الــصــحـيـــح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) ج19
العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي
المركز الإسلامي للدراسات

بسم الله الرحمن الرحيم
الباب العاشر:
بين خيبر ومؤتة
الفصل الأول: فتح وادي القرى.. ورد الشمس
الفصل الثاني: سرايا بين وادي القرى وعمرة القضاء
الفصل الثالث: شخصيات.. وأحداث إلى عمرة القضاء
الفصل الرابع: تكبيرات صلاة الميت.. وصلاة الغائب..
الفصل الخامس: إلى مكة ـ لأجل العمرة
الفصل السادس: من مكة إلى المدينة
الفصل السابع: سرايا وأحداث إلى مؤتة
الفصل الأول:
فتح وادي القرى.. ورد الشمس..
انصراف الرسول ' من خيبر إلى وادي القرى:
وبعد فتح خيبر، انصرف رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى وادي القرى..
قال محمد بن عمر: لما انصرف رسول الله "صلى الله عليه وآله" عن خيبر، وأتى الصهباء سلك على برمة، حتى انتهى إلى وادي القرى، يريد من بها من يهود.
قال أبو هريرة: نزلناها أصيلاً مع مغرب الشمس، رواه ابن إسحاق.
قال البلاذري: فدعا أهلها إلى الإسلام، فامتنعوا من ذلك، وقاتلوا، ففتحها رسول الله "صلى الله عليه وآله" عنوة، وغنمه الله أموال أهلها، وأصاب المسلمون منهم أثاثاً ومتاعاً، فخمس رسول الله "صلى الله عليه وآله" ذلك، وتركت الأرض والنخل في أيدي يهود، وعاملهم على نحو ما عامل عليه أهل خيبر([1]).
وكان أبو هريرة يحدث فيقول: خرجنا مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" من خيبر إلى وادي القرى، وكان رفاعة بن زيد بن وهب الجذامي قد وهب لرسول الله "صلى الله عليه وآله" عبداً أسود يقال له: مِدْعَم وكان يرحِّل لرسول الله "صلى الله عليه وآله".
فلما نزلنا بوادي القرى انتهينا إلى يهود، وقد ضوى إليها ناس من العرب، فبينما مدعم يحط رحل رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وقد استقبلتنا يهود بالرمي حيث نزلنا، ولم نكن على تعبئة، وهم يصيحون في آطامهم، فيقبل سهم عائر، فأصاب مدعماً فقتله، فقال الناس: هنيئاً له الجنة.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "كلا والذي نفسي بيده، إن الشملة التي أخذها يوم خيبر من الغنائم، لم يصبها المقسم، تشتعل عليه ناراً"([2]).
فلما سمع الناس بذلك، جاء رجل إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" بشراك أو شراكين، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "شراك من نار، أو شراكان من نار".
وعبأ رسول الله "صلى الله عليه وآله" أصحابه للقتال، وصفَّهم، ودفع لواءه إلى سعد بن عبادة، وراية إلى الحباب بن المنذر، وراية إلى سهل بن حنيف، وراية إلى عباد بن بشر.
ثم دعاهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى الإسلام، وأخبرهم أنهم إن أسلموا أحرزوا أموالهم، وحقنوا دماءهم، وحسابهم على الله تعالى.
فبرز رجل منهم، فبرز له الزبير بن العوام فقتله.
ثم برز آخر، فبرز له الزبير فقتله، ثم برز آخر فبرز إليه علي بن أبي طالب "عليه السلام" فقتله.
ثم برز آخر، فبرز إليه أبو دجانة فقتله.
ثم برز آخر فبرز له أبو دجانة فقتله. حتى قتل منهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" أحد عشر رجلاً، كلما قُتل رجل دعا من بقي إلى الإسلام([3]).
ولقد كانت الصلاة تحضر يومئذٍ، فيصلي رسول الله "صلى الله عليه وآله" بأصحابه، ثم يعود فيدعوهم إلى الله ورسوله، فقاتلهم حتى أمسوا.
وغدا عليهم فلم ترتفع الشمس حتى أعطوا بأيديهم، وفتحها رسول الله "صلى الله عليه وآله" عنوة، وغنّمه الله تعالى أموالهم، وأصابوا أثاثاً ومتاعاً كثيراً.
وأقام رسول الله "صلى الله عليه وآله" بوادي القرى أربعة أيام.
وقسَّم ما أصاب على أصحابه بوادي القرى، وترك الأرض والنخيل بأيدي يهود، وعاملهم عليها.
قال البلاذري: وولاها رسول الله "صلى الله عليه وآله" عمرو بن سعيد بن العاص، وأقطع رسول الله "صلى الله عليه وآله" جمرة بن هوذة العذري رمية بسوطه من وادي القرى.
ونلاحظ هنا أموراً نجملها فيما يلي:
1 ـ إن من حق كل أحد أن يدعو الآخرين إلى دينه، فإما أن يرفضوا، أو يقبلوا، ولا يستطيع أحد أن يكره أحداً على هذا الأمر، لأن القضية ترتبط بالعقل والقلب معاً. فالعقل، وإن استسلم للدليل، لكن ليس بالضرورة أن يتحقق الإيمان، إذ قد يلجأ إلى الجحود، والإنكار، رغم وضوح الأمر لديه، وذلك على قاعدة: ?وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ?([4]).
2 ـ وإن بعض الناس لا يكتفون بالجحود، فيتجاوزونه إلى الحرب والقتال، تماماً كما فعل مشركو مكة، وكما فعل يهود وادي القرى، فإن النبي "صلى الله عليه وآله" دعاهم إلى الله تعالى، ومن حقه ذلك.. ولكنهم لم يكتفوا بالإمتناع عن قبول الحق، بل أعلنوا الحرب عليه، وقاتلوه بغياً منهم، وكانوا هم الذين بدأوه بالعدوان، واستقبلت سهامهم المسلمين بمجرد وصولهم، وقبل أي سؤال أو جواب، وقتلوا أحد أصحابه حتى وهو ينزل رحل رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى الأرض.
فكان لا بد أن يواجهوا جزاء هذا البغي، وفتح الله تعالى بلدهم عنوة، وغنّمَ الله المسلمين أموالهم، وصارت أرضهم للمسلمين..
3 ـ إن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يرد أن يمعن في مجازاتهم بما يستحقونه، بل اتخذ سبيل السهولة والعفو، فقبّلهم (أي كتب لهم بها قبالات، وجعلها بتصرفهم) الأرض، وعاملهم على نحو ما عامل عليه أهل خيبر.
4 ـ وإن هذا العدوان السافر، الذي باشروه، قَبل أي سؤال أو جواب، لم يمنع النبي "صلى الله عليه وآله" من أن يعاملهم بالرحمة والشفقة، فهو في نفس الوقت الذي يهيئ فيه جيشه، ويرفع من مستوى استعداده للردع ـ حيث عبأه، وأعطى الألوية والرايات لأهلها ـ لم يبادر إلى المقابلة بالمثل، بل دعاهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما لهم إن أسلموا، وأعلمهم أنه ليس له طمع بأموالهم، بل المطلوب منهم هو الكف عن العدوان أولاً، ثم إنهم إن أسلموا أحرزوا أموالهم.. فالمطلوب منهم هو إعلان الإسلام، والحال أنه ليس مسؤولاً عن دخائلهم، وما في ضمائرهم. بل حسابهم في ذلك على الله تعالى..
وقد يقال: بأن دعوة الناس إلى الإسلام بهذا الشكل ـ أعني مجرد إعلان الشهادتين ـ قد تشجع الناس على النفاق، لحقن دمائهم، وحفظ أموالهم ، وهذا يشكل تهديداً حقيقياً للإسلام فيما بعد؟!!
ونجيب:
إن هذا المحذور غير وارد، من حيث إن ذلك لا يشجع على النفاق، بل هو أول خطوة هامة جداً في سلسلة التنازلات، التي تسقط الإصرار على المقاومة، وتهيئ للإندماج الثقافي، واعطاء المجال لإعمال الفكر والتعقل والتدبر في أمر هذا الدين ورفع العوائق عن ممارسة الحوار البناء الذي هو الخطوة الأهم على طريق الوصول إلى أسلمة المجتمعات تدريجاً من خلال طي مراحل من التنازلات، التي تبقى تحت السيطرة والهيمنة في نطاق سياسة احتواء النشاطات المعادية ومنعها عن التحرك بشكل علني وسافر، قد يشجع الكثيرين لاتخاذ نفس النهج العدواني الذي يمنع الكثيرين من رؤية الحقايق، ومن التعامل معها بروية وأناة..
5 ـ بل هو "صلى الله عليه وآله" لم يكف عن دعوتهم إلى الله تعالى، حتى حين بدأت الحرب واستمرت.. بل كان كلما قُتل رجل منهم جدّد دعوته لمن بقي منهم إلى الإسلام.. أي أنه أبقى باب النجاة أمامهم مفتوحاً، ولم يتخذ بغيهم وعدوانهم ذريعة للإيقاع بهم، رغم أن ذلك من حقه، وهذا هو الجزاء العادل لهم، بل هو قد استمر على معاملتهم بالإحسان، الذي هو فوق العدل..
وكان كلما حضر وقت الصلاة انصرف إليها، فيصلي بأصحابه، ثم يعود إليهم فيدعوهم إلى الله ورسوله..
6 ـ ما ذكرته الرواية المتقدمة: من أنه "صلى الله عليه وآله" قد أعطى لواءه إلى سعد بن عبادة، وأعطى رايات إلى عباد بن بشر، والحباب بن المنذر، وسهل بن حنيف.. لا يمكن قبوله، فقد تقدم في غزوة أحد: أن علياً "عليه السلام" كان صاحب لواء ـ أو صاحب راية ـ رسول الله "صلى الله عليه وآله" في بدر، وفي كل مشهد..
7 ـ بالنسبة لما ذكرته الرواية: من أنه "صلى الله عليه وآله" قد حكم على مدعم بكونه ليس من أهل الجنة؛ لأن الشملة التي غلها من غنائم خيبر تشتعل عليه ناراً.. نقول:
قد تقدم منا حين الحديث عن غنائم خيبر، في فقرة الغلول في خيبر: أن أمثال هذه القضايا والأخبار تحتاج إلى مزيد من التأمل والتدقيق في صحتها، لأكثر من سبب ولا أقل من أنه أغراض بعض اصحاب المأرب الدنيئة حيث يتخذون منها وسلية للتستر، وتبرير وتقليل من بشاعة وشناعة فعل المجترئين على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، حيث اتهموه بأنه قد عل حتى احتاج إلى نزول الوحي في هذا.. فتأتي هذه الأباطيل لتقدم المبررات لشكوكهم والمسوغات، لإطلاق تلك التهم الشنيعة.. والله هو العالم بالحقائق.
نوم النبي ' عن صلاة الصبح:
روى مسلم، وأبو داود عن أبي هريرة، وأبو داود عن ابن مسعود، وابن إسحاق عن سعيد بن المسيب، ومحمد بن عمر عن شيوخه، قالوا:
انصرف رسول الله "صلى الله عليه وآله" من وادي القرى راجعاً بعد أن فرغ من خيبر ووادي القرى، فلما كان قريباً من المدينة سرى رسول الله "صلى الله عليه وآله" ليلته، حتى إذا كان قبيل الصبح بقليل نزل وعرَّس، وقال: ألا رجل صالح حافظ لعينه، يحفظ علينا الفجر، لعلنا ننام؟
قال بلال: يا رسول الله، أنا أحفظه عليك.
فنزل رسول الله "صلى الله عليه وآله" وقام بلال يصلي ما شاء الله أن يصلي. ثم استند إلى بعيره، واستقبل الفجر يرقبه، فغلبته عينه، فنام، فلم يستيقظ رسول الله "صلى الله عليه وآله" ولا أحد من أصحابه حتى ضربتهم الشمس([5]).
وفي بعض الروايات: أن الألسنة أخذت بلالاً وكان أشدهم عليه أبو بكر.
وذكرت الروايات أيضاً: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" أول أصحابه هبَّ، فقال: "ما صنعت بنا يا بلال"؟
قال: يا رسول الله، أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك.
قال: "صدقت".
ثم اقتاد رسول الله "صلى الله عليه وآله" بعيره غير كثير، ثم أناخ، وأناخ الناس فتوضأ، وتوضأ الناس، وأمر بلالاً فأقام الصلاة، فلما فرغ، قال: "إذا نسيتم الصلاة فصلوها إذا ذكرتموها، فإن الله عز وجل يقول: ?وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي?([6])"([7]).
وفي رواية: أنه "صلى الله عليه وآله" التفت إلى أبي بكر، وقال له: إن الشيطان أتى بلالاً، وهو قائم يصلي، فلم يزل يهدئه كما يهدئ الصبي حتى نام.
ثم دعا رسول الله "صلى الله عليه وآله" بلالاً، فأخبر بلال رسول الله "صلى الله عليه وآله" بمثل ما أخبر به "صلى الله عليه وآله" أبا بكر.
فقال أبو بكر: أشهد أنك رسول الله([8]).
وفي رواية: فاستيقظ القوم وقد فزعوا، فأمرهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يركبوا حتى يخرجوا من ذلك الوادي، وقال: هذا واد به شيطان، فركبوا حتى خرجوا من ذلك الوادي([9]).
ونقول:
إن ذلك لا يصح، وقد تحدثنا عنه أكثر من مرة، فإن هؤلاء القوم ما زالوا في المواطن المختلفة يذكرون هذا الأمر عن رسول الله "صلى الله عليه وآله".
وقد قلنا: إن رواياتهم ظاهرة الاختلاف فيما بينها..
فهي تارة تقول: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" كان أول من استيقظ، حسبما تقدم.
وأخرى تقول: إنه "صلى الله عليه وآله" استيقظ على كلام جرى بين أصحابه([10]).
ومن جهة أخرى: فإنهم تارة يقولون: إن ذلك كان في حال رجوعه من الحديبية.
وأخرى: في مرجعه من حنين.
وثالثة: في مرجعه من تبوك.
ورابعة: في مرجعه من وادي القرى([11]).
ومن جهة ثالثة: فتارة يقولون: إن حارسهم كان بلالاً كما تقدم.
وأخرى: ابن مسعود([12]).
وثالثة: أنه ذو مخبر([13]). وهو رجل حبشي كان يخدم رسول الله "صلى الله عليه وآله".
ورابعة: أنس([14]).
وخامسة تقول: إنهم كانوا سبعة أشخاص، وقد ناموا كلهم([15]).
وإن لا نستسيغ حتى احتمال حدوث هذه الواقعة، فضلاً عن تكرارها مرات كثيرة، فإننا نبادر إلى القول: بأن ذلك كله يدل: على أن ثمة إصراراً قوياً على نسبة هذا الأمر إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
ومما يدلنا على عدم صحة هذه الترهات:
أولاً: إذا كان "صلى الله عليه وآله" قد سرى في الناس في تلك الليلة، فذلك يعني أن الجميع مرهقون، وأنهم كلهم بحاجة إلى النوم، فالطلب من أي واحد منهم أن يبقى مستيقظاً يكون على خلاف ما يقتضيه الرفق، بل فيه ترجيح من دون مرجح ظاهر، إذ لماذا ينعم هؤلاء بالراحة، والنوم الهادىء، والأحلام اللذيذة، ويبقى ذاك الآخر يغالب نفسه ليقهرها على مواصلة السهر، ومعاناة التعب؟!
ثانياً: إن هذا النوم الذي يستغرق فيه جميع الجيش باستثناء شخص واحد، وهو نوم يأتي بعد الضنى، والتعب والسهر، يفسح المجال لأي إنسان أو مجموعة شريرة للتسلل تحت جنح الظلام؛ للسرقة أو للفتك بمن أرادوا منهم، حتى برسول الله "صلى الله عليه وآله"، لا سيما إذا كان الحارس مشغولاً بالصلاة، ومتوجهاً إلى جهة واحدة، ولا يراقب سائر الجهات، وبالأخص إذا كان ذلك بالليل، حيث الظلام يصد البصر في كل اتجاه..
يضاف إلى ذلك: أنه إذا نام ألف وخمس مائة رجل ومعهم من الإبل والخيل المئات فإن المساحة التي يحتاجون إليها في نزولهم سوف تكون واسعة وشاسعة، يصعب مراقبة حالها حتى في وسط النهار، وحتى لو تشارك في هذا الأمر عدد من الرجال. فكيف إذا كان ذلك في الليل، فإن حراسة هذا الجيش من أي مكروه يتعرض له تحتاج إلى عشرات الرجال..
ثالثاً: إننا لم نجد مبرراً لأن يسري بهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" طوال الليل إلى قريب الصبح، إذ ليس هناك من عدو يخشى أن يسبقه إلى جهة لا يريد أن يسبقه إليها، ولا شيء يخشى فواته، ليجهد نفسه، ويجهدهم من أجل الوصول إليه، والحصول عليه..
رابعاً: إن النبي "صلى الله عليه وآله" إنما تنام عيناه، ولا ينام قلبه([16]). فكيف ينام عن صلاة الصبح؟!..
خامساً: إن ما حصل لم يكن باختيار بلال، فلماذا يلام عليه؟ ولماذا تأخذه الألسنة فيه؟ ولماذا يكون أشدهم عليه أبو بكر؟ ولماذا لا يترك هذا أمره لرسول الله "صلى الله عليه وآله"؟!
وإذا كان "صلى الله عليه وآله" قد قال: أرواحنا كانت بيد الله عز وجل فأرسلها أنى شاء.. فهل كان هؤلاء اللائمون أشد حرصاً من نفس النبي "صلى الله عليه وآله"..
الشيطان وبلال:
وأما حديث الشيطان وبلال، فلا مجال لقبوله أيضاً لأكثر من سبب..
فأولاً: إن بلالاً قد شعر بهذا الشيطان حين جاء إليه، وصار يهدئه، حسبما صرحت به الرواية، فلماذا لم يسأله ـ بلال ـ عن نفسه من هو؟..
وكيف اطمأن واستسلم إليه، إلى حد أنه جعل يهدئه كما يهدئ الصبي حتى ينام؟!.. مع أنه شخص غريب عنه، ولا يعرف عنه شيئاً؟!
وألم يكن المفروض ببلال أن ينذر النائمين بوجود هذا الغريب؟!
وأليس ذلك هو مهمته التي سهر من أجلها؟!
ثانياً: إن الرواية تقول: إن الشيطان قد جاء إلى بلال وهو يصلي، وصار يهدئه حتى ينام، مع أن الروايات المتقدمة صرحت: بأن بلالاً قد صلى ما شاء الله أن يصلي، ثم أسند ظهره إلى بعيره، واستقبل الفجر يراقبه، فغلبته عينه، فنام..
ثالثاً: بالنسبة لخروجهم من ذلك الوادي الذي كان به شيطان نسأل: لماذا لم يهرب الشيطان من ذلك الوادي بمجرد وصول رسول الله "صلى الله عليه وآله" إليه؟!..
وهل لذلك الشيطان دور في نومه "صلى الله عليه وآله" عن صلاته؟!.. وكيف يكون له دور في ذلك، والله تعالى يقول: ?إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ?؟!([17]).
رابعاً: أين كان عمر بن الخطاب آنذاك؟!
أليس يقولون: إن النبي "صلى الله عليه وآله" قال له: إن الشيطان ليخاف منك يا عمر؟!([18]) أو: ما لقيك الشيطان قط سالكاً فجاً إلا سلك فجاً غير فجك؟!([19]).
بل إن شياطين الجن والإنس يفرون منه([20]) كما رووا عنه "صلى الله عليه وآله"؟!
فلماذا لم يسلك هذا الشيطان المزعوم فجاً آخر غير ذلك الوادي، ألم يعلم: أن عمر قد نزل فيه؟!
إلا أن يقال: إن الشيطان قد استغل فرصة نوم عمر لينال من بلال!!
خامساً: لماذا يأمر النبي "صلى الله عليه وآله" أصحابه بالخروج من الوادي، لأن فيه شيطاناً؟! أليس في ذلك تخويف لهم من الشيطان إلى حد أنه "صلى الله عليه وآله" يحملهم على الهروب من الوادي!!
ألم يكن الأنسب أن يقويهم، ويرفع من معنوياتهم ضد ذلك الشيطان؟! ويعلِّمهم ما يوجب خزيه وهروبه؟!
رد الشمس لعلي × في خيبر:
وذكروا: أن الشمس قد ردت ـ بعدما غربت ـ لعلي "عليه السلام" في الصهباء، قرب خيبر([21]).
وفي بعض الروايات: أنه "صلى الله عليه وآله" كان مشغولاً بقسم الغنائم في خيبر.
وفي نص آخر: كان النبي "صلى الله عليه وآله" قد أرسله في حاجة فعاد، فنام "صلى الله عليه وآله" على ركبته، وصار يوحى إليه.. فغابت الشمس، أو كادت.
وفي بعض الروايات: أنها قد ردت إليه مرات عديدة، وقد ذكرنا تفصيل ذلك في كتابنا: "رد الشمس لعلي ×"، فراجع.
غير أننا سوف نكتفي هنا: بالإلماح إلى نقاط يسيرة، حول ما كان في غزوة خيبر، فنقول:
رواة حديث رد الشمس:
إن حديث رد الشمس لعلي "عليه السلام" في المواضع المختلفة قد روي عن ثلاثة عشر صحابياً، وقد وردت رواية اثني عشر منهم في مصادر أهل السنة أيضاً. وهم:
1 ـ علي أمير المؤمنين "عليه السلام".
2 ـ والإمام الحسين "عليه السلام".
3 ـ وأسماء بنت عميس.
4 ـ وأبو هريرة.
5 ـ وأبو ذر.
6 ـ وأم هانئ.
7 ـ وعبد خير.
8 ـ وأم سلمة.
9 ـ وجابر بن عبد الله الأنصاري.
10 ـ وأبو سعيد الخدري.
11 ـ وسلمان.
12 ـ وأنس.
13 ـ وأبو رافع مولى رسول الله "صلى الله عليه وآله"([22]).
وهذا الحدث متواتر، فلا حاجة إلى امتكم حول اسانيده وقد صححه، أو حسنه عدد من الحفاظ، من علماء أهل السنة أنفسهم، مثل الطحاوي، وعياض، وأبي زرعة، والطبراني، وأبي الحسن الفضلي، والقسطلاني، ودحلان، وغيرهم([23]).
وقال الدياربكري: وهذا حديث ثابت الرواية عن ثقات([24]).
بل قال بعضهم: يتعذر الحكم على هذا الحديث بالضعف([25]).
لماذا لم تنقل الأمم ذلك؟!
وقد حاولوا التشكيك بهذ الحادثة، بأن الشمس لو ردَّت بعدما غربت لرآها المؤمن والكافر، وهو أمر غريب تتوفر الدواعي على نقله، فالمفروض أن ينقله جماعةكثيرة من الأمم المختلفة([26]).
والجواب:
أولاً: إن الدواعي لدى كثير من أهل الإسلام كانت متوفرة على كتمان هذا الحديث، لأنه مرتبط بعلي أمير المؤمنين "عليه السلام"، الذي سبوه حوالي ألف شهر على منابرهم، ولم يدخروا وسعاً في تصغير قدره، وإبطال أمره، والتشكيك بفضائله، وإنكار مقاماته إن أمكنهم ذلك.
ورغم ذلك، فإن هذه الحادثة قد نقلت عن ثلاثة عشر صحابياً.
ثانياً: إن الشمس قد حبست ليوشع بالاتفاق، وهو حدث كوني أيضاً، وإنما وصل إلينا خبر ذلك بواسطة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم([27]). ولم تنقله الأمم في كتاباتها، ولا أهل الأخبار في مروياتهم.
وقد عبرت بعض الروايات: بحبس الشمس لعلي "عليه السلام"..
كما أن بعضها قال: إن الشمس حين رُدَّت، كانت قد غابت، أو كادت تغيب([28]).
فلماذا لا يقال: إن الشمس حبست في بعض المرات، وردَّت في بعضها الآخر، في وقت كان نورها لا يزال غامراً للأفق، فلم يلتفت الناس إلى ما جرى، إلا الذين كانوا يراقبونها، كأولئك الذين جرت القضية أمامهم، ويريد الله ورسوله أن يريهم هذه الكرامة لعلي "عليه السلام"..
ثالثاً: سيأتي إن شاء الله تعالى: أن حصول هذا الأمر كان على سبيل الكرامة والإعجاز الإلهي، وإنما يجب أن يري الله تعالى معجزته لمن أراد سبحانه إقامة الحجة عليه وإظهار كرامة له، كما سيتضح.
لم تحبس الشمس إلا ليوشع:
وزعم أبو هريرة: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قال: لم تحبس الشمس على أحد إلا ليوشع، أو نحو ذلك. وقد تمسك البعض بهذا الحديث لإنكار حديث رد الشمس([29]).
ويرد عليه:
أولاً: إن أبا هريرة لا يؤتمن فيما يرويه على علي "عليه السلام"، كيف وقد ضرب على صلعته في باب مسجد الكوفة، ثم روى لهم حديث: من أحدث في المدينة أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله. ثم شهد بالله أن علياً "عليه السلام" أحدث في المدينة([30]).
مكذباً بذلك آية التطهير، وجميع أقوال النبي "صلى الله عليه وآله" في حق علي "عليه السلام"، مثل أن علياً مع الحق والحق مع علي، ونحو ذلك..
ومن جهة أخرى، فقد روي عن علي "عليه السلام" قوله: ألا إن أكذب الناس، أو أكذب الأحياء على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، أبو هريرة([31]).
وقد وضع معاوية قوماً من الصحابة والتابعين على رواية أخبار قبيحة في علي "عليه السلام"، تقتضي الطعن فيه، والبراءة منه، وجعل لهم على ذلك جُعلاً يرغب فيه، فاختلقوا ما أرضاه. منهم أبو هريرة([32]).
ثانياً: لو صح هذا الحديث، فلعل أبا هريرة قد دلس فيه، ورواه عن شخص آخر. ويكون صدور هذا الحديث عن النبي "صلى الله عليه وآله" قبل رد الشمس لعلي "عليه السلام" في خيبر وفي بدر..
ثالثاً: إن هذا الحديث لو صح: فإنما ينفي حبس الشمس لغير يوشع، ولا ينفي ردها..
رابعاً: قد روي حبسها لرسول الله "صلى الله عليه وآله" صبيحة الإسراء، وفي الخندق([33]).
خامساً: قد حبست الشمس، وردَّت لغير رسول الله "صلى الله عليه وآله" أيضاً، فقد روي: أنها حبست لداود "عليه السلام".
وردت لسليمان "عليه السلام".
وحبست لموسى "عليه السلام".
وزعموا: أنها حبست لأبي بكر.
وحبست في أيام حزقيل.
وزعموا: أنها حبست للحضرمي([34]).
سادساً: قال الشافعي: إن الشمس إذا كانت قد حبست ليوشع ليالي قتال الجبارين، فلابد أن يقع نظير ذلك في هذه الأمة أيضاً([35]).
الذين يرون المعجزة:
وبعد.. فإن الذين يجب أو يمكن أن يروا المعجزة هم:
إما الصفوة الأخيار، الذين تزيدهم يقيناً وإيماناً.
وإما الذين يراد إقامة الحجة عليهم، أو ردّ التحدي الوارد من قبلهم، وتحطيم كبريائهم، وبغيهم.
ويراها أيضاً أولئك الذين خدعوا بهؤلاء، من أجل تعريفهم بزيفهم، وبباطلهم، وجحودهم..
وأما الآخرون الغافلون فقد يجب أن لا يراها الكثيرون منهم، وهم الذين يصابون بالخوف، والهلع، الذي يُفقِدُ إيمانهم قدرته على التأثير في جلب المثوبة لهم، لأن المناط في جلب المثوبة هو الإختيار، البعيد عن أجواء الإلجاء، والاضطرار، ليكون إيماناً مستنداً إلى الوعي والالتفات، وإلى القناعة الناتجة عن روية وتبصر، وعن تأمل وتفكر، ووعي وتدبر.
إختلال النظام الكوني:
وقد زعموا أيضاً: أن رد الشمس لعلي "عليه السلام" غير ممكن، لأنه يوجب اختلال الأفلاك([36]).
ونقول:
أولاً: إن أمر الكون بيد الله تعالى، فهو يخضعه للمعجزة، دون أن يوجب حدوثها أي اختلال في نظامه.. لأن صانع المعجزة هو إله قادر عالم حكيم.. وليس عاجزاً ولا جاهلاً.
ثانياً: إن هذا الكلام لو صح للزم تكذيب جميع المعجزات التي لها ارتباط بالنظام الكوني، ومن ذلك معجزة انشقاق القمر. ومعجزة حبس الشمس ليوشع. وغير ذلك..
لو ردت لعلي × لردت للنبي ':
وقالوا: لو ردت الشمس لعلي "عليه السلام" لردت للنبي "صلى الله عليه وآله"، حينما نام هو وأصحابه عن صلاة الصبح في الصهباء، وهو راجع من غزوة خيبر نفسها([37]).
ونقول:
أولاً: تقدم: أن حديث نوم النبي "صلى الله عليه وآله" عن صلاة الصبح لا يمكن قبوله.
ثانياً: تقدم أيضاً: أن الشمس ردت على رسول الله "صلى الله عليه وآله" في غزوة الخندق وغيرها، وحبست له "صلى الله عليه وآله" حين الإسراء.
وتقدم أيضاً: أنها ردَّت وحبست لغيره من الأنبياء والأوصياء السابقين..
بل زعموا: أن ذلك قد حصل لغير هؤلاء أيضاً من هذه الأمة، حيث تقدم أنهم زعموا: أنها حبست للحضرمي، ولأبي بكر أيضاً.
ثالثاً: قال الخفاجي: "إنما ردت إلى علي "عليه السلام" ببركة دعائه "صلى الله عليه وآله". مع أن كرامات الأولياء في معنى معجزات الأنبياء".
إلى أن قال: "مع أن المفضول قد يوجد فيه ما لا يوجد في الفاضل. كما يلزم منه القول بعدم حبسها ليوشع"([38]).
ولعله يقصد بقوله: قد يوجد في المفضول ما لا يوجد في الفاضل: أن بعض المصالح قد توجب حدوث أمر للمفضول، ولا يكون هناك ما يوجب حدوثه للفاضل..
فإذا كان هناك من سوف يعاند علياً "عليه السلام" في إمامته، وفي خصوصيته، وفي أفضليته على البشر جميعاً، باستثناء رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فإن الله يختصه بكرامات تثبت لهم ذلك كله، وتقيم عليهم الحجة فيهم، فيولد علي "عليه السلام" في الكعبة، ولا يولد رسول الله "صلى الله عليه وآله" فيها، ويقلع علي "عليه السلام" باب حصن خيبر، وترد له الشمس و.. و.. الخ.. ولا يكون هناك ما يقتضي حدوث ذلك لرسول الله "صلى الله عليه وآله"..
علي × لا يترك الصلاة:
وقالوا: إن علياً "عليه السلام" أجلُّ من أن يترك الصلاة([39]). فإذا ورد ما ينسب ذلك إليه، فلابد من ردِّه.
ونقول:
أولاً: صرح النص الذي ذكر رد الشمس لعلي "عليه السلام" في منزل رسول الله "صلى الله عليه وآله" في المدينة، بأن علياً "عليه السلام" قد صلى إيماءً، وأراد الله أن يظهر كرامته، فردها عليه ليصلي صلاة المختار.
ثانياً: ذكرت بعض النصوص: أن الله تعالى رد الشمس عليه، أو حبسها له بعدما كادت تغرب.
وهذا معناه: أن صلاة العصر لم تكن قد فاتته، لأن وقتها يمتد إلى وقت غروب الشمس.
وقد قال ابن إدريس في السرائر: "ولا يحل أن يعتقد أن الشمس غابت، ودخل الليل، وخرج وقت العصر بالكلية، وما صلى الفريضة "عليه السلام"، لأن هذا من معتقِدِه جهل بعصمته "عليه السلام"، لأنه يكون مخلاً بالواجب المضيق عليه. وهذا لا يقوله من عرف إمامته، واعتقد بعصمته"([40]).
وعلى كل حال: فإن مناوئي علي "عليه السلام" قد سعوا بكل ما لديهم من طاقة وحول إلى إبطال هذه الكرامة الكبرى له "عليه السلام"، أو إثارة الشبهات والتشكيكات حولها، ولكن الله يأبى إلا أن يتم نوره، ولو كره الشانئون، والحاقدون، والحاسدون لعلي "عليه السلام"، وللأئمة الطاهرين من ولده "عليهم السلام"..
فمن أراد الاطلاع على المزيد مما يرتبط بهذا الموضوع، فليرجع إلى كتابنا الموسوم بـ: "رد الشمس لعلي عليه السلام"، والله الموفق، وهو الهادي إلى سواء السبيل.
عصى الرسول ' فوجد ما يكره:
ولما انتهى رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى الجرف ليلاً، نهى أن يطرق الرجل أهله ليلاً، فطرق رجل أهله، فرأى ما يكره، فخلى سبيلها ولم يهجر، وضَنَّ بزوجته أن يفارقها، وكان له منها أولاد، وكان يحبها، فعصى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ورأى ما يكره([41]).
جبل أحد يحبنا ونحبه:
قالوا: ولما نظر رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى جبل أحد، قال: "هذا جبل يحبنا ونحبه، اللهم إني أحرم ما بين لابتَي المدينة"([42]).
ونقول:
1 ـ قد يحب الإنسان جبلاً أو مكاناً بعينه، باعتبار أنه مصدر أنس له، لكونه يتلذذ بمنظره، أو لأجل ذكريات عزيزة كانت له فيه، أو ما إلى ذلك.. ولكنها تبقى حالة مرتبطة بالفرد، وبمشاعره الشخصية، ولا تتعداه إلى غيره..
ولا نرى أن حب النبي "صلى الله عليه وآله" لجبل أحد كان من أجل هذا أو ذاك، بل هو حب يتناسب مع أهدافه "صلى الله عليه وآله"، ومع ما يفيد في تأييد هذا الدين، وزيادة اليقين.
2 ـ يضاف إلى ذلك: أنه "صلى الله عليه وآله" لم يحصر الأمر بنفسه الشريفة، بل هو تحدث عن نفسه وعن غيره، فقال: نحبه، ولم يقل: أحبه. وقال: يحبنا. ولم يقل: يحبني.
وهذا يؤكد على أن في جبل أحد خصوصية ومعنىً يجعل الإنسان المؤمن يحب هذا الجبل.. فما هي تلك الخصوصية، وما هو ذلك المعنى يا ترى؟!
وربما يفيد في الإجابة على هذا السؤال القول: بأن هذا الجبل كان يحتضن أجساداً طاهرة لشهداء أحد، وفي مقدمتهم أسد الله وأسد رسوله الشهيد حمزة بن عبد المطلب، عم رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وقد كانت الزهراء "عليها السلام" تزور قبورهم بصورة رتيبة ودائمة، وقد صنعت سبحتها من تراب قبر حمزة "عليه السلام".
كما أن لجبل أحد ارتباطاً ظاهراً بوقائع حرب أحد، فإن الاستناد إليه قد وفَّر مانعاً لجيوش الشرك من الالتفاف على أهل الإيمان، والإيقاع بهم.
فلأجل هذا وذاك لابد أن تتعلق به قلوب المؤمنين، وأن يحبوه، وأن يقصدوه لزيارة الأولياء والشهداء.
3 ـ وأما أن جبل أحد يحب النبي "صلى الله عليه وآله" والمسلمين، فذلك أمر قد يصعب إدراكه للوهلة الأولى، غير أن مما لا شك فيه: أن كل شيء يتعامل معه الإنسان بروح الاستقامة والطهر، والتقوى، يتأثر إيجاباً بالصلاح وبالطهر، والتقوى، وكذلك يتأثر سلباً بالفساد والإفساد، فإن لخبث الباطن ولطهره تأثيرهما على الأرواح والأجساد، بل على النَّفَس الذي يتنفسه، وعلى الأشياء التي يلامسها. وعلى الهواء الذي يستنشقه وما إلى ذلك..
ولعل في بعض الآيات الشريفة إشارات إلى ذلك أيضاً، فلاحظ قوله تعالى: ?ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ..?([43]) وغير ذلك من آيات..
وفي الأحاديث الشريفة التي تتحدث عن آثار الأعمال وعن تأثيراتها في الأمور الخارجية الكثير مما يدل على ذلك، فبسبب الأعمال الصالحة يكون النماء والبركة، وبسبب الأعمال السيئة تسلب البركة، وتشح الأرزاق، وتظهر الأسواء في كل اتجاه.. بل إن للنوايا الصالحة والسيئة تأثيراتها في ذلك أيضاً..
ولا شك أن ما ترتاح إليه الموجودات وتنتعش فيه، وتمتلئ حيوية ونشاطاً هو ما ينسجم مع طبيعتها، ومع الهدف الذي أوجدها الله تعالى من أجله..
ومن جهة أخرى فإن الآيات قد دلت على أن للجبال خشية وخشوعاً إلى حد التصدع، وإلى أن لها تأويباً وتسبيحاً، وإلى أن تجلي شيء من عظمة الله تعالى للجبل يجعله دكاً..
إلى غير ذلك مما ألمحت إليه وصرحت به الآيات والروايات الشريفة، فلا غرو إذن إذا كان جبل أحد يحب النبي "صلى الله عليه وآله"، ويحب المؤمنين، ويبغض أهل الكفر والجحود، ويمقت المنحرفين والفاسقين..
الفصل الثاني:
سرايا بين وادي القرى وعمرة القضاء
سرية عمر إلى تربة:
يقول المؤرخون: إنه في شعبان سنة سبع بعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" عمر بن الخطاب في ثلاثين رجلاً إلى بني نصر بن معاوية، وبني جشم بن بكر. وهم الذين يقال لهم: "عجزُ هوازن"([44])، أرسله إلى موضع يقال له: تربة، على أربع ليال من مكة، على طريق صنعاء ونجران([45]).
لكن هناك من يقول: إنه واد على يومين من مكة، يصب في بستان ابن عامر([46]).
فخرج بهم عمر، ودليله رجل من بني هلال، فكانوا يسيرون بالليل، ويكمنون بالنهار. وأتى الخبر هوازن فهربوا.
وجاء عمر إلى محالهم، فلم يلق منهم أحداً.
وانصرف راجعاً إلى المدينة، فلما كان بالجَدْر ـ موضع على ستة أميال من المدينة ـ قال له الهلالي: هل لك في جمع آخر تركته من خثعم، جاؤوا سائرين قد أجدبت بلادهم؟!
فقال عمر: لم يأمرني رسول الله "صلى الله عليه وآله" بهم، إنما أمرني أن أصمد لقتال هوازن بتربة. وواصل طريقه إلى المدينة([47]).
ونقول:
لنا ملاحظات عديدة، نذكر منها ما يلي:
1 ـ إننا نعطي الحق لعمر في امتناعه عن مهاجمة الخثعميين، الذين لم يأمر النبي "صلى الله عليه وآله" بشيء في شأنهم، ونود أن يكون الحفاظ على حرفية أوامره "صلى الله عليه وآله" هو الداعي له إلى ذلك، وليس هو الخوف من أن يحيق به مكروه في ساحات الحرب والنزال، فقد تعودنا منه النكوص والإحجام عن مثل هذه الساحات..
ولعل ما يعزز هذا الاحتمال الأخير: أننا وجدناه لا يلتزم بحرفية الأوامر في كثير من المواقع والحالات، بل هو يصر على مخالفتها. ومن ذلك تمرده على أوامر النبي يوم الحديبية وقبلها ومنعه للنبي "صلى الله عليه وآله" من كتابة كتاب لا تضل الأمة بعده أبداً، وقوله: إن النبي غلبه الوجع، أو إن النبي ليهجر، أو نحو ذلك..
وقد تقدم عن قريب، كيف أنه يأمر بقتل يهودي، وجده في نوبة حراسته، دون أن يراجع النبي "صلى الله عليه وآله" في ذلك.
2 ـ إن مشورة ذلك الدليل على عمر بمهاجمة الخثعميين تشير إلى أن هؤلاء كانوا يظنون أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان يرسل هذه السرايا لأجل السلب والنهب، والقتل، والأسر.. مع أن الأمر ليس كذلك، بل الهدف هو دفع العدوان حين يتبين له "صلى الله عليه وآله" أنهم يخططون، ويدبرون لهذا الأمر، ويجمعون الجموع له..
3 ـ إن توصيف الموضع الذي قصده عمر بن الخطاب يدل على أنه بعيد كثيراً عن المدينة، وأن الوصول إليه يتطلب السير الحثيث لعدة أيام.
فإذا فرض أن هؤلاء القوم كانوا يدبرون ويجمعون لشن الغارات على المدينة، أو على أطرافها، أو على جماعات من المسلمين الذين كانوا في مناطق قريبة لهم.. فلابد أن يكون عددهم كثيراً، يمكِّنهم من القيام بأمثال تلك التحرشات الخطيرة. فما معنى أن يهربوا، ويخلوا أماكنهم بمجرد سماعهم بأن ثلاثين راكباً يقصدونهم؟!
بل إنهم حتى لو لم يكونوا قد حشدوا واجتمعوا، فإن هروب هوازن من ثلاثين راكباً ليس له ما يبرره، خصوصاً وأن أمير السرية هو عمر بن الخطاب، وليس علي بن أبي طالب "عليه السلام"، أسد الله الغالب، الذي كان يعرف كل أحد أن مواجهته في أي موقع، وموقف لن تعود عليه بالخير.. وقلعه لباب خيبر، وقتله لمرحب فارس اليهود، ولعمرو بن عبد ود، فضلاً عما سوى ذلك، لا يزال الناس يتداولونه، ويتناقلونه في مجالس الأسمار والأسحار..
4 ـ إن إرسال سرية بهذا العدد القليل والضئيل إلى تلك البلاد البعيدة، التي يتمكن الأعداء من محاصرتها بكثراتهم، وقطع المدد عنها، ومنعها من الاتصال بالمدينة، التي هي مصدر قوتها، ثم الإيقاع بها، والقضاء عليها بسهولة.. إن ذلك أمر غير عقلائي، ولا يتوقع صدوره من عقل الكل، ومدبر الكل، وهو رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
ولم يكن لدى عمر صيت ذائع في الشجاعة، لترهبه الأبطال، وتهرب من وجهه الجموع.
ولا نظن أنه كان لديه من الشجاعة والإقدام ما يدفعه إلى الإقدام على مخاطرة من هذا القبيل.. وقد تعودنا منه الفرار من الزحف، والنكوص عن منازلة الأقران في أكثر من موقف وموقع.. على الرغم من وجود المسلمين ورسول الله "صلى الله عليه وآله" معه، أو بالقرب منه..
ولأجل ذلك كله نقول:
لو صح أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد أرسل سرية بهذه المواصفات، فلابد أن تكون سرية استطلاع واستكشاف، لا سرية قتال ونزال..
أو يقال: إن النبي "صلى الله عليه وآله" كان يعلم بأن أحداً سوف لا يجرؤ على التعرض لسراياه، بعد أن رأى الجميع ما جرى في خيبر، فأرسل هذه السرايا ليظهر لهم حضوره في المنطقة، وهيمنته على الموقف..
سرية أبي بكر إلى نجد:
وقالوا: إنه في شعبان سنة سبع، بعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" أبا بكر إلى نجد، فبيَّت ناساً من هوازن، قال حمزة: فسبينا هوازن، وقال هشام: فسبى ناساً من المشركين، فقتلناهم.
قال سلمة بن الأكوع: فقتلت بيدي سبعة أهل أبيات، وكان شعارنا: أمت، أمت([48]).
ونقول:
إننا لا نستطيع أن نؤيد صحة هذه القصة، التي وردت على هذا النحو من الإبهام، والإيهام، حيث لم يذكر عدد أفراد تلك السرية، ولا الموضع الذي أرسلها النبي "صلى الله عليه وآله" إليه من نجد، ولا السبب الذي أرسلت تلك السرية من أجله، ولا.. ولا.. الخ..
خصوصاً ونحن نرى سلمة بن الأكوع يتحدث عن نفسه، ويسطِّر لها البطولات الخارقة، التي لم يذكرها له أحد سواه، ولكنها ليست بطولات في ساحات الحرب والنزال، بل هي صولات على أسرى مغلولي الأيدي، لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً.
واللافت هنا: أنه حتى هذه الصولات على الأسرى لم يتحدث عنها، سوى سلمة بنفسه، فلم يذكر لنا أبو بكر، ولا أحد من أفراد تلك السرية شيئاً عن هؤلاء الذين قتلهم هذا البطل العظيم، الذي يريد أن يجعل مما ينسبه لنفسه حديث النوادي، ومجالس السمر، من أول الليل إلى وقت السحر!!
ثم إنه إذا كان سلمة قد قتل وحده سبعة أهل أبيات، فكم قتل غيره من أفراد تلك السرية يا ترى؟!
ولماذا لم يتحدث التاريخ لنا بالتفصيل عن هذا الحدث الكبير؟!
وهل جاؤوا بغنائم؟! وما هو مقدارها؟!
ولماذا أجمل حمزة الكلام، فأشار إلى السبي بصورة مطلقة؟!
بل إن كلمة حمزة ظاهرة في أنهم قد سبوا معظم هوازن، حيث قال: فسبينا هوازن، وهذا حدث عظيم، فلماذا لم يذكره غير حمزة؟!
بطولات سلمة بن الأكوع:
وذكر سلمة هنا أيضاً: أنه لقي جماعة منهم يهربون إلى الجبل، فرمى بسهم بينهم وبين الجبل، فوقفوا، فأتى بهم إلى أبي بكر يسوقهم، وفيهم امرأة من بني فزارة مع ابنة لها من أحسن العرب، فأخذ أبو بكر ابنتها، وقدموا المدينة، وما كشف لها ثوباً.
فلقيه النبي "صلى الله عليه وآله" في السوق مرتين في يومين، فطلبها منه رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال: هي لك يا رسول الله.
فبعث بها إلى مكة، ففدى بها ناساً من أسرى المسلمين([49]).
ونقول:
إن هذه القصة بعينها ـ تقريباً ـ قد تقدمت في غزوة أم قرفة، التي يقال: إنها كانت في شهر رمضان من سنة ست، وقد ذكرنا هناك ما يشير إلى عدم إمكان الاطمينان إلى صحتها، فراجع..
قتل سبعة أهل أبيات:
ربما يقال: إن قول بعضهم: فسبى ناساً من المشركين فقتلناهم، فقتلت بيدي سبعة أهل أبيات من المشركين يدل على أنهم قتلوا أولئك الذين وقعوا في السبي، فيأتي السؤال أولاً عن سبب قتلهم بعد سبيهم.
ثانياً: هل قتل سبعة أهل أبيات بما في ذلك النساء والرجال والشيوخ والأطفال؟ أم اقتصر القتل على المقاتلين منهم؟!
وقد يجاب، بأنه:
ربما لم يقتلهم بعد سبيهم، إذ يمكن أن يكون الضمير وهو كلمة "هم" في قوله: "فقتلناهم" عائداً على المشركين الذين أرسلوا للإغارة عليهم.
وهو جواب ضعيف يخالف ظاهر الكلام، كما هو واضح.
أو يقال: إنها تطلق على خصوص سبي النساء، لكن يصح إطلاقها أيضاً على كل من يؤخذ حياً من الأعداء بما في ذلك الرجال والنساء.
ويشهد له قول علي "عليه السلام" لما اعترض البعض عليه لعدم إقدامه على أخذ سلب عمرو بن عبد ود، وهو أنفس سلب: كرهت أن أبزَّ السبي ثيابه.
فعبر عن الذي قد استولى عليه وقهره، ثم قتله بأنه سبيّ.
فقوله: سبى ناساً من المشركين معناه: أنه أسر ناساً منهم.. وربما يكون في جملتهم نساء وشيوخ، وأطفال أيضاً.
وبعدما تقدم نقول:
يحتمل أن يكون سلمة قد قتل سبعة أهل أبيات بما في ذلك النساء، والرجال، والشيوخ، والأطفال، وإن لم يقاتله إلا رجالهم، ويحتمل أن يكونوا قاتلوه نساءً ورجالاً وأطفالاً، فقتلهم من أجل ذلك.
سرية بشير بن سعد إلى فدك:
ويذكرون أيضاً: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" بعث في شعبان سنة سبع بشير بن سعد في ثلاثين رجلاً إلى بني مرة بفدك، فلقي رعاتهم فسألهم عنهم، فقالوا: هم في بواديهم (أو نواديهم، أو واديهم). والناس يومئذ شاتون، لا يحضرون الماء.
فاستاق النعم والشاء، وعاد بها إلى المدينة، فخرج الصريخ، فأدركوه عند الليل، فباتوا يرامونهم بالنبل، حتى فنيت نبل أصحاب بشير، وأصبحوا، وحمل بنو مرة عليهم، فقتل من أصحاب بشير من قتل، وهرب من هرب، (وقتل كثير من الصحابة).
وقاتل بشير قتالاً شديداً حتى ارتث، وضرب كعبه، ووقع في القتلى، وقيل: قد مات.
ورجع بنو مرة بنعمهم، وشائهم إلى بلدهم..
ووصل خبر ما جرى إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، أوصله إليه علبة بن زيد الحارثي.
وأمهل بشير بن سعد، وهو في القتلى، فلما أمسى تحامل حتى أتى فدكاً، فأقام عند يهودي بفدك أياماً حتى ارتفع من الجراح، ثم رجع إلى المدينة([50]).
فلما علم رسول الله "صلى الله عليه وآله" بما جرى، قرر اتخاذ موقف حاسم، فكانت:
سرية غالب الليثي إلى فدك:
فقد ذكروا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" هيأ الزبير بن العوام، فقال له: سر حتى تنتهي إلى مصاب أصحاب بشير، فإن ظفرك الله بهم فلا تبقِ فيهم (وأمره أن يستأصلهم).
وهيأ معه مائتي رجل، وعقد له اللواء، فبينما هو على ذلك إذ قدم غالب بن عبد الله من الكديد، بعد أن ظفره الله، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله" للزبير: اجلس.
وبعث غالب بن عبد الله في مائتي رجل، كان فيهم أسامة بن زيد، وكعب بن عجرة، وعلبة بن زيد، وغيرهم.
فلما دنا غالب من بني مرة بعث الطلائع، فبعث علبة بن زيد في عشرة ينظر إلى جماعة منهم في محالّهم، فرجعوا إليه، فأخبروه. فأقبل غالب يسير، حتى إذا كان منهم بمنظر العين ليلاً، وقد احتلبوا، وعطنوا([51])، وهدأوا، خطب أصحابه. ثم ألف بين كل رجلين، وشرط أن لا يفارق كل رجل زميله.
ثم كبر وكبروا، وأخرجوا السيوف، فخرج إليهم الرجال، فقاتلوا ساعة، فوضعوا السيوف فيهم حيث شاؤوا.
وفي نص آخر: أغاروا عليهم مع الصبح، وقاتلوا قتالاً شديداً، وقتل كثير من المشركين، وأخذ المسلمون كثيراً من الأسارى، والإبل والغنم، فكانت سهام كل رجل عشرة أبعرة، أو عدلها من الغنم، (كل جزور بعشرة من الغنم).
وخرج أسامة بن زيد في أثر رجل منهم، يقال له: نهيك بن مرداس فأبعد.
ثم أخذوا النعم، والنساء، فقال غالب: أين أسامة؟!
فجاء بعد ساعة من الليل، فذكر لهم: أنه لحق برجل، حتى إذا رهقه بالسيف قال: لا إله إلا الله.. ولكن أسامة قتله رغم ذلك.
قال أسامة: فأتيت إلى المدينة، فاعتنقني رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وقبَّلني، واعتنقته.
ثم ذكر أنه أخبره بما جرى، فقال "صلى الله عليه وآله": قتلته يا أسامة، وقد قال: لا إله إلا الله؟.
قال فجعلت أقول: يا رسول الله، إنما قالها تعوذاً من القتل.
فقال "صلى الله عليه وآله": ألا شققت قلبه، فتعلم أصادق هو أم كاذب؟!
فقال أسامة: لا أقتل أحداً يقول لا إله إلا الله. قال أسامة: وتمنيت أني لم أكن أسلمت إلا يومئذٍ([52]).
ومن جهة أخرى: فقد روي عن المقداد بن عمرو، قال: قلت يا رسول الله: أرأيت رجلاً من الكفار يقاتلني، وضرب إحدى يديَّ بالسيف فقطعها، ثم لاذ مني بشجرة، فقال: أسلمت لله، أقتله بعد أن قالها؟!
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": لا تقتله.
قال: فإني قتلته، فماذا؟!
قال: فإنه بمنزلتك التي كنت بها قبل أن تقتله، وأنت بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال([53]).
ونقول:
إن لنا مع ما تقدم وقفات عديدة، نكتفي منها بما يلي:
أين تقع فدك؟!
ذكر بعضهم: أن المقصود بفدك هنا: قرية بينها وبين المدينة ستة أميال([54]).
وهو كلام غير دقيق، فإن فدكاً تقع على بعد يومين أو ثلاثة من المدينة.
بل في بعض النصوص: أنها على ستة ليال من المدينة([55]).
لماذا ثلاثون رجلاً؟!:
ويعود السؤال ليطرح نفسه من جديد، ولكنه مزود هذه المرة بالشاهد القوي، والقاطع للعذر، فيقول: إذا كان التغلب على بني مرة في فدك يحتاج إلى مائتي مقاتل، كما ظهر من تجهيز هذا العدد بقيادة غالب بن عبد الله، فلماذا يرسل النبي "صلى الله عليه وآله" إليهم بشير بن سعد في ثلاثين رجلاً فقط؟!
وإذا كان بنو مرة قد واجهوا المائتين، وقاتلوهم، فهل سوف يتركون ثلاثين رجلاً يستاقون نعمهم، دون أن يلاحقوهم، وينزلوا بهم ضرباتهم القوية والمهلكة؟!
ويزداد هذا الأمر وضوحاً إذا لوحظ: أن المقصود بالهجوم هو أناس يبعدون عن المدينة مسافات طويلة، تحتاج إلى مسير ثلاثة أيام!!
فكيف إذا كانوا في محيط اليهود المعروفين بغدرهم وخياناتهم، وبحقدهم على أهل الإسلام؟! وبالأخص إذا كان ذلك قد حصل بعد أن أوقع المسلمون بهم، وهزموهم شر هزيمة؟!
أهداف تلك السرية:
قلنا أكثر من مرة: إننا لا نتعقل أن يكون هدف النبي "صلى الله عليه وآله" من إرسال تلك السرايا هو مجرد الإيقاع بالناس، وقتل رجالهم، وسبي نسائهم وأطفالهم، واستياق مواشيهم، واستلاب أموالهم من دون دعوة مسبقة لهم إلى الله تعالى، كما هي عادته "صلى الله عليه وآله"..
حتى إنه "صلى الله عليه وآله" في آخر غزواته ليهود وادي القرى، كان يعاود الدعوة لهم عند كل صلاة، وبعد قتل كل رجل منهم([56])، فما معنى أن يرسل بالسرايا لتغير على الآمنين، وتأخذ الناس على حين غرة، وتقتلهم، وتسبي نساءهم وأطفالهم، وتأخذ أموالهم، وتستاق مواشيهم؟!
إننا من خلال كل ما قدمناه وسواه نرى: أن هذه السرايا هي سرايا دعوة إلى الله، وبعضها كانت مهمته الرصد والرقابة.. حتى لا يؤخذ المسلمون على حين غرة.
إمكان نجاة السرية من القتل:
ذكر النص المتقدم: أن بني مرة لحقوا المسلمين في أول الليل، فباتوا يرامونهم بالنبل، حتى فنيت نبال أصحاب بشير..
والسؤال هو: لماذا لم يغتنم أصحاب بشير الفرصة، ويتخذوا الليل جملاً للنجاة بأنفسهم، إذا كانوا يعلمون أنهم لا يقدرون على المواجهة؟! وأن مصيرهم سيكون هو البوار والدمار؟!
إذ إنهم بعد أن فني نبلهم ليلاً لابد أن يعرفوا: أنهم في خطر أكيد، وضيق شديد، فإما أن يستعملوا خطة أخرى، أو أن يتحيزوا إلى فئتهم، لكي يأتوا بقوة قادرة على حسم الأمور لصالحهم.
من هم القتلى؟!:
وقد تعودنا من المؤرخين، ومن رواة المسلمين أن يذكروا أسماء قتلاهم في الحروب المختلفة، فراجع حرب بدر، وأحد، وخيبر، وغير ذلك، بل هم يذكرون أسماء القتلى من المشركين وغيرهم من أعدائهم أيضاً، فما بالهم لم يذكروا أسماء ولا عدد من قتل في سرية بشير بن سعد هذا؟!
ولابد أن تتنامى توقعاتنا لذلك، ونحن نرى مدى اهتمام النبي "صلى الله عليه وآله" بالانتقام لهم، حتى إنه يبادر إلى تجهيز جيش، وإرساله لهذا الغرض.
بشير بن سعد الجريح الناجي!!:
ونلاحظ هنا أيضاً: أن هذا الذي ذكروه عن بشير بن سعد، من أنه ضرب كعبه، فظنوا موته، ثم نجا بنفسه؛ قد ذكر ما يشبهه في سرية أخرى، هي سرية محمد بن مسلمة إلى بني ثعلبة في ذي القصة.. وجاء فيها:
أن النبي "صلى الله عليه وآله" بعث محمد بن مسلمة في عشرة إلى بني ثعلبة، فورد عليهم ليلاً، فكمن القوم حتى نام، ونام أصحابه، فأحدقوا بهم، وهم مائة رجل، فما شعروا إلا بالنبل وقد خالطتهم، فوثب ابن مسلمة، وعليه القوس، ووثب من معه، فتراموا بالنبل ساعة من الليل، ثم حملت الأعراب عليهم، فقتلت ثلاثة منهم، ثم قتلوا الباقين، ووقع ابن مسلمة جريحاً، فضرب كعبه فلم يتحرك.. فتركوهم..
ثم نجا محمد بن مسلمة بواسطة رجل مسلم مر على القتلى، فحمله حتى ورد به المدينة.
ثم إن النبي "صلى الله عليه وآله" بعث أبا عبيدة في أربعين رجلاً إلى مصارعهم، فلم يجد أحداً، فاستاق نعماً ورجع([57]).
وستأتي قضية أخرى تشبه هذه القضية أيضاً، وهي سرية ابن أبي العوجاء إلى بني سليم في سنة سبع.
ومثلها سرية ذات أطلاح أيضاً.
وهذا التشابه يلقي ظلالاً من الشك على صحة أكثر هذه النصوص.
قاتل حتى ضرب كعبه!!:
وورد في النص المتقدم كلام غير مفهوم، فقد قال: قاتل قتالاً شديداً حتى ضرب كعبه.
وقيل: قد مات..
فما هو ربط القتال الشديد بضرب الكعب؟!
وكيف أصبح ضرب الكعب هو أقصى شيء في القتال؟!
إلا أن يقال: إنه حين جرح، ضربوا كعبه، ليعرفوا موته من حياته، فلم يتحرك.
وقيل: قد مات.. ولذلك زاد الحلبي عبارة: "اختباراً لحياته"([58]) فراجع.
ولكن لماذا تم اختيار الكعب لمعرفة موته من حياته؟!
بل لماذا يضربون كعبه، ولا يضربونه بموضع قتَّال، فيحصل لهم اليقين بموته؟!
إلا إن كان لهم غرض بأسره ومفاداته، أو نحو ذلك..
لماذا عدل عن الزبير؟!:
لقد ذكر النص المتقدم: أن النبي "صلى الله عليه وآله" جهز الزبير أولاً، وعقد له اللواء، وأمره بالمسير إلى بني مرة، ولكنه عاد وأمره بالجلوس، واستبدله بغالب بن عبد الله من دون أن يفصح عن الداعي إلى ذلك..
رغم أن غالباً كان قد قَدِمَ لتوه من سرية أخرى، ولم يسترح من عناء السفر.. مع ملاحظة: أنهم لم يفصحوا لنا ـ أيضاً ـ عن أيِّ شيء يرتبط بتلك السرية التي عاد منها غالب!!
والسؤال هنا هو:
هل اعرض النبي "صلى الله عليه وآله" عن ارسال الزبير، لأن الزبير امتنع من القيام بهذه جبناً وخوراً، أو اعتذر عنها بمشاغل رأى أنها أهم من تنفيذ أمر رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟! فإن كان الأمر كذلك فلماذا لم يذكر لنا المؤرخون..
وإن كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" هو الذي انصرف عنه فالسؤال هو: هل وجد "صلى الله عليه وآله" من الزبير أي هناة تمنع من إرساله في مهمة كهذه؟!
أو أنه لم يكن أهلاً لقيادة سرية بهذه الحجم، ولها مهمة كهذه؟!
فإن كان الأمر من هذا القبيل أو ذاك، فلماذا قدمه أولاً؟
ألم يكن عالماً بعدم كفاءته، أو بالهنات التي صدرت منه؟!
وإن كان الأمر كذلك، فكيف يقدم على أمر لم يتثبت فيه، ولم يستكشف حقيقته؟! ويقف على ما ينبغي له أن يقف عليه؟!
وإن كان الزبير بريئاً من كل عيب، وكان كفؤاً للمهمة التي رُشِّح لها، فلماذا نحاه عنها؟!
ألا يعتبر ذلك بمثابة تشكيك في أهليته، أو الطعن في إخلاصه؟! فلماذا لم يقل أي شيء من شأنه أن يبعد الشبهة عنه؟!
أم أنه "صلى الله عليه وآله" أراد أن يتفاءل بالنصر الذي حصل للسرية السابقة، كما يوحي به قول الراوي: "فقدم غالب بن عبد الله من سرية قد ظفره الله عليهم"؟!
ولكن هل يصح أن يكون هذا التفاؤل بقيمة إثارة الشبهات حول الزبير، أو بقيمة تحقيره، وتصغير شأنه بين أقرانه؟!
على أن من يلاحظ السرايا وأمراءها، لا يجد للزبير ذلك النصيب الذي يتوقع من مثله!! ولاسيما فيما يتعلق بإمارة تلك السرايا، وكذلك الحال بالنسبة لعدد من أقرانه. فما هو السبب يا ترى؟!
الزبير.. وبشير بن سعد:
فهل المقصود من ذلك كله: هو تخصيص بشير بن سعد بالفضائل والكرامات، لأنه كان أول من بايع أبا بكر، وكسر شوكة ابن عمه سعد بن عبادة في يوم السقيفة؟!
أما الزبير، فكان معارضاً لهم، ومؤيداً لمن أبغضوه، وناوأوه، واغتصبوا حقه!! وإن كان قد انقلب بعد ذلك على عقبيه، فقاتل إمامه في حرب الجمل، بعد بيعته له، فقتل هو في تلك الحرب التي أثارها.
حرب إبادة:
وأغرب من ذلك كله، أن نجده "صلى الله عليه وآله" يصدر أمراً لقائد سريته، بإبادة بني مرة إن ظفر بهم.
فقد زعموا: أنه "صلى الله عليه وآله" قال له: "فإن ظفرك الله بهم لا تبقي فيهم.."([59]).
أو قالوا: أمره بأن "يستأصلهم".
فهل يمكن أن يصدر أمر كهذا من نبي الرحمة، الذي يقول بعد استشهاد عمه حمزة وعشرات من أصحابه في حرب أحد: "اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون"؟!
ولماذا هذه القسوة منه "صلى الله عليه وآله" على قوم قد جاءهم من انتهب منهم النعم والشاء، فهبُّوا لتخليصها واسترجاعها، ودفع المهاجمين عن أنفسهم؟!
ثم لماذا أصر المهاجمون والمغيرون على مواصلة الحرب مع بني مرة حتى قتلوا عن آخرهم؟! مع قصور الرواية التاريخية عن التصريح بشيء يدل على أن بني مرة
قد جمعوا لحرب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، أو تآمروا عليه، أو نقضوا عهده، أو ما إلى ذلك!!
الغنائم والأسرى:
وبعد.. فإنه إذا كان نصيب كل واحد من المقاتلين من الغنيمة عشرة أبعرة، فسيكون مجموع ما غنموه من بني مرة حوالي ألفي بعير، أو عدلها من الغنم، على أن يكون مقابل كل جزور عشرة من الغنم.
فأين كانت تلك المواشي ترعى؟! وكيف كانت تؤوى؟!
ومن الذي كان يحمي تلك الأبعرة والأغنام الكثيرة في ذلك المحيط الذي كان يمارس أهله الغارة والسلب في كل اتجاه؟ وكيف غفل عنها أصحاب الغارات، وطلاب اللبانات؟! وكانوا يجوبون المنطقة طولاً وعرضاً، خصوصاً إذا كانت حاميتها ضعيفة إلى هذا الحد؟!
وكم ينبغي أن يكون هناك من الرجال، ليحموها من سباع وفرسان القبائل، برماحهم وسيوفهم؟! إذ لابد أن يكون عدد حماتها متناسباً مع حجم التحدي الذي يتهددها في تلك المنطقة.
وهل قتلهم جميعاً غالب ومن معه؟! أم أنه قد أسر أحداً منهم؟! مع العلم بأن الوصية له من رسول الله "صلى الله عليه وآله" هي كما زعموا: "فإن ظفرك الله بهم لا تبقي فيهم..".
ومع العلم بأن النص لم يشر إلى أسر أحد منهم، بل قال: "فوضعنا السيوف حيث شئنا منهم، ونحن نصيح بشعارنا: أمت أمت..".
إلى أن قال: "وحوينا على الحاضر، وقتلنا من قتلنا، ومعنا النساء والماشية"([60]).
وإذا كانوا قد سبوا النساء، فلابد أن يكون عدد السبايا بلغ المئات.
ومن المتوقع أن يكون لها ذكر يتناسب مع كثرتها.
وأن يكون لرسول الله "صلى الله عليه وآله" بعض الصُّفَى منهن.
وأن يقع التنازع، أو التنافس في الحصول على الجميلات منهن.
أو يكون ذكر لمن في نصيبه من تُذْكَرُ منهن بجمال، كما رأينا في مناسبات أخرى.
ولكننا لم نعثر على شيء من ذلك في كتب السير، ولم نقف له على أي أثر.
قصة أسامة بنحو آخر:
وعن قصة أسامة نقول:
إنها رويت بنحو آخر، وهو: أن النبي "صلى الله عليه وآله" أرسله في خيل إلى بعض قرى اليهود ليدعوهم إلى الإسلام، وكان رجل من اليهود يقال له: مرداس بن سليم، لما أحس بهم جمع إبله وماله في ناحية الجبل، وهو يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، فمر به أسامة، فقتله.
ثم تذكر الرواية: ما جرى لأسامة مع النبي "صلى الله عليه وآله"، وأنه "صلى الله عليه وآله" قال له: "لا ما قال بلسانه قبلت، ولا ما كان في قلبه علمت".
وفيه أنزلت: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِناً?([61]).
وربما تكون هذه الرواية هي الأقرب إلى الصحة، مع ملاحظة: أنها مختصرة إلى درجة الإخلال باللوم الشديد، الذي وجهه رسول الله "صلى الله عليه وآله" لأسامة، وهي أوضح من الرواية الأولى التي تحاول التخفيف من قبح وبشاعة ما صدر عن أسامة، وأن تعطي أسامة منزلة خاصة من رسول الله "صلى الله عليه وآله".
ولكننا رغم ذلك لابد أن نتوقف قليلاً مع بعض ما ورد فيها، فنقول:
ألا شققت قلبه؟!:
إن أسامة بن زيد يقتل من شهد أن لا إله إلا الله، ثم يزعم لرسول الله "صلى الله عليه وآله": أن ذلك المقتول لم يشهد الشهادتين عن قناعة، وإنما قال ذلك بلسانه لينجو من القتل، مع أنه عاجز عن التحقق من ذلك، وعن إثباته..
وحتى لو كان يعلم بذلك، فالمفروض هو: قبول ذلك منه.. تأسياً برسول الله "صلى الله عليه وآله"، الذي يعلم الناس كلهم: أنه كان يعرف بنفاق كثير من أصحابه، وقد أعلم حذيفة بعدد منهم. ولكنه "صلى الله عليه وآله" كان يعاملهم وفق ما يظهرونه، وليس على حسب ما يعلمه منهم..
بل إن الكثيرين منهم كانوا يقدِّمون الدليل تلو الدليل على عدم صحة إيمانهم، ولكن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يكن يرتب أثراً على ذلك في مقام التعامل معهم.. وقد انخذل عنه "صلى الله عليه وآله" عبد الله بن أبي ـ في ثلث الجيش ـ في واقعة أحد.. كما أن جماعة من الصحابة قد نفَّروا به "صلى الله عليه وآله" ناقته، لكي يقتلوه، وكان يعرفهم بأسمائهم، وأشخاصهم، ولكنه لم يعلن بذلك للناس.
وقد ندد القرآن الكريم في كثير من آياته بهم، وأدان تصرفاتهم، وفضحهم، وشنع عليهم في كثير من المناسبات..
ولم يعاقبهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" على ما صدر منهم تجاهه، ولا حاسبهم، ولا طالبهم بغير ما كانوا يظهرونه.
وتلك هي سماحة الإسلام، وبالغ حكمته، ودقة تعاليمه، فإنه يريد أن ينتزع السلاح من يد هؤلاء، فلا يشهرونه في وجهه، ويريد لهم أن يعيشوا هم وكل من يلوذ بهم من أقرباء، وعشائر، وأصدقاء، أجواء الإسلام من دون أي تكلف أو حرج، فعسى ولعل، ولعل وعسى أن يُقْبِلَ الله بقلوبهم ولو بعد حين.
بل إن القاعدة التي أرساها رسول الله "صلى الله عليه وآله" في التعامل مع الأغيار، هي: أن من قال: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، حقن بها ماله، ودمه. فما معنى التعدي عن هذه القاعدة، وتمحل الأعذار لذلك؟!
تهافت.. لا علاج له:
يدَّعي أسامة: أن ذلك الرجل تشهد الشهادتين بعدما ضربه أسامة بالسيف.
فقد روي أنه قال لأميره: "خرجت في أثر رجل منهم، فجعل يتهكم بي، حتى إذا دنوت منه وضربته بالسيف، قال: لا إله إلا الله.
