، فحينئذ تقول خزان الجنان وحورها: لنصبرن على شوقنا إليهم كما يصبرون على سماع المكروه في ساداتهم وأئمتهم، وكما يتجرعون الغيظ، ويسكتون عن إظهار الحق لما يشاهدون من ظلم من لا يقدرون على دفع مضرته.
فعند ذلك يناديهم ربنا عز وجل: يا سكان جناتي، ويا خزَّان رحمتي، ما لبخل أخرت عنكم أزواجكم وساداتكم، ولكن ليستكملوا نصيبهم من كرامتي، بمواساتهم إخوانهم المؤمنين، والأخذ بأيدي الملهوفين، والتنفيس عن المكروبين، وبالصبر على التقية من الفاسقين الكافرين، حتى إذا استكملوا أجزل كراماتي، نقلتهم إليكم على أسر الأحوال وأغبطها، فأبشروا.
فعند ذلك يسكن حنينهم وأنينهم([402]).
التبرك بمنبر رسول الله ':
وفي حديث عن أبي عبد الله الصادق "عليه السلام" في بيان آداب زيارة النبي "صلى الله عليه وآله" قال: "فإذا فرغت من الدعاء عند القبر، فأت المنبر، وامسح بيدك، وخذ برمانتيه، وهما السفلاوات، وامسح عينيك، ووجهك به، فإنه يقال: إنه شفاء للعين.
وقم عنده فاحمد الله، واثني عليه، وسل حاجتك، فإن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال: ما بين منبري وبيتي روضة من رياض الجنة، وإن منبري على ترعة من ترع الجنة، وقوائم المنبر رتب في الجنة".
والترعة: هي الباب الصغير([403]).
وقد أشرنا أكثر من مرة إلى مشروعية التبرك والاستشفاء بآثار الأنبياء "عليهم السلام"، وأن ما يدَّعيه بعض الجهلة من حرمة ذلك، لا أساس له في دين الإسلام.
ويمكن مراجعة كتاب: "التبرك بآثار الأنبياء والصالحين" للعلامة الشيخ الأحمدي الميانجي "رحمه الله".. ففيه ما ينقع الغلة، ويشفي الغليل..
إنزل عن منبر أبي:
ومما يناسب ذكره هنا: موقف هام جداً للإمام الحسن "عليه السلام" في مقابل أبي بكر، حيث جاء إليه يوماً وهو يخطب على المنبر، فقال له: نزل عن منبر أبي.
فأجابه أبو بكر: صدقت. والله، إنه لمنبر أبيك، لا منبر أبي.
فبعث علي "عليه السلام" إلى أبي بكر: إنَّه غلام حدث، وإنَّا لم نأمره.
فقال أبو بكر: إنا لم نتهمك([404]).
وليتأمل قوله "عليه السلام": إنَّا لم نأمره، فإنه لا يتضمن إنكاراً على الإمام الحسن "عليه السلام"، ولا إدانة لموقفه.
ولقد صدق أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه؛ فلم يكن الإمام الحسن "عليه السلام" يحتاج إلى أمر، فلقد أدرك خطة الخصوم بما آتاه الله من فضله، وبإحساسه المرهف، وفكره الثاقب. وهو الذي عايش الأحداث عن كثب، بل كان في صميمها.
وإذن.. فمن الطبيعي أن يدرك: أن عليه مسؤولية العمل على إفشال تلك الخطة، وإبقاء حق أهل البيت "عليهم السلام" وقضيتهم على حيويتها في ضمير ووجدان الأمة.
وكان علي وصي النبي "صلى الله عليه وآله" يحتاط للأمر، حتى لا تحدث تشنجات حادة، ليس من مصلحة القضية، ولا من مصلحة الإسلام المساهمة في حدوثها في تلك الظروف.
والإمام الحسين × أيضاً:
ولا عجب إذا رأينا للإمام السبط الشهيد الحسين "عليه السلام" موقفاً مماثلاً تماماً لموقف أخيه مع الخليفة الثاني عمر بن الخطاب..
ونجد: أن عمر قد أخذه إلى بيته، وحاول تقريره: إن كان أبوه أمره بهذا، أو لا. فأجابه عن ذلك بالنفي.
وبعض الروايات تقول: إنه سأله عن ذلك في نفس ذلك الموقف أيضاً، فنفى ذلك، فقال عمر: منبر أبيك والله، وهل أنبت على رؤوسنا الشعر إلا أنتم([405]).
فأبو بكر لم يكن يرى: أن اتهام أمير المؤمنين في قضية الإمام الحسن "عليه السلام" من صالحه..
أما عمر، الذي رأى أنه قد أصبح قوياً في الحكم، وقد تكرس الموقف لصالح غير أهل البيت "عليهم السلام" على الصعيد السياسي..
نعم، إن عمر هذا، يهتم بالتعرف على مصدر هذه الإرهاصات، ليعمل على القضاء عليها قبل فوات الأوان، ما دام يملك القدرة على ذلك بنظره.
لقد كانت مواقف الحسنين "عليهما السلام" هذه تعتبر تحدياً عميقاً للسلطة، في أدقِّ وأخطر قضية عملت هذه الجهة من أجل حسم الأمور فيها لصالحها، ورأت أنها قد وفقت في مقاصدها تلك إلى حدٍ بعيد.. فجاءت هذه المواقف لتهز من الأعماق ما كاد يعتبر، أو قد اعتبر بالفعل من الثوابت الراسخة.
والحسنان "عليهما السلام" هما ذانك الفرعان من دوحة الإمامة، وغرس الرسالة، اللذان يفهمان الظروف التي تحيط بهما، ويقيِّمانها التقييم الصحيح والسليم، ليتخذا مواقفهما على أساس أنها وظيفة شرعية، ومسؤولية إلهية.
أما التكليف الشرعي، والموقف الذي لأبيهما، فهو وإن كان في ظاهره يبدو هنا مختلفاً، إلا أنه ولا شك يخدم نفس الهدف، ويسير في نفس الاتجاه.
أول قود في الإسلام:
قالوا: وفي هذه السنة أقاد رسول الله "صلى الله عليه وآله" رجلاً من هذيل برجل من بني ليث، وهو أول قود كان في الإسلام([406]).
ومن الواضح: أن هذا القود مهم جداً في توجه الناس نحو الانقياد لأحكام الشرع في أكثر الأمور حساسية وأهمية في حياتهم، وفقاً لقاعدة: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}([407])، وقاعدة: {مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً}([408]).
فإن من الواضح: أن من يستحل قتل الناس، فإنه يكون قد تجاوز جميع الحدود، وأعفى نفسه من الالتزام بجميع الحقوق، وسمح لنفسه بهتك جميع الحرمات الإنسانية. فلا سبيل إلى عقد أي التزام مع إنسان من هذا القبيل، إذ لا يمكن الاطمينان إليه، بأن يفي بأي عهد أو عقد، أو أن يقف عند أية حرمة إنسانية..
وعل كل حال، فإن لهذا الموضوع جهات كثيرة من البحث، نسأل الله التوفيق للتعرض لها بالمعالجة في فرصة أخرى إن شاء الله تعالى..
الفهارس:
1 ـ الفهرس الإجمالي
2 ـ الفهرس التفصيلي
1 ـ الفهرس الإجمالي
الفصل الثاني: معركة مؤتة........................................... 5 ـ 50
الفصل الثالث: خالد يضيع النصر الأعظم..................... 51 ـ 106
الفصل الرابع: نهايات ونتائج................................. 107 ـ 156
الفصل الخامس: صورة موهومة لسرية ذات السلاسل. 157 ـ 198
الفصل السادس: الصورة الحقيقة لغزوة ذات السلاسل. 199 ـ 234
الفصل السابع: رواية القمي توضح.. بل تصرح.......... 235 ـ 280
الفصل الثامن: سرايا حدثت.. إلى فتح مكة.. .............. 281 ـ 324
الفصل التاسع: حنين الجذع.. ومنبر الرسول '.. ....... 325 ـ 340
الفهارس ........................................................... 341 ـ 355
2 ـ الفهرس التفصيلي
TOC \o "1-1" \u \t "عنوان 2;1;عنوان 3;1;عنوان 4;1;عنوان 5;1;عنوان 6;1"
الفصل الثاني: معركة مؤتة
المسلمون في مؤتة:............................................................... PAGEREF _Toc150049917 \h 7
المسلمون في مواجهة هرقل:................................................... PAGEREF _Toc150049918 \h 8
في المواجهة:...................................................................... PAGEREF _Toc150049919 \h 9
استشهاد القادة:.................................................................. PAGEREF _Toc150049920 \h 11
جراحات جعفر:................................................................. PAGEREF _Toc150049921 \h 13
كيفية الجمع بين الروايات:.................................................... PAGEREF _Toc150049922 \h 17
طليعة شرحبيل:................................................................. PAGEREF _Toc150049923 \h 17
الأرقام عن عدد جيوش العدو:............................................... PAGEREF _Toc150049924 \h 20
فتجمعوا لهم:..................................................................... PAGEREF _Toc150049925 \h 22
إما النصر وإما الشهادة:....................................................... PAGEREF _Toc150049926 \h 22
فخرج على قومه في زينته:.................................................. PAGEREF _Toc150049927 \h 24
إيذاء الحيوان لا يجوز:........................................................ PAGEREF _Toc150049928 \h 26
عقر الفرس أم عرقبها:........................................................ PAGEREF _Toc150049929 \h 27
أول من عرقب فرسه:......................................................... PAGEREF _Toc150049930 \h 32
آخر محاولة للشيطان!!........................................................ PAGEREF _Toc150049931 \h 33
تسقط اليد ويرتفع اللواء:....................................................... PAGEREF _Toc150049932 \h 35
الطيار بعد قطع يديه:........................................................... PAGEREF _Toc150049933 \h 35
الطيار أسوة وقدوة:............................................................. PAGEREF _Toc150049934 \h 36
استشهاد جعفر وهو صائم:................................................... PAGEREF _Toc150049935 \h 37
ذو الجناحين:..................................................................... PAGEREF _Toc150049936 \h 38
نظرة في الكرامات:............................................................ PAGEREF _Toc150049937 \h 39
استشهاد ابن رواحة:........................................................... PAGEREF _Toc150049938 \h 41
تردد ابن رواحة في النزول:.................................................. PAGEREF _Toc150049939 \h 43
الحرب دامت أياماً:............................................................. PAGEREF _Toc150049940 \h 43
هزيمة خالد:...................................................................... PAGEREF _Toc150049941 \h 45
الآن حمي الوطيس:............................................................ PAGEREF _Toc150049942 \h 45
شهداء مؤتة:..................................................................... PAGEREF _Toc150049943 \h 46
الفصل الثالث: خالد يضيع النصر الأعظم
الإنحياز، أم النصر والفتح؟!................................................. PAGEREF _Toc150049946 \h 53
دلائل انتصار خالد:............................................................ PAGEREF _Toc150049947 \h 55
الغنائم دليل النصر:............................................................. PAGEREF _Toc150049948 \h 60
صمود ونصر، أو مجرد انحياز:............................................ PAGEREF _Toc150049949 \h 64
تهافت بلا مبرر:................................................................ PAGEREF _Toc150049950 \h 65
طريق جمع فاشل:.............................................................. PAGEREF _Toc150049951 \h 67
حديث جابر وخزيمة:.......................................................... PAGEREF _Toc150049952 \h 69
حديث عوف بن مالك:......................................................... PAGEREF _Toc150049953 \h 71
خالد يتحدث عن نفسه!!....................................................... PAGEREF _Toc150049954 \h 74
حديث قتل ابن رافلة:........................................................... PAGEREF _Toc150049955 \h 75
إخبار النبي ' عن الشهداء:................................................... PAGEREF _Toc150049956 \h 77
حديث عطاف بن خالد:........................................................ PAGEREF _Toc150049957 \h 78
حديث برذع:..................................................................... PAGEREF _Toc150049958 \h 80
حديث أبي عامر:............................................................... PAGEREF _Toc150049959 \h 80
إيهام أم إبهام؟!.................................................................. PAGEREF _Toc150049960 \h 84
هل اصطلح المسلمون على خالد؟!.......................................... PAGEREF _Toc150049961 \h 84
ثبت خالد مقداراً مَّا:............................................................ PAGEREF _Toc150049962 \h 85
النصر الموهوم:................................................................. PAGEREF _Toc150049963 \h 87
المضحك المبكي:............................................................... PAGEREF _Toc150049964 \h 89
دلالات في تشويش النصوص وتناقضها:................................. PAGEREF _Toc150049965 \h 89
خالد سيف الله:................................................................... PAGEREF _Toc150049966 \h 90
علي × سيف الله المسلول:.................................................... PAGEREF _Toc150049967 \h 96
من الذي سمى خالداً بسيف الله؟!............................................ PAGEREF _Toc150049968 \h 98
حديث الهزيمة:................................................................ PAGEREF _Toc150049969 \h 100
رواة حديث الهزيمة:......................................................... PAGEREF _Toc150049970 \h 105
شرذمة لماذا؟!................................................................. PAGEREF _Toc150049971 \h 105
الفصل الرابع: نهايات ونتائج
عدد الشهداء دليل هزيمة خالد:............................................. PAGEREF _Toc150049974 \h 109
المبارزات قللت عدد الشهداء:.............................................. PAGEREF _Toc150049975 \h 110
لو كان النصر للروم؟!:..................................................... PAGEREF _Toc150049976 \h 111
أثر مؤتة في فتح مكة:....................................................... PAGEREF _Toc150049977 \h 112
الإخلاص في العمل أشد من العمل:....................................... PAGEREF _Toc150049978 \h 113
التأكيد على عظمة جعفر:................................................... PAGEREF _Toc150049979 \h 115
إمتياز جعفر لقرابته!!....................................................... PAGEREF _Toc150049980 \h 118
حرب أخرى في مؤتة:...................................................... PAGEREF _Toc150049981 \h 119
النبي ' يرى ما جرى في مؤتة:........................................... PAGEREF _Toc150049982 \h 120
يا فُرَّار!!:...................................................................... PAGEREF _Toc150049983 \h 126
الرسول ': رؤوف رحيم:.................................................. PAGEREF _Toc150049984 \h 130
هل ظلم الفارون؟!............................................................ PAGEREF _Toc150049985 \h 131
التخفيف والتلطيف:.......................................................... PAGEREF _Toc150049986 \h 133
لو دخلنا المدينة قتلنا!!....................................................... PAGEREF _Toc150049987 \h 134
الحر تكفيه الإشارة:.......................................................... PAGEREF _Toc150049988 \h 135
النصر الضائع:................................................................ PAGEREF _Toc150049989 \h 136
النبي '.. وعائلة جعفر:..................................................... PAGEREF _Toc150049990 \h 138
لا تقولي هجراً، ولا تضربي صدراً:..................................... PAGEREF _Toc150049991 \h 143
على مثل جعفر فلتبك البواكي:............................................. PAGEREF _Toc150049992 \h 144
مدى حزن النبي ' على جعفر:............................................ PAGEREF _Toc150049993 \h 146
النبي ' بدون جعفر وعلي ':............................................. PAGEREF _Toc150049994 \h 147
حديث عائشة في بكاء النساء:.............................................. PAGEREF _Toc150049995 \h 148
أسماء وتعريف الناس بفضل جعفر:...................................... PAGEREF _Toc150049996 \h 150
إتخاذ الطعام في أيام العزاء سُنة:.......................................... PAGEREF _Toc150049997 \h 152
زيارة عوائل الشهداء:....................................................... PAGEREF _Toc150049998 \h 153
شهداء في قبر واحد، وإخفاء القبر:....................................... PAGEREF _Toc150049999 \h 154
الفصل الخامس: صورة موهومة لسرية ذات السلاسل
غزوة ذات السلاسل:......................................................... PAGEREF _Toc150050002 \h 159
تاريخ غزوة ذات السلاسل:................................................ PAGEREF _Toc150050003 \h 165
مقصد السرية:................................................................. PAGEREF _Toc150050004 \h 166
سراة المهاجرين والأنصار مع عمرو:................................... PAGEREF _Toc150050005 \h 166
علم عمرو بن العاص بالحرب:............................................ PAGEREF _Toc150050006 \h 168
ورطة تأمير عمرو على الشيخين:........................................ PAGEREF _Toc150050007 \h 170
النبي ' يتألف الناس بعمرو، ويستنفر العرب:......................... PAGEREF _Toc150050008 \h 176
اللواء.. والراية:............................................................... PAGEREF _Toc150050009 \h 177
سراة المهاجرين والأنصار:................................................ PAGEREF _Toc150050010 \h 178
الإختلاف على الصلاة؟ أم على الإمارة؟!.............................. PAGEREF _Toc150050011 \h 179
المغيرة داعية فتنة ومتزلف:............................................... PAGEREF _Toc150050012 \h 181
أخلاق أبي عبيدة:............................................................. PAGEREF _Toc150050013 \h 183
صلاة الجماعة:............................................................... PAGEREF _Toc150050014 \h 184
المهاجرون يعترضون مرة أخرى:....................................... PAGEREF _Toc150050015 \h 185
التناقض والإختلاف:........................................................ PAGEREF _Toc150050016 \h 186
غنائم عمرو المكذوبة:....................................................... PAGEREF _Toc150050017 \h 187
لا تأمّرنّ على اثنين:......................................................... PAGEREF _Toc150050018 \h 189
نبايع ذا العباءة؟!.............................................................. PAGEREF _Toc150050019 \h 191
أبو بكر مجبر على الخلافة:................................................ PAGEREF _Toc150050020 \h 192
الأجرة على قسمة الجزور:................................................. PAGEREF _Toc150050021 \h 194
جنابة، وصلاة:............................................................... PAGEREF _Toc150050022 \h 196
رواياتهم مزيفة:............................................................... PAGEREF _Toc150050023 \h 197
الصورة الأوضح والأصرح:.............................................. PAGEREF _Toc150050024 \h 197
الفصل السادس: الصورة الحقيقة لغزوة ذات السلاسل
تتمات أغفلوها عمداً:......................................................... PAGEREF _Toc150050027 \h 201
نصوص أوجزناها:.......................................................... PAGEREF _Toc150050028 \h 202
إختلافات لها حل:............................................................ PAGEREF _Toc150050029 \h 207
1 ـ ما هو المقصد؟!............................................... PAGEREF _Toc150050030 \h 208
2 ـ المقتولون من الأعداء:........................................ PAGEREF _Toc150050031 \h 208
3 ـ المحرض على الاعتراض:.................................. PAGEREF _Toc150050032 \h 209
4 ـ محور الاعتراض:............................................. PAGEREF _Toc150050033 \h 209
5 ـ من المخبر للنبي ' بجمع الأعداء؟!:...................... PAGEREF _Toc150050034 \h 210
6 ـ وقت الإغارة:.................................................. PAGEREF _Toc150050035 \h 210
7 ـ ماذا جرى لأبي بكر وعمرو بن العاص؟!................ PAGEREF _Toc150050036 \h 211
8 ـ كيف أوقع علي × بالأعداء؟!............................... PAGEREF _Toc150050037 \h 211
9 ـ عدد قتلى المشركين:.......................................... PAGEREF _Toc150050038 \h 212
10 ـ الذين هاجموا المشركين:................................... PAGEREF _Toc150050039 \h 212
11 ـ كيف عرف المشركون بجيش علي ×:................. PAGEREF _Toc150050040 \h 213
12 ـ وادي اليابس أم وادي الرمل:.............................. PAGEREF _Toc150050041 \h 214
هذا هو الحل:.................................................................. PAGEREF _Toc150050042 \h 214
إختلافات لا حل لها:......................................................... PAGEREF _Toc150050043 \h 216
1 ـ عدد أفراد السرية:............................................. PAGEREF _Toc150050044 \h 218
2 ـ المقتولون مع أبي بكر:........................................ PAGEREF _Toc150050045 \h 219
3 ـ اختلاف التاريخ:............................................... PAGEREF _Toc150050046 \h 219
4 ـ بعدها عن المدينة:............................................. PAGEREF _Toc150050047 \h 220
هل هناك اكثر من سرية؟!:................................................ PAGEREF _Toc150050048 \h 221
الإغارة قبل الاحتجاج أم بعده؟!........................................... PAGEREF _Toc150050049 \h 222
تحرزوا!! انهزموا!!......................................................... PAGEREF _Toc150050050 \h 224
القائد فقط هو السبب:........................................................ PAGEREF _Toc150050051 \h 225
حسد عمرو أشرُّ من الهزيمة وأضرُّ:..................................... PAGEREF _Toc150050052 \h 226
استجابة الشيخين لابن العاص:............................................. PAGEREF _Toc150050053 \h 226
أمير المؤمنين × يتهم:....................................................... PAGEREF _Toc150050054 \h 227
خطة علي ×:.................................................................. PAGEREF _Toc150050055 \h 228
تبييت العدو ليس غدراً:...................................................... PAGEREF _Toc150050056 \h 229
تسمية الغزوة بذات السلاسل:.............................................. PAGEREF _Toc150050057 \h 230
محاباة لعمر؟!................................................................. PAGEREF _Toc150050058 \h 231
علي × كرار غير فرار:.................................................... PAGEREF _Toc150050059 \h 231
ما جرى في خيبر لم يزل يتكرر:.......................................... PAGEREF _Toc150050060 \h 231
علي × يُقبِّل قدمي النبي ':................................................ PAGEREF _Toc150050061 \h 232
الله ورسوله عنك راضيان:................................................. PAGEREF _Toc150050062 \h 233
الفصل السابع: رواية القمي توضح.. بل تصرح
ذات السلاسل برواية القمي:................................................ PAGEREF _Toc150050065 \h 237
وادي اليابس:.................................................................. PAGEREF _Toc150050066 \h 241
لماذا يعادون علياً ×؟!....................................................... PAGEREF _Toc150050067 \h 242
أربعة آلاف:................................................................... PAGEREF _Toc150050068 \h 242
تخريب الضياع والديار:.................................................... PAGEREF _Toc150050069 \h 243
لماذا هذا السير الرفيق؟!.................................................... PAGEREF _Toc150050070 \h 243
الإحسان إلى دوابهم:......................................................... PAGEREF _Toc150050071 \h 244
على نفسها جنت براقش:.................................................... PAGEREF _Toc150050072 \h 244
السرعة.. والمفاجأة:.......................................................... PAGEREF _Toc150050073 \h 245
أبو بكر يخوف أصحابه:.................................................... PAGEREF _Toc150050074 \h 245
لا نريد إلا محمداً وعلياً!!................................................... PAGEREF _Toc150050075 \h 245
الشاهد يرى ما لا يرى الغائب:............................................. PAGEREF _Toc150050076 \h 246
فارجعوا نُعلم رسول الله ':................................................ PAGEREF _Toc150050077 \h 247
عمر أخو أبي بكر، وعلي × أخو النبي ':.............................. PAGEREF _Toc150050078 \h 249
ذنب عمر أعظم:.............................................................. PAGEREF _Toc150050079 \h 250
الفتح على يد علي ×:........................................................ PAGEREF _Toc150050080 \h 250
الفتح لعلي × وأصحابه:..................................................... PAGEREF _Toc150050081 \h 251
تطمينات علي × لأصحابه:................................................ PAGEREF _Toc150050082 \h 252
علي × أخو النبي ورسوله إليكم:.......................................... PAGEREF _Toc150050083 \h 253
علي × لا يحتكر النصر:.................................................... PAGEREF _Toc150050084 \h 254
هل خرَّب علي × ديارهم؟!................................................ PAGEREF _Toc150050085 \h 255
أصول الحرب في سورة العاديات:....................................... PAGEREF _Toc150050086 \h 256
سرية علي × إلى بني خثعم:............................................... PAGEREF _Toc150050087 \h 262
إعتراض ابن عباس:......................................................... PAGEREF _Toc150050088 \h 268
عدد جموع الأعداء:.......................................................... PAGEREF _Toc150050089 \h 270
بكاء رسول الله ':........................................................... PAGEREF _Toc150050090 \h 272
الإحجام غير المفهوم:........................................................ PAGEREF _Toc150050091 \h 273
مئة وخمسون فقط:........................................................... PAGEREF _Toc150050092 \h 273
الضلال عن الطريق والاهتداء إليها:..................................... PAGEREF _Toc150050093 \h 274
لا يقاتل حتى تطلع الشمس:................................................. PAGEREF _Toc150050094 \h 275
لماذا لا يقاتل إلا بعد الزوال؟!............................................. PAGEREF _Toc150050095 \h 276
إن الإنسان لربه لكنود في من نزلت؟!................................... PAGEREF _Toc150050096 \h 279
الفصل الثامن: سرايا حدثت.. إلى فتح مكة..
