الــصــحـيـــح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) ج18
العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي
المركز الإسلامي للدراسات
بسم الله الرحمن الرحيم
الفصل الرابع:
قلع باب خيبر.. أحداث وتفاصيل
علي × قالع باب خيبر:
وقالوا أيضاً: "وقتل علي يومئذٍ ثمانية من رؤسائهم، وفر الباقون إلى الحصن، فتبعهم المسلمون. فبينما علي يشتد في أثرهم، إذ ضربه يهودي على يده ضربة سقط منها الترس، فبادر يهودي آخر، فأخذ الترس، فغضب علي، فتناول باب الحصن، وكان من حديد، فقلعه، وتترس به عن نفسه"([1]).
قال ابن إسحاق: حدثني عبد الله بن حسن، عن بعض أهله، عن أبي رافع مولى رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال: خرجنا مع علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ حين بعثه رسول الله "صلى الله عليه وآله" برايته، فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله فقاتلهم، فضربه رجل من يهود ـ وقد صرحوا بأنه مرحب([2]) ـ فطرح ترسه من يده فتناول علي باباً كان عند الحصن فترَّس به عن نفسه، فلم يزل في يده، وهو يقاتل، حتى فتح الله تعالى عليه الحصن.
ثم ألقاه من يده حين فرغ، فلقد رأيتني في نفر سبعة أنا ثامنهم، نجهد على أن نقلب ذلك الباب، فما نقلبه([3]).
وعن زرارة، عن الإمام الباقر "عليه السلام": انتهى إلى باب الحصن، وقد أغلق الباب في وجهه، فاجتذبه اجتذاباً، وتترس به، ثم حمله على ظهره، واقتحم الحصن اقتحاماً، واقتحم المسلمون والباب على ظهره..
إلى أن قال "عليه السلام": ثم رمى بالباب رمياً الخ..([4]).
قال الدياربكري: ثم لما وضعت الحرب أوزارها ألقى علي ذلك الباب الحديد وراء ظهره ثمانين شبراً.. وفي هذا قال الشاعر:
عـلي رمى بـاب المـديـنـة خـيـبر ثـمانـين شــبراً وافـيـــاً لم يـثلـم([5])
غير أن الحلبي قال: "قال بعضهم: في هذا الخبر جهالة وانقطاع ظاهر.
قال: وقيل: ولم يقدر على حمله أربعون رجلاً. وقيل: سبعون.
وفي رواية: أن علياً كرم الله وجهه لما انتهى إلى باب الحصن اجتذب أحد أبوابه، فألقاه بالأرض، فاجتمع عليه بعده سبعون رجلاً، فكان جهداً أن أعادوه إلى مكانه"([6]).
وقال القسطلاني: "قلع علي باب خيبر، ولم يحركه سبعون رجلاً إلا بعد جهد".
وروى البيهقي من طريقين: عن المطلب بن زياد، عن ليث بن أبي سليم، عن أبي جعفر محمد بن علي ـ رضي الله عنه ـ عن آبائه، قال: حدثني جابر بن عبد الله: أن علياً "عليه السلام" حمل الباب يوم خيبر، حتى صعد عليه المسلمون فافتتحوها، وأنه جرب بعد ذلك فلم يحمله أربعون رجلاً. رجاله ثقات إلا ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف([7]).
وفي شواهد النبوة: روي أن علياً "عليه السلام" بعد ذلك حمله على ظهره، وجعله قنطرة حتى دخل المسلمون الحصن([8]).
وهذا إشارة إلى وجود خندق كان هناك، فلما أغلقوا باب الحصن صار أمير المؤمنين "عليه السلام" إليه، فعالجه حتى فتحه، وأكثر الناس من جانب الخندق لم يعبروا معه، فأخذ أمير المؤمنين "عليه السلام" باب الحصن فجعله على الخندق جسراً لهم، حتى عبروا، فظفروا بالحصن، ونالوا الغنائم.
فلما انصرفوا من الحصن أخذه أمير المؤمنين "عليه السلام" بيمناه، فدحا به أذرعاً من الأرض. وكان الباب يغلقه عشرون رجلاً([9]).
وقيل: لما قلع علي "عليه السلام" باب الحصن اهتز الحصن، فسقطت صفية عن سريرها، وشجت وجهها.
وقالوا أيضاً: إن ضربته "عليه السلام" على رأس مرحب بلغت إلى السرج، فقده نصفين([10]).
وخُبِّر النبي "صلى الله عليه وآله" عن رميه "عليه السلام" باب خيبر أربعين شبراً، فقال "صلى الله عليه وآله": والذي نفسي بيده، لقد أعانه عليه أربعون ملكاً([11]).
قال القسطلاني: قال شيخنا: "قال بعضهم: وطرق حديث الباب كلها واهية، ولذا أنكره بعض العلماء"([12]).
وفي بعضها قال الذهبي: إنه منكر.
وفي الإمتاع: وزعم بعضهم: أن حمل علي كرم الله وجهه الباب لا أصل له، وإنما يروونه عن رعاع الناس، وليس كذلك. ثم ذكر جملة ممن خرجه من الحفاظ"([13]).
ونقول:
إن لنا مع هذه النصوص العديد من الوقفات، نجملها فيما يلي:
إختلافات لا تضر: أربعون أم سبعون:
وقد يقال: إن اختلاف الروايات في عدد الذين جربوا حمل ذلك الباب، بين ثمانية رجال، وأربعين، وسبعين.. دليل على عدم صحة الرواية، وعلى أن ثمة من يتعمد الكذب في هذا الأمر.
غير أننا نقول:
إن الاختلاف الذي يضر: هو ذلك الذي يشير إلى تناقض لا مجال للخروج منه وعنه..
ولكن الأمر هنا ليس كذلك، إذ لعل جميع هذه الروايات صحيحة، على اعتبار: أن محاولات حمل أو قلب ذلك الباب قد تعددت، وفشلت كلها. فأخبر كل واحد من الرواة عن الواقعة التي رآها.
باب واحد، أم بابان في خيبر؟!:
وقد يقال أيضاً: إن حديث اقتلاع باب خيبر قد جاء بصور مختلفة، حيث إن بعضها ذكر: أن علياً "عليه السلام" اقتلع باب حصن خيبر.
وبعضها يقول: إن ترسه طرح من يده، فوجد عند الحصن باباً، فأخذه فترَّس به نفسه. فإذا كانت الرواية متناقضة فلا يمكن الأخذ بها..
ونقول:
أولاً: إن تناقض الرواية لا يعني أن جميع نصوصها مكذوبة.
ثانياً: إن من الممكن: أن يكون هناك بابان، ترَّس "عليه السلام" بأحدهما عن نفسه، ثم لما انتهى إلى الحصن طرحه، وأخذ باب الحصن بيده، فاقتلعه، وجعله جسراً للمسلمين، ليصعدوا عليه، وهو حامل له..
وربما يكون أحدهما: هو الذي لم يستطع الثمانية أن يقلبوه..
والآخر: هو الذي عجز عن حمله، الأربعون تارة، والسبعون أخرى..
وربما يكون أحدهما من الحديد، والآخر من الحجر، وقد يختلط الأمر على الرواة، فيصفون أحدهما بما يكون للآخر..
التكبير من السماء:
وقد ذكرت الروايات: أن الناس سمعوا تكبيراً من السماء في ذلك اليوم، وسمعوا نداء يقول:
لا ســيــف إلا ذو الـفــقـــــار ولا فـــتــــــى إلا عــــــــــلي
وقد أشرنا: إلى بعض ما يستفاد من هذا النداء في واقعة أحد، في الجزء السابع من هذا الكتاب (الطبعة الخامسة)، فلا بأس بمراجعة ما ذكرناه هناك..
ونضيف هنا أموراً ثلاثة:
أحدها: أن هذا التكبير، وذلك النداء هما بمثابة إعطاء الدليل الحاسم لكل عاقل يحترم نفسه بحقانية هذا الدين، وبأنه مرعي من رب الأرض والسماء، ولا بد أن يزيد هذا الأمر من صلابة الإنسان المؤمن في الدفاع عن دينه، ويزيل أي شك، أو ريب من قلبه..
فلا مجال بعد هذا للتفكير بالفرار من الزحف، ولا مبرر للضعف أمام مظاهر القوة، ولا يصح الانبهار بكثرة الأعداء.. فلا مبرر إذن لأي فرار يحدث، أو ضعف يظهر بعد ذلك، كالذي حدث في حنين وفي خيبر، أو في غيرهما.
كما لا مبرر لاستمرار اليهود على عنادهم، وكفرهم، بعد أن رأوا هذه الآية السماوية الظاهرة.
فإصرارهم على الحرب يدل: على أنهم ليسوا طلاب حق وحقيقة، وأنهم لا يتخذون مواقفهم تلك بسبب شبهة عرضت لهم، أو لأنهم بحاجة إلى المزيد من الدلالات على الحق.
بل كل ما في الأمر هو: أنهم ينقادون لشهواتهم، وأن الشيطان يزين لهم أعمالهم، ويعدهم، ويمنيهم، وما يعدهم الشيطان إلا غروراً.
الثاني: أن ذلك التكبير والنداء، الذي جاء بعد تحقيق هذا الإنجاز العظيم، يمثل إدانة للذين هربوا، أو ضعفوا، وإعلان أن سيوفهم، ليست سيوفاً حقيقية، وأن مظاهر الرجولة، والفتوة، والقوة فيهم ليست واقعية، فإنه:
لا ســيــف إلا ذو الـفــقـــــار ولا فـــتــــــى إلا عــــــــــلي
الثالث: أن هذا التكبير قد جاء ليكون هو المفردة التي اختيرت لإعلان هذا النصر، وربما يكون فيه أيضاً إلماحة: إلى أن السبب فيما جرى للمسلمين، هو: اغترارهم بكثرتهم، وشعورهم بأنهم قد سجلوا انتصارات عظيمة، حين كانوا دون هذا العدد.. كما في بدر وأحد، والخندق.. مع أن تلك الإنتصارات لم تكن على أيديهم، بل كانت على يد علي "عليه السلام" بالذات..
كما أن اليهود قد غرتهم أيضاً كثرتهم، وحسن عدتهم، ومناعة حصونهم، ووفرة المال في أيديهم.. رغم أنهم قد رأوا ماذا كان مصير أهل العدة من المشركين، وكذلك من إخوانهم الذين حاربوا النبي "صلى الله عليه وآله" في بدر، وأحد، والخندق، وقريظة، وقينقاع، والنضير، وغير ذلك..
وقد كان نصيب هؤلاء وأولئك هو الفرار، والهزيمة، والبوار، وظهر لهم جميعاً؛ أن كل شيء يعتمدون عليه سوى الله ما هو إلا يباب وسراب، فلا شيء أكبر من الله، ولايصح الاعتماد إلا عليه، ولا اللجوء إلا إليه.
وقد جاء هذا البيان الإلهي، بهذه الطريقة الغيبية، ليخاطب وجدان الإنسان وضميره، ويجعل هذا الوجدان هو الطريق إلى القلب، الذي يوظف المشاعر الإيمانية، ونداء الفطرة، وما يقدمه العقل من شواهد ودلالات في تمهيد السبيل إليه، واقتباس الدليل الواضح عليه..
لا سيف إلا ذو الفقار في خيبر أيضاً:
ورووا أيضاً: أن علياً "عليه السلام" لما شطر مرحباً شطرين نزل جبرئيل من السماء متعجباً، فقال له النبي "صلى الله عليه وآله": ممَّ تعجبت؟
فقال: إن الملائكة تنادي في صوامع جوامع السماوات:
لا ســيــف إلا ذو الـفــقـــــار ولا فـــتــــــى إلا عــــــــلي([14])
وذكر أحمد في الفضائل: أنهم سمعوا تكبيراً من السماء في ذلك اليوم، وقائلاً يقول:
لا ســيــف إلا ذو الـفــقـــــار ولا فـــتــــــى إلا عــــــــــلي
فاستأذن حسان بن ثابت رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن ينشد شعراً، فأذن له، فقال:
جـبريــل نـــادى مــعـلنــــاً والـنـقــع لـيـس بــمــنـجـــلي
والمــسـلـمـون قـد أحــدقـوا حــول الــنـبــي المـــــرســــل
لا سـيــف إلا ذو الـفـــقــــار ولا فــتـــى إلا عــــــــــــلي([15])
قال سبط ابن الجوزي: "فإن قيل: قد ضعَّفوا لفظة: لا سيف إلا ذو الفقار.
قلنا: الذي ذكروه: أن الواقعة كانت في يوم أحد.
ونحن نقول: إنها كانت في يوم خيبر".
وكذا ذكر أحمد بن حنبل في الفضائل: وفي يوم أحد، فإن ابن عباس قال: لما قتل علي "عليه السلام" طلحة بن أبي طلحة حامل لواء المشركين صاح صائح من السماء:
لا ســيــف إلا ذو الـفــقـــــار ولا فـــتــــــى إلا عــــــــــلي
قالوا: في أسناد هذه الرواية عيسى بن مهران، تكلم فيه، وقالوا: كان شيعياً.
أما يوم خيبر فلم يطعن فيه أحد من العلماء([16]).
وقيل: إن ذلك كان يوم بدر. والأول أصح.
تشكيكهم بقلع باب خيبر:
وحين تصل النوبة إلى تضحيات علي "عليه السلام" وكراماته، فإن الأذهان تتفتق, والمواهب تشرئب، والعبقريات الخارقة تنشط من عقالها.. والبراعة الفائقة تتجلى, ونظارة التنقيب والاستقصاء تنطلق لتتحرى, وتبحث وتنقب, لتستخرج المدخرات، ولتنثر الجواهر والدرر من جعبتها, فيقولون لك:
هذا الخبر فيه جهالة, وذاك فيه انقطاع ظاهر, وذلك الخبر ضعيف, أو منكر.
بل تجد من يقول: طرق حديث الباب كلها واهية، أو حديث الباب لا أصل له, أو أنه يروى عن رعاع الناس..
وقد فات هؤلاء الناس:
أولاً: إذا ثبت حديث قلع الباب، وغيره من طريق أهل البيت "عليهم السلام"، فلا نبالي ما يقول فلان، وما يسطره علان.. لأن أهل البيت "عليهم السلام" أدرى بما فيه، وهم أحد الثقلين اللذين لن يضل من تمسك بهما.
ولذلك تجدنا مطمئنين لما عندنا من حقائق لا يخالجنا فيها شك، ولا تأخذنا في التمسك بها والحرص عليها لومة لائم..
ثانياً: إن حديث قلع الباب ثابت حتى من طرق غير أهل البيت "عليهم السلام" وشيعتهم الأبرار.
ولبيان زيف تضعيفاتهم لهذا الخبر نقول:
إن الذين روي عنهم حديث قلع علي "عليه السلام" باب خيبر, وأن أربعين أو سبعين رجلاً قد عجزوا عن حمله, أو عن قلبه, هم من غير الشيعة, فإن كان ثمة اختلاق لهذا الخبر، فلا تصح نسبته إلى الشيعة..
ثالثاً: إن كون الطريق ضعيفاً لا يعني: أن مضمونه لا أصل له. فإن الكذَّاب والوضَّاع لا يكون جميع ما يرويه مختلقاً وموضوعاً.. بل يكون أكثر ما يرويه صحيحاً, ولكنه يدخل فيه بعض الموضوعات أو التحريفات, التي تخدم أغراضه..
ولو كان جميع ما يرويه مختلقاً لوجد نفسه في موضع الإفلاس، ولم يجد من يأخذ منه، وعنه.. فما معنى حكمهم الجازم على حديث قلع الباب بالاختلاق والوضع، أو نحو ذلك؟!
رابعاً: لقد حكموا على بعض طرق الحديث: بأن فيه انقطاعاً.
وقالوا عن خبر آخر: إن رجاله ثقات, باستثناء شخص واحد هو ليث بن أبي سليم, مع أنه وإن ضعَّف الكثيرون منهم ليثاً هذا, ولكن آخرين منهم قد أثنوا عليه, ووصفوه بالصلاح والعبادة, وبغير ذلك, ولم يصفه أحد بالكذب, ولا بالوضع على الإطلاق..
بل قالوا عنه: إنه ضعيف في الحديث, أو مضطرب الحديث, أو ليِّن الحديث, أو نحو ذلك..
وذكروا هم أنفسهم أن سبب ذلك: هو أنه اختلط في آخر عمره. فهذا هو السبب إذن في طعنهم عليه وتضعيفه.
بل إنهم قد وثقوه, ووصفوه بأنه صدوق, وصاحب سنة, وصالح, وعابد ونحو ذلك..
فذلك يدل على: أنه في نفسه ليس من رعاع الناس, وإليك طائفة من كلماتهم فيه، نأخذها من كتاب تهذيب التهذيب متناً وهامشاً.
قال الذهبي: أحد العلماء، كوفي.
وقال ابن حجر في تقريب التهذيب: صدوق، اختلط أخيراً, ولم يتميز حديثه, فترك.
وقال العجلي: جائز الحديث.
وقال عبد الوارث: من أوعية العلم.
وقال ابن معين: منكر الحديث، صاحب سنة.
وقال عثمان ابن أبي شيبة: صدوق ضعيف الحديث.
وقال ابن شاهين: في الثقات.
وقال الساجي: صدوق فيه ضعف, كان سيِّئ الحفظ, كثير الغلط.
وقال البزار: كان أحد العُبَّاد, إلا أنه أصابه اختلاط, فاضطرب حديثه, وإنما تكلم فيه أهل العلم بهذا, وإلا فلا نعلم أحداً ترك حديثه..
وقال ابن سعيد: كان رجلاً صالحاً عابداً.. وكان ضعيفاً في الحديث..
ثم ذكر: أنه كان يسأل عطاء, وطاووساً، ومجاهداً، فيختلفون فيه, فيروي أنهم اتفقوا من غير تعمد.
وقال ابن حِبان: اختلط في آخر عمره, فكان يقلب الأسانيد, ويرفع المراسيل الخ..
وقال الدارقطني: صاحب سنة, يكتب حديثه, إنما أنكر عليه الجمع بين عطاء، وطاووس، ومجاهد حسب..
وسئل عنه يحيى, فقال: لا بأس به.
وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة, وقد روى عنه شعبة والثوري, ومع الضعف الذي فيه يكتب حديثه.
وقال محمد: ليث صدوق, يهم.
وقال فضيل بن عياض: كان ليث أعلم أهل الكوفة بالمناسك.
وسأل ابن أبي حاتم أباه عنه، فقال: ليث عن طاووس أحب إلي من سلمة بن وهرام عن طاووس.
قلت: أليس تكلموا في ليث؟
قال: ليث أشهر من سلمة. ولا نعلم روى عن سلمة إلا ابن عيينة، وربيعة.
فهذه العبارات وأمثالها قد أفادت: أن اختلاطه في آخر عمره هو السبب في تكلمهم في حديثه, أما هو نفسه فقد وصفوه بأجل الأوصاف كما رأينا..
فإذا حصل الاطمئنان: بأن ما رواه إنما رواه قبل الاختلاط, خصوصاً إذا تأيدت صحته من طرق أخرى, كما في رواية عبد الله بن حسن، عن بعض أهله، عن أبي رافع, وكذلك غيرها من الطرق التي ذكرها البيهقي في دلائل النبوة, وما أورده في الإمتاع, فإن الرواية تصبح صحيحة، ولا يكون رواتها من الرعاع، وليس فيها انقطاع ولا جهالة، ولا غير ذلك.
رابعاً: قد ذكر العلماء: أن تعدد طرق الحديث يعد من الشواهد التي توصله إلى درجة الحسن([17]).
وقال الزرقاني: "..ومن القواعد: أن تعدد الطرق يفيد: أن للحديث أصلاً"([18]).
خامساً: ما معنى وصف رواة هذا الحديث بأنهم من رعاع الناس.. وفيهم جعفر بن محمد، عن آبائه "عليهم السلام", وفيهم أبو رافع, وعبد الله بن حسن, وسواهم ممن يعتمد عليهم نفس هؤلاء الجارحين, ويصفونهم بالأوصاف الحميدة, ويثنون عليهم الثناء الجميل, ويعظمونهم؟!
سادساً: إن رواة هذه القضايا, والذين دوّنوها في مجاميعهم الحديثية والتاريخية ـ وهم من غير الشيعة ـ إنما رووها ودونوها باختيارهم، وبمبادرة منهم.
وقد ذكروا لها أسانيد فيها رجال يحترمونهم، ويعتمدون عليهم، ويأخذون عنهم معالم دينهم، فهل من المعقول أن يكذب هؤلاء على علمائهم، وأن ينسبوا لهم الموضوعات، والمختلقات؟!
فكيف إذا كان هؤلاء الرواة ممن لا يحبون إظهار فضائل علي "عليه السلام"؟! حتى إذا رووا فضيلة له "عليه السلام", فإنما يضطرهم إلى روايتها ظهور شهرتها, وذيوع صيتها, وعدم تمكنهم من تجاهلها, لأن إهمالهم لها يضعف الثقة بعلمهم, وبإحاطتهم, وبصحة معارفهم..
ولأجل ذلك: يحاولون الإبهام والإيهام فيها قدر الإمكان, ويسعون إلى إعطاء الأوسمة, ومنح الفضائل والكرامات للفريق المناوئ لعلي "عليه السلام".
وهذا أمر لا يكاد يخفى على من له أدنى معرفة بالحديث والتاريخ..
وأخيراً نقول:
وما أوفق قول الشاعر الآتي بمقامنا هذا:
ومكـارم شـهــد العدو بفضلها والـفـضـل مـا شهدت به الأعداء
ما قلعته بقوة جسمانية:
ثم إنهم قد رووا أيضاً: أن علياً "عليه السلام" قال: ما قلعت باب خيبر بقوة جسمانية، ولكن بقوة إلهية([19]).
وفي نص آخر: أن عمر سأل علياً "عليه السلام" قال: يا أبا الحسن، لقد اقتلعت منيعاً، وأنت ثلاثة أيام خميصاً، فهل قلعتها بقوة بشرية؟!
فقال "عليه السلام": ما قلعتها بقوة بشرية، ولكن قلعتها بقوة إلهية، ونفس بلقاء ربها مطمئنة رضية([20]).
وجاء في رسالته "عليه السلام" لسهل بن حنيف قوله: "والله، ما قلعت باب خيبر، ورميت به خلف ظهري أربعين ذراعاً بقوة جسدية، ولا حركة غذائية، لكنني أيدت بقوة ملكوتية، ونفس بنور ربها مضيئة، وأنا من أحمد كالضوء من الضوء الخ.."([21]).
ونقول:
1 ـ بالرغم من أن علياً "عليه السلام" قد حقق أعظم إنجاز بفتح خيبر وبقلع باب حصنها، وجعله ترساً وحمله بيده جسراً.. فإنه لا ينسب ذلك إلى نفسه، ولا يدَّعي: أنه قد فعل ذلك بقوته الشخصية، وبقدرته الذاتية، بل هو قد نسب ذلك إلى قدرة الخالق جل وعلا.. وبذلك يكون قد لقن نفسه، وعلَّم الناس بصورة عملية درساً في هضم النفس وفي التواضع لله عز وجل، والإستكانة والخضوع له.
2 ـ إنه بذلك يكون قد أبعد الناس عن الغلو فيه، من حيث إنه قد أفقدهم أي مبرر لذلك، وقد كان "عليه السلام" مهتماً بالحفاظ على صفاء الفكر ونقاء العقيدة لدى كل الآخرين وقد عرَّفهم أيضاً: أن الأمور لا تؤخذ على ظاهرها، بل لا بد من التأمل والتدبر والتفكر فيها، ووضع الأمور في مواضعها الصحيحة.
3 ـ إنه "عليه السلام" قد أوضح: أن الاطمينان إلى لقاء الله سبحانه، والرضا به هو العنصر المؤثر على صعيد التضحية والجهاد، أما إذا بقي الإنسان متعلقاً بالدنيا ومخلداً إلى الأرض، فإنه لن يتمكن من تحقيق شيء، بل هو سوف يبقى يعيش الضعف، والهروب، والفشل الذريع، والخيبة القاتلة، والخزي في الدنيا، والخسران في الآخرة.
وللشعراء كلمتهم:
وبعد، فإننا إذا رجعنا إلى عالم الشعر, فسنجد أنه قد خلد هذه الواقعة بكل تفاصيلها. فآلم ذلك قلوب مناوئي علي "عليه السلام", وأقضَّ مضاجعهم.
ونكتفي هنا: بذكر مقطوعة واحدة تذكر فرار الذين فروا من خيبر, وهي مقطوعة من القصيدة البائية لابن أبي الحديد المعتزلي.
ثم نعقب ذلك: بنماذج من الشعر الذي ذكر فيه قلع علي "عليه السلام" باب خيبر, وسوف لا نكثر من ذلك, ولا نتجاوز فيما نختاره موضع الشاهد.
فأما المقطوعة التي أنشدها المعتزلي في بائيته المشهورة, فهي التالية:
وما أنس لا أنس اللـذين تقدمــا وفـرهمــا والــفــرّ قد علما حوب
وللرايــة العظمى وقـد ذهبـا بها مـلابـس ذل فـوقـهـا وجـلابيـب
يشلهـما من آل مـوسى شـمـردل طويل نجاد السيف أجيـد يعبوب
يـمج منـونـاً سـيـفـه وسنانـــــه ويـلـهب نـاراً غـمـده والأنابيـب
أحضرهما أم حضر أخرج خاضب وذان همـا؟ أم نـاعم الخد مخضوب
عـذرتـكـما إن الحــمام لمـبـغــض وإن بـقـاء النفس للنفس محـبوب
ليكره طعم المـوت والموت طـالب فكيف يلذُّ الموت والموت مطلوب([22])
وأما القدر اليسير، الذي اخترناه من الكثير مما قيل في قلع علي "عليه السلام" لباب خيبر, فهو ما يلي:
قال ابن حماد العبدي، (وهو من أعلام القرن الرابع) في جملة قصيدة له:
وزج بباب الحصن عـن أهـل خيبر وسـقَّـى الأعـادي حتفها وحماها([23])
وقال أيضاً:
وأبـوهـم لبـاب خـيـبر أضـــحى قالعــاً ليس عـاجــزاً بـل جسور
حـامل الـرايـة التي ردهـــا بـــالأ مس مـن لم يـزل جبـانـاً فــرورا([24])
وقال أبو القاسم الزاهي (المتوفى سنة 352هـ):
من أعـطي الــرايــة يـــوم خـيـبر من بعـدما بها أخو الدعوى نكص
وراح فـيـهـا مـبـصـراً مستبـصـراً وكـان أرمـداً بـعـيـنـه الــرمـص
فـاقـتـلـع البـاب ونـــال فـتــحـه ودكَّ طــود مـرحــب لمـا قعص([25])
وقال أبو فراس الحمداني (المتوفى سنة 357هـ):
من كان صاحب فتح خيبر من رمى بالـكــف مـنــه بــابه ودحـــاه([26])
وقال بعض الشعراء، في فرارهم، وفي فتح الله تعالى خيبر على يدي علي "عليه السلام":
إذا كـنـتـم ممـن يــروم لحــاقـــه فـهـلا برزتم نحو عمرو ومرحب
وكيـف فـررتـم يـوم أحد وخيـبر ويـوم حـنـين مـهـربـاً بعد مهرب
ألم تـشهدوا يوم الإخـاء وبيعـة الـ ـغـديـر وكـل حـضر غـير غـيب
فـكـيـف غـدا صنو النفيـلي ويحـه أمـيراً عـلى صـنـو الـنبي المرجب!
وكـيـف علا من لا يطا ثوب أحمد على من عـلا من أحمد فوق منكب
إمـام هدى ردت له الشمس جهرة فصـلى أداءً عصره بعـد مغــربِ([27])
وقال القاضي الجليس (المتوفي سنة 561هـ.) في جملة قصيدة يمدح بها علياً "عليه السلام":
ومن هـزَّ باب الحصن في يوم خيبر فزلـزل أرض المشركين وزعزعـا([28])
وقال ابن مكي النيلي (المتوفي سنة565هـ): من قصيدة يمدح بها أمير المؤمنين "عليه السلام":
فهـزهـا فـاهـتـز من حــولهـــم حصنـاً بنـوه حجــراً جـلمــــد
ثــم دحــا البـــاب على نـبـــذة تمــســح خمسـين ذراعـــاً عــدد
وعـــبر الجــيـش عــلى راحــته حيــدرة الطــاهــــر لمـــا وردا([29])
وقال علاء الدين الحلي (وهو من أعلام القرن الثامن), في قصيدة له:
ودنـا مـن الحصن الحصـين وبابـه مسـتـغـلـق حــذر المـنـية موصد
فـدحــاه مـقـتـلعـاً لـه فغـدا لـه حسـان ثـابـت في المـحـافل ينشد
إن امـرءاً حمــل الــرتـاج بـخـيبر يــوم الــغدير بـقـدرة لمــؤيــــد
حمـل الرتـاج رتـاج باب قموصها والمـسـلـمـون وأهـل خيبر تشهد
فـرمــى بـه ولقـد تـكـلـف رده سبـعـون شـخـصـاً كلهم متشدد
ردوه بــعــد تـكـلـف ومشـقـة ومـقـال بـعضهم لبعض أرددوا([30])
وقال أيضاً في قصيدة أخرى:
أم يـوم خـيـبر إذ بـرايـة أحـمـد ولى لـعـمـرك خـائـفـاً متوجـــل
ومـضـى بهـا الثـاني, فآب يجرهـا حــذر المـنـيـة هـــارباً ومهـرول
هـلا سـألتهـما وقـد نـكصـا بهـا متخاذلـين إلى الـنـبــي وأقـبـــل
من كان أوردها الحتوف سوى أبي حسن وقـام بهـا المـقــام المــهول
وأبـاد مـرحـبـهـم ومـد يـمـيـنه قلـع الـرتاج وحصن خيبر زلزلا([31])
ويقول زين الدين الحميدي:
جـعـل الـبـاب معجز القول ثقلاً تـــرسه يـــوم خيـبر بنجــــاء([32])
هذا وقد ذكر الصاحب بن عباد في كتابه "الإبانة" قول رسول الله "صلى الله عليه وآله" لعلي "عليه السلام" في خيبر: لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله, ويحبه الله ورسوله, كرار غير فرار.
وأنه "عليه السلام" قاتل مرحب, وقالع باب خيبر([33]) وذلك في سياق رده على أقوال العثمانية, وطوائف الناصبية, فراجع.
القموص ليس آخر ما فتح:
هذا، وقد صرحت بعض الروايات: بأن حصن القموص ليس هو آخر الحصون التي فتحها الرسول "صلى الله عليه وآله"، وعلي "عليه السلام"، بل هناك قلعة أخرى فتحت بعده، يقول النص:
"ولما فتح علي حصن خيبر الأعلى بقيت لهم قلعة فيها جميع أموالهم، ومأكولهم. ولم يكن عليها حرب بوجه من الوجوه.
فنزل رسول الله "صلى الله عليه وآله" محاصراً لمن فيها، فصار إليه يهودي منهم، فقال: يا محمد، تؤمنني على نفسي، وأهلي، ومالي، وولدي، حتى أدلك على فتح القلعة؟
فقال له النبي "صلى الله عليه وآله": أنت آمن، فما دلالتك؟
قال: تأمر أن يحفر هذا الموضع؛ فإنهم يصيرون إلى ماء أهل القلعة، فيخرج ويبقون بلا ماء، ويسلمون إليك القلعة طوعاً.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": أويحدث الله غير هذا وقد أمناك؟!
فلما كان من الغد ركب رسول الله "صلى الله عليه وآله" بغلته، وقال للمسلمين: اتبعوني.
وسار نحو القلعة، فأقبلت السهام والحجارة نحوه، وهي تمر عن يمنته ويسرته، فلا تصيبه ولا أحداً من المسلمين شيء منها حتى وصل رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى باب القلعة.
فأشار بيده إلى حائطها، فانخفض الحائط حتى صار مع الأرض، وقال للناس: ادخلوا القلعة من رأس الحائط بغير كلفة"([34]).
ونقول:
تستوقفنا هنا أمور عديدة، نكتفي منها بما يلي:
1 ـ إن هذه الرواية إذا صحت، فإنها تكون حجة على اليهود، تفرض عليهم التخلي عن اللجاج والعناد، وتوجب عليهم قبول الحق.. وتكون أيضاً آية للمسلمين تقوي من ثباتهم، وتربط على قلوبهم. وتعرفهم بأن الله سبحانه يرعى نبيه "صلى الله عليه وآله"، ويحفظه، ويسهل له العسير، وأن انتصاره ليس متوقفاً على أحد منهم، ولا منوطاً بهم.
فإذا فروا، فإن فرارهم يحرمهم من الخيرات والبركات، ويوجب لهم المذلة في الدنيا، والخسران في الآخرة..
2 ـ إنه "صلى الله عليه وآله" لم يعمل بمشورة اليهودي، واستعاض عنها بإظهار هذا الأمر الخارق للعادة، من أجل أن يسهل على الناس تحصيل القناعة بهذا الدين، والدخول في زمرة أهل الإيمان، والتخلي عن الإستكبار والجحود..
3 ـ إنه "صلى الله عليه وآله" رغم عدم عمله بمشورة ذلك اليهودي، لكنه لم ينقض الأمان الذي أعطاه إياه، بل هو قد صرح بأنه ملتزم به، وحافظ له..
4 ـ إننا نحتمل جداً أن تكون هذه القضية هي الرواية الصحيحة التي أوردناها فيما سبق، وذكرت أن بعض اليهود دل النبي "صلى الله عليه وآله" على دبول (أي جدول، أو نفق) لليهود تحت الأرض، وأنهم سوف يخرجون منه..
وربما تكون أيضاً هي الأصل للرواية الأخرى التي تزعم: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد سمم لهم المياه التي يشربون منها.
وللرواية الثالثة التي تقول: إنه "صلى الله عليه وآله" قد رمى حصن النزار بكف من تراب فساخ، ولم يبق له أي أثر. وذلك بعد قتال وحصار..
وقد ذكرنا هذه الروايات في تضاعيف كلامنا، في المواضع المناسبة، وناقشناها هناك بما لاح لنا. والله هو الموفق والهادي إلى سواء السبيل..
علي × يفتح خيبر وحده:
إن النصوص المتقدمة تؤكد على: أن علياً "عليه السلام" هو الذي فتح خيبر دون سواه. فقد ذكرت: أنه لما خرج أهل الحصن، بقيادة الحارث أخي مرحب، هاجموا أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" "فانكشف المسلمون، وثبت علي"([35]).
ويقول علي "عليه السلام" مخاطباً يهودياً سأله عن علامات الأوصياء:
إنَّا وردنا مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" مدينة أصحابك خيبر، على رجال من اليهود وفرسانها، من قريش وغيرها، فتلقونا بأمثال الجبال، من الخيل، والرجال، والسلاح، وهم في أمنع دار، وأكثر عدد، كل ينادي، ويدعو، ويبادر إلى القتال، فلم يبرز إليهم من أصحابي أحد إلا قتلوه.
حتى إذا احمرت الحدق ودعيت إلى النزال، وأهمت كل امرئ نفسه، والتفت بعض أصحابي إلى بعض، وكل يقول: يا أبا الحسن انهض.
فأنهضني رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى دارهم، فلم يبرز إلي منهم أحد إلا قتلته، ولا يثبت لي فارس إلا طحنته، ثم شددت عليهم شدة الليث على فريسته حتى أدخلتهم جوف مدينتهم، مسدداً عليهم، فاقتلعت باب حصنهم بيدي، حتى دخلت عليهم مدينتهم وحدي، أقتل من يظهر فيها من رجالها، وأسبي من أجد من نسائها، حتى افتتحتها وحدي، ولم يكن لي فيها معاون إلا الله وحده([36]).
وهذا صريح في: أن الذين كانوا مع علي "عليه السلام" قد هربوا عنه، وبقي "عليه السلام" وحده، وبالتالي يكون "عليه السلام" قد أخذ المدينة وحده.
ثم إن في هذا النص الذي ذكرناه إشارات عديدة، منها:
1 ـ أنه "عليه السلام" ذكر: أن اليهود لم يكونوا وحدهم في خيبر، بل كان معهم فرسان من قريش، ومن غيرها. وقد بقوا يحاربون معهم إلى النهاية..
2 ـ أن أعداد مقاتلي خيبر كانت كبيرة جداً، حتى إنه "عليه السلام" يصفهم بأمثال الجبال من الرجال، والخيل، والسلاح، وبأنهم قد قاتلوا المسلمين بأكثر عدد، وأمنع دار..
3 ـ أن رغبة اليهود ومن معهم في الحرب كانت جامحة وقوية بصورة غير عادية..
4 ـ أنه يظهر من كلامه "عليه السلام": أن عدد القتلى من المسلمين لم يكن قليلاً، حيث قال: فلم يبرز من أصحابي أحد إلا قتلوه.
5 ـ أن المسلمين قد تضايقوا إلى حدّ أن كلاً منهم قد أهمته نفسه.
6 ـ أنهم كانوا يرون: أن أحداً سواه "عليه السلام" لا يستطيع كشف هذه الغمة عنهم، فكانوا يحثونه على مباشرة الحرب رغم ما هو فيه من رمد في العين، وصداع في الرأس.
7 ـ أنه "عليه السلام" قد طحن ذلك العدو طحناً، حتى أدخلهم إلى جوف حصنهم.
8 ـ أنه "عليه السلام" قد اقتلع باب حصنهم، ودخل وحده، ولم يشاركه المسلمون في ذلك، فإن كانوا قد شاركوه فإنما كان ذلك بعد سكون رياح الحرب..
9 ـ والأهم من ذلك: تأكيده "عليه السلام" على أنه هو الذي فتح خيبر، وأن أحداً غير الله تعالى لم يعنه على ذلك.
فلا يصح قولهم: "وقام الناس مع علي حتى أخذ المدينة".
لأن الناس بعد أن قاموا قد انهزموا أمام اليهود من أهل الحصن.
ولكن حين هاجمهم علي "عليه السلام"، وأخذ باباً كان عند الحصن، ثم قتل "عليه السلام" مرحباً وسائر الفرسان، انهزم اليهود إلى داخل حصنهم، واقتلع "عليه السلام" بابه، وهاجمه، فثاب إليه المسلمون، وحمل "عليه السلام" باب الحصن بيده، وصار المسلمون يصعدون عليه، ويمرون إلى الحصن، فلما حصل له ما أراد ألقاه خلف ظهره ثمانين شبراً..
فلم يساعده المسلمون في الفتح، كما تحاول بعض الروايات أن تدَّعيه، بل الحقيقة، كل الحقيقة هي: أن علياً "عليه السلام" قد فتح الحصن وحده، ومن دون مساعدة أحد.
ولأجل ذلك: نسب النبي "صلى الله عليه وآله" الفتح إلى علي "عليه السلام" كما تقدم.
كما أن نفس روايات الفتح فيها تصريحات عديدة بأنه "عليه السلام" هو الذي أخذ المدينة، ولا تشير طائفة منها إلى مشاركة أحد له في ذلك، فراجع النصوص في مصادرها تجد صحة ذلك.
بل فيها: أنه "عليه السلام" قد فتح الحصن قبل أن يلحق آخر الناس بأولهم، كما صرحت به بعض الروايات([37]).
وفي نص آخر: روي عن عبد الله بن عمر، قال: "فلا والله ما تتامت الخيل حتى فتحها الله عليه"([38]).
وتقدم أنهم قالوا في الحديث الوارد في تفسير قوله تعالى: ?..وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً?([39]): "أجمعوا على أنه فتح خيبر، وكان ذلك بيد علي بن أبي طالب بإجماع منهم".
وهذا، وسواه يجعلنا نعتقد: أن ذلك من الواضحات، فلا حاجة إلى تكثير النصوص والمصادر.
تواتر حديث جهاد علي × في خيبر:
لقد روى حديث جهاد علي "عليه السلام" في خيبر جم غفير، وجماعة كثيرة، منهم:
1 ـ علي أمير المؤمنين "عليه السلام".
2 ـ الحسن المجتبى "عليه السلام".
3 ـ سهل بن سعد.
4 ـ حسان بن ثابت.
5 ـ بريدة الأسلمي.
6 ـ سويد بن غفلة.
7 ـ أبو ليلى الأنصاري.
8 ـ عبد الرحمن بن أبي ليلى.
9 ـ ابن عباس.
10 ـ عمر بن الخطاب.
11 ـ أنس بن مالك.
12 ـ أبو هريرة.
13 ـ سلمة بن الأكوع.
14 ـ سعد بن مالك.
15 ـ عمران بن حصين.
16 ـ الضحاك الأنصاري.
17 ـ أبو سعيد الخدري.
18 ـ أبو رافع.
19 ـ ابن عمر.
20 ـ جابر بن عبد الله الأنصاري.
21 ـ عامر بن سعد.
22 ـ سعد بن أبي وقاص.
23 ـ حذيفة.
رضي الله ورسوله عن علي ×:
ويبقى هنا أن نشير إلى قول رسول الله "صلى الله عليه وآله" لعلي "عليه السلام" حين رجع: رضي الله عنك، ورضيت أنا منك.. حيث لا بد لنا من عطفه على قوله حينما بعثه: "فاستبشر بالرضوان والجنة". وذلك بعد أن أخبر "صلى الله عليه وآله" بأن جبرئيل "عليه السلام" معه، وأن معه سيفاً لو ضرب الجبال لقطعها.
إذن، فهو "صلى الله عليه وآله" يبشره أولاً: بالرضوان وبالجنة. وبعد رجوعه يخبره بأنه قد حصل على ما كان قد بشره به، وذلك ليسمع الناس أولاً وأخيراً: أن ما يقوله لهم هو الحق بعينه، وليس مجرد دعاءٍ يخضع في استجابة الله تعالى له للمتغيرات والطوارئ.
ويلاحظ أيضاً: أنه "صلى الله عليه وآله" بشره بالرضوان، لا بمجرد الرضا، فهو رضوان تام وشامل لمختلف الحالات، ومنبسط على جميع الجهات، والخصوصيات، وهو أيضاً رضوان ليس له حد، بل هو مستغرق لجميع مراتب الرضا.
ولذلك فإنه حين أخبره برضا الله تعالى، ورضا رسوله "صلى الله عليه وآله" عنه، فإنما أخبره بالرضا التام، الذي يعني جميع المراتب، وفي مختلف الجهات، وجميع الحالات.
ومن الواضح: أن هذا الرضا قد استحقه "عليه السلام" من خلال جهد بذله، وعمل أنجزه، وجهاد قبله الله تعالى منه..
وقد اعتبر الرسول "صلى الله عليه وآله" ذلك بشارة له..
أما الآخرون الذين هربوا: فلم يكن رضوان الله تعالى ورسوله "صلى الله عليه وآله" هو المطلوب لهم، أو المهم عندهم، بل كانت أنفسهم هي الأهم بالنسبة إليهم. ولعلهم لا يعدون الحصول على رضا الله ورسوله بشارة ذات قيمة لهم..
ويلاحظ: اختلاف التعبير بين كلمتي عنك ومنك، فالرضا الإلهي عدِّي بعن، ورضا الرسول عدِّي بمن.
كما أن بشارة النبي "صلى الله عليه وآله" لعلي "عليه السلام" لم تكن بالنجاة من الأعداء، ولا بغير ذلك مما يطلب في هذه الحياة الدنيا، وإنما بشَّره بالرضوان وبالجنة..
تشريف وتكريم في الأرض وفي السماء:
ولإظهار تشريفه وتكريمه "عليه السلام" تولى رسول الله "صلى الله عليه وآله" بنفسه إلباسه درعه، وتقليده سيفه ذا الفقار.. وهو السيف الذي أكرمه الله تعالى بالنداء بالثناء عليه من السماء في بدر، وفي أحد، ثم في خيبر كذلك..
ثم أعلن "صلى الله عليه وآله": بأن الله عز وجل يجعل معه أكرم ملائكته، وهو جبرئيل، ومعه سيف لو ضرب الجبال لقطعها.. وذلك تعبيراً منه "صلى الله عليه وآله" عن اليقين بالنصر، وإظهاراً لكرامة علي "عليه السلام" على الله سبحانه وتعالى..
علي × سيد العرب هي الأصعب عليهم:
ثم إنه "صلى الله عليه وآله" قد شرَّف علياً "عليه السلام" بوسام آخر لا نشك في أنه كان هو الأصعب على حاسديه ومناوئيه، الذين لم يكن يهمهم أن يقول النبي "صلى الله عليه وآله" في علي "عليه السلام" ما شاء مما يرتبط بالآخرة، أو في عالم السماء والملائكة، وكل ما هو غيب..
بل المهم عندهم: هو ما يؤثر على مشاريعهم الدنيوية، التي يرون أنه هو المانع الأكبر من وصولهم إليها..
وهذا الوسام هو: أنه "صلى الله عليه وآله" قد أعلن: أن علياً "عليه السلام" هو "سيد العرب"، وهذا يصادم بصورة مباشرة وخطيرة ما كانوا يفكرون فيه؛ لأن سيادته على العرب تعني سيادته عليهم أيضاً، لأنهم من العرب..
وإذا سمع الناس هذا التصريح النبوي، فإنهم سوف لا يرضون بغير علي "عليه السلام" لهم قائداً، ورائداً، وسيداً، وهذا سوف يضيف إلى هموم هؤلاء الطامحين هماً جديداً، قد يكون هو الأصعب عليهم في صراعهم مع علي "عليه السلام"..
والأمرّ والأدهى بالنسبة إليهم: أنه "صلى الله عليه وآله" قد سد عليهم منافذ التأويل، وأفقدهم القدرة على الإلتفاف، حين بيَّن: أن عليهم أن يفهموا السيادة بمعناها الدقيق، وليست مجرد نعت اقتضته مصلحة إرضاء علي "عليه السلام"، ودغدغة عواطفه، ليكون شعاراً فضفاضاً ينعش النفس بالأحلام، ويُلِذُّها بالتصورات.
وليس المقصود وصفه "عليه السلام" بالسيادة في أجواء الحرب والقتال، أو السيادة في الفروسية، أو نحو ذلك..
بل المقصود هو: إثبات سيادته التامة، والشاملة، تماماً كما كان النبي "صلى الله عليه وآله" سيد ولد آدم "عليه السلام".
إستقبال النبي ' لعلي × بعد الفتح:
ولما بلغ النبي "صلى الله عليه وآله" فتح خيبر سر بذلك غاية السرور، فاستقبل علياً "عليه السلام"، واعتنقه، وقبَّل بين عينيه، وقال: بلغني نبؤك المشكور، وصنعك، رضي الله عنك، ورضيت أنا منك([40]). أو: بلغني نبؤك المشكور، وصنيعك المذكور، قد رضي الله عنك، فرضيت أنا عنك.
فبكى علي "عليه السلام"، فقال له: ما يبكيك يا علي؟!
فقال: فرحاً بأن الله ورسوله عليَّ راضيان([41]).
وعن علي "عليه السلام"، قال: قال لي رسول الله "صلى الله عليه وآله" يوم فتحت خيبر: لولا أن تقول طائفة من أمتي مقالة النصارى في عيسى بن مريم "عليه السلام" لقلت فيك اليوم مقالاً، لا تمر بملأ من المسلمين إلا أخذوا من تراب رجليك، وفضل طهورك يستشفون به، ولكن حسبك أن تكون مني، وأنا منك الخ..([42]).
حسبك أنك مني وأنا منك:
فالنبي "صلى الله عليه وآله" يصرح هنا: بأنه قد خشي من غلو بعض الناس في علي "عليه السلام"، وأن يقولوا فيه كما قالت النصارى في عيسى "عليه السلام"..
فكان ذلك هو المانع له عن أن يقول فيه مقالاً، لا يمر بأحد إلا أخذ من تراب رجليه، وفضل طهوره للاستشفاء به، ولكن حسبك أنك مني، وأنا منك..
وتفيدنا هذه القضية أموراً عديدة، نذكر منها ما يلي:
1 ـ إن هذا يدل على: أن الناس ما كانوا في المستوى المطلوب، فيما يرتبط بوعيهم لقضايا العقيدة، وحدودها، فكانت البيانات النبوية تراعي حالهم، فلا تصرح لهم إلا بالمقدار الذي لا يوجب أية سلبية من هذه الناحية..
وذلك لأن سلامة العقيدة هي الأهم والأولى بالمراعاة، فلا يصح حشد المعلومات والمعارف، وتكديسها، إذا كان ذلك سيضر بالإعتقاد، بل تبقى المستويات الدنيا، والقناعة بالقليل منها مع السلامة أولى من الكثرة بدونها..
2 ـ إن هذا يشير إلى: أن ما صدر من النبي "صلى الله عليه وآله" في حق علي "عليه السلام" لم يكن هو كل ما يعرفه النبي الكريم "صلى الله عليه وآله" عن علي "عليه السلام". على قاعدة: يا علي ما عرفك إلا الله وأنا.
3 ـ إن لقتل مرحب، وفتح الحصون، وقلع باب خيبر بتلك الطريقة الإعجازية، دلالاته القوية على وجود سمات وميزات باطنية عالية القيمة لدى أمير المؤمنين "عليه السلام". وأن الأمر لا يقتصر على موضوع الشجاعة والقدرة الجسدية، ولا ربط له بدرجة الانقياد لأوامر النبي "صلى الله عليه وآله" كما أنه لم يكن من منطلق علاقة المحبة النسبية، وعلاقة الإلف والتربية والخصوصية..
وإنما هناك ما هو أعظم وأولى من ذلك كله.. ألا وهو تلك المعاني التي لو اطلع عليها الناس العاديون، لوجدوا فيها ما يدعوهم إلى الغلو فيه، وإعطائه صفات الإله، تماماً كما كان الحال بالنسبة إلى قول النصارى في عيسى "عليه السلام". وهي تلك المعاني التي تثير الحوافز لديهم لأخذ التراب من تحت قدميه، وأخذ فضل وضوئه للاستشفاء به..
4 ـ إن هذا يشير إلى أن الاندفاع للاستشفاء بآثار الأولياء، فضلاً عن الأنبياء "عليهم السلام"، وبكل من وما ينتسب إلى الله سبحانه، وينتهي إليه لهو أمر مركوز في وجدان الناس، وكامن في عمق فطرتهم، وضميرهم..
فإذا وجدت مكوناته وتوفرت المؤثرات والحوافز له، فإنه لا بد أن يجد طريقه للظهور على حركات الناس، وتصرفاتهم، بصورة تبرك في فضل الوضوء، واستشفاء بالتراب، أو بأي شيء ينسب إلى مصدر القداسة، ومحل البركة..
5 ـ ولعلك تسأل، عن أنه إذا كان التبرك والاستشفاء بتراب قدمه، وبفضل وضوئه "عليه السلام" محذوراً، فهذا يدل على صحة ما تدَّعيه بعض الفرق من حرمة التبرك بالأشخاص، واعتبار ذلك من الشرك.
وقد يؤيد مقالتهم هذه: التوطئة لهذا الكلام بقوله "صلى الله عليه وآله": لولا أن يقول الناس فيك ما قالته النصارى في عيسى.
ونقول في الجواب:
لقد كان الناس ـ بلا شك ـ يتبركون بفضل وضوء رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ويستشفون به، كما دلت عليه النصوص المتواترة التي تعد بالمئات.. وكان هناك من يتبرك بعلي "عليه السلام" أيضاً، حتى النبي "صلى الله عليه وآله" نفسه..
ولكنه تبرُّك من شأنه أن يكون سبباً في المزيد من القرب من الله تعالى، والاستعداد لتلقي البركات والألطاف الإلهية.
وليس فيه أية شائبة للشرك، أو الغلو، بل هو محض الصفاء والطهر، والخلوص.
ولا يقصد النبي "صلى الله عليه وآله" بكلامه هنا هذا المعنى ـ عدم التبرك ـ بل هو يريد أن يقول: إن الذين يتبركون بفضل وضوئه، وبآثاره ـ وهم الآن ثلة من المؤمنين، أو من غيرهم من سائر المسلمين ـ ربما لو قال كلمته تلك فيه "عليه السلام" تتطور الأمور لديهم إلى حد أن يجدوا في أنفسهم دواعيَ قوية تدفعهم إلى الغلو إلى حد أن يقولوا فيه ما قالته النصارى في عيسى بن مريم "عليهما السلام".
ويؤكد ذلك: أن الناس الذين كانوا يتبركون بالرسول "صلى الله عليه وآله"، لم يكونوا كلهم يتبركون بعلي "عليه السلام".. فلو أنه "صلى الله عليه وآله" أطلق قوله ذاك في علي "عليه السلام" لتبرك به الناس كلهم، حتى الذين كانوا لا يتبركون به "صلى الله عليه وآله" أيضاً..
6 ـ ويؤيد ما ذكرناه: أنه "صلى الله عليه وآله" قد اقتصر أخيراً على قوله: ولكن حسبك أنك مني، وأنا منك.
حيث إنه لا يريد بكلامه هذا: أنه منه في النسب، أو في المعرفة والعلم، أو أنه قد أسهم في صنع إيمان علي "عليه السلام" وإسلامه، كما أسهم علي "عليه السلام" في إبقاء الإسلام، الذي هو رسالته "صلى الله عليه وآله"..
بل المقصود:
1 ـ ما هو أعمق من ذلك، وأبعد. وهو المعنى الذي ينسجم مع أخذ التراب من تحت قدميه "عليه السلام"، وأخذ فضل طهوره للاستشفاء به.
2 ـ أن الحقيقة المحمدية والعلوية شيء واحد، ونور واحد، انقسم إلى نصفين، فاختص أحدهما بمقام النبوة.. واختص الآخر بمقام الولاية، فهما من بعضهما البعض على الحقيقة..
وقد بينت الأحاديث الشريفة تفاصيل هامة عن هذا الموضوع، فيمكن أن يرجع إليها من أراد الوقوف على ذلك..
اللمسات الأخيرة:
قال العليمي المقدسي: كان فتح خيبر في صفر على يد علي "عليه السلام"([43]).
وعن آية: ?لَقَدْ رَضِيَ اللَهُ عَنِ المُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ..?([44]) قال جابر: "أولى الناس بهذه الآية علي بن أبي طالب "عليه السلام" لأنه تعالى قال: ?وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً?([45]) أجمعوا على أنه فتح خيبر. وكان ذلك بيد علي بإجماع منهم"([46]).
وفي هذه المناسبة يقول حسان بن ثابت:
وكـان علي أرمـد الــعين يبتغــي دواءً فـلـما لــم يحــس مــداوي
شفـــاه رسـول الله منه بتفـلــــة فـبـورك مـرقيــاً وبورك راقي
وقـال سأعـطي راية القوم فارساً مـكـيـناً شجاعاً في الحروب مجاري
يحــب إلهـــي والإلـــه يحـبـــه بـه يـفـتـح الله الحصون الأوابي
فخـص لهــا دون الـبرية كلهـــا عليـاً وسـماه الولي المؤاخيــــــا([47])
والبيت الأوسط حسب رواية المفيد كما يلي:
وقال سأعطي الراية اليوم صارماً كمـيـاً محبـاً للـرسـول مواليـــا([48])
وجاء في خطبة الإمام الحسن "عليه السلام" بعد شهادة أمير المؤمنين "عليه السلام"، قوله: منها قوله "صلى الله عليه وآله": لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، ويقاتل جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، ثم لا ترد رايته حتى يفتح الله عليه([49]).
الباب السابع:
غنائم وسباي
الفصل الأول: كنز آل أبي الحقيق
الفصل الثاني: غنائم وسبايا خيبر
الفصل الثالث: أبو هريرة والغنائم
الفصل الرابع: لمسات أخيرة
الفصل الأول:
كنز آل أبي الحقيق
كنز آل أبي الحقيق:
وأخذ المسلمون في جملة غنائم غزوة خيبر حلي آل أبي الحقيق، التي كانوا يعتزون بها.
قال محمد بن عمر: كان الحلي في أول الأمر في مسك حمل، فلما كثر، جعلوه في مسك ثور، ثم في مسك جمل، وكان ذلك الحلي يكون عند الأكابر من آل أبي الحقيق، وكانوا يعيرونه العرب([50]).
وقال الصالحي الشامي: روى ابن سعد والبيهقي، عن ابن عمر، وابن سعد ـ بسند رجاله ثقات ـ عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ـ وهو صدوق سيئ الحفظ ـ عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس:
أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" لما ظهر على أهل خيبر صالحهم على أن يخرجوا بأنفسهم وأهليهم، وللنبي "صلى الله عليه وآله" الصفراء والبيضاء، والحلقة، والسلاح، ويخرجهم، وشرطوا للنبي "صلى الله عليه وآله" أن لا يكتموه شيئاً، فإن فعلوا فلا ذمة لهم([51]).
قال ابن عباس: فأتي بكنانة، والربيع، وكان كنانة زوج صفية، والربيع أخوه أو ابن عمه، فقال لهما رسول الله "صلى الله عليه وآله": "أين آنيتكما التي كنتم تعيرونها أهل مكة"؟([52]).
وفي الحلبية عن الإقناع: سأل كنانة بن أبي الحقيق.
وقال ابن عمر: قال رسول الله "صلى الله عليه وآله" لعم حيي: "ما فعل مسك حيي الذي جاء به من النضير"؟
فقال: وقال ابن عباس: قالا: "هربنا، فلم نزل تضعنا أرض وترفعنا أخرى، فذهب في نفقتنا كل شيء"([53]).
وقال ابن عمر: أذهبته النفقات والحروب.
فقال "صلى الله عليه وآله": "العهد قريب، والمال أكثر من ذلك"([54]).
وقال ابن عباس: فقال لهما رسول الله "صلى الله عليه وآله": "إنكما إن تكتماني شيئاً فاطلعت عليه استحللت به دماءكما وذراريكما"؟!
فقالا: نعم([55]).
وقال عروة ومحمد بن عمر، فيما رواه البيهقي عنهما: فأخبر الله عز وجل رسوله "صلى الله عليه وآله" بموضع الكنز، فقال لكنانة: "إنك لمغتر بأمر السماء"([56]).
قال ابن عباس: فدعا رسول الله "صلى الله عليه وآله" رجلاً من الأنصار فقال: "اذهب إلى قراح كذا وكذا، ثم ائت النخل، فانظر نخلة عن يمينك، أو عن يسارك، مرفوعة، فأتني بما فيها".
فجاءه بالآنية والأموال، فقومت بعشرة آلاف دينار، فضرب أعناقهما، وسبى أهليهما، بالنكث الذي نكثاه([57]).
وقد وجدوا فيه أساور، ودمالج، وخلاخل، وأقرطة، وخواتيم الذهب، وعقود الجواهر، والزّمرّد، وعقود أظفار مجزع بالذهب([58]).
وقال ابن إسحاق: أتي رسول الله "صلى الله عليه وآله" بكنانة بن الربيع، وكان عنده كنز بني النضير، فسأله عنه، فجحد أن يكون يعلم مكانه، فأتي رسول الله "صلى الله عليه وآله" برجل من يهود، قال ابن عقبة: اسمه ثعلبة، وكان في عقله شيء، فقال لرسول الله "صلى الله عليه وآله": إني رأيت كنانة يطيف بهذه الخربة كل غداة.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله" لكنانة: "أرأيت إن وجدناه عندك، أقتلك"؟
قال: نعم.
فأمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالخربة فحفرت، وأخرج منها بعض كنزهم.
ثم سأله عما بقي، فأبى أن يؤديه، فأمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" الزبير بن العوام، فقال: "عذبه حتى تستأصل ما عنده".
فكان الزبير يقدح بزنده في صدره، حتى أشرف على نفسه، ثم دفعه رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى محمد بن مسلمة، فضرب عنقه بأخيه محمود بن مسلمة([59]).
وفي نص آخر: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" سأل عن المسك، سعية بن عمرو، أو سعية بن سلام بن أبي الحقيق (وهو عم حيي بن أخطب).
فدفع رسول الله "صلى الله عليه وآله" سعية بن عمرو للزبير، فمسَّه بعذاب، فقال: رأيت حيياً يطوف في خربة ههنا.
فذهبوا إلى الخربة، ففتشوها، فوجدوا ذلك الجلد([60]).
أيّ ذلك الصحيح؟!
وفي حديث الكنز أسئلة عديدة:
فهل الذي دفن الكنز في الخربة هو كنانة بن أبي الحقيق، حين رأى أن النبي "صلى الله عليه وآله" فتح حصن النطاة، وتيقن أنه سوف ينتصر عليهم؟
أو أن الذي دفنه هو حيي بن أخطب([61])؟
وهل الذي أعلمه بالكنز هو الوحي؟ أم الرجل اليهودي الذي اسمه ثعلبة؟ أم أنه سعية بن عمرو؟!
ربما يقال: إن كلاً منهما أخبره بقسم منه، فأخبره أحدهما بما في الخربة، وأخبره الآخر بالباقي الذي عند النخلة.
وهل استخرج الكنز كله، أو بعضه؟
وهل سأل سعية، أم سأل كنانة؟
وهل عذب الزبير كنانة، أم عذب سعية؟
وهل أخبره قبل أن يعذبه بسبب اختلال عقله؟ أم أخبره بعد أن مسه بعذاب؟.
وهل؟! وهل؟!
التعذيب لماذا؟!
ويزعمون: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أمر الزبير بتعذيب كنانة، أو سعية.
قال الحلبي: "أُخذ منه جواز العقوبة لمن يتهم ليقر بالحق، فهو السياسة الشرعية"([62]).
ونقول:
لو قبلنا: أن ابن أبي الحقيق قد عُذِّب فعلاً، فلا ضير في هذا التعذيب الذي لم يكن من أجل قتل محمود بن مسلمة، بل لأنه عالم بأمر كان قد أعطى عهداً بعدم كتمانه، وأنه إن كتم شيئاً فقد برئت منه ذمة الله تعالى، وذمة رسوله "صلى الله عليه وآله".
بل هو قد صرح لرسول الله "صلى الله عليه وآله": بأنه إن وجد الكنز، فله أن يقتله، وأنه راض بهذا القتل. وقد وجد الكنز فعلاً.
وكان لهذا الكنز دور قوي في قوة اليهود الروحية والمعنوية، وله أثر كبير في تماسكهم وإصرارهم على باطلهم.
ويكفي أن نذكر: أنه لما جرى إجلاء بني النضير، كان سلام بن أبي الحقيق رافعاً ذلك الحلي، ليراه الناس، وهو يقول بأعلى صوته: "هذا أعددناه لرفع الأرض وخفضها"([63]).
فإن كان ابن أبي الحقيق قد قبل بمبدأ أن يقتل، إن تبيَّن أنه كاذب، وقد تبيَّن ذلك بالفعل، بعد أن استُخرِج قسم من الكنز، فلماذا لا يجبر على الإقرار بباقيه، ما دام أنه هو نفسه قد أعطى عهده بذلك؟!
العهد قريب، والمال أكثر من ذلك:
ويلاحظ هنا: أنه "صلى الله عليه وآله" لم يقبل منهم قولهم: إن حليهم أذهبتها النفقات، بالاستناد إلى عدم التناسب بين الحاجات والنفقات التي تلزم في مثل تلك المدة، وبين حجم المال الذي يدَّعى أنه قد أنفق.
وهذا يدل: على أن هذا المقدار من عدم التناسب كاف في عدم قبول العذر، وإبقاء التهمة على قوتها، ثم التصرف على أساسها..
أخذ العهد عليهم من جديد:
ويلاحظ: أنه "صلى الله عليه وآله"، وإن كان قد أخذ منهم في بادئ الأمر عهداً بأن لا يكتموه شيئاً، وببراءة الذمة ممن فعل ذلك..
ولكنه بعد ظهور هذا الإنكار منهم، عاد فجدد أخذ العهد عليهم، حيث صرحوا بالرضا بالقتل لو ظهر هذا الكنز الذي ينكرون وجوده، ويقدمون المبررات لإنكارهم.
ولعل تجديد أخذ العهد، والإقرار بالرضا بذلك منهم، من أجل أن لا يشعروا: بأنهم قد ظلموا بهذا الاستقصاء الذي يواجهونه، متوهمين أنهم إنما أعطوا العهد على أن يعاملوهم وفق الأحوال العادية. وأما هذا الاستقصاء فهو أمر طارئ، ولو أنهم علموا به، فربما يعيدون النظر في عهدهم ذاك..
فأراد "صلى الله عليه وآله" أن يزيل حتى هذا الوهم، فقال لهما على سبيل التقرير، وأخذ الرضا: إنكما إن كتمتماني شيئاً فاطلعت عليه، استحللت به دماءكما، وذراريكما؟!
قالا: نعم..
وليلاحظ كلمة: "به"، التي أسندت هذا الاستحلال، إلى نفس هذا الكتمان الجديد. لتكون هذه الخيانة سبباً مستقلاً للعقوبة التي رضوا بأن يعرضوا أنفسهم لها، من حيث إنها دليل على حقيقتهم، وعلى نهجهم الخياني كله، هذا النهج الذي لم يؤثر فيه كل ما جرى ويجري لهم، مما جنوه على أنفسهم، وإنما على نفسها جنت براقش..
إنك لمغتر بأمر السماء:
ويزيد الأمر وضوحاً: أن هؤلاء الناس، رغم أنهم يجدون هذا النبي مكتوباً عندهم في التوراة، وهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، ويرون المعجزات والكرامات له رأي العين، وقد اقتلع وصيه علي "عليه السلام" باب حصنهم، وجعله ترساً، ومعبراً للمقاتلين، وهو ممسك به، وحامل له.. ولكنهم لا يعتبرون، ولا يؤمنون، وكأنهم يكافحون الله تعالى في الأرض، حيث لم يقدروا على مكافحته في السماء.
والمفروض: أن يمنعهم علمهم بصدق هذا النبي من الكذب عليه، لأنهم يعلمون أن الله تعالى يخبر أنبياءه بأمرهم، ويفضح كيدهم..
فإذا أصروا على ممارسة هذا الكذب، فذلك يعني: أنهم لا يهتمون لغيب الله سبحانه، تماماً كما قال رسول الله "صلى الله عليه وآله" لكنانة: "إنك لمغتر بأمر السماء".
ومن كان كذلك، فإنه يكون محارباً لله سبحانه، لا يصح الرفق به، ولا يجوز العفو عنه..
الفصل الثاني:
غنائم وسبايا خيبر
النبي ' يرضخ للنساء:
قال الحلبي: "ورضخ "صلى الله عليه وآله" للنساء، أي وكن عشرين امرأة، فيهن صفية عمته "صلى الله عليه وآله"، وأم سليم، وأم عطية الأنصارية"([64]).
وقال ابن إسحاق: وشهد خيبر مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" من نساء المسلمين فرضخ لهن من الفيء، ولم يضرب لهن بسهم([65]).
وروى ابن إسحاق، عن امرأة من غفار قالت: أتيت رسول الله "صلى الله عليه وآله" في نسوة من بني غفار فقلن: يا رسول الله، قد أردنا الخروج معك إلى وجهك هذا ـ وهو يسير إلى خيبر ـ فنداوي الجرحى، ونعين المسلمين ما استطعنا.
فقال: "على بركة الله تعالى".
قالت: فخرجنا معه.
قالت: فلما فتح رسول الله "صلى الله عليه وآله" خيبر رضخ لنا من الفيء، وأخذ هذه القلادة فوضعها في عنقي، فوالله لا تفارقني أبداً. وأوصت أن تدفن معها([66]).
وعن عبد الله بن أنيس قال: خرجت مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى خيبر ومعي زوجتي ـ وهي حبلى ـ فنفست في الطريق، فأخبرت رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال: "انقع لها تمراً، فإذا أَنْعَمَ بَلُّه، فامرثه لتشربه". ففعلت، فما رأت شيئاً تكرهه.
فلما فتحنا خيبر أحذى النساء ولم يسهم لهن، فأحذى زوجتي وولدي الذي ولد([67]).
وعن عمير مولى أبي اللخم قال: شهدت خيبر مع سادتي، فكلموا فيَّ رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأمر بي فقلدت سيفاً، فإذا أنا أجره، فأخبر أني مملوك، فأمر لي بشيء من خُرثي المتاع([68]).