فقال له الأمير: بئس ما فعلت وما جئت به، تقتل رجلاً يقول: لا إله إلا الله؟! فندم أسامة الخ..".
ونقول:
لا نشك في عدم صحة هذه الرواية، إذ يرد عليها ـ بالإضافة إلى أنها لا تنسجم مع الرواية التي ذكرت ـ ما يلي:
أولاً: لقد ذكرت: أن ذلك الرجل كان يتهكم بأسامة، وأنه: قد شهد الشهادتين بعد أن ضربه أسامة بالسيف.
فلماذا يلام أسامة إذن؟!
ولماذا يتهم بأنه قد قتل رجلاً مسلماً؟!.
ثانياً: إن هذا النص لا يبقي مجالاً لقول أسامة: إنما قالها متعوذاً؛ لأن التعوذ إنما يكون قبل إصابة السيف له لا بعده. كما أنه لا يبقي مجال لأن يلومه الرسول "صلى الله عليه وآله"، ويقول له: هلا شققت عن قلبه؟ وغير ذلك..
والظاهر هو: أن المقصود بهذه الصيغة؛ التخفيف من حدة النقد الذي ربما يوجه إلى أسامة على فعلته هذه..
لا أقتل أحداً يقول: لا إله إلا الله:
قال الحلبي: "ومن ثم لم يشهد أسامة رضي الله عنه مع علي كرم الله وجهه قتالاً، وقال له: لو أدخلت يدك في فم تنين لأدخلت يدي معها.
أو قال: لو كنت في فم الأسد لدخلت فيه معك. ولكنك قد سمعت ما قال لي رسول الله "صلى الله عليه وآله" حين قتلت ذلك الرجل، الذي شهد أن لا إله إلا الله. وقلت له: أعطي الله عهداً: أن لا أقتل رجلاً يقول: لا إله إلا الله".
وإذا كان أسامة بن زيد قد تعهد بأن لا يقتل أحداً يقول: لا إله إلا الله([62])، فذلك لا يبرر تخلُّفه عن نصرة النبي "صلى الله عليه وآله" والإمام علي "عليه السلام"، حين يقاتل البغاة عليه، ولا يبرر مخالفته لأمره، إذا أمره بالخروج لحربهم.
وليس له الاعتذار: بأنه قد تعهد بأن لا يقتل مسلماً، إذ إنما يصح له أن يتعهد بما يرجع أمره إليه، ويكون باقتراح ومبادرة منه. أما إذا كان الله تعالى هو الآمر له ـ باعتبار أنه أمره بطاعة نبيه وإمامه ـ فإنه يصبح أمام أحد خيارين: إما الطاعة الموجبة للمثوبة الإلهية، وإما المعصية المؤدية إلى الهلاك والعقوبة في نار جهنم.
فلا يصح لأحد الاعتذار بذلك لأسامة في تخلفه عن حروب أمير المؤمنين "عليه السلام" للبغاة، كما صرحت به بعض الروايات([63]).
وقد أغضب ذلك إمامه "عليه السلام"، حتى حرمه من العطاء، وقال له: هذا المال لمن جاهد عليه([64]). ولو أنه "عليه السلام" وجد أن ذلك يبرر موقف أسامة؛ لَعَذَرَه، ولم يحرمه من العطاء..
وأما ما روي من أنه: انحرف عن أمير المؤمنين "عليه السلام" ثم رجع إليه([65])، فسنده ضعيف، فإن كان ذلك قد حصل بالفعل، فهو الفلاح والنجاح، والسداد والرشاد.
ماذا عن سؤال المقداد &؟!
وأما بالنسبة لقصة المقداد بن عمرو..
فربما يقال: إن قصد هؤلاء القوم منها هو إيجاد شريك لأسامة، في هذا الأمر القبيح الذي صدر منه، وإيهام: أن المقداد كأسامة قد قتل امرءاً مسلماً أيضاً.
مع أن المقداد كان من خيرة أصحاب علي "عليه السلام"، وكان معروفاً بالطاعة المطلقة له "عليه السلام"، وبالتسليم التام لما يريده الله سبحانه، ولما يأمر به رسوله "صلى الله عليه وآله". على أن التأمل في القصة التي يرويها هؤلاء يعطي أنها لا تفيدهم فيما قصدوه، لأن ظاهرها: أن المقداد قد طرح على الرسول الأكرم "صلى الله عليه وآله" سؤالاً افتراضياً، ولم يكن يتحدث عن نفسه أبداً.
والذي يظهر لنا:
أن الأقرب إلى الاعتبار: هو أن بعض الناس ربما لم يبلغهم تغيُّظ رسول الله "صلى الله عليه وآله" على أسامة، فظنوا أو خدعتهم ادعاءات صحة ما أقدم عليه أسامة، فأراد المقداد أن يعرِّفهم هذه الحقيقة من لسان النبي "صلى الله عليه وآله"، مباشرة فطرح السؤال على سبيل الافتراض، مضمناً إياه خصوصية تزيد في وضوحه، فقد ذكر في سؤاله الأول: أن ذلك الكافر المقاتل قطع يد مهاجمه (الذي هو السائل) بسيفه، ثم أعلن إسلامه.
وجاء الجواب: بتحريم قتل ذلك الرجل.
وهذا سؤال افتراضي جزماً، لأن المقداد لم تقطع يده أصلاً..
ثم رتب على هذا السؤال وجوابه سؤالاً افتراضياً آخر يقول: لنفترض أنني قتلته بعد إعلانه الإسلام، فما هو الحكم في ذلك؟
فجاء الجواب في هذه الحالة أيضاً: بأن الحكم هو كذا وكذا..
هل هذا هو النص الصحيح للقضية؟!
تقدم أننا نحتمل: أن يكون ثمة سعي للتخفيف من وقع جريمة أسامة بادِّعاء: أن ذلك المقتول قد أظهر الإسلام حين رهقه أسامة بالسيف..
مع أن ثمة ما هو صريح في: أن إسلام ذلك الرجل كان متقدماً على ذلك، كان معروفاً ومشهوراً.
وتقدم أيضاً: النص الذي ذكره القمي، وهو لا ينسجم مع هذه الادعاءات.. كما أنهم قد رووا ما يؤيده عن ابن عباس، وهو: أن نهيك بن مرداس كان من أهل فدك، وكان مسلماً، ولم يسلم من قومه غيره، فسمعوا بأن سرية لرسول الله "صلى الله عليه وآله" تريدهم، وكان على السرية غالب بن فضالة الليثي، فهربوا، وأقام الرجل، لأنه كان على دين الإسلام.
فلما رأى الخيل خاف أن يكونوا من غير أصحاب النبي "صلى الله عليه وآله"، فألجأ غنمه إلى عال من الجبل، فلما تلاحقت الخيل سمعهم يكبرون، فعرف أنهم من أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فكبر ونزل، وهو يقول: لا إله إلا الله، محمد رسول الله. السلام عليكم.
فقتله أسامة، واستاق الغنم.
ثم رجعوا إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" فأخبروه، فوجد رسول الله "صلى الله عليه وآله" وجداً شديداً، وكان قبل ذلك قد سبق الخبر، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": أقتلتموه إرادة ما معه؟!
ثم قرأ هذه الآية على أسامة بن زيد: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ الله فَتَبَيَّنُواْ?([66])، فقال: يا رسول الله استغفر لي.
فقال: فكيف بلا إله إلا الله؟!
قالها رسول الله "صلى الله عليه وآله" ثلاث مرات.
قال أسامة: فما زال رسول الله يكررها ويعيدها، حتى وددت أني لم أكن أسلمت إلا يومئذٍ.
ثم إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" استغفر لي بعد ثلاث مرات، وقال: اعتق رقبة.
وروى عكرمة، عن ابن عباس: أنه مر رجل من بني سليم على نفر من أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ومعه غنم له، فسلم عليهم، فقالوا: ما سلم عليكم إلا ليتعوذ منكم، فقاموا، وقتلوه، وأخذوا غنمه، وأتوا بها إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأنزل الله تعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ الله فَتَبَيَّنُواْ?"([67]).
وفي رواية أبو ظبيان قال: بعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" أسامة بن زيد مع جماعة إلى الحرقات من جهينة، فصبحوهم، فهزموهم، وقتل أسامة رجلاً ظنه متعوذاً بقول لا إله إلا الله، فكرر رسول الله "صلى الله عليه وآله" قوله له: أقتلته بعدما قال: لا إله إلا الله، حتى قال: تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم([68]).
ونقول:
1 ـ إن التأمل في هذا النص يجعلنا نشك في أن يكون رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد استغفر لأسامة، وذلك لأنه طلب منه أن يستغفر له، فقال له ثلاث مرات: فكيف بلا إله إلا الله؟!
ثم لم يزل "صلى الله عليه وآله" يكررها، ويعيدها، حتى تمنى أنه لم يسلم إلا يومئذٍ.
وهو جواب ينضح بالألم، ويشي بالاستياء الشديد، من فعل أسامة.. فكيف يمكن الركون إلى زعمهم: أنه استغفر له؟!
2 ـ وإذا كان جشع أسامة، وحبه للمال يدفعه لارتكاب جريمة القتل حتى للمسلم.. فلست أدري إن كان قد وفِّق بعد ذلك للتخلص من شرهه وجشعه هذا؟! أم أنه بقي على حاله؟! أو ربما يكون قد تنامى وتعاظم. وتعمق وترسخ حب الدنيا في نفسه؟!
وربما يشير إلى ذلك: أن علياً "عليه السلام" قد عاقبه بحرمانه من بعض هذا المال الذي يحبه، حيث قطع عطاءه، وقال: إن هذا المال لمن جاهد عليه. حسبما تقدم.
3 ـ إن هذا النص يصرح بأن الرجل المقتول جاء إلى جيش المسلمين، وسلم عليهم، وذلك يجعلنا نرتاب فيما زعموه من أن أسامة قد قتله في ساحة الحرب، وأنه لما رهقه بالسيف نطق بالشهادتين، وربما يكون الدافع إلى ادعاء ذلك هو التخفيف من حدة النقد لهذا القاتل، ومن قبح الذنب الذي صدر منه.
4 ـ إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد بادر إلى الإعلان القاطع عن دوافع أسامة لقتل ذلك الرجل. وقد ساق كلامه بصورة الإخبار عن أمر يقيني.
واليقين بذلك لا يتأتى إلا لمن يكون نبياً، قد علم ذلك عن طريق الوحي، أو من خلال اطلاعه على الغيب، ولو عن طريق إشرافه على اللوح الذي تكتب فيه الغيوب، التي أذن الله تعالى له بالاطلاع عليها، ويسَّر له ذلك، بما آتاه إياه من قدرات..
5 ـ إن رواية أبي ظبيان تحاول أن تنسب القتل إلى قوم آخرين يحكي أسامة لنا: أن هذا القتل قد صدر منه، بعد أن اعتبروا تسليم ذلك الرجل عليهم كان من أجل التعوذ به منهم.
مع أن الرواية المتقدمة تصرح بأن أسامة انفرد به، وقتله.
6 ـ إن هذه الرواية التي رواها أسامة تثير أكثر من سؤال.
فإنه إن كان يريد أن يبرئ نفسه من هذه الجريمة، وينحي باللائمة على غيره؛ فالروايات كلها تكذبه في ذلك.
وإن كان يتحدث عن أن غيره فعل ذلك، وكان هو معهم..
فإن كان ما فعلوه قد حدث قبل أن يرتكب هو جريمته بحق ذلك الرجل، فالسؤال هو: أن آية "فتبينوا" إن كانت نزلت لتحكي ما فعلته تلك الجماعة في هذه المناسبة، فكيف يقدم هو بعد نزول الآية فيهم على قتل ذلك المتعوذ ـ بزعمه ـ بلا إله إلا الله، محمد رسول الله؟!..
ولماذا لم يتبين أمره، ولم يتحقق مما صدر منه، وفقاً لما أمر الله تعالى به؟!
وإن كان ذلك قد حصل بعد أن فعل أسامة فعلته، وبعد استنكار رسول الله "صلى الله عليه وآله" فعله ذاك.. فكيف لم يعتبر أولئك القوم الذين هم من الصحابة بما جرى لأسامة؟!
وكيف يقدمون على أمر من هذا القبيل، بعد البيان النبوي الواضح والصريح؟
وكيف يصح من النبي "صلى الله عليه وآله" أن يغفر لهم ذلك، ولا يعاقبهم عليه؟!
هذا، وسيأتي بعض الكلام عما جرى لمحلم بن جثامة في سرية أبي قتادة إلى بطن إضم، وفي أواخر حرب حنين، والطائف، فانتظر.. فإنها تشبه قضية أسامة إلى حد بعيد.
سرية غالب بن عبد الله إلى الميفعة:
وفي شهر رمضان سنة سبع، وبعد أن رجع النبي "صلى الله عليه وآله" من غزوة الكدر، أقام مدة، ثم قال له يسار (مولاه): يا رسول الله، إني علمت غِرَّة من بني عبد بن ثعلبة، فأرسل معي إليهم (وإلى بني عوال).
فأرسل معه النبي "صلى الله عليه وآله" غالب بن عبد الله في مائة وثلاثين رجلاً إلى الميفعة، بناحية نجد، على ثمانية برد من المدينة.
وقد خرج بهم يسار، فسار بهم في غير الطريق، حتى فنيت أزوادهم، وجهدوا، واقتسموا التمر عدداً.
وساء ظنهم بيسار، وفي صحة إسلامه. ثم وصلوا إلى وادٍ قد حفره السيل، فساروا فيه حتى انتهوا إلى أكمة. كان الذين يقصدونهم خلفها، فأغاروا عليهم، واستاقوا نعماً وشاء، وقتلوا من أشرف لهم منهم..
واستاقوا النعم إلى المدينة، ولم يسمع أنهم جاؤوا بأسرى..
وفي نص آخر: ولم يأسروا أحداً([69]).
ونقول:
أولاً: لقد ذكروا: أن قصة أسامة بن زيد، وقتله لذلك الرجل الذي أسلم، ثم قول النبي "صلى الله عليه وآله" لأسامة: ألا شققت عن قلبه ـ ذكروا ـ أن ذلك قد حصل في هذه الغزوة([70]).
وتقدم وسيأتي قولهم: إنها كانت في سرايا أخرى أيضاً..
ثانياً: إننا نقول هنا نفس ما قلناه في سائر المواضع، وهو: إن النبي الكريم "صلى الله عليه وآله" لا يغير على قوم لمجرد استلاب أموالهم، ولا يقتل أحداً قبل دعوته إلى الله تعالى، فإن لم يكن "صلى الله عليه وآله" قد دعا هؤلاء القوم إلى الإسلام، ولم يكونوا نقضوا عهداً، أو ارتكبوا جرماً، أو جمعوا جمعاً للإغارة على أهل الإسلام، فإنه "صلى الله عليه وآله" لا يستحل الإغارة عليهم بهذه الطريقة. وحيث لم نجد فيما بين أيدينا من نصوص ما يثبت شيئاً من ذلك، فلا نستطيع تأكيد صحة ما زعموه..
هذا مع غض النظر عن أننا لابد أن نسأل عن هذا التفاوت في التعبير عن موضوع الأسرى، فتارة يقال: لم يسمع عن أسرى أتي بهم منهم.
وأخرى يصرحون: بأنه لم يؤسر منهم أحد!!
سرية بشير بن سعد إلى الجناب:
وقالوا أيضاً: إنه في سنة سبع قدم على رسول الله "صلى الله عليه وآله" رجل من أشجع، يقال له: حسيل بن نويرة. وكان دليل النبي "صلى الله عليه وآله" إلى خيبر، فقال له "صلى الله عليه وآله": من أين يا حسيل؟
قال: قدمت من الجناب.
فقال "صلى الله عليه وآله": ما وراءك؟
قال: تركت جمعاً من غطفان بالجناب، (وقيل: فزارة وعذرة)، قد بعث إليهم عيينة يقول لهم: إما تسيروا إلينا، وإما نسير إليكم.
فأرسلوا إليه: أن سر إلينا، حتى نزحف إلى محمد جميعاً. وهم يريدونك، أو بعض أطرافك.
قال: فدعا رسول الله "صلى الله عليه وآله" أبا بكر وعمر، فذكر لهما ذلك، فقالا جميعاً: ابعث بشير بن سعد.
فبعثه في ثلاث مائة رجل، وبعث معهم حسيل بن نويرة دليلاً، فساروا حتى أتوا يمن وجبار، فنزلوا بسَلَاح (موضع أسفل من خيبر) أو سلاج([71]) ثم دنوا من القوم، فأغاروا على النَّعم، فأصابوا نعماً كثيراً، ملأوا منه أيديهم، ونفر الرعاء، وحذروا قومهم، فتركوا محالهم، فلما هجم عليها المسلمون لم يجدوا بها أحداً.
ثم رجعوا، فأخذوا في الطريق عيناً لعيينة، فقتلوه.
ثم لقوا جمع عيينة، وعيينة لا يشعر بهم، فناوشوهم.
ثم انكشف جمع عيينة، وتبعهم المسلمون، فأسروا منهم رجلاً أو رجلين ـ على اختلاف الروايات ـ فقدموا بهما على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأسلما، فأطلق سراحهما([72]).
وأما عيينة فانهزم على فرس له، فاستوقفه حليفه الحارث بن عوف المري. فلم يقف له، وقال: لا، ما أقدر، الطلب خلفي، أصحاب محمد. وهو يركض.
فقال له الحارث: أما لك أن تبصر ما أنت عليه؟ إن محمداً قد وطئ البلاد، وأنت توضع في غير شيء. ثم تنحى الحارث عن الموضع الذي يتوقع أن تمر فيه الخيل لكي يراهم، ولا يراه أحد منهم.
فأقام من حين زوال الشمس ظهراً إلى الليل، فلم يمر به أحد. ولا طلبه أحد منهم، ولكن الرعب الذي دخله صوَّر له ذلك..
ثم إن الحارث ذكر ذلك لعيينة، فأقر له به، وأنه خاف أن يؤسر.
فقال له الحارث: أيها الرجل قد رأيت ورأينا معك أمراً بيِّناً في بني النضير، ويوم الخندق، وقريظة، وقبل ذلك قينقاع، وفي خيبر، إنهم كانوا أعز يهود الحجاز كله، يقرون لهم بالشجاعة والسخاء، وهم أهل حصون منيعة، وأهل نخل.
والله، إن كانت العرب لتلجأ إليهم فيمتنعون بهم، لقد سارت حارثة بن الأوس حيث كان بينهم وبين قومهم ما كان، فامتنعوا بهم من الناس. ثم قد رأيت حيث نزل بهم كيف ذهبت تلك النجدة! وكيف أديل عليهم!!
فقال عيينة: هو ـ والله ـ ذاك! ولكن نفسي لا تقرُّني.
فقال الحارث: فادخل مع محمد!
قال: أصير تابعاً؟! قد سبق قوم إليهم، فهم يُزْرُونَ بمن جاء بعدهم، يقولون: شهدنا بدراً وغيرها.
قال الحارث: وإنما هو على ما ترى، فلو تقدمنا إليه لكنا من علية أصحابه، قد بقي قومه بعدهم منه في موادعة، وهو موقع بهم وقعة ما وطئ له الأمر.
قال عيينة: أرى والله.
فاتَّعدا يريدان الهجرة، فمر بهم فروة بن هبيرة القشيري يريد العمرة، وهما يتقاولان، فأخبراه بأمرهما. فطلب منهما الانتظار إلى أن ينظرا ما يصنع أهل مكة، فأخرا القدوم.
ومضى فروة إلى مكة، فإذا هم على عداوتهم لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأخبرهم بما جرى لأهل خيبر، وبأن رؤساء الضاحية على عداوتهم أيضاً لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، فسألوه عن رأيه، فأشار عليهم أن يتموا مدة العهد الذي بينهم وبين النبي "صلى الله عليه وآله"، ثم يجمعون العرب لغزوه "صلى الله عليه وآله" في عقر داره.
وسمع نوفل بن معاوية الديلي بوجود فروة بن هبيرة في مكة، فنزل إليه من باديته، فأخبره فروة بما قال لقريش.
فطلب منه نوفل أن يستنصر له قريشاً على خزاعة، التي كانت عيبة نصح لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، لا يغيبون عنه حرفاً من أمورهم.
فكلم فروة رؤساء قريش في ذلك: صفوان بن أمية، وسهيل بن عمرو، وعبد الله بن أبي ربيعة، فاعتذروا وقالوا: إذن يغزونا محمد فيما لا قبل لنا به؛ فيوطئنا غلبة، وننزل على حكمه، ونحن الآن في مدة، وعلى ديننا.
فأخبر فروة نوفلاً بما جرى. ثم رجع إلى عيينة والحارث، فأخبرهم، وقال: رأيت قومه قد أيقنوا عليه، فقاربوا الرجل، وتدبروا الأمر.
فقدَّموا رجلاً، وأخروا أخرى([73]).
ونقول:
إن لنا مع ما تقدم عدة وقفات، هي التالية:
التآمر.. والاستعداد:
صرحت النصوص المتقدمة: بأن سبب إرسال هذه السرية هو: أن الغطفانيين قد جمعوا، وتآمروا، واجتمعوا مع جماعات أخرى، ليزحفوا إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، أو إلى بعض أطرافه، فكان لابد من تسديد ضربة استباقية لهم، تفل جمعهم، وتبطل كيدهم.
ولا يصح الانتظار إلى أن يأتوا هم لغزو البلد، وهتك حرمته، وكسر هيبته، ولا يجوز في منطق الحرب أن تعطى للعدو الفرصة لاختيار الزمان، والمكان، والخطة الحربية، وطريقة القتال، وأساليبه ووسائله.
بل لابد من استلاب الفرصة من يده، وإرباكه، وإشعاره بأنه لن يكون آمناً، لا في الزمان، ولا في المكان، ولن يكون قادراً على اختيار الإقدام أو الإحجام، ولابد من زعزة ثقته بالوسائل التي يملكها، وبالخطط التي يضعها، وبالتحالفات التي يعقدها، ويعتمد عليها.
وهذا ما حصل للغطفانيين بالفعل، فإنَّ شن الغارة عليهم، وبعثرة جمعهم، قد حقق النتائج الباهرة، سواء بالنسبة إليهم، أم بالنسبة لعيينة بن حصن، الذي أراد الاعتضاد بهم في مواجهة أهل الإسلام..
مشورة العمرين:
وأما ما ذكرته الرواية المتقدمة: من أنه "صلى الله عليه وآله" دعا أبا بكر وعمر، وذكر لهما ذلك، فقالا جميعاً: ابعث بشير بن سعد..
فلا نستطيع أن نؤيده بصورة حاسمة، إذ لم يكن هناك داع للاستشارة في أصل إرسال السرية، لأن المصلحة كانت ظاهرة في هذا الأمر، وهي ضرورة إيراد الضربة القاضية بأولئك المتآمرين. وفق ما جرت عليه عادة رسول الله "صلى الله عليه وآله" في مثل هذه الحالات.
وأما بالنسبة لاختيار الأشخاص، فليس لنا أن نظن: أنه "صلى الله عليه وآله" كان في حيرة من أمره فيهم، علماً أنه كان لديه من القادة كثيرون، وقد أثبتوا جدارتهم في المواقف. ولم يكن لبشير بن سعد أي امتياز، يقتضي ترجيحه عليهم، أو يفرض ترشيحه لمثل هذه المهمة دونهم..
كما أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان مسدداً بالوحي، ولم يكن بحاجة لرأي أحد..
فمن أجل ذلك كله نقول:
ربما يكون النبي "صلى الله عليه وآله" قد عرض على أبي بكر وعمر أن يتوليا هذه المهمة، فاعتذرا عن قبولها، وأشارا عليه ببشير بن سعد..
وربما يكون قد أعلن أو أراد أن يعلن اسم شخص بعينه، فبادرا إلى اقتراح بشير بن سعد، فأحرجاه به.. وربما.. وربما..
لماذا بشير بن سعد دون سواه؟!:
ويبقى سؤال يحتاج إلى الإجابة عليه هنا، وهو لماذا رجحا هذا الرجل دون سواه؟! وقالا معاً بصوت واحد: ابعث بشير بن سعد؟!.. فهل كانا قد تداولا هذا الأمر، واتفقا عليه؟!
أم أن الأمر جاء منهما على سبيل الاتفاق، وبعفوية تامة؟!
إن الإجابة على هذا السؤال نتركها للقارئ الكريم!!
غير أننا نشير إلى ما يلي:
1 ـ إن اختيار النبي الأعظم "صلى الله عليه وآله" ثلاث مائة رجل لهذه المهمة يشير إلى أنه "صلى الله عليه وآله" أراد حسم الأمر، وضمان النصر، وإبعاد أي احتمال في الاتجاه الآخر بصورة عملية..
2 ـ إننا لا نستغرب اهتمام أبي بكر وعمر ببشير بن سعد، وترجيحهما له على من عداه، فإن الوقائع اللاحقة أثبتت: أن هذا الرجل كان من المؤازرين لهما على ما أراداه من الاستئثار بأمر الأمة، فقد كان أول من بايع أبا بكر في السقيفة، حتى إنه سبق عمر وأبا عبيدة إلى ذلك([74]).
وهو الذي أشار عليهما بعدم الإلحاح على سعد بن عبادة، فقبلوا مشورته "واستنصحوه لما بدا لهم منه"([75]).
وقد قال قيس بن سعد ـ الذي كان مع علي "عليه السلام" ـ للنعمان بن بشير الذي كان مع معاوية في صفين: "..ولعمري لئن شغبت علينا، لقد شغب علينا أبوك"([76]).
ولا شك في أن هذا الموقف من بشير بن سعد لم يأت من فراغ، وكان له ممهدات، ونال عليه رشاوى مسبقة، فلعل اتفاق العمرين على تخصيصه بإمارة هذه السرية ـ التي كانت بشائر النصر فيها لائحة ـ كان إحدى هذه الرشاوى الجليلة التي نالها مسبقاً!!
نصرت بالرعب:
ويستوقفنا هنا أيضاً هذا الرعب الذي ظهر من عيينة، واستخرجه منه، وفضحه فيه حليفه الحارث بن عوف، فقد تجلى لكل أحد كيف أهمته نفسه، لأنه كان يظن بالله غير الحق ?وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِالله غَيْرَ الحَقِّ ظَنَّ الجَاهِلِيَّةِ?([77]).
وقد صدق رسول الله "صلى الله عليه وآله" حيث يقول: نصرت بالرعب مسيرة شهر([78]).
وهكذا ينصر الله تعالى أولياءه، ومنهم الإمام الحجة من آل محمد "صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين"، فإن الرعب يسير معه أيضاً([79]).
هلا لنفسك كان ذا التعليم:
تقدم: أن الحارث بن عوف قال لعيينة: أما لك أن تبصر ما أنت عليه؟! إن محمداً قد وطئ البلاد، وأنت توضع في غير شيء.
وقد سبق للحارث أن قال لعيينة نفس هذا الكلام، وذلك حين وصل النبي "صلى الله عليه وآله" إلى خيبر، وحاصر حصن النطاة، وسمع الغطفانيون صائحاً يقول: أهلكم، أهلكم بحيفا، فلا تربة، ولا مال.
حيث قال له: يا عيينة، والله لقد غبرت إن انتفعت.
والله إن الذي سمعت لمن السماء.
والله، ليظهرن محمد على من ناوأه، حتى لو ناوأته الجبال لأدرك منها ما أراد الخ..([80]).
وبعد فتح خيبر ـ أيضاً ـ حاول عيينة أن يحصل على بعض الغنائم، فرجع خائباً إلى منزله، فجاءه الحارث بن عوف، فقال له:
"ألم أقل لك: إنك توضع في غير شيء؟!
والله، ليظهرن محمد على من بين المشرق والمغرب.. اليهود كانوا يخبروننا هذا، أشهد لسمعت أبا رافع، سلام بن أبي الحقيق الخ.."([81]).
فإذا كان الحارث بن عوف عارفاً بصحة ما جاء به رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وكان على يقين من انتصاره "صلى الله عليه وآله" على أعدائه، وأنه لا فائدة من مناوأته، حتى أصبح يسدي نصائحه مرة بعد أخرى لحليفه عيينة بن حصن، فلماذا لا يبادر ـ الحارث نفسه ـ إلى حفظ نفسه وقومه، وحقن دمه ودمائهم، بإعلان قبوله بالأمر الواقع، واعترافه بما يعلم أنه حق، ويحاول إقناع غيره به؟!
لقد كانت جميع الدلائل متوفرة لديه على لزوم المبادرة إلى ذلك، فإن كان الأمر يتعلق بالآخرة، فقد صرح في النصوص المتقدمة، وفي أقواله لعيينة في حرب خيبر: بأن هذا النبي مؤيد من السماء، وأن اليهود أخبروه بأنهم يجدون في كتبهم ما يدل على صحة نبوته "صلى الله عليه وآله"..
وإن كان الأمر يتعلق بالدنيا، فقد صرح في كلامه لعيينة في خيبر: بأنه لا فائدة من مناوأة رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
كما أنه قدم له في هذه المرة الأخيرة شرحاً وافياً، من شأنه أن يقنع عيينة وسواه بأنه يوضعُ في غير شيء..
وذكر له: أن الأحداث التي جرت لبني النضير، وفي الخندق، وقريظة، وقينقاع، وخيبر هي أدلة دامغة على صحة ما يدعوه الحارث إليه.
بل هو يتوقع: أن يوقع النبي "صلى الله عليه وآله" بقريش أيضاً في الوقت المناسب، ولا يجد من عيينة أي اعتراض على ذلك كله..
فلماذا لا يبادر إلى العمل بما كانت المصلحة له ولقومه ظاهرة فيه، بحسب ما يؤمن به ويعتقده؟
ومما يزيد هذه المفارقة وضوحاً: أنه استطاع أن يقنع عيينة بما يراه ويعتقده، حتى لقد اتَّعدا على الهجرة، وإعلان إسلامهما، ولكن فروة بن هبيرة يفسد هذا الاتفاق بكل سهولة وبساطة، حيث اكتفيا بمجرد وعد منه بأن يأتيهما بما تفكر فيه قريش، التي أصبحت معزولة ومحاصرة في محيطها، وقد فشا الإسلام فيها، ولم تعد قادرة على منع المسلمين من ممارسة شعائرهم وحرياتهم حتى في داخل مكة بالذات..
هذا.. وقد تأخر إسلام الحارث بن عوف، ولم يفلح في التشرف بالإسلام، حتى بعد أن سقطت مقاومة قريش، وفتحت مكة، وجرى ما جرى في حنين، وغيرها، إلى أن كانت غزوك تبوك([82]).
إن ذلك كله، لا يمكننا تفسيره، ولا يتسنى لنا تصديقه إلا على قاعدة التعرض للخذلان الإلهي وحجب الألطاف عنه، رغم أن هذا المنقول عنه يشير إلى أنه لم يكن ينقصه عقل ودراية، ولا أثر فيه للتسرع، أو للحمق، والرعونة..
أعاذنا الله من سيئات أعمالنا، وشرور أنفسنا، إنه ولي قدير..
موانع من إسلام عيينة:
وأما ما تذرع به عيينة بن حصن، واعتبره مبرراً لصدوده عن الإسلام، فهو ينبئ عن المزيد من الرعونة والحمق، وسوء التقدير للأمور. ويكفي أن نتذكر قول رسول الله "صلى الله عليه وآله" فيه: هذا الأحمق المطاع([83]).
فهو قد علل صدوده عن الإسلام: بأنه لا يريد أن يصير تابعاً، وأن الذين سبقوه إلى الإسلام سوف يُزرون عليه؛ بأنهم شهدوا بدراً وغيرها دونه، وبأن نفسه تأبى ذلك..
فاسمع، واعجب، ممن يبيع آخرته بأوهام دنيوية، فإنك ما عشت أراك الدهر عجباً..
الفصل الثالث:
شخصيات.. وأحداث.. إلى عمرة القضاء
قتل شيرويه:
وذكروا: أن شيرويه قتل أباه في سنة سبع، في ليلة الثلاثاء، لعشر مضين من جمادى الآخرة، أو جمادى الأولى.
وروي أنه لما قتله لم يستقم له الأمر حتى قتل سبعة عشر أخاً له، ذوي أدب وشجاعة، فابتلي بالأسقام، فبقي ثمانية أشهر، أو ستة، ثم مات، وعمره اثنتان وعشرون سنة([84]).
وكان "صلى الله عليه وآله" قد أخبرهم بأن كسرى سيقتل في هذا الوقت، فكانوا ينتظرون هذا الأمر. فلما بلغهم وقوع ما أخبر به "صلى الله عليه وآله" أسلم باذان، وأسلم الأبناء من فارس، الذين كانوا باليمن.
وبعث "صلى الله عليه وآله" إلى باذان بنيابة اليمن كلها([85]).
ونقول:
1 ـ ذكروا: أنه لما سمع المنتصر أباه المتوكل العباسي يشتم فاطمة الزهراء "عليها السلام"، سأل رجلاً من الناس عن ذلك، فقال له: قد وجب عليه القتل، إلا أنه من قتل أباه لم يطل له عمر.
قال: ما أبالي إذا أطعت الله بقتله أن لا يطول لي عمر.
فقتله، وعاش بعده سبعة أشهر([86]).
ومن الواضح: أن المنتصر العباسي قد سأل عن أمر لا يعرفه البشر بالوسائل العادية، بل يحتاج إلى النقل، والبيان عن الله تعالى.
وهذا معناه: أن المجيب كان مطَّلعاً على الغيب، عارفاً به، وليس هو إلا الإمام المعصوم من أهل البيت "عليهم السلام"، أو من أخذ عنه..
2 ـ إذا كانـت الحكمـة الإلهيـة تقضي بأن لا يطـول عمر من قتـل أباه ـ حتى لو قتله بحق ـ أكثر من أشهر معدودة، فذلك معناه: أن الله تعالى يريد للولد القاتل أن يفهم: أن ما فعله، إن كان مرضياً له تعالى، فسيكون موته في هذه المدة اليسيرة لطفاً به، ورحمة له منه تعالى، وفيه إبعاد له عن أجواء كريهة، لو استمر يعيش قريباً منها فربما تؤثر على حالته الروحية والإيمانية، وتتسبب له بما لم يكن في حسبانه.
ومما يدل على ذلك: أن المنتصر حسب ما ورد في الروايات كان في وضع صعب، وكان إذا جلس إلى الناس يتذكر قتله لأبيه فترتعد فرائصه([87]).
ولعل لابن السكيت الفضل في تربية المنتصر على حب أهل البيت "عليهم السلام"، فإنه كان مؤدِباً لأولاد المتوكل، وقد قتله المتوكل لأجل تشيعه، وقصته مشهورة.
أما إذا كان هذا القتل من موجبات سخط الله تعالى، فإن وضع هذه السنة وإجراءها من شأنه أن يؤثر في الردع عن الإقدام على مثل هذه الجريمة، ويكون ذلك تقوية لدرجة حصانة المجتمعات من الوقوع في مآزق ومزالق كبيرة وخطيرة.
جبلة بن الأيهم:
قالوا: وفي سنة سبع كتب رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى جبلة بن الأيهم، ودعاه إلى الإسلام، فلما وصل إليه الكتاب أسلم، وكتب جواب كتاب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وأعلمه بإسلامه، وأرسل الهدية، وكان ثابتاً على إسلامه إلى زمان عمر بن الخطاب([88]).
وهناك من يزعم: أنه أسلم في زمن عمر، وأنه قاتل المسلمين في دومة الجندل سنة 12 هـ. وحضر وقعة اليرموك سنة 15هـ، وهو على مقدمة عرب الشام في الجيش الموالي للروم، ثم قدم على عمر فأسلم، أو أنه أسلم، ثم قدم عليه..
ثم قالوا: إنه في نفس سنة إسلامه قدم مكة للحج، وحين كان يطوف في المطاف وطأ رجل من فزارة إزاره فانحل، فلطم الفزاريَّ لطمة هشم بها أنفه، وكسر ثناياه، فشكاه الفزاري إلى عمر، واستغاثه، فطلب عمر جبلة، وحكم بأحد الأمرين، إما العفو، وإما القصاص.
قال: جبلة: أتقتص له مني سواء، وأنا ملك، وهو سوقي؟!
قال عمر: الإسلام ساوى بينكما، ولا فضل لك عليه إلا بالتقوى.
قال: والله، لقد رجوت أن أكون في الإسلام أعز مني في الجاهلية.
قال عمر: هو ذاك.
قال: فإن كنت أنا وهذا الرجل سواء في هذا الدين فسأتنصَّر.
قال عمر: إذاً أضرب عنقك.
قالوا: واجتمع قوم جبلة وبنو فزارة، فكادت تكون فتنة..
قال: فأمهلني الليلة حتى أنظر في أمري.
فلما كان الليل ركب في بني عمه، وهرب إلى قسطنطينية، وتنصر هناك، ومات مرتداً([89]).
قالوا: "وبعض أهل الإسلام على أن جبلة عاد إلى الإسلام، ومات مسلماً"([90]).
وله شعر يظهر فيه حسرته، وألمه البالغ مما جرى، فهو يقول:
تنصرت الأشراف من أجل لطمة وما كان فيها لو صبرت لها ضرر تكـنـفني منهـا لجــاج ونـخــوة وبعت لها العين الصحيحة بالعور فـيـا لـيـت أمـي لم تلـدني وليتني رجعت إلى القول الذي قال لي عمر
ويا ليتني أرعـى المخـاض بقفـرة وكـنـت أسـيراً في ربيعـة أو مضر
زاد في الأغاني قوله:
ويا ليت لي بالشـام أدنـى معيشـة أجالس قومي ذاهب السمع والبصر
أديـن بـما دانـوا بـه مـن شـريعـة وقد يحبس العود الضجور على الدبر([91])
وفي نص آخر عن ابن الكلبي: أن الفزاري لما وطئ إزار جبلة لطم جبلة كما لطمه، فوثبت غسان فهشموا أنفه، وأتوا به إلى عمر.. ثم ذكر باقي الخبر([92]).
وذكر الزبير بن بكار: أن جبلة قدم على عمر في ألف من أهل بيته فأسلم. وجرى بينه وبين رجل من أهل المدينة كلام، فسب المديني، فرد عليه، فلطمه جبلة، فلطمه المديني، فوثب عليه أصحابه، فقال: دعوه حتى أسأل صاحبه، أنظر ما عنده.
فجاء إلى عمر، فأخبره، فقال: إنك فعلت به فعلاً، ففعل بك مثله.
قال: أوليس عندك من الأمر إلا ما أرى؟
قال: لا، فما الأمر عندك يا جبلة؟
قال: من سبنا ضربناه، ومن ضربنا قتلناه.
قال: إنما أنزل القرآن بالقصاص.
فغضب، وخرج بمن معه، ودخل أرض الروم، فتنصَّر، ثم ندم([93]).
ونقول:
لا شك في أنه كان بإمكان عمر أن يراعي حال هذا الرجل، ويعالج القضية بحكمة ورويَّة، ويستوهب من الفزاري لطمته، وينتهي الأمر.
ويتأكد لزوم ذلك إذا صح أن جبلة قد أسلم لتوِّه، ولم يتعرف بعد على أحكام الإسلام، ولا يزال يعيش زهو الملك، ونخوة السلطان..
وقد كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" يغمض النظر عما يرتكبه أصحابه عن جهل، ونحوه، مما يمكن أن يعتبر شبهة تدرؤ عنهم العقوبة.
ويتأكد وجود الشبهة التي تدرؤ الحد، بادعاء جبلة: أن الفزاري قد تعمد أن يطأ إزاره([94]). وأن يكشف عورته.
وأن ذلك الفزاري لطم جبلة أيضاً..
وأن الذين ضربوا الفزاري هم الناس الذين كانوا مع جبلة نفسه.
وإذا صح: أن الفزاري لطم جبلة مقابل لطمته له، وكذا إذا كانت الرواية الأخيرة هي الصحيحة، فذلك يؤكد على أنه كان ينبغي الرفق به في مقام تعريفه بالأحكام، والمبادرة إلى تطييب خاطره، والتأني في بيان الأمر له..
ملاحظة للسيد شرف الدين &:
وقد سجل العلامة العلم السيد عبد الحسين شرف الدين "رحمه الله" ملاحظة على صنيع عمر بجبلة بن الأيهم، مفادها مع مزيد من التوضيح والتأييد: أن عمر بن الخطاب أراد أن يسوم عز جبلة الخسف، وأن يجدع منه الأنف، بعد أن وفد عليه بأبهة الملوك، وجلال السلطان.
ونحن نزيد في توضيح هذا الأمر، كما يلي:
يقولون: إن جبلة كان قد كتب إلى عمر يعلمه بإسلامه، ويستأذنه في الوفود عليه، فكتب إليه عمر: أن أقدم، فلك ما لنا، وعليك ما علينا.
فقدم في خمس مائة فارس من عدد جفنة (وقيل: بألف فارس)، فلما دنا من المدينة ألبسهم الوشي المنسوج بالذهب، والحرير الأصفر، وجلل الخيل بجلال الديباج، وطوَّقها بالذهب والفضة، ولبس جبلة تاجه، وفيه قرطا مارية ـ وهي جدته ـ فلم يبق في المدينة أحد إلا خرج للقائه، وفرح المسلمون بقدومه وإسلامه.
ثم حضر الموسم من عامه ذلك. فبينما هو يطوف إذ وطئ رجل فزاري الخ..([95]).
وقال في نص آخر ذكره أبو الفرج: "ودخل المدينة، فلم يبق بها بكر ولا عانس إلا تبرجت، وخرجت تنظر إليه، وإلى زيه. فلما انتهى إلى عمر رحب به، وألطفه، وأدنى مجلسه.
ثم أراد عمر الحج، فخرج معه جبلة، فبينما هو يطوف بالبيت، وكان مشهوراً بالموسم، إذ وطأ إزاره رجل من فزارة الخ.."([96]).
فهذا العز، والجلال، وهذه الشهرة، وذلك الاستقبال الذي حظي به جبلة، لم يكن ليتحمله عمر، أو يروق له، وهو الذي ضرب شاباً (ابناً له) بدرته حتى أبكاه، لمجرد أنه رآه يلبس ثياباً حسنة، فسألته حفصة عن سبب ذلك، فقال: إني رأيته قد أعجبته نفسه، فأحببت أن أصغرها إليه([97]).
وأقبل الجارود العامري، وعمر قاعد والناس حوله، فقال رجل: هذا سيد ربيعة، فسمعها عمر ومن حوله، وسمعها الجارود، فلما دنا منه خفقه بالدرة، فسأله الجارود عن السبب.
فقال له عمر: ما لي ولك؟ لقد سمعتها!
قال: وسمعتها!! فمه؟
قال: خشيت أن تخالط القوم.
ويقال: هذا أمير.
وفي لفظ: خشيت أن يخالط قلبك منها شيء، فأحببت أن أطأطئ منك([98]).
ودخل عليه معاوية وعليه حلة خضراء، فنظر إليه الصحابة، فقام إليه عمر، وجعل يضربه، فلما سئل عن ذلك، قال: "رأيته ـ وأشار بيده إلى فوق ـ فأردت أن أضع منه ما شمخ"([99]).
وقد فعل بضبيع التميمي الأفاعيل حتى أسقطه في الناس، وعاش ذليلاً وضيعاً في قومه حتى هلك، مع أنه كان سيد قومه، وذلك لمجرد أنه كان يسأل عن معنى بعض الآيات([100]).
وحين رأى جمال نصر بن الحجاج ـ وهو من بني سليم ـ نفاه عن أهله إلى البصرة، من دون ذنب جناه، سوى أن عمر كان يعس بالليل، فسمع امرأة تقول:
هـل من سبيـل إلى خمـر فأشربهـا أم هل سبيل إلى نصر بن حجاج([101])
فقال عمر: لا أرى معي في المدينة رجلاً تهتف به العوائق في خدورهن.
وكذلك فعل بأبي ذؤيب، وهو من بني سليم أيضاً([102]).
هذا بالإضافة إلى تشدده على سعد بن أبي وقاص، وخالد بن الوليد، ولعل السبب هو ما كان يلمسه فيهما من قوة، ومن اعتداد بنفسيهما([103]).
وربما يكون هذا بالذات هو ذنب جبلة، الذي كان يعيش عزة الملك، وزهو السلطان وعنفوانه..
ولكن عمر كان رؤوفاً بالمغيرة بن شعبة، متأنياً في أمره، ساعياً في إبعاد شبح تعرضه لإقامة حد الزنى عليه([104])..
وما ذلك إلا لأن المغيرة كان على حد تعبير السيد شرف الدين: "أطوع لعمر من ظله، وأذل من نعله، وكانت سياسته تقضي إرهاب الرعية، بالتشديد على من كان عزيزاً كجبلة، وخالد.
وربما أرهبهم بالوقيعة بذوي رحمه، كما فعله بابنه أبي شحمة([105])، وبأم فروة أخت أبي بكر([106])، وبمن لا فائدة له به، ممن لا يكون في عير السياسة ولا في نفيرها، كما فعله بجعدة السلمي([107])، وضبيع التميمي، ونصر بن حجاج، وابن عمه أبي ذؤيب الخ.."([108]).
وقال رحمه الله أيضاً: "ليت الخليفة لم يحرج هذا الأمير العربي وقومه، ولو ببذل كل ما لديه من الوسائل إلى رضا الفزاري، من حيث لا يدري ذلك الأمير، أو من حيث يدري. وهيهات أن يفعل عمر ذلك"([109]).
تأييد عودة جبلة إلى الإسلام:
وأما بالنسبة لما قيل: من أن جبلة بن الأيهم قد عاد إلى الإسلام، فربما يمكن تأييده، بشعره المتقدم، وبتصريحات أخرى منقولة عنه، تدل على ندمه على ما فرط منه.
ويمكن تأييد ذلك أيضاً: بما ذكروه من أن رسولاً كان عمر أرسله إلى هرقل دخل على جبلة، فأجلسه على سرير قوائمه من الذهب، فانحدر عنه، فقال: له جبلة: "لم تأبى الكرامة التي أكرمناك"؟!
قال: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" نهى عن هذا.
قال: نعم، "صلى الله عليه وآله"، ولكن نقِّ قلبك من الدنس، ولا تبال على ما قعدت.
قال ذلك الرسول: فلما صلى على النبي "صلى الله عليه وآله" طمعت به، فقلت..
إلى أن قال: قلت: "إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" نهى عن الأكل في آنية الذهب، والفضة.
قال: نعم، "صلى الله عليه وآله"، ولكن نقِّ قلبك، وكل فيما أحببت الخ.."([110]).
بل ربما يستظهر من بعض الروايات أن ابنة جبلة كانت مسلمة أيضاً..
فقد رووا: حرصها على انتصار المسلمين على الروم، وإعلان فرحها بذلك في مقابل بنت هرقل، التي كانت تظهر الفرح بانتصار الروم.
فقد زعموا: أن جيشاً غزا القسطنطينية في زمن معاوية، فكان هناك قبتان مبنيتان، عليهما ثياب الديباج؛ فإذا كانت الحملة للمسلمين ارتفع من إحداهما أصوات الدفوف، والطبول والمزامير.
وإذا كانت الحملة للروم ارتفع من الأخرى مثل ذلك..
وكانت الأولى بنت جبلة بن الأيهم، والثانية بنت ملك الروم، فكانت كل واحدة منهما تظهر السرور بما تفعله عشيرتها([111]).
ومن الواضح: أن كلمة "عشيرتها" غير دقيقة، لأن حمية الدين هي الأقوى، فلو كانت بنت جبلة تدين بالنصرانية، فلا يتوقع منها هذا الفرح بانتصار من هم على غير دينها. ومجرد كونهم من عشيرتها لا يبرر ذلك منها.
فلعلها كانت تتظاهر بالعصبية العشائرية للتستر على الدافع الحقيقي لهذا الفرح، وهو أنها تبطن الحب للإسلام، والولاء لأهله..
جبلة يعطي الزكاة لا الجزية:
وذكر اليعقوبي: أنه لما أتى عمر بن الخطاب إلى بيت المقدس، وعاد منها قاصداً المدينة: "أتاه جبلة بن الأيهم، فقال له: تأخذ مني الصدقة، كما تصنع بالعرب.
قال: بل الجزية، وإلا فالحق بمن هو على دينك.
فخرج في ثلاثين ألفاً من قومه حتى لحقوا بأرض الروم. وندم عمر على ما كان منه في أمره"([112]).
ونقول:
إن هذا النص يستحق الدراسة لفهم مرماه، ومغزاه، فإذا كان جبلة قد أسلم قبل هذه الحادثة، في عهد النبي "صلى الله عليه وآله" مثلاً، فلماذا يريد عمر منه الجزية؟!
وإن كان لم يسلم، فلماذا يعرض على عمر أن يعطيه الصدقة، التي هي الزكاة؟!
ألا يدل هذا على أن جبلة كان مسلماً آنئذٍ؟!
وحين يعرض على عمر أن يعطيه الصدقة، ألا يفترض في الخليفة الاستفهام عن سرّ هذا العرض؟!
ولماذا يأبى إلا أن يعتبره كافراً؟!
وإلَّا أن يفرض عليه الجزية؟!
ولماذا يطرده من بلاد المسلمين بهذه الطريقة، التي تحمل معها المهانة والاستخفاف؟!
وإذا كان يعلم أن لجبلة أنصاراً بهذا الحجم ـ ثلاثين ألفاً ـ فلماذا يفرِّط بكل هذا الجمع، ويرسلهم إلى عدو المسلمين، ليتقوى بهم في حربه للإسلام والمسلمين؟!
وإذا كان يعتقد أنه نصراني حقاً، فلماذا لا يخيِّره بين الجزية والحرب؟!
ألم يكن هذا هو الأوفق بالموقف الإسلامي من محارب يرفض الانصياع للحكم الإلهي؟!
ويبقى سؤال هو: ألا تتناقض هذه الرواية مع ما تقدم، مما دل على أن سبب لحوقه بالروم، وتنصُّره هو قصته مع الفزاري في الطواف، ثم قضاء عمر عليه.
ويمكن الجواب: بأن من الممكن أن تكون الأسباب التي دعته إلى ذلك قد اجتمعت، وتضافرت، حتى كان آخرها ما جرى له في مكة..
وصول هدايا المقوقس:
وفي سنة سبع وصلت هدية المقوقس ملك الإسكندرية ومصر إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله". ومن جملتها فرس اسمه اللزار، وبغلة يقال لها: دلدل، وحمار يقال له: يعفور، وثياب، ومثاقيل من الذهب، ومارية، وسيرين، وجاريتان أخريان، وجريج، وخصي اسمه مأبور، وغير ذلك([113]).
فأسلمت مارية وأختها قبل الوصول إلى المدينة، وأسلم الخصي في المدينة([114])، وولدت مارية لرسول الله "صلى الله عليه وآله" إبراهيم، كما سنبينه في موضعه إن شاء الله تعالى.
قيمة الهدايا:
إن الهدية دليل احترام، وعنوان تقدير وتكريم، فإذا كانت من الملوك إلى أمثالهم، فهي على نحوين:
أحدهما: أن تكون دليل رغبة بالسلام، وتجنب الدخول في الصدام، والبقاء على درجة من التوافق والوئام، والإعلان عن حسن النوايا حسبما تقتضيه ظروف مرسل الهدية، ونرى أن هدايا المقوقس كانت تسير في هذا الاتجاه حسبما أوضحناه حين الحديث عن مراسلته "صلى الله عليه وآله" للملوك، ومنهم المقوقس.
الثاني: أن يكون الدافع للهدية: الصداقة، والوفاء، والمحبة والإخاء، والإعراب عن الطاعة والإيمان، والولاء..
ولعل تفسير هدايا النجاشي بهذه المعاني أليق، وهي بها أوفق. كما يظهر من كثير من الأمور التي عبرت عن حب النجاشي لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، وإيمانه، وطاعته له، ومنها فرحه بانتصار النبي "صلى الله عليه وآله" في حرب بدر، وإصداق أم حبيبة، وغير ذلك..
هدايا متبادلة:
وقد أرسل النجاشي لرسول الله "صلى الله عليه وآله" بمناسبة زواجه بأم حبيبة "قميصاً وسراويل، وعطافاً، وخفين ساذجين"([115]).
وروى الكليني: أنه أهدى لرسول الله "صلى الله عليه وآله" حلة قيمتها ألف دينار، فكساها علياً "عليه السلام"، فتصدق بها([116]).
تصحيح اشتباه:
وأما قول الطبرسي: "ثم بعث إلى الرسول بهدايا، وبعث إليه بمارية القبطية، أم إبراهيم، وبعث إليه بثياب وطيب كثيرة، وفرس"([117]).
فالظاهر: أنه قد جاء على سبيل الاشتباه.
فإن مارية كانت من هدايا المقوقس ملك الإسكندرية، كما نص عليه عامة المؤرخين الذين تعرضوا لسيرة رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
وليست من هدايا النجاشي.
المقابلة بالمثل:
هذا.. وقد بادله رسول الله "صلى الله عليه وآله" هذا الأمر، فأرسل مستقة من سندس ـ كان ملك الروم قد أهداها إليه "صلى الله عليه وآله" ـ إلى جعفر بن أبي طالب، وقال له: ابعث بها إلى أخيك النجاشي([118]).
وليلاحظ: وصفه "صلى الله عليه وآله" النجاشي بأنه أخو جعفر.
موت النجاشي:
وذكروا: أن النجاشي توفي قبل الفتح([119]) في السنة الثامنة، أو السابعة، بعد عودة جعفر بن أبي طالب وأصحابه إلى المدينة([120]).
وقيل: بل توفي في شهر رجب في السنة التاسعة([121]).
وقد بكى عليه رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فعن علي "عليه السلام" قال: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" لما أتاه جبرئيل بنعي النجاشي بكى بكاء حزين عليه، وقال: إن أخاكم أصحمة مات.
ثم خرج إلى الجبانة، وصلى عليه، وكبر سبعاً. فخفض له كل مرتفع، حتى رأى جنازته، وهو بالحبشة([122]).
زاد في رواية أخرى عن قتادة وجابر: أن قوله تعالى: ?وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ..?([123]) نزل في النجاشي..
فقال المنافقون: انظروا إلى هذا يصلي على علج نصراني حبشي، ولم يره قط وليس على دينه، فنزلت هذه الآية.
وجاءت الأخبار من كل جانب: أنه مات في تلك الساعة. وما علم هرقل بموته إلا من تجار رأوا بالمدينة([124]).
وفي نصوص أخرى ذكرها أهل السنة: أنه "صلى الله عليه وآله" كبر على النجاشي أربعاً([125])، ومنه استفاد أهل السنة ما يعرف عندهم بصلاة الغائب، أي أنهم يصلون على الميت وهو في بلد آخر.
وحديث الصلاة على النجاشي، ونزول الآية المباركة فيه مذكور في عشرات من المصادر([126]).
ونقول:
إن ما ذكروه حول عدد التكبيرات، وحول الصلاة على الميت الغائب لا يصح: ونوضح ما نرمي إليه كما يلي:
صلاة الغائب:
لقد أجمع فقهاء الإمامية تبعاً لأئمتهم على عدم جواز صلاة الغائب([127])، إلا إذا كان المراد بالصلاة على الغائب الدعاء له، كما ورد في بعض الروايات([128]).
وإن حكماً يجمع أهل البيت "عليهم السلام" على خلافه، لا مجال للأخذ به، لأنهم هم سفينة نوح، وهم أحد الثقلين اللذين لن يضل من تمسك بهما.
وأما قضية النجاشي، فقد كانت أمراً خاصاً برسول الله "صلى الله عليه وآله"، ولم تكن من قبيل الصلاة على الغائب، غيبة حقيقية، بل كانت صلاة على الميت الحاضر، إذ قد صرحت الرواية: بأن الله تعالى رفع لرسول الله "صلى الله عليه وآله" كل خفض، وخفض له كل رفع، حتى رأى "صلى الله عليه وآله" جنازة النجاشي وهو بالحبشة.
ولو كان ذلك جائزاً لكان الناس صلوا في كل البلاد صلاة الغائب على النبي "صلى الله عليه وآله" حينما توفي.
بل لو صح ذلك، لم يبق مبرر لدعوة الناس إلى حضور صلاة الجنازة، إذ يمكن لكل مكلف أن يصلي عليها وهو في بيته.
ولو كان ذلك مشروعاً لاشتهر فعله في البلاد في زمن رسول الله "صلى الله عليه وآله".
الفصل الرابع:
تكبيرات صلاة الميت.. وصلاة الغائب..
عدد تكبيرات صلاة الميت:
أما بالنسبة لعدد تكبيرات صلاة الميت، فنقول:
ان من المسائل التي وقع الخلاف فيها بين المذاهب الإسلامية مسألة عدد التكبيرات في صلاة الجنازة على المسلم.
فذهبت طائفة ـ تبعاً لأئمتها ـ إلى أن الواجب فيها هو فقط أربع تكبيرات، وهؤلاء هم جمهور أهل السنّة والجماعة..
وذهب أهل البيت "عليهم السلام"([129])، وشيعتهم، وتابعهم آخرون من غيرهم ـ كما سيتضح ـ إلى أن الواجب هو خمس تكبيرات.. وهذا الحكم إجماعي عند الشيعة الإمامية، لا تجد فيه مخالفاً على الإطلاق، بل لعله من ضروريات المذهب عندهم([130]).
والأخبار عندهم في ذلك متواترة عن العترة الطاهرة، وقد رواه عن أهل البيت "عليهم السلام" كل من:
زرارة، والحلبي، وأبي ولاد، وأم محمد بن مهاجر، وابن محبوب، وسماعة، وكليب الأسدي، وعمار الساباطي، وعلي بن سويد، وإسماعيل بن همام، ويونس، وهشام بن سالم، وحماد بن عثمان، وأبي بصير، وجعفر الجعفري، وأبي بكر الحضرمي، وإسماعيل بن سعد، وعبد الله بن سنان، وعبد الله بن مسكان، وعلي بن أبي حمزة، وقدامة بن زائدة، والحسين بن النضر، وإبراهيم بن محمد بن حمران، والفضل بن شاذان، وسفيان بن السمط، وأبي حمزة، والأعمش، ومحمد بن الفضيل، وفضيل بن يسار، وعمرو بن شمر، وجابر، وإسماعيل بن سعيد الأشعري، وعبد الرحمن العرزمي، وعلي بن عبد الله، والحسين بن خالد. إلى غير ذلك مما لا مجال لتتبعه..([131]).
مذهب أهل البيت ^ هو الصحيح:
ونحن بدورنا لا نجد مناصاً عن الالتزام بمذهب أهل البيت "عليهم السلام" وشيعتهم.. ولا نستند في ذلك إلى الإجماع المذكور فقط، ولا إلى خصوص الروايات عنهم "عليهم السلام"، وهم سفينة النجاة التي من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها غرق، وأحد الثقلين اللذين لا يضل أبداً من تمسّك بهما..
وإنما نستند ـ بالإضافة إلى ذلك ـ إلى العديد من الأدلة والروايات ذات الأسانيد الصحيحة عند غيرهم أيضاً، والمروية في أوثق مصادرهم، والتي تؤكد على أن الزيادة على الأربع ثابتة من فعل النبي "صلى الله عليه وآله"، وأهل بيته "عليهم السلام"، وعدد من الصحابة وغيرهم..
أدلة القائلين بالتكبيرات الأربع:
لقد استُدِلَّ على أن الواجب في صلاة الجنازة هو أربع تكبيرات بعدة أدلة:
الأول: أن الأربع هي آخر ما وقع منه "صلى الله عليه وآله"، كما أخرج الحاكم من حديث ابن عباس بلفظ:
"آخر ما كبّر رسول الله "صلى الله عليه وآله" على الجنائز أربع". وكذا روي عن عمر، وابن عمر، وأنس، وابن أبي حثمة.
وفي بعضها: أنه "صلى الله عليه وآله" كبّر على النجاشي أربعاً، وثبت عليها حتى مات، فكانت الأربع ناسخة لما قبلها..([132]).
ولكن هذا الدليل لا يصح.. لأن هذه الروايات كلها، والتي تريد أن تثبت أنه "صلى الله عليه وآله" كبّر في آخر صلاة له أربعاً، لا تصح، وطرق جميعها ضعيفة، وقد تكلم على أسانيدها جميعاً الزيلعي والشوكاني، وابن القيم، والبيهقي([133]).
أضف إلى ذلك: ما سيأتي من أنه "صلى الله عليه وآله" قد كبّر على النجاشي خمساً.. هذا عدا عن إصرار كثير من الصحابة على غير الأربع، كما سيتضح..
وثمة روايات أخرى تذكر التكبيرات الأربع، فنَّدها الزيلعي، وابن القيم الجوزية وغيرهما، فراجع([134]).
الثاني: الإجماع على الأربع، حيث نقل عن ابن عبد البر ـ في الإستذكار ـ قوله: "وانعقد الإجماع بعد ذلك على أربع، وأجمع الفقهاء، وأهل الفتوى بالأمصار على أربع ما جاء في الروايات الصحاح، وما سوى ذلك شذوذ لا يلتفت إليه، قال: ولا نعلم أحداً من فقهاء الأمصار يخمس إلا ابن أبي ليلى"([135]).
هذا كلامه..
وقال البيهقي: "إن إجماع أكثر الصحابة (رض) على الأربع كالدليل على ذلك"([136]).
ولكننا بدورنا نعتبر أن كل ما قاله أبو عمر هنا من أوله إلى آخره محض مبالغة لا مبرر لها، وذلك استناداً إلى ما يلي:
أما بالنسبة إلى اختلاف الصحابة في ذلك، فهو غير قابل للإنكار، بل لم ينكره ابن عبد البر نفسه، حيث قال:
1 ـ "وقطع عمر بن الخطاب اختلاف أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" في التكبير على الجنائز، وردهم إلى أربع.."([137]).
2 ـ وقال ابن رشد: "اختلفوا في عدد التكبير في الصدر الأول اختلافاً كثيراً: من ثلاث إلى سبع، أعني الصحابة.."([138]).
3 ـ وقال النووي، والقاضي عياض: "واختلفت الصحابة، من ثلاث تكبيرات إلى تسع.."([139]).
4 ـ والعسقلاني أيضاً: ذكر اختلاف السلف في ذلك لاسيما ما يذهب إليه زيد، وعلي "عليه السلام"، وابن مسعود، وغيرهم ممن سيأتي..([140]).
5 ـ وقال في عون المعبود، حول دعوى الإجماع هذه: "في دعوى الإجماع في نفسي شيء، لأن زيد بن أرقم كان يكبّر خمساً، ويرفعه إلى النبي "صلى الله عليه وآله".."([141])، إلى آخر كلامه الذي سوف يأتي إن شاء الله.
6 ـ وقال أيضاً: "ثبوت الزيادة على الأربع لا مردَّ له من حيث الرواية.."([142]).
7 ـ وفي حاشية السندي على سنن النسائي: "قالوا: كانت التكبيرات على الجنائز مختلفة أولاً، ثم رفع الخلاف، واتفق الأمر على الأربع، إلَّا أن بعض الصحابة ما علموا بذلك، فكانوا يعملون بما عليه الأمر أولاً.."([143]).
وقال الترمذي: "..وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا من أصحاب النبي وغيرهم. رأوا التكبير على الجنازة خمساً.
وقال أحمد وإسحاق: إذا كبّر الإمام على الجنازة خمساً، فإنه يتبع الإمام"([144]).
وعن ابن المنذر: أن أحمد بن حنبل يرى: أنه لا ينقص من أربع، ولا يزاد على سبع، ومثله قال بكر بن عبد الله المزني، إلَّا أنه قال: لا ينقص من ثلاث..
وفي إحدى الروايتين عن ابن مسعود: أنه قال: كبِّر ما كبَّر الإمام([145]).
وحماد بن سليمان يقول مثل قول أحمد([146]).
والصحابة أيضاً إلى زمان عمر كانوا يكبِّرون أربعاً، وخمساً، وستاً، وسيأتي تفصيله.
وبعد كل ما تقدم، فلسوف نرى كثيرين جداً يلتزمون بخمس تكبيرات، فأين هو الإجماع يا ترى؟!
القول الحق:
ونحن نقول: لابد من الالتزام بالتكبيرات الخمس تبعاً للنبي "صلى الله عليه وآله" وأهل البيت "عليهم السلام"، وشيعتهم، وعدد من الصحابة وغيرهم، ونذكر منهم:
1 ـ زيد بن أرقم.
2 ـ حذيفة بن اليمان.
3 ـ ابن مسعود.
4 ـ أبا ذر.
5 ـ ابن الحنفية.
6 ـ ابن عباس.
7 ـ أمير المؤمنين علي "عليه السلام".
8 ـ الإمام الحسن المجتبى "عليه السلام".
9 ـ جابر بن زيد.
10 ـ أبا يوسف.
11 ـ ابن أبي ليلى.
12 ـ عيسى مولى حذيفة.
13 ـ هو مذهب بني هاشم.
14 ـ أصحاب معاذ في الشام.
15 ـ أهل الشام.
16 ـ هو مذهب الصحابة قبل تقرير الأمر على الأربع.
17 ـ العباس بن عبد المطلب.
هؤلاء بعض من عرفنا أسماءهم في هذه العجالة.
هذا.. عدا عن غيرهم ممن لا يمانع في التكبير خمساً، وأربعاً، وستاً، وغير ذلك من الأقوال التي تقدمت الإشارة إلى بعض منها، فمن أراد فليراجع..
ولابد من الإشارة هنا: إلى أننا لا ننكر أن يكون النبي "صلى الله عليه وآله" قد كبَّر على بعض الجنائز أربعاً، ولكن لذلك علة أخرى سنوضحها فيما يأتي إن شاء الله تعالى..
وأما ما نستند إليه نحن ـ في وجوب التكبيرات الخمس في الصلاة على الميت المؤمن ـ فهو:
أولاً: ما تقد م وما سيأتي من الروايات التي تذكر الزيادة على الخمس([147]).
ثانياً: الروايات المتعرضة للخمس، ونذكر منها ما يلي:
ما ورد عن النبي الأعظم ':
1 ـ عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: كان زيد يكبِّر على جنائزنا أربعاً، وأنه كبَّر على جنازة خمساً، فسألته، فقال: كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" يكبِّرها.
قال ابن البديع، والشوكاني: رواه الخمسة إلا البخاري([148])، ويقصد بالخمسة: مسلماً، والترمذي، وأبا داود، والنسائي، وابن ماجة.
وعلى حسب نص آخر، عن عبد العزيز بن حكيم، قال: صلَّيتُ خلف زيد بن أرقم على جنازة، فكبَّر خمس تكبيرات، قال: وحدثني رجل سمعه يقول: هذه صلاة رسول الله([149]).
وعن جابر بن عبد الله بن عبد العزيز الحضرمي، قال: صلَّيتُ خلف زيد بن أرقم على جنازة فكبَّر خمساً، فسئل عن ذلك، فقال: سنَّة نبيِّكُم([150]).
وعلى حسب رواية أيوب بن سعيد، الذي صلّى خلفه: فكبَّر خمساً، ثم قال: صلَّيتُ خلف رسول الله "صلى الله عليه وآله" على جنازة فكبر خمساً، فلن ندعها لأحد..
وعلى حد تعبير المرقع، الذي صلَّى خلفه أيضاً: فإني لا أدعها لأحد بعده..
وعلى حسب رواية عبد الأعلى، الذي صلَّى خلفه، أنه قال: "فلا أتركها أبداً".
وعلى حسب رواية أبي سلمان، الذي صلَّى خلفه، أنه قال: بل عمداً إن النبي "صلى الله عليه وآله" كان يصلِّيها([151]).
وقوله: لا أتركها أبداً، ولا أدعها لأحد بعده، ونحو ذلك يدل: على أن زيد بن أرقم لم يكن يترك التكبيرات الخمس..
وهذا يلقي ظلالاً من الشك على ما جاء في الرواية الأخرى: من أنه كان يكبّر أربعاً.. فالظاهر: أن هذه زيادة اجتهادية من الراوي لحاجة في نفسه..
وأخيراً، فقد قال الترمذي: "حديث زيد بن أرقم حديث حسن صحيح"([152]).
2 ـ عن يحيى بن عبد الله الجابر التيمي، قال: صلَّيتُ خلف عيسى مولى لحذيفة بالمدائن، فكبَّر على جنازة خمساً، ثم التفت إلينا، فقال: ما وهمت ولا نسيت، ولكن كبَّرت كما كبَّر مولاي وولي نعمتي حذيفة بن اليمان، صلَّى على جنازة، وكبَّر خمساً، ثم التفت إلينا، فقال: ما نسيت، ولكن كبَّرت كما كبر رسول الله "صلى الله عليه وآله" على جنازة، فكبَّر خمساً.
وفي نص آخر: "ما وهمت، ولكن كبَّرت كما كبر خليلي أبو القاسم"([153]).
وهذا يدل: على أن ذلك كان بعد إرجاع الناس إلى الأربع، وإلا فلا حاجة إلى اعتذارهما عنه، وكذلك الحال أيضاً بالنسبة لصلاة زيد بن أرقم، واعتراضهم عليه، وجوابه لهم.
كما أن المعترضين لم يدركوا النبي "صلى الله عليه وآله"، ولا أبا بكر، ولا عمر.. كما هو ظاهر.
3 ـ عن ابن أبي خيثمة: أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان يكبر أربعاً وخسماً، وستاً، وسبعاً، وثمانياً حتى مات النجاشي، فكبر عليه أربعاً، وثبت على ذلك حتى توفي "صلى الله عليه وآله"([154]).
ولكن ذيل هذه الرواية لا يصح كما تقدم.
كما أن ذكر ما عدا الأربع والخمس محل شك كبير، ليس هنا محل بحثه..
4 ـ عن كثير بن عبد الله، عن جده، عن أبيه، قال: صلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" على النجاشي، فكبَّر عليه خمساً. قلت: رواه ابن ماجة خلا ذكر النجاشي. رواه الطبراني في الكبير والأوسط([155]).
5 ـ عن كبير بن عبد الله، عن أبيه، عن جده: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" كبَّر خمساً([156]).