سرية أبي قتادة إلى بطن إضم:............................................. PAGEREF _Toc150050099 \h 283
توضيح لابد منه:............................................................. PAGEREF _Toc150050100 \h 286
هل كان أبو قتادة عالماً بهدف النبي ':.................................. PAGEREF _Toc150050101 \h 287
نصرت بالرعب:............................................................. PAGEREF _Toc150050102 \h 288
ابن جثامة تلفظه الأرض:................................................... PAGEREF _Toc150050103 \h 289
ملاحظة أخيرة:............................................................... PAGEREF _Toc150050104 \h 290
سرية واحدة أم سريتان؟!:.................................................. PAGEREF _Toc150050105 \h 291
سرية أبي قتادة إلى خضرة:................................................ PAGEREF _Toc150050106 \h 292
المهور الغالية:................................................................. PAGEREF _Toc150050107 \h 297
تبييت العدو:................................................................... PAGEREF _Toc150050108 \h 299
الغنائم والأسرى:.............................................................. PAGEREF _Toc150050109 \h 299
الإحاطة بالحاضر:........................................................... PAGEREF _Toc150050110 \h 300
يرى وجه مهاجمه في ظلام الليل:........................................ PAGEREF _Toc150050111 \h 301
افتراق الزميلين:.............................................................. PAGEREF _Toc150050112 \h 301
الغنائم تحل المشكلات:...................................................... PAGEREF _Toc150050113 \h 301
وعد آخر بسبية متوقعة:..................................................... PAGEREF _Toc150050114 \h 302
سرية ابن أبي حدرد إلى الغابة:............................................ PAGEREF _Toc150050115 \h 303
سرية أبي عبيدة إلى سيف البحر:.......................................... PAGEREF _Toc150050116 \h 309
رصد عير قريش لا يصح:................................................. PAGEREF _Toc150050117 \h 314
هدف السرية:.................................................................. PAGEREF _Toc150050118 \h 316
عقلاء.. أم حساد؟!:.......................................................... PAGEREF _Toc150050119 \h 317
عدد الجزائر:.................................................................. PAGEREF _Toc150050120 \h 319
مبالغات لا مبرر لها:......................................................... PAGEREF _Toc150050121 \h 320
هل للعنبر فلس؟!............................................................. PAGEREF _Toc150050122 \h 321
مقدار وقب عينها:............................................................ PAGEREF _Toc150050123 \h 321
الأعجوبة التي لم يهتم لها أحد!!........................................... PAGEREF _Toc150050124 \h 322
لا نظير لهذه الدابة في المحيطات:........................................ PAGEREF _Toc150050125 \h 322
هل هذا ميتة؟!................................................................. PAGEREF _Toc150050126 \h 322
إن لم يكن أروح:.............................................................. PAGEREF _Toc150050127 \h 324
الفصل التاسع: حنين الجذع.. ومنبر الرسول '
إتخاذ المنبر:................................................................... PAGEREF _Toc150050130 \h 327
حنين الجذع:................................................................... PAGEREF _Toc150050131 \h 331
دفن الجذع:..................................................................... PAGEREF _Toc150050132 \h 333
عبرة.. ومناسبة:.............................................................. PAGEREF _Toc150050133 \h 333
التبرك بمنبر رسول الله ':................................................. PAGEREF _Toc150050134 \h 335
إنزل عن منبر أبي:........................................................... PAGEREF _Toc150050135 \h 336
والإمام الحسين × أيضاً:.................................................... PAGEREF _Toc150050136 \h 338
أول قود في الإسلام:......................................................... PAGEREF _Toc150050137 \h 340
الفهارس:
1 ـ الفهرس الإجمالي.............................................. PAGEREF _Toc150050143 \h 343
2 ـ الفهرس التفصيلي.............................................. PAGEREF _Toc150050144 \h 345
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) راجع: الروض الأنف ج4 ص132 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص148 والسيرة الحلبية ج2 ص66 و 67 والطبقات الكبرى لاين سعد ج2 ص129 وعن تاريخ مدينة دمشق ج2 ص13.
([2]) المغازي للواقدي ج2 ص760 وتاريخ الخميس ج2 ص71 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص148 والبحار ج21 ص61 وعن تاريخ مدينة دمشق ج2 ص13.
([3]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص148 وتاريخ الخميس ج2 ص71.
([4]) أسد الغابة ج3 ص158 وعن إعلام الورى ج1 ص212 و 213 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص319 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص7 و 83 وج28 ص124 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص458 وعيون الأثر ج2 ص166 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص831 ومجمع الزوائد ج6 ص158 وسبل الهـدى = = والرشاد ج6 ص148 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص787 وراجع: النص والإجتهاد ص30 والدرر لابن عبد البر ص209 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص481 والبداية والنهاية ج4 ص277 والكامل في التاريخ لابن الأثير ج2 ص235 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص41.
([5]) تنسب إليها السيوف المشرفية، حيث يقال: إنها طبعت لسليمان "عليه السلام" بها. راجع: مجمع البلدان ج5 ص131 و 220 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص321 وعن البداية والنهاية ج4 ص278 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص832 وعن عيون الأثر ج2 ص166 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص460 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص148 والبحار ج21 ص56 وإعلام الورى ج1 ص213.
([6]) راجع: مجمع الزوائد ج6 ص158 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص321 وعن البداية والنهاية ج4 ص278 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص832 وعن عيون الأثر ج2 ص167 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص460 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص148.
([7]) شرح النهج للمعتزلي ج15 ص67 وشجرة طوبى ج2 ص299 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص14 وج11 ص108 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص482 والبداية والنهاية ج4 ص278 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص461 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص148 والبحار ج21 ص61 وإمتاع الأسماع ج1 ص340 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص67 والإصابة ج1 ص500.
([8]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص148 والمغازي للواقدي ج2 ص759 و 760 وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص66 و 67 وتاريخ الخميس ج2 ص61 والبحار ج21 ص55 و 56 و 71 ومقاتل الطالبيين ص7 ومجمع الزوائد ج6 ص159 والمعجم الكبير ج5 ص85 وعن تاريخ مدينة دمشق ج26 ص462 وج49 ص336 وعن أسد الغابة = = ج3 ص114 وعن الإصابة ج5 ص340 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص321 وعن البداية والنهاية ج4 ص278 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص832 وعن عيون الأثر ج2 ص167 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص460.
([9]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص148 والمغازي للواقدي ج2 ص761 والسيرة الحلبية ج3 ص67 وتاريخ الخميس ج2 ص71 والبحار ج21 ص50 و 51 و 54 و 61 و 62 وعن أمالي الطوسي ص87 و 88 وعيون الأثر ج2 ص167 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص69 ومقاتل الطالبيين ص7 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص321 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص833.
([10]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص149 وتاريخ الخميس ج2 ص71 ومجمع الزوائد ج6 ص159 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص833 والبداية والنهاية ج4 ص278 و 279 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص461 وسنن أبي داود ج1 ص580 وراجع: مقاتل الطالبيين ص7 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص87 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص321 والمنتخب من ذيل المذيل ص2 وذخائر العقبى ص217 والمصنف لابن أبي شيبة ج4 ص577 وج7 ص731 والمعجم الكبير ج2 ص106 وتاريخ مدينة دمشق ج68 ص88 وج70 ص271 وتهذيب التهذيب ج2 ص84 والإصابة ج1 ص593 وسير أعلام النبلاء ج1 ص209 وتهذيب الكمال ج5 ص58 وأسد الغابة ج1 ص288 والطبقات الكبرى لابن سعد ج4 ص37 ومعرفة السنن والآثار ج7 ص25.
([11]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص149 وتاريخ الخميس ج2 ص71 والبحار ج21 ص61 عن المعتزلي، وراجع: الطبقات لابن سعد ج4 ص38 و البداية والنهاية ج4 ص279 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص833 والمستدرك للحاكم ج3 ص208 والبحار ج21 ص61 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص462.
([12]) المنتخب من ذيل المذيل ص3 والمستدرك للحاكم ج3 ص208 والطبقات الكبرى ج4 ص38 والبحار ج21 ص61 وراجع: سير أعلام النبلاء ج1 ص210 والبداية والنهاية ج4 ص292.
([13]) سير أعلام النبلاء ج1 ص210 وقال في هامشه: إسناده حسن. وأخرجه البخاري (4260) في المغازي: باب غزوة مؤتة من طريق ابن وهب، عن عمرو، عن ابن أبي هلال قال: وأخبرني نافع: أن ابن عمر أخبره: أنه وقف على جعفر يومئذ وهو قتيل. فعددت به خمسين بين طعنة وضربة ليس منها شيء في دبره ـ يعني ظهره.
([14]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص157 و 149 وعن صحيح البخاري ج5 ص86، وعن سنن سعيد بن منصور، والسيرة الحلبية ج3 ص69 وتاريخ الخميس ج2 ص71 والبحار ج21 ص58 عن جامع الأصول، والعمدة لابن البطريق ص408 وعن فتح الباري (المقدمة) ص218 وج7 ص394 والمعجم الكبير ج2 ص107 وعن البداية والنهاية ج4 ص280 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص464.
([15]) البحار ج21 ص56 عن إعلام الورى ص110 و 111 وعن مناقب آل أبي طالب ج1 ص177 وشجرة طوبى ج2 ص299 وإعلام الورى ج1 ص213.
([16]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص149 و 158 والمغازي للواقدي ج2 ص761 وراجع: الطبقات الكبرى ج4 ص38 وشرح الأخبار ج3 ص548 والعمدة لابن البطريق ص408 وذخائر العقبى ص218 والبحار ج21 ص58 وعن صحيح البخاري ج5 ص87 وتهذيب الكمال ح5 ص54 ومعجم ما استعجم ج4 ص1172 وراجع: الطبقات الكبرى ج4 ص38.
([17]) تاريخ مدينة دمشق ج27 ص262 وعن تاريخ الإسلام للذهبي (حوادث سنة 61 ـ 80) ص430 وسير أعلام النبلاء ج3 ص458 و 459 وتهذيب الكمال ج14 ص371.
([18]) المغازي للواقدي ج2 ص761 وراجع: البحار ج21 ص61 والطبقات الكبرى ج2 ص129 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص67 وشجرة طوبى ج2 ص299.
([19]) راجع: النص والإجتهاد ص29 وعن الكامل في التاريخ ج2 ص236 وتاريخ الخميس ج2 ص71 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج2 ص378.
([20]) السيرة الحلبية ج3 ص69 والطبقات الكبرى ج4 ص38.
([21]) السيرة الحلبية ج3 ص69 وتاريخ الخميس ج2 ص71 والطبقات الكبرى ج4 ص38 وعن الإحتجاج ج1 هامش ص172 والدرجات الرفيعة ص75 والبحار ج22 ص276 وعن عيون الأثر ج2 ص168.
([22]) المعجم الكبير ج2 ص107 وكنز العمال ج10 ص561 وعن صحيح البخاري ج5 ص87 والبحار ج21 ص58 وتهـذيب الكـمال ج5 ص54 وقـال في هامشـه: = = أخرجه البخاري ج5 ص182 في المغازي، باب غزوة مؤتة من أرض الشام، وأبو نعيم في الحلية ج1 ص117 والحاكم ج3 ص212 وابن سعد ج4 ص38 وراجع: شرح الأخبار ج3 ص548 والعمدة لابن البطريق ص408 وذخائر العقبى ص218 وعن فتح الباري ج7 ص394 وسير أعلام النبلاء ج1 ص210 ومعجم ما استعجم ج1 ص1172.
([23]) الطبقات الكبرى ج4 ص38 وذكر عن الفضل بن دكين: تسعين ضربة بين طعنة برمح وضربة بسيف، وعن المصنف لابن أبي شيبة ج8 ص550 وسير أعلام النبلاء ج1 ص210 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص158.
([24]) البداية والنهاية ج4 ص292 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص483.
([25]) البحار ج69 ص124 و 125 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص685 وراجع: مسند ابي حنيفة ص529.
([26]) أسد الغابة ج1 ص288 وراجع: صحيح ابن حبان ج11 ص45.
([27]) البحار ج21 ص58 عن جامع الأصول.
([28]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص157 و 158 عن صحيح البخاري، وراجع: الطبقات الكبرى ج4 ص38.
([29]) راجع: نور الثقلين ج1 ص543 وكنز الدقائق ج2 ص606 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص36 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص35 وتفسير القمي ج1 ص150 وج2 ص310 والبحار ج20 ص348 وج83 ص110 ونيل الأوطار ج8 ص191 والأم للشافعي ج7 ص149 ومستدرك الوسائل ج6 ص518 والنص والإجتهاد ص165 والميزان (تفسير) ج5 ص64 وج18 ص264 وعن فتح الباري ج5 ص243 وعن عيون الأثر ج2 ص114 وعن ابن سعد في الطبقات ج2 ص95 ونيل الأوطار ج8 ص191 وتفسير القمي ج1 ص150 وج2 ص310.
([30]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص148 وعن مغازي الواقدي ج2 ص760 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص67 وعن تاريخ مدينـة دمشق ج2 ص14 وج11 = = ص108 وعن الإصابة ج1 ص500 وشجرة طوبى ج2 ص299 وعن البداية والنهاية ج4 ص278 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص468 وعن دلائل النبوة للبيهقي ج4 ص278.
([31]) الآيتان 79 و 80 من سورة القصص.
([32]) الآيات 51 ـ 54 من سورة الزخرف.
([33]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص157.