ونقول:
إننا لا نستطيع أن نصدق أن يكون "صلى الله عليه وآله" هو الذي وضع القلادة في عنق تلك المرأة، إلا أن تكون من محارمه "صلى الله عليه وآله"، ولكننا لم نجد ما يدل على ذلك..
موعدكم جنفا:
عن موسى بن عقبة، عن الزهري: أن بني فزارة ممن قدم على أهل خيبر ليعينوهم، فراسلهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن لا يعينوهم، وسألهم أن يخرجوا عنهم، ولهم من خيبر كذا وكذا، فأبوا عليه.
فلما أن فتح الله خيبر أتاه من كان هناك من بني فزارة، فقالوا: حظنا والذي وعدتنا.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "حظكم ـ أو قال: "لكم ذو الرقيبة"، جبل من جبال خيبر.
فقالوا: إذاً نقاتلك.
فقال: "موعدكم جنفا".
فلما أن سمعوا ذلك من رسول الله "صلى الله عليه وآله" خرجوا هاربين([69]).
وقالوا: كان أبو شُيَيْم المزني يقول: لما نفرنا إلى أهلنا مع عيينة بن حصن، فرجع بنا عيينة، فلما كان دون خيبر عرسنا من الليل، ففزعنا.
فقال عيينة: أبشروا، إني رأيت الليلة في النوم أني أعطيت ذو الرقيبة ـ جبلاً بخيبر ـ قد والله أخذت برقبة محمد "صلى الله عليه وآله".
فلما أن قدمنا خيبر، قدم عيينة، فوجدنا رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد فتح خيبر.
فقال عيينة: يا محمد! أعطني مما غنمت من حلفائي، فإني قد خرجت عنك وعن قتالك.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "كذبت، ولكن الصياح الذي سمعت أنفرك إلى أهلك.
قال: أحذني يا محمد.
قال: "لك ذو الرقيبة".
قال عيينة: وما ذو الرقيبة؟
قال: "الجبل الذي رأيت في منامك أنك أخذته".
فانصرف عيينة.
فلما رجع إلى أهله جاءه الحارث بن عوف، وقال: ألم أقل لك: تُوضِعُ في غير شيء؟! فوالله، ليظهرن محمد على ما بين المشرق والمغرب. يهود كانوا يخبروننا بهذا، أشهد لسمعت أبا رافع سلام بن مشكم يقول: إنا لنحسد محمداً على النبوة، حيث خرجت من بني هارون، وهو نبي مرسل، ويهود لا تطاوعني على هذا، ولنا منه ذبحان، واحد بيثرب، وآخر بخيابر([70]).
ونقول:
1 ـ إنها للوقاحة الظاهرة أن يرفض الفزاريون طلب النبي "صلى الله عليه وآله" بأن لا يعينوا اليهود عليه، ثم لما انتصر على اليهود جاؤوا ليطالبوه بما كان قد ذكره لهم، ورفضوه.
وإن هذا منهم أشبه بالإحتيال المفضوح، بل هو نوع من الإستخفاف بالآخرين، والتسلط عليهم، وكأنهم يظنون: أن النبي "صلى الله عليه وآله" يخضع لهذا النوع من الابتزاز الوقح.. ولا يلتفت إلى وجه المغالطة فيه.
وقد رفض "صلى الله عليه وآله" طلبهم، فظنوا: أن التهديد بالقتال يضعف عزيمته، ويشتري السلم معهم بالمال، ففعلوا ذلك، وهددوه بالقتال.. فجاءهم الجواب الصاعق الذي أرعبهم.
2 ـ وأما لماذا هرب الفزاريون حين قال لهم رسول الله "صلى الله عليه وآله": موعدكم "جنفا"؟ فإنما هو لأن أهلهم كانوا مقيمين بموضع قرب المدينة اسمه "حيفاء" أو "حفياء"([71]) وقد صحفه الناقلون فصار "جنفا".
وحينما كانوا ذاهبين لنصرة اليهود، سمعوا صائحاً لا يدرون، أمن السماء هو أم من الأرض، ينادي: "أهلكم، أهلكم بحيفاء، فإنكم قد خولفتم إليهم".
فخافوا على أهليهم، وألقى الله سبحانه الرعب في قلوبهم، فرجعوا إليهم، ولم ينصروا حلفاءهم..
فكأن رسول الله "صلى الله عليه وآله" حين ذكَّرهم بذلك، قد أفهمهم أن هذا الأمر مرعي من قِبَلهِ تعالى، وأنه لا طاقة لهم بحرب الله ورسوله..
ولعل قول النبي "صلى الله عليه وآله" لهم: "موعدكم حيفاء"، قـد أفهمهم بالإضافة إلى ذلك: أنه "صلى الله عليه وآله" قد قبل بمبدأ القتال، وعدم الخضوع للابتزاز، وأنه قد عقد العزم على غزوهم في عقر دارهم، فليجمعوا، وليستعدوا ما شاؤوا..
فلما وجدوا: أن القضية انتهت إلى هذا الحد أرعبهم ذلك، فخرجوا هاربين.. لأنهم رأوا بأم أعينهم ما جرى ليهود خيبر وغيرهم.
3 ـ إن تذكير النبي "صلى الله عليه وآله" لعيينة بمنامه ـ الذي تضمن: أنه أخذ ذا الرقيبة ـ قد أفهمه: أنه "صلى الله عليه وآله" كان على علم بمقالته القبيحة بعد استيقاظه: "قد والله أخذت برقبة محمد".
وبذلك يكون "صلى الله عليه وآله" قد وجه صفعة قوية لعيينة، لم يجد معها بداً من الإنصراف الذليل.
4 ـ إن حديث الحارث بن عوف لعيينة، عن إخبارات اليهود لهم بشأن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وبأنه يظهر على ما بين المشرق والمغرب.. وأنه سيذبحهم مرتين، ثم رؤية الناس صدق هذه الأخبار، وتجسد مضمونها على أرض الواقع ـ إن ذلك ـ من شأنه أن يصعِّب على هؤلاء الناس الإقدام على مناوأته "صلى الله عليه وآله"، لأنهم سيجدون في أنفسهم التردد، والنفور من حرب يعلمون مسبقاً بنتائجها.
يعفور حمار رسول الله ':
قال الحلبي: وروي: أنه "صلى الله عليه وآله" لما فتح خيبر أصاب حماراً أسود، فقال له رسول الله "صلى الله عليه وآله": ما اسمك؟
قال: يزيد بن شهاب، أخرج الله من نسل جدي ستين حماراً كلهم لا يركبهم إلا نبي، وقد كنت أتوقعك لتركبني. لم يبق من نسل جدي غيري، ولم يبق من الأنبياء غيرك. قد كنت لرجل يهودي فكنت أعثر به عمداً، وكان يجيع بطني، ويضرب ظهري.
فقال له النبي "صلى الله عليه وآله": فأنت يعفور.
وكان رسول الله "صلى الله عليه وآله" يبعثه إلى باب الرجل، فيأتي الباب فيقرعه برأسه، وإذا خرج صاحب الدار أومأ إليه أن: أجب رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فلما مات رسول الله "صلى الله عليه وآله" ألقى بنفسه في بئر، جزعاً عليه "صلى الله عليه وآله"، فمات([72]).
ونقول:
أولاً: قالوا: لقد ضعفوا هذا الخبر.
فقال ابن حبان: هذا خبر لا أصل له، وأسناده ليس بشيء.
وقال ابن الجوزي: لعن الله واضعه، فإنه لم يقصد إلا القدح في الإسلام، والإستهزاء به.
وقال العماد ابن كثير: هذا شيء باطل، ولا أصل له من طريق صحيح ولا ضعيف.
وسئل المزي عنه، فقال: ليس له أصل، وهو ضحكة، وقد أودعه كتبهم جماعة، منهم القاضي عياض في الشفاء، والسهيلي في روضه. وكان الأولى ترك ذكره، ووافقه على ذلك الحافظ ابن حجر([73]).
غير أن لنا تعليقاً على هذا الذي ذكروه، فإننا وإن لم نناقش في ضعف سند هذا الخبر.
لكن من الواضح: أن ضعفه لا يعني كونه موضوعاً ومختلقاً.
فما معنى قولهم: لعن الله واضعه؟
وقولهم: لا أصل له، وقولهم: هو ضحكة الخ..؟!
واما قولهم: إنه وضع بقصد القدح في الإسلام، والإستهزاء به، فلم نعرف وجهه، فإن الله تعالى ذكر كلام النملة، والهدهد مع سليمان، وقال: ?وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم?([74]).
والروايات التي تحدثت عن كلام الحيوانات مع الأنبياء "عليهم السلام"، وعن بعض التصرفات الهامة لتلك الحيوانات تفوق حد التواتر.
ثانياً: إن عمدة ما يرد على هذا الحديث: هو أنه قد ورد: أن المقوقس هو الذي أهدى يعفوراً لرسول الله "صلى الله عليه وآله"([75]).
فما معنى قولهم: إن النبي "صلى الله عليه وآله" أصابه في خيبر، وكان منه ما تقدم؟!
الجراب.. والدجاج:
روى الشيخان عن عبد الله بن مغفل، قال: أصبت جراباً.
وفي لفظ: دلِّي جراب من شحم يوم خيبر فالتزمته، وقلت: لا أعطي أحداً منه شيئاً، فالتفت فإذا رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فاستحييت منه، وحملته على عنقي إلى رحلي وأصحابي، فلقيني صاحب المغانم الذي جعل عليها ـ وهو أبو اليسر كعب بن عمرو الأنصاري كما في الحلبية ـ فأخذ بناحيته، وقال: هَلُمَّ حتى نقسمه بين المسلمين.
قلت: لا والله، لا أعطيك.
فجعل يجاذبني الجراب، فرآنا رسول الله "صلى الله عليه وآله" نصنع ذلك، فتبسم ضاحكاً، ثم قال لصاحب المغانم: "لا أبا لك، خل بينه وبينه".
فأرسله، فانطلقت به إلى رحلي وأصحابي، فأكلناه([76]).
قال ابن إسحـاق: وأعطى رسـول الله "صلى الله عليه وآله" ابن لقيـم ـ بضم اللام، قال الحاكم: واسمه عيسى العبسي ـ حين افتتح خيبر ما بها من دجاجة وداجن([77]).
ونقول:
أولاً: إذا كان قد دلِّي جراب من شحم، فالمفروض: أن يدلَّى من فوق الحصن، ونحن لا ندري لماذا يدلِّي اليهود جراباً من شحم إلى خارج حصنهم؟!
فهل هو صدقة منهم؟ أم هدية؟!
وأي إنسان كان يحب المسلمين إلى حد أنه يرمي لهم بجراب من شحم؟!
أم أنهم قد استغنوا عن ذلك الشحم، فأرادوا التخلص منه؟!
ولماذا يتخلصون منه بهذه الطريقة؟ ألم يكن يمكنهم إفراغ محتوياته، بطريقة تمنع من استفادة المسلمين منها؟
ولماذا لم يحذر المسلمون من هذا الجراب؟ أو لماذا لم يحذِّر النبي "صلى الله عليه وآله" المسلمين منه؟! فلعلهم قد جعلوا السم في ذلك الشحم، وأرادوا الإيقاع بهم بهذه الطريقة.
ثانياً: ما معنى: أن يواجه النبي "صلى الله عليه وآله" صاحب المغانم بهذه العبارة القاسية: "لا أبا لك.." كما ورد في بعض المصادر؟
فهل رأى أنه قد أساء الفعل، حين منع ابن مغفل من الإستقلال بالجراب؟!
أم أنه كان يمارس وظيفته؟!
ثالثاً: لماذا اختص ابن لقيم بالدجاج والدواجن في خيبر؟! ولماذا لم يعط "صلى الله عليه وآله" منها سائر المسلمين؟
وهل كان ابن لقيم مشهوراً بتربية الدواجن والدجاج؟
ومن الدواجن الحمير والبغال، والإبل، والبقر، فهل أعطى ذلك كله لابن لقيم؟!
ولنفترض: أن المقصود خصوص الدجاج والطيور، فهل هذا هو ما تفترضه القسمة العادلة بين الشركاء في الغنيمة؟
الغلول في خيبر:
ويقولون: مات صحابي في خيبر، فقال "صلى الله عليه وآله": صلوا على صاحبكم، وامتنع من الصلاة عليه، فتغيرت وجوه الناس لذلك، فقال: إن صاحبكم غلَّ في سبيل الله.
ففتشنا متاعه، فوجدنا خرزاً من خرز اليهود، لا يساوي درهمين.
ونلاحظ هنا:
أولاً: إن صحابية هذا الصحابي لم تمنعه من أن يغلّ، وهو أمر محرم.. فما معنى حكم بعض الفئات بعدالة جميع الصحابة؟!
كما أن صحابيته هذه لم تشفع له عند رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فحرمه من شرف الصلاة عليه..
ثانياً: إن النبي "صلى الله عليه وآله" قد صلى على عبد الله بن أبي، الذي يصفونه بأنه كان رئيس المنافقين.. فكيف لا يصلي على هذا الرجل الذي دفعه طمعه إلى إخفاء خرز لا يساوي درهمين؟!.. فإن ذلك لا يوجب خروجه من الدين!!
وهل كل من فعل محرماً لا يصلي عليه النبي "صلى الله عليه وآله"؟! أم أن ذلك يختص بهذا النوع من الذنوب؟!
بل إن نفس أن مبادرته "صلى الله عليه وآله" إلى فضح ذلك الرجل بعد موته في أمر كهذا، لهو أمر لافت للنظر، ومثير للتساؤلات حول صحة هذه الرواية.
إلا أن يقال: إنه "صلى الله عليه وآله" أراد بعمله هذا إيقاف الناس على خطورة هذا الأمر الذي قد يرونه هيناً، وهو عند الله عظيم. وتتأكد الحاجة إلى هذا البيان الحاد، إذا أصبح الغلول ظاهرة مستشرية في الناس، إلى حد أنها تنذر بعواقب وخيمة..
ولكن هذا يبقى أيضاً مجرد احتمال، يحتاج إلى ما يؤكده ويؤيده.
المهاجرون يرجعون المنائح للأنصار:
وعن أنس، قال: لما قدم المهاجرون من مكة إلى المدينة قدموا وليس بأيديهم شيء، وكان الأنصار أهل أرض وعقار، فقاسمهم الأنصار على أن أعطوهم أنصاف ثمار أموالهم كل عام، ويكفوهم العمل والمؤنة.
وكانت أم أنس أعطت رسول الله "صلى الله عليه وآله" أعذاقاً لها، فأعطاهن رسول الله "صلى الله عليه وآله" أم أيمن مولاته، أم أسامة بن زيد.
فلما فرغ رسول الله "صلى الله عليه وآله" من أهل خيبر، وانصرف إلى المدينة، رد المهاجرون إلى الأنصار منائحهم التي كانوا قد منحوهم من ثمارهم، ورد رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى أمي أعذاقها([78]).
وفي رواية عن أم أنس، قالت: فسألت رسول الله "صلى الله عليه وآله" فأعطانيهن، فجاءت أم أيمن، فجعلت الثوب في عنقي، وجعلت تقول: كلا والله الذي لا إله إلا هو، لا يعطيكهن وقد أعطانيهن.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "يا أم أيمن، اتركي، ولك كذا وكذا"، وهي تقول: كلا، والله الذي لا إله إلا هو.
فجعل يقول: "لك كذا وكذا، ولك كذا".
وهي تقول: كلا، والله الذي لا إله إلا هو، حتى أعطاها عشرة أمثالها، أو قريباً من عشرة أمثالها([79]).
ونقول:
1 ـ إن هذا الحادثة تفيد: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" إنما كان يرجع تلك الأموال إلى الذين كانوا يطالبون بها..
ولعل هذا الأمر قد صدر من أفراد قليلين، ممن شحت نفوسهم على بعض ما أعطوه من حطام الدنيا.
ونزيد في توضيح ذلك ببيان: أن الذين حكموا الناس بعد النبي "صلى الله عليه وآله" هم فريق من المهاجرين، الذين سعوا إلى هذا الأمر، وحصلوا على السلطة، بعد أن استعانوا بآلاف المقاتلين من بني أسلم وغيرهم. وقد ضربوا من أجل ذلك فاطمة الزهراء "عليها السلام"، وأسقطوا جنينها، فكانت بذلك صلوات الله عليها الصديقة الشهيدة.
وكان قد نافسهم في هذا الأمر الزعيم الخزرجي سعد بن عبادة الأنصاري.
وكان إحسان الأنصار إليهم حينما هاجروا, ونزلوا عليهم من موجبات شعورهم بالضيق, والإحراج..
فيُظنّ قوياً أنهم أشاعوا: أن المهاجرين قد أرجعوا إلى الأنصار ما كانوا قد منحوهم إياه من ثمارهم؛ لكي لا يكون للأنصار فضل عليهم، أو يد عندهم..
مع أن الحقيقة هي: أن الذين أرجعت إليهم منائحهم هم أفراد قليلون طلبوا من المهاجرين ذلك, فأعاد إليهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" ما كانوا قد طلبوه..
ومن غير البعيد أيضاً: أن يكون هؤلاء المطالبون هم من أولئك الأنصار الذين كانوا يؤيدون الفريق المناوئ لعلي "عليه السلام" منذ عهد الرسول "صلى الله عليه وآله", والمؤيد للمهاجرين الحاكمين، والذين استمروا على تأييدهم لهم، وسعيهم لإلحاق الأذى بعلي "عليه السلام" ومحبيه، حتى إلى ما بعد وفاة النبي "صلى الله عليه وآله".. كأسيد بن حضير ـ قريب أبي بكر ـ ومن هم على شاكلته.
2 ـ ونلاحظ: أن الرواية قد دلت: على قسوة ظاهرة لدى أم أنس, التي رأت بأم عينيها أن أم أيمن ـ وهي المرأة التي شهد لها رسول الله "صلى الله عليه وآله" بأنها من أهل الجنة([80]) ـ لا تريد أن تتخلى عن حقها في تلك النخلات, فإن من يعطي شيئاً يفقد حقه فيه بعد تصرف الموهوب له فيه ببيع، أو هبة، أو نحو ذلك..
واستمرت أم أنس على موقفها بالمطالبة, والإصرار على انتزاعها منها..
3 ـ إن موقف النبي "صلى الله عليه وآله" يدل على أن لا حقَّ لأم أنس بتلك النخلات، لأنه قد بذل لأم أيمن عوضاً عنها أضعافاً حتى رضيت، ولو كان لها حق بها لانتزعها من أم أيمن، وأعطاها إياها، تماماً كما فعل مع سمرة بن جندب حينما قلع النخلة وألقاها إليه ـ رغم أنها ملك له ـ لكنه أصر على أن يدخل إليها من دون استئذان أصحاب الدار التي كانت تلك النخلة فيها، ورفض بيعها لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، فراجع([81]).
موقف شهيد:
وعن شداد بن الهاد: أن رجلاً من الأعراب جاء إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" فآمن واتبعه، فقال: أهاجر معك.
فأوصى به النبي "صلى الله عليه وآله" بعض أصحابه.
فلما كانت غزوة خيبر، غنم رسول الله "صلى الله عليه وآله" شيئاً قسمه لهم، وقسم له، فأعطى أصحابه ما قسم له، وكان يرعى ظهرهم، فلما جاء دفعوه إليه، فقال: ما هذا؟
فقالوا: قسم قسمه لك رسول الله "صلى الله عليه وآله" فخذه.
فجاء به رسول الله "صلى الله عليه وآله" فقال: ما هذا؟
قال: "قسم قسمته لك".
قال: ما على هذا اتبعتك، ولكن اتبعتك على أن أُرْمَى ههنا ـ وأشار إلى حلقه ـ بسهم، فأموت، فأدخل الجنة.
فقال: "إن تصدق الله يصدقك".
ثم نهضوا إلى قتال العدو، فأتي به رسول الله "صلى الله عليه وآله" يحمل، وقد أصابه سهم حيث أشار، فقال النبي "صلى الله عليه وآله": "هو هو".
قالوا: نعم.
قال: "صدق الله، فصدقه".
فكفنه النبي "صلى الله عليه وآله" في جبته، ثم قدمه، فصلى عليه.
وكان مما ظهر من صلاته: "اللهم هذا عبدك وابن عبدك، خرج مهاجراً في سبيلك، قتل شهيداً، أنا عليه شهيد"([82]).
ونقول:
إن صنيع هذا الرجل يذكِّرنا بأم أنس، وهي تصر على انتزاع النخلات من أم أيمن، رغم أنه ليس من حقها ذلك.
ويذكرنا أيضاً: بأولئك الذين كانوا السبب فيما جرى على المسلمين في واقعة أحد، حيث جعلهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" على ثغرة في الجبل، ليأمن مباغتة العدو لهم منها.. وأوصاهم بأن لا يتركوها، حتى لو رأوا المسلمين يقتلون..
فلما دارت الحرب، وفرَّ المشركون، ورأوا المسلمين يجمعون الغنائم، تركوا مراكزهم طمعاً بالغنيمة، فجاءهم العدو من تلك الثغرة بالذات، وأوقع بالمسلمين هزيمة نكراء، وقتل منهم العشرات، حوالي سبعين رجلاً.
ويذكرنا أيضاً هذا الموقف: بقول المعتزلي عن سعد بن أبي وقاص في مقارنته مع علي "عليه السلام":
"هذا يجاحش على السلب، ويأسف على فواته، وذاك لا يلتفت إلى سلب عمرو بن عبد ود، وهو أنفس سلب، ويكره أن يبز السبيَّ ثيابه"([83]).
أبو سفيان في خيبر!!
وقالوا: إن النبي "صلى الله عليه وآله" أعطى أبا سفيان بن حرب من غنائم خيبر ـ وكان شهدها معه ـ مائة بعير, وأربعين أوقية, وزنها له بلال([84]).
ونحن لا نشك في عدم صحة ذلك: لإن أبا سفيان لم يظهر الإسلام إلا في فتح مكة, وذلك في السنة الثامنة من الهجرة, ولم يحضر خيبر, التي كانت في سنة سبع، بل كان في مكة آنئذٍ..
ولعل الصحيح: أنه أعطاه من غنائم حنين.
لكن الرواة صحفوا كلمة حنين، فصارت: "خيبر"، لتقاربهما في الرسم.
وربما يكون المقصود: أنه "صلى الله عليه وآله" قد أرسل بعض الأموال إلى مكة، وذلك حين ابتلي المكيون بالحاجة التي بلغت بهم إلى حد المجاعة, ولعل بعض ما أرسله إليها كان من بقايا غنائم خيبر أيضاً.
ولعل هذا هو ما أشير إليه، فيما رواه عبد الله بن عمرو الخزاعي، عن أبيه قال: "دعاني رسول الله "صلى الله عليه وآله", وقد أراد أن يبعثني بمال إلى أبي سفيان بمكة قبل الفتح, فقال: التمس الخ.."([85])، وفي بعض الروايات بعد الفتح([86]).
خارص رسول الله ':
ويقولون: إن عبد الله بن رواحة كان خارص رسول الله "صلى الله عليه وآله" في خيبر.
وقد ذكر البعض: أن هناك من ناقش في هذا الحديث، فقال: إنما خرص([87]) عليهم عبد الله عاماً واحداً، ثم استشهد في مؤتة، فكان جبار بن صخر هو الذي يخرص([88]).
ونقول:
إن قول ذلك البعض: إن ابن رواحة قد خرص عاماً واحداً، ثم مات غير مقبول؛ إذ من القريب جداً أن يكون "صلى الله عليه وآله" قد صالح كثيراً من اليهود في منطقة خيبر وغيرها، على أن يستمروا في العمل بالنخل ويعطوه شطراً من ثمارها، وكان ابن رواحة هو الخارص لثمرة نخيلهم في الأعوام التي سبقت استشهاده..
فقولهم: إنما خرص عليهم عاماً واحداً إنما يصح؛ بالنسبة لأولئك الذين صولحوا في وقعة خيبر..
صحائف التوراة ردت لليهود:
ولا مجال لقبول ما زعموه: من أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد رد على اليهود صحائف التوراة التي كانت من الغنيمة، حينما طلبوها منه([89]). إذ لا يجوز الإبقاء على كتب الضلال، إن كانت هي التوراة المزعومة، التي كتبوها بأيديهم، وقالوا: إنها من عند الله تعالى، وما هي من عنده سبحانه..
ولو فرض محالاً أنهم وجدوا بعض نسخ التوراة الحقيقية، فلا يصح تمكين اليهود منها، لأنهم لا يهتدون بهديها، بل هم يدنسونها، ويثيرون الشبهات حولها.
أنزعت منك الرحمة يا بلال؟!
قال الطبرسي: "وأخذ علي "عليه السلام" في من أخذ صفية بنت حيي، فدعا بلالاً، فدفعها إليه، وقال له: لا تضعها إلا في يدي رسول الله "صلى الله عليه وآله"، حتى يرى فيها رأيه.
فأخرجها بلال، ومرَّ بها إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" على القتلى، وقد كادت تذهب روحها، فقال "صلى الله عليه وآله": أنزعت منك الرحمة يا بلال؟! ثم اصطفاها لنفسه، ثم أعتقها وتزوجها"([90]).
وفي نص آخر: أن صفية سبيت هي وبنت عم لها، وأن بلالاً مر بهما على قتلى يهود، فلما رأتهم بنت عم صفية صاحت، وصكت وجهها، وحثت التراب على رأسها.
فلما رآها "صلى الله عليه وآله" قال: اعزبوا عني هذه الشيطانة.
وقال "صلى الله عليه وآله" لبلال: أنزعت منك الرحمة يا بلال، حتى تمر بامرأتين على قتلى رجالهما؟!([91]).
وتحسن الإشارة إلى الأمور التالية:
1 ـ هل كان بلال ملتفتاً وقاصداً إيذاء هاتين المرأتين بالمرور بهن على قتلاهما؟! أم أنه مر من هناك على سبيل الصدفة، باعتبار أن هذا هو الطريق المعتاد له؟! أو الذي ينساق الإنسان لسلوكه، لقربه، وسهولته مثلاً؟
2 ـ هل صكت تلك المرأة وجهها، وصاحت، وحثت التراب على رأسها بالقرب من رسول الله "صلى الله عليه وآله"، حتى احتاج إلى إبعادها عن مجلسه؟!
وهل كان مجلسه "صلى الله عليه وآله" قريباً من مواضع قتلى اليهود؟
أم أن صياحها، وصكها لوجهها، و.. قد استمر ولم يتوقف إلى أن بلغت مجلسه "صلى الله عليه وآله"؟!..
فإن كان الأمر كذلك: فلماذا لم يأمرها بلال بالسكوت قبل الوصول؟!
وإن لم تطعه في ذلك، فلماذا يمكِّنها من الوصول إليه "صلى الله عليه وآله"، وهي على تلك الحال؟!..
3 ـ لو صح أن بلالاً قد مر بهما على قتلى يهود، فلماذا يفسر ذلك بأنه كان بقصد إيذائهما، ودفعهما إلى الانفعال والبكاء، بهدف التلذذ بآلامهما الشخصية، وليكون ذلك من مظاهر قسوة القلب كما هو ظاهر؟ فإننا لم نعهد في بلال مثل هذه القسوة البالغة إلى حد أن الرحمة نزعت من قلبه.
فإن كان قد مرَّ بهما فعلاً من هناك، فلا بد أن يكون ذلك من غير تعمد منه، فلماذا ينسب إليه على لسان رسول الله "صلى الله عليه وآله": أن الرحمة قد نزعت من قلبه؟!
إلا أن يقال: إن النبي "صلى الله عليه وآله" لا يقصد إثبات هذه القسوة لبلال، بل أراد "صلى الله عليه وآله" أن يقول له: إن هذا الفعل يشبه فعل من نزعت الرحمة من قلبه، فكان المفروض أن يلتفت إلى ذلك، كما أن عليه عدم الوقوع في المستقبل بما يشبه ما وقع فيه هذه المرة.
4 ـ إن إرسال علي "عليه السلام" صفية إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" أراد به أن يحفظ لها عزتها وكرامتها على قاعدة: إرحموا عزيز قوم ذل.. كما أنه أراد أن لا يتنافس فيها المتنافسون، ويتحاسد فيها الطامحون والطامعون..
دحية يختار صفية:
وقد جاء علي "عليه السلام" بصفية، كما نصت عليه الروايات، وبتعبير آخر: أصاب في خيبر سبايا، اصطفى منهن رسول الله "صلى الله عليه وآله" صفية بنت حيي، فجعلها عند أم سليم، حتى اهتدت وأسلمت، ثم أعتقها، وجعل عتقها صداقها.
وقالوا: إنه "صلى الله عليه وآله" خيَّرها بين أن يعتقها، فترجع إلى من بقي من أهلها، أو تسلم، فيتخذها لنفسه. فاختارت الإسلام، وأن تكون زوجة له "صلى الله عليه وآله". فأعتقها، وتزوجها، وجعل عتقها صداقها.
وزعموا: تارة: أنها وقعت في سهم دحية، ثم ابتاعها "صلى الله عليه وآله" منه بتسعة أرؤس.
وزعموا أخرى: أن دحية طلبها من رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فوهبها له([92]).
وفي البخاري: أنهم لما جمعوا السبي طلب دحية جارية من رسول الله "صلى الله عليه وآله" من السبي، فقال: اذهب فخذ جارية.
فأخذ صفية، فجاء رجل إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، فقال: يا رسول الله، أعطيت دحية صفية سيدة قريظة والنضير؟! لا تصلح إلا لك.
فقال: ادعوا بها، فجاء بها، فأمره النبي "صلى الله عليه وآله" بأن يأخذ جارية أخرى من السبي([93]).
فأخذ أخت كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق([94]).
ونحن نرجح الروايات التي تقول:
إن علياً "عليه السلام" جاء بها إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، فاصطفاها في جملة ما اصطفاه، فهذا هو المشهور، والمروي، وهو الذي يمكن الإطمينان إليه..
ولعل دحية قد اختارها أولاً قبل إخراج الصفى من الغنيمة، ولم يكن يحق له ذلك، ولم يرضَ رسول الله "صلى الله عليه وآله" منه بهذا التصرف والإختيار.
بل لعل الأظهر: أنه "صلى الله عليه وآله" كان قد اصطفاها، ولم يعلم دحية بذلك، ثم جرى التصحيح بإعلامه بالأمر، ورواية البخاري الآنفة الذكر تشهد لهذا وتؤكده..
صفية والصفى لرسول الله ':
وإنما أخذت صفية من حصن القموص، وقيل: كان اسمها زينب، قبل أن تسبى، فلما صارت في الصفى التي كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" يصطفيها: سميت صفية.
ويلاحظ هنا:
أولاً: لا شك في أن كل ما في هذا الوجود ملك لله تعالى، يعطيه لمن يشاء، وفق ما تقتضيه حكمته ورحمته، ولطفه، فلا مانع من أن يعطي نبيه الأعظم "صلى الله عليه وآله" ما شاء، كرامة منه تعالى له، ولطفاً به، وحضاً للناس على محبته، وتعظيمه وتكريمه..
ثانياً: قد يكون في الغنيمة ما يناسب شأن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ويكون في تخصيصه به مصلحة للناس أنفسهم، من حيث إنه يوجب هداية فريق منهم، أو دفع بلاء عن بعضهم، أو تلافي شحناء، أو نزاع، أو أن فيه إبعاداً لهم عن أجواء تهيئ للتحاسد، أو للتنافس الذي لا يقوم على أساس صحيح، أو ما إلى ذلك..
ثالثاً: إن لبعض المقامات شؤوناً تناسبها، فلا بد من مراعاتها، بإعطائها ما تستحقه، والإلتزام بموجباتها، فإن الإنسجام مع المقتضيات الواقعية، يبقى هو الخيار الأصح الذي لا بد من الأخذ به..
والكاشف عن هذه المقتضيات؛ هو الله تعالى العالم بالحقائق، لأنه هو البارئ والخالق. فلا بد من الأخذ منه، والطاعة له فيما يأمر به، وينهى عنه.
رابعاً: أما حديث تسميتها بصفية بعد اصطفاء رسول الله "صلى الله عليه وآله" لها، فهو غير دقيق، لما ورد: من أن دحية بن خليفة الكلبي كان قد أخذ صفية أولاً، فاعترض أحدهم على ذلك، وقال: يا رسول الله، أعطيت دحية صفية؟!([95]).
فهذه العبارة تدل على: أن اسم صفية كان ثابتاً لها قبل أن يصطفيها النبي "صلى الله عليه وآله" فراجع.
لماذا اخضرت عين صفية؟!
قالوا: ولما دخل النبي "صلى الله عليه وآله" بصفية، رأى بأعلى عينها خضرة، فسألها عنها، فأخبرته: أنها قالت لزوجها ابن أبي الحقيق ـ وهي عروس ـ: إنها رأت القمر (والشمس كما في رواية أخرى) في حجرها، أو على صدرها، فلطمها، وقال: تتمني ملك العرب؟!..
وفي رواية: أنها رأت ذلك حين نزل النبي "صلى الله عليه وآله" خيبر([96]).
ونقول:
1 ـ إن النبي "صلى الله عليه وآله" دخل بصفية، وهو راجع من خيبر إلى المدينة.. ولا شك في أنه "صلى الله عليه وآله" كان قد رآها قبل ذلك الوقت، وذلك حين اصطفاها، أو حين جاء بها دحية، وأعطاه غيرها عوضاً عنها. فلماذا لم يرَ الخضرة فوق عينها آنذاك؟!
2 ـ إن رؤيتها للشمس والقمر، أو للقمر في حجرها، أو على صدرها، لا تشير إلى ملك العرب بشيء، فلماذا لا يفسِّر ـ زوجها ـ تلك الرؤيا بملك الفرس، أو الروم، أو القبط، أو بنفسه، أو بغيره من ملوك اليهود وعظمائهم؟!
3 ـ قد اختلفت روايات هذه القضية، فهل هي أخبرت زوجها، فلطمها؟ أم أخبرت أباها فلطمها؟!
ولا مجال للقول بأنها أخبرت هذا تارة، وذاك أخرى.. لأن اخضرار العين قد حصل من ضربة واحد منهما، لا من كليهما..
ثم هل رأت القمر في حجرها؟! أم رأت الشمس والقمر على صدرها؟!
4 ـ إذا صح تفسير رؤية القمر في حجرها بملك العرب، فكيف يمكن تفسير رؤية الشمس والقمر معاً على صدرها؟!.. فهل تفسر بأنها سوف يتزوجها اثنان؟! أم واحد؟!
5 ـ ذكروا أيضاً: أن هذه الحادثة قد حدثت لجويرية زوج النبي "صلى الله عليه وآله"، حيث رأت قبل زواجها بالنبي "صلى الله عليه وآله" أن القمر قد وقع في حجرها([97]).. فأي هذين هو الصحيح؟!
6 ـ إن اخضرار العين يزول خلال أيام، فكيف استمر عشرات الأيام ومن حين نزول النبي "صلى الله عليه وآله" خيبر؟! كما ذكرته بعض الروايات.
7 ـ لعل الصحيح في هذه القضية: هو ما روي، من أنه حين اقتلع علي "عليه السلام" باب الحصن، اهتز الحصن حتى سقطت لوجهها، فشجها جانب السرير، فأصابها ما أصابها، حسبما تقدم([98]).
وهذا الاهتزاز هو مما صنعه الله كرامة لعلي "عليه السلام"، وإمعاناً في إقامة الحجة على اليهود.
اعتذار النبي ' من صفية:
وزعموا: أنه "صلى الله عليه وآله" قال لصفية ـ حينما انتهت إليه ـ: يا صفية، أما إني أعتذر إليك مما صنعت بقومك، إنهم قالوا لي: كذا، وكذا إلخ..
وما زال "صلى الله عليه وآله" يعتذر إليها، حتى ذهب ذلك من نفسها([99]).
ونقول:
لا ندري إن كان يصح الاعتذار عن فعل واجب أمر الله تعالى به؟!
وإذا كان "صلى الله عليه وآله" أراد أن يوضح لها الحقيقة، ويخرجها من حالة الجهل، ويسلَّ سخيمتها، فإن ذلك لا يصح أن يسمى اعتذاراً!!
وإذا كانت قد أسلمت، واعتقدت بأنه "صلى الله عليه وآله" نبي الله، الذي لا ينطق عن الهوى، والذي هو في طاعة الله سبحانه وتعالى في كل قول وفعل، فلماذا الإعتذار؟
أليس ذلك كافياً في إقناعها بأن ما فعله حق؟!
صفية تأبى أولاً ثم تطيع:
قالوا: ولما قطع النبي "صلى الله عليه وآله" ستة أميال من خيبر، أراد أن يعرس بصفية، فأبت، فوجد النبي "صلى الله عليه وآله" في نفسه.
فلما سار ووصل إلى الصهباء، مال إلى دوحة هناك، فطاوعته. فقال لها: ما حملك على إبائك حين أردت المنزل الأول؟!
قالت: يا رسول الله، خشيت عليك قرب يهود([100]).
ونقول:
أولاً: كيف خشيت عليه "صلى الله عليه وآله" ذلك وهو بين أصحابه، وحوله جيش عرمرم يفديه بنفسه، وعنده علي "عليه السلام" قاتل مرحب، وسائر أبطال اليهود، وقالع باب خيبر؟
نعم، هل يمكن أن يصل إليه "صلى الله عليه وآله" غريب، ثم لا يسأل أحد ذلك الغريب عن حاله، وعما جاء به؟
ثانياً: لقد أقام النبي "صلى الله عليه وآله" بقرب اليهود، وفي عقر دارهم عشرات الأيام، وقد حاربهم، وانتقم منهم، وشل حركتهم، ولم يتمكنوا من فعل أي شيء ضده..
فلماذا تخشاهم عليه بعد أن أذلهم، وفرق جمعهم، وأباد خضراءهم، ثم غادرهم، وابتعد عنهم، وأصبح ظهور كل غريب فيما بين المسلمين مثاراً للريبة، وموجباً للمبادرة لاعتقاله، وللتحقيق معه؟!
حراسة أبي أيوب لرسول الله ':
وزعموا: أنه لما تزوج النبي "صلى الله عليه وآله" بصفية بات أبو أيوب تلك الليلة، متوشحاً بسيفه يحرسه، ويطوف بتلك القبة، حتى أصبح "صلى الله عليه وآله"، فرأى مكان أبي أيوب، فسأله عن ذلك، فقال: يا رسول الله، خفت عليك من هذه المرأة، قتلت أباها وزوجها، وقومها، وهي حديثة عهد بكفر، فبت أحفظك.
فقال "صلى الله عليه وآله": اللهم احفظ أبا أيوب كما بات يحفظني([101]).
ونقول:
أولاً: إن لنا أن نتساءل: أين كان علي "عليه السلام" في تلك الليلة؟! ولماذا لم يبادر إلى حراسة رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟! مع أن الخوف عليه "صلى الله عليه وآله" ـ كما قال أبو أيوب ـ كان على درجة كبيرة من الظهور والوضوح..
وقد كان "عليه السلام" يحرسه في المدينة، وفي بدر، ولا يغفل عن تفقد أحواله.. كما أنه كان هو الذائد عنه في أحد، وفي كل موقع أحسَّ فيه بالحاجة إلى ذلك..
ولماذا لا يطلب رسول الله "صلى الله عليه وآله" نفسه هذه الحراسة من أصحابه؟! فإن ما قاله أبو أيوب لم يكن ليغيب عنه "صلى الله عليه وآله"!!
ثانياً: إننا لا نستطيع أن نؤكد جدوى حراسة أبي أيوب.. فإن النبي "صلى الله عليه وآله" كان مع زوجته في داخل خيمته، ولا يتسنى، ولا يجوز لأبي أيوب أن يطَّلع على ما يجري بينهما، خصوصاً في ليلة الزواج..
وهي إن كانت تُبَيِّتُ أمراً، فلا بد أن تخفيه عن زوجها، وهو معها. فكيف لا تخفيه عن غيره؟
وإن استطاعت أن تُلحِقَ بزوجها ضرراً دون أن يجد الفرصة للدفاع عن نفسه، فستحرص على أن ينتهي الأمر قبل ارتفاع أي صوت..
ولذلك نقول: إنه سوف لا تنفعه "صلى الله عليه وآله" نجدة أبي أيوب، ولا نجدة غيره له، بل هي سوف تأتي بعد فوات الأوان.
الفصل الثالث:
أبو هريرة.. والغنائم..
أبو هريرة في خيبر:
وعن خزيمة، عن أبي هريرة قال:
قدمنا المدينة، ونحن ثمانون بيتاً من دوس، فصلينا الصبح خلف سباع بن عرفطة الغفاري، فقرأ في الركعة الأولى بسورة: "مريم"، وفي الآخرة: ?وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ?، فلما قرأ: ?إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ?([102]).
قلت: تركت عمي بالسراة له مكيلان، إذا اكتال اكتال بالأوفى، وإذا كال كال بالناقص، فلما فرغنا من صلاتنا، قال قائل: رسول الله "صلى الله عليه وآله" بخيبر، وهو قادم عليكم.
فقلت: لا أسمع به في مكان أبداً إلا جئته، فزودنا سباع بن عرفطة، وحملنا حتى جئنا خيبر، فنجد رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد فتح النطاة، وهو محاصر الكتيبة، فأقمنا حتى فتح الله علينا([103]).
وفي رواية: فقدمنا على رسول الله "صلى الله عليه وآله" وقد فتح خيبر، وكلَّم المسلمين فأشركنا في سهمانهم.
وروى البخاري، وأبو داود عن أبي هريرة قال: قدمت المدينة ورسول الله "صلى الله عليه وآله" بخيبر حين افتتحها، فسألته أن يسهم لي.
قال: فتكلم بعض ولد سعيد بن العاص.
فقال: لا تسهم له يا رسول الله.
قال: فقلت: هذا والله هو قاتل ابن قوقل.
فقال ـ وأظنه أبان بن سعيد بن العاص ـ: عجباً لوبر تدلى علينا من قدوم ضأن، يعيرني بقتل امرئ مسلم، أكرمه الله على يدي، ولم يهني على يديه([104]).
وروى البخاري، وأبو داود عن أبي هريرة قال: بعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" أباناً على سرية من المدينة، قِبَلَ نجد، قال أبو هريرة: فقدم أبان وأصحابه على رسول الله "صلى الله عليه وآله" بخيبر بعدما افتتحها، وإن حزم خيلهم لليف، فقال: يا رسول الله إرضخ لنا.
فقال أبو هريرة: يا رسول الله، لا تقسم لهم.
فقال أبان: وأنت بهذا يا وبر تحدر من رأس ضال ـ وفي لفظ ـ فان.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "يا أبان اجلس". فلم يقسم لهم([105]).
ونقول:
أولاً: إذا كان أبو هريرة وقبيلة دوس وصلوا إلى خيبر، وقد فتح الله تعالى على رسوله "صلى الله عليه وآله" النطاة، والشق، وهومحاصر الكتيبة، فمن المفروض: أن يكون هؤلاء القادمون قد شاركوا في الحصار والقتال في حصن الكتيبة على الأقل..
ويؤكد ذلك: قول أبي هريرة: "فأقمنا حتى فتح الله علينا"، حسبما تقدم، فإنه ظاهر في مشاركتهم في الفتح.. وذلك يوجب لهم حقاً في الغنيمة.
فلا معنى لقول أبي هريرة بعد هذا: "وكلَّم المسلمين، فأشركنا في سهمانهم".
ولا لقوله: "فسألته أن يسهم لي".
كما أنه لا معنى لقول بعض ولد سعيد بن العاص: "لا تسهم له يا رسول الله". إذ لا حاجة به إلى أن يكلم المسلمين في ذلك، وليس لهم أن يمنعوهم من المشاركة في السهمان، ما دام أنهم قد شاركوا في الحصار والقتال..
ثانياً: لماذا يقدِّم أبو هريرة بين يدي رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ويقترح عليه؟.. ولماذا يصدر لرسول الله "صلى الله عليه وآله" التوجيهات، والأوامر والزواجر؟! ألا يعدُّ هذا من سوء الأدب؟!
ثالثاً: قد صرحوا: بأنه "صلى الله عليه وآله" لم يسهم لأحد غاب عن خيبر إلا لجابر بن عبد الله الأنصاري.
فما معنى قولهم: إنه أسهم لأبي هريرة، ومن معه؟!.
رابعاً: قد صرح أبو موسى الأشعري أيضاً: بأنه "صلى الله عليه وآله" لم يسهم إلا لأصحاب السفينة، بعد أن استأذن المسلمين في ذلك..
والذي نظنه: هو أنه "صلى الله عليه وآله" أعطى هؤلاء وأولئك من سهمه من الخمس، أو أنه أعطاهم مما أفاء الله عليه، مما هو ملك له في الوطيح والسلالم. ولم يكن ثمة من حاجة إلى استئذان أحد من الناس..
إسلام أبي هريرة:
وقد ذكروا: أن أبا هريرة أسلم، ثم قدم على النبي "صلى الله عليه وآله" مع الدوسيين الأشعريين في شهر صفر سنة سبع، ورسول الله "صلى الله عليه وآله" بخيبر، فسار أبو هريرة معهم إليه حتى قدم معه المدينة([106]).
ونقول:
من المفيد هنا بيان بعض الخصوصيات التي ترتبط بأبي هريرة، وذلك على النحو التالي:
قد اختلف في اسم أبي هريرة إلى تسعة وثلاثين قولاً([107]).
وقال بعضهم: اجتمع في اسمه واسم أبيه أربعة وأربعون قولاً([108]).
وأما أحاديثه عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقد ذكر ابن حزم: أن مسند بقية بن مخلد قد احتوى على خمسة آلاف وثلاث مائة وأربع وسبعين حديثاً([109]) رغم أنه عاش مع النبي "صلى الله عليه وآله" من صفر سنة سبع إلى ذي القعدة من سنة ثمان، ثم أرسله "صلى الله عليه وآله" إلى البحرين مع العلاء بن الحضرمي، وقد كان عمله في البحرين يقتصر على التأذين للعلاء.
وبقي هناك إلى زمان عمر كما تظهره النصوص([110]). فراجع ما ذكره هو عن حضوره حرب العلاء بن الحضرمي مع المرتدين، وما ادعاه من رؤيته الخوارق التي حدثت للعلاء، ومنها مشيه بفرسه على وجه الماء، وراجع أيضاً شهادته على قدامة بن مظعون بشرب الخمر هناك، وغير ذلك.
وبذلك يظهر عدم صحة قوله: قدمت على النبي "صلى الله عليه وآله" بخيبر، وأنا يومئذٍ قد زدت على الثلاثين، فأقمت معه حتى مات، أدور معه في بيوت نسائه، وأخدمه، وأغزو معه، وأَحُجُّ. فكنت أعلم الناس بحديثه([111]).
نعم، إن ذلك لا يصح، إذ لماذا يدخله النبي "صلى الله عليه وآله" ـ وهو أغير الناس ـ على نسائه اللواتي ضرب عليهن الحجاب قبل ذلك بسنوات؟! كما أنه لم يقم معه "صلى الله عليه وآله" إلى أن مات، أي مدة ثلاث سنين، بل أقام معه سنة وتسعة أشهر على أبعد تقدير([112]).
وبذلك يظهر أيضاً عدم صحة قوله الآخر: إنه كان مع أبي بكر، أو مع علي "عليه السلام" في الحج سنة تسع([113])، وغير ذلك.
وربما يقال: إنه وإن ذهب إلى البحرين في ذلك التاريخ، لكن يمكن أن يكون قد عاد إلى المدينة قبل وفاة النبي "صلى الله عليه وآله".
ويجاب: بأنه لو كان قد عاد لظهر له أثر أو دور في الأحداث الأليمة التي كانت حين وفاة النبي "صلى الله عليه وآله"، ولم نشاهد له أي شيء من ذلك..
يضاف إلى ذلك: أنه لو صح هذا الزعم، فهو لا يغير شيئاً من حقيقة كونه قد غاب عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" مدة، أوجبت نقصاً في مقدار صحبته عن الثلاث سنين التي يدعيها لنفسه.
فإذا كان بقية بن مخلد قد روى له خمسة آلاف وثلاث مائة وأربعاً وسبعين حديثاً، مع أنه إنما أقام مع النبي "صلى الله عليه وآله" هذه المدة اليسيرة، فما باله لم يرو لنا إلا النزر اليسير عن غيره "صلى الله عليه وآله"؟ فقد روى عن أبي بكر [142] حديثاً، وروى عن عمر [537] وعن علي "عليه السلام" [586] وعن عثمان [146] حديثاً الخ..([114]).
هذا، رغم أنه كان ممنوعاً من الرواية في زمن عمر([115])، الذي ضربه بالدرة، وقال له: قد أكثرت من الرواية، وأحر بك أن تكون كاذباً على رسول الله "صلى الله عليه وآله"([116]).
وعن أبي هريرة، قال: ما كنا نستطيع أن نقول: قال رسول الله "صلى الله عليه وآله" حتى قبض عمر، كنا نخاف السياط.
وكان يقول: أفكنت محدثكم بهذه الأحاديث وعمر حي؟ أما والله لأيقنت: أن المخفقة ستباشر ظهري، ونحو ذلك([117])..
وكان عمر سيئ الظن بأبي هريرة، وقد عبر عنه مرة: بأنه عدو الله، وعدو المسلمين، وحكم عليه بالخيانة، وأغرمه عشرة آلاف دينار لخيانته بيت مال المسلمين في ولايته على البحرين([118]).
ثم أجاز له فيما بعد أن يروي، ولعله بعد أن اطمأن إلى أنه سوف يبقى ضمن الدائرة المرسومة، التي كان الخليفة يسعى لتكريسها في الناس([119]).
وقد قال عمر: إن أكذب المحدثين أبو هريرة([120]).
مدى وثاقته في الرواية:
وقد روي عن الإمام الصادق "عليه السلام" قوله: ثلاثة يكذبون على رسول الله "صلى الله عليه وآله": أبو هريرة، وأنس بن مالك، وامرأة([121]).
وعن الجاحظ: إن أبا هريرة ليس بثقة في الرواية عن النبي "صلى الله عليه وآله"، ولم يكن علي "عليه السلام" يوثقه في الرواية، بل يتهمه، ويقدح فيه، وكذلك عمر، وعائشة([122]).
وقال أبو جعفر الإسكافي: وأبو هريرة مدخول عند شيوخنا، غير مرضي الرواية([123]).
وعن علي "عليه السلام": ألا إن أكذب الناس ـ أو أكذب الأحياء ـ على رسول الله "صلى الله عليه وآله" أبو هريرة الدوسي([124]).
وقال "عليه السلام" مرة أخرى: لا أحد أكذب من هذا الدوسي على رسول الله "صلى الله عليه وآله"([125]).
وقال أبو حنيفة: الصحابة كلهم عدول ما عدا رجالاً، ثم عد منهم أبا هريرة، وأنس بن مالك([126]).
والكلام حول هذا الأمر طويل وعريض، فإن كثيرين من الصحابة قد اتهموا أبا هريرة، وطعنوا فيه.
لماذا ولى معاوية أبا هريرة المدينة؟!:
ويبدو أن مضامين روايات أبي هريرة هي التي جعلت له مكانة خاصة لدى مناوئي علي "عليه السلام"، لكثرة ما رواه لهم من ترهات في حقه "عليه السلام". فقد روى الأعمش: أن أبا هريرة لما قدم العراق مع معاوية عام الهدنة مع الإمام الحسن "عليه السلام"، جاء إلى مسجد الكوفة، فلما رأى كثرة من استقبله من الناس جثا على ركبتيه، ثم ضرب على صلعته مراراً وقال:
يا أهل العراق، أتزعمون أني أكذب على الله ورسوله، وأحرق نفسي بالنار؟ والله، لقد سمعت رسول الله "صلى الله عليه وآله" يقول: "إن لكل نبي حرماً، وإن حرمي في المدينة ما بين عير إلى ثور، فمن أحدث فيها حدثاً فعليه لعنة الله، والملائكة، والناس أجمعين" وأشهد أن علياً أحدث فيها.
فلما بلغ معاوية قوله أجازه، وأكرمه، وولاه إمارة المدينة([127]).
أشهد لقد واليت عدوه:
وروى سفيان الثوري، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن عمر بن عبد الغفار: أن أبا هريرة لما قدم الكوفة مع معاوية كان يجلس بالعشيات بباب كندة، ويجلس الناس إليه، فجاء شاب من الكوفة فجلس إليه، فقال يا أبا هريرة، أنشدك الله، أسمعت رسول الله "صلى الله عليه وآله" يقول لعلي بن أبي طالب: "اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه"؟!
فقال: اللهم نعم.
قال: فأشهد بالله، لقد واليت عدوه، وعاديت وليه. ثم قام عنه([128]).
وفي نص آخر: أن الأصبغ بن نباتة قد قال الكلمة الآنفة الذكر لأبي هريرة أمام معاوية، حينما أرسله أمير المؤمنين "عليه السلام" برسالة إليه..
وفيه: قال عن أبي هريرة: "فتنفس أبو هريرة وقال: إنا لله، وإنا إليه راجعون. فتمعَّر وجه معاوية وقال: كف عن كلامك"([129]).
ومن مظاهر ولائه لمعاوية روايته عن رسول الله "صلى الله عليه وآله": الأمناء ثلاثة: جبريل، وأنا، ومعاوية، أو نحو ذلك([130]).
وكان ـ كما يقول عنه زوج ابنته ـ: إذا أعطاه معاوية سكت، وإذا أمسك عنه تكلم([131]).
وكان معاوية يبعث أبا هريرة على المدينة، فإذا غضب عليه بعث مروان وعزله([132]).
وكان معاوية يوسط أبا هريرة لحل بعض المشكلات التي تواجهه، فراجع حديث مساعيه لإسكات عبادة بن الصامت عن ذكر مطاعن معاوية، وغير ذلك([133]).
وراجع مساعيه مع أبي الدرداء لدى علي "عليه السلام" لإنجاح أمر معاوية، فواجههما عبد الرحمن بن غنم بما أحرجهما([134]).
وكذلك حديث ذهابه إلى علي "عليه السلام" مع النعمان بن بشير من قبل معاوية، ليطالباه بتسليم قتلة عثمان، فلم يكترث علي "عليه السلام" به، ووجه كلامه إلى النعمان بن بشير دونه([135]).
وأخيراً فقد كان أبو هريرة مع معاوية في صفين، وكان يقول: لأن أرمي فيهم بسهم (يعني في أهل العراق) أحب إلي من حمر النعم([136]).
أبو هريرة عضو المجمع العلمي لمعاوية:
وقد أنشأ معاوية مجمعاً علمياً!! مكوناً من العديد من جهابذة العلم!! وأفذاذ التاريخ!! والأمناء على دين الله!! وعلى رسالة رسوله!! وفي طليعتهم أبو هريرة!!
فقد ذكر أبو جعفر الإسكافي: "أن معاوية وضع قوماً من التابعين على رواية أخبار قبيحة في علي "عليه السلام"، تقتضي الطعن فيه، والبراءة منه. وجعل لهم على ذلك جعلاً يرغب في مثله.
فاختلقوا ما أرضاه، منهم:
أبو هريرة.
وعمرو بن العاص.
والمغيرة بن شعبة.
ومن التابعين:
عروة بن الزبير"([137]).
وكان عليه أن يذكر فيهم المسور بن مخرمة، الذي تشارك هو وأبو هريرة في وضع حديث زواج علي "عليه السلام" ببنت أبي جهل ـ على ما يظهر ـ بهدف تطبيق قول رسول الله "صلى الله عليه وآله": "فاطمة بضعة مني، يؤذيني ما يؤذيها.." على علي أمير المؤمنين "عليه السلام" نفسه، بدل المقصودين الحقيقيين به.
افتتحنا خيبر:
وروى البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة، أنه قال: افتتحنا خيبر، ولم نغنم ذهباً، ولا فضة، إنما غنمنا البقر، والإبل، والمتاع([138]).
مع أن أبا هريرة لم يشهد فتح خيبر، بل جاء بعد فتحها..
فما معنى قوله: افتتحنا، ولم نغنم، وغنمنا؟!
أبو هريرة أسلم بعد وفاة رقية:
وقال أبو هريرة: دخلت على رقية بنت رسول الله "صلى الله عليه وآله" امرأة عثمان، وبيدها مشط، فقالت: خرج رسول الله "صلى الله عليه وآله" من عندي آنفاً، رجلت شعره، فقال: كيف تجدين أبا عبد الله (يعني عثمان)؟
قالت: بخير.
قال: أكرميه، فإنه أشبه أصحابي بي خلقاً([139]).
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، واهي المتن، فإن رقية ماتت سنة ثلاث من الهجرة، بعد فتح بدر، وأبو هريرة أسلم بعد فتح خيبر في سنة سبع من الهجرة([140]).
وأما عن شبه عثمان في خلقه برسول الله "صلى الله عليه وآله"، فنحن نحيل القارئ إلى تاريخ عثمان نفسه ليرى بأم عينيه: أنه كلام غير صحيح، فإنه لم يكن من المشبهين برسول الله "صلى الله عليه وآله"، وقد قتله صحابة النبي "صلى الله عليه وآله"، بسبب أعماله التي خالف فيها سيرته "صلى الله عليه وآله".
أبو هريرة في حديث ذي الشمالين:
وقد ادَّعى أبو هريرة: أنه كان حاضراً في قصة ذي الشمالين، حيث يقول: "صلى بنا رسول الله الظهر، أو العصر، فسلم في ركعتين، فقال له ذو اليدين: أنقصت الصلاة أم نسيت الخ.."([141]).
ونقول:
اجتمعوا ـ كما يقول الذهبي ـ: على أن أبا هريرة أسلم عام خيبر سنة سبع من الهجرة، وذو اليدين استشهد في بدر([142]).
قال أبو رية: "وقد اضطرب أبو هريرة في هذا الحديث، فمرة يقول: صلى بنا إحدى صلاتي العشي، إما الظهر، وإما العصر.
وتارة يقول: صلى بنا صلاة العصر.
وأخرى يقول: بينما نصلي مع رسول الله صلاة الظهر.
وهذه الروايات كلها في البخاري ومسلم، وا أسفا!"([143]).
ومن الواضح: أن ذا اليدين وذا الشمالين شخص واحد فراجع([144]).
مهمة أبي هريرة في البحرين:
وقد أرسل النبي "صلى الله عليه وآله" أبا هريرة إلى البحرين مع آخرين، ولم تصرح لنا كتب التاريخ بسبب إرساله إلى هناك..
غير أن البعض يقول: "إنه "صلى الله عليه وآله" أرسله إلى البحرين "لينشر الإسلام، ويفقه المسلمين، ويعلمهم أمور دينهم" وأنه "حدث الناس وأفتى"([145]).
وقد تقدم: أن غاية ما طلبه ـ أبو هريرة ـ من العلاء بن الحضرمي هو: أن يجعله مؤذناً له، وأن لا يسبقه بقول آمين. وليس في التاريخ أية إشارة إلى سبب إرساله مع العلاء بن الحضرمي إلى تلك البلاد.. كما أننا لم نجد ما يدل على أنه قد حدَّث الناس وأفتى.. فلماذا يصنع هؤلاء الناس تاريخاً لمن يحبونهم من عند أنفسهم؟!
أبو هريرة حضر المشاهد كلها:
وزعموا: أن أبا هريرة شهد حروب النبي "صلى الله عليه وآله" كلها([146]).
ونقول:
1 ـ إذا كان قد سافر في سنة ثمان إلى البحرين، فلا بد أنه غاب عن المشاهد التي حصلت في غيبته تلك..
2 ـ يضاف إلى ذلك: أن حضوره تلك المشاهد لم يكن ليغني شيئاً، لأنه لم يكن من الأبطال الشجعان، الذين يرهب جانبهم، وتخشى صولتهم، بل كان يعير بفراره في تلك المشاهد.
فعن أبي هريرة نفسه، قال: لقد كان بيني وبين ابن عم لي كلام، فقال: إلا فرارك يوم مؤتة. فما دريت أي شيء أقوله له([147]).
ولعله قد فرَّ آنذاك بصورة شنيعة لفتت الأنظار، وربما يكون ذلك منه بمجرد بدء الحرب، وشروع الأبطال في الطعن والضرب، ولأجل ذلك لم يجد جواباً يخرجه من الإحراج أمام ابن عمه.
النبي ' خليل أبي هريرة:
وكان أبو هريرة يقول: حدثني خليلي، وسمعت خليلي، فلما سمع علي "عليه السلام" ذلك قال له: "متى كان خليلك يا أبا هريرة"؟!([148]).
ونقول:
إنهم يروون عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" ما يدل على عدم صحة قوله هذا، فقد رووا عنه "صلى الله عليه وآله" قوله: لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً([149]).
وعن جندب: أنه سمع النبي "صلى الله عليه وآله" يقول قبل أن يموت بخمس: إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل([150]).
وعن عبد الله عنه "صلى الله عليه وآله": إني أبرأ إلى كل خليل من خلته، ولو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، وإن صاحبكم خليل الله عز وجل([151]).
آخركم موتاً في النار:
وآخر ما نذكره عن أبي هريرة: ما رواه ـ نفسه ـ لحجر بن عدي: من أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال له، ولحذيفة، وسمرة بن جندب: آخركم موتاً في النار.
قال أبو هريرة: فسبقنا حذيفة، وأنا الآن أتمنى أن أسبقه (يعني سمرة بن جندب)([152]).
ولنا هنا ملاحظات:
الأولى: أن الصحيح هو: "أبو محذورة" بدلاً من "حذيفة" كما هو في سائر المصادر.
الثانية: أنهم يحاولون القول: إن آخرهم موتاً هو سمرة بن جندب، مع أنهم يقولون: إن سمرة قد مات سنة ثمانية وخمسين([153]).
وقال العسقلاني: مات سنة ستين، وقيل: مات سنة ثمان وخمسين، وقيل: سنة تسع وخمسين، وقيل: في أول سنة ستين([154]).
ثم هم يقولون: إن أبا هريرة توفي ـ على الصحيح ـ في سنة تسع وخمسين([155]).
وقيل: توفي سنة سبع وخمسين، وقيل سنة ثمان([156]).
وهذا يظهر بجلاء: أن الأقوال في تاريخ موت كل من أبي هريرة وسمرة بن جندب متناقضة، فلا مجال للحكم بأن سمرة هو الذي مات آخراً، كما يحاول محبو أبي هريرة أن يصرفوا إليه الأذهان.
قيمة هذا الوسام:
إن ذكر هؤلاء الثلاثة في سياق واحد، والتصريح: بأن آخرهم موتاً في النار، يدل دلالة واضحة على أنهم غير مرضيين عند الله وعند رسوله "صلى الله عليه وآله"..
إذ إن إطلاق هذه الكلمة يجعل لدى الناس شكوكاً قوية تمنع من التعامل معهم جميعاً على أساس الوثوق والاحترام والتكريم.
وهي تفرض على الناس: أن يتجنبوهم، وأن يحتاطوا منهم، للريب المستمر في أمرهم.. وأن يستمر إبهام أمرهم إلى أن يلتحق النبي "صلى الله عليه وآله" بالرفيق الأعلى..
وهذا معناه: أن هؤلاء الثلاثة جميعاً يستحقون هذا الموقف الرافض لهم من الناس، وأنهم لا حرمة لهم عند الله تعالى، إذ لولا ذلك لوجب حفظهم، وإبعاد الشبهات عنهم، وتوصية الناس بإحسان الظن بهم، والتأكيد على حقوقهم الإيمانية التي تفرض ذلك كله.
ومعرفة الناس بالذي يموت أخيراً، ويقينهم بأنه سوف يدخل النار، لا يكفي للحكم بإيمان رفيقيه؛ بل يبقيان في دائرة الاحتمال.
فإذا ضممنا إلى ذلك: أن إسقاط حرمتهما لا يكون إلا لأمر عظيم ارتكبوه أوجب هذا الإسقاط، وحرمهما من حقوق أهل الإيمان، فإن النتيجة تكون هي: أن حرمانهما هذا يدل على فقدانهما لصفة الإيمان الموجبة لما حُرِما منه.
وهذا يعني: أنهما ليسا بعيدَيْن من مصير ثالثهم..
الثالثة: أن هذا الحديث يدل على عدم صحة ما ادَّعوه: من عدالة جميع الصحابة، وما ادعوه من أن الصحابي مغفور له في الآخرة..
الرابعة: إن الحديث قال: آخركم موتاً في النار، ولم يقل بالنار.
والفرق بينهما: أن >في< تدل على: أنه سيكون في النار وأن النار هي ظرفه وموقعه.
أما الباء فتدل على السببية، أي: أن سبب موته هو النار؛ لأنه وقع فيها مثلاً. والظرفية إنما هي لما دلت عليه كلمة "آخركم" وهو نفس الشخص.
فلا معنى لقولهم: إن موته يكون فيها.
بل المقصود: أنه هو نفسه يكون فيها، بغض النظر عن موته.
الخامسة: أن هذا القول من رسول الله "صلى الله عليه وآله" إنما جاء بهدف نصح الأمة وتحذيرها من هؤلاء الثلاثة.
ونكتفي من الحديث عن أبي هريرة بهذا القدر.. مع أن هناك مؤلفات كثيرة قد خصصت للحديث عنه وعن قضاياه، وأهمها كتاب شيخ المضيرة للشيخ محمود أبي رية، وأبو هريرة للعلامة الراحل السيد عبد الحسين شرف الدين رحمه الله..
الفصل الرابع:
لمسات أخيرة..
معجزات.. وكرامات:
1 ـ روي: أنه لما انصرف رسول الله "صلى الله عليه وآله" من خيبر إلى المدينة، قال جابر: وصرنا على وادٍ عظيم قد امتلأ بالماء، فقاسوا عمقه برمح، فلم يبلغ قعره، فنزل رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وقال: "اللهم أعطنا اليوم آية من آيات أنبيائك ورسلك".
ثم ضرب الماء بقضيبه، واستوى على راحلته، ثم قال: سيروا خلفي باسم الله، فمضت راحلته على وجه الماء، فاتبعه الناس على رواحلهم؛ فلم تترطب أخفافها، ولا حوافرها([157]).
2 ـ عن سلمة بن الأكوع: أنه أصابته ضربة يوم خيبر، قال: فأتيت رسول الله "صلى الله عليه وآله": فنفث فيه (أي في الجرح) ثلاث نفثات، فما اشتكيت منها ساعة([158]).
3 ـ وذكرت أمور أخرى في هذه الغزوة، عن طاعة الشجر له "صلى الله عليه وآله": وأنه كان يأمر الشجرة بالانقياد له، فيجرها حتى يصل بها إلى جنب شجرة أخرى، ثم يقضي حاجته، ثم ترجع الشجرتان كل واحدة إلى مكانها([159]).
4 ـ وسيأتي في فصل: سم النبي "صلى الله عليه وآله" في خيبر: أن كتف الشاة أخبرته "صلى الله عليه وآله" بأنها مسمومة.
5 ـ وتقدم ذكر ما جرى لبعض الحصون على يد رسول الله "صلى الله عليه وآله"، بالإضافة إلى أمور أخرى تدخل في هذا السياق.
ونقول:
إننا لا نريد أن نخضع كل هذه الأمور إلى التحقيق والبحث العلمي الدقيق الذي قد يعجز عن الإثبات بسبب عدم توافر الأدلة على ذلك.. تماماً كما هو عاجز عن النفي القاطع، فإن عدم توفر الدليل على الإثبات لا يلازم عدم الوقوع فعلاً.
ويظهر من النصوص المختلفة: أن بعض هذه الأمور الغيبية قد جاء ابتداء، ومن دون أن يكون لإرادة الرسول "صلى الله عليه وآله" أي تدخل فيه، مثل إخبارالكتف له بأنها مسمومة..
وبعضها ظهر منه: أنه "صلى الله عليه وآله" يتعمد التصرف في الأمور الغيبية، من أجل أمر يتصل بالشأن العام تارة، ثم من أجل أمر يرتبط بنفسه أخرى، مثل إيجاد ساتر له حين قضاء حاجته، فهو يأمر الشجرة بالحركة، والمجيء والذهاب، وما إلى ذلك..