6 ـ عن عبد الله بن الحارث، قال: صلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" على حمزة، فكبر عليه تسعاً، ثم جيء بأخرى فكبر عليها سبعاً، ثم جيء بأخرى فكبر عليها خمساً، حتى فرغ من جميعهم غير أنه وتر([157]).
7 ـ عن ابن مسعود، قال: قد كبَّر رسول الله "صلى الله عليه وآله" سبعاً وخمساً، وأربعاً، فكبروا ما كبر الإمام إذا قدمتموه([158]).
8 ـ وقريب من ذلك، ما رواه ابن عباس عن النبي "صلى الله عليه وآله": أنه كان يكبر على البدريين سبعاً، وعلى بني هاشم خمساً، "ثم كان آخر صلاته أربع تكبيرات حتى خرج من الدنيا"([159]).
والكلام في هذا الذيل قد تقدم.. وعرفنا أنه لا يصح..
9 ـ وعن أنس: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" كبر عل أهل بدر تسع تكبيرات، وعلى بني هاشم سبع تكبيرات([160]).
10 ـ عن علي "عليه السلام"، قال: نزل جبرئيل على النبي "صلى الله عليه وآله" يعلِّمه السلام على الناس، والصلاة على الجنازة، فقال: يا محمد، إن الله عز وجل فرض الصلاة على عباده خمس صلوات في كل يوم، وليلة، فإن مرض الرجل، فلم يقدر يصلي قائماً صلَّى جالساً، فإذا ضعف عن ذلك جاء وليُّه، فقال له: يكبِّر عن كل وقت صلاة خمس تكبيرات، فإذا مات صلَّى عليه وليُّه، وكبَّر عليه خمس تكبيرات، مكان كل صلاة تكبيرة..([161]).
11 ـ وروى الخطيب في تاريخه، وابن شيرويه الديلمي: أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان يصلِّي على الميت بخمس تكبيرات([162]).
وما ورد عن زيد بن أرقم في ذلك:
فقد تقدم: أنه ملتزم بأن لا يترك ذلك لأحد.. ونزيد هنا:
12 ـ أن البغوي قال: قال أبو يوسف: عن أيوب بن النعمان: شهدت سعد بن حبة، فكبَّر عليه زيد بن أرقم خمساً([163]).
وفي نص آخر: صلَّيتُ خلف زيد بن أرقم على جنازة فكبَّر خمساً، ولم يرفعه([164]).
وتقدم عن عبد العزيز بن حكيم: صلَّيتُ خلف زيد بن أرقم على جنازة؛ فكبر خمس تكبيرات، وقال: وحدثني رجل أنه سمعه يقول: هذه صلاة رسول الله "صلى الله عليه وآله"([165]).
وقال العظيم آبادي: روي عن زيد بن أرقم: أنه كان يكبر خمساً([166]). ومثل هذا كثير عنه.
وقال النووي في المجموع: وقد ثبت في صحيح مسلم من رواية زيد بن أرقم عنه: أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان يكبر خمساً([167]).
وليراجع: ما قاله الحازمي، والشوكاني، وغير ذلك([168]).
وما روي عن عيسى مولى حذيفة:
قد تقدم فلا حاجة لإعادته، وليراجع: الاعتبار للحازمي، وغيره..
وما روي عن ابن مسعود:
13ـ رواه ابن المنذر، عن ابن مسعود: أنه صلى على جنازة رجل من بني أسد، فكبر خمساً([169])..
14ـ قال الزرقاني: "وعن ابن مسعود: أنه صلى على جنازة فكبر خمساً، وكان يكبر على أهل بدر ستاً، وعلى الصحابة خمساً، وعلى سائر الناس أربعاً"([170]).
15ـ عن ابن مسعود، قال: كنا نكبر على الميت خمساً وستاً، ثم اجتمعنا على أربع تكبيرات([171]).
ويلاحظ: أنه لم يذكر أنهم كانوا يكبرون أربعاً أيضاً.. كما أن ظاهره دعوى إجماع الصحابة على ذلك قبل الاجتماع على الأربع..
وسيأتي الكلام حول اجتماع الصحابة إن شاء الله تعالى..
وأما ما روي عن علي أمير المؤمنين ×:
16ـ فعن عبد الرزاق، عن معمر، عن حماد، عن إبراهيم: أن علياً "عليه السلام" كبر على جنازة خمساً.
وروي نفس هذا عن وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن عامر، عن كاتب لعلي "عليه السلام"([172]).
17ـ عن ابن مسعود، عن علي "عليه السلام": أنه كان يكبر على أهل بدر ستاً، وعلى الصحابة خمساً، وعلى سائر الناس أربعاً([173]).
وروى عبد خير، عن علي "عليه السلام" مثل ذلك([174]).
ولكن قوله: أنه "عليه السلام" كان يكبر على سائر الناس أربعاً؛ في غير محله، وإنما أخذت الست من تكبيره على سهل بن حنيف على ما يظهر، وسنرى: أنه كان يكبر على سائر الناس خمس تكبيرات أيضاً.
18ـ عن عمير بن سعيد: صلى علي على سهل بن حنيف فكبر خمساً، فقالوا: ما هذا التكبير؟!
فقال: هذا سهل بن حنيف، من أهل بدر، ولأهل بدر فضل على غيرهم، فأردت أن أعلمكم فضلهم.
وكذا روي عن ابن معقل، عن علي "عليه السلام"، وعن عبد الله بن مغفل عنه([175]). ولعله نفس ابن معقل السابق لكنه صحف.
19ـ وقال السرخسي: "..وأهل الزيغ يزعمون أن علياً "عليه السلام" كان يكبر على أهل بيته خمس تكبيرات، وعلى سائر الناس أربعاً"([176]).
20 ـ صلى "عليه السلام" على فاطمة صلوات الله وسلامه عليها فكبر خمس تكبيرات، ودفنها ليلاً([177]).
وهذا يكذب نقل السرخسي وغيره: أنه كبر عليها أربعاً.
ومما ورد عن الحسن × نذكر:
21 ـ أن الحسن صلى على أبيه علي أمير المؤمنين "عليهما السلام" وكبر خمس تكبيرات([178]).
ومما ورد عن ابن عباس:
22 ـ عن ابن عباس: لما توفي آدم قال شيث لجبريل: صلِ على آدم.
فقال: تقدم أنت فصل على أبيك، وكبر عليه ثلاثين تكبيرة، فأما خمس فهي الصلاة، وخمس وعشرون تفضيلاً لآدم([179]).
وليراجع: ما قاله الشوكاني وغيره([180]).
ومما ورد عن محمد بن الحنفية:
23 ـ قال الصعدي: وروي عن محمد بن الحنفية: "أنه صلَّى على ابن عباس فكبر خمساً"([181])، وكذا قال غيره([182]).
وأما ما ورد عن حذيفة:
فقد تقدمت الرواية فيه([183]).
ومما ورد عن أبي ذر:
24 ـ عن حصين بن عمار، قال: قال لي أبو ذر: "يا حصين إذا أنا مت فاستر عورتي، وانق غسلي، وكفنِّي في وتر، وكبر علي خمساً الخ.."([184]).
ومما ورد عن أصحاب معاذ في الشام:
25 ـ عن علقمة، قال: قلت لابن مسعود: إن أصحاب معاذ قدموا من الشام فكبَّروا على ميت لهم خمساً، فقال ابن مسعود: ليس على الميت من التكبير وقت، كبر ما كبر الإمام، فإذا انصرف الإمام فانصرف([185]).
ومما ورد عن أهل الشام:
26 ـ أن علقمة قدم من الشام، فقال لابن مسعود: إن إخوتك بالشام يكبِّرون على جنائزهم خمساً، فلو وقَّتم وقتاً نتابعكم عليه، فأطرق عبد الله، ثم قال: انظروا جنائزكم فكبروا عليها ما كبر أئمتكم، لا وقت ولا عدد([186]).
وعن العباس بن عبد المطلب:
أنه كبر على النبي "صلى الله عليه وآله" حينما صلى عليه خمساً([187]).
وما روي عن أبي يوسف:
27 ـ قيل: إن أبا يوسف كان يكبر خمساً([188]).
وما روي عن جابر بن زيد:
28 ـ قد نقله عنه ابن رشد([189]).
وأما ما نقل عن ابن أبي ليلى:
29 ـ فقد نسبه إليه كثيرون([190]).
رأي الهاشميين في التكبير:
30 ـ روى الزبير بن بكار: أن المنصور كبَّر على هشام بن عروة أربع تكبيرات، ثم صلَّى على مولاه هو، وكبَّر عليه خمس تكبيرات، قال الزبير: "كبَّر عليه أربع تكبيرات بالقرشية، وكبَّر على هذا خمس تكبيرات بالهاشمية".
قال محمود محمد شاكر في تعليقته هنا على نسب قريش: "ومعنى ذلك: أن قريشاً كانوا يرون التكبير على الجنازة أربعاً، وأن بني هاشم وبني العباس كانوا يرون التكبير عليها خمساً"([191]).
وقد تقدم: أن الرسول "صلى الله عليه وآله" كان يكبِّر على بني هاشم خمس تكبيرات.
ولعله لأجل هذا، نجد: أن علي بن المهدي، أخا الرشيد الخليفة العباسي كبَّر على السيد الحميري خمساً، بأمر من الرشيد نفسه، فقد قال المرزباني، وغيره:
31 ـ "..ووجه الرشيد بأخيه علي، وبأكفان وطيب، فردت أكفان العامة عليهم، وكفن في أكفان الرشيد، وصلَّى عليه علي بن المهدي، وكبَّر خمساً، ووقف على قبره إلى أن سطح، ومضى، كل ذلك بأمر الرشيد"([192]).
32 ـ ومما يدل على أن ذلك هو مذهب الهاشميين: ما رواه أبو الفرج الأصفهاني، بسنده إلى إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن أبي الكرام الجعفري: "أن إبراهيم بن عبد الله بن الحسن الثائر على المنصور، والمقتول بباخمرى.. قد صلَّى على جنازة بالبصرة، فكبَّر عليها أربعاً، فقال له عيسى بن زيد: لم نقَّصت واحدة، وقد عرفت تكبير أهلك"؟!([193]).
وهذا يدل على: أن الهاشميين يلتزمون بالتكبيرات الخمس.
33 ـ وذكروا: "أنه صلى عليه (أي على أبي الهذيل) أحمد بن أبي دؤاد القاضي فكبَّر عليه خمساً. ثم لما مات هشام بن عمرو فكبَّر عليه أربعاً، فقيل له في ذلك.
فقال: إن أبا الهذيل كان يتشيع لبني هاشم فصلَّيتُ عليه صلاتهم الخ.."([194]).
ومما روي عن عمر بن الخطاب:
34 ـ أن سعيد بن المسيب يحدث عن عمر، قال: كل ذلك قد كان: أربعاً، وخمساً، فاجتمعنا على أربع، التكبير على الجنازة. وذكره ابن المنذر، عن ابن المسيب بإسناد صحيح([195]).
كلام ابن قيّم الجوزية:
وأخيراً.. فإن ابن قيم الجوزية ـ بعد أن ذكر روايات التكبير الخمس عن النبي "صلى الله عليه وآله" وعن أمير المؤمنين "عليه السلام"، وزيد بن أرقم، وغيرهم ـ قال: "وهذه آثار صحيحة، فلا موجب للمنع عنها، والنبي "صلى الله عليه وآله" لم يمنع مما زاد على الأربع، بل فعله هو وأصحابه من بعده".
ثم ذكر ما استدل به المانعون من الزيادة على الأربع، وضعفه، فراجع([196]).
وأما سائر الذين أشرنا في أول البحث أنهم يقولون بوجوب التكبير خمساً، فقد ذكرنا هناك من عزا ذلك إليهم، فلا نعيد.
التكبير خمساً عند الصحابة وغيرهم:
تقدم كلام ابن مسعود، وعمر، الدال على أن الصحابة كانوا يزيدون في تكبيرهم على الجنازة على الأربع.
ونزيد هنا:
1 ـ ما سوف يأتي تحت عنوان: (عمر أول من ألزم بالأربع) من أن الصحابة في عهد الرسول "صلى الله عليه وآله"، وعهد أبي بكر، وعهد عمر كانوا يكبرون خمساً، وستاً، وأربعاً..
2 ـ عن الحكم بن عتيبة، أنه قال: كانوا يكبَّرون على أهل بدر خمساً وستاً، وسبعاً..([197]).
3 ـ عن ابن عيينة قال: كانوا يكبِّرون على أهل بدر خمساً، وستاً وسبعاً([198]).
4 ـ عن إبراهيم: كل قد فعل، فاجتمع الناس على أربع تكبيرات، وروي مثله عن ابن مسعود أيضاً([199]).
وابن مسعود، وإبراهيم يشيران: إلى اجتماع الناس على الأربع في عهد عمر..
ومثل ذلك كثير، وتقدم: عن ابن عبد البر، وابن رشد، وعياض، والنووي، والسندي وغيرهم ممن لا مجال لتتبع كلماتهم([200]).
عمر هو أول من ألزم بالأربع:
1 ـ من أوليات عمر المعروفة عنه: إرجاع الناس إلى أربع تكبيرات في صلاة الجنازة([201]).
2 ـ عن إبراهيم النخعي: أن الناس كانوا يصلون على الجنائز خمساً وستاً وأربعاً، حتى قبض النبي "صلى الله عليه وآله"، ثم كبَّروا كذلك في ولاية أبي بكر الصديق، ثم ولي عمر بن الخطاب، ففعلوا ذلك، فقال لهم عمر: إنكم معشر أصحاب محمد متى تختلفون يختلف الناس بعدكم، والناس حديث (حديثوا) عهد بالجاهلية، فأجمعوا على شيء يجمع عليه أمرهم، فأجمع رأي الصحابة على أن ينظروا إلى آخر جنازة كبر عليها النبي "صلى الله عليه وآله" الخ..
وبحسب نص آخر: فأجمعوا أمرهم على أن يجعلوا التكبير على الجنائز مثل التكبير في الأضحى، والفطر: أربع تكبيرات الخ..([202]).
وقد تقدم: عدم ثبوت قولهم: أنه "صلى الله عليه وآله" كبر على آخر جنازة أربعاً لم يثبت.. وحتى لو ثبت ذلك فهو لا يدل على أنه هو التشريع الثابت في صلاة الجنازة على كل مسلم..
وسيأتي ذكر سبب التكبير أربعاً في بعض الموارد.
3 ـ وعن أبي وائل، قال: كانوا يكبِّرون على عهد رسول الله "صلى الله عليه وآله" سبعاً، وخمساً وستاً، أو قال: وأربعاً.
فجمع عمر بن الخطاب أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأخبر كل رجل بما رأى. فجمعهم عمر على أربع تكبيرات، كأطول ما تكون الصلاة([203]).
ولا ندري ما هو الداعي لإضافة عبارة "كأطول ما تكون الصلاة"، فإن الصلاة بأربع تكبيرات هي الأقصر، من التي فيها خمس أو ست أو سبع تكبيرات..
إلا إذا كان المراد: أن ما سمح به عمر هو هذا.. ولم يسمح بما هو أطول من ذلك.
4 ـ قال ابن عبد البر: "وقطع عمر بن الخطاب اختلاف أصحاب رسول الله في التكبير على الجنائز، وردهم إلى أربع"([204]).
5 ـ وبحسب نص آخر عن أبي وائل، قال: "جمعهم (يعني عمر) فسألهم عن تكبير النبي "صلى الله عليه وآله"، فقال بعضهم: أربع تكبيرات.
وقال بعضهم: خمس.
وبعضهم: ست، كلهم قال ما سمع، فجمعهم على أربع.
وكان آخر ما كبر النبي "صلى الله عليه وآله" أربعاً على سهيل بن البرصاء"([205]).
وهذا القول الأخير محل نظر.. إذا قورن بقولهم: إن آخر صلاة صلاها النبي "صلى الله عليه وآله" كانت على النجاشي، ولكن قد تقدم: أن بعض الروايات ذكرت: أنه كبر عليه خمساً أيضاً..
إلا إذا فرض: أن سهيل بن البرصاء كان من المنافقين، وكان "صلى الله عليه وآله" يكبر على المنافقين أربعاً، ويترك التكبيرة الخامسة لأنه لا يريد أن يدعو لهم.
أسد حيدر ماذا يقول؟!:
وقد أنكر أسد حيدر: أن يكون عمر جمع الناس على أربع، على اعتبار كونه يستبعد أن يقدم عمر على إحداث فريضة لم تكن على عهد رسول الله "صلى الله عليه وآله"، إذ ليس له حق التشريع، ولو فعل، فلا يجب اتِّباعه، لأن ذلك من وظيفة النبي "صلى الله عليه وآله" إلى آخر كلامه([206]).
ولكن.. ما ذكره إنما يرد لو لم يكن لهذا الفعل نظائر صدرت من عمر ومن غيره من الصحابة، وتحريمه لزواج المتعة، ومنعه من التمتع بالعمرة إلى الحج، وإسقاطه حي على خير العمل من الأذان، وإضافته لكلمة "الصلاة خير من النوم " فيه، وغير ذلك مما شاع وذاع عنه، مما لا يمكن إنكاره([207]).
سرّ الاختلاف في التكبير على الميت:
عن أبي عبد الله "عليه السلام": "كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" إذا صلَّى على ميت كبَّر وتشهد، ثم كبَّر وصلَّى على الأنبياء ودعا. ثم كبَّر ودعا للمؤمنين، واستغفر للمؤمنين والمؤمنات، ثم كبَّر الرابعة ودعا للميت، ثم كبَّر الخامسة وانصرف، فلما نهاه الله عز وجل عن الصلاة على المنافقين: كبَّر وتشهد، ثم كبَّر وصلَّى على النبيين، ثم كبَّر ودعا للمؤمنين، ثم كبَّر الرابعة وانصرف ولم يدعُ للميت"([208]).
قال أبو عبد الله "عليه السلام": صلَّى رسول الله "صلى الله عليه وآله" على جنازة فكبَّر عليه خمساً، وصلَّى على أخرى فكبَّر عليه أربعاً، فأما الذي كبَّر عليه خمساً، فحمد الله ومجده في التكبيرة الأولى، ودعا في الثانية للنبي "صلى الله عليه وآله"، ودعا للمؤمنين والمؤمنات في الثالثة، ودعا في الرابعة للميت، وانصرف في الخامسة.
وأما الذي كبَّر عليه أربعاً، فحمد الله ومجده في التكبيرة الأولى، ودعا لنفسه، وأهل بيته في الثانية، ودعا للمؤمنين والمؤمنات في الثالثة، وانصرف في الرابعة، فلم يدعُ له، لأنه كان منافقاً..([209]).
وورد أيضاً: أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان يكبر على قوم خمساً، وعلى قوم آخرين أربعاً، وإذا كبَّر على رجل أربعاً اتُهم ـ يعني بالنفاق ـ([210]).
ومن الواضح: أن آية النهي عن الصلاة على المنافقين قد نزلت في سنة تسع. وآية النهي عن الاستغفار للمنافقين قد نزلت في السنة الخامسة أو السادسة([211]).
وإذا كان النبي "صلى الله عليه وآله" قد صلَّى على آخر جنازة في سنة تسع: وهي جنازة سهيل بن البرصاء، حسبما تقدم..
فنستنتج من ذلك: أن الرسول "صلى الله عليه وآله" من حين نُهِيَ عن الاستغفار في الخامسة، أو السادسة، بدأ يكبر على الميت من المنافقين أربع تكبيرات.. وعلى الصالح خمساً..
فلما نُهي عن الصلاة على المنافق، امتنع من الصلاة عليه بالكلية وكان ذلك في سنة تسع..
وعليه، فيكون مقصود الرواية المتقدمة بالنهي عن الصلاة على المنافق: هو النهي عن الاستغفار له بعد الرابعة، فكأنه لم يصل عليه أصلاً..
أو لعل في الرواية اشتباهاً بين النهي عن الصلاة، والنهي عن الاستغفار، وكيف كان فالأمر سهل.
وبعد كل ما تقدم، نعود لنقول:
إننا لا نجد تعليلاً مقبولاً، للزيادة والنقيصة في تكبيرات النبي "صلى الله عليه وآله"، وبعض الصحابة على الجنازة سوى هذا.. فاشتبه الأمر على البعض الآخر منهم، ولم يعرفوا الوجه فيه؛ لأنه "صلى الله عليه وآله" لم يكن يصرح لهم بنفاق من يصلى عليه لأكثر من سبب، فاختلفوا فيما بينهم، وجمعهم عمر على أربع قياساً على بعض ما رأوه بنظرهم صالحاً للقياس عليه، ولا عذر للصحابة في موافقته على التصرف في هذا التشريع، حتى لو لم يعرفوا السرَّ الكامن وراء تكبيراته "صلى الله عليه وآله" المختلفة..
ولكن الهاشميين وأهل البيت "عليهم السلام"، الذين منهم أئمة الهدى، وسفينة النجاة، وهم أقرب إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، وأعرف بدقائق أموره، وأسرار تصرفاته قد اطَّلعوا على ذلك وعرفوه.. وبينوه في الوقت المناسب ولكن بعد أن زالت الموانع..
ولو أن أمير المؤمنين "عليه السلام" أراد أن يبين هذا الحكم في وقته، وخصوصاً حين اختلاف الصحابة، حينما جمعهم عمر، للزم من بيانه لذلك مفسدة عظيمة، ولاسيما مع وجود بقايا المنافقين فيما بينهم.. وأيضاً مع وجود أبناء من صلَّى عليهم النبي "صلى الله عليه وآله" منهم، وعشائرهم، وأقربائهم.
نعم.. إن ذلك سوف يكون صدمة عنيفة لأولئك الأقارب، لا يؤمن معها من حصول ردَّات فعل لا تحمد عقباها، في مجتمع لم يزل قريب عهد بالجاهلية ـ على حد تعبير عمر فيما تقدم ـ وحيث لم تتأصل الروح الدينية في نفوسهم بعد.
فكان من الصالح أن يسكتوا عن بيان ذلك حينئذٍ مؤقتاً.. ولكنهم استمروا على ممارسة ما يعلمون أنه الحق.. لتمرَّ فترة يقلُّ معها ارتباط الناس بأسلافهم، لِيُمْكِن طرح الحقيقة وبيانها، وهكذا كان..
واستمر عمل الهاشميين على الخمس، وأخذ الآخرون بالأربع ولعل بعضهم أخذ ذلك بحسن نية، وسلامة طوية، وغفلة عن حقيقة القضية..
والآن.. وبعد أن اتضح السرُّ الحقيقي لذلك.. فإننا ندعو الجميع بكل محبة وإخلاص إلى العودة إلى ما عليه أهل البيت "عليهم السلام"، فهم مصابيح الهدى، وباب حطة، وسفينة نوح، التي من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق وهوى.. وهم أحد الثقلين، اللذين لن يضل من تمسك بهما، وقد أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.
الفصل الخامس:
إلى مكة.. لأجل العمرة..
توطئة.. وتمهيد:
عرفنا في جزء سابق، خصصناه للحديث عن غزوة الحديبية: أن النبي الأعظم "صلى الله عليه وآله" كان قد عاقد قريشاً على دخول مكة بعد الحديبية بعام، وليس معه من السلاح إلا سلاح المسافر، وهو السيوف في القرب (جمع قراب)، بشرط أن لا يقيم بها هو وأصحابه أكثر من ثلاثة أيام، ويخرج في اليوم الرابع، بالإضافة إلى شروط أخرى وضعها "صلى الله عليه وآله" على قريش في عهد الحديبية، كما تقدم.
وبعد سنة من عهد الحديبية قصد النبي "صلى الله عليه وآله" مكة، ليؤدي مناسك العمرة، وفق ما اتفق عليه، وهو ما يعرف بعمرة القضاء.
تصحيح اشتباه:
ولكن ظاهر عبارة بعضهم: أن اشتراط تلك الأمور المشار إليها، إنما كان في عمرة القضاء نفسها، فقد قال: "..ثم خرج "صلى الله عليه وآله" معتمراً عمرة القضاء، فأبى أهل مكة أن يدعوه "صلى الله عليه وآله" يدخل مكة، حتى قاضاهم على أن يقيم ثلاثة أيام الخ.."([212]).
إلا أن يقال: إن كلمة "حتى" في قوله: "حتى قاضاهم" تصحيف لكلمة "حيث"، ويكون المراد: أنه كان قد قاضاهم على ذلك في الحديبية.
وفي جميع الأحوال نقول:
الصحيح: هو ما ذكرناه أولاً؛ لأن هذه الشروط مذكورة في نفس عهد الحديبية، وهو قد كتب قبل عمرة القضاء بعام، فراجع..
من المدينة إلى مكة:
ومهما يكن من أمر، فإنه "صلى الله عليه وآله" عزم على العمرة في أول ذي القعدة سنة سبع، فأمر أصحابه بأن يتجهزوا لها، وأن لا يتخلف عنه أحد ممن شهد الحديبية، فلم يتخلف عنه أحد، إلا من استشهد في خيبر، أو مات بين الحديبية وعمرة القضاء.
وقد انضم إليهم جمع ممن لم يحضر الحديبية أيضاً، فكان المسلمون في عمرة القضاء ألفين([213]).
وكان جعفر بن أبي طالب "عليه السلام"، ممن رافق النبي "صلى الله عليه وآله"، وهو ممن لم يشهد الحديبية، لأنه كان بالحبشة آنذاك.
فقال رجل من حاضري المدينة من العرب: يا رسول الله، والله، ما لنا زاد، وما لنا أحد يطعمنا.
فأمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" المسلمين أن ينفقوا في سبيل الله تعالى، وأن يتصدقوا، وأن لا يكفوا أيديهم فيهلكوا..
فقالوا: يا رسول الله، بم نتصدق، وأحدنا لا يجد شيئاً؟!
فقال "صلى الله عليه وآله": بما كان، ولو بشق تمرة([214]).
وساق "صلى الله عليه وآله" في عمرته تلك ستين بدنة([215])، وقيل سبعين([216])، وقلدها، ليعلم أنها هدي، فيكف الناس عنه، وجعل عليها ناجية بن جندب، ومعه أربعة من أسلم([217]).
واستخلف على المدينة أبا ذر، وقيل غير ذلك. وحمل معه السلاح، والدروع، والرماح. وجعل على السلاح بشير بن سعد.
وقاد معه مائة فرس، عليها ـ كما زعموا ـ محمد بن مسلمة، وأحرم من المسجد، فلما انتهى إلى ذي الحليفة قدَّم الخيل أمامه، فقيل: يا رسول الله، حملت السلاح، وقد شرطوا أن لا ندخلها عليهم بسلاح إلا بسلاح المسافر، السيوف في القرب؟!
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": لا ندخل عليهم الحرم بالسلاح، ولكن يكون قريباً منا، فإن هاجنا هيج من القوم كان السلاح قريباً منا([218]).
فمضى بالخيل محمد بن مسلمة، فلما كان بمر الظهران وجد نفراً من قريش، فسألوه، فقال: هذا رسول الله "صلى الله عليه وآله" يصبِّح هذا المنزل غداً إن شاء الله، وقد رأوا سلاحاً كثيراً.
فخرجوا سراعاً حتى أتوا قريشاً، فأخبروهم بالذي رأوا من الخيل والسلاح، ففزعت قريش، وقالوا: ما أحدثنا حدثاً، وإنا على كتابنا ومدتنا، ففيم يغزونا محمد في أصحابه؟!([219]).
ثم إن قريشاً بعثت مكرز بن حفص في نفر من قريش إليه "صلى الله عليه وآله"، فلقوه ببطن يأجج، فقالوا: والله يا محمد، ما عرفت صغيراً ولا كبيراً بالغدر، تدخل بالسلاح في الحرم على قومك، وقد شرطت عليهم أن لا تدخل إلا بسلاح المسافر، السيوف في القرب؟!
فقال "صلى الله عليه وآله": إني لا أدخل عليهم بسلاح.
فقال مكرز: هو الذي تعرف به البرّ والوفاء.
ثم رجع مكرز إلى مكة سريعاً، وقال: إن محمداً لا يدخل بسلاح، وهو على الشرط الذي شرط لكم([220]).
دخول مكة:
قالوا: فلما اتصل خروجه "صلى الله عليه وآله" بقريش خرجت.
وفي نص آخر: خرج كبراؤهم من مكة، حتى لا يروه "صلى الله عليه وآله" يطوف بالبيت هو وأصحابه، عداوة وبغضاً وحسداً لرسول الله "صلى الله عليه وآله"([221]).
النبي ' في مكة:
فدخل رسول الله "صلى الله عليه وآله" وأصحابه مكة صبيحة الرابع من ذي الحجة([222])، راكباً ناقته القصواء، وابن رواحة آخذ بزمامها، وأصحابه محدقون به، قد توشحوا السيوف يلبون، ثم دخل من الثنية التي تطلعه على الحجون، وهي ثنية كداء.
وكان "صلى الله عليه وآله" إذا دخل مكة قال: اللهم لا تجعل منيتنا بها، يقول ذلك من حين يدخل حتى يخرج منها.
وجعل "صلى الله عليه وآله" السلاح في بطن يأجج، موضع قريب من الحرم.
وتخلف عند السلاح مائتان من المسلمين، ثم قضى الذين كانوا معه مناسكهم، فجاء مائتان منهم فحلوا محل أولئك، فتمكنوا من السعي والطواف، وأداء مناسكهم أيضاً([223]).
وجعل أوس بن خولي على أولئك المائتين([224]).
وقعد جمع من المشركين بجبل قينقاع، ينظرون إليه "صلى الله عليه وآله"، وإلى أصحابه، وهم يطوفون بالبيت، وقد قال كفار قريش: إن المهاجرين أوهنتهم حمى يثرب.
وفي لفظ، قالوا: يقدم عليكم قوم قد وهنتهم حمى يثرب.
فأطلع الله نبيه "صلى الله عليه وآله" على ما قالوا، ثم قال: رحم الله امرأً أراهم من نفسه قوة، فأمر أصحابه أن يرملوا الأشواط الثلاثة، ليُروا المشركين أن لهم قوة.
فعند ذلك قال المشركون: هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى قد أوهنتهم؟! هؤلاء أجلد من كذا، إنهم لينفرون (أي يثبون) نفر الظبي، وإنما لم يأمرهم بالرمل في الأشواط كلها رفقاً بهم.
وانتهى "صلى الله عليه وآله" إلى البيت وهو على راحلته، واستلم الركن بمحجنه، وعبد الله بن رواحة آخذ بزمامها، وهو يقول:
خلـوا بنـي الكفـار عن سبيـلـه إني شـهـدت أنــــه رســولــــه
حقـاً وكـل الخـير فـي سبيــلـه نـحـن قـتـلـنــاكـم عـلى تـأويله
كــما ضربنـاكـم عـلى تنزيـلــه ضـربـاً يــزيـل الهـام عـن مقيلـه
ويـذهـل الخـليـل عن خليـلـه
فقال عمر بن الخطاب: يابن رواحة!! بين يدي رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وفي حرم الله تقول الشعر؟
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": يا عمر، إني أسمع.
أو قال: خلّ عنه يا عمر، فلهو أسرع فيهم من نضح النبل.
فأسكت عمر([225]).
زاد في نص آخر قوله: "يابن رواحة، قل: لا إله إلا الله وحده. نصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده".
فقالها ابن رواحة، فقالها الناس كما قالها([226]).
وذكروا أيضاً: أن الذين اعتمروا مع رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ولم يشهدوا الحديبية، لم ينحروا، فأما من كان شهد الحديبية، وخرج في عمرة القضاء، فإنهم شركوا في الهدي([227]).
كما أن بعض النسوة ممن شهدن الحديبية، قد اعتمرن معه "صلى الله عليه وآله".
ونحر رسول الله "صلى الله عليه وآله" بين الصفا والمروة.
وحلق خراش بن أمية رأس رسول الله "صلى الله عليه وآله" عند المروة([228]).
واضطبع "صلى الله عليه وآله" بردائه، وكشف عضده اليمنى، ففعلت الصحابة كذلك.
وهذا أوّل رمل واضطباع في الإسلام([229]).
الخروج من مكة:
وكان "صلى الله عليه وآله" يكايدهم كلما استطاع، وأقام "صلى الله عليه وآله" وأصحابه ثلاثة أيام.
فلما تمت الثلاثة التي هي أمد الصلح جاء حويطب بن عبد العزى، ومعه سهيل بن عمرو إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" يأمرانه بالخروج هو وأصحابه من مكة.
فقالوا: نناشدك الله، والعقد إلا ما خرجت من أرضنا، فقد مضت الثلاث، فخرج رسول الله "صلى الله عليه وآله" هو وأصحابه منها([230]).
وزعم بعضهم: أنهم ستروا رسول الله "صلى الله عليه وآله" من السفهاء والصبيان حتى لا يؤذوه([231]).
وبعد.. فإن لنا مع النصوص المتقدمة، وقفات عديدة، نذكر طائفة منها على النحو التالي:
المستخلف على المدينة:
قيل: استخلف رسول الله "صلى الله عليه وآله" على المدينة أبا رهم الغفاري([232]).
ولكن ابن سعد ذكر في الطبقات: أن أبا رهم قال: كنت ممن أسوق الهدي، وأركب على البدن في عمرة القضاء. وذكر أنه كان يسير إلى جنب رسول الله "صلى الله عليه وآله"([233]).
وقال ابن هشام: استعمل عويف (أو عويث) بن الأضبط([234]).
وقيل: استعمل أبا ذر([235]).
الذي حلق رأس رسول الله ':
وتقدم: أن الذي حلق رأس النبي "صلى الله عليه وآله" هو خراش بن أمية، وهذا غير مسلَّم أيضاً، فقد روي: أنه معتمر بن عبد الله العدوي([236]).
لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة:
وقالوا: لما كان بعد سنة من الحديبية أمر النبي "صلى الله عليه وآله" المسلمين بالتجهز لعمرة القضاء، فشكى إليه بعض المسلمين ضيق ذات اليد، فأمر "صلى الله عليه وآله" المسلمين بأن ينفقوا، ويتصدقوا، وألَّا يكفوا أيديهم فيهلكوا، وأنزل الله عز وجل: ?وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ?([237]).
ونقول:
إن سورة البقرة ـ كما يقولون ـ هي أول سورة نزلت بالمدينة([238])، فهل بقيت هذه الآية إلى سنة سبع حتى نزلت، ثم أضيفت إلى السورة، كما يضاف غيرها حسب زعمهم؟!([239]) خصوصاً وأن الأمر يتعلق بأمر الإنفاق في الجهاد، وقد كان المسلمون في المدينة يعانون من ضيق ذات اليد منذ اللحظات الأولى التي بدأوا يواجهون الحروب فيها بعد الهجرة..
لكننا نرى: أن السورة كلها أو طائفة كبيرة منها كانت تنزل على رسول الله "صلى الله عليه وآله" دفعة واحدة، ثم تبدأ الأحداث بالتوالي، فينزل جبرئيل ليقرأ عليه "صلى الله عليه وآله" الآيات التي ترتبط بها، علماً أنها كانت قد نزلت مع سائر الآيات قبل ذلك الحدث بمدة.
والظاهر: أن هذا هو ما حصل بالنسبة لآية التهلكة.
آية التهلكة خاصة:
هذا.. وقد حاول البعض أن يستفيد من هذه الآية أيضاً حكماً بتحريم كل عمل يستبطن درجة من الخطورة على الجسد.
ومما لا شك فيه: أن هذه الآية ناظرة إلى تقرير حقيقة استتباع الامتناع عن الإنفاق في سبيل الله سبحانه، للعقوبة الأخروية، ولا تتعرض إلى إلقاء النفس في المخاطر الدنيوية، لا جوازاً، ولا منعاً.. فاستدلال البعض بها على ذلك، ليس له ما يبرره.
وقد ذكرنا في كتابنا مراسم عاشوراء: أن إلقاء النفس في المخاطر تجري فيه الأحكام الخمسة، بحسب ما يعرض من عناوين..
ومن جهة أخرى: فإن هذه الآية لا تنشئ حكماً تعبدياً، بل هي أمر إرشادي، فلا يثبت بمقتضاها أي حكم وراء ما هو ثابت في الشرع لكل مورد بخصوصه، فهي من قبيل الأوامر بإطاعة الله تعالى، وإطاعة رسوله "صلى الله عليه وآله": ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ..?([240]).. وذلك ظاهر لا يخفى..
أحرم من المسجد:
تقدم قولهم: إنه "صلى الله عليه وآله" قد أحرم من المسجد..
وليس المراد به مسجد المدينة، بل المراد به مسجد الشجرة؛ لأنه هو ميقات أهل المدينة، وإنما أحرم "صلى الله عليه وآله" منه.
وقد سئل الإمام الصادق "عليه السلام": لأي علة أحرم رسول الله "صلى الله عليه وآله" من مسجد الشجرة، ولم يحرم من موضع دونه؟!
فقال: لأنه لما أسري به إلى السماء، وصار بحذاء الشجرة نودي: يا محمد!
قال: لبيك الخ..([241]).
وفي رواية أخرى عن أبي بصير: قلت لأبي عبد الله "عليه السلام": خصال عابها عليك أهل مكة.
قال: وما هي؟
قلت: قالوا: أحرم من الجحفة ورسول الله "صلى الله عليه وآله" أحرم من الشجرة.
قال: الجحفة أحد الوقتين، فأخذت بأدناهما وكنت عليلاً([242]).
فإطلاق الكلام عن أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" أحرم من مسجد الشجرة، وعدم الإشارة إلى إحرامه من المدينة، يدل على ما ذكرناه.
وأصرح من ذلك وأوضح: ما روي عن الإمام الباقر "عليه السلام"، حيث قال ـ رداً على دعوى: أن الأفضل إحرام المرء من دويرة أهله ـ: "ولو كان فضلاً لأحرم رسول الله "صلى الله عليه وآله" من المدينة"([243]).
وفي نص آخر رد الإمام الصادق "عليه السلام" على ذلك بقوله: لو كان كما يقولون لما تمتع رسول الله "صلى الله عليه وآله" بثيابه إلى الشجرة([244])، وقريب منه غيره([245]).
تحديد المسؤوليات في دائرة التنظيم:
وبعد، فإن الذي يراقب الأمور في عمرة القضاء يثير اهتمامه أمران:
أحدهما: أنه "صلى الله عليه وآله" يهتم بتوزيع المهمات، وتحديد المسؤوليات، لكي يتشارك الإحساس بالواجب الشرعي، مع الإحساس بالكرامة الفردية، والعنفوان الشخصي لمن يتحمل أية مسؤولية.. وليتم ويهتم بإنجاز المهمات الموكلة إليه، بعيداً عن روح التواكل والإهمال، وفي مأمن من التقصير الذي قد ينتاب الجماعات التي لم تحدد مسؤوليات أفرادها.
فانطلاقاً من قاعدة: "واجعل لكل واحد منهم عملاً تأخذه به"([246])، جعل "صلى الله عليه وآله" على الهدي ناجية بن جندب، ومعه أربعة من أسلم، وجعل على السلاح والدروع، والرماح بشير بن سعد، وأوكل أمر الخيل ـ وهي مائة فرس ـ إلى محمد بن مسلمة، كما زعموا..
الثاني: أن ذلك يشير إلى أن ثمة سعياً حثيثاً لإرساء قواعد تنظيم يراد له أن يهيمن على الحركة العامة، وأن يخرج الأمور عن دائرة الارتجال الذي يمارسه رئيس القبيلة أو الملك، أو الحاكم، وأن يمنع من حصر كل القرارات التفصيلية بشخص واحد، قد يعجز عن الإحاطة بكل الجزئيات التي يحتاج إلى معرفتها، ليكون قراره صحيحاً ودقيقاً.
إذ بدون هذه الإحاطة الدقيقة تصبح احتمالات إخفاقه في ذلك، وقصور قراراته عن استيعاب جميع المواقع التي يحتاج إليها، أكثر قوة، وأشد حضوراً في الحركة العملية.
لا يتخلف من شهد الحديبية:
وكما جرى في خيبر، جرى في عمرة القضاء أيضاً.. فقد اشترط "صلى الله عليه وآله" هنا كما اشترط هناك حضور من شهد الحديبية، بفارق واحد بسيط، وهو: أنه "صلى الله عليه وآله" حين جاء المخلفون يريدون أن يخرجوا معه إلى خيبر، وقالوا: إنها ريف الحجاز طعاماً، وودكاً، وأموالاً، بعث "صلى الله عليه وآله" منادياً فنادى: لا يخرجن معنا إلا راغب في الجهاد، فأما الغنيمة فلا([247]).
أما في عمرة القضاء، فإنه لم يمنع أحداً من المسير معه إلى العمرة، بل اكتفى بإعلان حتمية حضور أهل الحديبية معه فيها. ولم يكن في عمرة القضاء غنائم ليعلن حرمان أو عدم حرمان أحد منها..
ولذلك انضم إليه جمع ممن لم يحضر الحديبية.
والسر في هذا وذاك يمكن رسم معالمه على النحو التالي:
1 ـ أما الأسباب بالنسبة لعمرة القضاء فهي:
أولاً: إن هذه العمرة هي أداء نسك ظل الناس محرومين من أدائه مدة طويلة، ولم يكن النبي الكريم "صلى الله عليه وآله" ليحرم أحداً من أداء نسكه، أو أن يمنعه من القيام بعبادة ربه.
ثانياً: إن التنصيص على لزوم حضور أهل الحديبية يتضمن التعريض بغيرهم، وتعريف الناس بأن تخلفهم عنه "صلى الله عليه وآله" في تلك الغزوة كان بلا مبرر معقول أو مقبول.
ولابد أن يكون هذا درساً لهم ولغيرهم، ويفهمهم: أن التخلف عن طاعة رسول الله "صلى الله عليه وآله" يعرضهم للحرمان من أن يكونوا في مواقع التفضل، والرضا، ويوجب لهم انتكاسات لا يروق لهم أن يعرضوا أنفسهم لها.
ثالثاً: إن هذا التنصيص يمثل تكريماً وتعظيماً لمن حضر الحديبية، وهو إعلان بأن حضورهم هناك كان ذا قيمة وذا أهمية، ومن شأن هذا أن يعطيهم، المزيد من الاندفاع نحو الطاعة لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، والحرص على الكون في مواقع رضا الله تبارك وتعالى.
رابعاً: إن حضور المتخلفين عن الحديبية إلى مكة، التي كانت طيلة سنوات لا يأتيهم منها إلا الشرور والمتاعب، والبلايا والمصائب، يجعلهم أكثر شعوراً بعظمة الإنجاز الذي حققه إخوانهم الذين تخلفوا هم عن مشاركتهم، وخذلانهم قبل عام.. ثم هو يثير فيهم الشعور بالحسرة والندم على ما فرط منهم. ويدفعهم نحو التوبة النصوح بقوة وحزم وإخلاص.
2 ـ وأما بالنسبة لما جرى في خيبر، فالمقصود به هو: تخصيص من حضر الحديبية بالمكافأة، التي لا يستحقها المتخلفون، لأن الله قد جعل هذا الفتح جائزة وثواباً لهم ?وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً، وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللهَ عَزِيزاً حَكِيماً?([248]).
وبذلك يتشجَّع المحسنون لمضاعفة إحسانهم، ويكون في هذا الإعلان بتكريمهم من التعظيم والإجلال لهم ما يسعدهم، ويفرح أرواحهم، ويبهج قلوبهم.
كما أن فيه إعلاناً بسوء فعل من تخلف، وتقبيحاً لتمرده على الأوامر النبوية، وتحذيراً وإنذاراً لمن تحدثه نفسه بأن يتأسى بهم، وتحتم عليه أن يقلع عما عقد العزم عليه، فإن فيه فضيحة لا يرضاها أهل الكرامة، وخزي يأباه أهل الحفاظ.
تقليد الهدي، وحمل السلاح:
والظاهر هو: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" كان يريد دخول مكة من خلال تحطيم عنفوان الشرك، وإسقاط مقاومته من الداخل. أي أنه يريد أن يهزم المشركين نفسياً، من خلال تكوين قناعة لديهم بعدم جدوى مقاومتهم لهذا الدين، والإدراك عملياً بأن حصاد هذه المقاومة لن يكون سوى الدمار والبوار، والمزيد من الخيبات المريرة والمخزية لهم، ليتوصل "صلى الله عليه وآله" ـ من خلال إذكاء هذا الشعور فيهم ـ إلى إخراج مكة والبيت العتيق من أسرهم، من دون أن تراق فيه محجمة من دم، صيانة منه "صلى الله عليه وآله" لحرمة الحرم، وحفاظاً على مكانة البيت وموقعه وحفظاً له من أن يتجرأ عليه أحد، عبر الأحقاب والدهور..
فلأجل ذلك ترى: أنه في نفس الوقت الذي يجهز فيه أمة كبيرة من الناس لدخول مكة للاعتمار، ويستصحب معه الخيل والسلاح، والدروع والرماح، ويقود معه مائة فرس، ويقدمها هي والسلاح أمامه، حين بلغ ذا الحليفة([249]).
تراه "صلى الله عليه وآله" يبالغ في إعطاء التطمينات بأنه لا يريد حرباً ولا قتالاً في مسيره ذاك، فهو يقلِّد الهديَ ليُعْلَمَ أنه هدي، فيكفّ الناس عنه..
ولكنه "صلى الله عليه وآله" لا يخرج نفسه عن دائرة الحذر والاحتياط، فيجعل السلاح قريباً منه، تحسباً لأي طارئ، حتى إنه لما دخل مكة جعل السلاح في بطن يأجج، وهو موضع قريب من الحرم، وجعل لحراسته أوس بن خولي في مائتي رجل، ليمنع بذلك أهل الخيانة والغدر، من التفكير بالغدر، أو افتعال أي ذريعة للخيانة.
قصور النظر لدى بعض المسلمين:
وقد أظهر بعض المسلمين قصور نظر، أو سوء نية حين تظاهر بالاستغراب من أمر السلاح، وقال لرسول الله "صلى الله عليه وآله": يا رسول الله، أحملت السلاح، وقد شرطوا علينا ألا ندخل عليهم إلا بسلاح المسافر؛ السيوف في القرب؟!
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": إنا لا نُدْخِلُهَا عليهم الحرم، ولكن تكون قريباً منا؛ فإن هاجنا هيج من القوم كان السلاح قريباً منا..
فقال له ذلك الرجل: يا رسول الله، تخاف قريشاً على ذلك؟!
فأسكت رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وقدم البدن([250]).
ونحن لا نستطيع أن نسكت على هذا التعبير القبيح والوقح، وهو قوله: "فأسكت رسول الله"!! فإنه مناف للأدب معه "صلى الله عليه وآله"، كما أنه مجانب للحقيقة..
والحقيقة هي: أنه "صلى الله عليه وآله" قد سكت عن رجل ضعيف البصيرة، خامل التفكير، سقيم النظر، ومؤثراً عدم بسط القول معه؛ لأن ذلك الاسترسال، قد يؤدي إلى تسليط الضوء على أمور ليس من المصلحة التعرض لها.
وبقي هذا الاحتياط النبوي بحمل السلاح هو الإجراء الصحيح والضروري، وهو الموافق للحكمة والتدبير السليم، إذ لم يكن من الجائز للعاقل الأريب أن يظهر من نفسه الغفلة والاستنامة، مع عدو عرف بالغدر، والانطواء على نوايا مدخولة، وأهداف شريرة.
يضاف إلى ما تقدم: أن من المصلحة تعريف الناس بحقيقة هذا العدو الذي يواجهه رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وأنه عدو غير مأمون على الوفاء بتعهداته، وأن نهجه خياني وغادر، في حين لم يزل نفس ذلك العدو يشهد له "صلى الله عليه وآله" بأنه لم يزل يعرفه بالوفاء والاستقامة، من صغره إلى كبره، وفي جميع الأوقات والحالات..
وآخر ما نقوله هنا هو: أن المقصود من جعل السلاح قريباً منه: هو إرهاب ذلك العدو، وتعريفه بأن التفكير في غير سياق الوفاء بالعهود، سوف يعيد الأمور إلى مجراها الأول وهو مقاومة الظلم والبغي، وأن ليس ثمة أي خلل أو قصور في التصميم على نشر هذا الدين، وأن العزم لا يزال منعقداً على متابعة المسيرة، فلا مجال للمساومة، ولا للتراخي في شيء من الحقوق التي جعلها الله تعالى للمسلمين والمستضعفين، مهما طال الزمن، فلا فائدة من التآمر، ولا جدوى من خيانة العهود، إلا المزيد من المآسي والرزايا، والنكبات والبلايا.
رعب قريش وحيرتها:
وبالعودة إلى موضوع تقديم رسول الله "صلى الله عليه وآله" الخيل أمامه، حتى بلغت مر الظهران، فرأى أولئك النفر من قريش ـ أو الذين كانوا هناك ـ خيلاً كثيرة، وسلاحاً وفيراً.. فطاروا بالخبر إلى قريش، التي فزعت من ذلك، وتحيرت، وظنت أن ثمة غزواً لها من قبله "صلى الله عليه وآله"..
إننا بالعودة إلى ذلك نقول:
لقد كان هذا التصور هو ما يريده النبي "صلى الله عليه وآله"؛ لأن ذلك يعني: أن هذه المفاجأة قد أثمرت ما يلي:
أولاً: وضع قريش على محك المفاجآت لتقترب من التفكير بموضوعية وواقعية، فلا تستسلم لخيالاتها وأوهامها، التي قد توحي لها بأن الأمور تسير على وتيرة واحدة، أو تتوهم أن من الممكن أن تعرض للنبي "صلى الله عليه وآله" والمسلمين غفلة، تستطيع الاستفادة منها، في تسديد ضربتها الغادرة.
فإن شعورها ذاك، وتوهمها هذا، يثير فيها الرغبة الجامحة إلى أن تخطط، وتدبر، وتتآمر.. على أمل أن تنجح بتغيير المعادلة، إذا أصابت غرة من عدوها الغافل عما دبرته له، وكادته به.
ولكنها إذا عرفت: أن النبي "صلى الله عليه وآله" يفكر في كل اتجاه، ويلاحق كل صغيرة وكبيرة، فسوف لا تجرؤ على الدخول في مغامرة خطيرة من هذا القبيل.
ثانياً: إن هذه المفاجأة التي حيَّرت قريشاً، دفعتها إلى الاعتراف لرسول الله "صلى الله عليه وآله" بأنه ما عرف بالغدر صغيراً، ولا كبيراً، بل كان البر الوفي في جميع أحواله وشؤونه.
ولابد أن تكون قد استحضرت في مقابل ذلك ما كان منها طيلة عشرين سنة تجاهه "صلى الله عليه وآله" والمسلمين، من ظلم وغدر، وقطيعة رحم، وأذى.
كما أن لهذا الاعتراف أهميته البالغة، في فضح حقيقتها، وتعريف الناس بمدى شناعة وقباحة فعلها، فيما مضى، ثم فيما يأتي، حيث إنها سوف تغدر به، بعد أقل من سنة من هذا التاريخ، وتضطره إلى دخول مكة على غير هذه الصورة، وهو ما عرف بفتح مكة.
ثالثاً: كانت قريش تعلم: أن النبي "صلى الله عليه وآله" والمسلمين حققوا أعظم الانتصارات وأجلها في المنطقة بأسرها، سواء على المشركين، أم على اليهود، ولابد أن تتوقع منه التفكير فيما هو أبعد من ذلك.
فقد هالها أن تراه يفكر ويبادر إلى نشر هذا الدين فعلاً في أرض الحبشة، وكان النصر حليفه في ذلك، وها هي تراه قد أرسل إلى جبابرة الأرض يطالبهم بالاستجابة لأمر الله تعالى، والإيمان بنبوته.
هذا، على رغم أن أعداد أنصاره كانت لا تزال قليلة، وعُدَّتهم ضئيلة.. فكيف وقد تضاعف العدد، وقويت العدة، وأصبح المسلمون أسياد المنطقة بأسرها. وصار الكل يرهب جانبهم، ويطمح إلى إنشاء علاقات طبيعية معهم؟!
رابعاً: إذا ظهر أن هؤلاء الأقوياء لم تسلمهم قوتهم المتنامية، ولا كثرة عددهم إلى الغرور، ولم تؤثِّر انتصاراتهم في حقيقة ومستوى التزامهم بعهودهم، وبشعاراتهم، وبمبادئهم، وقيمهم، وبأحكام دينهم، وأخلاقهم قيد شعرة.
فذلك من شأنه: أن يهزَّ وجدان الكثيرين من الناس، وأن يدعوهم إلى احترامهم، وإلى الثقة بهم، والسكون إلى كل ما يقولونه ويفعلونه..
الحقد هو الحاكم، وليس المنطق:
وبعد، فقد ذكر النص المتقدم: أن كبراء قريش خرجوا من مكة، حتى لا يروا النبي "صلى الله عليه وآله" يطوف بالبيت هو وأصحابه، حسداً، وعداوة، وبغضاً له "صلى الله عليه وآله".
فإذا كان الكبراء والرؤساء تسيِّرهم مشاعرهم، ويتخذون مواقفهم انطلاقاً من البغض، والحسد والحقد، لا من خلال التفكير والتروي، ووزن الأمور بميزان العقل والحكمة، فماذا نتوقع من عامة الناس يا ترى.. فهل تراهم سوف يتصرفون على عكس ما يجدونه من كبرائهم ورؤسائهم؟! خصوصاً مع ما هو معروف من أن عامة الناس على دين ملوكهم، ولهم يكون سعيهم، وهم يبذلون غاية جهدهم في إجابة مطالبهم، وتحقيق رغباتهم ومآربهم..
ويذكرنا فعل هؤلاء، وما نتوقعه من أولئك بقول الشاعر:
إذا كان رب البيت بالطبل ضارباً فشيمة أهـل البيت كلهم الـرقص
ظهور الوهن في المهاجرين:
وبمجرد أن عرفت قريش بمسير النبي "صلى الله عليه وآله" بدأت شائعاتها تلاحق المسلمين، فقد ذكروا: أنه لما نزل النبي "صلى الله عليه وآله" مرَّ الظهران في عمرته، بلغ أصحابه: أن قريشاً تقول: ما يتباعثون من العجف.
فقال أصحابه: لو انتحرنا من ظهرنا، فأكلنا من لحمه، وحسونا من مرقه، أصبحنا غداً حين ندخل على القوم وبنا جمامة.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": لا تفعلوا، ولكن اجمعوا إلي من أزوادكم.
فجمعوا له، وبسطوا الأنطاع، فأكلوا حتى تركوا، وحشى كل واحد منهم في جرابه([251]).
وقد تقدم: أن جمعاً من المشركين حين نظروا إلى النبي "صلى الله عليه وآله" وأصحابه، وهم يطوفون، لفت نظرهم المهاجرون دون غيرهم، رغم اختلاط الناس بعضهم ببعض، ورغم قلة عدد المهاجرين بالقياس إلى ذلك العدد الكبير من غيرهم، فقالوا: إن المهاجرين أوهنتهم حمى يثرب.
ويبقى هنا أمامنا سؤالان:
السؤال الأول هو: لماذا نسبوا ما يلاحظونه من تعب ووهن في المهاجرين إلى الحمى، ولا ينسبونه إلى تعب السفر ومشقاته؟!
والجواب: لعلهم أرادوا الإيحاء للضعفاء من الناس ولأنفسهم: بأن هذا الوهن كامن في عمق شخصية أولئك الأفراد، وأنه ثابت ودائم فيهم، وليس أمراً عارضاً بسبب متاعب ومشقات السفر، لكي يزول بمجرد الراحة والجمام.
والسؤال الثاني هو: لماذا خصوا كلامهم بالمهاجرين دون غيرهم؟!
ونجيب:
أولاً: إن بعض الروايات قد ذكرت ذلك بصيغة تعم المهاجرين والأنصار، وأنهم قالوا: يقدم عليكم قوم أوهنتهم حمى يثرب..
ثانياً: لعل بعضهم خص الكلام بالمهاجرين، وبعضهم أطلقه ليشمل غيرهم معهم.
ثالثاً: إن وجود المهاجرين بين المسلمين يزيد في حسرة قريش، وفي إحراجها أمام الناس العاديين، الذين يرون أن لهم أقرباء في المسلمين، فلماذا يقسون عليهم، فلعل الأيام تعيد الأمور إلى مجاريها، ويجتمع شملهم بهم؟!
فإذا أظهرت قريش: أن هؤلاء المهاجرين الأقارب لم يسعدوا بتركهم مكة، بل واجهوا الأمراض، وابتلوا بالوهن والضعف، فذلك يقلل من درجة الحنين أو الميل إلى مشاركتهم في ما هم فيه. ما دام أن ثمن ذلك سيكون ضعفاً ووهناً..
أما الأنصار، فقد كانوا قحطانيين، ولا تربط أهل مكة العدنانيين بهم روابط عميقة، ولا يجدون في أنفسهم ميلاً للكون معهم، ومشاركتهم في حلو الحياة ومرها..
وأما المشركون الذين تحدثوا بصيغة التعميم لصفة الضعف والوهن حتى تشمل جميع من جاء مع النبي "صلى الله عليه وآله"، فلعلهم أرادوا أن يصدوا الناس عن التفكير في المدينة من حيث هي منشأ للحمى الموجبة للضعف، والوهن لكل من يسكن فيها!
إظهار القوة.. يبطل كيدهم:
وحين أطلع الله عز وجل نبيه "صلى الله عليه وآله" على مقالتهم هذه، طلب من أصحابه إظهار القوة، وأطلق دعاءه بالرحمة لمن يفعل ذلك.
ولم يُرِدْ "صلى الله عليه وآله" أن يجسد هذه القوة في حركات تستبطن التحدي، أو الادعاء القولي، بل أراد تجسيدها بطريقة تظهر حقيقة وجودها بالفعل في واقع نفس كل واحد من أصحابه، ولذلك قال لهم: "أراهم من نفسه قوة"، أي أنه يريد أن يرى المشركون القوة نفسها في حركة الجسد، لا أن يسمعهم ادعاءات وجودها.
واختار أن يجسدها في نفس ممارستهم العبادية، فأمرهم بالرمل ـ وهو ضرب من المشي السريع ـ في الأشواط الثلاثة.
كما أن طريقة المشي هذه تستبطن ما يشبه الوثبة مع كل خطوة، ولهذا تأثيره القوي في إعطاء الانطباع المطلوب.
وقد فاجأت حركات المسلمين هذه أهل الشرك، فجاء الاعتراض القوي من قبل أولئك الذين أُريد تضليلهم، بادعاء تأثير حمى يثرب في وهن قوتهم، وكان اعتراضاً يستبطن تكذيب هذا الزعم.
فقالوا: "هؤلاء الذين زعمتم: أن الحمى قد وهنتهم؟! هؤلاء أجلد من كذا (أو أجلد منا)، (أو ما يرضون بالمشي) أما إنهم لينفرون نفر الظبي"([252]).
إجراء آخر لإظهار القوة:
وبعد هذا الاستعراض العملي، جاء إجراء عملي آخر، ليرسخ ذلك الانطباع الذي تركه الإجراء الأول، من حيث إنه يريد أن يفهمهم: أن ما جرى في الطواف لم يكن أمراً عابراً، فرضته مناورة ومكابرة، بل هو يستند إلى مخزون حقيقي من القوة الكامنة في كيان أولئك الأفراد أنفسهم.
ويتلخص هذا الإجراء: في أنه "صلى الله عليه وآله" قد بادر إلى الاضطباع، ثم الكشف عن عضده اليمنى. ففعل الصحابة كذلك..
قالوا: وهذا أول رمل واضطباع في الإسلام([253]).
ونلاحظ هنا:
أولاً: إنه "صلى الله عليه وآله" قد بادر هو نفسه لممارسة نفس الفعل الذي كان يفترض أن يأمر أصحابه به، فاضطبع، وأخرج يده.
ثانياً: لم يتضح لنا هل اضطبع "صلى الله عليه وآله"، قبل الطواف، أو بعده؟!
ثالثاً: إن أصحابه "صلى الله عليه وآله" قد اقتدوا به، من دون أن يحتاج إلى أن يأمرهم بذلك.
رابعاً: إنه "صلى الله عليه وآله" إنما كشف عن عضد اليد اليمنى، التي تتولى عادة القبض على مقابض السيوف والرماح، وتورد الضربات المهلكة على الأعداء. ليترك ظهور عضلات هذه اليد بالذات أثراً في نفوس الأعداء.
وقد روي أن ابن عباس سئل، فقيل له: يزعمون أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد أمر بالرمل حول الكعبة.
فقال: كذبوا وصدقوا.
قلت: وكيف ذلك؟!
فقال: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" دخل مكة في عمرة القضاء وأهلها مشركون، فبلغهم أن أصحاب محمد "صلى الله عليه وآله" مجهودون، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "رحم الله امرء أراهم من نفسه جلداً".
فأمرهم، فحسروا عن أعضادهم، ورملوا بالبيت ثلاثة أشواط، ورسول الله "صلى الله عليه وآله" على ناقته، وعبد الله بن رواحة آخذ بزمامها، والمشركون بحيال الميزاب ينظرون إليهم.
ثم حج رسول الله "صلى الله عليه وآله" بعد ذلك، فلم يرمل ولم يأمرهم بذلك، فصدقوا في ذلك، وكذبوا في هذا([254]).
خامساً: المروي عن أهل البيت "عليهم السلام": أنه "صلى الله عليه وآله" قد اكتفى بالرمل، وبكشف عضده، وأنه فعل ذلك في عمرة القضاء، وقد حج بعد ذلك، ولم يفعل، ولم يأمر بشيء من ذلك([255]).
سادساً: إن الاضطباع للمحرم عند أهل السنة: هو إدخال الرداء تحت الإبط الأيمن، وتغطية الأيسر، وبذلك يتم إظهار أحد ضبعيه.
والضبع: وسط العضد بلحمه.
وقيل: العضد كلها.
وقيل: الإبط([256]).
وفي جميع الأحوال نقول:
إن الذي فرض الاضطباع هو حالة خاصة، عالجها رسول الله "صلى الله عليه وآله" بهذه الطريقة، فيبقى الأمر مرهوناً بها، ولا مجال لإحراز بقاء هذا كتشريع مستمر بعده "صلى الله عليه وآله". فكيف إذا ورد عن أهل بيت العصمة "عليهم السلام" ما يدل على أنه حالة خاصة، وليس لها أي صفة شرعية؟!
الفصل السادس:
من مكة إلى المدينة
هل كان أبو هريرة مع الهدي؟!
ذكر الواقدي: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد جعل ناجية بن جندب الأسلمي على هديه، ومعه أربعة فتيان من أسلم([257]).
ولكننا نجد في مقابل ذلك: أن أبا هريرة الدوسي يدعي ويقول: كنت ممن صاحب البدن أسوقها.
كما أن عبيد بن أبي رهم قال: أنا كنت ممن يسوق الهدي، وأركب على البدن([258]).
مع أن أبا هريرة لم يكن أسلمياً، ولم نجد لعبيد بن أبي رهم ترجمة تدلنا على قبيلته، ولم نجد أبا رهم في بني أسلم..
إلا أن يقال: إن الذين وظفهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" على الهدي هم الأسلميون، فلا يمنع ذلك من مشاركة غيرهم لهم على سبيل التبرع، والمبادرة الشخصية..
على أننا لا نستبعد أن يكون المقصود: هو التبجح بأمر لم يحصل منه إلا اليسير، إذ لا مانع من أن يبادر شخص فيسوق الهدي ولو لدقائق، لكي يقول للناس: لقد سقت الهدي، وليثبت لنفسه شرفاً وكرامة، مهما كان ذلك ضئيلاً، وغير ذي بال!!
شعر ابن رواحة:
وعن شعر عبد الله بن رواحة "رحمه الله" نقول:
إن لنا تحفظاً على قوله: "نحن ضربناكم على تأويله"، لأن قريشاً وأهل مكة لم يسلموا بعد، ولم يقروا بالتنزيل، ولم يتأولوا القرآن على خلاف ما أنزل الله تعالى، ولم يقاتلهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" على تأويله..
وإنما حاربهم علي "عليه السلام" على تأويله بعد استشهاده "صلى الله عليه وآله"..
ولأجل ذلك قال ابن هشام: "نحن قتلناكم على تأويله"، إلى آخر الأبيات، لعمار بن ياسر في غير هذا اليوم، قال السهيلي: يعني يوم صفين([259]).
إلا أن يقال: إن عبد الله بن رواحة كان قد سمع من رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن علياً "عليه السلام" سوف يقاتل هؤلاء القوم على تأويل القرآن، كما قاتلهم على تنزيله، فأورده في شعره، على سبيل تنزيل الأمر الذي لم يحصل بعد منزلة الحاصل، فأخبر عنه بواسطة الفعل الماضي.
ومن الواضح: أن هذا الاحتمال لا يصار إليه إلا بقرينة ودليل، لأنه خلاف الظاهر.
وزعم الحلبي: أنه لا يمنع أن يكون عمار قد أخذه من ابن رواحة وتمثل به([260]).
ونقول:
ذكرنا: أنه لا معنى لأن يقول ذلك ابن رواحة، وليس الإشكال في إيراد عمّار لهذا الشعر، خصوصاً لقوله:
الـيـوم نضربكـم عـلى تـأويــلـه كــما ضـربـنـاكــم عـلى تـنزيلـه
فما ذكره لا أثر له في دفع هذه المؤاخذة..
خطأ يقع فيه الترمذي:
وذكر الصالحي الشامي: أن أبا عيسى الترمذي بعد أن ذكر رجز ابن رواحة، قال:
وفي غير هذا الحديث: أن هذه القصة لكعب بن مالك، وهو الأصح، لأن عبد الله بن رواحة قتل بمؤتة، وكانت عمرة القضاء بعد ذلك.
قال الحافظ: وهو ذهول شديد، وغلط مردود. وما أدري كيف وقع الترمذي في ذلك، ومع أن في قصة عمرة القضاء، اختصام جعفر، وأخيه علي، وزيد بن حارثة في بنت حمزة، وجعفر قتل هو وزيد وابن رواحة في موطن واحد، فكيف يخفى على الترمذي مثل هذا؟!
ثم وجدت عند بعضهم: أن الذي عند الترمذي من حديث أنس: أن ذلك كان في فتح مكة. فإن كان كذلك اتجه اعتراض الترمذي.
لكن الموجود بخط الكروخي، راوي الترمذي، هو ما تقدم. وكذلك رأيته في عدة نسخ من جامع الترمذي([261]).
يا عمر، إني أسمع:
ويستوقفنا هنا قول عمر بن الخطاب: يابن رواحة.
ثم قول النبي "صلى الله عليه وآله": يا عمر، إني أسمع.
فهل هذا الخطاب من عمر، خطاب توعُّد وتهديد لابن رواحة؟!
أو هو خطاب تحذير له، من أن يسمعه أهل الشرك، فتثور ثائرتهم؟!
أو هو خطاب يستبطن الاتهام بعدم رعاية جانب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، باعتبار أنه لم يسبق إذن منه "صلى الله عليه وآله" لابن رواحة بهذا الإنشاد؟!
فقد يقال: إن التهديد والوعيد هو الأرجح والأظهر هنا، بملاحظة ما ورد في الرواية نفسها، فهي تقول:
"فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": يا عمر، إني أسمع. فأسكت عمر".
فلولا أن عمر كان غاضباً وحانقاً، ومتوعداً لم يكن وجه لقوله: فأسكت عمر. الظاهر في أنه قد كف عن متابعة أقواله قسراً وجبراً..
ثم إن قول النبي "صلى الله عليه وآله": يا عمر إني أسمع، قد أريد به أمران:
أحدهما: إعلام عمر بأنه "صلى الله عليه وآله" راض بقول ابن رواحة، وبأنه "صلى الله عليه وآله" قد حسب لكل شيء حسابه، فلا داعي للخوف من ردة فعل المشركين، التي ربما يجد فيها عمر ما يؤذيه، أو يؤذي توجهاته..
الثاني: صد عمر عن مواصلة هجومه وتحدياته لابن رواحة.
وقد قلنا: إن البعض ربما يرى أن احتمال إرادة تطمين عمر غير وارد؛ لأن أهل الخير من المؤمنين والمسلمين يشعرون أنهم في أمن وأمان، وهم على يقين من حسن تدبير رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ولا يخالجهم شك في ذلك.
فيتعين أن يكون المراد: الصد لعمر عن وعيده، وتهديده، وهذا هو الأوفق بلحن الكلام وسياقه..
امشوا بين اليماني والأسود:
وذكر الواقدي: أن جبرئيل "عليه السلام" نزل على النبي "صلى الله عليه وآله"، فقال: إن المشركين على الجبل، وهم يرونكم، امشوا بين اليماني والأسود، ففعلوا([262]).
ونقول:
لم نفهم معنى لإصدار الأمر للمسلمين، وهم ألفا رجل، جاؤوا للطواف بالبيت، بأن يمشوا بين اليماني والأسود!!
فإن ذلك غير ممكن، بل غير قابل للتصور.
بل الظاهر: أنه "صلى الله عليه وآله" أمرهم بالطواف بين مقام إبراهيم، وبين الحجر الأسود. وذلك لكي يظهر للمشركين الذين يراقبونهم من فوق الجبل: أنهم كتلة واحدة، متراصة، شديدة التلاحم، توحي بالقوة، والتناصر.. بدلاً من أن يتفرقوا أفراداً وجماعات في أكناف المسجد وأطرافه، فيظهر لهم ـ للمشركين ـ أحجام أفرادهم، وتبدو لهم الفُرَجُ فيما بينهم، فتقتحمهم أنظارهم باستخفاف، وتوحي لهم تلك الفرج الخالية بين الأفراد بالتجزئة المظهرة لصِغر الأحجام، التي تشي بالضعف، وبالتشتت والتفرق.
أذان بلال فوق ظهر الكعبة:
وقالوا: إنه لما قضى رسول الله "صلى الله عليه وآله" نسكه دخل البيت، فلم يزل فيه حتى أذَّن بلال بالظهر فوق ظهر الكعبة، امتثالاً لأمر رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فقال عكرمة بن أبي جهل: لقد أكرم الله أبي، حيث لم يسمع هذا العبد يقول ما يقول.
