الــصــحـيـــح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) ج16
العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي
المركز الإسلامي للدراسات
بسم الله الرحمن الرحيم
الباب الثاني:
عهد الحديبية.. وقائع.. وآثار
الفصل الأول: بيعة الرضوان..
الفصل الثاني: عهد الحديبية: أحداث وتفاصيل..
الفصل الثالث: إدانة البريء..
الفصل الرابع: تبرئة المذنب..
الفصل الخامس: اللمسات الأخيرة..
الفصل السادس: عهد الحديبية.. نتائج وآثار
الفصل الأول:
بيعة الرضوان..
حديث البيعة:
قال الصالحي الشامي: لما بلغ رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن عثمان قد قتل، (وقتل معه العشرة الآخرون([1]))، دعا الناس إلى البيعة، وقال: "لا نبرح حتى نناجز القوم".
وأتى رسول الله "صلى الله عليه وآله" منازل بني مازن بن النجار، وقد نزلت في ناحية من الحديبية، فجلس في رحالهم تحت شجرة خضراء، ثم قال: "إن الله تعالى أمرني بالبيعة".
فأقبل الناس يبايعونه حتى تداكوا، فما بقي لبني مازن متاع إلا وطئ، ثم لبسوا السلاح وهو معهم قليل.
وقامت أم عمارة إلى عمود كانت تستظل به، فأخذته بيدها، وشدت سكيناً في وسطها.
وروى ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن سلمة بن الأكوع، والبيهقي عن عروة، وابن إسحاق عن الزهري، ومحمد بن عمر عن شيوخه، قال سلمة: بينا نحن قائلون إذ نادى منادي رسول الله "صلى الله عليه وآله":
"أيها الناس البيعة البيعة، نزل روح القدس، فاخرجوا على اسم الله".
قال سلمة: "فسرنا إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" وهو تحت شجرة سمرة فبايعناه"([2]).
وفي صحيح مسلم عنه قال: فبايعته أول الناس..
ثم بايع، وبايع، حتى إذا كان في وسط من الناس قال: "بايع يا سلمة".
قال: قلت: قد بايعتك يا رسول الله في أول الناس([3]).
قال: "ورآني رسول الله "صلى الله عليه وآله" عزلاً، فأعطاني حجفة ـ أو درقة ـ.
ثم بايع حتى إذا كان في آخر الناس قال: "ألا تبايعني يا سلمة"؟
قال: قلت: يا رسول الله قد بايعتك في أول الناس، وفي وسط الناس.
قال: "وأيضاً"، فبايعته الثالثة.
ثم قال لي: "يا سلمة أين حجفتك ـ أو درقتك ـ التي أعطيتك"؟
قال: قلت: يا رسول الله، لقيني عمي عامر عزلاً فأعطيته إياها.
قال: فضحك رسول الله "صلى الله عليه وآله" وقال: إنك كالذي قال الأول: اللهم ابغني حبيباً هو أحب إلي من نفسي([4]).
وفي صحيح البخاري عنه قال: بايعت رسول الله "صلى الله عليه وآله" تحت الشجرة.
قيل: على أي شيء كنتم تبايعون؟
قال: على الموت([5]).
وروى الطبراني عن عطاء بن أبي رباح قال: قلت لابن عمر: أشهدت بيعة الرضوان مع رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟
قال: نعم.
قلت: فما كان عليه؟
قال: قميص من قطن، وجبة محشوة، ورداء وسيف، ورأيت النعمان بن مُقَرِّن المازني قائم على رأسه، قد رفع أغصان الشجرة عن رأسه يبايعونه.
وفي صحيح مسلم، عن جابر قال: بايعنا رسول الله "صلى الله عليه وآله" وعمر آخذ بيده، تحت شجرة ـ وهي سمرة ـ فبايعناه غير الجد بن قيس الأنصاري، اختفى تحت بطن بعيره.
وعند ابن إسحاق، عن جابر بن عبد الله: فكأني أنظر إليه لاصقاً بإبط ناقته، قد خبا إليها، يستتر بها من الناس. بايعناه على ألا نفِرَّ، ولم نبايعه على الموت([6]).
وروى الطبراني عن ابن عمر، والبيهقي عن الشعبي، وابن منده عن زر بن حبيش قالوا: لما دعا رسول الله "صلى الله عليه وآله" الناس إلى البيعة كان أول من انتهى إليه أبو سنان الأسدي، فقال: ابسط يدك أبايعك.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "علام تبايعني"؟
قال: على ما في نفسك.
زاد ابن عمر: فقال النبي: وما في نفسي؟
قال: أضرب بسيفي بين يدك حتى يظهرك الله أو أقتل. فبايعه، وبايعه الناس على بيعة أبي سنان([7]).
وروى البيهقي عن أنس، وابن إسحاق عن ابن عمر، قال: لما أمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" ببيعة الرضوان كان بعث عثمان رسولُ الله "صلى الله عليه وآله" إلى أهل مكة، فبايع الناس، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "اللهم إن عثمان في حاجتك وحاجة رسولك، فضرب بإحدى يديه على الأخرى، فكانت يد رسول الله "صلى الله عليه وآله" لعثمان خيراً من أيديهم لأنفسهم([8]).
وروى البخاري وابن مردويه عن قتادة قال: قلت لسعيد بن المسيب: كم كان الذين شهدوا بيعة الرضوان؟
قال: خمس عشرة مائة.
قلت: فإن جابر بن عبد الله قال: أربع عشرة مائة.
قال: يرحمه الله توهم، هو حدثني أنهم كانوا خمس عشرة مائة([9]).
وروى الشيخان، وابن جرير عن عبد الله بن أبي أوفى قال: كان أصحاب الشجرة ألفاً وثلاثمائة، وكانت أسلم ثُمن المهاجرين([10]).
أفاد الواقدي: أن أسلم كانت في الحديبية مائة رجل.
وروى سعيد بن منصور والشيخان عن جابر بن عبد الله قال: كنا يوم الحديبية ألفاً وأربعمائة، فقال لنا رسول الله "صلى الله عليه وآله": "أنتم خير أهل الأرض"([11]).
وروى الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي عن جابر بن عبد الله، ومسلم عن أم مبشر: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال: "لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة"([12]).
فلما نظر سهيل بن عمرو، وحويطب بن عبد العزى، ومكرز بن حفص، ومن كان معهم من عيون قريش من سرعة الناس إلى البيعة وتشميرهم إلى الحرب اشتد رعبهم وخوفهم، وأسرعوا إلى القضية([13]).
ثم أتى رسولَ الله "صلى الله عليه وآله": "أن الذي ذكر من أمر عثمان باطل"([14]).
أول من بايع:
وقالوا: إن أبا سنان الأسدي أول من بايع..
وقالوا: إن هذا هو الأشهر، وعليه الأكثر([15]).
ولكن نصاً آخر يقول: إن أولهم هو ولده سنان بن أبي سنان([16]).
ولعل هذا هو الصحيح، وذلك لأن أبا سنان نفسه قد مات في حصار بني قريظة، ودفن بمقبرتهم([17]).
وقيل: أول من بايع هو عبد الله بن عمر([18]).
وقيل: هو سلمة بن الأكوع([19]).
ولعل السبب في ظهور هذين القولين هو: أن ابن عمر قد بايع مرتين: مرة في أول الناس، ومرة في آخر الناس([20]).
كما أن سلمة بن الأكوع قد بايع ثلاث مرات: مرة في أول الناس، ومرة في وسط الناس، ومرة في آخر الناس([21]).
فظنوا، أن المراد بقوله: بايع أول الناس وآخر الناس: أنه لم يبايع النبي "صلى الله عليه وآله" أحد قبله.
مع أن المراد: أنه كان في أوائل المبايعين تارة، وفي أواخرهم أخرى.
لماذا تعددت بيعة ابن الأكوع؟!
وقد أثار طلب النبي "صلى الله عليه وآله" من سلمة بن الأكوع أن يكرر بيعته ثلاث مرات تساؤلاً حول سبب ذلك..
فادَّعى البعض: أن ذلك كان فضيلة لسلمة؛ لأنه "صلى الله عليه وآله" أراد أن يؤكد بيعته لعلمه بشجاعته، وعنايته بالإسلام، وشهرته في الثبات. بدليل ما وقع له في غزوة ذي قرد، بناء على تقدمها على ما هنا، أو تفرس فيه "صلى الله عليه وآله" ذلك، بناء على تأخرها([22]).
ونقول:
1 ـ قد أشرنا فيما سبق: إلى أن ما يذكرونه عنه في غزوة ذي قرد ظاهر الفساد، ولا يمكن تأييد صحته..
2 ـ ومع غض النظر عن ذلك نقول: لماذا لم تظهر لسلمة هذا أية مواقف أخرى في سائر المشاهد، بل هو قد فر مع الفارين، وأحجم مع المحجمين؟! وتلك هي غزوة حنين، وخيبر، وسواهما، شاهد صدق على ما نقول.
3 ـ لماذا لا يطلب النبي "صلى الله عليه وآله" تكرار البيعة من جميع من عرفوا بالشجاعة، مثل علي، والمقداد، وأبي دجانة و.. و..؟!
4 ـ إن الشجاعة لا تناسب طلب تجديد البيعة، بل تناسب إعطاء المناصب، وإطلاق الكلمات المادحة في حق ذلك الشجاع.. أما البيعة فهي أخذ عهد، وإبرام عقد يطلب الوفاء به..
5 ـ إن تجديد العهود، إنما يكون بهدف تأكيد الإلزام بها، والحمل على الالتزام بالوفاء , وهذا إنما يطلب ممن يظن فيه الغدر، ويتهم بالخيانة وعدم الوفاء..
فليكن طلب البيعة مرة بعد أخرى يهدف إلى التلويح بإمكانية صدور هذه الخيانة منه..
6 ـ ويمكن تأييد ذلك بما ظهر في نفس ذلك المجلس، حيث يذكرون: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد أعطى سلمة في المرة الثانية دَرَقَةً ـ أو جَحَفَةً ـ فما لبث أن أعطاها لغيره، ثم طلب منه البيعة الثالثة فبايعه، فسأله عن جحفته أو درقته التي أعطاه إياها آنفاً، فأخبره أنه أعطاها لعمه عامر([23]).
فلم يحتفظ بهذه الدرقة سوى هذا الوقت القصير.
مع أن المفروض هو: أن يبقيها عنده، كأعز ذكرى لديه، وأنفس شيء حصل عليه في حياته.
وإذا كان الصحابة يتبركون بفضل وضوء النبي "صلى الله عليه وآله"، وبشعره، وبعصاه، وبكل شيء يرتبط به، فما بال سلمة يزهد بهذه العطية السنية، ويعطيها لسواه، ولا تستقر معه دقائق معدودات؟!
ولو أردنا أن نحمل عمله هذا على إرادة الإيثار، وهو عمل سام ونبيل، يستحق فاعله التمجيد والتقدير. فإن هذا التوجيه لن يلقى قبولاً لدى أهل الدراية والمعرفة؛ لأنهم سوف يقولون لنا: إنه لا مجال للإيثار في أمور العبادة. وتقديس رسول الله، والتبرك بآثاره "صلى الله عليه وآله" هو من قبيل الصلاة، أو الحج، الذي لا يقبل الإيثار، إذ لا يمكن التخلي عن الصلاة لإيثار الغير بها فيصلي غيره ويترك هو الصلاة..
وقد قال البعض: إن من الممكن أن يكون رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد طلب البيعة أكثر من مرة من سلمة بعد أن أعطاه درقته، من أجل أن يزعزع ثقة المشركين الذين هم على رأيه، والدليل على ذلك: أنه لم يحتفظ بالدرقة ولو لوقت قصير لكي لا تكون علامة انسجام بينه وبين النبي "صلى الله عليه وآله"، وقد ضحك رسول الله "صلى الله عليه وآله" ليفهم سلمة أنه ـ أي الرسول "صلى الله عليه وآله" ـ عارف بسبب تخلصه من الدرقة.
هل بايعوه على الموت؟!
وقد اختلفوا في بيعة الرضوان، هل كانت على الموت، أو على عدم الفرار.. ([24]) أو أن المراد واحد، كما ذكره البعض([25])؟
ونقول:
إن البيعة على عدم الفرار ـ سواء أكانت هي نفسها البيعة على الفتح أم الشهادة ـ خلاف الحكمة والتدبير، وذلك لأنها تتضمن اتهاماً لأصحابه، بأنهم مظنة الفرار، من جهة..
وفيها أيضاً: إيحاء للعدو بأن رسول الله "صلى الله عليه وآله" غير واثق بنصر أصحابه له، وأن عدم الثقة هذا قد بلغ حداً جعله يلجأ إلى أخذ المواثيق والعهود منهم بذلك، من جهة أخرى.
ومن شأن هذا أن يدفع الأعداء إلى أن يطمعوا بالنصر عليه "صلى الله عليه وآله"، وأن يفكروا بأن بذل المزيد من الجهد قد يعطي ثماراً طيبة لهم..
ومما يشهد على ما قلناه:
ما رووه: من أن أول من بايع هو سنان بن أبي سنان الأسدي، فقال للنبي "صلى الله عليه وآله": أبايعك على ما في نفسك.
قال "صلى الله عليه وآله": وما في نفسي؟!
قال: أضرب بسيفي بين يديك حتى يظهرك الله أو أقتل، وصار الناس يبايعونه على ما بايعه عليه سنان([26]).
بيعة المنافقين في الحديبية:
قالوا: وقد بايع جميع الناس رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ولم يتخلف منهم أحد إلا الجد بن قيس.
قال: لكأني أنظر إليه لاصقاً بإبط ناقته، يستتر بها من الناس.
وقد قيل: إنه كان يرمى بالنفاق. وقد نزل في حقه في غزوة تبوك من الآيات ما يدل على ذلك.
وكان الجد بن قيس سيد قومه بني سلمة ـ بكسر اللام ـ في الجاهلية.
ويقال: إن النبي "صلى الله عليه وآله" سوَّد عليهم بشر بن البراء بن معرور، وقيل: عمرو بن الجموح. ورجح ابن عبد البر الأول، ورووا شعراً يؤيد الثاني..
وذكروا: أن سبب ذلك هو: أنه كان يرمى بالبخل([27]).
ونشير هنا إلى أمرين:
الأول: أننا نرى: أن النبي "صلى الله عليه وآله" لا يبادر إلى أمر كهذا بلا مبرر قوي، لا سيما وأنه يجر عداوات، ويخلق أحقاداً وخصومات، وينشئ عُقَداً تجاهه "صلى الله عليه وآله". ومجرد بخل إنسان مّا لا يكفي مبرراً للإقدام على أمر كهذا.. إلا إذا كان ذلك قد حصل قبل إظهار الجد بن قيس للإسلام، ولسنا بصدد تحقيق هذا الأمر..
الثاني: أن هذا النص يدل على: أن بقية المنافقين الحاضرين، ومنهم عبد الله بن أبي قد بايع وبايعوا أيضاً.. وقد كان ابن أُبي حاضراً بدليل:
1 ـ ما تقدم: من أنه كان حاضراً هو وجماعة من المنافقين، حين جاشت البئر بالماء، بسبب غرس سهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" فيها.. فقيل له في ذلك، فادَّعى: أنه رأى مثل هذا فيما سبق، واستغفر له "صلى الله عليه وآله" في هذه المناسبة.
2 ـ أن قريشاً بعثت إلى ابن سلول: إن أحببت أن تدخل فتطوف بالبيت فافعل.
فقال له ابنه عبد الله: يا أبت أذكرك الله، أن لا تفضحنا في كل موطن. تطوف! ولم يطف رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟!
فأبى حينئذٍ وقال: لا أطوف حتى يطوف رسول الله "صلى الله عليه وآله".
وفي لفظ قال: إن لي في رسول الله أسوة حسنة.
فلما بلغ رسول الله "صلى الله عليه وآله" امتناعه رضي عنه، وأثنى عليه بذلك([28]).
حديث: "لا يدخل النار من شهد الحديبية" لا يصح:
وهذا يوضح لنا: عدم صحة الأحاديث التي تقول: لا يدخل النار من شهد بدراً، والحديبية، وأن الله غفر لأهل بدر والحديبية، ونحو ذلك([29]).
فإن المنافقين يدخلون النار بلا شك. وقد كانوا حاضرين في الحديبية، وقد بايع قسم منهم النبي "صلى الله عليه وآلـه" في الحديبيـة، وعلى رأسهم ـ حسب قولهم ـ عبد الله بن أبي، الذي يقول عنه أهل السنة: إنه كان رأس النفاق في زمن رسول الله "صلى الله عليه وآله".. وإن كنا نحتمل أن يكون ثمة تضخيم لدور ابن أبي، ومحاولة الإنحاء باللائمة عليه في كثير من الأمور، التي قد يكون بطلها الحقيقي شخصاً آخر يراد التستر عليه، أما ابن أُبي فهو ضحية هذه السياسة حين لا يكون له دور أساسي فيها، أو قد يكون بريئاً من أي دور فيها. ولسنا هنا بصدد تحقيق ذلك.
وظهر أيضاً عدم صحة حديث: أنتم اليوم خير أهل الأرض([30])، فإن المنافقين كانوا فيهم، ولم يكن المنافقون خير أهل الأرض قطعاً. إلا إن كان المراد: أنهم كذلك في ذلك اليوم بالنسبة للمعلنين بالشرك، والمظهرين العناد.
قال الحلبي: "قال ابن عبد البر (ره): ليس في غزواته "صلى الله عليه وآله" ما يعدل بدراً ويقرب منها إلا غزوة الحديبية.
والراجح: تقديم غزوة أحد على غزوة الحديبية، وأنها التي تلي بدراً في الفضيلة"([31]).
وقد ظهر: أنه كلام بلا مستند صحيح، فالأولى الإضراب، والإعراض عنه، والتوجه إلى ما هو أهم، ونفعه أعم.
بيعة النبي ' عن عثمان:
وقد ادعوا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد بايع عثمان، فوضع يده اليمنى على اليسرى، وقال: اللهم إن هذه عن عثمان، فإنه في حاجتك، وحاجة رسولك. أو نحو ذلك([32]).
ونقول:
إننا قد تحدثنا عن هذا الأمر في الجزء السابق، غير أننا نعود فنذكر القارئ بما يلي:
أولاً: إذا كانت بيعة الرضوان قد حصلت، لأنه بلغهم أن عثمان قد قتل، فكيف بايع النبي "صلى الله عليه وآله" عنه؟!.. أما وقد كان عثمان حياً، فإن سبب البيعة لا بد أن يكون شيئاً آخر وهو: حبس العشرة الذين دخلوا إلى مكة([33]).
أو محاولتهم قتل رسوله إليهم، أعني خراش بن أمية، بعد أن عقروا بعيره.
أو المناوشات التي جرت بينهم وبينه، حيث قتلوا أحد المسلمين.
أو محاولتهم انتهاز فرصة غفلة المسلمين لأسر بعضهم أو قتله، فأسر المسلمون منهم خمسين رجلاً تارة، واثني عشر رجلاً أخرى.
أو إصرار قريش على منعهم من العمرة وزيارة بيت الله..
أو أن جميع هذه الحوادث قد انضم بعضه إلى بعض ليصبح سبباً للدعوة إلى البيعة.
هذا كله، إن لم يكن من أسباب هذه البيعة أنه "صلى الله عليه وآله" أراد أن يلزم أناساً بها، بعد أن شعر أنهم يدبرون أمر خيانة خطيرة في الخفاء..
ثانياً: لماذا لم يبايع النبي "صلى الله عليه وآله" عن العشرة الذين أُخذوا في مكة جميعاً كما بايع عن عثمان؟!
مع أنهم يقولون: إنهم قد دخلوا في أمان عثمان أيضاً حسبما تقدم..
محاولة فاشلة:
وقد حاول بعضهم حل هذا الإشكال بادعاء: أن بيعة النبي "صلى الله عليه وآله" عن عثمان إنما كانت بعد مجيء الخبر بسلامة عثمان، أو أنه "صلى الله عليه وآله" قد علم بعدم صحة شائعة قتله([34]) فبايع عنه.
ويرد عليه: أنه إذا صح ذلك، فلا يبقى داع للدعوة إلى البيعة. كما أنها كلها مجرد احتمالات لا شاهد لها، ولا دليل يساعدها، بل هي محض تخرص ورجم بالغيب.
الرد على الشيعة:
قال الحلبي: "وبهذا يُرَدُّ على ما تمسك به بعض الشيعة في تفضيل علي كرم الله وجهه على عثمان (رض)، لأن علياً كان من جملة من بايع تحت الشجرة. وقد خوطبوا بقوله "صلى الله عليه وآله": أنتم خير أهل الأرض، فإنه صريح في تفضيل أهل الشجرة على غيرهم.
وأيضاً علي حضر بدراً دون عثمان، وقد جاء مرفوعاً: لا يدخل النار من شهد بدراً والحديبية.
وحاصل الرد: أن النبي "صلى الله عليه وآله" بايع عن عثمان، مع الاعتذار عنه: بأنه في حاجة الله، وحاجة رسوله.
وخلف رسول الله "صلى الله عليه وآله" عثمان (رض) عن بدر لتمريض ابنته "صلى الله عليه وآله". وأسهم له، كما تقدم، فهو في حكم من حضرها.
على أنه سيأتي: أنه (رض) بايع تحت تلك الشجرة بعد مجيئه من مكة"([35]).
ونقول:
إن هذا الكلام كله لايصح أيضاً، وذلك لما يلي:
1 ـ إن القول المنسوب إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله": أنتم خير أهل الأرض، مكذوب عليه، ولا يصح؛ لأن المنافقين كانوا من بينهم.
وهكذا يقال: بالنسبة لما رووه مرفوعاً: لا يدخل النار من شهد بدراً والحديبية..
2 ـ إن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يبايع عن عثمان حسبما تقدم؛ لأنهم يدَّعون: أن البيعة كانت لأجل ما أشيع من أن عثمان قد قتل..
3 ـ إن الله سبحانه لا يحتاج إلى شيء، فلا يصح القول بأن عثمان كان في حاجة الله تعالى..
إلا أن يكون المقصود: أنه كان في حاجة يريدها الله منه بالإرادة التشريعية، أو ما يقرب من هذا المعنى.
4 ـ حديث أن عثمان قد بايع النبي "صلى الله عليه وآله" بعد رجوعه من مكة تحت نفس الشجرة، التي كان المسلمون قد بايعوه "صلى الله عليه وآله" تحتها([36])، لا مجال للاطمينان إليه، فإن من البعيد أن يقصد النبي "صلى الله عليه وآله" تلك الشجرة بالذات لكي يجلس تحتها مرة أخرى، ثم يأتي عثمان ويبايعه.. ولا يوجد داع إلى ذلك..
وهذا أشبه بالتمثيل، وصناعة الأفلام..
ولو أن ذلك قد حصل لامتلأت الكتب في وصف الحادثة، ولكثر رواتها، والمتسابقون لبيان تفاصيلها وجزئياتها.. خصوصاً من محبي عثمان، ومن قومه من بني أمية..
5 ـ بالنسبة لقوله: إن النبي "صلى الله عليه وآله" هو الذي خلف عثمان على ابنته ليمرضها، نقول:
ألف: إن الروايات قد صرحت: بأنه لم يكن مهتماً بمرضها، وبأن النبي "صلى الله عليه وآله" قد حرمه من النزول في قبرها، لأنه كان قد واقع في نفس ليلة وفاتها([37]) بصورة جعلته مستحقاً لهذا الحرمان.
وقد لاحظ ابن بطال هنا: أنه حين قال النبي "صلى الله عليه وآله": أيكم لم يقارف الليلة أهله؟ سكت عثمان، ولم يقل: أنا، لأنه قارف ليلة ماتت بعض نسائه، ولم يشغله الهم بالمصيبة، وانقطاع صهره من النبي "صلى الله عليه وآله" عن المقارفة.
فتلطف النبي "صلى الله عليه وآله" في منعه من الدخول في قبر زوجته بغير تصريح([38]).
وقد علق العلامة الأميني "رحمه الله" على هذه الواقعة بكلام جيد، ذكر فيه: أن النبي "صلى الله عليه وآله" الداعي للستر على المؤمنين، والداعي للإغضاء عن العيوب، والناهي عن التجسس عما يقع في الخلوات ـ كما نص عليه كتاب الله ـ قد خرج عن سجيته، وعرَّض بعثمان هذا التعريض الذي فضحه، فلو أن ما فعله عثمان كان حلالاً له، لم يقدم "صلى الله عليه وآله" على ذلك في حقه..
وهذا معناه: أن ما فعله، كان أمراً بالغ الخطورة..
ونقول:
ربما يكون هذا الأمر العظيم الذي عجز التاريخ عن الإفصاح عنه هو: ما أشارت إليه بعض الروايات.
فقد روي في الكافي: أن رقية لما قتلها عثمان، وقف النبي "صلى الله عليه وآله" على قبرها، فرفع رأسه إلى السماء، فدمعت عيناه، وقال للناس: إني ذكرت هذه وما لقيت، فرققت لها، واستوهبتها من ضمة القبر([39]).
ولعل عائشة قد أشارت إلى ذلك أيضاً.
فقد روي: أن عثمان خطب فقال: ألست ختن النبي على ابنتيه؟!
فأجابته عائشة: بأنك كنت ختنه عليهما، ولكن كان منك فيهما ما قد علمت([40]).
6 ـ بالنسبة إلى إسهام النبي "صلى الله عليه وآله" لعثمان في بدر نقول:
ألف: إسهامه "صلى الله عليه وآله" لرجل في بعض الغزوات لا يجعل ذلك الذي أعطاه "صلى الله عليه وآله" من سهامها بحكم من حضر تلك الغزوة، بل إن ذلك كما قد يكون لأجل إظهار فضله، قد يكون أيضاً تأليفاً له على الإسلام، وإنما يعرف هذا من ذاك من خلال القرائن والدلالات الأخرى..
ولأجل ذلك نلاحظ: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أعطى غنائم بعض الغزوات للمؤلفة قلوبهم..
والحاصل:
أن القرائن تدل تارة: على أن الإسهام للشخص، وإعطاءه من الغنيمة تكريم، وإجلال، وإعلان بفضل أو بتفضيل من يسهم له، إذا كان ذلك الشخص يقوم بمهمات جلى في خدمة الدين، وفي الدفاع عنه..
وتدل تارة أخرى: على مجرد استحقاقه ذلك، من حيث إنه قد كان له نوع مشاركة في تلك الحرب.
وقد أعطى رسول الله "صلى الله عليه وآله" طلحة وسعيد بن زيد من الغنائم في بدر؛ لأنه "صلى الله عليه وآله" قد أرسلهما ليتجسسا له خبر العير، فرجعا إلى المدينة بعد خروجه "صلى الله عليه وآله" إلى بدر([41]).
وكذلك كان الحال: بالنسبة لجعفر بن أبي طالب، حيث روي عن الإمام الباقر "عليه السلام" أنه قال: ضرب رسول الله "صلى الله عليه وآله" يوم بدر لجعفر بن أبي طالب بسهمه وأجره([42]).
وما ذلك إلا: لأن جعفراً صلوات الله وسلامه عليه قد هاجر إلى أرض الحبشة، نصرة لدين الله تعالى، وحفاظاً على المسلمين المستضعفين، وإلا، فقد كان بإمكانه أن لا يهاجر إلى تلك البلاد النائية، حيث الغربة عن الوطن والأهل، والأحبة، بين أناس يختلفون معه في اللغة، وفي العادات، وفي الدين، وفي كثير من الأمور الأخرى..
ب: لقد جاء في حديث مناشدة علي "عليه السلام" لأهل الشورى؛ وفيهم عثمان، وطلحة، والزبير، وغيرهم قوله: "أفيكم أحد كان له سهم في الحاضر، وسهم في الغائب؟
قالوا: لا"([43]).
وهو "عليه السلام" لم يغب إلا عن غزوة تبوك.
وقد ذكر الزمخشري في مناقب العشرة: أن النبي "صلى الله عليه وآله" حين قسم غنائم تبوك دفع لكل واحد منهم سهماً، ودفع لعلي "عليه السلام" سهمين. فاعترض عليه زائدة بن الأكوع، فأجابه النبي "صلى الله عليه وآله" بأن جبرائيل كان يقاتل في تبوك، وأنه هو الذي أمره أن يعطي علياً "عليه السلام" سهمين([44]).
وقد يقال: إن خطابه "عليه السلام" لأهل الشورى ناظر إلى هؤلاء الحاضرين في زمانه، وليس ناظراً إلى جعفر الذي كان قد استشهد في حياة النبي "صلى الله عليه وآله" ولا إلى أبي أمامة الذي لم يكن مع أولئك المخاطبين ولا نعرف تاريخ وفاته.
ج: إننا نشك في أن يكون قد تخلف عن بدر لأجل تمريض بنت (ربيبة) رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقد روي أيضاً: أن تخلفه كان لأجل أنه كان مريضاً بالجدري([45]).
د: إنه لو فعل النبي "صلى الله عليه وآله" ذلك لوجدنا كثيرين ممن تخلفوا عن بدر يعترضون ويطالبون بإعطائهم سهمهم أيضاً، كما أعطي عثمان.. وخصوصاً إذا كان بعضهم قد تخلف على مريض له.
بل إننا قد نجد الأصوات ترتفع حتى من الذين حضروا بدراً وقاتلوا، فإنهم سوف لا يرضون بإعطاء من لم يحضر، ولم يقاتل، إلا أن يعرفهم النبي "صلى الله عليه وآله" بوجود سبب معقول، ومقبول لهذا الإعطاء..
هـ: إن تخلف عثمان كان بنظر مشاهير الصحابة منقصة له، وكانوا يعيِّرونه بها، فلو كان النبي "صلى الله عليه وآله" قد ضرب له بسهمه وأجره لم يكن هناك محل لهذا التعيير.
فقد قال الوليد بن عقبة لعبد الرحمن بن عوف: ما لي أراك قد جفوت أمير المؤمنين عثمان؟
فقال عبد الرحمن: أبلغه أني لم أفر يوم عينين ـ أي يوم أحد ـ ولم أتخلف يوم بدر، ولم أترك سنة عمر.
فخبر الوليد عثمان، فاعتذر عن تخلفه يوم بدر بتمريضه رقية([46]).
وبمثل ذلك اعتذر ابن عمر لذلك الذي كان يعترض على عثمان بذلك([47]).
ودخل رجل على سالم بن عبد الله، فطعن على عثمان بعين ما تقدم عن عبد الرحمن بن عوف([48]).
فلو أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان ضرب له بسهمه وأجره لم يكن معنى لتعيير كبار الصحابة له بذلك، وقد كان ابن عوف حاضراً في بدر، ولم يكن ما جرى فيها خافياً عليه.
كما أنه قد كان من المناسب: أن يعتذر هو بهذا الأمر، لا بتمريض رقية، فإنه أدحض لحجة المخالفين له..
و: إن ابن مسعود قد رد على سب عثمان له بقوله: "لست كذلك. ولكني صاحب رسـول الله "صلى الله عليه وآله" يوم بـدر، ويـوم بيعة الرضوان"([49]).
فقد أشار ابن مسعود إلى خصوص هذين الموضعين؛ لأن عثمان لم يحضرهما ـ أشار بذلك ـ ليرد بذلك عليه، لأنه كان قد تنقصه، ونال منه..
وذلك يدل: على أن عدم حضور عثمان لبيعة الرضوان يعد منقصة له، فلو أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان قد بايع عنه لكان ذلك من أعظم فضائله.
وهكذا يقال بالنسبة لتخلفه عن بدر حسبما أوضحناه..
الصحيح في القضية:
ولعل الصحيح في القضية هو: ما روي من أن أبا أمامة بن ثعلبة كان قد أجمع على الخروج إلى بدر، وكانت أمه مريضة، فأمره النبي "صلى الله عليه وآله" بالمقام على أمه، وضرب له بأجره وسهمه، فرجع "صلى الله عليه وآله" من بدر، وقد توفيت، فصلى على قبرها.
بل في بعض نصوص هذه الرواية: أن أبا أمامة تنازع مع أخي زوجته، أبي بردة بن نيار، حيث أراد منه أن يتخلف على أخته، وأراد منه أبو بردة أن يتخلف على زوجته فحسم النبي "صلى الله عليه وآله" الأمر، بأن أمر زوجها بالتخلف عليها([50]).
وأما صلاة النبي "صلى الله عليه وآله" على قبرها، فلعله لأنها دفنت من غير أن يصلي عليها أحد، وكان في نبشها لأجل الصلاة عليها هتك لها..
وعلينا أن لا ننسى أن هذا الإصرار من أبي أمامة على الخروج للجهاد، والسعي إلى إقناع أخي زوجته بالبقاء عند أخته، ثم اتخاذ الرسول نفسه "صلى الله عليه وآله" قرار إبقائه، يجعل الإسهام له من غنائم بدر أمراً مقبولاً لدى الصحابة، ولا يبرر لهم أي اعتراض على ذلك..
سؤال وجوابه:
ويبقى هنا سؤال، وهو: إذا كان عثمان غير مستحق لأن يسهم له في بدر؛ لأنه ارتكب في حق رقية أمراً عظيماً، حتى استحق التشهير به من رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وحرمانه أمام كل الناس من الدخول إلى قبرها، وترجيحه "صلى الله عليه وآله" أن ينزل في قبرها رجل غريب، فلماذا لا يعاقبه على فعلته تلك؟!
ولماذا يزوجه النبي "صلى الله عليه وآله" أختها أم كلثوم؟!
ويجاب:
أولاً: إن النبي "صلى الله عليه وآله" لا يعاقب الناس على جرائمهم ما لم تتوفر وسائل إثبات ذلك، ولم يكن يحق له أن يستند في عقوبتهم إلى الغيب الذي يصل إليه بالطرق غير العادية، أو من خلال علم الشاهدية..
ومن الواضح: أن عثمان لم يعترف بما فعل، ولا شهد عليه به الشهود.. ولكنه أعطى الانطباع بصدور هذا الأمر منه..
ثانياً: إن هذا الإشكال مبني على أن رقية وأم كلثوم، هما بنتا رسول الله "صلى الله عليه وآله" من خديجة.. وقد أثبتنا عدم صحة ذلك، وأنهما كانتا ربيبتيه "صلى الله عليه وآله".. فلم يكن "صلى الله عليه وآله" بالذي يتصدى لتزويج بنات الناس، إلا إذا ظهر: أنهن يردن منه ذلك، ويطلبن نصيحته ومشورته.
فلعل أم كلثوم هي التي أقدمت على هذا الأمر، ولم تطلب النصيحة منه "صلى الله عليه وآله". وليس ثمة ما يثبت: أنها كانت مطلعة على ما جرى لأختها مع عثمان..
دليل على موت الخضر:
قال الحلبي: "واستدل بقوله "صلى الله عليه وآله": أنتم خير أهل الأرض على عدم حياة الخضر "عليه الصلاة والسلام" حينئذٍ، لأنه يلزم أن يكون غير النبي أفضل منه. وقد قامت الأدلة الواضحة على ثبوت نبوته، كما قاله الحافظ ابن حجر"([51]).