وهذا يشير إلى: أنه "صلى الله عليه وآله" يملك القدرة على التصرف في الشجر، وفي غيره من الجمادات، وأن لإرادته دخلاً في حركتها، وسكونها.. وهو ما يعبر عنه بعضهم بـ "الولاية التكوينية" للنبي "صلى الله عليه وآله" بمعنى خضوع الجمادات لإرادته واختياره "صلى الله عليه وآله".
وعلينا أن نذكِّر القارئ الكريم: بأن هذه المعجزات والخوارق قد ظهرت له وهو في خيبر، وبعد فراغه ورجوعه منها أيضاً..
وقد أشرنا أكثر من مرة إلى: أن ما حصل في خيبر ربما كان بهدف طمأنة المسلمين إلى أن الله معهم يكلؤهم، ويرعاهم. فلا ينبغي أن ترهبهم كثرة عدوهم وعدته، وحصونه.. وبالنسبة لليهود يريد أن يقيم الحجة عليهم في أمر الإيمان والجحود، ليهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حيي عن بينة.
كما أن الذي حصل بعد فراغهم من خيبر، لعله يهدف إلى إبعاد حالة الغرور عن المسلمين، وتخيل: أن ما حصل إنما هو نتيجة قدراتهم الذاتية..
العاقبة السيئة:
وذكر الحلبي: أنه "صلى الله عليه وآله" قال لرجل من المسلمين: هذا من أهل النار، فلما حضر القتال، قاتل الرجل قتالاً أشد القتال، فارتاب بعض الصحابة، أي كيف يكون من أهل النار مع هذه المقاتلة الشديدة؟.
فلما كثرت الجراحات في ذلك الرجل، ووجد ألمها أخرج سهماً من كنانته ونحر نفسه، فأخبر بذلك رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال: قم يا بلال فأذن: لا يدخل الجنة إلا مؤمن، وإن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر، إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة.. الحديث.
وفي رواية: إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس، وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار فيما يبدو للناس، وهو من أهل الجنة.
وتقدم في غزوة أحد مثل ذلك، ولا بُعْدَ في التعدد إن لم يكن من الاشتباه على الراوي([160]).
ونقول:
لا نستطيع أن نقبل على رسول الله "صلى الله عليه وآله": أن يكون قد أخبر عن رجل أنه من أهل النار ما دام أن ظاهره الإسلام، والاستقامة، فلم يكن ذلك من عادته "صلى الله عليه وآله".. بل كان من عادته الستر حتى على من يعرف أنه من المنافقين، إلا إذا كان ثمة حاجة للجوء إلى هذا الإخبار الغيبي، توجب عدم رعاية ظاهر حال الناس.
ولم تذكر لنا الروايات الوجه الذي اقتضى فضح هذا الرجل، وبرر خروج النبي "صلى الله عليه وآله" عن عادته هذه بالنسبة إليه.
وربما يكون الأمر قد اشتبه على الراوي، وكان ما حصل هو: مجرد إخباره "صلى الله عليه وآله" بأنه من أهل النار بعدما أخبروه بأنه نحر نفسه، لا قبل ذلك. والله هو العالم.
صفة النبي ' وعلي × في التوراة:
عن عبد الله بن أبي أوفى: أنه لما فتحت خيبر قالوا للنبي "صلى الله عليه وآله": إن بها حبراً قد مضى له من العمر مائة سنة، وعنده علم التوراة، فأُحضر بين يديه، وقال له: أصدقني بصورة ذكري في التوراة، وإلا ضربت عنقك.
قال: فانهملت عيناه بالدموع، وقال له: إن صدقتك قتلني قومي، وإن كذبتك قتلتني.
قال له: قل، وأنت في أمان الله وأماني.
قال له الحبر: أريد الخلوة بك.
قال له: أريد أن تقول جهراً.
قال: إن في سفر من أسفار التوراة اسمك، ونعتك، وأتباعك، وأنك تخرج من جبل فاران، وينادى بك وباسمك على كل منبر. فرأيت في علامتك [أن] بين كتفيك خاتماً تختم به النبوة، أي لا نبي بعدك، ومن ولدك أحد عشر سبطاً يخرجون من ابن عمك، واسمه علي، ويبلغ ملكك المشرق والمغرب، وتفتح خيبر، وتقلع بابها، ثم تعبر الجيش على الكف والزند، فإن كان فيك هذه الصفات آمنت بك، وأسلمت على يدك.
قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": أيها الحبر، أما الشامة فهي لي، وأما العلامة فهي لناصري علي بن أبي طالب "عليه السلام".
قال: فالتفت إليه الحبر وإلى علي "عليه السلام"، وقال: أنت قاتل مرحب الأعظم.
قال علي "عليه السلام": بل الأحقر، أنا جدلته بقوة الله وحوله، وأنا معبر الجيش على زندي وكفي.
فعند ذلك قال: مد يدك، فأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأنك معجزه، وأنه يخرج منك أحد عشر نقيباً، فاكتب لي عهداً لقومي، فإنهم كنقباء بني إسرائيل أبناء داود "عليه السلام".
فكتب له بذلك عهداً([161]).
ونقول:
1 ـ بغض النظر عن سند هذا الحديث: فإن ثمة بعض علامات الإستفهام حوله، فقد ذكر فيه تهديد النبي "صلى الله عليه وآله" لذلك اليهودي بالقتل..
كما أن فيه نوع اضطراب، إذ لم نجد مبرراً يدعو هذا اليهودي إلى تأخير إسلامه إلى ما بعد إخباره بما في التوراة. حيث يظهر من كلامه: أنه عارف باسمه "صلى الله عليه وآله" ونعته، وأتباعه، وبكثير من الأمور التي تجري له..
فإنه رأى بأم عينيه قلع باب خيبر، وكان بإمكانه أن يسأل عن اسم قالعه، كما أن بإمكانه أن يتحقق من سائر الأمور التي وجدها في التوراة، فلماذا يرفض إخبار النبي "صلى الله عليه وآله" بهذا الأمر؟! ولماذا يطلب منه الخلوة ليبوح له به، إن كان في نيته أن يسلم إذا وجد صدق هذا الخبر التوراتي؟!
ومن جهة أخرى: فهو تارة يقول للنبي "صلى الله عليه وآله": إن في سفر من أسفار التوراة اسمك، ونعتك وأتباعك، وأنك تخرج من جبل فاران، وينادى باسمك.. ثم يستمر بخطابه إياه على هذا النحو.
وتارة أخرى يقول له: فإن كان فيك هذه الصفات آمنت بك، وأسلمت على يديك. وها هو يرى بأم عينيه كيف تجري الأمور باتجاه تأكيد صحة ما هو مكتوب عنده في التوراة.
وأما القول: بأنه إنما كان يعدِّد له ما وجده في التوراة، دون أن يتعرض لانطباقها عليه، أو عدم انطباقها.. فلما وجد أنها منطبقة عليه أعلن إسلامه، فهو لا يكفي للإجابة على السؤال عن سبب تأخره في رؤية هذا الانطباق.
2 ـ وأما العهد الذي طلبه من رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يكتبه لقومه، فالظاهر: أنه كتب له عهداً يتضمن كونه في أمان الله وأمان رسوله "صلى الله عليه وآله" وفي ذمته. وذلك وفاء منه "صلى الله عليه وآله" بما كان قد أعطاه إياه من الأمان.. وليمنع قومه من العدوان عليه بعد عودته "صلى الله عليه وآله" إلى المدينة.
3 ـ ونشير أخيراً: إلى أن الرواية لم تشتمل على أمر غريب فيما يرتبط ببشارة التوراة برسول الله "صلى الله عليه وآله". بل ذكرت ما هو معروف من ذلك.. خصوصاً وأن القرآن قد صرح: بأن اليهود يجدون اسم النبي "صلى الله عليه وآله" مكتوباً عندهم في التوراة.
وصرح: بأنهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، وقد قرأنا في الحوادث التاريخية الكثير مما يدل على معرفتهم هذه.
ولكن الرواية تضمنت تفاصيل عن علي "عليه السلام"، وعما يكون منه في خيبر، فيحتمل أن يكون ذلك الحبر صادقاً فيما يدَّعيه من قراءته ذلك في التوراة فعلاً.. ويكون مقصوده هو التوراة الحقيقية، التي كان أحبار اليهود يتكتمون عليها، ولا يظهرونها لأتباعهم، لأنها تسقط مزاعمهم، وتكذب أباطيلهم..
وأما احتمال أن يكون قوله ذلك من عند نفسه، حكاية منه لما جرى، وتزلفاً منه للمسلمين.. فهو غاية في البعد، لما ظهر من أنه كان صادقاً فيما أخبر به؛ لأن الأمر انتهى بإسلامه. ولو كان متزلفاً لكان همه أن يخلص نفسه، دون أن يعلن إسلامه، خصوصاً بعد أن أعطاه رسول الله "صلى الله عليه وآله" الأمان، فهو لا يرى نفسه مطالباً بشيء، لا بالإسلام ولا بغيره..
مراهنات قريش:
روى البيهقي، عن عروة، وعن موسى بن عقبة، وعن الواقدي عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم، قالوا: واللفظ للواقدي:
كان حويطب بن عبد العزى يقول: انصرفت من صلح الحديبية، وأنا مستيقن أن محمداً "صلى الله عليه وآله" سيظهر على الخلق، وتأبى حمية الشيطان إلا لزوم ديني، فقدم علينا عباس بن مرداس السلمي يخبرنا: أن محمداً "صلى الله عليه وآله" قد سار إلى خيابر، وأن خيابر قد جمعت لرسول الله "صلى الله عليه وآله" فمحمد لا يفلت.
إلى أن قال عباس بن مرداس: من شاء بايعته، إن محمداً لا يفلت.
قلت: أنا أخاطرك.
فقال صفوان بن أمية: أنا معك يا عباس.
وقال نوفل بن معاوية الديلمي: أنا معك يا عباس.
وضوى إليَّ نفر من قريش، فتخاطرنا مائة بعير أخماساً إلى مائة بعير، أقول أنا وحزبي: يظهر محمد "صلى الله عليه وآله".
ويقول عباس وحزبه: تظهر غطفان.
وجاء الخبر بظهور رسول الله "صلى الله عليه وآله" فأخذ حويطب وحزبه الرهن([162]).
ونقول:
يظهر: أن هذا الذي جرى، كان قبل أن يتبيَّن لهؤلاء: أن قسماً كبيراً من غطفان قد انسحب إلى بلاده، خوفاً ورعباً.
وهكذا تظهر آثار صلح الحديبية على روحيات قريش، وعلى تصرفاتها؛ لتؤكد على يأسها من أن تقف في وجه دعوة الإسلام، وفي وجه نبيه الأكرم "صلى الله عليه وآله"، بل إن حويطباً لا يستيقن بظهوره على قريش وحسب، وإنما بظهوره على جميع الخلق أيضاً..
وإذا كانت قريش تظن فيما سلف: أن في اليهود بعض القوة على المواجهة، فها هي أصبحت تراهن على اندحارهم أمام النبي "صلى الله عليه وآله"، وتعطي الضمانات الكبيرة والكثيرة (مائة بعير)، للدلالة على صحة يقينها بنصره "صلى الله عليه وآله" على أعظم قوة ضاربة في المنطقة، فإن اليهود كانوا عشرة آلاف.
يضاف إلى ذلك: نصف هذا العدد من حلفائهم من غطفان، وبني فزارة..
وكانوا يملكون كنزاً من الذهب يضيق عنه مسك جمل، ولديهم من المزارع والنخيل، والأرض الواسعة، والمياه الغزيرة.. ما لم يكن لأحد سواهم في تلك المناطق.
ولديهم الحصون الحصينة والكثيرة. ولم يكن لدى غيرهم مثلها، أو ما يدانيها.
ولديهم من الطعام الذي جمعوه في حصونهم ما يكفيهم الأيام المديدة، والشهور العديدة..
ولديهم أنواع من السلاح والعتاد ما لم يكن نظيره لدى المسلمين، لا من حيث النوع، مثل الدبابات، والمنجنيق، ولا من حيث الكمية.
ولديهم الحقد الدفين، والثارات والترات التي يطلبونها من رسول الله "صلى الله عليه وآله" الذي أنزل ضرباته القاضية بإخوانهم من بني قينقاع، والنضير، وقريظة، جزاء خياناتهم وغدرهم الذي لا ينتهي.
ولديهم أيضاً: خوفهم من بطلان هيمنتهم، وسقوط زعامتهم، وعدم قدرتهم على التسويق لترهاتهم، وخداع الناس بأضاليلهم، وخشيتهم من أن تسقط نظرة الناس إليهم.
ويظهر بوار زعمهم للناس: أن لديهم العلوم والمعارف، وأنهم يعرفون أخبار الأمم السالفة، ويقدرون على رصد المستقبل، والتنبؤ بما سوف يحدث..
ولديهم حسدهم للعرب، لكون النبي الخاتم منهم..
ولديهم.. ولديهم..
فإن كل ذلك يزيد من حدة المواجهة بينهم وبين رسول الله "صلى الله عليه وآله" ومن معه من المسلمين..
ولذلك كان عباس بن مرداس السلمي مستيقناً بأن محمداً "صلى الله عليه وآله" لا يفلت من براثن اليهود.
وكان الناس يعرفون ذلك كله، فقد ورد في حديث الحجاج بن علاط، حين سار إلى مكة لأخذ أمواله، وبلغ الثنية البيضاء قوله:
"وإذ بها رجال من قريش يتسمَّعون الأخبار، قد بلغهم أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد سار إلى خيبر، وقد عرفوا: أنها قرية الحجاز: أنفة، ومنعة، وريفاً، ورجالاً، وسلاحاً، فهم يتحسبون (يتجسسون ـ ظ ـ) الأخبار، مع ما كان بينهم من الرهان"([163]).
ولكن قريشاً كانت ـ برغم ذلك كله ـ مقتنعة: بأن النصر سيكون له "صلى الله عليه وآله" ليس على اليهود وحسب، ولا على الجزيرة العربية، وحدها، وإنما على جميع الخلق أيضاً.. ولذلك كانت المخاطرة بينهم على مائة بعير، ويأخذ المخاطرون هذا الرهن كله..
ابن علاط يستنقذ ماله بمكة:
وقالوا: كان الحجاج بن عِلاط السُلمي خرج يغير في بعض غاراته، فذكر له: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" بخيبر، فأسلم، وحضر مع رسول الله "صلى الله عليه وآله".
وكانت أم شيبة ابنة عمير بن هاشم ـ أخت مصعب بن عمير العبدري ـ امرأته، وكان الحجاج مكثراً ـ له مال كثير ـ وله معادن الذهب التي بأرض بني سُليم، فقال: يا رسول الله، ائذن لي، فأذهب فآخذ مالي عند امرأتي، فإن علمت بإسلامي لم آخذ منه شيئاً، ومال لي متفرق في تجَّار أهل مكة.
فأذن له رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال: يا رسول الله، إنه لا بد لي من أن أقول.
قال: "قل".
قال الحجاج: فخرجت، فلما انتهيت إلى الحرم، هبطت فوجدتهم بالثنية البيضاء، وإذا بها رجال من قريش يتسمعون الأخبار، قد بلغهم: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد سار إلى خيبر، وعرفوا أنها قرية الحجاز أنفةً ومنعةً، وريفاً، ورجالاً، وسلاحاً.
فهم يتحسبون (لعل الصحيح: يتجسسون) الأخبار، مع ما كان بينهم من الرهان، على مائة بعير، على أن النبي "صلى الله عليه وآله" يغلب أهل خيبر أو لا.
فلما رأوني قالوا: الحجاج بن علاط عنده ـ والله ـ الخبر ـ ولم يكونوا علموا بإسلامي ـ: يا حجاج، إنه قد بلغنا: أن القاطع([164]) قد سار إلى خيبر، بلد يهود، وريف الحجاز؟
فقلت: بلغني أنه قد سار إليها، وعندي من الخبر ما يسركم.
فالتبطوا بجانبي راحلتي، يقولون: إيه يا حجاج!!
فقلت: لم يلق محمد وأصحابه قوماً يحسنون القتال غير أهل خيابر، كانوا قد ساروا في العرب يجمعون له الجموع، وجمعوا له عشرة آلاف، فهزم هزيمة لم يسمع بمثلها قط، وأسر محمد أسراً.
فقالوا: لا نقتله حتى نبعث به إلى مكة، فنقتله بين أظهرهم، بمن قتل منا ومنهم.
ولهذا فإنهم يرجعون إليكم يطلبون الأمان في عشائرهم، ويرجعون إلى ما كانوا عليه، فلا تقبلوا منهم، وقد صنعوا بكم ما صنعوا.
قال: فصاحوا بمكة، وقالوا: قد جاءكم الخبر، هذا محمد، إنما تنتظرون أن يُقْدَمَ به عليكم، فيقتل بين أظهركم.
وقلت: أعينوني على جمع مالي على غرمائي، فإني أريد أن أقدم فأصيب من غنائم محمد وأصحابه: قبل أن تسبقني التجار إلى ما هناك.
فقاموا فجمعوا إليَّ مالي كأحثَّ جمع سمعت به.
وجئت صاحبتي فقلت لها: مالي، لعلي ألحق بخيبر فأصيب من البيع قبل أن يسبقني التجار.
وفشا ذلك بمكة، وأظهر المشركون الفرح والسرور، وانكسر من كان بمكة من المسلمين.
وسمع بذلك العباس بن عبد المطلب، فقعد، وجعل لا يستطيع أن يقوم، فأشفق أن يدخل داره فيؤذى، وعلم أنه يؤذى عند ذلك، فأمر بباب داره أن يفتح، وهو مستلق، فدعا بقثم، فجعل يرتجز ويرفع صوته لئلا يشمت به الأعداء.
وحضر باب العباس بين مغيظ ومحزون، وبين شامت، وبين مسلم ومسلمة مقهورين بظهور الكفر، والبغي.
فلما رأى المسلمون العباس طيبة نفسه، طابت أنفسهم، واشتدت منتهم، فدعا غلاماً له يقال له: أبو زبيبة.
فقال: اذهب إلى الحجاج، فقل له: يقول لك العباس: الله أعلى وأجل من أن يكون الذى جئت به حقاً.
فقال له الحجاج: اقرأ على أبي الفضل السلام، وقل له: ليخل لي في بعض بيوته، لآتيه بالخبر على ما يسره، واكتم عني.
وأقبل أبو زبيبة يبشر العباس، فقال: أبشر يا أبا الفضل، فوثب العباس فرحاً كأن لم يمسه شيء، ودخل عليه أبو زبيبة، واعتنقه العباس، وأعتقه، وأخبره بالذى قاله.
فقال العباس: لله عليَّ عتق عشر رقاب، فلما كان ظُهراً، جاءه الحجاج، فناشده الله: لتكتمن علي ثلاثة أيام، ويقال: يوماً وليلة، فوافقه العباس على ذلك.
فقال: إني قد أسلمت، ولي مال عند امرأتي، ودين على الناس، ولو علموا بإسلامي لم يدفعوه إلي، وتركت رسول الله "صلى الله عليه وآله" وقد فتح خيبر، وجرت سهام الله تعالى ورسوله "صلى الله عليه وآله" فيها، وانتشل ما فيها، وتركته عروساً بابنة مليكهم حيي بن أخطب، وقتل ابن أبي الحُقيق.
فلما أمسى الحجاج من يومه خرج، وطالت على العباس تلك الليالي، ويقال: إنما انتظره العباس يوماً وليلة.
فلما كان بعد ثلاث، والناس يموجون في شأن ما تبايعوا عليه، عمد العباس إلى حلة فلبسها، وتخلق بخلوق، وأخذ بيده قضيباً، ثم أقبل يخطر، حتى وقف على باب الحجاج بن علاط، فقرعه، فقالت زوجته: ألا تدخل يا أبا الفضل؟
قال: فأين زوجك؟
قالت: ذهب يوم كذا وكذا، وقالت: لا يحزنك الله يا أبا الفضل، لقد شق علينا الذى بلغك.
قال: أجل، لا يحزنني الله، لم يكن بحمد الله إلا ما أحببنا، فتح الله على رسوله خيبر، وجرت فيها سهام الله ورسوله، واصطفى رسول الله "صلى الله عليه وآله" صفية لنفسه، فإن كانت لك حاجة في زوجك فالحقي به.
قالت: أظنك والله صادقاً.
ثم ذهب حتى أتى مجلس قريش، وهم يقولون إذا مر بهم: لا يصيبك إلا خير يا أبا الفضل!! هذا والله التجلد لحر المصيبة.
قال: كلا، والله الذي حلفتم به، لم يصبني إلا خير بحمد الله، أخبرني الحجاج بن علاط: أن خيبر فتحها الله على رسوله، وجرى فيها سهام الله وسهام رسوله.
فرد الله تعالى الكآبة التي كانت بالمسلمين على المشركين، وخرج المسلمون من كان دخل في بيته مكتئباً حتى أتوا العباس فأخبرهم الخبر، فسر المسلمون.
وقال المشركون: [يا لعباد الله] انفلت عدو الله ـ يعني الحجاج ـ أما والله لو علمنا لكان لنا وله شأن، ولم ينشبوا أن جاءهم الخبر بذلك([165]).
ونقول:
إن النبي "صلى الله عليه وآله" حين أذن لابن علاط أن يقول ما شاء، فإنه قد حقق أهدافاً عديدة، دون أن تتوجه إليه "صلى الله عليه وآله" أية مسؤولية أدبية في ذلك، لا سيما وأن ابن علاط لم يخبره بما يريد قوله، حتى لو كان "صلى الله عليه وآله" يعلم به عن طريق الوحي الإلهي.
ونذكر ما يرد على هذه القضية وما يستفاد منها فيما يلي:
1 ـ إننا نشك في بعض خصوصيات الرواية، فقد ذكرت: أن قريشاً قد علمت بالأمر بعد ثلاثة أيام من خروج ابن علاط من مكة..
والمفروض: أن الرهان كان فيما بينهم على مائة من الإبل، وأنهم حين رأوه قالوا: إن عنده العلم اليقين وإنه أخبرهم بأسر النبي "صلى الله عليه وآله"، وبأنه يؤتى به إليهم ليقتلوه..
فهل أعطى الفريق الذي راهن على انتصار النبي "صلى الله عليه وآله" المائة من الإبل للفريق الآخر الذي راهن على انكساره؟! أم لا؟!
فإن كان الرهان لم يؤدَّ إلى الرابح فذلك يتنافى مع ما أظهروه من الثقة والاستبشار بكلام ابن علاط، حتى لقد جمعوا له ماله بأسرع وقت..
وإن كانوا قد أعطوه فالمفروض: أن يذكر التاريخ ذلك، وأنهم أعطوا الرهان، ثم استرجعوه ليأخذوه هم دون الفريق الآخر.
2 ـ أنه قد مهد لصدمة روحية لقريش تضعف عزيمتها، وتوهن قوتها الروحية، وللمحارب أن يضعف عزيمة عدوه بما يراه مناسباً، إذا كان ذلك لا يخالف العهد الذي أبرمه معهم.
3 ـ إن هذا الأمر الذي من شأنه أن يمكن هذا الرجل من جمع ماله بسهولة ويسر، ويمنع من استغلال الظروف، ومن استيلائهم على ماله من دون حق، لا يدل على أن الغاية تبرر الواسطة في الإسلام، لأن التعامل إنما هو مع عدو مشرك، يستحل الدم والمال، وليس مع من يجب حفظ ماله، أو يرى لغيره حرمة.
4 ـ إن ما قاله الحجاج بن علاط لقريش، قد نشأت عنه حالة من شأنها أن تكشف دخائل الكثيرين ممن كانت هناك حاجة لمعرفة مقدار عداوتهم، أو مقدار محبتهم وولائهم.
وهذا يفيد أهل الإيمان كثيراً في رسم معالم واضحة لطريقة التعامل مع هؤلاء، وأولئك، لأنه يعطيهم رؤية أوضح في هذا الاتجاه، وقدرة على اتخاذ المواقف المناسبة، حين لا بد لهم من ذلك.
5 ـ غير أن لنا تساؤلاً عن السبب الذي دفع الحجاج بن علاط إلى الإسلام، حين سمع بخروج النبي "صلى الله عليه وآله" إلى خيبر، وكان خارجاً لشن الغارة على الآمنين، والإيقاع بهم، فإنه ـ كما تقول الرواية ـ قد أسلم، ثم توجه إلى الرسول "صلى الله عليه وآله"، وحضر معه فتح خيبر.
فلماذا أسلم حين جاءه هذا الخبر بالذات، ولم يسلم قبل ذلك؟ فهل لم تكن دعوة النبي "صلى الله عليه وآله" قد وصلته؟! أم أنها وصلته، ولم يستجب لها؟! أم أنه أحسَّ بقوة الإسلام وعزته إلى حد رأى أنه لا مجال بعد لمناوأته؟! أم أن في الأمر سراً آخر نجهله؟!
6 ـ إن هذا المكثر من المال، والذي له معادن الذهب التي بأرض بني سليم، لا يحتاج في الحصول على رزقه إلى الغارة على الآخرين، واستياق مواشيهم، وأخذ أموالهم، وقتل رجالهم، وسبي نسائهم. إلا إذ كان يمارس حالة البغي، والظلم، والقسوة، التي كانت تهيمن على تفكيره، وعلى مشاعره. ومن كان كذلك، فإننا لا نتوقع منه أن يدخل في الإسلام بصورة طوعية، وعن قناعة، ورضاً.
7 ـ لماذا تكون زوجة الحجاج في مكة، ويكون هو في مناطق بني سليم في محيط المدينة؟! فإنه إذا كان قد خرج ليشن الغارة، فذلك يعني: أنه كان مع قومه، وفي موضع إقامته..
وإذا كانت زوجته قد ذهبت إلى مكة لزيارة أهلها، فما معنى: أن يكون المال عندها، وأن لا يتمكن من تحصيله منها؟!
8 ـ ما معنى طلبه من أهل مكة: أن يجمعوا له أمواله، ليلحق بخيبر قبل أن يسبقه التجار إليها؟!
فإنه إن كان قد جاء من خيبر إلى مكة، فهو يحتاج إلى حوالي ثلاثة عشر يوماً ليقطع الطريق بينهما، ويحتاج في عودته إلى مثل ذلك، يضاف إليها الأيام التي يقضيها في مكة.
فتكون النتيجة: هي مضي حوالي شهر على فتح خيبر، فهل يصبر التجار كل هذه المدة، ولا يُبادرون إلى شراء ما يمكن شراؤه من تلك الغنائم؟!
مع ملاحظة أخرى تزيد الأمر تعقيداً، وهي: أنه إنما ترك رسول الله "صلى الله عليه وآله" بعد فتح خيبر، وبعد تزوجه ببنت ملكهم، كما صرح به هو نفسه، وهذا إنما حصل في منطقة الصهباء حين عودته "صلى الله عليه وآله" إلى المدينة.
وهم يقولون: إن النبي "صلى الله عليه وآله" دعا الله تعالى أن يعجل بنفاق غنائم خيبر، قالوا: "فلما عرضناها على البيع رغب فيها الناس رغبة تامة حتى بيعت كلها في يومين"([166]).
9 ـ إننا نستغرب من الحجاج بن علاط: أن يُعْلِمَ أبا زبيبة بالحقيقة، وهو غلام لا يدري إلى أين هواه، فلماذا لم يخف من أن يفشي عليه سره، ويوقعه في المحذور الكبير والخطير؟!
ومجرد طلبه منه أن يكتم عليه لا يكفي للاعتماد في مثل هذه المواقع الحساسة والصعبة.
من استشهد بخيبر من المسلمين:
إننا نذكر هنا قائمة بأسماء المسلمين الذين استشهدوا في خيبر، بالإعتماد على ما ذكره الصالحي الشامي، فنقول:
أسلم الحبشي الراعي: ذكره أبو عمر، واعترضه ابن الأثير: بأنه ليس في شيء من السياقات أن اسمه أسلم.
قال الحافظ: وهو اعتراض متجه، قلت: قد جزم ابن إسحاق في السيرة برواية ابن هشام: بأن اسم أسلم: الأسود الراعي.
وقال محمد بن عمر: اسمه يسار([167]).
وقال الحلبي: الأسود الراعي: كان أجيراً لرجل من اليهود يرعى غنمه، وكان عبداً حبشياً يسمى أسلم، وفي الإمتاع: اسمه يسار فجاء للنبي "صلى الله عليه وآله" وهو محاصر خيبر، فقال: يا رسول الله، اعرض عليَّ الإسلام، فعرضه عليه، فأسلم([168]).
أنيف ـ تصغير أنف ـ بن حبيب بن عمرو بن عوف([169]).
أنيف بن واثلة([170]).
أوس بن جبير الأنصاري، من بني عمرو بن عوف، قتل على حصن ناعم، أورده ابن شاهين، وتبعه أبو موسى([171]).
أوس بن حبيب الأنصاري. ذكره أبو عمر، وقيل: هو الذي قبله([172]).
أوس بن فايذ ـ بالتحتية والذال المعجمة ـ الأنصاري، ذكره أبو عمر: أوس بن فايد([173]) ـ بالفاء والدال المهملة ـ أو ابن فاتك، أو الفاكه، من بني عمرو بن عوف.
ولعلهما واحد، فإن النقط للحروف لم يكن شائعاً في الكتابة تلك الأيام.
أوس بن قتادة الأنصاري([174]).
بشر بن البراء بن معرور([175]).
ثابت بن إثلة ـ بكسر الهمزة، وسكون الثاء المثلثة ـ وزاد أبو عمر: واواً في أوله، ولم يوافقوه([176]).
ثقف([177]) ـ وقال محمد بن عمر: ثقاف ـ بن عمرو بن سميط الأسدي([178]).
الحارث بن حاطب، ذكره ابن إسحاق، ومحمد بن عمر، وابن سعد، وقالا: شهد بدراً، ولم يتعرض له أبو عمر، ولا الذهبي، ولا الحافظ، لكونه استشهد بخيبر. وهو أخو ثعلبة بن حاطب بن عمر بن عبيد الأنصاري الأوسي([179]).
ربيعة بن أكثم بن سخبرة بن عمر الأسدي، قتل بالنطاة، قتله الحارث اليهودي([180]).
رفاعة بن مسروح الأسدي، حليف بني عبد شمس، قتله الحارث اليهودي([181]).
سليم بن ثابت بن وقش الأنصاري الأشهلي، ذكره ابن الكلبي، وابن جرير الطبري([182]).
طلحة، ذكره ابن إسحاق، ولم ينسبه، ولم يقف كثير من الحفاظ على نسبه، ولم يذكره محمد بن عمر، ولا ابن سعد، وقال أبو ذر في الإملاء: هو طلحة بن يحيى بن إسحاق بن مليل([183]).
قال أبو علي الغساني: لم يخبر ابن إسحاق باسم طلحة هذا.
قلت: ولم أر لطلحة بن يحيى بن إسحاق هذا ذكراً في الإصابة للحافظ، ولا في الكاشف للذهبي([184]).
عامر بن الأكوع، واسم الأكوع: سنان بن عبد الله([185]).
عبد الله بن أبي أمية بن وهب، قتل بالنطاة، وذكره محمد بن عمر، وابن سعد ولم يذكره ابن إسحاق([186]).
عبد الله بن هبيب، ذكره ابن إسحاق في رواية البكائي، وجرير بن حازم، ويونس بن بكير، لكن عنده عبد الله بن فلان بن وهب، وكذا سماه أبو عمر وجماعة، وذكر محمد بن عمر: أنه استشهد هو وأخوه عبد الرحمن بأحد، قال الحافظ: والأول أولى([187]).
عدي بن مرة بن سراقة البلوي، طعن بين ثدييه بحربة فمات منها، ذكره محمد بن عمر، وابن سعد، وأبو عمر([188]).
عروة بن مرة بن سراقة الأوسي، ذكره أبو عمر([189]).
عمارة بن عقبة بن حارثة الغفاري، رمي بسهم، ذكره ابن إسحاق، ومحمد بن عمر، وابن سعد، وأبو عمر، وتعقبه الحافظ في كونه استشهد بخيبر بكلام يدل على أنه لم يراجع السيرة في هذا المحل، ولا شك في صحة ما ذكره أبو عمر([190]).
فضيل بن النعمان الأنصاري السلمي ـ بفتح السين ـ ذكره ابن إسحاق في رواية يونس، وابن سلمة وزياد، وجزم بذلك محمد بن عمر، وابن سعد هنا، وقال ابن سعد في موضع آخر: كذا وجدناه في غزوة خيبر، وطلبناه في نسب بني سلمة فلم نجده، ولا أحسبه إلا وهماً، وإنما أراد الطفيل بن النعمان بن خنساء بن سنان، والطفيل ذكره ابن عقبة في من شهد خيبر([191]).
بشر بن المنذر بن زنبر ـ وزن جعفر ـ([192]).
محمود بن مسلمة، قتل عند حصن ناعم، ألقيت عليه صخرة، قيل: ألقاها عليه مرحب، وقيل: كنانة بن الربيع، ولعلهما اشتركا في الفعل([193]).
ومدعم الأسود، مولى رسول الله "صلى الله عليه وآله" قتل بخيبر، وهو الذي غلّ الشملة يومئذٍ، وجاء الحديث أنها تشتعل عليه ناراً([194]).
مرة بن سراقة الأنصاري، ذكره أبو عمر، وتعقبه ابن الأثير: بأن الذي ذكروا أنه شهد خيبر ابنه عروة بن مرة([195]).
قال الحافظ: ولا مانع من الجمع([196]).
قال الصالحي الشامي: ويؤكد كلام ابن الأثير: أن أبا عمر لم يذكره في الدر، بل ذكر ابنه عروة([197]).
مسعود بن ربيعة، ويقال: ربيع بن عمرو القاري بالتشديد، ممن استشهد بخيبر([198]).
مسعود بن سعد بن قيس الأنصاري الزرقي، ذكره ابن إسحاق، ومحمد بن عمر، وابن سعد، ونقل أبو نعيم عن ابن عمارة: أنه ذكره فيهم، وخالفه الواقدي ـ أه. نقله الحافظ وأقره. والذي في مغازي الواقدي: أنه استشهد بخيبر، وأن مرحباً قتله، فالله أعلم([199]).
يسار، اسم الأسود الراعي، ذكره محمد بن عمر، وابن سعد. وسماه ابن إسحاق: أسلم([200]).
أبو سفيان بن الحارث، كذا في نسخة سقيمة عن الزهري، نقلاً عن رواية يونس عن ابن إسحاق، ولم أره في الإصابة([201]).
أبو ضياح الأنصاري، اسمه النعمان([202]).
القتلى من اليهود:
وقالوا: إن الذين قتلوا من اليهود في غزوة خيبر كانوا ثلاثة وتسعين رجلاً([203]).
أين هي هذه الأحداث؟!:
إن صاحب ديوان أمير المؤمنين "عليه السلام" قد نسب إليه "عليه السلام" مقطوعات عديدة من الأرجاز في مناسبة خيبر..
وقد ذكر لهذه الأرجاز مناسبات تخص كل واحدة منها. ولم نجد في كتب التاريخ والسيرة شيئاً عن تلك المناسبات. فسوَّغ لنا ذلك احتمال كون هذه الأرجاز مجعولة.. فعدنا إلى مضامينها، وتأملنا فيها، فلم نجدها تضمنت أية خصوصية تبرر لنا احتمالنا الآنف الذكر، فإنها مجرد تعابير قوية، تدخل في سياق الحرب النفسية للعدو، وترمي إلى إضعاف عزيمته وإسقاطها..
فلم نجد بداً من استبعاد ذلك الاحتمال، واستبداله باحتمال أقوى منه، لكونه مؤيداً بنظائر له قد حفل بها التاريخ الإسلامي. ألا وهو أن يداً ما قد سعت إلى إسقاط كثير من الحقائق والقضايا من تاريخ علي "عليه السلام"؛ لأنها لا تخدم أغراضها، ولا تفيدها في خططها وأهدافها.. ولأجل هذا وذاك كان لا بد لنا من عرض هذه المقطوعات وفقاً لما أورده المجلسي "رحمه الله"، وذلك كما يلي:
جاء في الديوان المنسوب إلى أمير المؤمنين "عليه السلام": أن مما أنشده في غزاة خيبر:
ستشهـد لي بالــكر والطعن رايــة حبـاني بهـا الـطـهر الـنبي المهذب
وتعلـم أني في الحـروب إذا التـظت بـنيرانها الليث الهموس المجرب([204])
ومثـلي لاقى الهـول في مفـظـعـاتـه وقل له الجيش الخميس العطبطب([205])
وقــد علـم الأحيـاء أني زعيمـهـا وأني لدى الحرب العذيق المرجب([206])
الإلتظاء: الإشتعال والإلتهاب، وقال الجوهري: الأسد الهموس: الخفي الوطء، و"قل" المضبوط في النسخ بالقاف، ولعل الفاء أنسب من قولهم: فل الجيش: إذا هزمهم، والعطبطب لم أجده في اللغة، وفي الشرح المهلك، والزعيم: سيد القوم ورئيسهم، والعذيق تصغير العذق بالفتح وهي النخلة، وهو تصغير تعظيم، والرجبة: هو أن تعمد النخلة الكريمة ببناء من حجارة أو خشب إذا خيف عليها ـ لطولها وكثرة حملها ـ أن تقع. وقد يكون ترجيبها بأن يجعل حولها شوك لئلا يرقى إليها، ومن الترجيب: أن تعمد بخشبة ذات شعبتين.
وقيل: أراد بالترجيب التعظيم، كل ذلك ذكره في النهاية.
ومنه فيها:
أنـا عـلي وابـن عبـد المـطــلــب مـهـذب ذو سطـوة وذو غـضـب
غذيت في الحرب وعصيان النؤب من بـيـت عـز ليس فيـه منـشعب
وفي يـمـيـنـي صارم يجلو الكرب من يـلـقـني يلقَ المنـايـا والعطب
إذ كف مثلي بالـرؤوس يلـتـعـب([207])
وعصيان النؤب، أي: عدم إطاعة نوائب الدهر لي، وغلبتها علي، والمنشعب مصدر ميمي، أو اسم مكان.
والانشعاب: التفرق، وإذ للتعليل، أو ظرف لـ >يلقَ<.
ومنه فيها مخاطباً لياسر وغيره:
هـذا لـكـم مـن الغــلام الغالب من ضرب صدق وقضاء الواجب
وفـالـق الهـامـات والمـنــاكــب أحمـي بـه قـماقـــم الـكتــائـب([208])
القمقام: السيد، والعدد الكثير. والكتيبة: الجيش.
ومنه فيها مخاطباً لعنتر وسائر عسكر خيبر:
هـذا لـكـم معــاشـر الأحـزاب من فـالـق الهـامــات والــرقـاب
فـاستعجلـوا للطـعـن والضراب واسـتـبـسـلـوا للموت والمـــآب
صـيركـم سـيـفي إلى الـعــذاب بـعـون ربـي الـواحـد الـوهاب([209])
استبسل: طرح نفسه في الحرب، ويريد أن يَقتل أو يُقتل لا محالة.
والمآب: المرجع في الآخرة.
ومنه فيها مخاطباً لربيع بن أبي الحقيق:
أنـا عـلي وابـن عـبـد المـطـلـب أحمي ذمـاري وأذب عـن حسـب
والمـوت خـير للـفـتـى مـن الهـرب([210])
ومنه فيها مخاطباً لجماهير أهل خيبر:
أنـا عـلي وابـن عـبـد المـطــلـب مـهـذب ذو سطـوة وذو حـسـب
قـرن إذا لاقـيـت قـرنـاً لم أهـب مـن يلقـني يلقَ المنـايا والكرب([211])
ومنه فيها مخاطباً لمرة بن مروان:
أنـا عـلي وابـن عـبـد المـطـلــب أخـو النبي المـصطفى والمنـتـجب
رسـول رب العـالمـين قـد غـلب بـيَّـنــه رب الـسـماء في الـكـتـب
وكـلـهـم يـعـلـم لا قـول كذب ولا بــزور حـين يـدء بـالـنـسب
صـافي الأديـم والجبين كالـذهب الـيـوم أرضـيـه بضـرب وغضب
ضـرب غـلام أرب من العــرب لـيـس بـخـوار يـرى عنـد النكب
فاثبت لضرب من حسام كاللهب([212])
قال الشارح: الدأو والدأي: الحكاية، ولم أجده فيما عندنا من الكتب، وفي القاموس: دأيت الشيء كسعيت: ختلته، ويحتمل أن يكون بالباء الموحدة من الابتداء.
ومنه فيها مخاطباً لمرحب:
نحن بـنـو الحـرب بنـا سعـيرها حـرب عـوان حـرهـا نـذيـرهــا
تحـث ركض الخـيـل في زفـيرهــا([213])
ومنه فيها مجيباً لياسر الخيبري:
تـبـاً وتعسـاً لـك يـا بـن الكافـر أنــا عـــلي هــازم الـعـســاكــر
أنـا الـذي أضربكم ونـاصــري إلــه حـق ولــه مــهـــاجـــري
أضـربـكـم بـالسيف في المصاغر أجـود بالطعن وضـرب طــاهــر
مـع ابـن عمي والسراج الـزاهـر حـتـى تـديـنـوا لـلـعـلي الـقـاهر
ضـرب غــلام صـارم ممـاهـر([214])
وأيضاً في جوابه:
يـنـصـرني ربـي خـيـر نـاصــر آمــنــت بالله بــقــلـب شـاكــر
أضـرب بـالـسيف عـلى المـغافر مـع الـنـبـي المصطـفـى المهاجر([215])
ومنه فيها مجيباً لأبي البليت عنتر:
أنــا عــلي الـبـطــل المــظـفـر غـشـمـشـم القلـب بـذاك أذكــر
وفـي يـمـيـنـي لـلـقـاء أخضر يـلـمع مـن حـافـتـه بـرق يـزهـر
للطعن والضرب الشديد محضر مـع الـنـبـي الـطـــاهـر المـطــهر
اخـتـاره الله الـعــلي الأكــــبر الـيـوم يـرضـيـه ويخـزى عـنـتر([216])
قال الجوهري: الغشمشم: الذي يركب رأسه لا يثنيه شيء عما يريد ويهوى من شجاعته، وإنما عبر عن السيف بالأخضر، لأنه من الحديد وهو أسود، والعرب يعبر عن السواد بالخضرة، أو لكثرة مائه كما يسمى البحر الأخضر.
ومنه فيها، قال: ارتجز داود بن قابوس فقال:
يـا أيـهـا الحــامـل بـالـترغـــم مـاذا تريـد من فـتـى غـشـمـشـم
أروع مـفـضـال هصور هيصـم مـاذا تــرى بـبــازل مـعـتـصــم
وقـاتـل القـرن الجـريء المقـدم والله لا أسـلــم حـتـى تحــــــرم
فأجابه صلوات الله عليه:
اثـبـت لحــاك الله إن لـم تسـلم لـوقـع سيـف عـجرفي خـضــرم
تحـمـلـه مـنـي بـنـان المـعـصم أحـمـي بـه كتـائـبـي وأحـتــمي
إنـي ورب الحــجــر المـكــرم قـد جـدت لله بـلـحـمي ودمـي([217])
الترغم: التغضب. والغشمشم: الشجاع الذي لا يرده شيء.
والأروع: الذي يعجبك حسنه.
والهصور: الأسد، والهيصم: الأسد، والقوي من الرجال.
وبزل البعير: انشق نابه، ولحاك الله أي لعنك الله، ويقال: جمل فيه عجرفة، أي قلة مبالاة لسرعته، وفلان يتعجرف عليَّ: إذا كان يركبه بما يكره ولا يهاب شيئاً، وعجارف الدهر: حوادثه.
وقال الجوهري: الخضرم بالكسر: الكثير العطية، مشبه بالبحر الخضرم وهو الكثير الماء، وكل شيء كثير واسع خضرم.
والمعصم: موضع السوار من الساعد. والحجر المكرم: الحجر الأسود.
ومنه فيها مخاطباً لليهود:
هـذا لـكـم مـن الغلام الهاشمي مـن ضرب صدق في ذرى الكمائم
ضـرب يـقـود شـعـر الجـماجم بـصـــارم أبـيــض أي صــــارم
أحـمـي بـه كتــائـب القـماقـم عـنـد مجـال الخـيـل بالأقــــادم([218])
الكمة: القلنسوة المدورة.
ويقال: سيد قماقم بالضم لكثرة خيره وبالفتح جمع القمقام وهو السيد.
ومنه عند قتل الخيبري:
أنـا عـلي ولــدتـنـي هــاشــم لـيـث حـروب للـرجـال قـاصـم
معصوصب في نـقـعـهـا مقادم من يلـقـني يـلـقـاه موت هاجم([219])
قصمت الشيء قصماً: كسرته، واعصوصب القوم: اجتمعوا، والنقع: الغبار، والمقادم: جمع مقدام كمفاتح ومفتاح.
بعض ما قيل من الشعر في غزوة خيبر:
ومن الشعر في غزوة خيبر ما قاله كعب بن مالك:
ونـحـن وردنـا خيـبراً وفروضـه بكـل فتى عـاري الأشـاجع مذود
جواد لدى الغـايات لا واهن القوى جريء على الأعـداء في كل مشهد
عظيـم رمـاد القدر في كل شتـوة ضروب بنصـل المـشـرفي المـهـنـد
يرى القتل مدحاً إن أصاب شهادة مـن الله يـرجـوهـا وفـوزاً بـأحمـد
يـذود ويحـمـي عـن ذمـار محمـد ويـدفـع عـنـه بـاللسـان وبالـيــد
ويـنـصره مـن كـل أمـر يـريـبـه يجـود بنـفـس دون نـفـس محـمـد
يصـدق بالإنبـاء بالـغيب مخلصاً يـريـد بـذاك العز والـفوز في غد([220])
وقال حسان:
بـئـس مـا قـاتـلـت خيـابـر عـما جمـعـــوا مـن مـزارع ونـخـيــل
كـرهـوا المـوت فاستبيح حماهـم وأقـروا فـعـل الـلـئـيـم الـذلـيل
أمـن المـوت تهـربــون فــإن الــ ــمـوت مـوت الهزال غير جميل([221])
الباب الثامن:
فتح.. وصلح
الفصل الأول: مقاسم خيبر.. بين الصلح والفتح
الفصل الثاني: النبي ' يقرهم.. وعمر يجليهم..
الفصل الثالث: فدك وغصبها: أحداث.. وتفاصيل..
الفصل الرابع: فدك.. دليل الإمامة
الفصل الأول:
مقاسم خيبر.. بين الصلح والفتح
كتاب إسقاط الجزية عن يهود خيبر:
وأظهر اليهود في العصور التالية لعصر الرسول الكريم "صلى الله عليه وآله" كتاباً نسبوه إليه "صلى الله عليه وآله" جاء فيه: أنه "صلى الله عليه وآله" قد أسقط الجزية عن أهل خيبر.. وفي الكتاب شهادة سعد بن معاذ, ومعاوية بن أبي سفيان, وفيه إسقاط الكلف, والسخرة والجزية([222]).
وقد اغتر بعض علماء الشافعية بهذا الكتاب, فحكم بإسقاط الجزية عنهم، ومنهم أبو علي بن خيرون([223]).
وقد جاؤوا بالكتاب في سنة 447 هجرية إلى وزير القائم أبي القاسم علي بن الحسن، فعرضه على الخطيب البغدادي، فحكم بأنه مزور.
وقد حكم بتزوير هذا الكتاب العلامة الحلي "رحمه الله"([224]).
وألف ابن كثير كتاباً في إبطاله([225])، وقال: إن جماعة حكموا عليه بالبطلان, مثل:
ابن الصباغ المالكي في مسائله.
وابن حامد في تعليقته.
وابن المسلمة الذي صنف جزءاً مفرداً للرد عليه أيضاً([226]).
واستدلوا على تزويره بما يلي:
1 ـ إنه لم ينقله أحد من المسلمين([227]).
2 ـ إن فيه شهادة سعد بن معاذ, وهو إنما استشهد قبل ذلك بزمان, في وقعة بني قريظة، بعد أن حكم فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة.
وذكر ابن كثير: أنه وقف عليه فرأى فيه شهادة سعد بن معاذ عام خيبر، وقد توفي سعد قبل ذلك بسنتين، وفيه: كتب علي بن أبي طالب وهذا لحن وخطأ([228]) لا يصدر عن أمير المؤمنين علي، لأن علم النحو إنما أسند إليه من طريق أبي الأسود الدؤلي عنه.
ويجاب عن هذا: بأن من الجائز أن يكون "صلى الله عليه وآله" قد أعطاهم هذا الكتاب في أوائل الهجرة, أو على الأقل قبل واقعة بني قريظة.. ثم لما نكثوا عهدهم حاربهم..
3 ـ غير أننا نقول:
إن هذا الجواب أيضاً باطل: لأن شهادة معاوية بن أبي سفيان على الكتاب لا يمكن أن تجتمع مع شهادة سعد بن معاذ, لأنه قد أسلم عام فتح مكة، أي بعد موت سعد بن معاذ بعدة سنوات, فكيف يشهد معه على كتاب إسقاط الجزية عنهم؟!
4 ـ يقول ابن قيم الجوزية: إن إثبات الجزية إنما كان في سنة تسع من الهجرة, فكيف يسقط النبي "صلى الله عليه وآله" عن اليهود أمراً لم يثبت؟.
ولنا أن نقول في جوابه:
إنه إذا ثبت إسقاط الجزية بهذا الكتاب كان ذلك دليلاً على ثبوتها قبل سنة تسع.
5 ـ يضاف إلى ذلك: أنه لم يكن في زمن النبي "صلى الله عليه وآله" كلف ولا سخرة على اليهود, فما معنى إسقاطها عنهم أيضاً؟..
وبذلك يظهر: أنه لا قيمة لهذا الكتاب المزعوم, بعد أن كانت كل الدلائل تشير إلى بطلانه..
الوطيح وسلالم فتحا صلحاً:
قال ابن إسحاق: وتدنَّى رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالأموال، يأخذها مالاً مالاً، ويفتحها حصناً حصناً، حتى انتهوا إلى ذينك الحصنين ـ أعني الوطيح وسلالم الذي هو حصن بني الحقيق، وهو آخر حصون خيبر ـ وجعلوا لا يطلعون من حصنهم، حتى همَّ رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن ينصب عليهم المنجنيق، لما رأى من تغليقهم، وأنه لا يبرز منهم أحد.
فلما أيقنوا بالهلكة ـ وقد حصرهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" أربعة عشر يوماً ـ سألوا رسول الله "صلى الله عليه وآله" الصلح، فأرسل كنانة بن أبي الحقيق إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" رجلاً من اليهود يقال له: شماخ، يقول: "أنزل فأكلمك"؟
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "نعم".
فنزل كنانة بن أبي الحقيق، فصالح رسول الله "صلى الله عليه وآله" على حقن دماء من في حصونهم من المقاتلة، وترك الذرية لهم، ويخرجون من خيبر وأرضها بذراريهم، ويخلون بين رسول الله "صلى الله عليه وآله" وبين ما كان لهم من مال وأرض، وعلى الصفراء والبيضاء، والكراع، والحلقة، وعلى البز إلا ثوباً على ظهر إنسان.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "وبرئت منكم ذمة الله وذمة رسوله إن كتمتموني شيئاً".
فصالحوه على ذلك، فأرسل رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى الأموال فقبضها، الأول، فالأول.
ووجد في ذينك الحصنين مائة درع، وأربعمائة سيف، وألف رمح، وخمسمائة قوس عربية بجعابها([229]).
ووجدوا صحائف متعددة من التوراة، فجاءت يهود تطلبها، فأمر "صلى الله عليه وآله" بدفعها إليهم([230]).
وبذلك يكون الوطيح وسلالم فيئاً لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، إذ لم يحصل قتال في هذين الحصنين، وما جرى حين نزول المسلمين هناك، فإنما هو مناوشات مع أفراد.
ونقل الحلبي عن فتح الباري، عن ابن عبد البر: جزمه بأن حصون خيبر فتحت عنوة، وإنما دخلت الشبهة على من قال فتحت صلحاً بالحصنين اللذين سلمهما أهلهما لحقن دمائهم، وهو ضرب من الصلح، لكن لم يقع ذلك إلا بحصار وقتال.
هذا كلامه، فليتأمل، فإن بالقتال يخرج عن كونه فيئاً([231]).
ونقول:
لعله يقصد المناوشات الفردية، التي لا يصح اعتبار الفتح مستنداً إليها.
هل فتحت خيبر صلحاً؟!:
إن ظاهر كلام بعضهم: أن خيبر قد فتحت صلحاً([232]).
وقد نقل في بعض المصادر عن الزهري: الكتيبة أكثرها عنوة([233]).
وبعضهم عرض الخلاف في هذا الأمر([234]).
ويظهر من بعض التعابير لبعض المؤرخين: أن خيبر قد فتحت كلها عنوة([235]).
قال اليعقوبي: "ثم كانت وقعة خيبر في أول سنة سبع، ففتح حصونهم، وهي ستة حصون: السلالم، والقموص، والنطاة، والقصارة، والشق، والمربطة. وفيها عشرون ألف مقاتل. ففتحها حصناً حصناً، فقتل المقاتلة، وسبى الذرية، وكان القموص من أشدها وأمنعها الخ.."([236]).
ويظهر هذا من بعض التعابير في البحار أيضاً، حيث قال: "وقد ظهر رسول الله "صلى الله عليه وآله" على أهل خيبر، وفيها اليهود".
وفي نص آخر: "وقد كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" حين ظهر على أهل خيبر، وفيها اليهود"([237]).
فإن ظاهر كلمة: "ظهر عليهم" أنه انتصر عليهم.
توجيهات لما سبق:
وقال أبو عمر: إن السبب في هذا الخلاف، هو الحصنان اللذان أسلمهما أهلهما، حقناً لدمائهم. وهو ضرب من الصلح، ولكنه لم يقع إلا بحصار وقتال([238]).
وقال آخر: إن الشبهة نشأت من قول ابن عمر: إن النبي "صلى الله عليه وآله" قاتل أهل خيبر، فغلب على النخل، فصالحوه على أن يجلوا منها، وله الصفراء، والبيضاء، والحلقة، ولهم ما حملت ركابهم، على ألا يكتموا، ولا يغيبوا..
إلى أن قال: فسبى نساءهم وذراريهم، وقسم أموالهم للنكث الذي نكثوا، وأراد أن يجليهم، فقالوا: دعنا في هذه الأرض نصلحها الخ..
فعلى هذا كان وقع الصلح، ثم حصل النقض منهم، فزال أمر الصلح، ثم منَّ عليهم بترك القتل وإبقائهم عمالاً بالأرض، ليس لهم ملك. ولذلك أجلاهم عمر، فلو كانوا صولحوا على أرضهم لم يجلوا منها([239]).
وذكر الحلبي: أن هذين الحصنين ـ الوطيح وسلالم ـ هما المرادان بالكتيبة في قول بعضهم: كان "صلى الله عليه وآله" يطعم من الكتيبة أهله الخ..([240]).
ونقول:
أولاً: إن هذا التفسير للمراد بالكتيبة غير صحيح، حيث سيأتي التصريح منهم بخلاف ذلك، وأن الكتيبة فتحت عنوة، والوطيح وسلالم فتحا صلحاً.
ثانياً: إن ما ذكره أبو عمر لا يصح، إذ يمكن أن يجاب عنه: بأن النبي "صلى الله عليه وآله" قال لهم: إنه يصالحهم على النصف ما شاء، أي إنه يخرجهم من خيبر متى شاء.
وهذا معناه: أنه لو كان نصف الأرض لهم، لم يجز أن يعلق إخراجهم على مشيئته "صلى الله عليه وآله"، لأن المفروض: أن نصف الأرض لهم، فلا يصح له أن يخرجهم من الأرض متى شاء، وذلك يدل على أن الفتح كان عنوة..
إلا أن يكون المقصود بقوله متى شئنا: هو تعليق بقائهم على مشيئته في خصوص النصف الذي هو له، وأما النصف الذي لهم فليس له أي دخل فيه.. وتكون فائدة هذا الاشتراط هي: أن عملهم في الأرض المملوكة لرسول الله "صلى الله عليه وآله" ليس له وقت يجب الالتزام به.
ولكن هذا التوجيه خلاف الظاهر، حيث إن ظاهره أنه "صلى الله عليه وآله" يقرهم في جميع بلادهم ولا يجليهم عنها كما أجلى بني النضير وقينقاع، وهذا هو ما فهمه عمر بن الخطاب، حيث برَّر بهذه الكلمة إخراجهم من جميع أرض خيبر إلى مناطق أخرى انتقاماً لولده عبد الله.
هذا بعض ما قالوه في هذا المقام، ونحن نذكر شطراً آخر من أقوالهم، ورواياتهم، لتتضح الصورة ويتحدد لنا ما يريدون أن يصلوا إليه، ثم نعقب ذلك بالقول الفصل، وبيان ما هو المروي والثابت عن أهل البيت "عليهم السلام"، وهم أدرى بما فيه، فنقول:
كتاب مقاسم خيبر:
ذكر الواقدي نص كتاب مقاسم خيبر، كما يلي:
"بسم الله الرحمن الرحيم:
هذا ما أعطى محمد رسول الله لأبي بكر بن أبي قحافة مائة وسق، ولعقيل بن أبي طالب مائة وأربعين، ولبني جعفر بن أبي طالب خمسين وسقاً، ولربيعة بن الحارث مائة وسق، ولأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب مائة وسق، وللصلت بن مخرمة بن المطلب ثلاثين وسقاً، ولأبي نبقة خمسين وسقاً، ولركانة بن عبد يزيد خمسين وسقاً، وللقاسم بن مخرمة بن المطلب خمسين وسقاً، ولمسطح بن أثاثة بن عباد وأخته هند ثلاثين وسقاً، ولصفية بنت عبد المطلب أربعين وسقاً، ولبحينة بنت الحارث بن المطلب ثلاثين وسقاً، ولضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب أربعين وسقاً، وللحصين وخديجة وهند بنت عبيدة بن الحارث مائة وسق، ولأم الحكم بنت الزبير بن عبد المطلب ثلاثين وسقاً، ولأم هاني بنت أبي طالب أربعين وسقاً، ولجمانة بنت أبي طالب ثلاثين وسقاً، ولأم طالب بنت أبي طالب ثلاثين وسقاً، ولقيس بن مخرمة بن المطلب خمسين وسقاً، ولأبي أرقم خمسين وسقاً، ولعبد الرحمن بن أبي بكر أربعين وسقاً، ولأبي بصرة أربعين وسقاً، ولابن أبي حبيش ثلاثين وسقاً، ولعبد الله بن وهب وابنيه خمسين وسقاً، لابنيه أربعين وسقاً، ولنميلة الكلبي من بني ليث خمسين وسقاً، ولأم حبيبة بنت جحش ثلاثين وسقاً، ولملكان بن عبدة ثلاثين وسقاً، ولمحيصة بن مسعود ثلاثين وسقاً، وأوصى رسول الله "صلى الله عليه وآله" للرهاويين بطعمة من خمس خيبر بجاد مائة وسق، وللداريين بجاد مائة وسق< ([241]).
كتاب آخر:
"بسم الله الرحمن الرحيم:
ذكر ما أعطى محمد رسول الله النبي "صلى الله عليه وآله" نساءه من قمح خيبر، قسم لهن مائة وسق وثمانين وسقاً، ولفاطمة بنت رسول الله "صلى الله عليه وآله" خمسة وثمانين وسقاً، ولأسامة بن زيد أربعين وسقاً، وللمقداد بن الأسود خمسة عشر وسقاً، ولأم رميثة خمسة أوسق. شهد عثمان، وعباس، وكتب<([242]).
والوسق: حمل بعير، وهو ستون صاعاً.
والصاع: أربعة أمداد.
واختلفوا: في معنى المد فراجع اختلافهم هذا في المصادر المختلفة([243]).
مقاسم أرض خيبر في مصادر غير الشيعة:
وقد ذكروا أن عمر بن الخطاب قال:
"كانت لرسول الله "صلى الله عليه وآله" ثلاث صفايا: مال بني النضير، وخيبر، وفدك.
فأما أموال بني النضير فكانت حبساً لنوائبه.
وأما فدك فكانت لأبناء السبيل.
وأما خيبر فجزأها ثلاثة أجزاء: فقسم جزأين منها بين المسلمين، وحبس جزءاً لنفسه ونفقة أهله، فما فضل من نفقتهم ردَّه إلى فقراء المسلمين"([244]).
وقالوا أيضاً: إن النبي "صلى الله عليه وآله" ملك من حصون خيبر: الكتيبة، أخذها من خمس الغنيمة([245])، والوطيح، والسلالم، وهما مما أفاء الله عليه، فهذه الثلاثة صارت خالصة لرسول الله "صلى الله عليه وآله".
وزعم الواقدي: أن بعضهم يقول: إن الكتيبة أيضاً كانت فيئاً لرسول الله "صلى الله عليه وآله"([246]).
وذكر البلاذري: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قسم نصف خيبر بين المسلمين، فكان سهمه "صلى الله عليه وآله" فيما قسم الشق والنطاة، وما حيز معهما. وكان فيما وقف الكتيبة والسلالم.
فلما صارت الأموال في يد رسول الله "صلى الله عليه وآله" لم يكن له من العمال من يكفيه عمل الأرض، فدفعها إلى اليهود يعملونها على نصف ما خرج منها([247]).
أما الزهري فزعم: أن سهم الخمس هو الكتيبة. أما الشق، والنطاة، وسلالم، والوطيح فللمسلمين. فأقرها في يد اليهود([248]).
وعن أبي هريرة، قال: خرجنا مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" عام خيبر، فلم يغنم ذهباً ولا فضة إلا الإبل، والبقر، والمتاع، والحوائط.
وفي رواية: إلا الأموال والثياب والمتاع. رواه مالك، والشيخان، وأبو داود، والنسائي([249]).
وقال ابن إسحاق: وكانت المقاسم على أموال خيبر على الشق ونطاة والكتيبة. وكانت الشق، ونطاة في سُهمان المسلمين، وكانت الكتيبة خمس الله، وسهم النبي "صلى الله عليه وآله"، وسهم ذوي القربى، واليتامى والمساكين، وطعم أزواج النبي "صلى الله عليه وآله"، وطعم رجال مشوا بين رسول الله "صلى الله عليه وآله" وبين أهل فدك بالصلح، منهم محيصة بن مسعود، أعطاه رسول الله "صلى الله عليه وآله" منها ثلاثين وسقاً من شعير، وثلاثين وسقاً من تمر.
وقسمت خيبر على أهل الحديبية، من شهد خيبر ومن غاب عنها، ولم يغب عنها إلا جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام، فقسم له رسول الله "صلى الله عليه وآله" كسهم من حضرها([250]).
وكان وادياها ـ وادي السريرة، ووادي خاص ـ هما اللذان قسمت عليهما خيبر.
وكانت نطاة والشق ثمانية عشر سهماً: نطاة من ذلك خمسة أسهم، والشق ثلاثة عشر سهماً. وقسمت الشق ونطاة على ألف سهم وثمانمائة سهم.
وكانت عدة الذين قسمت عليهم خيبر من أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" ألف سهم وثمانمائة سهم، برجالهم وخيلهم، للرجال أربع عشرة مائة، والخيل مائتا فرس، فكان لكل فرس سهمان، ولفارسه سهم، وكان لكل راجل سهم، وكان لكل سهم رأس، جمع إليه مائة رجل، فكانت ثمانية عشر سهماً جمع([251]).
فكان علي بن أبي طالب "عليه السلام" رأساً، والزبير بن العوام رأساً. وسرد ذكر ذلك ابن إسحاق.
ثم قال: ثم قسم رسول الله "صلى الله عليه وآله" الكتيبة، وهي وادي خاص بين قرابته وبين نسائه، وبين رجال مسلمين ونساء أعطاهم منها. ثم ذكر كيفية القسمة.
وروى أبو داود عن سهل بن أبي خثمة قال: قسم رسول الله "صلى الله عليه وآله" خيبر نصفين، نصفاً لنوائبه وخاصته، ونصفاً بين المسلمين، قسمها بينهم على ثمانية عشر سهماً([252]).
روي أيضاً: عن بشير ـ بضم الموحدة ـ بن يسار، عن رجال من أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله": أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" لما ظهر على خيبر قسمها على ستة وثلاثين سهماً، قسم كل سهم مائة سهم، فكان لرسول الله "صلى الله عليه وآله" وللمسلمين النصف من ذلك، وعزل النصف الباقي لمن نزل به من الوفود، والأمور ونوائب الناس([253]).
زاد في رواية أخرى عنه مرسلة بيَّن فيها نصف النوائب: الوطيح والكتيبة، وما حيز معهما ـ زاد في رواية: والسلالم ـ وعزل النصف الآخر: الشق والنطاة وما حيز معهما، وكان سهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" فيما حيز معهما كسهم أحدهم([254]).
قال ابن إسحاق: وكان المتولي للقسمة بخيبر جبار بن صخر الأنصاري، من بني سلمة ـ بكسر اللام ـ وزيد بن ثابت، من بني النجار، وكانا حاسبين قاسمين([255]).
وقال ابن سعد: أمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالغنائم فجمعت، واستعمل عليها فروة بن عمرو البياضي، ثم أمر بذلك فجزئ خمسة أجزاء، وكتب في سهم منها لله، وسائر السهمان أغفال. وكان أول ما خرج سهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" لم يتحيز في الأخماس، فأمر ببيع الأربعة الأخماس فيمن يريد، فباعها فروة، وقسم ذلك بين أصحابه.
وكان الذي ولي إحصاء الناس، زيد بن ثابت، فأحصاهم ألفاً وأربع مائة، والخيل مائتي فرس.
وكانت السهمان على ثمانية عشر سهماً، لكل مائة سهم، وللخيل أربع مائة سهم، وكان الخمس الذي صار لرسول الله "صلى الله عليه وآله" يعطي منه ما أراه الله من السلاح والكسوة، وأعطى منه أهل بيته، ورجالاً من بني المطلب، ونساءً، واليتيم، والسائل.
ثم ذكر قدوم الدوسيين، والأشعريين، وأصحاب السفينتين، وأخذهم من غنائم خيبر، ولم يبين كيف أخذوا([256]).
قال في العيون: وإذا كانت القسمة على ألف وثمان مائة سهم، وأهل الحديبية ألف وأربعمائة، والخيل مائتي فرس بأربع مائة سهم، فما الذي أخذه هؤلاء المذكورون؟([257]).
قال الصالحي الشامي: "وما ذكره ابن إسحاق: من أن المقاسم كانت على الشق، والنطاة، والكتيبة أشبه، فإن هذه المواضع الثلاثة مفتوحة بالسيف عنوة من غير صلح.
وأما الوطيح والسلالم فقد يكون ذلك هو الذي اصطفاه رسول الله "صلى الله عليه وآله" لما ينوب المسلمين، ويترجح حينئذٍ قول موسى بن عقبة، ومن قال بقوله: إن بعض خيبر كان صلحاً، ويكون أخذ الأشعريين ومن ذكر معهم من ذلك، ويكون مشاورة رسول الله "صلى الله عليه وآله" أهل الحديبية في إعطائهم ليست استنزالاً لهم عن شيء من حقهم، وإنما هي المشورة العامة، ?وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ?([258])"([259]).
الصحيح في موضوع خيبر:
وبعد ما تقدم نقول:
إن الصحيح هو: ما اتفق عليه فقهاء الإمامية استناداً إلى ما ورد عن أهل البيت "عليهم السلام"([260]): من أن الأرض المفتوحة عنوة هي للمسلمين قاطبة، إن كانت محياة حال الفتح.. والإمام يقبِّلها بالذي يراه، كما صنع رسول الله "صلى الله عليه وآله" بخيبر، فإنه فتح نصفها عنوة، ونصفها الآخر صلحاً، فما فتحه عنوة، فخمسه لأهل الخمس، وأربعة أخماسه لجميع المسلمين.