وكذلك قال صفوان بن أمية.
وقال خالد بن أسيد: الحمد لله الذي أمات أبي، ولم يشهد هذا اليوم، حين يقوم بلال ابن أم بلال ينهق فوق الكعبة.
وأما سهيل بن عمرو، ورجال معه، فحين سمعوا ذلك غطوا وجوههم.
وفي شرح النهج للمعتزلي: أن خالد بن سعيد بن العاص قال: الحمد لله الذى أكرم أبى فلم يدرك هذا اليوم.
وقال الحارث بن هشام: واثكلاه! ليتنى مت قبل هذا اليوم، قبل أن أسمع بلالاً ينهق فوق الكعبة!
وقال الحكم بن أبى العاص: هذا والله الحدث العظيم، أن يصيح عبد بنى جمح، يصيح بما يصيح به على بيت أبى طلحه([263]).
وقالوا: إن بلالاً قد أذن فوق الكعبة يومئذٍ مرة واحدة، ولم يعد بعد، وهو الثبت([264]).
وقالوا أيضاً: إن المشهور هو أن بلالاً أذن فوق الكعبة في يوم الفتح، لا في عمرة القضاء([265]).
ثم قالوا: لم يدخل رسول الله "صلى الله عليه وآله" الكعبة في عمرة القضاء، وقد طلب ذلك رسول الله "صلى الله عليه وآله" من المشركين، فأبوا، وقالوا: لم يكن في شرطك([266]).
ونقول:
الراجح من الاحتمالات والأقوال:
إننا بالنسبة للاختلاف في دخول النبي "صلى الله عليه وآله" إلى داخل الكعبة، وأنهم منعوه من ذلك، أو عدم حصول شيء من ذلك نقول:
نحن نرجح: أنهم قد منعوه من دخولها في عمرة القضاء؛ وقالوا له: إن ذلك لم يكن في شرطك، وهو إنما دخلها في فتح مكة([267])، وفي حجة الوداع([268]).
وبالنسبة إلى أذان بلال فوق الكعبة في عمرة القضاء، أو فيها وفي حجة الوداع معاً، نقول:
كلاهما محتمل، وسيأتي أيضاً: أنه أذن فوق الكعبة يوم الفتح، ولكننا نرفض احتمال أن يكون أذان بلال مختصاً بحجة الوداع دون سواها؛ لأن الأقوال المنقولة عن زعماء قريش وإهاناتهم له، تؤيد وتناسب أن يكون قد أذن على ظهر الكعبة في عمرة القضاء وفي فتح مكة أيضاً.
لمـاذا بــلال؟!
لقد كان العرب يأنفون من إعطاء أي دور للموالي، وكانوا يحتقرونهم، ويسيئون معاملتهم، ويحرمونهم من أبسط حقوقهم، ولعلهم أخذوا ذلك من اليهود..
وقد جاء الإسلام ليساوي بين المولى والعبد، على قاعدة: ?إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِِ أَتْقَاكُمْ?([269])، وأنه لا فضل لعربي على أعجمي، ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى([270]).
فأثارت هذه التشريعات حفيظة الكثيرين منهم، حتى بعض أولئك الذين تظاهروا بالإسلام، فإنهم سرعان ما نقضوا هذه الأحكام بعد وفاة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وعادوا إلى مفاهيمهم الجاهلية، فميزوا العربي على الأعجمي، والسيد على العبد، والأبيض على الأسود، في الإرث والزواج، والصلاة، وفي كثير من الأمور..
ثم لما أراد علي "عليه السلام" أن يعيد الناس إلى سيرة النبي "صلى الله عليه وآله" واجهوه بالحرب التي راح ضحيتها الألوف من المسلمين، فراجع أسباب حرب الجمل.
وقد ذكرنا نبذة مما يتعلق بهذا الأمر في كتابنا: "سلمان الفارسي في مواجهة التحدي" فيمكن الرجوع إليه.
وإن ما صدر عن قريش تجاه بلال، حين شرع في الأذان؛ إن دل على شيء، فهو يدل على مدى الألم الذي كان يشعر به القرشيون، وهم يرون بلالاً الأسود، والمولى، والفقير، والحبشي الغريب!! يرونه فوق الكعبة، وهي أعظم ما يعتزُّون به..
نعم، لقد هالهم أن يسمعوا بلالاً يعلن بتلك الكلمات التي طالما حاربوها، وسعوا في إبطالها، وقتل من آبائهم وإخوانهم، وأبنائهم العشرات، وخسروا الكثير من تحالفاتهم، ومن مكانتهم، ومن هيبتهم، ومن أموالهم، في سبيل إسقاطها، والقضاء عليها.
إن صوت بلال الذي ارتقى فوق الكعبة، التي يزعمون للناس أنهم هم حفظتها وسدنتها سوف يمزقهم، وسيحرق قلوبهم، في وقت يجدون أنفسهم فيه عاجزين عن القيام بأي شيء، وهذا العجز، وتلك الحرقة سوف ينتجان لديهم شعوراً بالصَّغار، وبالخزي، والذل، والاندحار.
وقد ظهر ذلك بصورة واضحة في تعابيرهم، حيث وصف عكرمة وغيره بلالاً بالعبد. ووصف خالد بن أسيد صوته بالنهيق، وأنه ينهق فوق الكعبة، وسهيل بن عمرو وجماعة معه راحوا يغطون وجوههم، حين سمعوا أذانه..
واللافت هنا: أنه "صلى الله عليه وآله" قد اختار الأذان لصلاة الظهر، وهو الوقت الذي تكون فيه أشعة الشمس ساطعة، ويتمكن جميع الناس من سماع الصوت، ومن رؤية صاحبه في موقعه ـ وهو ظهر الكعبة ـ ويرون لونه، وتقاسيم وجهه، ويعرفون شخصه.
وكان بلال معروفاً لديهم، لأنه عاش بينهم، وتداولته أيدي بعض زعمائهم، وقد عذبوه من أجل دينه، وإسلامه.
ولعل هذه الخصوصية أيضاً، هي التي رجحت اختيار رسول الله "صلى الله عليه وآله" له لهذه المهمة. فلم يأمر رجلاً من أهل المدينة أو من غيرهم بالقيام بهذا الأمر.. وذلك لكي يزيد هذا الاختيار من حسرة المشركين، وتتضاعف لأجله آلامهم، ويعظم به ذلهم وخزيهم.
بين سهيل وسعد بن عبادة:
ومن الأمورالجديرة بالتأمل هنا: طريقة النبي "صلى الله عليه وآله" في معالجة الأمر بين سعد بن عبادة، وسهيل بن عمرو، ومن معه..
وملخص ما جرى: حسب نقلهم هو: أن قريشاً كانت قد فوضت حويطب بن عبد العزى بإخراج رسول الله "صلى الله عليه وآله" من مكة([271])، فجاء سهيل بن عمرو، وحويطب بن عبد العزى إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وهو في مجلس من مجالس الأنصار، يتحدث مع سعد بن عبادة، فقالا: قد انقضى أجلك، فاخرج عنا.
فقال "صلى الله عليه وآله": وما عليكم لو تركتموني، فأعرست بين أظهركم، فصنعت لكم طعاماً؟!
فقالا: لا حاجة لنا في طعامك، اخرج عنا. ننشدك الله، يا محمد، والعهد الذي بيننا وبينك إلا خرجت من أرضنا، فهذه الثلاث قد مضت.
وكان "صلى الله عليه وآله" لم يدخل تحت سقف بيت من بيوت مكة، بل ضربت له قبة من أدم بالأبطح، بقي فيها إلى أن خرج من مكة.
فغضب سعد بن عبادة، لما رأى من غلظة كلامهم للنبي "صلى الله عليه وآله"، فقال لسهيل: كذبت، لا أم لك، ليست بأرضك، ولا أرض أبيك. والله، لا يبرح منها إلا طائعاً راضياً.
فتبسم رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ثم قال: يا سعد، لا تؤذ قوماً زارونا في رحالنا.
قال: وأُسْكِتَ الرجلان عن سعد، ثم أمر النبي "صلى الله عليه وآله" بالرحيل، وقال: لا يمسين بها أحد من المسلمين، وركب "صلى الله عليه وآله" حتى نزل سرف، وتتامَّ الناس.
وجاءه أبو رافع بزوجته ميمونة بعد أن حل المساء، ثم جاءت الخيل، وجاؤوا بالسلاح الذي كان ببطن يأجج، ولحقوا برسول الله "صلى الله عليه وآله".. وكان "صلى الله عليه وآله" قد استبدلهم بفوج كان قبلهم، ليتمكن هؤلاء وأولئك من أداء نسكهم والطواف بالبيت.
ثم أدلج "صلى الله عليه وآله" من سرف حتى قدم المدينة([272]).
قال الصالحي الشامي: وفي الصحيح عن البراء بن عازب: أن الأجل لما مضى أتى المشركون علياً، فقالوا: قل لصاحبك: اخرج عنا فقد مضى الأجل.
فذكر ذلك علي لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" أبا رافع بالرحيل، وقال: لا يمسين بها أحد من المسلمين الخ..([273]).
أخرج من أرضنا:
إن أغرب شيء يواجه الإنسان العاقل، هو أن يقدم الذين يدَّعون أنهم قادة، وأنهم عقلاء على أمر لا يقره عقل، ولا يرضاه وجدان، كالذي فعلته قريش مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" في عمرة القضاء، وقولهم: "نناشدك الله، والعقد، إلا ما خرجت من أرضنا".
والذي نلاحظه هنا هو:
أولاً: إنهم قد نسبوا تلك الأرض إلى أنفسهم، مع ادَّعائهم أن الكعبة بيت الله تعالى، ولكل البشر الحق في زيارته، والبقاء عنده ما شاؤوا.
ثانياً: إن الأرض لله سبحانه وتعالى، ولا يحق لأحد ان يمنع أحداً من الإقامة في أي موقع، إلا إذا كان ملكها بالإحياء، أو بغيره من أسباب الملك، إما لرقبة الأرض أو لمنفعتها..
ثالثاً: إن هؤلاء أنفسهم كانوا من أقارب وأرحام رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وقد عاش بينهم دهراً طويلاً، فما معنى الادِّعاء: بأن الأرض لهم دونه؟!
رابعاً: إن هؤلاء أنفسهم سوف ينقضون عن قريب نفس هذا العقد الذي يطالبونه "صلى الله عليه وآله" اليوم بالوفاء به، وسوف يلاقون جزاء نقضهم هذا نصراً مؤزراً له "صلى الله عليه وآله" عليهم.
خامساً: إن نفس اشتراطهم على رسول الله "صلى الله عليه وآله" عدم الإقامة في بلده، وعند بيت ربه سوى ثلاثة أيام، هو أحد مفردات الظلم والبغي منهم، الذي يريدون تكريسه ضده "صلى الله عليه وآله" تحت شعار الوفاء بالعهد!!
وها هم يمعنون في بغيهم، ويسعون للحفاظ عليه باسم العدل، ويعتبرون ذلك من حقهم، وبذلك يصبح ظلمهم وبغيهم مشروعاً!! يلزمون به من فرضوه عليه، ويطالبونه برعايته، وبالوفاء به!!
إنتفاضة سعد:
وبعد، فإن من هوان الدنيا على الله تعالى أن يصبح أعداؤه تعالى، والمحاربون لرسوله "صلى الله عليه وآله"، والرافضون لدينه، والساعون في إطفاء نوره، هم الذين يفرضون أنفسهم حماة لبيت الله تعالى، وسدنة له، وسادة لحرمه، ثم يطالبون صفي الله وحبيبه، وخليله ونجيبه، بأن يخلي لهم بيت ربه، الذي هو أولى به منهم، ومن كل أحد على وجه الأرض، بل لا ولاية عليه لأحد سواه..
إنهم يطالبونه بذلك، بفظاظة ظاهرة، وبعنجهية وافرة، ويريدون بذلك حفظ ثمرات ظلمهم، وبغيهم على الحق وأهله، مع مزيد من الرغبة في الإمعان في الكيد، والتنفيس عن مراجل الحقد، الذي يغلي في أعماق نفوسهم..
وهذا بالذات هو ما أغاض سعد بن عبادة، فانبرى لهم، يفند مزاعمهم، بحمية، وأنفة وكبرياء، بعد أن طفح الكيل، وبلغ السيل الزبى..
لا تؤذ قوماً زارونا في رحالنا:
ويبادر النبي "صلى الله عليه وآله" إلى معالجة الموقف بمنطق يدينهم، ويلحق بهم المزيد من الخزي والعار، ويرسخ المرارة، ويعمق الألم في نفوسهم، من حيث إنه منطق يخضعون له، ويلزمون أنفسهم به.. وإنما على نفسها جنت براقش..
ويطلق "صلى الله عليه وآله" كلمته التي قد تبدو عابرة بحسب الظاهر، ولكنها أمضى من السيف، وأنفذ من السهم في قلوب أهل الطغيان، حيث قال "صلى الله عليه وآله": يا سعد، لا تؤذ قوماً زارونا في رحالنا.
وأسكت الرجلان عن سعد!!
وكيف لا يسكتان عنه، وقد ألقمهما النبي الكريم والحليم "صلى الله عليه وآله" حجراً؟! وألزمهما عاراً لا يزول، وشناراً لا يمحى؟! حيث تعامل معهم بالخلق الرفيع، وبمنطق الشمم، والإباء، والترفع عن مقابلة الإساءة بما يوجبه منطق المقابلة بالمثل، فهو "صلى الله عليه وآله" ولمجرد مجيئهما إلى رحله ليس فقط يتجاوز عن إساءتهما، بل هو يعطيهما بذلك حصانة من التعرض للعقوبة التي يستحقانها، نتيجة سوء ما أتياه تجاه شخصه "صلى الله عليه وآله"..
وبطريقة تظهر قبح فعلهم، وما جاءا يطالبانه به..
فإذا كانت زيارتهما للنبي "صلى الله عليه وآله" في رحله جعلته يمنحهما هذه الحصانة، فلماذا لا يتعاملان معه بنفس هذا الخلق؟! ويعتبران زيارته "صلى الله عليه وآله" لبيت ربه ـ وليس لبيوتهم ورحالهم ـ من موجبات كف أذاهم عنه، وعمن معه؟!
وإذا كان مشركو مكة يعتبرون ـ ظلماً وعتواً ـ أن هذه الأرض أرضهم، فلماذا لا يعاملونه كزائر لهم في أرضهم، فيمتنعون عن أذاه، ويكفون عن مواجهته بهذا المستوى من الغلظة، والمناكرة؟!
ولماذا لا يمهلونه ـ ولو للحظات ـ بعد انقضاء الثلاثة أيام، وهو إنما وعد بالمغادرة في اليوم الرابع، ولم ينقض ذلك الموعد بعد.. ليروا إن كان سَيَفِي لهم بوعده، الذي ابتزوه منه، ولا حق لهم به، أو أنه سوف لا يفي؟!
فإن الوقت لم يفت بعد، لأن باستطاعته البقاء حتى المساء، ولم تظهر منه أية بادرة تشير إلى أنه سيبقى في مكة بعد انقضاء الوقت المحدد!!
ولذلك قال "صلى الله عليه وآله": لا يمسين في مكة أحد من المسلمين. ولم يعترض عليه سهيل بن عمرو، ولا غيره، ولو كان بوسع أحد منهم الادِّعاء: بأن ذلك يخالف العقد والعهد، ولو بساعة واحدة لبادر إليه، بهدف الطعن والانتقاص والتجريح به "صلى الله عليه وآله"..
وإن عدم دخول النبي "صلى الله عليه وآله" تحت سقف أي بيت من بيوت مكة، رغم أن فيها بيوت أهله، وإخوانه، وعشيرته، وآبائه، وفي تلك البيوت عاش ونشأ، وترعرع ـ إن ذلك ـ لا بد أن يقطع دابر أي تكهن باطل عن نواياه تجاه مكة وأهلها، أو البقاء فيها، فلماذا هذا الصلف؟! ولماذا هذا البغي الظاهر عليه.. وهو لم يلمح إلى وجود أي ميل لديه، أو أي حنين إلى سكنى مكة سوى حنينه لبيت الله، تبارك وتعالى؟!
وكان باستطاعته أن يغتنمها فرصة، لإظهار مظلوميته، وللتذكير بحقوقه المغتصبة، من خلال الشواهد الحية التي لا يستطيع أحد أن ينكرها، أو أن يناقش فيها.
وذلك كله يعطينا أنه "صلى الله عليه وآله" قد أفهمهم أنه لا يفكر بنفسه كشخص، وإنما يفكر في دين الله سبحانه، وفي حرمه وبيته، وفي المستضعفين والمقهورين من عباده عز وجل.
زواج النبي ' بميمونة:
وذكروا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" خطب ميمونة بنت الحارث الهلالية في عمرة القضاء، فجعلت أمرها إلى العباس بن عبد المطلب، فزوجها العباس من رسول الله "صلى الله عليه وآله"([274])، وأصدقها أربع مائة درهم([275]).
ولما خرج "صلى الله عليه وآله" من مكة خلَّف أبا رافع ليحملها إليه حين يمسي، فخرج بها أبو رافع وبمن معها عند المساء، فلقوا أذى وعناء من سفهاء المشركين، وتناولوا النبي "صلى الله عليه وآله" بألسنتهم، ولم يرتدعوا حتى هددهم أبو رافع بالسلاح، على اعتبار أنهم يريدون نقض العهد، فولوا هاربين.
وبنى رسول الله "صلى الله عليه وآله" بزوجته ميمونة بسرف([276]).
ونقول:
إن هناك أموراً يحسن التذكير بها، وهي التالية:
الإعراس في مكة غير ميسور:
تقدم: أن سهيل بن عمرو، وحويطب بن عبد العزى، طلبا من النبي "صلى الله عليه وآله" مغادرة مكة بعد أن مضى عليه ثلاثة أيام من دخولها، فقال لهما النبي "صلى الله عليه وآله": وما عليكم لو تركتموني أعرست بين أظهركم، وصنعت لكم طعاماً؟!
فقالا: لا حاجة لنا في طعامك، اخرج عنا([277]).
غير أننا نقول:
أولاً: ربما يحاول البعض الاستفادة من هذه الرواية: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد خطب ميمونة وعقد عليها، وهو محرم، ولم يبق إلا أن يعرِّس بها..
لكنها استفادة غير تامة، إذ من الجائز أن يكون قد خطبها وعقد عليها بعد أن أحل من إحرامه..
ثانياً: إن عرض النبي "صلى الله عليه وآله" على قريش أن يتركوه ليعرس بين أظهرهم فيه إيحاء لهم، بأنه يتعامل مع الأمور بعفوية وبطبيعية تامة، وأنه ليس متوتراً، بل هو على غاية من السكينة والهدوء، ولا يعتبر نفسه في حالة استثنائية، أو غير عادية.. حتى إنه يعرض على أعدائه ـ بكل عفوية ـ أن يمنحوه الفرصة لممارسة حقه الطبيعي في الحياة، في بلدهم، وبين أظهرهم، وهو الأمر الذي يرتبط به كشخص، وهو إنشاء بيت للزوجية جديد، ويطلب منهم أن يشاركوه فرحته، رغم علمه بأنهم يضعون أنفسهم في موقع المحارب والعدو..
وفي مقابل ذلك: فإن هؤلاء المناوئين إذا عادوا إلى أنفسهم فسيرون أنها مشحونة بالقلق، زاخرة بالحقد، مليئة بالعقد، والأزمات، ولا يجدون الفرصة لممارسة حياتهم الشخصية، وتلبية حاجاتهم الطبيعية إلا في أجواء من الهموم والغموم، والتوترات..
فما أبعد ما بين الحالتين، وما أشد تأثيرهما على نفوسهم، وما أمضَّ ألم ذلك في قلوبهم.
هل تزوج ميمونة وهو محرم؟!
قيل: إنه "صلى الله عليه وآله" قد تزوج ميمونة قبل أن يحرم بالعمرة([278]).
وقيل: بعد أن أحل منها([279]).
وقيل: بل خطبها وتزوجها وهو محرم([280]). وروي ذلك عن ابن عباس، وأبي هريرة. وجُعِل ذلك من خصائصه "صلى الله عليه وآله"([281]).
وقالوا: تزوجها وهو محرم وبنى بها وهو حلالاً([282]).
وقالوا: إن النبي "صلى الله عليه وآله" قد تزوجها في الشهر الحرام، وفي البلد الحرام، فلعل هذا هو المراد، وليس المراد: أنه تزوجها قبل أن يحل من إحرامه([283]).
وقالوا: تزوجها حلالاً، وأظهر أمر زواجها وهو محرم([284]).
وقال القاضي عياض: لم يرو أنه تزوجها محرماً إلا ابن عباس وحده، حتى قال سعيد: ذهل ابن عباس وإن كانت خالته ما تزوجها رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلا بعد ما حل. ذكره البخاري([285]).
وقال القاضي وغيره: ولم يرو أنه تزوجها محرماً إلا ابن عباس وحده.
وروت ميمونة وأبو رافع وغيرهما: أنه تزوجها حلالاً، وهم أعرف بالقضية لتعلقهم به، خلاف ابن عباس، ولأنهم أضبط من ابن عباس([286]).
وميمونة هي آخر امرأة تزوجها رسول الله "صلى الله عليه وآله"([287]).
جعفر هو الخاطب:
وادَّعت بعض الروايات: أن أبا رافع كان هو الوكيل عن النبي "صلى الله عليه وآله" في أمر ميمونة([288]).
والصحيح هو: أن جعفر بن أبي طالب هو الذي خطبها له "صلى الله عليه وآله"، وكان النبي "صلى الله عليه وآله" قد بعث جعفراً بين يديه من أجل ذلك([289]).
برة.. ثم ميمونة:
وزعموا: أن اسمها كان في الأصل "برَّة" فسماها رسول الله "صلى الله عليه وآله" ميمونة([290]).
غير أنه قد تقدم منا بعض الكلام حول هذا الموضوع حين الحديث عن زينب بنت جحش، حيث زعموا أن اسمها كان أيضاً برة، فغيَّره النبي "صلى الله عليه وآله" إلى زينب ـ وذكرنا هناك بعض ما يوجب الشك بل الجزم بعدم صحة هذه المزاعم، فراجع فصل: "على هامش حديث الزواج"([291]).
البعير وما عليه للبشير:
وقالوا: إن ميمونة لما علمت بأمر الخطبة وكانت على بعيرها، قالت: البعير وما عليه لله ولرسوله([292]).
ولذلك قيل: إنها هي التي وهبت نفسها لرسول الله "صلى الله عليه وآله"([293]).
ونقول:
إن الصحيح هو: أن التي وهبت نفسها لرسول الله "صلى الله عليه وآله" هي امرأة من الأنصار، فبادرتها حفصة (أو عائشة) بالقول: ما أقل حياءك، وأجرأك، وأنهمك للرجال!!
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": كفي يا حفصة، فإنها خير منك، رغبت في رسول الله، ولمُتِها، وعِبْتِها؟!
ثم قال للمرأة: انصرفي رحمك الله، فقد أوجب الله لك الجنة لرغبتك فيَّ، وتعرضك لمحبتي وسروري، وسيأتيك أمري إن شاء الله.
فأنزل الله عز وجل: ?..وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ..?([294]).
وقيل: إنها لما وهبت نفسها للنبي "صلى الله عليه وآله"، قالت عائشة: ما بال النساء يبذلن أنفسهن بلا مهر؟!
فنزلت الآية، فقالت عائشة: ما أرى الله إلا يسارع في هواك.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": فإنك إن أطعت الله سارع في هواك([295]).
وروي عن الإمام الصادق "عليه السلام": أن التي وهبت نفسها لرسول الله "صلى الله عليه وآله" هي خولة بنت حكيم السلمي([296]).
وروي ذلك عن عائشة وعن عروة أيضاً([297]).
وقيل غيرها، فراجع([298]).
فلعل حشر اسم ميمونة في هذه القضية يراد منه التعتيم على ما صدر من عائشة وحفصة من جرأة عليه "صلى الله عليه وآله".
فضل ميمونة:
وميمونة أفضل نساء النبي "صلى الله عليه وآله" بعد خديجة، وأم سلمة([299]).
وقد روي عن أبي جعفر "عليه السلام": أن النبي "صلى الله عليه وآله" قال: لا ينجو من النار، وشدة تغيظها وزفيرها وقرنها وحميمها من عادى علياً، وترك ولايته، وأحب من عاداه.
فقالت ميمونة، زوجة النبي "صلى الله عليه وآله": ما أعرف في أصحابك يا رسول الله "صلى الله عليه وآله" من يحب علياً إلا قليلاً منهم.
قال: فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": القليل من المؤمنين كثير، ومن تعرفين منهم؟
قالت: أعرف أبا ذر، والمقداد، وسلمان. وقد تعلم أني أحب علياً "عليه السلام" بحبك إياه، ونصحه لك.
قال: صدقت، إنك امتحن الله قلبك للإيمان([300]).
وراجع ما قالته لشقير بن شجرة في حق علي "عليه السلام"([301]).
عمارة بنت حمزة في كفالة جعفر:
ويذكرون أيضاً: أن عمارة، أو أمامة، أو أم أبيها ـ على الخلاف في اسمها ـ بنت الشهيد حمزة بن عبد المطلب، وأمها سلمى بنت عميس، كانت بمكة. فكلم علي "عليه السلام" النبي "صلى الله عليه وآله"، فقال: علام نترك بنت عمنا يتيمة بين أظهر المشركين؟
فلم ينهه النبي "صلى الله عليه وآله" عن إخراجها، فخرج بها([302]).
وفي نص آخر: أنها حين خرج النبي "صلى الله عليه وآله" من مكة تبعته وهي تنادي: يا عم، يا عم.
وقيل: إن أبا رافع خرج بها، فتناولها علي "عليه السلام"، وأخذ بيدها، وقال لفاطمة: دونك ابنة عمك([303]).
المشاجرة:
قالوا: وفي المدينة تكلم زيد بن حارثة في أمرها، وأراد أن يكون هو المتكفل لها، استناداً إلى كونه وصي أبيها؛ ولأن النبي "صلى الله عليه وآله" كان قد آخى بينه وبين حمزة.
وطالب بها جعفر، باعتبار أن خالتها أسماء بنت عميس زوجته، والخالة والدة.
أما علي "عليه السلام" فقال: ألا أراكم في ابنة عمي([304])، وأنا أخرجتها من بين أظهر المشركين، وليس لكم إليها نسب دوني، وأنا أحق بها منكم.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": أنا أحكم بينكم.
أما أنت يا زيد، فمولى لله ولرسوله.
وأما أنت يا علي، فأخي وصاحبي.
وأما أنت ياجعفر، فتشبه خَلقي وخُلقي. وأنت يا جعفر أحق بها، تحتك خالتها، ولا تنكح المرأة على خالتها، ولا عمتها.
فقضى بها لجعفر.
فقام جعفر فحجل حول رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": ما هذا يا جعفر؟!
قال: يا رسول الله، كان النجاشي إذا أرضى أحداً قام فحجل حوله.
فقيل للنبي "صلى الله عليه وآله": تزوجها.
فقال "صلى الله عليه وآله": ابنة أخي من الرضاعة، فزوَّجها سلمة بن أبي سلمة([305]).
ونقول:
إن لنا مع النصوص المتقدمة عدة وقفات، هي التالية:
يا عم، يا عم!!
لا ندري لماذا خرجت بنت حمزة تنادي النبي "صلى الله عليه وآله": يا عم، يا عم([306])، مع أنه ليس عمها، بل هو ابن عمها!!
وقد زعم بعضهم: أن هذا الخطاب جاء على سبيل الإجلال منها لرسول الله "صلى الله عليه وآله".
أو أنها قد لاحظت كونه أخاً لأبيها من الرضاعة([307]).
ولكننا نشك في صحة هذا وذاك، إذ لم يكن لديها من التمييز والإدراك ما يدعوها إلى اختيار هذا التعبير، واستبعاد ما عداه.
هذا بالإضافة إلى ما زعموه: من أنه "صلى الله عليه وآله" كان أخاً لأبيها من الرضاعة لم يثبت، فراجع ما ذكرناه في موضعه في الجزء الثاني من هذا الكتاب.
جعفر يحجل والنبي ' يسأل:
ورد في النص المتقدم: أن جعفراً قد حجل مسروراً بقضاء النبي "صلى الله عليه وآله" له بكفالة بنت حمزة، فسأله النبي "صلى الله عليه وآله" عن ذلك، فأخبره أن هذا مما يفعله النجاشي في مثل هذه الحالات..
ونقول:
تقدم في خيبر: أن جعفراً "رضوان الله تعالى عليه" قد حجل حول رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فور قدومه عليه من الحبشة، فسأله آنئذٍ، عن نفس هذا الأمر وأجابه، ولما يمض وقت طويل على سؤاله هذا، وعلى إجابته تلك؟!
وحاول البعض التخلص من ذلك: باحتمال أن يكون جعفر قد حجل في خيبر، ولم يره النبي "صلى الله عليه وآله"([308]).
وهو جواب لا يصح، فقد صرحوا: بأن النبي "صلى الله عليه وآله" سأله عن فعله هذا، فأخبره، فراجع..
ولعل الجواب الأقرب هو: أن السؤال في مناسبة الحكم له ببنت حمزة لم يكن عن أصل الفعل، بل عن سبب فعله في مثل هذه المناسبة، فأخبره بأن النجاشي كان إذا أرضى أحداً حجل حوله، تعبيراً عن سروره وشكره للنجاشي..
وما جرى في خيبر كان سببه هو سروره بلقاء رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وسروره "صلى الله عليه وآله" بقدومه، فقد اختلف السبب في الموردين، ولذلك تكرر السؤال منه "صلى الله عليه وآله"..
غير أن هذا الجواب ليس مقنعاً أيضاً..
فأولاً: إن سرور جعفر بلقاء رسول الله "صلى الله عليه وآله" كان واضحاً بيناً، وتنتفي بذلك الحاجة إلى السؤال والجواب.
ثانياً: هذه الإجابة تبقى غير مفهومة أيضاً، فإن ملك الحبشة كان يقضي للناس الكثير من الحاجات، فهل كان يحجل حولهم جميعاً في كل تلك الحالات والمناسبات؟! وهل لديه وقت يتسع لذلك؟!
وهل كان يقضي وقته في الدوران حول هذا وذاك؟!
ابنة أخي من الرضاعة:
وزعموا: أنه "صلى الله عليه وآله" قد رفض الزواج بهذه الطفلة، لأنها ابنة أخيه من الرضاعة، بادعاء أن ثويبة مولاة أبي لهب أرضعته هو وحمزة بلبن ولدها مسروح([309]).
ونقول:
ذكرنا في الجزء الثاني من هذا الكتاب، في فصل "عهد الطفولة": أننا نشك في صحة ذلك.
أولاً: لتناقض الروايات في كثير من الأمور المرتبطة بهذا الزعم، فراجع.
ثانياً: إن حمزة كان أكبر سناً من النبي "صلى الله عليه وآله" إما بسنتين، أو بأربع سنوات، وذلك يجعل من البعيد أن يكونا قد ارتضعا بلبن واحد، إلا في حالات نادرة الوقوع، وفي سن لا يحتاج الطفل فيها إلى الرضاع، بل هو يستغني عنه بالطعام والفطام.
وثالثاً: لو أغمضنا النظر عن هذا وذاك، فإننا نقول:
إن حمزة كان أكبر من النبي "صلى الله عليه وآله" بأكثر من عشر سنوات، بدليل: أن عبد المطلب كان قد نذر لئن ولد له عشرة نفر، ثم بلغوا حتى يمنعوه ليذبحن أحدهم لله عند الكعبة.
فلما ولد له عشرة، وكان عبد الله أصغرهم، وفيهم حمزة، جمعهم ثم أخبرهم بنذره.
وأقرع بينهم فخرجت القرعة على عبد الله.. فلم يمكِّنوه من ذبحه. والقصة معروفة، فراجع([310]).
وقد صرحوا: بأن قصة الذبح هذه حصلت قبل خمس سنوات من ولادة رسول الله "صلى الله عليه وآله"([311]).
وربما يكون هذا التحديد غير دقيق، ويكون الفاصل بين قصة الذبح وولادة النبي "صلى الله عليه وآله" أقل من ذلك أيضاً.
أسئلة تبقى حائرة:
وتبقى هنا أسئلة عديدة تحتاج إلى إجابات، ومنها:
1 ـ إنه كما كانت أسماء بنت عميس خالة لابنة حمزة، فإن صفية بنت عبد المطلب كانت عمتها، فلماذا لم تأخذها صفية، دون كل أحد؟
فهل هي لم تطالب بها، أو أنها طالبت بها لكنهم لم يعطوها إياها؟
وعلى فرض عدم مطالبتها، لابد أن نسأل عن سبب ذلك، فهل هو لأجل عدم قدرتها على القيام بشؤونها؟ أو أنها لم تحضر هذه القضية، وقد حسم الأمر دون أن تعلم، ثم علمت فرضيت؟!
وكان النبي "صلى الله عليه وآله" ـ كما زعموا ـ أخاً لحمزة من الرضاعة، ولحمة الرضاعة كلحمة النسب، وكانت زوجته ميمونة بنت الحارث أخت سلمى بنت عميس؛ لأمها. فهي خالة بنت حمزة، فلماذا لم يأخذها رسول الله "صلى الله عليه وآله" أيضاً.
2 ـ لماذا بقيت زوجة حمزة سلمى بنت عميس وابنتها في مكة حتى كبرت ابنة حمزة، فهل هي لم تهاجر مع زوجها؟ أو أنها هاجرت معه، ثم عادت إلى مكة؟ مع العلم بأنه هاجر إلى المدينة في أول سني الهجرة..
وكان أول لواء عقده النبي "صلى الله عليه وآله" هو لواء حمزة، وقد حضر بدراً، واستشهد في أحد.
ولعل الصحيح: هو أن علياً "عليه السلام" قد أخرج فاطمة بنت الحمزة ـ كما قيل: بنت سلمى بنت عميس([312]) وقيل: أن اسمها عمارة([313])، وقيل: أمامة([314]) ـ من مكة حين هجرة رسول الله "صلى الله عليه وآله"([315])، لا في عمرة القضاء.. فإن صح هذا فلماذا عادت إلى مكة؟ وكيف؟
وحين يذكرون هجرة الفواطم مع علي "عليه السلام" ونزولهم ضجنان لا يذكرون فاطمة بنت الحمزة مع الفواطم الثلاث، ولعل ذلك لأنها كانت طفلاً تابعاً.
أما في غيره من المواضع، فإنهم يقولون: إن الفواطم أربعة، أو ثلاث ويذكرونها بينهن([316]).
3 ـ إذا كان زيد وجعفر مهتمين بابنة حمزة إلى حد الخصومة والاحتكام إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فلماذا لم يذكرها أي منهما في مكة، ولم يبادرا إلى مساعدتها للخلاص مما هي فيه؟!
4 ـ هل كانت هذه الطفلة تتبع عمها وحدها؟ أم كان معها من يرعاها؟! وإن كانت وحدها، فكيف تركتها أمها وحيدة تتجول في مكة، وتتبع الخارجين منها، دون أن تدبِّر أمرها، وترشدها إلى ما ينبغي لها أن تفعله؟!
وكيف تتركها تسافر معهم؟!
وهل سجلت اعتراضاً على سفرها إلى المدينة؟!
أم أنها لم تعلم بما جرى لابنتها أصلاً؟!
وربما يؤيد ذلك أن ظاهر بعض النصوص المتقدمة: أن علياً "عليه السلام" قد تناولها، وسلمها لفاطمة "عليها السلام"، وانتهى الأمر.
فهل هذه عملية خطف أقدم عليها أعظم الخلق وأكرمهم، ولم يراع حال والدتها المسكينة، التي لابد أن تبحث عن ابنتها في كل اتجاه فلا تجدها، وسيتقطع قلبها خوفاً عليها؟
وهل يتناسب هذا مع ما تفترضه الشفقة وتقضي به العاطفة في أمور كهذه؟!
وإذا كانت أمها معها وهي ترعاها، فهل أرادت التخلص منها، فأغرتها باتباع النبي "صلى الله عليه وآله"، ومناداته؟!
5 ـ وحين نادت هذه الطفلة النبي "صلى الله عليه وآله" فلماذا لم يجبها، وانتظر حتى كلَّمه علي "عليه السلام" في شأنها؟!
وإذا كان أبو رافع قد خرج بها، فهل فعل ذلك بإذن من أمها؟ أم بدون إذن منها؟!
6 ـ ما معنى القول المنسوب إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" في هذه المناسبة: "..ولا تنكح المرأة على خالتها، ولا على عمتها"؟! هل أريد به التعريض بعلي "عليه السلام"، وبزيد بأنهما قد يبادران إلى الزواج منها، لو كانت في كفالتهما؟!
7 ـ كيف أخرج أبو رافع ابنة حمزة معه، مع أن المشركين كانوا قد اشترطوا في الحديبية ألا يخرجوا بأحد من أهلها أراد الخروج؟!
إلا أن يجاب: بأن المقصود بهذا الاشتراط هو خصوص الرجال، ولا يشمل النساء.
الفصل السابع:
سرايا وأحداث إلى مؤتة
سرية ابن أبي العوجاء إلى بني سليم:
وروى الزهري: أنه لما رجع النبي "صلى الله عليه وآله" من عمرة القضاء، سنة سبع، وكان رجوعه في ذي الحجة، بعث ابن أبي العوجاء السلمي في خمسين رجلاً إلى بني سليم. وكان في جملتهم عين لبني سليم.
فلما خرج من المدينة سبقهم ذلك العين، إلى بني سليم، وأخبرهم بالأمر، فجمعوا جمعاً كثيراً، فجاءهم ابن أبي العوجاء، وقد أعدُّوا له، فلما رأوهم أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ورأوا جمعهم دعوهم إلى الإسلام، فرشقوهم بالنبل، ولم يسمعوا قولهم، وقالوا: لا حاجة لنا إلى ما دعوتم إليه.
فراموهم ساعة، وجعلت الأمداد تأتي، حتى أحدقوا بهم من كل ناحية، فقاتل القوم قتالاً شديداً، حتى قتل عامتهم، وأصيب ابن أبي العوجاء جريحاً مع القتلى، ثم تحامل حتى بلغ رسول الله "صلى الله عليه وآله"([317]).
ونقول:
تشابه مريب وغريب:
ما معنى أن يتكرر ما يشبه هذه الحادثة؟!
ثم ما معنى أن يتجلى هذا التشابه في الأوقات، ومع أشخاص، ومع قبائل مختلفة، ثم هو يتجلى من حيث معرفة المقصودين بأمر البعث إليهم، ثم استعدادهم لهم، ثم مهاجمتهم للمبعوثين إليهم، ثم مراماتهم بالنبل، وقتل أكثر أفراد السرية، ثم نجاة قائدها، جريحاً مرتثاً بين القتلى، ثم تحامله على نفسه، والالتحاق برسول الله "صلى الله عليه وآله"؟!
فراجع ما يذكرونه في سرية ذات أطلاح، في شهر ربيع الأول سنة ثمان.
وسرية بشير بن سعد إلى فدك في شعبان سنة سبع.
وسرية محمد بن مسلمة إلى بني ثعلبة في ذي القصة.
جهل أم تجاهل؟!
لم يذكر لنا اسم أي واحد من هؤلاء المسلمين الذين قتلوا في هذه السرية، رغم أن ثمة حرصاً ظاهراً على تسجيل هذا الأمر كما نلاحظه في سائر الموارد.
جمع بني سليم:
كيف تمكن بنو سليم من أن يجمعوا هذا الجمع الكثير لمواجهة هذه السرية، فالمفروض أن العين قد خرج من المدينة مع نفس تلك السرية، ثم سبقها، فحتى لو كان سبقها بيوم كامل، فإنهم لا يتمكنون من جمع أعداد كبيرة، يحتاج جمعها إلى التنقل من مكان إلى مكان، وإلى إعداد ووقت.
على أن سبقه للسرية من شأنه أن يثير الشكوك حوله، إذا التفت أفراد السرية إلى مفارقته لهم، وسوف يجعلهم يترددون في مواصلة المسير، وسيكون اكثر حذراً، وأبعد عن الوقوع في الفخ الذي نصب لهم.
سبب هذه السرية:
إذا كان الخيار الوحيد المتوفر لدينا فعلاً هو التسليم والقبول، أو السكوت عن النقاش في صحة هذه السرية، بسبب شحة النصوص حولها، فإن ما يمكن أن نقوله فيها هو: أن نقلة الأخبار وإن كانوا لم يذكروا لنا الكثير من أخبارها، ولا أوردوا شيئاً عن سبب إرسالها إلى بني سليم، فهل هو لأنهم نقضوا عهداً؟! أو لأنهم ارتكبوا جرماً؟ أو لأجل الحصول على نعمهم ومواشيهم؟! أو لأنهم جمعوا الناس لحرب رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟! أم لغير ذلك؟!
لكننا نطمئن إلى أن هذا الافتراض الأخير غير صحيح، لأن النص التاريخي يصرح: بأنهم إنما جمعوا جمعاً كثيراً بعد أن أخبرهم العين بأمر السرية..
كما أن افتراض إرادة سلب أموالهم، لا يمكن قبوله أيضاً، لما ذكرناه مراراً وتكراراً: من أن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يكن ليغير على أحد بهدف استلاب الأموال، بل لأجل دفع شره، أو جزاء له على عذره، حين يكشّر عن أنيابه، ويدبر للانقضاض على المسلمين!! وإلحاق الأذى بهم.
وربما يكون إرسالهم للعين إلى المدينة مؤشراً على نواياهم العدوانية هذه، وإن كان لا يكفي لإثبات ذلك بصورة قاطعة..
ويمكن تأييد ذلك بمؤشرٍ آخر أقوى، وهو أنه لا شيء يثبت أن المسلمين قد جاؤوا للحرب، بل الظاهر من سياق الأحداث: هو أنهم جاؤوا للدعوة إلى الإسلام، وذلك من حقهم.. فكان بإمكانهم الاكتفاء برفض الاستجابة، ولكنهم لم يكتفوا بذلك، بل رشقوا المسلمين بالنبل قبل أن يصرحوا برفضهم!!
ثم باشروا بالعمليات الحربية ضد المسلمين، وكانوا قد هيأوا لها!!
وربما يؤيد ذلك أيضاً: أن اكتفاء النبي "صلى الله عليه وآله" بإرسال خمسين رجلاً إلى قوم يستطيعون أن يجمعوا جموعاً قتالية كثيرة، قادرة على إبادة هؤلاء الخمسين، يشير إلى أنها لم تكن سرية قتالية، وإنما كانت سرية دعوة، وإرشاد، وتعليم، ليس إلا، ولكن خبث هؤلاء القوم، قد ساقهم إلى هذا الكيد، الذي يستهين بالجريمة، ويعتبر ارتكابها نصراً وفخراً..
إسلام خالد، وعمرو بن العاص:
وكان بين الحديبية وعمرة القضاء، إسلام خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعثمان بن طلحة.
وقيل: كان ذلك بعد عمرة القضاء([318])، في السنة الثامنة([319]).
وفي نص آخر: قبيل الفتح([320]).
قيل: ويشهد له ما جاء عن خالد بن الوليد أنه قال: لما أراد الله عز وجل ما أراد بي من الخير قذف في قلبي الإسلام، وحضر لي رشدي، وقلت: قد شهدت هذه المواطن كلها على محمد، فليس موطن أشهده إلا أنصرف، وأنا أرى في نفسي أني مُوضِعٌ في غير شيء، وأن محمداً يظهر.
فلما جاء لعمرة القضاء تغيبت، ولم أشهد دخوله، فكان أخي الوليد بن الوليد دخل معه، فطلبني فلم يجدني، فكتب إليّ كتاباً، فإذا فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد.. فإني لم أر أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام، وقلة عقلك، ومثل الإسلام يجهله أحد. قد سألني عنك رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال: أين خالد؟
فقلت: يأتي الله به.
فقال: ما مثله يجهل الإسلام، ولو كان يجعل نكايته مع المسلمين على المشركين كان خيراً له، ولقدمناه على غيره.
فاستدرك يا أخي ما فاتك، فقد فاتك مواطن صالحة.
فلما جاءني كتابه نشطت للخروج، وزادني رغبة في الإسلام، وسرتني مقالة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ورأيت في المنام: كأني في بلاد ضيقة جدبة، فخرجت إلى بلاد خضراء واسعة.
زاد الواقدي وغيره: أنه ذكر هذه الرؤيا لأبي بكر حين جاء إلى المدينة، ففسر له الضيق بالشرك، والسعة بالإسلام.
فلما اجتمعنا للخروج إلى المدينة لقيت صفوان، فقلت: يا أبا وهب، أما ترى أن محمداً ظهر على العرب والعجم، فلو قدمنا عليه فاتبعناه، فإن شرفه شرف لنا.
قال: لو لم يبق غيري ما اتبعته أبداً.
قلت: هذا رجل قتل أبوه وأخوه ببدر، فلقيت عكرمة بن أبي جهل، فقلت له: مثل ما قلت لصفوان.
فقال: مثل الذي قال صفوان.
قلت: فاكتم ذكر ما قلت لك.
قال: لا أذكره.
ثم لقيت عثمان بن طلحة ـ أي الحجبي ـ فقلت: هذا لي صديق، فأردت أن أذكر له.
ثم ذكرت من قتل من آبائه: أي قتل أبيه طلحة، وعمه عثمان، وقتل إخوته الأربعة: مسافع، والجلاس، والحارث، وكلاب، كلهم قتلوا يوم أحد. فكرهت أن أذكر له.
ثم قلت: وما عليّ، وأنا راحل من ساعتي، فذكرت له ما صار الأمر إليه.
فقلت: إنما نحن بمنزلة ثعلب في جحر، لو صب فيه ذنوب من ماء لخرج.
ثم قلت له: ما قلته لصفوان وعكرمة، فأسرع الإجابة، فواعدني إن سبقني أقام في محل كذا، وإن سبقته إليه انتظرته.
فلم يطلع الفجر حتى التقينا، فغدونا حتى انتهينا إلى الهدة ـ اسم محل ـ فنجد عمرو بن العاص بها، فقال: مرحباً بالقوم.
فقلنا: وبك.
قال: أين مسيركم؟
قلنا: الدخول في الإسلام.
قال: وذلك الذي أقدمني.
وفي لفظ: قال عمرو لخالد: يا أبا سليمان أين تريد؟
قال: والله لقد استقام الميسم، أي تبين الطريق، وظهر الأمر، وإن هذا الرجل لنبي، فأذهب فأسلم، فحتى متى؟
وفي نص آخر: أن خالداً قال لعمرو: دخل الناس في الإسلام فلم يبق أحد به طمع، والله، لو أقمنا لأخذ برقابنا، كما يؤخذ برقبة الضبع في مغارتها([321]).
قال عمرو: وأنا ما جئت إلا لأسلم.
فاصطحبنا جميعاً حتى دخلنا المدينة الشريفة.
وعند الدياربكري: "فاصطحبنا حتى قدمنا المدينة، أول يوم في صفر سنة ثمان"([322]).
فأنخنا بظهر الحرة ركابنا، فأخبر بنا رسول الله "صلى الله عليه وآله" فسرّ بنا، وقال: رمتكم مكة بأفلاذ كبدها، فلبست من صالح ثيابي، ثم عمدت إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فلقيني أخي، فقال: أسرع فإن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد سر بقدومكم وهو ينتظركم.
فأسرعنا المشي، فاطلعت عليه، فما زال يتبسم إليّ حتى وقفت عليه، فسلمت عليه بالنبوة، فرد عليَّ السلام بوجه طلق، فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله.
قال: الحمد لله الذي هداك، قد كنت أرى لك عقلاً رجوت أن لا يسلمك إلا إلى خير.
قلت: يا رسول الله، ادع الله لي أن يغفر لي تلك المواطن التي كنت أشهدها عليك.
فقال "صلى الله عليه وآله": "الإسلام يجبُّ ما كان قبله".
وفي نص آخر: قال خالد: فوالله ما كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" من يوم أسلمت يعدل بي أحداً فيما حزبه([323]).
وتقدم عثمان وعمرو فأسلما.
وفي رواية عن عمرو بن العاص قال: قدمنا المدينة، فأنخنا بالحرة فلبسنا من صالح ثيابنا ثم نودي بالعصر، فانطلقنا حتى اطلعنا عليه وإن لوجهه تهللاً، والمسلمون حوله قد سروا بإسلامنا؛ وتقدم خالد بن الوليد فبايع، ثم تقدم عثمان بن طلحة فبايع، ثم تقدمت فوالله ما هو إلا أن جلست بين يديه "صلى الله عليه وآله"، فما استطعت أن أرفع طرفي حياء منه "صلى الله عليه وآله".
قال: فبايعته على أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي، ولم يحضرني ما تأخر.
فقال: "إن الإسلام يجبُّ ما كان قبله، والهجرة تجبُّ ما كان قبلها".
فوالله ما عدل بي رسول الله "صلى الله عليه وآله" وبخالد بن الوليد أحداً من الصحابة في أمر حربه منذ أسلمنا، ولقد كنا عند أبي بكر بتلك المنزلة، ولقد كنت عند عمر بتلك الحالة.
وكان عمر على خالد كالعاتب.
وتقدم: أن عمرواً أسلم على يد النجاشي.
قال بعضهم: وفي إسلام عمرو على يد النجاشي لطيفة، وهي: صحابي أسلم على يد تابعي. ولا يعرف مثله.
ومن حين أسلم خالد لم يزل رسول الله "صلى الله عليه وآله" يوليه أعنة الخيل، فيكون في مقدمها([324]).
قال أبو عمر: لم يصح لخالد بن الوليد مشهد مع رسول الله قبل الفتح([325]).
ونقول:
إن لنا مع ما تقدم العديد من الوقفات، نجملها على النحو التالي:
رسالة الوليد إلى خالد:
تقدم: أن الوليد بن الوليد كتب إلى أخيه خالد كتاباً يتعجب فيه من ذهاب رأيه ـ خالد ـ عن الإسلام، ومن قلة عقله، وقال له: "ومثل الإسلام يجهله أحد"؟!!
ونقول:
أولاً: مع أن الوليد نفسه لم يسلم إلا بعد وقعة بدر([326])، فأين كان عقله عنه طيلة أكثر خمس عشرة سنة، كان النبي "صلى الله عليه وآله" يدعوهم فيها إلى الإسلام.
ثانياً: لم يثبت أن الوليد وصل إلى المدينة بعد خروجه من مكة في عمرة القضاء، فقد قيل: إنه مشى على رجليه لما هرب، وطلبوه فلم يدركوه.
ويقال: إنه مات في بئر أبي عتبة قبل أن يدخل المدينة([327]).
لم يسلم خالد سنة خمس:
زعم بعضهم: أن خالداً أسلم سنة خمس للهجرة([328]).
وهذا لا يصح، إذ قد تقدم في عمرة الحديبية: أن خالداً كان قائداً لطليعة قريش في تلك الغزوة وكان ذلك سنة ست([329]).
من أسباب إسلام عمرو وخالد:
قد أشير فيما تقدم إلى إسلام ابن العاص، وخالد، وإلى الأسباب الداعية لهما إلى ذلك، ولنا على ذلك ملاحظات، هي التالية:
1 ـ إن كلمات خالد المتقدمة تشير إلى: أن شعوره باليأس من الظفر، وتنامي إحساسه بالفشل، وعدم الوصول إلى نتيجة، ومعاناة الهزائم المتتالية أمام جيوش الإسلام، هو الذي دعاه لمراجعة حساباته، والتفكير بالانحياز إلى المعسكر الذي يرى بأم عينيه كيف يزداد قوة يوماً بعد يوم.
فالقضية إذن، لا تنطلق من الإحساس بالواجب، وظهور الحق له ولغيره بعد أن كان خافياً، كما أنها لم تكن صحوة وجدان، ويقظة ضمير. بل هي حسابات ربح وخسارة في الدنيا، والمبادرة إلى اقتناص ما يمكن اقتناصه من الفرص قبل فوات الأوان..
وأظهرت الوقائع هذا الأمر بصورة جلية وواضحة، حتى لقد ذهبت مصر كلها طعمة لعمرو، وثمناً لمحاربة الحق وأهله، وذلك في أواخر عمره، حين عقد صفقة مع معاوية على حرب علي "عليه السلام" في صفين.
2 ـ ولعل من أسباب رغبة خالد وعمرو بالدخول في الإسلام: هو أن عمرو بن العاص داهية محنك معروف بالمكائد والمصائد، وقد انتدبته قريش ليذهب إلى الحبشة، وليتسبب بمكره ودهائه بترحيل جعفر وغيره من المهاجرين، وإعادتهم إلى مكة.
وهو الذي دبر الأمر في حرب صفين، وكاد المسلمين برفع المصاحف فيها، حتى انجر الأمر إلى التحكيم.
وكان أشد خطراً من خالد بن الوليد، الذي كان متسرعاً إلى قتل الناس، قسياً، غادراً، خصوصاً بمن له عندهم ثارات.
وغدره ببني جذيمة انتقاماً لعمه الفاكه بن المغيرة، وعوف بن عبد عوف، بعد أن أعطاهم الأمان، معروف ومشهور. وقد تبرأ رسول الله "صلى الله عليه وآله" من فعلته فيهم، وكان "صلى الله عليه وآله" أرسله إليهم داعياً لهم إلى الإسلام، لا مقاتلاً([330]).
كما أنه غدر بمالك بن نويرة، وقتله، ثم عرّس بامرأته في ليلة قتله([331]).
ثم قتل رجلين مسلمين في غارته على مضيَّح، وهما: عبد العزى بن أبي رهم، ولبيد بن جرير([332]).
ولكن وعكل هذه المخازي التي ارتكبها خالد، فإنه كان أقل ضرراً على الإسلام من عمرو بن العاص، من حيث إنه كان له محيطه الخاص، ويمكن لجم جماحه، وإخضاعه ووضعه في دائرة السيطرة وليس كذلك عمرو بن العاص.
3 ـ ولو سلم أنه قد كتب ذلك لخالد، فلابد أن يكون هذا التلويح النبوي لخالد بأنه سوف يقدّمه إذا أسلم قد أذكى الطموح لديه، ورجح له الانحياز إلى المسلمين.
وتكون نتيجة هذا وذاك أن إسلام خالد لم يكن عن قناعة تكونت لديه بصحة هذا الدين، وإنما أسلم طمعاً بالتقديم، بعد اليأس من الظفر بشيء عن طريق الحرب.. تماماً كما كان الحال بالنسبة لعمرو بن العاص.
ولكن الملاحظ هنا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد ميَّز خالداً عن عمرو بن العاص. ولعله لأجل ما قدمناه من شدة خطورة الثاني بالنسبة للأول..
4 ـ إن ظهور النبي "صلى الله عليه وآله" على العرب والعجم، قد أضاف عنصراً آخر، فرض نفسه على تفكير هؤلاء الطامعين، والطامحين، كما دل عليه كلام خالد مع صفوان بن أمية.. فإنهم يقيسون الأمور بمقاييس الأحجام والأوزان، وكانت تبهرهم العناوين الكبيرة، وتهيمن الكثرات على تفكيرهم، ومن ثم على مسيرهم ومصيرهم.مية
5 ـ إن الرغبة في الحصول على المواقع الدنيوية، ونيل مقامات ومراتب الأبهة والشرف من أهل الشرف، قد أذكت الرغبة لديهم بهذا الشرف الدنيوي، وفق مفهومهم ونظرتهم، لكي يلونوه بالألوان التي تروق لهم.
6 ـ إنه على تقدير صحة هذه الرسالة، فإن ما يثير دهشتنا: هو أن النبي الأعظم "صلى الله عليه وآله" قد جعل تقديمه لخالد مرهوناً بنكاية خالد في المشركين على وجه التحديد، مع أنه كان لا يزال على شركه، وهذا العرض ليس فقط لم يزعج هذا الرجل المشرك، بل هو قد شجعه على الإقدام على الدخول في الإسلام، وكان على استعداد لأن يمارس هذه النكاية فعلاً، مقابل هذا التقديم..
وهذا إعلان صريح للأجيال بأن هؤلاء الناس ليس لهم دين، ولا معبود إلا أنفسهم، ولا يفكرون إلا بمصالحهم، وأن إسلامهم الظاهري هذا قد لا يغيِّر شيئاً من دخائلهم، وإن كان يجب قبوله منهم، ومعاملتهم على أساسه في الظاهر.
والحـديث عن هـذا يستبطن تشجيع حركـة النفـاق داخل المجتمع الإسلامي.. غير دقيق، وتحدثنا عن ذلك حين الحديث عن فتح وادي القرى فراجع..
7 ـ إن ما قاله خالد لعثمان بن طلحة: "إنما نحن بمنزلة ثعلب في جحر، لو صب فيه ذنوب ماء لخرج"، كان تقييماً دقيقاً لحقيقة ما انتهى إليه واقع قريش ومشركي مكة، فقد أصبحوا محصورين في داخل بلدهم، بل لقد دخل الإسلام كل بيت، وشاع في كل قبيلة حتى في مكة نفسها، ولم يعد لقريش أي ملاذ تأوي إليه، أو تراوغ فيه، سوى هذا الموقع الذي هو مكة، بحيث لو خرجت منها، لوجدت نفسها في العراء أمام قانصها، الذي كان بانتظارها ليواجهها بمصيرها الذي استحقته بما كسبته يداها.
وهذا المنطق قد فرض نفسه على عثمان بن طلحة، وعلى خالد، وعلى عمرو بن العاص وعلى غيرهم.
الإسلام الصادق ×:
إن طريقة اعتراف خالد لعمرو بن العاص بما يفكر فيه، وقوله: "فحتى متى"؟! تدل على أنهم كانوا يعلمون بنبوة رسول قبل مدة، ولكنهم كانوا يسوِّفون ويماطلون في الاعتراف بهذا الأمر.. وذلك وفقاً لما أخبر الله تعالى به عنهم حين قال: ?وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ?([333]).
وهذا الأمر بالذات يجعلنا لا نثق بصدقهم في دعواهم الإسلام والإيمان، فإن من يكتم الحق، ويرفض الإعتراف به دهراً، من أجل مكاسب دنيوية، لا يتورع عن أن يظهر القبول والاعتراف به، طمعاً في مكاسب دنيوية أيضاً..
ولأجل ذلك.. نقول:
إننا وإن كنا نلتزم بوجوب معاملة هؤلاء وفق ما يفرضه الشرع الحنيف من أحكام لمظهري الإسلام، لكننا لابد أن نبقى على حذر منهم، وأن لا نُخدع بظاهر حالهم، حتى تُثبت لنا تضحياتهم، وممارساتهم، أن باطنهم يتوافق مع ظاهرهم.. وأن ما أضمروه موافق لما أظهروه.
الإسلام يجبُّ ما قبله:
وذكرت الروايات المتقدمة: أن عمرو بن العاص طلب من النبي "صلى الله عليه وآله" أن يدعو الله أن يغفر له ما كان قد فعله في حربه على الإسلام، قبل أن يسلم.
وفي نص آخر: بايعه على أن يغفر له ما تقدم من ذنوبه..
فأجابه "صلى الله عليه وآله": بأن الإسلام يجبُّ ما كان قبله.
والذي يستوقفنا هنا: أنه "صلى الله عليه وآله" لم يستجب لطلب عمرو بن العاص، ولم يستغفر الله له.. بل جعل الأمر مرهوناً بصدقه في إسلامه، فإن كان صادقاً فيه، فنفس هذا الإسلام هو الذي يرفع ويزيل آثار أفاعيله السابقة، وتكون النتيجة هي: أننا لا نستطيع الجزم بأن ابن العاص قد تخلص من تلك الآثار، إلا إذا تيقنا بصدقه في دعواه الإسلام.
ومن الواضح: أن زوال الآثار إنما يبدأ من لحظة تكوّن هذا الإسلام الحقيقي، الذي قد يتأخر، بل ربما لا يحصل أصلاً، ويبقى مجرد ادِّعاء، ليس وراءه قناعة ولا قبول.
ولو أن النبي "صلى الله عليه وآله" دعا أو استغفر لعمرو لزالت آثار تلك العظائم حتماً وجزماً، في أي حال يكون ابن العاص عليها، أي سواء أكان صادقاً في دعواه الإسلام، أم غير صادق.
ثم يبدأ حسابه على أعماله من لحظة دعائه "صلى الله عليه وآله" له..
عمر كالعاتب على خالد!!:
وذكر النص المتقدم: أن عمر بن الخطاب كان كالعاتب على خالد، ولكنه لم يبين لنا مبررات هذا العتب..
فإن خالداً لم يقترف ذنباً حين قد مر إلى المدينة وأعلن اسلامه، إلا إذا كان عتبه عليه من أجل ما فعله ببني جذيمة([334])، حين أرسله النبي "صلى الله عليه وآله" إليهم داعياً، لا مقاتلاً؟! أم أنه كان عاتباً عليه لأجل قتله مالك بن نويرة، ووطئه زوجته في ليلة قتله؟!([335]).
أو لعل السبب في ذلك هو: أنه كان قد اصطرع مع خالد بن الوليد، وهما غلامان. وكان خالد ابن خال عمر، فكسر خالد ساق عمر، فعرجت، وجبرت، فكان ذلك سبب العداوة بينهما([336]).
إننا نرجح هذا السبب الأخير، إذ لم نجد من عمر أية ردة فعل تجاه ما جرى لبني جذيمة، فإنه لم يسحب سيفه ليقول: دعني أقتله يا رسول الله، كما تعودناه منه في الكثير من المناسبات.
كما لم نجده يسعى في معاقبته بعد توليه الخلافة على جريمة الزنى بزوجة مالك بن نويرة في ليلة قتله لرجل مسلم، ولا على قتله امرءاً مسلماً بصورة غادرة، وغير شريفة، بل هو قد استعان به، وأظهر الحزن عليه حين وفاته، وأعرب عن رغبته في بكاء الناس عليه([337]). رغم أنه كان يمنع غيره من ذلك.
دعاوى عريضة لعمرو بن العاص:
وأما ما ادَّعاه عمرو بن العاص: من أنه "صلى الله عليه وآله" لم يعدل به وبخالد بن الوليد أحداً من الصحابة، في أمر حربه منذ أسلما، وأنه من حين أسلم خالد، لم يزل رسول الله "صلى الله عليه وآله" يوليه أعنة الخيل([338]).
فهو محض افتراء، تكذبه جميع الشواهد والدلائل التاريخية..
فإن علياً "عليه السلام" كان صاحب لواء النبي "صلى الله عليه وآله"، وحامل رايته في كل مشهد، باستثناء تبوك، التي لم تكن فيها رايته ولواؤه، لا لعمرو بن العاص، ولا لخالد بن الوليد.
وكذلك الحال في سائر الغزوات التي شهدها هذان الرجلان، كغزوة حنين؛ فقد كان خالد في ضمن مجموعة المقدمة([339])، وفي فتح مكة، والطائف، كان سهم عمرو بن العاص، وخالد بن الوليد فيها لا يكاد يذكر، باستثناء مشاركة خالد في بعض المجموعات القتالية في فتح مكة من دون إعطائه أية مهمات خاصة، أو متميزة.
وحين تعدى خالد طوره فيها سعى النبي "صلى الله عليه وآله" إلى رأب الصدع، وإعادة الأمور إلى نصابها.
وأما السرايا التي أرسلها رسول الله "صلى الله عليه وآله" بعد إسلام هذين الرجلين، فكان أكثرها بقيادة أناس آخرين أيضاً.
وقد ورد ذكر خالد في سرية إلى بني جذيمة، ولكنها لم تكن سرية قتال، بل كانت سرية دعوة، تعدى فيها خالد حدود الأوامر النبوية، فأوقع بهم، لأنهم كانوا قد قتلوا عمه الفاكه بن المغيرة في الجاهلية([340]).
وهذا ما دعا النبي الكريم "صلى الله عليه وآله" إلى التبرؤ مما صنعه خالد، ثم بادر "صلى الله عليه وآله" إلى تكليف علي "عليه السلام" بمعالجة الفتق الذي أحدثه هذا الرجل([341]).
وقد ذكر اسم خالد أيضاً في ضمن من نفَّر برسول الله "صلى الله عليه وآله" ليلة العقبة([342]).
وذكروا أيضاً: أنه "صلى الله عليه وآله" أرسله لهدم العزى، ولا يصح عدّ هذه المهمة من المهمات القتالية..
أما ما زعموه: من أنه "صلى الله عليه وآله" أرسله إلى أكيدر، فهناك أيضاً شكوك تحوم حول صحة كثير مما يقال فيه، كما سيأتي بيانه.
وأما عمرو بن العاص فقد ورد: أنه كُلِّف بمهمة هدم سواع.. ولا يصح عد هذه المهمة في جملة المهمات القتالية أيضاً..
وذكر أيضاً: أنه أرسله أميراً لسرية ذات السلاسل التي ظهر فيها فشله الذريع، وكان النصر المؤزر فيها لعلي أمير المؤمنين "عليه السلام"، وقد سعى عمرو بن العاص نفسه إلى إفشال مهمة علي "عليه السلام" فخاب سعيه كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
إسلام ابن العاص على يد النجاشي!!
وهناك من زعم: أن ابن العاص أسلم على يد النجاشي، وذلك حين ذهب إليه مع رجال قومه بعد الحديبية، فطلب من النجاشي أن يعطيه عمرو بن أمية الضمري ليضرب عنقه، وكان قد جاءه بكتاب النبي "صلى الله عليه وآله" ليزوجه بأم حبيبة، فلما طلبه منه، ضربه النجاشي على أنفه، فابتدر دماً، فأسلم عمرو حينئذٍ على يد النجاشي، وبايعه على الإسلام، وعاد إلى بلاده، فلما بلغ الظهران، التقى بخالد، وعثمان بن طلحة، فترافقوا إلى المدينة، حسبما تقدم([343]).
ولذلك قيل: إن هذا معناه: أن صحابياً قد أسلم على يد تابعي، ولا يعرف مثله.
ونقول:
1 ـ إن عمرو بن العاص لم يذكر لنا اسم أي واحد من الذين ذهبوا معه إلى النجاشي، وهم من قومه، وقد تركهم هناك، وانسل راجعاً إلى بلاده.
مع أنه لم يكن هناك أي داع لأن ينسل من بينهم، فلماذا لا يخبرهم بما جرى له مع النجاشي؟ فلعلهم يوافقونه الرأي ويختارون الإسلام أيضاً، خصوصاً مع كونهم ـ كما ذكر ابن العاص نفسه ـ من قومه، وممن يرون رأيه، ويسمعون كلامه، ويقدمونه فيما نابهم.
وكيف وثق بخالد، وبعثمان بن طلحة، ولم يثق بهؤلاء الذين يصفهم بهذه الأوصاف؟!
2 ـ إن هذه الرواية لم يروها ـ فيما نعلم ـ سوى عمرو بن العاص نفسه، وهو متهم فيما يقول عن نفسه.
3 ـ لماذا لم يتصل بجعفر بن أبي طالب، وسائر المهاجرين المسلمين، ويبشرهم بإسلامه، ويكون معهم وإلى جانبهم؟!
4 ـ لماذا لم يخبر عثمان بن طلحة وخالد بن الوليد بإسلامه على يد النجاشي؟! بل ادَّعى لهم: أنه يريد أن يذهب إلى المدينة ليسلم على يد النبي "صلى الله عليه وآله"..
5 ـ إن ما جرى بين عمرو وبين النجاشي لم يحمل في طياته أي سبب لإسلام عمرو، بل ربما يقال: إن الأوفق بمسار الأمور هو: أن يزيد حقده على الإسلام، ويتأكد صدوده عنه، وأن يبذل المزيد من الجهد في الكيد له ولأهله..
لقد كان ما فعله النجاشي عبارة عن تسديد لطمة لعمرو، من شأنها أن تدفعه للانتقام من أهل الإسلام، واعتبارهم السبب في بلائه، وفي تحطيم عنفوانه، وكبريائه، وليس لهذه الضربة أي أثر في دفع الشبهات، أو في إيضاح الحقائق، أو في تليين القلوب للحق.
إسلام خزاعة وكتب النبي ' لها:
قالوا: ولما انصرف رسول الله "صلى الله عليه وآله" من الحديبية، لم يبق أحد من خزاعة إلا مسلم مصدق بمحمد، قد أتوا بالإسلام، وهو في من حوله قليل. وأسلم قوم من العرب كثير، ومنهم من هو بعد مقيم على شركه.
إلى أن قدم علقمة بن علاثة، وابنا هوذة، وهاجروا؛ فكتب رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى خزاعة في جمادى الآخرة سنة ثمان الرسالة التالية:
بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى بديل، وبشر، وسروات بني عمرو.
سلام عليكم، فإني أحمد الله إليكم، الله لا إله إلا هو.
أما بعد..
فإني لم آثم بإلِّكم. ولم أضع في جنبكم. وإن أكرم تهامة عليَّ أنتم وأقربهم رحماً أنتم، ومن تبعكم من المطيبين. فإني قد أخذت لمن قد هاجر منكم مثل ما أخذت لنفسي ـ ولو هاجر بأرضه ـ غير ساكن مكة إلا معتمراً، أو حاجاً.
وإني لم أضع فيكم إذ سالمت، وإنكم غير خائفين من قبلي، ولا محصورين.
أما بعد.. فإنه قد أسلم علقمة بن علاثة وابناه. وتابعا، وهاجرا على من تبعهما من عكرمة.
أخذت لمن تبعني فيكم ما آخذ لنفسي، وإن بعضنا من بعض أبداً في الحل والحرم. وإنني ـ والله ـ ما كذبتكم. وليحبكم ربكم([344]).
وقد أورد العلامة المتتبع الشيخ علي الأحمدي "رحمه الله" هذا النص بصوره المختلفة عن الأموال، وطبقات ابن سعد، والطبراني، وشرح ألفاظه، فراجع([345]).
ونقول:
إن لنا مع هذا الكتاب وقفات عديدة، نقتصر منها على ما يلي:
من هو كاتب الكتاب؟!
يلاحظ: أن أكثر المصادر لم تذكر من الذي تولى كتابة هذا الكتاب، لكن ابن الأثير قال: كان الكتاب بخط علي بن أبي طالب.أخرجه الثلاثة([346]).