ونقول:
أولاً: بعد أن ثبت: أن المنافقين قد حضروا بيعة الرضوان، وبايعوا، وثبت أيضاً أن الحديث القائل: أنتم خير أهل الأرض لا تصح نسبته إلى النبي "صلى الله عليه وآله".. فلا يصح الاستدلال به على حياة الخضر، ولا على غير ذلك من أمور.
ثانياً: قولهم: إنه يلزم أن يكون غير النبي أفضل منه، فلا يصح تفضيل أهل الحديبية على الخضر، لا يصح.
إذ لا شك في أن بعض الأولياء والأئمة أفضل من بعض الأنبياء، فإن علياً "عليه السلام" كان أفضل من الأولين والآخرين، باستثناء نبينا الأعظم "صلى الله عليه وآله"..
والأحاديث الدالة على ذلك كثيرة، ومنها قوله "صلى الله عليه وآله" للسيدة فاطمة الزهراء "عليها السلام": لولا علي لم يكن لفاطمة كفؤ آدم فمن دونه([52]).
حيث دل على أنه حتى أولو العزم من الأنبياء "عليهم السلام" ـ باستثناء نبينا "صلى الله عليه وآله" ـ لم يكونوا كفؤاً لها "عليها السلام"، وكان علي وحده الكفؤ، فهو إذن أرفع مقاماً من جميع الأنبياء.
بل ذلك يدل على أفضيلة الزهراء "عليها السلام" عليهم أيضاً، وذلك ظاهر..
هل أسلم ابن عمر قبل أبيه؟!
وفي البخاري وغيره، عن نافع: أن ابن عمر أسلم قبل أبيه، وليس كذلك. ولكن عمر يوم الحديبية أرسل عبد الله إلى فرس له عند رجل من الأنصار، يأتي به ليقاتل عليه. ورسول الله "صلى الله عليه وآله" يبايع عند الشجرة، وعمر لا يدري بذلك، فبايعه عبد الله، ثم ذهب إلى الفرس فجاء به إلى عمر وهو يستلئم للقتال، فأخبره: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" يبايع تحت الشجرة.
قال: فانطلق. فذهب معه حتى بايع الرسول "صلى الله عليه وآله"..
فهي التي يتحدث الناس: أن ابن عمر أسلم قبل عمر([53]).
وفي البخاري أيضاً: عن نافع، عن ابن عمر: أن الناس كانوا مع النبي "صلى الله عليه وآله"، يوم الحديبية تفرقوا في ظلال الشجر، فإذا الناس محدقون بالنبي "صلى الله عليه وآله"، فقال عمر: يا عبد الله، انظر ما شأن الناس أحدقوا برسول الله "صلى الله عليه وآله"؟!
فذهب، فوجدهم يبايعون، فبايع، ثم رجع إلى عمر، فخرج، فبايع([54]).
ونقول:
إن ذلك لا يصح، وذلك لما يلي:
1 ـ روى ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن سلمة بن الأكوع والبيهقي، عن عروة وابن إسحاق عن الزهري ومحمد بن عمر عن شيوخه، قال سلمة: بينا نحن قائلون إذا نادى منادي رسول الله "صلى الله عليه وآله": أيها الناس، البيعة، البيعة الخ.. ([55]).
وذكر الحلبي: أن المنادي هو عمر بن الخطاب([56]).
2 ـ لا ندري كيف أصبحت كلمة أسلم قبل عمر بمعنى: بايع قبل عمر، فإن ذلك من بدائع اللغة العربية؟!
3 ـ إن التناقضات بين الروايتين المتقدمتين عن البخاري: ظاهرة، ولا حاجة إلى بيانها، مع أنها واردة في الكتب التي يدَّعون صحة جميع مروياتها.
4 ـ إنه إذا كان هناك منادٍ قد نادى بالناس: البيعة البيعة، فكيف لم يعلم عمر بأن رسول الله "صلى الله عليه وآله" يبايع حتى أخبره ولده عبد الله، أو حتى رأى الناس محدقين بالرسول "صلى الله عليه وآله" حسبما تقدم؟!
لا توقدوا ناراً بالليل:
عن أبي سعيد الخدري قال: لما كان يوم الحديبية، قال لنا رسول الله "صلى الله عليه وآله": "لا توقدوا ناراً بالليل".
فلما كان بعد ذلك قال: "أوقدوا، واصطنعوا، فإنه لا يدرك قوم بعدكم صاعكم، ولا مدكم"([57]).
وهذا التوجيه النبوي الشريف ظاهر المأخذ: فإن مرحلة ما بعد الحديبية، قد اختلفت كثيراً عن المرحلة التي سبقتها، فإنه لم يعد ثمة من حاجة إلى التخفي في أي مسير يقوم به الجيش الإسلامي في أي اتجاه.
بل أصبح إيقاد النيران للجيش الإسلامي يرعب العدو أكثر من أي شيء آخر..
ولم يعد هناك أي شيء من شأنه أن يفتح له باب التفكير بتسديد أي ضربة موجعة لذلك الجيش، لأنه يرى أنه لم يعد له حيلة فيه، وليس من مصلحته الاحتكاك به، بل المصلحة كل المصلحة تكمن في الابتعاد عنه، وإخلاء كل المحيط له.
وهذا هو أحد المظاهر التي تُجَسِّدُ صدق قول رسول الله "صلى الله عليه وآله" عن هذا الصلح: إنه أعظم الفتح.
وظهر بذلك أيضاً مصداق قوله تعالى في مناسبة هذا الصلح: ?إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً?([58]).
عمر يقطع شجرة بيعة الرضوان:
إن هناك مفارقات ظاهرة بين آراء وتصرفات عمر بن الخطاب وبين ما هو ثابت عن النبي "صلى الله عليه وآله"، وعن الصحابة. بل هناك مفارقات بين تصرفات عمر بالذات.
فهو من جهة يتوسل إلى الله في الاستسقاء بالعباس عم رسول الله "صلى الله عليه وآله"([59])، ويقبِّل الحجر الأسود؛ لأنه رأى النبي "صلى الله عليه وآله" يقبِّله([60]).
وهو يرى: أن الصحابة يتبركون بفضل وضوء الرسول "صلى الله عليه وآله" وبشعره، وعرقه، وببصاقه، وبكل شيء يرجع إليه.
ويشاهد بأم عينيه ما فعله "صلى الله عليه وآله" حين بصق وغرس السهم في البئر التي في الحديبية، بالإضافة إلى عشرات الموارد التي يشاهدها هو والمسلمون طيلة حياتهم معه "صلى الله عليه وآله" وعدة سنين بعدها فضلاً عن تبركهم بقبره الشريف وبغير ذلك([61]).
ولكنه من جهة أخرى ـ على رغم ذلك كله ـ لا يطيق في أيام خلافته رؤية المسلمين يتعاهدون شجرة بيعة الرضوان، ويصلُّون عندها.
فقد روي عن نافع قال: بلغ عمر بن الخطاب: أن ناساً يأتون الشجرة التي بويع تحتها، فيصلون عندها، فتوعدهم. ثم أمر فقطعت([62]).
والظاهر: أن موضعها بقي معلوماً، أو أن بقية منها كانت ظاهرة للناس فكانوا يقصدونها للصلاة عندها أيضاً، فحاول سعيد بن المسيب أن يشكك الناس في موضعها، تأييداً منه لما فعله عمر بن الخطاب.
فقد روي عن طارق بن عبد الرحمن قال: انطلقت حاجاً، فمررت بقوم يصلُّون، فقلت: ما هذا؟!
قالوا: هذه الشجرة، حيث بايع رسول الله "صلى الله عليه وآله" بيعة الرضوان.
فأتيت سعيد بن المسيب، فأخبرته، فقال سعيد: حدثني أبي: أنه كان فيمن بايع رسول الله "صلى الله عليه وآله" تحت الشجرة، فلما خرجنا من العام المقبل نسيناها، فلم نقدر عليها..
فقال سعيد: إن أصحاب محمد لم يعلموها، وعلمتموها أنتم؟ فأنتم أعلم؟! ([63]).
ونقول نحن لسعيد: لعل أباك وبعض رفقائه نسوا ذلك المكان، فلم يقدروا عليه، وربما يكون نسيانهم هذا لأسباب مختلفة، ولكن هذا لا يعني أن يكون سائر الصحابة وعددهم ألف وأربع مائة أو أكثر قد نسوا كلهم ذلك المكان أيضاً.. إلا أن تكون هذه الأمة هي أغبى الأمم، وأشدها تغفيلاً!!
وفي حديث نافع الآخر: أنه خرج قوم من أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" بعد ذلك بأعوام، فما عرف أحد منهم الشجرة، واختلفوا فيها.
قال ابن عمر: كانت رحمة من الله..
وهذا الحديث: قد يكون هو نفس الحديث المتقدم عن طارق وسعيد بن المسيب (لكنه بدَّل كلمة: "من العام المقبل" بكلمة: "بعد ذلك بأعوام").
وحتى لو كان حديثاً عن جماعة أخرى، فالجواب عنه هو الجواب المتقدم عن حديث طارق أيضاً، فإن نسيان جماعة للمكان لبعض الأسباب، لا يلازم نسيان غيرهم له أيضاً.. ولعلهم قد خرجوا بعد أن أمر عمر بن الخطاب بقطعها([64])، فقطعت ولم يعلموا بقطعها، فبحثوا عنها، فلم يجدوها..
واللافت: أن عمر بن الخطاب قد أجرى امتحاناً للصحابة، وذلك حين مر بذلك المكان بعد ذهاب الشجرة (أي بعد أن أمر بقطعها) فقال: أين كانت؟
فجعل بعضهم يقول: ههنا.
وبعضهم يقول: هنا.
فلما كثر اختلافهم قال: سيروا، قد ذهبت الشجرة([65]).
وأما قول ابن عمر: "كانت رحمة من الله".
فإن كان يقصد به: أن الشجرة كانت رحمة من الله، فهو صحيح، لأن عبادة الله تعالى عندها من موجبات رحمته سبحانه..
وأما إن كان يقصد: أن قطعها كان رحمة من الله، فهو لا يتلاءم مع تبرك الصحابة بآثار النبي ولا مع تبركه "صلى الله عليه وآله" بعلي "عليه السلام" وبالحجر الأسود، وبغير ذلك.
بل قد يقال: إن ذلك لا يتلاءم مع ما كان يفعل ابن عمر نفسه حيث رووا عنه: أنه كان يتتبع آثار رسول الله "صلى الله عليه وآله"، والمواضع التي صلى فيها، فيصلي فيها.
بل يذكرون: أنه كان يتتبع مواطئ قدمه "صلى الله عليه وآله" أيضاً.
إلا أن يقال: إنه لم يرد عن النبي "صلى الله عليه وآله" أنه قد صلى تحت تلك الشجرة، لكي يقتدي به ابن عمر ويصلي تحتها أيضاً..
وعلى كل حال: فقد عرفنا في ابن عمر تأثره الشديد لخطى أبيه، والالتزام بأوامره ونواهيه بصورة لافتة، ولعل هذا من ذاك.
مع أن اتباعه لرسول الله "صلى الله عليه وآله" ولصحابته في التبرك بآثاره، كان هو الأحرى به، والأولى..
الفصل الثاني:
عهد الحديبية: أحداث وتفاصيل
تقديم:
فإن هدنة الحديبية كانت فاتحة عهد جديد، له خصوصياته، وكانت له آثاره العميقة في التحولات الكبيرة والعامة، التي أكدت الحاجة إلى طاقات، وإمكانات، وكذلك إلى وسائل، ثم إلى سياسات ومواقف من نوع آخر غير ما كان الواقع يحتاجه في الظروف وفي الفترة التي سبقت الحديبية.
وإن سير الأحداث التي تلت هذا الصلح يظهر هذه الحقيقة. ويفرض على الباحث رؤية جديدة من شأنها أن توفر له فهماً أعمق، وأوضح لتلك الأحداث..
وقد يكون التوفر على هذا الأمر، والالتفات إلى ما يلزم الالتفات إليه يحتاج إلى تضافر جهود، وإلى إثارة أجواء من البحث، والمناظرة حول ذلك كله، وذلك من أجل إعطاء الرؤى كلها فرصتها لتتلاقى وتتكامل مع بعضها، ولربما ينالها المزيد من التقليم والتطعيم، وتصبح أكثر غنى باللفتات واللمحات، التي تجعل نتائج البحث أكثر عمقاً، وملاءمة للواقع، وأشد صفاءً ونقاءً..
ولكن ذلك وإن لم يكن متوفراً في مثل هذا الحال، فإن ما لا يدرك كله لا يترك كله، أو جله.
فإن المهم هو: أن تبدأ مسيرة الألف ميل ولو بخطوة واحدة.
فها نحن نبدأ هذه المسيرة ولتكن هذه هي الخطوة الأولى، وعلى الله نتوكل ومنه نستمد العون والقوة، ونستنزل الصبر والتأييد والتسديد، إنه ولي قدير..
عهد الحديبية :
قال الصالحي الشامي: روى ابن إسحاق وأبو عبيد، وعبد الرزاق، والإمام أحمد، وعبد بن حميد، والبخاري، وأبو داود، والنسائي، وابن جرير، وابن مردويه، ومحمد بن عمر، عن المسور بن مخرمة، ومروان بن الحكم، والشيخان، عن سهيل بن حنيف: أن عثمان لما قدم من مكة، هو ومن معه، رجع سهيل بن عمرو، وحويطب، ومكرز إلى قريش، فأخبروهم بما رأوا من سرعة أصحاب النبي "صلى الله عليه وآله" إلى البيعة، وتشميرهم إلى الحرب فاشتد رعبهم.
فقال أهل الرأي منهم: ليس خير من أن نصالح محمداً على أن ينصرف عنا عامه هذا، ولا يخلص إلى البيت، حتى يسمع من سمع بمسيره من العرب أنَّا قد صددناه، ويرجع قابلاً، فيقيم ثلاثاً، وينحر هديه، وينصرف، ويقيم ببلدنا، ولا يدخل علينا. فأجمعوا على ذلك..
فلما أجمعت قريش على الصلح والموادعة بعثوا سهيل بن عمرو، وحويطب ومكرزاً، وقالوا لسهيل: ائت محمداً فصالحه، وليكن في صلحك: ألا يدخل عامه هذا، فوالله لا تحدث العرب أنه دخل علينا عنوة.
فأتى سهيل رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فلما رآه "صلى الله عليه وآله" قال: "قد أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا"([66]).
وفي لفظ: فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "سهل أمركم".
وجلس رسول الله "صلى الله عليه وآله" متربعاً، وكان عباد بن بشر، وسلمة بن أسلم بن حريش على رأسه ـ وهما مقنعان في الحديد ـ.
فبرك سهيل على ركبتيه، فكلم رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأطال الكلام وتراجعا، وارتفعت الأصوات وانخفضت.
وقال عباد بن بشر لسهيل: اخفض من صوتك عند رسول الله "صلى الله عليه وآله"، والمسلمون حول رسول الله "صلى الله عليه وآله" جلوس، فجرى بين النبي "صلى الله عليه وآله" وبين سهيل القول حتى وقع الصلح على:
1 ـ أن توضع الحرب بينهما عشر سنين.
2 ـ أن يأمن الناس بعضهم بعضاً.
3 ـ أن يرجع رسول الله "صلى الله عليه وآله" عامه هذا، فإذا كان العام المقبل قدمها، فخلُّوا بينه وبين مكة، فأقام فيها ثلاثاً.
4 ـ ألا يدخلها إلا بسلاح الراكب، والسيوف في القرب، لا يدخلها بغيره.
5 ـ أنه من أتى محمداً من قريش بغير إذن وليه ـ وإن كان على دين محمد ـ رده إلى وليه.
6 ـ من أتى قريشاً ممن اتبع محمداً لم يردوه عليه.
7 ـ وأن بينهم وبين رسول الله "صلى الله عليه وآله" عيبة مكفوفة.
8 ـ أنه لا إسلال([67]).
9 ـ ولا إغلال([68]).
10 ـ أنه من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل.
وقد أضافت بعض المصادر إلى المواد العشر المتقدمة ما يلي:
11 ـ أنه من قدم مكة من أصحاب محمد "صلى الله عليه وآله" حاجاً, أو معتمراً, أو يبتغي من فضل الله, فهو آمن على دمه وماله..
ومن قدم المدينة من قريش مجتازاً إلى مصر, وإلى الشام, يبتغي من فضل الله, فهو آمن على دمه وماله([69]).
12 ـ أن يخلوا له مكة من قابل ثلاثة أيام, وتخرج قريش كلها من مكة, إلا رجل واحد منها, يخلفونه مع محمد "صلى الله عليه وآله" وأصحابه([70]).
13 ـ وأن لا يخرج من أهلها بأحد، إن أراد أن يتبعه.
14 ـ وأن لا يمنع أحداً من أصحابه، إن أراد أن يقيم بها([71]).
15 ـ وأن يكون الإسلام ظاهراً بمكة، لا يكره أحد على دينه، ولا يؤذى، ولا يعير([72]).
وجاء في آخر العهد: "شهد أبو بكر بن أبي قحافة و.. و.. وكتب علي بن أبي طالب" ([73]).
فتواثبت خزاعة، فقالوا: نحن في عقد محمد وعهده، وتواثبت بنو بكر فقالوا: نحن في عقد قريش وعهدهم.
فكره المسلمون هذه الشروط، وامتعضوا منها، وأبى سهيل إلا ذلك، فلما اصطلحوا، ولم يبق إلا الكتاب وثب عمر بن الخطاب إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" فقال: يا رسول الله، ألست نبي الله حقاً؟
قال: بلى.
قال: ألسنا على الحق وهم على الباطل؟
قال: بلى.
قال: أليس قتلانا في الجنة، وقتلاهم في النار؟
قال: بلى.
قال: علام نعطي الدنية في ديننا؟ ونرجع ولم يحكم الله بيننا وبينهم؟
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "إني عبد الله، ورسوله، ولست أعصيه، ولن يضيعني، وهو ناصري".
قال: أوليس أنت تحدثنا أنَّا سنأتي البيت فنطوف حقاً؟
قال: بلى، أفأخبرتك أنك تأتيه العام؟
قال: لا.
قال: "فإنك آتيه ومطوف به".
فذهب عمر إلى أبي بكر متغيظاً ولم يصبر، فقال: يا أبا بكر: أليس هذا نبي الله حقاً؟
قال: بلى.
قال: ألسنا على الحق، وهم على الباطل؟ أليس قتلانا في الجنة، وقتلاهم في النار؟
قال: بلى.
قال: فعلام نعطي الدنية في ديننا، ونرجع ولم يحكم الله بيننا وبينهم؟
قال: أيها الرجل، إنه رسول الله، وليس يعصي ربه، وهو ناصره، فاستمسك بغرزه حتى تموت، فوالله إنه لعلى الحق.
وفي لفظ: فإنه رسول الله.
فقال عمر: وأنا أشهد أنه رسول الله.
قال: أوليس كان يحدثنا: أنه سنأتي البيت ونطوف به؟
قال: بلى، أفأخبرك أنك تأتيه العام؟
قال: لا.
قال: فإنك آتيه ومطوِّف به.
فلقي عمر من هذه الشروط أمراً عظيماً"([74]).
وقال كما في الصحيح: والله ما شككت منذ أسلمت إلا يومئذٍ، وجعل يرد على رسول الله "صلى الله عليه وآله" الكلام.
فقال أبو عبيدة بن الجراح: ألا تسمع يا بن الخطاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" يقول ما يقول، تعوذ بالله من الشيطان، واتهم رأيك.
قال عمر: فجعلت أتعوذ بالله من الشيطان حياءً، فما أصابني شيء قط مثل ذلك اليوم، وعملت بذلك أعمالاً ـ أي صالحة ـ لتكفر عني ما مضى من التوقف في امتثال الأمر ابتداءً، كما عند ابن إسحاق، وابن عمر الأسلمي.
قال عمر: فما زلت أتصدق، وأصوم، وأصلي، وأعتق من الذي صنعت يومئذٍ، مخافة كلامي الذي تكلمت به حتى رجوت أن يكون خيراً.
وروى البزار عن عمر بن الخطاب، قال: اتهموا الرأي على الدين، فلقد رأيتني أردُّ أمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" برأيي، وما ألوت على الحق.
قال: فرضي رسول الله "صلى الله عليه وآله" وأبيت، حتى قال: "يا عمر تراني رضيت وتأبى"؟!([75]).
فقال سهيل: هات، اكتب بيننا وبينك كتاباً. فدعا رسول الله "صلى الله عليه وآله" علياً ـ كما في حديث البراء عند البخاري في كتاب الصلح وكتاب الجزية، ورواه إسحاق بن راهويه من حديث المسور ومروان، وأحمد، والنسائي، والبيهقي والحاكم ـ وصححه عن عبد الله بن مغفل.
فقال له رسول الله "صلى الله عليه وآله": "اكتب: ?بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ?".
فقال سهيل: أما الرحمن الرحيم فوالله ما أدري ما هو، ولكن اكتب باسمك اللهم، كما كنت تكتب. اكتب في قضيتنا ما نعرف.
فقال المسلمون: والله لا نكتبها إلا: ?بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ?.
فقال النبي "صلى الله عليه وآله": "اكتب: باسمك اللهم"
ثم قال: "هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فقال سهيل: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت، ولا قاتلناك، اكتب في قضيتنا ما نعرف، اكتب محمد بن عبد الله.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله" لعلي: امحه، فقال علي "عليه السلام": ما أنا بالذي "أمحاه"، وفي لفظ "أمحاك".
وفي حديث محمد بن كعب القرظي: فجعل علي يتلكأ، وأبى أن يكتب إلا محمد رسول الله، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": اكتب، فإن لك مثلها تعطيها وأنت مضطهد([76]). انتهى.
وذكر محمد بن عمر: أن أسيد بن الحضير، وسعد بن عبادة أخذا بيد علي ومنعاه أن يكتب إلا: "محمد رسول الله"، وإلا فالسيف بيننا وبينهم.
فارتفعت الأصوات، فجعل رسول الله "صلى الله عليه وآله" يخفضهم، ويومئ بيده إليهم: اسكتوا.
فقال: أرنيه، فأراه إياه، فمحاه رسول الله "صلى الله عليه وآله" بيده، وقال: اكتب محمد بن عبد الله.
قال الزهري: وذلك لقوله "صلى الله عليه وآله": لا يسألوني خطة يعظمون بها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله" لسهيل: على أن تخلوا بيننا وبين البيت، فنطوف.
فقال سهيل: لا والله، لا تحدث العرب أنَّا أخذنا ضغطة، ولكن لك من العام المقبل، فكتب.
فقال سهيل: على أنه لا يأتيك منا أحد بغير إذن وليه، وإن كان على دينك إلا رددته إلينا.
فقال المسلمون: سبحان الله، أيكتب هذا؟ كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلماً؟
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "نعم، إنه من ذهب منا إليهم فأبعده الله، ومن جاء منهم إلينا سيجعل الله له فرجاً ومخرجاً" ([77]).
ونقول:
إن لنا مع النصوص المتقدمة وقفات للتوضيح، أو للتصحيح، وهي التالية:
الاصطفاف للقتال، واللواء مع علي ×:
قال الشيخ المفيد "رحمه الله": "..ثم تلا بني المصطلق الحديبية، وكان اللواء يومئذٍ إلى أمير المؤمنين "عليه السلام"، كما كان في المشاهد كلها. وكان من بلائه في ذلك اليوم عند صف القوم في الحرب للقتال، ما ظهر خبره، واستفاض ذكره. وذلك بعد البيعة التي أخذها النبي "صلى الله عليه وآله" على أصحابه، والعهود عليهم في الصبر"([78]).
ونقول:
إن كتب التاريخ التي بين أيدينا قد عجزت عن الجهر بما فعله علي "عليه السلام" حين صف القوم في الحرب للقتال.. مع أن ذلك كان قد ظهر خبره، واستفاض ذكره..
فهل كان أسر الخمسين على يد علي بن أبي طالب "عليه السلام"، وليس على يد محمد بن مسلمة؟
وهل كان أسر الاثني عشر الآخرين على يد علي "عليه السلام" دون سواه؟ وكان ذلك في ساحة الحرب، حيث رفعت فيها الألوية، واصطف فيها الناس للقتال، وكان اللواء مع علي "عليه السلام" كما هو في سائر المشاهد، ثم أخفى ذلك الحاقدون، وقللوا من شأنه، وجعلوه مجرد مناوشات يسيرة لا أهمية لها.. مع أنها هي التي أرعبت قريشاً، وأرغمتها على الصلح، ولما "رأى سهيل بن عمرو توجه الأمر عليهم، ضرع إلى النبي "عليه السلام" في الصلح، ونزل عليه الوحي بالإجابة إلى ذلك.." حسبما رواه الشيخ المفيد "رحمه الله"([79]).
قريش في مأزق:
لقد وجدت قريش نفسها أمام خيارات صعبة, لا تستطيع أن تتجرع مرارة أي واحد منها, والخيارات هي التالية:
1 ـ أن تمنع المسلمين من دخول مكة, حتى لو أدى ذلك إلى حرب شعواء. وهذا خيار صعب, من نواح عديدة..
إحداها: أنها تخشى أن تدور الدوائر في هذه الحرب عليها.
الثانية: أن العرب يرون: أن مكة والبيت ليسا ملكاً لقريش, وإنما هي تقوم بمهمة سدانة البيت, وتسهيل أمر زيارته.. وليس لها أن تمنع أحداً جاء للحج أو العمرة وزيارة البيت من الوصول إليه..
فإن فعلت ذلك, فسوف تواجه النقد الشديد, والرفض الأكيد حتى من حلفائها, وربما تنتهي الأمور إلى حدوث انقسامات خطيرة فيما بينها وقد حصل ذلك بالفعل، كما أظهرته الوقائع..
2 ـ أن تسمح قريش للمسلمين بدخول مكة.. وفي هذا ما فيه أيضاً: من كسر لهيبتها، ومن اعتراف بحق المسلمين بهذا الأمر, بعد أن كانت تصورهم للناس على أنهم جناة، وعتاة، وقطاع طرق, ومفسدون في الأرض..
ومن أنها لا تأمن من حدوث مفاجآت تجعل الأمور أكثر تعقيداً، كما لو حصل اعتداء من قبل سفهائها على بعض الوافدين، ثأراً لآبائهم وإخوانهم الذين قتلوا في بدر، وأحد, والخندق.. وربما تتطور الأمور إلى ما هو أعظم وأدهى.
3 ـ أن ترجعه "صلى الله عليه وآله" في هذا العام, وترضى بأن تبذل له من الشروط ما يرضيه، ولكن هذا الاحتمال الأخير يجعل المبادرة بيد رسول الله "صلى الله عليه وآله" وهو عارف بما يريد, ويعرف سبل الوصول إليه، والحصول عليه، وهكذا كان..
رعب قريش وضراعتها في الصلح:
وقد صرحت النصوص: أنه قد زاد من رعب قريش ما رأته من سرعة أصحاب النبي "صلى الله عليه وآله" إلى البيعة، وتشميرهم إلى الحرب([80]).
ونستطيع أن نقول: إن قريشاً كانت بين نارين:
فهي من جهة ترى: أن دخول النبي "صلى الله عليه وآله" إلى مكة على هذا النحو، سيكون بالنسبة لها ذلاً شاملاً، وضعفاً بارزاً، بين العرب.
وترى من جهة أخرى: أنها لا قدرة لها على الحرب، لأسباب مختلفة، فهي:
1 ـ تعاني من ضائقة اقتصادية شديدة، والحرب تحتاج إلى نفقات، وتضيِّع عليها استثمار موسم الحج في ذلك العام، وكان هذا الموسم على الأبواب.
2 ـ إن الناس قد ملوا الحرب وملتهم، وقتل كثير من رجالهم. ونشأت من ذلك اختلالات في العلاقات الاجتماعية، ومشكلات أسرية وقبلية. ونحو ذلك..
3 ـ قد تقدم: أن سيد الأحابيش قد خالفهم في هذا الأمر، وتهددهم، وفارقهم وكذلك الحال بالنسبة لعمرو بن مسعود، ومن معه من ثقيف.
4 ـ إن خزاعة أيضاً كانت عيبة نصح لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، مسلمهم وكافرهم. وهي تعيش في مكة مع قريش..
5 ـ إن الإسلام قد فشا فيما بين قبائل قريش، وأصبحت كل قبيلة تحتفظ بطائفة من أبنائها في القيود والسلاسل والسجون..
6 ـ إن المعركة لن تكون من الناحية العسكرية في صالح قريش، وهي معركة رأوا: أنها ستكون في غاية الحدة والشراسة، وأنها تحمل معها المزيد من الخسائر في الأموال والأنفس. ومما يزيد في تضاؤل فرص النجاح لقريش ما رآه مبعوثهم من انقياد وخضوع، وتفان ظاهر للمسلمين في خدمة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وإطاعة أوامره.
7 ـ وقد أكدت بيعة الرضوان لقريش: أن الأمور في غير صالحها، فإن الالتزامات والعقود، تمنع من أي تعلل، أو تراجع.
فكيف إذا كانت بيعة على الموت والفناء، حتى يتحقق لهم ما جاؤوا له؟
وبذلك يتضح: أنه لا بد لقريش من عقد الصلح.. فهو المخرج الوحيد لها من هذه الورطة..
فبعثوا سهيل بن عمرو إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وقالوا له: ائت محمداً، فصالحه، ولا يكن في صلحه إلا أن يرجع عنا عامه هذا.
فأتاه سهيل بن عمرو. فلما رآه رسول الله "صلى الله عليه وآله" مقبلاً، قال: قد أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل.
فلما انتهى سهيل إليه تكلم، وأطال، وتراجعا، ثم جرى بينهما الصلح.
بل إن الشيخ المفيد "رحمه الله" يقول:
"ولما رأى سهيل بن عمرو توجُّه الأمر عليهم ضرع إلى النبي "عليه السلام" في الصلح، ونزل عليه الوحي بالإجابة إلى ذلك. وأن يجعل أمير المؤمنين "عليه السلام" كاتبه يومئذٍ، والمتولي لعقد الصلح بخطه.." ([81]).
معرفة النبي ' بعدوِّه:
إن قول النبي "صلى الله عليه وآله" حين رأى سهيل بن عمرو: "قد أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا" يدل على: معرفة الرسول "صلى الله عليه وآله" بطبائع عدوه، وميزاته، ومواقعه، وبكيفيات تصرفات ذلك العدو، حتى إنه ليعرف نواياه بمجرد رؤية مبعوثيه، قبل أن يكلمهم، ويستخبرهم عما جاؤوا من أجله.
جلوس النبي ' وجلوس سهيل:
كما أن من الواضح: أن جلوس الرجل متربعاً يشير إلى الاسترسال والهدوء، وراحة البال، ويرى أن الأمور تسير بشكل طبيعي وعادي..
أما حين يبرك على ركبتيه، فإنه يكون في حالة تختزن معها الاستعداد للجدال والمماحكة، والسعي لحسم أمر يهمه، فيحتاج إلى جمع أطرافه إلى نفسه، وإظهار التماسك، والتصميم، والجدية في عمله من أجل إنجازه.
ولأجل ذلك نلاحظ: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد جلس متربعاً، وأما سهيل بن عمرو فبرك على ركبتيه.
اختلاف نصوص العهد:
إن نصوص العهد قد اختلفت في كثير من ألفاظها، كالاختلاف في قوله: هذا ما صالح عليه محمد.. أو هذا ما قاضى عليه محمد.
اصطلحا.. أو اصطلحوا.
هل وضعت الحرب عشر سنين كما تقدم([82])، أو ثلاث سنين([83])، أو أربعاً أو سنتين([84]). هناك أقوال في ذلك.
ولعل تلك الاختلافات قد نشأت عن سوء حفظ الناقل, أو لأن بعضهم أراد النقل بالمعنى، أو لغير ذلك من أسباب..
كما أن هناك بعض المواد قد ذكر بعض الناقلين, دون البعض الآخر..
مصادر العهد:
وقد ذكر العلامة الشيخ علي الأحمدي "رحمه الله" طائفة من المصادر، يمكن الرجوع إليها للاطلاع على نصوص عهد الحديبية.. فلاحظ الهامش([85]).
كلمات تحتاج إلى توضيح:
ونوضح بعض الكلمات الواردة في هذا العهد على النحو التالي:
لا إسلال: الإسلال ـ كما قيل ـ هو السرقة الخفية..
وقيل: هو الإغارة الظاهرة.
وقيل: هو سل السيوف.
قال البلاذري: الإسلال هو: دس السلاح وسله سراً، والإغلال: الانطواء على غل([86]).
ولعل المراد: أخذ العهد بأن لا يعين أحد المتعاقدين على الآخر، أو نفي الإغارة، أو نفي سل السيوف أو كل هذه المعاني مجتمعة..
ويفيد هذا الشرط في: تحقيق الأمن على الأموال في تلك المدة، والأمن من التخويف بالسلاح للأفراد من كلا الجانبين.
لا إغلال: أي لا خيانة خفية، أو لا تلبس الدروع.
ولعل المراد من ذلك الشرط: تحقيق حالة الأمن من الكيد والتآمر في الخفاء.
العيبة المكفوفة: أن يكف ما يحمله الإنسان في باطنه من حقد أو غل أو عداوة، فلا يظهر ذلك و لا يعلن به.
القراب: هو شبه الجراب يطرح فيه الراكب سيفه بغمده، وسوطه، وقد يطرح فيه زاده، من تمر وغيره..
ويقال له: (جلبان) أيضاً.
من هو كاتب العهد؟:
ذكر القمي نص العهد، وجاء في آخره عبارة: "وكتب علي بن أبي طالب"([87]).
ولكنه أتبعها بقوله: "وعهد على الكتاب المهاجرون والأنصار". فيحتمل أن يكون ذلك من إنشاء الراوي، ويحتمل أن تكون هذه العبارة قد وردت في نص الكتاب فعلاً..
هذا، وذكرت بعض المصادر: أن قريشاً أبت إلا أن يكتب علي "عليه السلام" أو عثمان([88]).
وتكاد تجمع المصادر على ذلك([89]).
ولكن البعض قد زعم: أن الكاتب هو محمد بن مسلمة([90]).
وقد صرح ابن حجر: بأن هذا من الأوهام، ثم إنهم جمعوا بين القولين: بأن الكاتب هو علي "عليه السلام"، لكن محمد بن مسلمة نسخ من الكتاب نسخة أخرى أعطيت لسهيل بن عمرو([91]).
ويمكن تأييد ذلك: بما رواه عمر بن شبة، عن عمرو بن سهيل بن عمرو، عن أبيه: الكتاب عندنا كاتبه محمد بن مسلمة.
قال العسقلاني: ويجمع: بأن أصل كتاب الصلح بخط علي ـ كما هو في الصحيح ـ ونسخ مثله محمد بن مسلمة لسهيل بن عمرو([92]).
ونحن نخشى أن يكون إصرار هؤلاء على حشر اسم محمد بن مسلمة المهاجم لبيت الزهراء "عليها السلام"، يدخل في سياق سياساتهم لإنكار فضائل علي "عليه السلام" أو تشريك غيره معه فيها على الأقل، إن لم يمكن منحها بكل تفاصيلها لأعداء ومناوئي أهل البيت "عليهم السلام".
هذا.. وقد صرح أبو زميل سماك الحنفي: أنه سمع عبد الله بن عباس يقول: كاتب الكتاب يوم الحديبية علي بن أبي طالب([93]).