([34]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص157 والسيرة الحلبية ج3 ص57 وعون المعبود ج7 ص172.
([35]) السيرة الحلبية ج3 ص67 وعن البداية والنهاية ج4 ص279 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص461.
([36]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص157 وكتاب الأم ج7 ص375.
([37]) راجع: المحاسن للبرقي ص634 والكافي ج5 ص49 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج11 ص544 ومنتهى المطلب (ط ق) ج2 ص913 وجواهر الكلام ج21 ص83 عن الوسائل، والتهذيب، والمحلى ج7 ص296 وتهذيب الأحكام ج6 ص170 والبحار ج45 ص14 وج58 ص223 وج94 ص25 وراجع: التنبيه والإشراف ص131 ومجمع البحرين ج3 ص168 وعمدة القاري ج17 ص267 والإستيعاب ج1 ص77 وتاريخ مدينة دمشق ج70 ص281.
([38]) راجع: الأمالي للطوسي (المجلس الخامس) ص141 والطبقات الكبرى لابن سعد ج4 ص38 والمبسوط للسرخسي ج10 ص28 وعن مناقب آل أبي طالب ج1 ص177 والبحار ج21 ص50 و 62 والنص والإجتهاد ص28 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص69 والدرجات الرفيعة ص75 والسير الكبير ج2 ص796 وعن البداية والنهاية ج2 ص30 وبشارة المصطفى ص432 وقصص الأنبياء لابن كثير ج2 ص299 ومقاتل الطالبيين ص7 وعن سنن أبي داود ج1 ص580 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص78 ومجمع الزوائد ج6 ص159 وعن عون المعبود ج7 ص172 والثقات ج3 ص49 وعن تاريخ مدينة دمشق ج68 ص88 وعن أسد الغابة ج1 ص288 وتهذيب الكمال ج5 ص58 وسير أعلام النبلاء ج1 ص209 وتهذيب التهذيب ج2 ص84 وعن الإصابة ج1 ص593 وعن تاريخ الأمم والملوك ج5 ص58 والمنتخب من ذيل المذيل ص2 و 3 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج2 ص833 وعن عيون الأثر ج2 ص167.
([39]) الوسائل (ط دار الإسلامية) ج16 ص307 و 308 وج8 ص396 وج5 ص52 والكافي ج5 ص49 وتهذيب الأحكام ج6 ص173 وج9 ص82، والبحار ج61 ص222 و 23 وج94 ص25 عن الكافي، وعون المعبود ج2 ص333 وسنن أبي داود ج3 ص29 والمحاسن للبرقي ج2 ص634 ومستدرك الوسائل ج8 ص301 وج16 ص157.
([40]) البحار ج22 ص275 وج38 ص307 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص67 وج5 ص345 ومكاتيب الرسول ج3 ص635 وشرح مسند أبي حنيفة ص539 والدرجات الرفيعة ص71 وأسد الغابة ج1 ص287 ولسان الميزان ج4 ص269 وذخائر العقبى ص215 والغدير ج10 ص130 وغنية النزوع ص76 وتحرير الأحكام (ط ج) ج1 ص136 وأنساب الأشراف ص153 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص107 و 108 وعن مسند أحمد ج5 ص204 والمستدرك للحاكم ج3 ص217 ومجمع الزوائد ج9 ص275 وعن فتح الباري ج7 ص390 وتحفة الأحوذي ج10 ص184 والمصنف للصنعاني ج11 ص227 وكنز العمال ج11 ص639 و 662 و 755 وج12 ص255 والطبقات الكبرى لابن سعد ص36 وتاريخ بغداد ج9 ص63 وعن تاريخ مدينة دمشق ج19 ص362 وتهذيب الكمال ج24 ص395 وسير أعلام النبلاء ج1 ص214 والمجدي في أنساب الطالبيين ص320 والمناقب للخوارزمي ص66 وكشف الغمة ج1 ص97 وينابيع المودة للقندوزي الحنفي ج2 ص219 وجامع الأحاديث والمراسيل ج1 ص99 و 419 وج18 ص253 و 444 وج2 ص140 وعن الفتح الكبير للسيوطي ج14 ص251 وعمدة القاري ج16 ص214.
([41]) السيرة الحلبية ج3 ص75 وعن عون المعبود ج7 ص172 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص157.
([42]) المحاسن للبرقي ص634 وجواهر الكلام ج21 ص83 والكافي ج5 ص49 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج11 ص544 والبحار ج21 ص54 وج58 ص223 وج94 ص25 ومستدرك سفينة البحار ج7 ص197 وج10 ص231 وعن عيون الأثر ج2 ص167 ومجمع البحرين ج3 ص168 وعمدة القاري ج17 ص267 وعن الإستيعاب ج1 ص77.
([43]) راجع: البحار ج21 ص50 و 62 والنص والإجتهاد ص28 ومجمع الزوائد ج6 ص159 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص69 والدرجات الرفيعة ص75 وسير أعلام النبلاء ج1 ص209 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص321 وعن المنتخب من ذيل المذيل ص2 و 3 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص833 والأمالي للطوسي ص141 (المجلس الخامس: حديث43) والمبسوط للسرخسي ج10 ص28 ومقاتل الطالبيين ص7 وعن مناقب آل أبي طالب ج1 ص177 والسير الكبير ج2 ص796 وعن البداية والنهاية ج2 ص30 وقصص الأنبياء لابن كثير ج2 ص299 وعن سنن أبي داود ج1 ص580 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص78 وعن عون المعبود ج7 ص172 والطبقات الكبرى لابن سعد ج4 ص37 والثقات ج3 ص49 وعن تاريخ مدينة دمشق ج68 ص88 وتهذيب الكمال ج5 ص58 وسير أعلام النبلاء ج1 ص209 وتهذيب التهذيب ج2 ص84 وعن الإصابة ج1 ص593 وعن عيون الأثر ج2 ص167 وعن أسد الغابة ج1 ص327 وعن زاد المعاد ج1 ص113 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص41.
([44]) الأمالي للطوسي ص141 (المجلس الخامس: حديث43) والبحار ج21 ص50 وبشارة المصطفى ص432.
([45]) الطبقات الكبرى لابن سعد ج4 ص38 والثاقب في المناقب ص102 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص68 والدرجات الرفيعة ص76 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص14 وج19 ص368 وكنز العمال ج11 ص661 والبداية والنهاية ج2 ص282 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص467 وجامع الأحاديث والمراسيل ج1 ص425 والفتح الكبير ج1 ص80.
([46]) راجع: النص والإجتهاد ص28 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص833 والبداية والنهاية ج4 ص278 والسنن الكبرى للبيهقي ج13 ص520 وتهذيب الكمال ج3 ص124 وسير أعلام النبلاء ج1 ص150 والسيرة النبوية لابن كثير ج2 ص461 وسبل الهدى والرشاد ج1 ص150.
([47]) السيرة الحلبية ج3 ص67 وتاريخ الخميس ج2 ص71 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص26 وعن عيون الأثر ج2 ص167 وعن زاد المعاد ج1 ص1134 والعبر = = وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص141 والخرائج والجرائح ج1 ص166.
([48]) البحار ج45 ص40 و 41 وينابيع المودة ج3 ص68 والعوالم ص283 وعن المناقب لابن شهرآشوب ج3 ص256 ونور العين في مشهد الحسين ص41 و 42 وإبصار العين في أنصار الحسين ص62 والعـوالم (الإمـام الحسين "عليه = = السلام") ص283 و 284 وعن ينابيع المودة ج3 ص67 و 68.
([49]) الخصال ج1 ص68 (باب الإثنين حديث101) وتفسير نور الثقلين ج4 ص246 والأمالي للطوسي ص548 والبحار ج44 ص298 والعوالم (الإمام الحسين) ص349 ودرر الأخبار ص192 ومقتل الحسين لأبي مخنف ص176.
([50]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص69 وشرح أصول الكافي ج12 ص539 والبحار ج22 ص275 وج42 ص115 وتحفة الأحوذي ج10 ص183 وعون المعبود = = ج6 ص267 وشرح النهج ج11 ص116 و 250 والطبقات الكبرى ج4 ص42 وعن تاريخ مدينة دمشق ج41 ص9 و 24 وج42 ص574 وعن أسد الغابة ج1 ص287 وج3 ص422 وتهذيب الكمال ج2 ص236 وسير أعلام النبلاء ج1 ص206 وتهذيب التهذيب ج7 ص226 وعن الإصابة ج1 ص539 والأعلام ج2 ص125 وعن البداية والنهاية ج4 ص292 وج8 ص52 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص484 وعن الإستيعاب ج3 ص73 والمدهش لابن قيم الجوزية ص64.
([51]) السيرة الحلبية ج3 ص69.
([52]) تنقيح المقال ج1 ص212.
([53]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص149 وتاريخ الخميس ج2 ص71 و 72 والنص والإجتهاد ص29 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص833 وعن البداية والنهاية ج4 ص279 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص155 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص321 وعن تاريخ مدينة دمشق ج28 ص121 وشرح النهج ج15 ص69 و 70 والسيرة النبوية لابن كثير ج2 ص461 ومجمع الزوائد ج6 ص159.
([54]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص150 وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص67 وعن فتح الباري ج7 ص393.
([55]) السيرة الحلبية ج3 ص67 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص69 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص41 وعن فتح الباري ج7 ص293 وحياة الصحابة (باب الجهاد) تحريض النبي وترغيبه على القتال، وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص321 وعن البداية والنهاية ج4 ص279 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص833 وعن عيون الأثر ج2 ص167 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص462 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص149 وزاد المعاد ج1 ص1134.
([56]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص67 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص151.
([57]) المغازي للواقدي ج2 ص764 وراجع: البحار ج21 ص62.
([58]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص154 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص840 وعن البداية والنهاية ج4 ص295 وعن تاريخ مدينة دمشق ج25 ص330 وعن عيون الأثر ج2 ص169 والسيرة النبوية لابن كثير ج2 ص498.
([59]) عن البداية والنهاية ج4 ص295 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص154 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص840 وعن وعن تاريخ مدينة دمشق ج25 ص330 وعن عيون الأثر ج2 ص169 والسيرة النبوية لابن كثير ج2 ص498.
([60]) عن أسد الغابة ج5 ص74 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص154.
([61]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص155 وعن تاريخ مدينة دمشق ج19 ص450 وعن الإصابة ج2 ص507.
([62]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص155 وعن تاريخ مدينة دمشق ج29 ص55 و 75 وعن الإصابة ج2 ص89.
([63]) الطبقات الكبرى ج4 ص135 وعن البداية والنهاية ج7 ص41 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص155 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص822 وعن تاريخ مدينة دمشق ج29 ص70 وج37 ص467 وتاج العروس ج3 ص609 وعن الإصابة ج6 ص414.
([64]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص155 وعن الإصابة ج6 ص414.
([65]) عن تاريخ مدينة دمشق ج28 ص78 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص155.
([66]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص155 وعن الإصابة ج6 ص414 وعن تاريخ مدينة دمشق ج26 ص237 وج58 ص467 و 470 وفي ج2 ص11 عباد بن ناعص.
([67]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص155 وعن الإصابة ج6 ص114.
([68]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص155 وعن البداية والنهاية ج4 ص295 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص489.
([69]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص154 و 155 وعن البداية والنهاية ج4 ص295 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص189.
([70]) سبل الهدى والرشاد ج3 ص463 وج6 ص151 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص27 وراجع: ما عن المصادر التالية: تاريخ الأمم والملوك ج2 ص322 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص834 وعن فتح الباري ج7 ص395 والبداية والنهاية ج4 ص279 وعيون الأثر ج2 ص167.
([71]) البحار ج21 ص50 و 51 وعن أمالي الطوسي ص87 و 88 و (ط دار الثقافة) ص141 وراجع: بشارة المصطفى ص432.
([72]) السيرة الحلبية ج3 ص68 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص150.
([73]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص150 وفي هامشه عن البخاري ج7 ص585. وراجع: البخاري ج5 ص87.
([74]) الطبقات الكبرى ج2 ص130 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص150 والسيرة الحلبية ج3 ص67 عن ابن سعد، وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص72 والبحار ج21 ص62 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص68 وتاريخ المدينة ج2 ص14 وج11 ص107.
([75]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص151 وعن فتح الباري ج7 ص395 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص10 وعن البداية والنهاية ج4 ص282 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص468.
([76]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص151 وتاريخ الخميس ج2 ص72 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص15 وعن البداية والنهاية ج4 ص282.
([77]) راجع ما تقدم في: سبل الهدى والرشاد ج6 ص151 والمغازي للواقدي ج2 ص764 والسيرة الحلبية ج3 ص67 وتاريخ الخميس ج2 ص72.
([78]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص151 وفي هامشه قال: أخرجه مسلم ج3 ص1398 كتاب الجهاد (76 ـ 1775) من حديث عباس، وأحمد في المسند ج1 ص207 وعبد الرزاق (9741). وراجع: المغازي للواقدي ج2 ص764 والسيرة الحلبية ج3 ص68 وكنز العمال ج4 ص253 والطبقات الكبرى ج2 ص129 وج4 ص253 وتاريخ مدينة دمشق ج16 ص238 وعن البداية والنهاية ج4 ص282 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص467.
([79]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص151 و 153 وفي هامشه قال: أخرجه البخاري (4262)، وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص67 وتاريخ الخميس ج2 ص72 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص468 و 482 و 476 و 469 وعن البداية والنهاية ج7 ص129 وج4 ص283 و و 288 و 291 ومسند أحمد ج1 ص204 وعن صحيح البخاري ج4 ص218 وج5 ص87 والمستدرك للحاكم ج3 ص298 ومجمع الزوائد ج9 ص349 وعن فتح الباري ج7 ص394 وتحفة الأحوذي ج8 ص113 وج10 ص233 والآحاد والمثاني ج2 ص25 وعن السنن الكبرى للنسائي ج5 ص180 والمعجم الكبير ج2 ص106 وج4 ص104 وكنز العمال ج10 ص386 و 559 وراجع الدر المنثور ج2 ص245 والطبقات الكبرى ج4 ص37 والتاريخ الصغير ج1 ص49 وتاريخ مدينة دمشق ج27 ص255 وعن أسد الغابة ج2 ص94.
([80]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص151 وقال في هامشه: أخرجه البيهقي في الدلائل ج4 ص368 وابن أبي شيبة في المصنف ج14 ص513 وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص67 وفضائل الصحابة ص44 وعن مسند احمد ج5 ص299 و 301 وراجع: المصنف لابن أبي شيبة ج8 ص546 وسنن النسائي ج5 ص69 وصحيح ابن حيان ج15 ص523 وتاريخ مدينة دمشق ج16 ص16 وسير أعلام النبلاء ج1 ص209 وج4 ص60 وعن تاريخ الطبري ج3 ص322 وعن البداية والنهاية ج4 ص281 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص466.
([81]) السيرة الحلبية ج3 ص68.
([82]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص151 وتاريخ الخميس ج2 ص72.
([83]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص151 و 152 وقال في هامشه: أخرجه مسلم 3 ص473 كتاب الجهاد وذكر بعضه الواقدي في المغازي ج2 ص768.
وراجع: نيل الأوطار ج8 ص96 و 97 وعن صحيح مسلم ج5 ص149 ومسند أبي داود ج1 ص618 وعون المعبود ج7 ص278 وكنز العمال ج10 ص385 و 386 والجامع لأحكام القرآن ج8 ص8 وسير أعلام النبلاء ج2 ص488 والمغني لابن قدامة ج10 ص430 والمحلى لابن حزم ج7 ص338 وعن مسند أحمد ج6 ص28 وسنن أبي داود ج1 ص618 وعن المعبود ج7 ص278 وشرح معاني الآثار ج3 ص231 وصحيح ابن حبان ج11 ص176 ومسند الشاميين ج1 ص275 وعن نصب الراية ج4 ص301 وراجع: كنز العمال ج10 ص386 وعن أحكام القرآن للجصاص ج3 ص71 وتاريخ مدينة دمشق ج68 ص90 وعن البداية والنهاية ج4 ص285 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص472.
([84]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص152 والمغازي للواقدي ج2 ص768 والسنن الكبرى ج6 ص309 وتاريخ مدينة دمشق ج41 ص16.
([85]) المغازي للواقدي ج2 ص769 والسنن الكبرى ج6 ص309 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص152 و 156 وراجع: كنز العمال ج10 ص555 وعن فتح الباري ج7 ص395 وتاريخ مدينة دمشق ج16 ص359 وسير أعلام النبلاء ج2 ص468 (لكن بدل زمن عثمان زمن عمر).
([86]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص152 و 156 وعن البداية والنهاية ج4 ص385 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص478.
([87]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص152 وفي هامشه قال: أخرجه البخاري ج7 ص588، وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص67 وتاريخ الخميس ج2 ص73 والإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج1 ص408 والإصابة ج1 ص414 وج2 ص218 والمصنف لابن أبي شيبة ج4 ص582 وج7 ص579 وج8 ص548 والمعجم الكبير ج4 ص104 ورياض الصالحين ليحيى بن شرف النوري ص717 والطبقات الكبرى ج4 ص253 وج7 ص395 وتاريخ مدينة دمشق ج16 ص248 و 249 وعن البداية والنهاية ج4 ص281 و 285 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص465 و 472.
([88]) سبل الهدى والرشاد ج6ص152 و 156 وراجع: السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص472 وعن البداية والنهاية ج4 ص285.
([89]) السيرة الحلبية ج2 ص68 وراجع: البداية والنهاية ج4 ص249 تاريخ مدينة دمشق ج16 ص230 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص156 وعن السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص471 وعن البداية والنهاية ج4 ص284.
([90]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص152 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص472 و 473 وتاريخ مدينة دمشق ج49 ص337 والبداية والنهاية ج4 ص285 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص835.
([91]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص153 عن البخاري والبيهقي، وفي هامشه: عن البخاري ج7 ص92 وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص72 ومسند أحمد ج3 ص113 والسنن الكبرى للبيهقي ج8 ص154 ومستدرك الحاكم ج3 ص42 وطبقات ابن سعد ج4 ق1 ص25 ونيل الأوطار ج4 ص96 وراجع: المناقب لابن شهرآشوب ج1 ص94 وأحكام الجنائز ص166 وعن صحيح البخاري ج5 ص87 وتحفة الأحوذي ج8 ص113 وج10 ص233 والكامل لابن عدي ج2 ص276 وعن البداية والنهاية ج4 ص280 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص463.
([92]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص153 والسيرة الحلبية ج3 ص67 والكامل في التاريخ ج2 ص وأحكام الجنائز ص33 وفضائل الصحابة ص 18 و 53 وعن مسند أحمد ج5 ص 299 و 301 ومجمع الزوائد ج6 ص156وعن فتح الباري ج7 ص394 والمصنف ج8 ص546 والسنن الكبرى ج5 ص48و 69 و 77 وصحيح ابن حبان ج15 ص523 وكنز العمال ج10 ص387 و 556 والطبقات الكبرى ج7 ص395 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص17 وج16 ص238 وسير أعلام النبلاء ج1 ص209 وج4 ص60 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص322 والبداية والنهاية ج4 ص281 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص466.