وما فتحه صلحاً فهو له "صلى الله عليه وآله".
ولكن أهل السنة خالفوا في ذلك، وقالوا: ما فتحه عنوة فهو لخصوص الفاتحين.
وأما ما فتحه صلحاً فهو فيء يكون لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، ينفق منه على نفسه وعياله([261]).
ما حدث في خيبر:
والذي حدث في خيبر هو كالتالي: لقد أخذ رسول الله "صلى الله عليه وآله" من النصف الذي فتحه عنوة خمس الله، وسهم النبي. وقسم على الهاشميين سهم ذوي القربى، وقد أخذ الكتيبة بهذا العنوان..
ولذلك كانت سهام بني هاشم أكثر من سهام غيرهم، أي لأن ذلك هو حقهم المفروض، وإعطاء غيرهم من سهمهم إنما هو في صورة ما لو كانت هناك مصلحة عليا للدين وللأمة في ذلك، وفق ما يراه النبي "صلى الله عليه وآله".
اختلاف السهام:
ويلاحظ: أن ثمة اختلافاً في السهام بين بني هاشم أنفسهم.. ولعله لاختلاف مقدار حاجة كل واحد منهم.
ويمكن حل هذا الإختلاف في بعض موارد الرواية في مقدار ما أعطاه "صلى الله عليه وآله" بأن نقول:
إنه "صلى الله عليه وآله" قد أعطى من القمح مقداراً، ومن الشعير مقداراً آخر..
ولذلك ورد في كتاب مقاسم خيبر ـ الذي نقلناه عن الواقدي ـ: أنه أعطى أم رميئة خمسة أوسق أو ستاً..
ونقل ابن هشام: أنه أعطاها أربعين وسقاً..
فسبب هذا الإختلاف هو ما ذكرناه..
الفصل الثاني:
النبي ' يقرهم.. وعمر يجليهم
النبي ' يقر اليهود على خيبر:
روى البخاري، والبيهقي عن ابن عمر، والبيهقي عن عروة، وعن موسى بن عقبة: أن خيبر لما فتحها رسول الله "صلى الله عليه وآله" سألت يهود رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يقرهم فيها على نصف ما خرج منها من التمر، وقالوا: دعنا يا محمد نكون في هذه الأرض، نصلحها، ونقوم عليها.
ولم يكن لرسول الله "صلى الله عليه وآله" ولا لأصحابه غلمان يقومون عليها، وكانوا لا يفرغون أن يقوموا عليها، فأعطاهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" خيبر على أن لهم الشطر من كل زرع ونخل وشيء، ما بدا لرسول الله "صلى الله عليه وآله".
وفي لفظ: قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "نقركم فيها على ذلك ما شئنا".
وفي لفظ: "ما أقركم الله"([262]).
وكان عبد الله بن رواحة يأتيهم كل عام فيخرصها عليهم، ثم يضمنهم الشطر، فشكوا إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" شدة خرص ابن رواحة، وأرادوا أن يرشوا ابن رواحة، فقال:
يا أعداء الله، تطعموني السحت؟ والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إليّ، ولأنتم أبغض إليَّ من عدتكم من القردة والخنازير، ولا يحملني بغضي إياكم وحبي إياه على أن لا أعدل عليكم.
فقالوا: بهذا قامت السموات والأرض.
فأقاموا بأرضهم على ذلك.
فلما كان زمان عمر، غشوا المسلمين، وألقوا عبد الله بن عمر من فوق بيت، ففدعوا يديه.
ويقال: بل سحروه بالليل وهو نائم على فراشه، فكوع حتى أصبح كأنه في وثاق، وجاء أصحابه، فأصلحوا من يديه.
فقام عمر خطيباً في الناس، فقال: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" عامل يهود خيبر على أموالها، وقال: نقركم ما أقركم الله، وإن عبد الله بن عمر خرج إلى ماله هناك، فعُدِيَ عليه من الليل، ففدعت يداه، وليس لنا هناك عدو غيرهم، وهم تهمتنا، وقد رأيت إجلاءهم. فمن كان له سهم بخيبر فليحضر حتى نقسمها.
فلما أجمع على ذلك، قال رئيسهم، وهو أحد بني الحقيق: لا تخرجنا ودعنا نكون فيها، كما أقرنا أبو القاسم، وأبو بكر.
فقال عمر لرئيسهم: أتراني سقط عني قول رسول الله "صلى الله عليه وآله": "كيف بك، إذا ارفضت بك راحلتك، تؤم الشام يوماً، ثم يوماً"؟
وفي رواية: "أظننت أني نسيت قول رسول الله "صلى الله عليه وآله": كيف بك إذا خرجت من خيبر، يعدو بك قلوصك ليلة بعد ليلة".
فقال: تلك هزيلة من أبي القاسم.
قال: كذبت.
وأجلاهم عمر، وأعطاهم قيمة ما لهم من التمر: مالاً، وإبلاً، وعروضاً: من أقتاب وحبال، وغير ذلك([263]).
وسيأتي في أبواب الوفاة النبوية قوله "صلى الله عليه وآله": "أخرجوا اليهود من جزيرة العرب"([264]).
إجلاء اليهود بعد رسول الله ':
وقالوا: إن عمر قد أجلى اليهود من خيبر إلى تيماء، وأريحا، حين بلغه الثبت عن النبي "صلى الله عليه وآله" أنه قال: "لا يبقين دينان بأرض العرب"([265]).
كما أن عبد الرزاق الصنعاني، بعدما ذكر أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد دفع خيبر إلى اليهود، على أن يعملوا بها، ولهم شطرها قال:
"فمضى على ذلك رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وأبو بكر، وصدر من خلافة عمر، ثم أُخبر عمر: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قال في وجعه الذي مات فيه: لا يجتمع بأرض الحجاز ـ أو بأرض العرب ـ دينان؛ ففحص عن ذلك حتى وجد عليه الثبت، فقال:
من كان عنده عهد من رسول الله "صلى الله عليه وآله" فليأت به، وإلا فإني مجليكم.
قال: فأجلاهم".
وكذا ذكر غير عبد الرزاق أيضاً([266]).
وقال المؤرخون أيضاً: إن عمر أجلى من يهود من لم يكن معه عهد من رسول الله([267]).
ونقول:
إن حديث إجلاء عمر لليهود، حين بلغه الثبت عن رسول الله "صلى الله عليه وآله": لا يجتمع بأرض العرب دينان؛ يحتاج إلى شيء من البسط والتوضيح..
ولكننا قبل أن ندخل في ذلك نشير إلى أمرين:
الأول: إن تصريح الرواية المتقدمة: بأن عمر قد نفذ ما كان سمعه من النبي "صلى الله عليه وآله" في وجعه الذي مات فيه، غير دقيق، فإن عمر نفسه قد قال عن النبي "صلى الله عليه وآله" في نفس ذلك المرض: إنه يهجر، أو غلبه الوجع، أو نحو ذلك..([268]).
هذا.. وقد صرحت المصادر: بأنه "صلى الله عليه وآله" قال: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب. وأنه لا يجتمع فيها دينان، بعد قول عمر الآنف الذكر، وتنازعهم عنده([269]).
فمن غلبه الوجع، ومن كان يهجر ـ والعياذ بالله ـ لا يوثق بأقواله، ولا يعتمد عليها، ولا ينبغي الإلتزام بها، حتى لو وردت بالطرق الصحيحة والصريحة.
ونحن نعوذ بالله من الزلل والخطل، في القول والعمل.. ونسأله تعالى أن يعصمنا من نسبة ذلك لرسوله الأكرم "صلى الله عليه وآله".
الثاني: إنَّا لا نريد أن نسجل إدانة صريحة للخليفة الثاني، حول ما تذكره الرواية من جهله بآخر أمر صدر من النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله"، حول وجود الأديان في جزيرة العرب، بأن نقول: إن ذلك لا يتناسب مع مقام خلافة رسول الله "صلى الله عليه وآله".
لا.. لا نريد ذلك، لأننا نشك في أن يكون الخليفة قد استند في موقفه من اليهود إلى هذا القول المنسوب له "صلى الله عليه وآله"..
ونوضح ذلك فيما يلي:
سبب إخراج عمر لليهود:
من المسلَّم به: أن النبي "صلى الله عليه وآله" حين افتتح خيبر قد أبقى اليهود في شطر منها، يعملون فيه، ولهم شطر ثماره، ولكن عمر قد أخرجهم منها إلى تيماء وأريحا([270]).
ولكن ما ذكروه في سبب ذلك، من أنه قد فعله امتثالاً لأمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" وتديناً منه، والتزاماً بالحكم الشرعي؛ لا يمكن المساعدة عليه، ولا الإلتزام به، لما يلي:
ألف: لماذا لم يبادر رسول الله "صلى الله عليه وآله" نفسه إلى إجلائهم؟ ألم يكن هو الأقدر على ذلك من كل أحد؟!
ب: لماذا لم يفعل ذلك أبو بكر؟ فهل لم يبلغه ذلك؟!
والذين أبلغوا به عمر بن الخطاب، لماذا لم يبلغوا به سلفه أبا بكر؟!
ج: قولهم: إن عمر لم يكن يعلم بلزوم إجلاء اليهود، حتى بلغه الثبت عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ينافيه ما رواه مسلم عن جابر بن عبد الله قال:
أخبرني عمر بن الخطاب: أنه سمع رسول الله "صلى الله عليه وآله" يقول: لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب، حتى لا أدع إلا مسلماً([271]).
فلماذا توقف عن إخراجهم، حتى بلغه الثبت عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟
ألم يكن هو قد سمع ذلك من النبي "صلى الله عليه وآله" مباشرة، فلماذا لم ينفذ ما سمعه؟!
ألم يكن النبي "صلى الله عليه وآله" ثبتاً عنده؟
أو كان لا يرى نفسه ثبتاً في الإخبار عنه "صلى الله عليه وآله"؟!
ولماذا أيضاً لم يخبر عمر نفسه رفيقه وصديقه الحميم أبا بكر بهذا القول الذي سمعه مباشرة منه "صلى الله عليه وآله"؟!
إلا أن يقال: إن هذا القول لا يتضمن أمراً من رسول الله "صلى الله عليه وآله" للخليفة من بعده بذلك.
د: إن ثمة حديثاً يفيد: أن سبب إخراج عمر ليهود خيبر هو قضية حصلت لهم مع ولده، وقد ذكرناها فيما سبق، غير أننا نعيدها بتمامها من رواية البخاري وغيره، فقد رووا: أنه لما فدع([272]) أهل خيبر عبد الله بن عمر، قام عمر خطيباً، فقال: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" كان عامل يهود خيبر على أموالهم، وقال: نقركم ما أقركم الله.
وإن عبد الله بن عمر خرج إلى ماله هناك، فعدي عليه من الليل، ففدعت يداه، ورجلاه، وليس لنا هناك عدو غيرهم، هم عدونا وتهمتنا، وقد رأيت إجلاءهم.
فلما أجمع عمر على ذلك أتاه أحد بني الحقيق، فقال: يا أمير المؤمنين، أتخرجنا، وقد أقرنا محمد، وعاملنا على الأموال، وشرط ذلك لنا؟!
فقال عمر: أظننت أني نسيت قول رسول الله: كيف بك إذا أخرجت من خيبر، تعدو بك قلوصك ليلة بعد ليلة؟!
فقال: كانت هذه هزيلة (أي مزحة) من أبي القاسم.
فقال: كذبت يا عدو الله.
فأجلاهم عمر الخ..([273]).
ونشير في هذه الرواية إلى أمرين:
الأول: تصريحها: بأن إجلاء اليهود كان رأياً من عمر، وليس امتثالاً لأمر رسول الله "صلى الله عليه آله". بل كان الدافع له هو ما فعلوه بولده.
ومن الواضح: أن ما فعلوه بابن عمر ليس مبرراً كافياً لذلك، فقد سبق لليهود أن قتلوا عبد الله بن سهل بخيبر، فاتهمهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" والمسلمون بقتله، فأنكروا ذلك، فوداه "صلى الله عليه وآله"، ولم يخرجهم بسبب ذلك([274]).
الثاني: أن ما نقله عمر لأحد بني الحقيق، لم يكن هو المستند لإخراجهم، بل هو صرح: بأن ذلك كان لرأي رآه بسبب ما فعلوه بولده..
كما أن إخبار النبي "صلى الله عليه وآله" هذا ليس فيه ما يدل على أنهم يخرجون بحق أو بغير حق، ولا يفيد في تأييد هذا الإخراج ولا تفنيده، ولعله لأجل ذلك لم يستطع أن يستند إليه الخليفة في تبرير ما يقدم عليه.
هـ: وبعض المصادر: أضاف إلى ما صنعوه بابن عمر، أنهم غشوا المسلمين([275]).
ولا ندري إن كان يقصد: أن غشهم هذا كان بفعل مستقل منهم، أم أن ما فعلوه بابن عمر هو الدليل لهذا الغش..
قال دحلان: "استمروا على ذلك إلى خلافة عمر. ووقعت منهم خيانة وغدر لبعض المسلمين، فأجلاهم إلى الشام، بعد أن استشار الصحابة في ذلك"([276]).
وعبارة دحلان هذه ظاهرة في الإنطباق على قصة ابن عمر، مما يعني: أنهم اعتبروا ذلك خيانة وغدراً، وكفى بهذا مبرراً لما صنعه بهم عمر بن الخطاب.
و: ومما يدل على أن إجلاءهم كان رأيا من الخليفة الثاني: ما رواه أبو داود وغيره، عن ابن عمر، عن أبيه، أنه قال: أيها الناس، إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" كان عامل يهود خيبر على أنّا نخرجهم إذا شئنا، فمن كان له مال فليلحق به، فإني مخرج يهود. فأخرجهم([277]).
ومعنى ذلك: أنه لم يكن يرى إخراجهم واجباً شرعياً، كما أنه قد احتج لما يفعله باشتراط النبي "صلى الله عليه وآله" إبقاءهم بالمشيئة حيث قال: "إذا شئنا" ولم يحتج لذلك بما ثبت له عنه "صلى الله عليه وآله"، من عدم بقاء دينين في أرض العرب.
مع أنه لو كان هذا هو السبب والداعي، لكان الإحتجاج به أولى وأنسب.
ومما يؤيد ذلك ويعضده: أن اليهود حين اعترضوا عليه بقولهم: لم يصالحنا النبي "صلى الله عليه وآله" على كذا وكذا؟!
قال: بلى. على أن نقركم ما بدا لله ولرسوله، فهذا حين بدا لي إخراجكم.
فأخرجهم([278]).
ز: إنه قد أخرج نصارى نجران أيضاً، وأنزلهم ناحية الكوفة([279]).
ح: ذكرت بعض الروايات: أن السبب في إجلائهم هو استغناء المسلمين عنهم، وليس تنفيذاً لوصية النبي "صلى الله عليه وآله" بإخراجهم.
يقول ابن سعد وغيره: إنه لما صارت خيبر في أيدي المسلمين، لم يكن لهم من العمال ما يكفون عمل الأرض، فدفعها النبي "صلى الله عليه وآله" إلى اليهود، يعملونها على نصف ما يخرج منها.
فلم يزالوا على ذلك حتى كان عمر بن الخطاب، وكثر في أيدي المسلمين العمال، وقووا على عمل الأرض، فأجلى عمر اليهود إلى الشام، وقسم الأموال بين المسلمين إلى اليوم([280]).
وقريب من ذلك ذكره ابن سلام أيضاً، فراجع([281]).
وبعد أن ذكر العسقلاني هذه الرواية، وذكر رواية عدم اجتماع دينين في جزيرة العرب، ثم رواية البخاري عن فدع اليهود لعبد الله بن عمر، قال:
"..ويحتمل أن يكون كل هذه الأشياء جزء علة في إخراجهم"([282]).
ونقول للعسقلاني: إنه احتمال غير وارد، فإن ظاهر كل رواية: أن السبب في إخراجهم هو خصوص ما تذكره دون غيره، ولا سيما حين يأتي التعليل في مقام الإحتجاج والإستدلال، ودفع الشبهة، من نفس ذلك الرجل الذي أخرجهم، إذ كان بإمكانه أن يذكر الأسباب الثلاثة، فإن ذلك آكد في الحجة، وأولى في الإقناع.
ط: قولهم: إن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أمر بإجلاء اليهود والنصارى من بلاد العرب، وأنه قال: لا يجتمع ببلاد العرب دينان، أو نحو ذلك.
ينافيه:
1 ـ قولهم: ـ حسبما روي عن سالم بن أبي الجعد ـ: "كان أهل نجران بلغوا أربعين ألفاً، وكان عمر يخافهم أن يميلوا على المسلمين، فتحاسدوا بينهم، فأتوا عمر، فقالوا:
إنا قد تحاسدنا بيننا، فأجلنا.
وكان رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد كتب لهم كتاباً: أن لا يجلوا. فاغتنمها عمر، فأجلاهم الخ.."([283]).
فإننا نشك في صحة هذه الرواية، لأن مجرد تحاسدهم، لا يدعوهم إلى طلب الإجلاء هذا، خصوصاً مع ملاحظة النص التالي.
2 ـ ورد في نص آخر: أن عمر إنما أخرج أهل نجران، لأنهم أصابوا الربا في زمانه([284]).
3 ـ وعن علي "عليه السلام": أنه نسب إجلاء أهل نجران إلى عمر أيضاً فراجع([285]).
إلا أن يقال: إن نسبة ذلك إليه في قول أمير المؤمنين "عليه السلام" لا يدل على عدم الأمر به من النبي "صلى الله عليه وآله".
ي ـ عن ابن عمر: أن عمر أجلى اليهود من المدينة، فقالوا: أقرنا النبي "صلى الله عليه وآله" وأنت تخرجنا؟!
قال: أقركم النبي "صلى الله عليه وآله"، وأنا أرى أن أخرجكم، فأخرجهم من المدينة([286]).
فلو أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان قد أمر بإخراجهم لم ينسب عمر ذلك الإخراج إلى رأيه الشخصي، مع اعترافه لهم بصحة ما نسبوه إليه "صلى الله عليه وآله" على سبيل الاعتراض به على عمر..
ك: يرد هنا سؤال، وهو: لماذا يخرجهم من بلاد العرب، ولا يخرجهم من بلاد المسلمين كلها؟! فهل لبلاد العرب خصوصية هنا؟! وما هي هذه الخصوصية سوى التعصب القومي، والتمييز العنصري، وتأكيد الشعور بالتفوق على الآخرين، بلا مبرر ظاهر؟!
ل: عن يحيى بن سهل بن أبي حثمة، قال: أقبل مظهر بن رافع الحارثي إلى أبي بأعلاج من الشام، عشرة، ليعملوا في أرضه، فلما نزل خيبر أقام بها ثلاثاً، فدخلت يهود للأعلاج، وحرضوهم على قتل مظهر، ودسوا لهم سكينين أو ثلاثاً!
فلما خرجوا من خيبر، وكانوا بثبار، وثبوا عليه، فبعجوا بطنه، فقتلوه. ثم انصرفوا إلى خيبر، فزودتهم يهود وقوّتهم حتى لحقوا بالشام.
وجاء عمر بن الخطاب الخبر بذلك، فقال: إني خارج إلى خيبر، فقاسم ما كان بها من الأموال، وحاد حدودها، ومورف أرفها([287])، ومجل يهود عنها، فإن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال لهم:
أقركم ما أقركم الله. وقد أذن الله في إجلائهم. ففعل ذلك بهم([288]).
وهذا يدل على أن إخراج أهل خيبر لم يكن لأجل قول رسول الله "صلى الله عليه وآله": لا يجتمع بأرض العرب دينان.
وذكر الواقدي: أن عمر خطب الناس، فقال: أيها الناس، إن اليهود فعلوا بعبد الله ما فعلوا، وفعلوا بمظهر بن رافع، مع عدوتهم على عبد الله بن سهل في عهد رسول الله "صلى الله عليه وآله"، لا أشك أنهم أصحابه، ليس لنا عدو هناك غيرهم؛ فمن كان له هناك مال؛ فليخرج؛ فأنا خارج، فقاسم..
إلى أن قال: إلا أن يأتي رجل منهم بعهد، أو بينة من النبي "صلى الله عليه وآله" أنه أقره، فأقره..
ثم ذكر تأييد طلحة لكلام عمر، ثم قول عمر له: من معك على مثل رأيك؟!
قال: المهاجرون جميعاً، والأنصار. فسر بذلك عمر([289]).
ل: قال الحلبي الشافعي بعد ذكره رواية مصالحة النبي "صلى الله عليه وآله" لهم، وأنه "صلى الله عليه وآله" قال لهم: على أنا إذا شئنا أن نخرجكم أخرجناكم:
"أي وهذا يخالف ما عليه أئمتنا من أنه لا يجوز في عقد الجزية، أن يقول الإمام، أو نائبه: أقركم ما شئنا، بخلاف ما شئتم، لأنه تصريح بمقتضى العقد؛ لأن لهم نبذ العقد ما شاؤوا.
وذكر أئمتنا: أنه يجوز منه "صلى الله عليه وآله" ـ لا منا ـ أن يقول: أقررتكم ما شاء الله؛ لأنه يعلم مشيئة الله دوننا"([290]).
ونقول: إن ذلك محل نظر؛ إذ:
1 ـ من الذي قال: إنه "صلى الله عليه وآله" يعلم ـ في هذا المورد بخصوصه ـ مشيئة الله سبحانه؟! فلعل الله حجب عنه الغيب لمصلحة في البين.
وحتى لو كان الله سبحانه قد أطلع نبيه "صلى الله عليه وآله" على مشيئته في هذا المورد بخصوصه أيضاً، فإن ظاهر الأمر هو: أنه "صلى الله عليه وآله" إنما يتصرف وفق ظواهر الأمور.. ولو كان يستند في ذلك إلى خصوصية غيبية، فاللازم هو أن يُعلم الناس بذلك، لكي لا يتابعوه في تصرفه هذا، ولا يفهموا أن لهم الإقتداء به في ذلك أيضاً.
2 ـ لماذا لا يصح للنبي "صلى الله عليه وآله"، ولغيره أيضاً أن يقول ذلك؟! أليس حكمهم الجلاء، وقد عادت الأرض إليه "صلى الله عليه وآله"، لتكون خالصة له؟ فهو يزارعهم في ملكه، وله أن يمنعهم من العمل والسكنى فيها متى شاء. إذ ليست الأرض لهم، ليكون "صلى الله عليه وآله" هو الذي ينتظر نقضهم للعهد، كي تكون المشيئة إليهم في النقض وعدمه، كما يريد هؤلاء أن يفهموا، أو أن يدَّعوا!!
م: إن عمر إنما أجلاهم إلى أريحا وتيماء من جزيرة العرب([291]).
وقد حاول الحلبي الشافعي الإدِّعاء: بأن المقصود بجزيرة العرب: خصوص الحجاز، وأن أريحا وتيماء ليستا من الحجاز.
ولعله استند في ذلك إلى: بعض النصوص التي عبرت بكلمة "الحجاز" بدل "جزيرة العرب"، كما يفهم من كلامه ضمناً([292]).
ونقول:
أولاً: إن الروايات متناقضة، فبعضها قال: إنه "صلى الله عليه وآله" أمر بإجلاء اليهود والنصارى.
وبعضها قال: المشركين.
وفي بعضها: لا يبقى دينان في جزيرة العرب.
وفي بعضها: اليهود.
وفي بعضها أنه قال: أخرجوا اليهود من الحجاز، وأخرجوا أهل نجران من جزيرة العرب([293]).
ومن جهة أخرى: فإن بعضها: ذكر الحجاز، وبعضها ذكر جزيرة العرب..
وهذا الإختلاف يوجب ضعف الرواية إلى حد كبير. إذ لا شك في عدم صحة بعض نصوصها.. ولا مجال لتحديد الصحيح منها.
ثانياً: قال السمهودي: "لم ينقل أن أحداً من الخلفاء أجلاهم من اليمن، مع أنها من الجزيرة"([294]).
ثم قال: فدل على أن المراد الحجاز فقط.
وقال الشافعي: إنه لا يعلم أحداً أجلاهم من اليمن([295]).
ونقول:
بل دل ذلك على ضعف الرواية من الأساس، لا سيما وأن عدداً من الروايات يصرح: بأن النبي "صلى الله عليه وآله" قال: لا يبقين دينان بأرض العرب. وأرض العرب لا تختص بالحجاز كما هو معلوم.
ثالثاً: إن تيماء من الحجاز أيضاً، قال ابن حوقل: بينها وبين أول الشام ثلاثة أيام([296]).
وهي تقع على ثماني مراحل من المدينة، بينها وبين الشام، وهي تعد من توابع المدينة([297]).
ومدين التي هي من أعراض المدينة تقع في محاذاة تبوك([298])، وتبوك أبعد من تيماء كما هو ظاهر.
وآخر عمل المدينة "سرغ"، بوادي تبوك، على ثلاث عشرة مرحلة من المدينة([299]).
وقالوا عن سرغ: إنها أول الحجاز، وآخر الشام([300]).
بل لقد قال الحرقي: تبوك وفلسطين من الحجاز([301]).
ولكن السمهودي قال: إن عمر "لم يخرج أهل تيماء ووادي القرى، لأنهما داخلتان في أرض الشام.
ويرون: أن ما دون وادي القرى إلى المدينة حجاز، وأن ما وراء ذلك من الشام"([302]).
ولكن السمهودي نفسه ينقل عن صاحب المسالك والممالك، وعن ابن قرقول: أنهما عدّا وادي القرى من المدينة([303]).
كما أن ابن الفقيه عدَّ دومة الجندل من أعمال المدينة، ووادي القرى تقع فيها([304]).
وقال ياقوت وغيره: إن وادي القرى من أعمال المدينة أيضاً([305]).
وعدها ابن حوقل وغيره من الحجاز([306]).
وبعد هذا: فإن كلام السمهودي يصبح متناقضاً وغير واضح.
وإن كان يمكن الإعتذار عنه بأنه ينسب بعض ما يقوله لغيره، وذلك لا يدل على رضاه وقبوله به.
ولكن هذا الاعتذار إنما يصح في بعض الموارد دون بعض، مع ملاحظة: أننا لم نجده يعترض على ما ينقله عن الآخرين، بل ظاهره: أنه مصدق له، ومعترف به.
دعاوى لا تصح:
وقد حاول الحلبي هنا: أن يجعل من أسباب كثيرة سبباً واحداً، فوقع في التناقض والإختلاف، فإنه بعدما ذكر عزم عمر على إجلاء اليهود، بسبب ما فعلوه بولده وبعبد الله بن سهل، وبمظهر بن رافع، قال:
"فلما أجمع الصحابة على ذلك، أي على ما أراده سيدنا عمر، جاءه أحد بني الحقيق فقال له: يا أمير المؤمنين الخ.."، فذكر القصة المتقدمة، وأن عمر لم ينس قول النبي "صلى الله عليه وآله" لابن أبي الحقيق حول خروجه، وادَّعى ابن أبي الحقيق أنها هزيلة من أبي القاسم.
ثم قال: "ثم بلغه: أنه "صلى الله عليه وآله" قال: لا يبقى دينان في جزيرة العرب، ونصوصاً أخرى تقدمت". ثم ذكر أن المراد بالجزيرة: خصوص الحجاز.
إلى أن قال: "ففحص عمر عن ذلك حتى تيقنه، وثلج صدره، فأجلى يهود خيبر، أي وأعطاهم قيمة ما كان لهم من ثمر وغيره، وأجلى يهود فدك، ونصارى نجران، فلا يجوز إقامتهم أكثر من ثلاثة أيام غير يومي الدخول والخروج، ولم يخرج يهود وادي القرى وتيماء، لأنهما من أرض الشام، لا من الحجاز"([307]).
فهو يقول: إن عمر هو الذي عزم على إجلاء اليهود.
ثم يقول: إن الصحابة قد أجمعوا. ثم يذكر: أن عمر عرف بأوامر النبي "صلى الله عليه وآله" حول اليهود بعد هذا العزم، وبعد ذلك الإجماع، فلما تيقنه وثلج صدره أجلاهم.
كما أنه يذكر العبارات المتناقضة حول جزيرة العرب والحجاز، ويدَّعي أن المقصود بالجزيرة هو خصوص الحجاز.
ولكنه يدَّعي: أن تيماء ووادي القرى ليستا من الحجاز، مع أن النصوص الجغرافية على خلاف ذلك، حسبما أوضحناه.
ثم يذكر: أنه أعطاهم ثمن أموالهم..
ولا ندري سبب فعله هذا، إن كان إخراجهم بسبب نقضهم للعهد؟! فإن ناقض العهد لا يعطى ذلك..
وأخيراً.. فإنه ادَّعى: عدم جواز إقامتهم أكثر من ثلاثة أيام غير يومي الدخول والخروج، فهل هذا الحكم مأخوذ من النبي "صلى الله عليه وآله"، أم أنه حكم سلطاني متأخر عن زمنه "صلى الله عليه وآله"؟
ولا ندري ما الدليل المثبت لجواز إقامتهم هذين اليومين ـ يومي الدخول والخروج ـ بعد منعه "صلى الله عليه وآله" لهم من البقاء في أرض العرب.
إلى غير ذلك من الأسئلة التي يمكن استخلاصها من مجموع ما ذكرناه.
الرواية الأقرب إلى القبول:
ولعلنا لا نبعد كثيراً إذا قلنا: إن حديث "لا يجتمع في جزيرة العرب دينان" هو من أقوال عمر نفسه، ثم نسب إلى النبي "صلى الله عليه وآله" من أجل تصحيح ما أقدم عليه من نقض عهد اليهود لأجل ابنه، أو لغير ذلك من أسباب، لم ير فيها النبي "صلى الله عليه وآله" ما يوجب ذلك، حسبما ألمحنا إليه؛ فقد قال أبو عبيد الله القاسم بن سلام: "حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، ومحمد بن عبيد، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: "أجلى عمر المشركين من جزيرة العرب".
وقال: "لا يجتمع في جزيرة العرب دينان".
وضرب لمن قدم منهم أجلاً، قدر ما يبيعون سلعهم"([308]) انتهى.
فترى في هذا الحديث: أنه نسب القول بعدم اجتماع دينين في جزيرة العرب إلى عمر نفسه من دون إشارة إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ولعل هذا هو الأوفق والأولى بالقبول.
ويؤيد ذلك: ما تقدم، مما يدل على أن إجلاءهم كان رأياً من عمر، فلا نعيد.
غير أن مما لا شك فيه هو: أن سبب إجلائهم كان شخصياً بحتاً، بادر إليه عمر على سبيل المجازاة لهم على ما ظنه عدواناً على ابنه، مع أن طريقة عمل رسول الله "صلى الله عليه وآله" معهم قبل ذلك تدل على أن هذا العمل في غير محله. فلا يصح نسبته إلى نبي الله "صلى الله عليه وآله".
وقد تتأكد وجهة النظر هذه إذا كانت الأرض التي فتحها الله على يد علي "عليه السلام"، وكذلك ما أفاءه الله تعالى سبحانه على نبيه "صلى الله عليه وآله"، مما فتح من غير قتال، ليكون محاولة لتثبيت المزاعم: بأن النبي "صلى الله عليه وآله" لا يورث!!
الفصل الثالث:
فدك وغصبها.. أحداث.. وتفاصيل
أمِطْ.. أمِطْ:
لما فرغ رسول الله "صلى الله عليه وآله" من خيبر عقد لواء ثم قال: من يقوم إليه، فيأخذه بحقه، وهو يريد أن يبعث به إلى حوائط فدك.
فقام الزبير إليه، فقال: أنا.
فقال: أمط عنه.
ثم قام إليه سعد، فقال: أمط عنه.
ثم قال: يا علي قم إليه فخذه.
فأخذه فبعث به إلى فدك فصالحهم على أن يحقن دماءهم، فكانت حوائط فدك لرسول الله "صلى الله عليه وآله" خاصاً خالصاً.
فنزل جبرئيل فقال: إن الله عز وجل يأمرك أن تؤتي ذا القربى حقه.
قال: يا جبرئيل، ومن قرباي؟! وما حقها؟!
قال: فاطمة، فأعطها حوائط فدك، وما لله ولرسوله فيها.
فدعا رسول الله "صلى الله عليه وآله" فاطمة، وكتب لها كتاباً، جاءت به بعد موت أبيها إلى أبي بكر، وقالت: هذا كتاب رسول الله لي ولابنيَّ([309]).
وعن أبي سعيد الخدري: أن النبي "صلى الله عليه وآله" أخذ الراية فهزها ثم قال: من يأخذ بحقها؟!
فجاء فلان، فقال: أنا.
فقال: أمِطْ.
ثم جاء آخر فقال: أنا.
فقال "صلى الله عليه وآله": أمِطْ.
فعل ذلك مراراً بجماعة..
ثم قال النبي "صلى الله عليه وآله": والذي كرم وجه محمد، لأعطينها رجلاً لا يفر.
هاك يا علي.
فانطلق، وفتح الله خيبر على يديه.
وفي مسند أحمد: حتى فتح الله عليه خيبر وفدك، وجاء بعجوتها وقديدها([310]).
وفي مجمع الزوائد: ذكر أن الزبير طلبها أيضاً([311]).
ونقول:
إننا نذكر القارئ بالأمور التالية:
ألف: من يأخذها بحقها؟!
1 ـ من الواضح: أن هذه الحادثة وإن أشبهت حادثة فتح حصن القموص.. من حيث إن النبي "صلى الله عليه وآله" قد عرض الراية، ولم يعطها إلا لعلي "عليه السلام"، لكنها قصة أخرى، حصلت بعد الفراغ من خيبر كما تقدم..
فقوله في رواية الخدري: "فانطلق وفتح الله خيبر على يديه"، غير دقيق، لأن ذلك قد حصل بعد الإنتهاء من خيبر كما صرحت به الروايات الأخرى.
ومن الواضح: أن النبي "صلى الله عليه وآله" أراد بعرض الراية عليهم من جديد: أن يزيد في توضيح أمرهم للناس، وللأجيال، ويعرِّفهم أنهم رغم كل فشلهم، ورغم فرارهم بالراية من دون موجب، لا يزالون يطمعون بالمواقع والمناصب..
2 ـ ويلاحظ أيضاً: أن الرواية المتقدمة قد سجلت: عدم مبادرة النبي "صلى الله عليه وآله" إلى إعطاء الراية لمن يحب. بل هزها أولاً ليثير الهمم، ويذكي الطموح، ويهز مشاعر الإباء والحفاظ، لدى أهل الحفاظ والنجدة، وليظهر الطامعون أنفسهم أمام الملأ، ويمهد السبيل إلى إعادة إظهار خيبتهم، وتذكير الناس بما كان منهم.
ثم هو يعلن: أنه لا يريد أن يبادر الناس إلى الإختيار، فعسى ولعل يكون هناك ـ غير أولئك الفاشلين في حصن القموص ـ من يستطيع أن ينال هذا الشرف عن جدارة واستحقاق.. ولعل وعسى أن تكون المبادرة الطوعية إلى هذا الأمر هي الأصلح، والأكثر ملاءمة لمعنى الخلوص والإخلاص في هذا العمل الهام والخطير.
هذا بالإضافة: إلى أنه كانت هناك مصلحة في سدِّ أبواب انتحال الأعذار، التي قد لا تتوقف حتى عند اتهام النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله" بمحاباة أودَّائه وأصفيائه، وذوي قرابته.. أو ما هو من هذا القبيل.
فكان أن بادر "صلى الله عليه وآله" إلى عرض هذه الراية على كل الناس، فعسى ولعل، ولعل وعسى.. ولكن شرط أن لا يكونوا من أولئك الطامحين، ولكن لا إلى الجهاد في سبيل الله تعالى، وإنما إلى أمور أخرى، دلت عليها مواقفهم السابقة، فقد أثبتوا بصورة عملية وقاطعة: أن أنفسهم أحب إليهم من الله ورسوله، وجهاد في سبيله.
ويستشرف لها هؤلاء الطامعون، ولكن لا برضا الله عز وجل والجنة، وإنما بالمناصب والمراتب..
فكان لا بد من صدهم بقوة، وحزم، ليفهم الناس كلهم: أن لا مجال للتفريط بدين الله تعالى، ولا يصح إفساح المجال للتلاعب بمصير الناس، وخداعهم عن إسلامهم، بعد أن أظهرت الوقائع سوء صنيعهم، وقبيح فعلهم، الذي من شأنه أن يجرئ الأعداء، وأن يوهن عزم الأولياء..
3 ـ وقد استدرجهم النبي "صلى الله عليه وآله" للإعلان عن أنفسهم، وإظهار دخائلهم، من جديد حين أخذ الراية، وهزها، وقال: من يأخذها بحقها، فطمع أولئك الذين تخاذلوا بها فيما سبق، وظنوا: أن الفرصة قد واتتهم مرة أخرى، وأن بالإمكان استغفال رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فضلاً عن غيره هذه المرة على الأقل..
فجاء فلان، وقال: أنا.
وتقدم: أنه الزبير.
فجاءه الرد الحاسم والحازم، والصاعق والماحق منه "صلى الله عليه وآله": أمِطْ..
ثم جاء الذي بعده وهو سعد، فقال له "صلى الله عليه وآله": أمِطْ..
فعل ذلك مراراً بجماعة، حسبما تقدم.
ولنا أن نتخيل ما كانت تحمله تلك النبرات التي رافقت هذا الرد القوي من دلالات وإيحاءات.
ب: والذي كرَّم وجه محمد ':
وقد ذكرت الرواية الآنفة الذكر: أنه "صلى الله عليه وآله" أقسم بالذي كرَّم وجه محمد، أن يعطي الراية رجلاً لا يفر..
فهل لنا: أن نستفيد من ذلك: أنه "صلى الله عليه وآله" أراد بقسمه هذا، الإشارة إلى أن الله تعالى قد كرَّم وجه محمد عن أن يعبد غيره سبحانه، ولم يُقِم وزناً لشيء سواه، كما أنه "صلى الله عليه وآله" لم يعبد المال، ولا الجاه، ولا الأنا، ولا غير ذلك..
وقد كرَّم الله تعالى وجه محمد، فلا يستطيع أحد أن يسخر منه، ولا أن يتذاكى عليه، أو أن يظهره على صورة الساذجين، أو المغفلين..
وأخيراً.. فإنه صدع بالعاهة التي أسقطت القناع عن وجه من يريد أن يلحق بالنبي "صلى الله عليه وآله" هذه الشيْن، حين قال: لأعطينها رجلاً لا يفر، هاك يا علي..
ثم إنه "صلى الله عليه وآله" تحدث عن نفسه بصيغة الغائب، حيث لم يقل: "والذي كرَّم وجهي"، وربما من أجل أن يدل: على أن هذا التكريم الإلهي لرسوله "صلى الله عليه وآله"، إنما هو حين كان "صلى الله عليه وآله" نوراً معلقاً بعرشه، وقبل أن تحل روحه في هذا الجسد، ويكون بشراً..
ج: الزبير طلب الراية أيضاً:
وحاولت الروايات المتقدمة: إعطاء بعض الأوسمة للزبير بن العوام، وتدَّعي: أن أمه صفية تدخلت لدى رسول الله "صلى الله عليه وآله" خوفاً على ولدها..
وأن النبي "صلى الله عليه وآله" قال له: فداك عم وخال..
وقد جاء هذا النص نفسه ليدل: على أنه كان من المحرومين من راية العز والمجد، مع التلميح ـ الذي يرقى إلى حد التصريح ـ: بأنه كان من الذين فروا وانهزموا بالراية مع من انهزم في خيبر..
وأظهرت هذه الروايات: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد عرض الراية على جماعة، منهم: الزبير، وسعد بن عبادة.
وهذا يدل على: أن هناك جماعة من الناس كانوا يستحقون هذه الفضيحة، التي واجههم بها "صلى الله عليه وآله".. وإنما استحقوا هذه العقوبة القاسية، بسبب أنهم انهزموا بالراية أولاً.. وقد أغضبوا الله ورسوله في ذلك ثانياً.
حدود فدك:
وفدك: قرية بالحجاز ـ بينها وبين المدينة يومان، وقيل: ثلاثة ـ أفاءها الله على رسوله "صلى الله عليه وآله" في سنة سبع للهجرة صلحاً، فكانت خالصة له "صلى الله عليه وآله" وفيها عين فوارة، ونخل كثير.
روى عبد الله بن حماد الأنصاري: أن دخْلها كان أربعة وعشرين ألف دينار في كل سنة([312]).
وفي رواية غيره: سبعين ألف دينار([313]).
فدك.. تعني الخلافة:
وقد أصبحت مسألة فدك من المسائل الحساسة عبر التاريخ، وصارت تمثل ميزان الحرارة، الذي يعطي الإنطباع عن طبيعة العلاقة بين الحكام وبين أهل البيت "عليهم السلام" وشيعتهم، فكانت تارة تؤخذ منهم، وتارة ترد إليهم، كما يظهر من مراجعة كتب التاريخ..
بل صارت من العناوين الكبيرة لقضية الإمامة، كما تظهره النصوص التالية وغيرها.
الإمام الكاظم × والرشيد:
قال الزمخشري: كان هارون الرشيد يقول لموسى بن جعفر "عليهما السلام": خذ فدكاً حتى أردها عليك، فيأبى، حتى ألح عليه.
فقال "عليه السلام": لا آخذها إلا بحدودها.
قال: وما حدودها؟
قال: يا أمير المؤمنين إن حددتها لم تردها.
قال: بحق جدك إلا فعلت.
قال: أما الحد الأول فعدن.
فتغير وجه الرشيد، وقال: هيه.
قال: والحد الثاني سمرقند.
فاربد وجهه.
قال: والحد الثالث أفريقية.
فاسود وجهه، وقال: هيه.
قال: والرابع سيف البحر مما يلي الخزر وأرمينية.
قال الرشيد: فلم يبق لنا شيء، فتحول في مجلسي.
قال موسى "عليه السلام": قد أعلمتك: أنني إن حددتها لم تردها.
فعند ذلك عزم على قتله، واستكفى أمره يحيى بن خالد الخ.. ([314]).
الإمام الكاظم × والمهدي العباسي:
وقبل ذلك: كان الإمام الكاظم "عليه السلام" قد طلب إرجاع فدك من المهدي العباسي، فقال له المهدي: يا أبا الحسن، حدَّها إلي.
فقال: حد منها جبل أحد، وحد منها عريش مصر، وحد منها سيف البحر، وحد منها دومة الجندل.
فقال له: كل هذا؟!
قال: نعم، يا أمير المؤمنين، إن هذا كله مما لم يوجِف على أهله رسول الله "صلى الله عليه وآله" بخيل ولا ركاب.
فقال: كثير. وأنظر فيه([315]).
فدك لمن؟!
وقد ذكروا: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" أعطاها لابنته فاطمة "عليها السلام"، فلما مات "صلى الله عليه وآله" استولى عليها أبو بكر، فاحتجت عليه فاطمة، وقالت له: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" نحلنيها.
قال أبو بكر: أريد لذلك شهوداً([316]).
قال الطريحي: "كانت لرسول الله "صلى الله عليه وآله" لأنه فتحها هو وأمير المؤمنين "عليه السلام" لم يكن معهما أحد"([317]).
وقال في نص آخر: "فبعثت إلى علي، والحسن، والحسين، وأم أيمن، وأسماء بنت عميس ـ وكانت تحت أبي بكر بن أبي قحافة ـ فأقبلوا إلى أبي بكر وشهدوا لها بجميع ما قالت وادَّعت.
فقال (عمر): أما علي فزوجها.
وأما الحسن والحسين فابناها.
وأما أم أيمن فمولاتها.
وأما أسماء بنت عميس فقد كانت تحت جعفر بن أبي طالب، فهي تشهد لبني هاشم، وقد كانت تخدم فاطمة، وكل هؤلاء يجرون إلى أنفسهم.
فقال علي "عليه السلام": أما فاطمة فبضعة من رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ومن آذاها فقد آذى رسول الله "صلى الله عليه وآله". ومن كذبها فقد كذب رسول الله "صلى الله عليه وآله".
وأما الحسن والحسين، فابنا رسول الله "صلى الله عليه وآله" وسيدا شباب أهل الجنة، من كذبهما فقد كذب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، إذ كان أهل الجنة صادقين.
وأما أنا فقد قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": أنت مني وأنا منك، وأنت أخي في الدنيا والآخرة، والراد عليك هو الراد علي، ومن أطاعك فقد أطاعني، ومن عصاك فقد عصاني.
وأما أم أيمن فقد شهد لها رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالجنة، ودعا لأسماء بنت عميس وذريتها.
قال عمر: أنتم كما وصفتم (به) أنفسكم. ولكن شهادة الجار إلى نفسه لا تقبل.
فقال علي "عليه السلام": إذا كنا نحن كما تعرفون (ولا تنكرون)، وشهادتنا لأنفسنا لا تقبل، وشهادة رسول الله لا تقبل، فإنا لله وإنا إليه راجعون. إذا ادَّعينا لأنفسنا تسألنا البينة؟! فما من معين يعين.
وقد وثبتم على سلطان الله وسلطان رسوله، فأخرجتموه من بيته إلى بيت غيره من غير بينة ولا حجة، ?وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ?([318])"([319]).
ونقول:
إنه لم يكن يحق لأبي بكر طلب ذلك منها، لأنها كما سنرى مطهرة بنص الكتاب الكريم من كل رجس، فلا يمكن احتمال خلاف ذلك في حقها..
ولأنها ـ فدك ـ كانت في يدها، وكان هو المدَّعي الذي يطالَب بالبينة، بل لا بد من رد شهادته لأنها تعارض شهادة القرآن، كما قلناه وسنقوله..
الشهادة المردودة:
ومع ذلك كله: فإنها "عليها السلام" جاءته بالشهود، فكانت أم أيمن الشاهد الأول، فقد رووا: أن أبا بكر قال لها "عليها السلام": هاتي على ذلك بشهود.
[قال]: فجاءت بأم أيمن.
فقالت له أم أيمن: لا أشهد يا أبا بكر حتى أحتج عليك بما قال رسول الله "صلى الله عليه وآله". أنشدك بالله، ألست تعلم أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال: "أم أيمن امرأة من أهل الجنة"؟!
فقال: بلى.
قالت: "فأشهد: أن الله عز وجل أوحى إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله": ?فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ?([320]). فجعل فدكاً لفاطمة (فجعل فدكاً لها طعمة) بأمر الله تعالى.
فجاء علي "عليه السلام" فشهد: بمثل ذلك، فكتب لها كتاباً، ودفعه إليها، فدخل عمر فقال: ما هذا الكتاب؟
فقال: إن فاطمة "عليها السلام" ادَّعت في فدك، وشهدت لها أم أيمن وعلي "عليه السلام"، فكتبته لها.
فأخذ عمر الكتاب من فاطمة "عليها السلام" فتفل فيه، ومزقه!!
فخرجت فاطمة "عليها السلام" باكية (تبكي)، وهي تقول: مزق الله بطنك كما مزقت كتابي هذا.
فلما كان بعد ذلك جاء علي "عليه السلام" إلى أبي بكر وهو في المسجد وحوله المهاجرون والأنصار، فقال: يا أبا بكر لم منعت فاطمة (بنت رسول الله حقها و) ميراثها من رسول الله وقد ملكته في حياته "صلى الله عليه وآله"؟!
فقال أبو بكر: هذا فيء للمسلمين، فإن أقامت شهوداً: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" جعله لها، وإلا فلا حق لها فيه.
فقال أمير المؤمنين "عليه السلام": يا أبا بكر! تحكم فينا بخلاف حكم الله في المسلمين؟
قال: لا.
قال: فإن كان في يد المسلمين شيء يملكونه، ثم ادَّعيت أنا فيه من تسأل البينة؟
قال: إياك كنت أسأل البينة.
قال: فما بال فاطمة سألتها البينة على ما في يديها؟ وقد ملكته في حياة رسول الله "صلى الله عليه وآله" وبعده؟! ولم تسأل المسلمين بينة على ما ادَّعوها شهوداً، كما سألتني على ما ادَّعيت عليهم؟
فسكت أبو بكر.
فقال عمر: يا علي! دعنا من كلامك. فإنا لا نقوى على حجتك، فإن أتيت بشهود عدول، وإلا فهو فيء للمسلمين، لا حق لك ولا لفاطمة فيه!!
فقال أمير المؤمنين "عليه السلام": يا أبا بكر تقرأ كتاب الله؟
قال: نعم.
قال: أخبرني عن قول الله عز وجل: ?إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً?([321]). فيمن نزلت، فينا أم في غيرنا؟
قال: بل فيكم.
قال (يا أبا بكر): فلو أن شهوداً شهدوا على فاطمة بنت رسول الله "صلى الله عليه وآله" بفاحشة، ما كنت صانعاً بها؟
قال: كنت أقيم عليها الحد، كما أقيمه على نساء المسلمين.
قال (له أمير المؤمنين علي "عليه السلام" يا أبا بكر): إذن كنت عند الله من الكافرين.
قال: ولم؟
قال: لأنك رددت شهادة الله لها بالطهارة، وقبلت شهادة الناس عليها، كما رددت حكم الله وحكم رسوله، أن جعل لها فدكاً وقد قبضته في حياته، ثم قبلت شهادة أعرابي بائل على عقبيه عليها، وأخذت منها فدكاً، وزعمت أنه فيء للمسلمين.
وقد قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "البينة على المدَّعي، واليمين على المدَّعى عليه"، فرددت قول رسول الله "صلى الله عليه وآله": البينة على من ادَّعى، واليمين على من ادُّعي عليه.
قال: فدمدم الناس وأنكروا، ونظر بعضهم إلى بعض، وقالوا: صدق والله علي بن أبي طالب "عليه السلام"، ورجع إلى منزله([322]).
وقفات مع ما سبق:
وقبل أن نمضي في الحديث نذكِّر القارئ الكريم بما يلي:
ألف: إن أم أيمن حين قررت أبا بكر بما قاله رسول الله "صلى الله عليه وآله" في حقها تكون قد أوضحت له، وللناس جميعاً: أنه لا يحق له ردُّ شهادتها، من ناحية التشكيك في صدقها، لأن ذلك يستبطن التطاول على النبي "صلى الله عليه وآله" مباشرة، إذ لا يصح أن يقال: إن من يكون من أهل الجنة يكذب، ويقيم شهادة الزور، فإنه "صلى الله عليه وآله" يقول:
"شاهد الزور لا يزول قدمه حتى توجب له النار"([323]). وذم شاهد الزور في القرآن وفي السنة كثير، ولا يحتاج إلى مزيد بيان.
وقد أشار أمير المؤمنين "عليه السلام" إلى هذا الأمر صراحة أيضاً، لكي لا يتعلل أحد بأنه لم يلتفت إليه.
ويلاحظ: أن هذا التحذير قد جاء قبل أداء الشهادة، فلم يعد يمكن الإعتذار منه، أو عنه: بأنه لم يلتفت إلى هذه الخصوصية..
ب: إن نفس كلام أم أيمن المشار إليه يسد الطريق على أبي بكر فيما يرتبط برد شهادة الحسنين وعلي "عليهم السلام"، فإن القرآن قد شهد لهؤلاء بالتطهير، وبالصدق، فلا معنى للتعليل: بأن هذا أو ذاك يجر النار إلى قرصه، أو ما إلى ذلك..
فرد شهادة هؤلاء، جرأة على الله سبحانه مباشرة، إذ ما الفرق بين أن يكتب في القرآن أن فدكاً لفاطمة، وبين أن يقول القرآن: إن فاطمة صادقة مطهرة من كل ريب وشين، فكل ما تدَّعيه صحيح وواقع؟!..
وقد صرح لهم أمير المؤمنين "عليه السلام" بهذا الأمر، إمعاناً في إثبات الحجة عليهم، ودفعاً لأي تعلل منهم.
ج: إن رد أبي بكر لشهادة الحسنين وعلي "عليهم السلام" فيه جرأة على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، من جهة أخرى أيضاً، فإنه "صلى الله عليه وآله" قبل شهادتهم في أمور عديدة.. فقد أشهد الحسنين "عليهما السلام" على كتاب ثقيف([324]). وهو أمر مرتبط بشأن ومصير قوم من الناس، وليس أمراً عادياً، ولا شأناً خاصاً.
بل إنه "صلى الله عليه وآله" باهل بهما نصارى نجران([325])، وهذا مما أجمعت عليه الأمة.
وهذا معناه: أنهما شريكان في الدعوة، وشريكان في تحمل تبعاتها وآثارها.
وقد شرحنا هذا في كتابنا: "الحياة السياسية للإمام الحسن عليه السلام"، فيمكن الرجوع إليه لمن أراد.
يضاف إلى هذا وذاك: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد بايع لهما في بيعة الرضوان. ولم يبايع صبياً في ظاهر الحال غيرهما([326]).
وقد استدل المأمون على العباسيين بهذا الأمر، حينما أراد تزويج ابنته للإمام الجواد "عليه السلام"، فراجع([327]).
وحاول البعض زيادة أشخاص آخرين، شاركوا في بيعة الرضوان، مثل ابن جعفر، وابن عباس([328])..
ولكن رواية ذلك قد جاءت من قبل الذين يهتمون بتأييد الفريق الآخر، ويريدون التشكيك بمواقف وكرامات، وفضائل وميزات علي وأهل بيته "عليهم السلام"، فلا يلتفت إليها، خصوصاً مع تصريح المفيد والمأمون: بنفي هذا الأمر عمَّن عدا الحسنين "عليهما السلام"، فراجع كتابنا: الحياة السياسية للإمام الجواد "عليه السلام"([329]).
هذا كله، مع ما أشار إليه أمير المؤمنين، وسيد الوصيين "عليه السلام" من أن آية التطهير تمنع أبا بكر من طلب البينة من الزهراء "عليها السلام"، وتحتم عليه قبول كلامها، كما تمنعه من رد شهادة الحسنين "عليهما السلام"، فضلاً عن أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين..
د: ومما زاد الأمر تعقيداً وإحراجاً للغاصبين: أن علياً "عليه السلام" قد أظهر أبا بكر أمام المهاجرين والأنصار في صورة الإنسان المتناقض في قضائه، حين سأله "عليه السلام" عن أنه لو كان في يد المسلمين شيء يملكونه، ثم ادَّعى علي "عليه السلام" أنه له، فمن الذي تطلب منه البينة؟!
فأجاب أبو بكر: بأنه يطلبها من المدَّعي..
فانكشف: أن حكم أبي بكر في قضية فاطمة "عليها السلام" كان على عكس ذلك.
عندها سكت أبو بكر، وأقر عمر: بأنهم غير قادرين على ردِّ حجة علي "عليه السلام"..
وبذلك يكون علي "عليه السلام" قد وضع أبا بكر في مأزق لا خلاص له منه، وأمام خيارين كل منهما ينتهي بفضيحة عظيمة، تضر موقفه، وتظهر أنه مبطل في تقمصه للخلافة..
فهو إما جاهل بأحكام القضاء ـ بل بالبديهيات منها ـ فيحكم تارة بالبينة على المدَّعي، وأخرى بالبينة على المدَّعى عليه، من دون أن يعرف أيهما الحق، وأيهما الباطل.
وإما عالم بها، لكنه يتعمد العمل بخلاف ما شرعه الله تعالى، لأنه لا يملك الرادع الديني عن مخالفة أحكامه تعالى..
وإما أنه كان عالماً بحكم الله تعالى ثم نسيه، فحكم بخلافه.. فلماذا لم يتراجع عنه بعد التعليم والبيان؟!
وكل ذلك يجعله غير صالح لمنصب القضاء، فكيف يكون صالحاً لمقام الخلافة، في حين أن القضاء هو أحد مهمات الخليفة؟!
هـ: والذي زاد الطين بلة، أن ذلك النص قد أظهر عمر بن الخطاب عاجزاً عن مقارعة علي "عليه السلام" الحجة بالحجة.. ولكنه أعلن أنه متشبث برأيه، ودليله هو قوته وسلطانه.. كما ظهر في كلامه.
و: كما يلاحظ: أن علياً "عليه السلام" قد تجاهل عمر تماماً، وتابع موجهاً كلامه إلى أبي بكر ولم يلتفت إليه!!
ز: إن تقرير علي "عليه السلام" لأبي بكر في شأن طهارة فاطمة "عليها السلام"، وزعم أبي بكر أنه لو شهد الشهود عليها بالفاحشة، لكان أقام عليها الحد.. قد جاء ليؤكد: أن الخليفة غير عارف بأحكام الله تعالى، وأن عدم معرفته هذه قد تؤدي به إلى ارتكاب ما يوجب الكفر.
وبذلك يتضح: مدى خطورة هذا الأمر، وأن القضية ليست قضية أموال وأراضٍ، بل هي قضية أن لا يتولى أمر المسلمين من ليس له أية حصانة تمنعه من الوقوع في هذا الخطر العظيم عليه وعلى الأمة بأسرها.
ح: إن حوار علي "عليه السلام" معهم قد أسهم بصورة قوية في تجلية الأمور للناس، حيث أراهم بأم أعينهم، كيف أن من ينصِّب نفسه خليفة لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، وكذلك من يرشح نفسه لهذا المقام، ليس فقط لا يملك أدنى الشرائط التي تؤهله لتولي أبسط الأمور، ولو مثل القيمومة على أبنائه، فكيف بخلافة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، بل هو يتحلى بالصفات المناقضة والناقضة لهدف هذا المقام أوذاك.
ط: روي عن أبي سعيد الخدري، أنه قال: سمعت منادي أبي بكر ينادي في المدينة، حين قدم عليه مال البحرين: من كانت له عدة عند رسول الله "صلى الله عليه وآله" فليأتِ.
فيأتيه رجال فيعطيهم.
فجاء أبو بشير المازني، فقال: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال: يا أبا بشير إذا جاءنا شيء فأتنا.
فأعطاه أبو بكر حفنتين، أو ثلاثاً، فوجدوها ألفاً وأربع مائة درهم.
وروى البخاري وغيره: أنه لما مات رسول الله "صلى الله عليه وآله" جاء مال من قبل علاء بن الحضرمي، فقال أبو بكر: من كان له على النبي "صلى الله عليه وآله" دين، أو كانت له قبله عدة، فليأتنا.
قال جابر: وعدني رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يعطيني هكذا أو هكذا وهكذا، فبسط يده ثلاث مرات، قال جابر: فعد في يدي خمس مائة ثم خمس مائة ثم خمس مائة([330]).
فهذا الرجل ـ أعني أبا بشير المازني ـ لم يكن من كبار الصحابة، وليس له موقع فاطمة "عليها السلام" عند الله تعالى وعند رسوله "صلى الله عليه وآله" وقد أُعطي ألفاً وأربع مائة درهم([331]) ولم يطلب منه بينة على صحة ما ادعاه.
فلماذا لا تعطى الزهراء "عليها السلام" أيضاً بدون طلب بينة؟
ولماذا هم يعرضون أنفسهم إلى غضب الله تعالى وغضب رسوله "صلى الله عليه وآله"، بمقتضى ما دلت عليه الآيات والروايات في حقها؟.
خصوصاً إذا لاحظنا: ما زعموه من القيمة الزهيدة التي زعموها لفدك، وأن عمر بن الخطاب قد اشتراها من اليهود بخمسين ألف درهم فقط!!
ملاحظة:
إننا نعتقد: أن تصدي أبي بكر لقضاء دين رسول الله "صلى الله عليه وآله" وإنجاز عداته، قد جاء بهدف إبطال القول الثابت عن النبي "صلى الله عليه وآله": إن علياً "عليه السلام" يقضي دينه، وينجز عداته بعد مماته "صلى الله عليه وآله"([332]).
وقد حصل ذلك بالفعل، فقد روي: أنه لما توفي رسول الله "صلى الله عليه وآله"، أمر علي "عليه السلام" صائحاً يصيح: "من كان له عند رسول الله "صلى الله عليه وآله" عدة أو دين فليأتني".
فكان يبعث كل عام عند العقبة يوم النحر من يصيح بذلك حتى توفي علي "عليه السلام".
ثم كان الحسن بن علي "عليه السلام" يفعل ذلك حتى توفي.
ثم كان الحسين "عليه السلام" يفعل ذلك. وانقطع ذلك بعده. رضوان الله وسلامه عليهم أجمعين.
قال ابن عون: فلا يأتي أحد من خلق الله إلى علي "عليه السلام" بحق ولا باطل إلا أعطاه([333]).
فدك للزهراء ÷:
وبعد.. فلا شك في أن فدكاً للزهراء "عليها السلام" والأدلة على ذلك كثيرة.. وقد ألمحت "عليها السلام" إلى هذه الأدلة.. ولكنها ركزت على واحد منها بعينه..
فما هي هذه الأدلة؟
ولماذا لم تركز احتجاجاتها "عليها السلام" عليها؟! بل ركزت على واحد منها؟
ونقول في الجواب: إن الأدلة هي التالية:
1 ـ هي في يدها:
لقد كانت فدك في يد فاطمة "عليها السلام"، وكان فيها وكيلها وعمالها، فكيف ولماذا بادر أبو بكر إلى إخراجهم منها؟
ألم يكن من الأجدر به أن يسأل فاطمة "عليها السلام" عن هذا الأمر؟!
ولماذا لم يعمل بقاعدة اليد، التي تقول: إن اليد أمارة على الملكية، وللملكية أسبابها، مثل الهبة، والشراء، والإرث، والإحياء، و.. و..
وقد يقال:
لنفترض: أنه قد غفل عن هذا الأمر.
ويجاب:
أولاً: دعوى الغفلة، لا تقبل من الإمام الذي يدَّعي لنفسه موقع الخلافة للرسول "صلى الله عليه وآله"، والقدرة على الاضطلاع بمهماته، والقيام بوظائفه.. فلا بد أن يكون حافظاً للأمة، خصوصاً في أمثال هذه الأمور البديهية.
ثانياً: لو أغمضنا النظر عن ذلك حتى لا نحرج الآخرين، فإننا نقول:
لا مجال لادِّعاء الغفلة عن مثل هذا الأمر، لأن كونها في يدها، ووكيلها، وعمالها فيها منذ زمن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، يحتم علينا الحكم بأنها لا تزال مالكة لها أو لمنفعتها، ولو عن طريق استئجارها لمدة معلومة، إذ لو لم نقل ذلك فلا بد من أن ننسب لرسول الله "صلى الله عليه وآله" التضييع والتفريط، والعبث، ومحاباة أهل بيته. وحاشاه من ذلك كله..
فكيف يبادر أبو بكر إلى طرد وكيلها وعمالها، قبل أن تستوفي حقها، ومنافعها في المدة المصرح بها في العقد؟!
2 ـ هي عطية من رسول الله ':
وحين أخبرته أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" أعطاها إياها، طالبها بالبينة، مع أن ذا اليد لا يطالب بالبينة، بل المدَّعي هو الذي يطالب بها..
فكان على أبي بكر أن يأتي بشهوده وبيناته..
على أن البينة هي شهادة على الصدق، ومن شهد الله له بالصدق، فلا يصح طلب البينة منه..
فيكون هذا الطلب متضمناً لتكذيب أبي بكر له تعالى في تطهيره لها "عليها السلام"، ولوازم هذا التكذيب خطيرة.
بل هي أخطر ما يمكن أن يواجهه إنسان مسلم.
3 ـ الخمس لا يختص بفاطمة ÷:
وثمة أمر آخر لا بد من الإشارة إليه، وهو: أنه رغم منعهم فاطمة الزهراء "عليها السلام" من الخمس أيضاً، فإنها "عليها السلام" لم تجعل هذا الأمر من العناوين التي طالبت بها أبا بكر.
ولعل السبب في عزوفها عن المطالبة بهذا الحق هو: أنه لا خصوصية لها "عليها السلام" في موضوع الخمس بنظر الناس العاديين، إذ يمكن للغاصبين أن يقولوا لهم:
أولاً: إن لها ولعلي "عليهما السلام" في هذا الأمر شركاء، وهم سائر بني هاشم، فنحن نعطيكم من الخمس ما لا يوجب تضييعاً لحق أولئك.
وثانياً: قد يقولون للناس أيضاً: إن الخمس إنما هو في غنائم الحرب، ولا نسلم بثبوته في جميع الأشياء، وبذلك يتخذ الجدل منحى مالياً، مادياً ودنيوياً، ويصبح بلا فائدة ولا عائدة، ولا ينتهي إلى نتيجة..
ولم تكن الزهراء "عليها السلام" ولا علي "عليه السلام" ممن يهتم لأمر الدنيا.
وبذلك تضيع القضية الأساس والأهم، التي هي المنشأ والسبب في كل هذا الذي يحدث، وهي قضية الإمامة، واغتصابهم لها، وعدم توفر أدنى الشرائط فيهم لأبسط مسؤولية يمكن أن توكل لإنسان مهما كان عادياً..
4 ـ قضية الميراث هي المحور:
ثم تأتي قضية إرث رسول الله "صلى الله عليه وآله"، التي حرصت الزهراء "عليها السلام" على أن تجعلها المحور، الذي ارتكزت إليه وعليه، في خطبتها في المهاجرين والأنصار، بعد عشرة أيام من استشهاد رسول الله "صلى الله عليه وآله"([334]).
وقد حاول أبو بكر التخلص والتملص من هذا الأمر، بادعاء أنه سمع النبي "صلى الله عليه وآله" يقول: لا نورث ما تركناه صدقة.
زاد في نص آخر قوله: إنما يأكل آل محمد من هذا المال..
إلى أن تقول الرواية: فهجرته فاطمة، فلم تزل مهاجرته حتى توفيت.
قالت عائشة: وكانت فاطمة "عليها السلام" تسأل أبا بكر نصيبها مما ترك رسول الله "صلى الله عليه وآله" من خيبر، وفدك، وصدقته بالمدينة([335]).
ونقول:
أولاً: الظاهر هو: أن أبا بكر قد فوجئ ـ في البداية ـ بهذا الأمر، فإن الجوهري يروي بإسناده عن أبي الطفيل، قال: أرسلت فاطمة "عليها السلام" إلى أبي بكر: أنت ورثت رسول الله "صلى الله عليه وآله"، أم أهله؟
قال: بل أهله([336]).
وهذا اعتراف من أبي بكر بحق الزهراء "عليها السلام" فيما ترك، وبأن أهله "صلى الله عليه وآله" يرثونه. ولعل أبا بكر قد فوجئ بهذا السؤال، فأجاب بما هو مرتكز لديه، على السجية، ومن دون فكر وروية، ثم لما التفت إلى نفسه صار يجادل في هذا الأمر، وأصر على إنكاره. وجاء بحديث: نحن معاشر الأنبياء لا نورث الخ..
ثانياً: إن النص القرآني الصادع بإرث الأنبياء "عليهم السلام" لا يُدفع بحديث أبي بكر لأكثر من سبب:
1 ـ إن الحديث القرآني عن إرث سليمان لداود ونحوه، قد جاء ليحكي قضية حصلت في السابق مفادها: أن أبناء الأنبياء قد ورثوا آباءهم فعلاً.. ولم يرد بصيغة جعل الحكم ليقال: إن هذا الحديث قد نسخ ذلك الحكم القرآني، أو لم ينسخه.
كما أنه لا مجال لجعل حديث أبي بكر مخصصاً للنص القرآني، لأن الحديث ليس أخص منه بل هو معارض له، لادِّعائه: أن من له صفة النبوة لا يورث، حيث قال: لا نورث، أو نحن معاشر الأنبياء لا نورث الخ..
وهذا يعني: أن الأنبياء السابقين لم يورثوا أبناءهم بسبب صفة النبوة، وهذا يناقض الآيات القائلة: إن سليمان قد ورث داود، وكذلك غيره من الأنبياء السابقين بالنسبة لآبائهم، فليس المقام من باب التخصيص، بل هو تناقض لا مجال لعلاجه، لا بادعاء النسخ، ولا بغيره..
2 ـ كيف ورثت عائشة وغيرها من الزوجات رسول الله "صلى الله عليه وآله"([337])، فقد طالبت عائشة بالحجرة التي أسكنها إياها رسول الله "صلى الله عليه وآله" وأعطيت لها، ولم يطلب منها بينة، كما أنهم دفعوا الحُجر إلى نسائه بعد وفاته "صلى الله عليه وآله"([338]).