كما أن الزهري رغم أنه كان منحرفاً عن أهل البيت "عليهم السلام"، وكان معلماً لأولاد ملوك بني أمية، فإنه كان أكثر جرأة، في هذا الأمر، فقد روى عبد الرزاق عن معمر، قال: سألت عنه الزهري، فضحك، وقال: هو علي بن أبي طالب، ولو سألت عنه هؤلاء قالوا: عثمان([94]).
محنة أبي جندل، وحوادث أخرى:
قالوا: وفي حديث عبد الله بن مغفل، عند الإمام أحمد، والنسائي، والحاكم، بعد أن ذكر نحو ما تقدم، قال: "فبينا نحن كذلك إذ خرج علينا ثلاثون شاباً عليهم السلاح، فثاروا إلى وجوهنا، فدعا عليهم رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأخذ الله بأسماعهم ـ ولفظ الحاكم بأبصارهم ـ فقمنا إليهم فأخذناهم، فقال لهم رسول الله "صلى الله عليه وآله": هل جئتم في عهد أحد؟ وهل جعل لكم أحد أماناً؟
فقالوا: لا.
فخلى سبيلهم، فأنزل الله تعالى: ?وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ..?([95]).
وروى ابن أبي شيبة، والإمام أحمد، وعبد بن حميد، ومسلم، والثلاثة، عن أنس، قال: لما كان يوم "الحديبية" هبط على رسول الله "صلى الله عليه وآله" وأصحابه ثمانون رجلاً من أهل مكة في السلاح، من قبل جبل التنعيم، يريدون غرة رسول الله "صلى الله عليه وآله" فدعا عليهم، فأخذوا، فعفا عنهم([96]).
وروى عبد بن حميد، وابن جرير عن قتادة، قال: ذكر لنا أن رجلاً من أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" يقال له: ابن زنيم اطلع الثنية "يوم الحديبية"، فرماه المشركون فقتلوه.
فبعث نبي الله "صلى الله عليه وآله" خيلاً، فأتوا باثني عشر فارساً، فقال لهم رسول الله "صلى الله عليه وآله": "هل لكم عهد أو ذمة"؟
قالوا: لا. فأرسلهم([97]).
وروى الإمام أحمد، وعبد بن حميد، ومسلم، عن سلمة بن الأكوع قال: إن المشركين من أهل مكة راسلونا في الصلح، فلما اصطلحنا، واختلط بعضنا ببعض أتيت شجرة فاضطجعت في ظلها، فأتاني أربعة من مشركي أهل مكة، فجعلوا يقعون في رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأبغضتهم، وتحولت إلى شجرة أخرى، فعلقوا سلاحهم، واضطجعوا.
فبينما هم كذلك إذ نادى مناد من أسفل الوادي: يا للمهاجرين، قتل ابن زنيم، فاخترطت سيفي فاشتددت على أولئك الأربعة وهم رقود، فأخذت سلاحهم، وجعلته في يدي، ثم قلت: والذي كرم وجه محمد "صلى الله عليه وآله" لا يرفع أحد منكم رأسه إلا ضربت الذي فيه عيناه، ثم جئت بهم أسوقهم إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وجاء عمي عامر برجل من العبلات، يقال له: مكرز ـ من المشركين ـ يقوده حتى وقفناه على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال: دعوهم يكون لهم بدء الفجور وثنياه، فعفا عنهم رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وأنزل الله تعالى: ?وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ?.
فبينما الناس على ذلك إذ أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في قيوده، قد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين.
وكان أبوه سهيل قد أوثقه في الحديد وسجنه.
فخرج من السجن، واجتنب الطريق، وركب الجبال حتى أتى "الحديبية"، فقام إليه المسلمون يرحبون به ويهنئونه.
فلما رآه أبوه سهيل قام إليه فضرب وجهه بغصن شوك، وأخذ بتلبيبه ثم قال: "يا محمد، هذا أول ما أقاضيك عليه أن ترده".
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "إنا لم نقض الكتاب بعد".
قال: فوالله إذاً لا أصالحك على شيء أبداً.
قال: "فأجزه لي".
قال: ما أنا بمجيزه لك.
قال: "بلى فافعل".
قال: ما أنا بفاعل.
فقال مكرز وحويطب: بلى قد أجزناه لك. فأخذاه، فأدخلاه فسطاطاً، فأجازاه، وكف عنه أبوه.
فقال أبو جندل: أي معاشر المسلمين، أُرَدُّ إلى المشركين وقد جئت مسلماً؟ ألا ترون ما قد لقيت؟ وكان قد عذب عذاباً شديداً.
فرفع رسول الله "صلى الله عليه وآله" صوته، وقال: "يا أبا جندل، اصبر، واحتسب، فان الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجاً ومخرجاً، إنَّا قد عقدنا مع القوم صلحاً، وأعطيناهم وأعطونا على ذلك عهداً، وإنَّا لا نغدر".
ومشى عمر بن الخطاب إلى جنب أبي جندل، وقال له: اصبر، واحتسب، فإنما هم المشركون، وإنما دم أحدهم دم كلب.
وجعل عمر يدني قائم السيف منه.
قال عمر: رجوت أن يأخذ السيف فيضرب به أباه.
قال: فضن الرجل بأبيه([98]).
وقد كان أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد خرجوا وهم لا يشكون في الفتح لرؤيا رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فلما رأوا ما رأوا من الصلح والرجوع، وما تحمل عليه رسول الله "صلى الله عليه وآله" في نفسه دخل على الناس من ذلك أمر عظيم، حتى كادوا يهلكون.
فزادهم أمر أبي جندل على ما بهم، ونفذت القضية، وشهد على الصلح رجال من المسلمين ورجال من المشركين: أبو بكر، وعمر، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن سهيل بن عمرو، وسعد بن أبي وقاص، ومحمود بن مسلمة، وعلي بن أبي طالب (رضي الله عنهم) ومكرز بن حفص وهو مشرك([99]).
ونقول:
هناك نقاط نذكِّر القارئ بها، وهي التالية:
عمر وأبو جندل:
قد أوضح عمر: أنه يريد من أبي جندل أن يقتل أباه، مع أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" يريد أن يرجع أبو جندل مع أبيه.
فما هذا السعي لنقض مراد رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟!
وما هي النتائج التي سوف تترتب على قتل أبي جندل لأبيه، دون استئذان من النبي "صلى الله عليه وآله"؟!
وهل سوف يصدق الناس أن أبا جندل قد قتل أباه بدون رضا رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟!
وهل عرف عمر كيف ستتطور الأحوال مع قريش، وما هي الانطباعات التي سوف يتركها عمل كهذا على المنطقة بأسرها، وعلى الأجيال؟!
هذه أسئلة تبقى تلح بطلب الإجابة. ولكن من أين.. وأنى؟!
هل عندكم أمان أو عهد؟!:
إن قول النبي "صلى الله عليه وآله" للثلاثين رجلاً: هل جئتم في عهد أحد؟!
ثم قوله: هل جعل أحد لكم أماناً؟! يدل على: أن هؤلاء الثلاثين كانوا من المشركين المحاربين للمسلمين..
وقد ظهر: أنهم قد اقتحموا معسكر المسلمين بالسلاح..
مما يعني: أنهم قد جاؤوا بهدف الإيقاع بالمسلمين، فلا بد من أن يُعدُّوا من أسرى الحرب، الذين لا يشملهم عهد الحديبية.
وسهيل بن عمرو لم يطالب بهم، إن كانوا قد أسروا قبل كتابة العهد..
وإن كانوا قد أسروا بعده فلا بد أن يعد ذلك نقضاً للصلح، وليس لقريش أن تطالب بهم أيضاً. بل يكون رضاها بفعلهم إعلاناً لحالة الحرب مع النبي "صلى الله عليه وآله"..
ولكن النبي "صلى الله عليه وآله" بادر إلى تخلية سبيلهم كرماً منه ونبلاً، ولم يكلف قريشاً حتى أن تعتذر عما بدر منهم، فضلاً عن أن تلتمس منه إطلاق سراحهم..
وهذا إعلان آخر عن حقيقة ما يسعى إليه، ويعمل من أجله، وأنه ليس طالب حرب ولا ناشد زعامة، وليس مفسداً ولا ظالماً، ولا معتدياً على أحد، فكل ما تشيعه قريش ما هو إلا محض أكاذيب، وهو محض التجني والبغي، والمكر السيئ، ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.
وهذا الكلام هو نفسه يقال بالنسبة للثمانين رجلاً الآخرين، الذين جاؤوا من قبل جبل التنعيم، يريدون غرة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأخذوا، ثم عفا عنهم "صلى الله عليه وآله"..
اثنا عشر رجلاً آخر:
وأما بالنسبة للاثني عشر مشركاً الذين أرسل النبي "صلى الله عليه وآله" خيلاً فأتوا بهم، حين قتل ابن زنيم.. فالذي يبدو لنا: أنه "صلى الله عليه وآله" قد بادر إلى أخذهم ثم إطلاق سراحهم، ليثبت لهم: أنه قادر على مواجهة بغيهم إلى حد إنزال الضربات القاصمة بهم، وأن مرونته معهم ليست ناشئة عن ضعف أو خوف.. بل هي حكمة وروية، وعفو منه وتسامح، وتعظيم للحرم..
ويوضح ذلك: أنه حين جيء بهم، قال لهم: "هل لكم عهد أو ذمة؟! فقالوا: لا..".
وذلك ليفهمهم: أنه لو أراد قتلهم، فإنه سيكون محقاً؛ لأنهم معتدون، ومحاربون، وليس لديهم عهد يمنعه من ذلك، كما أنهم لم يدخلوا في ذمة أحد، ليرى نفسه ملزماً بمراعاة ذمته.
وهذا يعني: أنه لو قتلهم فليس لأحد أن يلومه في ذلك، أو يمنعه منه..
ولكنه "صلى الله عليه وآله" عفا عنهم لكي يثوبوا إلى رشدهم، ولتكون هذه رسالة أخرى إلى كل أحد، تؤكد على: أنه لا يلجأ إلى القتل إلا حين لا يمكن دفع خطر العدو بدون ذلك.
ويؤكد ذلك: أن هذا العقوق قد تكرر منهم، ولم يكن مجرد حالة استثنائية، فقد عفا عن الثمانين مع الثلاثين الذين هاجموه، وطلبوا غرته لكي يوقعوا به..
متى قتل ابن زنيم؟!
وقد صرحت رواية سلمة بن الأكوع المتقدمة: بأن هذه الأحداث قد حصلت حينما كان سهيل بن عمرو ومن معه يفاوضون رسول الله "صلى الله عليه وآله" في أمر الصلح..
وإن كان سلمة قد سعى إلى أن ينسب لنفسه في روايته هذه بطولة لم تنقل لنا عن غيره، فنحن نصدقه فيما نقله من أن قتل ابن زنيم كان في هذا الوقت، ونشك فيما نسبه لنفسه من بطولات لم ينقلها أحد سواه.
واللافت: أن هذا الأمر قد تعودناه من سلمة بن الأكوع حيث نسب لنفسه بطولات عظيمة تقدم الحديث عنها، مع أنه لم ينقلها أحد سواه.
سهيل يضرب ولده:
والغريب في الأمر: أن سهيل بن عمرو، الرجل الأريب، والمجرب، والمعروف بحكمته وتدبيره يخرج عن حالة التوازن، ويتجاوز كل الآداب واللياقات، ويتحول إلى جلاد شرس بمجرد أن رأى ابنه أبا جندل يلتجئ للمسلمين.. غير مبال في أن تتسبب تصرفاته الرعناء بنقض الصلح الذي جاء من أجله.
وقد كان باستطاعة النبي "صلى الله عليه وآله" أن يخضعه للتأديب، ويمنعه من تصرفاته تلك بالأسلوب الذي يستحقه، حتى لو أدى إلى نقض الصلح، ونشوب الحرب.
وسيكون محقاً، حتى في نظر أهل الشرك، وسوف يوجِّه كل اللوم إلى مبعوثهم الذي ارتكب هذه الحماقة، وتحول من رجل عاقل أريب إلى رجل طائش أرعن، أوقعهم في مأزق خطير، قد يودي بكل تطلعاتهم وخططهم..
ولكنه "صلى الله عليه وآله" آثر مراعاة مصلحة الإسلام العليا، وذلك بحفظ حرمة بيت الله، وفسح المجال للوصول إلى الأهداف الكبرى، من دون إراقة دماء.. وهكذا كان.
الصلف الذي لا يطاق:
وقد أمعن سهيل في صلفه ورعونته، وردَّ كل طلب من رسول الله "صلى الله عليه وآله".. إلى حدٍّ جعل مكرز بن حفص، وحويطب بن عبد العزى في موقع الإحراج الشديد، واضطرهما للتدخل لحفظ ماء الوجه من جهة، وحفظ فرصة عقد الهدنة وخشية على الصلح الذي جاؤوا من أجله من جهة أخرى، فإن المهم عندهم هو إبرامه وأن لا يتعرض لنكسة خطيرة، لا طاقة لقريش بتحملها، ولا قدرة لها على مواجهة تبعاتها وآثارها.
هل في موقف الرسول ' تناقض؟!
وقد يقال: إن النبي "صلى الله عليه وآله" قد قال لسهيل حين ضرب ولده بغصن شوك: إنا لم نقض الكتاب بعد، ولكنه عاد فقال لأبي جندل: إنا قد عقدنا مع القوم صلحاً الخ..
فهل بين كلاميه "صلى الله عليه وآله" تناقض؟!
ونجيب: لا، لا تناقض بين الكلامين، فإن الاتفاق ـ كلامياً ـ كان قد تم بين الفريقين، فيصح أن يقال: قد عقدنا مع القوم صلحاً. وقد قال "صلى الله عليه وآله": عقدنا، ولم يقل: كتبنا.
أما كتاب الصلح، فلم تكن كتابته قد تمت..
فيصح أن يقول: إننا لم نقض الكتاب بعد. فعبر بالكتاب، وقال عنه: إنه لم يقض بعد، أي لم يتم، ولم يعبر بعقد الصلح.
وبذلك يتضح: مدى الدقة في التعابير التي صدرت من النبي الكريم..
إنَّا لا نغدر:
وقد رأينا: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" يعلن: أن أهل الإسلام لا يغدرون بمن يعاقدونهم ويعاهدونهم، ويخاطب أبا جندل بهذا الخطاب، ويرفع بذلك صوته، ليسمعه سهيل وسواه، ثم يسعى عمر بن الخطاب لإقناع نفس أبي جندل بقتل أبيه سهيل بن عمرو غيلةً وغدراً!! ويدني إليه قائم سيفه ليغريه بهذا الأمر الشنيع، الذي يتضمن نقضاً وتكذيباً للرسول "صلى الله عليه وآله"..
ثم إننا لا ندري، إلى ما ستؤول إليه الأمور لو أن أبا جندل فعل ذلك؟!
وكيف سينظر الناس إلى هذه الحادثة؟! وكيف ستستغلها قريش؟!
وما هي النظرة التي سوف تتكون لدى الناس في تلك الحقبة، وسواها إلى يوم القيامة عن طاعة أصحاب النبي له "صلى الله عليه وآله"، ومدى انصياعهم لأوامره، وقدرته على أن يلزمهم بالتعهدات والمواثيق التي يعطيها عنهم، بصفته رئيساً لهم؟!
أفلا يؤدي تصرف أخرق كهذا إلى تضييع كل جهود وجهاد رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وبوار أهدافه، وعقم كل تدبيره, وانقلاب الأمور رأساً على عقب، وربما عودتها إلى نقطة الصفر، أو ما هو أدنى من ذلك؟!..
غضب قريش من خزاعة:
وقد كان من الطبيعي: أن تغضب قريش من دخول خزاعة في حلف رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
وكان أول رد فعل ظهر على هذه المبادرة هو: أن أحد المفاوضين, وهو حويطب بن عبد العزى, التفت إلى سهيل بن عمرو, وقال: بادأنا أخوالك بالعداوة, وقد كانوا يستترون منا, وقد دخلوا في عهد محمد وعقده!!
فقال سهيل: ما هم إلا كغيرهم, هؤلاء أقاربنا ولحمنا, قد دخلوا مع محمد, قوم اختاروا لأنفسهم أمراً، فما نصنع بهم؟!
قال حويطب: نصنع بهم: أن ننصر عليهم حلفاءنا بني بكر.
قال سهيل: إياك أن يسمع منك هذا بنو بكر, فإنهم أهل شؤم, فيقعوا بخزاعة, فيغضب محمد لحلفائه, فينقض العهد بيننا وبينه.
قال حويطب: والله حظوت أخوالك بكل وجه..
فقال سهيل: ترى أخوالي أعز عليَّ من بني بكر؟! ولكن والله لا تفعل قريش شيئاً إلا فعلته, فإذا أعانت بني بكر على خزاعة, فإنما أنا رجل من قريش, وبنو بكر أقرب إليَّ في قدم النسب, وإن كان لهؤلاء الخؤولة.
وبنو بكر من قد عرفت, لنا منهم مواطن كلها ليست بحسنة, منها يوم عكاظ([100]).
ونقول:
إن هذا النص يشير: إلى حاجة قريش إلى هذا الصلح, وحرصها على إمضائه.
كما أنه يدل على: أن الثقة بين أركان الشرك كانت غير وطيدة ولا تصلح للاعتماد عليها..
ويدل أيضاً: على أن قريشاً لم تجد في دخول بني بكر في حلفها ما يسعدها، لأن لها منها مواطن غير حميدة..
ولكننا في المقابل نجد: أن خزاعة كانت عيبة نصح لرسول الله "صلى الله عليه وآله".. رغم أنها لم تكن على دينه.
ولعل الأمرّ، والأضرّ والأشرّ بالنسبة لقريش: أن خزاعة هي التي بادرت إلى الدخول في حلف عدوها في حركة أظهرت: أنها كانت تنتظر الفرصة، فلما واتتها بادرت إلى اقتناصها.
يضاف إلى ذلك: أن خزاعة قد أظهرت جرأة عظيمة حين دخلت في حلف النبي "صلى الله عليه وآله"؛ في حين أنها لم تكن تعيش في منطقة نفوذه "صلى الله عليه وآله", ليقال: إنها بحاجة إلى مهادنته، وحماية نفسها من سائر القبائل بالدخول في حلفه.
بل هي بعملها هذا قد رفضت محيطها وتمردت عليه, وربطت مصيرها بمن هو بعيد عنها.
ومن شأن هذا أن يسيء إلى سمعة قريش, ويضع علامات استفهام كبيرة على مصداقيتها, وعلى هيبتها, وعلى سياساتها و.. و..
صلح الحديبية لا يشمل النساء:
وقد ذكرت النصوص التاريخية والحديثية: أن عدداً من النساء قد هاجرن من مكة إلى المدينة بعد الحديبية, وأن قريشاً قد طلبت من النبي "صلى الله عليه وآله", أن يرجعهن إليها, فرفض "صلى الله عليه وآله" ذلك معلناً: أن نصوص صلح الحديبية لا تشمل النساء([101]).
وقد ذكرت بعض المصادر: أن العبارة الموجودة في الاتفاقية تقول: "فقال سهيل: على أنه لا يأتيك من (رجل)، وإن كان على دينك إلا رددته إلينا, ومن جاءنا ممن معك لا نرده عليك"([102]).
فلا صحة لما يدَّعيه البعض: من أن القرآن قد نزل بنقض العهد فيما يختص بإرجاع النساء([103]).
على أنه: لو صح ذلك، فلا بد أن تتخذه قريش ذريعة للتشهير، ولسوف لا تقبل الاعتذار بهذا النقض القرآني، ما دامت لا تعترف بالقرآن، ولا تراه وحياً، وقد تجلى ذلك من مواقف ممثلها سهيل بن عمرو حين كتابة العهد، حيث أصرَّ على حذف كلمة رسول الله، وعلى استبدال: ?بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ? بـ: "باسمك اللهم".
1 ـ سبيعة الأسلمية:
ومن النسوة اللواتي جئن إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" بعد الحديبية: "سبيعة بنت الحارث الأسلمية".
وقيل: هي أسلمية, ولكنها غير بنت الحارث([104]).
فإنها جاءت مسلمة بعد الفراغ من الكتاب، وطيه، والنبي "صلى الله عليه وآله" في الحديبية.
فأقبل زوجها مسافر (من بني مخزوم، وقيل: بل زوجها هو صيفي بن الراهب في طلبها), وكان كافراً, فقال: يا محمد, أردد عليّ امرأتي, فإنك قد شرطت لنا أن ترد علينا من أتاك منا. وهذه طينة الكتاب لم تجف بعد..
فنزلت الآية: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ المُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لاَ هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ?([105]). فاستحلفها رسول الله "صلى الله عليه وآله", ما خرجت بغضاً لزوجها, ولا عشقاً لرجل منا, وما خرجت إلا رغبة في الإسلام: فحلفت بالله الذي لا إله إلا هو على ذلك.
فأعطى رسول الله "صلى الله عليه وآله" زوجها مهرها, وما أنفق عليها, ولم يردها عليه, فتزوجها عمر بن الخطاب([106]).
2 ـ أروى بنت ربيعة:
أروى بنت ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب: وقد كانت أروى بنت ربيعة ممن فر إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" من نساء الكفار, فحبسها النبي "صلى الله عليه وآله"، ولم يرجعها إليهم وزوجها خالد بن سعيد بن العاص([107]).
3 ـ أميمة بنت بشر:
وكانت أميمة بنت بشر عند ثابت بن الدحداحة، ففرت منه إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله", فزوجها رسول الله "صلى الله عليه وآله" سهل بن حنيف, فولدت عبد الله بن سهل([108]).
4 ـ أم كلثوم بنت عقبة:
وقد جاءت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط مسلمة مهاجرة من مكة أيضاً, فجاء أخواها الوليد وعمارة إلى المدينة, فسألا رسول الله "صلى الله عليه وآله" ردها عليهما.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "إن الشرط بيننا في الرجال لا في النساء", فلم يردها عليهما([109]).
5 ـ زينب ربيبة رسول الله ':
قال الشعبي: وكانت زينب امرأة أبي العاص بن الربيع قد أسلمت، ولحقت بالنبي "صلى الله عليه وآله", ثم أتى أبو العاص مسلماً، فرد النبي "صلى الله عليه وآله" زينب عليه بنكاح جديد، وقيل: بالنكاح الأول.
وقد تقدم: أن قضية زينب لا ارتباط لها بالحديبية, وأنه قد ردها عليه بنكاح جديد فراجع([110]).
وفي بعض النصوص: أن أبا العاص هو الذي أذن لها بإتيان المدينة([111]).
نساء لحقن بالمشركين:
أما بالنسبة للنساء اللواتي رجعن عن الإسلام, وعدن إلى بلاد الشرك فقد ذكر الزهري أنهن ست نساء، وهن:
1 ـ أم الحكم بنت أبي سفيان, وكانت تحت عياض بن شداد الفهري.
2 ـ فاطمة بنت أبي أمية بن المغيرة, أخت أم سلمة, كانت تحت عمر بن الخطاب، فلما أراد أن يهاجر أبت وارتدت.
3 ـ يروع بنت عقبة, كانت تحت شماس بن عثمان.
4 ـ عبدة بنت عبد العزى بن نضلة (أو فضلة)، كان زوجها عمرو بن عبد ود.
5 ـ هند بنت أبي جهل، كانت تحت هشام بن العاص بن وائل.
6 ـ كلثوم بنت جرول (أو أم كلثوم). كانت تحت عمر.
فأعطى رسول الله "صلى الله عليه وآله" أزواجهن من المسلمين مهور نسائهم من الغنيمة([112]).
الفصل الثالث:
إدانة البريء..
هل عصى علي × أمر رسول الله '؟!
وزعم البخاري وغيره: أنه "صلى الله عليه وآله" أمر علياً "عليه السلام": أن يكتب في بداية عهد الحديبية: ?بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ?.
فقال سهيل بن عمرو: لا أعرف هذا، ولكن اكتب باسمك اللهم.
فقال "صلى الله عليه وآله": اكتب: باسمك اللهم.
فكتب "عليه السلام" ذلك.
ثم قال "صلى الله عليه وآله": اكتب هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو، (فكتب)، فاعترض عليه سهيل، وقال: لو نعلم أنك رسول الله ما قاتلناك، ولا صددناك، ولكن اكتب اسمك، واسم أبيك.
فأمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" علياً "عليه السلام" بمحوها..
فزعموا: أن علياً "عليه السلام" قال: لا والله لا أمحاك أبداً.
أو قال: إن يدي لا تنطلق بمحو اسمك من النبوة، أو ما أنا بالذي أمحاه.. أو نحو ذلك.
فمحاه "صلى الله عليه وآله".
أو فقال له "صلى الله عليه وآله": ضع يدي عليها. أو أرني إياها، فأراه، فمحاه بيده. أو فأخذه رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وليس يحسن أن يكتب. ثم قال: اكتب الخ..([113]).
بل ذكر ابن حبان: أنه "صلى الله عليه وآله" أمر علياً "عليه السلام" بمحو اسمه مرتين، فأبى ذلك فيهما معاً([114]).
وعن محمد بن كعب: أن علياً "عليه السلام" جعل يتلكأ ويبكي، ويأبى أن يكتب إلا محمد رسول الله، فقال له: اكتب، فإن لك مثلها، وتعطيها وأنت مضطهد.
فكتب ما قالوا([115]).
ظهور الحقد الدفين:
وقد وجد أنصار الأمويين، وأتباع مناوئي علي وأهل البيت "عليهم السلام" ـ وجدوا بزعمهم ـ الفرصة سانحة لتوجيه ضربتهم، فقالوا: إذا كان الشيعة يحشدون الشواهد المتواترة على مخالفات صريحة، أو قبيحة، ومؤذية صدرت من عدد من الصحابة لأوامر رسول الله "صلى الله عليه وآله".. فإن علياً "عليه السلام" قد وقع في نفس المحذور، حين رفض امتثال أمر النبي "صلى الله عليه وآله" بمحو وكتابة ما يمليه عليه.
حتى لقد قال السرخسي: "لقد كان هذا الإباء بالرأي في مقابلة النص"([116]).
وفي سؤال وجه للسيد المرتضى، جاء ما يلي: "..ليس يخلو، إما أن يكون قد علم أن النبي "صلى الله عليه وآله" لا يأمر إلا بما فيه مصلحة، وتقتضيه الحكمة والبينات، وأن أفعاله عن الله سبحانه وبأمره، أو لم يعلم.
فإن كان يعلم، فلمَ خالف ما علم؟!
وإن كان لم يعلمه، فقد جهل ما تدَّعيه العقول من عصمة الأنبياء عن الخطأ، وجوَّز المفسدة فيما أمر به النبي "صلى الله عليه وآله" لهذا، إن لم يكن قطع بها.
وهل يجوز أن يكون أمير المؤمنين "عليه السلام" توقف عن قبول الأمر، لتجويزه أن يكون أمر النبي "صلى الله عليه وآله" معتبراً له ومختبراً؟! مع ما في ذلك لكون النبي "صلى الله عليه وآله" عالماً بإيمانه قطعاً، وهو خلاف مذهبكم، ومع ما فيه من قبح الأمر على طريق الاختبار بما لا مصلحة في فعله على كل حال.
فإن قلتم: إنه يجوز أن يكون النبي "صلى الله عليه وآله" قد أضمر محذوفاً، يخرج الأمر به من كونه قبيحاً.
قيل لكم: فقد كان يجب أن يستفهم ذلك، ويستعلمه منه، ويقول: فما أمرتني قطعاً من غير شرط أضمرته أولاً"([117]).
ونقول:
أولاً: لقد أجاب السيد المرتضى بما يتوافق مع مذاق المعترض في نظرته للأمور، ونوضح مراده على النحو التالي:
لو سلمنا: صدور هذا الأمر من علي "عليه السلام"، فهو لا يدل على عدم عصمته، لأنه جوَّز أن يكون أمر النبي "صلى الله عليه وآله" بالمحو ليس أمراً حقيقياً، بل مجاراة لسهيل، لا لأنه "صلى الله عليه وآله" يؤثر ذلك.. فتوقف حتى يظهر: أنه مؤثر له.
وتوقفه هذا يقوم مقام الاستفهام، لتتأكد له حقيقة هذا الطلب، وأنه أمر حقيقي، أو ليس بحقيقي([118]).
قال العيني عن قوله "عليه السلام": "ما أنا بالذي محاه: ليس بمخالفة لأمر رسول الله "صلى الله عليه وآله"؛ لأنه علم بالقرينة أن الأمر ليس للإيجاب"([119]).
وقال القسطلاني، والنووي: "قال العلماء: هذا الذي فعله علي من باب الأدب المستحب، لأنه لم يفهم من النبي "صلى الله عليه وآله" تحتُّم محوٍ على نفسه، ولهذا لم ينكر عليه، ولو حتم محوه لنفسه لم يجز لعلي تركه، ولا أقره النبي "صلى الله عليه وآله" على المخالفة"([120]).
ثانياً: إن هذه القضية موضع شك وريب من أساسها، وذلك لأسباب عديدة، سوف نوردها في الفقرة التالية..
الشك فيما ينسب لعلي ×:
إن شكنا في صحة ما ينسب إلى علي "عليه السلام" يستند إلى الأمور التالية:
أولاً: إن علياً "عليه السلام" يقول: "لقد علم المستحفظون من أصحاب محمد: أني لم أرد على الله ولا على رسوله ساعة قط الخ.." ([121]).
قال المعتزلي ـ وهو يشير إلى اعتراضات بعض الصحابة على النبي "صلى الله عليه وآله" في الحديبية ـ: "إن هذا الخبر صحيح لا ريب فيه، والناس كلهم رووه"([122]).
ويؤكد ذلك: أن النبي "صلى الله عليه وآله" يقول: "علي مع الحق، والحق مع علي، يدور معه حيث دار"، أو "علي مع القرآن، والقرآن مع علي"، ونحو ذلك([123]). فإن من يكون مع الحق ومع القرآن، لا يمكن أن تصدر منه مخالفة لرسول الله "صلى الله عليه وآله" ولا عصيان لأمره.
ويؤكد مدى طاعة علي للرسول "صلى الله عليه وآله"، قوله "عليه السلام": أنا عبد من عبيد محمد([124]).
فهل يمكن أن يقارن من هذا حاله بمن يقول عن نفسه: أنا زميل محمد؟!([125]).
وقد بلغ التزامه بحرفية أوامره "صلى الله عليه وآله": أن النبي "صلى الله عليه وآله" قال له في خيبر: "اذهب ولا تلتفت، حتى يفتح الله عليك".
فمشى هنيهة، ثم قام ولم يلتفت للعزمة، ثم قال: علام أقاتل الناس؟
قال النبي "صلى الله عليه وآله": قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله([126]).
وقال ابن عباس لعمر، عن علي "عليه السلام": إن صاحبنا من قد علمت، والله إنه ما غيَّر ولا بدل، ولا أسخط رسول الله "صلى الله عليه وآله" أيام صحبته له([127]).
ثانياً: إن أعداء علي "عليه السلام" والمتربصين به السوء، والباحثين عن أي مغمز فيه كثيرون، لا يحدهم حد، ولا يقعون تحت عد، ومنهم من حاربه بكل ما قدر عليه، فلو أنهم وجدوا في قضية الحديبية ما يوجب أدنى طعن، أو يبرر أي تحامل عليه لما تركوه. بل كانوا ملأوا الدنيا تشنيعاً عليه، وتقبيحاً لما صدر منه. مع أننا لا نجد أحداً تفوه ببنت شفة في هذا المجال..
ثالثاً: إن النصوص مختلفة في نسبة هذا الأمر إليه "عليه السلام"، بل في بعضها تصريح بما يكذِّب هذه النسبة من أساسها..
فقد أظهرت النصوص: أن اعتراض سهيل بن عمرو قد أثار حفيظة المسلمين، حتى أمسك بعضهم يد علي "عليه السلام"، ومنعه من الكتابة.
وفي بعضها ما يفيد: أن سهيلاً قد وجه طلبه بمحو تلك الكلمات إلى علي نفسه، فرفض علي "عليه السلام" طلب سهيل، لا طلب رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فما كان من النبي "صلى الله عليه وآله" إلا أن بادر وطلب من علي "عليه السلام" أن يضع يده على الكلمة، حسماً للنزاع بين علي "عليه السلام" وسهيل، وإعزازاً منه "صلى الله عليه وآله" لعلي. حيث لم يشأ أن يكسر كلمته أمام عدوه([128]).
وقد صرح علي "عليه السلام": بأن المشركين هم الذين راجعوه في هذا الأمر([129]).
بل في بعض النصوص: أن علياً "عليه السلام" هو الذي محاها، وقال للنبي "صلى الله عليه وآله": لولا طاعتك لما محوتها([130]).
والصورة التي يمكن استخلاصها من النصوص هي:
أن النزاع قد اشتد بين علي "عليه السلام" وسهيل بن عمرو، وأن علياً "عليه السلام": قد محا ?بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ?، وكتب باسمك اللهم. طاعة لرسول الله "صلى الله عليه وآله" وقال له: لولا طاعتك لما محوتها.
ثم اشتدت المنازعة بين الصحابة وبين سهيل، وأخذوا بيد علي "عليه السلام". ورفض علي "عليه السلام" ما طلبه منه سهيل أيضاً، وما جادله فيه، حتى تدخَّل النبي "صلى الله عليه وآله"، مؤثراً الحفاظ على قوة موقف علي "عليه السلام"، فطلب منه أن يضع يده على الكلمة فوضعها، فمحاها "صلى الله عليه وآله" بيده.
ولو أنه "صلى الله عليه وآله" طلب محوها من علي "عليه السلام" لما تأخر في إطاعة أمره، ولم يكن "عليه السلام" ليطيع أمراً لرسول الله "صلى الله عليه وآله" أولاً، ثم يقول له : "لولا طاعتك لما محوتها"، ثم يعصيه بعد لحظة. فإن الطاعة إذا كانت تدعوه لمحو الأولى، فلا بد أن تدعوه لمحو الثانية.. خصوصاً إذا كان ذلك في مجلس واحد.
ومن الواضح: أن محو كلمة "رسول الله" ليس فيه إنكار لرسوليته "صلى الله عليه وآله"، كما أن محو كلمة ?بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ? لا يلزم منه إنكار رحمانية الله، ورحيميته تبارك تعالى.
بل لا يتعدى الأمر حدود تسجيل ذلك على ورقة بينه وبين عدوه، أو عدم تسجيله عليها..
فلا معنى للتحرج من محو كلمة "رسول الله" وعدم التحرج من محو كلمتي ?الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ?.
رابعاً: إن من المعلوم: أن الأمر بشيء إذا جاء بعد الإلزام به، يفيد مجرد رفع الإلزام، والأمر ههنا من هذا القبيل، فقد كان إملاء النبي "صلى الله عليه وآله" ملزماً لعلي "عليه السلام" ولغيره بحفظ ما أمر بكتابته وعدم محوه حتى لو طلب ذلك منه من هو مثل سهيل بن عمرو..