([93]) المغازي ج2 ص762 و 763 وتاريخ مدينة دمشق ج68 ص87.
([94]) المغازي للواقدي ج2 ص763 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص150 وتاريخ الخميس ج2 ص72 والبحار ج21 ص62 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص15 وج11 ص108.
([95]) المغازي للواقدي ج2 ص763 وتاريخ الخميس ج2 ص72 والسيرة النبوية ج4 ص27 ومجمع الزوائد ج6 ص159 والثقات ج2 ص33 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص321 وعن البداية والنهاية ج4 ص279 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص834 وعن عيون الأثر ج2 ص167 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص463 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص150.
([96]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص150 والسيرة الحلبية ج3 ص67 ومجمع الزوائد ج6 ص157 وعن فتح الباري ج7 ص394 والمعجم الأوسط ج2 ص179 وتاريخ مدينة دمشق ج11 ص106 وعن أسد الغابة ج1 ص220.
([97]) السيرة الحلبية ج3 ص67.
([98]) المغازي للواقدي ج2 ص763 وتاريخ مدينة دمشق ج49 ص337.
([99]) تاريخ الخميس ج2 ص72.
([100]) السيرة الحلبية ج3 ص68 وراجع: البداية والنهاية ج4 ص249.
([101]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص156 وراجع: البداية والنهاية ج4 ص249 وعن فتح الباري ج7 ص295 (وفيه أنهم أكثر من مائة ألف بدل مائتي ألف).
([102]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص156 وعن فتح الباري ج7 ص395 (وفيه أنهم أكثر من مائة ألف بدل مائتي ألف).
([103]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص158 و 159 والمغازي للواقدي ج2 ص764.
([104]) المغازي للواقدي ج2 ص764 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص15 وعن البداية والنهاية ج4 ص282 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص467 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص151.
([105]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص152 والمغازي للواقدي ج2 ص768.
([106]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص152 والمغازي للواقدي ج2 ص769 وكنز العمال ج10 ص555 وتاريخ مدينة دمشق ج16 ص359 وسير أعلام النبلاء ج2 ص486.
([107]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص156 وراجع: شرح النهج ج14 ص275 وكنز العمال ج10 ص555 وتاريخ مدينة دمشق ج16 ص359 وج24 ص397 وسير أعلام النبلاء ج2 ص486.
([108]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص159.
([109]) تاريخ الخميس ج2 ص72 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص151 و 155 وعن فتح الباري ج7 ص395 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص16.
([110]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص165.
([111]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص151 عن القراب في تاريخه، والسيرة الحلبية ج3 ص67.
([112]) سبل الهدى والرشاد ج 6 ص150 وراجع: والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص462 وعن البداية والنهاية ج4 ص279 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص834 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص462.
([113]) راجع: المغازي للواقدي ج2 ص763 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص150 وتاريخ الخميس ج2 ص72 والبحار ج21 ص62 والطبقات الكبرى لابن سعد ج4 ص253 وتاريخ مدينة دمشق ج11 ص107 و 108 وج2 ص15.
([114]) السيرة الحلبية ج3 ص67.
([115]) الطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص129 وتاريخ مدينة دمشق ج49 ص37 وج68 ص87.
([116]) السيرة الحلبية ج3 ص68 و 67 وسبل الهـدى والرشـاد ج6 ص151 و 153 ونقلـه في هوامشه عن المصادر التاليـة: صحيح البخاري (4262) وعن ج7 ص62 ودلائـل النبوة للبيهقي ج4 ص368 وعن المصنف لابن أبي شيـبـة ج14= = ص513 وعن مسند أحمد ج3 ص113 والسنن الكبرى ج8 ص154 ومستدرك الحاكم ج3 ص42 والطبقات الكبرى لابن سعد (ط ليدن) ج4 ق1 ص25 وعن الكامل في التاريخ ج2 ص وتاريخ الأمم والملوك ج3 ص41.
([117]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص151 وتاريخ تاريخ الخميس ج2 ص72 والجامع لأحكام القرآن ج16 ص282.
([118]) راجع: البداية والنهاية ج4 ص240 وراجع مكاتيب الرسول ج2ص627 وفيض القدير ج1 ص191.
([119]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص144 ومسند أبي داود ص158.
([120]) فيض القدير ج1 ص191.
([121]) الإصابة ج6 ص419.
([122]) رجال الكشي ص35 والوسائل (ط دار الإسلامية) ج20 ص277 وعوالي اللآلي ج1 ص113 وأجوبة مسائل جار الله ص26 والغدير ج1 ص 331 و 332 وج9 ص27 وفضائل الصحابة ص50 والمستدرك للحاكم ج3 ص390 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص74 والمعجم الكبير ج4 ص112 وكنز العمال ج11 ص726 وج13 ص534 وعلوم القرآن للسيد محمد باقر الحكيم ص305 وأسباب نزول الآيات ص106 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج1 ص530 وتاريخ مدينة دمشق ج43 ص 399 و 400 وتهذيب الكمال ج25 ص366 وسير أعلام النبلاء ج1 ص415 وج9 ص367 وخلاصة عبقات الأنوار ج3 ص23 وإختيار معرفة الرجال ج1 ص150وجامع الرواة ج1 ص293 ومعجم رجال الحديث ج8 ص41 وج13 ص288.
([123]) تاريخ الأمم والملوك ج3 ص66ـ 68 والكامل في التاريخ ج2 ص173 وعن السـيرة النبويـة لابن هشـام ج4 ص53 والطبقات الكـبرى لابن سعد ج2 = = ص147 وتاريخ أبي الفداء ج1 ص145 وأسد الغابة ج3 ص102 وعن صحيح البخاري ج3 ص48 والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج1 ص407 وضوء النبي "صلى الله عليه وآله" ج2 ص17 والمحلى ج8 ص 166 والخصال ص563 والمسترشد ص492 والغدير ج7 ص169 والإمام علي "عليه السلام" للرحماني ص688 وكتاب المنمق ص217 و(ط مؤسسة الأعلمي) ج2 ص342 والبداية والنهاية ج4 ص358 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص592 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص201.
([124]) تاريخ الأمم والملوك ج2 ص333 والنص والإجتهاد للسيد عبد الحسين شرف الدين ص495 عن السيرة النبوية لابن هشام ج14 ص100.
([125]) راجع عبقرية عمر للعقاد ص266.
([126]) تاريخ الأمم والملوك ج3 ص278 ـ 279 وفي (ط ليدن) ج4 ص141، وراجع: وفيات الأعيان ج6 ص15 والمختصر في أخبار البشر ج1 ص158 وروضة = = المناظر (بهامش الكامل في التاريخ) ج7 ص167 والكامل في التاريخ (ط دار صادر) ج3 ص49 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص179 والخصال ص563 الإمام علي "عليه السلام" لأحمد الرحماني الهمداني ص688 وعن البداية والنهاية ج4 ص358 وكشف الغمة ج1 ص220.
وراجع: المبسوط للسرخسي ص92 وج20 ص2145 والمحلى لابن حزم ج8 ص166والخصال ص563 والمسترشد ص492 و 493 وشرح الأخبار ج1 ص310 والإحتجاج ج1 ص124 والبحار ج21 ص142 وج31 ص330 والنص والإجتهاد ص461 والفايق في غريب الحديث ج3 ص379 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج1 ص548 وأسد الغابة ج2 ص94 وكتاب المحبر ص124 والسيرة النبوية لابن هشام الحميري ج4 ص884 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص 201 وغريب الحديث لابن قتيبة ج1 ص372 و 373 والنهاية في غريب الحديث لابن الأثير ج2 ص277 وج5 ص226.
([127]) راجع نفس المصادر السابقة.
([128]) راجع: البحار ج29 ص46 ـ 52 عن إرشاد القلوب للديلمي، والأنوار العلوية 314 ـ 316.
([129]) البحار ج22 ص197 وج40 ص33 عن أمالي الشيخ الطوسي ص322 و (ط دار الثقافة) ص506 ومستدرك سفينة البحار ج5 ص334.
([130]) البحار ج40 ص43 والكافي ج8 ص11 وإحقاق الحق ج6 ص153 عن در بحر المناقب (مخطوط) ص43، وراجع ذخائر العقبى ص92 والمناقب المرتضوية ص93 والروضة في المعجزات والفضائل ص128.
([131]) فتوحات الوهاب بتوضيح شرح منهج الطلاب، لسلمان العجيلي المعروف بالجمل (ط القاهرة) ص62 وفرائد السمطين (ط دار النعمان، النجف) ص120 ونظم درر السمطين ص124 وعن المناوي في شرح الجامع الصغير، وإحقاق الحق (الملحقات) ج15 ص42 و 59 وج20 ص518 و 283 عن آل محمد للمردي الحنفي، وعن غيره ممن تقدم. وعن فيض القدير ج5 ص293 والأنوار العلوبة ص153 والبحار ج60 ص146 ومستدرك سفينة البحار ج6 ص34 وج10 ص14.
([132]) راجع المصادر التالية: الإحتجاج (ط سنة 1313 ه‍ . ق) ج1 ص190 و 191 و 300 والصراط المستقيم ج2 ص80 و 82 وقاموس الرجال ج3 ص476 و 478 و 479 والخصال ج2 ص462 و 463 واليقين في إمرة أمير المؤمنين ص108 ـ 110 عن أحمد بن محمد الطبري، المعروف بالخليلي، وعن محمد بن جرير الطبري، صاحب التاريخ في كتابه: مناقب أهل البيت "عليهم السلام" والبحار ج28 ص210 و 211 و 214 و 219 ورجال البرقي ص63 و 64.
([133]) مستدرك سفينة البحار ج5 ص321 وراجع: المناقب لابن شهرآشوب ج3 ص74 والفضائل لابن شاذان ص77.
([134]) أرجح المطالب (ط لاهور) ص38 ومناقب علي "عليه السلام" للعيني الحيدر آبادي (ط أعلم بريش، جهار منار) ص57 و 37.
([135]) نظم درر السمطين للزرندي الحنفي ص124 وفيض القدير في شرح الجامع الصغير ج5 ص293 وينابيع المودة للقندوزي ج1 ص409.
([136]) فرائد السمطين (مطبعة النعمان، النجف) ص29.
([137]) إحقاق الحق ج4 ص297 عن مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي.
([138]) ينابيع المودة (ط إسلامبول) ص213 وراجع: أرجح المطالب (ط لاهور) ص14 و 29 وإحقاق الحق (الملحقات) ج20 ص250 عن: آل محمد للمردي الحنفي وج4 ص225 عن عدد من المصادر.
([139]) راجع: الغدير ج7 ص158 ـ 163 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص503 والكامل في التاريخ ج2 ص359 وأسد الغابة ج4 ص295 وتهذيب تاريخ دمشق ج5 ص105 والإصابة ج3 ص357 وتاريخ الخميس ج2 ص209 و 233 وتاريخ أبي الفداء ج1 ص158.
([140]) الغدير ج10 ص10 وج5 ص362 و 363 وعن تاريخ ابن عساكر ج5 ص102 والإمامة والسياسة ج1 ص22 وأعلام النساء ج2 ص876.
([141]) تهذيب تاريخ دمشق ج5 ص102 والإمامة والسياسة ج1 ص24 والإصابة ج1 ص414 والإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج1 ص408 و 409.
([142]) السيرة النبوية ج4 ص27 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص151 وراجع ص150 والسيرة الحلبية ج3 ص69 وراجع ص67 وراجع: ما عن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص322 وعن البداية والنهاية ج4 ص279 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص834 وج2 ص167 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص462.
([143]) البحار ج21 ص50 و 51 عن الأمالي للطوسي ص87 و 88 وبشارة المصطفى ص432.
([144]) المغازي للواقدي ج2 ص763 وتاريخ الخميس ج2 ص72 والبحار ج21 ص62 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص150 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص68 والطبقات الكبرى لابن سعد ج4 ص253 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص15.
([145]) تاريخ مدينة دمشق ج49 ص337 وراجع: الطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص129.
([146]) المغازي للواقدي ج2 ص763 وتاريخ مدينة دمشق ج49 ص337.
([147]) السيرة الحلبية ج3 ص67.
([148]) المغازي للواقدي ج2 ص762 و 763.
([149]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص155 و 156 وراجع: الطبقات لابن سعد ج2 ق1 ص93 والسيرة الحلبية ج3 ص69 وتاريخ الخميس ج2 ص72 والمغازي للواقدي ج2 ص764 و 765 والبحار ج21 ص57 عن إعلام الورى ص111 و 112 وعن تاريخ الأمم والملوك ج3 ص42.
([150]) المغازي للواقدي ج2 ص764 و 765 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص70.
([151]) سبل الهدى والرشاد ج7 ص151 وج6 ص156 وفي هامشه: عن أبي داود ج2 ص52 وعن الترمذي ج4 ص186 وعن مسند أحمد ج2 ص111 وحلية الأولياء ج9 ص57 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص78 والسيرة الحلبية ج3 ص69.
([152]) المغازي للواقدي ج2 ص762 و 765 والبحار ج21 ص62 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص68 وراجع: الأحكام ليحيى بن الحسين ج2 ص502 وكتاب الأم ج4 ص180 والمجموع للنووي ج19 ص291 ونيل الأوطار ج8 ص79 والمسند للشافعي ج1 ص207 وعن مسند أحمد ج2 ص70 وسنن أبي داود ج1 ص596 وسنن الترمذي ج3 ص130 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص77 و 276 ومسند أبي يعلى ج9 ص447 والمنتقى في السنن المسندة ص263 والفايق في غريب الحديث ج1 ص217 وتفسير مجمع البيان ج4 ص445 وتفسير الميزان ج9 ص558 والجامع لأحكام القرآن ج7 ص383 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص306 وعن الدر المنثور ج3 ص174 وتاريخ مدينة دمشق ج51 ص266.
([153]) المغازي للواقدي ج2 ص764 والبحار ج21 ص62 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص70.
([154]) المغازي للواقدي ج2 ص764 و 765 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص323 وراجع: البحار ج21 ص62 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص70.
([155]) المغازي للواقدي ج2 ص764 والسيرة الحلبية ج3 ص67 وتاريخ الخميس ج2 ص72 وراجع: تاريخ مدينة دمشق ج11 ص107 والطبقات الكبرى ج4 ص253.
([156]) تاريخ الخميس ج2 ص72.
([157]) المغازي للواقدي ج2 ص764 وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص72 والسيرة الحلبية ج3 ص67 والمستدرك للحاكم (ط دار المعرفة) ج3 ص42 وراجع: شيخ المضيرة لأبي رية ص74 عن المستدرك على الصحيحين للحاكم ج2 ص12 .
([158]) المغازي للواقدي ج2 ص764 وتاريخ الخميس ج2 ص72 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص323 وعن السيرة النبوية ج4 ص30 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص156.
([159]) راجع: كنز العمال ج10 ص555 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص152 و 156.
([160]) راجع: مغازي الواقدي، وتاريخ مدينة دمشق ج16 ص359 وقال في هامشه: كذا = = بالأصل وابن العديم ومختصر ابن منظور 8/45 وقد صححها محقق مغازي الواقدي "عمارة بن غزية" وسير أعلام النبلاء ج2 ص486 وقال: هو في مغازي الواقدي 2/769، وقد أخطأ محقق الكتاب مارسدن جونس، فأبدل لفظ "خزيمة" بـ "غزية" مع أنه في الأصل الذي اعتمده "خزيمة على الصواب" على الصواب.
([161]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص150 وعن السيرة النبوية ج3 ص68.
([162]) السيرة الحلبية ج3 ص67 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص151.
([163]) المغازي للواقدي ج2 ص769 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص154 وعن السيرة النبوية لابن هشام (ط محمد علي صبيح) ج3 ص840 البدايـة والنهايـة ج4 = = ص295 عن ابن إسحاق، وعن عيون الأثر ج2 ص169 عن ابن إسحاق، والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص489.
([164]) راجع: السيرة النبوية لابن هشام (ط محمد علي صبيح) ج3 ص840 والبداية والنهاية ج4 ص295 عن ابن هشام، وعن عيون الأثر ج2 ص169 عن ابن هشام أيضاً.
([165]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص155 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص36 و 37.
([166]) السيرة الحلبية ج3 ص69 و (ط دار المعرفة) ج2 ص768.
([167]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص153 والسيرة الحلبية ج3 ص68 و 69 ورسائل المرتضى ج1 ص406 والمصنف للصنعاني ج5 ص266 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص73.
([168]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص154 عن البخاري ج7 ص94 وذخائر العقبى ص216 وفضائل الصحابة ص18 وعن صحيح البخارى (ط دار الفكر) ج4 ص209 وج5 ص87 والمستدرك للحاكم ج3 ص41 وتحفة الأحوذي ج10 ص183 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص48 والمعجم الكبير ج2 ص109 وج12 ص204 وكنز العمال ج13 ص448 وتاريخ مدينة دمشق ج27 ص262 وأسد الغابة ج1 ص289 وتهذيب الكمال ج5 ص55 وسير أعلام النبلاء ج1 ص212 و 215 وج3 ص459 وتهذيب التهذيب ج2 ص84 والإصابة ج1 ص594 وعن البداية والنهاية ج4 ص280 و 292.
([169]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص154 عن ابن إسحاق، وتاريخ الخميس ج2 ص73 وراجع: البحار ج21 ص53 و 54 ومجمع الزوائد ج6 ص160 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص69 وكنز العمال ج10 ص386 وعن أسد الغابة ج1 ص288 وتاريخ مدينة دمشق ج28 ص120 وعن البداية والنهاية ج4 ص280 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص834 وعن عيون الأثر ج2 ص167 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص463.
([170]) المغازي للواقدي ج2 ص762 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص68 والدرجات الرفيعة ص76 والطبقات الكبرى ج3 ص530 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص14 وج19 ص369 وج28 ص127 والبداية والنهاية ج4 ص282 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص467 الدرجات الرفيعة ص76 والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص530 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص14 وج19 ص369 وج28 ص127.
([171]) راجع: البحار ج29 ص405 والتبيان ج2 ص453 ومجمع البيان ج2 ص274 والنصائح الكافية لابن عقيل ص226 وتفسير القرآن للصنعاني ج2 ص362 و 363 والنصائح الكافية ص226.
([172]) المغازي للواقدي ج2 ص762 وكنز العمال ج11 ص665 والطبقات الكبرى لابن سعد ج4 ص38 وتاريخ مدينة دمشق ج19 ص369.
([173]) قاموس الرجال ج2 ص602 عن مقاتل الطالبيين ص3 ـ 10 والبحار ج21 ص60 وشجرة طوبى ج2 ص297 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص72 والدرجات الرفيعة ص7 وشرح إحقاق الحق ج15 ص261.