وفي رسالات نبوية: وإن الكتاب بيد علي بن أبي طالب.
ونقل الطبراني، قال: قال أبو محمد: وحدثني أبي قال: سمعت يقولون: هو خط علي بن أبي طالب "عليه السلام"([347]).
رسالتان.. أم رسالة واحدة؟!
وإن إلقاء نظرة على الرسالة المتقدمة تثير أمام الباحث احتمال أن تكون عبارة عن رسالتين، إذ لم يعهد في المكاتبات تكرار كلمة "أما بعد.." في الرسالة الواحدة.
ويؤيد ذلك: التكرار لأمر واحد في الفقرة الأولى، ثم في الثانية، فقد قال:
أولاً: "فإني قد أخذت لمن قد هاجر منكم، مثلما أخذت لنفسي".
ثم قال ثانياً: "فقد أخذت لمن تبعني منكم ما آخذ لنفسي".
بل في رواية ابن سعد: وردت كلمة "أما بعد" ثلاث مرات في الرسالة المذكورة.. فلماذا كان ذلك يا ترى؟!.
ويدل على ذلك أيضاً: أن الواقدي يصرح: بأن هذه الرسالة قد كتبت في جمادى الآخرة سنة ثمان..
مع أن الفقرة الأخيرة من الرسالة ـ حسب نص الطبراني، ورواية ابن سعد ـ صرحت: بأن النبي "صلى الله عليه وآله" ذكر لهم: أن علقمة بن علاثة، وابنا هوذة قد أسلما، وبايعا، وهاجرا.
وصرحت رواية الواقدي: بأنهما قدما على رسول "صلى الله عليه وآله" وهاجرا.
ومن الواضح: أن العداء (كعَطَاء) بن خالد بن هوذة، من بني عمرو بن ربيعة، من بني عكرمة بن خصفة، كان من المؤلفة قلوبهم، وهو إنما أسلم بعد حنين، مع أبيه، وأخيه حرملة([348]).
وذكرت بعض الروايات: أن حرملة هو عمه.
وهذا يدل على: أنه "صلى الله عليه وآله" كتب إلى خزاعة يبشرهم بإسلام هؤلاء بعد حرب حنين.
فكيف تكون الرسالة قد كتبت في سنة ثمان؟
اشتباه ابن سعد:
وزعم ابن سعد: "أنه "صلى الله عليه وآله" لم يكتب فيها السلام، لأنه كتب بها إليهم قبل أن ينزل عليه السلام"([349]).
وهو كلام غير دقيق:
فأولاً: لأن رواية الواقدي ـ وما أقرب ابن سعد إليه، فإنه كاتبه، وراوي أخباره ـ قد جاء فيها قوله: "السلام عليكم"، فراجع نسخة المغازي.
ثانياً: قد ورد في العديد من السور المكية ذكر السلام، أو الأمر به؛ فقال تعالى: ?وَإِذَا جَاءكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ?([350]).
وقال: ?وَنَادَوْا أَصْحَابَ الجَنَّةِ أَنْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ?([351]).
وقال: ?دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ?([352]).
وقال: ?سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ?([353]).
وقال: ?وَلَقَدْ جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ?([354]).
والآيات في ذلك كثيرة.
علاقة مودة ورحمة:
وبعد.. فإن هذا الكتاب الشريف الطافح بالمودة، والعطف، والناضح بالحنان، والرقة، قد أظهر ما كان يكنُّه خاتم الأنبياء، وسيد المرسلين "صلى الله عليه وآله" لهؤلاء الناس الأوفياء، من محبة واحترام وتقدير، وهو خير دليل على طبيعة العلاقة التي يريدها الله تعالى لها أن تقوم بين الأنبياء "عليهم السلام" وبين قومهم، وأنها لابد أن تتجاوز حدود الطاعة والانقياد من جانب الرعية، وأنها أكثر من مجرد علاقة تدبير ورعاية، ودلالة وهداية من جانب الأنبياء أنفسهم "عليهم السلام"..
إنه تعالى يريدها علاقة حب تصل إلى حد الانصهار لهم في شخص رسوله "صلى الله عليه وآله".. كما قال تعالى:
?قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ?([355]).
كما أنها لا تقل عن هذا المستوى في جانب شخص الرسول "صلى الله عليه وآله" تجاه رعيته، حيث كانت تذهب نفسه حسرات حتى على الذين لا يزالون يقاتلونه فكيف تكون حاله تجاه المؤمنين؟! وذلك على قاعدة:
?لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ?([356]).
وقوله تعالى: ?فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الحَدِيثِ أَسَفاً?([357]).
وقوله سبحانه: ?فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ?([358]).
امتاز الحليف على الرئيس:
وسجل الرسول الأعظم "صلى الله عليه وآله" في هذه الرسالة المباركة، حقيقة هامة جداً، وهي أنه أخذ لمن هاجر من حلفائه من بني خزاعة مثل ما أخذ لنفسه.
ثم ألحق بمن هاجر، أولئك الذين لزموا أراضيهم، ولم يسكنوا مكة، ولا يدخلونها إلا للحج أو للعمرة..
وقد تجاوز هذا حدود الإنصاف والعدل، ليكون هو منتهى التفضل، إذ لم نعهد في تاريخ الأحلاف سوى الالتزام بما يقع التحالف عليه، مثل نصرة الحليف حين مهاجمة عدو، أو نحو ذلك..
ولم نسمع أن حليفاً منح حليفه نفس الحقوق والامتيازات التي يعطيها لنفسه، كيف ورسول الله "صلى الله عليه وآله" قد تجاوز ذلك هنا؟! فأعطى من أقام بأرضه، ولم يهاجر منها ـ إذا كان لا يسكن مكة ـ مثل ما أعطى للمهاجر الذي ترك أرضه، ووطنه، وماله، وقومه، وعشيرته، وأقاربه!!
أي أنه جعل عدم سكنى مكة، والبقاء في الأرض بمنزلة الهجرة، من حيث الثواب، ومن حيث إن سائر الامتيازات التي تعطى للمهاجر، تعطى لهذا المقيم!!
الحلم والتأني:
ثم هو "صلى الله عليه وآله" يعيد التنصيص على التزامه بعهده معهم، ويؤكد لهم الأمان من قبله، وأنه لا يخون عهدهم، ثم هو يعدهم بأن لا يسرع في مجازاتهم بالسوء، لو صدر منهم ما يوجب ذلك، بل سيعاملهم بالحلم والتأني، ولذلك قال لهم: إني لم أضع فيكم (أي لم أسرع) إذ سالمت، وأنكم غير خائفين من قبلي، ولا محصورين (أو لا مخفورين)..
وبذلك يكون "صلى الله عليه وآله" قد بلغ الغاية، وأوفى على النهاية في حسن تعامله مع حلفائه. وأعطاهم ما لم يعطه حتى لنفسه، ولا صرح بأنه أعطاه لمن معه من الأصحاب، ومن الأهل والعشيرة..
سرية غالب بن عبد الله إلى الكديد:
وفي شهر صفر سنة ثمان بعث "صلى الله عليه وآله" غالب بن عبد الله الليثي في سرية، تتألف من بضعة عشر رجلاً، للإغارة على بني الملوح بالكديد. فلما وصلوا إلى قديد لقيهم الحارث بن مالك بن البرصاء، فأخذوه، فقال: إنما جئت أريد الإسلام.
فقالوا: لا يضرك رباط ليلة إن كنت تريد الإسلام، وإن يكن غير ذلك نستوثق منك.
فأوثقوه، وخلفوا عليه رجلاً منهم، وقالوا له: إن نازعك فاحتز رأسه.
ثم ساروا حتى أتوا الكديد، فكمنوا هناك، وأرسلوا جندب بن مكيث الجهني ليستطلع لهم، فأتى إلى تل مشرف على بيوت أولئك القوم، فانبطح على رأس التل.
فرأى رجل منهم سواداً هناك، فشك في أمره، فرماه بسهمين فما أخطأه، فانتزعهما جندب من جسده.
ثم لما اطمأن ذلك الحي، وهدأوا شنوا عليهم الغارة، فقتلوا المقاتلة، وسبوا الذرية، واستاقوا النعم، والشاء، وخرجوا بها إلى المدينة، فمروا بابن البرصاء فاحتملوه..
وخرج صريخ القوم، فجاءهم ما لا قبل لهم به، وكان الوادي بينهم، وإذ بالوادي قد امتلأ جنباه بالماء، بحيث لا يستطيع أحد أن يجوزه، ولم يكونوا رأوا قبل ذلك سحاباً ومطراً، ففاتوهم، وغزوا المدينة([359]).
ونقول:
حديث التل:
ذكر جندب الجهني ما جرى له حين وصل إلى التل، فقال: "فلما استويت على رأسه، انبطحت عليه، لأنظر، إذ خرج رجل منهم، فقال لامرأته: إني لأنظر على هذا الجبل سواداً، ما رأيته قبل. انظري إلى أوعيتك، لا تكون الكلاب جرت منها شيئاً.
فنظرت، فقالت: والله، ما فقدت من أوعيتي شيئاً.
فقال: ناوليني قوسي ونبلي.
فناولته قوسه وسهمين. فأرسل سهماً، فوالله، ما أخطأ بين عيني، فانتزعته وثبتُّ مكاني، فأرسل آخر، فوضعه في منكبي، فانتزعته، وثبتُّ مكاني.
فقال لامرأته: لو كان جاسوساً لتحرك، لقد خالطه سهمان، لا أبا لك الخ.."([360]).
ونشير هنا إلى ما يلي:
أولاً: لم نعرف كيف سمع جندب ما جرى بين ذلك الرجل وزوجته؟! فإن ذلك مما لا يتيسر سماعه عادة من هذه المسافة البعيدة!!
إلا أن يكون: قد التقى أو بزوجته أو بمن سمع كلامهما في وقت لاحق، فأخبره بهذه التفاصيل.. ولكن ليس بين أيدينا ما يدل على حصول مثل هذا اللقاء..
ثانياً: لو أغمضنا النظر عما تقدم، فإن من يأتيه سهم في جبهته، ويثبت فيها، ويحتاج إلى انتزاعه منها، لا يتوقع منه البقاء على حالة من الوعي والتوازن، إذ معنى ذلك: أن السهم قد ثقب عظم الجبهة، إذ لا يمكن أن يثبت السهم فيها بدون ذلك.. وهذا يؤدي إلى الغياب عن الوعي والتعرض لمضاعفات أصعب، وأخطر..
هذا، إن قلنا باحتمال قدرة السهم الذي يرسل من مسافة بهذا المقدار، على اختراق العظم.
من هو جندب هذا؟!
إن راوي هذا الحديث هو شخص يدَّعي أنه شارك في تلك السرية، وهو جندب بن مكيث الجهني.. فلماذا لم يروها لنا آخرون ممن شاركوا أو اطلعوا على ما جرى فيها؟!
أما ما ورد في بعض المصادر، من أن الراوي هو مسلم بن عبد الله الجهني([361])، فلم نجد لمسلم هذا ترجمة في كتب الصحابة.
غوامض غير مستساغة:
صرحت الرواية: بأنهم قتلوا مقاتلة ذلك الحي، وسبوا النساء والذرية، مع أنهم كانوا بضعة عشر رجلاً فقط.
لكن الراوي لم يذكر لنا كم كان عدد مقاتلة ذلك الحي؟!
وكم كان عدد السبي؟!
وكم كان عدد الشاء التي أخذت..
وكم يوماً غابوا عن المدينة؟!
لابد من التروي:
1 ـ قد ذكرنا أكثر من مرة: أن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يكن ليغير على من لم يعلن الحرب عليه، كما أنه لا يقاتل أحداً إلا بعد الدعوة والاحتجاج، ولم نجد أي شيء يدل على ذلك!!
2 ـ إن إرسال أفراد قليلين ـ بضعة عشر رجلاً ـ إلى بلاد بعيدة يحتاج الوصول إليها والعود منها إلى أيام عديدة، في منطقة زاخرة بالأعداء، يعد نوعاً من المخاطرة التي يصعب تفسير مبرراتها، ودوافعها بسهولة..
ولأجل ذلك، نقول: إن تأييد، أو تفنيد هذه السرايا يحتاج إلى المزيد من التروي، والتدقيق.
تناقض غير مفهوم:
والغريب في الأمر: أننا تارة نقرأ في روايات هذه الغزوة: أنهم حين صار الوادي بين الفريقين: "أرسل الله سحاباً، فأمطر الوادي ما رأينا مثله، فسال الوادي، بحيث لا يستطيع أحد أن يجوزه"([362]).
وأخرى نقرأ فيها قولهم: "القوم ينظرون إلينا، إذ جاء الله بالوادي من حيث شاء يملأ جنبيه ماء، والله ما رأينا يومئذٍ سحاباً ولا مطراً، فجاء بما لا يستطيع أحد أن يجوزه"([363]).
تكرار المكررات:
ثم إنهم يقولون: إن ذلك قد تكرر مرة أخرى، وذلك لقطبة بن عامر حين توجه إلى بني خثعم بناحية تبال([364]).
فما أكثر التكرار للأحداث في موضوع السرايا، فهل يمكن أن يشير ذلك إلى أن ثمة من كان يريد توزيع الأوسمة للأتباع والأشياع لفريق بعينه، فاتخذ من السرايا باباً لتحقيق هذا الغرض، ولعل سرايا كثيرة قد اخترعت، وجعلت قيادتها إلى هذا وذاك، لتكون رشاوى لهم، أو مكافآت على مواقف اتخذوها، أو مبادرات لصالح فريق يحبونه، أو ضد فريق يناوئونه.
ولعل أحداثاً حقيقية في سرايا بعينها، أو لعل سرايا كاملة، قد حذفت أو حرِّفت لتخفيف الضغط عن أناس متضررين منها، أو تشكيكاً بإخلاص، وبمواقف ناس مخلصين، مجازاة لأصحابها، وكيداً منهم لهم، وتجنياً عليهم، لأغراض ودوافع مختلفة..
ولذلك ظهر التكرار، وطغت على السطح التناقضات، أو الهنات والفجوات، وكثرت السرايا التشريعية، والأحداث الوهمية..
زواج النبي ' ببنت الضحاك:
قالوا: في سنة ثمان تزوج النبي "صلى الله عليه وآله" فاطمة بنت الضحاك الكلابية([365])، فلما دخلت على النبي "صلى الله عليه وآله"، ودنا منها، قالت: إني أعوذ بالله منك.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": عذت بعظيم، الحقي بأهلك([366]).
وفي رواية: أن ابنة الجون أدخلت الخ..([367]).
سرية ذات أطلاح:
وفي شهر ربيع الأول سنة ثمان بعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" كعب بن عمير الغفاري في خمسة عشر رجلاً، فساروا حتى انتهوا إلى ذات أطلاح من أرض الشام، وراء ذات القرى. وكان كعب يكمن النهار، ويسير بالليل، فوجدوا جمعاً كثيراً من أهل الشام، فدعوهم إلى الإسلام، فلم يستجيبوا لهم، ورشقوهم بالنبل، فقاتلهم المسلمون أشد القتال، حتى قتلوا.
قال أبو عمر: قتلوهم بقضاعة([368]).
فأفلت منهم رجل جريح في القتلى.
قال مغلطاي: قيل: هو الأمير.
فلما كان الليل تحامل حتى أتى رسول الله، فأخبره الخبر، فشق ذلك عليه، وهمَّ بالبعث إليهم، فبلغه أنهم قد ساروا إلى موضع آخر، فتركهم([369]).
ونقول:
إننا نلاحظ هنا ما يلي:
1 ـ لم يتضح لنا بالتحديد ذلك الموضع الذي بعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" إليه هذه السرية، إلا أنها أرسلت إلى موضع وراء ذات القرى، كما أننا لم نعرف الهدف من إرسالها إلى تلك المناطق البعيدة، فإنها ليست سرايا قتالية بلا شك، إذ لا قدرة لخمسة عشر رجلاً على الدخول في حرب حقيقية، في محيط الكفر الطاغي والباغي هذا.
ولنا أن نحتمل أن تكون سرية استطلاعية، هدفها تنسُّم الأخبار عن تحركات الجيوش في مناطق الشام.. أو هي سرية دعوة إلى الإسلام..
وربما يكون هذا الإجراء الاستطلاعي قد اتُّخذ انتظاراً لنتائج الرسائل التي بعثها النبي "صلى الله عليه وآله" إلى ملوك الأرض، وتحسُّباً، واحتياطاً لأي أمر ربما يفكر فيه أولئك العتاة، والجبابرة المستكبرون.
2 ـ وفي ضوء ما تقدم نستطيع أن نضع علامة استفهام كبيرة حول صوابية مبادرة قائد السرية إلى مواجهة تلك الجموع بطلب التخلي عن دينهم، والدخول في الإسلام، ما دام أن هذه الطريقة في الدعوة سوف تفهم على أنها نوع من الاستخفاف والتحدي.
3 ـ ولو أغمضنا النظر عن ذلك، فإن خيار الحرب والقتال ربما لا يكون هو الخيار الصحيح حتى لو رفض أولئك قبول هذه الدعوة.. بل قد يكون اللجوء إلى تهدئة الأمور، والخروج من المأزق بلباقة هو الأولى، ما دام أنه لا تترتب على قتل هؤلاء النفر من المسلمين أية فائدة، أو عائدة.
4 ـ إننا لا نظن أن سبب ترك النبي "صلى الله عليه وآله" إرسال سرية لمعاقبة أولئك القتلة، هو انتقالهم إلى موضع آخر، إذ كان بالإمكان تحديد موقعهم، ثم إرسال الجيوش إليهم لتأديبهم.
5 ـ إن هذا النوع من سرد الأحداث المتوافقة في عناصر تكوينها، قد تكرر في عدة سرايا، وهو أمر غير مألوف، وبعيد عن الاحتمال، فراجع على سبيل المثال:
سرية ابن أبي العوجاء، إلى بني سليم.
وسرية محمد بن مسلمة إلى بني ثعلبة في ذي القصة.
وسرية بشير بن سعد إلى فدك.
سرية إلى السِّيِّ:
روى الواقدي، عن ابن أبي سبرة، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، عن عمر بن الحكم: أنه في شهر ربيع الأول من سنة ثمان بعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" شجاع بن وهب في أربعة وعشرين رجلاً إلى جمع من هوازن بالسِّيِّ، من أرض بني عامر، من ناحية ركبة، على خمس ليال من المدينة، وأمره أن يغير عليهم..
فخرج يسير بالليل، ويكمن النهار، حتى صبَّحهم وهم غارون. وكان قد أوعز إلى أصحابه، أن لا يمعنوا في الطلب، فأصابوا نعماً كثيراً وشاءً، فاستاقوا ذلك كله حتى قدموا المدينة.
واقتسموا الغنيمة، فكانت سهامهم خمسة عشر بعيراً لكل رجل. وغابت السرية خمس عشرة ليلة([370]).
وقالوا أيضاً: إنهم كانوا قد أصابوا نسوة هناك، فاستاقوهن. وكانت فيهن جارية وضيئة، فقدموا بها المدينة..
ثم جاء وفد أولئك القوم مسلمين، فكلموا النبي "صلى الله عليه وآله" في السبي، فكلم النبي "صلى الله عليه وآله" شجاعاً وأصحابه في ردهن، فسلموهن، وردُّوهن إلى أصحابهن.
وكانت الجارية الوضيئة عند شجاع بن وهب، أخذها بثمن، فأصابها. فلما قدم الوفد خيرَّها، فاختارت المقام عند شجاع، فلقد قتل يوم اليمامة وهي عنده، ولم يكن له منها ولد([371]).
ونقول:
1 ـ إن ثمة شكوكاً تحوم حول هذه السرية، فقد قال الواقدي:
"فقلت لابن أبي سبرة: ما سمعت أحداً قط يذكر هذه السرية.
فقال ابن أبي سبرة: ليس كل العلم سمعته.
قال: أجل والله"([372]).
فرواية هذه السرية منحصرة بابن أبي زيد. الأمر الذي أثار استهجان الواقدي، فاندفع ليعترض على الراوي الذي جاء بعد حوالي مائتي سنة من شهادة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فوجد الجواب الحاسم، الذي ينضح بروح القمع، ويرشح بالغيظ والتحدي.
2 ـ إذا كانت المسافة بين المدينة وبين السِّيِّ هي خمس ليال كما ذكروه([373])، وكان المطلوب هو مهاجمة جمع من هوازن كانوا هناك، فهل يكفي أربعة وعشرون رجلاً لإنجاز هذه المهمة؟!
3 ـ لماذا يريد رسول الله "صلى الله عليه وآله" مهاجمة هذا الجمع من هوازن، فهل كان بينه "صلى الله عليه وآله" وبينهم عهد فنقضوه؟!
أو هل اعتدوا على أحد من المسلمين، أو أغاروا على أطراف المدينة، فيريد "صلى الله عليه وآله" أن يؤدبهم؟!
أو هل كان "صلى الله عليه وآله" يمارس شن الغارات على الآخرين بهدف سلب أموالهم، على عادة العرب في زمانه؟!
أو هل كلف هذه السرية بمهمة إرشاد ودعوة هؤلاء القوم إلى الإسلام، ولكن بهذه الطريقة التي لا يرضاها الله سبحانه، ولا يقرها شرع ودين؟!
إن رواية ابن أبي زيد لم تستطع أن توضح لنا شيئاً من ذلك.
الباب الحادي عشر:
مؤتة.. إلى الفتح
الفصل الأول: من المدينة.. إلى مؤتة
الفصل الثاني: معركة مؤتة
الفصل الثالث: خالد يضيع النصر الأعظم
الفصل الرابع: نهايات ونتائج
الفصل الخامس: صورة موهومة لسرية: ذات السلاسل
الفصل السادس: الصورة الحقيقية لغزوة ذات السلاسل
الفصل السابع: رواية القمي ـ توضح.. بل تصرح
الفصل الثامن: سرايا حدثت.. إلى فتح مكة..
الفصل التاسع: حنين الجذع.. ومنبر الرسول '
الفصل الأول:
من المدينة.. إلى مؤتة
أول بعث إلى خارج الجزيرة:
ذكر بعضهم: أن بعث مؤتة كان أول بعث يرسله النبي "صلى الله عليه وآله" إلى خارج الجزيرة العربية، وداخل الأراضي الشامية، التابعة للروم([374]).
ونقول:
تقدم: أن سرية أخرى كانت قد قصدت ذات أطلاح، وهي من أرض الشام، وهي في البلقاء من الأردن. وهذه المناطق كانت تحت سيطرة الروم.
وتقدم أيضاً: أن غزوة دومة الجندل قد حصلت قبل سرية مؤتة بزمان، وتقع دومة الجندل على خمس ليال من دمشق، وعلى خمس عشرة ليلة من المدينة، أو ست عشرة، فهي من أعمال الشام([375]). وقد ذكرنا هذه الغزوة في الجزء العاشر صفحة 104([376]) من هذا الكتاب ، فراجع.
فلا يصح قوله: إن غزوة مؤتة هي أول بعث يرسله "صلى الله عليه وآله" إلى خارج الجزيرة العربية، وداخل الأراضي الشامية التابعة للروم.
وربما تكون هذه الغزوات تهدف إلى إعداد المسلمين للحروب التي تنتظرهم خارج الجزيرة العربية، ولا سيما مع الدولتين الأقوى في المنطقة، وهما الروم وفارس.
تاريخ غزوة مؤتة:
قال بعضهم: المعروف بين أهل المغازي: أن سرية مؤتة كانت سنة ثمان، لا يختلفون في ذلك، إلا ما ذكره خليفة بن خياط في تاريخه: أنها سنة سبع([377]).
ولكن خليفة بن خياط قد ذكرها في أحداث سنة ثمان([378])، وليس فيه.
وعند الترمذي: أن سرية مؤتة كانت قبل عمرة القضاء([379]).
قال في النور: وهذا غلط لا شك فيه([380]).
وقال الذهبي: قلت: كلا، بل مؤتة بعدها بستة أشهر جزماً([381]).
وقال الحافظ بعدما نقل كلام الترمذي: هو ذهول شديد، وغلط مردود، وما أدري كيف وقع الترمذي في ذلك مع وفور معرفته([382]).
نصوص حول سبب غزوة مؤتة:
قالوا: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" بعث الحارث بن عمير الأزدي إلى ملك بصرى بكتاب، فلما نزل مؤتة([383]) عرض له شرحبيل بن عمرو الغساني، وهو من أمراء قيصر على الشام، فقال: أين تريد؟
قال: الشام.
قال: لعلك من رسل محمد؟
قال: نعم، أنا رسول رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فأمر به، فأوثق رباطاً، ثم قدمه، فضرب عنقه صبراً.
ولم يقتل لرسول الله "صلى الله عليه وآله" رسول غيره.
فبلغ رسول الله "صلى الله عليه وآله" الخبر، فاشتد عليه. وندب الناس، وأخبرهم بمقتل الحارث، ومن قتله. فأسرع الناس وخرجوا فعسكر بالجرف، ولم يبين رسول الله "صلى الله عليه وآله" الأمر([384]).
إلى أن يقول النص: وعسكر الجيش قبل خروجه في الجرف، وهو موضع على ثلاثة أميال من المدينة نحو الشام([385]).
وخرج النبي "صلى الله عليه وآله" في إثرهم، وصلى الظهر بالمسلمين في ذلك الموضع، ثم عين أمراء الجيش([386]).
قال محمد بن عمر: حدثني محمد بن عبد الله عن الزهري، قال: إن بعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى مؤتة قد كان في جمادى الأولى سنة ثمان، إلى آخر ما سيأتي([387]).
وقال محمد بن عمر أيضاً، عن عمر بن الحكم، عن أبيه: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" لما صلى الظهر جلس، وجلس أصحابه حوله، وجاء النعمان بن مهض (فنحص) اليهودي، فوقف على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله":
"زيد بن حارثة أمير الناس، فإن قتل زيد فجعفر بن أبي طالب، فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة، فإن أصيب عبد الله بن رواحة، فليرتض المسلمون رجلاً منهم فليجعلوه عليهم".
فقال النعمان بن مهض (أو فنحص): "يا أبا القاسم، إن كنت نبياً فسميت من سميت قليلاً أو كثيراً أصيبوا جميعاً، لأن أنبياء بني إسرائيل كانوا إذا استعملوا الرجل على القوم، ثم قالوا: إن أصيب فلان، ففلان، فلو سمى مائة أصيبوا جميعاً.
ثم إن اليهودي جعل يقول لزيد بن حارثة: "اعهد، فإنك لا ترجع الى محمد إن كان نبياً.
قال زيد: "فأشهد أنه رسول صادق بار".
وقالوا أيضاً: وعقد لهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" لواءً أبيض، ودفعه إلى زيد بن حارثة. وأوصاهم أن يأتوا مقتل الحارث بن عمير، وأن يدعوا من هناك إلى الإسلام، فإن أجابوا، وإلا استعينوا عليهم بالله تبارك وتعالى وقاتلوهم([388]).
ونقول:
إن لنا مع هذه النصوص وقفات عديدة؛ هي التالية:
ليرتض المسلمون رجلاً!!
ذكر النص: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قال: فإن أصيب عبد الله بن رواحسة فليرتض المسلمون رجلاً منهم، فليجعلوه عليهم..
ونقول:
إن ذلك موضع شك وريب، فقد روي: أن عبد الله بن عباس، أو عبد الله بن جعفر قال لمعاوية:
"يا معاوية، أما علمت: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" حين بعث إلى مؤتة أمَّر عليهم جعفر بن أبي طالب، ثم قال: إن هلك جعفر بن أبي طالب، فزيد بن حارثة، فإن هلك فعبد الله بن رواحة!
ولم يرض لهم أن يختاروا لأنفسهم"([389]).
ولعل هذا هو الأقرب إلى الاعتبار: إذا كان النبي "صلى الله عليه وآله" يعلم بأنهم بعد قتل ابن رواحة سوف ينهزمون أسوأ هزيمة، إذ لا معنى لجعل أمير للهزيمة، وللمنهزمين، لأن الحاجة إلى الأمير إنما تكون في حالة الثبات والتصدي، ليقود العمليات الحربية، ويحدد وظائف المحاربين..
وأما إذا كانت الهزيمة، فأية قيادة يمارسها، وأية وظائف يحددها؟!
وهل تبقى الحاجة إلى أن يقرر لهم: أن يرتضوا لأنفسهم رجلاً، ليجعلوه عليهم؟!
طعن الصحابة في إمارة زيد:
روى البخاري عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر، قال: "بعث النبي "صلى الله عليه وآله" بعثاً وأمَّر عليهم أسامة بن زيد([390])، فطعن [بعض] الناس في إمارته، وقالوا: يستعمل هذا الغلام على المهاجرين؟
فقام رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه: "قد بلغني أنكم قلتم في أسامة، إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل، وأيم الله، إن كان لخليقاً للإمارة، وإن كان لمن أحب الناس إليَّ، وإن هذا لمن أحب الناس إليَّ بعده".
وروى الإمام أحمد، والنسائي، وابن حبان في صحيحه، والبيهقي عن أبي قتادة، قال: "بعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" جيش الأمراء وقال: "عليكم زيد بن حارثة، فإن أصيب زيد فجعفر، فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة".
قال: فوثب جعفر رضي الله عنه، وقال: [بأبي أنت وأمي] يا رسول الله، ما كنت أرهب أن (أو ما كنت أذهب إن) تستعمل عليَّ زيداً".
فقال: "امض، فإنك لا تدري أي ذلك خير"([391]).
وصايا النبي ' لجيش مؤتة:
وزعم بعضهم أيضاً: أن النبي "صلى الله عليه وآله" نهاهم أن يأتوا مؤتة، فغشيتهم ضبابة، فلم يبصروا حتى أصبحوا على مؤتة([392]).
وروى محمد بن عمر، عن خالد بن يزيد، قال: خرج رسول الله "صلى الله عليه وآله" مشيعاً لأهل مؤتة حتى بلغ ثنية الوداع، فوقف ووقفوا حوله، فقال:
"اغزوا باسم الله، فقاتلوا عدو الله وعدوكم بالشام، وستجدون رجالاً في الصوامع معتزلين الناس، فلا تعرضوا لهم، وستجدون آخرين للشيطان في رؤوسهم مفاحص فافلقوها بالسيوف.
لا تقتلن امرأة، ولا صغيراً ضرعاً، ولا كبيراً فانياً، ولا تقربن نخلاً، ولا تقطعن شجراً، ولا تهدمن بيتاً (بناء خ ل)"([393]).
وروى محمد بن عمر [الواقدي]، عن زيد بن أرقم [رفعه]: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال: "أوصيكم بتقوى الله، وبمن معكم من المسلمين خيراً. اغزوا باسم الله، في سبيل الله، من كفر بالله. لا تغدروا، ولا تغلوا، ولا تقتلوا وليداً. وإذا لقيتم عدوكم من المشركين فادعوهم إلى إحدى ثلاث، فأيتهن ما أجابوكم إليها فاقبلوا منهم، وكفوا عنهم الأذى.
ثم ادعوهم الى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، فإن فعلوا فأخبروهم: أن لهم ما للمهاجرين، وعليهم ما على المهاجرين.
فإن أبوا أن يتحولوا منها، فأخبروهم: أنهم يكونون كأعراب المسلمين، يجري عليهم حكم الله [الذي يجري على المؤمنين]، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين.
فإن هم أبوا فسلوهم الجزية، فإن فعلوا فاقبلوا منهم، وكفوا عنهم.
فإن هم أبوا فاستعينوا بالله عليهم وقاتلوهم.
وإن حاصرتم أهل حصن أو مدينة فأرادوكم أن تجعلوا لهم ذمة الله وذمة رسوله، فلا تجعلوا لهم ذمة الله، ولا ذمة رسوله. ولكن اجعلوا لهم ذمتكم، وذمة آبائكم، إن تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله". وذكر نحو ما سبق([394]).
سبب غزوة مؤتة:
ولنا مع كل هذه النصوص المتقدمة وقفات، نجملها على النحو التالي:
تقدم قولهم: إن سبب سرية مؤتة هو قتل الحارث بن عمير، على يد شرحبيل بن عمرو الغساني..
وقيل في مقابل ذلك:
إنه "صلى الله عليه وآله" بعث الحارث بن عمير إلى هرقل عظيم الروم بالشام([395]).
غير أننا نقول:
1 ـ إن هذا القول لا ينافي القول السابق، إذ لعل رسول الله "صلى الله عليه وآله" أرسل الكتاب إلى ملك بصرى ليوصله إلى ملك الروم.
2 ـ إننا نلمح في النص المتقدم قدراً من التهافت، فإنه يقول: "وندب الناس، فأخبرهم بمقتل الحارث، ومن قتله، فأسرع الناس، وخرجوا، فعسكر بالجرف.
ثم يقول مباشرة: "ولم يبين رسول الله "صلى الله عليه وآله" الأمر".
فإنه إذا كان "صلى الله عليه وآله" لم يبين الأمر، فما معنى إخباره الناس بما جرى، حتى أسرعوا، وخرجوا فعسكروا؟!
ألا يعد هذا بياناً للأمر؟!. فإن كل إنسان لو سأل عن السبب في هذا الإسراع بالخروج، فسوف يجيب: بأنه هو قَتْلُ الحارث بن عمير، وأن القصد هو المسير لمعاقبة من فعل ذلك..
إلا أن يقال: إن المقصود هو: أنه "صلى الله عليه وآله" أبقى وجهة سيره مخفية عن اليهود والمشركين، ولم يخبر بها إلا الذين انتدبهم للخروج.
ولكن قوله: "لم يبين رسول الله "صلى الله عليه وآله" الأمر" يفيد أمراً عادياً، وهو: أنه أبقى الأمر مخفياً حتى عن أصحابه..
أو يقال: إنه إنما أخبرهم بمقتل الحارث، ولم يطلب منهم التجهز للحرب، لكنهم هم الذين أسرعوا إلى المعسكر بالجرف..
أو أنه ندبهم على الحرب، بعد أن أخبرهم بما جرى للحارث، ولكنه لم يصرح لهم بأنه يريدهم لمحاربة قاتلي الحارث، أو لغيرهم من أعدائه. بل ترك الأمر غامضاً، وعرضه لكل احتمال..
ولعل هذا الاحتمال الأخير هو الأقرب، والأصوب.
ذات أطلاح هي السبب:
زعم بعضهم: أن سبب سرية مؤتة ليس هو قتل الحارث بن أبي عمير، بل سببها هو قتل أربعة عشر رجلاً من المسلمين، على يد العرب المتنصرة، في سرية ذات أطلاح جنوب الشام، في منطقة البلقاء بالأردن. وكان يحكمها الحارث بن أبي شمر الغساني باسم ملك الروم.
وبعد قتلهم أطلق الحارث هذا تهديدات بغزو النبي "صلى الله عليه وآله"([396])، فبادر "صلى الله عليه وآله" إلى تجهيز هذا الجيش رداً على هذه التهديدات..
ونقول:
1 ـ إن الذين قتلوا الأربعة عشر رجلاً هم من قضاعة، لا من الغساسنة. ورئيسهم رجل يقال له: سدوس([397])، وليس هو الحارث بن أبي شمر الغساني.
2 ـ وأما التهديدات المشار إليها، فلا تصلح مبرراً لإرسال الجيش، إلا إذا أريد به تسديد ضربة استباقية، يؤخذ العدو فيها على حين غرة.
ومن الواضح: أن الأمور لم تجر على هذا النحو.
مناقشة مردودة:
وربما يقال: إن ثمة مجالاً واسعاً للتشكيك في قصة قتل الحارث بن عمير الأزدي، على اعتبار أن راويها هو الواقدي، ثم أخذه عنه كاتبه ابن سعد وغيره.
كما أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد كتب إلى الحارث بن أبي شمر الغساني كتاباً مع شجاع بن وهب. فلما بلغه ذلك، قال: من ينزع ملكي، فأنا سائر إليه، وبدأ بالتجهيز للمسير إلى المدينة.
فبلغ ذلك النبي "صلى الله عليه وآله"، فقال: باد ملكه.
وكتب الحارث إلى قيصر يخبره بالأمر، فكتب إليه قيصر: أن لا تسِر إليه، والْهُ عنه، (أي لا تذكره)، واشتغل بإيلياء (أي ببيت الله) وهو بيت المقدس، لأن قيصراً كان قد نذر: إن انتصر على الفرس أن يمشي إلى بيت المقدس. وكان يريد من الحارث أن يهيء لإنزاله([398]).
وزعم بعضهم: أن الحارث الغساني قد أسلم أيضاً([399]).
وذلك كله يدل: على أن السبب ليس هو قتل الحارث بن عمير، بل هو هذا الموقف من ابن أبي شمر الغساني.
ويرد على هذه المناقشة: أن الرسالة التي حملها شجاع بن وهب إلى المنذر بن الحارث بن أبي شمر، إنما حملها إليه سنة ست أو سبع، وذلك حين كتب "صلى الله عليه وآله" إلى الملوك([400])، وحينئذٍ نهاه قيصر عن غزو المدينة، وأمره بالاشتغال ببيت المقدس.
ولكن هذا لا يمنع أن تكون هناك رسالة أخرى أرسلها النبي "صلى الله عليه وآله" إلى قيصر بواسطة الحارث، أو إلى الحارث بن أبي شمر نفسه مع الحارث بن عمير، فأخذه شرحبيل بن عمرو الغساني فقتله..
جموع الروم وقرار الحرب:
إن ما يدعو إلى التأمل: هو أن يكون الجيش الذي واجهه المسلمون في مؤتة بهذه الأعداد الضخمة، حيث يعد بعشرات، بل بمئات الألوف.. مائتا ألف، أو مائتان وخمسون ألفاً وهذه الأعداد تحتاج إلى وقت طويل، وإلى جهد كبير لجمعها، وإعدادها.
كما أن جيشاً بهذا المستوى لا يُعِدُّه هرقل لمحاربة جماعة صغيرة لم تستطع أن تجهز لأكبر حرب خاضتها أكثر من ألف وخمسمائة مقاتل..
بل هو يعده لمحاربة جيوش ضخمة ومن هو مثل كسرى في سعة الملك، وكثرة الرجال، والتوفر على الأموال التي تمكنه من التجهيزات المتميزة.
وهذا يعطينا: أن هذا الجيش لم يجهزه قيصر لمجرد دفع غائلة سرية مؤتة.. بل لعله أراد به الانقضاض على منطقة الحجاز بأسرها، للقضاء على دعوة الإسلام واحتلال جزيرة العرب كلها، في وقت كان يرى فيه انشغال المسلمين بحرب المشركين، ويهود المنطقة.
ويكون بذلك قد تمكن من توسعة نفوذه، في منطقة محيطة بملك الأكاسرة، الذين استطاع أن يسجل نصراً عليهم، ويريد استثمار هذا النصر في وقت بدا له فيه أنهم غير قادرين على لمِّ الشعث، وجمع الجموع لمواجهته في منطقة حساسة، وفي قلب الصحراء، وفي منأى عن أي نفوذ لكلا الدولتين.
ولو كان يرتبط جمع الجموع بدفع سرية مؤتة، بسبب ما فعله شرحبيل بن عمرو الغساني، فلماذا يكون العنوان المطروح بين المسلمين هو أنهم: يسيرون لمحاربة ملك الروم؟!
وإذا كنا نعلم: أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان يرصد كل تحركات أعدائه، وكان يستطيع من خلال ذلك أن يعرف حتى نوايا الأشخاص، وما يحدثون أنفسهم به، فهل يغفل عن تحركات كسرى وقيصر، وهو قد بعث بالأمس القريب إليهما يدعوهما لاتباعه والدخول في دينه.
فذلك كله يدعونا إلى القول: بأنه كان على علم تام بهذه الجموع المحتشدة، وبمقاصدها.. وبأن قتل الحارث بن عمير الأزدي كان هو الإشارة للمسلمين، التي جعلتهم قادرين على تلمس خطورة الأمر، وشحذت هممهم للنفير لمواجهة الخطر المحدق، بطريقة توجب تشويش الأمور على قيصر، وتمنعه من متابعة مسيرته، وتحجب عنه فرصة اتخاذ القرار النهائي بالتوغل إلى عمق منطقة الحجاز، وتعيد الأمور بالنسبة إليه إلى نقطة الصفر، ولو بأن تثور عاصفة من الشكوك حول حاجة هذا الجيش الذي هيأه إلى إعادة تجهيز، وإلى تهيئة روحية، وإلى شحن نفسي جديد..
فإنه إذا كان ثلاثة آلاف مقاتل، بإمكانياتهم المتواضعة قد واجهوا جيشاً مؤلفاً من مائتي ألف، كانوا بأحسن عدة، وأتم تجهيز..
وإذا كان قادة هذا الجيش هم أكثر الناس حرصاً على التضحية والفداء حتى الاستشهاد، وقد ظهرت منهم هذه البسالة النادرة، رغم أنهم في بلد عدوهم، وإذا كانوا لم ترهبهم عدة ولا عدد عدوهم.. فكيف يكون حال القتال معهم إذا دهمهم الخطر في بلدهم، وأصبح دينهم ونبيهم في معرض الخطر الحقيقي؟!
وإذا كان هذا هو فعل الطليعة، والسرية، فكيف يكون فعل الجيش الذي وراءها، ولابد أن يكون فيه الشجعان والأبطال، والأشدَّاء من الرجال..
ولاسيما قالع باب خيبر، والبطل المظفر، علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه.. الذي لابد أن يكون صدى ضرباته الماحقة وهجماته الساحقة، واقتلاعه لباب خيبر قد بلغ مسامع قيصر، وكل بطل وشجاع!!
فهذه السرية رغم أنها لم تسر وفق ما يريده الله ورسوله باعتبار أن خالداً قد انهزم بالجيش بعد قتل قادته الثلاثة. إلا أنها حققت ـ ولا شك ـ الحد الأدنى من أهدافها..
ولولا الهزيمة التي جرَّها خالد عليهم. فلربما يكون إنجازها هائلاً وعظيماً. ليس بإمكاننا التكهن بحدود عظمته، وبمدى أهميته.
مهمات الجيش خطيرة.. وقد ضاعت:
تقدمت الإشارة إلى: أن ثمة ما يشير إلى معرفة المسلمين أو خصوص القادة منهم بأن لهذا البعث مهمات خاصة، على درجة عالية جداً من الخطورة، ويبدو لنا: أنه "صلى الله عليه وآله" أعلم الناس بأن القادة يقتلون، ثم يكون نصر عظيم، لو واصل الجيش القيام بواجبه..
فقد ذكروا ما يلي:
1 ـ إنه حين عيَّن "صلى الله عليه وآله" قادة الجيش، واعترض جعفر، وأمره "صلى الله عليه وآله" بالمضي.. "بكى الناس، وقالوا: هلَّا متعتنا بهم يا رسول الله، فأمسك"([401]).
2 ـ إن عبد الله بن رواحة لم يزل يظهر ما يدل على: أنه متوقع للشهادة منذ أمَّره رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وقد ظهرت منه العديد من الإشارات إلى ذلك في شعره، وفي كلماته، وفي ممارساته، كما تظهره النصوص التي أوردنا قسماً وافراً منها.
3 ـ إن أهل المدينة قد واجهوا الجيش المهزوم بحنق شديد، وعاملوهم بقسوة ظاهرة، ولم يشفع لهم عندهم أنهم كانوا ثلاثة آلاف فقط في مقابل مائتي ألف، أو مائتين وخمسين ألفاً.
الأمر الذي يعني: أن الناس كانوا يتوقعون نصراً هائلاً وعظيماً، وقد ساءهم تضييعه..
خالد يضيع نتائج المعركة:
ومن المعلوم: أن قائد الهزيمة، هو خالد بن الوليد، الذي كان لحركته في ذلك الجيش أثر بالغ في تهيئة ظروف فرضت تلك الهزيمة، وبذلك يكون قد أبطل التدبير النبوي، وضيَّع نتائج عظيمة وخطيرة، كان "صلى الله عليه وآله" قد خطط لتحقيقها.
ولأجل ذلك وجدنا من المسلمين موقفاً حاداً وصارماً جداً من ذلك الجيش العائد بقيادة مدير الهزيمة وصانعها خالد بن الوليد.
ويكفي أن نذكر: أنهم كانوا يحثون التراب في وجوه العائدين، وقد قاطعوهم، وهجروهم، ولم يعد الواحد منهم يجرؤ على الظهور بين الناس، حتى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، كما سنرى.
ولم نجدهم اعتذروا ولا اعتذر أحد عنهم، بأنهم قد واجهوا جيشاً مؤلفاً من مائتي ألف مقاتل، كان في أتم عدة، وأحسن تجهيز.
وهذا يدل: على أن الناس كانوا يعرفون أن إمكانات الصمود كانت متوفرة، وأن هناك مهمات لم تنجز، بسبب هذا الفرار المبكر وغير المبرر من ساحة المعركة.
الوصايا تشي وتنم:
ولذلك نقول:
إن الخيارات التي تحدث عنها رسول الله "صلى الله عليه وآله" حين جهز جيش مؤتة، تشي بأن المطلوب هو: أن ينتهي الأمر ـ بعد استشهاد القادة ـ إلى نتائج عظيمة وهائلة، وهي أن يصبح بإمكان جيش المسلمين وضع جيش العدو أمام خيارات تنتهي كلها بتسجيل النصر عليه، وحسم الأمر.. وذلك حين يواجهه بعروضه التي وضعها ضمن مخطط متكامل في خطوات تتبع اللاحقة منها السابقة، فقد أمره "صلى الله عليه وآله" أن يعرض عليهم:
1 ـ الدخول في الإسلام.
فإن فعلوا دعاهم إلى:
ألف: التحول من دارهم إلى دار المهاجرين..
ب: فإن فعلوا يخبرهم: أن لهم ما للمهاجرين، وعليهم ما عليهم.
ج: وإن اختاروا دارهم، فلا يكون لهم في الفيء ولا في القسمة شيء إلا إذا جاهدوا مع المسلمين.
2 ـ فإن أبوا الإسلام، يعرض عليهم إعطاء الجزية.
فإن قبلوا يكف عنهم.
3 ـ وإن أبوا إعطاء الجزية، فليستعن بالله، وليقاتلهم..
ورسم له في حال القتال: أنه:
ألف: إذا حاصر مدينة، أو حصناً، فأرادوه أن يستنزلهم على حكم الله تعالى، فلا ينزلهم عليه، بل ينزلهم على حكمه.
ب: وإن أرادوه أن يجعل لهم ذمة الله وذمة رسوله، فلا يقبل منهم، بل يجعل لهم ذمته، وذمة أبيه، وذمة أصحابه..
فهذا المخطط التام إنما يناسب جيشاً واثقاً بالنصر، مطمئناً إلى أنه يذهب إلى فتح المدن والحصون، وتكون يده العليا في حروبه مع أعدائه..
مع أن ظاهر الأمر: أنه يرسله إلى حرب مائتي ألف، أو إلى مائتين وخمسين ألف مقاتل، مجهزين بأتم عدة، في جيش لا يزيد على ثلاثة آلاف، مع ضعف ظاهر في تجهيزاتهم، وعدَّتهم.
وهذه الوصايا تدل على عدم صحة ما ذكره البعض: من أن المطلوب من جيش مؤتة كله هو الاستشهاد، بل المطلوب هو إنجاز أمر عظيم وهائل، وهو النصر على جيوش الروم رغم كثرة عددها، وحسن عدتها، حتى لو كانت قيمة هذا النصر هو استشهاد القادة.
ولكن ما صنعه خالد: قد أفسد ما كان دبره رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فثارت ثائرة المسلمين، حيث واجهوا الجيش العائد مع خالد بالطرد، والنبذ، والمقاطعة كما سنرى.
سرية دعوة، أم سرية حرب؟
وذكرت الروايات المتقدمة: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أوصى القادة بأن يأتوا مقتل الحارث بن عمير، وأن يدعوا من هناك إلى الإسلام، فإن أجابوا، وإلا فاستعينوا عليهم بالله تبارك وتعالى، وقاتلوهم.
ونقول:
إن هذه الوصية لابد أن تكون جارية وفق المسار العام للأحداث، وهي من الأمور التي ربما يكون المراد منها ترتيب الأوضاع فيما يرتبط بالأساليب العامة، التي يراد لها أن تهيمن على حركة الواقع، وفق الضوابط الدينية والإيمان..
وقد دلت هذه الوصية: على أن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يكن يتصرف بصورة انفعالية ومتشنجة، فلم يطلب من أصحابه أن يغيروا على الناس هناك، ويوقعوا بهم، ولا أن يقتلوا، ويأسروا، ويغنموا. بل هو قد أمرهم بالدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، وفق المقررات التي تقدمت، مع ملاحظة ما يلي:
أولاً: إنه "صلى الله عليه وآله" طلب من أصحابه أن يبدأوا حركتهم من ذلك الموضع الذي تعرض فيه أحد المؤمنين لأفحش الظلم، حيث قتل صبراً بحد السيف. وهذا من شأنه أن يزيد أصحابه "صلى الله عليه وآله" بصيرة في أمرهم، ويفرض عليهم أن يتعاملوا مع الأمور بروح المسؤولية، والإنصاف، والانضباط، ضمن الحدود، والأحكام الشرعية. إذ لا مجال للانفعال، والعبثية، ولا مكان للظلم والتعدي في حركة الإنسان المسلم..
ثانياً: إنه "صلى الله عليه وآله" إنما طلب منهم أن يدعوا من يجدونه في ذلك الموضع إلى الإسلام، ولم يحدد لهم فئة ولا أشخاصاً بأعينهم، ولم يذكر لهم اسم شرحبيل بن عمرو الغساني، ربما لعلمه "صلى الله عليه وآله" أنهم لن يصادفوه هناك، حيث سيكون في ضمن جيش الروم، كما أنه يريد أن يبعد القضية عن أجواء الانتقام من الأشخاص، وعن حدود النظرة الضيقة، لتصبح قضية قيم ومبادئ، يراد لها أن تكون هي المهيمنة على سلوك الناس، وعلى قراراتهم، ومواقفهم، وكل حياتهم..
وصايا في نطاق الأهداف الإلهية:
وبعد.. فإن للمحارب أن يتوسل بمختلف الأساليب المشروعة، التي تمكنه من تسجيل النصر على عدوه. فحتى الخدعة، التي أشير إليها في قول النبي "صلى الله عليه وآله": الحرب خدعة([402])، لابد أن لا تخرج عن دائرة ما هو مشروع، وأن لا يتجاوز الإنسان حدود إنسانيته، وأن لا يسقط أية قيمة من القيم التي يؤمن بها.
فلا يجوز أن تؤدي الخدعة إلى سفك دم بريء، كدم الشيخ الفاني، والطفل والمرأة مثلاً، ولا أن تسوق إلى الغدر بمن أعطيته شرف العهد والوعد، والخيانة في مال الله، أو في مال المسلمين. وهو ما سمي بالغلول.
بل لابد أن يكون الغزو، ملابساً لاسم الله تعالى، متمازجاً معه، وأن يكون خطوة تضع المجاهد على طريق الوصول إليه.
وهذا بالذات هو ما ترمي إليه وصيته "صلى الله عليه وآله" لجيش مؤتة، حيث قال: "اغزو، باسم الله في سبيل الله، فقاتلوا من كفر بالله، لا تغدروا، ولا تغلوا، ولا تقتلوا وليداً"([403]).
من وصاياه ' لجيشه أيضاً:
تقدم: أن من وصايا النبي "صلى الله عليه وآله" لذلك الجيش هو: أن لا يقطعوا شجراً، ولا يقربوا نخلاً، ولا يهدموا بيتاً، أو بناء..
وهذا الحرص على الشجر، سواء في ذلك المثمر منه وغيره، وعلى النخل الذي يمثل مصدر العيش والارتزاق للناس، وعلى البناء والعمران ـ إن ذلك كله ـ يشير إلى طبيعة اهتمامات الإسلام، وأنه لا يحارب الناس انطلاقاً من حب البطش، ولا استجابة لشهوة القتل أو التلذذ بأذى الآخرين، وحب التنكيل بهم، بل هو يريد أن يدفع ظلمهم، وعتوهم عن نفسه، وعن غيره، وأن يبطل كيدهم، ومؤامراتهم، وأن يحصل على حريته بممارسة قناعاته، بعيداً عن أجواء القهر، وفي منأى عن الحدود التي يفرضونها عليه، والقيود التي يقيدونه بها..
إنه يريد أن يحفظ للبيئة صحتها وسلامتها، وللمناظر الخلابة رونقها وروعتها، ولمصادر الرزق عطاءها ونضارتها، وللبلاد العامرة عمرانها وشموخها وبهجتها..
وهذا بالذات هو ما يفسر وصاياه "صلى الله عليه وآله" لجيش مؤتة، ولغيره من البعوث القتالية، التي كان يضطر لإرسالها.
التحول إلى دار المهاجرين:
ومن جملة الخيارات التي طرحها "صلى الله عليه وآله" على جيشه، لتعرض على الناس في مسيرهم ذاك، هو التحول إلى دار المهاجرين، ليكون لهم ما للمهاجرين، وعليهم ما عليهم.
وهو خيار لافت للنظر، باعتبار أنه جعل للإنسان الذي يريد أن ينسلخ عن محيطه، ليندمج في محيط آخر لا عهد له به، خصوصية ميزه بها، حيث جعل لعمله هذا قيمة، وللمصاعب التي يتحملها عوضاً، ففرض له حقوقاً تناسب هذا الواقع الذي استجد له، وتعينه على المصاعب التي سوف يواجهها.
الرسل لا تقتل:
وإن من الأمور التي تَوَافق عليها البشر كلهم، لإدراك حاجتهم إليها لاستمرار حياتهم، وسلامة علاقاتهم، هو الحصانة التي يعطونها للرسل، وللموفدين، فإن جميع الأمم على اختلاف أديانها، وعاداتها، وحالاتها تمنع من قتل الرسل، وتلتزم بحمايتهم من كل مكروه.. وترى التعدي عليهم عيباً، بل إن التعدي على حامل الرسالة يعطي الحق لدى البشر جميعاً بمعاقبة فاعل ذلك، ولا يعتبرون هذه العقوبة من مفردات التعدي والظلم للآخرين..
ولعل بعض ما ذكرناه يفسر لنا حقيقة: أنه لم يقتل لرسول الله "صلى الله عليه وآله" رسول غيره، رغم كثرة رسله ومبعوثيه إلى مختلف الفئات، وفي جميع الاتجاهات.
على أن ما فعله شرحبيل قد جاء أشد قباحة، وأظهر وقاحة، باعتبار أنه لم يتثبت من مضمون الرسالة، فلعلها رسالة سلام ووئام، تحقن بها الدماء، وتصان بها الحقوق..
علماً بأن هذه الرسالة لم تكن تعني شرحبيل في شيء، وإنما هي مرسلة إلى غيره، فلماذا يتدخل في شيء لا يعنيه؟! ولماذا يفوِّت على غيره فرصاً، أو يحرمه من منافع يسعى للحصول عليها؟!.
وأخيراً نقول:
ونحن وإن كنا نعتقد: أن تجهيز الجيش إلى مؤتة، قد كانت له أهداف جليلة، لعل أهونها منع ذلك الجيش العظيم جداً من الزحف نحو المدينة، ومن السعي لامتلاك الحجاز كله.. حيث ستصبح الأمور بالغة التعقيد..
لكن مما لا شك فيه: أن قتل شرحبيل بن عمرو الغساني، لمبعوث النبي "صلى الله عليه وآله" إلى بصرى، قد أطلق الشرارة الأولى باتجاه الحرب، ومثَّل حافزاً للمسلمين لينفروا لمواجهة الخطر، وليكونوا طليعة جيش الإسلام، وليقدموا الأمثولة الكبرى لجيش الروم في الجهاد، وفي الاستبسال والتضحية، لكي تعود حالة التوازن إلى ذلك الجيش المغرور بعدَّته وبعدده ولتدفعه هذه الصدمة القوية إلى مراجعة حساباته بأناة وروية، وهكذا كان..
اليهودي.. وقتل القادة:
ورغم أن معجزات رسول الله "صلى الله عليه وآله"، الدالة على نبوته كانت تتوالى. وكانت معجزته الكبرى الخالدة، وهي هذا القرآن الكريم حاضرة لدى جميع الناس، وماثلة أمام أعينهم.
وقد صرح القرآن نفسه: بأن اليهود كانوا يعرفون النبي العظيم، كما يعرفون أبناءهم.
نعم، رغم ذلك، فقد رأينا: أن هذا اليهودي يبادر إلى الإعلان على الملأ بأن القادة الذين عيَّنهم رسول الله "صلى الله عليه وآله"، صائرون إلى القتل، ثم إنه علَّق صحة نبوته "صلى الله عليه وآله" على قتل هؤلاء القادة..
ومن شأن هذا الإعلان: أن يفت في عضد الناس، وأن يرهبهم، ويحبط عزائمهم، خصوصاً إذا كان القتل سينال هؤلاء الصفوة حتى جعفر بن أبي طالب "رضوان الله عليه".
واللافت: أن هذا اليهودي يختار خصوص زيد بن حارثة، ليقول له: "اعهد، فإنك لا ترجع إلى محمد إن كان نبياً".
فلماذا يخاطب زيداً بهذا الخطاب المرّ، المقرون بالتشكيك بنبوة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، مع أن ذلك اليهودي كان عارفاً بنبوته "صلى الله عليه وآله" تماماً كما كان يعرف أقرب الناس إليه، من أبنائه وغيرهم، كما صرح به القرآن الكريم..
فهل خص ذلك اليهودي زيداً بالخطاب؛ لأنه كان بلا عشيرة ترعاه، وتهتم له؟! وتمنع من إطلاق هذا الفأل الذي تعتبره سيئاً في حق من ينتسب إليها؟!
أم أنه اختاره لأنه احتمل أن يظهر شيئاً من الضعف في قبال هذا الخبر الذي يصعب وقعه على النفس؟!
أم اختاره لأنه كان قد تعرض لطعون مرة وقاسية من قبل جماعات كانوا يجهرون بالانتقاص له، والانتقاد لقيادته؟! الأمر الذي يهيء لنشوء حالة من الاتهام له بالتفريط، وعدم القيام بالواجب، وربما ينجر ذلك إلى توجيه الملامة لمن نصبه في موقع ليس أهلاً له. ألا وهو رسول الله "صلى الله عليه وآله" نفسه؟!
لماذا طعنوا في إمارة زيد؟!
لقد صرح النبي "صلى الله عليه وآله": بأن هناك من يطعن في إمارة زيد..
ولكن مراجعة حياة زيد، ومشاركاته في السرايا والغزوات، مذكورة في كتب السير، ولا نجد فيها ما يشير إلى هذا الطعن، وإلى مناشئه، وعناصره، والنبي "صلى الله عليه وآله" صادق فيما قال بدون ريب، فلماذا حذفت تلك الطعون في قيادة زيد، وغُيِّبت عن ساحة التداول، حتى كأن شيئاً لم يكن..
بل إن الطعون في قيادة ولده أسامة قد غُيِّبت وحذفت أيضاً، ولم يبق منها إلا نزر يسير جداً، ينحصر في مورد أو موردين لا يستحقان أبداً أن يطلق النبي الأعظم "صلى الله عليه وآله" هذه الصرخة القوية.
ألا يدل حذف تلك الطعون من دائرة التداول على أن شيوع هذا الأمر عن الطاعنين يوقعهم في مشكلة من جهتين:
إحداهما: أنه يفضح نواياهم.
الثانية: أنه يظهر جرأتهم على رسول الله "صلى الله عليه وآلـه"، واعتراضهم عليه، وتشكيكهم في صوابية قراراته..
والأمر الذي لا مرية فيه: هو التشابه في مضمون الطعن بين ما جرى لزيد وما جرى لولده. والطعن في إمارة الوالد إنما هو لتأميره على المهاجرين، ولا أحد في المهاجرين يراد إبعاده عن هذه الدائرة، وإعطاؤه الميزات، والمقامات سوى أبي بكر وعمر، اللذين هما من المهاجرين.
وقد أصبح أسامة أميراً عليهما أيضاً. الأمر الذي يدلنا على أن الاعتراض على إمارة زيد قد كان لأجل هذا بالذات.
فلعلهم أَنِفُوا من إمارة زيد على أمثال خالد وغيره من رجالاتهم، لاسيما وأن زيداً قد ابتلي بالرق، وتبرأ منه أبوه، فتبناه رسول الله "صلى الله عليه وآله". ونحو ذلك من أمور لا يرضاها الذين يقيسون الأمور بمقاييس دنيوية، أو حتى جاهلية أيضاً.
إنه لمن أحب الناس إلي!!
وأما قوله "صلى الله عليه وآله": إنه لمن أحب الناس إليَّ؛ فنحن نرتاب في صحته جداً:
أولاً: لأنه يريد أن يجعل ذلك الطعن منحصراً في أسامة وزيد كأشخاص وفي الآخرين كذلك..
مع أن الظاهر: أن الطعن في نفس إمارة هذا وذاك، إنما هو موجه للفعل الذي صدر من رسول الله "صلى الله عليه وآله" نفسه، أي في عملية التأمير التي هي فعل شخصه "صلى الله عليه وآله".. فالطعن يستهدف مقام النبوة.. لا زيداً ولا أسامة.
كما أن كلمة النبي "صلى الله عليه وآله" تدل على أن هذا الطعن قد شاع وذاع، حتى صح أن ينسبه إليهم بصورة عامة، فهم إما طاعنون، أو راضون بالطعن..
ثانياً: إن حب النبي "صلى الله عليه وآله" للناس ليس عشوائياً، ولا مزاجياً، بل هو يحبهم بقدر ما فيهم من فضائل وميزات، وملكات، فإذا كان أحدهم من أحب الناس إليه "صلى الله عليه وآله"، فلابد أن يكون في مقام من الفضل والتقى، والعلم والعمل الصالح، والميزات والملكات يجعله أفضل من جميع من عداه ممن لم ينالوا تلك الدرجة من حب الرسول "صلى الله عليه وآله" لهم..
وإذا كان لزيد قسط وافر من هذه الميزات والفضائل، كما تشهد له نصوص كثيرة، فإن أسامة لم يكن بهذه المثابة، لكي يخصه "صلى الله عليه وآله" بهذا الحب دون من عداه، وإذا كان زيد يملك مثل هذه الميزات العظيمة والظاهرة، فلا مبرر لانتقاد إمارته إلا إرادة حفظ ماء الوجه لبعض من يحبونهم، لكي لا يتأمَّر عليهم من ابتلي بالرق، ويرفضون أن يكون بالمستوى والموقع الذي استحقه بجهده وجهاده، فوضعه الله ورسوله فيه.
عودة إلى الطعن في إمارة زيد.. وأسامة:
وقد صرحت الروايات المتقدمة: بأنه حين جهز النبي "صلى الله عليه وآله" ـ في مرض موته ـ أسامة بن زيد، ليسير إلى حيث قتل أبوه، طعن بعض الناس في إمارة أسامة، كما طعنوا في إمارة أبيه من قبل..
ونقول:
أولاً: إن رواية البخاري وغيره قد أظهرت: أن الذي ضايقهم هو تأمير أسامة على المهاجرين فقط، حيث قال الطاعنون:
"يستعمل هذا الغلام على المهاجرين" الأولين؟!([404]).
فلاحظ كلمة "المهاجرين" ولاحظ أيضاً كلمة "الأولين".
وأضافت بعض المصادر اليسيرة كلمة "والأنصار"([405]).
ولعلها أضيفت في وقت متأخر، من أجل حفظ ماء الوجه، ولتعمية الأمر على الأجيال اللاحقة..
وكان أهم شيء بالنسبة إليهم هو تأمير أسامة على أبي بكر، وعمر، وأبي عبيدة، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة، والزبير، وأسيد بن حضير([406]).
ثانياً: إنه لما ظهر تخلف أبي بكر عن جيش أسامة، وقد لعن رسول الله "صلى الله عليه وآله" المتخلف عن جيش أسامة، كان لابد لهم من لملمة الموضوع، وترقيع الخرق، ورتق الفتق، فعملوا على تحقيق ذلك بأسلوبين:
أحدهما: إنكار أصل صدور اللعن من رسول الله "صلى الله عليه وآله"، حتى قال الحلبي رداً على ذلك: "لم يرد اللعن في حديث أصلاً"([407]).
وزعموا: أن هذا من ملحقات الروافض([408]).
الثاني: ادِّعاء أن تخلف أبي بكر عن جيش أسامة كان بأمر من رسول الله "صلى الله عليه وآله"، لأجل صلاته بالناس([409]).
مع أن قول النبي "صلى الله عليه وآله": "لعن الله من تخلف عن جيش أسامة"، قد روي في مصادر الشيعة والسنة على حد سواء، وقد أرسله جماعة من هؤلاء، إرسال المسلمات. فراجع المصادر في الهامش، وغيرها([410]).
وقد رواه أبو بكر الجوهري، عن أحمد بن إسحاق بن صالح، عن أحمد بن سيار، عن سعيد بن كثير الأنصاري، عن رجاله، عن عبد الله بن عبد الرحمن([411]).
فما معنى ادِّعاء: أنه لم يرد في حديث أصلاً..
أما صلاة أبي بكر بالناس فقد جاءت على سبيل التعدي منه على هذا الأمر، من دون أن يحصل على إذن منه "صلى الله عليه وآله".. فكان أن جاء النبي "صلى الله عليه وآله" يتوكأ على علي "عليه السلام"، والفضل بن العباس، وهو في حال المرض الشديد، فعزل أبا بكر عن الصلاة، وصلى هو بالناس([412]).
وسيأتي الحديث عن هذين الأمرين في موضعه إن شاء الله تعالى..
الجرف.. وثنية الوداع:
وذكرت النصوص المتقدمة: أن الجيش قد عسكر في الجرف، وخرج "صلى الله عليه وآله" في إثرهم، وصلى الظهر بالمسلمين في ذلك الموضع، ثم عيَّن أمراء الجيش.
والجرف يقع على ثلاثة أميال من المدينة، فهو أبعد من عن ثنية الوداع، لأنها كانت قرب مسجد الراية على ذباب([413]).
فما معنى قولهم: إنه "صلى الله عليه وآله" خرج مشيعاً لأهل مؤتة حتى بلغ ثنية الوداع، حيث أوصاهم هناك بوصاياه؟!!
إعتراض جعفر على رسول الله ':
وقد زعموا: أن جعفر بن أبي طالب "رضوان الله عليه" اعترض على تأمير زيد عليه، فقال له "صلى الله عليه وآله": "امض، فإنك لا تدري أيّ ذلك خير".
ونقول:
إننا لا نشك في كذب هذه القضية، وذلك لما يلي:
أولاً: إن جعفراً "رضوان الله عليه" أجل وأتقى لله من أن يعترض على قرارات رسوله "صلى الله عليه وآله"، فضلاً عن أن يرفض تنفيذها، أو أنه يشكك في صوابيتها، أو بعدالتها.
وكلمات رسول الله "صلى الله عليه وآله" في حقه "عليه السلام" تكفي للتعريف بحقيقته، وبمدى طاعته، وانقياده له "صلى الله عليه وآله"..
ثانياً: إن النص منقول بنحوين، يُفهِمان معنيين مختلفين.
فالأول منهما ينسب إلى جعفر قوله: "ما كنت أرهب أن تستعمل عليَّ زيداً". وهذا يدل على قبول جعفر بتأمير زيد عليه.. ولكنه كان بحاجة إلى توضيح السبب في ذلك، فأفهمه النبي "صلى الله عليه وآله" بأن الوقت لا يسمح بالتصريح، فقال له: لا تدري أيَّ ذلك خير..
والثاني: ينسب إليه قوله: "ما كنت أذهب إن تستعمل علي زيداً". وهذا يدل على أنه يرفض الذهاب بالكلية..
وبعدما تقدم نقول:
هل الصادر عن جعفر هو إظهار التسليم، أم الصادر عنه التصريح بالاعتراض والرفض؟!
أم أن ثمة تصحيفاً عفوياً أو عمدياً من الرواة لتشابه رسم كلمتي "ارهب" و"أذهب".
ثالثاً: إن الأدلة القاطعة قائمة على أن جعفراً كان هو الأمير الأول، فلا مورد لمثل هذه الترهات والأباطيل من الأساس.. وهذا ما سيتضح فيما يلي:
جعفر هو الأمير الأول:
إن غالب محدثي أهل السنة قالوا: بأنه "صلى الله عليه وآله" قد أمَّر على السرية زيداً أولاً، ولكن الصحيح هو أن الأمير الأول كان جعفر بن أبي طالب، كما ذهب إليه الشيعة..
قال ابن أبي الحديد المعتزلي:
"..قلت: اتفق المحدثون على أن زيد بن حارثة كان هو الأمير الأول، وأنكرت الشيعة ذلك، وقالوا: كان جعفر بن أبي طالب هو الأمير الأول.
فإن قتل فزيد بن حارثة.
فإن قتل فعبد الله بن رواحة.
ورووا في ذلك روايات، وقد وجدت في الأشعار التي ذكرها محمد بن إسحاق في كتاب المغازي ما يشهد لقولهم.."([414]).
ثم استشهد بما يأتي من قول حسان بن ثابت، وكعب بن مالك..
بل يمكن أن يستظهر ذلك من قول اليعقوبي، حيث قال:
"..ووجَّه جعفر بن أبي طالب، وزيد بن حارثة، وعبد الله بن رواحة في جيش إلى الشام، لقتال الروم سنة 8([415]).
وروى بعضهم أنه قال: أمير الجيش زيد بن حارثة، فإن قتل زيد بن حارثة فجعفر بن أبي طالب، فإن قتل جعفر بن أبي طالب فعبد الله بن رواحة، فإن قتل عبد الله بن رواحة، فليرتض المسلمون من أحبوا..
وقيل: بل كان جعفر المقدم، ثم زيد بن حارثة، ثم عبد الله بن رواحة.."([416]).
وقال العسقلاني عن جعفر: "استعمله رسول الله "صلى الله عليه وآله" على غزوة مؤتة، واستشهد.."([417]).
وإن كان يمكن أن يكون مراده: أنه استعمله بعد زيد.