ولكن بعد أن احتدم الجدال بين علي "عليه السلام" والمسلمين من جهة، وبين سهيل بن عمرو من جهة أخرى، بادر النبي "صلى الله عليه وآله" إلى رفع الحظر، وإزالة الإلزام بالأمر، وصار بالإمكان التخلي عن ذلك النص، وبالإمكان إبقاؤه، وأصبح الأمر موكولاً إلى الكاتب نفسه. ثم إنه "صلى الله عليه وآله" بادر إلى رفع الحرج بأن وضع يده الشريفة على الكلمة ومحاها إعزازاً لعلي "عليه السلام" وتعلية لشأنه كما قلنا.
استنطاق النصوص:
وقد قلنا: إن النصوص لم تأت على نسق واحد:
1 ـ فبعضها سكت عن التصريح بهذا الأمر، وذكر أنه "عليه السلام" قد كتب ما طلبه منه رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فقد روى ابن حبان وغيره: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قال بعد اعتراض سهيل: "اكتب محمد بن عبد الله، وسهيل بن عمرو، فكتب: هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو".
وقريب من ذلك أيضاً: روي عن الإمام الصادق "عليه السلام"([131]).
والنصوص التي ذكرت القضية، وذكرت: أن النبي "صلى الله عليه وآله" أمر علياً "عليه السلام" بكتابة اسمه مجرداً، ولم تشر إلى أي تمنُّعٍ من علي "عليه السلام" رواها كثير من المؤرخين، مثل اليعقوبي، وابن كثير وغيرهما، والرواة، مثل: الزهري ، وابن عباس، وأنس بن مالك، وحتى مروان بن الحكم، والمسور بن مخرمة، وهو المروي أيضاً عن علي أمير المؤمنين "عليه السلام" نفسه([132]).
2 ـ هناك نصوص صرحت: بأن بعض المسلمين قد أمسكوا بيد علي "عليه السلام"، ومنعوه من الكتابة.
ولهذا قوَّى بعضهم: احتمال أن يكون قوله "عليه السلام" لرسول الله "صلى الله عليه وآله": إن يدي لا تنطلق بمحو اسمك من النبوة.
يريد به: لا تنطلق بسبب إمساكهم.
فبعد أن ذكر النص اعتراضات سهيل أولاً.
وثانياً قال: "فضج المسلمون منها ضجة هي أشد من الأولى، حتى ارتفعت الأصوات، وقام من أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" يقولون: لا نكتب إلا: محمد رسول الله".
فعن واقد بن عمرو قال: "حدثني من نظر إلى أسيد بن حضير، وسعد بن عبادة، أخذا بيد الكاتب فأمسكاها، وقالا: لا نكتب إلا: محمد رسول الله، وإلا فالسيف بيننا، علام نعطي الدنية في ديننا؟!
فجعل رسول الله "صلى الله عليه وآله" يخفضهم، ويومئ بيده إليهم: اسكتوا. وجعل حويطب يتعجب مما يصنعون، ويقبل على مكرز بن حفص، ويقول: ما رأيت قوماً أحوط لدينهم من هؤلاء القوم الخ.."([133]).
الحدث مستعار بكامل تفاصيله:
وبعد، فهل يمكننا أن نقول: إن هذا الحدث قد استعير بكامل تفاصيله من قضية أخرى؟
نعم.. لقد استعاروها بهدف إثارة الشبهات والتساؤلات حول أقدس شخصية بعد الرسول "صلى الله عليه وآله"!!
والحدث الذي نعنيه هو:
أن تميم بن جراشة قدم على رسول الله "صلى الله عليه وآله" في وفد ثقيف، فأسلموا، وسألوه أن يكتب لهم كتاباً فيه شروط، فقال: اكتبوا ما بدا لكم، ثم إيتوني به.
فأتوا علياً "عليه السلام" ليكتب لهم.
قال تميم: "فسألناه في كتابه: أن يحلّ لنا الربا والزنى. فأبى علي رضي الله عنه أ ن يكتب لنا.
فسألناه خالد بن سعيد بن العاص.
فقال له علي: تدري ما تكتب؟!
قال: أكتب ما قالوا، ورسول الله أولى بأمره.
فذهبنا بالكتاب إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال للقارئ: اقرأ.. فلما انتهى إلى الربا قال: ضع يدي عليها في الكتاب. فوضع يده، فقال: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ? الآية([134]).. ثم محاها.
وألقيت علينا السكينة، فما راجعناه.
فلما بلغ الزنى وضع يده عليها، وقال: ?وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً? الآية([135])، ثم محاه. وأمر بكتابنا أن ينسخ لنا"([136]).
من أسباب التزوير:
وأما دوافع إثارة بعض الشبهات حول طاعة أمير المؤمنين "عليه السلام" لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، فيمكن أن يكون منها ما يلي:
1 ـ إن النصوص التي ذكرت هذه القضية قد صرحت: بأن النبي "صلى الله عليه وآله" حين أمر علياً "عليه السلام" بمحو ما كتب، قال له: أما إن لك مثلها، وستأتيها وأنت مضطر.
أو قال له: اكتب، فإن لك مثلها، تعطيها، وأنت مضطهد مقهور. فكتب ما قالوا([137]).
فلأجل الحفاظ على ماء وجه معاوية وحزبه الذين أصروا على محو كلمة "أمير المؤمنين" من وثيقة التحكيم، وظهر بذلك مصداق ما أخبر عنه رسول الله "صلى الله عليه وآله"، كان لا بد من إثارة أجواء من الريب والشك في علي نفسه، من أجل أن يخف وقع وأثر هذا الأمر على الناس.
2 ـ إن نفس الطعن بقداسة علي "عليه السلام"، وفي عصمته، والحط من مقامه، والنيل منه، وابتذال شخصيته، ونسبة الرذائل والمعاصي إليه، وتصغير شأنه، حتى يصبح كسائر الناس العاديين، أمر مطلوب، ومحبوب لأعدائه، ومناوئيه. وبذلك تضعف حجة الطاعنين في مناوئيه، ويخرج أتباعهم من الإحراجات القوية التي تواجههم.
3 ـ تكريس أبي بكر على أنه الرجل المميز بين جميع الصحابة، الذي كان يرى في الحديبية رأي رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ويدعو الناس للقبول منه، والتسليم له..
قال دحلان: "..ولم يكن أحد في القوم راضياً بجميع ما يرضى به النبي "صلى الله عليه وآله"، غير أبي بكر الصديق (رض)، وبهذا يتبين علو مقامه. ويمكن أن الله كشف لقلبه، وأطلعه على بعض تلك الأسرار التي ترتبت على ذلك الصلح، كما أطلع على ذلك النبي "صلى الله عليه وآله"، فإنه حقيق بذلك (رض)، كيف وقد قال النبي "صلى الله عليه وآله": والله، ما صب الله في قلبي شيئاً إلا وصببته في قلب أبي بكر"([138]).
4 ـ إن هذه المزاعم بجعل علي وعمر في سياق واحد، من حيث إن هذا يشك في دينه في الحديبية، وذاك يعصي أوامر الرسول الأكرم "صلى الله عليه وآله".
من شأنها أن توجد حالة من التوازن، ثم ترجح كفة الفريق الآخر من حيث جعل أبي بكر فوق الجميع، بل هو في مستوى رسول الله "صلى الله عليه وآله".
لك مثلها يا علي:
وقد قلنا: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد قال لعلي في الحديبية: لك مثلها، تعطيها، وأنت مضطهد، أو مضطر..
وظهر مصداق قوله "صلى الله عليه وآله" في حرب صفين، وذلك حينما أخذوا بكتابة كتاب الموادعة، فابتدأوا فيه بعبارة:
هذا ما تقاضى عليه علي أمير المؤمنين ومعاوية بن أبي سفيان..
فقال معاوية: بئس الرجل أنا إن أقررت: أنه أمير المؤمنين ثم قاتلته.
وقال عمرو: لا بل نكتب اسمه، واسم أبيه، إنما هو أميركم، فأما أميرنا فلا.
فلما أعيد إليه الكتاب أمر بمحوه. فقال الأحنف: لا تمح اسم إمرة المؤمنين عنك؛ فإني أتخوف، إن محوتها أن لا ترجع إليك أبداً، فلا تمحها.
فقال "عليه السلام": إن هذا اليوم كيوم الحديبية، حين كتب الكتاب عن رسول الله "صلى الله عليه وآله": هذا ما تصالح عليه محمد رسول الله "صلى الله عليه وآله" وسهيل بن عمرو. فقال سهيل: لو أعلم أنك رسول الله لم أقاتلك ولم أخالفك، إني لظالم لك إن منعتك أن تطوف بيت الله، وأنت رسوله، ولكن اكتب: من محمد بن عبد الله..
فقال لي رسول الله "صلى الله عليه وآله": يا علي، إني لرسول الله، وأنا محمد بن عبد الله، ولن يمحو عني الرسالة كتابي لهم: من محمد بن عبد الله، فاكتبها، فامح ما أرادوا محوه، أما إن لك مثلها، ستعطيها وأنت مضطهد([139]).
ضع يدي عليها:
وقد ذكرت المصادر المتقدمة: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قال لعلي "عليه السلام": ضع يدي عليها (أي على كلمة رسول الله)، فوضعها عليها، فمحاها "صلى الله عليه وآله" بيده([140]).
فقد يظن ظان: أن هذا يدل على أنه "صلى الله عليه وآله" لا يعرف القراءة..
ويؤيد ذلك أيضاً: الرواية المتقدمة عن الكتاب الذي كتبه "صلى الله عليه وآله" لتميم بن جراشة ووفد ثقيف..
ونقول:
أولاً: إن قوله "صلى الله عليه وآله": ضع يدي عليها، لا يدل على أنه لا يعرف القراءة، إذ قد يكون مجلسه "صلى الله عليه وآله" بعيداً عن مجلس علي "عليه السلام"، فيقول له من بعيد: ضع يدي على الكلمة الفلانية، لأنه "عليه السلام" هو المتمكن من قراءتها دونه "صلى الله عليه وآله"..
ولو قيل: لماذا لا يستعمل النبي "صلى الله عليه وآله" قدرته الغيبية والإعجازية في هذا المورد؟!
فالجواب: أن الإعجاز، وإعمال القدرات الغيبية تابع لمصالح يعرفها النبي "صلى الله عليه وآله" دوننا، فلا بد من التسليم له، وإيكال الأمر إليه..
ثانياً: قد روى البخاري ما جرى في الحديبية، فقال: "فأخذ رسول الله الكتاب، فكتب: هذا ما قاضى محمد بن عبد الله الخ.."([141]).
وفي نص آخر: "فأخذ النبي "صلى الله عليه وآله" الكتاب ـ وليس يحسن أن يكتب ـ فكتب مكان رسول الله: هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله: أن لا يدخل الخ.."([142]).
فقد دلت هاتان الروايتان على: أن النبي "صلى الله عليه وآله" هو نفسه الذي كتب ما أراده.
ودلت الرواية الثانية على: أن ذلك قد كان منه "صلى الله عليه وآله" على سبيل الإعجاز، ويمكن تأييد هاتين الروايتين بما روي عن علي "عليه السلام": أنه قال للخوارج، وهو يذكر لهم ما جرى في الحديبية: "قالوا: لو نعلم أنك رسول الله ما قاتلناك، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك.
فقال: اللهم إنك تعلم أني رسولك..
ثم أخذ الصحيفة فمحاها بيده، ثم قال: يا علي، اكتب هذا ما صالح عليه الخ.."([143]).
ثالثاً: قد تقدم: أن هناك ما يدل على أن حديث امتناع علي "عليه السلام" عن محو الكلمة إنما كان في مقابل سهيل، ولكنه لما قال له النبي "صلى الله عليه وآله": اكتب.. بادر إلى الكتابة، ولم يعص أمره "صلى الله عليه وآله"..
وهذا معناه: أن قوله "صلى الله عليه وآله": ضع يدي عليها يصبح موضع شك من الأساس.. خصوصاً مع اختلاف نصوص هذه القضية إلى درجة تمنع الباحث من الاعتماد عليها.
رابعاً: إن هناك شواهد وأدلة كثيرة على: أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان يعرف القراءة والكتابة.. فلاحظ ما سنذكره فيما يلي:
النبي ' يقرأ ويكتب:
قد يقال: انه "صلى الله عليه وآله" لم يكن يعرف القراءة والكتابة ويستدل على ذلك بدليلين:
الأول: ولا تخطه بيمينك:
قوله تعالى: ?وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لاَرْتَابَ المُبْطِلُونَ?([144])، حيث دلت على عدم معرفة النبي للقراءة والكتابة.
ونقول:
إن الاستدلال بالآية: لا يصح لأنها إنما تدل على أنهم كانوا يعلمون أنه لم يتعلم القراءة والكتابة عند أحد قبل أن يبعث، وأنه لم يكن يقرأ كتباً، ولا كتب شيئاً منها، أو عنها..
وهذا لا يمنع من أن يبعثه الله نبياً فيفاجئهم بعلوم الأولين والآخرين، وهو لم يطلع على كتب أحد..
ويفاجئهم بأنه في نفس هذه اللحظة قد أصبح يعرف القراءة والكتابة بكل الألسن واللغات، ومن جملتها منطق الطير، وتسبيح الحصى، وغير ذلك مما ذكر في الروايات الآتية. هذا.. مع علمهم به، ومشاهدتهم له، وعيشهم معه طيلة حياتهم، بصورة جعلتهم عالِمين بعدم اتصاله بأحد، وأنه لم يتعلم شيئاً عند أي كان من الناس..
فطريق حصوله على المعارف والعلوم منحصر بالطريق الغيبي والوحي، وسيكون هذا الأمر من أظهر الشواهد على نبوته، واتصاله بالغيب.
فيقينهم بعدم تعلمه القراءة والكتابة قبل النبوة عند أحد الملازم بنظرهم لعدم معرفته بهما، وسام عظيم له. وهو خير وأوضح دليل على نبوته، ولكن علمهم باستمرار عجزه عن القراءة والكتابة حتى بعد النبوة، سيجعلهم ينظرون له بعين النقص، وسيرى الكتّاب والعارفون بالقراءة أن لهم عليه امتيازاً وفضلاً ظاهراً..
وسيكون علمه بالقراءة والكتابة بصورة إعجازية وعن طريق جبرائيل أدعى للطمأنينة، وأوفق وأشد أثراً في رسوخ اليقين والإيمان.
الثاني: النبي الأمي:
إن الآيات القرآنية قد وصفت النبي "صلى الله عليه وآله" بالأمي، قال تعالى:
?الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ?([145]).
وقال: ?فَآمِنُوا بِاللَهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِالله?([146]).
والأمي هو الذي بقي كما ولدته أمه، لا عهد له بعلم، ولا بقراءة، ولا كتابة.
ونقول في جوابه:
ألف: إن نفس ما أوردناه لرد الاستدلال بالآية السابقة يرد به الاستدلال بهذه الآية.
وأما وصفه بالأمية واعتبارها وساماً له، فإنما هو بلحاظ أنه لم يتعلم عند أحد، فهو أمي بهذا الإعتبار، أو بلحاظ أنه لم يتعلم عند أحد، فهو أمي بهذا الإعتبار، أو بلحاظ ما قبل البعثة، أما بعدها فلعل العكس هو الصحيح، أي أن استمرار الأمية هو الذي يعد نقصاً بنظر الناس.
ب: إن كلمة أمي كما تأتي بمعنى من لا يعرف القراءة والكتابة، كذلك هي تأتي لبيان الانتساب إلى أم القرى، وهي مكة. وسيأتي عن أبي جعفر "عليه السلام" أن المقصود بالأمي هو هذا المعنى..
ولهذه الكلمة أيضا معانٍ أُخَر، لا تلائم معنى عدم معرفته القراءة والكتابة، مثل كونه منسوباً إلى أمة لم تنزّل عليها كتب سماوية، ونحو ذلك.
ما يقوله علماءنا:
وبعد، فإننا إذا رجعنا إلى ما قاله علماؤنا الأبرار فسنجد أن عدداً منهم "رضوان الله تعالى عليهم" يصرح بأنه "صلى الله عليه وآله" كان يعرف القراءة والكتابة بعد بعثته، ويظهر من الشيخ الطوسي أن هذا هو مذهب علمائنا كافة، فقد قال رحمه الله:
"..والنبي "عليه السلام" ـ عندنا ـ كان يحسن الكتابة بعد النبوة، وإنما لم يحسنها قبل البعثة"([147]).
وقال السيد جواد العاملي: "والنبي معصوم مؤيد بالوحي. وكان عالماً بالكتابة بعد البعثة، كما صرح به الشيخ، وأبو عبد الله الحلي، واليوسفي، والمصنف في التحرير. وقد نقل أبو العباس، والشهيد في النكت، عن الشيخ، وسبطه أبي عبد الله الحلي الساكتين عليه.."([148]).
فالشيخ الطوسي، قد أوضح لنا: أن القول بأنه "صلى الله عليه وآله" كان يقرأ ويكتب هو قول أصحابنا من الشيعة.. كما أن العاملي قد بين أن عدداً من علمائنا الكبار قد صرح بهذا الأمر، وسكت عنه آخرون.
ونقول:
إن ما نستفيده من الروايات والشواهد الكثيرة: أن النبي نبي منذ ولد، وأنه كان قادراً على القراءة والكتابة قبل بعثته كرسول، وبعدها.
وستأتي الروايات الدالة على الأمر الثاني، أما الروايات الدالة على نبوته قبل بعثته فيمكن مراجعتها في كتب الحديث عند السنة والشيعة.
ولكن السياسة الإلهية، القاضية بتيسير الهداية للناس قد قضت بأن لا يمارس ذلك بصورة فعلية قبل البعثة، وبيان ذلك:
أولاً: إذا تحقق للناس: أنه "صلى الله عليه وآله" لم يتعلم القراءة والكتابة قبل البعثة عند أحد، ثم رأوا: أنه بعد البعثة قادر على ذلك كأفضل ما يكون، فسوف يدركون: أن ذلك حصل له بالإقدار الإلهي، وبذلك تقوم الحجة عليهم، ولا يبقى عذر لمعتذر.
وهكذا يقال: بالنسبة لمعرفته بعلوم الأولين والآخرين، وسواها مما يعجز البشر عن نيله، مع أنهم يرون أنه لم يقرأ في كتاب، ولم يدرس عند أحد.
والخلاصة: أن ظهور قدرته لهم على القراءة والكتابة، ومعرفته بجميع هذه العلوم، مع عدم تلقيه شيئاً من العلوم من أي معلم سيكون من دلائل نبوته للبشرية جمعاء.
ولا ضرورة بعد ذلك إلى أن يبقى ـ كما يزعمون ـ عاجزاً عن القراءة والكتابة، مع معرفة الآخرين بها، فإن ذلك قد يثير لديهم الإحساس بأن ثمة نقصاً وعيباً في شخصيته، وقد ثبت بالبراهين العقلية والنقلية أنه منزه عن كل عيب ونقص..
ثانياً: إن القراءة والكتابة لا تقصد لذاتها، وإنما هي من العلوم الآلية التي تقصد إلى غيرها ونيل المعارف عن طريقها..
فإذا كانت المعارف والعلوم حاضرة لدى الرسول "صلى الله عليه وآله" ويراها رأي العين، وهو يخبرهم بها، ويرون صدقه بصدقها، فإن البحث عن وسيلة أخرى عاجزة إلا عن إحضار خيالها، وصورتها لديه لا أكثر([149])، يصبح سفهاً غير مقبول.. ويكون بذلك كالذي يجد حبيبه إلى جنبه، ثم يطلب النوم لعله يرى خياله في عالم الرؤيا.
ومن المعلوم: أنه ليس كل عدم نقصاً، وليس كل وجدان كمالاً..
فإن معرفتنا نحن بالأمور والعلم بها كمال بالنسبة لنا، فإذا توقف ذلك على امتلاك آلات وأدوات، فإن حصولنا على العلوم الآلية والأدوات الموصلة لها كمال لنا أيضاً، وفقدانها نقص، لأنه يوجب حرماننا من كثير من المعارف التي نعجز عن الوصول إليها بدونها.
أما إذا كانت المعارف حاضرة بنفسها لدى العالم، ولا يحتاج إلى تلك الآلات الموصلة، كان ذلك عين الكمال.. ولا يكون فقدانه للآلات الموصلة نقصاً له، بل يكون حضورها لديه بلا فائدة ولا عائدة هو السفه والنقص.
فمن يستطيع الوصول إلى أي مكان في العالم بمجرد إرادته، فإن ركوبه للدابة، والسعي إلى ذلك المكان، وتحمل المتاعب، وصرف الساعات والأيام، أو الأشهر في الطريق، يعد سفهاً.
ولا يعد عدم اقتنائه للدابة أو السيارة عيباً ولا نقصاً، ما دام أنه لا لأجل عجزه عن الاقتناء، بل لغناه عنها مع توفر القدرة عليها في كل حين.
وهذا هو حال الأنبياء والأوصياء "عليهم السلام" في ما يرتبط بعلومهم، فهم يعلمون بالأمور من خلال حضورها عندهم، ورؤيتهم لها بما أعطاهم الله إياه من تفضلات ومزايا، فلا يحتاجون إلى قراءة النقوش المكتوبة ليمكنهم الحصول على صورة ذهنية لها، وهذا هو عين الكمال لهم، وسواه هو النقص.
ثالثاً: إن هناك أدلة من كلام المعصومين "عليهم السلام"، وشواهد أخرى، تدل على أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان يعرف القراءة والكتابة، فلاحظ ما يلي:
ألف: النبي ' كان يقرأ:
إننا نذكر من الشواهد الدالة على أنه "صلى الله عليه وآله" كان يقرأ ما يلي:
1 ـ ما رواه الشعبي من أنه "صلى الله عليه وآله" قد قرأ صحيفة لعيينة بن حصن، وأخبر بمعناها([150]).
2 ـ عن أنس قال: قال "صلى الله عليه وآله": رأيت ليلة أسري بي مكتوباً على باب الجنة: الصدقة بعشر أمثالها، والقرض بثمانية عشر([151]). فإن المتبادر هو: أنه "صلى الله عليه وآله" قد قرأ هذا المكتوب بنفسه، لا أنه قد علم بمضمونه من غيره.
ب: النبي ' كان يكتب:
ومن الشواهد الدالة على أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان يقرأ ويكتب نذكر:
1 ـ ما رواه الصدوق "رحمه الله" بسنده عن جعفر بن محمد الصوفي، عن أبي جعفر الجواد "عليه السلام" وفيه: "فقلت: يا ابن رسول الله، لم سمي النبي الأمي؟!
فقال: ما يقول الناس؟
قلت: يزعمون: أنه إنما سمي الأمي؛ لأنه لم يحسن أن يكتب.
فقال "عليه السلام": كذبوا عليهم لعنة الله، أنّى ذلك، والله يقول في محكم كتابه: ?هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ?([152]).
فكيف كان يعلِّمهم ما لا يحسن؟. والله، لقد كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" يقرأ ويكتب باثنين وسبعين لساناً، أو قال: بثلاثة وسبعين لساناً، وإنما سمي الأمي، لأنه كان من أهل مكة. ومكة من أمهات القرى، وذلك قول الله عز وجل: ?لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا?"([153]).
والرواية تشير إلى أمر الإعجاز في هذا الأمر.
2 ـ عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: قال أبو عبد الله "عليه السلام": إن النبي "صلى الله عليه وآله" كان يقرأ ويكتب، ويقرأ ما لم يكتب([154]).
وأما الحديث الذي يقول: إنه "صلى الله عليه وآله" كان يقرأ ما يكتب، فهو لا يريد نفي الكتابة عنه "صلى الله عليه وآله"، بل كلمة "ما" مفعول به ليقرأ. أي أنه يقرأ الذي يكتب.
وأما ما ورد في كثير من المصادر عن أبي عبد الله "عليه السلام": أن الرسول "صلى الله عليه وآله" كان يقرأ ولا يكتب.
فالمراد به: أنه كان يمارس القراءة، ولا يمارس الكتابة، وإن كان قادراً عليها.
قال المجلسي: كان يقدر على الكتابة، ولكن كان لا يكتب لضرب من المصلحة.
3 ـ روى الصدوق بسنده عن علي بن أسباط وغيره، رفعه عن أبي جعفر "عليه السلام" قال: قلت: إن الناس يزعمون: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" لم يكتب ولا يقرأ.
فقال: كذبوا لعنهم الله أنّى يكون ذلك، وقد قال الله عز وجل: ?هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ?([155]).
فكيف يعلِّمهم الكتاب والحكمة وليس يحسن أن يقرأ ويكتب؟!
قال: فَلِمَ سمي النبي الأمي؟
قال: لأنه نسب إلى مكة، وهو قول الله عز وجل: ?لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا?، فأم القرى مكة، فقيل أمي لذلك([156]).
4 ـ وعن الشعبي أنه قال: ما مات النبي "صلى الله عليه وآله" حتى كتب([157]).
وقال المجلسي: قال الشعبي وجماعة من أهل العلم: ما مات رسول الله "صلى الله عليه وآله" حتى كتب وقرأ.
وقد اشتهر في الصحاح وكتب التواريخ قوله "صلى الله عليه وآله": إيتوني بدواة وكتف أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً([158]).
ونقول:
إن استدلاله "رحمه الله" بالفقرة الأخيرة غير خال عن النظر والمناقشة، فإن قوله: أكتب لكم يتلاءم مع أمره لبعض من حضر بذلك.. ومع توليه الكتابة بنفسه أيضاً..
5 ـ ونقل السيوطي عن أبي الشيخ، من طريق مجالد، قال: حدثني عون بن عبد الله بن عتبة, عن أبيه قال: ما مات النبي "صلى الله عليه وآله" حتى قرأ وكتب. فذكرت هذا الحديث للشعبي.
فقال: صدق. سمعت أصحابنا يقولون ذلك([159]).
6 ـ عن أبي عبد الله "عليه السلام" قال: "كان علي "عليه السلام" كثيراً ما يقول: اجتمع التيمي والعدوي عند رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وهو يقرأ: ?إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ? بتخشع وبكاء، فيقولان:
ما أشد رقَّتك لهذه السورة.
فيقول رسول الله "صلى الله عليه وآله": لما رأت عيني، ووعى قلبي، ولما يرى قلب هذا من بعدي.
فيقولان: وما الذي رأيت، وما الذي يرى؟!
قال: فيكتب لهما في التراب: تنزل الملائكة والروح الخ..([160]).
فإن ظاهر هذه الرواية: أنه "صلى الله عليه وآله" قد مارس الكتابة فعلاً..
وقد ظهر مما تقدم: أنه لا مجال للقول: بأنه "صلى الله عليه وآله" لم يكن يقرأ ويكتب. وأن الصحيح هو خلاف ذلك، سواء قبل بعثته "صلى الله عليه وآله" أم بعدها.
ولكن ذلك قد كان بصورة إعجازية، على النحو الذي أوضحناه فيما تقدم.
الفصل الرابع:
تبرئة المذنب..
استدراج مدروس:
والمراقب لسير الأحداث في كتابة وثيقة الصلح يلاحظ:
1 ـ أن النبي "صلى الله عليه وآله" في كتابته القضايا كان ضمن خطة أراد لها أن تنتهي إلى نتائج محددة، فهو يكتب: ?بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ? مع أنه يتوقع الاعتراض عليها من قبل سهيل بن عمرو وقد حدث ذلك فعلاً..
ثم كان طبيعياً أن تثور ثائرة المسلمين الذين لا يرضون بكسر كلمة نبيهم، ولا سيما في أمر لا ينبغي أن يعارضه المشركون فيه.. فإن كلمة "باسمك اللهم" لا تتعارض مع ما كتبه رسول الله "صلى الله عليه وآله"، كما أن ما كتبه الرسول "صلى الله عليه وآله" ليس أمراً غريباً عن ذهنية الناس بالنسبة لما يصح نسبته إلى الله من صفات.
وكان قبول النبي "صلى الله عليه وآله" بما طلبه منه سهيل بن عمرو له دلالتان:
إحداهما: أنها جسدت هذه المرونة التي لديه "صلى الله عليه وآله"، حيث ظهر: أنه "صلى الله عليه وآله" على استعداد للقبول بكل ما فيه تعظيم للبيت، وحقن للدماء، إذا لم يكن فيه تفريط بحقائق الدين.
والثانية: أن يقبل أصحابه بهذا التراجع الذي يهيئهم لمواجهة ما هو أشد عليهم وأقسى، كما سنرى..
2 ـ ثم إنه "صلى الله عليه وآله" يكتب في الفقرة الثانية كلمة "رسول الله" مع أنه كان بإمكانه الاكتفاء بكلمة "محمد بن عبد الله"، فلو أنه فعل ذلك، فلن يخطر ببال سهيل بن عمرو: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أغفل أمراً هاماً، ثم أن يحتمل كون سبب إغفاله هذا هو تنازله عنه، أو أنه أصبح أمراً ثانوياً عنده، أو أصبحت له أهداف أخرى، قد تكون هي الأولى عنده..
3 ـ ثم جاءت المفاجأة الأكبر والأخطر، والتي حاول البعض ـ وهو عمر بن الخطاب بالذات ـ أن يثير من أجلها عاصفة من التحدي لشخص رسول الله "صلى الله عليه وآله"، إلى حد التفكير بقيادة حركة تمرد ضده "صلى الله عليه وآله"، كما صرح به عمر نفسه، وذلك لأنه اعتبر أنه "صلى الله عليه وآله" قد أعطى الدنية في دينه، ورضي بها.
فكان ذلك سبباً في ظهور ما كان خافياً على كثيرين فيما يتعلق بطبيعة علاقة عمر بالنبي "صلى الله عليه وآله"، ومناحي توجهاته الفكرية، ونظرته العقائدية للرسول الأعظم "صلى الله عليه وآله"..
لا نعطي الدنية في ديننا:
قلنا: إن النبي "صلى الله عليه وآله" كان يسوق الناس باتجاه تلمُّس الرعاية الإلهية لهم، ولطف الله تعالى بهم، وإفهامهم أن كل ما يجري لهم وعليهم إنما هو بعين الله سبحانه.. وقد توالت الدلالات، للمعجزات والكرامات التي كان "صلى الله عليه وآله" يتعمد إظهارها لهم.
ولكنه كان في مقابل ذلك يريد رفع مستوى الوعي لديهم، من خلال التعامل مع القضايا بواقعية، وبدقة، بالإضافة إلى زيادة درجة التحمل والصبر حين يواجهون القضايا المصيرية في مفاصلها الدقيقة والحساسة والضاغطة على المشاعر والأحاسيس..
وقد كان إخباره "صلى الله عليه وآله" لأصحابه بأنهم سوف يدخلون المسجد الحرام هو أحد مفردات هذه السياسات الرائعة، حيث إنه "صلى الله عليه وآله" اكتفى ببيان بعض جوانب هذا الأمر، وهو: أن هذا الدخول سوف يحصل، وسكت عن جانب آخر، وهو: أن هذا الدخول لن يكون في هذه السنة. وترك أمر معالجة هذا الجانب المسكوت عنه للناس أنفسهم، ففهمه الأكثرون منهم بطريقة غير سليمة، وانساقوا وراء فهمهم هذا، وظهرت منهم المواقف المتوافقة مع فهمهم الخاطئ هذا.
لقد فهموا: أنهم سيدخلون مكة في نفس تلك السنة، وينحرون بُدُنَهم، ويتمون فيها نسكهم..
واعتبروا: أن الرجوع من دون ذلك تكذيب للرسول "صلى الله عليه وآله"، ولكن عمر بن الخطاب قال في ذلك فأكثر، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": إنما قلت: ندخل مكة، ولم أقل في هذه السنة، حتى يكون الرجوع تكذيباً([161]).
شك عمر في النبوة:
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تابع هؤلاء مسيرتهم في هذا الاتجاه، وتجاوز بعضهم حدود الاعتراض إلى حدود الشك في النبوة، حتى لقد نقل المؤرخون، عن عمر، أنه قال: "إني شككت في يوم الحديبية في النبوة. وتكلمت بما أخاف منه، وأتصدق، وأصلي كي تكون كفارة لذلك".
وقال عمر: "لو أن معي أربعين رجلاً لخالفته"([162]).
وفي بعض الروايات: لو وجد مائة رجل.
أو قال: لو وجدت أعواناً لخالفت رسول الله "صلى الله عليه وآله" في كتابة الصلح.
وقالوا: "أنكر عليه عامة أصحابه، وأشد ما كان إنكاراً عمر".
وقال عمر في خلافته: "ارتبت ارتياباً لم أرتبه منذ أسلمت إلا يومئذٍ، ولو وجدت ذلك اليوم شيعة تخرج عنهم رغبة عن القضية لخرجت"([163]).
وكثر الضجيج وعلت الأصوات، وطال جدالهم وأشاروا إلى السيوف، وكادت الفتنة أن تقع، وكان الرسول "صلى الله عليه وآله" يسكنهم، ويهدئ من روعهم.
وقد حاول بعضهم: أن يعتبر ذلك دليل صلاح لدى هؤلاء، وعنوان إخلاصهم لهذا الدين، وغيرتهم عليه.. وأنهم رأوا في هذا الصلح ما حسبوه دنية، وعاراً، فلم يطيقوه، وظهر منهم ما ظهر، وبدر من بعضهم ما بدر.
ونقول:
أولاً: إن من يؤمن بنبوة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فلا بد أن يصوِّبه في جميع ما يقول ويفعل، فيعتبر أنه لا يفعل إلا ما يرضي الله سبحانه، والله لا يرضى للمؤمن الذل بل يريده قوياً وعزيزاً، بل هو لا يرى العزة إلا لأهل الإيمان.
قال تعالى: ?وَلِلهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ..?([164]).
وقد روي عن الإمام الصادق "عليه السلام": أن الله سبحانه وتعالى قد فوض للمؤمن كل شيء إلا أن يذل نفسه([165]).
فهل يمكن أن يقال ـ بعد كل هذا ـ : إن النبي "صلى الله عليه وآله" قد رضي بالذل لأهل الإيمان وأعطى الدنية في دينه؟ وهل يمكن أن يكون قائل هذا النمط من الكلام تام الإيمان، عارفاً بحدوده واقفاً على حقائقه ودقائقه؟
ثانياً: إن النبي "صلى الله عليه وآله" لا يمكن أن يعطي الدنية، خصوصاً إذا كانت الدنية في الدين.. لأنه إن كان لم يدرك أن ما أعطاه دنية، وأدرك ذلك سائر الصحابة، فقد كان الآخرون أجدر منه بمقام النبوة..
ويزيد الأمر تعقيداً: أنه قد أصر على موقفه، رغم التنبيه الشديد، حتى لقد طال الجدال، وأشاروا إلى السيوف، وكادت الفتنة أن تقع..
فإن كان "صلى الله عليه وآله" عارفاً بأن ذلك دنية، وقد أقدم عليه، عن سابق تصميم وعزم، مع علمه بعدم رضا الله تعالى به.. فهو يخل بعصمته عن الذنب.
وإن كان لا يعلم أن الله لا يرضى به، فهو يخل بعصمته في وعي الأحكام وفي تبليغها، فإن قوله وفعله وتقريره حجة.
ثالثاً: إن النبي "صلى الله عليه وآله" قد صرح لعمر: بأنه ينفِّذ أمر الله تعالى، وأنه لو فعل خلاف ذلك لكان عاصياً له سبحانه، حيث قال له: ولن أعصيه([166]).