([174]) سبل الهدى والرشاد ج 6 ص 155 وعن فتح الباري ج7 ص395 وراجع: تاريخ مدينة دمشق ج2 ص16.
([175]) البحار ج 21 ص50 و 51 عن أمالي الطوسي ص 87 و 88 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج 6 ص54 عن الحكيم الترمذي في الثالث والعشرين بعد المئة من فوائده، ومقاتل الطالبيين ص7 والأمالي للطوسي ص141 وكنز العمال ج10 ص387 وعن الدر المنثور ج2 ص245 وبشارة المصطفى ص432 .
([176]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص153 والبداية والنهاية ج4 ص247 و (ط دار إحياء التراث العربي) ص280 ومجمع الزوائد ج6 ص160 والسيرة الحلبية ج3 ص68 و 69 وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص73 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص69 وتاريخ مدينة دمشق ج28 ص121 وأسد الغابة ج3 ص159 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص834 وعن عيون الأثر ج2 ص168 والسيرة النبوية ج3 ص463.
([177]) إعلام الورى ص111 و (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص213 عن صحيح البخاري، والبحار ج21 ص56 والسنن الكبرى للبيهقي ج4 ص70 وج8 ص154 وعن مناقب آل أبي طالب ج1 ص177 وعن ذخائر العقبى ص218 وعن صحيح البخاري (ط دار الفكر) ج4 ص184 والسنن الكبرى للنسائي ج1 ص616 وج4 ص26 والمعجم الكبير ج2 ص205 ودلائل النبوة للأصبهاني ص90 وراجع: شرح الأخبار ج3 ص206 والغدير ج6 ص162 ومسند أبي يعلى ج7 ص205 وكنز العمال ج10 ص562 والطبقات الكبرى لابن سعد ج4 ص39 والكامل لابن عدي ج2 ص276 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص18 وج16 ص237 وج28 ص127 وتهذيب الكمال ج14 ص508 وعن البداية والنهاية (وط دار إحياء التراث) ج4 ص281 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص463 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص153.
([178]) الكافي ج 8 ص 308 الحديث رقم 565 و (ط دار الكتب الإسلامية) ص376 والبحار ج 21 ص 58 وشرح أصول الكافي ج12 ص538 والأنوار العلوية ص19.
([179]) الآية 45 و 46 من سورة الأحزاب.
([180]) الآية 8 من سورة الفتح.
([181]) الآية 41 من سورة النساء.
([182]) الآية 89 من سورة النحل.
([183]) الإحتجاج ج2 ص248 والفضائل لابن شاذان ص34 والبحار ج15 ص353 وج50 ص82 والغدير ج7 ص38 وج9 ص287 ومسند أحمد ج4 ص66 وج5 ص59 و 379 وسنن الترمذي ج5 ص245 ومستدرك الحاكم ج2 ص609 ومجمع الزوائد ج8 ص223 وتحفة الأحوذي ج7 ص111 وج10 ص56 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص438 والآحاد والمثاني ج5 ص347 وكتاب السنة لابن أبي عاصم ص179 والمعجم الأوسط ج4 ص272 والمعجم الكبـير ج12 ص73 وج20 ص353 والجـامع الصغير ج2 ص296 وكـنز = = العمال ج11 ص409 و 450 وتذكرة الموضوعات للفتني ص86 وكشف الخفاء ج2 ص129 وخلاصة عبقات الأنوار ج9 ص264 عن ابن سعد، ومستدرك سفينة البحار ج2 ص392 و 522 عن كتاب النكاح، وعن فيض القدير ج5 ص69 وعن الدر المنثور ج5 ص184 وفتح القدير ج4 ص267 والطبقات الكبرى ج1 ص148 وج7 ص59 والتاريخ الكبير للبخاري ج7 ص274 وضعفاء العقيلي ج4 ص300 والكامل لابن عدي ج4 ص169 وج7 ص37 وعن أسد الغابة ج3 ص132 وج4 ص426 وج5 ص377 وتهذيب الكمال ج14 ص360 وسير أعلام النبلاء ج7 ص384 وج11 ص110 وج13 ص451 ومن له رواية في مسند أحمد ص428 وتهذيب التهذيب ج5 ص148 وعن الإصابة ج6 ص181 والمنتخب من ذيل المذيل ص66 وتاريخ جرجان ص392 وذكر أخبار إصبهان ج2 ص226 وعن البداية والنهاية ج2 ص275 و 276 و 392 وعن الشفا بتعريف حقوق المصطفى ج1 ص166 وعن عيون الأثر ج1 ص110 والسيرة النبوية لابن كثير ج1 ص288 و 289 و 317 و 318 ودفع الشبه عن الرسول ص120 وسبل الهدى والرشاد ج1 ص79 و 81 و 83 وج2 ص239 وعن ينابيع المودة ج1 ص45 وج2 ص99 و 261.
([184]) السيرة الحلبية ج 3 ص69 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص323 وعن البداية والنهاية ج4 ص283 و 289 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص836 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص469 و 479.
([185]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص155 و 156 والسيرة الحلبية ج 3 ص 69 وتاريخ الخميس ج2 ص72 والبحار ج21 ص54 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص323 وعن البداية والنهاية ج4 ص283 و 289 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص469 و 478 وإعلام الورى ص111 و 112 و (ط مؤسسة آل البيت لإحياء التراث) ج1 ص215 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص836.
([186]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص155 و 156 والطبقات لابن سعد ج2 ق1 ص93 والسيرة الحلبية ج3 ص69 وتاريخ الخميس ج2 ص72 والبحار ج21 ص57 عن إعلام الورى ص111 و 112 و (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص215 والمغازي للواقدي ج2 ص764 و 765 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص323 وعن البداية والنهاية ج4 ص283 و 289 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص469 و 479 وعن مناقب آل أبي طالب ج1 ص177 والبحار ج21 ص57 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص836.
([187]) المغازي للواقدي ج2 ص764 و 765.
([188]) كتاب الأم للشافعي ج4 ص180 والمجموع للنووي ج19 ص291 ونيل الأوطار ج8 ص79 والمسند للشافعي ص207 وعن مسند احمد ج2 ص70 وسنن أبي داود ج1 ص596 وسنن الترمذي ج3 ص130 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص76 وتحفة الأحوذي ج5 ص309 والمصنف لابن أبي شيبة ج7 ص733 والأدب المفرد ص209 ومسند أبي يعلى ج10 ص128 والمنتقى من السنن المسندة ص263 وتفسير الميزان ج9 ص58 وعن تفسير القرآن العظيم ج2 ص306 وعن الدر المنثور ج3 ص174 وفتح القدير ج2 ص295 وتاريخ مدينة دمشق ج51 ص266 وعن البداية والنهاية ج4 ص283 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص470 وسبل الهدى والرشاد ج1 ص496 وج6 ص156 وج7 ص151.
([189]) سبل الهدى والرشاد ج7 ص151 وج6 ص 156 وقال في هامشه: أخرجه أبو داود ج2 ص52 ح2647 والترمذي ج4 ص186 ح1716 وأحمد في المسند ج2 ص111 والبيهقي في السنن ج9 ص78 وأبو نعيم في الحلية ج9 ص57 وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص69 وراجع: الأحكام ليحيى بن الحسين ج2 ص502 والمجموع للنووي ج19 ص291 ونيل الأوطار ج8 ص79 و 80 وفقه السنة ج2 ص653 وعن مسند أحمد ج2 ص70 و 111 وسنن أبي داود ج1 ص596 وسنن الترمذي ج3 ص130 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص76 و 77 وتفة الأحوذي ج7 ص437 والمصنف لابن أبي شيبة ج7 ص733 والأدب المفرد للبخاري ص209 وتفسير مجمع البيان ج9 ص58 والجامع لأحكام القرآن ج7 ص383 وعن تفسير القرآن العظيم ج2 ص306 وعن الدر المنثور ج3 ص174 وفتح القدير ج2 ص296 وتاريخ مدينة مشق ج51 ص266 وعن البداية والنهاية ج4 ص284 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص470.
([190]) المغازي للواقدي ج2 ص764 والبحار ج21 ص62 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص70.
([191]) المغازي للواقدي ج2 ص764 و765 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص323 والبحار ج21 ص59 وشرح النهج ج15 ص70.
([192]) عن السيرة النبوية ج4 ص30 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص323 والمغازي للواقدي ج2 ص764 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص156 وتاريخ الخميس ج2 ص72 وعن أسد الغابة ج5 ص625 وعن الإصابة ج3 ص131 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص323 وعن البداية والنهاية ج4 ص284 وعن السيرة النبوية لابن هشام ص836 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص471.
([193]) الآية 59 من سورة آل عمران.
([194]) الآية 128 من سورة التوبة.
([195]) الآية 66 من سورة الأنفال.
([196]) سنن البيهقي ج9 ص76 والحاوي الكبير ج14 ص182 والمغني ج10 ص543 والعزيز شرح الوجيز ج11 ص405 ومنهى المطلب (ط ق) ج2 ص907 وتذكرة الفقهاء (ط ق) ج2 ص411 و (ط ج) ج9 ص58 والمجموع للنووي ج19 ص291 والمغني لابن قدامة ج10 ص551 والشرح الكبير ج10 ص386 وكشف القناع ج3 ص50 ونيل الأوطار ج8 ص80 والمعجم الكبير ج11 ص77 وكنز العمال ج4 ص433 وعن أحكام القرآن للجصاص ج2 ص612 وعن الدر المنثور ج3 ص174.
([197]) الكافي ج5 ص34 ح1 والتهذيب ج6 ص174 ومنتهى المطلب (ط ق) ج2 ص907 وتذكرة الفقهاء (ط ق) ج1 ص411 و (ط ج) ج9 ص58 ودعائم = = الإسلام ج1 ص370 ومستدرك الوسائل ج11 ص69 ومختلف الشيعة ج4 ص389 وإيضاح الفوائد ج1 ص356 ومسالك الأفهام ج3 ص25 وجواهر الكلام ج21 ص58 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج15 ص84 و (ط دار الإسلامية) ج11 ص63 والبحار ج94 ص34 وتفسير العياشي ج2 ص313 والتفسير الأصفى ج1 ص447 ونور الثقلين ج2 ص139 و 166.
([198]) راجع ما تقدم في تذكرة الفقهاء للعلامة الحلي (ط ق) ج1 ص411 و (ط ج) ج9 ص61 وجواهر الكلام ج21 ص58 والمهذب لابن البراج ج1 ص304 وجامع المقاصد ج3 ص382 والتحفة السنية (مخطوط) للجزائري ص199.
([199]) البحار ج21 ص51 والأمالي للطوسي ص88 ومقاتل الطالبيين ص7 و 8 وبشارة المصطفى ص432 وكنز العمال ج12 ص181.
([200]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص153 والبحار ج79 ص92 وتهذيب الكمال ج5 ص60 و 61 وعن البداية والنهاية ج4 ص286 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص474 ومسند ابن راهويه ج5 ص41 والمعجم الكبير ج24 ص44 وعن أسد الغابة ج1 ص289 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص835.
([201]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص153 وعن أحمد، وابن ماجة، والمغازي للواقدي ج2 ص766 والسيرة الحلبية ج3 ص68 والبحار ج21 ص63 عن المعتزلي والطبقات الكبرى ج8 ص282 وشرح أصول الكافي ج7 ص190 والإحتجاج ج1 ص173 وعن ذخائر العقبى ص218 والنص والإجتهاد ص296 والمصنف للصنعاني ج3 ص550 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص71 والدرجات الرفيعة ص76 وعن أسد الغابة ج1 ص289 وتهذيب الكمال ج5 ص61 وج35 ص374 وسير أعلام النبلاء ج1 ص211 وأنساب الاشراف ص43.
([202]) المغازي للواقدي ج2 ص766 و 767 والسيرة الحلبية ج3 ص68 والبحار ج79 ص92 وج21 ص56 و 57 عن إعلام الورى ص111 و 112 ومسكِّن الفؤاد ص69 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص71 والدرجات الرفيعة ص76 وتاريخ مدينة دمشق ج27 ص257 وكنز العمال ج13 ص477 وشجرة طوبى ج2 ص300.
([203]) البحار ج21 ص55 وج79 ص104 عن من لا يحضره الفقيه ج1 ص127 ومنهى المطلب (ط ق) ج1 ص466 وتذكرة الفقهاء (ط ج) ص2 ص118 = = و (ط ق) ج1 ص56 والحدائق الناضرة ج4 ص163 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج3 ص280 و (ط دار الإسلامية) ج2 ص922 ومسكن الفؤاد للشهيد الثاني ص69 ونهاية الأحكام ج2 ص289 والذكرى للشهيد الأول ص70.
([204]) تاريخ الخميس ج2 ص74 مستدرك الوسائل ج2 ص465 ومكارم الأخلاق ص22 ومسكن الفؤاد للشهبد الثاني ص96 والبحار ج16 ص235 و 236 والإخوان لابن أبي الدنيا ص152 وفيض القدير ج3 ص695 والدرجات الرفيعة ص439 والطبقات الكبرى ج3 ص47 وتاريخ مدينة دمشق ج19 ص371 وسير أعلام النبلاء ج1 ص230.
([205]) أمـالي الصدوق ص374 المجلـس السبعـون و(ط مؤسـسـة البعثة) ص547= = والبحار ج22 ص274 و ج44 ص298 والعوالم (الإمام الحسين "عليه السلام") للبحراني ص348 و 349 ومقتل الحسين "عليه السلام" لأبي مخنف ص176 والأنوار العلوية للنقدي ص442.
([206]) البحار ج21 ص55 وج76 ص83 والمحاسن للبرقي ج2 ص420 الحديث رقم 194 وراجع: مستدرك الوسائل ج2 ص473.
([207]) تاريخ الخميس ج2 ص75 والمجموع للنووي ج1 ص296 والشرح الكبير لابن قدامة ج1 ص106 ونيل الأوطار ج1 ص155 وذخائر العقبى ص219 وعن مسند أحمد ج1 ص204 وسنن أبي داود ج2 ص288 وسنن النسائي ج8 ص182 ومجمع الزوائد ج6 ص157 وعن فتح الباري ج7 ص394 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص180 و 407 ورياض الصالحين للنووي ص645 والطبقات الكبرى ج4 ص37 وتاريخ مدينة دمشق ج27 ص255 وعن البداية والنهاية ج4 ص288 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص476.
([208]) قاموس الرجال ج2 ص603 وشرح أصول الكافي للمازندراني ج7 ص190 وعن ذخائر العقبى ص218 والبحار ج22 ص276 وج23 ص556 والنص والإجتهاد ص296 وعن أسد الغابة ج1 ص289 وأنساب الأشراف ص43 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص65 و 66 والمصنف للصنعاني ج3 ص550 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص71 والجامع الصغير ج2 ص159 وكنز العمال ج11 ص660 وعن فيض القدير ج4 ص427 والطبقات الكبرى ج8 ص282 وتهذيب الكمال ج5 ص61 وينابيع المودة ج2 ص96.
([209]) من لا يحضره الفقيه ج1 ص126 الحديث رقم 521 والبحار ج21 ص 57 عن إعلام الورى ص111 و 112 ومن لا يحضره الفقيه ج1 ص176 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج3 ص272 و (ط الإسلامية) ج2 ص915 ومجمع = = البحرين ج1 ص317 ومنتهى المطلب (ط ق) ج1 ص467 وتذكرة الفقهاء (ط ق) ج1 ص55 و (ط ج) ج2 ص117.
([210]) الآية 89 من سورة الأنبياء.
([211]) مروج الذهب للمسعودي ج2 ص434.
([212]) الآية 61 من سورة آل عمران.
([213]) الآية 78 من سورة الأنبياء.
([214]) المغازي للواقدي ج2 ص767 و 768 وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص68 والبداية والنهاية لابن كثير ج4 ص287 ومسند ابن راهويه ج2 ص413 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص835 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص475.
([215]) تنقيح المقال ج3 ص69 والخصال ص363 وشرح الأخبار للقاضي النعمان ص57 والبحار ج22 ص195 و 291 وفضائل الصحابة ص86 والسنن الكبرى ج5 ص103 والمعجم الكبير ج11 ص328 وج24 ص132 ومجمع الزوائد ج9 ص260 والمستدرك للحاكم ج4 ص32 والآحاد والمثاني ج5 ص456 والجـامع لأحكام القرآن ج5 ص346 وكنز العمال ج12 ص138 = = وتاريخ مدينة دمشق ج3 ص234 وأنساب الأشراف ص44 وعن الإصابة ج8 ص450 والطرائف ص249 ومستدرك سفينة البحار ج1 ص74 وج5 ص177 ومعجم رجال الحديث ج24 ص195 واللمعة البيضاء للأنصاري ص839 ومواقف الشيعة ج2 ص406 وتهذيب الكمال ج35 ص298 وتهذيب التهذيب ج12 ص399 والجامع لأحكام القرآن ج5 ص346 وجامع الأحاديث والمراسيل ج3 ص443 والفتح الكبير ج1 ص505 وعن الإستيعاب ج4 ص201.
([216]) تنقيح المقال ج3 ص69 والإختصاص (ط مؤسسة النشر الإسلامي) ص70 وإختيار معرفة الرجال (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص281 والبحار ج33 ص584 و 585 ومجمع البحرين ج1 ص571 والوسائل (ط دار الإسلامية) ج20 ص209 والإختصاص ص70 ومستدرك سفينة البحار ج5 ص177 ومعجم رجال الحديث ج15 ص242.
([217]) السيرة الحلبية ج3 ص68.
([218]) البحار ج21 ص54 و 55 وج76 ص72 و 82 و 83 عن أمالي الطوسي ص57 و 58 وعن المحاسن ص419 وعن الكافي (الفروع) ج1 ص59 والحدائق ج4 ص158 و 160 وغنائم الأيام ج3 ص560 عن: (الكافي ج3 ص217 ح21 ومن لا يحضره الفقيه ج1 ص116 ح549 والمحاسن ص419 ح191 والوسائل ج2 ص888 أبواب الدفن ب67).
وراجع: تذكرة الفقهاء (ط ق) ج1 ص57 ونهاية الحكام ج2 ص212 والذكرى ص70 والحبل المتين ص74 ومن لا يحضره الفقيه ج1 ص112 و 182 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج3 ص236 وج24 ص364 و (ط دار الإسلامية) ج2 ص888 وج16 ص412 وأمالي الطوسي (ط دار الثقافة ـ قم) ص659 وشجرة طوبى ج2 ص300 وسنن النبي "صلى الله عليه وآله" للطباطبائي ص254 ومنتهى الجمان ج1 ص304.
([219]) عمدة الطالب ص36.
([220]) روضات الجنات ج2 ص54 وراجع: تفسير القرآن الكريم (تفسير أبي حمزة الثمالي) ص75.
([221]) شجرة طوبى ج1 ص143 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج3 ص100 والإيضاح لابن شاذان هامش ص399 وعن الكامل لابن الأثير ج5 ص90 والكافي ج8 ص251.