ويدَّعي خلفاء بني العباس: وراثة ثياب النبي "صلى الله عليه وآله": البردة، والقضيب. وقد تقدم الكلام حول ذلك في جزء سابق في فصل: أراضي بني النضير والكيد السياسي.
3 ـ روي عن الرضا "عليه السلام": أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" خلف حيطاناً بالمدينة صدقة، وخلف ستة أفراس وثلاث نوق: العضباء، والصهباء، والديباج، وبغلتين: الشهباء، والدلدل، وحماره: اليعفور، وشاتين حلوبتين، وأربعين ناقة حلوباً، وسيفه ذا الفقار، ودرعه ذات الفضول، وعمامته السحاب، وحبرتين يمانيتين، وخاتمه الفاضل، وقضيبه الممشوق، وفراشاً من ليف، وعباءتين قطوانيتين، ومخاداً من أدم. صار ذلك إلى فاطمة "عليها السلام" ما خلا درعه، وسيفه، وعمامته، وخاتمه، فإنه جعله لأمير المؤمنين "عليه السلام"([339]).
ويقولون أيضاً: إنهم دفعوا آلته "صلى الله عليه وآله"، وبغلته، وحذاءه، وخاتمه، وقضيبه إلى علي "عليه السلام"([340]).
4 ـ ذكر الحلبي الشافعي: أن في كلام سبط ابن الجوزي: أن أبا بكر كتب لفاطمة "عليها السلام" بفدك، ودخل عليه عمر، فقال: ما هذا؟
فقال: كتاب كتبته لفاطمة بميراثها من أبيها.
فقال: بماذا تنفق على المسلمين، وقد حاربك العرب كما ترى؟! ثم أخذ الكتاب فشقه([341]).
مفردات من الكيد الإعلامي:
وبعد ما تقدم، فإننا نذكر هنا: مفردات من الكيد الإعلامي: الرامي إلى تجهيل الناس بالحقائق، من قبل أناس يدَّعون الحرص على الدين، ويتظاهرون بأنهم أمناء عليه، فنقول:
1 ـ لا نورث ما تركناه صدقة:
اعتذر أبو بكر عما أقدم عليه من حرمان الزهراء "عليها السلام" من الإرث: بأن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال: لا نورث ما تركناه صدقة([342]).
ونقول:
أولاً: إنه لو فرض أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد قال شيئاً من ذلك، فلا بد أن يقوله في الملأ العام وأمام ذوي الشأن لا أن يخص به شخصاً بعينه دون سائر الناس، وهو ممن يجر النار إلى قرصه..
وقد أظهرت بعض النصوص أن ثمة تصرفاً متعمداً تعرض له هذا الحديث حتى انقلب معناه رأساً على عقب، وظهر أنه "صلى الله عليه وآله" لم يُرِد المعنى الذي يريدون التسويق له، كما أن ما قاله "صلى الله عليه وآله" خال من عبارة: ما تركناه صدقة.. بل فيه فقرة أخرى تعطي المعنى الحقيقي للكلمة.
فقد ورد: أنه "صلى الله عليه وآله" قال: "..وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر، وإن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورِّثوا ديناراً ولا درهماً، ولكن وَرَّثوا العلم؛ فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر"([343]).
أي أنه "صلى الله عليه وآله" يريد أن يبين أنهم صلوات الله وسلامه عليهم ليسوا بصدد جمع الأموال وتكديسها، حتى إذا ماتوا ورثها منهم من له حق الإرث. بل هم زهاد في الدنيا، عازفون عن زخرفها، مهتمون بالعلم النافع، ولا يريد أيٌّ منهم من أحد أجراً على جهده وجهاده، لا من مال، ولا من غيره. وذلك على قاعدة: ?قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ?([344]).
ثانياً: حتى لو صح أن كلمة: "ما تركناه صدقة" موجودة في الحديث بالفعل، فإن وجودها لا يحتم أن يكون المراد: أن ما يتركه الأنبياء من أموال لا يرثها أحد، لإمكان أن يكون المقصود: أن ما جعلوه "عليهم السلام" صدقة حال حياتهم، لا يدخل في جملة ما يورث. فتكون كلمة "ما" مفعولاً به لكلمة "نورث"، وكلمة "صدقة" منصوبة أيضاً بكلمة تركناه.
فلا يقف قارئها وقائلها على كلمة "نورث" ليستأنف الكلام ويقول: ما تركناه صدقة، برفع كلمة "صدقة" خبراً للمبتدأ، وهو كلمة: "ما". بل يصلها ببعضها، وينصب كلمة "صدقة" ولا يرفعها..
ولا أقل من أن نعترف: بأننا لم نسمع الكلمة من فم النبي "صلى الله عليه وآله" مباشرة؛ لنعرف كيف تكلم بها، هل وقف على كلمة نورث؟! أم لم يقف؟!
إذ من الواضح: أن آخر الجملة ليس هو المعيار، لإمكان أن يقف عليه بالسكون..
والمعيار هو: طريقة إلقاء الكلام، فلعله قد وصل الكلام بعضه ببعض، فيكون المراد هذا المعنى الثاني.. فلا يكون دالاً على مراد أبي بكر، ولعله وقف على كلمة: "نورث" ثم استأنف الكلام، فقال: ما تركناه صدقة.. فيكون المراد المعنى الأول.
ومن الواضح: أن الآيات والتشريعات، وكذلك القرائن الأخرى تؤيد أن يكون "صلى الله عليه وآله" قد وصل الكلام.
2 ـ هل المقصود إرث المال؟!
إن الزهراء "عليها السلام" في خطبتها في المهاجرين والأنصار قد استدلت بآيات عديدة من القرآن تبين أن فدكاً إرث لها، وأن على أبي بكر أن يرجعها إليها على هذا الأساس..
ولم يدَّعِ أبو بكر ولا أحد من أعوانه أو محبيه، ولا أحد من الصحابة أن المراد بقوله تعالى: ?وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ?([345])، وبقول زكريا: ?فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً، يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ?([346]) هو إرث المال.
بل التجأ ـ أبو بكر ـ إلى ما زعمه أنه حديث عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ولم يزد على ذلك..
ولو كان المقصود بالآيات هو إرث النبوة ـ كما يزعم بعض أهل الريب ـ لبادر أبو بكر، ومن معه، وألوف من الصحابة إلى الإعتراض على الزهراء "عليها السلام" في استدلالها هذا.. أو على الأقل لاستفهموا منها عن وجه تفسيرها لهذه الآيات على هذا النحو..
3 ـ قيمة النخل بتربته:
وقد ذكرت الروايات المتقدمة: أن عمر بن الخطاب اشترى من أهل فدك نصفها, فقوموا النخل والأرض، فبلغ قيمة النصف خمسين ألف درهم، أو يزيد..
ونحن نشك في صحة هذا الخبر، ونرى أنه هو الآخر من مفردات الكيد الإعلامي، الهادف إلى تعمية الأمور في مسألة اغتصاب فدك من أصحابها الشرعيين.
فأولاً: إن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يكن ليصالحهم على أن يكون نصف الأرض لهم؛ لأن الأرض لله يورِّثها من يشاء, وقد جاء الحكم الإلهي ليقول: إن ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب ملك خاص لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، وليس لأحد فيه أي حق.
فالصحيح هو: أنه "صلى الله عليه وآله" تركهم يعملون في الأرض والنخل وأعطاهم نصف الناتج، كما صرحت به النصوص المتقدمة..
ثانياً: هم يقولون: إن غلة فدك كانت أربعة وعشرين ألف دينار كل سنة([347]).
وقيل: سبعون ألفاً([348]), فهل يعقل أن تكون غلة كهذه هي لنخل لا تبلغ قيمته مع الأرض خمسة آلاف دينار؟!.
بل لقد ورد: أن فيها من النخل ما يعادل نخيل الكوفة في القرن السادس الهجري([349]).
والذي نظنه: أن الهدف من إطلاق هذه الشائعة هو:
1 ـ التقليل من شأن فدك, لكي يصبح من يطالب بها طامعاً بشيء زهيد, وذلك يمهد السبيل لتبرئة أبي بكر من تهمة كونه قد أراد أن يسلب علياً "عليه السلام" قدرته المالية, لأن أبا بكر كان يخشى أن يجمع علي "عليه السلام" الرجال حوله بواسطة ذلك المال، الذي يحصل له من فدك.
2 ـ الإيحاء بأنه إذا كانت فدك ليست خالصة لرسول الله "صلى الله عليه وآله", بل قد اشترى عمر نصفها بمال المسلمين ـ كما زعمته هذه الرواية ـ فذلك يعني أن المسلمين شركاء معهم فيها, وقد يكون الحكام الذين يقطعونها لمروان ولغيره, إنما يقطعونهم النصف الذي يرجع أمره إلى الحاكم.. ولكن آل علي "عليهم السلام" يصرون على أخذ ما ليس لهم بحق..
4 ـ وآت ذا القربى حقه:
ورووا عن الخدري, وعن علي "عليه السلام", وابن عباس, وجعفر بن محمد "عليه السلام", وعطية العوفي, وعن علي الرضا "عليه السلام", وعن الإمام الباقر "عليه السلام": أنه لما نزل قوله تعالى: ?وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ?([350]) دعا فاطمة "عليها السلام" وأعطاها فدكاً.
زاد في بعض الروايات قوله: والعوالي([351]).
قال ابن كثير: "هذا الحديث مشكل, لو صح إسناده, بأن الآية مكية, وفدك إنما فتحت مع خيبر لسنة سبع من الهجرة, فكيف يلتئم هذا مع هذا؟ فهو إذن حديث منكر"([352]).
ونقول:
هناك عدة أجوبة على هذا الكلام, نذكر منها:
أولاً: إنهم هم أنفسهم يقولون: إن النبي "صلى الله عليه وآله" كان يقول: ضعوا هذه الآية في الموضع الفلاني من السورة الفلانية.
فقد قال الباقلاني وابن الحصار: "كان جبرئيل "عليه السلام" يقول: ضعوا آية كذا في موضع كذا.."([353]).
وعن ابن عباس: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، كان إذا نزل عليه الشيء دعا من كان يكتب؛ فيقول: ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا([354]).
وروي قريب من هذا عن عثمان بن عفان أيضاً([355]).
فلا مانع إذن: من أن تكون هذه الآية قد نزلت في سنة سبع, أو بعدها, ثم قال النبي "صلى الله عليه وآله": ضعوها في سورة كذا, لحكمة هو أعلم بها.
ولذلك قالوا: إن إطلاق التعبير بأن هذه السورة مكية أو مدنية مبني على الغالب..
وهذا ما يفسر قولهم أيضاً: سورة كذا مكية إلا ثلاث آيات مثلاً, وذلك بحسب ما ظهر لهم من الروايات، التي تيسر لهم الإطلاع عليها.
ثانياً: قد ذكرنا في بحث لنا في كتابنا (مختصر مفيد) حول آية ?الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ?([356]), وآية: ?يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ?([357]): أن الظاهر هو: أن السور كلها كانت تنزل دفعة واحدة، باستثناء بعض السور الطوال، فإن قسماً كبيراً منها كان ينزل على النبي "صلى الله عليه وآله", فيقرؤه للناس, ثم تصير الأحداث التي ترتبط بآيات تلك السور، أو ذلك القسم النازل، ويتوالى حدوثها, فينزل جبرئيل "عليه السلام" مرة أخرى, فيقرؤها على النبي ليقرأها هو "صلى الله عليه وآله" على الناس, ويظهر لهم إعجاز القرآن من حيث إخباره عن الأمور قبل حصولها بأيام, أو بأشهر, أو بسنوات.
وبعبارة أخرى: كانت السور ـ كسورة المائدة، أو التوبة، أو الأنفال مثلاً ـ تنزل على النبي "صلى الله عليه وآله"، فيقرؤها على الناس كلها.. ثم يحدث الحدث بعد شهر من ذلك، مثل الذي جرى في حنين، أو بدر، فيأتي جبرئيل مرة ثانية ليأمر النبي "صلى الله عليه وآله" بقراءة الآيات التي ترتبط بذلك الحدث، والتي كانت قد نزلت قبله بأيام أو بأشهر، فيعرف الناس كيف أن الله سبحانه وتعالى قد تحدث عن هذا الحدث قبل وقوعه، فيتأكد عندهم: أن هذا القرآن هو من عند عالم الغيب والشهادة، ويتلمسون صدق رسول الله "صلى الله عليه وآله" عن هذا الطريق([358]).
الفصل الرابع:
فدك.. دليل الإمامة
الكيد الإعلامي يفرض تزوير الحقائق:
إننا نذكر في هذا الفصل طرفاً مما ذكره أنصار الخلفاء الذين غصبوا فدكاً من صاحبها الشرعي، بهدف تأييد خلافتهم، وإضعاف أصحاب الحق الشرعيين، ما وجدوا إلى ذلك سبيلاً. وسنسعى إلى إطلاق الإشارات التي توضح حقيقة الكيد الإعلامي الذي مارسوه بعيداً عن معنى التقوى، والأمانة، والإلتزام بأحكام الشرع، وبالمبادئ الإنسانية، والقيم الأخلاقية..
فنقول وعلى الله نتوكل، وبه نعتصم، ومنه نستمد التوفيق، والسداد والرشاد:
فدك خالصة لرسول الله ':
قد عرفنا فيما تقدم: أن النبي "صلى الله عليه وآله" أرسل علياً "عليه السلام" إلى فدك، بعد أن عرض الراية على الآخرين، ولم يجد من بينهم من هو أهل لها..
ولا شك في أن أخبار ما جرى في خيبر، وقتل علي "عليه السلام" فرسانها الأشداء، ومنهم مرحب، وقلع باب حصنها الأعظم ـ لا شك في أن هذه الأخبار ـ قد سبقت علياً "عليه السلام" إلى أهل فدك، فماتوا خوفاً ورعباً، وبادروا إلى عقد الصلح مع أمير المؤمنين "عليه السلام"..
ولكننا نجدهم يروون القضية في سياق يستبعد علياً "عليه السلام" نهائياً، وكأنه لم يكن له وجود في خيبر، ويستعيضون عنه بمحيصة بن مسعود.
ونحن لا نريد إنكار أن يكون لمحيصة بعض الدور في ترتيب أمر كتابة كتاب استسلامهم.. ولكنه دور هامشي بلا شك.
إلا أن المغرضين، وهواة التزوير يجعلونه هو الأساس والمحور لكل ما جرى في فدك، فقد قالوا:
لما أقبل رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى خيبر فدنا منها، بعث محيصة بن مسعود الحارثي إلى فدك ـ وهي قرية بخيبر ـ يدعوهم إلى الإسلام، ويخوفهم أن يغزوهم، كما غزا أهل خيبر، ويحل بساحتهم.
قال محيصة: فجئتهم، فأقمت عندهم يومين، فجعلوا يتربصون ويقولون: بالنطاة عامر، وياسر، والحارث، وسيد اليهود مرحب، ما نرى محمداً يقرب حراهم، إن بها عشرة آلاف مقاتل.
قال محيصة: فمكثت عندهم يومين، فلما رأيت خبثهم أردت أن أرجع، فقالوا: نحن نرسل معك رجالاً منا، يأخذون لنا الصلح، كل ذلك ويظنون أن يهود تمتنع.
فلم يزالوا كذلك حتى جاءهم قتلُ أهل حصن ناعم، وأهل النجدة منهم، ففت ذلك في أعضادهم.
فقدم رجل من رؤسائهم يقال له: نون بن يوشع في نفر من يهود، فصالحوا رسول الله "صلى الله عليه وآله" على أن يحقن دماءهم، ويجليهم، ويخلوا بينه وبين الأموال، ففعل رسول الله "صلى الله عليه وآله".
ويقال: عرضوا على رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يخرجوا من بلادهم، ولا يكون للنبي "صلى الله عليه وآله" عليهم من الأموال شيء، فإذا كان أوان جذاذها جاؤوا فجذوها، فأبى رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يقبل ذلك.
وقال لهم محيصة: ما لكم منعة ولا حصون ولا رجال، ولو بعث إليكم رسول الله "صلى الله عليه وآله" مائة رجل لساقوكم إليه، فوقع الصلح بينهم بأن لهم نصف الأرضين بتربتها، ولرسول الله "صلى الله عليه وآله" نصفها، فقبل رسول الله "صلى الله عليه وآله" ذلك.
يقول محمد بن عمر: وهذا أثبت القولين.
وأقرهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" على ذلك، ولم يأتهم.
فلما كان عمر بن الخطاب، وأجلى يهود خيبر، بعث إليهم من يقوِّم أرضهم، فبعث أبا الهيثم مالك بن التيهان، وفروة بن عمرو بن جبار بن صخر، وزيد بن ثابت، فقوموها لهم ـ النخل والأرض ـ فأخذها عمر، ودفع إليهم نصف قيمة النخل بتربتها، فبلغ ذلك خمسين ألف درهم أو يزيد، وكان ذلك المال جاء من العراق، وأجلاهم إلى الشام([359]).
وحسب تعبير الدياربكري: "اشترى منهم حصتهم النصف بمال بيت المال"([360]).
فكانت فدك خالصة لرسول الله "صلى الله عليه وآله" لأنهم لم يجلبوا عليها بخيل ولا ركاب([361]).
وقال ابن إسحاق: فكانت خيبر فيئاً بين المسلمين، وفدك خالصة لرسول الله "صلى الله عليه وآله" لأنهم لم يجلبوا عليها بخيل ولا ركاب([362]).
ونقول:
كل فدك لرسول الله ':
يظهر من هذا النص: أن فدكاً كلها لرسول الله "صلى الله عليه وآله" على الرواية الأولى، وله نصفها بناءً على الرواية الثانية([363]).
والرواية الثانية: مخالفة لما أجمعت عليه الأمة، فلا يلتفت إليها..
والصحيح هو النص الذي يقول: إن فدكاً كلها لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، فإن ذلك هو حكم الله سبحانه في كل ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، فهو له "صلى الله عليه وآله"..
يضاف إلى ذلك: أن الروايات الآنفة الذكر قد صرحت: بأنهم عرضوا على رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يجليهم، ويخلُّوا بينه وبين الأموال. ففعل ذلك "صلى الله عليه وآله"، فقد قال ابن إسحاق: "لما سمع أهل فدك بما صنع رسول الله "صلى الله عليه وآله" بأهل خيبر، بعثوا إلى رسول الله يسألونه أن يسيرهم ويحقن لهم دماءهم، ويخلون له الأموال، ففعل. فكانت خيبر فيئاً بين المسلمين، وفدك خالصة لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، لأنهم لم يجلبوا عليها بخيل ولا ركاب".
وفي النص الثاني: أنهم عرضوا أن يجليهم، فإذا كان أوان جذاذها جاؤوا فجذوها، فأبى رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يقبل ذلك..
فما معنى: أن يصالحهم بعد ذلك على أن يكون لهم نصف الأرض بتربتها؟! فمن يرضى بالجلاء هل يعطي نصف الأرض بتربتها؟! ألا يعد ذلك سفهاً وتضييعاً؟!
بداية عن تزوير الحقائق:
ذكر الحلبي عن فدك: "أنه "صلى الله عليه وآله" كان ينفق من فدك، ويعود منها على صغير بني هاشم، ويزوج منها أيمهم.
ولما مات "صلى الله عليه وآله"، وولي أبو بكر الخلافة، سألته فاطمة "عليها السلام" أن يجعلها أو نصفها لها، فأبى. وروى لها: أنه "صلى الله عليه وآله" قال: إنا معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة"([364]).
وقد أصر عمر بن الخطاب في حكايته لما جرى على هذا الأمر، ونحن لا نستغرب أن يصر عمر على أن فدكاً كانت فيئاً للمسلمين، ولرسول الله "صلى الله عليه وآله" الحق في أن ينفق منها ما يحتاج إليه ولا حق له في أزيد من ذلك!! ولا نستغرب أيضاً أن يُتَابِعَ عمرَ في قوله هذا، أولئك الذين صححوا خلافته، واعتقدوا إمامته..
ولكننا نستغرب من طريقة صياغة هؤلاء للحدث، فإنهم يظهرون مهارة لافتة في التعتيم على الحقيقة، وفي تجهيل الناس بها..
وهذه الحقيقة التي ذكرنا طرفاً منها في غزوة بني النضير، ونزيد في توضيح ملامح الصورة لحقيقة ما جرى، فنقول:
أهل البيت ^ ماذا يقولون؟!
ونشير في البداية: إلى أن أهل البيت "عليهم السلام"، وهم أدرى بما في البيت، وهم سفينة نوح التي من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق وهوى، وهم أحد الثقلين اللذين أمرنا الله بالتمسك بهما، والأخذ عنهما، وهم المنزهون المطهرون بنص القرآن ـ إن أهل البيت "عليهم السلام" ـ قد ذكروا: أن حكم الله تعالى هو: أن كل ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، فهو ملك خاص وخالص لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، وليس فيئاً للمسلمين، كما زعمه الآخرون المناوئون لهم "عليهم السلام"..
فدك دليل الإمامة:
لقد كانت هناك سلسلة من الأحداث تتابعت في غضون ثلاثة أشهر، كان لكل منها دوره القوي في تاريخ الإسلام، وفي مستقبله، وفي حفظ أساس الدين، من قبل رسول الله "صلى الله عليه وآله" من جهة، وفي السعي إلى الإخلال بأمر الله تعالى، والتمرد على توجيهات النبي "صلى الله عليه وآله" من قبل آخرين، من جهة أخرى..
وقد أجملنا هذه الأحداث في كتابنا: "الغدير والمعارضون"، وسنحاول هنا أن نذكر جملاً من ذلك أيضاً.. فنبدأ بالحديث كما يلي:
1 ـ في حجة الوداع:
إن النبي "صلى الله عليه وآله" كان يسعى ـ وفقاً للتوجيهات والأوامر الإلهية ـ إلى تحصين أمر الإمامة، بالتأكيد والنص عليها بمختلف الأساليب البيانية: قولاً، وعملاً، وتصريحاً، وتلميحاً، وكناية، وإشارة، وسراً، وجهراً، وما إلى ذلك..
وكان الفريق الطامع والطامح ـ وهم قريش ـ يسعون إلى إحباط هذه المساعي، والتشكيك في تلك البيانات ومحاصرتها، وإبطال آثارها..
وقد اتجهت الأمور نحو التصعيد في الأشهر الثلاثة الأخيرة من حياته "صلى الله عليه وآله"، بصورة قوية وحاسمة. ونحن نذكر هنا سبعة مفاصل أساسية وشاخصة، في هذه الفترة بالذات، فنقول:
لقد كان أول مفصل هام وحساس وأساسي، في يوم عرفة، في حجة الوداع؛ فقد بادر النبي "صلى الله عليه وآله" إلى إبلاغ إمامة علي "عليه السلام" للناس، في موسم الحج هذا، حيث إن الناس ـ وفيهم من كل الأجناس، والفئات والمستويات ـ قد جاؤوا إلى الحج من مختلف البلاد، واجتمعوا في صعيد واحد، يظهرون التوبة والندم، ويجأرون بالدعاء لله تعالى بأن يتقبل منهم..
فأراد "صلى الله عليه وآله" أن يخطبهم، ويبلِّغهم ما أمره الله تعالى بتبليغه، ولما انتهى إلى الحديث عن الإمامة والأئمة، وشرع فيه، تصدى له الفريق القرشي الطامح، ليفسد عليه تدبيره، وليمنعه من القيام بما أمره الله سبحانه، فصاروا يقومون ويقعدون، وضجوا إلى حد لم يعد للحاضرين المحيطين به "صلى الله عليه وآله" مجال لسماع كلامه "صلى الله عليه وآله".
ولعلهم قد ظنوا أنهم نجحوا فيما أرادوه كما توحي به ظواهر الأمور.
ولكن الحقيقة هي العكس من ذلك تماماً.. فإن النبي "صلى الله عليه وآله" كان يعلم: أنهم سوف يغتصبون الخلافة على كل حال.. ولكنه يريد أن يعرِّف الأجيال إلى يوم القيامة ذلك.. وأن لا يمكِّنهم من التشكيك في أحقية أمير المؤمنين علي "عليه السلام" بها، وفي النص عليه ونصبه لهذا الأمر من قبل الله ورسوله..
ولأجل ذلك: فإن الخطة النبوية كانت ترمي إلى التأكيد على هذا الأمر، وفضح الذين يريدون أن يتخذوا من التظاهر بالدين والتقوى ذريعة إلى مآربهم..
وقد تحقق ذلك لرسول الله "صلى الله عليه وآله" في هذا الموقف بالذات، في أقدس البقاع، وأفضل الأزمنة ـ يوم عرفة ـ وهم يؤدون فريضة عظيمة، وركناً من أركان الشريعة، وهم محرمون لله تعالى، يجهرون بتلبية النداء الإلهي "لبيك اللهم لبيك". ويعلنون اعترافهم بوحدانيته "لبيك لا شريك لك لبيك"، وبمالكيته، وبنعمته وفواضله "إن الحمد والنعمة لك والملك.." ويقفون في أحد المشاعر المعظمة، وحيث لا همَّ لهم إلا الدعاء، والإستغفار، وطلب الحاجات من الله تعالى.. والإجتهاد في الحصول على رضاه لكي يستجيب لهم، ويكون معهم.
نعم، إنه في هذا الموقف بالذات ظهر للناس جميعاً: أنه رغم أمر الله تعالى لهم بأن لا يرفعوا أصواتهم فوق صوت النبي "صلى الله عليه وآله"، لكي لا تحبط أعمالهم وهم لا يشعرون، صاروا يضجون إلى حد أنهم أصموا الناس، فلا يستطيع أحد أن يسمع من كلامه "صلى الله عليه وآله" شيئاً، وصاروا يقومون ويقعدون الخ..
وحمل الناس، الذين أتوا من كل حي وبلد وقبيلة، في قلوبهم هذه الذكرى المرة، معهم إلى بلادهم، التي يعودون إليها من سفر طويل وشاق، ويتلهف من يستقبلهم لسؤالهم عما رأوه أو سمعوه من أفضل البشر، وأكرم الأنبياء "عليه السلام"، وأشرف المخلوقات، لم يره الكثيرون منهم إلا هذه المرة اليتيمة، وسيموت "صلى الله عليه وآله" بعدها، وتبقى ذكراه في قلب هؤلاء كأعز شيء عليهم، وأثمنه عندهم.
ولا بد أن ينقلوها للناس دائماً بحزن، وأسى، ومرارة، وليتضح لهم أمر عجيب وغريب، وهو: أن صحابة النبي "صلى الله عليه وآله" لا يوقرون نبيهم الأعظم، والخاتم، ولا يحترمونه، ولا يطيعونه.
2 ـ غدير خم:
وربما يمكن لهم أن يعتذروا للناس، وأن يقولوا لهم: لقد حاسبنا أنفسنا، وندمنا على ما بدر منا، فإنها كانت هفوة عابرة، وقد اعتذرنا، وقبل رسول الله "صلى الله عليه وآله" عذرنا..
ثم استجدت أمور قبل وفاته "صلى الله عليه وآله" أوجبت أن يعدل هو نفسه "صلى الله عليه وآله" عن موضوع إمامة الأئمة، فأعاد الأمر شورى بين المسلمين..
وقد يجدون من طلاب اللبانات، ومن عبيد الدنيا، من يرغب في تصديق مزاعمهم هذه، فجاءت قضية غدير خم لتقول للناس: لا تقبلوا أمثال هذه الأعذار.
وذلك لأن رسول الله "صلى الله عليه وآله" بمجرد أن انقضت مراسم الحج، ترك مكة فوراً، وخرج مع الحجيج العائد إلى بلاده قبل أن يتفرقوا.
وكان رؤوس هؤلاء الطامعين والطامحين يرافقونه ليعودوا معه إلى المدينة، وبقي في مكة والطائف، وفي كل هذا المحيط أنصار هؤلاء ومحبوهم.. وقد ابتعدوا شيئاً فشيئاً عن المناطق التي تدين لهم بالولاء، وأصبحوا غير قادرين على الإقدام على أية إساءة للرسول "صلى الله عليه وآله".. لأنهم أصبحوا لا يستطيعون مواجهة عشرات الألوف، وهم بضع عشرات من الأفراد، فإن جماهيرهم في مكة وما والاها لم يأتوا، ولن يستطيعوا أن يأتوا معهم..
فلما بلغ "صلى الله عليه وآله" غدير خم، نزلت الآيات الآمرة له بلزوم إنجاز المهمة التي كلفه الله تعالى بها، ونزل معها تهديد صريح لأولئك المعاندين: بأن استمرار اللجاج والعناد سوف يعيد الأمور إلى نقطة الصفر ?وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ..?([365])، الأمر الذي يعني أنه مستعد للدخول معهم في حرب طاحنة، كحرب بدر وأحد، فاضطر هذا الفريق المناوئ، والطامح، والطامع، إلى السكوت.
وبلَّغ النبي "صلى الله عليه وآله" إمامة علي "عليه السلام" في غدير خم، وتظاهر ذلك الفريق بالطاعة، وقدم البيعة لعلي "عليه السلام"، حتى قال له أحدهم: بخ بخ لك يا علي، لقد أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة..
ولا ندري إن كانت هذه البخبخة انحناءً أمام العاصفة؟! أم أنها جاءت لتعبِّر عن حسرة وألم، وعن أمور أخرى لا نحب التصريح بها!!
ولكن الباب بقي مفتوحاً أمامهم للخروج من هذا المأزق.
يقول هؤلاء للناس: صحيح أن النبي "صلى الله عليه وآله" نصب علياً "عليه السلام" في غدير خم، وقد بايعناه، وبخبخنا له.. ولكن استجدت أمور بعد ذلك جعلته "صلى الله عليه وآله" يعدل عن قراره هذا، والله على ما نقول وكيل، فإننا صحابته المحبون المطيعون المأمونون على ما يأمرنا به.
أو أنهم يقولون: إن هذه الأمور جعلت علياً "عليه السلام" نفسه يستقيل من هذا الأمر.. (وقد سرت شائعة بهذا المضمون فعلاً، وتركت آثارها حتى على اجتماع السقيفة نفسه).
فجاءت قضية:
3 ـ تجهيز جيش أسامة:
لتبين بالفعل لا بالقول: أن هؤلاء الطامحين والطامعين كانوا لا يطيعون أمر رسول الله "صلى الله عليه وآله"، حتى مع إصراره عليهم، والتصريح بغضبه منهم، فهو يأمرهم بالخروج مع جيش أسامة، ويلعن من يتخلف عن ذلك الجيش، ولكنهم يصرون على رفض الخروج معه، ويتعللون بأنهم يخافون على النبي "صلى الله عليه وآله" من أن يحدث له حدث في غيبتهم..
وقد يعتذرون أيضاً عن هذه المخالفة: بأنها خطأ فرضته محبتهم له "صلى الله عليه وآله" وخوفهم عليه، ولم تكن ناشئةً عن روح متمردة، أو غير مبالية.
فجاءت قضية:
4 ـ الصلاة بالناس:
حيث إنهم اغتنموا فرصة مرض رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فاحتلوا مكانه في إمامة الصلاة، ربما ليؤكدوا أنهم هم المؤهلون لموقعه "صلى الله عليه وآله" من بعده، وليجعلوا ذلك ذريعة لادعاء أن من يخلف النبي "صلى الله عليه وآله" في إمامة الصلاة هو الذي ينبغي أن يخلفه في غير الصلاة أيضاً..
وقد يَدَّعي بعضهم، أو يَدَّعي لهم محبوهم أيضاً: أن النبي "صلى الله عليه وآله" هو الذي أمرهم بالصلاة، أو أنهم أخبروه فرضي.
ولكن رسول الله "صلى الله عليه وآله" أبطل تدبيرهم هذا أيضاً، وحوَّله إلى إدانة لهم، وصار سبَّة عليهم، وذلك بمجيئه ـ رغم مرضه ـ محمولاً على عاتق علي "عليه السلام" نفسه وشخص آخر. فعزل أبا بكر عن الصلاة، وصلى مكانه.
فهو "صلى الله عليه وآله" لم يكتف بنفي أن يكون قد أمر أحداً بالصلاة مكانه، أو بالقول: بأنه لا يرضى بصلاة من صلَّى في مكانه، بل قرن عدم رضاه هذا، بالفعل والممارسة حين جاء وعزله بنفسه، وفي وسط صلاته، لكي لا يعتذر أحد بأن أبا بكر حين رأى النبي "صلى الله عليه وآله" مقبلاً آثره وقدَّمه..
وبذلك يكون "صلى الله عليه وآله" قد بيَّن أن أبا بكر أقدم على ما لا حقَّ له فيه، إما من حيث فقدانه لشرائط إمامة الصلاة، أو من حيث إن في الأمر سراً أعظم من ذلك، وهو الإعلان بأنه ليس أهلاً لتمثيل رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وأنه ليس فقط لا يستحق المقام الذي يرشح نفسه له، بل هو لا يستحق السكوت والستر عليه لو تصدى، ولو لمثل إمامة جماعة في صلاتهم بل لا بد من المبادرة إلى منعه من ذلك، حتى لو أفضى هذا المنع إلى فضيحته، وسقوطه.
وذلك يدل على: أن هناك أمراً عظيماً أوجب سقوط حرمته، وجرَّده من حقوقه، فما هو ذلك الأمر العظيم يا ترى؟..
وبذلك يظهر: أنه لم تعد هناك حاجة إلى تفهيم الناس أن شرائط إمام الجماعة ـ وهي العدالة، وصحة القراءة، ونحو ذلك ـ تختلف عن شرائط الخلافة والإمامة، إذ لا تحتاج إمامة الجماعة في الصلاة إلى العلم، ولا إلى الشجاعة، ولا إلى أن لا يكون بخيلاً أو جافياً. كما أنها لا تحتاج إلى النصب من المعصوم، ولا غير ذلك من أمور كثيرة ذكرتها الآيات والروايات، ونصت على أنها لا بد منها في الإمامة والخلافة لرسول الله "صلى الله عليه وآله"..
ويعتذرون عن ذلك أيضاً: بأن هذه المبادرة من أبي بكر قد جاءت عن حسن نية، وسلامة طوية، ولم يقصد بها الإساءة إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، بل المقصود بها نيل ثواب الصلاة جماعة..
ولعل عدم الإستئذان في ذلك منه "صلى الله عليه وآله" هو الذي أغضبه "صلى الله عليه وآله"، ولم يكن يظن أن الأمور تصل إلى هذا الحد، ولا شك في أنه قد استغفر الله تعالى من هذا الخطأ غير المقصود.
فجاءت القضية التالية: لتؤكد عدم صحة أمثال هذه الإعتذارات أيضاً:
5 ـ إن الرجل ليهجر:
فقد طلب النبي "صلى الله عليه وآله" كتفاً ودواة، لكي يكتب لهم كتاباً لن يضلوا بعده، فقال عمر: إن الرجل ليهجر أو غلبه الوجع([366]).. فجاءت هذه الكلمة لتكون أوضح في الدلالة، وأصرح في التعبير عن جرأة هؤلاء على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وعن مدى تصميمهم على تحقيق طموحاتهم، والوصول إلى أطماعهم، وعن المدى الذي يمكن أن تصل إليه تصرفاتهم في هذا الإتجاه.. وعن الحرمات التي يمكن أن تهتك من أجل ذلك..
حيث إن النبي "صلى الله عليه وآله" حين طلب في مرض موته: أن يأتوه بكتف ودواة، إنما أراد أن يحرجهم في اللحظة الأخيرة، ليظهروا للناس على حقيقتهم.. وبعد ذلك فإن على الناس أنفسهم أن يعدُّوا للأمر عدته، وأن لا تغرهم الإدعاءات الباطلة، والإنتفاخات الفارغة، وبذلك يكون "صلى الله عليه وآله" قد فتح باباً يستطيع الداخل فيه أن يصل إلى كنه الأمور، ولو بعد مرور الأحقاب والدهور، التي تنأى بالحدث عن المشاهدة، وتمعن في إبهامه.
ولعلهم يعتذرون حتى عن مثل هذا الأمر العصي عن الإعتذار، فيقولون: لقد كانت هذه أيضاً هفوة غير مقصودة، في ساعة فوضى مشاعرية غير محمودة، وقد عضنا ناب الندم لأجل ما صدر، وأكلتنا نيران الحسرة بسبب ما بدر، فبادرنا إلى الله بالإستغفار، وللنبي "صلى الله عليه وآله" بالإعتذار، فقبل عذرنا، ومات وهو راض عنا، وحمَّلنا للناس وصاياه، وعرَّفنا نواياه، وأخبرنا: أن الأمور قد تغيرت، وجاء ما أوجب نقض الهمم، وفسخ العزائم، فيما يرتبط بالبلاغ الذي كان في يوم الغدير.
فجاءت قضية أخرى أوضح وأصرح، وهي:
6 ـ الهجوم على فاطمة ÷:
لقد جاء هجومهم على بيت الزهراء "عليها السلام"، واقتحامه، وما لحقها "عليها السلام" من إهانة وظلم، واعتداء بالضرب، وإسقاط الجنين، ليسقط كل الأقنعة، بل هي قد تلاشت، واهترأت، وتمزقت، وأصبحت أوهى وأكثر حكاية لما وراءها حتى من بيت العنكبوت.
خصوصاً مع تصريح القرآن بطهارة هذه السيدة المظلومة المعصومة، وبوجوب مودتها، ومع تصريح الرسول "صلى الله عليه وآله" بأن من آذاها فقد آذى الله، وهي ابنته الوحيدة، وسيدة نساء أهل الجنة..
وقد فعلوا ذلك في ساعة دفنها لأبيها، وبالتحديد فوق قبره الشريف، وفي مسجده ثم منعوها من البكاء على أبيها وجرعوها الغصص، وساموها أشد الأذى.
فأعلنت "عليها السلام" غضبها عليهم وهَجَرَتْهم إلى أن ماتت، وأوصت أن تدفن ليلاً، ولم ترض بحضورهم جنازتها.
ولكننا مع ذلك لا بد أن نقول: قد يمكن لهؤلاء أن يعتذروا للناس البسطاء من ذلك أيضاً، فيقولون: لعن الله الشيطان، فإن موت رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد أدهش عقولنا، وحير ألبابنا، وأصبحنا نخاف من الذل الشامل، والبلاء النازل. فاندفعنا بحسن نية، وسلامة طوية لتدبير الأمر، ولدفع الفتنة، وللإمساك بالأمور قبل أن ينفرط العقد، ويضيع الجهد، فوقعنا في الهفوات، وارتكبنا الخطيئات، فها نحن نعترف ونعتذر، وقد سعينا لاسترضاء الزهراء "عليها السلام"، ورمنا طلب الصفح منها، ولكنها لم تقبل.
غير أن ما صدر منا لا يعني أننا لا نصلح للمقام الذي اضطلعنا به، بل نحن أهل له وزيادة، وقادرون على القيام بأعباء المسؤولية فيه..
فجاءت القضية الأخيرة، والتي هي:
7 ـ غصب فدك:
لتكون آخر مسمار يدق في نعش ما يدَّعونه لأنفسهم من الفلاح والصلاح، لأنها أبدلت الشك باليقين، وأسفر الصبح لذي عينين، وصرح الزبد عن المخض، وظهر: أن هؤلاء يفقدون حتى أبسط السمات والمواصفات لمن يفترض فيه أن يتولى شؤون الأمة، وأن مقام خلافة النبوة قد أخذ قهراً، كما أظهرته وقائع ما جرى على الزهراء "عليها السلام".
ولنفترض: أن هؤلاء الطامحين والطامعين، والمعتدين والغاصبين، أنكروا ذلك كله، وزعموا: أنهم أكرموا الزهراء "عليها السلام"، ولم يضربوها، ولم يسقطوا جنينها، وزعموا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" لم ينص على علي "عليه السلام"، ولجأوا إلى التشكيك في سند النص المثبت لإمامة علي "عليه السلام"، أو التشكيك في دلالته، أو حاولوا التشكيك في كل القرائن والدلالات والتصريحات، والكنايات، والحقائق والمجازات، في الآيات والروايات المثبتة لإمامته "عليه السلام".
نعم.. لنفترض أنهم أقدموا على ذلك كله، فإن باب المعرفة يبقى مفتوحاً على مصراعيه لكل الأجيال، عبر الأحقاب والأزمان.. وذلك من خلال قضية فدك بالذات.
لقد أراد هؤلاء أن يأخذوا فدكاً، ليقولوا للناس بالفعل قبل القول: إنهم هم الذين يتبوّؤون منصب خلافة الرسول "صلى الله عليه وآله"، وأن ما كان له قد أصبح لهم أيضاً، بحكم كونهم خلفاءه، فلهم الحق في أن يتصرفوا فيما كان يتصرف فيه، والذي كان من شؤونه أصبح من شؤونهم..
واختاروا فدكاً لهذا الأمر؛ لأنها هي الأوضح دلالة، والأعمق أثراً، لأنها في يد بنت الرسول الأعظم "صلى الله عليه وآله" بالذات، وزوجة الرجل الذي يناوئونه، ويواجهونه. فإن مرت هذه المبادرة بسلام، فإن الناس سوف يقولون: إذا كانت سلطة هؤلاء قد طالت علياً "عليه السلام" نفسه، وبنت رسول الله "صلى الله عليه وآله" مباشرة، فماذا عسى يمكن لغيرهم أن يفعل؟!
فاستولوا على فدك، وأخرجوا عمال الزهراء "عليها السلام" منها، بعد سنوات من تملكها والتصرف فيها في حياة رسول الله "صلى الله عليه وآله".. متذرعين بحجج واهية، لا تسمن ولا تغني من جوع.
ولم تطالبهم الزهراء "عليها السلام" بما كان منهم من العدوان عليها وضربها، وإسقاط جنينها، لأن غاية ما يمكن أن ينتج عن ذلك هو إزجاؤهم الكلام المعسول، وإظهار الأسف، واصطناع حالات من التواضع، وهضم النفس والإستعطاف..
ويرى الناس البسطاء: أنهم بذلك قد أدوا قسطهم للعلى.. وسوف يكون المعتدون سعداء لتحويل القضية برمتها إلى قضية شخصية، تخضع لأمزجة الأفراد ولأخلاقياتهم. وربما لا يخطر على بال الكثير من الناس القضية الأساس التي كانت السبب في اندفاعهم للعدوان، وقد لا يدور بخلدهم أن هذا لا يكفي، بل لا بد من معاقبة المجرم، وأن من يرتكب جرائم كهذه فهو لا يصلح لمقام الإمامة والخلافة، وأن ذلك يوجب عليهم أن يتخلوا عن المقام الذي اغتصبوه إلى صاحبه الشرعي، وهو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب "عليه السلام".
ولأجل ذلك أبقت الزهراء "عليها السلام" على موضوع العدوان عليها بعيداً عن الأخذ والرد، وعن الحجاج والإحتجاج. كما أنها لم تستجب لاستدراجاتهم لها فيه، بل أبقت على موقفها الغاضب والرافض، لكل بحث ومساومة إلا بعد الإعتراف بالحق وإلا بعد إرجاعه إلى أهله. وقد حافظت على هذا الموقف إلى أن لحقت بربها، ليبقى ذلك العدوان ماثلاً في وجدان الناس، بعيداً عن الأيدي العابثة، التي تريد إسقاط تأثيره، بصورة أو بأخرى.
والذي حصل من خلال قضية فدك: هو دلالتها على أنهم ما زالوا يفقدون أبسط الشرائط التي تؤهلهم لأبسط مسؤولية، ومن هذه الشرائط المفقودة، شرط الأمانة، فهم غير مأمونين على دماء الناس، كما أظهره فعلهم بالسيدة الزهراء "عليها السلام".
وغير مأمونين على أعراضهم، كما أوضحه هتكهم لحرمة بيتها، وهي التي تقول: خير للمرأة أن لا ترى رجلاً ولا يراها رجل.
وغير مأمونين على أموال الناس، كما أوضحه ما صنعوه في فدك، وفي ميراثها..
فإذا كانوا لا يحفظون أموال ودماء وعرض رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فهل يحفظون دماء وأعراض وأموال الضعفاء من الناس العاديين؟!
وإذا كانوا يجهلون حكم الإرث؛ فقد علمتهم إياه السيدة الزهراء "عليها السلام".
وبعد التعليم، والتذكير، فإن الإصرار يدل على: فقدانهم لأدنى درجات الأمانة والعدل.
فهل يمكنهم بعد ذلك كله ادِّعاء: أنهم يريدون إقامة العدل، وحفظ الدماء، والأعراض، والأموال، وتعليم الناس دينهم، وتربيتهم، وبث فضائل الأخلاق فيهم، وغير ذلك؟
ومن جهة أخرى: فإنهم يفقدون المعرفة بأبده البديهيات في الإسلام، ويكفي للتدليل على ذلك أن نذكر الفقرة التالية من خطبتها، حين بلغها اجتماع القوم على منعها فدكاً، فدخلت على أبي بكر، وهو في حشد من المهاجرين والأنصار، وقالت: أيها المسلمون أغلب على إرثي؟
يا بن أبي قحافة، أفي كتاب الله ترث أباك ولا أرث أبي؟ لقد جئت شيئاً فرياً!
أفعلى عمدٍ تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم؟ إذ يقول: ?وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ?([367]).
وقال: فيما اقتص من خبر يحيى بن زكريا إذ قال: ?فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً، يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ?([368]).
وقال: ?وَأُوْلُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ?([369]).
وقال: ?يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ?([370]).
وقال: ?إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى المُتَّقِينَ?([371]).
وزعمتم: أن لا حظوة لي، ولا أرث من أبي، ولا رحم بيننا، أفخصكم الله بآية أخرج أبي منها؟
أم هل تقولون: إن أهل ملتين لا يتوارثان؟
أولست أنا وأبي من أهل ملة واحدة؟
أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمي؟
فدونكها مخطومة مرحولة، تلقاك يوم حشرك، فنعم الحكم الله، والزعيم محمد، والموعد القيامة، وعند الساعة يخسر المبطلون..
ثم قالت "عليها السلام" لأبي بكر: سبحان الله، ما كان أبي رسول الله "صلى الله عليه وآله" عن كتاب الله صادفاً، ولا لأحكامه مخالفاً! بل كان يتبع أثره، ويقفو سوره. أفتجمعون إلى الغدر اعتلالاً عليه بالزور، وهذا بعد وفاته شبيه بما بغى له من الغوائل في حياته، هذا كتاب الله حكماً عدلاً، وناطقاً فصلاً، يقول: ?يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ?([372]).
ويقول: ?وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ?([373]).
وبيَّن عز وجل فيما وزع من الأقساط، وشرع من الفرائض والميراث، وأباح من حظ الذكران والإناث، ما أزاح به علة المبطلين، وأزال التظني والشبهات في الغابرين. كلا بل سولت لكم أنفسكم أمراً فصبر جميل، والله المستعان على ما تصفون([374]).
وخلاصة القول:
إن الخلافة عن الرسول "صلى الله عليه وآله" تعني: أخذ موقعه، والتصدي لمهماته، التي هي تعليم الأمة دينها، وتربيتها تربية صحيحة وصالحة، وتدبير أمورها وقيادتها إلى شاطئ الأمان، وحفظها من أعدائها، وقيادة جيوشها، والقضاء والحكم فيما اختلفوا فيه، بحكم الله ورسوله.. وما إلى ذلك..
فإذا كان من يجلسون في موقعه، وينتحلون مقامه، لا يعرفون هذه الأحكام البديهية، فكيف استحقوا إمامة الأمة.. وكيف يعلِّمونها أحكام الدين، وشرائع الإسلام، وفيها ما هو دقيق وعميق، ولا يعرفه إلا الأقلون، وكان مما يقل الإبتلاء به، وهو بعيد عن التداول؟!
وإذا كانوا لا يعرفون هذه الآيات القرآنية، التي يعرفها حتى الصبيان، فكيف يعلِّمون الناس القرآن، ويستخرجون لهم دقائقه وحقائقه؟!
وإذا كانوا بعد التعليم والبيان من قبل الزهراء "عليها السلام" في خطبتها هذه بالذات، قد عجزوا عن التعلم، فكيف يمكن لهم التصدي لشرح معاني القرآن، واستكناه أسراره؟!
وإذا كانوا قد عرفوا وأصروا على مخالفة أمر الله تعالى، فأين هي عدالتهم اللازمة لهم في أبسط الأشياء، والمطلوب توفرها في كل مسلم ومؤمن، فضلاً عمن يتبوأ منصب خلافة رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟!
وأين هي الأمانة على دين الله، وعلى أموال المسلمين، وعلى مصالحهم وشؤونهم؟!
وإذا كانوا هم الذين يظلمون الناس في أحكامهم القضائية، فكيف نتوقع منهم أن يحكموا بالعدل في سائر أفراد الأمة؟!
وإذا كانوا هم الطرف في الدعوى، والسبب في المشكلات، فكيف يكونون هم الحكام والقضاة فيها؟!
وإذا كانوا يضربون طرف الدعوى ويظلمونه قبل إدلائه بالحجة، وقبل سماعها منه، فكيف نتوقع أن يجرؤ على الإدلاء بحجته، ويقدم أدلته؟!
وإذا كان هذا الظلم يجري على أقدس إنسان على وجه الأرض، وهو بنت رسول الله "صلى الله عليه وآله"، والتي يرضى الله لرضاها، ويغضب لغضبها، فكيف يكون حال الناس العاديين الذين لا قداسة ولا موقع لهم، ولم يخبر النبي "صلى الله عليه وآله" عنهم بأن الله يرضى لرضاهم، أو يغضب لغضبهم؟!..
وإذا كانوا قد فعلوا ذلك لجهلهم بأحكام القضاء، فكيف صح أن يتصدوا لهذا المقام الذي هو للعارف بالقضاء؟!
وإذا كانوا قد فعلوا ذلك تجاهلاً وتعمداً لترك ما يجب عليهم، فأين هي العدالة في القاضي؟ أليس اشتراطها فيه من أبده البديهيات، وأوضح الواضحات؟!
فقضية فدك إذن أوضحت: أن هؤلاء يفقدون الشرائط الأساسية للإمامة والخلافة، ولا يصلحون لتولي شؤون دجاجة، فضلاً عن أن يكون لهم الحق في الولاية على أحد من البشر، حتى على أولادهم، فكيف يتولون شؤون الأمة بأسرها؟! وتكون قيمة ذلك هذا العدوان الظاهر السافر!!
واللافت هنا: أن هذه الشرائط التي يفقدونها ليست شرائط معقدة، ولا يحتاج الإلتفات إليها، وإدراك صحتها، ولزوم توفرها إلى دراسة وتعمق، ولا إلى أدلة وبراهين، وثقافة ومعارف.
بل يكفي لإدراك لزومها في الحاكم، وكذلك لمعرفة فعلية وجودها فيمن يدَّعيها، إلى أدنى التفات من أي إنسان، حتى لو كان غير مسلم، وغير موحِّد أيضاً؛ لأن من البديهيات الأولية لدى البشر أن من يتصدى لإنجاز أمر، فلا بد أن يملك القدرة والخبرة الكافية فيه..
وهو ما نسميه هنا بعلم الشريعة. ولا بد أيضاً أن يكون أميناً على ما اؤتمن عليه، فلا يحيف، ولا يخون، ولا يظلم فيه..
وأخيراً: نقول:
لنفترض: أن الإنسان قد يسهو عن بعض الأحكام حتى البديهية، وقد يصدر حكماً جائراً أحياناً بسبب غفلة، أو نزوة هوى عرضت، ولكن حين يعود إلى نفسه، ويتهيأ له من ينقذه من غفلته، ويجد الواعظ القريب، والمؤدب اللبيب الذي خالف هواه، وامتثل أوامر مولاه، فإنه يثوب إلى رشده، ويستيقظ من غفلته، ويتوب إلى ربه..
ولا يضر ذلك في صفة العدالة، ولو كان يضر بها، فإن عودته إلى الطريق المستقيم تصلح ما فسد، وتعيد الأمور إلى نصابها..
ولكن هؤلاء القوم ليس فقط لم يستيقظوا، بل هم أصروا على اتباع الهوى بعد البيانات الواضحة، والحجج اللائحة، والتربية الصالحة، ولم يراعوا أية حرمة، ولم يقفوا عند أي حد حتى حدود المراعاة العرفية، والمجاملات العادية، وهذا خلل أخلاقي كبير، لا يبقي مجالاً لإغماض النظر عن الخطأ العارض.
بل هو خطأ مفروض ومحمي بشريعة الغاب، وبقانون القوة الغاشمة، والقهر والظلم..
الأمر الذي يشير: إلى أن عنصر الأخلاق مفقود أيضاً، وهو عنصر هام وضروري للناس جميعاً، فكيف بمن يكون من جملة وظائفه تطهير النفوس، وتربية الأمة على الأخلاق الحميدة، وغرس الفضائل في النفوس، وهدايتها نحو كمالاتها؟!..
فإن هؤلاء يدَّعون: أنهم يستحقون أن يكونوا في موقع رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وأن يقوموا بوظائفه، ويضطلعوا بمهماته.
وقد بين الله سبحانه طرفاً من وظائف النبي "صلى الله عليه وآله"، فقال: ?هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ?([375]).
وبذلك تكون فدك قد حسمت الأمور، وكشفت الحقيقة ـ كل الحقيقة ـ للبشر جميعاً، وبمختلف فئاتهم وطبقاتهم، ومذاهبهم، وأديانهم. ويبقى الباب مفتوحاً أمام الناس كلهم، ليعرفوا الظالم من المظلوم، والمحق من المبطل، والمحسن من المسيء، حتى لو لم تكن هناك نصوص، أو كانت، وادَّعوا أنهم لا يؤمنون بها، ?وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ?([376])، والحاقدون، والحاسدون.
الباب التاسع:
بعد سقوط خيبر
الفصل الأول: لقاء الأحبة.. قدوم جعفر والمهاجرين
الفصل الثاني: المتعة.. ولحوم الحمر الإنسية..
الفصل الثالث: سم النبي ' في خيبر
الفصل الأول:
لقاء الأحبة.. قدوم جعفر والمهاجرين..
قدوم جعفر من الحبشة:
كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" قبل مسيره إلى خيبر، أرسل عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي، عظيم الحبشة، وطلب منه أن يحمل إليه جعفراً وأصحابه. فجهز النجاشي جعفراً وأصحابه بجهاز حسن، وأولاهم بكسوة، وحملهم في سفينتين([377])، وكانوا ستة عشر نفراً، سوى من توفي، أو رجع قبل ذلك([378]).
وأرسل النجاشي معهم ابن أخيه إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" ليخدمه([379]).
ولما فتح الله خيبر, وقدم جعفر بن أبي طالب "عليه السلام" من الحبشة: بعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" مولاه أبا رافع، يتلقاه([380]).
ولما رآه قام إليه واستقبله اثنتي عشر خطوة([381])، ضمه النبي "صلى الله عليه وآله" إلى صدره, وقبل ما بين عينيه, وقال:
لا أدري بأيهما أنا أشد فرحاً (أو أسرّ، أو أشد سروراً) بفتح خيبر؟! أو بقدوم جعفر؟!([382]).
وفي نص آخر: أنه "صلى الله عليه وآله" استقبله اثنتي عشرة خطوة، وقبَّل ما بين عينيه، وبكى وقال: ما أدري بأيهما أنا أشد (سروراً) فرحاً, بقدومك يا جعفر, أم بفتح الله على أخيك خيبر، وبكى فرحاً برؤيته([383]).
بل جاء في رواية أبي هاشم الجعفري عن الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر "عليهم السلام" قال: لما قدم جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة تلقاه رسول الله "صلى الله عليه وآله" على غلوة من معرسه بخيبر([384]).
فلما رآه جعفر أسرع إليه هرولة، فاعتنقه رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وحادثه شيئاً، ثم ركب العضباء، وأردفه، فلما انبعثت بهما الراحلة أقبل عليه، فقال: يا جعفر يا أخ، ألا أحبوك؟ ألا أعطيك؟ ألا أصطفيك؟
قال: فظن الناس أنه يعطي جعفراً عظيماً من المال.
قال: وذلك لما فتح الله على نبيه خيبر، وغنمه أرضها وأموالها وأهلها.
فقال جعفر: بلى فداك أبي وأمي، فعلمه صلاة التسبيح([385]). وهي المعروفة بصلاة جعفر.
وفي رواية: أن جعفراً لما رأى النبي "صلى الله عليه وآله" حجل (أي صار يمشي على رجل واحدة)، إعظاماً منه لرسول الله "صلى الله عليه وآله"([386]).
الوفد القادم مع جعفر:
وقدم مع جعفر سبعون رجلاً عليهم ثياب الصوف، من أهل الصوامع، منهم اثنان وستون من الحبشة، وثمانية روميون من أهل الشام, وقيل: ثمانون رجلاً, منهم ثمانية روميون, وقيل: ثمانون رجلاً, أربعون من أهل نجران، واثنان وثلاثون من الحبشة، وثمانية روميون.
فقرأ عليهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" سورة (يس), فبكوا, وأسلموا, وقالوا: ما أشبه هذا بما كان ينزل على عيسى!!
ولعلهم هم الذين يقال: إنه "صلى الله عليه وآله" قام يخدمهم بنفسه.
فقال له أصحابه: نحن نكفيك يا رسول الله.
فقال: إنهم كانوا لأصحابنا مكرمين([387]).
ونقول:
إن لنا هنا وقفات، هي التالية:
ألف: فتح خيبر وقدوم جعفر, مترابطان:
روي عن الإمام الصادق "عليه السلام"، أنه قال: ما مر بالنبي "صلى الله عليه وآله" يوم كان أشد عليه من يوم خيبر، وذلك أن العرب تباغت عليه([388]). وقد بلغ جمعهم أربعة عشر ألف مقاتل.
لقد كان فتح خيبر أمراً مهماً للغاية، لما كان له من تأثير بالغ في بعث اليأس في قلوب كل القوى المناوئة للإسلام في الجزيرة العربية كلها..
وكان له أيضاً تأثيره القوي في اقتناع قريش بأن عليها أن تحرص على تنفيذ بنود عهد الحديبية, فلا مجال للتعلل, ولا لاختلاق العراقيل, فقد تضاعفت قوة المسلمين عمَّا كانت عليه, إنْ من الناحية الإقتصادية, أو من الناحية العددية, أو لجهة زيادة التحالفات, أو ازدياد النفوذ، والقوة السياسية في المنطقة بأسرها..
كما أن المسلمين قد تخلصوا من عدو يملك خبرة في إثارة الفتن, وفي إثارة الشبهات والشكوك لدى ضعفاء النفوس, أو الذين لا يملكون القدر الكافي من المعرفة والوعي الديني والسياسي, وما إلى ذلك..
وبفتح خيبر أصبح بالإمكان التفرغ لتركيز المعرفة الدينية في نفوس الناس, والعمل على تصدير هذه المعرفة لسائر الأقطار.. وفقاً للمتغيرات التي سوف تأتي بها الرسائل التي بعث بها رسول الله "صلى الله عليه وآله" لملوك الأرض..
كما أنه بذلك: تكون معظم المفردات المطلوبة لبدء تدفق الناس على الإسلام قد توفرت، وأصبح من الضروري الإستعداد لاستقبال عشرات الألوف، الذين سوف يعلنون دخولهم في هذا الدين بين لحظة وأخرى, بمجرد استكمال بعض العناصر التي ليست أساسية, بل يمكن تصنيفها في عداد الأمور الإجرائية, التي تزيل بقايا المخاوف, بزوال ما تبقى من هيبة قوى الشرك والكفر في المنطقة بأسرها..
وكل ذلك يشير: إلى قيمة منجزات حرب خيبر, ودورها في إيصال الأوضاع إلى هذا الحد, وكان قدوم جعفر, ومن معه من أرض الحبشة هو التعبير الواضح عن هذه المرحلة، وعن آثار هذا الحسم العسكري العظيم..
ب: قدوم جعفر قيمة لا تضاهى:
وقد اعتبر رسول الله "صلى الله عليه وآله" نفس قدوم جعفر, هو الأمر الذي لا يضاهى من حيث أهميته وقيمته, وهو الموجب لفرحه "صلى الله عليه وآله" بدرجة فرحه بفتح خيبر، أو يزيد..
ونفس القدوم هو المفرح للنبي "صلى الله عليه وآله"، ولذلك لم يذكر أن سلامة جعفر مثلاً, هي سبب سروره، ولا أشار لأي شيء آخر..
كما أنه "صلى الله عليه وآله" لم يشر: إلى الذين كانوا مع جعفر في الحبشة, وقدموا معه..
فمجرد قدوم هذا الإنسان يوازي فتح خيبر، أو هو أعظم وأهم من ذلك عند الله ورسوله.. مع أن ذلك الفتح قد استوجب جهداً وجهاداً, وقُدِّم فيه شهداء!! كما أنه أعطى تلك النتائج العظيمة التي أشرنا إليها في الفقرة السابقة..
وهذا يدلنا على: أن القيمة ـ كل القيمة ـ هي لجعفر من حيث هو إنسان إلهي خالص، لا لقرابته النسبية وكونه ابن عم الرسول "صلى الله عليه وآله"، ولا لفروسيته وشجاعته في الحرب، ولا لأي شيء من المزايا التي تطلب في هذه الحياة الدنيا..
والدليل على ذلك: أن الرسول "صلى الله عليه وآله" لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى, ولم يكن ليبخس الناس أشياءهم, فيحكم بأن: استشهاد الشهداء، وتحقيق انتصار بهذا الحجم العظيم؛ أدنى قيمة أو يساوي في قيمته قدوم جعفر، لمجرد كونه ابن عمه، أو لكونه شجاعاً، أو صديقاً، أو نحو ذلك.. بل هو تعبير عن ميزان القيمة عند الله تعالى، ووفقاً للمعايير الإلهية الصحيحة..
ولا نجد في جعفر أية خصوصية توجب منحه هذا الوسام, إلا أنه ذلك الإنسان الإلهي, الذي جسد حقائق الإسلام في عمق وجوده وذاته، لتصبح تلك الحقائق عقله، ووعيه, وخلقه, وحركته وموقفه, ويصبح كل وجوده فانياً في الإسلام, ويصبح كل الإسلام متجسداً فيه..
ج: عودة ظفر:
ومع غض النظر عن ذلك كله نقول:
لا شك في أن جعفراً قد عاد ظافراً من بلاد كانت تدين بالنصرانية، حيث استطاع أن يترك فيها أعظم الأثر حين أقنع ملك تلك البلاد بالدخول في الإسلام. ولا شك أيضاً في أن إقناع ملك ـ يملك درجة عالية ومتميزة من المعرفة والبصر بالأمور تخوله أن يسوس أمة بأسرها ـ بأن يدخل في دين جديد يتعرض في تعاليمه وأحكامه لكل تفاصيل حياته وسلوكه، وربما يؤثر على ما يتمتع به من امتيازات.
نعم، إن اعتناقه لدين له هذه المواصفات يعتبر إنجازاً عظيماً، إذا قورن بما جرى لنفس النبي "صلى الله عليه وآله" الذي جاء بهذا الدين مع قومه وعشيرته، وفي نفس بلده..
وقد تزامن قدوم جعفر مع انتصار عظيم جداً على أتباع ديانة أخرى كانت تشكل نموذجاً يحتذى بعند بعض العرب، بل كثير منهم كقوة حضارية وإقتصادية وثقافية، دفعهم إستكبارهم وحبهم للدنيا إلى إنكار المسلمات، والتعالي والإستكبار عن قبول الواضحات، وشن حرب مدمرة وباغية، فأبار الله تعالى كيدهم، وأسقط بغيهم، ودارت الدوائر عليهم.
د: أم بفتح الله على يد أخيك:
إن الرواية المتداولة هي تلك التي تقول: "ما أدري بأيهما أنا أسرّ، بقدوم جعفر، أم بفتح خيبر"؟!
ولكن الرواية الأخرى, تقول: "بقدومك يا جعفر, أم بفتح الله على يد أخيك خيبر"؟!
ونرى أن هذه الرواية: تضمنت خصوصيات هامة جداً, قد يكون هناك من الرواة من لا يحب لفت النظر إليها, ولذلك اختصر الكلام, وأبعد تلك اللطائف والمعاني عن دائرة التداول.
ونذكر من هذه اللطائف ما يلي:
1 ـ إنه "صلى الله عليه وآله" قد نسب الفتح إلى الله تعالى مباشرة. وفي ذلك إعلان بالمزيد من التكريم لعلي "عليه السلام"، الذي استحق أن ينال شرف تجسيد الإرادة الإلهية, وإجرائها بكل عزم، وحزم، وقوة, واندفاع..
2 ـ إن توجيه الخطاب إلى جعفر لهو أمر يسعده, ويبهجه ويلذه, ويعطيه نفحة من السكينة والرضا, والإعتزاز بهذا التكريم الإلهي له..
3 ـ إن ذكر أخوَّة علي "عليه السلام" لجعفر, سوف يثير فيه أيضاً شعوراً آخر بالرضا والبهجة, والسعادة, لما يتضمنه من الإلماح إلى أن له شراكة في فتح خيبر أيضاً، وفي الرعاية الإلهية أيضاً، من خلال رابطة الأخوة القائمة بينه وبين علي "عليه السلام"، الذي فتح الله تعالى خيبر على يديه..
4 ـ إن نفس تكريس حقيقة أن يكون الفتح على يد علي "عليه السلام", وحرمان كل الآخرين من هذا الشرف العظيم، يعد خدمة عظيمة لهذا الدين, لأن الفتح الإلهي لا يكون على يد من يريد أن يستفيد من هذا الفتح في احتكار الإمتيازات لنفسه أو لفريقه, أو من يريد أن يحقق هذا الفتح, ولو بقيمة أن يظلم الناس, أو أن يتخذ منه ذريعة للإستطالة عليهم, وإذلالهم, أو من أجل تكريس واقع يأمر الله تعالى بنقضه وتغييره..
بل الفتح الذي تصح نسبته إلى الله تعالى هو ذلك الذي يكون بيد الأولياء والأصفياء، والأتقياء المخلصين, الذين يريدون وجهه في كل فعل، وقول، وموقف.
هـ: حقيقة لا بد من الجهر بها:
وبعد.. فإن من يدرس الوقائع التي مرت في تاريخ الإسلام، وبالتحديد في عصر رسول الله "صلى الله عليه وآله" يجد: أن المفاصل الأساسية، والمواقف المصيرية لهذا الدين قد أنجزت على يد خصوص هذا النوع الفريد من الناس، وبالتحديد على يد أهل البيت النبوي الطاهر، وعلى رأسهم أمير المؤمنين "عليه السلام"..
ويبقى سائر الناس في حشودهم، وفي عديدهم مجرد كثرات، ليس لها إلا أدوار هامشية، وغير ذات أهمية، حتى إذا أزف وقت تحقيق الإنجاز الكبير، تجدهم يغادرون الساحة، مع حفظ ماء الوجه أحياناً، وبدون ذلك أحياناً أخرى..
فغزوة بدر مفصل أساسي وحساس، كان العبء الأكبر فيها يقع على كاهل علي "عليه السلام" بالدرجة الأولى، ثم من معه من بني هاشم، مثل حمزة، وغيره من أبناء عبد المطلب..
وفي أُحد يكون ثمة كثرة وعديد، ولكنها تنسحب من الساحة بخفة، وذل، ولا تعود العزة لها إلا بسيف علي "عليه السلام".
وهكذا جرى في غزوة بني قريظة، وخيبر، وفي الخندق، وحنين، وفي ذات السلاسل.. وفي غير ذلك من المواقف.. التي تظهر فيها التبجحات والإستعراضات للكثرة التي لا تلبث أن تسقط أمام التحدي، ثم يكون سيف علي "عليه السلام" هو المنقذ والمخلص..
وفي غير حالات الحرب أيضاً تبقى المفاصل الحساسة والأساسية رهينة بتضحيات وجهاد وجهود علي "عليه السلام"، بالإضافة إلى دفاعه عن الدين بعلومه، وبذل معارفه، وظهور حجته على كل أعداء الإسلام، والمشككين فيه.