وفي نص آخر: لا أخالف أمره ولن يضيِّعني([167]).
وأنه مرعي من قبل الله سبحانه، حيث قال له: ولن يضيِّعني.
والسؤال هو: ما معنى إصرار عمر على موقفه؟! فهل هو يتهم النبي "صلى الله عليه وآله" ـ والعياذ بالله ـ بالكذب على الله تعالى، أو أنه يتهمه بالاشتباه في فهم مراد الله عز وجل من أوامره ونواهيه؟
والأدهى من ذلك: أنه يذهب إلى أبي بكر ويوجه له نفس الأسئلة، فهل كان أبو بكر أصدق من رسول الله "صلى الله عليه وآله"، أو أعرف منه عند عمر؟!
رابعاً: ومع غض النظر عما تقدم نقول: إنه قد يكون هناك أناس بسطاء، ينساقون مع حميتهم، ومع عصبياتهم، أو تثيرهم الشعارات، وتهزم ثباتهم، وتزلزل يقينهم الشبهات، فيعذرون في هذه الحماسة، وتغفر لهم هذه الاعتراضات من أجل ما علم من سلامة نيتهم، وطهر طويتهم..
ولكن حين يتصدى النبي "صلى الله عليه وآله" نفسه إلى تنبيههم وتذكيرهم والتصريح لهم: بأنه ملتفت إلى جميع الحيثيات والخصوصيات التي يثيرونها، وقد صرح لهم "صلى الله عليه وآله": بأنه إنما يعمل ما أراده الله منه، فإن الاستمرار في المعارضة، في هذه الحال، يصبح أمراً غير مقبول من أحد حتى من أمثال هؤلاء..
خامساً: والأنكى من ذلك: أن يبلغ الأمر ببعضهم حدَّ الإعلان عن استعداده لقيادة حركة تمرد ضد شخص رسول الله "صلى الله عليه وآله"، لو توفر له من يعينه على ذلك، مائة رجل تارة، وأربعون رجلاً أخرى([168]).
وهو يقصد بكلامه هذا أمراً عظيماً جداً وهائلاً، وهو أكثر وأخطر من مجرد الاستمرار بالمعارضة، فإن المفروض: أن أكثر الصحابة كانوا ثائرين معه، وكانوا يجادلون كما كان يجادل، فما الذي يريد منهم أكثر من ذلك، حتى ليتمنى أن يجد منهم أربعين رجلاً، ليعاونوه على القيام ضد الرسول "صلى الله عليه وآله" بالذات؟!
سادساً: ما هذه الجرأة من الصحابة على مقام الرسول "صلى الله عليه وآله"؟!
ولماذا الضجيج وعلو الأصوات؟!
ولماذا يجهرون له بالقول كجهر بعضهم لبعض؟!
ولماذا يقدمون بين يدي الله ورسوله؟!
ولماذا يخفضهم النبي "صلى الله عليه وآله" ويسكنهم ولا يستجيبون له..
ألم يقل الله سبحانه وتعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ?؟!([169]).
وقال تعالى: ?..لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ..?([170]).
وقال تعالى لهم: ?..أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ..?([171]).
وقال: ?..وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا?([172]).
فلماذا لا يأتمرون بأمره، ولا ينتهون بنهيه؟!
سابعاً: لو عذرنا من أعلن بالاعتراض: بأنه قد ثارت حميته، وقاده عزه، وإباؤه، وشممه إلى اتخاذ هذا الموقف الحماسي الرافض، ولكن بماذا وكيف نعذر من أعلن أنه قد شك في دينه، وفي نبوة رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟!
وإذا كان هذا الشك قد حصل فعلاً، فكيف نطمئن إلى عودة اليقين إليه؟!.. والدخول في جملة المؤمنين أو المسلمين؟!..
ولو أن هذا اليقين قد عاد بالفعل، فما الذي يجعلنا نطمئن إلى أن أموراً أخرى لم تنقضه مرة بعد أخرى، ليحل الشك محله من جديد؟! خصوصاً مع التصريح: بأن شكه في الحديبية لم يماثله أي شك آخر منذ أسلم، فقد قال: "ارتبت ارتياباً لم أرتبه منذ أسلمت إلا يومئذٍ"([173]).
وهو كلام خطير جداً، حيث إنه يدل على كثرة ما عرض له من شكوك في دينه طيلة حياة الرسول "صلى الله عليه وآله"!! ولعل هذه الشكوك قد لاحقته بعد الحديبية أيضاً!! ولا ندري هل زالت عنه تلك الشكوك كلها؟! أم لا؟! كما أننا لا ندري لماذا سَهُل ورود هذه الشكوك على هذا الرجل دون سواه من سائر الصحابة؟!
إلا أن يقال: إن غيره كان يشك مثله، لكنه لم يملك شجاعة التصريح بذلك.
ولا ندري كذلك، إن كانت شكوكه قد بقيت في محيط حياة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، أم أنها قد راودته أيضاً بعد وفاته "صلى الله عليه وآله"؟!
وإذا كان ذلك قد حصل فعلاً فماذا كان مصيرها؟! وما الذي يضمن لنا أن تكون هذه الشكوك لم تلاحقه إلى آخر حياته أيضاً؟!
وكيف يمكن مقايسة هذا الرجل، بمن هو كالجبل الراسخ، الذي كان على بصيرة من أمره، وعلى بينة من ربه، حتى قال: "لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقيناً"؟!([174]).
وقال: "ما شككت في الحق مذ رأيته"؟!([175]).
فإن كل ما جرى من ضجيج وعجيج ومن وصول الأمر إلى حد الخطورة والفتنة يفيدنا في معرفة الدافع الحقيقي وراء بيعة الرضوان، فإن تجديد البيعة، كما أسلفنا، إنما يلجأ إليها عند الخوف من عدو داخلي، لا من عدو خارجي!!
شكوك عمر استمرت إلى الطائف:
روى عبد الرحمن بن سيابة والأجلح ـ جميعاً ـ عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله الأنصاري: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" لما خلا بعلي بن أبي طالب "عليه السلام" يوم الطائف، أتاه عمر بن الخطاب فقال: أتناجيه دوننا وتخلو به دوننا؟
فقال: "يا عمر، ما أنا انتجيته، بل الله انتجاه".
قال: فأعرض عمر وهو يقول: هذا كما قلت لنا قبل الحديبية: ?..لَتَدْخُلُنَّ المَسْجِدَ الحَرَامَ إِن شَاء اللهُ آمِنِينَ..? فلم ندخله وصددنا عنه، فناداه النبي "صلى الله عليه وآله": "لم أقل إنكم تدخلونه في ذلك العام"!([176]).
ونقول:
إن هذا الحديث قد تضمن أموراً عديدة، نكتفي منها بالإشارة إلى ما يلي:
1 ـ إن عمر بن الخطاب لا يزال يحمل في نفسه قضية الحديبية، معتبراً إياها مأخذاً على رسول الله "صلى الله عليه وآله".. حتى أصبح يقيس الأمور عليها..
2 ـ إن كـلامه يستبطن: اتهـام النبي "صلى الله عليه وآله" بالكذب والتدليس عليه وعلى المسلمين.
3 ـ إن جواب النبي "صلى الله عليه وآله" لعمر: "لم أقل إنكم تدخلونه في ذلك العام"، لم يكن قد سمعه منه لأول مرة، لأنه كان قد قاله لعمر بالذات في يوم الحديبية نفسه..
4 ـ إنه قد سبق للنبي "صلى الله عليه وآله" أن أحضر عمر في عمرة القضاء، وبيَّن له أنهم قد دخلوا مكة، وأن ما يجري في عمرة القضاء كان تصديقاً لما كان قد أخبرهم به عن دخول مكة.
استمرار شكوك عمر إلى حجة الوداع:
ويبدو أن شكوك عمر بن الخطاب قد استمرت إلى عام الفتح وكان "صلى الله عليه وآله" يسعى لإزالتها..
ولا ندري إن كان قد حصل ذلك أم لا؟!
فقد روي: أن النبي "صلى الله عليه وآله" لما كان عام الفتح أخذ المفتاح، وقال: ادعوا إلي عمر بن الخطاب، فقال: هذا الذي كنت قلت لكم([177]).
بل استمرت هذه الشكوك إلى حجة الوداع فقد ذكروا: أنه "لما كان في حجة الوداع وقف بعرفة، وقال: أي عمر، هذا الذي قلت لكم: إني رسول الله. والله، ما كان فتح في الإسلام أعظم من صلح الحديبية"([178]).
فهل صدَّق عمر رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟! وهل تخلى عن مواقفه وشكوكه السابقة؟!
الجواب: لا.
فإن عمر قد بلغ درجة اليقين، ولكن في الاتجاه المعاكس!! حيث حكم على النبي "صلى الله عليه وآله" في مرض موته بأنه يهجر، أو غلبه الوجع بناءً على الرواية القائلة: إن النبي ليهجر، أو غلبه الوجع.
وأما إذا أخذنا بالرواية التي تقول: إنه قال: ما باله أهجر استفهموه؟. فربما يستفاد منها: أنه كان لا يزال باقياً على شكه..
والله العالم بالحقائق.
المسلمون يرفضون الإحلال:
ويقولون: إنه لما فرغ النبي "صلى الله عليه وآله" من قضية الكتاب قال: "قوموا فانحروا، ثم احلقوا".
فوالله ما قام رجل منهم، حتى قال ذلك ثلاث مرات، فاشتد ذلك عليه، فدخل على أم سلمة فقال: "هلك المسلمون، أمرتهم أن ينحروا ويحلقوا فلم يفعلوا".
وفي رواية: "ألا ترين إلى الناس آمرهم بالأمر فلا يفعلونه، وهم يسمعون كلامي، وينظرون وجهي"؟.
فقالت: يا رسول الله، لا تلمهم، فإنهم قد دخلهم أمر عظيم مما أدخلت على نفسك من المشقة في أمر الصلح، ورجوعهم بغير فتح، يا نبي الله، اخرج ولا تكلم أحداً كلمة حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك.
فجلى الله تعالى عن الناس بأم سلمة.
فقام رسول الله "صلى الله عليه وآله" واضطبع([179]) بثوبه، فخرج، فأخذ الحربة، ويمم هديه، وأهوى بالحربة إلى البدن رافعاً صوته: "بسم الله والله أكبر" ونحر.
فتواثب المسلمون إلى الهدي، وازدحموا عليه ينحرونه، حتى كاد بعضهم يقع على بعض.
وأشرك رسول الله "صلى الله عليه وآله" بين أصحابه في الهدي، فنحر البدنة عن سبعة، وكان هدي رسول الله "صلى الله عليه وآله" سبعين بدنة.
وكان الهدي دون الجبال التي تطلع على وادي الثنية، فلما صده المشركون رد وجوه البدن([180]).
قال ابن عباس: لما صُدَّت عن البيت حنت كما تحن إلى أولادها([181]).
فنحر رسول الله "صلى الله عليه وآله" بُدْنَهُ حيث حبسوه، وهي الحديبية، وشَرَدَ جمل أبي جهل من الهدي وهو يرعى، وقد قلد وأشعر. وكان نجيباً مهرياً، في رأسه برة من فضة. أهداه ليغيظ بذلك المشركين. فمر من الحديبية حتى انتهى إلى دار أبي جهل بمكة، وخرج في أثره عمرو بن عنمة بن عدي الأنصاري، فأبى سفهاء مكة أن يعطوه، حتى أمرهم سهيل بن عمرو بدفعه إليه.
قيل: ودفعوا فيه عدة نياق.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "لولا أن سميناه في الهدي فعلنا"، ونحره عن سبعة، ونحر طلحة بن عبيد الله، وعبد الرحمن بن عوف، وعثمان بن عفان، بدنات ساقوها.
وروى ابن سعد، عن أبي سفيان، عن جابر قال: نحر رسول الله "صلى الله عليه وآله" سبعين بدنة عام الحديبية، البدنة عن سبعة، وكنا يومئذٍ ألفاً وأربعمائة، ومن لم يضح أكثر ممن ضحى.
وكان رسول الله "صلى الله عليه وآله" مضطرباً في الحل، وإنما يصلي في الحرم.
وبعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" من هديه بعشرين بدنة لتنحر عنه عند "المروة" مع رجل من أسلم، فلما فرغ الرسول "صلى الله عليه وآله" من نحر البدن دخل قبة له من أدم حمراء، ودعا بخراش ـ بمعجمتين ـ بن أمية بن الفضل الكعبي، فحلق رأسه، ورمى شعره على شجرة كانت إلى جنبه من سمرة خضراء، فجعل الناس يأخذون الشعر من فوق الشجرة فيتحاصونه، وأخذت أم عمارة طاقات من شعره فكانت تغسلها للمريض، وتسقيه، فيبرأ.
وجعل بعضهم يحلق بعضاً، حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً غماً.
وحلق بعض المسلمين، وقصَّر بعض. فأخرج رسول الله "صلى الله عليه وآله" رأسه من قبته وهو يقول: رحم الله المحلقين.
قيل: يا رسول الله والمقصرين قال: "رحم الله المحلقين" ثلاثاً.
ثم قال: و "المقصرين"([182]).
وروى ابن أبي شيبة، عن ابن عباس، أنهم قالوا: يا رسول الله، ما بال المحلقين ظاهرت عليهم الترحيم؟
قال : لأنهم لم يشكوا([183]). ورواه البيهقي موقوفاً.
وبعث الله تعالى ريحاً عاصفة فاحتملت أشعارهم فألقتها في الحرم كما رواه ابن سعد، عن مجمع بن يعقوب، عن أبيه.
وأقام رسول الله "صلى الله عليه وآله": "بالحديبية تسعة عشر يوماً، ويقال عشرين ليلة، ذكره محمد بن عمر، وابن سعد. قال ابن عائذ: وأقام رسول الله "صلى الله عليه وآله" في غزوته هذه شهراً ونصفاً([184]).
ونقول:
إن لنا ههنا وقفات، وهي التالية:
التبرك:
أما بالنسبة لموضوع التبرك بشعر رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وبغير ذلك نقول: إن ذلك من بديهيات الإسلام، فراجع كتاب التبرك للعلامة الأحمدي "رحمه الله".
ما نحره ' عند المروة:
وقد أراد "صلى الله عليه وآله" أن يطعم الناس في مكة من بعض البدن التي كان يريد أن ينحرها، تأليفاً لهم على الإسلام، وكسراً للحواجز التي كانوا يسعون لإقامتها بين الناس وبينه، فأرسل عشرين بدنة لتنحر عنه عند المروة كما تقدم.
الهدي عن سبعة:
وقد ذكرت الروايات المتقدمة: أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان ينحر الهدي الواحد عن سبعة أشخاص.
ونقول:
إن ذلك غير جائز في مذهب أهل بيت النبوة "عليهم السلام"، الذين هم أدرى بما في البيت. فلا شك في أن ذلك مكذوب على رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
حلمهم الكبير الطعن في علي ×:
تقدم أن النبي "صلى الله عليه وآله" بعد أن كتب كتاب الصلح: "قال لأصحابه: قوموا فانحروا ثم احلقوا، قال: فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد، قام فدخل على أم سلمة، فذكر لها ما لقي من الناس.
فقالت أم سلمة: يا نبي الله، أتحب ذلك؟ أخرج ولا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنك، وتدعو حالقك فيحلقك الخ.." ([185]).
والسؤال هو:
هل كان علي "عليه السلام" ضمن الذين رفضوا حلق رؤوسهم في الحديبية، حين قال "صلى الله عليه وآله": "رحم الله المحلقين"، ليكون ذلك من موجبات الطعن في عصمته، أم أنه كان قد أطاع أمر الرسول "صلى الله عليه وآله" في ذلك؟
والجواب:
أولاً: إنه لا شك في أن علياً أمير المؤمنين "عليه السلام" لم يعص أمر رسول الله "صلى الله عليه وآله"، لا في هذه الواقعة، ولا في غيرها، فهو يقول: "وإني والله لم أخالف رسول الله "صلى الله عليه وآله" ولم أعصه في أمر قط"([186]).
ثانياً: رغم تحفظنا على حديث أم سلمة، لأنه يظهر أنها "رحمها الله" قد أدركت أمراً غفل عنه رسول الله "صلى الله عليه وآله"، لكننا نقول فيه:
إنه وإن كان ظاهره العموم والشمول لجميع أصحابه "صلى الله عليه وآله"، لكن التأمل فيه يقتضي حمله على العموم والشمول لجميع المعترضين عليه "صلى الله عليه وآله" الرافضين لإطاعة أمره دون غيرهم.
أي فالمراد: ما قام رجل ممن كانوا قد اعترضوا على الصلح، واغتموا له.
لأن المستفاد من الروايات هو: أن ثمة فريقاً من الناس كـان يجب عليهم الحلق في عمرتهم تلك، ولكنهم لم يطيعوا أمر الرسول "صلى الله عليه وآله"، ولا قاموا بما لزمهم القيام به، بل تلكأوا في بادئ الأمر، وتعللوا، ثم إنهم حين وجدوا أن لا مناص من التحلل آثروا أن يتحللوا بالتقصير؛ لا بالحلق؛ وذلك بسبب ما عرض لهم من شك.
ويوضح ذلك النصوص التالية:
1 ـ روى ابن هشام، عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: حلق رجال يوم الحديبية، وقصّر آخرون.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": يرحم الله المحلقين.
قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟
قال "صلى الله عليه وآله": يرحم الله المحلقين.
قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟
قال "صلى الله عليه وآله": يرحم الله المحلقين.
قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟
قال "صلى الله عليه وآله": والمقصرين.
فقالوا: يا رسول الله، فلم ظاهرت الترحم للمحلقين دون المقصرين؟
قال "صلى الله عليه وآله": لم يشكّوا([187]).
فالشاكون إذن قد أحلوا من إحرامهم بالتقصير، مع أن وظيفتهم كانت هي الحلق، امتثالاً لأمر رسول الله "صلى الله عليه وآله".
تذكير:
قال السهيلي: إن الذين قصروا هم فقط: عثمان، وأبو قتادة، ولم يقصر غيرهما([188]).
2 ـ يفهم من رواية القمي: أن بعض الذين لم يسوقوا الهدي كانوا قد حلقوا امتثالاً وطاعة لأمر رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وبعضهم قصر اكتفاء في التحليل بالتقصير، ولم يمتثلوا أمره "صلى الله عليه وآله" بالحلق، وأن فيمن ساق الهدي من كان شاكاً أيضاً.
قال القمي: "قال رسول الله "صلى الله عليه وآله" لأصحابه: انحروا بدنكم، واحلقوا رؤوسكم، فامتنعوا، وقالوا: كيف ننحر ونحلق، ولم نطف بالبيت، ولم نسع بين الصفا والمروة؟!.
فاغتم رسول الله "صلى الله عليه وآله" من ذلك، وشكا ذلك إلى أم سلمة، (ربما ليظهر رجاحة عقلها ودينها ـ وهي امرأة ـ على عقولهم، وهم أصحاب الدعاوى العريضة).
فقالت: يا رسول الله، انحر أنت، واحلق.
فنحر رسول الله "صلى الله عليه وآله" وحلق، ونحر القوم على حين يقين، وشك وارتياب.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله" تعظيماً للبدن: رحم الله المحلقين.
وقال قوم لم يسوقوا البدن: يا رسول الله، والمقصرين؟ لأن من لم يسق هدياً لم يجب عليه الحلق.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله" ثانياً: رحم الله المحلقين، الذين لم يسوقوا الهدي.
فقالوا: يا رسول الله، والمقصرين؟
فقال: رحم الله المقصرين"([189]).
فرسول الله "صلى الله عليه وآله" قد أظهر رضاه ومحبته للمحلقين، وتذمّره من الذين اكتفوا بالتقصير، وهذا يفيد: أن الذين قصروا هم الذين خالفوا أمر الرسول "صلى الله عليه وآله".
فظهر: أن المخالفين لأمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" والشاكِّين ليسوا هم جميع المسلمين الحاضرين في الحديبية، بل هم فريق بعينه كما دلت عليه النصوص.
ولا شك في أن علياً "عليه السلام" ليس منهم، وليس هناك نص تاريخي يصرح: بأن علياً "عليه السلام" كان بين الذين لم يحلقوا، فإن طاعته للرسول "صلى الله عليه وآله" والتزامه الحرفي بأوامره ونواهيه كالنار على المنار وكالشمس في رابعة النهار، وقد أشرنا أكثر من مرة إلى ما جرى في خيبر، حينما أمره "صلى الله عليه وآله" بالذهاب وعدم الالتفات، فوقف ولم يلتفت وقال: على ما أقاتلهم يا رسول الله؟.
وتلك هي الآيات الشريفة لم تزل تنزل على رسول الله "صلى الله عليه وآله" مقررة لعصمته، كآية التطهير، وتثبيت الفضل والكرامة له على من عداه، لأنه هو وحده المطيع لله ولرسوله "صلى الله عليه وآله"، كآية النجوى وغيرها.
هذا بالإضافة إلى شواهد أخرى تبيِّن مدى حرصه "عليه السلام" على طاعة أوامر الرسول "صلى الله عليه وآله" حرفياً. يجدها المتتبع لسيرته صلوات الله وسلامه عليه..
الفصل الخامس:
اللمسات الأخيرة..
في طريق العودة:
وقد روى مسلم عن سلمة بن الأكوع، والبيهقي عن ابن عباس، وابن سعد، والبيهقي، والحاكم عن أبي عمرة الأنصاري، والبزار، والطبراني، والبيهقي عن أبي خنيس الغفاري، ومحمد بن عمر عن شيوخه، يزيد بعضهم على بعض:
أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" لما انصرف من "الحديبية" نزل بمر "الظهران"، ثم نزل بـ "عسفان"، وأرملوا من الزاد، فشكا الناس إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" أنهم قد بلغوا من الجوع الجهد، وفي الناس ظهر، فقالوا: ننحره يا رسول الله، وندهن من شحومه، ونتخذ من جلوده أحذية، فأذن رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فأُخبر بذلك عمر بن الخطاب فجاء إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" فقال: يا رسول الله، لا تفعل، فإن يكن في الناس بقية ظهر يكن أمثل، كيف بنا إذا نحن لقينا العدو غداً جياعاً رجالاً؟! ولكن إن رأيت أن تدعو الناس ببقايا أزوادهم فتجمعها، ثم تدعو فيها بالبركة، فإن الله سيبلغنا بدعوتك.
ودعا رسول الله "صلى الله عليه وآله" الناس ببقايا أزوادهم، وبسط نطعاً، فجعل الناس يجيئون بالحفنة من الطعام وفوق ذلك، فكان أعلاهم من جاء بصاع تمر، فاجتمع زاد القوم على النطع، قال سلمة: فتطاولت لأحرر، كم هو؟ فحررته كربضة عنز، ونحن أربع عشرة مائة.
فقام رسول الله "صلى الله عليه وآله" فدعا بما شاء الله أن يدعو، فأكلوا حتى شبعوا، ثم حشوا أوعيتهم، وبقي مثله، فضحك رسول الله "صلى الله عليه وآله" حتى بدت نواجذه، وقال: "أشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، والله لا يلقى الله تعالى عبد مؤمن بهما إلا حجب من النار".
ثم أذن رسول الله "صلى الله عليه وآله" في الرحيل، فلما ارتحلوا أمطروا ما شاؤوا وهم صائفون، فنزل رسول الله "صلى الله عليه وآله" ونزلوا، فشربوا من ماء السماء. ثم قام رسول الله "صلى الله عليه وآله" فخطبهم، فجاء ثلاثة نفر، فجلس اثنان مع النبي "صلى الله عليه وآله"، وذهب واحد معرضاً، فقال رسول الله: "ألا أخبركم عن الثلاثة؟
قالوا: بلى يا رسول الله.
قال: أما واحد فاستحيا فاستحيا الله منه، وأما الآخر فتاب فتاب الله عليه، أما الثالث فأعرض. فأعرض الله عنه"([190]).
ونلاحظ على ما تقدم ما يلي:
ألف: إن الناس لم يبادروا إلى نحر الإبل التي معهم، رغم حاجتهم إلى الطعام، إلا بعد استئذان رسول الله "صلى الله عليه وآله" بذلك. وهذا يعطينا درساً في ضرورة الانضباط والمراجعة للقائد في كل أمر له ارتباط بالحالة العامة..
ب: إن قول عمر: كيف بنا إذا نحن لقينا العدو غداً جياعاً رجالاً؟! غير مفهوم لنا، فإن نحر بعض الإبل لا يلزم منه أن يلقى العدو رجالاً، فإن الحرب لا تكون على الإبل، وإنما تكون على الخيل أو بدونها..
ج: إذا نحروا الإبل، واستفادوا من لحومها، فإنهم لا يبقون جياعاً..
د: إن ما يحتاجونه في كل يوم للنحر والأكل لا يزيد على أربعة عشر جملاً، وهو مقدار يسير في جملة ما يفي بحاجات ألف وأربع مائة رجل..
فلو أنهم نحروا خلال ثلاثة أيام، أو أربعة: ستين من الإبل ثم يكونون بقرب المدينة، فذلك معناه: أن يصبح مائتا رجل ـ على أقل تقدير ـ بلا ظهر يركبونه في سفرهم. إذا كان كل ثلاثة، أو أربعة يعتقبون بعيراً ويبقى مع النبي "صلى الله عليه وآله" ألف ومائتا مقاتل، لم يتأثر وضعهم بشيء مما يجري، وهؤلاء قادرون على مواجهة العدو، ومعهم الظهر الكافي، ولا يعانون من جوع، ولا من غيره..
هـ: وكيف عرف عمر بن الخطاب هذا الأمر، وجهله النبي الأعظم "صلى الله عليه وآله"؟!..
و: وإذا كان النبي "صلى الله عليه وآله" عارفاً بهذا الرأي الصالح فلماذا لم يبادر من عند نفسه إلى ذلك الحل وصبر حتى اقترحه عليه عمر بن الخطاب؟! ألم يكن "صلى الله عليه وآله" هو الذي بادر إلى إثارة آبار الحديبية بالسهم الذي ألقاه فيها، ثم صنع لهم الكثير من المعجزات في سفر الحديبية بالذات؟!..
أم يعقل: أنه كان يرعاهم في سفر الذهاب، ثم تخلى عنهم في حال الإياب؟!
ولماذا يتخلى عنهم؟!
نوم المسلمين عن صلاتهم:
وروى البيهقي من طريق المسعودي، عن جامع بن شداد، عن عبد الرحمن بن أبي علقمة، عن ابن مسعود قال: لما أقبل رسول الله "صلى الله عليه وآله" من "الحديبية" جعلت ناقته تثقل، فأنزل الله تعالى: ?إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً? فأدركنا رسول الله "صلى الله عليه وآله" من السرور ما شاء، فأخبرنا أنها أنزلت عليه، فبينا نحن ذات ليلة إذ عرس بنا، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "من يحرسنا"؟
فقلت: أنا يا رسول الله.
فقال: "إنك تنام".
ثم قال: "من يحرسنا"؟
فقلت: أنا.
فقال: أنت.
فحرستهم، حتى إذا كان وجه الصبح أدركني قول رسول الله "صلى الله عليه وآله": إنك تنام، فما استيقظت إلا بالشمس، فلما استيقظنا قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "إن الله لو شاء أن لا تناموا عنها لا تناموا، ولكنه أراد أن يكون ذلك لمن بعدكم".
ثم قام فصنع كما كان يصنع، ثم قال: "هكذا لمن نام أو نسي من أمتي".
ثم ذهب القوم في طلب رواحلهم، فجاؤوا بهن غير راحلة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، قال: فقال لي رسول الله "صلى الله عليه وآله": "اذهب ههنا"، ووجهني وجهاً، فذهبت حيث وجهني، فوجدت زمامها قد التوى بشجرة ما كانت تحلها الأيدي.
قال البيهقي: كذا قال المسعودي عن جامع بن شداد: إن ذلك كان حين أقبلوا من الحديبية([191]).
ثم روى من طريق شعبة ـ وناهيك به ـ عن جامع بن شداد، عن عبد الرحمن بن أبي علقمة، عن ابن مسعود قال: أقبلنا مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" من غزوة تبوك.
قال البيهقي: يحتمل أن يكون مراد المسعودي بذكر الحديبية: تاريخ نزول السورة حين أقبلوا من الحديبية فقط، ثم ذكر معه حديث النوم عن الصلاة، وحديث الراحلة، وكانا في غزوة تبوك.
قلت: لم ينفرد المسعودي بذلك، قال ابن أبي شيبة في المصنف: حدثنا منذر، عن شعبة، عن جامع بن شداد به، ولا مانع من التعدد([192]).
ونقول:
إن من الواضح: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" لا ينام عن صلاته، وليس في هذا النص ما يدل على ذلك.
بل هو صريح: بنوم أصحابه "صلى الله عليه وآله" عن صلاتهم، فعلَّمهم كيف يصنعون إذا اتفق لهم ذلك..
وسيأتي إن شاء الله المزيد من الحديث عن هذا الأمر في غزوة تبوك.
صلح الحديبية أعظم الفتح:
قالوا: روى البيهقي عن عروة، قال: قفل رسول الله "صلى الله عليه وآله" راجعاً، فقال رجل من أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله": ما هذا بفتح، لقد صددنا عن البيت، وصُدَّ هَدْيُنَا. وَرَدَّ رسول الله "صلى الله عليه وآله" رجلين من المؤمنين كانا خرجا إليه.
فبلغ ذلك رسول الله "صلى الله عليه وآله", فقال: "بئس الكلام، بل هو أعظم الفتح، قد رضي المشركون أن يدفعوكم بالراح عن بلادهم.
ويسألوكم القضية.
ويرغبون إليكم في الأمان.
ولقد رأوا منكم ما كرهوا.
وأظفركم الله تعالى عليهم، وردكم سالمين مأجورين، فهو أعظم الفتح.
أنسيتم يوم أحد؟؟
إذ تصعدون ولا تلوون على أحد، وأنا أدعوكم في أخراكم؟!
أنسيتم يوم الأحزاب؟
{إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِالله الظُّنُونَا}؟!
فقال المسلمون: صدق الله ورسوله، فهو أعظم الفتوح، والله يا نبي الله ما فكرنا فيما فكرت فيه، ولأنت أعلم بالله وبالأمور منا([193]).
وكان الناس قصر رأيهم عما كان.
وكان أبو بكر يقول: ما كان فتح في الإسلام أعظم من صلح الحديبية، وكان الناس قصر رأيهم عما كان بين رسول الله "صلى الله عليه وآله" وبين ربه.
والعباد يعجلون، والله تعالى لا يعجل لعجلة العبد حتى يبلغ الأمور ما أراد، لقد رأيت سهيل بن عمرو في حجة الوداع قائماً عند المنحر يقرب لرسول الله "صلى الله عليه وآله" بُدْنَه، ورسول الله "صلى الله عليه وآله" ينحرها بيده، ودعا الحلاق فحلق رأسه، فأنظر إلى سهيل يلقط من شعره، وأراه يضعه على عينيه، وأذكر امتناعه أن يقر يوم الحديبية بأن يكتب: ?بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ? فحمدت الله تعالى الذي هداه للإسلام([194]).
وروى الإمام أحمد، والبخاري، والترمذي، والنسائي، وابن حبان، وابن مردويه عن عمر بن الخطاب قال: كنا مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" في سفر ـ يعني: "الحديبية" ـ فسألته عن شيء ثلاث مرات، فلم يرد عليَّ.
فقلت في نفسي: ثكلتك أمك يا ابن الخطاب، نزرت رسول الله "صلى الله عليه وآله" ثلاث مرات فلم يرد عليك، فحركت بعيري، ثم تقدمت أمام الناس، وخشيت أن ينزل فيَّ القرآن، فما نشبت أن سمعت صارخاً يصرخ بي، فرجعت وأنا أظن أنه نزل فيَّ شيء، فقال النبي "صلى الله عليه وآله": "لقد أنزلت عليَّ الليلة سورة هي أحب إليَّ من الدنيا وما فيها: ?إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً، لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ..?([195]).
وروى ابن أبي شيبة، والإمام أحمد، وابن سعد، وأبو داود، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم ـ وصححه ـ وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل، عن مجمع بن جارية الأنصاري قال: شهدنا "الحديبية" مع رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فلما انصرفنا عنها إلى كراع الغميم إذا الناس يوجفون الأباعر، فقال الناس بعضهم لبعض: ما للناس؟
قالوا: أوحي إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" فخرجنا مع الناس نوجف، فإذا رسول الله "صلى الله عليه وآله" على راحلته عند "كراع الغميم"، فاجتمع الناس إليه فقرأ عليهم: ?إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً? الفتح.
فقال رجل من أصحاب النبي "صلى الله عليه وآله": أو هو فتح؟
فقال: "أي والذي نفسي بيده إنه فتح".
زاد ابن سعد: فلما نزل بها جبريل قال: ليهنئك يا رسول الله، فلما هناه جبريل هناه الناس([196]).
وروى عبد الرزاق والإمام أحمد، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، والشيخان والترمذي، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم، عن أنس قال: "لما رجعنا من "الحديبية" قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "أنزلت علي ضحى آية هي أحب إلي من الدنيا جميعاً" ثلاثاً.
قلنا ـ وفي لفظ قالوا ـ: هنيئاً مريئاً لك يا رسول الله، قد بين الله لك ماذا يفعل بك، فماذا يفعل بنا؟
فنزلت، ـ وفي لفظ، فنزلت عليه ـ: ?لِيُدْخِلَ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ?، حتى بلغ ?فَوْزاً عَظِيماً?"([197]).
وروى ابن أبي شيبة، والإمام أحمد، والبخاري في تاريخه، وأبو داود والنسائي، وابن جرير، وغيرهم عن ابن مسعود قال: "أقبلنا من الحديبية مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" فبينا نحن نسير إذ أتاه الوحي، وكان إذا أتاه اشتد عليه، فسري عنه، وبه من السرور ما شاء الله، فأخبرنا أنه أنزل عليه: ?إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً?" ([198]).
ونقول:
إن لنا مع ما تقدم وقفات نوجزها على النحو التالي:
النبي ' يذكرهم:
قد رأينا: أن النبي "صلى الله عليه وآله"، حين أنكر البعض أن يكون ما جرى في الحديبية فتحاً، صار يذكِّرهم بما كان منهم في أحد، حيث هاجمهم المشركون في عقر دارهم، فانهزموا فيها شر هزيمة، ولم يذكِّرهم بما فعله علي "عليه السلام" في أصحاب الألوية، حيث دحر قوى الشرك.
ثم ذكَّرهم بما كان في وقعة الخندق، حيث هاجمهم المشركون أيضاً في دارهم ولم يستطيعوا أن يبرزوا لمقاومتهم، وكان منهم ما كان، ولم يشر إلى قتل علي "عليه السلام" لعمرو بن عبد ود في الخندق، وهزيمة الأحزاب بسبب ذلك..
وذلك من أجل أن يقارنوا بين ما جرى لهم هناك وما جرى لهم في الحديبية، فإن المسلمين في الحديبية هم الذين حضروا إلى بلاد المشركين، حتى بلغوا مشارف عاصمتهم، ولم يجرؤ المشركون على مواجهتهم، بل رضوا بأن يدفعوهم عن بلادهم بالراح.