([222]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص167 والمغازي للواقدي ج2 ص770 وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص190 وعن زاد المعاد ج1 ص1118 و 1139 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص167 وعن فتح الباري ج8 ص59 والطبقات الكبرى = = ج2 ص131 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص22 وتاريخ المدينة لابن أبي شبة ج1 ص301 وعن عيون الأثر ج2 ص171 وعمدة القاري ج18 ص12.
([223]) تاريخ الخميس ج2 ص75 وعن فتح الباري ج8 ص58 وتاريخ المدينة لابن أبي شبة ج1 ص302 وسبل الهدى ج6 ص172 وعمدة القاري ج18 ص12 وج16 ص70 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص198.
([224]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص167 والمغازي للواقدي ج2 ص770 و 771 وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص75 والسيرة الحلبية ج3 ص190 و 191 وراجع: تاريخ مدينة دمشق ج2 ص22 و 25 و 26 وج25 ص449 وعن الإصابة ج3 ص477 وعن البداية والنهاية ج4 ص312 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص516 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص199.
([225]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص168 عن أحمد والمغازي للواقدي ج2 ص770 و 771 وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص75 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص22.
([226]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص168 وفي هامشه: عن الهيثمي في المجمع ج5 ص323، وقال: رواه الطبراني بإسنادين، ورجال الأول رجال الصحيح. والسيرة الحلبية ج3 ص191 وصحيح ابن حبان ج10 ص404 وموارد الظمآن ص400 تاريخ اليعقوبي ج2 ص75.
([227]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص168 وفي هامشه قال: أخرجه الحاكم ج3 ص42 في كتاب المغازي وقال: هذا الحديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبي.
([228]) وراجع: المغازي للواقدي ج2 ص770 و 771 والسيرة الحلبية ج3 ص191 وعن فتح الباري ج8 ص59 والنص والإجتهاد ص337 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص41 وتاريخ مدينة دمشق ج46 ص146.
([229]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص173 وعن فتح الباري ج8 ص59.
([230]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص171 والسيرة الحلبية ج3 ص191 وعن فتح الباري ج8 ص59 وصحيح ابن حبان ج10 ص404 وموارد الظمآن ص400 وكنز العمال ج12 ص501 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص27 وج46 ص144.
([231]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص168 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص23 وعن البداية والنهاية ج4 ص312 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص517 وعن عيون الأثر ج2 ص171 والطبقات الكبرى ج2 ص131.
([232]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص168 وراجع: المغازي للواقدي ج2 ص770 و 771 والطبقات الكبرى ج2 ص131 وعن عيون الأثر ج2 ص172.
([233]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص167 و 172 عن ابن سعد، وتاريخ الخميس ج2 ص75 والمجموع ج2 ص284 ونيل الأوطار ج1 ص324 ومستدرك سفينة البحار ج7 ص576 والديباج على مسلم ج5 ص373 وتاج العروس ج7 ص380 وعون المعبود ج1 ص365 والطبقات الكبرى ج2 ص131 وعن عيون الأثر ج2 ص171 والقاموس المحيط ج3 ص397.
([234]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص172 وتاريخ الخميس ج2 ص75 والنص والإجتهاد ص336 عن السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص272 و 274 وعن الكامل لابن الأثير ج2 ص156 والسيرة الحلبية ج3 ص190 وراجع: معجم قبائل العرب ج3 ص974 وعن فتح الباري ج8 ص58.
([235]) راجع: تاريخ الخميس ج2 ص75 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص172 وقد نقل هذا الإتفاق عن ابن عسكر النووي في تهذيبه، وابن حجر في فتح الباري، وراجع: تاريخ مدينة دمشق ج2 ص21 وشرح مسلم للنووي ج15 ص153 وعن فتح الباري ج8 ص58.
([236]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص172عن تهذيب ابن هشام.
([237]) راجع: تاريخ الخميس ج2 ص75 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص172 و 168 والمغازي للواقدي ج2 ص770 والمجموع ج2 ص284 ومستدرك سفينة البحار ج5 ص96 وشرح مسلم للنووي ج15 ص153 وعن عون المعبود ج1 ص364 ومعجم البلدان ج3 ص233 و 236 وعن البداية والنهاية ج5 ص238 وعن عيون الأثر ج2 ص171 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص435 والنهاية في غريب الحديث ج2 ص389 وعن فتح الباري ج8 ص58 وعون المعبود ج1 ص364 ولسان العرب ج11 ص345 وتارج العروس ج7 ص380.
([238]) تقدم مصادر ذلك.
([239]) راجع: الغدير ج7 ص150 وج9 ص379 وطرائف المقال للبروجوردي ج2 ص86 عن البلاذري في تاريخه، وحياة الإمام الحسين "عليه السلام" للقرشي ج1 ص238 ومكاتيب الرسول ج3 ص321 وحاشية رد المحتار ج1 ص371 ومعجم رجال الحديث ج9 ص76 وإكمال الكمال ج3 ص141 وتاريخ مدينة= = دمشق ج20 ص243 وتهذيب التهذيب ج3 ص412 والعـبر وديوان لمبتدأ والخبر ج2 ق2 ص64 ومجمع الزوائد ج1 ص206 وبغية الباحث ص38 والمعجم الكبير ج6 ص16 وشرح النهج للمعتزلي ج10 ص111 وعن أسد الغابة ج2 ص284 والبحار ج6 ص298.
([240]) الغدير ج2 ص161 والبحار ج32 ص512 و 585 وصفين للمنقري ص407 وكتاب سليم بن قيس (بتحقيق المحمودي) ص339 وشرح النهج للمعتزلي ج8 ص60 والأخبار الطوال للدينوري ص177 والمناقب للخوارزمي ص236 وعن مناقب آل أبي طالب ج2 ص360 والصراط المستقيم ج3 ص52.
([241]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص172 وفي هامشه عن دلائل النبوة للبيهقي ج4 ص400 وراجع: كنز العمال ج6 ص78 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص24 وج46 ص146.
([242]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص171 وقال في هامشه: أخرجه البخاري ج5 ص6ومسلم، كتاب الفضائل، وأحمد في المسند ج4 ص204 والسنن الكبرى ج6 ص170 وراجع: تاريخ مدينة دمشق ج44 ص220 وج46 ص247 وعن فتح الباري ج7 ص19 وتحفة الأحوذي ج10 ص260 وعن البداية والنهاية ج4 ص314.
([243]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص172 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص27 وج46 ص130 وعن أسد الغابة ج4 ص116 والنزاع والتخاصم للمقريزي ص76 وعن البداية والنهاية ج5 ص328 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص435 وج3 ص516 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1040.
([244]) شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني ج2 ص272 عن: السيوطي في كتاب اللآلي (ط1) ج 1 ص198 بطرق ثلاثة أو أربعة وروى بعضها أيضاً تحت الرقم: (361) من باب فضائل علي "عليه السلام" من كنز العمال (ط2) ج15ص125.
([245]) راجع المصادر التالية: المسترشد للطبري ص449 و 450 وشرح الأخبار ج1 ص140 و 429 وج3 ص55 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص111 والفضائل ص169 والطرائف ص157 وذخائر العقبى ص35 ص62 والبحار ج32 ص272 وج37 ص78 وج38 ص313 وج43 ص38 و 53 ومناقب أهل = = البيت "عليهم السلام" للشيرواني ص145 و 146 و 151 و 233 وخلاصة عبقات الأنوار ج2 ص302 والغدير ج10 ص86 ومكاتيب الرسول ج3 ص672 وسنن الترمذي ج5 ص362 والمستدرك للحاكم ج3 ص157 ونظم درر السمطين ص102 وخصائص أمير المؤمنين للنسائي ص109 وتاريخ بغداد ج11 ص428 والمناقب للخوارزمي ص79 والبحار ج3 ص157 وكنز العمال ج13 ص145 وتاريخ بغداد ج11 ص428 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص261 و 263 و 264 وتهذيب الكمال ج5 ص126 وسير أعلام النبلاء ج2 ص125 و 131 والجوهرة في نسب الإمام علي وآله "عليهم السلام" للبري ص17 وإعلام الورى ج1 ص295 والمناقب للخوارزمي ص79 وكشف الغمة ج1 ص94 وج2 ص90 وجواهر المطالب في مناقب الإمام علي "عليه السلام" ج1 ص53 وينابيع المودة للقندوزي الحنفي ج2 ص39 و 55 و 151 و 320 واللمعة البيضاء للتبريزي ص179 والنصائح الكافية لمحمد بن عقيل ص50.
([246]) راجع: تاريخ مدينة دمشق ج42 ص260 وعن كفاية الطالب ص184 وقال: هذا حديث حسن رواه ابن جرير في مناقبه، وأخرجه ابن عساكر في ترجمته.
([247]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص167 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص22.
([248]) السيرة الحلبية ج3 ص190 والطبقات الكبرى ج2 ص131 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص22 وعن عيون الأثر ج2 ص171 و 314 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص167.
([249]) السيرة الحلبية ج3 ص190 والطبقات الكبرى ج2 ص131 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص22 وعن عيون الأثر ج2 ص171 و 314 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص167.
([250]) راجع: سنن أبي داود كتاب الصلاة: الباب 63 وجامع الخلاف والوفاق ص84 وفتح العزيز للرافعي ج4 ص331 والمجموع للنووي ج5 ص268 ومغني المحتاج للشربيني ج3 ص75 والمبسوط السرخسي ج1 ص40 وتحفة الفقهاء للسمرقنـدي ج1 ص229 وبدائع الصنائع لأبي بكر الكاشاني ج1 ص156 = = والجوهر النقي للمارديني ج4 ص19 والبحر الرائق لابن نجيم المصري ج1 ص610 وتلخيص الحبير ج4 ص331 ونيل الأوطار ج1 ص429 وشرح أصول الكافي ج5 ص254 والمسترشد للطبري والإفصاح للشيخ المفيد ص202 والمسائل العكبرية للشيخ المفيد ص54 والطرائف لابن طاووس ص232 وعوالي اللآلي ج1 ص37 والسنن الكبرى للبيهقي ج4 ص19 وعمدة القاري للعيني ج11 ص48 وتأويل مختلف الحديث لابن قتيبة ص145 وسنن الدارقطني ج2 ص44 وتنقيح التحقيق في أحاديث التعليق للذهبي ج1 ص256 و 257 ونصب الراية ج2 ص33 و 34 والدراية في تخريج أحاديث الهداية ج1 ص168 والجامع الصغير للسيوطي ج2 ص97 وكنز العمال ج6 ص54 وكشف الخفاء للعجلوني ج2 ص29 و 32 وشرح السير الكبير للسرخسي ج1 ص156.
([251]) السيرة الحلبية ج3 ص191 والمستدرك للحاكم ج2 ص2 وعن فتح الباري ج8 ص60 والأدب المفرد للبخاري ص72 وكنز العمال ج11 ص729 وتاريخ مدينة دمشق ج46 ص143.
([252]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص168 والمغازي للواقدي ج2 ص670 و 771 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص23 وعن البداية والنهاية ج4 ص312 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص517.
([253]) الآيتان 3 و 4 من سورة النجم.
([254]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص169 و 170 والمغازي للواقدي ج2 ص772 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1041.
([255]) الآية 10 من سورة الشورى.
([256]) الملل والنحل للشهرستاني ج1 ص24 وراجع: المهذب لابن البراج ج1 ص13 ودلائل الإمامة للطبري ص16 وعن المراجعات ص51.
([257]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص171 وقال في هامشه: أخرجه البيهقي في الدلائل ج4 ص402 عن طريق ابن إسحاق، وابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق ج1 ص50. وراجع: المغازي للواقدي ج2 ص773 والسيرة الحلبية ج3 ص191 وكنز العمال ج3 ص923 و 924 وعن البداية والنهاية ج4 ص313 و 314 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1042 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص520.
([258]) راجع: المغازي للواقدي ج2 ص773 و 774 والسيرة الحلبية ج3 ص191 وسنن الدارقطني ج1 ص178 والمستدرك للحاكم ج1 ص117 والسنن الكبرى للبيهقي ج1 ص225 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص170 وفي هامشه عن بعض من تقدم وعن مسند أحمد ج4 ص203 وعن أبي داود ج1 ص334 و 492 وتذكرة الفقهاء (ط ج) ج2 ص157 والحدائق الناضرة ج4 ص325 وعوالي اللآلي ج2 ص209 وإيضاح الفوائد ج1 ص66.
([259]) أمالي ابن الشيخ ص259 و 260 والبحار ج21 ص75 و 76 عنه، والبرهان ج4 ص498 و 499 ونور الثقلين ج5 ص652 وأمالي الطوسي ص407 والتفسير الصافي ج5 ص361.
([260]) راجع هذه الفقرة: البحار ج21 ص74 وتفسير القمي ج2 ص439 وتفسير نور الثقلين ج5 ص657.
([261]) الآية 6 من سورة العاديات.
([262]) البحار ج21 ص76 و 77 والخرايج والجرايح ج1 ص167 و 168 وراجع: إثبات الهداة ج2 ص118.
([263]) الإرشاد للمفيد ج1 ص 164 و 165 والبحار ج21 ص77 ـ 79 وراجع ص83 و 84 وتفسير فرات، والبرهان (تفسير) ج4 ص498 والمستجاد من الإرشاد ص103 وكشف الغمة ج1 ص203 و 231.
([264]) راجع: الإرشاد للمفيد ج1 ص 114 ـ 117 والبحار ج21 ص80 ـ 82 عنه وج36 ص178 و 179 وج41 ص92 و 93 وعن إعلام الورى ص 116 و 117 ومناقب آل أبي طالب ص328 ـ 330 والمستجاد من الإرشاد ص100 ـ 103 وشجرة طوبى ج2 ص295 و 296 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص574 ـ 576 وعن كشف الغمة ج1 ص230 ـ 232 وكشف اليقين ص151 و 152 وتأويل الآيات ج2 ص840 و 841.
([265]) البحار ج21 ص82 و 83 وج41 ص92 و 93 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص328 و 329 وشجرة طوبى ج2 ص295 وتفسير فرات ص591.
([266]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص168 عن البلاذري.
([267]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص167 والمغازي للواقدي ج2 ص770 وعن عيون الأثر ج2 ص171 والطبقات الكبرى ج2 ص131..
([268]) البحار ج21 ص77 و 83 وج36 ص178 وتفسير فرات ص592 وكشف اليقين ص151 وتأويل الآيات ج2 ص840 و841.
([269]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص167 والمغازي للواقدي ج2 ص770 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص23 وعن البداية والنهاية ج4 ص312 وج5 ص238 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1040 والإمامة والسياسة ج1 ص208 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص516 وج4 ص435.
([270]) تفسير فرات ص593 والبحار ج21 ص84 عنه.
([271]) البحار ج21 ص81 والإرشاد للمفيد ج1 ص116 وإعلام الورى ص116 و 117 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص576.
([272]) البحار ج21 ص77 و 78 وج36 ص179 وج41 ص92 والخرايج والجرايح ج1 ص167 والإرشاد ج1 ص164 وتأويل الآيات ج2 ص842 وكشف اليقين ص151 و 152.
([273]) البحار ج21 ص82 وج41 ص92 وتفسير فرات ص591.
([274]) البحار ج21 ص82 وج36 ص179 وج41 ص92 وتفسير فرات ص591 وشجرة طوبى ج2 ص295.
([275]) الإرشاد ج1 ص164 وتأويل الآيات ج2 ص842 وكشف اليقين ص151 و 152 وكشف الغمة ج1 ص231 والبحار ج21 ص77 و 78.
([276]) البحار ج21 ص68 وتفسير القمي ج2 ص434 وتفسير الثقلين ج5 ص652 وتفسير الصافي ج5 ص362 وتأويل الآيات ج2 ص844.
([277]) البحار ج21 ص77 و 80 والإرشاد ج1 ص114 و162 وكشف الغمة ج1 ص230 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص844.
([278]) راجع: البحار ج21 ص76 و 77 و 79 و 83 وج41 ص92 والأمالي للشيخ ص259 و 260 وشجرة طوبى ج2 ص295 وتفسير فرات ص602 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص329 والخرايج والجرايح ج1 ص168 والإرشاد ج1 ص165 والمستجاد في الإرشاد ص103 وكشف الغمة ج1 ص232.
([279]) البحار ج1 ص83 و 84 وتفسير فرات ص592.
(1) البحار ج21 ص69 و 70 وتفسير القمي ج2 ص435 وتفسير فرات ص599 وتفسير الصافي ج5 ص362 وإعلام الورى ص116 و 117 وتأويل الآيات ص845 وتفسير نور الثقلين ج5 ص653.
([281]) البحار ج21 ص78 وج36 ص179 وج41 ص92 والإرشاد ج1 ص163 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص328 والمستجاد من الإرشاد ص101 و 102 وتأوي الآيات ج2 ص840 وكشف الغمة ج1 ص231 وكشف اليقين ص151.
([282]) البحار ج21 ص79 و 84 وتفسير فرات ص593 ص602 والخرايج والجرايح ج1 ص168 وراجع: الإرشاد ج1 ص165 والمستجاد من الغرشاد ص103.
([283]) البحار ج21 ص83 وج41 ص93 وتفسير فرات ص592 ومناقب آل أبي طالب ج2 3ص329.
([284]) البحار ج21 ص81 والإرشاد للمفيد ج1 ص116 وإعلام الورى ص116 و 117 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص576.
([285]) البحار ج21 ص81 والإرشاد للمفيد ج1 ص116 وإعلام الورى ص116 و 117 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص576.
([286]) البحار ج21 ص84 وتفسير فرات ص593.
([287]) البحار ج21 ص75 والأمالي للشيخ ص259 و 260 والتفسير الصافي ج5 ص361 والتفسير الأصفى ج2 ص1469.
([288]) البحار ج21 ص68 وتفسير القمي ج2 ص434 وتأويل الايات ج2 ص844 وتفسير نور الثقلين ج5 ص652 وتفسير الصافي ج5 ص362.
([289]) البحار ج21 ص80 وراجع ص66 والإرشاد للمفيد ج1 ص114 وإعلام الورى ص116 و 117 ومجمع البيان ج10 ص528 و 529 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص574.
([290]) البحار ج21 ص77 وج41 ص92 والخرايج والجرايح ج1ص167 والإرشاد ج1 ص163 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص328 والمستجاد من الإرشاد ص101 وكشف الغمة ج1 ص231.
([291]) البحار ج21 ص82 وتفسير فرات ص591.
([292]) البحار ج21 ص83 ج41 ص93 وتفسير فرات ص592 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص329.
([293]) الإرشاد للمفيد ج1 ص114 ـ 117والبحار ج21 ص80 ـ 82 وج41 ص92 وعن إعلام الورى ص116 و 117 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص574 ـ 576.
([294]) البحار ج21 ص68 وشجرة طوبى ج2 ص295 وتفسير القمي ج2 ص434 وتفسير فرات ص599 والتفسير الصافي ج5 ص362 والتفسير الأصفى ج2 ص1469 وبحوث في تاريخ القرآن للزرندي ص51 وتأويل الآيات ج2 ص844.