ومن نماذج ذلك أيضاً: فداء علي "عليه السلام" للنبي "صلى الله عليه وآله"، في شعب أبي طالب، وفي المبيت على الفراش ليلة الغار، ومواقفه في الحديبية، وفي تبليغ سورة براءة، وفي مختلف المواقف.. فهو الحامي، والمنقذ، والمضحي في سبيل الله، والمطيع لله ولرسوله..
وكانت احتجاجاته على أهل الملل والنحل بعد رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وحله للمعضلات العلمية، والفقهية، والسياسية، وغير ذلك، دليل صدق على إخلاص علي "عليه السلام"، وصحة جهاده.
وتبقى الكثرة هي التي تستفيد، وتستغل الظروف، بل وتظلم أهل الحق، والخير، وتغتصب حقوقهم باسم الدين. ويكون هؤلاء هم العبء الثقيل، والسيف الصقيل، والعدو في صورة الصديق والخليل، الذي يشغل المخلصين بمؤامراته، وبالأجواء المسمومة التي يثيرها، وبالمتاعب والمشكلات التي يتسبب بها. فإنا لله وإنا إليه راجعون..
و: رشحة من أخلاقيات الإسلام:
وفي قيام الرسول الأعظم "صلى الله عليه وآله" بنفسه لخدمة الوفد القادم من الحبشة تجسيد عملي لأخلاقيات الإسلام، التي تفرض على الإنسان المؤمن عرفان الجميل لأهله، وإعطاء كل ذي حق حقه..
وكان يكفي أن يقوم بعض رجالات المسلمين بإكرام ذلك الوفد، وإظهار المزيد من الحفاوة به.. ولكن رسول الله "صلى الله عليه وآله" أراد أن يعرف الناس: أن القضية أسمى من أن تكون مجرد مبادلة موقف بموقف، وفق ما تقتضيه المصالح، والظروف؛ بل هي حالة حقيقية، تدخل في عمق الروح، وفي تكوين الذات، لتصبح جزءاً من الكيان، وحقيقة كامنة في حنايا وجوده الإنساني..
وليصبح ذلك درساً حقيقياً في الدور الذي يجب أن تضطلع به القيم والمثل العليا في حياة البشر، من حيث هيمنتها على الفكر، وعلى المشاعر، وعلى الوجدان، والضمير الإنساني..
فإن هذه القيم ليست مجرد وسائل وأدوات توصل إلى الغايات والأهداف، بل هي وعي وخلق إنساني، متمازج مع الحقيقة الإنسانية، ومرتبط بالواقع الإيماني في العمق..
هجرتان لمهاجري الحبشة:
قال أبو موسى الأشعري: ودخلت أسماء بنت عميس، وهي في من قدم معنا يومئذٍ على حفصة زوج رسول الله "صلى الله عليه وآله" زائرة، وقد كانت هاجرت إلى النجاشي فيمن هاجر إليه، فدخل عمر على حفصة، وأسماء عندها، فقال عمر حين رأى أسماء: من هذه؟
فقالت: أسماء بنت عميس.
فقال عمر: سبقناكم بالهجرة، نحن أحق برسول الله "صلى الله عليه وآله".
قال: فغضبت، وقالت: كلا والله يا عمر، كنتم مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" يطعم جياعكم، ويعلم جاهلكم، وكنا في دار (أو أرض) البعداء البغضاء بالحبشة، وذلك في الله وفي رسوله.
وأيم الله لا أطعم طعاماً، ولا أشرب شراباً حتى أذكر ما قلت لرسول الله "صلى الله عليه وآله" وأساله، والله لا أكذب، ولا أزيغ، ولا أزيد على ذلك.
فلما جاء رسول الله "صلى الله عليه وآله" قالت: يا نبي الله!! إن رجالاً يفخرون علينا، ويزعمون: أنَّا لسنا من المهاجرين الأولين.
فقال: "من يقول ذلك"؟
قلت: إن عمر قال: كذا وكذا.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "ما قلت له"؟
قالت: قلت له: كذا وكذا.
قال: "ليس بأحق بي منكم، له ولأصحابه هجرة واحدة، ولكم أنتم ـ أهل السفينة ـ هجرتان".
قالت: فلقد رأيت أبا موسى وأصحابه يأتوني أرسالاً يسألوني عن هذا الحديث، ما من الدنيا شيء هم أفرح، ولا أعظم في أنفسهم مما قال لهم رسول الله "صلى الله عليه وآله".
قال أبو بريدة: قالت أسماء: ولقد رأيت أبا موسى، وإنه ليستعيد هذا الحديث مني، وقال: لكم الهجرة مرتين([389]).
ونقول:
1 ـ مما لا شك فيه: أن عمر بن الخطاب كان يعلم بأن الذين هاجروا إلى الحبشة، قد تركوا أوطانهم، وأهليهم، وأموالهم، وأحباءهم وهاجروا إلى الله تعالى فراراً بدينهم، إلى بلاد الغربة، حيث لا يعلمون ما سوف يواجههم فيها من مصائب وبلايا، ونكبات ورزايا..
وكان يعلم أيضاً: أنهم لم يعودوا إلى بلادهم، وأوطانهم، وبيوتهم، وعشائرهم، بل عادوا إلى بلاد أخرى، ليواصلوا جهادهم ضد أعداء الله، معتصمين بالصبر، وبالتوكل عليه.
فما معنى أن يثبت لنفسه امتيازاً على أولئك الذين قضوا حوالي خمس عشرة سنة في بلاد الغربة؟!. وكيف يكون قد سبقهم إلى الهجرة؟!..
2 ـ لماذا يعمد عمر إلى أسماء بنت عميس ليواجهها بهذا الكلام؟ ويترك جعفر بن أبي طالب نفسه، فلا يقول له ذلك؟!..
أم أنه كان يخشى من أن يُسْمِعَه جعفر الجواب الشافي والكافي، ويسرع في إبطال خطته، التي يريد من خلالها أن يتوصل إلى بعض الأهداف الحساسة؟..
أما أسماء فقد يوهم حالها: أنها غير قادرة على دفع هذه الشبهة، وذلك يهيئ لهذه الشبهة سبيل الإنتشار، ويترتب على ذلك ما يتوخاه لها من نتائج وآثار!!
3 ـ ألا ترى معي: أن هذا الرجل يريد أن يثير الشبهة حول الدلالات الحاسمة لموقف رسول الله "صلى الله عليه وآله" من جعفر زوج أسماء، بعد أن سمع النبي "صلى الله عليه وآله" يعتبر قدومه موازياً لفتح الله تعالى خيبر، على يد أخيه علي "عليه السلام"؟!..
4 ـ كما أنه يريد أن يضعف موقف، ويقلل من أهمية شخص يتوسم فيه أن يكون النصير والعضد القوي لعلي "عليه السلام"، ذلك الذي يخطط عمر بن الخطاب وحزبه للإستيلاء على حقه في الخلافة بعد رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
5 ـ إن إجابة أسماء له أوضحت: أنها كانت تتهم الذين يتبجحون ببقائهم مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" بأن بعضهم ربما لا يكون مخلصاً في اتباعه له "صلى الله عليه وآله"، بل كان يجري وراء الحصول على شيء من حطام الدنيا.
ولعل ما يشير إلى ذلك أنها صرحت بأن بعض هؤلاء كان يبحث عن الطعام والغنائم وغير ذلك من المنافع، التي هيأها لهم قربهم من النبي "صلى الله عليه وآله".
ولذلك قالت له: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" كان يطعم جائعهم، ويعلم جاهلهم..
وأما الذين لا مجال للشك في إخلاصهم، فهم الذين لم يكونوا يتوقعون شيئاً من ذلك، وهم أولئك الذين كانوا في أرض البعداء البغضاء في الحبشة، ولا غاية لهم إلا رضا الله تعالى، ورضا رسوله "صلى الله عليه وآله"..
بل إن بعض هؤلاء قد مارس أبشع أنواع الجرائم في سياق غصبه لمقامات جعلها الله تعالى لأهلها ولم يكن اولئك الغاصبون من أهلها.
6 ـ ولعل أسماء قد شعرت: بأن وراء الأكمة ما وراءها، فإن هذا الموقف من عمر لم يكن بلا سبب، فآثرت أن تطلع النبي "صلى الله عليه وآله" عليه، لتشارك في إفشال أمرٍ ربما يكون قد بُيِّتَ بليل..
7 ـ واللافت هنا: حلفها لعمر: أنها سوف تكون في نقلها لرسول الله "صلى الله عليه وآله" غاية في الدقة، ربما لتضيع على المتضررين من ذلك فرصة التشكيك في سلامة النقل، ليجدوا من خلال هذا التشكيك السبيل إلى إبطال تبعات هذا التصرف. ولعلهم يتمكنون من مواصلة مشروعهم، الذي أرادوا لهذه المبادرة أن تكون إحدى خطواتهم إليه.
8 ـ ويأتي موقف الرسول "صلى الله عليه وآله" الحازم والحاسم، الذي يقطع الطريق على أي تأويل، ويسد على الآخرين منافذ التخلص والتملص من آثار هذه الفضيحة..
بل إن ما قاله الرسول الأعظم "صلى الله عليه وآله" قد أكد على عظمة جعفر، وقذف بمناوئيه بعيداً عن ساحة الكرامة، ليعيشوا في ظلمات الفشل والحسرة، والندامة..
9 ـ ولا ندري إن كان عمر بن الخطاب هو المصدر الأساس لمقولة: "سبقناكم بالهجرة"، إذ أظهرت النصوص: أنه كان هناك فريق كامل يتبنى هذه الفكرة، ويروج لها، ويشيعها، حيث ستأتي الرواية عن أبي موسى الأشعري، لتقول: "فكان أناس يقولون لنا (يعني أصحاب السفينة): سبقناكم بالهجرة"([390]).
الأشعريون.. هم المحور!!
روي عن أبي موسى الأشعري، قال: لما بلغنا مخرج النبي "صلى الله عليه وآله" ونحن باليمن، فخرجنا مهاجرين إليه، أنا وإخوان لي، أنا أصغرهم، أحدهم أبو رُهم، والآخر أبو بردة؛ إما قال: في بضع، وإما قال: في ثلاثة أو اثنين وخمسين رجلاً من قومي.
فركبنا سفينة ـ قال ابن مندة: حتى جئنا مكة ـ ثم خرجنا في بر حتى أتينا المدينة ـ فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة، فوافقنا جعفر بن أبي طالب وأصحابه عنده.
فقال جعفر: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" بعثنا، وأمرنا بالإقامة، فأقيموا معنا.
فأقمنا معه حتى قدمنا جميعاً، فوافقنا رسول الله "صلى الله عليه وآله" حين فتح خيبر، قال: فأسهم لنا، وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر شيئاً إلا من شهد معه، إلا أصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه، قسم لهم معنا،
وذكر البيهقي: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" سأل الصحابة أن يشركوهم، ففعلوا ذلك([391])، انتهى.
قال: فكان أناس يقولون لنا ـ يعني أصحاب السفينة ـ: سبقناكم بالهجرة.
وقبل قدومهم، قال "صلى الله عليه وآله": يقدم عليكم قوم هم أرق منكم قلوباً. فقدم الأشعريون، وذكر أنهم عند مجيئهم صاروا يقولون: غداً نلقى الأحبة، محمداً وحزبه([392]).
ونقول:
إن لنا ههنا وقفات هي التالية:
1 ـ رقة قلوب الأشعريين:
إن الحديث عن رقة قلوب الأشعريين قد روي بنحو آخر، وهو: أنه "صلى الله عليه وآله" قال في حقهم: أتاكم أهل اليمن، هم أضعف قلوباً، وأرق أفئدة. الفقه يمان، والحكمة يمانية([393]).
فأي القولين هو الصحيح؟!
أم أن الشك لا بد أن يسري إلى كلا هذين القولين؟!
مع ملاحظة: أن هذا النص الثاني قد وصفهم بضعف القلوب، لا برقتها، وليس في هذا الوصف مدح لهم كما هو ظاهر.
2 ـ إشراكهم في الغنيمة:
صرحوا: بأن الدوسيين قد وصلوا إلى خيبر أيضاً حين فرغ النبي "صلى الله عليه وآله" من حصن النطاة، فإن كانوا قد اعتزلوا القتال، فلماذا اعتزلوه؟
ولماذا يعطيهم النبي "صلى الله عليه وآله" من الغنائم؟
وإن كانوا قد شاركوا في فتح سائر الحصون، فيستحقون من الغنائم مثل ما يستحقه الآخرون.. ولا يحتاج "صلى الله عليه وآله" إلى استئذان المسلمين بإشراكهم في الغنيمة..
وإذا كان "صلى الله عليه وآله" قد أعطاهم من حصني الوطيح والسلالم، فإنه لم يكن بحاجة إلى الإستئذان من أحد من المسلمين فيهما أيضاً، لأنهما كانا خالصين له "صلى الله عليه وآله".
وقد ذكر موسى بن عقبة: أنه "صلى الله عليه وآله" أحذى الأشعريين والدوسيين من الوطيح والسلالم، اللذين فتحا صلحاً "وتكون مشاورة رسول الله "صلى الله عليه وآله" في إعطائهم، ليست استنزالاً لهم عن شيء من حقهم، وإنما هي المشورة العامة"([394])، لأن ما يفتح صلحاً يكون خاصاً وخالصاً لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، فإن أعطى منه أحداً شيئاً فيكون قد أعطاه من ماله، لا من مال المسلمين..
ولو فرضنا: أنه "صلى الله عليه وآله" قد أعطاهم من النطاة والشق، من الأرض فقط، فلا إشكال أيضاً، لأن ذلك للمسلمين جميعاً، ولا يحتاج إلى إذن أحد في ذلك..
ولعلهم أضافوا: مقولة الإستئذان ليصححوا ما يذهبون إليه: من أن ما يؤخذ بالحرب فهو لخصوص الغانمين، سواء أكان أرضاً، أم مالاً منقولاً، أم نخلاً وشجراً..
قسم لجعفر وأصحابه:
والذي نعتقده: هو أن النبي "صلى الله عليه وآله" إنما قسم لجعفر وأصحابه دون كل من عداهم.
ويوضح ذلك: ما رواه ابن سعد عن أبي موسى الأشعري نفسه، فقد قال: "قال: فما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر منها شيئاً إلا لمن شهد معه، إلا أصحاب السفينة، جعفر وأصحابه قسم لهم معهم، وقال: لكم الهجرة مرتين: هاجرتم إلى النجاشي، وهاجرتم إليّ"([395]).
وروى ابن إسحاق عن أسماء بنت عميس، والمسعودي عن الحكم بن عتيبة: أن جعفراً وأصحابه قد قدموا من أرض الحبشة، بعد فتح خيبر، فقسم لهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" في خيبر([396]). ولعله "صلى الله عليه وآله" أعطى أحد الأشعريين والدوسيين شيئاً من ذلك تفضلاً منه وتكرماً، ولكنه لم يقسم لهم، وإنما قسم لخصوص جعفر وأصحابه كما ذكرنا.
3 ـ منافسون لمهاجري الحبشة:
وقد لاحظنا على الروايات المتقدمة: أن ثمة رغبة قوية في إيجاد منافسين لأصحاب السفينة، وهم جعفر رضوان الله تعالى عليه وأصحابه..
ونحن نوجز مؤاخذاتنا هذه في ضمن أسئلة لا تجد لها أجوبة مقنعة، فنقول:
زعم أبو موسى الأشعري: أن سفينتهم التي جاءت بهم من اليمن قد ألقتهم إلى النجاشي بالحبشة، فوافقوا جعفراً وأصحابه عنده، وأن جعفراً طلب منهم أن يقيموا معهم، فأقاموا حتى قدموا جميعاً، فوافقوا رسول الله "صلى الله عليه وآله" وقد فتح خيبراً.. فأسهم "صلى الله عليه وآله" لهم، وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر إلا لأصحاب سفينتهم مع جعفر وأصحابه، قسم لهم معهم.
فلم نفهم السبب فيما فعلته تلك السفينة العجيبة بهم، حيث إنهم أرادوها أن تأخذهم إلى الحجاز، فأخذتهم إلى الحبشة!!
فهل أرادت أن تفرض عليهم رحلة سياحية لم يكونوا ليقوموا بها باختيارهم؟!
أو أن أصحابها لا يعرفون الخرائط البحرية، واليمين من اليسار، ولا يفرقون بين الحجاز والحبشة، بسبب دوار كان ألمَّ بهم، وأفقدهم القدرة على التركيز، وعلى التمييز؟!
وهل كان النجاشي بانتظارهم على ساحل البحر؟!
أم أنهم هم الذين سألوا عنه، وقصدوه إلى بلده، وإلى دياره؟! وسألوا الناس عنه وعن جعفر؟!
ولقائل أن يقول: إن عبارة :"ركبنا سفينته حتى جئنا مكة، ثم خرجنا في بر حتى أتينا المدينة، فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي"، ليس فيها إشكال، ولا يرد عليها سؤال: كيف أن سفينتهم أوصلتهم إلى مكة، ثم ساروا براً حتى وصلوا إلى المدينة؟!
فما معنى: عودة السفينة إلى الظهور لتأخذهم على غفلة منهم إلى الحبشة؟!
وذلك لأن الناقل قد مزج بين الروايات المختلفة، وكان يورد نصاً ثم أقحم نصاً آخر، ثم عاد إلى النص الأول.
ولكن ذلك وإن كان يمكن أن يكون مقنعاً ومقبولاً في رد ذلك الإشكال المذكور آنفاً، ولكنه لا يدفع شيئاً من التساؤلات التي سيأتي شطر منها أيضاً، كما أنه لا يجعل قائمة التساؤلات تنتهي عند هذا الحد، خصوصاً، وأن أبا موسى قد جعل جعفراً وأصحابه تابعين له ولأصحابه، حتى قال: "قسم لهم معنا". وكأن هذا التكريم كان لخصوص أبي موسى وأصحابه.
4 ـ لم تصل سفينتهم إلى الحبشة:
ويظهر من العسقلاني: أن أبا موسى وأصحابه لم يصلوا إلى الحبشة، فقد قال عن أبي موسى: "صادفت سفينته سفينة جعفر بن أبي طالب، فقدموا جميعاً"([397]).
وهذا معناه: أنهم التقوا في الطريق، وأن سفينة جعفر وأصحابه غير سفينة أبي موسى وأصحابه، فما معنى جعلهما سفينة واحدة، والحديث عنهم جميعاً بأسلوب واحد؟!
5 ـ أبو موسى يعترف:
وثمة نص آخر يدل: على أن أبا موسى لا ربط له بأهل السفينة، وهو ما تقدم في قضية الصدام الذي جرى بين أسماء بنت عميس وعمر بن الخطاب، حيث إنها بعد أن اشتكت لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، وجاء الموقف النبوي مؤيداً مسدداً لها، قالت: "..ولقد رأيت أبا موسى، وإنه ليستعيد هذا الحديث مني، وقال: لكم الهجرة مرتين"!!([398]).
6 ـ لم يقسم لمن غاب إلا لجابر:
وبعد.. فقد قال أبو موسى الأشعري: "فأسهم لنا، وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر شيئاً إلا من شهد معه، إلا أصحاب سفينتنا..".
مع أنهم مجمعون: على أنه "صلى الله عليه وآله" قد أسهم لجابر بن عبد الله الأنصاري، وكان غائباً عن خيبر([399]).
زواج النبي ' بأم حبيبة:
وكان من جملة من قدم معهم من بلاد الحبشة أم حبيبة بنت أبي سفيان. فإنها كانت ممن هاجر الهجرة الثانية للحبشة مع زوجها عبد الله بن جحش، فارتد عن الإسلام هناك وتنصر، ومات على ذلك، وبقيت هي على إسلامها. وقد أرسل "صلى الله عليه وآله" عمرو بن أمية الضمري في المحرم افتتاح سنة سبع إلى النجاشي ليتزوجها منه "صلى الله عليه وآله".
قالت أم حبيبة: رأيت في المنام، كأن قائلاً يقول لي: يا أم المؤمنين، ففزعت، فأولتها: بأن رسول الله "صلى الله عليه وآله" يتزوجني.
قالت: فما شعرت إلا وقد دخلت عليَّ جارية النجاشي، فقالت لي: إن الملك يقول لك: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" كتب إليه أن يزوجك منه، ويقول لك: وكِّلي من يزوجك.
فأعطتها بعض الأموال لبشارتها هذه، ثم أرسلت بالوكالة إلى خالد بن سعيد.
فلما كان العشي أمر النجاشي جعفر بن أبي طالب ومن معه من المسلمين فحضروا، وخطب النجاشي رضي الله عنه، فقال:
الحمد لله الملك القدوس، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأنه الذي بشَّر به عيسى بن مريم "عليه السلام".
أما بعد.. فإن رسول الله "صلى الله عليه وآله" كتب إلي: أن أزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان، فأجبنا إلى ما دعا إليه رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وقد أصدقها أربع مائة دينار.
وفي لفظ: أربع مائة مثقال ذهب.
وسكب الدنانير بين يدي القوم.
فتكلم خالد بن سعيد بن العاص، فقال: الحمد لله، أحمده وأستعينه، وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، أرسله ?بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ?([400]).
أما بعد.. فقد أجبت إلى ما دعا إليه رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وزوَّجته أم حبيبة بنت أبي سفيان. فبارك الله لرسول الله "صلى الله عليه وآله".
ودفع النجاشي الدنانير لخالد بن سعيد، فقبضها منه.
وقيل: إنه أنقدها لها النجاشي على يد جاريته التي بشرتها، فلما جاءتها بتلك الدنانير أعطتها خمسين ديناراً.
ثم لما أرادوا أن يقوموا بعد العقد، قال لهم النجاشي: اجلسوا، فإن من سنن الأنبياء "عليهم الصلاة والسلام" إذا تزوجوا أن يؤكل طعام على التزويج، فدعا بطعام، فأكلوا ثم تفرقوا.
قالت أم حبيبة: فلما كان من الغد جاءتني جارية النجاشي فردت عليَّ جميع ما أعطيتها، وقالت: إن الملك عزم علي أن لا أرزأك شيئاً. وقد أمر الملك نساءه أن يبعثن إليك بكل ما عندهن من العطر.
فجاءت بورس وعنبر وزباد كثير.
قالت: حاجتي إليك: أن تقرئي رسول الله "صلى الله عليه وآله" مني السلام، وتعلميه أني قد اتبعت دينه.
وكانت كلما دخلت عليَّ تقول: لا تنسي حاجتي إليك. ثم أرسل النجاشي أم حبيبة مع شرحبيل بن حسنة([401]).
ونقول:
إن ههنا وقفات، كما يلي:
حتى بنت أبي سفيان:
إن النبي "صلى الله عليه وآله" كان يرعى كل من أعلن إسلامه، حتى لو كان بعيداً عنه مئات الأميال.. وحتى لو كان امرأة، وكانت هذه المرأة هي بنت أبي سفيان الذي لم يزل يسعى في سفك دمه "صلى الله عليه وآله" بكل حيلة ووسيلة.
مهر أم حبيبة:
ذكر النص المتقدم: أن النجاشي قد ساق إلى أم حبيبة أربع مائة دينار أو أربع مائة مثقال من الذهب..
ونقول:
إن الصحيح هو الأول، فقد روي عن الإمام الباقر "عليه السلام" أنه قال: أتدري من أين صار مهور النساء أربعة آلاف؟
قلت: لا.
فقال: إن أم حبيبة بنت أبي سفيان كانت في الحبشة. فخطبها النبي "صلى الله عليه وآله"، وساق إليها عنه النجاشي أربعة آلاف درهم([402]).
أم حبيبة لم تكن في مستوى الحدث:
وقد كان المفروض بأم حبيبة، التي شرفها رسول الله "صلى الله عليه وآله"، بأن جعلها أماً للمؤمنين: أن تكون عند حسن ظنه "صلى الله عليه وآله" بها، وأن تحفظه في قرباه، وفي أهدافه، وفي كل ما يحب..
ولكن التاريخ يحدثنا عنها بما لم نكن نتوقعه، فإنها انساقت بعد وفاته "صلى الله عليه وآله" بالإتجاه الآخر، فقد ذكروا:
1 ـ أنها بعثت بقميص عثمان مخضباً بدمائه مع النعمان بن بشير إلى أخيها معاوية([403]).
2 ـ لما بلغها قتل محمد بن أبي بكر وإحراقه شوت كبشاً، وبعثت به إلى عائشة، تشفياً بقتله "رحمه الله"، بطلب دم عثمان.
فقالت عائشة: قاتل الله ابنة العاهرة. والله لا أكلت شواء أبداً([404]).
3 ـ وحين نزل قوله تعالى: ?تُرْجِي مَن تَشَاء مِنْهُنَّ..?([405]) أي تعتزل. كان ممن عزل أم حبيبة([406]).
مع من قدمت أم حبيبة؟!
قد يقال: بوجود تناقض بين ما روي: من أن أم حبيبة قدمت في سفينة جعفر وأصحابه.. وبين نفس ذلك النص الذي يعود، فيقول: إن النجاشي قد أرسلها مع شرحبيل بن حسنة..
ويجاب بأن المراد: أنها وإن كانت في السفينة، لكن النجاشي جعل مسؤولية رعايتها، وتلبية حاجاتها على عاتق شرحبيل..
الفصل الثاني:
المتعة.. ولحوم الحمر الإنسية..
النهي عن المتعة في خيبر:
وزعموا: أن علياً "عليه السلام" روى عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" أنه: قد نهى عن المتعة وعن لحوم الحمر الإنسية يوم خيبر([407]).
وذكر الواقدي: أن النبي "صلى الله عليه وآله" أمر بخيبر منادياً فنادى: أن رسول الله ينهاكم عن الحمر الإنسية، وعن متعة النساء([408]).
وفي بعض المصادر: أن منادي رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد نادى يوم خيبر: ألا إن الله ورسوله ينهاكم عن المتعة.
ونقول:
إن لنا على ما تقدم العديد من الملاحظات، ونذكر منها ما يلي:
1 ـ هي خبر واحد:
إن الرواية المعتمدة في إثبات هذا الأمر منحصرة في علي "عليه السلام"، برواية ولده محمد عنه "عليه السلام"، ثم رواية ولدي محمد، وهما الحسن وعبد الله عن أبيهما محمد هذا..
فكيف يمكن أن نصدق هذا في حين أن هذا النداء قد سمعه ألف وخمس مائة رجل أو أكثر؟!
ومع توفر الدواعي على نقله؟!
فلماذا أحجم هؤلاء كلهم عن نقل ذلك، وانحصر الأمر بعلي؟! مع أنهم ينقلون الكثير الكثير من الأمور العادية، والشخصية التي قد لا يرى الكثيرون ثمة مبرراً لنقلها؟!
ولماذا كتمه علي "عليه السلام" عن كل أحد حتى عن الحسنين "عليهما السلام" إلا عن ولده محمد؟!
ثم لماذا كتمه محمد نفسه عن الناس جميعاً، إلا عن ولديه: عبد الله والحسن؟!
2 ـ لا يصح النسخ بخبر واحد:
وإذا كان تشريع زواج المتعة ثابتاً بالكتاب، في قوله تعالى: ?فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً?([409]).
وثابتاً أيضاً بالسنة المتواترة، فإنه لا يصح نسخ هذا التشريع بخبر الواحد، فكيف إذا أضيف إلى ذلك: أن أخبار النسخ متناقضة، ومتنافرة بصورة غريبة وعجيبة، كما أوضحناه في كتابنا: >زواج المتعة، تحقيق ودراسة< بأجزائه الثلاثة.
3 ـ حديث الحسن البصري ينفي حديث خيبر بصراحة:
ولو فرضنا ـ محالاً ـ: إمكان الجمع بين رواية النسخ يوم خيبر، وبين سائر الروايات المثبتة لحلية المتعة بعد خيبر، فكيف يمكن أن نوفق بين حديث علي "عليه السلام" عن نسخها في خيبر، وبين ما روي عن الحسن البصري أنه قال: "ما حلت قط، إلا في عمرة القضاء ثلاثة أيام، ما حلت قبلها ولا بعدها"([410])؟ أو نحو ذلك.
4 ـ إختلاف وتناقض:
قال أبو عمر: "لا خلاف بين أهل السير، وأهل العلم بالأثر، أن نهي رسول الله "صلى الله عليه وآله" عن لحوم الحمر الأهلية إنما كان يوم خيبر، وأما نهيه عن نكاح المتعة، ففيه اختلاف واضطراب كثير"([411]).
5 ـ هذا أمر لا يعرفه أحد:
ويقول السهيلي: "هذا شيء لا يعرفه أحد من أهل السير، ورواة الأثر: أن المتعة حرمت يوم خيبر"([412]).
6 ـ ذكر المتعة في خيبر غلط:
وقال أبو عمر بن عبد البر: "..إن ذكر المتعة يوم خيبر غلط، والأقرب أن يكون هذا من غلط ابن شهاب والله أعلم"([413])..
وقالوا أيضاً: "حرم المتعة يوم خيبر، فجاء بالغلط البين"([414]).
وقال أبو عمر أيضاً: "إن ذلك غلط"([415]).
7 ـ لم يقع في خيبر تمتع بالنساء:
وقال أبو عمر أيضاً: "..إن ذلك غلط، ولم يقع في غزوة خيبر تمتع بالنساء"([416]).
وقال ابن القيم: "..قصة خيبر لم يكن فيها الصحابة يتمتعون باليهوديات، ولا استأذنوا في ذلك رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ولا نقله أحد في هذه الغزوة، ولا كان للمتعة فيها ذكر البتة، لا قولاً ولا تحريماً"([417]).
وقال أيضاً: "..إن خيبر لم يكن فيها مسلمات، وإنما كنَّ يهوديات. وإباحة نساء أهل الكتاب لم يكن ثبت بعد، إنما أبحن بعد ذلك في سورة المائدة"([418]).
وقال ابن القيم أيضاً: "فلم تكن إباحة نساء أهل الكتاب ثابتة زمن خيبر، ولا كان للمسلمين رغبة في الإستمتاع بنساء عدوهم قبل الفتح، وبعد الفتح استرق من استرق منهن، وصرن إماء للمسلمين.."([419]).
وقال ابن كثير: "إن يوم خيبر لم يكن ثم نساء يتمتعون بهن، إذ قد حصل لهم الإستغناء بالسباء عن نكاح المتعة"([420]).
8 ـ راوي النسخ رافض له:
أشرنا فيما سبق: إلى أن الرواية المعتمدة لنسخ حلية المتعة في يوم خيبر هي المنسوبة لعلي "عليه السلام"..
وذكرنا في كتابنا زواج المتعة: أنه "عليه السلام" على رأس القائلين ببقاء مشروعيتها، والمعترضين على تحريم عمر لها.
وقد اشتهر عنه "عليه السلام" الحديث المروي عن شعبة، عن الحكم: "لولا أن نهى عمر عن المتعة، ما زنى إلا شقي" أو: إلا شفا، أي قليل، فراجع([421]).
9 ـ تعارض فاضح:
وروايات تحريم المتعة يوم خيبر، تتعارض مع روايات تحليلها بعد ذلك في عمرة القضاء، والفتح، وتبوك، وحنين، وحجة الوداع، وأوطاس.
10 ـ تعدد النسخ مرفوض:
ودعوى: تعدد التحليل وتعدد النسخ.. غير مقبولة، ولم يقل بذلك أحد من المعتبرين([422]).
قال ابن القيم: "لو كان التحريم زمن خيبر للزم النسخ مرتين. وهذا لا عهد بمثله في الشريعة البتة، ولا يقع مثله فيها"([423]).
وقال ابن كثير عن روايات النسخ في خيبر، وفي الفتح: "فيلزم النسخ مرتين، وهو بعيد"([424]).
وعلى تقدير قبوله: فلا بد من إثباته بدليل قاطع، ولا يكفي فيه خبر الواحد.. فكيف إذا كانت نصوص هذا الخبر متناقضة، وكيف إذا تواردت عليه العلل والأسقام، حتى لقد اعتبروه غلطاً؟
11 ـ تأويل بارد:
ذكروا: أن المقصود بالحديث: أن المحرَّم يوم خيبر هو خصوص الحمر الأهلية، أما المتعة، فيراد بيان حرمتها مطلقاً، من دون تقييد بكون ذلك في يوم خيبر([425]).
ولكنه تأويل بارد، وتوجيه فاسد، إذ لماذا خص المتعة بالذكر، ولم يشر إلى سائر التشريعات مما هو حلال أو حرام؟!
يضاف إلى ذلك: أن بعض نصوص هذا الحديث تأبى عن هذا التأويل، مثل ما روي عن علي "عليه السلام": إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" نهى عن نكاح المتعة يوم خيبر، لم يزد على ذلك([426]).
ومثل ما روي عنه "عليه السلام": نُهِيَ عن متعة النساء يوم خيبر، وعن أكل لحوم الحمر الإنسية([427]).
12 ـ ثنية الوداع.. أكذوبة:
وقال الحلبي: "ويدل لذلك ما قيل: إن ثنية الوداع إنما سميت بذلك؛ لأنهم فيها ودعوا النساء اللاتي تمتعوا بهن في خيبر الخ.."([428]).
ويرد عليه:
أولاً: زعموا: أن جابراً يروي: أن ذلك ـ أي وداع النساء المتمتع بهن ـ قد كان في غزوة تبوك([429]).
فأي ذلك هو الصحيح؟!
ثانياً: ما معنى أن تلحق النسوة المتمتع بهن أولئك الرجال تلك المسافات الطويلة، من خيبر إلى مشارف المدينة، حتى ودّعن أزواجهن في ذلك الموضع بالخصوص؟!..
وما هي الوسائل التي رجعن عليها إلى بلادهن؟!
ومن الذي أرجعهن؟!
وهل رجعن وحدهن بلا محام ولا كفيل، في مسير يحتجن في قطعه إلى أيام ثلاثة؟!
وكيف كان استقبالهن من قبل أهاليهن حين رجوعهن؟!
ثالثاً: كيف استمر ارتباطهن بأولئك الأزواج هذه المدة الطويلة، بعد تحريم رسول الله "صلى الله عليه وآله" للمتعة؟! حتى لقد أطلق النداء بتحريم هذا الزواج في خيبر نفسها؟! فكيف ولماذا يعصي أولئك الصحابة أمر الرسول "صلى الله عليه وآله" لهم في ذلك؟!
وهل سكت "صلى الله عليه وآله" عنهم فلم يؤدبهم؟!
وهل سكت أصحابه "صلى الله عليه وآله" عن تأنيبهم والإعتراض عليهم؟!
أم أنهم لم يعلموا بأمرهم؟!
أم أنهم علموا وكتموا ذلك عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟!
وأما الإعتذار عن ذلك: بأن من الممكن أن يكون المقصود هو: تحريم إنشاء عقد متعة جديد دون أن يبطل العقد السابق..
فهو إنما يدفع بعض هذه التساؤلات..
وتبقى الأسئلة الأخرى على حالها، ومنها السؤال الذي يقول: إن المفروض هو: أن يكون العقد على تلك النسوة محدداً بمدة بقاء رجالهن في منطقة خيبر ولا يعقل أن يعقدوا عليهن مدة تطال وقت مغادرتهم تلك البلاد.
وهذا معناه: أن مدة المتعة لا بد أن تكون قد انتهت قبل عودة المسلمين من خيبر.. فلماذا لحقن بهم إلى حدود ثنية الوداع؟!
فإن كان ذلك من خلال العقد السابق، فالمفروض: أنه قد انتهى، وإن بعقد جديد، فالمفروض: أنه أصبح حراماً منهياً عنه.
رابعاً: إننا إذا أخذنا بروايات استقبال الولائد للنبي "صلى الله عليه وآله" حينما هاجر إلى المدينة بالنشيد الذي يقول:
طــلـــع الــبـــدر عـلـيـنــــا مــن ثــنــيــــــــات الــــوداع
وجــب الشــكــر عــلــيـنـــا مـــــــا دعــــــــــــــا لله داع
أيــهـــا المـبــعــوث فــيـنــــا جــئـــت بـالأمــر المــطــــاع([430])
فإنها تدل على: أن التسمية بثنيات الوداع لم تحدث بعد خيبر، بل كانت موجودة قبل هجرة رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى المدينة.
ربما يكون نهياً تدبيرياً:
..لنفترض صحة رواية النهي عن المتعة وعن لحوم الحمر الإنسية في يوم خيبر، فإننا نقول:
إن النهي عن ذلك ـ المتعة ـ لا بد أن يكون تدبيرياً، تماماً كما كان النهي عن لحوم الحمر الإنسية تدبيرياً أيضاً؛ لأنهم سوف يحتاجون إلى تلك الحمر من أجل الركوب، ولحمل أثقالهم إلى بلد لم يكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس.
فكما أن النهي عنها لم يكن نهي تحريم.. فكذلك الحال بالنسبة للنهي عن التزوج بنساء سوف يتركهن أزواجهن ليعودوا إلى بلادهم بعد قليل، مع احتمال أن يحدث حمل لدى بعضهن، فلا يعرف الأب بأن له ولداً، ولا تستطيع الأم إبلاغ الأب بمولودها منه.
بل إنهم حتى لو تزوجوا بهن زواجاً دائماً، وفي نيتهم طلاقهن أمام الشهود بعد يوم أو أيام مثلاً، ثم يسافرون عنهن إلى بلاد أخرى، فإنه "صلى الله عليه وآله" سوف ينهاهم عن فعل ذلك، لنفس السبب الآنف الذكر، وهو الحفاظ على الأولاد، الذين قد يتكونون من زواج كهذا، مع عجز الأم عن الوصول إلى صاحب النطفة الحقيقي، ولغير ذلك من أسباب.
المجاعة.. والحمر الإنسية:
روى الشيخان، عن عبد الله بن أبي أوفى، قال: أصابتنا مجاعة ليالي خيبر، فلما كان يوم خيبر وقعنا في الحمر الإنسية، فانتحرناها، فلما غلت القدور، نادى منادي رسول الله "صلى الله عليه وآله": أن أكفئوا القدور، ولا تأكلوا من لحوم الحمر شيئاً([431]).
وعن أنس قال: لما كان يوم خيبر، جاء فقال: يا رسول الله، فنيت الحمر، فأمر أبا طلحة فنادى: "إن الله ورسوله ينهاكم عن لحوم الحمر"، رواه عثمان بن سعيد الدارمي بسند صحيح([432]).
وعن ابن عباس قال: نهى رسول الله "صلى الله عليه وآله" يوم خيبر عن بيع الغنائم حتى تقسم، وعن الحبالى أن توطأ حتى يضعن ما في بطونهن، قال: "لا تسق زرع غيرك"، وعن لحوم الحمر الأهلية، وعن كل ذي ناب من السباع. رواه الدارقطني([433]).
وعن أبي ثعلبة الخشني قال: غزوت مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" خيبر، والناس جياع، فأصبنا بها حمراً إنسية فذبحناها، فأُخبر النبي "صلى الله عليه وآله" فأمر عبد الرحمن بن عوف ـ في الحلبية: عبد الله بن عوف ـ فنادى في الناس: "إن لحوم الحمر لا تحل لمن يشهد أني رسول الله" رواه أحمد، والشيخان([434]).
وعن سلمة قال: أتينا خيبر فحاصرناها حتى أصابتنا مخصمة شديدة ـ يعني الجوع الشديد ـ ثم إن الله تعالى فتحها علينا. فلما أمسى الناس مساء اليوم الذي فتحت عليهم، أوقدوا نيراناً كثيرة، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "ما هذه النيران؟ على أي شيء توقدون"؟
قالوا: على لحم.
قال: "على أي لحم"؟
قالوا: لحم حمر إنسية، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "أهرقوها، واكسروا الدنان".
فقال رجل: أونهريقوها، ونغسلها؟
قال: "أو ذاك". رواه الشيخان، والبيهقي([435]).
وقد علق الحلبي على هذه الرواية بقوله: "وعدوله "صلى الله عليه وآله" إلى هذا الثاني، إما باجتهاد، أو وحي"([436]).
وروى محمد بن عمر، عن شيوخه: أن عدة الحمر التي ذبحوها، كانت عشرين أو ثلاثين، كذا رواه على الشك([437]).
وقالوا: أصاب المسلمين جوع فوجدوا الحمر الأهلية وكانت ثلاثين قد خرجت من بعض الحصون، وقيل: لم يدخلوها الحصون.
وبتعبير الواقدي: فلم يقدر اليهود على إدخالها، وكان حصنهم له منعة.
فأخذها رهط من المسلمين فذبحوها، وجعلوا يطبخونها، فمر بهم رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فسألهم عنها، فأخبروه.
فنهاهم "صلى الله عليه وآله" عن أكلها، حتى إن القدور أكفئت وإنها لتفور([438]).
النهي عن لحوم البغال أيضاً:
عن جابر: ذبحنا يوم خيبر الخيل والبغال، فنهانا رسول الله "صلى الله عليه وآله" عن البغال ولم ينهنا عن الخيل([439]).
وعنه أيضاً قال: أطعمنا رسول الله "صلى الله عليه وآله" لحوم الخيل، فذبح قوم من المسلمين خيلاً من خيلهم قبل أن يفتح حصن الصعب بن معاذ([440]).
ولعل هذا يشير: إلى أن الحاجة كانت ماسة إلى الظهر، من أجل حمل الأمتعة، وركوب المسافات الطويلة، والبغال هي التي تستخدم في ذلك..
ولنا مع النصوص المتقدمة وقفات عديدة، هي التالية:
خالد بن الوليد ولحوم الحمر:
عن المقدام قال: سمعت خالد بن الوليد يقول: حضرت رسول الله "صلى الله عليه وآله" بخيبر يقول: حرام أكل الحمر الأهلية، والخيل، والبغال.
قالوا: وكل ذي ناب من السباع، ومخلب من الطير.
قال الواقدي: الثبت عندنا أن خالداً لم يشهد خيبر. وأسلم قبل الفتح هو وعمرو بن العاص، وعثمان بن طلحة بن أبي طلحة، أول يوم من صفر سنة ثمان([441]).
الحاجة إلى الظهر:
قد يقال: إذا ضممنا هذا الحديث إلى الأحاديث المصرحة: بأن النهي إنما كان عن الحمر الأهلية، فقط.. فيمكننا استنتاج أن المقصود بهذا النهي هو: أن لا يقعوا في الظهر الذي يحتاجون إليه في تنقلاتهم، وهم في بلاد نائية عن بلدهم، وهو: البغال والحمير معاً.
أما الخيل: فهم إنما يحتاجون إليها في القتال، فإذا كانت الحرب قد وضعت أوزارها، فلا حرج عليهم في ذبحها إذا احتاجوا إليها.
ويؤيد ذلك: أنهم قالوا لرسول الله "صلى الله عليه وآله": فنيت الحمر.
وفي بعض النصوص: التصريح بتعليل النهي: بأنه من أجل أن لا يفنى الظهر([442]).
ونص آخر قال: "أمرهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" بإكفاء القدور، ولم يقل: إنها حرام. وكان ذلك إبقاء على الدواب"([443]).
وعن أبي جعفر "عليه السلام" في أكل لحوم الحمر الأهلية: "نهى رسول الله "صلى الله عليه وآله" عنها يوم خيبر. وإنما نهى عن أكلها في ذلك الوقت، لأنها كانت حمولة الناس. وإنما الحرام ما حرم الله عز وجل في القرآن"([444]).
الشك في حديث المجاعة:
إن الحديث المتقدم عن الإمام الصادق "عليه السلام"، يدل على عدم صحة الحديث عن جوع أصاب المسلمين في خيبر، أو عن مجاعة ألمت بهم.
ويزيد هذا الأمر وضوحاً: أن الأمر بإكفاء القدور لا يخلو سببه من أحد أمرين:
إما لأن الأمر لم يكن قد بلغ بهم حد الإضطرار، المسوغ لذبح الحمر الإنسية..
أو لأجل أنه قد كانت عندهم أنواع أخرى من الطعام غير اللحم.
إكفاء القدور، لماذا؟!
ومن الواضح: أنهم بذبحهم لتلك الحمر إنما تصرفوا بأموالهم، فأمره "صلى الله عليه وآله" بإكفاء القدور معناه: تسويغ إتلاف مال لم يكن يسوغ لهم إتلافه في الحالات العادية..
فقد يقال: إن السبب في إصداره "صلى الله عليه وآله" لذلك الأمر هو: الخوف على الحمر الأهلية من أن تفنى.
ويجاب عن ذلك: بأنه قد كان بالإمكان أن يسوِّغ لهم تناول ما ذبحوه منها، ثم ينهاهم عما عداه، لأن لحوم الحمر الأهلية ليست محرمة في ذاتها كلحوم السباع مثلاً..
إلا أن يقال: إن رغبتهم الجامحة في الطعام جعلت الإكتفاء بمجرد النهي قاصراً عن تحقيق هذا الغرض، فكان من الضروري أن تصاحبه إجراءات قوية ورادعة، إذ لولا ذلك لاستمروا في المخالفة، ثم اعتذروا وأظهروا الندامة.
ولكن هذا الإعتذار غير مقبول، إذ لا تصح العقوبة قبل الجناية. فكان المناسب أن يسوغ لهم تناول ما ذبحوه، ثم ينهاهم عما عداه.
فالمبادرة إلى هذا القرار الحاسم بالإتلاف تشير إلى أن هناك ما هو أهم من ذلك، مثل أن يكون "صلى الله عليه وآله" قد أمرهم ونهاهم، فعصوا، وربما يكون قد تكرر منهم ذلك، فلم يجد عندهم إلا التمرد والعصيان، فكان لا بد من العقوبة لهم بهذا النحو القوي والمثير.
إجابة غير وافية بالمراد:
وقد يقال: إن السبب في الأمر بإكفاء القدور هو: أنهم انتهبوا ذلك من قوم موادعين لرسول الله "صلى الله عليه وآله"..
والجواب: أن ذلك أيضاً لا يكفي مبرراً لإصدار هذا الأمر بالإتلاف، فقد كان من الممكن أن يجد لهم عذراً في ذلك، من مثل أنهم كانوا يظنون أولئك القوم من المحاربين.
ولو سلمنا: أنه كان قد عرَّفهم بحالهم، فلماذا لا يعطي ما في تلك القدور من اللحم إلى من انتهبت تلك البهائم منهم؟! أو يستجيز من أصحابها، ويتركهم يأكلونها، ثم يضمنهم أثمانها لأربابها؟!.
يضاف إلى ذلك: أن النص يقول: إن الذي انتهبوه من القوم الموادعين هو الغنم، وليس الحمر الإنسية.
بل قد يقال: إن هذا ـ أيضاً ـ يشير: إلى أن الأمر بإكفاء القدور ربما يكون قد تكرر منه "صلى الله عليه وآله" في أكثر من مناسبة.
إجابة أخرى مرفوضة:
وأما ما زعموه: من أن الحمر التي ذبحت قد خرجت من بعض حصون اليهود، ولم يكن يحق لهم أن يذبحوها قبل مراجعة النبي "صلى الله عليه وآله"، أو قبل معرفة الحكم الشرعي في مثل هذه الحالة، لأنها أخذت من دون قتال، أو قبل شروعه..
فهو أيضاً لا يصلح بمجرده مبرراً للأمر بإكفاء القدور، إذ إن تلك الحمر تكون في جملة الغنائم، فكان يمكن أن يشترك في أكلها جميع من كان له حق فيها..
أو تضمين الذين ذبحوها ما يزيد على سهمهم فيها..
ويتأكد هذا الأمر إذا كانوا قد فعلوا ما فعلوه عن جهالة وتسرع.
النبي ' يتفقد العسكر:
وقد أظهر النص المتقدم: أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان يطوف على المعسكر، ويتفقد أحوال الناس فيه، ويشاهد تصرفاتهم، ويصوبهم، أو يخطئهم، ولا يكتفي بإخبار المخبرين، ولا يسكن إلى ما يبلغه إياه من حملهم مسؤوليات القيادة، وإنجاز المهمات، والقيام بالواجبات.
ليس للإجتهاد موضع هنا:
تقدم: أن الحلبي اعتبر التخيير بين كسر الدنان، أو إهراقها وغسلها إما من باب تبدل الإجتهاد، وإما من باب الوحي.
ولكن من الواضح: أن هذا المورد ليس من موارد الإجتهاد في الرأي في حكم شرعي، بل هو أمر تدبيري سلطاني يهدف إلى إظهار الشدة على من بادر إلى ذبح الحمر أولاً، ثم المن عليهم بالإستجابة إلى طلب العفو والتخفيف عنهم، تأليفاً وسياسة منه "صلى الله عليه وآله" لهم.
فالأمران كلاهما صواب، وليس هناك صواب وخطأ، فإن التشديد ثم التخفيف مطلوبان معاً له "صلى الله عليه وآله".
على أن ما ذكره الحلبي: يستبطن أمرين لا مجال للقبول بهما، بل هما مرفوضان جملة وتفصيلاً.
أحدهما: أن يكون النبي "صلى الله عليه وآله" يجتهد في بعض المواضع، وأن جميع أعماله وأقواله ليست مؤيدة ومسددة بالوحي، ومستندة إليه..
الثاني: أنه قد يخطئ "صلى الله عليه وآله" في اجتهاده وقد يصيب، فلا مجال للإعتقاد بصوابية جميع أقواله وأفعاله "صلى الله عليه وآله"..
وكلا الأمرين بعيد عن الصواب، ومرفوض جملة وتفصيلاً كما هو واضح..
إكفاء القدور في نهبة خيبر:
وقد رووا: أن الناس انتهبوا غنماً في خيبر، فأمرهم "صلى الله عليه وآله" بإكفاء القدور، لأن النهبة لا تحل([445]).
ونقول:
لا بد أن تكون هذه النهبة قد أصابت أناساً موادعين لرسول الله "صلى الله عليه وآله" في عهد لهم معه، أو أنهم من المسلمين، أو أنهم أناس لم يدعُهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" ولم يقم عليهم الحجة بعد، فليس لهم موقف محدد منه..
النهي عن أكل لحم الجلالة:
وقالوا: إن النبي "صلى الله عليه وآله" نهى عن أكل لحم الجلالة، وعن ركوبها، والجلالة هي التي تأكل العذرة([446]).
وربما يكون هذا هو ما أشارت إليه الرواية عن ابن أبي أوفى، قال: أصبنا حمراً خارجاً من القرية، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": أكفئوا القدور بما فيها.
فذكرت ذلك لسعيد بن جبير، فقال: إنما نهى عنها: أنها كانت تأكل العذرة([447]).
وربما يكون ذلك لأنهم انتهبوها من قوم مسلمين، أو موادعين لرسول الله "صلى الله عليه وآله" فلا تحل لهم من أجل ذلك.. حسبما أشرنا إليه آنفاً.
الفهارس:
1 ـ الفهرس الإجمالي
2 ـ الفهرس التفصيلي
1 ـ الفهرس الإجمالي
الفصل الرابع: قلع باب خيبر.. أحداث وتفاصيل ................ 5 ـ 44
الباب السابع: غنائم وسبايا
الفصل الأول: كنز آل أبي الحقيق ............................... 47 ـ 58
الفصل الثاني: غنائم وسبايا خيبر ............................... 59 ـ 94
الفصل الثالث: أبو هريرة.. والغنائم ......................... 95 ـ 126
الفصل الرابع: لمسات أخيرة.. .............................. 127 ـ 160
الباب الثامن: فتح.. وصلح
الفصل الأول: مقاسم خيبر.. بين الصلح والفتح ............ 163 ـ 184
الفصل الثاني: النبي ' يقرهم.. وعمر يجليهم ............ 185 ـ 210
الفصل الثالث: فدك وغصبها.. أحداث.. وتفاصيل ........ 211 ـ 248
الفصل الرابع: فدك.. دليل الإمامة ......................... 249 ـ 276
الباب التاسع: بعد سقوط خيبر
الفصل الأول: لقاء الأحبة.. قدوم جعفر والمهاجرين.. ...... 279 ـ 306
الفصل الثاني: المتعة.. ولحوم الحمر الإنسية.. ................ 307 ـ 332
الفهارس .................................................. 333 ـ 345
2 ـ الفهرس التفصيلي
TOC \o "1-1" \u \t "عنوان 2;1;عنوان 3;1;عنوان 4;1;عنوان 5;1;عنوان 6;1"
الفصل الرابع: قلع باب خيبر.. أحداث وتفاصيل
علي × قالع باب خيبر:.......................................................... PAGEREF _Toc110151894 \h 7
إختلافات لا تضر: أربعون أم سبعون:..................................... PAGEREF _Toc110151895 \h 11
باب واحد، أم بابان في خيبر؟!.............................................. PAGEREF _Toc110151896 \h 11
التكبير من السماء:.............................................................. PAGEREF _Toc110151897 \h 12
لا سيف إلا ذو الفقار في خيبر أيضاً:....................................... PAGEREF _Toc110151898 \h 14
تشكيكهم بقلع باب خيبر:....................................................... PAGEREF _Toc110151899 \h 16
ما قلعته بقوة جسمانية:........................................................ PAGEREF _Toc110151900 \h 21
وللشعراء كلمتهم:............................................................... PAGEREF _Toc110151901 \h 22
القموص ليس آخر ما فتح:.................................................... PAGEREF _Toc110151902 \h 27
علي × يفتح خيبر وحده:...................................................... PAGEREF _Toc110151903 \h 29
تواتر حديث جهاد علي × في خيبر:........................................ PAGEREF _Toc110151904 \h 33
رضي الله ورسوله عن علي ×:............................................. PAGEREF _Toc110151905 \h 34
تشريف وتكريم في الأرض وفي السماء:.................................. PAGEREF _Toc110151906 \h 35
علي × سيد العرب هي الأصعب عليهم:................................... PAGEREF _Toc110151907 \h 36
إستقبال النبي ' لعلي × بعد الفتح:.......................................... PAGEREF _Toc110151908 \h 37
حسبك أنك مني وأنا منك:..................................................... PAGEREF _Toc110151909 \h 38
اللمسات الأخيرة:............................................................... PAGEREF _Toc110151910 \h 41
الباب السابع: غنائم وسباي
الفصل الأول: كنز آل أبي الحقيق
كنز آل أبي الحقيق:............................................................. PAGEREF _Toc110151915 \h 47
أيّ ذلك الصحيح؟!............................................................. PAGEREF _Toc110151916 \h 51
التعذيب لماذا؟!.................................................................. PAGEREF _Toc110151917 \h 52
العهد قريب، والمال أكثر من ذلك:.......................................... PAGEREF _Toc110151918 \h 53
أخذ العهد عليهم من جديد:..................................................... PAGEREF _Toc110151919 \h 53
إنك لمغتر بأمر السماء:........................................................ PAGEREF _Toc110151920 \h 54
الفصل الثاني: غنائم وسبايا خيبر
النبي ' يرضخ للنساء:........................................................ PAGEREF _Toc110151923 \h 59
موعدكم جنفا:.................................................................... PAGEREF _Toc110151924 \h 61
يعفور حمار رسول الله ':................................................... PAGEREF _Toc110151925 \h 65
الجراب.. والدجاج:............................................................. PAGEREF _Toc110151926 \h 68
الغلول في خيبر:................................................................ PAGEREF _Toc110151927 \h 70
المهاجرون يرجعون المنائح للأنصار:..................................... PAGEREF _Toc110151928 \h 71
موقف شهيد:..................................................................... PAGEREF _Toc110151929 \h 75
أبو سفيان في خيبر!!.......................................................... PAGEREF _Toc110151930 \h 77
خارص رسول الله ':......................................................... PAGEREF _Toc110151931 \h 79
صحائف التوراة ردت لليهود:................................................ PAGEREF _Toc110151932 \h 80
أنزعت منك الرحمة يا بلال؟!............................................... PAGEREF _Toc110151933 \h 80
دحية يختار صفية:............................................................. PAGEREF _Toc110151934 \h 82
صفية والصفى لرسول الله ':............................................... PAGEREF _Toc110151935 \h 85
لماذا اخضرت عين صفية؟!................................................. PAGEREF _Toc110151936 \h 86
اعتذار النبي ' من صفية:.................................................... PAGEREF _Toc110151937 \h 88
صفية تأبى أولاً ثم تطيع:...................................................... PAGEREF _Toc110151938 \h 89
حراسة أبي أيوب لرسول الله ':............................................ PAGEREF _Toc110151939 \h 90
الفصل الثالث: أبو هريرة.. والغنائم
أبو هريرة في خيبر:............................................................ PAGEREF _Toc110151942 \h 95
إسلام أبي هريرة:............................................................... PAGEREF _Toc110151943 \h 98
مدى وثاقته في الرواية:..................................................... PAGEREF _Toc110151944 \h 105
لماذا ولى معاوية أبا هريرة المدينة؟!:.................................... PAGEREF _Toc110151945 \h 107
أشهد لقد واليت عدوه:....................................................... PAGEREF _Toc110151946 \h 108
أبو هريرة عضو المجمع العلمي لمعاوية:............................... PAGEREF _Toc110151947 \h 111
افتتحنا خيبر:.................................................................. PAGEREF _Toc110151948 \h 112
أبو هريرة أسلم بعد وفاة رقية:............................................. PAGEREF _Toc110151949 \h 112
أبو هريرة في حديث ذي الشمالين:........................................ PAGEREF _Toc110151950 \h 114
مهمة أبي هريرة في البحرين:.............................................. PAGEREF _Toc110151951 \h 115
أبو هريرة حضر المشاهد كلها:............................................ PAGEREF _Toc110151952 \h 116
النبي ' خليل أبي هريرة:................................................... PAGEREF _Toc110151953 \h 117
آخركم موتاً في النار:........................................................ PAGEREF _Toc110151954 \h 120
قيمة هذا الوسام:.............................................................. PAGEREF _Toc110151955 \h 122
الفصل الرابع: لمسات أخيرة..
معجزات.. وكرامات:........................................................ PAGEREF _Toc110151958 \h 127
العاقبة السيئة:................................................................. PAGEREF _Toc110151959 \h 130
صفة النبي ' وعلي × في التوراة:....................................... PAGEREF _Toc110151960 \h 131
مراهنات قريش:.............................................................. PAGEREF _Toc110151961 \h 134
ابن علاط يستنقذ ماله بمكة:................................................ PAGEREF _Toc110151962 \h 138
من استشهد بخيبر من المسلمين:........................................... PAGEREF _Toc110151963 \h 146
القتلى من اليهود:.............................................................. PAGEREF _Toc110151964 \h 155
أين هي هذه الأحداث؟!:..................................................... PAGEREF _Toc110151965 \h 155
بعض ما قيل من الشعر في غزوة خيبر:................................ PAGEREF _Toc110151966 \h 162
الباب الثامن: فتح.. وصلح
الفصل الأول: مقاسم خيبر.. بين الصلح والفتح
كتاب إسقاط الجزية عن يهود خيبر:...................................... PAGEREF _Toc110151971 \h 167
الوطيح وسلالم فتحا صلحاً:................................................ PAGEREF _Toc110151972 \h 170
هل فتحت خيبر صلحاً؟!:................................................... PAGEREF _Toc110151973 \h 172
توجيهات لما سبق:........................................................... PAGEREF _Toc110151974 \h 174
كتاب مقاسم خيبر:............................................................ PAGEREF _Toc110151975 \h 176
كتاب آخر:..................................................................... PAGEREF _Toc110151976 \h 178
مقاسم أرض خيبر في مصادر غير الشيعة:............................ PAGEREF _Toc110151977 \h 179
الصحيح في موضوع خيبر:............................................... PAGEREF _Toc110151978 \h 185
ما حدث في خيبر:............................................................ PAGEREF _Toc110151979 \h 186
اختلاف السهام:............................................................... PAGEREF _Toc110151980 \h 187
الفصل الثاني: النبي ' يقرهم.. وعمر يجليهم
النبي ' يقر اليهود على خيبر:............................................. PAGEREF _Toc110151983 \h 191
إجلاء اليهود بعد رسول الله ':............................................ PAGEREF _Toc110151984 \h 194
سبب إخراج عمر لليهود:................................................... PAGEREF _Toc110151985 \h 197
دعاوى لا تصح:.............................................................. PAGEREF _Toc110151986 \h 212
الرواية الأقرب إلى القبول:................................................. PAGEREF _Toc110151987 \h 214
الفصل الثالث: فدك وغصبها.. أحداث.. وتفاصيل
أمِطْ.. أمِطْ:..................................................................... PAGEREF _Toc110151990 \h 219
ألف: من يأخذها بحقها؟!.......................................... PAGEREF _Toc110151991 \h 221
ب: والذي كرَّم وجه محمد ':................................... PAGEREF _Toc110151992 \h 223
ج: الزبير طلب الراية أيضاً:..................................... PAGEREF _Toc110151993 \h 224
حدود فدك:..................................................................... PAGEREF _Toc110151994 \h 224
فدك.. تعني الخلافة:......................................................... PAGEREF _Toc110151995 \h 225
الإمام الكاظم × والرشيد:................................................... PAGEREF _Toc110151996 \h 226
الإمام الكاظم × والمهدي العباسي:........................................ PAGEREF _Toc110151997 \h 227
فدك لمن؟!..................................................................... PAGEREF _Toc110151998 \h 227
الشهادة المردودة:............................................................. PAGEREF _Toc110151999 \h 229
وقفات مع ما سبق:........................................................... PAGEREF _Toc110152000 \h 232
فدك للزهراء ÷:.............................................................. PAGEREF _Toc110152001 \h 240
1 ـ هي في يدها:.................................................... PAGEREF _Toc110152002 \h 241
2 ـ هي عطية من رسول الله ':............................... PAGEREF _Toc110152003 \h 242
3 ـ الخمس لا يختص بفاطمة ÷:................................ PAGEREF _Toc110152004 \h 242
4 ـ قضية الميراث هي المحور:................................. PAGEREF _Toc110152005 \h 243
مفردات من الكيد الإعلامي:................................................ PAGEREF _Toc110152006 \h 247
1 ـ لا نورث ما تركناه صدقة:................................... PAGEREF _Toc110152007 \h 247
2 ـ هل المقصود إرث المال؟!:................................. PAGEREF _Toc110152008 \h 250
3 ـ قيمة النخل بتربته:............................................. PAGEREF _Toc110152009 \h 251
4 ـ وآت ذا القربى حقه:........................................... PAGEREF _Toc110152010 \h 253
الفصل الرابع: فدك.. دليل الإمامة
الكيد الإعلامي يفرض تزوير الحقائق:.................................. PAGEREF _Toc110152013 \h 261
فدك خالصة لرسول الله ':................................................ PAGEREF _Toc110152014 \h 261
كل فدك لرسول الله ':...................................................... PAGEREF _Toc110152015 \h 264
بداية عن تزوير الحقائق:................................................... PAGEREF _Toc110152016 \h 265
أهل البيت ^ ماذا يقولون؟!................................................ PAGEREF _Toc110152017 \h 266
فدك دليل الإمامة:............................................................ PAGEREF _Toc110152018 \h 266
1 ـ في حجة الوداع:............................................... PAGEREF _Toc110152019 \h 267
2 ـ غدير خم:........................................................ PAGEREF _Toc110152020 \h 269
3 ـ تجهيز جيش أسامة:........................................... PAGEREF _Toc110152021 \h 271
4 ـ الصلاة بالناس:................................................. PAGEREF _Toc110152022 \h 272
5 ـ إن الرجل ليهجر:.............................................. PAGEREF _Toc110152023 \h 274
6 ـ الهجوم على فاطمة ÷:....................................... PAGEREF _Toc110152024 \h 275
7 ـ غصب فدك:.................................................... PAGEREF _Toc110152025 \h 277
الباب التاسع: بعد سقوط خيبر
الفصل الأول: لقاء الأحبة.. قدوم جعفر والمهاجرين..
قدوم جعفر من الحبشة:...................................................... PAGEREF _Toc110152030 \h 291
الوفد القادم مع جعفر:........................................................ PAGEREF _Toc110152031 \h 295
ألف: فتح خيبر وقدوم جعفر, مترابطان:...................... PAGEREF _Toc110152032 \h 295
ب: قدوم جعفر قيمة لا تضاهى:................................ PAGEREF _Toc110152033 \h 297
ج: عودة ظفر:...................................................... PAGEREF _Toc110152034 \h 298
د: أم بفتح الله على يد أخيك:...................................... PAGEREF _Toc110152035 \h 299
هـ: حقيقة لا بد من الجهر بها:................................... PAGEREF _Toc110152036 \h 300
و: رشحة من أخلاقيات الإسلام:................................ PAGEREF _Toc110152037 \h 302
هجرتان لمهاجري الحبشة:................................................. PAGEREF _Toc110152038 \h 303
الأشعريون.. هم المحور!!:................................................. PAGEREF _Toc110152039 \h 307
1 ـ رقة قلوب الأشعريين:........................................ PAGEREF _Toc110152040 \h 309
2 ـ إشراكهم في الغنيمة:.......................................... PAGEREF _Toc110152041 \h 310
قسم لجعفر وأصحابه:................................... PAGEREF _Toc110152042 \h 311
3 ـ منافسون لمهاجري الحبشة:................................. PAGEREF _Toc110152043 \h 312
4 ـ لم تصل سفينتهم إلى الحبشة:................................ PAGEREF _Toc110152044 \h 314
5 ـ أبو موسى يعترف:............................................ PAGEREF _Toc110152045 \h 314
6 ـ لم يقسم لمن غاب إلا لجابر:................................. PAGEREF _Toc110152046 \h 314
زواج النبي ' بأم حبيبة:.................................................... PAGEREF _Toc110152047 \h 315
حتى بنت أبي سفيان:........................................................ PAGEREF _Toc110152048 \h 317
مهر أم حبيبة:.................................................................. PAGEREF _Toc110152049 \h 317
أم حبيبة لم تكن في مستوى الحدث:....................................... PAGEREF _Toc110152050 \h 318
مع من قدمت أم حبيبة؟!..................................................... PAGEREF _Toc110152051 \h 319
الفصل الثاني: المتعة.. ولحوم الحمر الإنسية..
النهي عن المتعة في خيبر:.................................................. PAGEREF _Toc110152054 \h 323
1 ـ هي خبر واحد:................................................. PAGEREF _Toc110152055 \h 325
2 ـ لا يصح النسخ بخبر واحد:.................................. PAGEREF _Toc110152056 \h 326
3 ـ حديث الحسن البصري ينفي حديث خيبر بصراحة:.... PAGEREF _Toc110152057 \h 326
4 ـ إختلاف وتناقض:............................................. PAGEREF _Toc110152058 \h 327
5 ـ هذا أمر لا يعرفه أحد:........................................ PAGEREF _Toc110152059 \h 327
6 ـ ذكر المتعة في خيبر غلط:................................... PAGEREF _Toc110152060 \h 328
7 ـ لم يقع في خيبر تمتع بالنساء:................................ PAGEREF _Toc110152061 \h 328
8 ـ راوي النسخ رافض له:....................................... PAGEREF _Toc110152062 \h 329
9 ـ تعارض فاضح:................................................ PAGEREF _Toc110152063 \h 330
10 ـ تعدد النسخ مرفوض:....................................... PAGEREF _Toc110152064 \h 330
11 ـ تأويل بارد:................................................... PAGEREF _Toc110152065 \h 331
12 ـ ثنية الوداع.. أكذوبة:........................................ PAGEREF _Toc110152066 \h 332
ربما يكون نهياً تدبيرياً:...................................................... PAGEREF _Toc110152067 \h 335
المجاعة.. والحمر الإنسية:.................................................. PAGEREF _Toc110152068 \h 336
النهي عن لحوم البغال أيضاً:............................................... PAGEREF _Toc110152069 \h 339
خالد بن الوليد ولحوم الحمر:............................................... PAGEREF _Toc110152070 \h 340
الحاجة إلى الظهر:............................................................ PAGEREF _Toc110152071 \h 340
الشك في حديث المجاعة:................................................... PAGEREF _Toc110152072 \h 341
إكفاء القدور، لماذا؟!......................................................... PAGEREF _Toc110152073 \h 342
إجابة غير وافية بالمراد:.................................................... PAGEREF _Toc110152074 \h 343
إجابة أخرى مرفوضة:...................................................... PAGEREF _Toc110152075 \h 343
النبي ' يتفقد العسكر:....................................................... PAGEREF _Toc110152076 \h 344
ليس للاجتهاد موضع هنا:.................................................. PAGEREF _Toc110152077 \h 344
إكفاء القدور في نهبة خيبر:................................................ PAGEREF _Toc110152078 \h 345
النهي عن أكل لحم الجلالة:................................................. PAGEREF _Toc110152079 \h 346
الفهارس:
1 ـ الفهرس الإجمالي........................................................ PAGEREF _Toc110152083 \h 349
2 ـ الفهرس التفصيلي........................................................ PAGEREF _Toc110152084 \h 351
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) تاريخ الخميس ج2 ص51.