وقال الطوسي: "على أنه قد اختلفت الرواية في تقديم زيد على جعفر؛ فروي أن جعفر كان أميراً أولاً، وأنشدوا في ذلك أبياتاً لحسان بن ثابت، وهي الخ.."([418]).
ونحن بدورنا نقول: إن جعفراً كان هو الأمير الأول، وليس زيداً، على عكس ما اشتهر بين المؤرخين والمحدثين..
ونستند في ذلك إلى عدة أمور:
1 ـ الروايات التي أشار إليها ابن أبي الحديد، الواردة عن أهل بيت العصمة والطهارة "عليهم السلام"، وقد قال السيد شرف الدين في هذا المقام: إن "أخبارنا في هذا متظافرة، من طريق العترة الطاهرة.."([419]).
ومنها رواية: أبان عن الصادق "عليه السلام" أنه قال: إنه استعمل عليهم جعفراً، فإن قتل فزيد، فإن قتل فابن رواحة..([420]).
2 ـ ما رواه ابن سعد في طبقاته، بإسناده عن أبي عامر، قال: "بعثني النبي إلى الشام، فلما رجعت مررت على أصحابي، وهم يقاتلون المشركين بمؤتة. قلت: والله لا أبرح اليوم حتى أنظر إلى ما يصير إليه أمرهم..
فأخذ اللواء جعفر بن أبي طالب، ولبس السلاح (وقال غيره أخذ اللواء زيد بن حارثة)، وكان رأس القوم، ثم حمل جعفر، حتى إذا همَّ أن يخالط العدو، رجع فوحَّش بالسلاح، ثم حمل على العدو، فطاعن حتى قتل.
ثم أخذ اللواء زيد بن حارثة، فطاعن حتى قتل.
ثم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة، فطاعن حتى قتل.
ثم انهزم المسلمون أسوأ هزيمة.."([421]).
3 ـ الشعر الذي أشار إليه ابن أبي الحديد.. فقد روي أن حسان بن ثابت رثى شهداء مؤتة، فكان من جملة ما قال:
فـلا يبعـدن الله قتـلى تتـابـعـوا بمؤتـة، منهم ذو الجنـاحين جعفر
وزيد، وعبد الله، حيث تتابعـوا جمـيـعـاً، وأسبـاب المـنيـة تخـطـر
غداة مضوا بالمؤمنين يقـودهـم إلى الحـرب مـيـمـون النقيبة أزهر
أغر كضوء البدر من آل هاشم أبي إذا سـيم الـضـلالـة مجـسـر([422])
إلى آخر القصيدة.
حيث لم يكتف في هذا الشعر بذكر التتابع: جعفر، فزيد، فابن رواحة.. بل صرح: بأن القائد لهم إلى الحرب ميمون النقيبة أزهر أغر، من آل هاشم، وهو جعفر، رضوان الله تعالى عليه..
4 ـ قال كعب بن مالك الأنصاري، في رثاء شهداء مؤتة أيضاً:
فـكـأنما بين الجـوانـح والحــشـا ممـا تـأوّبـنـي شـهـاب مـدخــل
وجـداً عـلى النفر الذيـن تتابعوا يـومـاً بـمـؤتـة أسنـدوا لم ينقلو
إلى أن قال:
فـمضوا أمام المسلمين يقـودهم فُـنُـقٌ عـلـيـهـن الحـديـد المـرفل
إذ يهـتـدون بـجـعـفـر ولـوائـه قـــدام أولهــــم فــنــعـم الأول
حتى تفرجت الصفوف وجعفر حيث التقى وعث الصفوف مجدل([423])
فقد صرح هو أيضاً: بتتابع القواد، وبأن جعفراً كان هو القائد، وكان هو ولواؤه قدام أولهم، فنعم الأول..
وبالمناسبة، فإن شاعراً آخر من المسلمين، ممن رجع من غزوة مؤتة قد رثاهم أيضاً، فقال:
كـفى حزناً أنى رجعت وجعفر وزيـد وعبد الله في رمـس أقــبــر
قضوا نحبهم لما مضوا لسبيلهم وخـلـفـت لـلـبـلـوى مع المتغبر
ثـلاثـة رهـط قـدِّمـوا فتقدمـوا إلى ورد مكروه من المـوت أحمـر([424])
5 ـ وروى القاضي النعمان، عن أنس بن مالك قال: خطبنا رسول الله "صلى الله عليه وآله" وعيناه تذرفان، فقال: أخذ الراية جعفر فقتل، ثم أخذها زيد بن حارث فقتل، ثم أخذها عبد الله بن رواحة فقتل، ثم أخذها خالد بن الوليد.
ثم إنه "عليه السلام" التفت إلى مؤتة، وقال لهم: بايعهم، إن أصيب جعفر، فأميركم زيد بن حارثة، فإن أصيب زيد فأميركم عبد الله بن رواحة. ولم يذكر الإمرة بعده غيره([425]).
6 ـ قد تقدم قول عبد الله بن جعفر ـ أو ابن عباس ـ لمعاوية: "يا معاوية، أما علمت أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" حيث بعثَ إلى مؤتة أمَّر عليهم جعفر بن أبي طالب، ثم قال: إن هلك فزيد بن حارثة، فإن هلك زيد، فعبد الله بن رواحة، ولم يرض لهم أن يختاروا لأنفسهم الخ.."([426]).
7 ـ وفي احتجاج الإمام الحسن "عليه السلام" على معاوية ورد قوله: "وقد بعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" جيشاً يوم مؤتة، فقال: عليكم جعفر، فإن هلك فزيد، فإن هلك فعبد الله بن رواحة، فقتلوا جميعاً.
فتراه يترك الأمة ولم يعين لهم مَنِ الخليفة بعده"؟!!([427]).
مؤيدات لما سبق:
ويمكن تأييد ما ذكرناه آنفاً بما يلي:
1 ـ إنه إذا كان "صلى الله عليه وآله" يريد إرسال هذه الثلة من المسلمين لمواجهة جيش عظيم يصل إلى عشرات أو مئات الألوف، فذلك يشير إلى: أن مستوى الخطورة كان في أعلى الدرجات.
وقد صرح أمير المؤمنين "عليه السلام": بأنه كان من عادة رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يقذف بأهل بيته في مواقف الخطر، ويقدمهم على كل من عداهم. ففي كتاب منه "صلوات الله وسلامه عليه" إلى معاوية قال:
"وكان رسول الله "صلى الله عليه وآله" إذا احمر البأس، وأحجم الناس قدم أهل بيته، فوقى بهم أصحابه حر السيوف والأسنة".
ثم ذكر نتيجة هذا التقديم فقال: "فقتل عبيدة بن الحارث يوم بدر، وقتل حمزة يوم أحد، وقتل جعفر يوم مؤتة"([428]).
2 ـ ويمكن تأييد ذلك أيضاً بما ذكره السيد الأمين([429]) من أن جعفراً "رضوان الله عليه" كان أشد إخلاصاً، وأكثر تصميماً، وأمضى عزماً منهما، (أي من زيد وابن رواحة) كما دل عليه ما روي عن رسول الله "صلى الله عليه وآله":
"مُثِّلَ لي جعفر، وزيد، وابن رواحة في خيمة من درٍّ، كل منهم على سرير، فرأيت زيداً وابن رواحة في أعناقهم صدود. ورأيت جعفراً مستقيماً ليس فيه صدود، قال: فسألت، أو قيل لي: إنهما حين غشيهما الموت أعرضا، أو كأنهما صدا بوجوههما، وأما جعفر فإنه لم يفعل"([430]).
وهذا يدل: على أن جعفراً "عليه السلام" كان هو الأولى بالقيادة والأحق بالتقديم، فلا معنى لتقديمهما عليه فيها.
3 ـ عن عمر بن علي: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال: رأيت جعفراً ملكاً يطير في الجنة تدمى قادمتاه، ورأيت زيداً دون ذلك، فقلت: ما كنت أظن أن زيداً دون جعفر، فأتاه جبرئيل فقال: إن زيداً ليس بدون جعفر، ولكن فضلنا جعفراً لقرابته منك([431]).
فإنه إذا كان "صلى الله عليه وآله" لا يظن أن جعفراً دون زيد كما ورد في رواياتهم، فكيف يقدِّم زيداً على جعفر؟!
وهل يصح من النبي "صلى الله عليه وآله" تقديم المفضول، وتأخير الفاضل؟!
ثم إنه يرد على هذه الرواية:
أولاً: إن مناط التفضيل ليس هو القرابة في حد ذاتها، إذ لو كان ذلك هو الملاك، لكان ينبغي أن يرضى نقلة الأخبار، بتفضيل علي "عليه السلام" على جميع الصحابة، بمن فيهم أبو بكر وعمر كما أن عليهم أن يحكموا بأفضلية العباس عم النبي "صلى الله عليه وآله" على جميعهم أيضاً بمن فيهم علي "عليه السلام".
ثانياً: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" وكذلك الأئمة الطاهرون "عليهم السلام" قد صرحوا بفضل جعفر، بنحو يظهر: أن زيداً لا يمكن أن يدانيه في الفضل، حيث عدَّه النبي "صلى الله عليه وآله" ـ كما ورد ـ في الذين اصطفاهم الله على العالمين([432]).
وعنه "صلى الله عليه وآله"، وعن علي "عليه السلام": أن جعفراً أحد السبعة الذين لم يخلق في الأرض مثلهم([433]).
والأحاديث في فضل جعفر كثيرة لا مجال لتتبعها.
فلا معنى لأن ينسبوا إلى النبي "صلى الله عليه وآله" قوله: "ما كنت أظن أن زيداً دون جعفر".
وبعد كل ما قدمناه: لا يبقى مجال للقول بأن زيداً كان هو الأمير الأول في مؤتة.. ويتعين أن يكون سيد الجيش هو جعفر، الذي أظهر النبي "صلى الله عليه وآله" من الغم عليه ما لم يظهره على أحد، حتى على عمه حمزة، كما أنه "صلى الله عليه وآله" سرَّ بقدومه عليه من أرض الحبشة سروراً عظيماً، حتى لقد قال ـ وكان قدم عليه حين فتح خيبرـ: "لا أدري بأيهما أنا أشد سروراً بقدومك يا جعفر أم بفتح الله على يد أخيك خيبر.."([434]).
وإذ قد ثبت أن جعفراً كان هو الأمير الأول في غزوة مؤتة، وليس زيد بن حارثة.. فنستطيع أن نفهم ببساطة: أن ثمة يداً تحاول تشويه الحقيقة، والتجني على التاريخ.
ولعل ذنب جعفر الوحيد هو: أنه أخو علي "عليه السلام"، وهذا هو الذي كان يذكي الحرص على تقديم زيد، ولو عن طريق التزوير للحقيقة وللتاريخ..
بل لقد تجاوز الأمر كل الحدود، ونحن نقرأ عن عائشة قولها: ما بعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" زيد بن حارثة في سرية إلا أمَّره عليهم ولو بقي لاستخلفه.
فلماذا تصر عائشة كل هذا الإصرار على رفع مقام زيد إلى حد قولها: لو عاش النبي "صلى الله عليه وآله" لاستخلفه؟!
نعم.. إنه لولا علي "عليه السلام" لتوفرت الدواعي للاحتفاظ بالحقيقة دون تشويه أو تحريف، هذا إن لم تتوفر على جعل الأمور كلها في صالحه.. ولكن ورغم ذلك كله، فإن الله سبحانه لابد أن يعز أولياءه، ويعرِّف الناس بما يكيدهم به الحاقدون، ويأبى الله إلا أن يتم نوره.
لماذا لم يحدد قائداً رابعاً:
وعن سؤال: لماذا لم يحدد النبي "صلى الله عليه وآله" قائداً رابعاً، مع علمه بقتل القادة الثلاثة خصوصاً مع علمه المسبق باستشهادهم، نجيب :
أولاً: بأن المطلوب من الناس هو أن تكون لهم رغبة في الجهاد والبذل والعطاء في سبيل الله، ولا يصح فرض ذلك عليهم، لأن ذلك معناه بطلان عملهم، وأن تصبح تضحياتهم بلا قيمة، بل تكون وبالاً عليهم، إذا لم يقصدوا بها التقرب إلى الله تعالى.. فلابد من اعطائهم الفرصة للتصميم، عن رضا واختيار.. وهذا ما حصل بالفعل بعد استشهاد القادة الثلاثة.
ثانياً: إن النبي "صلى الله عليه وآله" وإن كان يعلم باستشهاد القادة الثلاثة لكن هذا العلم لم يصل إليه بالطرق العادية، وبالتالي فلا يحق له أن يعاملهم على أساسه، لأن الواجب عليه هو أن يأخذهم بما يصل إليه وإليهم بالوسائل العادية، لا ما يصل إليه بعلم الشاهدية.
حديث الضبابة:
وذكروا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد نهى ذلك الجيش عن أن يأتوا مؤتة، فغشيتهم ضبابة، فلم يبصروا حتى أصبحوا على مؤتة.
ونقول:
أولاً: لم يظهر لنا أي سبب يدعو إلى نهي النبي "صلى الله عليه وآله" لهم عن أن يأتوا مؤتة.
والحال أن المقصود هو ـ كما يزعمون ـ: مواجهة الذين قتلوا الحارث بن عمير وكانوا في مؤتة..
بل قد صرحت الروايات المتقدمة: بأن النبي "صلى الله عليه وآله" أمرهم أن يأتوا مقتل الحارث بن عمير، وأن يدعوا من هناك إلى الاسلام..
ثانياً: إن الذي تغشاه الضبابة حتى لا يبصر؛ لا يواصل المشي بصورة عشوائية، ولا يرضى لنفسه بأن يبقى تائهاً في الصحراء لا يدري أين تنتهي به قدماه.. خصوصاً، وأن السير في تلك الصحارى لا يستقيم بدون أدلاء من ذوي الخبرة، وما أكثر ما تاه الناس عن الطريق حتى مع الأدلاء، فابتلعتهم الصحراء حتى ماتوا جميعاً جوعاً أو عطشاً.
فمن تغشاه الظلمة حتى لا يبصر، لابد أن يقف في مكان، ولا يتحرك إلى أن ينقشع الضباب، ويتمكن من رؤية الطريق.
ثالثاً: إذا كان الروم قد جمعوا مائتي ألف، أو أكثر بكثير، فإن ذلك لم يكن ليخفى على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، الذي كانت عيونه مبثوثة في كل مكان.. وهو يلاحق جميع الاحتمالات، في مختلف الاتجاهات، حتى ليكاد يحصي على أعدائه أنفاسهم، وتبلغه عنهم كل شاردة وواردة.
وكان هو نفسه قد غزا دومة الجندل في البلقاء قبل مدة، وكان يرصد كل المواقع التي يحتمل أن يكون لها ميل لمهاجمته، فهل يغفل عن بلاد الشام، التي قتل فيها رسوله، فلا يرصد ما يجري فيها، مما يعنيه؟!
وهل يغفل عن رصد الملوك الذين كان قد دعاهم إلى الإيمان به، والقبول بدعوته، والانقياد له؟ وكيف يتصورون أن يجتمع لحربه مئات الألوف، وهو لا يدري؟! إن ذلك غير مقبول، ولا معقول.
إذا كان "صلى الله عليه وآله" بصدد إرسال جيش إلى تلك البلاد، فلابد أن يكون لديه قدر كافٍ من المعلومات حول مسير ومصير ذلك الجيش، وأهدافه، ومهمته، وقدراته، وقدرات الجيش الذي قد يواجهه..
ولأجل ذلك كله، نعود فنذكر القارئ بأن:
جيشاً قوامه ثلاثة آلاف رجلٍ، يريد أن يتصدى لمهمة كبرى وحاسمة، لا يمكن أن يسير بلا هدف، وكأنه معصوب العينين.
خصوصاً إذا قلنا: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" لابد أن يكون قد أخبرهم، أو أخبر قادتهم على الأقل بطبيعة، وصعوبة المهمة التي كان أوكلها إليهم، ولابد أن يكون قد أوصاهم بتوخي الحذر الشديد في تحركاتهم، حتى لا يقعوا في فخ ينصبه لهم عدوهم..
وبذلك يتضح: أن السير في غمار تلك الضبابة لا يمكن أن يتلاءم مع المنطق السليم، والنظر القويم.
روحيات ابن رواحة:
وروى محمد بن عمر عن عطاء بن مسلم، قال: "لما ودع رسول الله "صلى الله عليه وآله" عبد الله بن رواحة، قال ابن رواحة: يا رسول الله، مرني بشيء أحفظه عنك.
قال: "إنك قادم غداً بلداً السجود فيه قليل، فأكثر السجود".
قال عبد الله بن رواحة: زدني يا رسول الله.
قال: "اذكر الله، فإنه عون لك على ما تطالب".
فقام من عنده حتى إذا مضى ذاهباً رجع، فقال: يارسول الله، إن الله وتر يحب الوتر.
فقال: "يابن رواحة، ما عجزت، فلا تعجزن إن أسأت عشراً أن تحسن واحدة".
قال ابن رواحة: لا أسألك عن شيء بعدها([435]).
قالوا: "فتجهز الناس، ثم تهيأوا للخروج وهم ثلاثة آلاف([436]). فلما حضر خروجهم ودَّع الناس أمراء رسول الله "صلى الله عليه وآله" وسلَّموا عليهم. فلما ودَّع عبد الله بن رواحة مع من ودع من أمراء رسول الله "صلى الله عليه وآله" بكى.
فقالوا: "ما يبكيك يابن رواحة"؟.
فقال: "أما والله، ما بي حُبُّ الدنيا، ولا صبابة بكم، ولكني سمعت رسول الله "صلى الله عليه وآله" يقرأ آية من كتاب الله عز وجل يذكر فيها النار: ?وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً?([437]). فلست أدري كيف لي بالصَّدر بعد الورود"؟
فقال المسلمون: "صحبكم الله، ودفع عنكم، وردكم إلينا صالحين".
فقال عبد الله بن رواحة رضي الله تعالى عنه:
لـكنني أسـأل الـرحمـن معـفـرة وضربـة ذات فـرغ تقـذف الزبدا
أو طـعـنـة بـيـدي حـران مجهزة بحـربـة تنفـذ الأحشـاء والكبدا
حـتى يقـال إذا مروا عـلى جدثي يا أرشد الله من غاز وقد رشـدا([438])
قال ابن اسحاق: ثم إن القوم تهيأوا للخروج فأتى عبد الله بن رواحة رسول الله "صلى الله عليه وآله" فودعه ثم قال:
فـثبت الله مـا آتـاك مـن حسن تثبيت موسى ونصراً كالذي نصروا
إني تفـرست فيـك الخير نافلـة الله يـعـلـــم أني ثـابـت الـبـصـر
أنت الرسول فمن يحرم نوافله والـوجـه منك فقد أزرى به القدر
هكذا أنشد ابن هشام هذه الأبيات، وأنشدها ابن اسحاق، بلفظ فيه إقواء.
قال ابن اسحاق: "ثم خرج القوم، وخرج رسول الله "صلى الله عليه وآله" يشيعهم، حتى إذا ودَّعهم وانصرف عنهم، قال عبد الله بن رواحة رضي الله عنه:
خلف السـلام على امـرئ ودعته في النخـل خـير مشيـع وخليل"([439])
وروي عن ابن عباس: أن رسول "صلى الله عليه وآله" بعث إلى مؤتة، فاستعمل زيداً، وذكر الحديث، وفيه: فتخلَّف ابن رواحة، فجمع مع رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فلما صلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" رآه، فقال: "ما منعك أن تغدو مع أصحابك"؟
قال: أردت أن أصلي معك الجمعة، ثم ألحقهم.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما أدركت غدوتهم".
وفي لفظ: "لغدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها"([440]).
المسير بعد الوداع:
قال ابن اسحاق، ومحمد بن عمر: ثم مضى الناس.
وعن زيد بن أرقم قال: "كنت يتيماً في حجر عبد الله بن رواحة، فلم أر وليَّ يتيم كان خيراً منه، فخرجنا إلى مؤتة، فكان يردفني خلفه على حقيبة رحله، فوالله، إنه ليسير ليلة إذ سمعته وهو ينشد أبياته هذه:
إذا أدَّيْـتِـني وحمـلـت رحـــلي مـسـيرة أربــع بـعـد الحــســـاء
فشـأنـك أنـعـم، وخـلاك ذم ولا أرجـع الــى أهــلي ورائـــي
وآب المـسلمـون وغــادروني بـأرض الــشــام مشـتـهي الثواء
وردك كـل ذي نسـب قـريب إلـى الـرحمــن مـنـقـطـع الإخاء
هنـالـك لا أبـالي طـلـع بعـل ولا نـخــل أســـافـلـهـــا رواء
قال: فلما سمعتهن منه بكيت، فخفقني بالدرة، وقال: "ما عليك يا لُكَع أن يرزقني الله الشهادة، فأستريح من الدنيا ونصبها وهمومها وأحزانها، وترجع بين شعبتي الرحل"؟
زاد ابن إسحاق قوله: ثم قال عبد الله بن رواحة رضي الله تعالى عنه في بعض شعره، وهو يرتجز:
يـا زيـدُ زيـدَ اليَعمُـلات الـذُّبَّـل تـطــاول الـلـيـل هُـديـتَ فانزل
زاد محمد بن عمر: ثم نزل نزلةً من الليل، ثم صلى ركعتين ودعا فيهما دعاء طويلاً، ثم قال: يا غلام.
قلت: لبيك.
قال: هي إن شاء الله الشهادة([441]).
ابن رواحة.. فقط:
أظهرت النصوص التي بين أيدينا: أن ابن رواحة كان متأثراً بالجو الروحي، حين عيَّنه رسول الله "صلى الله عليه وآله" في موقع القيادة بعد جعفر وزيد.
وقد أظهرت أشعاره ـ أيضاً ـ: أنه كان يهيء نفسه لاستقبال الشهادة، فراجعها، وراجع قوله لزيد بن أرقم: ما عليك يا لُكَع أن يرزقني الله الشهادة الخ..
وقوله أيضاً بعد صلاته ودعائه: هي إن شاء الله الشهادة.
ثم قوله للمسلمين حين وجلوا من كثرة العدو: "إن التي تكرهون للتي خرجتم تطلبون: الشهادة".
فذلك كله يدل على: أنه لم يكن يقول ويتصرف على هذا النحو، لأنه كان يتوقع أمراً لا يعرف عنه شيئاً، بل كان على علم ببعض النتائج التي ستنتهي إليها تلك الحرب، ربما بإخبار النبي "صلى الله عليه وآله" له، ولزيد، ولجعفر، إذ لم يكن "صلى الله عليه وآله" ليخبره بهذا الأمر دونهما.
أو لأنه قد استفاد ذلك من سكوته "صلى الله عليه وآله" عما قاله ابن مهض (أو فنحص) اليهودي.
فأثر ذلك في نفسه، وصار يتعامل مع الأمور على هذا الأساس.
لكن ما يدعو إلى التأمل: أننا لا نجد لدى زيد وجعفر أية تصريحات، أو تصرفات تشير إلى أنهم كانوا يعيشون حالة استثنائية ـ كما كان الحال بالنسبة لعبد الله بن رواحة!!
ولا نستطيع أن نصدق أنفسنا إذا أردنا أن نعزو ذلك إلى عدم معرفتهما بما كان يعرفه ابن رواحة، فهما قد سمعا ما سمع، ورأيا ما رأى، ولا نظن أنه "صلى الله عليه وآله" قد اختصه بسرِّ ذلك دونهما.
لكن يمكننا القول بأنهما كانا أقوى منه، على مواجهة هذا الأمر، وأنفذ بصيرة منه فيه، وأثبت جأشاً، وأكثر تأنياً وتقبلاً له، وأصبر عليه.
ولعل هذا يفسر لنا ما روي: من أن النبي "صلى الله عليه وآله" رأى في سرير ابن رواحة ازوراراً، وصدوداً، بل سيأتي أنه رأى ذلك في سرير زيد أيضاً.
وعلى كل حال، فإن لكل واحد منهما ـ يعني زيداً وابن رواحة ـ مقامه ومرتبته، وكان مقام جعفر أعلى وأسمى، ولذلك كان سريره بلا عيب، لأنه استقبل الموت حين استشهاده، بكل سكينة ورضاً وطمأنينة.. والله هو العالم بالسرائر، والمطلع على الدخائل والضمائر.
ليس إلا المعايير الإلهية:
وقد أظهرت قضية تخلف ابن رواحة للفوز بصلاة الجماعة مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" خطأه في تقديراته للأمور، وأن ثمة معايير إلهية، وتقديرات ربانية لمعنى القيمة تختلف كثيراً عما يعرفه الناس ويفهمونه، أو فقل عما يتوهمونه..
فقد أظهرت هذه القضية حقيقة: أن غزوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها، وأنه لو أنفق ابن رواحة ما في الأرض جميعاً، ما أدرك غدوة أصحابه إلى الجهاد في سبيله تعالى، مع أن ما فعله لم يكن فيه إنفاق لشيء من المال، ولا تخلى عن أمر دنيوي، وإنما تخلف ليفوز بثواب الصلاة جماعة مع رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
فما معنى أن يذكر إنفاق ما في الأرض جميعاً؟!
كما أنه "رحمه الله" لم يتخلف عن الغدوة والروحة في سبيل الله عز وجل، بل هو عازم على هذا الأمر بمجرد انتهاء صلاته.. فلماذا إذن يوجه إليه النبي "صلى الله عليه وآله" هذا التحذير، أو هذا التوجيه الناقد..
فلماذا ذكر النبي "صلى الله عليه وآله" ذلك أيضاً؟!
فهل يريد أن يقول له: إن مجرد تأخره عن أصحابه، وغدوهم للجهاد قبله، يجعل ثوابهم أعظم من ثوابه، وأن الصلاة معه "صلى الله عليه وآله" لا تجبر ما فاته من ثواب المبادرة إلى المسير؟!
أم أنه يريد أن يقول له: إن ما فعله قد يشجع الآخرين على فعل مثله، وذلك يوجب انفلات الزمام، وتشويش الأمر على القيادة؟!
بل إن نفس فَقْدِ الناس له في غدوهم، فلا يجدونه معهم ـ وهو أحد قادتهم ـ سوف يحدث بلبلة، وتردداً وتشويشاً لديهم..
فأراد "صلى الله عليه وآله" أن يقول له بالإضافة إلى ذلك كله: إن ما فاته من الثواب لا يمكن تعويضه، ولو بإنفاق جميع ما في الدنيا، وأن يبادر إلى تصحيح نظرته للأمور، وأن يأخذ معايير المثوبة والعقوبة من مصادرها الحقيقية، فإن عقول البشر لا تستطيع إدراك ذلك.
وصايا النبي ' لابن رواحة:
وعن وصايا النبي "صلى الله عليه وآله" لابن رواحة نقول:
1 ـ إن أول وصية زود بها رسول الله "صلى الله عليه وآله" ابن رواحة هي قوله: "إنك قادم غداً بلداً السجود فيه قليل، فأكثر السجود".
وهي وصية غاية في الأهمية والدقة بالنسبة لرجل يحتاج إلى شحنات روحية قوية، تخوِّله إنجاز مهمة بالغة الحساسية.
أما بالنسبة إليه، فلأنها تعني ذهاب نفسه.
وأما بالنسبة للعدو، فلابد لهذه التضحيات التي يصنعها أهلها باختيارهم، ولا ترد عليهم فجأة، ولا تُفرض عليهم من قِبل غيرهم.
نعم، لابد أن تترك أثرها البالغ في روح عدو يحب الدنيا، ويقاتل من أجلها، ويريد أن يبقى حياً، لكي يستفيد من لذائذها، ويتمتع بمباهجها.
كما أنها لابد أن تؤثر في جند الإسلام ثباتاً، وإصراراً وعزماً، وإقداماً، وبذلاً، وتضحيات..
ومن الواضح: أن السجود لله تعالى هو غاية الخضوع، والتذلل له سبحانه، وهو يؤكد لدى الساجد الإحساس بعظمته سبحانه، ويقلل من درجة الاعتداد بالنفس، ويهون من شأنها، ويهيء المناخ الروحي للتخلي عنها، ثقة بما عنده سبحانه وتعالى.
وقد أظهر صدود ابن رواحة عن الموت، حين وافته الشهادة، ثم إقباله عليه ـ أظهر ـ أنه كان بحاجة إلى الإكثار من هذا السجود لترويض نفسه وتهيئتها لهذا المقام العظيم.
2 ـ ثم جاءت الوصية الثانية لتأمر ابن رواحة بذكر الله تعالى، فإنه عون له على ما يصبو له ويسعى إليه. أي أن عليه أن لا يعتمد على قدراته الذاتية، لأن نفسه قد تخذله في أحرج اللحظات. ولا علاج لهذا الأمر إلا بذكره تعالى الذي تشعر هذه النفس بهيمنته عليها، وبمالكيته لها، وبأنه هو الحافظ، وهو المدبر لها والرحيم والرؤوف بها، والعطوف عليها، فتستسلم له، وتكف عن المنازعة، وتجنح للانقياد والمطاوعة.
3 ـ ثم تأتي الوصية الثالثة لتقول له: إن عليه أن لا يستسلم للشعور بالعجز في مواجهة تمردات نفسه المتكررة، وأن عليه أن يعيد المحاولة مرات ومرات، حتى لو بلغت عشراً، فإن الإخفاق في ذلك كله لا يمنع من النجاح مرة واحدة بعدها، ليكون في هذه المرة الفوز العظيم، والنصر المؤزر على هذه النفس الأمارة بالسوء.
وهكذا فإن هذه الوصايا النبوية تكون قد أعطت الانطباع عن حقائق، ودقائق كان لابد له "صلى الله عليه وآله" من التعاطي معها، ومعالجتها برفق وأناة، وبواقعية وموضوعية، وهكذا كان.
ملحق
كيف جرت الأمور؟!
وإذا جاز لنا أن نقدم تصوراً محتملاً، ومعقولاً، وربما مقبولاً لما جرت عليه الأمور في أحداث مؤتة.. فإننا نقول:
لعل النبي "صلى الله عليه وآله" قد رأى في طريقة تعامل قيصر مع رسله حين أرسل إليه يدعوه للإسلام، ما يشير إلى طبيعة تفكيره، ويشي بحقيقة الأساليب والسبل التي ينتهجها..
ثم جاء انتصار هرقل على ملك فارس، ونذر أن يمشي إلى بيت المقدس..
وكانت مئات الألوف من العساكر ترافقه في مسيره ذاك، ورأى نفسه، وعساكره على مقربة من مركز انطلاقة النبي "صلى الله عليه وآله" في رسالته، وهو الإنسان الذي لا مجال لإهمال أمره، فضلاً عن نسيانه أو تناسيه. ففكر في أن يعطف بجيوشه عليه لينهي أمره، ولينام قرير العين فارغ البال، لا يرى في الأفق أي شيء يخافه أو يخشاه، لا في قريب الأيام، ولا في بعيدها..
فعرف النبي "صلى الله عليه وآله" بالأمر، فأرسل في العرب ينذرهم بالخطر، ويستنفرهم إلى الشام([442]).
فاجتمع له منهم ثلاثة آلاف رجل، مع أن المسلمين لم يزيدوا على ألف وخمسمئة، أو أزيد بقليل كما ظهر في الحديبية وخيبر.. مما يعني أن الذين استجابوا لاستنفاره كان فيهم المسلم وغير المسلم، لأنهم عرفوا أن الخطب داهم، وأن المصيبة سوف تعم الجميع..
فكان خطة رسول الله "صلى الله عليه وآله" تقضي بالمقاومة، حتى استشهاد القادة. ثم تتواصل الحرب ويصمد جيش المسلمين، ولو ساعة واحدة ليدرك قادة جيش الروم ـ وعلى رأسهم ذلك الملك المجرب والخبير بالأمور ـ أن الحرب مع هؤلاء لا نهاية لها.. بدليل أن قتل القادة لا يحسم المعركة معهم، بل ربما يزيدها تأججاً وتوهجاً، فلابد من حساب الأمور بطريقة أخرى تحمل في طياتها، التراجع وإيقاف الحرب، وإعادة النظر في أمر هذا الدين، ودراسة تعاليمه وحقائقه، بل ربما يفكر هرقل بإفساح المجال لهذا الدين لينتشر في بلاده، ولو برجاء أن يكون هو المستفيد من هذه القوة والشوكة، التي رأى نماذج رائعة منها في مؤتة.
أي أن من جملة ما أراده "صلى الله عليه وآله" هو أن يفاجئهم بحقيقة أنه حتى قتل القادة لا ينهي الحرب، بل هي تستمر إلى آخر شخص قادر على حمل السلاح من المسلمين، وهذا معناه: أن الخسائر التي لابد أن يمنى بها من يقاتل هذا النوع من الناس لا مجال للتكهن لا بحجمها ولا بمستواها، وهذا يعطي انطباعاً مفاده: أن ما يحارب هؤلاء الرجال من أجله ليس أمراً دنيوياً يرضون إذا أخذوه، أو يسخطون إذا فقدوه، بل القضية أبعد من ذلك بكثير.
وبذلك يكون ما جرى في مؤتة، ومن خلال صبر ساعة قد حقق أعظم إنجاز عرفه تاريخ البشرية، وذلك بدخول الإسلام بأيسر السبل إلى أعظم الإمبراطوريات وأقواها.
وبذلك أيضاً: يتغير وجه التاريخ، ويتحول مسار حركة الأمم.. ولكن خالداً قد ضيع ذلك كله، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
ثم إن التاريخ يعيد نفسه، حين يتم نقض خطة النبي "صلى الله عليه وآله" في حرب أخرى، جاءت متتمة لحرب مؤتة. وتريد أن تستدرك ما ضيعه المنهزمون فيها.. وذلك حين جهز النبي "صلى الله عليه وآله" أسامة بن زيد، ليقود جيشاً إلى مؤتة نفسها، حيث استشهد أبوه الذي كان أحد القادة الثلاثة في تلك السرية.
وإذ بأناس آخرين ينبرون أيضاً ليضيعوا على الأمة، وعلى النبي "صلى الله عليه وآله" الفرصة، ويتم على أيديهم إفشال خطته، وتذهب جهوده أدراج الرياح.
ولا نكاد نشك في أن النتائج التي كان يتوخاها "صلى الله عليه وآله" من هذه السرية كانت تداني في خطورتها، وفي أهميتها ونفعها للإسلام ما كان يتوخاه من سرية مؤتة بالذات..
مع ملاحظة: أن هذا الفريق قد استعمل نفس الأسلوب الذي استُعْمِل في مؤتة، فقد طعنوا في قيادة أسامة، كما طعنوا في أمارة أبيه زيد من قبل..
وقد بلغ من إصرارهم على عصيان امر رسول الله "صلى الله عليه وآله" أنهم لم يكترثوا حتى باللعن الذي سجله رسول الله "صلى الله عليه وآله" على من يتخلف عن جيش أسامة..
وهذا اللعن يشير أيضاً: إلى مدى أهمية وخطورة هذا الأمر بالنسبة إليه "صلى الله عليه وآله"، وبالنسبة لأمة الإسلام بصورة عامة..
الفهارس:
1 ـ الفهرس الإجمالي
2 ـ الفهرس التفصيلي
1 ـ الفهرس الإجمالي
الباب العاشر: بين خيبر ومؤتة
الفصل الأول: فتح وادي القرى.. ورد الشمس................... 7 ـ 40
الفصل الثاني: سرايا بين وادي القرى وعمرة القضاء...... 41 ـ 88
الفصل الثالث: شخصيات.. وأحداث.. إلى عمرة القضاء. 89 ـ 114
الفصل الرابع: تكبيرات صلاة الميت.. وصلاة الغائب.... 115 ـ 148
الفصل الخامس: إلى مكة.. لأجل العمرة.................... 149 ـ 180
الفصل السادس: من مكة إلى المدينة........................ 183 ـ 226
الفصل السابع: سرايا وأحداث إلى مؤتة................... 227 ـ 269
الباب الحادي عشر: مؤتة.. إلى الفتح..
الفصل الأول: من المدينة.. إلى مؤتة........................ 273 ـ 336
الفهارس............................................................ 337 ـ 350
2 ـ الفهرس التفصيلي
TOC \o "1-1" \u \t "عنوان 2;1;عنوان 3;1;عنوان 4;1;عنوان 5;1;عنوان 6;1"
الباب العاشر: بين خيبر ومؤتة
الفصل الأول: فتح وادي القرى.. ورد الشمس..
انصراف الرسول ' من خيبر إلى وادي القرى:........................... PAGEREF _Toc120687356 \h 9
نوم النبي ' عن صلاة الصبح:.............................................. PAGEREF _Toc120687357 \h 15
الشيطان وبلال:................................................................. PAGEREF _Toc120687358 \h 21
رد الشمس لعلي × في خيبر:................................................. PAGEREF _Toc120687359 \h 23
رواة حديث رد الشمس:....................................................... PAGEREF _Toc120687360 \h 25
لماذا لم تنقل الأمم ذلك؟!...................................................... PAGEREF _Toc120687361 \h 29
لم تحبس الشمس إلا ليوشع:................................................... PAGEREF _Toc120687362 \h 30
الذين يرون المعجزة:........................................................... PAGEREF _Toc120687363 \h 33
إختلال النظام الكوني:......................................................... PAGEREF _Toc120687364 \h 34
لو ردت لعلي × لردت للنبي ':............................................. PAGEREF _Toc120687365 \h 34
علي × لا يترك الصلاة:...................................................... PAGEREF _Toc120687366 \h 36
عصى الرسول ' فوجد ما يكره:........................................... PAGEREF _Toc120687367 \h 37
جبل أحد يحبنا ونحبه:......................................................... PAGEREF _Toc120687368 \h 37
الفصل الثاني: سرايا بين وادي القرى وعمرة القضاء
سرية عمر إلى تربة:........................................................... PAGEREF _Toc120687371 \h 43
سرية أبي بكر إلى نجد:........................................................ PAGEREF _Toc120687372 \h 47
بطولات سلمة بن الأكوع:..................................................... PAGEREF _Toc120687373 \h 48
قتل سبعة أهل أبيات:........................................................... PAGEREF _Toc120687374 \h 49
سرية بشير بن سعد إلى فدك:................................................ PAGEREF _Toc120687375 \h 50
سرية غالب الليثي إلى فدك:.................................................. PAGEREF _Toc120687376 \h 52
أين تقع فدك؟!................................................................... PAGEREF _Toc120687377 \h 55
لماذا ثلاثون رجلاً؟!:.......................................................... PAGEREF _Toc120687378 \h 55
أهداف تلك السرية:............................................................. PAGEREF _Toc120687379 \h 56
إمكان نجاة السرية من القتل:................................................. PAGEREF _Toc120687380 \h 57
من هم القتلى؟!:................................................................. PAGEREF _Toc120687381 \h 57
بشير بن سعد الجريح الناجي!!:............................................. PAGEREF _Toc120687382 \h 57
قاتل حتى ضرب كعبه!!:..................................................... PAGEREF _Toc120687383 \h 58
لماذا عدل عن الزبير؟!:....................................................... PAGEREF _Toc120687384 \h 59
الزبير.. وبشير بن سعد:....................................................... PAGEREF _Toc120687385 \h 61
حرب إبادة:...................................................................... PAGEREF _Toc120687386 \h 61
الغنائم والأسرى:................................................................ PAGEREF _Toc120687387 \h 62
قصة أسامة بنحو آخر:........................................................ PAGEREF _Toc120687388 \h 64
ألا شققت قلبه؟!:................................................................ PAGEREF _Toc120687389 \h 64
تهافت.. لا علاج له:........................................................... PAGEREF _Toc120687390 \h 66
لا أقتل أحداً يقول: لا إله إلا الله:............................................. PAGEREF _Toc120687391 \h 67
ماذا عن سؤال المقداد &؟!................................................... PAGEREF _Toc120687392 \h 69
هل هذا هو النص الصحيح للقضية؟!....................................... PAGEREF _Toc120687393 \h 70
سرية غالب بن عبد الله إلى الميفعة:........................................ PAGEREF _Toc120687394 \h 74
سرية بشير بن سعد إلى الجناب:............................................. PAGEREF _Toc120687395 \h 76
التآمر.. والاستعداد:............................................................. PAGEREF _Toc120687396 \h 80
مشورة العمرين:................................................................ PAGEREF _Toc120687397 \h 80
لماذا بشير بن سعد دون سواه؟!:............................................ PAGEREF _Toc120687398 \h 81
نصرت بالرعب:............................................................... PAGEREF _Toc120687399 \h 83
هلا لنفسك كان ذا التعليم:..................................................... PAGEREF _Toc120687400 \h 84
موانع من إسلام عيينة:........................................................ PAGEREF _Toc120687401 \h 87
الفصل الثالث: شخصيات.. وأحداث.. إلى عمرة القضاء
قتل شيرويه:..................................................................... PAGEREF _Toc120687404 \h 91
جبلة بن الأيهم:.................................................................. PAGEREF _Toc120687405 \h 93
ملاحظة للسيد شرف الدين &:............................................... PAGEREF _Toc120687406 \h 97
تأييد عودة جبلة إلى الإسلام:............................................... PAGEREF _Toc120687407 \h 100
جبلة يعطي الزكاة لا الجزية:............................................... PAGEREF _Toc120687408 \h 100
وصول هدايا المقوقس:...................................................... PAGEREF _Toc120687409 \h 100
قيمة الهدايا:.................................................................... PAGEREF _Toc120687410 \h 100
هدايا متبادلة:.................................................................. PAGEREF _Toc120687411 \h 100
تصحيح اشتباه:................................................................ PAGEREF _Toc120687412 \h 100
المقابلة بالمثل:................................................................ PAGEREF _Toc120687413 \h 100
موت النجاشي:................................................................ PAGEREF _Toc120687414 \h 100
صلاة الغائب:................................................................. PAGEREF _Toc120687415 \h 100
الفصل الرابع: تكبيرات صلاة الميت.. وصلاة الغائب..
عدد تكبيرات صلاة الميت:................................................. PAGEREF _Toc120687418 \h 100
مذهب أهل البيت ^ هو الصحيح:......................................... PAGEREF _Toc120687419 \h 100
أدلة القائلين بالتكبيرات الأربع:............................................ PAGEREF _Toc120687420 \h 100
القول الحق:.................................................................... PAGEREF _Toc120687421 \h 100
ما ورد عن النبي الأعظم ':............................................... PAGEREF _Toc120687422 \h 100
وما ورد عن زيد بن أرقم في ذلك:....................................... PAGEREF _Toc120687423 \h 100
وما روي عن عيسى مولى حذيفة:........................................ PAGEREF _Toc120687424 \h 100
وما روي عن ابن مسعود:.................................................. PAGEREF _Toc120687425 \h 100
وأما ما روي عن علي أمير المؤمنين ×:................................ PAGEREF _Toc120687426 \h 100
ومما ورد عن الحسن × نذكر:............................................ PAGEREF _Toc120687427 \h 100
ومما ورد عن ابن عباس:................................................... PAGEREF _Toc120687428 \h 100
ومما ورد عن محمد بن الحنفية:........................................... PAGEREF _Toc120687429 \h 100
وأما ما ورد عن حذيفة:..................................................... PAGEREF _Toc120687430 \h 100
ومما ورد عن أبي ذر:....................................................... PAGEREF _Toc120687431 \h 100
ومما ورد عن أصحاب معاذ في الشام:.................................. PAGEREF _Toc120687432 \h 100
ومما ورد عن أهل الشام:................................................... PAGEREF _Toc120687433 \h 100
وعن العباس بن عبد المطلب:.............................................. PAGEREF _Toc120687434 \h 100
وما روي عن أبي يوسف:.................................................. PAGEREF _Toc120687435 \h 100
وما روي عن جابر بن زيد:................................................ PAGEREF _Toc120687436 \h 100
وأما ما نقل عن ابن أبي ليلى:.............................................. PAGEREF _Toc120687437 \h 100
رأي الهاشميين في التكبير:................................................. PAGEREF _Toc120687438 \h 100
ومما روي عن عمر بن الخطاب:......................................... PAGEREF _Toc120687439 \h 100
كلام ابن قيّم الجوزية:....................................................... PAGEREF _Toc120687440 \h 100
التكبير خمساً عند الصحابة وغيرهم:..................................... PAGEREF _Toc120687441 \h 100
عمر هو أول من ألزم بالأربع:............................................. PAGEREF _Toc120687442 \h 100
أسد حيدر ماذا يقول؟!:...................................................... PAGEREF _Toc120687443 \h 100
سرّ الاختلاف في التكبير على الميت:.................................... PAGEREF _Toc120687444 \h 100
الفصل الخامس: إلى مكة.. لأجل العمرة..
توطئة.. وتمهيد:............................................................... PAGEREF _Toc120687447 \h 100
تصحيح اشتباه:................................................................ PAGEREF _Toc120687448 \h 100
من المدينة إلى مكة:.......................................................... PAGEREF _Toc120687449 \h 100
دخول مكة:.................................................................... PAGEREF _Toc120687450 \h 100
النبي ' في مكة:.............................................................. PAGEREF _Toc120687451 \h 100
الخروج من مكة:............................................................. PAGEREF _Toc120687452 \h 100
المستخلف على المدينة:..................................................... PAGEREF _Toc120687453 \h 100
الذي حلق رأس رسول الله ':............................................. PAGEREF _Toc120687454 \h 100
لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة:................................................. PAGEREF _Toc120687455 \h 100
آية التهلكة خاصة:............................................................ PAGEREF _Toc120687456 \h 100
أحرم من المسجد:............................................................. PAGEREF _Toc120687457 \h 100
تحديد المسؤوليات في دائرة التنظيم:...................................... PAGEREF _Toc120687458 \h 100
لا يتخلف من شهد الحديبية:................................................ PAGEREF _Toc120687459 \h 100
تقليد الهدي، وحمل السلاح:................................................ PAGEREF _Toc120687460 \h 100
قصور النظر لدى بعض المسلمين:....................................... PAGEREF _Toc120687461 \h 100
رعب قريش وحيرتها:...................................................... PAGEREF _Toc120687462 \h 100
الحقد هو الحاكم، وليس المنطق:........................................... PAGEREF _Toc120687463 \h 100
ظهور الوهن في المهاجرين:............................................... PAGEREF _Toc120687464 \h 100
إظهار القوة.. يبطل كيدهم:................................................. PAGEREF _Toc120687465 \h 100
إجراء آخر لإظهار القوة:................................................... PAGEREF _Toc120687466 \h 100
الفصل السادس: من مكة إلى المدينة..
هل كان أبو هريرة مع الهدي؟!............................................ PAGEREF _Toc120687469 \h 100
شعر ابن رواحة:.............................................................. PAGEREF _Toc120687470 \h 100
خطأ يقع فيه الترمذي:....................................................... PAGEREF _Toc120687471 \h 100
يا عمر، إني أسمع:........................................................... PAGEREF _Toc120687472 \h 100
امشوا بين اليماني والأسود:................................................. PAGEREF _Toc120687473 \h 100
أذان بلال فوق ظهر الكعبة:................................................ PAGEREF _Toc120687474 \h 100
الراجح من الاحتمالات والأقوال:......................................... PAGEREF _Toc120687475 \h 100
لماذا بلال؟!.................................................................... PAGEREF _Toc120687476 \h 100
بين سهيل وسعد بن عبادة:.................................................. PAGEREF _Toc120687477 \h 100
أخرج من أرضنا:............................................................ PAGEREF _Toc120687478 \h 100
إنتفاضة سعد:................................................................. PAGEREF _Toc120687479 \h 100
لا تؤذ قوماً زارونا في رحالنا:............................................. PAGEREF _Toc120687480 \h 100
زواج النبي ' بميمونة:...................................................... PAGEREF _Toc120687481 \h 100
الإعراس في مكة غير ميسور:............................................ PAGEREF _Toc120687482 \h 100
هل تزوج ميمونة وهو محرم؟!............................................ PAGEREF _Toc120687483 \h 100
جعفر هو الخاطب:........................................................... PAGEREF _Toc120687484 \h 100
برة.. ثم ميمونة:............................................................... PAGEREF _Toc120687485 \h 100
البعير وما عليه للبشير:...................................................... PAGEREF _Toc120687486 \h 100
فضل ميمونة:................................................................. PAGEREF _Toc120687487 \h 100
عمارة بنت حمزة في كفالة جعفر:........................................ PAGEREF _Toc120687488 \h 100
المشاجرة:...................................................................... PAGEREF _Toc120687489 \h 100
يا عم، يا عم!!................................................................. PAGEREF _Toc120687490 \h 100
جعفر يحجل والنبي ' يسأل:.............................................. PAGEREF _Toc120687491 \h 100
ابنة أخي من الرضاعة:..................................................... PAGEREF _Toc120687492 \h 100
أسئلة تبقى حائرة:............................................................ PAGEREF _Toc120687493 \h 100
الفصل السابع: سرايا وأحداث إلى مؤتة
سرية ابن أبي العوجاء إلى بني سليم:..................................... PAGEREF _Toc120687496 \h 100
تشابه مريب وغريب:....................................................... PAGEREF _Toc120687497 \h 100
جهل أم تجاهل؟!.............................................................. PAGEREF _Toc120687498 \h 100
جمع بني سليم:................................................................ PAGEREF _Toc120687499 \h 100
سبب هذه السرية:............................................................. PAGEREF _Toc120687500 \h 100
إسلام خالد، وعمرو بن العاص:........................................... PAGEREF _Toc120687501 \h 100
رسالة الوليد إلى خالد:....................................................... PAGEREF _Toc120687502 \h 100
لم يسلم خالد سنة خمس:..................................................... PAGEREF _Toc120687503 \h 100
من أسباب إسلام عمرو وخالد:............................................ PAGEREF _Toc120687504 \h 100
الإسلام الصادق:.............................................................. PAGEREF _Toc120687505 \h 100
الإسلام يجبُّ ما قبله:........................................................ PAGEREF _Toc120687506 \h 100
عمر كالعاتب على خالد!!:................................................. PAGEREF _Toc120687507 \h 100
دعاوى عريضة لعمرو بن العاص:....................................... PAGEREF _Toc120687508 \h 100
إسلام ابن العاص على يد النجاشي!!..................................... PAGEREF _Toc120687509 \h 100
إسلام خزاعة وكتب النبي ' لها:.......................................... PAGEREF _Toc120687510 \h 100
من هو كاتب الكتاب؟!....................................................... PAGEREF _Toc120687511 \h 100
رسالتان.. أم رسالة واحدة؟!................................................ PAGEREF _Toc120687512 \h 100
اشتباه ابن سعد:............................................................... PAGEREF _Toc120687513 \h 100
علاقة مودة ورحمة:......................................................... PAGEREF _Toc120687514 \h 100
امتاز الحليف على الرئيس:................................................. PAGEREF _Toc120687515 \h 100
الحلم والتأني:.................................................................. PAGEREF _Toc120687516 \h 100
سرية غالب بن عبد الله إلى الكديد:........................................ PAGEREF _Toc120687517 \h 100
حديث التل:.................................................................... PAGEREF _Toc120687518 \h 100
من هو جندب هذا؟!.......................................................... PAGEREF _Toc120687519 \h 100
غوامض غير مستساغة:.................................................... PAGEREF _Toc120687520 \h 100
لابد من التروي:.............................................................. PAGEREF _Toc120687521 \h 100
تناقض غير مفهوم:.......................................................... PAGEREF _Toc120687522 \h 100
تكرار المكررات:............................................................. PAGEREF _Toc120687523 \h 100
زواج النبي ' ببنت الضحاك:............................................. PAGEREF _Toc120687524 \h 100
سرية ذات أطلاح:............................................................ PAGEREF _Toc120687525 \h 100
سرية إلى السِّيِّ:............................................................... PAGEREF _Toc120687526 \h 100
الباب الحادي عشر: مؤتة.. إلى الفتح..
الفصل الأول: من المدينة.. إلى مؤتة
أول بعث إلى خارج الجزيرة:.............................................. PAGEREF _Toc120687531 \h 100
تاريخ غزوة مؤتة:........................................................... PAGEREF _Toc120687532 \h 100
نصوص حول سبب غزوة مؤتة:......................................... PAGEREF _Toc120687533 \h 100
ليرتض المسلمون رجلاً!!.................................................. PAGEREF _Toc120687534 \h 100
طعن الصحابة في إمارة زيد:.............................................. PAGEREF _Toc120687535 \h 100
وصايا النبي ' لجيش مؤتة:............................................... PAGEREF _Toc120687536 \h 100
سبب غزوة مؤتة:............................................................ PAGEREF _Toc120687537 \h 100
ذات أطلاح هي السبب:..................................................... PAGEREF _Toc120687538 \h 100
مناقشة مردودة:............................................................... PAGEREF _Toc120687539 \h 100
جموع الروم وقرار الحرب:................................................ PAGEREF _Toc120687540 \h 100
مهمات الجيش خطيرة.. وقد ضاعت:.................................... PAGEREF _Toc120687541 \h 100
خالد يضيع نتائج المعركة:.................................................. PAGEREF _Toc120687542 \h 100
الوصايا تشي وتنم:........................................................... PAGEREF _Toc120687543 \h 100
سرية دعوة، أم سرية حرب؟.............................................. PAGEREF _Toc120687544 \h 100
وصايا في نطاق الأهداف الإلهية:......................................... PAGEREF _Toc120687545 \h 100
من وصاياه ' لجيشه أيضاً:................................................ PAGEREF _Toc120687546 \h 100
التحول إلى دار المهاجرين:................................................. PAGEREF _Toc120687547 \h 100
الرسل لا تقتل:................................................................ PAGEREF _Toc120687548 \h 100
اليهودي.. وقتل القادة:....................................................... PAGEREF _Toc120687549 \h 100
لماذا طعنوا في إمارة زيد؟!................................................ PAGEREF _Toc120687550 \h 100
إنه لمن أحب الناس إلي!!................................................... PAGEREF _Toc120687551 \h 100
عودة إلى الطعن في إمارة زيد.. وأسامة:................................ PAGEREF _Toc120687552 \h 100
الجرف.. وثنية الوداع:...................................................... PAGEREF _Toc120687553 \h 100
إعتراض جعفر على رسول الله ':....................................... PAGEREF _Toc120687554 \h 100
جعفر هو الأمير الأول:...................................................... PAGEREF _Toc120687555 \h 100
مؤيدات لما سبق:............................................................. PAGEREF _Toc120687556 \h 100
لماذا لم يحدد قائداً رابعاً:.................................................... PAGEREF _Toc120687557 \h 100
حديث الضبابة:............................................................... PAGEREF _Toc120687558 \h 100
روحيات ابن رواحة:........................................................ PAGEREF _Toc120687559 \h 100
المسير بعد الوداع:............................................................ PAGEREF _Toc120687560 \h 100
ابن رواحة.. فقط:............................................................. PAGEREF _Toc120687561 \h 100
ليس إلا المعايير الإلهية:..................................................... PAGEREF _Toc120687562 \h 100
وصايا النبي ' لابن رواحة:............................................... PAGEREF _Toc120687563 \h 100
ملحق: كيف جرت الأمور؟!............................................... 331
الفهارس:
1 ـ الفهرس الإجمالي.............................................. PAGEREF _Toc120687567 \h 100
2 ـ الفهرس التفصيلي.............................................. PAGEREF _Toc120687568 \h 100
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص148 و 149 والسيرة الحلبية ج3 ص59 ومعجم البلدان ج5 ص345 وفتوح البلدان ج1 ص39 وعن عيون الأثر ج2 ص151.
([2]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص148 و 149 والسيرة الحلبية ج3 ص59 وعن صحيح البخاري ج7 ص235 والمحلى ج7 ص350 ونيل الأوطار ج8 ص136 وعن صحيح مسلم للنووي ج1 ص76 وعن سنن أبي داود ج1 ص615 وسنن النسائي ج7 ص24 والديباج على مسلم ج1 ص130 وصحيح ابن حبان ج11 ص188 والطبقات الكبرى ج1 ص498 وتاريخ مدينة دمشق ج4 ص283 وفتوح البلدان ج1 ص39 وعن البداية والنهاية ج4 ص241 و 248 وج5 ص341 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص40 وعن عيون الأثر ج2 ص152 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص401 و 412 وج4 ص631.
([3]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص148 و 149 والسيرة الحلبية ج3 ص59.
([4]) الآية 14 من سورة النمل.
([5]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص149 وج8 ص160، وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص59 والبحار ج21 ص42 وج17 ص120 وعن الكازروني في كتاب المنتقى، وعن الموطأ ج1 ص13 وتنوير الحوالك ص33 والمحلى ج1 ص6 وعن صحيح مسلـم ج2 ص138 وسنن ابن ماجـة ج1 ص227 و 228 وسنن أبي داود ج1 = = ص118 و 119 حديث رقم (435) والسنن الكبرى للبيهقي ج2 ص217 وعن فتح الباري ج1 ص380 وعون المعبود ج2 ص73 وشرح معاني الآثار ج1 ص402 وصحيح ابن حبان ج5 ص423 وإرواء الغليل ج1 ص292 والدر المنثور ج4 ص293 والكامل ج5 ص326 وعن البداية والنهاية ج4 ص242 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص403 والمغازي للواقدي ج2 ص711 و712 والتراتيب الإدارية ج1 ص77 وصحيح البخاري باب 387 من أبواب مواقيت الصلاةأبواب .
([6]) الآية 14 من سورة طه.
([7]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص150 والسيرة الحلبية ج3 ص59 والبحار ج21 ص42 عن المنتقى في مولد المصطفى للكازروني، والثقات ج2 ص22 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص304 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص355 وعن الموطأ ج1 ص15 وراجع: كتاب الأم ج1 ص97 والمغـازي = = للواقدي ج2 ص711 و 712 والتراتيب الإدارية ج1 ص77 وسنن ابن ماجة ج1 ص227 و 228 وسنن أبي داود ج1 ص118 و 119 وصحيح البخاري باب 387 من أبواب مواقيت الصلاة.
([8]) السيرة الحلبية ج3 ص59 وكتاب الموطأ ج1 ص15.
([9]) السيرة الحلبية ج3 ص59 و 60 والموطأ ج1 ص14 وكتاب الأم ج1 ص97 وراجع: السنن الكبرى للبيهقي ج2 ص449 والجامع لأحكام القرآن ج10 ص48 والشفا بتعريف حقوق المصطفى ج2 ص121 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص460.
([10]) السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص355 وسنن ابن ماجة ج1 ص226 وسنن أبي داود ج1 ص118 و 119 ونصب الراية ص282 و 283.
([11]) راجع ما تقدم في المصادر التي ذكرناها في الهوامش المتقدمة بالإضافة إلى: تاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص368 والإحسان في تقريب صحيح ابن حبان ج5 ص423 ومجمع الزوائد ج1 ص318 و 323 وسنن أبي داود ج1 ص1222 والمغازي للواقدي ج3 ص1015.
([12]) نصب الراية ج1 ص282 ومجمع الزوائد ج1 ص318 و 319.
([13]) مجمع الزوائد ج1 ص319 و 320.
([14]) سنن أبي داو باب من نام عن الصلاة ج1 ص119.
([15]) مسند أحمد ج5 ص298 وصحيح مسلم ج2 ص139 ومسند ابن الجعد ص450 وصحيح ابن خزيمة ج2 ص214 واللمع في أسباب ورود الحديث للسيوطي ص37 والطبقات الكبرى ج1 ص181 وتاريخ مدينة دمشق ص28 ص69 وج67 ص144 والبداية والنهاية ج6 ص108 وسبل الهدى والرشاد ج9 ص248 وسنن أبي داو باب من نام عن الصلاة ج1 ص118 و 119 ح 437.
([16]) أرشد في كتاب المعجم المفهرس لألفاظ السنة النبوية إلى المصادر التالية: صحيح البخاري، (التهجد) باب 16 (والتراويح) باب 1 (والمناقب) باب 24 وصحيح مسلم (مسافرين) 125 وسنن أبي داود (طهارة) 79 (تطوع) 26 والجامع الصحيح (مواقيت) 208 (فتن) 63 وسنن النسائي (ليل) 36 والموطأ (ليل) 9 ومسند أحمد ج1 ص220 و 278 وج2 ص251 و 438 وج5 ص40 و 50 وج6 ص36 و 73 و 104.
([17]) الآية 99 من سورة النحل.
([18]) أسد الغابة ج4 ص64 ونوادر الأصول للحكيم الترمذي ص58 ومسند أحمد ج5 ص353 و 354 باختلاف، ودلائل الصدق ج1 ص390 و 391 عن الترمذي وج2 ص293 وصححه هو والبغوي في مصابيحه، وليراجع: الغدير ج 8 ص64 و 65. والسيرة الحلبية ج2 ص62 والسنن الكبرى للبيهقي ج10 ص77 والتراتيب الإدارية ج2 ص131.
([19]) عن صحيح البخاري ج4 ص96 و 199 وج7 ص93 و 115 فضائل أصحاب النبي (6) والأدب (68) وبدء الخلق (11)، وعن صحيح مسلم ج15 ص165 والصحابة (22) ومسند أحمد ج1 ص171 و 182 و 187 والبحار ج31 ص25 والغدير ج8 ص94 وإقحام الأعداء والخصوم ص104 وعن فتح الباري ج7 ص38 وج10 ص399 وج11 ص457 والديباج على مسلم ج5 ص308 وتحفة الأحوذي ج10 ص122 و 123 وعن السنن الكبرى للنسائي ج6 ص60 ومسند أبي يعلى ج2 ص133 وصحيح ابن حبان ج15 ص316 ورياض الصالحين ص690 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج12 ص178 وكنز العمال ج11 ص575 وج12 ص602 وكشف الخفاء ج2 ص344 والجامع لأحكام القرآن ج8 ص205 والمستصفى للغزالي ص170 والمحصول ج6 ص134 والطبقات الكبرى ج8 ص181 وتاريخ مدينة دمشق ج44 ص78 و 80 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص275.
([20]) دلائل الصدق ج1 ص390 والتاج الجامع للأصول ج3 ص314 والغدير ج8 ص65 وعن مصابيح السنة ج2 ص271 وعن مشكاة المصابيح ص550 وعن الرياض النضرة ج2 ص208 وحياة الصحابة ج2 ص760 و 761 عن منتخب كنز العمال ج4 ص393 عن ابن عساكر، وابن عدي، والمشكاة ص272 عن الشيخين والمسترشد ص185 وأضواء على الصحيحين ص304 وسنن الترمذي ج5 ص285 وتحفة الأحوذي ج10 ص124 وعن السنن الكبرى للنسائي ج5 ص309 والجامع الصغير ج1 ص401 وفيض القدير ج3 ص16 وتاريخ مدينة دمشق ج44 ص82.
([21]) مصادر ذلك كثيرة، فراجع: مناقب الإمام أمير المؤمنين للكوفي ج2 ص517 ومشكل الآثار ج2 ص9 وج4 ص389 وكفاية الطالب ص385 والشفاء ج1 ص284 والمعجم الكبير ج24 ص145 وكنز العمال ج12 ص349 وعمدة القاري ج15 ص43 والبداية والنهاية ج6 ص80 واللآلي المصنوعة ج1 ص338 و 339 و 340 ومنهاج السنة ج4 ص191 و 188 و 189 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص201 والسيرة الحلبية ج1 ص386 و 385 والبحار ج41 ص167 و 174 و 179 وج21 ص42 و 43 عن علل الشرائع ص124 وعن المناقب ج1 ص359 و 361 وعن الخرايج والجرايح، ونسيم الرياض ج3 ص10 و 11 و 12 والمواهب اللدنية ج2 ص209 و 210 وتاريخ الخميس ج2 ص58 وعن المنتقى في مولد المصطفى للكازروني.
([22]) تجد هذه الروايات في: كتاب مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي ص96 وميزان الإعتدال ج3 ص170 ومشكل الآثار ج2 ص8 وج4 ص388 ـ 390 وكفاية الطالب ص381 ـ 388 وفتح الملك العلي ص16 و 17 و 18 و 19 = = و 21 و 141 و 144 وعن الرياض النضرة ص179 و 180، وراجع: البداية والنهاية ج6 ص77 ـ 87 والمناقب للخوارزمي ص 306 و 307 ولسان الميزان ج5 ص76 و 140 و 301 وكنز العمال ج12 ص349 وج11 ص524 وج13 ص152 والشفاء لعياض ج1 ص284 وترجمة الإمام علي "عليه السلام" من تاريخ ابن عساكر (بتحقيق المحمودي) ج2 ص283 ـ 307 وتاريخ الخميس ج2 ص58 وصفين لنصر بن مزاحم ص135 وينابيع المودة للقندوزي ص138 وتذكرة الخواص ص49 ـ 53 ونزل الأبرار ص 76 ـ 79 والضعفاء الكبير للعقيلي ج3 ص327 و 328 ولسان الميزان ج5 ص140 والمعجم الكبير ج24 ص145 ـ 158 ومنهاج السنة ج2 ص186 ـ 195 ومجمع الزوائد ج3 ص50 وج8 ص297 وكشف الخفاء للعجلوني ج1 ص220 و 428 والمقاصد الحسنة للسخاوي ص226 والخصائص الكبرى للسيوطي ج2 ص324 وعمدة القاري للعيني ج15 ص43 واللآلي المصنوعة للسيوطي ج1 ص336 ـ 341 والفصل لابن حزم ج2 ص87 وج5 ص3 و 4 عن كتاب رد الشمس للفضلي العراقي وفتح الباري ج6 ص155 عن الطبراني في الكبير، والحاكم، والبيهقي في الدلائل، والطحاوي، وفرائد السمطين ج1 ص183، ونهج السعادة ج1 ص117 وج7 ص448 و 449 والإمام علي "عليه السلام" لأحمد الهمداني ص 177 ـ 179 وإفحام الأعداء والخصوم ص26 وشرح معاني الآثار ج1 ص45 ـ 47 وتذكرة الموضوعات للفتني ص96 وحقائق التأويل ص74 وشواهد التنزيل ج1 ص9 و 10 ـ 16 ورجال النجاشي ص85 و 428 والفهرست ص79 وتفسير نور الثقلين ج5 ص225 وجواهر المطالب في مناقب الإمام علي ج1 ص 111 ـ 114 و 117 و 118 و 119 والإحتجاج (ط النجف) ج1 ص166 ومائة منقبة ص8 والمستجاد من الإرشاد ص135 والصراط المستقيم ج1 ص16 و 99 و 104 و 153 و201= = وحلية الأبرار ج2 ص327 وكشف الظنون ج2 ص1494 وبشارة المصطفى، ومرآة الجنان ج4 ص178 والجامع لأحكام القرآن ج15 ص97 وعلل الشرائع ج2 ص48 ـ 50 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص201 و 202 والسيرة الحلبية ج1 ص383 ـ 387 والبحار ج41 ص166 ـ 191 وج21 ص43 وج97 ص217 وج99 ص30 وج17 ص357 و 358 وج55 ص166 وج80 ص317 و 318 و 324 و 325 وقرب الإسناد ص82 والخرايج والجرايح ج2 ص500 و 502 والمناقب لابن شهرآشوب (ط الحيدري) ج3 ص51، وعن أمالي المفيد ص94، وعن الكافي ج4 ص561 و 562 وأمالي ابن الشيخ ص64 وعن السرائر وعدة الداعي ص88 والإرشاد للمفيد ج1 ص346 وتفسير العياشي ج2 ص70 وتفسير البرهان ج2 ص98 وج4 ص387 ونسيم الرياض ج3 ص10 ـ 14 وشرح الشفاء للملا علي القاري (بهامش نسيم الرياض) ج3 ص10 ـ 13 وإحقاق الحق (قسم الملحقات) ج16 ص316 ـ 331 وج5 ص521 ـ 539 وج21 ص261 ـ 271 وفيض القدير ج5 ص440 والمواهب اللدنية ج2 ص209 ـ 211 وشرح المواهب للزرقاني ج6 ص284 ـ 294.
وراجع أيضاً: عيون المعجزات ص7 و 4 و 136 وبصائر الدرجات ص217 و 239 و 237 وفضائل الخمسة من الصحاح الستة ج2 ص135 ـ 138 وكتاب المزار الكبير لابن المشهدي ص258 و 205 وإقبال الأعمال ج3 ص130 والمزار للشهيد الأول ص91 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج5 ص81 وج14 ص255 وج3 ص469 وج10 ص277 وج30 ص30 و 38 وج19 ص328 و 340 ومن لا يحضره الفقيه ج1 ص130 و 611 والهداية الكبرى ص123 ـ 130 والمسترشد ص265 ومناقب أمير المؤمنين ج2 ص516 و 518 و 519 و 520 و 521 وخاتمة المستـدرك ج4 ص94 و 224 و 226 = = وروضة الواعظين ص129 و 130 وخصائص الأئمة ص52 و 56 و 57 والخصال ص550 ومعالم العلماء ص56 و 78 و 113 و 152 وإيضاح الإشتباه ص102 ورجال ابن داود ص39 ونقد الرجال ج1 ص129 وج5 ص353 و 351 وجامع الرواة ج1 ص53 وج2 ص531 والفوائد الرجالية للسيد بحر العلوم ج2 ص77 وتهذيب المقال ج2 ص22 وج3 ص353 و 356 وج4 ص453 وتذكرة الحفاظ ج3 ص1200 وسير أعلام النبلاء ج10 ص544 والكشف الحـثيـث ص44 وإعـلام الـورى ج1 ص350 و 351 وقصص الأنبياء للراوندي، ونهج الإيمان لابن حجر ص70 وكشف اليقين ص112 ودفع الشبهة عن الرسول للحصني الدمشقي ص206 ومدينة المعاجز ج1 ص196 و 197 و 202 و 205 و 207 و 210 و 217 وج4 ص258 وكتاب الأربعين للماحوزي ص12 و 417 و 419 وخلاصة عبقات الأنوار ج1 ص147.
([23]) راجع كتابنا: رد الشمس لعلي "عليه السلام"، فصل: الأسانيد والرواة.
([24]) تاريخ الخميس ج2 ص58 والبحار ج21 ص43 عن المنتقى في مولد المصطفى.
([25]) راجع: البحار ج41 ص175 عن مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ج1 ص359 ـ 365 والبداية والنهاية ج6 ص79 و 80 و 87 والمواهب اللدنية ج2 ص211 ومنهاج السنة ج4 ص187 و 189 وغير ذلك.