ثم هم يرضون بدخول المسلمين بلدهم بعد عام، ومعهم سيوفهم في القرب.
وبعقد معاهدة معهم تضمنت شروطاً لم يكن المسلمون يحلمون بأن يعطيها لهم أهل الشرك..
أبو بكر.. في موازاة رسول الله ':
والذي يقرأ أحداث صلح الحديبية في الروايات المزعومة يجد: أن ثمة تشابهاً فيما بين حركات وكلمات، ومواقف كل من أبي بكر، ورسول الله "صلى الله عليه وآله"..
ونحن نرى: أن ثمة تعمداً لإظهار هذا الانسجام والتوافق، لكي ينال أبو بكر فضيلة ترتفع به إلى مستوى الرسول "صلى الله عليه وآله" في الوعي للقضايا، وفي الحكمة، والتدبير، والرصانة والاتزان..
وينال عمر بن الخطاب في المقابل فضيلة الغيرة الفائقة، والحماسة المنقطعة النظير، والشدة في الحفاظ على العزة والكرامة الإسلامية..
ولينقلب من ثم الخطأ إلى صواب، والرذيلة إلى فضيلة!! ويصبح الشك في النبوة والرسالة صريح الإيمان، وعصارة التقوى!! فتبارك الله أحسن الخالقين!!
تبرك سهيل بن عمرو:
وقد أظهرت الروايات: أن سهيل بن عمرو كان يتبرك بشعر رسول الله "صلى الله عليه وآله".
وقد قلنا مرات كثيرة: إن التبرك من بديهيات هذا الدين، وإن النصوص المثبتة له قد تصل إلى المئات. فراجع كتاب التبرك للعلامة الأحمدي "رحمه الله".
الفصل السادس:
عهد الحديبية: نتائج وآثار..
آثار ونتائج عهد الحديبية:
ثم إن سورة الفتح وكذلك تصريحات رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ونصوص عهد الحديبية بالذات، أظهرت: أن الإسلام قد حقق في الحديبية أموراً هامة وأساسية جداً، لا مجال للتعرض لها في كتاب كهذا، فلا بد من الاقتصار على الإلماح السريع إلى بعضها، فنقول:
1 ـ إن السورة قد اعتبرت ما جرى في الحديبية فتحاً مبيناً. وصرح بذلك الرسول "صلى الله عليه وآله"، وقد أظهرت الوقائع هذا الأمر بصورة جلية أيضاً.
2 ـ قد نسبت السورة هذا الفتح إلى الله سبحانه، بمعنى: أن الله تعالى هو الذي هيأ لهذا الفتح. حيث يتضح لمن رصد حركة الأحداث: أنه "صلى الله عليه وآله" لو استجاب لرغبة أصحابه لما حصل على هذا الفتح العظيم, الذي أوجب دخول المنطقة بأسرها في الإسلام من دون قتال, وأظهر ظلم قريش وعدوانيتها، وأظهر ضعفها, وسماحة الإسلام, ونبل مقاصده, وجلَّى مكامن القوة فيه, وعرَّف الناس بالبون الشاسع بين حقيقة أهداف المسلمين, والمشركين, ثم هم مع ذلك كله قد رجعوا سالمين، ومن دون أية خسائر تذكر..
3 ـ لقد أوضحت الآيات: أن من جملة ما حققه صلح الحديبية هو: أن الله تعالى قد جعل الأمور باتجاه أرغم قريشاً على اتخاذ موقف من شأنه أن يسقط مزاعمها في حق رسول الله "صلى الله عليه وآله"؛ فإن الصلح قد ركز القناعة: بأن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يكن يسعى في قطع الأرحام, ولم يكن يمارس العدوان والبغي, وأنه إنما يطالب بالكف عن الظلم وعن البغي, وأنه الوصول، الودود، الرحيم, الرضي, الذي يتعامل بالصفح والعفو حتى عن أعدى أعدائه...
وهذا هو ما أشار إليه قوله تعالى: ?لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ..? فقد هيأ الصلح قريشاً للإقرار: بأن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يكن مذنباً في حقها, بل هي سوف تبرّئه من الذنب، حتى حين تسير الأمور باتجاه لا ترضاه، أو باتجاه ما ترى أنه لا يخدم مصالحها الخاصة.
وبعد.. فإننا نستطيع أن نفهم الكثير من نتائج هذه الهدنة من ملاحظة نفس الشروط التي وضعت في وثيقة الصلح، ومن هذه النتائج والفوائد:
ألف ـ أن الصلح قد أفسح المجال أمام الكثير من المشركين والمسلمين للتلاقي في مكة وفي المدينة وغيرهما، وطرح القضايا فيما بينهم على بساط البحث، والتقى الأصدقاء والأهل، وذوو الأرحام ببعضهم، وبذلوا لهم النصيحة، من موقع المحبة والإخلاص والصدق.
وقد أسهم كل ذلك: في اتضاح كثير من الأمور التي كانت مبهمة لدى المشركين فيما يختص بحقائق الإسلام، وما يسعى إليه المسلمون. وتكونت لدى الكثيرين منهم قناعات جديدة سهلت عليهم الدخول في هذا الدين, أو هي على الأقل قد أسهمت في تخفيف حدة العداء له, والتقليل من مستويات التشنج ضده.
ب ـ يضاف إلى ذلك: أن الكثيرين من المشركين قد شاهدوا عن قرب أحوال النبي "صلى الله عليه وآله", وربما بعض معجزاته، وعاينوا حسن سيرته، وحميد طريقته، وجميل أخلاقه الكريمة، وعرفوا الكثير عن طبيعة تعاطيه مع القضايا، وأدركوا: أن ما يسعى إليه ليس هو التسلط على الآخرين، واكتساب الامتيازات على حسابهم، بل هو يريد: أن يحقق لهم المزيد من الرفعة والشوكة, والكرامة والعزة..
وهذا أمر لم يعرفوه ولم يألفوه في زعمائهم، الذين يريدون: أن يتخذوا مال الله دولاً، وعباد الله خولاً..
فلا بد أن تميل نفوسهم إلى الإيمان, ويبادر خلق منهم إلى الإسلام ويزداد الآخرون له ميلاً([199]).
وكان ذلك أعظم الفتح, فقد دخل الإسلام في تينك السنتين مثل ما دخل فيه قبل ذلك، بل أكثر([200]).
بل لقد روي عن الإمام الصادق "عليه السلام" أنه قال: " فما انقضت تلك المدة (وهي سنتا الهدنة) حتى كاد الإسلام يستولي على أهل مكة"([201]).
ج ـ إن شروط الصلح: قد مكنت من إظهار الإسلام في مكة، بعيداً عن أي ضغوط حتى النفسية منها, فلم يعد أحد يمنع أحداً من الدخول في الإسلام, فدخل فيه من أحب. ولم يعد الداخل في هذا الدين يخشى الاضطهاد, والأذى, بل هو قد أصبح آمناً حتى من ممارسة بعض الضغوط النفسية ضده, حيث لم يعد التعيير به مسموحاً بمقتضى المعاهدة..
ولو أن النبي "صلى الله عليه وآله" اختار طريق الحرب، فإن ضرراً بالغاً سوف يلحق بهؤلاء المسلمين المستضعفين؛ لأن قريشاً سوف تشتد عليهم، ولربما قتلت الكثير منهم، كما أن جيوش المسلمين لا تعرف المسلم من غير المسلم منهم، خصوصاً مع ما هم عليه من التقية والتستر، كما أنهم لا يعرفون من أصبح له ميل ورغبة في الدخول في هذا الدين، لكنه غير قادر على المبادرة إلى ذلك في هذا الوقت، بل يكون مجبراً على مجاراة أهل الشرك، والتظاهر بحرب المسلمين معهم.. وهذا سوف ينتهي بقتل عدد كبير من هؤلاء أيضاً..
فكان الصلح سبباً في حفظ هؤلاء، وأولئك، وهو صلح سعت إليه قريش نفسها، وظهر إعزاز الله تعالى لأوليائه، ولدينه.
د ـ إن هذا العهد, قد جعل المسلمين في مأمن من جانب قريش, فتفرغوا لنشر الإسلام في سائر القبائل, ليصبح المحيط الإسلامي أكثر اتساعاً, ويتم التحول من حالة حصار للإسلام في المدينة, وضواحيها القريبة, إلى حالة حصار لقريش في مكة, بل حصارهم في بعض زواياها, وكان الإسلام ينتشر في مكة بسرعة, فيدخل كل بيت, وشمل كل القبائل والشعَب والأفخاذ.
فما حققه "صلى الله عليه وآله" في هذا الصلح أضعاف أضعاف ما تحقق في حروبه الدفاعية مع قريش وسواها, حسبما تقدم.
ويكفي للتدليل على ذلك، أنهم يقولون: إن النبي "صلى الله عليه وآله", قد بعث بعد الحديبية سراياه وبعوثه في مهمة الدعوة إلى الله تعالى, فلم تبق كورة ولا مخلاف في اليمن والبحرين, واليمامة إلا وفيها رسل النبي "صلى الله عليه وآله", والناس يدخلون في دين الله أفواجاً([202]).
وإذا كان قد جاء إلى الحديبية بألف وأربع مائة أو نحو ذلك, فإنه جاء بعد سنتين فقط بعشرة آلاف مقاتل, وفتح الله له مكة, ودخلها من غير قتال([203]).
هـ ـ دخول النبي "صلى الله عليه وآله" مكة في العام التالي, وأداء مناسك العمرة, من دون قتال..
وهذا يمثل اعترافاً من قريش بقوة الإسلام, وبأن للمسلمين الحق في ممارسة شعائر دينهم حتى في مكة, وبأنها كانت ظالمة لهم في حرمانهم من هذا الحق.
كما أن ذلك يعطي الآخرين مزيداً من الجرأة على التعامل مع المسلمين, وليس لقريش أن تعترض على أحد في ذلك, أو أن تمارس ضده أية ضغوط, لأن ذلك سوف يفهم على أنه بغي, وابتزاز لا مبرر له.. ولا بد أن يسقط ذلك هيبتها, ويسوق الناس إلى المقارنة بين طريقتها في التعامل, وبين طريقة أهل الإسلام, وتكون النتيجة هي المزيد من التعاطف معهم ضدها..
هذا بالإضافة إلى أن هذا النصر قد أعطى المسلمين شحنة روحية, وزادهم ثقة بأنفسهم, وتصميماً على المطالبة بحقوقهم, ووطد الآمال بالوصول إليها والحصول عليها, وإن طال السرى..
و ـ إن النبي "صلى الله عليه وآله" كان يملك الجيش المتحمس، والقادر والمستعد لكل التضحيات..
وهو مع ذلك قد رجع عن إتمام عمرته، وأحل ونحر البدن في موضعه، مقابل وعد أعطي له بأن يعود إلى مكة في العام التالي معتمراً، وزائراً، ومعظماً للبيت، لكي يمكن المسلمين والمشركين من الاجتماع بأهلهم وذويهم.
وذلك من شأنه أن يعرف الناس عملياً: أن جميع ما كانت تبثه قريش من إشاعات عن أنه "صلى الله عليه وآله" لا يعظم البيت، وأنه يسعى لإفساد حياة الناس، ويريد قطع الأرحام، هو محض افتراء لا واقع له، والشواهد كلها على خلافه.
فها هو الجيش القادر والمستعد لدخول مكة عنوة، وها هي قريش في غاية الضعف والوهن، ولا يلومه أحد لو أنه سدد الضربة القاضية لها. فإنها كانت ولا تزال تسعى جاهدة لاستئصال شأفته، وإعفاء آثاره، ومحوها من الوجود والحياة..
وها هو رسول الله "صلى الله عليه وآله" يؤثر الرجوع عنها رغم ذلك كله، رغبة في حقن الدماء وإيثاراً لتعظيم البيت، وسعياً في صلة الأرحام، وفي تخفيف آلام الناس.
ز ـ إن قريشاً قد رأت كيف أن عدداً من ملوك العرب والعجم كانوا بعد الحديبية يخطبون ودَّ رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ورأت أن باذان عامل كسرى قد دخل في الإسلام، وأسلم أيضاً عدد من ملوك العرب والعجم، وأرسل الملوك، مثل المقوقس وملك الحبشة وغيرهما الهدايا إلى إليه "صلى الله عليه وآله".
كما أن أبا سفيان قد رأى تعظيم قيصر ملك الروم لكتاب رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
فأسهم ذلك كله في ترسيخ هيبته "صلى الله عليه وآله" لدى قريش، واضطرها إلى أن تخفف من غلوائها. ووجدت نفسها مضطرة للاستسلام له في فتح مكة حتى دخلها من دون قتال..
ح ـ إن ثمرات هذا الصلح قد بدأت بالظهور في لحظة إبرامه، حيث إنه لما كتب فيه: "وأن من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل". تواثبت خزاعة، وقالوا: "نحن في عقد محمد وعهده"..
وتواثبت بنو بكر، فقالوا: "نحن في عقد قريش وعهدهم".
وخزاعة كانت تعيش مع قريش في مكة ومحيطها، وكانت عيبة نصح لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، فلم تعد قريش ـ التي ظهر أن الحرب قد أكلتها وأوهنت قواها ـ وحدها في مكة، بل أصبح شركاء محمد "صلى الله عليه وآله" وحلفاؤه يعيشون معها، وليس لها أحد في المدينة يجهر بالتحالف، أو يعترف بالشراكة لها، أو بالتعاون معها..
هذا بالإضافة إلى: أنها تضطر بمقتضى الصلح إلى رفع اليد عن مصادرة حرية حتى من أسلم من أبنائها، وأصبح لهم الحق في أن يعيشوا معها دون أن تتمكن من إلحاق أي أذى بهم.
وبذلك يكون معسكر الشرك قد انقسم على نفسه بصورة أعمق وأوثق، وأوضح وأصرح. وأصبح هذا الانقسام محمياً بالعهود والمواثيق..
فإذا انضم ذلك إلى ما نتج عن وساطة الحليس، وعمرو بن مسعود، حيث رجع ابن مسعود بمن معه إلى الطائف، واتخذ الحليس موقفاً صارماً من قريش، فإن الأمر يصبح أشد خطورة عليها ، وزادها مسير النبي "صلى الله عليه وآله" إلى الحديبية، وكذلك عقده وعهده معها وهناً على وهن.
ط ـ وقد رضي المشركون بالفوز بانتصار وهمي، وشكلي، حين سجلوا على أنفسهم عهداً، وأعطوا وعداً لرسول الله "صلى الله عليه وآله" يقضي بنقض كل قراراتهم السابقة، ويشير إلى: أن كل تلك الحروب التي شنتها ضده "صلى الله عليه وآله" والمسلمين طيلة السنوات الست السابقة كانت ظالمة وبلا فائدة ولا عائدة..
فإنها قد اعترفت: بأن للنبي "صلى الله عليه وآله" الحق في زيارة البيت وأداء المناسك، فلماذا شنت عليه كل تلك الحروب؟! وأدخلت كل تلك المصائب والبلايا على الناس؟! وخلقت هذا الكم الكبير من العداوات بين القبائل والفئات المختلفة؟!.
إن نفس هذا الاعتراف والعهد يجعل نفس هذا التأخير إلى العام المقبل أيضاً بلا معنى، بل هو يدخله في دائرة العدوان أيضاً، لأن مبرراته المعلنة هي: أنهم يريدون إرضاء عنجهيتهم، وتنفيس كربتهم.
ي ـ إن هذا الشرط الذي نفر منه المسلمون كان إنجازاً عظيماً لهم لو تدبروا فيه، فإن من يُرِيدْ الفرار إلى المشركين يكنْ فراره رحمة للمسلمين؛ لأن وجوده بين المسلمين بعد أن ارتد عن الدين، ونكص على عقبيه، ليس فقط سيكون بلا فائدة ولا عائدة، بل سيكون مضراً لهم، فيما لو سعى في إثارة الشبهات بين الضعفاء من الناس، أو إذا مارس التجسس على المسلمين، وعرَّف المشركين بنقاط ضعفهم، أو أعلمهم بطبيعة تحركاتهم وبتدبيراتهم في المواقع التي يجب أن تبقى طي الكتمان عنهم..
وأما المسلم الذي يريد الخروج إلى المسلمين فيمنعه المشركون، فإن وجوده بين المشركين ـ وهو متمسك بدينه ـ سيكون مفيداً جداً؛ لأنه وهو بينهم لا بد أن يمارس شعائر دينه، وربما تسنح له فرص كثيرة لطرح قضية الإيمان مع الكثيرين ممن يتصلون به، أو يبذلون جهداً لإقناعه بالتخلي عن دينه والعودة إلى ما كان عليه.. وقد يوفقه الله تعالى لإقناع بعضهم، أو لإثارة تساؤلات لديهم..
ولعل هناك من يلمس في سلوكه الرسالي، ما يجعله مهيئاً لاختيار الإيمان على الشرك..
ولعله لأجل ذلك وسواه قال "صلى الله عليه وآله": "نعم.. إنه من ذهب منا إليهم فأبعده الله، ومن جاء منهم إلينا فسيجعل الله له فرجاً ومخرجاً"([204]).
ك ـ إنه بعد أن أصبح المسلمون في راحة من جهة قريش، راسل "صلى الله عليه وآله" الملوك من حوله.. فأرسل كتب الدعوة إلى الإسلام إلى كسرى، وقيصر، والمقوقس، وغيرهم. وكان ذلك بعد الحديبية في السنة السادسة أو السابعة بعد الهجرة([205]).
وهذا يفسح المجال للشعوب لتتسامع بأنباء بعثته، وتلتفت إلى دعوته، كما إن ذلك يؤكد هيبته في كل المحيط الذي يعيش فيه.
ل ـ إنه في ظل صلح الحديبية انطلق النبي "صلى الله عليه وآله" إلى يهود خيبر الذين كانوا وما يزالون يعلنون الحرب على الإسلام والمسلمين، وينشئون التحالفات مع أعدائهم ويحرضون ويتآمرون، ويثيرون المشكلات الكبيرة والخطيرة، كلما سنحت لهم الفرصة، وواتاهم الظرف.
وكان اليهود أكبر قوة ضاربة ومتماسكة في منطقة نقطة الارتكاز للوجود الإسلامي، فقد كانوا قادرين على تجهيز عشرة آلاف مقاتل من اليهود في المنطقة، فزحف إليهم النبي "صلى الله عليه وآله" في ألف وأربع مائة مقاتل..
وهو أمر لم يكن متيسراً له "صلى الله عليه وآله" قبل الحديبية، فإنه لم يكن يستطيع أن يخلي المدينة من أهلها ليقود جيشاً يجمع فيه كل القوى المقاتلة، ويترك المدينة من دون قوة تدافع عنها؛ لأن قوى الشرك كانت تنتظر تلك اللحظة لكي تنقض على عاصمة الإسلام وقلبه النابض.
وقد منع عهد الحديبية قريشاً من مهاجمتها، ومن أن تمد يد العون ليهود خيبر، ولغيرهم. وكانت سائر القبائل القريبة أضعف وأهون من أن يُخشى منها أمر من هذا القبيل. لأنها تعرف العواقب الوخيمة التي تنتظرها لو سارت في هذا الاتجاه.
وانتصر المسلمون على اليهود وأسقطوا كبرياءهم في المنطقة كلها: في خيبر, وفدك, ووادي القرى وتيماء.. وغير ذلك..
م ـ ثم هناك الانطلاقة الكبرى إلى خارج المحيط الذي كان يعيش فيه المسلمون، وذلك في غزوة مؤتة التي أظهر فيها ثلاثة آلاف جندي أعظم البطولات في مواجهة جيش يضم عشرات الألوف, الأمر الذي أعطى للدولة البيزنطية انطباعاً حاسماً وقوياً عن بسالة الإنسان المسلم, وأفهمهم: أنهم مقدمون على تحولات ومتغيرات كبيرة, قد يكون لها أعظم الأثر على مستقبل حياتهم السياسية، والدينية والاجتماعية.. وغيرها..
ن ـ إن قريشاً قد اضطرت إلى الاعتراف بقوة المسلمين, وأنها أصبحت متكافئةً معها, وأنها قوة لها حضورها, ولا بد أن تتعامل معها معاملة الند للند. ولولا أنها رأت فيها ذلك، لم تقدم على عقد الصلح معها.
وقبل الحديبية لم تكن قريش على استعداد للاعتراف بهذا التكافؤ, بل ظلت تعتبر المسلمين حالة تمرد شاذة، لا بد من السيطرة عليها, وإخضاعهـا, ولا يجوز أن يسمح لها ـ بوصفها شرذمة خارجة عن القانون ـ: بأن تبقى على ما هي عليه, بل لا بد من إنزال أقصى الضربات بها, والتخلص منها بصورة, أو بأخرى.
س ـ والغريب في الأمر هنا: أن المشركين بعد مدة يسيرة يقدمون التماساً, ويوسِّطون لدى النبي "صلى الله عليه وآله" وسطاء ليرضى بإعفائهم من الشرط الذي اعتبروه نصراً لهم, واعتبره المسلمون إعطاءً للدنية من دينهم..
فإن أبا بصير عتبة بن أسيد, وأبا جندل، وثلاث مائة من المسلمين وأكثرهم من الذين حبسهم المشركون في مكة قد تسللوا منها، ولكنهم لم يأتوا إليه "صلى الله عليه وآله"، لعلمهم بأنه سوف يردهم إلى مكة، بل ذهبوا إلى سيف البحر، فكانوا لا تمر عير لقريش إلا أخذوها، وقتلوا من فيها.
فأرسلت قريش أبا سفيان إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" يسألونه ويتضرعون له بأن يبعث إلى أبي جندل ليأتي إليه، وإن كل من أتى منهم إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" فهو له..
ولتفصيل ما جرى نقول:
أبو بصير يقتل آسريه، ويعتصم بالساحل:
روى عبد الرزاق، والإمام أحمد، وعبد بن حميد، والبخاري، وأبو داود، والنسائي، عن المسور بن مخرمة، والبيهقي، عن ابن شهاب الزهري([206]): أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" لما قدم المدينة من الحديبية أتاه أبو بصير عتبة بن أَسِيد ـ بوزن أمير ـ بن جارية الثقفي، حليف بني زهرة مسلماً، قد أفلت من قومه، فسار على قدميه سعياً.
فكتب الأخنس بن شريق، وأزهر بن عبد عوف الزهري إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" كتاباً، وبعثا خنيس بن جابر، من بني عامر بن لؤي، استأجراه ببكر، ابن لبون، وحملاه على بعير، وكتبا يذكران الصلح الذى بينهم، وأن يرد إليهم أبا بصير، فخرج العامري ومعه مولى له يقال له: كوثر دليلاً، فقدما بعد أبي بصير بثلاثة أيام، فقرأ أبي بن كعب الكتاب على رسول الله "صلى الله عليه وآله" فإذا فيه:
قد عرفت ما شارطناك عليه، وأشهدنا بينك وبيننا، من رد من قدم عليك من أصحابنا، فابعث إلينا بصاحبنا.
فأمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" أبا بصير أن يرجع معهما، ودفعه إليهما فقال: يا رسول الله، تردني إلى المشركين يفتنونني في ديني؟
فقال: "يا أبا بصير إنا قد أعطينا هؤلاء القوم ما قد علمت، ولا يصلح لنا في ديننا الغدر. وإن الله تعالى جاعل لك ولمن معك من المسلمين فرجاً ومخرجاً".
فقال: يا رسول الله، تردني إلى المشركين؟!!
قال: "انطلق يا أبا بصير، فإن الله سيجعل لك فرجاً ومخرجاً".
فخرج معهما، وجعل المسلمون يسرون إلى أبي بصير: يا أبا بصير، أبشر، فإن الله جعل لك فرجاً ومخرجاً، والرجل يكون خيراً من ألف رجل، فافعل وافعل: يأمرونه بقتل الذين معه.
وقال له عمر: أنت رجل، ومعك السيف، فانتهيا به عند صلاة الظهر بذي الحليفة، فصلى أبو بصير في مسجدها ركعتين، صلاة المسافر، ومعه زاد له من تمر يحمله، يأكل منه. ودعا العامري وصاحبه ليأكلا معه، فقدما سفرة فيها كسر، فأكلوا جميعاً، وقد علق العامري سيفه في الجدار وتحادثا.
ولفظ عروة: فسل العامري سيفه ثم هزه فقال: لأضربن بسيفي هذا في الأوس والخزرج يوماً إلى الليل.
فقال له أبو بصير: أصارم سيفك هذا؟
قال: نعم.
قال: ناولنيه أنظر إليه إن شئت، فناوله إياه، فلما قبض عليه ضربه به حتى برد.
قال ابن عقبة: ويقال: بل تناول أبو بصير السيف بفيه، وصاحبه نائم، فقطع إساره، ثم ضربه به حتى برد، وطلب الآخر، فجمز مذعوراً مستخفياً.
وفي لفظ: وخرج كوثر هارباً يعدو نحو المدينة، وهو عاض على أسفل ثوبه قد بدا طرف ذكره، والحصى يطير من تحت قدميه من شدة عدوه، وأبو بصير في أثره، فأعجزه. وأتى رسول الله "صلى الله عليه وآله" وهو جالس في أصحابه بعد العصر، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله" حين رآه: "لقد رأى هذا ذعراً. فلما انتهى إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال: "ويحك ما لك"؟
قال: قتل والله صاحبكم صاحبي، وأفلت منه ولم أكد. وإني لمقتول.
واستغاث برسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأمنه، وأقبل أبو بصير فأناخ بعير العامري. ودخل متوشحاً سيفه. فقال: يا رسول الله قد وفت ذمتك، وأدى الله عنك، وقد أسلمتني بيد العدو، وقد امتنعت بديني من أن أفتن.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "ويل أمه مسعر حرب"!!([207]).
وفي لفظ: "محش حرب، لو كان معه رجال"!!([208]).
وفي لفظ: "له أحد"!.
قال عروة، ومحمد بن عمر: وقدَّم سلب العامري لرسول الله "صلى الله عليه وآله" ليخمسه، فقال: "إني إذا خمسته رأوني لم أوف لهم بالذي عاهدتهم عليه. ولكن شأنك بسلب صاحبك، واذهب حيث شئت".
وفي الصحيح: أن أبا بصير لما سمع قول رسول الله "صلى الله عليه وآله": "ويل أمه مسعر حرب لو كان معه أحد"! عرف أنه سيرده. فخرج أبو بصير، ومعه خمسة كانوا قدموا معه مسلمين من مكة حين قدم على الرسول "صلى الله عليه وآله"، فلم يكن طلبهم أحد حتى قدموا سيف البحر.
ولما بلغ سهيل بن عمرو قتل أبي بصير العامري اشتد عليه، وقال: ما صالحنا محمداً على هذا.
فقالت قريش: قد برئ محمد منه، قد أمكن صاحبكم منه فقتله بالطريق، فما على محمد في هذا؟
فأسند سهيل ظهره إلى الكعبة وقال: والله لا أؤخر ظهري حتى يودى هذا الرجل.
قال أبو سفيان بن حرب: إن هذا لهو السفه، والله لا يودى ـ ثلاثاً ـ وأنى قريش تديه، وإنما بعثته بنو زهرة؟
فقال الأخنس بن شريق: والله ما نديه، ما قتلناه، ولا أمرنا بقتله، قتله رجل مخالف؛ فأرسلوا إلى محمد يديه.
فقال أبو سفيان بن حرب: لا، ما على محمد دية ولا غرم، قد برئ محمد. ما كان على محمد أكثر مما صنع. فلم تخرج له دية.
فأقام أبو بصير وأصحابه بسيف البحر، وقال ابن شهاب: بين العيص وذي المروة من أرض جهينة، على طريق عيرات قريش.
قال محمد بن عمر: لما خرح أبو بصير لم يكن معه إلا كف تمر، فأكله ثلاثة أيام، وأصاب حيتاناً قد ألقاها البحر بالساحل فأكلها. وبلغ المسلمين الذين قد حبسوا بمكة خبر أبي بصير، فتسللوا إليه.
قال محمد بن عمر: كان عمر بن الخطاب هو الذي كتب إليهم بقول رسول الله "صلى الله عليه وآله" لأبي بصير: "ويل أمه محش حرب لو كان له رجال"، وأخبرهم أنه بالساحل.
وانفلت أبو جندل بن سهيل بن عمرو الذي رده رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى المشركين بالحديبية، فخرج هو وسبعون راكباً ممن أسلموا فلحقوا بأبي بصير، وكرهوا أن يقدموا على رسول الله "صلى الله عليه وآله" في هدنة المشركين، وكرهوا الثواء بين ظهراني قومهم، فنزلوا مع أبي بصير.
ولما قدم أبو جندل على أبي بصير سلم له الأمر، لكونه قرشياً. فكان أبو جندل يؤمهم. واجتمع إلى أبي جندل ـ حين سمع بقدومه ـ ناس من بني غفار، وأسلم، وجهينة، وطوائف من الناس، حتى بلغوا ثلاثمائة مقاتل ـ كما عند البيهقي عن ابن شهاب ـ لا تمر بهم عير لقريش إلا أخذوها، وقتلوا من فيها، وضيقوا على قريش، فلا يظفرون بأحد منهم إلا قتلوه.
ومما قاله أبو جندل بن سهيل في تلك الأيام:
أبـلـغ قريشـاً عـن أبي جـنـــدل أنـا بـذي المــروة في الســاحـــل
في مـعـشــر تخـفــق رايــاتهــم بالبيض فـيـهــا والـقـنـا الـذابـل
يـأبــون أن تـبـقـى لهـم رفـقــة من بـعـد إسـلامـهــم الــواصل
أو يجـعـل الله لهــم مخــرجـــــاً والحـق لا يـغـلــب بــالـبـاطـل
فـيـسـلـم المـــرء بـــإســـلامه ويـقـتــل المـــرء ولم يـــأتـــــل
فأرسلت قريش إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" أبا سفيان بن حرب، يسألونه ويتضرعون إليه: أن يبعث إلى أبي بصير وأبي جندل ومن معهم.
وقالوا: من خرج منا إليك فأمسكه، فهو لك حلال، غير محرج أنت فيه.
وقالوا: فإن هؤلاء الركب قد فتحوا علينا باباً لا يصلح إقراره.
فكتب رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى أبي بصير وأبي جندل يأمرهما: أن يقدما عليه. ويأمرا من معهما ممن اتبعهما من المسلمين أن يرجعوا إلى بلادهم وأهليهم، فلا يتعرضوا لأحد مر بهم من قريش وعيراتها.
فقدم كتاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" على أبي بصير وهو يموت. فجعل يقرؤه، ومات وهو في يديه، فدفنه أبو جندل مكانه، وجعل عند قبره مسجداً.
وقدم أبو جندل على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ومعه ناس من أصحابه. ورجع سائرهم إلى أهليهم، وأمنت بعد ذلك عيرات قريش.
قال عروة: فلما كان ذلك من أمرهم، علم الذين كانوا أشاروا على رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يمنع أبا جندل من أبيه بعد القضية: أن طاعة رسول الله "صلى الله عليه وآله" خير لهم فيما أحبوا وفيما كرهوا من رأي من ظن أن له قوة هي أفضل مما خص الله تعالى به رسوله "صلى الله عليه وآله" من الفوز والكرامة.
ولما دخل رسول الله "صلى الله عليه وآله" عام القضية، وحلق رأسه قال: "هذا الذي وعدتكم"([209]).
مصير أبي بصير:
إن من الأمور التي تؤلم الإنسان وتؤذي روحه هو أن يبذل جهداً مضنياً، حتى إذا رأى: أنه قد حصل على مبتغاه ابتلي بفقده، فكيف إذا استبدل بضده، فإن المصيبة عليه ستكون أعظم، والألم سوف يكون أشد..
وبمقدار ما يكون ذلك الشيء الذي يسعى له ثميناً وعزيزاً، وغالياً لديه، بمقدار ما تتعذب روحه لفقده، وتعظم مصيبته فيه، فكيف إذا كان أثمن وأغلى ما في الوجود عليه، وأعز عليه من كل عزيز، وهومستعد لأن يبذل من أجله ماله، وولده، وحتى روحه التي بين جنبيه، فكيف يمكن لنا أن نتصور حاله حين يفقده، بعد أن وجده؟!
وهذا بالذات هو ما جرى لأبي بصير الذي أفلت من قومه، وجاء إلى المدينة سعياً على قدميه، والآمال العِذاب تراود خاطره، بأن يملك حريته، ويكون مع أهله وأحبابه، حيث العزة والكرامة، والمحبة، والقلوب الصافية، والعاطفة المتوهجة، وحيث يكون مع رسول الله "صلى الله عليه وآله"، خير الخلق، وأشرف الكائنات..
ولم تدم فرحته ثلاثة أيام حتى حلَّت به الكارثة، فقد وصل كتاب قريش، يطالب بإرجاعه إليها، ليواجه السجن، والقيد والذل، والعذاب، والأذى النفسي، والمهانة، والفتنة في الدين وما إلى ذلك..
فأمره رسول الله "صلى الله عليه وآله" بأن يرجع مع الرسولين، ودفعه إليهما.. وقال له نفس الكلمات التي كان قالها لأبي جندل حين سلَّمه لأبيه سهيل بن عمرو، حين كتابة صلح الحديبية.
أبو بصير يقتل آسره:
ويذهب أبو بصير مع آسريه، ويسير معهما على طريق العذاب والآلام، وهو يرى أن آسريه محاربون له ولدينه، ومعتدون على حريته وعلى كرامته، وهو لم يعقد معهم عهداً يعطيهم الحق بقهره وظلمه، وبالعدوان عليه.. ويرى أن له كل الحق بدفع السوء عن نفسه، وأن لا يمكنهم من إلحاق الأذى به.
كما أنه ليس لمحاربه وآسره أن يغفل الاحتياط لنفسه، وأن يطالب بالأمان من ناحيته.. فإذا قصر في حفظ نفسه، وظفر به عدوه فلا يلومن إلا نفسه، فأبو بصير لم يعتد على آسره ولم يظلمه حتى حين يباشر قتله، بل هو قد مارس حقه الطبيعي بالدفاع عن نفسه.
النبي ' يجير المشرك:
وقد كانت إجارة النبي "صلى الله عليه وآله" لذلك الهارب من أبي بصير، تفضلاً منه "صلى الله عليه وآله" وكرماً، فإن الأمر يرجع إليه في أن يستجيب له أو لا يستجيب.. ولكن النبي "صلى الله عليه وآله" لا يخيب من أمله، ويطلب معونته، حتى لو كان مخالفاً لدينه، وساعياً في إلحاق الأذى به..
النبي ' لا يجيب أبا بصير:
وقد لاحظنا: أنه حين قال أبو بصير للنبي "صلى الله عليه وآله": وفت ذمتك، لم يجبه "صلى الله عليه وآله" بشيء، لا سلباً ولا إيجاباً. إذ لا مجال للإجابة بالنفي؛ لأن ذلك غير واقعي، وليس من المصلحة الإجابة بالإيجاب، حتى لا تسيء قريش فهم القضية، وتتخذ ذلك ذريعة لاتهامه "صلى الله عليه وآله" بما هو بريء منه..