([2]) السيرة الحلبية ج3 ص37.
([3]) السيرة النبوية لابن هشام (ط المكتبة الخيرية بمصر) ج3 ص175 وتاريخ الأمم والملوك ج3 ص30 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص128 وراجع: الإصابة ج2 ص502 وتذكرة الخواص ص27 والبداية والنهاية ج4 ص185 فما بعدها وذخائر العقبى (ط مكتبة القدسي) ص74 و 75 والرياض النضرة (ط محمد أمين بمصر) ج1 ص185 ـ 188 ومعارج النبوة ص219 والسيرة الحلبية ج3 ص37 ومسند أحمد ج6 ص8 وتاريخ الخميس ج1 ص51 عن المنتقى، والتوضيح، عن الطبراني، وأحمد.
([4]) البحار ج21 ص22 عن إعلام الورى ج1 ص207 ومدينة المعاجز ج1 ص177.
([5]) تاريخ الخميس ج2 ص51 وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص37.
([6]) السيرة الحلبية ج3 ص37 وتاريخ الخميس ج2 ص51 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص128 والإصابة ج2 ص502 والبداية والنهاية ج4 ص184 وعن البيهقي، والحاكم.
([7]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص128 و 129 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص212 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص90 والبداية والنهاية ج4 ص189 والسيرة الحلبية ج3 ص37 وراجع: تذكرة الخواص ص27 والرياض النضرة (ط محمد أمين بمصر) ج1 ص185 ـ 188 ومعارج النبوة ص219 وتاريخ الخميس ج2 ص51 عن الحاكم، والبيهقي، والبحار ج21 ص19 وفي هامشه عن المجالس والأخبار ص6.
([8]) تاريخ الخميس ج2 ص51 وراجع: تحف العقول ص346.
([9]) البحار ج21 ص16 وج41 ص281 والإرشاد للمفيد ج1 ص128 وعن مناقب آل أبي طالب ج2 ص126 ومدينة المعاجز ج1 ص175.
([10]) معارج النبوة ص323 و 219.
([11]) البحار ج21 ص19 وفي هامشه عن مناقب آل أبي طالب ج2 ص78.
([12]) تاريخ الخميس ج2 ص51 عن المواهب اللدنية وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص37.
([13]) السيرة الحلبية ج3 ص37.
([14]) البحار ج21 ص40 عن مشارق أنوار اليقين، وراجع: حلية الأبرار للبحراني ج2 ص162 وإحقاق الحق ج8 ص319 ومجمع النورين ص178 و 194.
([15]) راجع: الإحتجاج للطبرسي ج1 ص167 ونهج الإيمان لابن جبر ص177 وشرح إحقاق الحق ج6 ص17 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص52 والغدير ج2 ص59 وج7 ص205 وتذكرة سبط ابن الجوزي ص16.
([16]) الغدير للأميني ج2 ص60 عن تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ص16.
([17]) راجع: نسيم الرياض ج3 ص10 و 11.
([18]) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج6 ص490.
([19]) تاريخ الخميس ج2 ص51 عن شرح المواقف.
([20]) البحار ج21 ص40 عن مشارق أنوار اليقين.
([21]) أمالي الصدوق ص307 والبحار ج21 ص26.
([22]) الغدير ج7 ص201.
([23]) الغدير ج4 ص152.
([24]) الغدير ج4 ص166.
([25]) الغدير ج3 ص388.
([26]) الغدير ج4 ص404.
([27]) شرح النهج للمعتزلي ج5 ص7 و 8.
([28]) الغدير ج4 ص385.
([29]) الغدير ج4 ص395.
([30]) راجع: البحار ج21 ص17 وج41 ص281 وراجع: الإرشاد للمفيد ج1 ص129 وراجع أيضاً: الغدير ج6 ص359 والثاقب في المناقب ص258 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص126 ومدينة المعاجز ج1 ص172.
([31]) الغدير ج6 ص388.
([32]) الغدير ج11 ص241 عن ديوان الحميدي المطبوع سنة 1313هـ.
([33]) الغدير ج4 ص63.
([34]) البحار ج21 ص30 و 31 عن الخرايج والجرايح.
([35]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص37 والمغازي للواقدي ج2 ص653 و 654 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص125.
([36]) البحار ج21 ص27 عن الخصال ج2 ص16.
([37]) الإصابة ج2 ص502 والبحار ج21 ص22 عن إعلام الورى، ومسند أحمد ج5 ص358 والخصائص للنسائي ص5 وتاريخ الأمم والملوك ج3 ص30 والمستدرك للحاكم ج3 ص437.
([38]) مجمع الزوائد ج9 ص123.
([39]) الآية 18 من سورة الفتح.
([40]) معارج النبوة (الركن الرابع) ص219.
([41]) البحار ج21 ص22.
([42]) ينابيع المودة (ط بمبي) ص52.
([43]) الأنس الجليل (ط الوهبية) ص179.
([44]) الآية 18 من سورة الفتح.
([45]) الآية 18 من سورة الفتح.
([46]) كفاية الطالب (ط الغري) ص120 عن الخوارزمي.
([47]) الفصول المهمة لابن الصباغ ص19 والإرشاد للمفيد ج1 ص128 والبحار ج21 ص16.
([48]) الإرشاد للمفيد (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص128.
([49]) راجع: ينابيع المودة (ط أسلامبول) ص208.
([50]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص131 والسيرة الحلبية ج3 ص42 وراجع: السير الكبير للشيباني ج1 ص279.
([51]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص131 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص229 وراجع: = = شرح مسلم ج9 ص221 عن فتح الباري ج7 ص367 وعن الطبقات الكبرى ج2 ص110.
([52]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص132 والسيرة الحلبية ج3 ص42 وعن الطبقات الكبرى ج2 ص112 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص98 والبحار ج18 ص137.
([53]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص132 والسيرة الحلبية ج3 ص42 وعن سنن أبي داود ج2 ص35 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص137 وصحيح ابن حبان ج11 ص607 ونصب الراية ج4 ص253 وموارد الظمآن ص412 وتاريخ المدينة ج2 ص466 وفتوح البلدان ج1 ص26 والبداية والنهاية ج4 ص226 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص377.
([54]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص132 والسيرة الحلبية ج3 ص42 وعن الطبقات الكبرى ج2 ص112.
([55]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص132 والسيرة الحلبية ج3 ص42 والبحار ج18 ص137 وعن الطبقات الكبرى ج2 ص112.
([56]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص132.
([57]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص132والسيرة الحلبية ج3 ص42 وعن الطبقات الكبرى ج2 ص112.
([58]) السيرة الحلبية ج3 ص42.
([59]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص132والسيرة الحلبية ج3 ص42 و 43 والبحار ج21 ص34 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص302 وعن البداية والنهاية ج4 ص244 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص800 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص374.
([60]) السيرة الحلبية ج3 ص42 ونصب الراية ج4 ص253 وعن عيون الأثر ج2 ص143 وفتوح البلدان ج1 ص26 وصحيح ابن حبان ج11 ص608 وموارد الظمآن ص412 وعن البداية والنهاية ج4 ص227 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص377 والسنن الكبرى ج9 ص137.
([61]) السيرة الحلبية ج3 ص42.
([62]) السيرة الحلبية ج3 ص43.
([63]) السيرة الحلبية ج3 ص42.
([64]) السيرة الحلبية ج3 ص56 وعن الطبقات الكبرى ج8 ص456 وراجع: النهاية ج2 ص228.
([65]) السيرة الحلبية ج3 ص56 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص144 وراجع: الإيضاح ص187 ومواقف الشيعة ج3 ص389 وكتاب المسند ص207 و 319 وعن مسند أحمد ج1 ص308 و 352 وعن صحيح مسلم ج5 ص197 وعن سنن أبي داود ج1 ص620 وسنن الترمذي ج3 ص57 والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص332 وج9 ص22 و 30 والمصنف لابن أبي شبة ج7 ص667 ومسند أبي يعلى ج5 ص42 والمنتقى من السنن المسندة ص273 والمعجم الكبير ج10 ص336 ونصب الراية ج4 ص284 وتاريخ المدينة ج2 ص648 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص304 وعن البداية والنهاية ج4 ص232 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص804 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص387.
([66]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص144 وفي هامشه عن مسند أحمد ج6 ص380 ودلائل النبوة للبيهقي ج2 ص407 وعن الطبقات الكبرى لابن سعد ج8 ص214 وعن البداية والنهاية ج4 ص204 وعن أبي داود، والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص388 والمغازي للواقدي ج2 ص686.
([67]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص144 عن الواقدي، ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص243 وعن البداية والنهاية ج4 ص205، والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص388 والمغازي للواقدي ج2 ص686.
([68]) سبل الهدى والرشاد ج9 ص129 وج5 ص144 عن أبي داود ج3 ص75 (2730) ومسند أحمد ج5 ص223 وسنن ابن ماجة ج2 ص952 والمستدرك للحاكم ج1 ص327 وج2 ص131 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص53 وتحفة الأحوذي ج5 ص141 وعون المعبود ج7 ص286 ومسند أبي داود ص169 والمصنف لعبد الرزاق ج5 ص228 وموارد الظمآن ص402 والمصنف لابن أبي شيبة ج7 ص666 وج8 ص523 والسنن الكبرى للنسائي ج4 ص365 وكنز العمال ج4 ص537 وصحيح ابن حبان ج11 ص162 والمعجم الكبير ج17 ص67 ونصب الراية ج4 ص285 وإرواء الغليل ج5 ص68 والسير الكبير ج3 ص896 وعن الطبقات الكبرى ج2 ص114 وعن أسد الغابة ج4 ص139.
([69]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص137 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص248 ومعجم البلدان ج2 ص172 والسيرة الحلبية ج3 ص51 ومعجم قبائل العرب ج3 ص919.
([70]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص138 وفي هامشه عن: دلائل النبوة للبيهقي ج4 ص249. والمغازي للواقدي ج2 ص675 والسيرة الحلبية ج3 ص51 وعن البداية والنهاية ج4 ص240 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص401.
([71]) راجع: وفاء الوفاء ج2 ص292.
([72]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص58 و 59 والبحار ج16 ص100 وج17 ص404 و 416 وكذا في حياة الحيوان للدميري، وعلل الشرائع ج1 ص167 وتفسير نور الثقلين ج2 ص359 والبحار ج22 ص457 وعن الشفا بتعريف حقوق المصطفى ج1 ص315 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص420.
([73]) البحار ج16 ص8 والسيرة الحلبية ج3 ص59.
([74]) الآية 38 من سورة الأنعام.
([75]) البحار ج16 ص108 وج20 ص383 وج21 ص48 وعن المنتقى في مولد المصطفى، حوادث سنة سبع، وعن السيرة الحلبية ج3 ص281 وعن السيرة النبوية لدحلان (بهامش الحلبية) ج3 ص71 والإصابة ج3 ص531 وج4 ص335 و 404، وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص38 وعن مناقب آل أبي طالب ج1 ص146 وتاريخ خليفة بن خياط ص52 وتاريخ مدينة دمشق ج3 ص235 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص307 وعن عيون الأثر ج2 ص394 وسبل الهدى والرشاد ج7 ص406.
([76]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص143وفي هامشه عن: البخاري ج6 ص255 (3153) وعن مسلم ج3 ص1393 (72/1772) والسيرة الحلبية ج3 ص40 عن السيرة النبوية لابن هشام، والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص369 وعن صحيح مسلم ج5 ص163. وراجع: مسند أحمد ج4 ص86 وج5 ص55 و 56 وسنن الدارمي ج2 ص234 وعن سنن أبي داود ج1 ص612 وسنن النسائي ج7 ص236 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص59 وج10 ص9 ومسند أبي داود ص123 والمصنف لابن أبي شيبة ج7 ص682 وج8 ص524 والسنن الكبرى للنسائي ج3 ص71 ونصب الراية ج4 ص268 وكنز العمال ج4 ص539 وعن الكامل ج2 ص276 وعن البداية والنهاية ج4 ص222 وعن صحيح البخـاري ج4 ص61 وج5 ص75 وج6 ص227 وعن فتـح = = الباري ج9 ص524 وعون المعبود ج7 ص264 والجامع لأحكام القرآن ج7 ص127 وعن تفسير القرآن العظيم لابن كثير ج2 ص21.
([77]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص144.
([78]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص150 و 151 عن الشيخين، والحافظ، ويعقوب بن سفيان، وصحيح ابن حبان ج14 ص192 وعن صحيح البخاري ج3 ص144 وعن صحيح مسلم ج5 ص162 والجامع لأحكام القرآن ج18 ص26.
([79]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص151 وفي هامشه: عن البخاري ج7 ص474 (4120) وعن مسلم ج 3 ص1391 (70/1771) ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص288 ومسند أحمد ج3 ص219. وعن صحيح البخاري ج3 ص144 (ط دار الفكر) وعن صحيح مسلم (ط دار الفكر) ج5 ص163 وعن فتح الباري ج5 ص180 ومسند أبي يعلى ج7 ص122 و 124 وصحيح ابن حبان ج10 ص359 وعن تفسير القرآن العظيم لابن كثير ج4 ص359 وعن الطبقات الكبرى ج8 ص225 وتذكرة الحفاظ ج2 ص436 وسير أعلام النبلاء ج2 ص225 وج11 ص474 وعن البداية والنهاية ج4 ص92 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص154 والمحلى ص164 والجامع لأحكام القرآن ج18 ص26.
([80]) راجع: قاموس الرجال ج10 ص387 عن أنساب الأشراف ج2 ص224 والإستغاثة ج1 ص9 وحديث نحن معاشر الأنبياء ص28 والطرائف ص249 ومواقف الشيعة ج2 ص406 وتفسير القمي ج2 ص155 واللمعة البيضاء ص300 و 309 و 839 وعن الإحتجاج ج1 ص121 وعن كتاب سليم بن قيس ص354 والخرائج والجرائح ج1 ص113 والبحار ج17 ص379 وج29 ص116 و 128 وج30 ص352 وتفسير نور الثقلين ج4 ص186 وبيت الأحزان ص133 والأنوار العلوية ص292 ومجمع النورين ص117 و 134 والإصابة ج8 ص359.
([81]) الكافي ج5 ص292 و 294 ومن لا يحضره الفقيه ج3 ص233 و 103 والتهذيب ج7 ص147 والوسائل ج17 ص340 و 341 وراجع: البحار ج2 ص267 وج22 ص134 وج100 ص127 والفائق ج2 ص442 ومصابيح السنة للبغوي ج2 ص14 والنظم الإسلامية ص321 عن أبي داود، وعن عون المعبود ج2 ص352 والكنى والألقاب ج3 ص30 والإيضاح ص542 والفصول المهمة في أصول الأئمة ج1 ص672 وشرح النهج للمعتزلي ج4 ص78 ومعجم رجال الحديث ج9 ص320.
([82]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص147 و 148 عن النسائي، والبيهقي، والسنن الكبرى للبيهقي ج4 ص16 والمصنف لعبد الرزاق ج5 ص276 والمعجم الكبير ج7 ص271 وتهذيب الكمال ج17 ص234.
([83]) راجع: شرح النهج للمعتزلي ج14 ص237 ملخصاً.
([84]) التراتيب الإدارية ج1 ص412 عن الإستيعاب، والطبقات الكبرى ج7 ص406 وتاريخ مدينة دمشق ج23 ص435 وج59 ص67 وج6 ص241 وأسد الغابة ج5 ص112.
([85]) التراتيب الإدارية ج1 ص225 وراجع ص 390 و391 وفي (ط أخرى) ج1 ص444 عن أبي داود، ومكاتيب الرسول ج1 ص28 وعن سنن أبي داود ج2 ص448 ومسند أحمد ج5 ص289، وكذلك في السنن الكبرى للبيهقي ج10 ص129 وعن عون المعبود ج13 ص142 ومكارم الأخلاق ص120 وفي المعجم الكبير ج17 ص36 وكنز العمال ج9 ص176 وفي كشف الخفاء ج1 ص69 والطبقات الكبرى (ط دار صادر) ج4 ص296 وتاريخ مدينة دمشق ج45 ص424 وأسد الغابة ج4 ص14 وتهذيب الكمال ج15 ص369 وسير أعلام النبلاء ج3 ص180 وعن الإصابة ج4 ص459.
([86]) مكاتيب الرسول ج1 ص28 وعن سنن أبي داود ج2 ص448 ومسند أحمد ج5 ص289 والسنن الكبرى للبيهقي ج10 ص129 والمعجم الكبير ج17 ص36 وكشف الخفاء ج1 ص69 والطبقات الكبرى (ط دار صادر) ج4 ص296 وأسد الغابة ج4 ص14 وتهذيب الكمال ج15 ص369.
([87]) خرص النخلة: قدَّر ما عليها.
([88]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص133 وج8 ص397 والسيرة الحلبية ج3 ص57 وتاريخ الخميس ج2 ص56 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص814 ومجمع الزوائد ج3 ص76 والمعجم الكبير ج2 ص270 وكنز العمال ج15 ص540 وعن الإصابة ج1 ص559 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص306 وعن البداية والنهاية ج4 ص230 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص384.
([89]) تاريخ الخميس ج2 ص55 ومصادر كثيرة أخرى.
([90]) البحار ج21 ص22 عن إعلام الورى ج1 ص208 وقصص الأنبياء للراوندي ص345.
([91]) السيرة الحلبية ج3 ص43 و 44، وراجع: إمتاع الأسماع ص321 والبحار ج21 ص5 وتفسير مجمع البيان ج9 ص203 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص302 وعن البداية والنهاية ج4 ص224 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص799 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص374 والأنوار العلوية ص198 والسير الكبير ج1 ص281.
([92]) السيرة الحلبية ج3 ص43 والبحار ج38 ص241 ومسند أحمد ج3 ص102 وعن صحيح البخاري ج1 ص98 وعن صحيح مسلم ج4 ص145 وعن سنن أبي داود ج2 ص31 وسنن النسائي ج6 ص133 وعن فتح الباري ج7 ص360 ومسند ابن راهويه ج4 ص31 والسنن الكبرى للنسائي ج3 ص335 وج4 ص138 وج6 ص442 وعن أسد الغابة ج5 ص490 وسير أعلام النبلاء ج2 ص232 وعن البداية والنهاية ج4 ص224 وعن عيون الأثر ج2 ص137 و 390 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص373.
([93]) السيرة الحلبية ج3 ص43 عن البخاري وفي البخاري ج7 ص360 وفي المغازي باب غزوة خيبر، وفي (ط دار الفكر) ج1 ص98 وصحيح مسلم (ط دار الفكر) ج4 ص146 ومسند أحمد (ط دار صادر) ج3 ص102 ونيل الأوطار ج8 ص112 وسنن النسائي ج6 ص133 وعن فتح الباري ج7 ص360 والسنن الكبرى للنسائي ج3 ص335 وج4 ص138 والمحلى ج9 ص116 ومسند ابن راهويه ج4 ص31 والبداية والنهاية ج4 ص224 وعيون الأثر ج2 ص390 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص373.
([94]) السيرة الحلبية ج3 ص43 عن الأم للشافعي، عن الواقدي، وعن فتح الباري (المقدمة) ص303 وج1 ص405.
([95]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص43 عن البخاري ومصادر كثيرة أخرى تقدمت.
([96]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص44 وعن الطبقات الكبرى ج8 ص121 والسير الكبير ج1 ص281 وعن الإصابة ج8 ص210 و 211 وعن أسد الغابة ج5 ص490 وعن عيون الأثر ج2 ص391 والبحار ج21 ص6 و 33 وتفسير مجمع البيان ج9 ص203 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص302 وعن البداية والنهاية ج4 ص224 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص799 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص374 والأنوار العلوية ص198 وزوجات النبي ص100 ومجمع الزوائد ج9 ص250 والآحاد والمثاني ج5 ص441 والمعجم الكبير ج24 ص67 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص215 وموارد الظمآن ص413 وتاريخ مدينة دمشق ج3 ص221 وفتوح البلدان ج1 ص26 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص138 وصحيح ابن حبان ج11 ص608.
([97]) المستدرك للحاكم ج4 ص27 والبحار ج20 ص290 ومستدرك سفينة البحار ج4 ص27 والمنتخب من ذيل المذيل ص101 والبداية والنهاية ج4 ص182 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص582 وإعلام الورى ج1 ص196 و 197 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص303 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص347 وج11 ص210 و211.
([98]) البحار ج21 ص40 عن مشارق أنوار اليقين، والسيرة الحلبية ج3 ص44 وحلية الأبرار ج2 ص161 ومدينة المعاجز ج1 ص426 وشجرة طوبى ج2 ص293 ومجمع النورين ص177.
([99]) السيرة الحلبية ج3 ص44 ومجمع الزوائد ج9 ص15 و 251 و 252 والآحاد والمثاني ج5 ص445 ومسند أبي يعلى ج13 ص37 و 38 والمعجم الأوسط ج6 ص345 والمعجم الكبير ج24 ص67 وكنز العمال ج13 ص637 وتاريخ مدينة دمشق ج3 ص385 وفتوح البلدان ج1 ص27 وعن البداية والنهاية ج4 ص227 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص378 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص215.
([100]) السيرة الحلبية ج3 ص44 وعن الإصابة ج8 ص210 وعن الطبقات الكبرى ج8 ص121.
([101]) السيرة الحلبية ج3 ص44 وعن البداية والنهاية ج4 ص242 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص802 وعن عيون الأثر ج2 ص402 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص402.
([102]) الآيتان 1 و 2 من سورة المطففين.
([103]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص136 و 137 عن مسند أحمد، وتاريخ البخاري، ومجمع الزوائد، والطحاوي، والحاكم، والبيهقي، ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص247 والسيرة الحلبية ج3 ص49 والمغازي للواقدي ج2 ص636 ومسند ابن راهويه ج1 ص20.
([104]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص137 وج6 ص128 وفي هامشه عن: البخاري ج7 ص561 (4237). ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص247 وعن البداية والنهاية ج4 ص208 وعن صحيح البخاري ج3 ص211 وج5 ص82 وعن سنن أبي داود ج1 ص619 والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص333 وعون المعبود ج7 ص281 ومسند الحميدي ج2 ص472 وتاريخ مدينة دمشق ج47 ص4 وعن الإصابة ج6 ص356 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص392 و 393 ومعجم ما استعجم ج3 ص1053.
([105]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص137 وج6 ص128 وفي هامشه عن: البخاري ج7 ص561 (4238). وعن صحيح البخاري ج5 ص82 وعن فتح الباري ج6 ص378 وشيخ المضيرة ص46 وعن البداية والنهاية ج4 ص236 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص393 ومعجم ما استعجم ج3 ص1053.
([106]) راجع: الإصابة ج3 ص287 وتاريخ الخميس ج2 ص42 وطبقات ابن سعد (ط ليدن) ج6 ص31 و 78 والبداية والنهاية ج8 ص102 وعن سير أعلام النبلاء ج2 ص436 وإمتاع الأسماع ج1 ص326 والإيضاح ص537 والبحار ج17 ص111 والمستدرك للحاكم ج4 ص48 وشرح صحيح مسلم للنووي ج13 ص211 وفتح الباري ج1 ص62 وج6 ص402 وج12 ص106 وعن ج7 ص391 و 397 = = وعون المعبود ج4 ص197 ومسند ابن راهويه ج1 ص17 وصحيح ابن حبان ج3 ص405 وج5 ص424 وج6 ص26 ونصب الراية ج2 ص144 والجامع لأحكام القرآن ج3 ص217 وأبو هريرة للسيد شرف الدين ص15 و 66 و 178 والثقات ج2 ص22 وأسد الغابة ج2 ص146 والأنساب للسمعاني ج3 ص15 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص367 والكنى والألقاب ج1 ص179 وتذكرة الحفاظ ج1 ص32 وعن المعارف لابن قتيبة ص177 والناصريات ص98 و 237 ومنتهى المطلب (ط قديم) ج1 ص404 و 408 والمجموع ج4 ص63 و 87 والمحلى ج5 ص110 والفصول في الأصول ج1 ص175 ونيل الأوطار ج1 ص376 وج7 ص206 ومكاتيب الرسول ج2 ص350 وشرح صحيح مسلم للنووي ج1 ص220 وج5 ص71 وتحفة الأحوذي ج7 ص328 والفايق في غريب الحديث ج1 ص293 وتلخيص الحبير ج4 ص186 وعدة الأصول (ط قديم) ج1 ص336 والخلاف ج1 ص405 ومن لا يحضره الفقيه ج1 ص358 وشيخ المضيرة ص72 و 111 ومشاهير علماء الأمصار ص35 والأعلام للزركلي ج3 ص308 وغريب الحديث ج4 ص197.
([107]) قاموس الرجال (ط سنة 1422 هـ) ج11 ص555 عن صاحب القاموس، ودراسات في علم الدراية لعلي أكبر غفاري ص208 وسبل السلام ج1 ص14 والإيضاح ص537 وشرح مسلم للنووي ج1 ص67 وشرح سنن النسائي ج1 ص7 وطرائف المقال ج2 ص149.
([108]) شيخ المضيرة ص43 وعن الإصابة ج7 ص351 وعن الكنى للحاكم، وعن الإستيعاب، وتاريخ ابن عساكر.
([109]) شيخ المضيرة ص124 و 127 و 32 وتاريخ الخميس ج2 ص43 وأبو هريرة للسيد شرف الدين ص44 و 54 والمجموع للنووي ج1 ص266 وسبل السلام ج1 ص14 والبحار ج30 ص704 وج31 ص252 وشرح مسلم للنووي ج1 ص67 ومسند ابن راهويه ج1 ص8 و 47 وج2 ص48 وسير أعلام النبلاء ج2 ص632 وسبل الهدى والرشاد ج1 ص68 والنص والإجتهاد ص509 ووضوء النبي ج1 ص50 و 52 و 216 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص40 وج4 ص355 وأمان الأمة من الإختلاف ص102 وأضواء على الصحيحين ص99 وأضواء على السنة المحمدية ص200 و 224 والفصول في الأصول ج1 ص175 والأعلام ج3 ص308 وغريب الحديث ج4 ص179.
([110]) راجع: شيخ المضيرة ص63 ـ 65 و 67 و 68 و 71 عن سير أعلام النبلاء ج1 ص265 وج2 ص191 وعن فتح البـاري ص209 و 208 وعن الطـبري، = = والإصابة ج4 والنص والإجتهاد ص509 ومجمع الزوائد ج9 ص376 والمعجم الصغير ج1 ص143 والمعجم الأوسط ج3 ص15 وتهذيب الكمال ج22 ص485 والمعجم الكبير ج18 ص95 وعن مقدمة فتح الباري ص260 وعن الطبقات الكبرى ج4 ص362.
([111]) الإصابة (ط دار الكتب العلمية) ج7 ص359 وأبو هريرة للسيد شرف الدين ص204 وشيخ المضيرة للشيخ محمود أبي رية ص67 وسير أعلام النبلاء ج2 ص605 والبداية والنهاية ج8 ص116 وتاريخ مدينة دمشق ج67 ص355.
([112]) وقد تَقِلُّ المدة المذكورة إلى تسعة أشهر أي من شهر صفر سنة تسع إلى شهر ذي القعدة سنة ثمان، وحتى لو قلنا: أنه أقام معه سنة وشهرين فقط إذا لاحظنا الأقوال الأخرى في تاريخ وقعة خيبر، وتاريخ إرسال العلاء إلى البحرين، فإنه لا يصح أن يقول: انه اقام معه إلى أن مات. راجع: شيخ المضيرة ص63 هامش.
([113]) راجع: صحيح البخاري، تفسير سورة براءة، ومستدرك الحاكم ج2 ص331 وج4 ص179 ومسند أحمد ج2 ص299 وسنن النسائي ج5 ص234 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص345 و 346 وعن فتح الباري ج8 ص240 و 242 وتفسير القرآن للصنعاني ج2 ص265 والدر المنثور ج3 ص209 وشيخ المضيرة ص109 وإرواء الغليل ج4 ص301 وزاد المسير ج3 ص266 والمجموع ج8 ص223 وج19 ص435 ونيل الأوطار ج5 ص29 والعمدة ص162 والصوارم المهرقة ص124 وعن صحيح البخاري ج1 ص97 وج4 ص69 وج5 ص202 وعن صحيح مسلم ج4 ص106 وعن سنن أبي داود ج1 ص435 والسنن الكبرى للبيهقي ج5 ص166 وج9 ص185 و 206 وشرح مسلم للنووي ج9 ص115 وعن فتح الباري ج6 ص200 وج8 ص238 و 242 وصحيح ابن خزيمة ج4 ص209 ومسند الشاميين ج4 ص184 وخصائص الوحي المبين لابن البطريق ص159 وجامع البيان ج10 ص94 ومعاني القرآن ص153 وزاد المسير ج3 ص266 والجامع لأحكام القرآن ج8 ص69 وفتح القدير ج2 ص334 والأحكام لابن حزم ج5 ص611 وعن الطبقات الكبرى ج2 ص169 وسير أعلام النبلاء ج14 ص213 وعن البداية والنهاية ج5 ص45 ونهج الإيمان ص248 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص70.
([114]) راجع: شيخ المضيرة ص127 ـ 129 ووضوء النبي ج1 ص216.
([115]) راجع: سير أعلام النبلاء ج2 ص601 ـ 603 والبداية والنهاية ج8 ص106 والغدير ج6 ص295 ومكاتيب الرسول ج1 ص636 وشيخ المضيرة ص103 وتاريخ مدينة دمشق ج50 ص72 وج67 ص343 والإيضاح ص536 والبحار ج36 ص92 وخلاصة عبقات الأنوار ج3 ص246 والكنى والألقاب ج1 ص180 والمسائل الصاغانية ص78 والإيضاح ص536 وحلية الأبرار ج1 ص25 وكنز العمال ج10 ص291 وأضواء على السنة المحمدية ص54 و 201 وأبو هريرة ص160 و 188 وعن الإصابة ج1 ص69 وتاريخ المدينة ج3 ص80.
([116]) شرح النهج للمعتزلي ج4 ص67 و 68 والإيضاح ص495 و 536 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص389 والغارات ج2 ص660 وكتاب الأربعين للشيرازي ص296.
وراجع: خلاصة عبقات الأنوار ج3 ص245 و 247 والغدير ج6 ص295 والبحار ج31 ص93 وج38 ص239 وأبو هريرة للسيد شرف الدين ص186 وشيخ المضيرة ص148 والمسائل الصاغانية ص78 والحدائق الناضرة ج5 ص380 والكنى والألقاب ج1 ص180.
([117]) راجع: شيخ المضيرة ص104 وسير أعلام النبلاء ج2 ص601 و 602 والغدير ج6 ص295 ومكاتيب الرسول ج1 ص636 والمصنف للصنعاني ج11 ص262 وتاريخ مدينة دمشق ج67 ص344 والبداية والنهاية ج8 ص115 وتدوين السنة ص414 وأضواء على السنة المحمدية ص201.
([118]) عوالي اللآلي ج3 ص87.
([119]) البداية والنهاية ج8 ص107.
وراجع: سير أعلام النبلاء ج2 ص603 والسنة قبل التدوين ص458 ومسند ابن راهويه ج1 ص54 وتاريخ مدينة دمشق ج67 ص344 وعن الإصابة ج1 ص69.
([120]) مسند ابن راهويه ج1 ص55 والسنة قبل التدوين ص455.
([121]) الخصال ج1 ص190 والإيضاح ص541 والبحار ج2 ص217 وج22 ص102 و 242 وج31 ص640 وعن ج108 ص31 ومجمع رجال الحديث ج4 ص151 وج11 ص79.
([122]) شرح النهج للمعتزلي ج20 ص31 عن كتاب التوحيد للجاحظ، والإيضاح ص524 و 541 وغير ذلك، وكتاب الأربعين ص333 ومواقف الشيعة ج2 ص274 والدرجات الرفيعة ص27.
([123]) شرح النهج للمعتزلي ج4 ص67 والإيضاح ص495 و 541 والغارات ج2 ص660 وكتاب الأربعين للشيرازي ص296 وخلاصة عبقات الأنوار ج3 ص247 و 253 وأبو هريرة للسيد شرف الدين ص186 وشيخ المضيرة ص148 والكنى والألقاب ج1 ص180 وأضواء على السنة المحمدية ص206 والحدائق الناضرة ج5 ص380.
([124]) شرح النهج للمعتزلي ج4 ص68 وخلاصة عبقات الأنوار ج3 ص247 والإيضاح ص60 و 496 والغارات ج2 ص660 والمسترشد ص170 والصراط المستقيم ج3 ص248 وكتاب الأربعين للشيرازي ص296 والبحار ج33 ص215 وأبو هريرة للسيد شرف الدين ص160 و 186 و 188 وشيخ المضيرة ص135 وأضواء على السنة المحمدية ص204 والمسائل الصاغانية ص78 ورسائل المرتضى ج3 ص284.
([125]) شيخ المضيرة ص135 والنصائح الكافية ص172 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص41 والإيضاح ص518 وكتاب الأربعين للشيرازي ص327 ومواقف الشيعة ج2 ص267 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج20 ص24 والدرجات الرفيعة ص21.
([126]) شرح النهج للمعتزلي ج4 ص68 والإيضاح ص496 والغارات ج2 ص660 وكتاب الأربعين للشيرازي ص296 وخلاصة عبقات الأنوار ج3 ص250 وأبو هريرة ص186 وشيخ المضيرة ص147 وأضواء على السنة المحمدية ص205.
([127]) شرح النهج للمعتزلي ج4 ص67 عن الإسكافي وشجرة طوبى ج1 ص96 وتحف العقول ص194 والغارات ج2 ص659 والإيضاح ص495 ووسائل= = الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص45 وكتاب الأربعين للشيرازي ص295 وخلاصة عبقات الأنوار ج3 ص255 والنص والإجتهاد ص512 ومستدرك سفينة البحار ج10 ص529 وأبو هريرة للسيد شرف الدين ص43 وأضواء على السنة المحمدية ص216 ونهج السعادة ج8 ص486 ووضوء النبي للشهرستاني ص232 وشيخ المضيرة ص236 والكنى والألقاب ج1ص179 وحياة الإمام الحسين ج2 ص157.
([128]) شرح النهج للمعتزلي ج4 ص68 والمناقب للخوارزمي ص205 وعن فضائل الصحابة للسمعاني والإيضاح ص496 و 536 و 537 والغارات ج2 ص658 و 659 و 661 ومناقب أمير المؤمنين ج2 ص403 وكتاب الأربعين للشيرازي ص296 والبحار ج37 ص199 وخلاصة عبقات الأنوار ج7 ص230 والنص والإجتهاد ص515 والغدير ج1 ص203 و 204 وأضواء على السنة المحمدية ص217 وأبو هريرة للسيد شرف الدين ص43 وشيخ المضيرة ص237 والكنى والألقاب ج1 ص181.
([129]) المناقب للخوارزمي ص206 ومواقف الشيعة ج2 ص322 وتذكرة الخواص ص85 وقاموس الرجال (ط سنة 1422 هـ) ج11 ص554 عنه.
([130]) راجع: البداية والنهاية ج8 ص120 وأحاديثه في مدح معاوية كثيرة فراجع: شيخ المضيرة ص234 وكتاب الغدير للعلامة الأميني ج5 ص306 وج11 ص77، وأضواء على السنة المحمدية ص215 والكامل ج1 ص192 وج2 ص345 وتاريخ بغداد ج12 ص8 وتاريخ مدينة دمشق ج27 ص235 والموضوعات ج2 ص17 وتهذيب الكمال ج1 ص421 وميزان الإعتدال ج1 ص126 وج3 ص142 وكتاب المجروحين ج1 ص146 والبداية والنهاية ج8 ص128 وسير أعلام النبلاء ج3 ص130 والكشف الحثيث ج1 ص126 ولسان الميزان ج1 ص241 وج2 ص220 وج3 ص265 وج4 ص237 وغير ذلك.
([131]) سير أعلام النبلاء ج2 ص615 وتذكرة الحفاظ ج1 ص34 والبداية والنهاية ج8 ص114 وتاريخ مدينة دمشق ج67 ص373 ومعرفة الثقات ج1 ص405 وشيخ المضيرة ص219.
([132]) تذكرة الحفاظ ج1 ص36 وسير أعلام النبلاء ج2 ص613 وعن توليه للمدينة راجع: شيخ المضيرة ص233 وتاريخ مدينة دمشق ج67 ص372 والبداية والنهاية ج8 ص121.
([133]) راجع: الإستيعاب ج2 ص424 و 425 وسير أعلام النبلاء ج2 ص4 و 6 وشيخ المضيرة ص230 ومواقف الشيعة ج2 ص450 وتاريخ مدينة دمشق ج26 ص198.
([134]) الإستيعاب ج2 ص414 وشيخ المضيرة ص198.
([135]) راجع: شيخ المضيرة ص231 عن الغارات ج2 ص446 وشرح النهج للمعتزلي ج2 ص301.
([136]) راجع: شيخ المضيرة ص234 و 236 عن كتاب قبول الأخبار ومعرفة الرجال للبلخي (مخطوط) ص590.
([137]) شرح النهج للمعتزلي ج4 ص63 والغارات ج2 ص659 وكتاب الأربعين للشيرازي ص294 والبحار ج30 ص401 وج33 ص178 و 215 والنص والإجتهاد ص509 و 597 وأبو طالب حامي الرسول ص163 وأضواء على السنة المحمدية ص216 وسماء المقال في علم الرجال ج1 ص10 وأبو هريرة لشرف الدين ص42 ووضوء النبي ج1 ص256 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص40 والإيضاح ص494 وخلاصة عبقات الأنوار ج3 ص254 وشجرة طوبى ج1 ص96 وأضوا ء على الصحيحين ص98 وشيخ المضيرة ص199 و 236.
([138]) عن صحيح البخاري ج5 ص81 وج7 ص235 وعن صحيح مسلم ج1 ص75 وعن فتح الباري ج7 ص374 وعن البداية والنهاية ج4 ص236 وصحيح ابن حبان ج11 ص188 ونيل الأوطار ج8 ص135 ومسند ابن راهويه ج1 ص21 وأبو هريرة ص178 وشيخ المضيرة ص109 وسير أعلام النبلاء ج18 ص377 وإثبات عذاب القبر للبيهقي ص92 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص394 والديباج على مسلم ج1 ص130 وتاريخ مدينة دمشق ج4 ص283 والمحلى ج7 ص344 والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص317 وج9 ص100 و 137.
([139]) مستدرك الحاكم ج4 ص48 وتلخيص المستدرك للذهبي (مطبوع بهامشه) نفس الصفحة والجزء ومجمع الزوائد ج9 ص81 وسيرة مغلطاي ص16 و 17 ومنتخب كنز العمال (مطبوع مع مسند أحمد) ج5 ص4 عن الحاكم، وابن عساكر، والمعجم الكبير ج1 ص77 وكنز العمال ج11 ص590 وج13 ص41 وأبو هريرة للسيد شرف الدين ص30 و 177 وشيخ المضيرة ص111 وتاريخ مدينة دمشق ج39 ص97 والآحاد والمثاني ج5 ص376 والذرية الطاهرة النبوية ص50 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص282.
([140]) شيخ المضيرة ص111 ومستدرك الحاكم ج4 ص48 وتلخيص المستدرك للذهبي (مطبوع مع المستدرك) نفس الجزء والصفحة.
([141]) راجع: صحيح البخاري باب3 من أبواب ما جاء في السهو في الصلاة ج1 ص175 وج2 ص66 وج8 ص133 وعن صحيح مسلم ج2 ص87 وسنن الترمذي ج1 ص247 أبواب السهو، وفتح الباري ج3 ص77 و 83 والمصنف لابن أبي شيبة ج1 ص488 والمصنف للصنعاني ج2 ص296 و 297 و 299 ومسند أحمد ج2 ص234 و 271 و 284 والموطأ ج1 ص93 و 115 وعن كنز العمال ج8 ص136 و 214 عن الصنعاني، وابن أبي شيبة، وتهذيب الأسماء واللغات ج1 ص186 والإصابة ج1 ص489 و 429 والإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج1 ص491 و 492 وأسد الغابة ج2 ص146 وسنن البيهقي ج2 ص231 والنزاع والتخاصم ص113وعن سنن النسائي باب ما يفعل من سلم من الركعتين ناسياً ج3 ص23، وصحيح ابن خزيمة ج2 ص37 و 119 ومجمع الزوائد ج2 ص151 وتحفة الأحوذي ج2 ص356 والسنن الكبرى للنسائي ج1 ص200 و 201 و 365 و 366 وشرح معاني الآثار ج1 ص445 وأبو هريرة للسيد شرف الدين ص89 و 178 وشيخ المضيرة ص111 وطبقات المحدثين بإصبهان ج4 ص32 ومنتهى المطلب (ط قديم) ج1 ص308 و 417 وكتاب الأم ج1 ص147 وج7 ص194 و 204 والمجموع ج4 ص77 و 86 وتلخيص الحبير ج4 ص109 ومغني المحتاج ج1 ص195 وإعانة الطالبين ج1 ص242 وفقه السنة ج1 ص272 والبحار ج17 ص111 وإختلاف الحديث ص539 وعون المعبود ج3 ص221 وصحيح ابن حبان = = ج6 ص26 و 403 والمعجم الصغير ج1 ص112 ونصب الراية ج2 ص195 وأضواء على السنة المحمدية ص286 والكامل ج3 ص120 و 432 وعلل الدارقطني ج10 ص7 وسير أعلام النبلاء ج13 ص46 وغير ذلك.
([142]) تهذيب الأسماء واللغات ج1 ص186 وراجع: الدر المنثور للعاملي ج1 ص109 وطبقات ابن سعد ج3 ص119 والبحار ج17 ص111 وج85 ص219 وأسد الغابة ج3 ص330.
([143]) شيخ المضيرة ص112.
([144]) راجع على سبيل المثال: إرشاد الساري ج3 ص267 ومسند أحمد وغير ذلك.
([145]) أبو هريرة راوية الإسلام لمحمد عجاج الخطيب ص107.
([146]) أبو هريرة راوية الإسلام لمحمد عجاج الخطيب ص107 وشيخ المضيرة ص74 و 287.
([147]) المستدرك على الصحيحين ج3 ص42 وشيخ المضيرة ص74.
([148]) تأويل مختلف الحديث ص28 و 43 و 44 و 51 وأضواء على السنة المحمدية ص204 وأبو هريرة للسيد شرف الدين ص189 وشيخ المضيرة ص134 والمحصول ج4 ص325.
([149]) عن صحيح البخاري ج1 ص120 وج4 ص191 و 254 وعن مسند أحمد ج1 ص408 و 412 و 434 و 437 و 439 و 455 و 463 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1064 والشفا بتعريف حقوق المصطفى ج1 ص211 وعن عيون الأثر ج1 ص246 وعيون أخبار الرضا ج1 ص201 وعوالي اللآلي ج3 ص88 والبحار ج35 ص267 وج49 ص191 وخلاصة عبقات الأنوار ج1 ص89 والغـديـر ج3 ص111 وج5 ص311 وج8 ص33 وج9 ص347 = = وج10 ص130 وفضائل الصحابة ص3 وسنن الدارمي ج2 ص353 وعن صحيح مسلم ج2 ص68 وج7 ص108 وسنن ابن ماجة ج1 ص36 وسنن الترمذي ج5 ص270 والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص246 وشرح مسلم للنووي ج1 ص195 والمحصول ج4 ص326 ومجمع الزوائد ج9 ص43 وعن فتح الباري ج7 ص12 وعن تحفة الأحوذي ج10 ص96 والمصنف للصنعاني ج5 ص430 وج10 ص96 ومسند أبي داود الطيالسي ص39 والمصنف لابن أبي شيبة ج7 ص350 ومسند ابن راهويه ج1 ص41 وج2 ص22 وتأويل مختلف الحديث ص43 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص35 وج6 ص328 ومسند أبي يعلى ج4 ص457 وج9 ص112 وج12 ص178 وصحيح ابن حبان ج14 ص558 وج15 ص270 والمعجم الأوسط ج1 ص236 وج2 ص306 وج4 ص334 وج6 ص39 وج8 ص185 وعن المعجم الكبير ج2 ص168 وج5 ص220 وج10 ص105 وج11 ص268 وج12 ص93 وج22 ص328 ومسند الشاميين ج1 ص544 والأذكار النووية ص277 والجامع الصغير ج2 ص437 وكنز العمال ج4 ص349 وج11 ص544 وج12 ص507 وفيض القدير ج5 ص368 وكشف الخفاء ج1 ص33 والكامل ج3 ص206 والجامع لأحكام القرآن ج5 ص400 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص573 والدر المنثور ج3 ص243 وج4 ص340 والطبقات الكبرى ج2 ص228 وج3 ص176 والثقات ج2 ص132 وطبقات المحدثين بإصبهان ج4 ص58 وعلل الدارقطني ج5 ص318 وتاريخ بغداد ج3 ص351 وج13 ص65 وتاريخ مدينة دمشق ج9 ص314 وج24 ص8 وج28 ص142 وج30 ص60 والموضوعات ج1 ص366 وأسد الغابة ج1 ص296 وج3 ص212 وتهذيب الكمال ج16 ص246 وتذكرة الحفـاظ ج1 ص401 وميـزان الإعتـدال ج1 ص201 وج3 ص390 وسـير أعـلام = = النبلاء ج2 ص142 وج10 ص458 ومن له رواية في كتب الستة ج1 ص573 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص343 والبداية والنهاية ج1 ص195 وج5 ص249 وج6 ص300 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص62 وقصص الأنبياء لابن كثير ج1 ص239 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص454 وسبل الهدى والرشاد ج1 ص447 وج4 ص244 وج9 ص396 وج11 ص254 وج12 ص234.
([150]) فتح الباري ج7 ص14 عن صحيح مسلم ج2 ص68 وشرح مسلم للنووي ج5 ص13 والديباج على مسلم ج2 ص209 والمعجم الأوسط ج4 ص334 والمعجم الكبير ج2 ص168 وأحكام الجنائز ص217 وكنز العمال ج11 ص545 و 553 وإرواء الغليل ج1 ص318 وشيخ المضيرة ص134 وتاريخ مدينة دمشق ج30 ص251 و 252.
([151]) مسند أحمد ج1 ص377 و 389 و 395 و 409 و 410 و 433 وعن صحيح مسلم ج7 ص109 وسنن ابن ماجة ج1 ص36 وسنن الترمذي ج5 ص269 والطبقات الكبرى ج3 ص176 وعلل الدارقطني ج5 ص320 وتذكرة الحفاظ ج1 ص401 وسير أعلام النبلاء ج10 ص458 والمعجم الأوسط ج1 ص236 والمعجم الكبير ج3 ص246 ومجمع الزوائد ج9 ص45 وكنز العمال ج4 ص349 وتفسـير القـرآن العظيـم ج1 ص573 وعن المصنف لابن أبي = = شيبة ج7 ص419 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص36 ومسند أبي يعلى ج9 ص80 وصحيح ابن حبان ج14 ص335 وتاريخ مدينة دمشق ج30 ص235 وتهذيب الكمال ج16 ص246 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص455 وعن البداية والنهاية ج1 ص195 وسبل الهدى والرشاد ج1 ص455.
([152]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج4 ص78 والبحار ج34 ص289 عنه وج18 ص132 وج28 ص36 عن الإستيعاب، وأسد الغابة، ومجمع الزوائد ج8 ص290 وجزء أشيب للأشيب البغدادي ص58 والمعجم الكبير ج7 ص177 والمعجم الأوسط ج6 ص208 وخلاصة عبقات الأنوار ج3 ص263 والنص والإجتهاد ص222 والإيضاح هامش ص67 وأبو هريرة للسيد شرف الدين ص215 و 219 والإستيعاب مطبوع مع الإصابة ج2 ص78 والتاريخ الصغير ج1 ص133 وتهذيب الكمال ج12 ص133 وج34 ص257 وسير أعلام النبلاء ج3 ص84 و 85 وتهذيب التهذيب ج4 ص207 وج12 ص200 ولسان الميزان ج7 ص12 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص95 والبداية والنهاية ج6 ص253 و 254 والشفاء لعياض ج1 ص239 والنصائح الكافية ص76 والإصابة ج2 ص79 وفرحة الغري ص47.
([153]) الإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج2 ص79 وتحفة الأحوذي ج1 ص455 وأبو هريرة للسيد شرف الدين ص219 وطبقات خليفة ص97 والتاريخ الكبير للبخاري ج4 ص176 وتهذيب الكمال ج12 ص134 وتهذيب التهذيب ج4 ص207 وتقريب التهذيب ج1 ص395 وعن الإصابة ج7 ص303 وكتاب الغيبة ص126.
([154]) الإصابة ج2 ص79.
([155]) شيخ المضيرة ص264 عن شرح صحيح مسلم للنووي، وأبو هريرة لشرف الدين ص209 عن الواقدي، وابن نمير، وأبي عبيد، وابن الأثير، وابن جرير، وغيرهم.
([156]) أبو هريرة لشرف الدين ص211 وصحيح ابن حبان ج10 ص463 وتاريخ مدينة دمشق ج67 ص390.
([157]) البحار ج16 ص410 وج17 ص254 و 365 ولكن في ج10 ص38 في حنين، وج21 ص30 و 28 عن الخرائج والجرائح ج1 ص54 و 161 وج2 ص912 وعن الإحتجاج ج1 ص324 وفي الثاقب في المناقب ص46 في حنين، وعن مناقب آل أبي طالب ج1 ص114 و 189 وفي نور البراهين ج2 ص462 في حنين، وفي نور الثقلين ج3 ص384 أيضاً في حنين، وج4 ص53 في خيبر، وعن البداية والنهاية ج6 ص311.
([158]) السيرة الحلبية ج3 ص53 والخرائج والجرائح ج1 ص42 والبحار ج18 ص9 وعن مسند أحمد ج4 ص48 وعن صحيح البخاري ج5 ص76 وعون المعبود ج10 ص276 وتاريخ مدينة دمشق ج22 ص94 و 95 وعن البداية والنهاية ج4 ص216 وعن عيون الأثر ج2 ص148 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص360 وعن فتح الباري ج7 ص364 وسبل الهدى والرشاد ج10 ص24 وسنن أبي داود ج2 ص227 وصحيح ابن حبان ج14 ص439 ومستدرك سفينة البحار ج10 ص107.
([159]) السيرة الحلبية ج3 ص53 وسنن الدارمي ج1 ص13 ومجمع الزوائد ج9 ص5 والمصنف لابن أبي شيبة ج7 ص435 وكنز العمال ج12 ص403 وتاريخ مدينة دمشق ج4 ص371 والبداية والنهاية ج6 ص153 والخرائج والجرائح ج1 ص46 ومسند أحمد ج4 ص7.
([160]) السيرة الحلبية ج3 ص54 والبداية والنهاية ج4 ص217 والمعجم الأوسط ج3 ص356 والمعجم الكبير ج19 ص84 ومجمع الزوائد ج7 ص213 في حنين. وراجع: فتح الباري ج7 ص361 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص333.
([161]) البحار ج36 ص212 و 213 عن روضة الواعظين ص139 وعن فضائل ابن شاذان، ومكاتيب الرسول ج1 ص257 واللمعة البيضاء ص192 والروضة في المعجزات والفضائل ص146.
([162]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص129 وتاريخ مدينة دمشق ج15 ص357 وعن الإصابة ج2 ص125.
([163]) سبل الهـدى والرشاد ج5 ص140 وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص51 و 52 = = وتاريخ مدينة دمشق ج12 ص105 وعن أسد الغابة ج1 ص382 والثقات ج2 ص19 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص305 وعن البداية والنهاية ج4 ص245 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص808 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص408.
([164]) أي قاطع الرحم. كانوا يصفون رسول الله "صلى الله عليه وآله" بذلك كذباً وزوراً، وإمعاناً في البغي عليه.
([165]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص139 و 141 عن أحمد، والبيهقي، وابن إسحاق، والواقدي عن أنس وغيره، والسيرة الحلبية ج3 ص51 و 52 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص304 ـ 306 والثقات ج2 ص19 ـ 21 وعن السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص407 ـ 409 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص806 ـ 808.
([166]) تاريخ الخميس ج2 ص55.
([167]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص144 وعن أسد الغابة ج1 ص76 وعن الإصابة ج1 ص369.
([168]) السيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص726. وراجع: الإصابة ج1 ص216 وعن عيـون الأثر ج2 ص147 و 150 وعن السيرة النبويـة لابن هشام ج3 = = ص806 وعن أسد الغابة ج5 ص76 و 123 والطبقات الكبرى ج2 ص107 والبداية والنهاية ج4 ص244.
([169]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص145 وعن الإصابة ج1 ص288 وعن عيون الأثر ج2 ص150 وتاريخ خليفة بن خياط ص51 والثقات ج2 ص18 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص805 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص406 والبداية والنهاية ج4 ص244.
([170]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص145 وعن الإصابة ج1 ص288 والطبقات الكبرى ج4 ص377 وفي ج2 ص107 (أنيف بن وائل).
([171]) راجع: أسد الغابة ج1 ص141 وعن الإصابة ج1 ص294 و 305.
([172]) الإصابة ج1 ص296 والطبقات الكبرى ج2 ص107 و 4 ص377 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص145.
([173]) راجع: أسد الغابة ج5 ص126 وعن الإصابة ج1 ص288 و 305 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص145 وتاريخ خليفة بن خياط ص51 والبداية والنهاية ج4 ص244 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص805 وعيون الأثر ج2 ص150 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص406.
([174]) الإصابة ج1 ص305 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص145 والبداية والنهاية ج4 ص244 عن ابن إسحاق، والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص805 وعيون الأثر ج2 ص150 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص406.
([175]) الطبقات الكبرى ج2 ص107 والثقات ج2 ص18 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص145 وتاريخ خليفة بن خياط ص50 والبداية والنهاية ج4 ص244 و 384 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص805 وعيون الأثر ج2 ص149 والسيرة النبوية لابن كثير ج2 ص491 وج3 ص406 والمجمع ج18 ص385 ومغني المحتاج ج4 ص7 والخرائج والجرائح ج1 ص109 والمحلى ج11 ص27 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص81 والبحار ج17 ص396 وج21 ص7 وسنن أبي داود ج2 ص369 والمستدرك للحاكم ج3 ص219 والسنن الكبرى للبيهقي ج8 ص46 ومجمع الزوائد ج8 ص296 وج9 ص315 والمعجم الكبير ج2 ص34 ورجال الطوسي ص22 وخلاصة الأقوال ص79 ورجال ابن داود ص56 وجامع الرواة ج1 ص121.
([176]) الإصابة ج1 ص500 والثقات ج2 ص18 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص145 والبداية والنهاية ج4 ص244 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص805 وعيون الأثر ج2 ص150 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص406.
([177]) الثقات ج2 ص17 والطبقات الكبرى ج2 ص107 وج3 ص985 وعن الإصابة ج1 ص525 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص145 وتاريخ خليفة بن خياط ص50 والبداية والنهاية ج4 ص244 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص805 وعيون الأثر ج2 ص149 والسيرة النبوية لابن كثير ج2 ص504 وج3 ص406 ومجمع الزوائد ج6 ص155 والمعجم الكبير ج2 ص104 وأسد الغابة ج1 ص246.
([178]) الإصابة ج2 ص384 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص145 وتاريخ خليفة بن خياط ص50 وعيون الأثر ج2 ص149 والمعجم الكبير ج5 ص66.
([179]) الطبقات الكبرى ج2 ص107 وج3 ص461 وعن الإصابة ج1 ص288 و 305 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص145 وتاريخ خليفة بن خياط ص50 والبداية والنهاية ج4 ص244 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص805 وعيون الأثر ج2 ص149 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص406.
([180]) الطبقات الكبرى ج2 ص107 وج3 ص95 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص145 والبداية والنهاية ج4 ص244 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص406.
([181]) الإصابة ج2 ص411 والطبقات الكبرى ج2 ص107 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص145 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص805 والثقات ج2 ص17 وتاريخ خليفة بن خياط ص50 وعن عيون الأثر ج2 ص149 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص406.
([182]) راجع: الإصابة ج3 ص139 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص145 وأسد الغابة ج3 ص347.
([183]) الإصابة ج3 ص436 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص145.
([184]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص145.
([185]) المغني لابن قدامة ج9 ص510 و ج10 ص39 والشرح الكبير ج9 ص496 وكشف القناع ج6 ص13 وخلاصة عبقات الأنوار ج3 ص272 وإرواء الغليل ج7 ص301 والطبقات الكبرى ج4 ص303 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص146 والأعـلام ج3 ص251 والعـبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 = = ص39 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص805 وتاريخ خليفة بن خياط ص50 وعن عيون الأثر ج2 ص150.
([186]) الطبقات الكبرى ج2 ص107 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص146 والإستيعاب ج2 ص88 وأسد الغابة ج2 ص539 وج3 ص119.
([187]) البداية والنهاية ج4 ص244 وأسد الغابة ج3 ص270 والإصابة ج4 ص316 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص145 والسيرة النبوية لابن هشام ج5 ص146 وعن عيون الأثر ج2 ص148 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص406.
([188]) الإصابة ج4 ص394 والبداية والنهاية ج4 ص244 والطبقات الكبرى ج2 ص107 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص146 و 147 وأسد الغابة ج3 ص405 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص805 والإستيعاب ج3 ص66.
([189]) الإصابة ج4 ص406 والإستيعاب ج3 ص53 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص146 وأسد الغابة ج3 ص247 و 405 والثقات ج2 ص17 وعن عيون الأثر ج2 ص150 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص406.
([190]) أسد الغابة ج4 ص50 والإصابة ج4 ص481 و 482 والطبقات الكبرى ج2 ص107 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص146 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص805 والثقات ج2 ص18.
([191]) الإصابة ج5 ص288 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص146 وأسد الغابة ج4 ص184.
([192]) وأسد الغابة ج5 ص146.
([193]) المستدرك للحاكم ج3 ص38 والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص216 وج9 ص82 ومجمع الزوائد ج6 ص151 و 155 وفتح الباري ج7 ص365 والمعجم الكبير ج19 ص304 والإصابة ج6 ص35 وأسد الغابة ج4 ص334 وسبل الهـدى = = والرشاد ج5 ص147 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص793 و 805 وتاريخ خليفة بن خياط ص50 ومعجم البلدان ج5 ص253 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص298 وعن عيون الأثر ج2 ص135 و 149 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص354 و 363 وتاج العروس ج9 ص83.
([194]) أسد الغابة ج2 ص181 وج4 ص341 والإصابة ج6 ص49 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص147 و 148 ومكاتيب الرسول ج2 ص471 وصحيح البخاري ج5 ص81 وج7 ص235 وسنن أبي داود ج1 ص614 وسنن النسائي ج7 ص24 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص137 وتركة النبي ص111 والسنن الكبرى للنسائي ج3 ص140 وج5 ص222 وصحيح ابن حبان ج11 ص188 وتاريخ مدينة دمشق ج4 ص282 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص405 والبداية والنهاية ج4 ص236 و 241 و 248 وج5 ص341 وعن عيون الأثر ج2 ص151 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص394 و 401 و 412 وج4 ص631.
([195]) المعجم الكبير ج7 ص137 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص147 وفي الإصابة ج3 ص402 قال: حنين بدل خيبر، وفي الإستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ج2 ص408 حنين أيضاً. وفي مجمع الزوائد ج6 ص190 حنين، وفي الطبقات الكبرى حنين أيضاً، وفي أسد الغابة ج4 ص350 أحد الذين قتلوا بحنين.
([196]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص147 والإصابة ج6 ص62.
([197]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص147.
([198]) البداية والنهاية ج4 ص244 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص805 وعن عيون الأثر ج2 ص150 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص147.
([199]) مجمع الزوائد ج6 ص155 والمعجم الكبير ج20 ص332 والإصابة ج6 ص78 البداية والنهاية ج4 ص244 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص805 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص406 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص147.
([200]) السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص805 وعن عيون الأثر ج2 ص147 و 150 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص144 و 147 والإصابة ج1 ص215 و 369 وأسد الغابة ج1 ص76 وتاج العروس ج3 ص628.
([201]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص147 وأسد الغابة ج5 ص215.
([202]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص144 ـ 148 ومجمع الزوائد ج6 ص155 والمعجم الكبير ج22 ص392 وعن الطبقات الكبرى ج3 ص478 وإكمال الكمال ج5 ص162 والأنساب ج1 ص328 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص805 وعن عيون الأثر ج2 ص149 وعن البداية والنهاية ج3 ص394 وج4 ص244 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص406 وسير أعلام النبلاء ج1 ص266 وعن أسد الغابة ج6 ص178.
([203]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص148 وعن عيون الأثر ج2 ص147 والبحار ج21 ص32 والطبقات الكبرى ج2 ص107.
([204]) الهموس: الوطء الخفي.
([205]) العطبطب: لعلها مأخوذة من العطب، أي: الموجب لعطب ما يواجهه. ولعل الصحيح: فل ـ بالفاء.
([206]) البحار ج21 ص35 وفي هامشه عن ديوان أمير المؤمنين "عليه السلام" ص23 و 24.
([207]) البحار ج21 ص36 وفي هامشه عن ديوان أمير المؤمنين ص24.
([208]) البحار ج21 ص36 وعن ديوان أمير المؤمنين ص24.
([209]) البحار ج21 ص36 وديوان أمير المؤمنين ص25.
([210]) البحار ج21 ص36 وديوان أمير المؤمنين ص25.
([211]) البحار ج21 ص37 وديوان أمير المؤمنين ص25.
([212]) البحار ج21 ص37 وديوان أمير المؤمنين ص25.
([213]) البحار ج21 ص37 وديوان أمير المؤمنين ص61.
([214]) البحار ج21 ص38 وديوان أمير المؤمنين ص62.
([215]) البحار ج21 ص38 وديوان أمير المؤمنين ص62.
([216]) البحار ج21 ص38 وديوان أمير المؤمنين ص62 و 63.
([217]) البحار ج21 ص38 و 39 وديوان أمير المؤمنين ص127.
([218]) البحار ج21 ص39 وديوان أمير المؤمنين ص127.
([219]) البحار ج21 ص39 وديوان أمير المؤمنين ص127 و 128.
([220]) عن البداية والنهاية ج4 ص247 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص412 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص151 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص810.
([221]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص151 وعن البداية والنهاية ج4 ص247 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص808 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص411.
([222]) راجع: المنتظم ج8 ص265 و 312 وتذكرة الحفَّاظ ج3 ص317 والبداية والنهاية ج5 ص315 و 317 وراجع: ج12 ص101 و 102 وأحكام أهل الذمة لابن القيم ص7 و 8 وطبقات الشافعية للسبكي ج3 ص12 ـ 14 والإعلان بالتوبيخ للسخاوي ص75 والخطيب البغدادي ليوسف العش ص32.
([223]) البداية والنهاية (ط دار إحياء التراث) ج4 ص250 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص415 ومكاتيب الرسول ج1 ص259 وج3 ص740.
([224]) مختلف الشيعة ج1 ص391 وراجع: مكاتيب الرسول ج1 ص259 وج3 ص740 والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث) ج4 ص250 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص415.
([225]) راجع: السيرة النبوية لابن كثير ج4 ص697 وعن البداية والنهاية ج5 ص371 وج14 ص22 وراجع: مكاتيب الرسول ج1 ص259 وج3 ص740 .
([226]) مكاتيب الرسول ج3 ص740 والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث) ج4 ص250 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص415.
([227]) مختلف الشيعة ج1 ص391 والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث) ج4 ص250 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص415 وراجع: مكاتيب الرسول ج1 ص259 وج3 ص740.
([228]) البداية والنهاية (ط دار إحياء التراث) ج4 ص250 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص415 و 416 ومكاتيب الرسول ج3 ص740 و 741.
([229]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص131 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص204 وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص41 و 42. وراجع: البحار ج21 ص6 و 32 عن الكازروني في المنتقى في مولد المصطفى، والمغازي للواقدي ج2 ص671 وتفسيرمجمع البيان ج9 ص203 وتفسير الميزان ج18 ص297.
([230]) تاريخ الخميس ج2 ص55 والمغازي للواقدي ج2 ص680 و 681.
([231]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص41 وعن فتح الباري ج7 ص366.
([232]) راجع: معجم البلدان ج2 ص410 والبحار ج21 ص6 و 25 وفتوح البلدان ص341. وراجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص154 و 155 والجوهر النقي للمارديني ج8 ص121 وشرح مسلم للنووي ج10 ص209 وعن فتح الباري ج5 ص10 وج7 ص366 وتحفة الأحوذي ج4 ص530 وعون المعبود ج8 ص176.
([233]) النهاية في اللغة (مادة: كتب)، ولسان العرب ج1 ص701 وتاج العروس ج1 ص445 ومكاتيب الرسول ج3 هامش ص624 ومعجم ما استعجم هامش ج4 ص1115 والنهاية في غريب الحديث لابن الأثير ج4 ص149.
([234]) البداية والنهاية ج4 ص201 وشرح مسلم للنووي ج1 ص209 وعن فتح الباري ج7 ص366 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص154.
([235]) راجع: تاريخ اليعقوبي ج2 ص56 وراجع: فتوح البلدان ص341 عن الزهري وسبل الهدى والرشاد ج5 ص154 و 155 ومكاتيب الرسول ج3 هامش ص624 ونصب الراية للزيعلي ج6 ص473 وسبل السلام ج3 ص78 ونيل = = الأوطار ج6 ص10 وشرح مسلم للنووي ج10 ص209 و 212 وج11 ص86 وعن فتح الباري ج5 ص303 وعن عون المعبود ج8 ص168 و 171 ونصب الراية ج6 ص473 ومعجم البلدان ج1 ص42.
([236]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص56.
([237]) تهذيب الأحكام للطوسي ج4 ص146 عن محمد بن مسلم وج7 ص148 عن أبي بصير. وراجع: جامع أحاديث الشيعة ج13 ص236 و 237 وج18 ص464 وبلوغ الأماني ج21 ص216 ومكاتيب الرسول ج3 ص624 وعن البخاري ج4 ص61 وج3 ص71 وكفاية الأحكام للسبزواري ص80 وجواهر الكلام ج38 ص13 وجامع المدارك ج5 ص229 والمجموع ج14 ص366 و 399 وج19 ص431 ونيل الأوطار ج6 ص7 وج8 ص161 والإستبصار ج3 ص110 والوسائل (ط دار الإسلامية) ج17 ص330 وعن مسند أحمد ج2 ص149 وج4 ص37 وعن صحيح مسلم ج5 ص27 وعن سنن أبي داود ج2 ص36 والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص114 و 317 وج9 ص138 و 207 و 224 وج10 ص132 وشـرح مسلم للنـووي ج10 ص209 وعـون المعبـود ج8 ص173 = = والمصنف لعبد الرزاق ج6 ص55 وج10 ص359 والمصنف لابن أبي شيبة ج7 ص633 والمنتقى من السنن المسندة ص166 ونصب الراية ج4 ص250 وج6 ص21 وأسد الغابة ج5 ص365 وتاريخ المدينة ج1 ص181 وعن البداية والنهاية ج4 ص229 وعن عيون الأثر ج2 ص146 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص382 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص131 و 142 وج9 ص13.