([26]) راجع: البحار ج41 ص175 عن المناقب لابن شهرآشوب ج1 ص359 ـ 365، وراجع: البداية والنهاية ج6 ص79 و 80 وراجع ص87 والمواهب اللدنية ج2 ص211 ومنهاج السنة ج4 ص187 و 189. وغير ذلك..
([27]) منهاج السنة ج4 ص184.
([28]) راجع: البحار ج17 ص359 وج80 ص324 عن صفين للمنقري، وعن الخرائج والجرائح، وراجع: البداية والنهاية ج6 ص77، وتاريخ مدينة دمشق (بتحقيق المحمودي) ترجمة الإمام على ج2 ص292 و(ط دار الفكر) ج 42 ص314 والموضوعات لابن الجوزي (ط أولى) ج1 ص51 وغير ذلك كثير.
([29]) السيرة الحلبية ج1 ص285 وراجع الحديث في: مشكل الآثار ج2 ص10 وج4 ص389 وعن المعتصر من المختصر، وتذكرة الخواص ص51 ونزل الأبرار ص78 وميزان الإعتدال ج3 ص170 والضعفاء الكبير للعقيلي ج3 ص328 وكنز العمال ج11 ص524 وفتح الباري ج6 ص154 والبداية والنهاية ج6 = = ص79 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص202 ونسيم الرياض ج3 ص10 و 11 وبهامشه شرح الشفاء للقاري ج3 ص11 و 13 والجامع الصغير حديث رقم (7889) ومسند أحمد (ط دار الحديث في القاهرة) ج8 ص275 والمواهب اللدنية ج2 ص210.
([30]) راجع: شرح النهج للمعتزلي ج4 ص67 وأضواء على السنة المحمدية لمحمود أبي رية ص218 وشيخ المضيرة أبو هريرة لمحمود أبي رية ص237 والغارات للثقفي ج2 ص659 وخلاصة عبقات الأنوار للنقوي ج3 ص255 والنص والإجتهاد ص514 وكتاب الأربعين لمحمد طاهر الشيرازي ص296 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص45.
([31]) الإيضاح لابن شاذان ص496 والغارات للثقفي ج2 ص660 وشرح النهج للمعتزلي ج4 ص68 وأضواء على السنة المحمدية لمحمود أبي ريـة ص204 = = وأبو هريرة للسيد شرف الدين ص160 وشيخ المضيرة أبو هريرة، لمحمود أبي رية ص135 عن سير أعلام الذهبي ج2 ص435. وراجع: تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة ص16.
([32]) المناقب للخوارزمي ص205 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج4 ص63 و 64.
([33]) راجع: عمدة القاري ج15 ص42 و 43، وراجع: فتح الباري ج6 ص155 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص202 والسيرة الحلبية ج1 ص383 ونسيم الرياض ج3 ص11 و 12 و 13 وبهامشه شرح الشفاء للقاري ج3 ص13 وفيض القدير ج5 ص440 والبحار ج17 ص359 والمواهب اللدنية ج2 ص210 و 211.
([34]) راجع كتابنا: رد الشمس لعلي "عليه السلام" ص63 ـ 65 للاطلاع على بعض تفاصيل ذلك، وعلى بعض مصادره.
([35]) نسيم الرياض ج3 ص12 واللآلي المصنوعة ج1 ص341.
([36]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص385 والبحار ج41 ص175 وتذكرة الخواص ص52 وعن مناقب آل أبي طالب ج1 ص359 ـ 365.
([37]) البداية والنهاية ج6 ص79 و 80 و 87 وراجع: منهاج السنة ج4 ص187 و 189.
([38]) شرح الشفاء للقاري (مطبوع مع نسيم الرياض) ج3 ص13.
([39]) منهاج السنة ج4 ص186 و 195.
([40]) راجع: السرائر ج1 ص265 والبحار ج80 ص318.
([41]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص150 وعن البداية والنهاية ج4 ص249 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص414.
([42]) سبل الهدى والرشاد ج3 ص368 وج5 ص150 وراجع: الأحكام ج2 ص546 وعن كتاب الموطأ ج2 ص889 و 893 وعن مسند أحمد ج3 ص149 و 159 و 243 وعن صحيح البخاري ج3 ص223 و 225 وج4 ص118 وج5 ص40 وج6 ص207 وج8 ص153 وعن صحيح مسلم ج4 ص114 وسنن الترمذي ج5 ص379 والسنن الكبرى للبيهقي ج5 ص197 وج6 ص304 وج9 ص125 وعن فتح الباري ج6 ص64 وتحفة الأحوذي ج10 ص292 ومسند أبي يعلى ج6 ص370 و 371 وشرح معاني الآثار ج4 ص193 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص178 وذيل تاريخ بغداد ج3 ص69 وفضائل المدينة ص21.
([43]) الآية 41 من سورة الروم.
([44]) راجع: القاموس المحيط ج2 ص181 والسيرة الحلبية ج3 ص185 و 186 وعن الطبقات الكبرى ج2 ص117 وج3 ص272 وتاريخ المدينة ج2 ص665 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص1308 وعن البداية ولنهاية ج4 ص251 وعن عيون الأثر ص2 ص153 وعن سبل الهدى والرشاد ج6 ص130 ولسان العرب ج5 ص372 وتاج العروس ج4 ص52.
([45]) الطبقات الكبرى ج2 ص85 والسيرة الحلبية ج3 ص186 وعن عيون الأثر ج2 ص153 وعن البداية والنهاية ج4 ص251 وتاج العروس ج1 ص159.
([46]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص130.
([47]) راجع: المغازي للواقدي ج2 ص722 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص130 وتاريخ الخميس ج2 ص60 وعن البداية والنهاية ج4 ص251 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص418.
([48]) مغازي الواقدي ج2 ص722 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص85 و(ط دار صادر) ج2 ص118 وج 3 ص175 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص92 و 131 وتاريخ الخميس ج2 ص60 والسيرة الحلبية ج3 ص186 وشرح النهج للمعتزلي ج17 ص199 وعن مسند أحمد ج4 ص46 وعن سنن أبي داود ج1 ص594 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص79 والمصنف للصنعاني ج7 ص647 وصحيح ابن حبان ج11 ص48 و 52 و 53 وعن الكامل ج5 ص274 وتاريخ مدينة دمشق ج22 ص92 وسير أعلام النبلاء ج3 ص327.
([49]) تاريخ الخميس ج2 ص60 وعن السنن الكبرى للنسائي ج5 ص22 وعن الطبقات الكـبرى ج2 ص118 وعن عيون الأثـر ج2 ص154 وعن سبـل الهدى والرشاد ج6 ص92 ونيل الأوطار ج5 ص262 وعن مسند أحمد ج4 ص46 و 51 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص129 وتحفة الأحوذي ج4 ص422 وصحيح ابن حبان ج11 ص200 والمعجم الكبير ج7 ص14 وتاريخ مدينة دمشق ج22 ص93 وعن البداية والنهاية ج4 ص251 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص417 وعن سبل الهدى والرشاد ج6 ص92.
([50]) راجع: المغازي للواقدي ج2 ص723 و 724 وتاريخ الخميس ج2 ص60 و 61 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص132 والبحار ج21 ص48 عن الكامل لابن الأثير، والسيرة الحلبية ج3 ص186 وعن الطبقات الكبرى ج2 ص119 وج3 ص531 وعن الثقات ج2 ص24 وتاريخ مدينة دمشق ج10 ص289 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص308 وعن عيون الأثر ج2 ص155 وراجع: تاريخ خليفة بن خياط ص46 والتنبيه والإشراف ص227 وعن البداية والنهاية ج4 ص254.
([51]) أي: سقوا الإبل، ثم أناخوها وحبسوها عند الماء (لسان العرب ج17 ص158).
([52]) راجع: المغازي للواقدي ج2 ص723 و 725 وتاريخ الخميس ج2 ص67 و 68 عن معالم التنزيل، وعن روضة الأحباب، والبحار ج21 ص65 والسيرة الحلبية ج3 ص186 و 187 وعن صحيح البخاري ج5 ص88 وج8 36 وعن صحيح مسلم ج10 ص68 وشرح مسلم للنووي ج2 ص100 والديباج على مسلم ج1 ص112 ورياض الصالحين للنووي ص231 وعن البداية والنهاية ج4 ص253 و 316 وعن عيون الأثر ج2 ص156 والمحلى لابن حزم ج7 ص317 والسيرة النبويـة لابن كثـير ج3 ص523 وعن النص والإجتهـاد = = ص112 وعن مسند أحمد ج5 ص200 أسباب نزول الآيات ص117 وعن فتح الباري ج12 ص172 وعن سبل الهدى والرشاد ج6 ص192 وصحيح ابن حبان ج11 ص57 وراجع: روضة الطالبين ج7 ص288 ومسند أبي داود الطيالسي ص87 والمعجم الكبير ج19 ص165 وعن تفسير القرآن العظيم لابن كثير ج2 ص322.
([53]) المغازي للواقدي ج2 ص725 و 726 وكتاب الأم ج1 ص296 وج6 ص4 و 170 والمغني ج10 ص102 والشرح الكبير ج10 ص94 ونيل الأوطار ج7 ص198 وعن كتاب المسند ص197 وعن مسند أحمد ج6 ص4 و 6 وعن صحيح البخاري ج5 ص19 وج8 ص35 وعن صحيح مسلم ج1 ص67 وشرح مسلم للنووي ج2 ص98 وعن سنن أبي داود ج1 ص595 والسنن الكبرى للبيهقي ج8 ص19 و 195 والديباج على مسلم ج1 ص109 وعن السنن الكبرى للنسائي ج5 ص175 وصحيح ابن حبان ج11 ص55 والمعجم الكبير ج20 ص248 و 249 و 251 ورياض الصالحين ص230 وكنز العمال ج1 ص97 وإرواء الغليل ج8 ص136 وأحكام القرآن ج2 ص309 وتهذيب الكمال ج19 ص116 وسير أعلام النبلاء ج1 ص386 وعن سبل الهدى والرشاد ج9 ص301.
([54]) السيرة الحلبية ج3 ص186 وعن سبل الهدى والرشاد ج5 ص169 و 411.
([55]) راجع: وفاء الوفاء ج3 ص1280 وعن الطبقات الكبرى ج2 ص90 وتاريخ مدينة دمشق ج30 ص300 والتنبيه والإشراف ص219 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص573 وعن عيون الأثر ج2 ص107 وعن سبل الهدى والرشاد ج6 ص97.
([56]) المغازي للواقدي ج2 ص710.
([57]) المغازي للواقدي ج2 ص551 وعن مناقب آل أبي طالب ج1 ص173 والبحار ج20 ص291 و 308 وعن إعلام الورى ج1 ص200.
([58]) السيرة الحلبية ج3 ص192.
([59]) المغازي للواقدي ج2 ص723 وتاريخ مدينة دمشق ج10 ص290 وعن عيون الأثر ج2 ص163 وعن الطبقات الكبرى ج2 ص126 وعن سبل الهدى والرشاد ج6 ص140.
([60]) المغازي للواقدي ج2 ص724.
([61]) الآية 94 من سورة النساء.
([62]) المغازي للواقدي ج2 ص725 والجمل ص45. وراجع: الأمالي للطوسي ص716 والبحار ج28 ص153 وج32 ص70 وراجع الغارات ج2 ص577.
([63]) تفسير القمي ج1 ص148 وراجع: البحار ج21 ص11 وج25 ص93 وج62 ص235 والتفسير الصافي ج1 ص485 والتفسير الأصفى ج1 ص231 وكنز الدقائق ج2 ص580.
([64]) شرح النهج للمعتزلي ج4 ص102 والغارات (ط الأولى) ج2 ص577 والبحار ج28 ص153 وج94 ص58 وج100 ص58 وج21 ص65 ونهج السعادة ج4 ص127 وعن ميزان الحكمة ج4 ص2996 والدرجات الرفيعة ص445 وتاريخ المدينة ج3 ص1139، ومستدرك الوسائل ج11 ص97 وتكملة الرجال ج1 ص174 والغارات للثقفي ج2 ص577.
([65]) قاموس الرجال (ط مؤسسة النشر الإسلامي) ج1 ص716 و 717 ورجال الكشي ص39 وراجع: كتاب سليم بن قيس ج2 ص797 ورجال ابن داود ص50 وإتقان المقال ص259 والتحرير الطاووسي ص50 و 51.
([66]) الآية 94 من سورة النساء.
([67]) راجع: مسند أحمد ج1 ص272 وسنن الترمذي ج4 ص307 والسنن الكبرى للبيهقي ج4 ص115 والمصنف لابن أبي شيبة ج6 ص577 وج7 ص652 وصحيح ابن حبان ج11 ص59 وموارد الظمآن ص33 وجامع البيان للطبري ج5 ص302 وأسباب نزول الآيات للنيسابوري ص115.
([68]) راجع: المحلى لابن حزم ج7 ص316 وج10 ص368 والبحار ج21 ص65 والديباج على مسلم ج1 ص111 والمصنف لابن أبي شيبة ج6 ص575 وج7 ص650 وج8 ص462 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص176 والبداية والنهاية ج4 ص316 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص523 وعن عيون الأثر ج2 ص156 وعن صحيح البخاري ج5 ص88 وعن صحيح مسلم ج1 ص67.
([69]) راجع: المغازي للواقدي ج2 ص726 و 727 وتاريخ الخميس ج2 ص61 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص33 والبحار ج21 ص48 والسيرة الحلبية ج3 ص186 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص308 وعن الطبقات الكبرى ج2 ص119 وعن عيون الأثر ج2 ص156.
([70]) تاريخ الخميس ج2 ص61 عن المواهب اللدنية، وسبل الهدى والرشاد ج6 ص133 عن ابن سعد، والطبقات الكبرى (ط دار صادر) ج2 ص119 ومسند أحمد ج5 ص207 وجامع البيان ج5 ص129 والسيرة الحلبية ج3 ص186 و 187 وعن فتح الباري ج7 ص398 والتنبيه والإشراف ص227.
([71]) راجع: معجم البلدان ج5 ص101 ووفاء الوفاء ج2 ص323 وعن الثقات ج2 ص25 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص308 وعن سبل الهدى والرشاد ج6 ص134.
([72]) راجع: المغازي للواقدي ج2 ص727 و 728 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص134 وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص61 وعن الطبقات الكبرى ج2 ص120 وعن عيون الأثر ج2 ص157 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص308.
([73]) راجع: المغازي للواقدي ج2 ص727 و 731.
([74]) راجع: تاريخ الأمم والملوك ج2 ص458 والبحار ج28 ص325 وفدك في التاريخ ص75 وشرح النهج للمعتزلي ج2 ص39 وج6 ص10 والدرجات الرفيعة ص327 وبيت الأحزان ص57 والسقيفة وفدك ص61 وعن الإمامة والسياسة ج1 ص26 والغدير ج2 ص82.
([75]) راجع: تاريخ الأمم والملوك ج2 ص459 والبحار ج32 ص518 والإحتجاج ج2 ص148 وعن الإمامة والسياسة ج1 ص27.
([76]) صفين للمنقري ص449 والبحار ج32 ص518 ومواقف الشيعة ج1 ص98 وشرح النهج للمعتزلي ج8 ص88 والدرجات الرفيعة ص345 وعن الإمامة والسياسة ج1 ص131.
([77]) الآية 154 من سورة آل عمران.
([78]) راجع: البحار ج16 ص179 وراجع: ص308 و 317 وج20 ص29 وج77 ص277 والمبسوط للسرخسي ج15 ص3 وج23 ص3 وحاشية رد المحتار ج1 ص246 والمغني لابن قدامة ج1 ص6 والمحلى لابن حزم ج1 ص65 وسبل السلام ج1 ص93 وفقه السنة ج1 ص77 وج2 ص674 ومن لا يحضره الفقيه ج1 ص241 وعن مناقب آل أبي طالب ج1 ص109 وعوالي اللآلي ج2 ص14 ونور البراهين ج1 ص197 وعن مسند أحمد ج5 ص145 وعن صحيح البخاري ج1 ص86 و 113 وج4 ص12 وعـن سنن النسـائي ج1 ص210 والسنن الكـبرى للبيهقي ج1 ص212 و 433 وج9 ص4 وعن فتح الباري ج1 ص370 وج6 ص90 وتحفة الأحوذي ج5 ص135 وعن المصنف لابن أبي شيـبـة ج7 ص411 = = ومنتخب مسند عبد بن حميد ص349 وصحيح ابن حبان ج14 ص308 ونظم درر السمطين ص39 وعن نصب الراية ج2 ص379 وعن الجامع الصغير ج1 ص177 وكنز العمال ج11 ص412 و 440 وعن فيض القدير ج1 ص720 وإرواء الغليل ج1 ص315 والتبيان ج3 ص17 وتفسير مجمع البيان ج2 ص414 والتفسير الصافي ج1 ص391 والتفسير الأصفى ج1 ص177 وتفسير نور الثقلين ج1 ص402 وتفسير كنز الدقائق ج2 ص255 وعن أحكام القرآن ج2 ص49 وعن الجامع لأحكام القرآن ج3 ص426 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص420 و 518 وج2 ص266 و 339 و 542 وج3 ص547 وعن فتح القدير ج5 ص196 وعن البداية والنهايـة ج3 ص364 وج6 ص197 و 205 و 288 و 320 وعن العبر وديـوان المبتدأ والخبر ج1 ص277 وعن الشفا بتعريف حقوق المصطفى ج1 ص168 والسيرة النبوية لابن كثير ج2 ص461 وسبل الهدى والرشاد ج10 ص271 و 315 والنهاية في غريب الحديث ج2 ص233 و 434 ولسان العرب ج1 ص420 وج4 ص389 ومجمع البحرين ج2 ص193 وتارج العروس ج1 ص272 وج3 ص286.
([79]) البحار ج28 ص62 وج52 ص348 و 356 وكامل الزيارات ص549 والجواهر السنية ص290 وتأويل الآيات لشرف الدين الحسيني ج2 ص881.
([80]) المغازي للواقدي ج2 ص652 وعن البداية والنهاية ج4 ص241 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص401 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص138.
([81]) المغازي للواقدي ج2 ص676.
([82]) راجع: الإصابة ج1 ص683.
([83]) الإصابة ج3 ص54 عن سعيد بن منصور، والطبراني، وشرح الأخبار ج1 ص291 والبحار ج17 ص204 وج19 ص147 وج22 ص64 وج69 ص282 وعن فتح الباري ج10 ص378 وج13 ص218 و 253 وتأويل مختلف الحديث ص218 وتفسير القمي ج1 ص147 وعن تفسير مجمع البيان ج3 ص154 والتفسير الصافي ج1 ص482 والتفسير الأصفى ج1 ص228 وتفسير نور الثقلين ج1 ص530 وتفسير كنز الدقائق ج2 ص567 والجامع لأحكام القرآن ج16 ص310 وسـير أعـلام النبـلاء ج2 ص167 و 543 وكتاب المحبر ص249 وتاريخ المدينة ج2 ص537 والبداية والنهاية ج4 ص109 وعن العبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق1 ص306 وسبل الهدى والرشاد ج7 ص26 وشرح أصول الكافي ج9 ص365.
([84]) تاريخ الخميس ج2 ص61 ودلائل النبوة لأبي نعيم ص295 والبداية والنهاية ج4 ص270 والطبقات الكبرى لابن سعد (ط ليدن) ج1 ق2 ص16 والبحار ج20 ص391 وج21 ص45 وعمدة القاري ج2 ص28 وج18 ص58 وفتح الباري ج8 ص96 وعن تاريخ الأمم والملوك ج3 ص656 والسيرة الحلبية ج3 ص247 وتحفة الأحوذي ج6 ص447 والأخبار الطوال للدينوري ص110.
([85]) راجـع في ذلـك: مكـاتيب الرسول ج2 ص332 عن رسالات نبويـة ص94 = = وشذرات الذهب ج1 ص15 وعن السيرة الحلبية ج3 ص278 وعن السيرة النبوية لدحلان ج3 ص66 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج1 ص45 وعمدة القاري ج2 ص29 وج25 ص20 وتاريخ الخميس ج2 ص35 ومجموعة الوثائق السياسية ص195.
([86]) راجع: البحار ج45 ص396 و 397 وعن الأمالي للطوسي ص337 والعوالم ص726 وعن مناقب آل أبي طالب ج3 ص221 وراجع: الغدير ج3 ص41 وشجرة طوبى ج1 ص157 والمجدي في أنساب الطالبيين ص372 وعن العبر وديوان المبتدأ والخبر ج3 ص279.
([87]) راجع: الأعلام ج6 ص70.
([88]) تاريخ الخميس ج2 ص61 ومكاتيب الرسول ج1 ص205 وفي هامشه عن المصادر التالية: الطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص265 ومجموعـة الوثـائق = = السياسية ص127 وعن إمتاع الأسماع، وعن اليعقوبي ج2 ص67 والتراتيب الإدارية ج1 ص185 والمنتظم ج4 ص7 وأسد الغابة ج2 ص386 ترجمة شجاع بن وهب، وراجع: سير أعلام النبلاء ج3 ص532 وكتاب المحبر ص372 والنصائح الكافية ص204.
([89]) راجع: تاريخ الخميس ج2 ص61 والوافي بالوفيات ج11 ص53 وأشار في هامشه إلى: المحبر ص276 و 372 والمعارف ص256 والأغاني (ط دار الكتب العلمية) ج15 ص57 والإستيعاب ج1 ص121 ومعجم البلدان ج3 ص242 وسير أعلام النبلاء ج3 ص348 والعبر وديوان المبتدأ والخبر لابن خلدون ج2 ص74 والإصابة ج2 ص64 وطرفة الأصحاب ص21 والأعلام ج2 ص102 انتهى. والعقد الفريد (ط دار الكتب العلمية) ج2 ص56 ـ 62 وراجع ج11 ص19 (هامش).
([90]) تاريخ الخميس ج2 ص61.
([91]) النص والإجتهاد ص360 والوافي بالوفيات ج11 ص56 والعقد الفريد ج2 ص61 والأغاني (ط دار الكتب العلمية) ج15 ص162 و 163 والجامع لأحكام القرآن ج6 ص365 ومعجم البلدان ج3 ص314 وعن البداية والنهاية ج8 ص71 وحياة الإمام الحسين "عليه السلام" للقرشي ج1 ص289 وشرح النهج للمعتزلي ج1 ص183.
([92]) الأغاني (ط دار الكتب العلمية) ج15 ص159.
([93]) الأغاني (ط دار الكتب العلمية) ج15 ص159 و 160.
([94]) الأغاني (ط دار إحياء التراث العربي) ج15 ص162.
([95]) الوافي بالوفيات ج11 ص53 والعقد الفريد ج2 ص56 والأغاني (ط دار الكتب العلمية) ج15 ص158.
([96]) الأغاني (ط دار إحياء التراث العربي) ج15 ص158.
([97]) تاريخ الخلفاء ص133 الغدير ج6 ص157 والمصنف للصنعاني ج10 ص416 وكنز العمال ج12 ص668 وعمر بن الخطاب للبكري ص363.
([98]) تاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي ص183 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج12 ص73 وج18 ص233 والغدير ج6 ص157 وتاريخ المدينة ج2 ص690 وعمر بن الخطاب ص251وكنز العمال ج3 ص809.
([99]) البداية والنهاية (حوادث سنة 60) ج8 ص125 والإصابة ج3 ص434 والغدير ج6 ص158.
([100]) راجع: سنن الدارمي ج1 ص54 و 55 وتاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي ص17 والإتقان ج2 ص5 وشرح النهج للمعتزلي ج12 ص102 وتاريخ دمشق لابن عسـاكر ج3 ص411 ومختصر تاريخ دمشق ج11 ص46 وعن = = تفسير القرآن العظيم ج4 ص232 وكنز العمال ج2 ص331 وراجع ص334 عن الدارمي، ونصر المقدسي، واللالكائي، وابن عساكر، وابن الأنباري، والإصبهاني، والفتوحات الإسلامية ج2 ص445 والدر المنثور ج6 ص111 و 317 وعن فتح الباري ج8 ص211 وج13 ص272 وإحياء علوم الدين ج1 ص28 والصراط المستقيم ج3 ص15 وكتاب الأربعين للشيرازي ص542 وتحفة الأحوذي ج8 ص273.
([101]) الطبقات الكبرى ج3 ص285 وشرح النهج للمعتزلي ج12 ص27 ـ 30 وراجع ج3 ص53 و 59 ووضوء النبي ج1 ص38 وفقه السنة ج2 ص212 ولسان العرب ج15 ص294 وتاج العروس ج11 ص350 وعن كتاب سليم بن قيس ص230 والبحار ج31 ص21 و 23 ومناقب أهل البيت للشيرواني ص353 وعن النص والإجتهاد ص365 وتاريخ مدينة دمشق ج4 ص275 وج62 ص20 ـ 23 وعن أسد الغابة ج1 ص371 وج6 ص382 والأعلام ج8 ص22 وتاريخ المدينة ج2 ص763 وعن البداية والنهاية ج9 ص138 والكنى والألقاب ج1 ص258 وغريب الحديث ج2 ص223 والنهاية في غريب الحديث ج4 ص367.
([102]) شرح النهج للمعتزلي ج12 ص30 و31 والبحار ج31 ص24 ومناقب آل البيت للشيرواني.
([103]) راجع: النص والإجتهاد (ط سنة 1404 هـ) ص363 و 364.
([104]) راجع: مستدرك الحاكم ج3 ص449 وتلخيصه للذهبي بهامشه، والسنن الكبرى للبيهقي ج8 ص235 وشرح النهج للمعتزلي ج12 ص234 ـ 239 والبداية والنهاية ج7 ص81 والكامل في التاريخ ج2 ص159 وعمدة القاري ج6 ص340 وفتوح البلدان للبلاذري ص352 وعن تاريخ الأمم والملوك ج4 ص609 وعن الأغاني ج16 ص94 و 100 و 109 ووفيات الأعيان ج6 ص364 وكنز العمال ج5 ص423.
([105]) راجع: الإستيعاب (بهامش الإصابة) ج2 ص394 والرياض النضرة ج2 ص301 والإصابة ج3 ص72 وعن تاريخ الأمم والملوك (حوادث سنة 13) ج3 ص597، وإرشاد الساري ج9 ص439 وتاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي ص213 والعقد الفريد ج6 ص265 وتاريـخ بغـداد للخطيب ج5 = = ص455 عن الكامل في التاريخ (حوادث سنة 14) ج2 ص124.
([106]) راجع: كنز العمال ج15 ص732 والإصابة ج6 ص427 وشرح النهج للمعتزلي ج1 ص181 والبحار ج31 ص32 والغدير ج6 ص161 وأضواء على الصحيحين ص428 والمصنف للصنعاني ج3 ص557.
([107]) الطبقات الكبرى (ط ليدن) ج3 ق1 ص205 والإصابة ج1 ص261 عن الآمدي، وابن عساكر، وعن فتح الباري ج12 ص141 ولسان العرب ج4 ص18.
وذكروا: أنه ضربه مائة ونفاه إلى عمان لمجرد: أنه قرأ شعراً لبعض الناس يتهمه فيه بمغازلة النساء. وحتى لو صح ذلك عنه، فإن عقوبته ليس فيها النفي، ولا جلد مائة!!
([108]) النص والإجتهاد (ط سنة 1404 هـ ق) ص360 و 361 والموارد الثلاثة الأخيرة ذكرنا مصادرها، فراجع. وراجع: تاريخ المدينة ج2 ص762.
([109]) النص والإجتهاد (ط سنة 1404 هـ) ص360.
([110]) راجع: الوافي بالوفيات ج11 ص54 والعقد الفريد ج2 ص58 والأغاني (ط دار الكتب العلمية) ج15 ص160 و 161.
([111]) الأغاني (ط دار الكتب العلمية) ج17 ص212.
([112]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص147 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج1 ص183.
([113]) تاريخ الخميس ج1 ص62 والبحار ج21 ص45 وص47 و 48 وراجع: مكاتيب الرسول ج2 ص424 ـ 427 وعن البداية والنهاية ج4 ص311 وج5 ص324 و 350 وج7 ص86 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص515.
([114]) راجع: البحار ج21 ص45 والطبقات الكبرى لابن سعد ج8 ص212 والإصابة ج8 ص311 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص307.
([115]) مكاتيب الرسول ج2 ص449 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج1 ص576 وج2ص660 وتحفة الأحوذي ج8 ص78.
([116]) راجع: الكافي ج1 ص288 و 289 الحديث رقم 3 والوسائل ج3 ص349 وج6 ص334 وحلية الأبرار ج2 ص279 وكتاب الأربعين للماحوزي ص184 والتفسير الصافي ج2 ص44 والتفسير الأصفى ج1 ص281 ونور الثقلين ج1 ص643 وشرح أصول الكافي ج6 ص116 وتأويل الآيات ج1 ص153.
([117]) راجع: البحار ج18 ص416 و 418 و 419 وج21 ص19 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص170 وج9 ص502 وج10 ص497 وتفسير القمي ج1 ص86 و 179 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص222 ولكنه ذكر في ص209 أنها من هدايا المقوقس، والتفسير الصافي ج2 ص79 ونور الثقلين ج1 ص663 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص657 وإعلام الورى ج1 ص119 وقصص الأنبياء للراوندي ص322 والبرهان للبحراني ج1 ص494 ومكاتيب الرسول ج2 ص452 عن بعض من تقدم، وعن البداية والنهاية ج3 ص78 وعن الأموال ص34 وطبقات المحدثين بإصبهان ج2 ص277 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ق2 ص466.
([118]) راجع: الطبقات الكبرى ج1 ص457 ونيل الأوطار ج2 ص74 وفقه السنة ج3 ص480 ومسند أحمد ج3 ص229 و 251 وسنن أبي داود ج2 ص258 وعون المعبود ج11 ص64 ومسنـد أبي داود ص274 ومسنـد أبي يعلى ج7 ص60 والكامل لابن عدي ج5 ص198 وميزان الإعتدال ج3 ص128 وسبل الهدى والرشاد ج7 ص298 ولسان العرب ج10 ص343.
([119]) الإصابة ج1 ص109 وأسد الغابة ج1 ص99 والكافي ج2 ص121 والأمالي للمفيد ص238 والبحار ج69 ص124 ومكاتيب الرسول ج2 ص437 ـ 439 وعن فتح الباري ج7 ص146 وعن البداية والنهاية ج4 ص316 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص52.
([120]) راجع: مجمع الزوائد ج6 ص32.
([121]) راجع: الإصابة ج1 ص102 و 108 و 109 والأقول المتقدمة في مكاتيب الرسول (ط سنة 1419 هـ) ج2 ص438 عن المصادر التالية: الكامل ج2 ص293 وتأريخ الخميس ج2 ص30 والطبري أيضاً، وكذا في مرآة الجنان لليافعي في حوادث السنة التاسعة والبحار ج21 ص368 وابن خلدون ج2 ص826 وزاد المعاد ج3 ص60 وعن السيرة النبـويـة لدحـلان ج3 ص69 = = وعمدة القاري ج17 ص15 وفتح الباري ج7 ص146 والبداية والنهاية ج4 ص277 وعيون الأثر ج2 ص358 ومكاتيب الرسول ج2 ص438.
([122]) راجع: الخصال ج2 ص359 و 360 باب السبعة حديث رقم 47 وراجع: المناقب لابن شهرآشوب ج1 ص146 ومجمع البيان (ط سنة 1379 هـ) ج2 ص561 والكشاف (ط سنة 1406 هـ) ج1 ص459 والأقطاب الفقهية ص65 وتفسير مجمع البيان ج2 ص480 وعيون أخبار الرضا ج2 ص252 والوسائل (ط دار الإسلامية) ج2 ص796 والبحار ج18 ص418 وج75 ص346 ومسند الإمام الرضا ج2 ص417 و 490.
([123]) الآية 159 من سورة النساء.
([124]) راجع: مناقب آل أبي طالب ج1 ص146 ومجمع البيان ج2 ص561 والبحار = = ج18 ص130.
([125]) راجـع: السنن الكـبرى للبيهقي ج4 ص35 و 49 السنن الكـبرى للنسائي ج1 ص640 وصحيح البخاري ج2 ص72 و 88 و 91 وج4 ص246 وصحيح مسلم ج3 ص54 وتنقيح المقال ج1 ص150 ونيل الأوطار ج4 ص99 وتبيان الحقائق ج1 ص241 والبحر الرائق ج2 ص97 و 98 والهداية في شرح البداية ج1 ص92 والأصل ج1 هامش ص424 عن شرح المختصر للسرخسي ج2 ص63 وسنن النسائي ج4 ص70 و 72 وتلخيص الحبير ج5 ص165 وأحكام الجنائز ص111 وشرح مسلم ج7 ص23 وتحفة الأحوذي ج4 ص88 وعن الكامل ج6 ص123 وعلل الدارقطني ج9 ص359 والحدائق الناضرة ج10 ص404 وكتاب الأم ج7 ص198.
([126]) راجع: جواهر الكلام ج12 ص58، وراجع المصادر السابقة.
([127]) تهذيب الأحكام ج3 ص202.
([128]) إننا نكتفي بالإرجاع إلى كتاب: مكاتيب الرسول ج2 ص438 و 439 فقد قال: راجع: مسلم ج2 ص656 و 657 والبخاري ج2 ص109 و 111 و 112 وج5 ص64 و 65 والشفاء ج1 ص164 و 672 و 690 ومسند أحمد ج1 ص254 وج2 ص230 و 231 و 289 و 479 وج3 ص355 و 369 وج4 ص7 و 303 و 433 و 439 والسنن الكبرى للبيهقي ج4 ص49 و 50 وابن ماجة ج1 ص490 و 491 والنسائي ج4 ص72 وأبي داود ج3 ص212 وكشف الأستار ج1 ص392 والترمذي ج3 ص342 و 357 والمصنف لعبد الرزاق ج3 ص479 وابن أبي شيبة ج14 ص154 وج3 ص362 ومسند فاطمة للسيوطي ص112 والكامل لابن عدي ج1 ص256 وج2 ص843 وج3 ص1171 و 1259 وج4 ص1575 وج6 ص2083 و 2130 و 2135 و 2214 و 2271 وتأريخ يحيى ابن معين ج3 ص233 و 234 والمعجم الكبير للطبراني ج3 ص198 وج5 ص248 وج17 ص20 وج18 ص187 و 196 و 199 وج25 ص223 وج19 ص446 وج22 ص136 وإعلام السائلين ص5 والمناقب ج1 ص107 والبحار ج18 ص130 عن المناقب وص418 عن الخصال والعيون و ج21 ص368 عن المنتقى، والبداية والنهاية ج3 ص77 وج4 ص277 وتأريخ ابن خلدون ج2 ص826 والدر المنثور ج2 ص113 ( في تفسير قوله تعالى: ?وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ..? عن النسائي، والبزار، وابن المنذر، والطبراني، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وعبد بن حميد، وابن جرير). وراجع في تفسير الآية الشريفة أيضاً: القرطبي ج2 ص322 وابن كثير ج1 ص443 وروح المعـاني ج4 ص315 = = والمنار ج4 ص315 وروح البيان ج2 ص155 ومجمع البيان ج2 ص311 وأبي السعود ج2 ص136. وراجع: جامع أحاديث الشيعة ج3 ص280 عن التهذيب والإستبصار، وص282 عن الخصال والعيون، وتفسير الإمام العسكري، وفقه الراوندي، وأسد الغابة ج1ص99 والإصابة ج1 ص109 وفتح الباري ج3 ص150 و 152 و 163 وج7 ص146 وعمدة القاري ج8 ص18 و 115 و 120 و 122 و 132 وج17 ص15 ودحلان هامش الحلبية ج3 ص69 والحلبية ج3 ص180 وسيرة ابن إسحاق (المطبوعة) ص219 ودلائـل النبـوة لابن نعيم ص486 والمحلى ج5 ص139 والخصال ج1 ص360 وإعلام الورى ص56 والروض الأنف ج2 ص94 وأسد الغابة ج2 ص223 وج5 ص325 و 373 ومجمع الزوائد ج9 ص419 والمنتظم ج3 ص375 والمصباح المضيء ج2 ص34.
([129]) وقد رواه في البحر الزاخر ج3 ص118 عن العترة جميعاً، وراجع: نيل الأوطار ج4 ص99.
([130]) راجع: مستمسك العروة الوثقى (ط ثانية) ج4 ص234.
([131]) راجع: الوسائل (طبعة حجرية) ج1 ص144 فصاعداً، ومستدرك الوسائل، والكافي، وجامع أحاديث الشيعة، وغير ذلك من مجاميع الحديث والرواية.
([132]) راجع: نيل الأوطار ج4 ص99 وتبيان الحقائق ج1 ص241 والبحر الرائق ج2 ص97 و 98 والهداية في شرح البداية ج1 ص92 وهامش ص424 من كتاب الأصل ج1 عن شرح المختصر للسرخسي ج2 ص63 وناسخ الأحاديث ومنسوخه ص268.
([133]) راجع: في تضعيف ذلك: نصب الراية ج2 ص267 ـ 269 و (ط أخرى) ص317 ـ 320 ونيل الأوطار ج4 ص99 و 100 والسنن الكبرى للبيهقي ج4 ص37 وزاد المعاد لابن القيم ج1 ص141 و 142.
([134]) زاد المعاد ج1 ص141 و 142 ونصب الراية ج2 ص267 ـ 269.
([135]) راجع: شرح النووي على صحيح مسلم (هامش إرشاد الساري) ج4 ص485 وفتح الباري ج3 ص163 وعون المعبود (ط الهند) ج3 ص187 و 190 و (ط أخرى) ج8 ص342 والحدائق الناضرة ج10 ص404 عنه.
([136]) السنن الكبرى للبيهقي ج4 ص37 ونصب الراية ج2 ص318.
([137]) جامع بيان العلم ج2 ص104.
([138]) بداية المجتهد ج1 ص240.
([139]) شرح مسلم (بهامش القسطلاني) ج4 ص484 وعون المعبود ج3 ص190 ونيل الأوطار ج4 ج4 ص98.
([140]) فتح الباري ج3 ص162 وراجع: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج8 ص222.
([141]) عون المعبود ج3 ص190.
([142]) عون المعبود ج3 ص187.
([143]) هامش سنن النسائي ج4 ص72 و 73 وحاشية السندي على النسائي ج4 ص73 والمجموع للنووي ج5 ص231 وعن فتح الباري ج3 ص162.
([144]) صحيح الترمذي ج3 ص343 وأحكام الجنائز للألباني ص112 وسنن الترمذي ج2 ص244.
([145]) فتح الباري ج3 ص162 والإعتبار للحازمي ص122 ونيل الأوطار ج4 ص100 ومجمع الزوائد ج3 ص32 والمجموع للنووي ج5 ص131 والمعجم للطبراني ج9 ص320 و 321 والغدير ج6 ص247 وعون المعبود ج8 ص352.
([146]) الإعتبار للحازمي ص122.
([147]) راجع على سبيل المثال: تعليقات المحمودي على ترجمة الإمام علي "عليه السلام" من تاريخ ابن عساكر ج3 ص307 و 308.
([148]) صحيح مسلم (ط سنة 1334ه) ج3 ص56. وتيسير الوصول (ط الهند) ج1 ص345 وبداية المجتهد ج1 ص240 ونيل الأوطار ج4 ص98 ومنحـة المعبود في تهذيب مسند الطيالسي ج1 ص164 والترمذي ج3 ص343 وزاد المعاد ج1 ص141 والسنن الكبرى للبيهقي ج4 ص36 وسنن ابن ماجة ج1 ص482 ومسند أحمد ج4 ص372 و 367 و 368 وفتح الباري ج3 ص162 وعون المعبود (ط الهند) ج3 ص190 والرصف ج1 ص420 و 421 والإعتبار للحازمي ص122 وجواهر الأخبار والآثار (بهامش البحر الزخار) ج3 ص118 وسنن النسائي ج4 ص72 وشرح الموطأ للزرقاني ج2 ص253.
([149]) ترجمة الإمام علي "عليه السلام" من تاريخ دمشق (بتعليق المحمودي) ج3 هامش ص308 عن المحاملي في أماليه (مخطوط) ج3 الورق 28 والطرائف ص175 ومسند زيد بن أرقم في كتاب الجمع بين الصحيحين، وكفاية الطالب للكنجي الشافعي ص470، والضعفاء للعقيلي ج3 ص14 وميزان الإعتدال ج2 ص627 ولسان الميزان ج4 ص29 وعن مسند أحمد ج4 ص372 عن عبد العزيز بن حكيم. ووضوء النبي ج2 ص182 والغدير ج6 ص245 ومسند أحمد ج4 ص370 وشرح معاني الآثار ج1 ص494 والمعجم الأوسط ج2 ص228 عن عبد الأعلى. والمصنف لابن أبي شيبة ج3 ص187 وتاريخ الحديث ومنسوخة ص263 وسنن الدارقطني ج2 ص60 والتاريخ الكبير للبخاري ج1 ص424 عن أيوب بن النعمان.
([150]) جواهر الأخبار والآثار (بهامش البحر الزخار) ج3 ص118.
([151]) راجع هذه النصوص في: سنن الدارقطني ج2 ص75 و 73 وفي نسخة أخرى ص62 ومسند أحمد ج4 ص370 و 371 والإعتبار للحازمي ص122 ومنتخب مسند عبد بن حميد ص112 والمعجم الكبير للطبراني ج5 ص174 وشرح معاني الآثار لابن سلمة ج1 ص494 وتاريخ بغداد ج11 ص143.
([152]) الجامع الصحيح ج3 ص343.
([153]) مسند أحمد ج5 ص406 والإمام الصادق "عليه السلام" والمذاهب الأربعة المجلد = = الثالث ج5 ص241 عن أحمد، والغدير ج6 ص245 و 246 عن عمدة القاري ج4 ص129 عن معاني الآثار للطحاوي، وهو موجود كذلك في: سنن الدارقطني ج2 ص73 وفي (ط أخرى) ص60 وميزان الإعتدال ج4 ص389 وتاريخ بغداد ج11 ص142 وعون المعبود (ط الهند) ج3 ص190 وجواهر الأخبار والآثار (بهامش البحر الزخار) ج3 ص118 وناسخ الحديث ومنسوخة لعمر شاهين ص264 ونيل الأوطار ج4 ص100 و 101 ومجمع الزوائد ج3 ص34 عنه، وقال: يحيى الجابر فيه كلام.
([154]) نصب الراية ج2 ص268 ونيل الأوطار ج4 ص98 عن أبي عمر في الإستذكار، والقاضي عيّاض، وبداية المجتهد ج1 ص240 وعون المعبود (ط الهند) ج3 ص187 وشرح مسلم للنووي (هامش القسطلاني) ج4 ص484 وعن فتح الباري ج7 ص245 وراجع: وضوء النبي ج1 ص310 والنص والإجتهاد ص257.
([155]) مجمع الزوائد ج3 ص38 و 35 وراجع: المعجم الأوسط للطبراني ج9 ص64 ولسان الميزان ج4 ص181 والمعجم الكبير ج17 ص20 والكامل لابن عدي ج1 ص258 والأحكام ج1 ص159 عن يحيى بن الحسين.
([156]) سنن ابن ماجة ج1 ص483.
([157]) طبقات ابن سعد ( ط ليدن) ج3 ص9 و (ط دار صادر) ج3 ص16.
([158]) مجمع الزوائد ج3 ص34 و 35 والمعجم الأوسط ج4 ص217 وشرح مسند أبي حنيفة ص131.
([159]) نصب الراية ج2 ص269 عن أبي نعيم في تاريخ إصبهان ومجمع الزوائد ج3 ص35 والإعتبار للحازمي ص125 ومجمع الزوائد ج3 ص35 والمعجم الكبير ج11 ص129 وكتاب المجروحين ج3 ص59 والكامل لابن عدي ج7 ص49 ولسان الميزان ج6 ص146.
([160]) المجروحون ج3 ص59 وتحفة الأحوذي ج4 ص88 ولكن في ميزان الإعتدال ج4 ص243 ولسان الميزان ج6 ص146 سبع تكبيرات في الموضعين فراجع.
([161]) منتخب كنز العمال (هامش مسند أحمد) ج1 ص221 و 222 وعن كنز العمال ج3 ص753 وجامع الأحاديث والمراسيل ج18 ص253.
([162]) نهج الحق للعلامة ص453، ونقله المعلق عليه عن تعليقـة صحيح مسلم ج2 = = ص378 ومنتخب كنز العمال ج6 ص252 عن أبي وائل، والطرائف ص551 وإحقاق الحق (الأصل) ص393 وراجع: غـوالي الـلآلي ج1 ص207 وعن سنن ابن ماجة كتاب الجنائز (25) باب ما جاء فيمن كبر خمساً حديث (1406)، والبحار ج21 ص39.
([163]) الإصابة ج2 ص22 ومعارف ابن قتيبة ترجمة أبي يوسف القاضي ص218 والغدير ج6 ص245.
([164]) سنن الدارقطني ج2 ص73.
([165]) تقدم مصادر هذا الحديث قبل بضع صفحات، فراجع.
([166]) عون المعبود (ط الهند) ج1 ص178.
([167]) المجموع للنووي ج5 ص230.
([168]) الإعتبار للحازمي ص122 ونيل الأوطار ج4 ص99 وفلك النجاة ص355.
([169]) عون المعبود (ط الهند) ج3 ص187 و 190 ونيل الأوطار ج4 ص98 وفتح الباري ج3 ص62 والإمام الصادق والمذاهب الأربعة ج5 ص241 وراجع: الإعتبار للحازمي ص122 وتحفة الأحوذي ج4 ص89.
([170]) شرح الموطأ للزرقاني ج2 ص253، وليراجع: جواهر الأخبار والآثار (بهامش البحر الزخار) ج3 ص118 ونيل الأوطار ج4 ص100.
([171]) المصنف للصنعاني ج3 هامش ص481 عن مصنف ابن أبي شيبة ج4 ص114.
([172]) المصنف للصنعاني ج3 ص481، وهامش نفس الصفحة منه عن ابن أبي شيبة.
([173]) نيل الأوطار ج4 ص98 وعون المعبود (ط الهند) ج3 ص187و 190 و (ط دار الكتب العلمية) ج8 ص342 و 349 والمجموع ج5 ص231 وتلخيص الحبير ج5 ص168 وأحكام الجنائز للألباني ص113 والغدير ج6 ص246 وشرح مسلم للنووي ج7 ص23 وعن فتح الباري ج3 ص162 وتحفة الأحوذي ج4 ص89 وعن المصنف لابن أبي شيبة ج3 ص187 وسنن الدارقطني ج2 ص60 وشرح معاني الآثار ج1 ص497 ونصب الراية ج2 ص321 وكنز العمال ج10 ص399 وسير أعلام النبلاء ج2 ص329.
([174]) السنن الكبرى للبيهقي ج4 ص37 وسنن الدارقطني ج2 ص73 وفتح الباري ج2 ص162 عن ابن المنذر، وشرح مسلم للنووي (هامش القسطلاني) ج4 ص284 و 285 وزاد المعاد ج1 ص141 وعون المعبود ج3 ص190 وج1 = = ص187 ونيل الأوطـار ج4 ص98 عن الـدارقطني، والطحاوي، وابن أبي شيبة، وجواهر الأخبار والآثار (بهامش البحر الزخار) ج3 ص118، وقال: حكاه في الإنتصار، ونصب الراية ج2 ص270 عن ابن أبي شيبة ج3 ص115 وعن الدارقطني والطحاوي ص287.
([175]) الطبقات الكبرى لابن سعد (ط ليدن) ج3 ق2 ص40 و 41 وراجع ج6 ص8 والإصابة ج2 ص87 وهامش كتاب الأمم ج1 ص251 ونيل الأوطار ج4 ص101 وراجع: البدء والتاريخ ج5 ص119 وأسد الغابة ج2 ص365 وفتح الباري ج7 ص245 عن أبي نعيم في المستخرج، والبخاري في تاريخه، والإسماعيلي، والبغوي، والبرقاني، وسعيد بن منصور، وكتاب الأم للشافعي ج7 ص178.
([176]) هامش كتاب الأصل ج1 ص424 عن شرح المختصر للسرخسي ج2 ص63 = = والمبسوط للسرخسي ج2 ص63.
([177]) الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص131 وجواهر الأخبار والآثار (بهامش البحر الزخار) ج3 ص118 ومستدرك الوسائل ج2 ص256 و 259 عن المناقب والبحار ج78 ص390 و 378 وراجع: الوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج3 ص79 وكشف الغمة للأربلي ج2 ص125.
([178]) مقاتل الطالبيين لأبي الفرج ص41 وجواهر الأخبار والآثار (بهامش البحر الزخار) ج3 ص118 وكفاية الطالب للكنجي الشافعي ص469 والأخبار الطوال ص216 وتيسير المطالب في أماني الإمام أبي طالب ص85 وشرح النهج للمعتزلي ج6 ص122، وراجع: تذكرة الخواص ص178، ويظهر من بعض النسخ أنه هو مختار سبط ابن الجوزي، ووضوء النبي ج1 ص310 والغارات ج2 ص882 والبحار ج42 ص338 ونهج السعادة ج8 ص498.
([179]) الطبقات الكبرى لابن سعد (ط ليدن) ج1 ق1 ص15 وذكره في السيرة الحلبية ج1 ص346 عن العرائس بدون ذكر مقدار الصلاة والتفصيل.
([180]) نيل الأوطار ج4 ص99 والإمام الصادق والمذاهب الأربعة ج5 ص241.
([181]) جواهر الأخبار والآثار (بهامش البحر الزخار) ج3 ص118.
([182]) راجع: نيل الأوطار ج4 ص99 والإمام الصادق والمذاهب الأربعة ج5 ص241.
([183]) راجع: الإعتبار للحازمي ص122 ونيل الأوطار ج4 ص99.
([184]) جواهر الأخبار والآثار (بهامش البحرالزخار) ج3 ص118 وراجع: نيل الأوطار ج4 ص99 والإمام الصادق والمذاهب الأربعة ج5 ص241.
([185]) السنن الكبرى للبيهقي ج4 ص37 وزاد المعاد ج1 ص142 وراجع: الإعتبار للحازمي ص122 والغدير ج6 ص247.
([186]) المصنف للصنعاني ج3 ص481 و 482 وقال المعلق على نفس الصفحة: إن ابن أبي شيبة أخرجه بسند آخر في مصنفه ج4 ص115 والمحلى ج5 ص126.
([187]) راجع: كنز العمال ج7 ص184 وفلك النجاة ص358 وجامع الأحاديث والمراسيل ج18 ص253.
([188]) فتح الباري ج3 ص163 ونيل الأوطار ج4 ص99 كلاهما عن المبسوط للسرخسي.
([189]) بداية المجتهد ج1 ص240.
([190]) راجع: شرح المختصر للزرقاني ج2 ص253 ونيل الأوطار ج4 ص99 وهامش كتاب الأصل للشيباني (ط الهند) ج1 ص424 عن شرح المختصر للسرخسي ج2 ص3 وفتح الباري ج3 ص163 وج7 ص245 وبداية المجتهد ج1 ص240 وعون المعبود (ط الهند) ج3 ص187 والناصريات ص269 ووضوء النبي ج1 ص310 وج2 ص182 والبحار ج31 ص39 والنص والإجتهاد ص256 ومسند أبي داود ص93 ومسند ابن أبي الجعد ص27 وعن المصنف لابن أبي شيبة ج3 ص186 والسنن الكبرى للبيهقي ج4 ص36 والمنتقى من السنن المسندة ص139 وعن صحيح ابن حبان ج7 ص338 والمعجم الأوسط ج2 ص228 والمعجم الكبير ج5 ص168 وفيض القدير ج5 ص115 وسبل الهدى والرشاد ج8 ص267.
([191]) راجع: نسب قريش ص304 متناً وهامشاً، ورواه الخطيب أيضاً في تاريخ بغداد ج14 ص41 عن الزبير بن بكار وغيره، وفيه: أن المنصور قال: "صلينا على هذا برأيه، وعلى هذا برأيه". وراجع: وضوء النبي ج1 ص272 وتاريخ بغداد ج14 ص41 وتهذيب الكمال ج20 ص241.
([192]) راجع: أخبار السيد الحميري ص46 و 49 وقاموس الرجال ج2 ص69 والغدير ج2 ص372 والسلسلة العلوية لأبي نصر البخاري هامش ص83.
([193]) مقاتل الطالبيين ص335 ووضوء النبي ج1 ص309.
([194]) طبقات المعتزلة ص48.
([195]) فتح الباري ج3 ص162 والسنن الكبرى للبيهقي ج4 ص37 وعون المعبود (ط الهند) ج3 ص187 عنه وعن ابن عبد البر، ونيل الأوطار ج4 ص99 عنهما أيضاً.
([196]) زاد المعاد ج1 ص141 و 142.
([197]) نيل الأوطار ج4 ص101 وعون المعبود (ط الهند) ج3 ص190 عن سعيد بن منصور في سننه، وعن المنتقى لابن تيمية، وتلخيص الحبير ج5 ص166 والمغني لابن قدامة ج2 ص293 وعن زاد المعاد ج1 ص422.
([198]) زاد المعاد ج1 ص141 والغدير ج6 ص246.
([199]) راجع: المصنف للصنعاني ج3 ص481 وهامش نفس الصفحة عن ابن أبي شيبة في مصنفه ج4 ص114 عن ابن مسعود.
([200]) راجع: زاد المعاد ج1 ص141 ونيل الأوطار ج4 ص99.
([201]) الأوائل للعسكري ج1 ص240 وروضة المناظر لابن شحنة (بهامش الكامل) ج11 ص122 وتاريخ القرماني (بهامش الكامل أيضاً) ج1 ص203 وراجع: الغدير ج6 ص245 وتاريخ الخلفاء ص137 والإستغاثة ج1 ص35 وحياة الخليفة عمر بن الخطاب للبكري ص143 والنص والإجتهاد ص252 و 253 عن تاريخ الخلفاء للسيوطي، وعن الكامل في التاريخ ج3 ص31 والكنى والألقاب للقمي ج3 ص47 عن أبي هلال العسكري، وابن شحنة، والسيوطي.
([202]) نصب الراية ج2 ص268 عن الآثار لمحمد بن الحسن ص40 والغدير ج6 ص244 و 245 عن عمدة القاري ج4 ص129 عن الطحاوي.
([203]) السنن الكبرى للبيهقي ج4 ص37 وإرشاد الساري ج2 ص231 وفتح الباري ج3 ص162 وعون المعبود (ط الهند) ج3 ص187 وشرح الموطأ للزرقاني ج2 ص253 ونيل الأوطار ج4 ص99 والمصنف للصنعاني ج3 ص479 و 480 وفي هـامش ص480 عن المصـنـف لابن شيبـة ج4 ص115 والغـدير ج6 = = ص244 عن المحلى لابن حزم، والإمام الصادق "عليه السلام" والمذاهب الأربعة ج5 ص241 عن معاني الآثار للطحاوي ج1 ص288 وتلخيص الحبير ج5 ص168 وكنز العمال ج15 ص710 ووضوء النبي "صلى الله عليه وآله" ج2 ص181 عن فتح الباري، وسبل السلام ج2 ص103 وتحفة الأحوذي ج4 ص89.
([204]) جامع بيان العلم ج2 ص104.
([205]) الأوائل لأبي هلال العسكري ج1 ص240 و 241 وراجع: هامش كتاب الأصل ج1 ص424 عن السرخسي في شرح المختصر ج2 ص63 وما ذكره المحمودي هامش أنساب الأشراف ج2 ص496 وراجع: تاريخ المدينة ج2 ص736.
([206]) راجع: الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ج5 ص241 و 242.
([207]) راجع: النص والإجتهاد لشرف الدين، والغدير للأميني، ودلائل الصدق للمظفر.
([208]) تهذيب الأحكام ج3 ص189 والكافي ج3 ص181 والوسائل (ط قديم) ج1 ص145 وتفسير نور الثقلين ج2 ص249 و 250 وراجع: منتهى المطلب (ط قديم) ج1 ص452 والذكرى ص59 ومجمع الفائدة ج2 ص433 وعن علل الشرائع ج1 ص303 والبحار ج75 ص339 والتفسير الصافي ج2 ص365.
([209]) الوسائل (ط قديم) ج1 ص145 وتفسير نور الثقلين ج2 ص249 و 250 وراجع: منتهى المطلب (ط قديم) ج1 ص452 وتهذيب الأحكام ج3 ص317 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج3 ص65 ومسند الإمام الرضا ج2 ص418 عن التهذيب، والإستبصار، وذخيرة المعاد ج2 ص330 ومستند الشيعة ج6 ص300 ومصباح الفقيه ج2 ق2 ص500.
([210]) تفسير نور الثقلين ج2 ص250 والكافي ج3 ص181 وعن علل الشرائع ج1 ص304 والإستبصار ج1 ص475 والبحار ج22 ص135 وج75 ص343 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج3 ص72 وتهذيب الأحكام ج3 ص197 و 317 ومنهى المطلب (ط قديم) ج1 ص452 والذكرى ص58 وروض الجنان ص308 ومجمع الفائدة ج2 ص432 ومدارك الأحكام ج4 ص165 وذخيرة المعاد ج2 ص330 وكشف اللثام (ط جديد) ج2 ص343 ورياض المسائل (ط جديد) ج4 ص157 وغنائم الأيام ج3 ص472 والتفسير الصافي ج2 ص365 وإختيار معرفة الرجال ج1 ص167 ومنتقى الجمان ج1 ص270 و 274.
([211]) راجع: مقالاً بعنوان: "الصلاة على عبد الله بن أبي بن سلول" للأخ الكريم الفاضل السيد مرتضى مرتضى دام توفيقه. نشرته مجلة الهادي العدد 3 سنة 6 ص80 و 81.
([212]) السيرة الحلبية ج3 ص62 عن الأنس الجليل.
([213]) المغازي للواقدي ج2 ص731 والسيرة الحلبية ج3 ص62 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص195 والبحار ج21 ص46 وتاريخ الخميس ج2 ص62 وعن فتح الباري ج7 ص383 وعمدة القاري ج17 ص262 والطبقات الكبرى ج2 ص120 وعن تاريخ مدينة دمشق ج59 ص67 وعن عيون الأثر ج2 ص158.
([214]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص189 وراجع: الجامع لأحكام القرآن ج2 ص362 وتفسير السمرقندي ج1 ص129.
([215]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص190 والمغازي للواقدي ج2 ص733 والطبقات الكبرى ج2 ص121 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص143 وعن السيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص779 والكافي ج4 ص435 والبحار ج21 ص46 وتأويل مختلف الحديث ص134 وعن تفسير القرآن العظيم ج4 ص216 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص109 والبداية والنهاية ج4 ص262 وعن عيون الأثر ج2 ص158 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص435 ومرقاة المفاتيح للملا علي القاري ج5 ص518 وج7 ص646، وراجع: نور اليقين للخنيزي، في إسلام خالد ورفيقيه.
([216]) عن الكامل في التاريخ ج2 ص154 والثقات لابن حبان ج2 ص26.
([217]) المغازي للواقدي ج2 ص732 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص189 و 190 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص320 والبداية والنهاية ج4 ص230 والطبقات الكبرى ج2 ص314 والبداية والنهاية ج4 ص262 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص435.
([218]) السيرة الحلبية ج3 ص62 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص190 والمغازي للواقدي ج2 ص733.
([219]) السيرة الحلبية ج3 ص62 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص190 والبداية والنهاية ج4 ص263 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص435.
([220]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص190 و 191 والسيرة الحلبية ج3 ص62 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص92 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص321 والمغازي للواقدي ج2 ص734 والبداية والنهاية ج4 ص263 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص436.
([221]) راجع: النصوص المتقدمة في: السيرة الحلبية ج3 ص62 والمغازي للواقدي ج2 ص731 ـ 734 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص189 ـ 191 وتاريخ الخميس ج2 ص62 وعن عيون الأثر ج2 ص158 وراجع: العبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص40.
([222]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص191 والمبسوط للسرخسي ج1 ص236 وصحيح ابن خزيمة ج4 ص242.
([223]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص194 وتاريخ الخميس ج2 ص63 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص779.
([224]) السيرة الحلبية ج3 ص62 والمغازي للواقدي ج2 ص735 وتاريخ الخميس ج2 ص62 والطبقات الكبرى ج3 ص542 وفي ج2 ص121 مائة رجل.
([225]) المغازي للواقدي ج2 ص735 و 736 وتاريخ الخميس ج2 ص62 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص191 و 192 وفي هامشه عن: البخاري ج7 ص570 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص343 وعن فتح الباري ج7 ص572 = = والسيرة الحلبية ج3 ص64 والطبقات الكبرى ج2 ص122 وراجع: سنن الترمذي ج4 ص217 وسنن النسائي ج5 ص203 والشمائل المحمدية ص203 وعن السنن الكبرى للنسائي ج2 ص383 وكنز العمال ج3 ص581 والجامع لأحكام القرآن ج13 ص151 وعن تاريخ مدينة دمشق ج28 ص99 وسير أعلام النبلاء ج1 ص235.
([226]) راجع المصادر السابقة.
([227]) المغازي للواقدي ج2 ص736 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص193 و 194.
([228]) المغازي للواقدي ج2 ص737 وعن الإصابة ج2 ص231 وسبل الهدى والرشاد ج7 ص350.
([229]) السيرة الحلبية ج3 ص62 و 63 وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص63 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص192 والتمهيد لابن عبد البر ج2 ص71 والمعجم الكبير ج11 ص386 والبداية والنهاية ج4 ص227 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص326 ومعاني الآثار ج2 ص179 ومسند أحمد ج1 ص373 وسنن أبي داود حديث رقم 1885 وعن صحيح مسلم ج2 ص923 وعن صحيح البخاري ج7 ص581 وراجع: البحار ج84 هامش ص276 عن ابن إسحاق، وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص827 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص439.
([230]) السيرة الحلبية ج3 ص63 والمغازي للواقدي ج2 ص739 و 740 والبداية والنهاية ج4 ص261 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص433 وعن فتح الباري ج7 ص387 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص194 وعن زاد المعاد ج1 ص1124.
([231]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص192 وفي هامشه عن: البخاري ج7 ص581 وعن البيهقي في الدلائل ج4 ص328 وعن فتح الباري ج7 ص391 وعن تفسير القرآن العظيم ج4 ص217 والبداية والنهاية ج4 ص259 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص430 وعمدة القاري ج17 ص262.
([232]) الطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص 92 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص189 عنه وعن الواقدي، وتاريخ خليفة بن خياط ص60 والمسترشد هامش ص131 عن مغازي الواقدي جلد 1 ص7.
([233]) الطبقات الكبرى لابن سعد ج4 ص244.
([234]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص189 وتاريخ الخميس ج2 ص62 عن القاموس، ومكاتيب الرسول ج1 ص37 وعن الإصابة ج4 ص619 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص827 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص429.
([235]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص189 عن البلاذري والبحار ج21 هامش ص46 عن ابن هشام، وسبل الهدى والرشاد ج5 ص189 ومرقاة المفاتيح ج7 ص646 وعن السيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص779 وراجع: نور اليقين، في إسلام خالد ورفيقيه.
([236]) السيرة الحلبية ج3 ص65 عن إمتاع الأسماع، والطبقات الكبرى ج4 ص139 (معمر).
([237]) الآية 195 من سورة البقرة. وراجع: المغازي للواقدي ج2 ص732 والجامع لأحكام القرآن ج3 ص362 ومفاتيح الغيب للرازي ج5 ص293 وزاد المسير ج1 ص187.
([238]) الدر المنثور ج1 ص17 عن أبي داود في الناسخ والمنسوخ، وتفسير الميزان ج1 ص52 وشواهد التنزيل ج2 ص411 وعن تفسير القرآن العظيم لابن كثير ج1 ص8 وعن فتح القدير ج1 ص525 وتهذيب الكمال ج3 ص332.
([239]) راجع: حقائق هامة حول القرآن ص142.
([240]) الآية 59 من سورة النساء.
([241]) الوسائل (ط دار الإسلامية) ج8 ص224 و 225 عن علل الشرائع ص149 و (ط أخـرى) ج2 ص433 وراجع: كشف اللثام (ط جديد) ج5 ص211 ورياض = = المسائل (ط قديم) ج1 ص359 و (ط جديد) ج6 ص185 وجواهر الكلام ج18 ص108 ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص200 وعن مناقب آل أبي طالب ج3 ص390 والبحار ج18 ص370 وج93 ص128 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص194.
([242]) الوسائل (ط دار الإسلامية) ج8 ص229 عن تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي، ومجمع الفائدة ج6 ص183 ومدارك الأحكام ج7 ص219 ومستند الشيعة ج11 ص181 وجواهر الكلام ج18 ص111 ومستسك العروة ج11 ص253 وجامع المدارك ج2 ص363.
([243]) الوسائل (ط دار الإسلامية) ج8 ص232 عن معاني الأخبار ص108 والحدائق الناضرة ج14 ص449 ومعاني الأخبار ص382 والبحار ج93 ص129.
([244]) الوسائل (ط دار الإسلامية) ج8 ص234 وفي هامشه عن: من لا يحضره الفقيه ج1 ص108 وعن تهذيب الأحكام ج5 ص17 وراجع: منتهى المطلب (ط قديم) ج2 ص667 ومجمع الفائدة ج6 ص185 وذخيرة المعاد ج3 ص576 والحدائق الناضرة ج14 ص448 ومستند الشيعة ج11 ص175 والأصول الستة عشر ص24 ومن لا يحضره الفقيه (ط مؤسسة النشر الإسلامي) ج2 ص306.
([245]) الوسائل (ط دار الإسلامية) ج8 ص234 و 242 وفي هامشه عن: الكافي (الفروع) ج1 ص254 وعن التهذيب ج1 ص463 وعن من لا يحضره الفقيه ج1 ص108 وراجع: مجمع الفائدة ج6 ص185 وذخيرة المعاد ج3 ص576 والحدائق الناضرة ج14 ص448 والكافي (ط مطبعة الحيدري) ج4 ص322.
([246]) نهج البلاغة (بشرح عبده) ج3 ص57 وراجع: تحف العقول ص87 وعيون الحكم والمواعظ ص85 والبحار ج68 ص143 و ج71 ص216 و 233 ومستدرك سفينة البحار ج3 ص43 ونهج السعادة ج4 ص333 وموسوعة الإمام الجواد ج2 ص577 وشرح النهج للمعتزلي ج16 ص122 ونظم درر السمطين ص169 وكنز العمال ج16 ص183.
([247]) المغازي للواقدي ج2 ص634 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص115 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص726.
([248]) الآيتان 18 و 19 من سورة الفتح.
([249]) المغازي للواقدي ج2 ص733 وراجع: السيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص779 والبحار ج21 ص46 ومرقاة الجنان ج7 ص646 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص310 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص121 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص190.
([250]) المغازي للواقدي ج2 ص733 وراجع: السيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص779 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص190 عن الواقدي.
([251]) مسند أحمد ج1 ص205 ومجمع الزوائد ج3 ص288 والبداية والنهاية ج4 ص231 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص191 وج9 ص485 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص217 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص437.
([252]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص192 وعن مسند أحمد ج3 ص502 ومجمع الزوائد ج3 ص607 وراجع: المجموع ج8 ص41 وتلخيص الحبير ج7 ص325 ومغني المحتـاج ج1 ص490 وإعانـة الطالبـين ج2 ص338 والمغني لابن قدامـة ج3 ص387 وفقه السنة ج1 ص702 عن مسند أحمد ج1 ص295 وعن صحيح مسلم ج4 ص65 وعن سنن أبي داود ج1 ص421 والسنن الكبرى للبيهقي ج5 ص82 وتحفة الأحوذي ج3 ص504 ونصب الراية ج3 ص124 وعن تفسير القرآن العظيم ج4 ص217.
([253]) السيرة الحلبية ج3 ص63 وتاريخ الخميس ج2 ص63 وعن أسد الغابة ج1 ص22.
([254]) الوسائل (ط دار الإسلامية) ج9 ص429 وراجع: الحـدائـق الناضـرة ج16 ص128 = = ورياض المسائل (ط جديد) ج7 ص41 وجواهر الكلام ج19 ص351 ومستدرك الوسائل ج9 ص394 والبحار ج93 ص353 وراجع صحيح ابن حبان ج9 ص151.
([255]) الوسائل (ط دار الإسلامية) ج9 ص428 و 429 وفي هامشه: من لا يحضره الفقيه ج1 ص135، وعن فقه الرضا ص23 وراجع: علل الشرائع ج2 ص412 و 413 وعن الكافي (الفروع) ج1 ص279 وعن تهذيب الأحكام ج1 ص477 وراجع: الحدائق الناضرة ج16 ص128 ورياض المسائل (ط جديد) ج7 ص41 وجواهر الكلام ج19 ص351 ومستدرك الوسائل ج9 ص394 والبحار ج93 ص353.
([256]) راجع: مادة ضبع في كتب اللغة، مثل أقرب الموارد ج1 ص676 وكتاب العين ج1 ص284 ولسان العرب ج8 ص216.
([257]) المغازي للواقدي ج2 ص732 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص190 ودلائل النبوة ج4 ص320، والبداية والنهاية ج4 ص230 والطبقات الكبرى لابن سعد ج4 ص314 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص435.
([258]) المغازي للواقدي ج2 ص733، وسبل الهدى والرشاد ج5 ص190 والطبقات الكبرى لابن سعد ج4 ص244.
([259]) راجع: السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص828 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص196 والبداية والنهاية ج4 ص260 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص431.
([260]) السيرة الحلبية ج3 ص64.
([261]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص197 وراجع: تحفة الأحوذي ج8 ص112 وعن فتح الباري ج8 ص284.
([262]) المغازي للواقدي ج2 ص736.
([263]) شرح النهج للمعتزلي ج17 ص284 والدرجات الرفيعة ص365 وراجع: الوفا بتعريف فضائل المصطفى.