ويل أمه مسعر حرب، لو كان معه رجال:
ولكن النبي "صلى الله عليه وآله" أطلق كلاماً عاماً، يصف فيه أبا بصير، دون أن يتمكن أحد من اتخاذه ذريعة لتسجيل مؤاخذة مباشرة عليه، حيث ذكر "صلى الله عليه وآله": أن أبا بصير قادر على أن يسعر حرباً لو كان معه رجال.
وهو وإن كان وصفاً له بأمر عام يمكن أن يستفاد منه الإغراء بأمر من هذا القبيل.. ويمكن المناقشة والتشكيك القوي في أن يكون قد قُصد ذلك منه فإنه لم يحدد زمان ومكان هذه الحرب التي يحب أن يسعرها هذا الرجل..
ولكن لأبي بصير أن يفهم: أن نفس إطلاق النبي "صلى الله عليه وآله" لهذا الكلام، وبهذه الطريقة لا بد أن يكون له مغزى ويتضمن توجيهاً خفياً عليه أن يعرفه، وأن يسعى لتحقيقه.. وهو:
أن عليه أن يجد رجالاً، وأن يسعر حرباً على أعدائه وأن يخلص نفسه من الورطة التي هو فيها..
النبي ' يقبل خمس السلب:
وقد صرحت النصوص المتقدمة: أن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يرض أن يأخذ خمس سلب ذلك القتيل، موضحاً له أن سياسته هي أن لا يعطي قريشاً ما ينفعها في توجيه أي تهمة له، فقال:
"إني إذا خمسته رأوني لم أوف لهم بالذي عاهدتهم عليه، ولكن شأنك بسلب صاحبك، واذهب حيث شئت".
وبذلك يكون قد أعلمه: أن عمله كان مشروعاً، فإنه "صلى الله عليه وآله" لم يقل له: لا خمس عليك فيه، بل أفهمه: أن الخمس ثابت في هذا السلب، ولكن ليس من المصلحة أن يأخذه منه.. لأن قريشاً سوف تدفع بالأمور باتجاه توجيه التهمة الصريحة لرسول الله "صلى الله عليه وآله" بأنه وراء قتل الرجل، وأنه هو الآمر بذلك.
قريش تعيش الإرباك والانقسام:
وبالرجوع إلى خلافات قريش في دية المقتول، نخرج بالنتائج التالية:
1 ـ إن قريشاً لم تستطع أن تدي ذلك القتيل، ولم تتفق على رأي في من يجب أن يديه.
2 ـ إن قريشاً بمن فيها أبو سفيان قد برأت النبي "صلى الله عليه وآله" من أن يكون هو المطالب بدفع الدية. ولم يستطع أحد منهم أن يدفع هذا القول، أو أن يسجل تحفظاً عليه.
مما يعني: أن أسلوب النبي "صلى الله عليه وآله" في التعامل مع هذا الأمر كان غاية في الدقة والحكمة.
3 ـ إن قريشاً حتى وهي تواجه مشكلة تمس كبرياءها، وترى أنها تمثل عدواناً عليها، قد تعاملت مع تلك المشكلة بالمنطق القبلي، الذي يكرس الحقد والانقسام العشائري، خصوصاً حين يقول أبو سفيان: أنَّى قريش تديه، وإنما بعثته بنو زهرة؟
أسلم وغفار وجهينة مع أبي جندل:
وقد كانت قبائل أسلم، وغفار، وجهينة، تسكن حول المدينة، وهي قبائل من الأعراب، كان فيهم طائفة من المنافقين، أخبر عنها القرآن الكريم بقوله: ?وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ..?([210]).
ويلاحظ: أن من هذه القبائل أشخاصاً انضموا إلى أبي جندل، ونحسب أن ذلك لكونهم وجدوا الفرصة سانحة للحصول على المال، من التجارات التي يصادرها أبو جندل، حيث ظهر لهم: أنه قد اتخذ موقعاً حساساً على طريق قوافل قريش التجارية..
واللافت: أن سائر القبائل لم ينفر من أفرادها ما يدعو إلى الإشارة إليها بالبنان كما كان الحال بالنسبة للقبائل الثلاث التي سلف ذكرها..
ذل قريش:
وقد ألمحنا فيما سبق: إلى أن ما فعله أبو جندل وأبو بصير، قد أوقع قريشاً في مأزق حقيقي، وجدت أن إرسال الكتب والرسائل لا يفيد في إخراجها منه.
كما أن إرسال أناس عاديين لا يكفي في ذلك، فاضطرت إلى إرسال أحد قادتها الكبار، الذي عرف بشدة الطغيان والجحود، وبجمع الجموع، وقيادة الجيوش لحرب الرسول "صلى الله عليه وآله"، وهو أبو سفيان بن حرب، أرسلته إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" لتطمئن إلى انحلال العقدة، والخروج من الأزمة.
واللافت هو: أن طلب قريش من الرسول "صلى الله عليه وآله" لم يكن طلباً عادياً، بل كان طلب الضارع الملح، الذي يظهر المزيد من المسكنة والضعف، لاستجلاب رضاه "صلى الله عليه وآله"، وهي التي كانت تسعى في استئصال شأفته، وخضد شوكته.
وقد كان تدخُّله هذا تفضلاً منه، ونبلاً وكرماً، فهو "صلى الله عليه وآله" يساعد حتى عدوه الذي طالما شن عليه الحروب، وقتل الخلصاء والأصفياء، وسعى في طمس هذا الدين، وإبطال جهود جميع الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين يساعد على حفظ السلام، وبسط جناح الأمن، مع أنه "صلى الله عليه وآله" لم يكن مطالباً، لا من ناحية أدبية، ولا من ناحية سياسية، ولا بأي ميزان عرفه الناس آنئذٍ، بدفع هؤلاء المظلومين عما يطالبون به، وما يسعون إليه، فإن هؤلاء الذين أُخذوا بكظم قريش لم يأتوا إليه، ولم ينطلقوا من عنده، ولا كان عملهم تنفيذاً لأوامر صدرت منه، وإنما هي مبادرة منهم لم تنص المعاهدة بمسؤوليته عن أي شيء تجاهها.
الباب الثالث:
حتى خيبر
الفصل الأول: أشخاص أراد الناس أن يمدحوهم
الفصل الثاني: سرايا وقضايا بين خيبر والحديبية
الفصل الأول:
أشخاص أراد الناس أن يمدحوهم..
إيضاحات ضرورية:
هناك أشخاص جرت عادة بعض المؤرخين على تخصيصهم بالذكر في بعض الموارد في السيرة النبوية الشريفة، مع أنهم يهملون أو يكادون ذكر أشخاص قد ساهموا بصورة عميقة في بناء القوة الفكرية أو السياسية، أو المعنوية أو غيرها للمجتمع الإسلامي. وكان لهم أثرهم الكبير في حفظ الدين وفي نشره، وسهروا الليالي، وقدموا التضحيات الجسام من أجله وفي سبيله..
نعم، إنهم يهملون هؤلاء حين لا يحالفهم الحظ في أن يسلبوهم ذلك كله، لينحلوه إلى أعدائهم ومناوئيهم.
وحين تضطرهم الوقائع، ويفرض عليهم الواقع، الذي لا يجدون منه خلاصاً ولا عنه مناصاً، إلى الاعتراف بشيء من تضحيات وجهاد هؤلاء الذين يكرهون التنويه بذكرهم، والإعلان بمآثرهم، فإن تحريفهم وتلاعبهم بالحقائق، يصل إلى حد يصبح معه الإهمال والتجاهل أولى وأحفظ للحق، وأنفع للخلق، حيث يصبح السباب والتجريح أخف شناعة وقباحة من الكذب الصريح، الموجب لتحريف حقائق الدين، وتضييع جهد وجهاد الأولياء المخلصين.. وانسداد أبواب الهداية عن العالمين.
وقد نجد في هذا الفصل نماذج لأشخاص أريد التسويق لهم، من خلال الإدعاءات العريضة التي يطلقونها، والإنتفاخات الإستعراضية التي يقومون بها، لأن ذلك يخدم نفس الأهداف التي كان لهؤلاء الأشخاص دور في مساعدة أصحابها لبلوغها، أو لأنهم قد شاركوا في العمل على استبعاد نهج أصيل، ومحاصرة قيم الحق، وإضعاف حركة أناس يريدون لذلك النهج أن يفرض نفسه ولتلك القيم أن يكون لها دورها في واقع الحياة بقوة وحزم، وبعمق ورسوخ، وإباء وشموخ..
وحيث إننا قد التزمنا بمراعاة ومجاراة كتَّاب السيرة في ذكر ما أحبوا ذكره، فإننا نشير في هذا الفصل إلى نفس النقاط التي ذكروها، ونحاول أن لا نمر عليها مرور الكرام، بل نسجل بعض ما نجد ضرورة لتسجيله من توضيحات أو تصحيحات، مع التزام جانب الإختصار الذي نرجو أن لا يصل إلى حد الإخلال، والله الولي، والموفق، والهادي إلى سبيل الرشاد..
وفاة أم رومان:
قالوا: إن أم رومان بنت عامر، بن عويمر، أم عائشة ماتت في سنة ست. وكانت أولاً عند عبد الله بن سخبرة، فولدت له الطفيل، ثم مات عنها فتزوجها أبو بكر، فولدت له عبد الرحمن وعائشة.
فلما ماتت نزل النبي "صلى الله عليه وآله" في قبرها، فلما دليت فيه قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "من أراد أن ينظر إلى امرأة من الحور العين فلينظر إلى هذه"([211]). وهذا هو قول محمد بن سعد ، وإبراهيم الحربي.
وقد علق بعض الإخوة على هذا الحديث بقوله:
هذا الكلام لا ينسجم مع تعاليم الإسلام والتربية والأخلاق التي أراد رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يتربى الناس عليها ويتخلقوا بها، من لزوم غض النظر عن غير المحارم، ومراعاة حرمة الميت، فهو في مضمونه شاهد كذب على أنه لم يصدر عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" ولا يمكن أن يصدر عنه، خصوصاً في مثل هذا الزمان والمكان، فضلاً عن أنه لا يعطي أية منزلة ولا كرامة لأم عائشة سوى أنها جميلة جداً.
ولو سلم أنها كذلك فعلاً، فليس الجمال مقياساً للمكارم والتفاضل المجدي يوم لا ينفع مال ولا بنون، لأن الجمال نعمة يُسأل عنها المرء، وهذا الكلام لن يفيد حتى الزوج الذي يحتاج إلى كلمة تسليه، وشخص يعزيه.
وعلى أية حال فالمقام لا يتناسب مع هكذا مقال.
ونقول:
قد ذكرنا في الجزء الخاص بحديث الإفك من كتابنا هذا، في فصل: "شخصيات ومضامين غير معقولة": أن هذا الكلام موضع شك، وأن آخرين يقولون: إنها عاشت بعد النبي "صلى الله عليه وآله" دهراً طويلاً، حيث ماتت في خلافة عثمان([212]).
ويستدلون على ذلك:
أولاً: برواية مسروق بن الأجدع عنها، وقد ولد مسروق أول سني الهجرة، وروى عنها حديث الإفك في خلافة أبي بكر أو عمر، وسمع منها حديث الإفك، وهو بعمر خمس عشرة سنة([213]).
ولكن كثيرين أنكروا هذا([214])، بل لقد قال السهيلي: إن مسروقاً ولد بعد وفاة رسول الله "صلى الله عليه وآله" بلا خلاف، ولم ير أم رومان قط([215]).
فالحكم بإرسال رواية مسروق بن الأجدع عنها، إستناداً إلى عدم الخلاف في ولادته أولى..
ثانياً: قد حاول العسقلاني إثبات بقائها إلى ما بعد سنة أربع أو خمس أو ست لكي يؤيد سماع مسروق منها بعد وفاة النبي "صلى الله عليه وآله".. بالاستناد إلى روايتين:
إحداهما: رواية تخيير النبي "صلى الله عليه وآله" لنسائه. حيث أمر "صلى الله عليه وآله" عائشة أن تشاور أبويها: أبا بكر، وأم رومان..
والأخرى: حديث عبد الرحمن بن أبي بكر عن أضياف أبي بكر وفيه: "وإنما هو أنا وأبي، وأمي، وامرأتي الخ..".
وعبد الرحمن قد هاجر بعد الحديبية في سنة سبع أو ثمان بل هو قد أسلم يوم الفتح([216]). فدل ذلك على حياة أمه إلى ما بعد هذا التاريخ.
ونقول:
1 ـ قد ذكرنا في حديث الإفك: أن حياتها إلى سنة تسع لا تثبت بقاءها إلى ما بعد وفاة النبي "صلى الله عليه وآله"، فضلاً عن أن تثبت سماع مسروق منها، وهو إنما ولد بعد وفاته "صلى الله عليه وآله" بلا خلاف.
2 ـ إن رواية أضياف أبي بكر قد عبرت بكلمة "وأمي"، فلعله نزَّل زوجة أبيه بمنزلة أمه.
3 ـ إن كلمة "وأمي" لا توجد في جميع نسخ البخاري، بل هي موجودة ـ فقط ـ في نسختي الكشمهيني، والمستملي.
4 ـ إن عبد الرحمن يقول: فقالت له امرأته، أو فقال لامرأته، وهذا يؤيد أن تكون زوجة أبيه، وليست أمه على الحقيقة..
5 ـ إن رواية الأضياف تقول: إن أبا بكر قد قال لزوجته: يا أخت بني فراس.. وهذا دليل آخر على أن المقصود ليس هو أم رومان،؛ حيث إنها ليست فراسية، فراجع ما ذكرناه حول ذلك في الجزء الخاص بحديث الإفك.
6 ـ إن التخيير لم يكن سنة تسع ـ كما يدعيه هؤلاء ـ بل كان قبل ذلك؛ لأن سورة الأحزاب التي وردت فيها آية التخيير قد نزلت ـ كما يقول نفس هؤلاء ـ سنة أربع أو خمس، أي حين زواج النبي "صلى الله عليه وآله" بزينب بنت جحش.
بل لقد صرحت رواية مسلم وغيره: بأن آية التخيير قد نزلت حين تظاهرت عليه عائشة وحفصة، فاعتزلهن رسول الله "صلى الله عليه وآله" تسعاً وعشرين ليلة، وذلك قبل أن يفرض الحجاب على نساء النبي "صلى الله عليه وآله"([217]).
وقد تقدم: أن الحجاب قد فرض ـ حسبما يدَّعون ـ عند زواجه بزينب بنت جحش، ونحن قلنا سابقاً: إنه قد فرض قبل ذلك. فلا نعيد..
وأما أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد نزل في قبر أم رومان، فهو مما رواه محبوها.
وقد عوَّدنا هؤلاء أنهم إكراماً لعائشة، ولأبي بكر، على استعداد لاقتحام كل المسلمات، وإيقاع أنفسهم في المتناقضات.
فإذا احتاجت عائشة إلى رواية مسروق بن الأجدع عن أم رومان، فإن أم رومان تعود إلى الحياة بعد عشرات السنين من موتها، ومسروق بن الأجدع يولد قبل زمان ولادته بعشر أو بعشرات من السنوات.
وإذا احتاجوا أم رومان لإظهار فضيلة لها من حيث إنها زوجة لأبي بكر، فإنها قد تموت قبل زمان موتها الحقيقي بعشرات السنين، لكي ينزل النبي "صلى الله عليه وآله" في قبرها، وينشئ لها المدائح والتقاريظ البديعة..
ونبقى نحن في أتون الحيرة والشك، فلا ندري من وما نصدق!! هل نصدق بموتها؟ أم بحياتها؟!.. أم نكذب هذا وذاك؟!
ونقول:
إنه ليس لها أي دور مميز يفرض على الناس أن يهتموا بتدوينه، وإنما يراد استخدام خصوصية كونها أماً لعائشة وزوجاً لأبي بكر لتسويق ما يريدون تسويقه من اختراعات وابتداعات، تهدف إلى تبييض وجه هذا أو ذاك.
ولعل هذا الاحتمال الأخير هو الأولى بالقبول، والأقرب إلى الاعتبار، والمنسجم كل الانسجام مع ما عرفناه وألفناه من هؤلاء وعنهم..
إسلام أبي هريرة:
ويقولون: إن أبا هريرة قد أسلم في سنة سبع، وقدم على النبي "صلى الله عليه وآله" في وقعة خيبر، وسيأتي الحديث عن ذلك حين الحديث عن خيبر إن شاء الله تعالى..
إسلام عمران بن حصين:
وذكروا: أن عمران بن حصين قد أسلم في سنة سبع أيضاً([218]).
وروي: أنه كان من المنحرفين عن علي "عليه السلام" أيضاً([219])، وأن علياً "عليه السلام" سيَّره إلى المدائن، وذلك أنه كان يقول: إن مات علي، فلا أدري ما موته، وإن قتل، فعسى أني إن قتل رجوت له([220]).
والظاهر: أنه قد رجع إلى أمير المؤمنين، وصار من شيعته، فإن الفضل بن شاذان قد عده في السابقين الذين رجعوا إلى علي "عليه السلام"([221]).
أو أنه كان متردداً، فتارة يكون معه، وتارة يكون عليه، كما يدل عليه روايته لحديث تسليم أبي بكر وعمر على علي "عليه السلام" بإمرة المؤمنين([222]).
وحديث سعيه لإقناع عائشة بالرجوع عن حرب عـلي "عليه السلام"([223]).
وأما حديثه في تحليل المتعة([224]) فلا يدل على موالاته لعلي "عليه السلام"، ولا على معاداته لمناوئيه.
الفصل الثاني:
سرايا وقضايا بين الحديبية وخيبر..
سرية أبان بن سعيد إلى نجد:
وقالوا: إن النبي "صلى الله عليه وآله" أرسل في سنة سبع أبان بن سعيد بن العاص في سرية من المدينة نحو نجد، فقدم أبان في أصحابه على النبي "صلى الله عليه وآله"، وهو في خيبر، بعدما افتتحها، وإن حُزُم (جمع حزام) خيلهم الليف، ولم يقسم لهم النبي "صلى الله عليه وآله" من غنائم خيبر..
وكان أبان قد أسلم بين الحديبية وخيبر. وهو الذي أجار عثمان بن عفان حينما بعثه النبي "صلى الله عليه وآله" ليعلم أهل مكة بما جاء له([225]).
وقد ادَّعى أبو هريرة: أنه كان حاضراً، حين قدوم هؤلاء أيضاً، فقال: "قلت: يا رسول الله، لا تقسم لهم".
قال أبان: "وأنت بهذا يا وبر تحدر من رأس ضأن"؟!.
فقال النبي "صلى الله عليه وآله": يا أبان اجلس.
فلم يقسم لهم([226]).
ملاحظة: قيل في معناه: أن الوبر حيوان صغير، كالسنور، وهي دابة وحشية، تسمى غنم بني إسرائيل.
أراد أبان بقوله هذا: أن يظهر احتقاره لأبي هريرة، وأنه ليس بالموضع الذي وضع نفسه فيه.
ثم شبهه بتلك الدابة الوحشية، ثم قال: إنه مجرد راع تحدر إليهم من رأس جبل اسمه "ضأن"، يقع في أرض دوس.
هذا.. ولكن هناك رواية أخرى تذكر: أن أبا هريرة هو الذي طلب من النبي "صلى الله عليه وآله" أن يسهم له في خيبر.
فقال بعض ولد سعيد بن العاص: لا تسهم له يا رسول الله.
فقلت: هذا قاتل ابن قوقل.
فقال أبان بن سعيد بن العاص: وا عجباً لوبر تدلى علينا. وفي رواية أنه قال: "واعجباً لك، وبر تدأدأ (أي هجم علينا بغتة) من قدوم (أي من طرف) ضأن. ينعى عليَّ قتل رجل أكرمه الله على يديَّ، ومنعه أن يهينني بيده الخ.." ([227]).
ونقول:
إن لنا على ما تقدم ملاحظات، هي التالية:
1 ـ إذا كان أبو هريرة حديث الإسلام، فلماذا يبادر إلى هذا التدخل القوي فيما لا يعنيه، ضد رجل قد أسلم حديثاً، وبادر إلى الجهاد في سبيل الله، وعاد هو وأصحابه سالمين؟! فهل كانت هناك ترات وإحن قديمة بينه وبين أبان؟! أم أنه أراد أن يعلِّم رسول الله "صلى الله عليه وآله" أحكام الشريعة؟!! أم أن ذلك مجرد حشرية وفضول منه؟!..
2 ـ إذا كان أبان بن سعيد لم يشارك في غزوة خيبر، فاستحق الحرمان من مغانمها، فإن أبا هريرة أيضاً لم يشارك في تلك الغزوة، فلماذا يريد أن يأخذ لنفسه، ثم يريد حرمان غيره من ذلك؟!
بل إن غيره كان أولى منه؛ لأنه عائد من جهاد آخر، واجه فيه الأخطار، وأبو هريرة ومن معه كانوا في راحة وأمن وسلام..
3 ـ إن أبان قد أعلن أمام النبي "صلى الله عليه وآله" وسائر من حضر: أن أبا هريرة ليس أهلاً لأن يشير بشيء، لضعفه وقلة غنائه، فهو مجرد دابة شاردة، وهو لا يحسن إلا رعي الغنم في رأس جبل ضال، أو ضأن.
ويفهم من أبي الحسن الفاسي:
أن ما قصده أبان بكلامه هو: أن أبا هريرة ملصق في قريش (أو في هذه الجماعة المقاتلة المؤمنة)، كلصوق ما يعلق بوبر الشاة من شوك وغيره مما يتدلى عليها([228]).
4 ـ إن مطالبة الدوسيين بالمشاركة في الغنيمة مع عدم مشاركتهم في الحرب، فيه دناءة ظاهرة.
5 ـ رغم أن أبان قد أعلن بما يفيد تحقير وازدراء أبي هريرة، فإن رسول الله "صلى الله عليه وآله" لم يدافع عن أبي هريرة، ولا اعترض على أسلوب أبان في إهانته له، ولا طيَّب خاطر أبي هريرة ولو بكلمة واحدة، مع أنه جاءه لتوه، ومع أنه بحكم الضيف بالنسبة إليه..
بل هو قد اكتفى بالقول لأبان: يا أبان، اجلس.
مع أن النبي "صلى الله عليه وآله" لا يمكن أن يسكت عن نصرة المظلوم، فكيف إذا كان هذا المظلوم قد تعرض للظلم في حضرته "صلى الله عليه وآله"؟
وقد ورد في دعاء الإمام السجاد "عليه السلام": "وأعوذ بك من مظلوم ظلم في حضرتي فلم أنصره"([229]).
6 ـ إن إشراكهم في الغنائم لم يكن عن استحقاق منهم لها.
بل هو مجرد عمل أخلاقي، بدليل: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد كلم أصحابه في أن يشركوهم في الغنيمة، ففعلوا.
حكم الظهار:
وقالو: إن حكم الظهار نزل في سنة ست قبل خيبر، وقيل: بعد خيبر([230]).
وذلك: أن أوس بن الصامت غضب على زوجته خولة بنت ثعلبة ذات يوم، وقال لها: "أنت علي كظهر أمي".
وكان ذلك أول ظهار في الإسلام، وكان الظهار طلاقاً في الجاهلية..
ثم ندم على ما قال، فأتت خولة إلى النبي "صلى الله عليه وآله" وعائشة تغسل رأسه، فقالت: يا رسول الله، إن زوجي أوس بن الصامت تزوجني، وأنا ذات مال وأهل، فلما أكل مالي، وذهب شبابي، ونفضت بطني، وتفرق أهلي ظاهر مني.
فقال "صلى الله عليه وآله": حرمت عليه.
فبكت، وصاحت، وقالت: أشكو إلى الله فقري، وفاقتي، ووجدي، وصبية صغاراً، إن ضممتهم إليه ضاعوا، وإن ضممتهم إلي جاعوا.
فقال "صلى الله عليه وآله": ما أراك إلا حرمت عليه.
فجعلت ترفع صوتها باكية، وتقول: اللهم إني أشكو إليك.
فبينما هي على تلك الحالة إذ تغيَّر وجه رسول الله "صلى الله عليه وآله" للوحي، فنزل جبرئيل "عليه السلام" بقوله تعالى:
?قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ? الآيات.
فدعا رسول الله "صلى الله عليه وآله" أوس بن الصامت، فتلا عليه الآيات المذكورة، وقال له: أعتق رقبة.
فقال: ما لي قدرة.
قال: فصم شهرين متتابعين.
قال: إني إذا لم آكل في اليوم مرتين كلَّ بصري.
قال: فأطعم ستين مسكيناً.
قال: لا أجد، إلا أن تعينني منك بعون وصلة.
فأعانه رسول الله "صلى الله عليه وآله" بخمسة عشر صاعاً، وكانوا يرون: أن عند أوس مثلها، وذلك لستين مسكيناً، لكل مسكين نصف صاع([231]).
وبعض النصوص تقول عن أوس: إنه "كان به لمم، فإذا اشتد لممه ظاهر من امرأته"([232]).
ونقول:
إننا نعتقد: أن الرواية الأصح هي التالية:
روى القمي، عن أبي جعفر "عليه السلام": أنها حين أخبرت النبي "صلى الله عليه وآله" بالأمر، قالت: فانظر في أمري.
فقال لها رسول الله "صلى الله عليه وآله": ما أنزل الله تبارك وتعالى كتاباً أقضي فيه بينك وبين زوجك، وأنا أكره أن أكون من المتكلفين.
فجعلت تبكي وتشتكي ما بها إلى الله عز وجل، وإلى رسول الله "صلى الله عليه وآله".. إلى أن أنزل الله عز وجل قرآناً..
إلى أن قالت الرواية: فبعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى المرأة فأتته، فقال لها: جيئي بزوجك.
فأتت به، فقال له: أقلت لامرأتك هذه: "أنت حرام كظهر أمي"؟.
فقال: قد قلت لها ذلك.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": قد أنزل الله تبارك وتعالى فيك وفي امرأتك قرآناً، وقرأ: ?قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ، الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللّه لَعَفُوٌّ غَفُورٌ?([233]).
فَضُمَ إليك امرأتك، فإنك قد قلت منكراً من القول وزوراً، وقد عفا الله عنك وغفر لك، ولا تعد.
فانصرف الرجل، وهو نادم على ما قال لامرأته، وكره الله عز وجل ذلك للمؤمنين بعد.
وأنزل الله: ?وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ..? الآية([234]).
ونقول:
إننا إذا لاحظنا هذه الرواية، والرواية المتقدمة، فسنجد ما يلي:
1 ـ إن هذه الرواية تقول: إن ذلك الرجل لم يكفِّر بإطعام ستين مسكيناً. بل عفا الله عنه.. ثم وضع ذلك على من جاء بعده، وفعل ذلك، ما دام أنه لم يتعظ بما جرى لذلك الرجل.
ولعل عفو الله عز وجل عن أوس بن الصامت إنما كان لأجل شدة حاجته، وعدم قدرته على التكفير.
والظاهر: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" أمره بإطعام ستين مسكيناً، فأخبره بأنها ليست عنده، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": أنا أتصدق عنك، فأعطاه تمراً لإطعام ستين مسكيناً، فقال: اذهب، فتصدق بها.
فقال: والذي بعثك بالحق، لا أعلم بين لابتيها (وهي جانبا المدينة) أحداً أحوج إليه مني ومن عيالي.
قال: فاذهب، وكل، وأطعم عيالك([235]).
2 ـ إن هذه الرواية تقول: إن الآيات قد نزلت في غياب المرأة، لا في حضورها، كما زعمته الرواية الأولى.
3 ـ إنها تقول، وكذلك رواية ابن عباس([236]): إن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يعط المرأة جواباً، والرواية الأولى تقول: إنه أجابها مباشرة بأنها قد حرمت على زوجها.
4 ـ إن الرواية الأولى قد ذكرت: أنه "صلى الله عليه وآله" قال لها: ما أراك إلا حرمت عليه.
وفي بعض نصوصها: ما أمرنا بشيء من أمرك، ما أراك إلا قد حرمت عليه([237]). فهل كان النبي "صلى الله عليه وآله" يفتي برأيه؟! ثم يظهر خطؤه!!. أم أنه يخبر عن حكم الله الثابت الذي أطلعه الله سبحانه وتعالى عليه، ثم نسخه الله؟!
فإن كان يفتي برأيه، ويخطئ فيه، فإنه لا يكون مأموناً على شرع الله سبحانه، كما أن ذلك لا ينسجم مع حقيقة كونه لا ينطق عن الهوى..
وإن كان قد أخبر عن حكم الله تعالى، ثم نسخ الله حكمه، فلماذا نسب ذلك إلى رأي نفسه، ويقول: ما أراك إلا حرمت عليه؟!
5 ـ وأما الروايات التي صرحت: بأن أوساً كان به لمم، فكان إذا اشتد به لممه ظاهر من امرأته فهي أيضاً مردودة، بأن الظهار في حال اللمم ليس له أثر، ولا يوجب التحريم، لأن اللمم نوع من الجنون([238]) يوجب سقوط عبارة المظاهر عن التأثير.
ولأجل ذلك نقول:
إنه إذا صح أنه قد كان في أوس لمم، فإنه إنما ظاهر في بعض صحواته، كما صرحت به بعض الروايات فراجع([239]).
6 ـ إنهم يزعمون: أن أوس بن الصامت كان أعمى، مع أنهم يقولون: إنه قال لرسول الله "صلى الله عليه وآله": "إذا لم آكل في اليوم مرتين (أو ثلاثاً) كلَّ بصري"([240]) وهو يدل على أنه لم يكن أعمى..
وقول العسقلاني: المراد: أن بصره يكلُّ لو كان مبصراً، لا يفيد في ترقيع الخروق التي في هذه الرواية، فإنه خلاف الظاهر جداً([241]).
تحريم الخمر:
وقالوا: إن الخمر قد حرمت في السنة السادسة من الهجرة، سنة الحديبية، وبه جزم الدمياطي([242]).
وهناك أقوال أخرى، تحدثنا عنها في الجزء السادس من هذا الكتاب في فصل: فاطمة وعلي ومناوئوهما.. فراجع ما ذكرناه في ذلك الفصل.
وهناك بعض الكلام عن تحريم الخمر وما يرتبط بذلك من أمور، حاول الحاقدون والمناوئون لأهل البيت "عليهم السلام" أن يكيدوهم بها وانصب اهتمامهم على الكيد لعلي وحمزة صلوات الله وسلامه عليهما..
ونحن نحيل القارئ الكريم إلى ما ذكرناه في ذلك الموضع أيضاً.
أسطورة سحر النبي ':
وزعموا: أنه في شهر محرم من السنة السابعة, وقيل سنة ست: سحر رسول الله "صلى الله عليه وآله"([243]).
فعن عائشة، قالت: سحر رسول الله "صلى الله عليه وآله" حتى إنه يخيل إليه: أنه يفعل الشيء وما فعله، حتى إذا كان ذات يوم عندي دعا الله، ودعاه، ثم قال: أشعرت يا عائشة: أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه؟!
قلت: وما ذاك يا رسول الله؟!
قال: جاءني رجلان، فجلس أحدهما عند رأسي، والآخر عند رجليَّ، ثم قال أحدهما لصاحبه: ما وجع الرجل؟
قال: مطبوب.
قال: وما طبه؟
قال: لبيد بن الأعصم اليهودي، من بني زريق.
قال: في ماذا؟
قال: في مشط، ومشاطة، وجف طلعة ذكر.
قال: فأين هو؟
قال: في بئر ذي أروان.
قال: فذهب النبي "صلى الله عليه وآله" في أناس من أصحابه إلى البئر، فنظر إليها، وعليها نخل، ثم رجع إلى عائشة، فقال: والله، لكأن ماءها نقاعة الحناء، ولكأن نخلها رؤوس الشياطين.
قلت: يا رسول الله، فأخرجته؟!
قال: لا، أما أنا فقد عافاني الله وشافاني، وخشيت أن أثور على الناس فيه شراً.
وأمر بها فدفنت([244]).
أي: أنه أمر بالبئر فدفنت.
وفي نص آخر، عن ابن عباس: أن الملكين أمرا بنزح الماء ورفع الصخرة، واستخراج الركية التي فيها السحر، وأن يحرقوها، فبعث عمار في نفر، فاستخرجوا الركية، وأحرقوها، فإذا فيها وتر فيه إحدى عشرة عقدة، وأنزلت عليه المعوذتان، فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة([245]).
وعن عائشة: سحر رسول الله "صلى الله عليه وآله" حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن.
قال سفيان: وهذا أشد ما يكون من السحر إذا كان([246]).
وعن أنس، قال: سحر النبي "صلى الله عليه وآله"، فأتاه جبريل "عليه السلام" بخاتم، فلبسه في يمينه، وقال: لا تخف شيئاً ما دام في يمينك([247]).
وعن زيد بن أرقم: سحر النبيَّ "صلى الله عليه وآله" رجل من اليهود، فاشتكى لذلك أياماً، فأتاه جبريل "عليه السلام"، فقال: إن رجلاً من اليهود سحرك، وجعل لذلك عُقَدَاً.
فأرسل "صلى الله عليه وآله" علياً "عليه السلام" فاستخرجها، وجاء بها، فجعل كلما حل عقدة وجد لذلك خفة، فقام رسول الله "صلى الله عليه وآله" كأنما نشط من عقال. فما ذكر ذلك لليهودي، ولا رآه في وجهه([248]).
وعن زيد بن أرقم في نص آخر: أن رجلاً من الأنصار سحر النبي "صلى الله عليه وآله"، وأن ملكين أتيا النبي "صلى الله عليه وآله" وأخبراه: أن فلاناً عقد له عقداً، وأنها في بئر فلان، وأن الماء قد اصفرَّ من شدة عقده([249]).
وعن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، قال: إنما سحره بنات أعصم، أخوات لبيد، وكان لبيد هو الذي ذهب به، فأدخله تحت راعوفة البئر.
ودس بنات أعصم إحداهن، فدخلت على عائشة، فسمعت عائشة تذكر ما انكر رسول الله "صلى الله عليه وآله" من بصره، ثم خرجت إلى أخواتها بذلك. فقالت إحداهن: إن يكن نبياً فسيخبَّر، وإن كان غير ذلك فسوف يدلهه هذا السحر، فيذهب عقله، فدله الله عليه([250]).
وقد مرض "صلى الله عليه وآله" من سحرهن له، حتى إنه لم يقدر على قربان أهله ستة أشهر، وذكر السنة، والأربعين يوماً، في الوفاء([251]).
وعن أنس: صنعت اليهود لرسول الله "صلى الله عليه وآله" شيئاً، فأصابه من ذلك وجع شديد، فأتاه جبريل بالمعوذتين يعوذه بهما، فخرج إلى أصحابه صحيحاً([252]).
وذكرت بعض الروايات: أن اليهود جعلت لابن الأعصم ثلاثة دنانير([253]).
وذكروا: أنه "صلى الله عليه وآله" أقام في السحر أربعين يوماً([254]).
وقيل: ستة أشهر، يرى أنه يأتي ولا يأتي([255]).
وقال الدياربكري: ويمكن الجمع، بأن يكون ستة أشهر من ابتداء تغير مزاجه، والأربعين يوماً من استحكامه([256]).
وعن الزهري: أنه لبث سنة.
قال العسقلاني: قد وجدناه موصولاً بالإسناد الصحيح، فهو المعتمد([257]).
وعن عائشة: سحر، حتى إنه كان ليخيل إليه: أنه يفعل الشيء وما فعله([258]).