([238]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص154 و 155 ونصب الراية ج4 ص252 وفتح الباب ج9 ص366.
([239]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص154 وراجع: المجموع ج15 ص209 والمبسوط ج23 ص4 والمحلى ج8 ص214 وسبل السلام ج3 ص78 ونيل الأوطار ج8 ص222 ومكاتيب الرسول ج3 ص167 وعن مسند أحمد ج2ص149 وعن صحيح البخاري ج3 ص55 و 71 وج4 ص61 وعن صحيح مسلم ج5 ص27 والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص114 وج9 ص224 وعن فتح الباري ج4 ص380 وج6 ص194 وج7 ص366 وج12 ص283 وتحفة الأحوذي ج4 ص530 وعون المعبود ج8 ص163 و 177 وج9 ص198 والمصنف للصنعاني ج6 ص55 وج8 ص98 وج10 ص359 ونصب الراية ج5 ص306 والمنتقى من السنن المسندة ص167 والجامع لأحكام القرآن ج8 ص145 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق1 ص293.
([240]) السيرة الحلبية ج3 ص48.
([241]) المغازي للواقدي ج2 ص694 وراجع: مجموعة الوثائق السياسية 94/17 عنه والطبقات الكبرى ج1 ق2 ص75 و 76 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص812 ومكاتيب الرسول ج3 ص622 والروض الأنف للسهيلي ج4.
([242]) السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص407 وفي (ط أخرى) ص367 ومجموعة الوثائق السياسية: 95/18 عن ابن هشام.
([243]) راجع: الجواهر ج15 ص208 والطبقات لابن سعد (ط دار صادر) ج3 ص407 ومجموعة الوثائق السياسية 95/18 عنها وتذكرة الفقهاء ج1 ص218 والمبسوط للطوسي ج1 ص214 والمهذب البارع ج1 ص166 والدروس ج1 ص236 و 251 والجامع للشرائع ص131 و 139 والهداية ص41 والسرائر ج1 ص448 و 469 وإرشاد الأذهان ج1 ص283 والمؤتلف ج1 ص280 والخلاف ج2 ص58 والمقنعة ص236 وجامع المقاصد ج2 ص41 والمعتبر ج2 ص533 وجامع الخلاف والوفاق ص136 ومجمع الفائدة ج4 ص104 و 105 والحبل المتين ص26 وكشف اللثام (ط قديم) ج1 ص82 والحدائق الناضرة ج12 ص112 و 114 و 115 وغنائم الأيام ج1 ص191 وج4 ص96 والإستبصـار ج1 ص121 وتهـذيـب الأحـكـام ج1 = = ص136 والوسائل (ط دار الإسلامية) ج1 ص339 وعن البحار ج77 ص350 و 351 و 354 وتحفة الأحوذي ج1 ص153 والجامع لأحكام القرآن وج3 ص349 وغريب الحديث ج1 ص12 وج3 ص1135.
([244]) فتوح البلدان ص30 ـ 40 والدر المنثور ج6 ص192 و 193 ومكاتيب الرسول ج3 ص623 وسنن أبي داود ج2 ص23 والسنن الكبرى للبيهقي ج7 ص59 وعن فتح الباري ج6 ص143 وشرح معاني الآثار ج3 ص302 وكنز العمال ج4 ص523 والسير الكبير ج2 ص610 والطبقات الكبرى ج1 ص503 وعن عيون الأثر ج2 ص146 وعن السيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص269 عن الإمتاع، وعن المغازي للواقدي ج1 ص378.
([245]) تاريخ الخميس ج2 ص48 وراجع: ج3 ص625 ومعجم البلدان ج4 ص427.
([246]) راجع: الكامل في التاريخ ج2 ص221 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص351 ووفاء الوفاء ج4 ص1209 وعمدة الأخبار ص315 والمغازي للواقدي ج2 ص670 و 671 و 691 و 692 والأحكام السلطانية ج1 ص200وغير ذلك.
([247]) الطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص112 ومعجم ما استعجم ج4 ص1313 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص142 عن أبي داود (3012) ومكاتيب الرسول ج3 ص624 ومعجم البلدان ج2 ص410 وفتوح البلدان ج1 ص28.
([248]) راجع: فتوح البلدان ج1 ص28 ومعجم البلدان ج2 ص410 ومكاتيب الرسول ج3 ص625 وصحيح ابن حبان ج11 ص188.
([249]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص141 وفي هامشه عن البخاري ج7 ص557 (4234) وعن فتح الباري ج7 ص374 وتنوير الحوالك ص384 ونيل الأوطار ج8 ص137 عن الموطأ، وصحيح ابن حبان ج11 ص188.
([250]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص142 والسيرة الحلبية ج3 ص56 ومكاتيب الرسول ج3 ص626 وعون المعبود ج7 ص297 وج8 ص171 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص306 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص810 وعن عيون الأثر ج2 ص144.
([251]) راجع ما تقدم في: سبل الهدى والرشاد ج5 ص141 و 142 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص363 والبداية والنهاية ج4 ص201 والبحار ج21 ص10 وبلوغ الأماني ج21 ص125 و 126 والكامل ج5 ص230 وتاريخ المدينة ج1 ص181 و 190 وراجع: وفاء الوفاء ج4 ص293 ومعجم البلدان ج4 ص437.
([252]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص142 وفي هامشه عن أبي داود (3010) والتمهيد لابن عبد البر ج6 ص450 ونيل الأوطار ج8 ص161 وسنن أبي داود ج2 ص36 والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص317 وعن فتح الباري ج6 ص140 = = وعون المعبود ج8 ص177 وشرح معاني الآثار ج3 ص251 والمعجم الكبير ج6 ص102 ونصب الراية ج4 ص250 و 252 وأحكام القرآن ج3 ص576 وعن البداية والنهاية ج4 ص229 وعن عيون الأثر ج2 ص141 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص381.
([253]) سنن أبي داود ج2 ص36 والسنن الكبرى للبيهقي ج10 ص132 ونصب الراية ج4 ص250 و 251 والبداية والنهاية ج4 ص229 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص382 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص142.
([254]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص142وفي هامشه عن أبي داود (3012) وفتوح البلدان ص30 و 40 والدر المنثور ج6 ص192 و 193.
([255]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص142 و 143 والجامع لأحكام القرآن ج16 ص270 وعن عيون الأثر ج2 ص144 وتفسير القرطبي ج16 ص270.
([256]) الطبقات الكبرى ج2 ص107 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص143 وعن عيون الأثر ج2 ص144 و 145 وراجع: شيخ المضيرة ص280.
([257]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص143 وعن عيون الأثر ج2 ص144.
([258]) الآية 159 من سورة آل عمران.
([259]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص143 وعن عيون الأثر ج2 ص145.
([260]) راجع الروايات في: الكافي ج3 ص513 وج1 ص539 و 542 وجامع أحاديث الشيعة ج13 ص237 وج8 ص133 وج18 ص466 و 664 وتهذيب الأحكام ج7 ص148 و 119 والوسائل (ط دار الإسلامية) ج11 ص120 = = وج6 ص124 ومرآة العقول ج16 ص26 والإستبصار ج3 ص110 وراجع: النهاية ص194 والمبسوط ج1 ص235 وشرايع الإسلام ج1 ص246 وتذكرة الفقهاء (ط جديد) ج9 ص185 وإرشاد الأذهان ج1 ص348 ومسالك الأفهام ج3 ص55 ومجمع الفائدة ج7 ص470 ودعائم الإسلام ج1 ص386 وشرح أصول الكافي ج7 ص398.
([261]) المبسوط للطوسي ج8 ص133 وراجع: ج3 ص29 وج1 ص235 والخلاف ج2 ص67 ـ 69 وتذكرة الفقهاء ج1 ص427 والتبيان ج9 ص563 ومكاتيب الرسول ج3 ص628.
([262]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص132 و 133 وج9 ص13 وج10 ص437 وفي هامشه عن: البخاري ج5 ص327 (2730) والبيهقي في الدلائل ج4 ص234 وكتاب الأم ج2 ص36 وج4 ص187 وج7 ص239 ومختصر المزني ص47 = = والمجموع ج19 ص440 وروضة الطالبين ج7 ص488 و 521 ومغني المحتاج ج4 ص243 و 261 وكتاب الموطأ ج2 ص703 وتنوير الحوالك ص530 والمبسوط للسرخسي ج23 ص2 وبداية المجتهد ج2 ص197 ونيل الأوطار ج8 ص208 وفقه السنة ج3 ص346 والقواعد والفوائد ج1 ص213 وعوالي اللآلي ج1 ص401 وكتاب المسند ص95 و 222 والسنن الكبرى ج4 ص122 وج6 ص115 وج9 ص207 وشرح مسلم للنووي ج10 ص209 و 211.
وراجع: مجمع الزوائد ج4 ص121 وعن فتح الباري ج5 ص239 وج6 ص194 و 202 والمصنف للصنعاني ج4 ص123 وج5 ص373 وكنز العمال ج4 ص508 وج10 ص462 والجامع لأحكام القرآن ج2 ص343 والأحكام ج6 ص820 وعلل الدارقطني ج7 ص290 وسير أعلام النبلاء ج17 ص414 ومعجم البلدان ج2 ص410 وتاريخ المدينة ج1 ص177 وفتوح البلدان ج1 ص25 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص307 وعن البداية والنهاية ج4 ص249 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص816 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص415.
([263]) المجموع ج19 ص430 وصحيح البخاري ج2 ص77 و 78 وراجع: كنز العمال ج4 ص324 عنه، وعن البيهقي، ووفاء الوفاء ج1 ص320 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص352 و 353 والبداية والنهاية ج4 ص200 و 220 والإكتفاء ج2 ص271 والمغازي للواقدي ج2 ص716 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص416 والسيرة الحلبية ج3 ص57 و 58 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص378 ومسند أحمد ج1 ص15 بنص أكثر تفصيلاً، كما هو الحال في بعض المصادر الآنفة الذكر. وراجع أيضاً: زاد المعاد لابن القيم ج2 ص79 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص133 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص207.
([264]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص133 وفي هامشه عن: البخاري ج6 ص170 (3053، 3168، 4431) ومسلم ج3 ص1257 (20/1637) والسيرة الحلبية ج3 ص57 و 58 وراجع: نيل الأوطار ج8 ص224 ومجمع الزوائد ج5 ص325 وعن فتح الباري ج5 ص268 وتحفة الأحوذي ج6 ص258 وعن عون المعبود ج8 ص46 والمعجم الكبير ج23 ص265 وكنز العمال ج12 ص304.
([265]) الروض الأنف ج 3 ص 251 وراجع: مجمع البيان ج9 ص258 والبحار ج20 ص160 وكتاب الأم ج4 ص188 وسبل السلام ج4 ص62 والسنن الكبرى = = للبيهقي ج6 ص135 وج9 ص208 ونصب الراية ج4 ص342 والجامع الصغير ج2 ص396 وكنز العمال ج7 ص147 وج12 ص307 وكشف الخفاء ج2 ص91 والطبقات الكبرى ج2 ص240 و 254 والبداية والنهاية ج5 ص258 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص471..
([266]) المصنف للصنعاني ج4 ص126 وراجع: ج10 ص359 و360 وراجع: مغازي الواقدي ج2 ص717 والسيرة النبـوية لابن هشـام ج3 ص371 والبداية والنهاية ج4 ص219 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص415 وعمدة القاري ج13 ص306 وفتح الباري ج5 ص240 عن ابن أبي شيبة وغيره، والموطأ (المطبوع مع تنوير الحوالك) ج3 ص88 وغريب الحديث لابن سلام ج2 ص67 ووفاء الوفاء ج1 ص320 وتاريخ الخميس ج2 ص56.
([267]) راجع: تاريخ الأمم والملوك ج3 ص21 وراجع: الكامل في التاريخ ج3 ص224 والإكتفاء ج2 ص271 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص415 والبداية والنهاية ج 4 ص 219 وتاريخ الخميس ج2 ص56.
([268]) الإيضاح ص359 وتذكرة الخواص ص62 وسر العالمين ص20 وصحيح البخاري ج3 ص60 وج4 ص5 و 173 وج1 ص21 و22 وج2 ص115 والملل والنحل ج1 ص22 وصحيح مسلم ج5 ص75 والبدء والتاريخ ج5 ص59 والبداية والنهاية ج5 ص227 والطبقات الكبرى ج2 ص244 وتاريخ الأمم والملوك ج3 ص192 و 193 والكامل في التاريخ ج2 ص320 وأنساب الأشراف ج1ص562 وشرح النهج للمعتزلي ج6 ص51 وتاريخ الخميس ج2 ص164 ومسند أحمد ج1 ص355 و 324 و 325 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص62 والسيرة الحلبية ج3 ص344. وراجع المصادر التالية: نهج الحق ص273 والصراط المستقيم ج3 ص6 و 3 وحق اليقين ج1 ص181 و 182 والمراجعات ص353 والنص والإجتهاد ص149 ـ 163 ودلائل الصدق ج3 ق1 ص 63 ـ 70.
([269]) راجع المصادر المتقدمة، فقد ذكر عدد منها ذلك، مثل: صحيح البخاري، ووفاء الوفاء ج1 ص319 و 321.
([270]) راجع: صحيح البخاري ج2 ص32 و 129 وصحيح مسلم ج5 ص27 ومسند أحمد ج2 ص149 ووفاء الوفاء ج1 ص320 والسيرة الحلبية ج3 ص58 والروض الأنف ج3 ص251 وعن فتح الباري ج5 ص241.
([271]) صحيح مسلم ج5 ص160 وصحيح ابن حبان ج9 ص69 والمستدرك للحاكم ج4 ص274 وج13 ص152 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص207 وعن عون المعبود ج8 ص192 ومسند ابن الجعد ص464 وكنز العمال ج4 ص507 وج12 ص304 و 306 والثقات ج2 ص222 والجامع الصحيح للترمذي ج4 ص156 وفيه: لإن عشت لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب. = = ومسند أحمد ج3 ص345 وج1 ص29 و 32 والمجموع ج19 ص430 والشرح الكبير لابن قدامة ج10 ص622 وكشاف القناع ج3 ص155 وسبل السلام ج4 ص61 ونيل الأوطار ج8 ص222 وفقه السنة ج2 ص671 ومسند أحمد ج1 ص29 و 32 وج3 ص345 وصحيح مسلم ج5 ص160 وسنن أبي داود ج2 ص41 وسنن الترمذي ج3 ص81 وتحفة الأحوذي ج5 ص 192 والمصنف للصنعاني ج6 ص54 وج10 ص359 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص210 والمنتقى من السنن المسندة ص278 وصحيح ابن حبان ج9 ص 69 وج13 ص 152 ومعجم البلدان ج5 ص269 .
([272]) الفدع: زوال المفصل.
([273]) صحيح البخاري ج2 ص77 و 78 وراجع المصادر التالية: كنز العمال ج4 ص324 وعنه وعن البيهقي، ووفاء الوفاء ج1 ص320 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص352 و 353 والبداية والنهاية ج4 ص200 و 220 والإكتفاء ج2 ص271 والمغازي للواقدي ج 2 ص 716 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص416 والسيرة الحلبية ج3 ص57 و 58 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص378 ومسند أحمد ج1 ص15 بنص أكثر تفصيلاً، كما هو الحال في بعض المصادر الآنفة الذكر، وراجع أيضاً: زاد المعاد لابن القيم ج2 ص79 وتاريخ الخميس ج2 ص56.
([274]) راجع: السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص369 و 370 وعمدة القاري ج13 ص306 والإصابة ج2 ص322 وفيه: أن هذا الحديث موجود في الموطأ، وأخرجه الشيخان في باب القسامة، وأسد الغابة ج3 ص179 و 180 ومستدرك الوسائل ج18 ص268 والبحار ج101 ص404 والوسائل (ط دار الإسلامية) ج19 ص114والإكتفاء ج 2 ص 270 والمغازي للواقدي ج2 ص714 و 715 والسيرة الحلبية ج3 ص57 و 58 وتاريخ الخميس ج2 ص56.
([275]) البداية والنهاية ج 4 ص 200 و (ط دار إحياء التراث) 227 وتاريخ الإسلام = = للذهبي (المغازي) ص 352 وفتح الباري ج 5 ص 240 وعمدة القاري ج13 ص305 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص378 و 379 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص138 وصحيح ابن حبان ج11 ص609 وموارد الظمآن ص314 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص133..
([276]) السيرة النبوية لدحلان ج3 ص61.
([277]) سنن أبي داود ج3 ص158 والبداية والنهاية ج4 ص200 و (ط دار إحياء التراث) ص228 وأشار إليه في فتح الباري ج5 ص241 عن أبي يعلى، والبغوي، والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص380 وكنز العمال ج4 ص325 و (ط الرسالة) ص509 عن أبي داود، والبيهقي، وأحمد، وراجع: المصنف للصنعاني ج10 ص359 وتاريخ الخميس ج2 ص56 والمحلى ج8 ص229 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص56.
([278]) المصنف للصنعاني ج 4 ص 125 وراجع تاريخ المدينة لابن شبة ج1 ص178وسيأتي الحديث بلفظ آخر بعد قليل تحت حرف: ط.
([279]) الطبقات الكبرى لابن سعد ج 3 ص 283 والثقات لابن حبان ج2 ص222 وتاج العروس ج3 ص56 وعن تاريخ الأمم والملوك ج3 ص202 والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث) ج7 ص115.
([280]) الطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص114 وعن فتح الباري ج5 ص240 وتاريخ المدينة ج1 ص188 ومعجم البلدان ج2 ص410.
([281]) الأموال ص142 و162 و163 ونيل الأوطار ج8 ص209.
([282]) عن فتح الباري ج5 ص240.
([283]) كنز العمال ج4 ص322 و323 عن الأموال، وعن البيهقي، وابن أبي شيبة وراجع: هامش ص144 من كتاب الأموال، ونيل الأوطار ج8 ص216 وعن المصنف لابن أبي شيبة ج8 ص564.
([284]) الأموال ص274.
([285]) راجع: كتاب الخراج للقرشي ص23 وراجع: كنز العمال ج12 ص601 وتاريخ مدينة دمشق ج44 ص364.
([286]) كنز العمال ج4 ص323 عن ابن جرير في التهذيب، وتقدم نحوه عن المصنف للصنعاني ج4 ص125.
([287]) الأرف: جمع أرفة، وهي الحدود والمعالم. راجع: النهاية لابن الأثير ج1 ص26 وكنز العمال (ط الرسالة) ج4 ص510 وج10 ص461.
([288]) كنز العمال: ج4 ص324 و325 عن ابن سعد، والمغازي للواقدي: ج2 ص716 و717 وفي السيرة الحلبية: ج3 ص57، كما في مغازي للواقدي.
([289]) راجع: المغازي للواقدي ج2 ص716 و717.
([290]) السيرة الحلبية ج3 ص57.
([291]) السيرة الحلبية ج3 ص58 ووفاء الوفاء ج1 ص320 وراجع: نيل الأوطار ج8 ص209 و 222 ومسند أحمد ج2 ص149 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص224 وشرح مسلم للنووي ج10 ص212 والمصنف للصنعاني ج6 ص55 وج10 ص359.
([292]) السيرة الحلبية ج3 ص58.
([293]) السيرة الحلبية ج3 ص58 والأموال ص142 و143 و144 ووفاء الوفاء ج1 ص320 و321 وراجع مصادر الحديث ونصوصه في هوامش الصفحات المتقدمة.
([294]) وفاء الوفاء ج1 ص321.
([295]) سبل السلام ج4 ص62.
([296]) صورة الأرض ص41.
([297]) وفاء الوفاء ج4 ص1160 و1164.
([298]) راجع: وفاء الوفاء ج4 ص1160 و 1302 ومعجم البلدان ج3 ص211.
([299]) راجع: وفاء الوفاء ج4 ص1160 و 1233.
([300]) معجم البلدان ج3 ص211 ومراصد الإطلاع ج2 ص707.
([301]) وفاء الوفاء ج4 ص1184.
([302]) وفاء الوفاء ج4 ص1329.
([303]) وفاء الوفاء ج4 ص1328.
([304]) وفاء الوفاء ج4 ص1212 وراجع: ص1328.
([305]) راجع: مراصد الإطلاع ج3 ص1417 ومعجم البلدان ج5 ص345.
([306]) صورة الأرض ص38 ومسالك الممالك ص19.
([307]) راجع كلامه بطوله في: السيرة الحلبية ج3 ص58.
([308]) الأموال ص143.
([309]) البحار ج21 ص22 و 23 وإعلام الورى ج1 ص209 ومكاتيب الرسول ج1 ص291.
([310]) راجع: تذكرة الخواص ص25 عن أحمد في الفضائل، ومجمع الزوائد ج9 ص124 ومسند أحمد (ط دار صادر) ج3 ص16 وراجع: البداية والنهاية ج4 ص184 و185 و (ط أخرى) ص211 و212 وذخائر العقبى ص73 ـ 75 والرياض النضرة ج1 ص185 ـ 187 وشرح الأخبار ج1 ص321 والعمدة لابن البطريق ص139 و140 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص104 و105 ومسند أبي يعلى ج2 ص500 ونهج الإيمان ص317 و 318 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص352.
([311]) مجمع الزوائد ج9 ص124والعمدة لابن البطريق ص142 ومسند أبي يعلى ج2 ص500 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص104 و 105.
([312]) البحار ج17 ص379 وج29 ص116 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص152 و ج9 ص478 ومجمع النورين ص117 و 118 واللمعة البيضاء ص300 والخرائج والجرائح ج1 ص113.
([313]) كشف المحجة ص124 وسفينة البحار ج7 ص45 والبحار ج29 ص123 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص152 و ج9 ص478 ومجمع النورين ص118 واللمعة البيضاء ص300.
([314]) مناقب آل أبي طالب ج3 ص435 والبحار ج29 ص200 و 201 وج48 ص144 و 145 ومجمع النورين ص124 واللمعة البيضاء ص294.
([315]) الكافي ج1 ص543 وشرح أصول الكافي ج7 ص405 والبحار ج48 ص156 و 157والبرهان ج2 ص414 ومجمع البحرين ج5 ص283 والوسائل ج9 ص525 وتفسير نور الثقلين ج3 ص154 و 155 وج5 ص276 واللمعة البيضاء ص293.
([316]) معجم البلدان ج4 ص288 و (ط دار إحياء التراث) ص238 وراجع: مجمع البحرين ج5 ص283 ولسان العرب ج10 ص203 والمسترشد ص501 والإمام علي "عليه السلام" لأحمد الرحماني الهمداني ص737 وتفسير جوامع الجامع ج2 ص105.
([317]) مجمع البحرين ج5 ص283 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص152 والتفسير الأصفى ج1 ص177 واللمعة البيضاء ص293.
([318]) الآية 227 من سورة الشعراء.
([319]) الكشكول فيما جرى على آل الرسول ص203 ـ 205 والبحار ج29 ص197 ـ 199 واللمعة البيضاء ص315.
([320]) الآية 38 من سورة الروم.
([321]) الآية 33 من سورة الأحزاب.
([322]) الإحتجاج للطبرسي ج1 ص119 ـ 123 وراجع: علل الشرائع ج1 ص191 وتفسير نور الثقلين ج4 ص273.
([323]) سفينة البحار ج4 ص518 والبحار ج101 ص311 وقرب الإسناد ص41 عن الكافي ج7 ص383 ح2 وأمالي الصدوق ص389 ح2 والمبسوط ج8 ص105 و 164 والمجموع ج20 ص232 ومستدرك سفينة البحار ج6 ص77.
([324]) الأموال ص289 و 280 وراجع: طبقات ابن سعد ج1 ص33 و (ط دار صادر) ص284 و 285 والتراتيب الإدارية ج1 ص274 ومكاتيب الرسول (ط سنة 1419) ج3 ص58 و 72 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص373.
([325]) راجع: طائفة من مصادر ذلك في كتابنا الحياة السياسية للإمام الحسن "عليه السلام" ص21 و 22.
([326]) الإرشاد للمفيد (ط النجف) ص219 و 263. وراجع: الإحتجاج (ط النجف) ج2 ص245 والبحار ج50 ص78 وتفسير القمي ج1 ص184 و 185.
([327]) راجع فيما تقدم: الإتحاف بحب الأشراف ص171 و 172 وتحف العقول ص451 و 453 والإختصاص ص98 و 101 والإحتجاج ج2 ص240 و 245 وكشف الغمة ج3 ص144 والمناقب لابن شهرآشوب ج4 ص381 وجلاء العيون ج3 ص108 والصواعق المحرقة ص204 ونور الأبصار ص161 ودلائل الإمامة ص206 ـ 208 وروضة الواعظين ص238 فما بعدها، والإرشاد للمفيد ص359 و 360 فما بعدها، وإعلام الورى ج2 ص101 فما بعدها، والبحار ج50 ص75 عن الإحتجاج، وعن تفسير القمي، والإمام محمد الجواد لمحمد علي دخيل ص37 و 41 وأعيان الشيعة ج2 ص33 و 34. والفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص253 و 256.
([328]) ينابيع المودة ص375 عن فصل الخطاب لمحمد پارسا البخاري، عن النووي على ما يبدو، وترجمة الإمام الحسين لابن عساكر بتحقيق المحمودي ص150 وفي هامشه عن: المعجم الكبير للطبراني، ترجمة الإمام الحسين، الحديث رقم 77 وحياة الصحابة ج1 ص250 ومجمع الزوائد ج6 ص40 عن الطبراني، وقال: هو مرسل ورجاله ثقات، والعقد الفريد ج4 ص384 من دون ذكر ابن عباس.
([329]) الحياة السياسية للإمام الجواد ص52.
([330]) الطبقات الكبرى لابن سعد (ط دار صادر) ج2 ص317 و 318 وفدك في التاريخ ص194 وعن صحيح البخاري ج3 ص163 ومجمع الزوائد ج6 ص3 وشرح معاني الآثار ج3 ص305 والسنن الكبرى للبيهقي ج4 ص109 والمصنف للصنعاني ج4 ص78.
([331]) صحيح البخاري كتاب الشهادات باب (29) وفدك في التاريخ ص194 وكنز العمال ج5 ص626 والطبقات الكبرى ج2 ص318 و 319.
([332]) مصادر الحديث الدال على ذلك كثيرة جداً فراجع: إحقاق الحق (الملحقات) وراجع: الطبقات الكبرى ج2 ص318 ومناقب أمير المؤمنين "عليه السلام" ج1 ص335 و 340 و 341 و 387 و 445 و 497 وج2 ص47 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص396 ج3 ص 26 والبحار ج2 ص226 وج5 ص21 و 69 وج22 ص501 وج28 ص 84 وج35 ص184 وج38 ص12 و 19و 74 و 147 و 327 وج39 ص 220 وج40 ص76 والمراجعات ص 308 و 309= = والغدير ج2 ص283 وج5 ص351 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص47 و 48 و 56 و 57 و 331 وينابيع المودة ج2 ص 77 و 85 و 97 و 163 و 299 و 402.
([333]) الطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص319.
([334]) راجع: شرح النهج للمعتزلي ج16 ص211 والسقيفة وفدك ص100 والطرائف لابن طاووس ص264 وراجع: البحار ج29 ص239 ومناقب آل أبي طالب ص418 وعن بلاغات النساء ج2 ص146 و (ط بصيرتي ـ قم) ص14 ومواقف الشيعة ج1 ص473.
([335]) راجع: صحيح البخاري (ط دار إحياء التراث العربي) ج4 ص96 وج5 ص177 وعن صحيح مسلم ج5 ص25 وكنز العمال ج7 ص242 وسبل الهدى والرشاد ج12 ص371 وجامع الأصول ج10 ص386 والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص301 وراجع: مسند فاطمة للسيوطي ص15 والطبقات الكبرى ج2 ص305 وفتح الباري ج6 ص140 ومسند أحمد ج1 ص6 وشرح النهج للمعتزلي ج16 ص232 والسقيفة وفدك ص116 وعن تاريخ الإسلام للذهبي ج1 ص346.
([336]) السقيفة وفدك ص109 وشرح النهج للمعتزلي ج16 ص218 و 219 ومسند أبي يعلى ج1 ص40 وج12 ص119 ومجمع النورين ص126 وتاريخ المدينة ج1 ص158 واللمعة البيضاء ص760.
([337]) راجع: الإحتجاج ج2 ص315 والبحار ج31 ص94 وج44 ص155 وج47 ص400 والخرايج والجرائح ج1 ص244 واللمعة البيضاء ص804 والصوارم المهرقة ص161 وشجرة طوبى ج2 ص429 وكنز الفوائد ص136 والإيضاح لابن شاذان ص261 والفصول المختارة ص74.
([338]) راجع: كنز الفوائد ص136 وتلخيص الشافي ج3 ص129 و 130 ودلائل الصدق ج3 ق2 ص129 ونهج الحق ص366.
([339]) البحار ج29 ص210 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج26 ص103 وكشف الغمة ج2 ص118 واللمعة البيضاء ص801 عن الفتوح ج1 ص420.
([340]) راجع: مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ج1 ص262 و (ط المطبعة الحيدرية) ص225 وراجع: اللمعة البيضاء ص763 وشرح النهج للمعتزلي ج16 ص224 و 214 وتلخيص الشافي ج3 ص147 وفي هامشه أيضاً عن: الرياض النضرة.
([341]) السيرة الحلبية (ط دار إحياء التراث العربي) ج3 ص362 وراجع: الغدير ج7 ص194 وفدك في التاريخ ص148 عن شرح النهج للمعتزلي، ومستدرك سفينة البحار ج7 ص427 وإفحام الأعداء والخصوم ص95 وتفسير القمي ج2 ص155 عن شرح النهج للمعتزلي ج4 ص101 وإنسان العيون في سيرة الأمين والمأمون ص40 واللمعة البيضاء ص747 و 748 و 799 والأنوار العلوية ص292 والبحار ج29 ص128 و 134 وتفسير نور الثقلين ج4 ص186 وبيت الأحزان ص134 ومجمع النورين ص120.
([342]) بالتخفيف. وقراء التشديد لحن، لأن التوريث: إدخال أحد في المال على الورثة، كما ذكره الجوهري.
([343]) الكافي ج1 ص34 وراجع: ص32 والمعتبر ج2 ص5 وتحرير الأحكام (ط.ق) ج1 ص3 وبلغة الفقيه ج3 ص227 ونهج الفقاهة ص299 والمبسوط للسرخسي ج1 ص2 ومن لا يحضره الفقيه ج4 ص387 وجامع المدارك ج3 ص99 ومسند أبي حنيفة ص57 وثواب الأعمال ص131 وعوالي اللآلي ج4 ص75 والفصول المـهمـة ج1 ص466 ونهج السعـادة ج7 ص312 وسنن = = الدارمي ج1 ص98 وأمالي المحاملي ص330 والبحار ج1 ص164 ومنية المريد ص107 وصحيح البخاري ج1 ص25 وسنن ابن ماجة ج1 ص81 وسنن أبي داود ج2 ص175 وسنن الترمذي ج4 ص153 وصحيح ابن حبان ج1 ص290 وكنز العمال ج10 ص146 والتاريخ الكبير ص337 ورياض الصـالحين للنـووي ص551 ومـوارد الظمآن ص49 والمعالم ص12 وتفسير الميزان ج14 ص23 وتفسير القرطبي ج8 ص295 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص564 وتهذيب الأصول ج3 ص151 وتاريخ مدينة دمشق ج25 ص247 وج38 ص318 و 319 وج50 ص43 و 44 و 46 و 48 و 49 وتاريخ جرجان ص204.
([344]) الآية 90 من سورة الأنعام.
([345]) الآية 16 من سورة النمل.
([346]) الآيتان 5 و 6 من سورة مريم.
([347]) البحار ج17 ص379 وج29 ص116 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص152 و ج9 ص478 ومجمع النـورين ص117 و 118 واللمعة البيضـاء ص300 والخرائج والجرائح ج1 ص113.
([348]) كشف المحجة ص124 وسفينة البحار ج7 ص45 والبحار ج29 ص123 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص152 و ج9 ص478 ومجمع النورين ص118 واللمعة البيضاء ص300.
([349]) راجع: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج16 ص236 والإحتجاج للطبرسي ج1 ص120 ومواقف الشيعة ج2 ص437 واللمعة البيضاء ص306.
([350]) الآية 26 من سورة الإسراء.
([351]) تفسير العياشي ج2 ص287 و 310 وكشف الغمة ج1 ص476 وعيون أخبار الرضا ج1 ص233 ونور الثقلين ج5 ص275 والتبيان ج6 ص469 وج8 ص253 ومجمع البيان ج6 ص243 وج8 ص63 وج4 ص306 ومجمع الزوائد ج7 ص49 والبداية والنهاية ج3 ص36 ومناقب علي (لمحمد بن سليمان) وسعد السعود ص101. وراجع: شواهد التنزيل للحسكاني ج1 ص438 و 439 و 440 و 441 و 442 و 570 ومقتل الحسين للخوارزمي ج1 ص70 وتفسير فرات ص239 و 322 وتأويل الآيات الظـاهرة ج1 ص435 والبحـار ج29 = = ص111 و 117 و 113 و 121 و 323 والبرهان ج3 ص264 وج2 ص415 وميزان الإعتدال (مطبعة السعادة) ج2 ص228 والسبعة من السلف ص36 والدر المنثور ج2 ص158 وج5 ص273 و 274 وج4 ص177 ومعارج النبوة (ط مطبعة لكنهو) ج1 ص277 وإحقاق الحق ج3 ص549 وج 14 ص 618 ومنتخب كنز العمال (مطبوع مع مسند أحمد) ج1 ص228 وروح المعاني ج5 ص58 وكنز العمال ج2 ص158 وج3 ص767 وعن الطبراني, والحاكم في تاريخه, وابن النجار, والبزار, وابن مردويه, وأبي يعلى, وابن أبي حاتم.
([352]) البداية والنهاية ج3 ص36 و (ط دار إحياء التراث) ج4 ص45 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص39 وفتح القدير ج3 ص224 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص79.
([353]) راجع: لباب التأويل للخازن ج1 ص8 ومناهل العرفان ج1 ص240 ومباحث في علوم القرآن ص142 عن الإتقان ج1 ص62 عن ابن الحصار، والبرهان للزركشي ج1 ص256 عن الباقلاني، وتاريخ القرآن الكريم لمحمد طاهر الكردي ص67 وتفسير الميزان ج12 ص130 عن ابن الحصار، وإعجاز القرآن ص60.
([354]) الجامع الصحيح للترمذي ج5 ص272 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص43 والإتقان ج1 ص62 والبرهـان للزركشي ج1 ص241 و (ط دار الكـتب العربيـة، القاهرة) ج1 ص234 و 241 عن الترمذي، والحاكم. والتمهيد ج1 ص213 وتاريخ القرآن للصغير ص81 عن مدخل إلى القرآن الكريم لدراز ص34، وعن مسند أحمد ج1 ص57 و 69 والسنن الكبرى للبيهقي ج2 ص42 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص10 وبحوث في تاريخ القرآن للزرندي ص99 و 100 وجامع البيان ج1 ص69 وتفسير القرطبي ج8 ص62 وتاريخ القرآن الكريم لمحمد طاهر الكردي ص63 وتهذيب الكمال ج33 ص288.
لكن في غرائب القرآن للنيسابوري، بهامش جامع البيان للطبري ج1 ص24 ومناهل العرفان ج1 ص240 هكذا: "ضعوا هذه السورة في الموضع الذي يذكر فيه كذا"، وفي تفسير الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: "ضعوا هذه السورة في موضع كذا وكذا من القرآن، وكان جبرئيل "عليه السلام" يقف على مكان الآيات".
([355]) مستدرك الحاكم ج2 ص330 و 221 وتلخيصه للذهبي بهامشه، وغريب الحديث ج4 ص104، والبرهان للزركشي ج1 ص234 و 235 وراجع: ص61 وغرائـب القـرآن (بهـامش جامع البيان) ج1 ص24 وفتح البـاري ج9 ص19 و 20 و 39 و 38، وكنز العمال ج2 ص367 عن أبي عبيد في فضائله، وابن أبي شيبة، وأحمد، وأبي داود، والترمذي، وابن المنذر، وابن أبي داود، وابن الأنباري معـاً في المصاحف، والنحاس في ناسخه، وابن حبـان، وأبي نعيم في = = المعرفة، والحاكم، وسعيد بن منصور، والنسائي، والبيهقي، وفواتح الرحموت بهامش المستصفى ج2 ص12 عن بعض من ذكر، والدر المنثور ج3 ص207 و 208 عن بعض من ذكر، وعن أبي الشيخ، وابن مردويه ومشكل الآثار ج2 ص152 والبيان ص268 عن بعض من تقدم، وعن الضياء في المختارة، ومنتخب كنز العمال (بهامش مسند أحمد) ج2 ص48 وراجع: بحوث في تاريخ القرآن وعلومه ص103 ومناهل العرفان ج1 ص347 ومباحث في علوم القرآن ص142 عن بعض من تقدم، وتاريخ القرآن للصغير ص92 عن أبي شامة في المرشد الوجيز، وجواهر الأخبار والآثار بهامش البحر الزخار ج2 ص245 عن أبي داود، والترمذي، وسنن أبي داود ج1 ص209 والسنن الكبرى للبيهقي ج2 ص42 وأحكام القرآن للجصاص ج1 ص10 ومسند أحمد ج1 ص57 و 69.
([356]) الآية 3 من سورة المائدة.
([357]) الآية 67 من سورة المائدة.
([358]) وقد ذكرنا بعض الشواهد لهذا البحث في كتابنا: مختصر مفيد ج4 ص45.
([359]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص138 و 139 والسيرة الحلبية ج3 ص50 وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص58 والمغازي للواقدي ج2 ص707.
([360]) تاريخ الخميس ج2 ص58.
([361]) تاريخ الخميس ج2 ص58.
([362]) راجع: البحار ج21 ص6 وتفسير مجمع البيان ج9 ص203 وتفسير الميزان ج18 ص298 وتفسير البغوي، تفسير سورة الفتح. وتفسير الثعلبي تفسير سورة الفتح الآية 10، والتنبيه والإشراف ص224 واللمعة البيضاء ص786 وتاريخ خليفة بن خياط ص50 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص302 و 303 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص800.
([363]) السيرة الحلبية ج3 ص50 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص138.
([364]) السيرة الحلبية ج3 ص50.
([365]) الآية 67 من سورة المائدة.
([366]) الإيضاح ص359 وتذكرة الخواص ص62 وسر العالمين ص21 وصحيح البخاري ج3 ص60 وج4 ص5 و173 وج1 ص21 و22 وج2 ص115 والمصنف للصنعاني ج6 ص57 وج10 ص361، وراجع: ج5 ص438 والإرشاد للمفيد ص107 والبحار ج22 ص498 وراجع: الغيبة للنعماني ص81 و 82 وعمدة القاري ج14 ص298 وفتح الباري ج8 ص101 و 102 والبداية والنهاية ج5 ص227 والبدء والتاريخ ج5 ص59 والملل والنحل ج1 ص22 والطبقات الكبرى ج2 ص244 وتاريخ الأمم والملوك ج3 ص192 و 193 والكامل في التاريخ ج2 ص320 وأنساب الأشراف ج1 ص562 وشرح النهج للمعتزلي ج6 ص51 وتاريخ الخميس ج2 ص164 وصحيح مسلم ج5 ص75 ومسند أحمد ج1 ص324 و 325 و 355 والسيرة الحلبية ج3 ص344 ونهج الحق ص273 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص62. وحق اليقين ج1 ص181 و 182 ودلائل الصدق ج3 ق1 ص63 ـ 70 والصراط المستقيم ج3 ص3 و 6 والمراجعات ص353 والنص والإجتهاد ص149 و 163.
([367]) الآية 16 من سورة النمل.
([368]) الآيتان 5 و 6 من سورة الأحزاب.
([369]) الآية 75 من سورة الأنفال.
([370]) الآية 11 من سورة النساء.
([371]) الآية 180 من سورة البقرة.
([372]) الآيتان 5 و 6 من سورة الأحزاب.
([373]) الآية 16 من سورة النمل.
([374]) الإحتجاج ص131 ـ 149 والبحار ج29 ص220 ـ 235 ومواقف الشيعة للأحمدي ج1 ص459 ـ 468 وبيت الأحزان ص141 ـ 151 والأنوار العلوية ص293 ـ 301 واللمعة البيضاء ص694 ومجمع النورين ص127 ـ 134.
([375]) الآية 2 من سورة الجمعة.
([376]) الآية 32 من سورة التوبة.
([377]) راجع: الطبقات الكبرى ج1 ص208 و 259 وج4 ص349 والبحار ج21 ص23 ومكاتيب الرسول ج2 ص445 و 450 وتاريخ مدينة دمشق ج45 ص430 وإعلام الورى ج1 ص210 وميزان الحكمة ج4 ص3427 والبداية والنهاية ج4 ص206 وسبل الهدى ج11 ص365.
([378]) عن السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص8 والبداية والنهاية ج4 ص206 و 207 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص79 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج1 ص589 وعن عيون الأثر ج2 ص145 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص391.
([379]) البداية والنهاية ج3 ص78 و (ط دار إحياء التراث العربي) ج33 ص99 وج5 ص356 والسيرة النبوية لابن كثير ج2 ص30 وج4 ص658 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص415.
([380]) شرح النهج للمعتزلي ج19 ص133 والفايق في غريب الحديث للزمخشري ج1 ص225 وغريب الحديث لابن قتيبة ج1 ص335.
([381]) الخصال ج2 ص484 وعيون أخبار الرضا ج2 ص231 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج12 ص226 و (ط دار الإسلامية) ج8 ص559 والبحار ج21 ص24.
([382]) السيرة النبوية لابن هشام (ط مكتبة الخيرية ـ مصر) ج3 ص199 والسيرة الحلبية ج3 ص48 و 49 والمقنع للصدوق ص139 والهداية للصدوق ص153 ومنتهى المطلب (ط.ق) ج1 ص359 والذكرى ص249 وروض الجنان ص327 ص327 ومدارك الأحكام ج4 ص206 وذخيرة المعاد ج2 ص349 والحدائق الناضرة ج10 ص498 وجواهر الكلام ج12 ص200 ومصباح الفقيه ج2 ق2 ص523 والعروة الوثقى (ط.ق) ج2 ص105 و (ط.ج) ج3 ص404 وكتاب الصلاة ج7 ص356 والمبسوط للسرخسي ج10 ص23 والخصال ص77 وتهذيب الأحكام ج3 ص186 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج8 ص50 و 52 و (ط دار الإسلامية) ج5 ص195 و 197 ومستدرك الوسائل ج6 ص227 والمسترشد للطبري ص333 ومقاتل الطالبيين ص6 وشرح الأخبار ج3 ص204 وذخائر العقبى ص214 والأربعون حديثاً للشهيد الأول ص53 وعمدة الطـالب لابن عنبـة ص35 والبحـار ج18 = = ص413 وج21 ص23 و 63 وج39 ص207 وج88 ص206 و 208 و 211 وشجرة طوبى ج2 ص297 والمستدرك ج3 ص208 و 211 ومجمع الزوائد ج6 ص30 وج9 ص419 والمصنف لابن أبي شيبة ج7 ص516 وشرح معاني الآثار ج4 ص281 والأحاديث الطوال ص45 والمعجم الكبير ج2 ص108 و 111 ونصب الراية ج6 ص152 و 153 وكنز العمال ج11 ص665 و 666 وج13 ص323 وتفسير مجمع البيان ج3 ص401 ومنتقى الجمان ج2 ص272 والدرجات الرفيعة ص69 و 74 وتهذيب المقال ج4 ص187 والطبقات الكبرى ج4 ص35 والثقات ج2 ص18 وتهذيب الكمال ج5 ص53 وسير أعلام النبلاء ج1 ص213 و 437 وتهذيب التهذيب ج2 ص84 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص56 والتنبيه والإشراف ص223 والبداية والنهاية ج3 ص91 و 98 والبداية والنهاية ج4 ص234 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص40 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص216 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص818 وبشارة المصطفى ص163 وإعلام الورى بأعلام الهدى ج1 ص210 وقصص الأنبياء للراوندي ص345 وكشف الغمة ج1 ص383 والسيرة النبوية لابن كثير ج2 ص16 و 30 وج3 ص390 و 391 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص136 وج11 ص106 و 107 وينابيع المودة ج1 ص468 واللمعة البيضاء ص295.
([383]) راجع: البحار ج21 ص24 والخصال ص484 وعيون أخبار الرضا ج2 ص231 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج12 ص226و (ط دار الإسلامية) ج8 ص595.
([384]) أي: تلقاه مقدار غلوة سهم من موضع نزوله "صلى الله عليه وآله" راجع: البحار ج88 ص193 ودرر الأخبار ص630 ومستدرك الوسائل ج6 ص225.
([385]) البحار ج88 ص193 عن جمال الأسبوع، ومستدرك الوسائل ج6 ص225 ودرر الأخبار ص620.
([386]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص136 وج11 ص107 ودلائل النبوة ج4 ص246 البحار ج21 ص23 وراجع: ذخائر العقبى ص214 والمعجم الأوسط ج6 ص234 وكنز العمال ج13 ص322 والدرجات الرفيعة ص70 وضعفاء العقيلي ج4 ص257 وميزان الإعتدال ج4 ص276 وعن البداية والنهاية ج4 ص235 وإعلام الورى ج1 ص210 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص391.
([387]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص49 وراجع: السيرة النبوية لابن كثير ج2 ص31 وعن عيون الأثر ج2 ص425 ومكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا ص111 و 112 والأحاديث الطوال للطبراني ص64 والبداية والنهاية ج2 ص76 و (ط دار إحياء التراث) ج3 ص99 والشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض ج1 ص127.
([388]) علل الشرائع ج2 ص172 والبحار ج21 ص13 و 180 .
([389]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص136 ودلائل النبوة ج4 ص246 والبداية والنهاية ج4 ص306 وراجع: ص205 عن البخاري، والسيرة الحلبية ج3 ص48 و 49 وراجع: الأوائل ج1 ص314 وصحيح البخاري (ط سنة 1309 هـ) ج3 ص35 وصحيح مسلم ج7 ص172 وكنز العمال ج22 ص206 عن أبي نعيم، والطيالسي، وفتح الباري ج7 ص372 ومسند أحمد ج4 ص395 و 412 وحياة الصحابة ج1 ص361.
([390]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص135 ومصادر أخرى ستأتي في الهامش التالي، فانتظر.
([391]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص135 عن الشيخين، والإسماعيلي، وابن سعد، وابن حبان، وابن مندة، وفي هامشه: عن البخاري ج7 ص553 (4230)، وعن مسلم ج3 ص1946 و 1947 حديث (169/2502)، والبيهقي في الدلائل ج4 ص244، وانظر السيرة النبوية لابن هشام ج2 ص359 والمغازي للواقدي ج2 ص683. وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص47 و 48 والسيرة النبوية لابن كثير ج2 ص14 و 7 و 9 والبداية والنهاية ج3 ص71 و 67 و 69 و 205 عن ابن إسحاق، وأحمد، وأبي نعيم في الدلائل، وفتح الباري ج7 ص143 ومجمع الزوائد ج6 ص24 عن الطبراني، وحلية الأولياء ج1 ص114.
([392]) السيرة الحلبية ج3 ص48 وفضائل الصحابة ص73 وراجع: مسند أحمد ج3 ص543 وزاد المعاد ج1 ص1364 مسند أبي يعلى ج6 ص454 وصحيح ابن حبان ج16 ص 165 وموارد الظمآن ص 526 والطبقات الكبرى ج1 ص348 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص92 و 93 وتهذيب الكمال ج15 ص450 وسير أعلام النبلاء ج2 ص384 والإصابة ص214 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص273.
([393]) السيرة الحلبية ج3 ص48 وراجع: مسند أحمد ج2 ص502 و541 وصحيح البخاري (ط دار الفكر) ج5 ص122 وصحيح مسلم ج1 ص52 وسنن الترمذي ج5 ص383 وشرح مسلم ج2 ص30 والديباج على مسلم ج1 ص69 وتحفة الأحوذي ج6 ص423 ومسند الشاميين ج4 ص284 والجامع الصغير ج1 ص16 وكنز العمال ج12 ص48 والجامع لأحكام القرآن ج2 ص230 والبداية والنهاية ج5 ص81 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص 134.
([394]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص47 وعن عيون الأثر ج2 ص154 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص143.
([395]) الطبقات الكبرى ج4 ص106 ونيل الأوطار ج8 ص122 وذخائر العقبى ص213 وخلاصة عبقات الأنوار ج3 ص243 وصحيح البخارى ج4 ص55 وعن صحيح مسلم ج7 ص172 والسنن الكبرى ج6 ص333 وعن فتح الباري ج6 ص171 وج7 ص372 و 373 والمنتقى من السنن المسندة ص274 ونصب الراية ج4 ص266 وتاريخ مدينة دمشق ج32 ص29 و 32 وسير أعلام النبلاء ج2 ص382 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص135 ومرقاة المفاتيح ج7 ص604 وأسد الغابة ج4 ص81.
([396]) الطبقات الكبرى ج4ص35 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص110.
([397]) الإصابة ج2 ص359.
([398]) تقدمت مصادر ذلك.
([399]) قد تقدمت مصادر ذلك فلا نعيد.
([400]) الآية 9 من سورة الصف.
([401]) السيرة الحلبية ج3 ص49 و 50 وراجع: تاريخ مدينة دمشق ج69 ص144 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص195 والمنتخب من ذيل المذيل ص98 وزوجات النبي لسعيد أيوب عن الحاكم في المستدرك ج4 ص21 والإستيعاب ج4 ص44 والإصابة ج4 ص305 والطبقات الكبرى ج7 ص97.
([402]) الكافي ج5 ص382 وقاموس الرجال ج10 ص390 عنه وفقه الصادق للروحاني ج22 ص142 والوسائل (ط آل البيت) ج21 ص347 و (ط الإسلامية) ج15 ص7.
([403]) مروج الذهب (ط دار الأندلس) ج2 ص353 وأنساب الأشراف للبلاذري ص291 وتاريخ مدينة دمشق ج24 ص282.
([404]) تذكرة الخواص ص107 وحول عدم أكل عائشة للشواء راجع: أنساب الأشـراف (بتحقيق المحمودي) ج2 ص291 وأحـاديث أم المؤمنين عائشـة للعسكري عن تذكرة خواص الأمة (ط النجف) ص114 وراجع: تاريخ مدينة دمشق ج49 ص427.
([405]) الآية 51 من سورة الأحزاب.
([406]) أنساب الأشراف للبلاذري ج1 ص467 وقاموس الرجال ج10 ص391 عنه، والموسوعة الفقهية الميسرة للشيخ محمد علي الأنصاري ج1 ص359 والبحر الرائق ج3 لابن نجيم المصري ص383 وفتح الباري ج9 ص93 والمصنف لابن أبي شيبة ج3 ص329 وتفسير القرآن للصنعاني ج3 ص120 وجامع البيان ج22 ص31 وأحكام القرآن للجصاص ج3 ص48 والدر المنثور ج5 ص210 و 211 وعن فتح القدير ج4 ص295 وعن كتاب المحبر ص92.
([407]) راجع النصوص المختلفة لهذا الحديث في المصادر التالية: تاريخ بغداد ج14 ص240 وج8 ص461 وج6 ص208 وراجع: منحة المعبود ج1 ص309 وتحريم نكاح المتعة للمقدسي ص23 ـ 32 و 40 ـ 43 و 70 و 113 و 114 والإعتبار في الناسخ والمنسوخ ص159 و 177 و 178 وفتح الباري ج9 ص144 و 145 و 146 وعن ج11 ص71 والموطأ لمالك (مطبوع مع تنوير الحوالك) كتاب النكاح باب نكاح المتعة ج2 ص74 والتاج الجامع للأصول ج2ص335 وقال: رواه الخمسة، ومصابيح السنة ج2ص415 وروى النص الثاني في قسم الصحاح، والسنن الكبرى للبيهقي ج7 ص201 و 202 و 206 و 207 و 204 وسنن الدارمي ج2 ص140 وبلوغ المرام ص207 ولم يذكر لحوم الحمر الأهلية وص208 قال: أخرجه السبعة إلا أبو داود، ومسند أبي يعلى ج1 ص434 ومسند الحميدي ج1 ص22 ونيل الأوطار ج6 ص269 و 272 و 273 وشرح النووي على صحيح مسلم ج9 ص180 و 207 و 193 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص474 ومسند زيد ص304 وصحيح مسلم ج4 ص134 و 135 و 131 وصحيح البخـاري (كتـاب المغـازي بـاب غـزوة خيبر) ج3 ص158 وهـدايـة البـاري ص257 = = والتفسير الحديث ج9 ص53 و 54 و 51 و 52 وفقه السنة ج2 ص42 والمنتقى ج2 ص519 و 517 وشرح السنة للبغوي ج5 ص77 وقال: هذا حديث متفق على صحته، وكتاب العلوم (الشهير بآمالي أحمد بن عيسى بن زيد) ج3 ص10 و 11 والبداية والنهاية ج4 ص193 وسنن سعيد بن منصور ج1 ص218 وأسمى المناقب ص145 والمرأة في القرآن والسنة ص180 و 181 عن الخمسة، ولسان الميزان ج1 ص442 وتحريم المتعة في الكتاب والسنة ص151 و 152 و 153 ونكاح المتعة للأهدل ص321 وتيسير المطالب في أمالي أبي طالب ص388 ومجمع الزوائد ج4 ص265 و 266 وجامع الأسانيد ج1 ص85 وبداية المجتهد ج2 ص57 وزاد المعاد ج2 ص183 وأوجز المسالك ج9 ص406 و 407 وفتح الملك المعبود ج3 ص226 و 225 وسلم الوصول ج3 ص288 ونصب الراية ج3 ص177 والسيرة الحلبية ج3 ص45 وعون المعبود ج6 ص92 ومرقاة المفاتيح ج3 ص422 والمصنف للصنعاني ج7 ص501 والتفسير الكبير ج10 ص50 و 51 و 52 والإعتصام بحبل الله المتين ج3 ص201 و 202 و 203 و 204 عن الستة إلا أبا داود، وعن مجموع الإمام زيد بن علي، ومسند الشافعي ص254 وشرح معاني الآثار ج3 ص24 و 25 ولم يحدد المناسبة وص25 حددها بخيبر، والتمهيد لابن عبد البر ج9 ص94 ـ 99 و 101 و 102 وكنز العمال ج22 ص96 و 99 و 97 عن مصادر كثيرة، وشرح الأزهار ج2 ص238 في الحاشية والجامع الصحيح ج3 ص430 وج4 ص254 وجامع الأصول ج12 ص135 وسنن ابن ماجة ج1 ص804 و 630 وفتح القدير ج1 ص449 والإستذكار ج16 ص286 و 287 ومصنف ابن أبي شيبة ج3 ص389 وسنن النسائي ج7 ص202 و 203 وج6 ص125 و 126 والبناية في شرح الهداية ج4 ص98 و 99 والبحر المحيط ج3 ص218 ولباب التأويل ج1 ص343 ومسند الطيالسي ص18 ومسند أحمد ج1 ص79 و 142 والمعجم الصغير للطبراني ج1 ص133 وسنن الـدراقطني ج3 = = ص257 وحلية الأولياء ج3 ص177 والهداية في تخريج أحاديث البداية ج6 ص502 و 503 ومسند أبي عوانة ج5 ص160 و 159 و 158 و 157 والجامع لأحكام القرآن ج5 ص131 وج2 ص131 و 132وجواهر الأخبار ج4 ص22 والإحسان ج9 ص450 و 453 وفي هامشه عن مصادر كثيرة، والأم ج5 ص79 وشرح الموطأ للزرقاني ج3 ص152 والمبسوط للسرخسي ج3 ص152 و 153 وغير ذلك.
([408]) المغازي للواقدي ج2 ص661.
([409]) الآية 24 من سورة النساء.
([410]) راجع: مسند أحمد ج3 ص405 و 406 والإعتصام بحبل الله المتين ج3 ص202 وكتاب العلوم لأحمد بن عيسى بن زيد ج3 ص11 والتمهيد لابن عبد البر ج9 ص107 والمصنف للصنعاني ج7 ص503 و 504 وتحريم نكاح المتعة ص63 والسنن الكبرى ج7 ص202 و 203 والتفسير الكبير ج10 ص51 وراجع: فتح الباري ج9 ص146 وصحيح مسلم ج4 ص132.
([411]) الإستذكار ج 16 ص 289.
([412]) الروض الأنف (ط سنة 1391 هـ) ج4 ص59 وفتح الباري ج9 ص145 عنه، ونقله في السيرة الحلبية ج3 ص45 عن بعضهم، وشرح الموطأ للزرقاني ج4 ص46، وسبل السلام شرح غاية المرام ج3 ص268 وأوجز المسالك ج9 ص405 ونصب الراية ج3 ص178 و 179.
([413]) التمهيد ج 9 ص 99.
([414]) المنتقى هوامش ج2 ص518.
([415]) إرشاد الساري ج6 ص169 وشرح الموطأ للزرقاني ج4 ص46، والغدير ج6 ص226، وعن شرح المواهب للزرقاني ج2 ص239، وسبل السلام شرح بلوغ المرام ج3 ص268، وراجع: أوجز المسالك ج9 ص405.
([416]) المصادر المتقدمة.
([417]) زاد المعاد ج2 ص143 وعنه في سبل السلام شرح بلوغ المرام ج3 ص268 وفتح الباري ج9 ص147.
([418]) زاد المعاد ج2 ص183 وأوجز المسالك ج9 ص406 والمنتقى هوامش ج2 ص517 وفتح الباري ج9 ص147.
([419]) المصادر المتقدمة.
([420]) البداية والنهاية ج 4 ص 193. وعن فتح الباري ج9 ص171.
([421]) جامع البيان ج5 ص9 بسند صحيح على الظاهر، وكذا المصنف لعبد الرزاق ج7 ص500، ومنتخـب كنز العـمال (بهامش مسنـد أحمـد) ج6 ص405 والتفسـير = = الكبير للرازي (ط سنة 1357 هـ) ج10 ص50 والدر المنثور ج2 ص140 وشرح النهج للمعتزلي ج2 ص25 وتفسير النيسابوري (بهامش الطبري) ج5 ص17 والبيان للخوئي ص343 عن مسند أبي يعلى، ودلائل الصدق ج3 ص101 وتلخيص الشافي ج4 ص32 والوسائل (ط دار إحياء التراث) أبواب نكاح المتعة ج21 ص5 و11 و44 وفي هامشه عن: نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص65 و 66 وعن رسالة المتعة للمفيد، ونفحات اللاهوت ص99، والتهذيب ج7 ص250 ومستدرك وسائل الشيعة ج14 ص447 و 449 و 478 و482 و483 وكتاب عاصم بن حميد الحناط ص24 والهداية للخصيبي حديث المفضل ص109 وكنز العرفان ج2 ص148 والكافي ج5 ص448 والإيضاح ص443 والجواهر ج30 ص144 عن: النهاية في اللغة لابن الأثير، والطبري، والثعلبي، والسرائر ص312 وتفسير العياشي ج1 ص233 والغدير ج6 ص206 وكنز العمال (ط مؤسسة الرسالة) ج16 ص522 و523 و (طبعة الهند) ج22 ص96 وتفسير البحر المحيط ج3 ص218 وعن أبي داود في ناسخه عن بعض من تقدم، والإستبصار فيما اختلف من الأخبار ج3 ص141 والتفسير الحديث لمحمد عزة دروزة ج9 ص54 والمرأة في القرآن والسنة ص182 والبحار (ط جديد) ج100 ص305 و 314 و315 و (ط قديم) ج8 ص273.
([422]) التفسير الكبير ج10 ص52 وتفسير النيسابوري (بهامش جامع البيان) ج5 ص19.
([423]) زاد المعاد ج4 ص194 وفقه السنة ج2 ص39 والمنتقى هامش ج2 ص97.
([424]) راجع: السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص366 والبداية والنهاية ج4 ص194.
([425]) راجع: مسند الحميدي ج1 ص22 وفتح الباري ج9 ص145 و 133 و 22 و 123 و 144 و 146 ونيـل الأوطـار ج6 ص273 والسنن الكـبرى ج7 ص201 و 202 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص336 و 337 و 366 والبداية والنهاية ج4 ص194 وأوجز المسالك ج9 ص405 و 406 وسبل= = السلام شرح بلوغ المرام ج3 ص368 وشرح الموطأ للزرقاني ج4 ص46 والتمهيد ج9 ص95 والإستذكار ج16 ص288 و 289 وشرح صحيح مسلم للنووي ج9 ص180 وتعليقات الفقي على بلوغ المرام ص207.
([426]) راجع: التمهيد لابن عبد البر ج10 ص97 وتاريخ بغداد ج8 ص461 وكتاب العلوم لأحمد بن عيسى ج3 ص11 ومجمع الزوائد ج4 ص266.
([427]) صحيح مسلم ج4 ص134 و 135 والإحسان في تقريب صحيح ابن حبان ج6 ص176 و 177 وراجع: تاريخ بغداد ج14 ص240 وكنز العمال ج22 ص97 وتيسير المطالب ص388 ومجمع الزوائد ج4 ص265 وكتاب العلوم لأحمد بن عيسى ج3 ص11 والإعتصام بحبل الله المتين ج3 ص202 وغير ذلك كثير.
([428]) السيرة الحلبية ج3 ص45.
([429]) الهداية في تخريج أحاديث البداية ج6 ص508 والهيثمي في مجمع الزوائد ج4 ص264 عن الطبراني في الأوسط، ووفاء الوفاء ج4 ص1168 عن البخاري، وعن ابن شبة، وعن الطبراني في الأوسط أيضاً، ونيل الأوطار ج6 ص272 عن الحازمي، والبيهقي، والإعتبار في الناسخ والمنسوخ ص178 ونصب الراية للزيلعي ج3 ص179 وعمدة القاري ج17 ص247 والتعليق المغني على سنن الدارقطني ج3 ص259.
([430]) تاريخ الخميس ج1 ص341 و 342 وعن الرياض النضرة، والسيرة الحلبية ج2 ص54 ودلائل النبوة للبيهقي ج2 ص233 وفتح الباري ج7 ص204 ووفاء الوفاء للسمهودي ج1 ص244 وج4 ص1172 و 1262 ومصادر ذلك كثيرة.
([431]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص130 وفي هامشه عن: البخاري ج7 ص550 (4221، 4223، 4225، 4226، 5525). وراجع: المجموع للنووي ج9 ص7 ونيل الأوطار ج8 ص281 وصحيح البخارى (ط دار الطباعة العامرة ـ إستانبول) ج5 ص78 وصحيح مسلم ج6 ص63 و 64 وسنن ابن ماجة ج2 ص1064 و 1065 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص330 والمصنف لابن أبي شيبة ج5 ص542.
([432]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص130 وفي هامشه عن: عبد الرزاق (8725) والطبراني في الكبير ج5 ص316 وانظر التمهيد لابن عبد البر ج10 ص127 والسيرة الحلبية ج3 ص46 عن مسلم، وراجع: شرح معاني الآثار ج4 ص205.
([433]) المعجم الأوسط ج7 ص102 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص130 وفي هامشه عن: الحاكم في المستدرك ج2 ص56 وانظر التلخيص الكبير ج3 ص7.
([434]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص130 وفي هامشه عن: البخاري ج9 ص653 (5527) ومسلم ج3 ص1538 (23/1936) والسيرة الحلبية ج3 ص46 وراجع: كنز العمال ج15 ص275 واللمع في أسباب ورود الحديث ص41 وسنن النسائي ج7 ص232 وحاشية ابن القيم ج10 ص202.
([435]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص130 وفي هامشه عن: البخاري (6331) ومسلم ج3 ص1540 (33/1802)، وأحمد ج4 ص383 والبيهقي في الدلائل ج4 ص200 والسيرة الحلبية ج3 ص46 وصحيح البخارى (ط دار الطباعة العامرة ـ إستانبول) ج5 ص72 وج7 ص108 وصحيح مسلم (ط دار الفكر) ج5 ص186 وج6 ص65 والمحلى ج1 ص108 وشرح معاني الآثار ج4 ص106 والمعجم الأوسط ج1 ص78 والمعجم الكبير ج7 ص35 والبداية والنهاية ج4 ص208 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص346 واللؤلؤ والمرجان ج1 ص584 ونيل الأوطار ج1 ص79 وعن فتح الباري ج12 ص200 و 237 وعمدة القاري ج17 ص233 وج22 ص182 وزاد المعاد ج1 ص1073.
([436]) السيرة الحلبية ج3 ص46.
([437]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص130 و 131 وعن فتح الباري ج7 ص370 وعمدة القاري ج17 ص233.
([438]) السيرة الحلبية ج3 ص46 وراجع: إمتاع الأسماع ص317 والمغازي للواقدي ج2 ص660 و 661 وراجع: المصنف لابن أبي شيبة ج5 ص541 وج8 ص524 والآحاد والمثاني ج4 ص25 والمعجم الكبير ج1 ص213 و 214 وأسد الغابة ج1 ص96 وج5 ص220 والإصابة ج7 ص160.
([439]) السيرة الحلبية ج3 ص46 عن أبي داود، وراجع: المجموع ج9 ص2 والمغني ج11 ص66 والشرح الكبير ج11 ص75 ومسند أحمد ج3 ص356 و 362 وسنن أبي داود ج2 ص206 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص327 والمنتقى من السنن المسندة ص223 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص583.
([440]) المغازي للواقدي ج2 ص661.
([441]) المغازي للواقدي ج2 ص661 وتاريخ مدينة دمشق ج16 ص219 ونصب الراية ج6 ص59.
([442]) راجع: من لا يحضره الفقيه ج3 ص335 وعلل الشرائع ص563 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج24 ص119 و (ط دار الإسلامية) ج16 ص324 والخلاف للطوسي ج6 ص82 والإستبصار ج4 ص75 وتهذيب الأحكام ج9 ص42 والبحار ج62 ص176 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص267 .
([443]) الكافي ج6 ص246 وراجع: مجمع الفائدة للمحقق الأردبيلي ج11 ص159 ورياض المسائل (ط.ق) ج2 ص282 وجواهر الكلام ج36 ص266 والإستبصار ج4 ص73 وتهذيب الأحكام ج9 ص41 والوسائل (ط دار الإسلامية) ج16 ص323.
([444]) الكافي ج6 ص246 وعلل الشرائع ص563 وجواهر الكلام ج36 ص266 و 267 وجامع المدارك ج5 ص145 ص563 وتهذيب الأحكام ج9 ص41 والبحار ج62 ص176.
([445]) المصنف للصنعاني ج10 ص205 المغني ج10 ص508 والشرح الكبير ج10 ص393 وسنن ابن ماجة ج2 ص1299 والمستدرك للحاكم ج2 ص134 ومجمع الزوائد ج5 ص337 والآحاد والمثاني ج2 ص189 وشرح معاني الآثار ج3 ص49 والمعجم الكبير ج2 ص82 و 83 و 84 وكنز العمال ج4 ص531 وعن أسد الغابة ج1 ص243 وتهذيب الكمال ج4 ص391.
([446]) النهاية في غريب الحديث ج1 ص278 وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص46 و 47 وراجع: البحار ج62 ص250 عن النهاية، ولسان العرب ج11 ص119.
([447]) مسند أحمد ج4 ص381 وراجع: المصنف للصنعاني ج4 ص524 وشرح معاني الآثار ج4 ص207.