([295]) مستدرك الوسائل ج4 ص161 والبحار ج20 ص308 وج21 ص80 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص574 وإعلام الورى ج1 ص382 وكشف الغمة ج1 ص230 والإرشاد ج1 ص162 والمستجاد في الإرشاد ص100 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص174 والنص والإجتهاد ص336 وكشف اليقين ص151 وتأويل الآيات ج2 ص840.
([296]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص167 و 168 والمغازي للواقدي ج2 ص770 وتاريخ الخميس ج2 ص175 وعن عيون الأثر ج2 ص171 وعن فتح الباري ج8 ص59 والطبقات الكبرى ج2 ص131 وغير ذلك كثير.
([297]) البحار ج21 ص67 ـ 73 وتفسير القمي ج2 ص وتفسير فرات ص599 والتفسير الصافي ج5 ص362 وتفسير نور الثقلين ج5 ص652 وتأويل الآيات ج2 ص844.
([298]) البحار ج21 ص80 و 82 والإرشاد للمفيد ج1 ص114 و 117 وعن إعلام الورى ص116 و 117 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص575.
([299]) البحار ج21 ص77 ـ 79 و 83 و 84 وج36 ص178 وراجع: الإرشاد للمفيد ج1 ص164 ـ 166 وتفسير فرات ص592 والمستجاد في الإرشاد ص101 وكشف اليقين ص151 وتأويل الآيات ج2 ص840 وكشف الغمة ج1 ص23.
([300]) الإرشاد للمفيد ج1 ص163 البحار ج21 ص78 عنه ومناقب آل أبي طالب ج2 ص328 والمستجاد من الإرشاد ص101 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص577 وكشف الغمة ج1 ص231.
([301]) البحار ج21 ص80.
([302]) البحار ج21 ص80 ومستدرك الوسائل ج4 ص161 والإرشاد ج1 ص113 وبيت الأحزان ص27.
([303]) معجم البلدان ج2 ص15 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص479 وكتاب العين للفراهيدي ج5 ص342.
([304]) راجع: فتح الباري ج8 ص448 وشرح النووي (ط دار الكتاب العربي) ج15 ص45 و (ط دار الفكر) ص58 وتحفة الأحوذي (ط دار الفكر) ج5 ص312 وج8 ص405 و (ط دار الكتب العلمية) ج5 ص310 وج8 ص402 وشجرة طوبى ج2 ص312 وعون المعبود ج1 ص174 وعمدة القاري ج9 ص64 ومجمع البحرين ج1 ص265.
([305]) البحار ج21 ص77 والخرايج والجرايح ج1 ص168.
([306]) البحار ج21 ص77 والخرايج والجرايح ج1 ص167.
([307]) الإرشاد للمفيد ج1 ص163 ـ 165 والبحار ج21 ص77 ـ 79 و 83 و 84 عنه، وعن تفسير فرات ص592 والمستجاد من الإرشاد ص101 وكشف الغمة ج1 ص231.
([308]) البحار ج19 ص167 وج97 ص34 وج98 ص364 والوسائل (ط دار الإسلامية) ج11 ص30 و (ط مؤسسة آل البيت) ج15 ص43 وفي هامشه عن فروع الكافي ج1 ص235 و 337 وعن تهذيب الأحكام ج2 ص47 والكافي ج5 ص36 ومستدرك الوسائل ج11 ص30 وج17 ص210 وكتاب النوادر ص140 ومستدرك سفينة البحار ج10 ص502 ومنتهى المطلب (ط ق) ج2 ص904 وتذكرة الفقهاء (ط ج) ج9 ص44 و 45 ورياض المسائل (ط ج) ج1 ص486 و 493 ومشكاة الأنوار ص193.
([309]) الوسائل (ط دار الإسلامية) ج11 ص46 و (ط مؤسسة آل البيت) ج15 ص63 = = وفي هامشه عن فروع الكافي ج1 ص334 وعن تهذيب الأحكام ج2 ص56 ومنتهى المطلب (ط ق) ج2 ص909 وتذكرة الفقهاء (ط ق) ج1 ص412 ورياض المسائل (ط ق) ج1 ص489 و (ط ج) ج7 ص511 وجواهر الكلام ج21 ص82 وتهذيب الأحكام ج6 ص174.
([310]) الوسائل (ط دار الإسلامية) ج11 ص46 و (ط مؤسسة آل البيت) ج15 ص63 وفي هامشه عن الكافي (الفروع) ج1 ص335 وعن علل الشرايع ج2 ص603 وعن تهذيب الأحكام ج2 ص56 والبحار ج33 ص453 وج97 ص22 والكافي للحلبي ص256 ورياض المسائل (ط ج) ج7 ص511 وجواهر الكلام ج21 ص81 والكافي للكليني ج5 ص28.
([311]) الوسـائل (ط دار الإسـلامية) ج11 ص30 و (ط مؤسسـة آل البيت) ج15 = = ص43 وفي هامشه عن فروع الكافي ج1 ص332 وعن تهذيب الأحكام ج2 ص45 وراجع: جواهر الكلام ج21 ص18 والكافي (ط دار الكتب الإسلامية) ج5 ص20 وتهذيب الأحكام (ط دار الكتب الإسلامية) ج6 ص135.
([312]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص172 وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص190 وعن فتح الباري ج7 ص19 وتحفة الحوذي ج10 ص260.
([313]) راجع: البحار ج20 ص308 وج21 ص77 والإرشاد للمفيد ج1 ص162 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص174 والمستجاد من الإرشاد ص100 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص574 وكشف الغمة ج1 ص230 وكشف اليقين ص151 وتأويل الأحاديث ج2 ص840.
([314]) راجع: مستدرك الوسائل ج17 ص335 ومناقب أمير المؤمنين "عليه السلام" للكوفي ج1 ص394 والمسترشد للطبري ص602 ومائة منقبة لمحمد بن أحمد القمي (ابن شاذان) ص58 والتحصين للسيد ابن طاووس ص555 واليقين للسيد ابن طاووس ص179 و 196 و 197 و 243 و 367 والبحار ج37 ص300 و 324 وج38 ص2 وج40 ص15 و 82 و 315 وج89 ص91 وكتاب الأربعين للشيرازي ص55 وحلية الأبرار ج2 ص446 وكتاب الأربعين للماحوزي ص249 ومناقب أهل البيت "عليهم السلام" للشيرواني ص116 والغدير ج8 ص87 ومستدرك سفينة البحار ج7 ص194 و 381 والإمام علي "عليه السلام" للهمداني ص92 و 148 وتفسير فرات ص406 والمناقب للخوارزمي ص85 وكشف الغمة ج1 ص112 وكشف اليقين ص266 وتأويل الآيات ج1 ص185 وتنبيه الغافلين ص28.
([315]) الآية 8 من سورة البينة.
([316]) الآيتان 27 و 28 من سورة الفجر.
([317]) البحار ج21 ص67 ـ 73 وتفسير القمي ج2 ص434 ـ 438 وتفسير فرات ص599 ـ 602 والبرهان (تفسير) ج4 ص495 ـ 497 ونور الثقلين ج5 ص652 ـ 655 والتفسير الصافي ج5 ص361 ـ 365 وتأويل الآيات ص844 ـ 848.
([318]) وفاء الوفاء ج4 ص1329 وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص190.
([319]) راجع: تاريخ الخميس ج1 ص469 عن ابن سعد، والسيرة الحلبية ج2 ص277 وسيرة مغلطاي ص54 ونهاية الإرب ج17 ص163 والمواهب اللدنية ج1 ص108 وزاد المعاد ج2 ص112 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص62 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص23 والتنبيه والإشراف ص214 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص266. ووفاء الوفاء ج4 ص1328 وعن عيون الأثر ج2 ص32 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص94 والبدء والتاريخ ج4 ص214.
([320]) السنن الكبرى للبيهقي ج9 ص69 والبحار ج21 ص60 عن المعتزلي، وسبل الهدى والرشاد ج6 ص146 والمغازي للواقدي ج2 ص758 وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص66.
([321]) الآية 1 من سورة العاديات.
([322]) المفردات للراغب ص292.
([323]) البحار ج21 ص66 عن مجمع البيان ج10 ص528 و 529 و (ط مؤسسة الأعلمي) ص421 و 422.
([324]) راجع أقرب الموارد، مادة: ضبع وراجع: بدائع الصنائع ج1 ص210 وكتاب العين ج1 ص284 ولسان العرب ج8 ص216.
([325]) البحار ج21 ص66 عن مجمع البيان ج10 ص528 و 529 و (ط مؤسسة الأعلمي) ص421 و 422 وكتاب العين للفراهيدي ج3 ص110 ولسان العرب ج2 ص543 والقاموس المحيط ج1 ص226 وتاج العروس ج2 ص186.
([326]) الآية 3 من سورة العاديات.
([327]) الآية 5 من سورة العاديات.
([328]) هذا الشعر ورد كذلك، ولا يخفى عدم استقامة الوزن في هذا الشطر.
([329]) هذا الشطر غير مستقيم الوزن.
([330]) البحار ج21 ص84 و 90 عن تفسير فرات ص593 ـ 598.
([331]) البحار ج21 ص87 وتفسير فرات ص595.
([332]) الإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج3 ص95 وراجع: الجوهر النقي ج9 ص106 وعن ذخائر العقبى ص191 ومغني المحتاج ج4 ص239 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص98.
([333]) السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص859 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص534 وأنساب الأشراف ج1 ص255 وسبل الهدى والرشاد ج2 ص213 والبداية والنهاية ج4 ص328 ومواقف الشيعة ج1 ص171 عن عيون الخبار لابن قتيبة ج1 ص5.
([334]) راجع: مناقب آل أبي طالب ج1 ص178 والبحار ج21 ص128 و 129 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص108 و 109 وإعلام الورى ج1 ص220 و 221 وقصص الأنبياء ص346 و 347.
([335]) البحار ج21 ص85 و 86 و 88 وتفسير فرات ص593.
([336]) تقدم مصادر ذلك.
([337]) الآية 78 من سورة الإسراء.
([338]) راجع: البحار ج5 ص321 وج9 ص296 وج11 ص117 و 118 وج53 ص212 وج73 ص254 و 263 وج77 ص30 و 72 و 73 و 99 و 102 ومستدرك سفينة البحار ج6 ص329 وج8 ص132 وعن مسند أحمد ج2 ص474 وراجع: فقه الرضا "عليه السلام" ص72 والمعتبر للمحقق الحلي ج2 ص17 ومنتهى المطلب (ط ق) ج1 ص196 و (ط ج) ج4 ص25 و 27 وتذكرة الفقهاء (ط ق) ج1 ص72 و (ط ج) ج2 ص273 والذكرى ص113 و 122 ومدارك الأحكام ج3 ص24 والحبل المتين ص122 ومفتاح الفلاح ص4 والحدائق الناضرة ج6 ص207 ومستند الشيعة ج4 ص53 وجواهر الكلام ج7 ص168 ومسند زيد بن علي ص99 والمبسوط للسرخسي ج1 ص157 وفقه السنة ج1 ص97 و 157 والمحاسن ج2 ص323 والكافي ج3 ص283 و 487 وج8 ص341 ومن لا يحضره الفقيه ج1 ص222 و 455 وعلل الشرايع ج2 ص324 و 336 وأمالي الصدوق ص254 وثواب الأعمال ص136 والإستبصار ج1 ص275 وتهذيب الأحكام ج2 ص37 وروضة الواعظين ص317 ومختصر بصائر الدرجات ص131 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص273 و ج4 = = ص50 و 52 و 53 و 212 و 213 و (ط دار الإسلامية) ج1 ص261 وج3 ص35 و 36 و 37 و 60 و 154 و 155 ومستدرك الوسائل ج3 ص51 و 120 و 124 و 164 وج4 ص75 والإختصاص ص36 وأمالي ص695 وعوالي اللآلي ج1 ص421 وحلية الأبرار ج1 ص160 وسنن ابن ماجة ج1 ص220 وسنن الترمذي ج4 ص364 والمستدرك للحاكم ج1 ص211 والمصنف للصنعاني ج1 ص523 وعن السنن الكبرى للنسائي ج6 ص381 وصحيح ابن خزيمة ج2 ص365 وصحيح ابن حبان ج5 ص409 وكتاب الدعاء للطبراني ص59 وتفسير أبو حمزة الثمالي ص236 وتفسير القمي ج2 ص25 والتبيان ج6 ص509 ومجمع البيان ج2 ص128 وج6 ص283 وتفسير جوامع الجامع ج2 ص382 وفقه القرآن ج1 ص82 و114 وتفسير غريب القرآن ص197 والتفسير الصافي ج3 ص210 والتفسير الأصفى ج1 ص692 ونور الثقلين ج3 ص201 وجامع البيان ج15 ص173 و 174 و 175 و 176 ومعاني القرآن ج4 ص183 وزاد المسير ج5 ص53 والجامع لأحكام القرآن ج10 ص306 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص13 و 53 وتفسير الجلالين ص374 وعن الدر المنثور ج4 ص396 وعن فتح القدير ج3 ص251 و 255 وعن البداية والنهاية ج1 ص56 وسبل الهدى والرشاد ج9 ص150 والنهاية في غريب الحديث ج2 ص513.
([339]) الوسائل ج11 ص46 وفي هامشه عن الكافي (الفروع) ج1 ص335 وعن تهذيب = = الأحكام ج2 ص256 وعن علل الشرايع ج2 ص603 والبحار ج33 ص453 وج97 ص22 والكافي للحلبي ص256 ومنتهى المطلب (ط ق) ج2 ص997 والتحفة السنية (مخطوط) ص199 ورياض المسائل (ط ق) ج1 ص489 و (ط ج) ج7 ص511 وجواهر الكلام ج21 ص81 والكافي (ط دار الكتب الإسلامية) ج6 ص173 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج15 ص63 و (ط دار الإسلامية) ج11 ص47 والبحار ج11 ص453 وج94 ص22.
([340]) الآية 6 من سورة العاديات.
([341]) الآية 8 من سورة العاديات.
([342]) البحار ج 21 ص 88 و 89 عن تفسير فرات ج1 ص16.
([343]) البحار ج 21 ص 77 عن الخرايج والجرايح.
([344]) الآية 8 من سورة العاديات.
([345]) الآيات 9 ـ 11 من سورة العاديات.
([346]) بطن إضم: بين ذي خشب وذي المروة، على ثلاثة برد من المدينة.
([347]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص211 وج6 ص190 عن محمد بن إسحاق، ومحمد بن عمر، وابن سعد، وابن أبي شيبة، والإمام أحمد، والترمذي، وحسنه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والخرائطي في مكارم الأخلاق، والطبراني، وأبي نعيم، والبيهقي في دلائلهما، عن عبد الله بن أبي حدرد، والطبراني عن جندب البجلي، وابن جرير عن ابن عمر، وابن أبي حاتم عن الحسن، وعبد الرزاق، وابن جرير. وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص76 والسيرة الحلبية ج3 ص195 وراجع: تاريخ مدينة دمشق ج67 ص149 وعن عيون الأثر ج2 ص177.
([348]) الآية 94 من سورة النساء.
([349]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص190وعن مراصد الاطلاع ج2 ص72. وتاريخ الخميس ج2 ص76 والسيرة الحلبية ج3 ص195 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص133 وتاريخ مدينة دمشق ج67 ص150 وعن عيون الأثر ج2 ص177.
([350]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص190 وقال في هامشه: ذكره السيوطي في الدر ج2 ص201 وعزاه لابن أبي حاتم، والبيهقي في الدلائل، عن الحسن. وتاريخ الخميس ج2 ص76 والسيرة الحلبية ج3 ص195 وراجع: مجمع الزوائد ج1 ص27 والمفاريد عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" ص43 ومسند ابي يعلى ج3 ص92 والمعجم الكبير ج2 ص177 وعن الدر المنثور ج2 ص201 وراجع ص202 وأسباب نزول الآيات ص116.
([351]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص191 وراجع: أسباب نزول الآيات ص116 وأحكام القرآن للجصاص ج2 ص309 وعن الدر المنثور ج2 ص201.
([352]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص191 وراجع: أسباب نزول الآيات ص116 وعن الدر المنثور ج2 ص201.
([353]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص234 و 339 ج6 ص191 وتاريخ الخميس ج2 ص76 والسيرة الحلبية ج3 ص195 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص116 وعن أسد الغابة ج2 ص282 وج4 ص413 وعن جامع البيان ج5 ص301 وعن تفسير القرآن العظيم ج1 ص552 وعن الدر المنثور ج2 ص200 وعن فتح القدير ج1 ص502 وعن البداية والنهاية ج4 ص257 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص426 وأحكام القرآن للجصاص ج2 ص309 وتفسير الثعالبي ج2 ص281.
([354]) راجع: نهج البلاغة (بشرح عبده) ج3 ص79 والأمالي للشيخ الطوسي ص217والبحار ج33 ص76 و 469 وج72 ص354 ونهج السعادة ج4 ص229 وميزان الحكمة ج1 ص124 وشرح نهج البلاغة ج17 ص16 ووقعة صفين للمنقري ص107.
([355]) السيرة الحلبية ج3 ص195.
([356]) السيرة الحلبية ج3 ص195.
([357]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج10 ص222 عن الروض الأنف.
([358]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص185 عن ابن إسحاق، وأحمد والواقدي وقال في هامشه: أخرجه أحمد في المسند ج3 ص448 والبيهقي في السنن ج7 ص235 = = والحاكم في المستدرك ج2 ص178 وذكره الهيثمي في المجمع ج4 ص282 والمغازي للواقدي ج2 ص777 و 778 والسيرة الحلبية ج3 ص194 وعن مسند أحمد (ط دار صادر) ج6 ص11 ومجمع الزوائد (ط دار الكتب العلمية) ج6 ص206 وتاريخ مدينة دمشق ج27 ص341.
([359]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص185 عن ابن إسحاق، وأحمد والواقدي وراجع: المغازي للواقدي ج2 ص778 والسيرة الحلبية ج3 ص193.
([360]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص185 و 186 عن أحمد والسيرة الحلبية ج3 ص194 والمغازي للواقدي ج2 ص778 و 779 وعن مسند أحمد ج6 ص11 و 12 ومجمع الزوائد ج6 ص206 و 207 وعن عون المعبود ج4 ص59 و 60 وتاريخ مدينة دمشق ج27 ص341.
([361]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص187 والمجموع ج19 ص383 ونيل الأوطار ج8 ص108 والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص312 والمصنف للصنعاني ج5 ص190 وراجع صحيح ابن حبان ج11 ص164 والمعجم الأوسط ج5 ص155 والمعجم الكبير ج12 ص294 والجامع لأحكام القرآن ج7 ص362 وعن الدر المنثور ج3 ص160 والطبقات الكبرى ج4 ص146 وعن البداية والنهاية ج4 ص274 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص454.