([264]) المغازي للواقدي ج2 ص737 و 738 والبحار ج21 ص46 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص193 وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص63 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص328 والسيرة الحلبية ج3 ص65 وعن البداية والنهاية ج4 ص264 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص438 و 439.
([265]) السيرة الحلبية ج3 ص65، وحول أذان بلال يوم الفتح راجع: المصنف لابن أبي شيبة ج1 ص253 وج8 ص539 وكنز العمال ج10 ص516 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص248 والمصنف للصنعاني ج10 ص393 وعن تاريخ مدينىة دمشق ج10 ص466 وسير أعلام النبلاء ج1 ص356 وعن البداية والنهاية ج4 ص348 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص575 وجامع الأحاديث والمراسيل ج19 ص147.
([266]) المغازي ج2 ص738 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص193 والسيرة الحلبية ج3 ص65.
([267]) مستند الشيعة ج13 ص84 ومستدرك الوسائل ج9 ص360 والبحار ج93 ص357 ونيل الأوطار ج2 ص147 والمعجم الصغير ج1 ص77 و 78 وعن تفسير القرآن العظيم ج2 ص75 وسير أعلام النبلاء ج23 ص155 وعن البداية والنهاية ج4 ص347 وعن السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص575 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص871 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص271 وشرح مسلم للنووي ج9 ص84 والديباج على مسلم ج3 ص73.
([268]) تلخيص الحبير ج3 ص222 وشرح مسند أبي حنيفة ص78.
([269]) الآية 13 من سورة الحجرات.
([270]) راجع: مسند أحمد ج5 ص411 وكنز العمال ج3 ص699 وفتح الباري ج6 ص382 ومسند ابن المبارك ص147 والمعجم الأوسط ج5 ص86 والعهود المحمدية ص873 ووضوء النبي ج1 ص222 والمبسوط للسرخسي ج5 ص23 ونيل الأوطار ج5 ص164 والغدير ج6 ص188 ومكاتيب الرسول ج2 ص412 وتفسير الميزان ج14 ص334 وأحكام القرآن للجصاص ج1 ص382 وج3 ص543 والجامع لأحكام القرآن ج16 ص342 وسبل الهدى والرشاد ج8 ص482.
([271]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص194 وراجع: البحار ج20 هامش ص372 وج21 ص46 عن ابن هشام ج3 ص246 والمعجم الكبير ج11 ص139 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص210 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص828 و 829 والثقات لابن حبان ج2 ص270.
([272]) المغازي للواقدي ج2 ص739 ـ 741 بتلخيص، والسيرة الحلبية ج3 ص65 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص194 وراجع: دلائل النبوة للبيهقي ج4 ص330 وانظر = = السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص321 والسيرة الحلبية ج3 ص63 و 64 وتاريخ الخميس ج2 ص63 والطبقات الكبرى ج2 ص122 وعن البداية والنهاية ج4 ص261 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص433.
([273]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص194 وتاريخ الخميس ج2 ص63 و 64 والطبقات الكبرى ج2 ص122 وعن البداية والنهاية ج4 ص261 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص433 والبحار ج21 ص46.
([274]) راجع: المغازي للواقدي ج2 ص738 وتاريخ الخميس ج2 ص63 المحلى ج9 ص458 والبحار ج20 ص337 وعن مسند أحمد ج1 ص271 وسنن النسائي ج6 ص88 ومستدرك الحاكم ج4 ص221 ومجمع الزوائد ج4 ص287 وعن فتح الباري ج7 ص392 وج9 ص135 وعن السنن الكبرى للنسائي ص285 و 289 وج11 ص309 وسنن الدارقطني ج3 ص183 وإرواء الغليل ج6 ص253 وتفسير مجمع البيان ج9 ص211. =
= وراجع: الطبقات الكبرى لابن سعد ج8 ص132 و 133 وسير أعلام النبلاء ج2 ص239 وعن البداية والنهاية ج4 ص261 و 265 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص828 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص433 و 439 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص208.
([275]) السيرة الحلبية ج3 ص63 وعن البداية والنهاية ج4 ص265 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص828 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص439.
([276]) راجع: المغازي ج2 ص740 و 741 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص134 والسيرة الحلبية ج3 ص63 وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص63 عن الإكتفاء وجامع الخلاف والوفاق ص87 ووضوء النبي ج2 ص122 والبحار ج21 ص46 وج22 ص203 وعن مسند أحمد ج1 ص359 وعن السنن الكبرى للنسائي ج3 ص288 ونيل الأوطار ج5 ص81 ومسند ابن راهويه ج4 ص24 والمعجم الأوسط ج4 ص289 وج7 ص103 والمعجم الكبير ج11 ص252 ونصب الراية ج3 ص325 وتاريخ خليفة بن خياط ص52 وعن تاريخ مدينة دمشق ج3 ص174 وسير أعلام النبلاء ج2 ص239 وإعلام الورى ج1 ص278 وعن عيون الأثر ج2 ص158.
([277]) المغازي للواقدي ج2 ص739 و 740 والسيرة الحلبية ج3 ص63 و 64 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص134 وج11 ص208 وتاريخ الخميس ج2 ص63 والمعجم الكبير ج11 ص139 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص310 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص829 والمستدرك للحاكم ج4 ص32 وشرح المعاني والآثار ج2 ص268 وحياة الصحابة (باب10) باب أخلاق الصحابة وشمائلهم.
([278]) السيرة الحلبية ج3 ص63 وعن فتح الباري ج9 ص136 وتاريخ بغداد ج14 ص357 وعن عيون الأثر ج2 ص158.
([279]) السيرة الحلبية ج3 ص63 وتاريخ الخميس ج2 ص63 والمغازي للواقدي ج2 ص738 والطبقات الكبرى لابن سعد ج8 ص135 وتاريخ مدينة دمشق ج41 = = ص111 وتهذيب الكمال ج20 ص280 وسير أعلام النبلاء ج5 ص23 وعن الإصابة ج8 ص323 ووضوء النبي ج2 ص119 وزاد المعاد ج1 ص75.
([280]) السيرة الحلبية ج3 ص63 عن البخاري، ومسلم، والدارقطني، وتاريخ الخميس ج2 ص63 والمغازي للواقدي ج2 ص738 وعن مسند أحمد ج1 ص254 و 405 و 439 و 471 و 552 والمجموع ج7 ص289 والبحار ج16 ص394 وإختلاف الحديث ص530 وعن فتح الباري ج9 ص126 والديباج على مسلم ج4 ص21 وصحيح ابن حبان ج9 ص427 والفصول في الأصول للجصاص ج3 ص161 وتاريخ بغداد ج5 ص328 وج11 ص23 وعن تاريخ مدينة دمشق ج61 ص337 وتهذيب الكمال ج25 ص545 وتهذيب التهذيب ج9 ص245 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص436 وعن البداية والنهاية ج4 ص266 وعن صحيح البخاري (ط دار إحياء التراث) ج4 ص527 وعن صحيح مسلم (ط دار الكتب العلمية) ج9 ص165.
وراجع أيضاً: السنن الكبرى للبيهقي ج7 ص210 و 211 و 213 ومجمع الزوائد ج4 ص492 وسنن الدارقطني ج3 ص184 ومشكاة المصابيح ج5 ص379 ومنتخب عبد بن حميد ج1 ص202 واللؤلؤ والمرجان ج1 ص422 ونيل الأوطار ج3 ص78 وعون المعبود ج5 ص293 وعمدة القاري ج2 ص110 وشرح معاني الآثار ج3 ص268 وأسد الغابة ج5 ص401 ولسان الميزان ج3 ص495 والطبقات الكبرى لابن سعد ج8 ص41 ومعجم الشيوخ للذهبي ج1 ص31 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص5 وعن زاد المعاد ج1 ص75 والمغني ج3 ص312.
([281]) السيرة الحلبية ج3 ص63 وراجع: السنن الكبرى للبيهقي ج7 ص58 وكشف القناع ج2 ص513.
([282]) وضوء النبي ج2 ص122 والمبسوط للسرخسي ج4 ص191 والبحر الرائق ص184 وحاشية رد المحتار ج3 ص51 وعن مسند أحمد ج1 ص359 وعن صحيح البخاري ج5 ص86 وتحفة الأحوذي ج3 ص492 والمعجم الكبير ج11 ص252 ونصب الراية ج3 ص325 وص329 وسير أعلام النبلاء ج3 ص240 والإصابة ج8 ص322 والبداية والنهاية ج4 ص265 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص439 و 440.
([283]) السيرة الحلبية ج3 ص63 عن البيهقي، والترمذي، والنسائي، وعن فتح الباري ج9 ص136 والمجموع ج7 ص289 والمغني ج3 ص312 والشرح الكبير لابن قدامة ج3 ص312 وسبل السلام ج3 ص124 وشرح سنن النسائي للسيوطي ج6 ص88 ونصب الراية ج3 ص328 وشرح مسلم للنووي ج9 ص194 وتحفة الأحوذي ج3 ص508 وراجع: نيل الأوطار ج5 ص82 وعن عون المعبود ج5 ص208 ونصب الراية ج3 ص328 ومنتهى المطلب (ط قديم) ج2 ص808 وتذكرة الفقهاء (ط قديم) ج1 ص342.
([284]) المغني لابن قدامة ج3 ص312 ومنتهى المطلب (ط قديم) ج2 ص808 وتذكرة الفقهاء (ط قديم) ج1 ص342 والشرح الكبـير لابن قدامـة ج3 ص312 وفقه = = السنة ج1 ص675 وسنن الترمذي ج2 ص169 ونصب الراية ج3 ص327 وأسد الغابة ج5 ص550 وكشف القناع ج2 ص513.
([285]) سبل السلام ج2 ص192.
([286]) شرح مسلم للنووي ج9 ص194 وتحفة الأحوذي ج3 ص494 ونصب الراية ج3 ص328.
([287]) تاريخ الخميس ج2 ص65 والبحار ج21 ص46 والمستدرك للحاكم ج4 ص30 والجامع لأحكام القرآن ج14 ص167 والطبقات الكبرى لابن سعد ج8 ص132 وعن الإصاية ج8 ص322 و 323 والأعلام ج7 ص342 والمنتخب من ذيل المذيل ص102 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص209 وزوجات النبي لسعيد أيوب ص108 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص779 وتفسير القرطبي ج14 ص167.
([288]) السيرة الحلبية ج3 ص63 والمجموع ج7 ص289 وكتاب الأم ج5 ص190 وتلخيص الحبير ج11 ص3 والمبسوط للطوسي ج4 ص191 والمغني ج3 ص312 والشرح الكبير لابن قدامة ج3 ص311 وكشف القناع ج5 ص27 وسبل السلام ج2 ص192 ونيل الأوطار ج5 ص82 والبحار ج22 ص303 وعن فتح الباري ج9 ص136 وتحفة الأحوذي ج3 ص433 وعون المعبود ج5 ص208 والآحاد والمثاني ج1 ص337 وعن السنن الكبرى للنسائي ج3 ص288 والمعجم الكبير للطبراني ج1 ص310 ونصب الراية ج3 ص328 وموارد الظمآن ص310 والأحكام للآمدي ج4 ص243 والطبقات الكبرى ج8 ص134 والثقات ج2 ص26 وعن التعديل والتجريح ج3 ص1493 وسير أعلام النبلاء ج2 ص241 وج5 ص23 وعن إعلام الورى ج1 ص278 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص209.
([289]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص190 وج11 ص208 والسيرة الحلبية ج3 ص63 وتاريخ الخميس ج2 ص63 والبداية والنهاية ج4 ص229 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص207 والإصابة ج4 ص411 والمستدرك للحاكم ج4 ص21 وتفسير مجمع البيان ج9 ص211 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص432 والجوهر النقي ج7 ص211 والخصال ص363 وعن فتح الباري ج7 ص392 والتمهيد ج3 ص151 وحياة الصحابة (باب أخلاق الصحابة وشمائلهم).
([290]) السيرة الحلبية ج3 ص63 والإصابة ج4 ص411 ومسند الطيالسي ج1 ص321 ومسند ابن راهويه ج1 ص114 وجامع الخـلاف والوفاق ص87 ومنتهى المطلب ج1 ص165 والمجموع ج1 ص460 وفتح الباري ج10 ص475 ومسند أبي داود ص321 والأدب المفرد ص179 و 180 والطبقات الكبرى ج8 ص137 والتعديل والتجريح ج3 ص1493 وإكمال الكمال ج1 ص253 وعن أسد الغابة ج5 ص420 و 550 وتهذيب الكمال ج25 ص312 وسير أعلام النبلاء ج2 ص243 وتهذيب التهذيب ج12 ص402 وعن البداية والنهاية ج8 ص63 وعن عيون الأثر ج2 ص291 وسبل الهدى والرشاد ج9 ص359 وج11 ص207 وزوجات النبي لسعيد أيوب ص108.
([291]) الجزء 14 الصفحة 173 من هذا الكتاب (الطبعة الخامسة).
([292]) تاريخ الخميس ج2 ص63 والسيرة الحلبية ج3 ص65 والجامع لأحكام القرآن ج14 ص209 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1061 وعن عيون الأثر ج3 ص392 ومرقاة المفتاح ج6 ص387.
([293]) تاريخ الخميس ج2 ص63 والسيرة الحلبية ج3 ص65 والدر المنثور ج5 ص208 و 209 وعن أبي شيبة، وابن أبي حاتم، وعبد الرزاق، وابن سعد، وعبد بن حميد، وابن المنذر، والمستدرك للحاكم ج4 ص33 وشرح مسلم للنووي ج10 ص51 ومجمع الزوائد ج9 ص249 ومقدمة فتح الباري ص313 والمصنف للصنعاني ج7 ص75 وعن المصنف لابن أبي شيبة ج3 ص404 وج8 ص359 والآحاد والمثاني ج5 ص433 والمعجم الكبير ج22 ص447 و ج23 ص422 وكنز العمال ج13 ص689 و708 وتفسير الميزان ج4 ص197 وجامع البيان ج22 ص28 و29 ومعاني القرآن للنحاس ج5 ص361 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص508 وسير أعلام النبلاء ج2 ص242.
([294]) الآية 50 من سورة الأحزاب. والرواية في: الحدائق الناضرة ج23 ص98 والجواهر ج29 ص122 والكافي ج5 ص568 والبحار ج22 ص211 ومسند محمد بن قيس البجلي ص139 والتفسير الصافي ج4 ص196 ونور الثقلين ج4 ص292 والميزان ج16 ص342 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص245 و 592 ومسالك الأفهام ج7 هامش ص70.
([295]) راجع: تفسير الصافي ج4 ص196وأحكام القرآن للجصاص ص479 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص25 وج14 ص208 و 214 وفتح القدير ج4 ص295 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص245 ومجمع البيان (ط دار الأعلمي) ج8 ص171 ونور الثقلين ج4 ص293 والميزان ج16 ص342 وراجع: الدر المنثور ج5 ص208 عن ابن سعد، والمبسوط ج4 ص158 والصراط المستقيم ج3 ص166 وحاشية السندي على النسائي ج6 ص4 وكتاب الأربعين للشيرازي ص625 والبحار ج22 ص181 وعن صحيح البخاري ج6 ص124 وعن مسند أحمد ج6 ص261 وعن فتح الباري ج8 ص405 وج9 ص135 وصحيح ابن حبان ج14 ص282.
([296]) الخصال ج2 ص419 ونور الثقلين ج4 ص293 والبرهان (تفسير) ج3 ص331 والحدائق الناضرة ج23 ص95 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج20 ص245 والبحار ج22 ص194 وفتح الباري ج8 ص404 و ج9 ص135 و169 وصحيح البخاري ج6 ص128 والمصنف للصنعاني ج7 ص76 والآحاد والمثاني ج6 ص61 وكنز العمال ج13 ص710 والبداية والنهاية ج5 ص318 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص588 والسنن الكبرى ج7 ص55 وفتح الباري ج8 ص404 وج9 ص135 والمصنف لابن أبي شيبة ج3 ص403 والتفسير الصافي ج4 ص197 والتفسير الأصفى ج2 ص998 وتفسير نور الثقلين ج4 ص268 و 293 وتفسير الميزان ج16 ص316 وزاد المسير ج6 ص209 والجامع لأحكام القرآن ج14 ص168 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص507 وتفسير الثعالبي ج4 ص253 وفتح القدير ج4 ص292 و 295 والطبقات الكبرى ج8 ص158 وزوجات النبي لسعيد ايوب ص21 ومجمع البحرين ج4 ص565 ونيل الأوطار ج6 ص315 والبحار ج22 ص181 ومستدرك سفينة البحار ج3 ص229 وتحفة الأحوذي ج6 ص32 وتفسير مجمع البيان ج8 ص171 وأسد الغابة ج5 ص444 وتهذيب الكمال ج35 ص154 وتهذيب التهذيب ج2 ص637 وإسعاف المبطأ للسيوطي ص130 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص233 وتاج العروس ج7 ص312.
([297]) الدر المنثور ج5 ص208 عن ابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في السنن، وعبد الرزاق، وابن سعد، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميـد، والبخـاري، وابن = = المنذر، وتفسير مجمع البيان ج8 ص171 والطبقات الكبرى ج8 ص158 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص233 والسنن الكبرى للبيهقي ج7 ص55 وعن فتح الباري ج8 ص404 وج9 ص135 والمصنف لابن أبي شيبة ج3 ص403 و 404 وجامع البيان ج22 ص29 وعن تفسير القرآن العظيم ج3 ص507 وتفسير الثعالبي ج4 ص353 وعن صحيح البخاري ج6 ص128 وفتح القدير ج4 ص292 و 295 وعن الإصابة ج8 ص116 والمصنف للصنعاني ج7 ص76 والآحاد والمثاني ج6 ص61 والمعجم الكبير ج24 ص236 وكنز العمال ج13 ص710 وتهذيب الكمال ج35 ص164 وتهذيب التهذيب ج12 ص366 والبداية والنهاية ج5 ص318.
([298]) راجع: الدر المنثور ج5 ص209 البحار ج22 ص181 وشرح مسلم للنووي ج10 ص51 و 96 ومجمع الزوائد ج7 ص92 والمصنف لابن أبي شيبة ج3 ص404 والمعجم الكبير للطبراني ج24 ص351 والتبيان للطبرسي ج8 ص352 وتفسير مجمع البيان ج8 ص171 وتفسير نور الثقلين ج4 ص293 ومعاني القرآن ج5 ص361 وأحكام للقرآن للجصاص ج3 ص480 وزاد المسير ج6 ص209 والجامع لأحكام القرآن ج18 ص178 والطبقات الكبرى ج8 ص155 و 156 و 197 وأسد الغابة ج5 ص258 و 514 وج7 ص235 و 236 وج8 ص417 و 419 و 420 والبداية والنهاية ج5 ص322 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص244 و 246 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1061 وعيون الأثر ج2 ص394 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص595 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص235 و 236.
([299]) مناقب آل أبي طالب ج1 ص139 والحدائق الناضرة ج23 ص95 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج20 ص245 والبحار ج22 ص193 و 194 ومستدرك سفينة البحار ج4 ص334 والتفسير الصافي ج4 ص197 وتفسير نور الثقلين ج4 ص268 وتفسير الميزان ج16 ص316 وزوجات النبي ص21.
([300]) تنقيح المقال ج3 ص83 وقاموس الرجال، والأصول الستة عشر ص62.
([301]) الأمالي للطوسي ص505 و 506.
([302]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص124 و 125 عن البخاري، ومسلم، وأحمد، والواقدي، وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص63 والبحار ج20 هامش ص372 وعن الإمتاع، وعن تاريخ مدينة دمشق ج19 ص361 وعن أسد الغابة ج5 ص508 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص779.
([303]) السيرة الحلبية ج3 ص65 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص195 وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص63 وراجع: العمدة ص201 و 226 وعن مسند أحمد ج1 ص98 و 115 وعن صحيح البخاري ج3 ص168 وج5 ص85 والمستدرك للحاكم ج3 ص120 والسنن الكبرى للبيهقي ج8 ص6 وعن فتح الباري ج7 ص288 وتحفة الأحوذي ج8 ص113 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص127 و 168 وخصائص أمير المؤمنين للنسائي ص88 و 151 وصحيح ابن حبان ص229 ونصب الراية ج3 ص549 وكنز العمال ج5 ص578 وعن تفسير = = القرآن العظيم ج3 ص475 وج4 ص218 وعن البداية النهاية ج4 ص267 وج3 ص442.
([304]) أي ألا أراكم تختلفون في أمر ابنة عمي الخ..
([305]) المغازي للواقدي ج2 ص738 و 739 والسيرة الحلبية ج3 ص65 و 66 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص195 وفي هامشه عن: البخاري ج7 ص570 وعن صحيح مسلم ج3 ص1409 وعن سنن أبي داود رقم (2280) والجامع الصحيح ج4 ص338 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص338 والسنن الكبرى للبيهقي ج8 ص6 وتاريخ الخميس ج2 ص63 والأمالي للطوسي ص561 و 562 والطبقات الكبرى لابن سعد ج4 ص35 و 36 وج8 ص159 و 160 وج3 ص8 و 9 ومستدرك الحاكم ج4 ص87 و 220 والبداية والنهاية ج4 ص234 وعن تفسير القرآن العظيم ج7 ص331 وصحيح البخاري (ط دار إحياء التراث) ج8 ص284 وعن مسند أحمد ج1 ص158 و 185 وعن فتح الباري ج9 ص130 وجامع الأحاديث والمراسيل ج12 ص53 وج18 ص253 وج20 ص124 وكنز العمال ج1 ص986 وج5 ص580 و 581 وعن فتح الباري ج8 ص284 وعمدة القاري ج17 ص262 والبيان والتعريف ج1 ص103 ونصب الراية ج5 ص115 والبحار ج20 هامش ص372 عن ابن إسحاق، وعن تاريخ مدينة دمشق ج19 ص261 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص443.
([306]) راجع: تاريخ الخميس ج2 ص63 و 64 والعمدة ص201 و 326 والبحار ج28 ص328 وصحيح البخاري (ط دار الفكر) ج5 ص85 وتحفة الأحوذي ج8 ص113 وعن تفسير القرآن العظيم ج4 ص217 وتهذيب الكمال ج5 ص54 وعن البداية والنهاية ج4 ص267 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص442.
([307]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص197 وعن فتح الباري ج7 ص388.
([308]) السيرة الحلبية ج3 ص65.
([309]) أسد الغابة ج3 ص95 وج2 ص46 والبدء والتاريخ ج5 ص8 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص9، وبهجة المحافل ج1 ص41 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ق1 ص67 و (ط أخرى) ج1 ص108 والإصابة ج4 ص258 وج2 ص335 عن الصحيحين، والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج2 ص338 وج1 ص16 و 271 والبحار ج15 ص337 و 384 عن المنتقى للكازروني، وقاموس الرجال ج10 ص417 والمجموع ج18 ص228 والكامل لابن الأثير ج1 ص459 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص172 والبداية والنهاية ج4 ص90 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص18 و 19 وقسم المغازي ص209 وتاريخ الخميس ج1 ص222 والوفاء ج1 ص107 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص131 ودلائل النبوة لأبي نعيم ص113 وصفة الصفوة ج1 ص56 و 57 وزاد المعاد ج1 ص19 وذخائر العقبى ص259 و 172 وإعلام الورى ص6 وكشف الغمة ج1 ص15 والأنس الجليل ج1 ص176 وأنساب الأشراف (قسم السيرة) ص94 والسيرة الحلبية ج3 ص164 وفي الروض الأنف ج1 ص186 لكن فيه بدل = = أبي سلمة عبدالله بن جحش.
وراجع: المعجم الصغير ج2 ص86 ومستدرك سفينة البحار ج4 ص145 وتاريخ الأمم والملوك ج1 ص573 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج1 ص260 ـ 262 والعدد القوية ص122 وعن عيون الأثر ج1 ص47 وسبل الهدى والرشاد ج1 ص6 و 375 وج11 ص83 والبدء والتاريخ ج5 ص8.
([310]) راجع: البداية والنهاية ج2 ص248 والسيرة النبوية لابن كثير ج1 ص174 والسيرة النبوية لابن هشام ج1 ص160 وراجع: السيرة الحلبية ج1 ص36 وفي السيرة النبوية لدحلان ج1 ص15 وإن كان لم يذكر: أن عبد الله كان أصغر ولده، لكنه ذكر حمزة والعباس في جملة أولاد عبد المطلب حين قضية الذبح.. وذكر في الكامل لابن الأثير ج2 ص6 وتاريخ الأمم والملوك (ط مطبعة الإستقامة) ج2 ص4: أن عبد الله كان أصغر ولده، وأحبهم، لكنه لم يسم أولاد عبد المطلب وراجع: المصنف للصنعاني ج5 ص315 و 316 وعن الدر المنثور ج3 ص220 وعن تاريخ مدينة دمشق ج57 ص240 وتاريخ اليعقوبي ج1 ص250 و 251.
([311]) أنساب الأشراف ج1 ص79 عن الواقدي.
([312]) الإصابة ج4 ص381 والجوهر النقي ج6 ص241 ومقاتل الطالبيين ص11 والطبقات الكبرى ج4 ص35 و 36 وتهذيب الكمال ج15 ص82 وسير أعلام النبلاء ج1 ص213 و 214 و 151 وعن فتح الباري ج7 ص388 و 389.
([313]) البحار ج20 هامش ص372 عن الإمتاع، وعن فتح الباري ج7 ص388 و 389 وكنز العمال ج5 ص580 والطبقات الكبرى ج2 ص122 وج8 ص159 وعن تاريخ مدينة دمشق ج19 ص361 وعن أسد الغابة ج5 ص508 وج8 ص185 و 242 والمنتخب من ذيل المذيل ص114 وعن البداية والنهاية ج4 ص267 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص443 وعمدة القاري ص17 ص262 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص779.
([314]) الطبقات الكبرى ج8 ص48 و 58 وكتاب المحبر ص107 وعن أسد الغابة ج5 ص399 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص779 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص195 و 196.
([315]) السيرة الحلبية ج2 ص204 و 205 وتفسير الميزان ج4 ص91 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج1 ص748 والأمالي للطوسي ص471 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص159 وحلية الأبرار ج1 ص151 و 152 والبحار ج19 ص66 وج63 ص350 ومستدرك سفينة البحار ج10 ص468 والتفسير الصافي ج1 ص410 وتفسير نور الثقلين ج1 ص423 وتفسير كنز الدقائق ج2 ص326 وكشف الغمة ص33 وسيرة المصطفى ص259.
([316]) راجع: نيل الأوطار ج2 ص77 وشرح أصول الكافي ج6 ص167 وشرح مسلم للنووي ج14 ص50 ومقدمة فتح الباري ص282 والديباج على مسلم ج5 ص126 والفايق في غريب الحديث ج2 ص174 وعيون الأثر ج2 ص371 واللمعة البيضاء ص207 ولسان العرب ج12 ص455 وتارج العروس ج9 ص13 وكنز العمال ج1 ص3102 وفتح الباري ج11 ص477 وسبل السلام ج2 ص86 وعـون المعبـود ج11 ص101 وعمـدة القــاري ج21 ص23 وج22 = = ص17 والتمهيد ج14 ص239 وشرح معاني الآثار ج4 ص243 ومرقاة المفاتيح ج8 ص177 وعن الإصابة ج4 ص381 وعن أسد الغابة ج5 ص362 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص153 وتعريف الأحياء بفضائل الإحياء للعيدروسي ج1 ص116.
([317]) البداية والنهاية (ط مكتبة المعارف) ج2 ص234 و(ط دار إحياء التراث العربي) ج2 ص268 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص136 وعن عيون الأثر ج2 ص160 والطبقات الكبرى ج2 ص123 وج4 ص275 وعن البداية والنهاية ج4 ص268 وعن حياة الصحابة (باب الدعوة إلى الله وإلى رسوله حب الدعوة) دعوة ابن أبي العوجاء، والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص444.
([318]) السيرة الحلبية ج2 ص726 وتاريخ الخميس ج2 ص65 وعن البداية والنهاية ج4 ص269 عن البيهقي، وعن عيون الأثر ج2 ص159.
([319]) المغازي للواقدي ج2 ص745 و 749 وتاريخ الخميس ج2 ص65 و 66 والسيرة النبويـة لابن كثير ج3 ص446 وعن البدايـة والنهاية ج4 ص269 = = وج7 ص128 ومكاتيب الرسول ج1 ص155 وسير أعلام النبلاء ج1 ص529 والثقات ج3 ص101 وعن أسد الغابة ج2 ص93 وعن تاريخ مدينة دمشق ج16 ص219 عن الواقدي، وفتوح البلدان ج1 ص93 والجوهر النقي للمارديني ج9 ص79 والمستدرك للحاكم ج3 ص429 وشرح النهج للمعتزلي ج6 ص319 عن الإستيعاب.
([320]) المغازي للواقدي ج2 ص745 وعن مسند أحمد ج4 ص199 والمستدرك للحاكم ج3 ص297 ومجمع الزوائد ج9 ص351 والأحاديث الطوال ص40 وعن البداية والنهاية ج4 ص162 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج1 ص570 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص749 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص271.
([321]) المغازي للواقدي ج2 ص744 وكنز العمال ج13 ص371 ـ 374 وعن تاريخ مدينة دمشق ج16 ص227 و 228 وعن البداية والنهاية ج4 ص272 و 273 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص451 و 452.
([322]) تاريخ الخميس ج2 ص66 والطبقات الكبرى ج4 ص252 وج7 ص394 وعن تاريخ مدينة دمشق ج38 ص383.
([323]) المغازي للواقدي ج2 ص749 وتاريخ الخميس ج2 ص66 وعن تاريخ مدينة دمشق ج16 ص228 والطبقات الكبرى ج3 ص189 وج7 ص268 وعن البداية والنهاية ج2 ص238 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص453.
([324]) السيرة الحلبية ج2 ص726 والمغازي للواقدي ج2 ص746 و 750 وتاريخ الخميس ج2 ص66 وعن أسد الغابة ج2 ص94 وتهذيب الأسماء واللغات.
([325]) تاريخ الخميس ج2 ص66.
([326]) الإصابة ج3 ص639 وعن فتح الباري ج8 ص170 والطبقات الكبرى ج4 ص130 وعن أسد الغابة ج5 ص92 وج6 ص484.
([327]) الإصابة ج3 ص639 وأسد الغابة ج5 ص92 و 93 والأعلام للزركلي ج8 ص123.
([328]) تاريخ الخميس ج2 ص66 الفايق في غريب الحديث ج1 ص293 وعن البداية ج4 ص269 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص446 وسبل الهدى والرشاد ج12 ص68 والإستيعاب ج1 ص151.
([329]) تاريخ الخميس ج2 ص66 والجامع لأحكام القرآن ج16 ص281 وعن اسد الغابة ج2 ص93 وعن البداية ج4 ص163 و 272 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص272 و 450 والخلاف للطوسي ج4 ص327 وكنز العمال ج13 ص375 وعن تاريخ مدينة دمشق ج16 ص226.
([330]) قاموس الرجال ج4 ص145 وتاريخ الأمم والملوك ج3 ص66 و 78 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص17 والمسترشد في الإمامة للطبري ص492 والبحار ج21 ص140 و 141 والنص والإجتهاد ص460 وعن أسد الغابة ج3 ص316 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص61 وعن البداية والنهاية لابن كثير ج4= = ص359 وعن السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص593 ومعجم ما استعجم ج3 ص1005.
([331]) قاموس الرجال ج4 ص146 و 147 عن تاريخ الأمم والملوك ج3 ص278 و 279 والغدير ج7 ص159 وراجع: شرح النهج للمعتزلي ج17 ص204 ـ 206 والنص والإجتهاد ص119 و 123 وعن أسد الغابة ج4 ص295 و 296 ومعجم البلدان ج1 ص455 وعن البداية والنهاية ج6 ص354 و 355 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص73 والبحار ج30 ص476 و 477 و 491 و 493 والثقات ج2 ص169 وتاريخ مدينة دمشق ج16 ص274 وعن الإصابة ج2 ص218 وج5 ص560 و 561 والإستغاثة ج2 ص6 والكنى والألقاب ج1 ص42 و 43 وبيت الأحزان ص104.
([332]) تاريخ الأمم والملوك ج2 ص580 والبداية والنهاية ج6 ص387.
([333]) الآية 14 من سورة النمل.
([334]) علل الشرايع (ط النجف) ص474 والبحار ج21 ص142 وج101 ص424 والأمالي للصدوق ص237 و 238 وأمالي الطوسي ص498 والبداية والنهاية ج4 ص303 ومسند أحمد ج2 ص151 وسنن النسائي ج8 ص227 والكامل في التاريخ ج2 ص255 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص70 و 71 وعن فتح الباري ج8 ص45 وعن صحيح البخاري ج5 ص203 وج4 ص122 وج8 ص92 وج9 ص91 وعن السيرة الحلبية ج3 ص222 وعن تاريخ الأمم والملوك ج3 ص66 ومستدرك الوسائل ج18 ص366.
([335]) قاموس الرجال ج3 ص491 عن الطبري، والصراط المستقيم ج2 ص279 والغدير ج7 ص158 و 196 والبحار ج30 ص351 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص503 و 504.
([336]) كنز العمال ج13 ص369 عن ابن عساكر، والبداية والنهاية ج7 ص131 والغدير ج6 ص274 عن السيرة الحلبية ج3 ص220 وجامع الأحاديث والمراسيل ج19 ص253 و 398 وعن تاريخ مدينة دمشق ج16 ص267.
([337]) الإصابة ج1 ص415 والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج1 ص410 وعن تاريخ مدينة دمشق ج16 ج16 ص269 وسير أعلام النبلاء ج1 ص367.
([338]) راجع: البداية والنهاية ج5 ص343 والإصابة ج1 ص والإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج1 ص407 وتاريخ الخميس ج2 ص66 وعن أسد الغابة ج2 ص94 وشرح النهج للمعتزلي ج18 ص306 وراجع: الأعلام للزركلي ج2 ص300 وتهذيب الأسماء واللغات (142) ترجمة خالد بن الوليد، والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص755.
([339]) تاريخ الخميس ج2 ص66.
([340]) قاموس الرجال ج3 ص489 و 490 عن الطبري، وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص342 وفيه: أن خالداً اعترف بأن هذا هو السبب فيما فعله بهم، والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص17 والمسترشد ص385 و 492 والنص والإجتهاد ص460 والإرشاد للمفيد ج1 ص139 والبحار ج21 ص139 و 140 و 148 وعن أسد الغابة ج3 ص316 والمنمق لابن حبيب ص217 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص61 وعن البداية والنهاية ج4 ص359 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص884 وعن عيون الأثر ج2 ص211 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص593 و 594 وجامع الأحاديث والمراسيل ج19 ص395 و 536 وكنز العمال ج13 ص223 وعن تاريخ مدينة دمشق ج16 ص234 وسير أعلام النبلاء ج1 ص370 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص202.
([341]) قاموس الرجال ج3 ص490 عن الطبري، وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص342، والمعارف (ط سنة 1390 هـ) ص116 والإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج1 ص407 وعن البداية والنهاية ج6 ص355 والمبسوط للسرخسي ج13 ص92 وج20 ص143 والمحلى ج8 ص166 والمسترشد ص491 ـ 493 وشـرح = = الأخبار ج1 ص309 و 310 والبحار ج21 ص142 و 143 وج31 ص330 والنص والإجتهاد ص460 و 461 والفايق في غريب الحديث ج3 ص379 وعن تفسير القرآن العظيم ج1 ص548 وعن أسد الغابة ج2 ص94 والمحبر ص124 وعن البداية والنهاية ج4 ص358 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص884 وكشف الغمة ج1 ص220 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص201 وغريب الحديث ج1 ص372 والنهاية في غريب الحديث ج2 ص277 وج5 ص226 ولسان العرب ج8 ص135 و 460 وتاج العروس ج6 ص26.
([342]) الخصال ج2 ص299 والبحار ج21 ص222 و 223 وج31 ص632 و 633 ومكاتيب الرسول ج1 ص602 و 603 وكتاب سليم بن قيس ص155.
([343]) راجع: الإصابة ج3 ص2 عن الزبير بن بكار، والمغازي للواقدي ج2 ص742 ـ 750 والبداية والنهاية ج4 ص236 و 237 و 238 وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص66 والمستدرك للحاكم ج3 ص397 و 398 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج1 ص569 و 570 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص749 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص271 و 272 ومجمع الزوائد ج9 ص351 وكنز العمال ج13 ص369 و 370 وعن تاريخ مدينة دمشق ج16 ص226 وج46 ص122 و 123 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص314 وعن مسند أحمد ج5 ص222 وجامع الأحاديث والمراسيل ج19 ص398.
([344]) المغازي للواقدي ج2 ص749 و 750.
ونقله في مكاتيب الرسول ج3 ص126 عن: الأموال لأبي عبيد ص201 وفي (ط أخرى) ص288 والطبقات الكبرى (ط ليدن) ج2 ق1 ص25 وفي (ط دار صادر) ج1 ص272 وأسد الغابة ج1 ص170 في ترجمة بديل، ورسالات نبوية ص96 (عن ابن حجر والطبراني) وابن أبي شيبة ج14 ص486 وكنز العمال ج4 ص276 (عن ابن سعد، والباوردي، والفاكهي في أخبار مكة، والطبراني، وأبي نعيم) وص310 (عن ابن أبي شيبة).
وراجع: والمعجم الكبير للطبراني ج2 ص15 بسندين، ومدينة البلاغة ج2 ص315 والأموال لابن زنجويه ج2 ص464 وأعيان الشيعة ج3 ص550 ومجمع الزوائد ج8 ص172 و 173 ومجموعة الوثائق السياسة 275 و 276/172 (عن جمع ممن تقدم وعن) وسيلة المتعبدين ج8 ص 28/ألف، ثم قال: قابل ابن عبد ربه ج2 ص76 والإستيعاب، وانظر: كايتاني ج8 ص21 واشبرنكر ج3 ص404 واشبربر ص20.
ثم قال العلامة الأحمدي: وأوعز إليه كنز العمال ج1 ص273 وجمهرة النسب لهشام الكلبي ص365 والإصابة ج1 ص149 و 646 في ترجمة بسر عن أبي شيبة، والطبراني، والفاكهي وص141/641 وص321 في حرملة، وج2 ص504 والإستيعاب ج1 ص166 في بديل، وص411 في خالد بن هوذة، ورسالات نبوية ص17 وأسد الغابة ج1 ص398 وج2 ص97 وراجع: ثقات ابن حبان ج2 ص36 والإشتقاق ص476 والمفصل ج6 ص423 وج4 ص15 و 367.
([345]) مكاتيب الرسول ج3 ص125 ـ 137.
([346]) مكاتيب الرسول ج3 ص 137 عن المعجم الكبير ج2 ص15 ومدينة البلاغة ج2 ص315 وراجع: مجمع الزوائد ج8 ص173 وعن أسد الغابة ج1 ص197 وعن الإصابة ج1 ص410.
([347]) مكاتيب الرسول ج3 ص 137والمعجم الكبير ج2 ص30 ومجمع الزوائد ج8 ص173.
([348]) راجع: الإصابة ج2 ص466 وج1 ص321 والإستيعاب ج2 ص161 وج1 ص361 والجمهرة للكلبي ص365، وأسد الغابة ج1 ص398 وجمهرة أنساب العرب لابن حزم ص281 وإكمال الكمال ج3 ص264 ومكاتيب الرسول ج1 ص338 و 609.
([349]) الطبقات الكبرى (ط ليدن) ج1 ق2 ص25 وفي (ط دار صادر) ج1 ص272 وعن تاريخ مدينة دمشق ج41 ص145 ومكاتيب الرسول ج3 ص129.
([350]) الآية 54 من سورة الأنعام.
([351]) الآية 46 من سورة الأعراف.
([352]) الآية 10 من سورة يونس، وراجع الآية 12 من سورة إبراهيم.
([353]) الآية 24 من سورة الرعد.
([354]) الآية 69 من سورة هود.
([355]) الآية 24 من سورة التوبة.
([356]) الآية 12 من سورة التوبة.
([357]) الآية 6 من سورة الكهف.
([358]) الآية 8 من سورة فاطر.
([359]) المغازي للواقدي ج2 ص750 ـ 752 وروي أيضاً عن ابن إسحاق، والإصابة ج3 ص184 عن مسند أحمد، عن مسلم بن عبد الله الجهني، وتاريخ الخميس ج2 ص67 والبحار ج21 ص49 عن الكامل في التاريخ، والسيرة الحلبية ج3 ص188 و 189 وراجع: الآحاد والمثاني ج5 ص55 و 56 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص311 و 312 وعن البداية والنهاية ج4 ص253 و 254 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1028 و 1029 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص420 و 421 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص137 ومجمع الزوائد ج6 ص202 و 203 وعن مسند أحمد ج4 ص508 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص124.
([360]) الآحاد والمثاني ج5 ص55 و 56 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص137.
([361]) الإصابة ج3 ص184 وسبل الهدى والرشاد ج3 ص393.
([362]) السيرة الحلبية ج3 ص189.
([363]) السيرة الحلبية ج3 ص189 والطبقات الكبرى ج2 ص125 وعن عيون الأثر ج2 ص162 وسبل الهدى وارشاد ج6 ص137.
([364]) السيرة الحلبية ج3 ص189.
([365]) تاريخ الخميس ج2 ص67 والبحار ج21 ص46 ومستدرك سفينة البحار ج5 ص209 وتاريخ خليفة بن خياط ص56 والمنتخب من ذيل المذيل ص103 وعن البداية والنهاية ج4 ص431 وج5 ص219 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص710 وج4 ص590 والطبقات الكبرى ج8 ص141 و 218 والجامع لأحكام القرآن ج14 ص167 وعن تاريخ مدينة دمشق ج3 ص228.
([366]) البحار ج21 ص46 و 47 وسنن النسائي ج6 ص150 وعن السنن الكبرى للنسائي ج3 ص355 والمعجم الأوسط ج3 ص337 والطبقات الكبرى لابن سعد ج8 ص141 والثقات ج3 ص83 وعن الإصابة ج8 ص273 والمنتخب من ذيل المذيل ص102 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص228.
([367]) راجع: سنن الدارقطني ج4 ص19 والمجموع ج17 ص105 والمحلى ج10 ص187 وسبل السلام ص178 ونيل أوطار ج7 ص30 وفقه السنة ج2 2254 وسنن ابن ماجة ج1 ص661 والمستدرك للحاكم ج4 ص35 والسنن الكبرى للبيهقي ج7 ص39 و 72 و 342 ومجمع الزوائد ج9 ص252 والمنتقى من السنن المسندة ص184 وصحيح ابن حبان ج10 ص83 والمعجم الكبير ج22 ص447 وكنز العمال ج12 ص140 وج13 ص710 وعن تاريخ مدينة دمشق ج3 ص184 وعن أسد الغابة ج5 ص397 وسير أعـلام النبلاء ج2 = = هامش ص255 وعن الإصابة ج8 ص9 وعن البداية والنهاية ج5 ص317 و 319 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص587 و 589 وسبل الهدى والرشاد ج10 ص421 وج11 ص222 وتفسير السمرقندي ج3 ص63 وعن صحيح البخاري (دار إحياء التراث) ج10 ص447 وجامع الأحاديث والمراسيل ج6 ص66 وج18 ص253 ومنتقى ابن الجارود ج1 ص301 وعن بلوغ المرام ج1 ص214 وسبل السلام ج3 ص1429 وعن فتح الباري ج10 ص447 وعمدة القاري ج20 ص229 وعن زاد المعاد ج1 ص2121.
([368]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص143.
([369]) راجع: المغازي للواقدي ج2 ص752 و 753 وتاريخ الخميس ج2 ص70 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص143 والبحار ج21 ص50 وكنز العمال ج10 ص600 = = والطبقات الكبرى ج2 ص127 و 128 وعن تاريخ مدينة دمشق ج2 ص5 وج50 ص149 و 150 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص454 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص143 وعن البداية والنهاية ج4 ص274 وعن عيون الأثر ج2 ص164 وعمدة القاري ج14 ص308 وحياة الصحابة، باب الدعوة إلى الله.
([370]) المغازي للواقدي ج2 ص753 و 754 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص142 وتاريخ الخميس ج2 ص70 والطبقات الكبرى ج2 ص127 وعن عيون الأثر ج2 ص164 وراجع: السيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص198 وعن البداية والنهاية ج4 ص273 و 274 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص453.
([371]) المغازي للواقدي ج2 ص753 و 754 وراجع: ما عن البداية والنهاية ج4 ص274 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص453.
([372]) المغازي للواقدي ج2 ص754.
([373]) وفاء الوفاء ج4 ص1240 والطبقات الكبرى ج2 ص127 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص142 والتنبيه والإشراف ص230 وعن عيون الأثر ج2 ص164 وراجع معجم البلدان أيضاً.
([374]) الكتاب السابع من معارك الإسلام الفاصلة: غزوة مؤتة ص5.
([375]) راجع: وفاء الوفاء ج4 ص12و13 والطبقات الكبرى ج2 ص63 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص93 والتنبيه والإشراف ص214 و 215 وعن عيون الأثر ج2 ص32 والسيرة الحلبية ج2 ص581.
([376]) الجزء الثامن ص387 (الطبعة الرابعة) والجزء 14 ص 336 (الطبعة الخامسة).
([377]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص157.
([378]) تاريخ خليفة بن خياط ص52.
([379]) سير أعلام النبلاء ج1 ص235 و 236 وسنن الترمذي ج4 ص217 وتحفة الأحوذي ج8 ص113 وعن تاريخ مدينة دمشق ج28 ص103.
([380]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص157.
([381]) سير أعلام النبلاء ج1 ص236.
([382]) تحفة الأحوذي ج8 ص113.
([383]) مؤتة: موضع معروف عند الكرك بالأردن.
([384]) المغازي للواقدي ج2 ص755 و 756 والطبقات الكبرى لابن سعد (ط دار صادر) ج2 ص128 و (ط ليدن) ج4 ص24 و 65 والسيرة الحلبية ج3 ص66 وتاريخ الخميس ج2 ص70 والبحار ج21 ص58 و 59 عن شرح النهج للمعتزلي، والإصابة ج1 ص286 والإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج1 ص304 و 305 وأسد الغابة ج1 ص342 وتهذيب تاريخ دمشق ج1 ص94 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص61 وعن تاريخ مدينة دمشق ج2 ص7 وج11 ص464 وج19 ص683 ومكاتيب الرسول ج1 ص204.
([385]) معجم البلدان ج2 ص128 وراجع: تنوير الحوالك ص69 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص173 و 486 وج6 ص95 و 159 و 251 وتاج العروس ج6 ص56.
([386]) المغازي للواقدي ج2 ص756.
([387]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص144 عن البخاري ج7 ص583 والسيرة الحلبية ج3 ص6 وتاريخ الخميس ج2 ص70 والمستدرك للحاكم ج3 ص215 وعن فتح الباري ج7 ص393 والمعجم الكبير ج5 ص84 والطبقات الكبرى ج2 ص128 وج3 ص530 وتاريخ خليفة بن خياط ص52 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص6 وج19 ص368 و 373 وعن أسد الغابة ج1 ص288 وسير أعلام النبلاء ج1 ص229 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص318 و 319 وعن البداية والنهاية ج4 ص275 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص829 وعن عيون الأثر ج2 ص164 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص455.
([388]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص144 و 145 عن الواقدي، والبداية والنهاية ج4 ص241 والسيرة الحلبية ج3 ص66 وتاريخ الخميس ج2 ص70 وراجع: البحار ج21 ص58 و 59 عن الخرايج والجرايح وج21 ص59 عن المعتزلي. وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص61 و 62 وعن تاريخ مدينة دمشق ج2 ص8.
([389]) كتاب سليم بن قيس ج2 ص844 وقاموس الرجال ج6 ص40 والبحار ج33 ص269 وكلمات الإمام الحسين "عليه السلام" للشريفي ص610 ومواقف الشيعة ج2 ص72.
([390]) سبل الهدى والرشاد ج9 ص96 وج6 ص144 وفي هامشه عن البخاري كتاب المغازي (4468)، والطبقات الكبرى ج2 ص190 و 250. وراجع: صحيح البخاري (ط دار الفكر) ج4 ص213 وج5 ص145 وج7 ص217 وج8 ص117 ونهج السعادة ج5 ص260 عن كنز العمال، وفضائل الصحابة ص24 وعن مسند أحمد ج2 ص110 وعن صحيح مسلم ج7 ص131 وعن سنن الترمذي ج5 ص341 والسنن الكبرى للبيهقي ج3 ص128 وج8 ص154 وج10 ص44 وعن المصنف لابن أبي شيبة ج7 ص532 وج8 ص549 وعن السنن الكبرى للنسائي ج5 ص52 وصحيح ابن حبان ج15 ص518 وشرح النهج للمعتزلي ج17 ص183 وكنز العمال ج7 ص269 وج10 ص578 وج11 ص651 والجامع لأحكام القرآن ج14 ص238 والطبقات الكبرى لابن سعد (ط دار صادر) ج2 ص250 وج4 ص65 وعن تاريخ مدينة دمشق ج2 ص46 و 49 وج8 ص61 وج19 ص363 وتهذيب الكمال ج10 ص37 ومعجم البلدان ج1 ص50 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص429 و 462 وعن البداية والنهاية ج4 ص291 وج5 ص242 وعن السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص481 و 482 وج4 ص440 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1025.
([391]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص145 ومسند أحمد ج5 ص299 ودلائل النبوة ج4 ص367 وحلية الأولياء ج9 ص26 والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص46 و 47 وتاريخ الأمم والملوك للطبري ج2 ص322 وعن الكامل في التاريخ ج2 ص158.
([392]) السيرة الحلبية ج3 ص66 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص148 وراجع: المغازي للواقدي ج2 ص759.
([393]) السنن الكبرى للبيهقي ج9 ص69 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص146 والمغازي للواقدي ج2 ص758 والسيرة الحلبية ج3 ص66 والبحار ج21 ص60 عن المعتزلي، وشجرة طوبى ج2 ص298 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص65 وعن تاريخ مدينة دمشق ج2 ص9 و 10.
([394]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص146 والمغازي للواقدي ج2 ص757 والبحار ج21 ص59 و 60 عن المعتزلي، وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص64 وراجع: نيل الأوطار ج8 ص52 وفقه السنة ج2 ص624 والكافي ج5 ص29 وتهذيب الأحكام ج6 ص138 و 139 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج15 ص59 والبحار ج19 ص179 وعن مسند أحمد ج5 ص358 وعن صحيح مسلم ج5 ص139 و 140 وسنن ابن ماجة ج2 ص953 و 954 وسنن الترمذي ج3 ص85 والسنن الكبرى ج9 ص49 ومجمع الزوائد ج5 ص256 والمصنف للصنعاني ج5 ص218 وعن المصنف لابن أبي شيبة ج7 ص645 وعن السنن الكبرى للنسائي ج5 ص172 و 207 و 233 و 241 و 242 ومسند أبي يعلى ج3 ص6 و 7 والمنتقى من السنن المسندة ص261 وصحيح ابن حبان ج11 ص42 ومعرفة علوم الحديث ص240 ومسند أبي حنيفة ص147 ونصب الراية ج4 ص226 وكنز العمال ج4 ص380 و 480 وتهذيب الكمال ج27 ص548 و 549.
([395]) السيرة الحلبية ج3 ص66 ومكاتيب الرسول ج2 ص40 عن الإستيعاب، وسبل الهدى والرشاد ج11 ص350 وعن عيون الأثر ج2 ص165.
([396]) الكتاب السابع من معارك الإسلام الفاصلة: غزوة مؤتة ص253.
([397]) راجع: الكامل في التاريخ ج2 ص155 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص313 عن الواقدي.
([398]) السيرة الحلبية ج3 ص255 وراجع: مكاتيب الرسول ج2 ص462 عن المصادر التالية: تاريخ الأمم والملوك ج2 ص652 والتنبيه والإشراف ص226 وشرح الزرقاني للمواهب اللدنية ج4 ص356 وعن السيرة النبوية لدحلان (بهامش الحلبية) ج3 ص80 والبداية النهاية ج4 ص268 وتأريخ الخميس ج2 ص38 والبحار ج20 ص393 والكامل ج2 ص213 والطبقات الكبرى ج1 ص261 = = وفي (ط أولى) ق2 ص17 وج3 ص194 وفي (ط ثالثة) ق1 ص66 والمنتظم ج3 ص289 والمصباح المضيء ج2 ص314 ـ 316 وراجع: نصب الراية ج6 ص566 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص669 وميزان الحكمة ج4 ص3211.
([399]) السيرة الحلبية ج3 ص255.
([400]) راجع: تاريخ الأمم والملوك ج2 ص288 و293 و 294 ومكاتيب الرسول ج2 ص461 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص651 و 667 عن الواقدي، وعن تاريخ مدينة دمشق ج57 ص367 وعن الإصابة ج6 ص226.
([401]) الكامل في التاريخ ج2 ذكر غزوة مؤتة.
([402]) المغني لابن قدامة ج10 ص396 وكشف القناع ج3 ص79 وسبل السلام ج4 ص48 ونيل الأوطار ج8 ص56، فقه السنة ج2 ص654 وتهذيب الأحكام ج6 ص162 والوسائل (ط دار الإسلامية) ج11 ص102 ومستدرك الوسائل ج11 ص103 وشرح الأخبار ج1 ص297 وكنز الفوائد ص266 وأمالي الطوسي ص261 والخرائج والجرائح ج1 ص181 ومسند أحمد ج1 ص126 و 131 وج2 ص312 وج3 ص224 و 308 وعن صحيح البخاري ج4 ص24 وعن صحيح مسلم ج5 ص143 وسنن ابن ماجة ج2 ص945 وسنن أبي داود ج1 ص593 وسنن الترمذي ج3 ص112 والسنن الكبرى للبيهقي ج7 ص40 وج9 ص150 ومجمع الزوائد ج5 ص320 وعن فتح الباري ج6 ص111 وصحيفة همام بن منبه ص26 والمصنف للصنعاني ج5 ص398 ومسند الحميدي ج2 ص519 والمصنف لابن شيبة ج7 ص729 و 730 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص193 ومسند أبي يعلى ج3 ص359 و 464 وج4 ص91 و 384 وج8 ص44 وج12 ص130 والمنتقى من السنن المسندة لابن الجارود النيسابوري، وصحيح ابن حبان ج11 ص79 والمعجم الصغير ج1 ص17 والمعجم الأوسط ج2 ص356 وج4 ص252 والمعجم الكبير ج3 ص82 وج5 ص136 وج11 ص293 وج18 ص53 وج19 ص42 ومسند الشاميين ج1 ص176 وج2 ص20 و 108 ومسند الشهاب ج1 ص40 و 41 و 42 وشرح النهج للمعتزلي ج2 ص279 وج15 ص32.
([403]) المغازي ج2 ص757 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص146 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص64 والبحار ج21 ص59 و 60 عن الواقدي، والمعتزلي.
([404]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص144 و 248 وعن صحيح البخاري ج7 ص583 والسيرة الحلبية ج3 ص66 وتاريخ الخميس ج2 ص70 وعن عيون الأثر ج2 ص352 والطبقات الكبرى ج2 ص190 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص55 وكنز العمال ج10 ص572 والبحار ج21 ص410 وج28 ص131 وج30 ص429 والمسترشد في الإمامة (بتحقيق المحمودي) ص112 والإحتجاج ج1 ص173.
([405]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص207 والمغازي للواقدي ج3 ص1118 وعن تاريخ الأمم والملوك ج3 ص188 وعن السيرة النبوية لدحلان (بهامش الحلبية) ج2 ص339 ومستدرك سفينة البحار ج5 ص37.
([406]) شرح النهج للمعتزلي ج6 ص52 والبحار ج30 ص430 والدرجات الرفيعة ص442 وعن إعلام الورى ج1 ص263 وقصص الأنبياء للراوندي ص355 وحياة الإمام الحسين "عليه السلام" للقرشي ج1 ص205.
([407]) السيرة الحلبية ج3 ص208.
([408]) راجع: دلائل الصدق ج3 ق1 ص4.
([409]) السيرة الحلبية ج3 ص208 والمسترشد للطبري ص116 ودلائل الصدق ج3 ق1 ص4 عن ابن روزبهان. وعن البداية والنهاية ج5 ص242 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص441 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص250 ومستدرك سفينة البحار ج5 ص37 وكتاب للشافعي ج1 ص99 وفقه السنة ج1 ص259 وإختلاف الحديث ص497 وكتاب المستدرك للشافعي ص29 و 160 وعن مسند أحمد ج1 ص209 وج6 ص249 وعن صحيح البخاري ج1 ص166 و 175 وسنن ابن ماجـة ج1 = = ص389 وسنن النسائي ج2 ص84 والسنن الكـبرى للبيهقي ج2 ص304 وج3 ص82 وعن فتح الباري ج1 ص464 وج5 ص269 ومسند ابن راهويه ج3 ص831 والمعجم الأوسط ج5 ص180 وج6 ص253 وسنن الدارقطني ج1 ص382 وشرح النهج للمعتزلي ج10 ص184 وج13 ص33 وكنز العمال ج8 ص311 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص215 و 221 والثقات ج2 ص131 والكامل ج6 ص133 وتاريخ بغداد ج3 ص443 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص439.
([410]) المعيار والموازنة ص211 وجواهر المطالب في مناقب الإمام علي لابن الدمشقي ج2 (هامش) ص172، والمواقف ج8 ص376 وشواهد التنزيل للحسكاني ج1 ص338 ووصول الأخيار إلى أصول الأخبار ص68 وشرح النهج للمعتزلي ج6 ص52 ودعائم الإسلام ج1 ص41 والملل والنحل (ط سنة 1410هـ) ج1 ص30 والدرجات الرفيعة ص442 وعن السقيفة وفدك للجوهري ص77 والمهذب لابن البراج ج1 ص13 والبحار ج28 ص132و 288 وج30 ص431 و 432 وج90 ص124 وج27 ص324 والإستغاثة ص21.
ولا بأس بمراجعة: إثبات الهداة ج2 ص343 و 345 و 346 عن منهاج الكرامة، ونهج الحق. ومفتاح الباب الحادي ص197 وحق اليقين ص178 و 182 ومنار الهدى للبحراني ص433 ومجموع الغرائب للكفعمي ص288 وأبكار الأفكار للآمدي، ومرآة الأسرار لعبد الرحمن بن عبد الرسول، وشرح المواقف للجرجاني ص376 ونفس الرحمن ص598 وإحقاق الحق ص218 ومنهاج الكرامة ص109 وغايـة المـرام ج6 ص110 ومجمع الفـائـدة ج3 ص218 = = والرواشح السماوية ص140 وكتاب الأربعين للشيرازي ص527.
([411]) شرح النهج للمعتزلي ج6 ص52.
([412]) راجع: آفة أصحاب الحديث لابن الجوزي، ومسند أحمد ج6 ص224 وج1 ص231 و 232 و 356 والمنتظم ج4 ص31 ودلائل النبوة ج7 ص191 والإحسان في تقريب صحيح ابن حبان ج14 ص568 وعن صحيح البخاري ج1 ص165 وعن صحيح مسلم ج1 ص312 وعن المصنف لابن أبي شيبة (ط الهند) ج2 ص329 وج14 ص561.
([413]) وفاء الوفاء ج4 ص1169 ومعجم البلدان ج2 ص128 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص173.
([414]) شرح النهج للمعتزلي ج15 ص62.
([415]) تاريخ اليعقوبي (طبع صادر) ج2 ص65.
([416]) تاريخ اليعقوبي (طبع صادر) ج2 ص65.
([417]) تهذيب التهذيب ج2 ص198.
([418]) تلخيص الشافي ج1 ص227.
([419]) النص والإجتهاد (طبع سنة 1386ه ) ص85 و (ط سنة 1404هـ) ص26.
([420]) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ج1 ص205 والبحار ج21 ص55 وإعلام الورى (طبعة ثانية) ص110 وأعيان الشيعة ج2 ص324.
([421]) طبقات ابن سعد ج2 ص129 و 130 وكنز العمال ج10 ص336 عن ابن عساكر.
([422]) السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص26 والبداية والنهاية ج4 ص260 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص72 والإصابة ج1 ص238 وأعيان الشيعة ج2 ص324 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص62 و 63 وتهذيب تاريخ ابن عساكر ج1 ص100 وديوان حسان. وراجع: شرح الأخبار ج3 ص209 وشجرة طوبى ج2 ص297 والدرجات الرفيعة ص77 وعن تاريخ مدينة دمشق ج2 ص20 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص491.
([423]) البداية والنهاية ج4 ص261 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص27 و 28 ومقاتل الطالبيين ص15 وأعيان الشيعة ج2 ص325 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص63 وتهذيب ابن عساكر ج1 ص102 وشرح الأخبار ج3 ص210 و 211 والدرجات الرفيعة ص78 وعن تاريخ مدينة دمشق ج2 ص21 والمجدي في إنساب الطالبيين ص320 عن ديوان كعب بن مالك ص260 ـ 263 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص492 و 493.
([424]) السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص30 والبداية والنهاية ج4 ص258 و 259 ما عدا البيت الثالث. وراجع: تاريخ مدينة دمشق ج68 ص88 وعن أسد الغابة = = ج5 ص385 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص488.
([425]) شرح الأخبار ج3 ص206 و 207.
([426]) كتاب سليم بن قيس (ط النجف) ص188 وقاموس الرجال ج6 ص40 والبحار ج33 ص269 ومواقف الشيعة ج2 ص72.
([427]) الإحتجاج ج2 ص61 والبحار ج44 ص99 ومواقف الشيعة ج1 ص368 والعدد القوية ص49.
([428]) نهج البلاغة (بتحقيق عبده) ج3 ص9 والبحار ج33 ص112 و 115 ونور البراهين ج2 ص318 ونهج السعادة للمحمودي ج4 ص180 وشرح النهج للمعتزلي ج14 ص47 وج15 ص77 وأنساب الأشراف ص281 ووقعة صفين للمنقري ص90 وجواهر المطالب في مناقب الإمام علي ج1 ص360 والعقد الفريد ج4 ص336 والمناقب للخوارزمي ص176 ووضوء النبي للشهرستاني ج2 ص328.
([429]) أعيان الشيعة ج4 ص124.
([430]) ذخائر العقبى ص219 والبحار ج21 ص64 ومجمع الزوائد ج6 ص160 والمصنف للصنعاني ج5 ص266 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص73 وكنز العمال ج11 ص665 والدرجات الرفيعة ص77 وعن عيون الأثر ج2 ص168 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص153.
([431]) الطبقات الكبرى ج4 ص38 وراجع: كنز العمال ج11 ص665 وعن تاريخ مدينة دمشق ج19 ص369.
([432]) البحار ج37 ص63 عن تفسير فرات، ومستدرك سفينة البحار ج3 ص36 وتفسير فرات الكوفي (ط وزارة الإرشاد والثقافة الإسلامي ـ طهران) ص80.
([433]) قرب الإسناد ص25 ح84 والكافي (الروضة) ص49 والبحار ج22 ص275 ومنتخب الأثر ص173.
([434]) عيون أخبار الرضا ج2 ص231 والخصال ص484 و 77 والبحار ج21 ص24 وراجع: ومنتهى المطلب (ط قديم) ج1 ص359 والذكرى ص249 وروض الجنان ص327 ومدارك الأحكام ج4 ص206 وذخيرة المعاد ج2 ص349 والحدائق الناضرة ج10 ص498 وجواهر الكلام ج12 ص200 ومسند زيد بن علي ص203 والمبسوط للطوسي ج10 ص23 والقواعد والفوائد ج2 ص160 والوسائل (ط دار الإسلامية) ج5 ص195 و 197 ومستدرك الوسائل ج6 ص227 والمسترشد للطبري ص333 ومقاتل الطالبيين ص6 وشرح الأخبار ج3 ص204 ومكارم الأخلاق ص262 والإحتجاج ج1 ص172 وذخائر العقبى ص214 وعمدة الطالب لابن عنبة ص35 والبحار ج18 ص413 وج21 ص23 و 24 و 25 و 63 وج22 ص276 وج38 ص294 وج39 ص207 وج73 ص283 وج88 ص207 و 208 و 211 وشجرة طوبى ج2 ص297 والمستدرك للحاكم النيسابوري ج2 ص624 وج3 ص211 ومجمع الزوائد ج6 ص30 وج9 ص271 و 272 و 419 وج11 ص44 والمصنف لابن أبي شيبة ص7 ص516 و 732 وج8 ص466 والآحاد والمثاني ج1 ص277 وشرح معاني الآثار ج4 ص281 والأحاديث الطوال ص45 والمعجم الصغير ج1 ص19 والمعجم الأوسط ج2 ص287 والمعجم الكبير ج2 ص111 وج22 ص100 وشرح النهج للمعتزلي ج4 ص128 وج15 ص72 ونصب الراية ج6 ص152 = = و 153 وكنز العمال ج11 ص665 و 666 وج13 ص323 وتفسير مجمع البيان ج3 ص401 ومنتقى الجمان ج2 ص272 والدرجات الرفيعة ص69 و 74 والطبقات الكبرى ج2 ص108 وج4 ص35 والكامل لابن عدي ج5 ص243 وأسد الغابة ج1 ص287 وتهذيب الكمال ج5 ص53 وسير أعلام النبـلاء ج1 ص213 و و 216 و 437 وتهذيب التهذيب ج2 ص84 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص56 والتنبيه والإشراف ص223 والبداية والنهاية ج3 ص91 و 98 وج4 ص234 والعبر وتاريخ المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص40 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص216 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص818 وبشارة المصطفى ص163 وإعلام الورى ص210 وقصص الأنبياء للراوندي ص345 والسيرة النبوية لابن كثير ج2 ص16 و 30 وج3 ص390 و 391 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص136 وج11 ص106 و 107 وينابيع المودة ج1 ص468 وج2 ص80 واللمعة البيضاء للتبريزي ص295.
([435]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص146 و 147 وفي هامشه: عن الدر المنثور ج3 ص189 عن ابن عساكر، والمغازي للواقدي ج2 ص758 والبحار ج21 ص60 عن المعتزلي، وتاريخ مدينة دمشق ج28 ص120 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص65.
([436]) المغازي للواقدي ج2 ص736 وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص66 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص145 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص319 وعن عيون الأثر ج2 ص165 ومجمع الزوائد ج6 ص157 وعن البداية والنهاية ج4 ص275 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص829 وإعلام الورى ج1 ص213 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص455 وشرح الأخبار ج3 ص206 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص176 والبحار ج21 ص56 وشجرة طوبى ج2 ص298 والنص والإجتهاد ص28 والطبقات الكبرى ج2 ص128 وعن تاريخ مدينة دمشق ج2 ص7 وج28 ص124 وعن أسد الغابة ج3 ص158.
([437]) الآية 71 من سورة مريم.
([438]) المغازي للواقدي ج2 ص736 و 737 وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص66 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص145 وتاريخ الخميس ج2 ص70 ومجمع الزوائد ج6 ص157 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص62 وعن تاريخ مدينة دمشق ج2 ص6 وج28 ص124 وعن أسد الغابة ج3 ص158وتهذيب الكمال ج14 ص507 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص319 وعن البداية النهاية ج4 ص276 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص830 وعن عيون الأثر ج2 ص165 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص456.
([439]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص145 و 146. وراجع: مجمع الزوائد ج6 ص158 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص65 وعن تاريخ مدينة دمشق ج2 ص6 وج28 ص93 و 94 و 124 وعن البداية النهاية ج4 ص276 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص830 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص456.
([440]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص147 وقال في هامشه: أخرجه الترمذي (527) وأحمد في المسند ج1 ص224 وابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق ج7 ص393.
وراجع: نيل الأوطار ج8 ص24 وعن مسند أحمـد ج3 ص141 و 153 و 207 و 433 وج5 ص266 وعن صحيح البخاري ج3 ص202 وعن صحيح مسلم ج6 ص36 وسنن ابن ماجة ج2 ص921 وسنن الترمذي ج3 ص100 و 101 والسنن الكبرى للبيهقي ج3 ص187 وشرح مسلم للنووي ج13 ص26 ومجمع الزوائد ج5 ص279 وتحفة الأحوذي ج3 ص54 وج5 ص235 ومسند أبي داود ص352 وعن المصنف لابن أبي شيبة ج4 ص560 وج8 ص545 ومسند ابن راهويه ج1 ص381.
وراجع: منتخب مسند عبد بن حميد ص168 و 219 وصحيح ابن حبان ج10 ص462 والمعجم الأوسط ج5 ص95 والمعجم الكبير ج6 ص190 وج11 ص307 ومسند الشاميين ج3 ص310 ورياض الصالحين للنووي ص524 وكنز العمال ج4 ص304 و 318 و 319 وج10 ص561 وعن أحكام القرآن للجصاص ج3 ص600 والجامع لأحكام القرآن ج6 ص261 وج17 ص265 وعن تفسير القرآن العظيم ج4 ص298 والدر المنثور ج1 ص249 و 250 وعن تاريخ مدينة دمشق ج28 ص92 وج41 ص483 وتذكرة الحفاظ ج4 ص1271 وتاريخ جرجان ص146.
([441]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص147 والمغازي للواقدي ج2 ص759 وعن الإصابة ج4 ص74 و 75 وعن تاريخ مدينة دمشق ج28 ص117 و 118 و 119 وعن البداية والنهاية ج4 ص277.
([442]) كما دلت عليه النصوص التي ذكرت: أنه "صلى الله عليه وآله" أرسل عمرو بن العاص يستنفر العرب إلى الشام (سبل الهدى والرشاد ج6 ص167)، وهو ما ذكر ابن إسحاق أنه حصل قبل مؤتة، فراجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص172 وتاريخ الخميس ج2 ص75.