([362]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص187 عن أحمد، والبخاري، ومسلم، وأبي داود وقال في هامشه: أخرجه البخاري ج7 ص653 كتاب المغازي وصحيح مسلم ج3 ص368 وأحمد في المسند ج2 ص10 ـ 62 وراجع: المغازي للواقدي ج2 ص779 و 780 وتاريخ الخميس ج2 ص76 والمغني ج1 ص417 والشرح الكبير ج10 ص741 ونيل الأوطار ج8 ص108 و 109 وسنن أبي داود ج1 ص623 والسنن الكبرى ج6 ص312 وعن فتح الباري ج6 ص169 وعن عون المعبود ج7 ص298 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص518 ومسند الشاميين ج4 ص142 وكنز العمال ج4 ص536 والجامع لأحكام القرآن ج7 ص362 وعن البداية والنهاية ج4 ص274 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص454.
([363]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص187 وتاريخ الخميس ج2 ص76 و 77 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص423 وعن البداية والنهاية ج4 ص255 وعن أسد الغابة ج3 ص335 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1046 وعن عيون الأثر ج2 ص180.
([364]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص187 والمغازي للواقدي ج2 ص780.
([365]) تاريخ الخميس ج2 ص76 والطبقات الكبرى ج2 ص132 وعن عيون الأثر ج2 ص176 وتاريخ مدينة دمشق ج67 ص149.
([366]) راجع: تاريخ اليعقوبي ج2 ص149 و150 وراجع: جواهر الكلام ج31 ص15 والمبسوط للشيخ الطوسي والسرائر ج3 ص637 ط جماعة المدرسين والوسائل ط مؤسسة آل البيت ج21 باب 9 من أبواب المهور والفتوحات الإسلامية ج2 ص455 و456 وأسد الغابة ج5 ص615 والذرية الطاهرة للدولابي ص160 والإصابةج4 ص492 والبداية والنهاية ج7 ص156 وج5 ص330 وميزان الإعتدال ج2ص425 والدر المنثور ص62 وتاريخ الإسلام للذهبي عهد الخلفاء الراشدين ص166 والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج4 ص491 والطبقات الكبرى لابن سعد (ط دار التحرير) ج8 ص340 و (ط دار صادر) ص464 وسير أعلام النبلاء ج3 ص501 وكنز العمال (ط مؤسسة الرسالة) ج13 ص625 عن ابن سعد، والبيهقي في السنن، وابن أبي شيبة، وابن عساكر، وابن عدي في الكامل، وتاريخ الأمم والملوك ج3 ص270 (ط مطبعة الإستقامة) والكامل في التاريخ ج3 ص54 ونساء أهل البيت لخليل جمعة ج1 ص660 والمجموع ج16 ص327 وذخائر العقبى ص170 عن أبي عمر، والدولابي، وابن السمان، وإفحام الأعداء والخصوم ص165 ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور ج4 ص270 وج9 ص161 والمصنف لابن أبي شيبة ج3 ص319 وشرح النهج للمعتزلي ج12 ص227 وعيون الأخبار لابن قتيبة ج4 ص71 وعمدة القاري ج20 ص137 وحياة الحيوان ج1 ص494 وسيرة ابن إسحاق ص249 ومختصر تاريخ دمشق ج9 ص161 وتهذيب تاريخ دمشق ج6 ص28 وراجع: تاريخ عمر بن الخطاب ص267 ونهاية الأرب ج19 ص391 والسيدة زينب لحسن قاسم ص64 ونظام الحكومة النبوية (التراتيب الإدارية) ج2 ص405 عن المختار الكنتي في الأجوبة المهمة، نقلاً عن الحافظ الدميري.
([367]) الدر المنثور في طبقات ربات الخدور ص 102 و 103.
([368]) السيرة الحلبية ج3 ص194 وكنز العمال ج1 ص3401 وعون المعبود ج7 ص189 وشرح سنن النسائي للسيوطي ج1 ص287 والنهاية في غريب الحديث ج3 ص417 ولسان العرب ج2 ص448.
([369]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص193 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص187 والمغازي للواقدي ج2 ص780 وتاريخ الخميس ج2 ص 76 وراجع: الطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص133 وتاريخ مدينة دمشق ج67 ص149 وعن الإصابة ج6 ص37 والأعلام للزركلي ج7 ص189 وعن عيون الأثر ج2 ص176.
([370]) راجع: كتاب المحبر ص123 وعن أسد الغابة ج3 ص334 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص317 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص185 وعن البداية والنهاية ج4 ص254 وعن السيرة النبوية لابم هشام ج4 ص1064 وعن عيون الأثر ج2 ص179 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص422 وعن زاد المعاد ج1 ص1119.
([371]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص186 وتاريخ الخميس ج2 ص76 والسيرة الحلبية ج3 ص194 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1046 وعن عيون الأثر ج2 ص179 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص317 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص422.
([372]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص187 وتاريخ الخميس ج2 ص76 والسيرة الحلبية ج3 ص194 وعن البداية والنهاية ج2 ص254 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1046 وعن عيون الأثر ج2 ص179 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص317 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص422 وعن زاد المعاد ج1 ص1119.
([373]) السيرة الحلبية ج3 ص194 وعن البداية والنهاية ج2 ص254 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1046 وعن عيون الأثر ج2 ص179 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص317 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص422 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص185.
([374]) السيرة الحلبية ج3 ص194 والمستدرك للحاكم ج2 ص178 والسنن الكبرى ج7 ص235 ومجمع الزوائد ج4 ص282 وعن المصنف لابن أبي شيبة ج3 ص319 وبغية الباحث ص158 والمعجم الكبير ج22 ص352 وعن فيض القدير ج5 ص421 والطبقات الكبرى لابن سعد ج4 ص310 وعن أسد الغابة ج5 ص169 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص187.
([375]) السيرة الحلبية ج3 ص194 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص185.
([376]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص191 وعن البداية والنهاية ج4 ص314 و 315 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص522 وعن صحيح البخاري (ط دار العامرة ـ إستانبول) ج6 ص224 وعن صحيح مسلم ج6 ص62 ومسند الحميدي ج2 ص521 ومسند أبي يعلى ج2 ص457 وصحيح ابن حبان ج12 ص63 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص176 والبحار ج21 ص64.
([377]) تاريخ الخميس ج2 ص75 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص132 وعن عيون الأثر ج2 ص173 وتاج العروس ج5 ص125.
([378]) تاريخ الخميس ج2 ص75 عن ابن العراقي في شرح التقريب.
([379]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص179 وعن عيون الأثر ج2 ص174 و 175 وعن فتح الباري ج8 ص61.
([380]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص177 ـ 178 وعن عيون الأثر ج2 ص174 و 175 وعن فتح الباري ج8 ص62 وتاريخ مدينة دمشق ج94 ص412 ـ 415 وسير اعلام النبلاء ج3 ص105 و 106.
([381]) راجع: مسند ابن الجعد ص387 وصحيح ابن حبان ج2 ص65 ورياض الصالحين للنووي ص281 وعن نصب الراية ج6 ص70 وعن مسند أحمد ج3 ص306 وعن صحيح مسلم ج6 ص61.
([382]) المغازي للواقدي ص774 ـ 777 وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص192 و 193 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص178 وتاريخ مدينة دمشق (ط دار الكتب العلمية) ج52 ص270.
([383]) السيرة الحلبية ج3 ص191.
([384]) تاريخ الخميس ج2 ص75 وراجع: مسند الحميدي ج2 ص521 و 522 وصحيح ابن حبان ج12 ص63 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص522 وعن البداية والنهاية ج4 ص315 وعن صحيح البخاري ج6 ص233 وعن صحيح مسلم ج6 ص61 و 62.
([385]) تاريخ الخميس ج2 ص75 والسيرة الحلبية ج3 ص192 و (ط دار الفكر) ج3 ص201 وراجع: المصنف للصنعاني ج4 ص508 ومسند الحميدي ج2 ص522 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص522 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص177 والسنن الكبرى للبيهقي (ط دار الفكر) ج14 ص150 وصحيح البخاري (ط دار إحياء التراث العربي) ج8 ص407 وعن صحيح مسلم (ط دار الكتب العلمية) ج13 ص74 (4956) وسنن النسائي ج7 ص273 والسنن الكبرى للنسائي (ط دار الكتب العلمية) ج3 ص164واللؤلؤ والمرجان ج1 ص620 وفتح الباري (ط دار الفكر) ج8 ص407 وشرح الزرقاني ج4 ص296 وعمدة القاري ج18 ص13 والبداية والنهاية (ط مكتبة المعارف) ج2 ص276 وزاد المعاد ج1 ص1142
([386]) راجع: البحار ج21 ص64 عن الكازروني في المنتقى في مولد المصطفى وراجع: وصحيح البخاري (ط دار إحياء التراث العربي) ج11 ص39 وفتح الباري (ط دار الفكر) ج11 ص38 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص177 والسنن الكبرى للبيهقي (ط دار الفكر) ج14 ص156 وعمدة القاري ج21 ص104 وتاريخ مدينة دمشق ج52 ص270.
([387]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص192 و 193 والمحلى ج7 ص395 وعن مسند أحمد ج3 ص312 وعن صحيح مسلم ج6 ص61 وسنن أبي داود ج2 ص216 وشرح مسلم للنووي ج12 ص86 ومسند ابن الجعد ص387 ورياض الصالحين للنووي ص281 والجامع لأحكام القرآن ج6 ص319 وعن تفسير القرآن العظيم ج2 ص105.
([388]) السيرة الحلبية ج3 ص192 ومسند ابن الجعد ص387 والجامع لأحكام القرآن ج2 ص228 والمحلى ج7 ص395 ونيل الأوطار ج9 ص27 وعن مسند أحمد ج3 ص311 وعن صحيح مسلم ج6 ص61 والسنن الكبرى ج9 ص251 وشرح مسلم للنووي ج13 ص85 وعن فتح الباري ج9 ص508 وصحيح ابن حبان ج12 ص65 ورياض الصالحين للنووي ص281 وعن نصب الراية ج6 ص70 والفصول من الأصول للجصاص ج4 ص41 وعن البداية والنهاية ج4 ص315 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص522.
([389]) السيرة الحلبية ج3 ص193 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص18 وعن فتح الباري ج8 ص65.
([390]) راجع هذه الاختلافات في: تاريخ الخميس ج2 ص68 و 69 والبحار ج21 ص47 عن المنتقى للكازروني. وراجع: المصنف للصنعاني ج7 ص433 وتاريخ مدينة دمشق ج4 ص393 وسبل الهدى والرشاد ج12 ص69 وعن مسند أحمد ج3 ص300 وعن صحيح البخاري ج1 ص116 وج3 ص14 و (ط دار الكتب العلمية) ج2 ص114 وج5 ص43 وشرح مسلم للنووي ج5 ص34 و (ط دار الفكر) ج5 ص28 وعن المصنف لابن أبي شيبة ج7 ص433 وسير أعلام النبلاء ج12 ص238 وعن البداية والنهاية ج6 ص140 وعمدة القاري ج4 ص101 و 210 وج11 ص212 .
([391]) سبل الهدى والرشاد ج12 ص69.
([392]) سبل الهدى والرشاد ج8 ص182 و 183 وج12 ص69 عن البخاري، ومسلم، والبيهقي وراجع: صحيح مسلم ج2 ص74 والسنن الكبرى للبيهقي ج3 ص195 وشرح مسلم للنووي ج5 ص34 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص252 .
([393]) سبل الهدى والرشاد ج12 ص69، عن الشافعي، وأحمد، وابن ماجة، وراجع: مستدرك سفينة البحار جج2 ص42 وعن مسند أحمد ج5 ص137 وسنن الدارمي ج1 ص18 وفتح الباري (ط دار المعرف) ج6 ص444 و (ط دار الكتب العلمية) ج7 ص277 والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث العربي) ج6 ص138 و (ط مكتبة المعارف) ج3 ص125 وعن دلائل النبوة للبيهقي ج6 ص67 وعن سنن ابن ماجة في إقامة الصلاة ح1414 وعمدة القاري (ط دار الفكر) ج16 ص117 .
([394]) سبل الهدى والرشاد ج12 ص69 وراجع: سنن الدارمي ج1 ص19 وصحيح ابن خزيمة ج3 ص140 والبحار ج17 ص170 وعن البداية والنهاية ج6 ص139 وقصص الأنبياء للراوندي ص311.
([395]) تاريخ الخميس ج2 ص69 وراجع في حنين الجذع: البحار ج17 ص365 و 326 و 327 والخرائج الجرايح ج1 ص165 وعن الشفا بتعريف حقوق المصطفى ج1 ص304 وعن عيون الأثر ج1 ص218 وسنن الدارمي ج1 ص19 وصحيح ابن خزيمة ج3 ص140.
([396]) راجع: تاريخ الخميس ج2 ص69 والبحار ج17 ص365 وج21 ص47 والخرائج ج1 ص165 وكتاب المسند للشافعي ص65 وعن مسند أحمد ج5 ص137 و 138 وسنن الدارمي ج1 ص18 وسنن ابن ماجة ج1 ص454 وكنز العمال ج12 ص411 والطبقات الكبرى ج1 ص252 وتاريخ مدينة دمشق ج4 ص292 وعن البداية والنهاية ج6 ص138 وعن فتح الباري ج6 ص444 والشفا بتعريف حقوق المصطفى ج1 ص304 وعن عيون الأثر ج1 ص318 ومصباح الزجاجة ج1 ص252 وجامع الأحاديث والمراسيل ج18 ص253 وعمدة القاري ج6 ص214 وج16 ص117 وسبل الهدى والرشاد ج9 ص394 وج12 ص69 عن الشافعي، وأحمد، وابن ماجة.
([397]) راجع: تاريخ الخميس ج2 ص69 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص352 والشفا بتعريف حقوق المصطفى ج1 ص304.
([398]) تاريخ الخميس ج2 ص69 والبحار ج21 ص47 وعن مسند أحمد ج3 ص300 والمصنف لابن أبي شيبة ج7 ص433 وصحيح ابن خزيمة ج3 ص140 وكنز العمال ج11 ص371 وتاريخ مدينة دمشق ج4 ص393 وعن البداية والنهاية ج6 ص140 وعن الشفا بتعريف حقوق المصطفى ج1 ص304 وعن عيون الأثر ج1 ص318.
([399]) راجع: تاريخ الخميس ج2 ص69 وعن الشفا بتعريف حقوق المصطفى ج1 ص304 وعن عيون الأثر ج1 ص318.
([400]) البحار ج17 ص365 عن الخرائج والجرائح ج1 ص165 ودرر الأخبار ص160.
([401]) تاريخ الخميس ج2 ص69 والبحار ج17 ص380 وج21 ص47 عن المنتقى للكازروني، ومناقب آل أبي طالب ج1 ص80 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص42 وكتاب المسند للشافعي ص65 وعن مسند أحمد ج5 ص137 و 138 وسنن الدارمي ج1 ص18 وسنن ابن ماجة ج1 ص454 وعن فتح الباري ج6 ص444 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص252 وتاريخ مدينة دمشق ج4 ص392 و 393 وعن البداية والنهاية ج6 ص138 وعن الشفا بتعريف حقوق المصطفى ج1 ص304 وعن عيون الأثر ج1 ص320 وسبل الهدى والرشاد ج12 ص69 عن الشافعي، وأحمد، وابن ماجة.
([402]) البحار ج17 ص327 و 328 وج62 ص33 و 34 وج68 ص33 ج8 ص163 و 164 عن التفسير المنسوب للإمام العسكري "عليه السلام" ص188 ـ 190.
([403]) البحار ج97 ص151 عن كامل الزيارات، وسفينة البحار ج8 ص172 ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص568 وتهذيب الأحكام ج6 ص77 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج14 ص345 و (ط دار الإسلامية) ج10 ص270 ومستدرك سفينة البحار ج9 ص527 والمزار لابن المشهدي ص76 ومستدرك الوسائل ج10 ص195 ومنتقى الجمان ج3 ص465 والكافي ج4 ص553 وجواهر الكلام ج20 ص84 والحدائق الناضرة ج17 ص415 ومدارك الأحكام ج8 ص471.
([404]) راجع: تاريخ الخلفاء للسيوطي ص80 و 143 وتاريخ بغداد ج1ص141 عن أبي نعيم وغيره، وأنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج2 ص26 و 27 بسند صحيح عندهم، والصواعق المحرقة ص175 عن الدارقطني، والمناقب لابن شهراشوب ج4 ص40 عن فضائل السمعاني، وأبي السعادات، وتاريخ الخطيب، وسيرة الأئمة الاثني عشر ج1 ص529 وإسعاف الراغبين (بهامش نور الأبصار) ص123 عن الدارقطني، وشرح النهج للمعتزلي ج6 ص42 و 43 ومقتل الحسين للخوارزمي ج1 ص93 وينابيع المودة ص306 وحياة الصحابة ج2 ص494 عن الكنز، وأبي سعد، وأبي نعيم، والجابري في جزئه، والغدير ج7 ص126 عن السيوطي، وعن الرياض النضرة ج1 ص139 وعن كنز العمال ج3 ص132 وحياة الإمام الحسن "عليه السلام" للقرشي البحار ج1 ص84 عن بعض من تقدم، والإتحاف بحب الأشراف ص 23.
([405]) راجع: مقتل الحسين للخوارزمي ج1 ص145 والإصابة ج1 ص333 وقال: سنده صحيح، وأمالي الطوسي ج2 ص313 و 314 وإسعاف الراغبين (بهامش نور الأبصار) ص123 وحياة الصحابة ج2 ص495 عن كنز العمال ج7 ص105 عن ابن كثير، وابن عساكر، وابن سعد، وابن راهويه، والخطيب، والصواعق المحرقة ص 175 عن ابن سعد وغيره، والإحتجاج للطبرسي ج2 ص13 والمناقب لابن شهراشوب ج4 ص40 وتاريخ بغداد ج1 ص141 وكشف الغمة للأربلي ج2 ص42 وحياة الحسن للقرشي ج1 ص84 والإمام الحسن للعـلايلي ص305 عن الإصابة، وصححه، وينابيع المودة ص168 وتذكرة الخواص235 وسيرة الأئمة = = الاثني عشر للحسني ج2 ص15 وكفاية الطالب ص224 عن مسند أحمد، وابن سعد وتهذيب تاريخ ابن عساكر ج4 ص324 وتهذيب التهذيب ج2 ص346 وصححه، وفضائل الخمسة من الصحاح الستة ج3 ص369 وهامش أنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج3 ص27 عن تاريخ دمشق ج13 ص15 و 110 بعدة أسانيد، وترجمة الإمام الحسين من تاريخ دمشق بتحقيق المحمودي ص141 و 142 وفي هامشه عن ابن سعد ج 8 في ترجمة الإمام الحسين وعن كنز العمال ج7 ص105 عن ابن راهويه وغيره، والغدير ج7 ص126 عن ابن عساكر.
([406]) تاريخ الخميس ج2 ص70 وعن أسد الغابة ج1 ص23 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص382 وعن عيون الأثر ج2 ص358.
([407]) الآية 179 من سورة البقرة.
([408]) الآية 32 من سورة المائدة.