وعن ابن عباس، وعائشة: كان غلام من اليهود يخدم رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فدبت إليه اليهود، فلم يزالوا به حتى أخذ من مشاطة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وعدة أسنان من مشطه، فأعطاها اليهود فسحروه فيها، فمرض "صلى الله عليه وآله"، وانتثر شعر رأسه، ولبث ستة أشهر يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيها([259]).
وذكر العسقلاني: أن رجلاً نزل في البئر، واستخرجه، وأنه وجد في الطلعة مثالاً من الشمع لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، فإذا فيه إبر مغروزة، وإذا وتر فيه إحدى عشرة عقدة، (وفي نص آخر: ووجد رسول الله "صلى الله عليه وآله" خفة فقام كأنما أنشط من عقال([260])) فنزل جبرئيل بالمعوذتين، فكلما قرأ آية انحلت عقدة، وكلما نزع عقدة وجد لها ألماً، ثم يجد بعدها راحة([261]).
وقيل: قتل النبي "صلى الله عليه وآله" مَنْ سَحَرَهُ، وقيل: عفا عنه.
قال الواقدي: عفوه عنه أثبت عندنا. وروي قتله([262]).
وفي بعض الروايات: أن سِحْرَ يهود بني زريق حبس النبي "صلى الله عليه وآله" عن خصوص عائشة سنة([263]).
وروي أن الغلام الذي سحر النبي "صلى الله عليه وآله" والذي كان يخدمه هو نفس لبيد بن الأعصم([264]).
وهناك تفاصيل أخرى، وردت في بعض الروايات([265]). وفيما ذكرناه كفاية.
ونقول:
إننا لا نشك في كذب هذه الروايات، ونعتقد: أنها من مجعولات أعداء هذا الدين، أو من قبل أناس أعمى الجهل بصائرهم، وتاهت في ظلمات الضلالات عقولهم.
ونحن نلخص ما نريد الإلماح إليه هنا بالمطالب التالية:
تناقض الروايات:
ولسنا بحاجة إلى التذكير بالتناقضات الكثيرة بين مضامين تلك الروايات، وما ذكرته من خصوصيات، ونكتفي من ذلك بأمثلة يسيرة هي:
1 ـ بعضها يقول: إن الملكين أمرا باستخراج السحر وإحراقه، فإنه أرسل من استخرجه، وصار كلما حل عقدة منه وجد لذلك خفة، حتى قام كأنما نشط من عقال.
ورواية تقول: إنه لم يخرجه، وقد عافاه الله وشافاه بدون ذلك.
2 ـ هل الذي سحره هو لبيد بن الأعصم؟ أم أن الساحر هو بنات أعصم أخوات لبيد؟
3 ـ هل بقي لا يقدر على قربان أهله ستة أشهر؟ أم بقي أربعين يوماً؟ أم سنة؟ أو أنه بقي أياماً؟
4 ـ هل شفي بسبب حل العقد؟ أم بسبب أن جبرئيل أتاه فعوَّذه بالمعوذتين، فخرج إلى أصحابه صحيحاً؟ أم أنه شفي بسبب الخاتم الذي ألبسه إياه جبرئيل؟
5 ـ هل قتل النبي ذلك الذي سحره؟ أم أنه عفا عنه؟
6 ـ هل الغلام الذي كان يخدم النبي "صلى الله عليه وآله" هو لبيد بن الأعصم نفسه؟ أم أنه رجل آخر؟
7 ـ وهل السحر وضع في بئر ميمون؟ أم في بئر أروان؟
النبي ' الأسوة، والقدوة، والمثال:
إن كلام هؤلاء معناه: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد فقد قدرة التمييز بين الأمور وفقد توازنه، ولم يعد قادراً على التركيز، بسبب ما يعانيه من اختلالات في عقله وإدراكه..
بل في بعضها: "فأقام رسول الله "صلى الله عليه وآله"، لا يسمع ولا يبصر، ولايفهم، ولا يتكلم، ولا يأكل ولا يشرب"([266]).
وكلامهم يعني أيضاً: أنه قد أصبح من الجائز أن يتخيل "صلى الله عليه وآله" أنه يصلي، أو يحج، أو يصوم، وهو لا يصلي، ولا يحج في واقع الأمر، بل هو يفعل أمراً آخر وقد يكون هذا الأمر الذي يفعله موبقة من الموبقات، أو جريمة من الجرائم، وقد يكون منافياً للآداب وللأخلاق وللإنسانية.
وقد يتخيل: أنه يبلِّغ أحكام الله وهو في واقع الأمر ينطق بالكفر، ويدعو الناس للضلال.
فهل يمكن أن يكون هذا حال من وصفه الله تعالى بأنه: ?مَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى?..
وهل يمكن أن يقول الله تعالى للناس: ?وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا?.
وأن يقول: ?لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ?.
وأن يجعل قوله، وفعله، وتقريره "صلى الله عليه وآله" حجة ودليلاً على الأحكام، مع أنه رجل مسحور، قد يتكلم بالباطل، وقد يكون تصرفه لا يرضي الله تعالى؟!
إن تتبعون إلا رجلاً مسحوراً:
والذي يؤكد لنا: أن ثمة يداً تحاول الطعن في النبوة، بل وفي الدين كله، أن هؤلاء أرادوا استصدار اعتراف من المسلمين أنفسهم، ومن أقرب الناس لرسول الإسلام "صلى الله عليه وآله" بأن نبيهم رجل مسحور لا يصح اتباعه، ولا مجال لتصديقه.
وقد اقتدوا في ذلك بأسلافهم، أعداء الأنبياء، الذين حكى الله عنهم: أن الاتهام بالوقوع تحت تأثير السحر هو أحد الوسائل التي اتبعوها لإسقاط دعوات الأنبياء السابقين، قال تعالى حكاية لقول فرعون: ?إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُوراً?([267]).
ويقول سبحانه عن الظالمين: ?وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَّسْحُوراً?([268]).
وقال: ?إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً?([269]).
وقد أخذ هؤلاء على عاتقهم خدمة هذا الكيد الشيطاني، بنسبتهم هذه الأباطيل إلى ساحة قدس رسول الله "صلى الله عليه وآله"، مع أن الله سبحانه قد نزهه عنها.
حفظ الله تعالى لأنبيائه ^:
وحين نحكم بكذب الروايات التي تقول: إن النبي "صلى الله عليه وآله" قد سحر فعلاً، فذلك لا يعني: أننا نريد نفي أن يكون اليهود وغيرهم قد بذلوا بعض المحاولات في هذا المجال.
بل إن ذلك: هو المتوقع منهم، والمظنون بهم، ولعل هذه المحاولات قد تكررت وتنوعت..
ولكننا نقول:
إن جميع محاولاتهم قد باءت كلها بالفشل الذريع، ومُنيَ الذين قاموا بها بالخيبة القاتلة والخسران المبين، وفضحهم الله على لسان رسوله "صلى الله عليه وآله" ليكون ذلك معجزة له، من حيث إنه إخبار لهم بما أسروا من ذميم الفعل، وخبيث النوايا..
كما أن ما فعلوه لم يكن له أي تأثير على دعوته "صلى الله عليه وآله".
وخير دليل على ذلك: أنه لم يمكن لهم التعلق بشيء من ذلك طيلة كل هذه الأحقاب المتمادية.. وبقيت صورة نبينا الأكرم "صلى الله عليه وآله" تزداد تألقاً وسطوعاً جيلاً بعد جيل، وقرناً بعد قرن..
هل كان يهودي يخدم رسول الله '؟!
وكان النبي "صلى الله عليه وآله" قد حارب يهود بني قينقاع، والنضير، وقريظة، وقد قتل المسلمون عدداً من زعماء اليهود الآخرين، الذين كانوا يعيشون في المنطقة، من الذين جاهروا بالعداوة لهم وحالفوا أعداءهم، وساعدوا وسعوا في إثارة الحروب ضدهم، ولم يزل يهود المنطقة في خيبر، وتيماء، ووادي القرى على هذه الحال معهم أيضاًَ..
فكيف يرضى النبي "صلى الله عليه وآله" والحال هذه، بأن يخدمه ذلك اليهودي، الذي يرى نفسه موتوراً، ولا تصفو نفسه لواتره؟!
خصوصاً مع وجود التأكيدات القرآنية المتضافرة على شدة عداوة اليهود للمسلمين، كما في قوله تعالى: ?لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ..?([270]).
ألم يكن في المسلمين من يقوم بهذه الخدمة لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، حتى احتاج إلى خدمة يهودي؟!
يضاف إلى ذلك: أنهم يقولون: إن لبيد بن الأعصم كان موسراً كثير المال([271]).
ومن كان كذلك: فإنه لا يرضى عادة بأن يكون خادماً لأحد، وإن رضي بذلك للتوصل إلى أهداف شريرة، فإنه سيكون موضع ريب وشك من كل أحد وسوف يتساءل الناس كلهم، ورسول الله "صلى الله عليه وآله" أيضاً، عن سبب إقدام هذا الرجل على خدمة رجل ليس على دينه، بل هو يعاديه، وقد كانت بينه وبين قومه حروب هائلة..
على أن بعض روايات السحر قد ذكرت: أن غلاماً مر بلبيد وفي أذنه قرط فجذبه، فخرم أذن الصبي، فأُخذ فقُطعت يده، فكوي منها فمات([272]).
فإن عقوبة من خرم أذن صبي ليست هي قطع يده.
كما أن اليد إذا كويت لا يموت صاحبها..
الرسول ' بدون شعر!!
وقد ذكرت الروايات المتقدمة: أن شعر رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد انتثر بواسطة السحر..
وهذا أمر عجيب وغريب، لم نعهده في سحر الساحرين، ولا قرأناه في تاريخ هذا النبي الأمين "صلى الله عليه وآله"، فلو كان ذلك قد حصل فعلاً لاعتبره المؤرخون مفصلاً تاريخياً في حياته "صلى الله عليه وآله".. ولكان قد بقي في ذاكرة الأجيال المتعاقبة كما بقيت قصة بدر، وأحد، وغيرهما..
وكما حفظ لنا التاريخ حديث الطائر المشوي، وحديث تصدق علي "عليه السلام" بخاتم في الصلاة، وحديث الغدير، وما إلى ذلك..
يضاف إلى ذلك: أن هذا الأمر لو حدث فعلاً فسنجد عائشة تحاول بما لا مزيد عليه نشره، والتهويل به، والإمعان في وصف جزئياته، وحالاته وتحولاته..
كما أن ذلك سوف ينقص قدره لدى زوجاته، ويثير فيهن حالات من الاستغراب، وقد يصل الأمر ببعضهن إلى حد إظهار الاشمئزاز من حالته.. مع أن شيئاً من ذلك لم يحدث، أو أننا على أقل تقدير لم نسمع بما يشير إلى شيء من ذلك..
تصنيف الروايات المتقدمة:
والناظر في الروايات المتقدمة يخرج بحقيقة: أنها رغم دلالتها على تعدد محاولة التوسل بالسحر للتأثير على النبي "صلى الله عليه وآله".. فإنه لا بد من تصنيفها في دائرتين:
إحداهما: دائرة المقبول والمعقول. وهو ما دل على تأثير السحر في جسد الرسول، من حيث إيجابه مرضاً، أو ضعفاً، أو تعباً، فإن الأمراض مما يجوز حصوله للأنبياء، والسحر من أسبابها العادية، فلا يضر عروض المرض لهم، ولا يوجب نقصاً في محلهم، ولا في مراتبهم.
تماماً كما جرى لأيوب "عليه السلام"، الذي قال الله تعالى عنه: ?وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ?([273]).
حيث دلت هذه الآية وكذلك الروايات الواردة في تفسيرها، على أنه لا مانع من تأثير السحر في تسليط بعض الأرواح الشريرة على أبدان الأنبياء "عليهم السلام" لإتعابهم، وإيذائهم، ويكون ذلك من موارد امتحان الأنبياء "عليهم السلام" لإظهار مدى صبرهم، وعظيم تحملهم وحقيقة ملكاتهم، وقدراتهم في مواجهة المصائب والمصاعب.
الثانية: أن الأنبياء "عليهم السلام" محفوظون من السحر الذي يؤثر في إفساد عقولهم، والعبث بقدراتهم، في مجال الفهم، والإدراك، والتمييز، وما إلى ذلك.
وكلامنا إنما هو في إبطال الروايات التي تنحو هذا المنحى وتريد إثبات تأثير السحر في هذه المجالات.. أما التي هي من النوع الأول فلسنا بصدد إثباتها ولا نفيها.
هذا، وهناك أمور أخرى يمكن أن تذكر في جملة المؤاخذات على الروايات المذكورة، غير أننا نكتفي بما ذكرناه آنفاً. والله هو الهادي إلى سواء السبيل.
الباب الرابع:
دعوة ملوك الأرض.
الفصل الأول: بيانات تمهيدية..
الفصل الثاني: كتاب النبي ' إلى كسرى..
الفصل الثالث: كتاب النبي ' إلى قيصر..
الفصل الرابع: كتاب النبي ' إلى المقوقس..
الفصل الخامس: كتاب النبي ' إلى النجاشي الثاني..
الفصل الأول:
بيانات تمهيدية
كتابة إلى ستة من الملوك:
وفي سنة ست([274]) أو في سنة سبع([275]) كان إرسال النبي "صلى الله عليه وآله" الرسل إلى ستة من الملوك، الذين يتحكمون في شعوب الأرض، فقد أرسل في ذي الحجة الحرام، أو في أواخره([276]) أو في المحرم([277]) ستة نفر في يوم واحد([278]) فخرجوا مصطحبين([279]).
وقد كتب إليهم وإلى غيرهم من الملوك، والرؤساء، في داخل بلاد الإسلام وخارجها.
وكانت اللغة التي كتب إليهم بها هي العربية، والتي هي لغة القرآن والإسلام.
الملوك الستة الذين كتب إليهم:
والملوك الستة الذين كتب النبي "صلى الله عليه وآله" إليهم هم:
1 ـ النجاشي، ملك الحبشة.
2 ـ قيصر، ويقال: هرقل، عظيم الروم.
3 ـ كسرى، حاكم فارس والمدائن.
4 ـ المقوقس، صاحب الإسكندرية (مصر).
5 ـ الحارث، والي تخوم الشام ودمشق.
6 ـ ثمامة بن أثال، وهوذة بن علي الحنفيان، ملكا اليمامة، وقائداها.
حاملو الكتب:
أما الذين حملوا الكتب إلى هؤلاء فهم:
1 ـ عمرو بن أمية الضمري، إلى النجاشي.
2 ـ دحية بن خليفة الكلبي، إلى قيصر.
3 ـ عبد الله بن حذافة السهمي، إلى كسرى.
4 ـ حاطب بن أبي بلتعة اللخمي، إلى المقوقس.
5 ـ الشجاع بن وهب الأسدي، إلى الحارث بن أبي شمر الغسَّاني.
6 ـ وسليط بن عمرو العامري، إلى ثمامة وهوذة.
التثاقل عن تنفيذ أمر الرسول ':
والظاهر هو: أنه قد كان ثمة رهبة شديدة وخوف عظيم لدى بعض المسلمين من هذا الأمر، حتى إن الرسل أنفسهم أظهروا تثاقلاً عن تنفيذ أمر رسول الله "صلى الله عليه وآله". وقد يكون من أسباب ذلك خوفهم من بطش أولئك الملوك بهم، وذلك في سورة غضب شديد توقَّعوها منهم حين تسليم الرسائل إليهم، فقد قالوا: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" خرج على أصحابه ذات يوم بعد عمرته التي صد عنها يوم الحديبية، فقال:
يا أيها الناس، إن الله بعثني رحمة وكافة؛ فأدوا عني يرحمكم الله، ولا تختلفوا عليَّ كما اختلف الحواريون على عيسى!!
وقال: "انطلقوا ولا تصنعوا كما صنع رسل عيسى بن مريم".
فقال أصحابه: وكيف اختلف الحواريون يا رسول الله؟!.
فقال: دعاهم إلى الذي دعوتكم إليه.. فأما من بعثه مبعثاً قريباً فرضي وسلَّم، وأما من بعثه مبعثاً بعيداً، فكره وجهه، وتثاقل.
فشكى ذلك عيسى إلى الله تعالى؛ فأصبح المتثاقلون، كل واحد منهم يتكلم بلسان الأمة التي بعث إليها([280]).
وقد اعتبر الواقدي: أن من معجزات رسول الله "صلى الله عليه وآله": أنه حين بعث النفر الستة إلى الملوك: "أصبح كل رجل منهم يتكلم بلسان القوم الذين بعثهم إليهم".
وقالوا: "كان ذلك معجزة لرسول الله "صلى الله عليه وآله".."([281]).
وعلى كل حال.. فإن هذا الحديث يدل: على أنه قد جرى لرسول الله "صلى الله عليه وآله" مع من أرسلهم إلى الملوك، نفس ما جرى لعيسى مع الحواريين .. فظهر مصداق ما أخبر به رسول الله "صلى الله عليه وآله" من أن هذه الأمة سوف تسير على سنن من قبلها حذو القذة بالقذة، ومطابق النعل بالنعل، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلوا فيه..
لماذا باللغة العربية؟!
إن ههنا سؤالاً يفرض نفسه، ويلح بطلب الإجابة عليه، وهو: أن الله سبحانه قد بعث محمداً "صلى الله عليه وآله" نذيراً للبشر كلهم، أبيضهم وأسودهم، عربيهم وعجميهم، قال تعالى: ?وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ?([282]).
وكان "صلى الله عليه وآله" يكلم كل قوم بلسانهم، فلماذا كتب لملوك الأرض كلهم باللغة العربية، ولم يكتب لهم بلغاتهم الخاصة بهم؟!
والجواب:
أولاً: من الطبيعي أن الإسلام يملك قيماً حضارية ومبادئ إنسانية يريد لها أن تحكم العالم، وتهيمن عليه، فلا غرو أن يسعى لفرض لغته ومصطلحاته الخاصة به على الشعوب كلها، واللغة هي الصلة بين جميع أتباع هذا الدين من هذه الأمة التي يفترض فيها أن تعيش تلك القيم، وترتكز في تعاملها وسلوكها إلى تلك المبادئ. لأن المطلوب هو: أن تتحول تلك المبادئ والقيم إلى مشاعر وأحاسيس، وأن يكون لها دور في صنع خصائص الشخصية الإنسانية، وتصبح هي عينه التي ينظر بها، وأذنه التي يسمع بها، ولسانه المعبر عن حقيقته الباطنية، وحركته العفوية، وتكوّن لمحاته، ولفتاته، وكل مظهر من مظاهر الحياة والوعي لديه.
وتكون الكلمة، واللغة، والمصطلح الإيماني هي ذلك المحرك القوي، الذي يطلق في حنايا الروح، وفي أعماق الضمير والوجدان الإنساني شحناته الرافدة لمشاعره وأحاسيسه، والغامرة لها بفيوضات من معاني القيم، والمثل العليا.
ومن أجل ذلك كله، نقول:
إنه لا بد من أن تفرض لغة القيم نفسها على البشرية كلها، وإن احتفظت الشعوب بلغاتها الخاصة بها فإنما ذلك من أجل أن تكون وسيلتها في تلبية حاجاتها في مفردات ومجالات ليست لها علاقة مباشرة بمعاني القيم ونظام المثل والمبادئ.
ولهذا كتب النبي "صلى الله عليه وآله" إلى ملوك العالم باللغة العربية، ولم يكتب لهم بلغاتهم التي يتكلمون بها.
ثانياً: إن وحدة اللغة فيما يرتبط بالقيم الإنسانية ومناهج الدين، تعطي الشعوب الإحساس الوجداني العميق بالرابط القيمي فيما بينها وبين الشعوب الأخرى، وتؤكد شعورها بالقواسم المشتركة في مفردات الدين والإيمان..
ولذلك أنزل الله القرآن، وهو كتاب العالم بأسره، باللغة العربية، وجعل لقراءته ثواباً، ورتب أحكاماً، كما أنه قد شرع الصلاة، والأدعية، والزيارات، وبعض العقود وغيرها باللغة العربية أيضاً.
ثالثاً: إن الأمم الراقية تسعى لنشر لغتها في الشعوب على مستوى العالم بأسره، وذلك على حد قول العلامة الأحمدي "رحمه الله": "إعمالاً للسيادة، وتثبيتاً للعظمة"([283]).
ويعدُّ هذا من أسباب قوة الدعوة، وثباتها، وتعزيزها في وجدان الناس، وفي عقولهم، وفي حياتهم العملية أيضاً..
تفاوت مستويات الرسائل العربية:
وقد يلاحظ: أن كتب النبي "صلى الله عليه وآله"، ورسائله، وعهوده، وإقطاعاته، تختلف وتتفاوت من حيث اشتمالها على الألفاظ الوحشية والغريبة فيها تارة، وخلوها من ذلك أخرى، ومن حيث سهولة التعبير وحزونته فيها، وغير ذلك من خصوصيات..
والسبب في ذلك هو: أنه "صلى الله عليه وآله" كان يكلم الناس، ويكتب لهم على قدر عقولهم، وحسبما ألفوه من لغاتهم، ويصوغ لهم العبارات، ويورد التراكيب وفق ما هو متداول فيما بينهم، فأوجب ذلك اختلاف كلماته معهم، ورسائله لهم، من حيث وعورة الألفاظ وعذوبتها، وسهولة التراكيب وتعقيدها "اتساعاً في الفصاحة، واستحداثاً للإلفة والمحبة، فكان يخاطب أهل الحضر بكلام ألين من الدهن، وأرق من المزن، ويخاطب أهل البدو بكلام أرسى من الهضب، وأرهف من القضب"([284]).
وكلا هذين النوعين من الكلام بليغ وفصيح، فإن الغريب والوحشي لم يكن وحشياً ولا غريباً بالنسبة للذين خاطبهم به، بل هو فصيح بالنسبة إليهم، بل هذا النمط هو أعلى درجات البلاغة والفصاحة عندهم.
بل قد يقال: إن ما ظهر في لهجات ولغات كثير من القبائل من هنات وهنات([285]) كان يعدُّ هو الفصاحة بعينها بالنسبة لتلك القبائل.
ولغة قريش فقط هي التي سلمت من أمثال هذه الهنات، فكانت هي الأفصح، والأجمل، والأصفى، وكان "صلى الله عليه وآله" من قريش، فكان "صلى الله عليه وآله" أفصح العرب، أو أفصح من نطق بالضاد حسبما روي عنه([286]).
الكتابة في عهد رسول الله ':
لا ريب في أن الذين كانوا يعرفون القراءة والكتابة في أول البعثة النبوية الشريفة كانوا قليلين..
ولكن توسع الإسلام، خصوصاً بعد الهجرة، وظهور حاجة الناس في كثير من شؤون حياتهم وعلاقاتهم إلى القراءة والكتابة، وتشجيع الإسلام على تعلُّمها. وقد بلغ النبي "صلى الله عليه وآله" في حثه على كتابة العلم، وعلى كتابة القرآن، والسنة، قد بلغ الغاية، وأوفى على النهاية، إلى حد أن جعل فداء الأسير في بدر، هو أن يعلِّم عشرة من أطفال المسلمين القراءة والكتابة([287]).
وكان "صلى الله عليه وآله" أمر عبد الله بن سعيد بن العاص: أن يعلم الناس الكتابة بالمدينة، وكان محسناً([288]).
وقد ذكر العلامة الأحمدي "رحمة الله) " في كتابه "مكاتيب الرسول" العديد ممن صرحوا: بأنهم كتبوا لرسول الله "صلى الله عليه وآله" في مختلف المجالات، فلا بأس بمراجعة ذلك الكتاب.
لم يكن النبي ' يكتب بيده:
وكانت طريقته "صلى الله عليه وآله" في كتابة رسائله وغيرها، هي: أنه يملي، والكاتب يكتب، ولم نجد ما يدل على: أنه "صلى الله عليه وآله" قد كتب بيده إلا ما تقدم عن البراء بن عازب في قصة الحديبية، حيث قال: "فأخذ رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وليس يحسن يكتب فكتب: هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله الخ.." ([289]).
وقد قالوا: إن الروايات الأخرى قد صرحت: بأن علياً "عليه السلام" قد امتثل أمر رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وكتب ما أمر به.
فيكون المراد: أنه أمر علياً "عليه السلام" بالكتابة، فكتب، وما فعله رسول الله "صلى الله عليه وآله" هو: أنه محا الكلمة السابقة فقط.
ولكن ذلك لا يعني: أنه "صلى الله عليه وآله" لم يكن يعرف القراءة والكتابة، عن طريق التعليم الإلهي الموجب لظهور المعجزة له في ذلك.. كما أثبتناه في كتابنا "مختصر مفيد"([290]).
وكان عدم تصديه لكتابة رسائله وغيرها مراعاة للعرف السائد آنذاك، ولذلك لم يكن الخلفاء بعده يتصدون للكتابة بأنفسهم أيضاً، بل كانوا يملون على الكاتب، وهو يكتب.. إلا إذا كانت هناك ضرورة لتصديهم للكتابة بأنفسهم..
بداية كتب الرسول ':
وقد زعموا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان في مدة من الزمن يكتب: "باسمك اللهم".
ثم صار يكتب: "بسم الله".
ثم صار يكتب: "بسم الله الرحمن".
ثم صار يكتب: "بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ".
فقد روي عن الشعبي، أنه قال:
كان أهل الجاهلية يكتبون: "باسمك اللهم".
فكتب النبي "صلى الله عليه وآله" أول ما كتب: "باسمك اللهم"، حتى نزلت: ?..بِسْمِ اللهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا..? ([291])، فكتب: "بسم الله".
ثم نزلت: ?قُلِ ادْعُواْ اللهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ..?([292]). فكتب: "بسم الله الرحمن".
ثم أنزلت الآية التي في طس: ?إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ?([293]). فكتب: "بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"([294]).
زاد في السيرة الحلبية بعد قوله: فكتب أول ما كتب: "باسمك اللهم وكتب ذلك في أربعة كتب"([295]).
ونقول:
إننا بغض النظر عن الطعون التي ربما يشار إليها فيما يتعلق بالشعبي نفسه، فضلاً عمن يروي عنه، وبقطع النظر عن أن الشعبي لم يكن حاضراً ولا ناظراً لما كان يجري في زمن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، نقول:
أولاً: إن آية: ?بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ? قد نزلت قبل سورة النمل، وقبل آية: ?قُلِ ادْعُواْ اللهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ..? وقبل آية: ?..بِسْمِ اللهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا..?. بل هي قد بدأت تنزل مرة بعد أخرى من أول البعثة، وإلى حين وفات النبي ، وكان "صلى الله عليه وآله" ولم يزل منذ بعثه الله نبياً يصلي ويقرأ بفاتحة الكتاب، المشتملة على آية: ?بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ?.
وقد ذكرنا في كتابنا "حقائق هامة حول القرآن الكريم": أن المروي عن الإمام الصادق "عليه السلام"([296])، وعن ابن عباس ، وعثمان بن سعيد بن جبير:
أنهم كانوا لا يعرفون (أو كان النبي لا يعرف) انتهاء السورة السابقة، وبدء السورة اللاحقة إلا بنزول: ?بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ?([297]).
فلماذا عمل "صلى الله عليه وآله"، واستن بآية: ?..بِسْمِ اللهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا..? واستن بآية: ?قُلِ ادْعُواْ اللهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ..? ولم يعمل ولم يستن بـ ?بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ? التي رافقته في جميع السور منذ بعثته، وإلى حين وفاته؟!..
ثانياً: يضاف إلى ذلك: أن كتب الله تعالى كلها قد افتتحت بقوله تعالى: ?بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ?. وكانت هذه الكلمة أول كل كتاب نزل من السماء، فلماذا لم يستن بها رسول الله "صلى الله عليه وآله" كما استن بآية: ?..بِسْمِ اللهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا..?، وبغيرها من الآيات المتقدمة؟!
فراجع الحديث المروي عن رسول الله "صلى الله عليه وآله": "بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: مفتاح كل كتاب "([298]).
وعن الإمام الصادق "عليه السلام": ما أنزل الله من السماء كتاباً إلا وفاتحته "بسم الله الرحمن الرحيم"([299]).
وعن الإمام الباقر "عليه السلام": أول كل كتاب نزل من السماء: "بسم الله الرحمن الرحيم"([300]).
ثالثاً: ومع غض النظر عن هذا وذاك، فإننا لم نجد هذه الكتب المبدوءة بـ "باسمك اللهم" أو بـ "بسم الله" أو بـ "بسم الله الرحمن" رغم بحثنا عنها، وما ادَّعاه الحلبي، لو صدقناه فيما ادَّعاه، لم نستطع أن نجد له شاهداً يثبته، ولا مصداقاً يمكن الاعتماد عليه..
رابعاً: قال العلامة الأحمدي "رحمه الله": "أما ما نقل عنه "صلى الله عليه وآله" من الكتب، وليس فيها البسملة، فمن آفات الرواة، وتلخيص الناقلين، وعدم اهتمامهم ببعض الأمور.
وأما ما أخرجه السيوطي من كتابه "صلى الله عليه وآله" لأهل نجران، فسيأتي الكلام عليه في ذكر وفد نجران. مع أن المنقول في جمهرة رسائل العرب ج1 ص76 عن صبح الأعشى ج6 ص38 و 381 هكذا: "بسم الله الرحمن الرحيم، إله إبراهيم.." الخ..
وأضف إلى ما ذكرنا: ما سيأتي من أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" كتب للداريين بمكة، سنة خمس أو ست، من البعثة، أو قبلها، وفيه: بسم الله الرحمن الرحيم" انتهى([301]).
البدء باسمه الشريف:
ويلاحظ: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" كان في كتبه يقدم اسمه الشريف موصوفاً بوصف الرسالة أو النبوة، فيكتب مثلاً: من محمد رسول الله إلى فلان، أو من محمد النبي لفلان، أو هذا ما كتبه النبي محمد لفلان..
ويصرح باسم المرسل إليه، وربما وصفه: بأنه عظيم الروم مثلاً، أو صاحب مملكة كذا، أو نحو ذلك.
وذلك ـ كما يقول العلامة الأحمدي "رحمه الله" ـ تعظيماً منه للنبوة، وترفيعاً لمقام الرسالة.. إلى أن قال: إذ كما يجب على غيره أن يعظِّم ساحتها المقدسة السامية، يلزم على نفسه الكريمة أيضاً أن يحفظها ويصونها، وأن لا يضعها ولا يذلها.
ألا ترى: أنه يجب عليه "صلى الله عليه وآله" أن يصلي على نفسه في الصلاة، وأن يشهد لنفسه بالنبوة، فيقول: أشهد أن محمداً عبده ورسوله، واللهم صل على محمد وآل محمد؟
وليس ترفيعاً، أو إكباراً، أو إعظاماً في الحقيقة، بل هو وضع للشيء في موضعه([302]).
وقد أغضب تقديمه اسمه الشريف على اسم المكتوب له، كسرى ملك الفرس، فمزق كتاب رسول الله "صلى الله عليه وآله"([303]).
كما أن أخا قيصر، أو ابن عمه، أراد أن يخرق كتاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" لنفس السبب، فمنعه قيصر من ذلك، وقال له:
"إنك أحمق صغير، أتريد أن تمزق كتاب رجل قبل أن أنظر فيه؟! ولعمري، إن كان رسول الله لَنَفْسُهُ أحق أن يبدأ بها مني"([304]).
الحمد والتسليم:
وكان يكتب أيضاً: "سلم أنت" أو "سلام عليك" أو "سلام على من آمن بالله".
وكان يكتب: "أحمد الله إليك" أو "أحمد إليك الله" أي أهدي إليك حمد الله. وكان ذلك تحية يكتبونه في افتتاح كتبهم([305]).
وكذلك كان يكتب أمير المؤمنين علي "عليه السلام"، وأم سلمة في كتابها إلى عائشة حين نهتها عن الخروج قبل وقعة الجمل.
إتخاذ الخاتم:
ويقولون: إنه "صلى الله عليه وآله" قد اتخذ الخاتم في سنة ست، وبه ختم الكتب التي أرسلها إلى الملوك، يدعوهم فيها إلى الإسلام..
وزعم المؤرخون: أنه "صلى الله عليه وآله" لما أراد أن يكتب إلى الملوك، قيل له: إنهم لا يقبلون كتاباً إلا بخاتم، أو مختوماً. فصاغ النبي "صلى الله عليه وآله" خاتماً من ذهب. واقتدى به ذوو اليسار من أصحابه فصنعوا خواتيم من ذهب.
فلما لبس رسول الله "صلى الله عليه وآله" خاتمه، لبسوا أيضاً خواتيمهم.
فجاء جبرئيل "عليه السلام" من الغد، وقال: لبس الذهب حرام لذكور أمتك. فطرح النبي "صلى الله عليه وآله" خاتمه، وطرح أصحابه أيضاً خواتيمهم.
ثم اتخذ رسول الله "صلى الله عليه وآله" خاتماً حلقته وفَصُّه من فضة، ونقش فيه محمد رسول الله: محمد سطر، ورسول سطر، والله سطر. ونهى أن ينقش عليه أحد.
واقتدى به أصحابه، فاتخذوا خواتيمهم من فضة([306]).
ونقول:
1 ـ إن اتخاذ الخاتم والختم في آخر الكتاب، إنما هو من أجل المنع من الزيادة فيه.
كما أن ختمه بعد طيه وجعل الختم على شيء رطب من الطين ونحوه، إنما هو من أجل أن لا يفضه حامله أو غيره، ويطلع على ما فيه غير المكتوب إليه، ولكي لا يزاد فيه، ولا تحرَّف بعض كلماته([307]).
2 ـ إن حديث: أنه "صلى الله عليه وآله" قد اتخذ أولاً خاتماً من ذهب، ولبسه حتى جاءه جبرئيل، وأخبره أن الذهب حرام على ذكور الأمة.. لا يمكن قبوله.
أولاً: إن النبي "صلى الله عليه وآله" لا يفعل شيئاً من تلقاء نفسه.
فإن كان قد فعل ذلك حقاً فلا بد أن يكون قد فعله عن أمر الله تعالى، وبإذن منه..
ثانياً: إن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يكن لينفق أموالاً على خاتم له من ذهب، وهو ما لا يقدم على اتخاذه إلا ذوو اليسار من أصحابه، كما صرحت به الرواية، بل كان يساوي نفسه في مأكله وملبسه ومشربه بالضعفاء منهم، كما هو معلوم في سيرته..
والصحيح: هو أنه اتخذ خاتماً من فضة، فاقتدى به من شاء من أصحابه.
النبي ' يؤرخ رسائله:
وقد ذكرنا في هذا الكتاب: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد وضع التاريخ الهجري، وأنه كان يؤرخ به رسائله، وغيرها..
فراجع فصل: أعمال تأسيسية في مطلع الهجرة، لتجد صحة ما ذكرناه.
كتب دعوة لا كتب حرب:
إن الكتب التي أرسلها النبي "صلى الله عليه وآله" إلى الملوك قد تضمنت دعوتهم إلى توحيد الله تعالى وإلى الإسلام..
ولم نجد فيها: أية إشارة إلى الحرب، ولا إلى إلزامهم بالجزية لو امتنعوا عن الإسلام.. وذلك لأن الهدف هو نشر الدين بإطلاق نداء الضمير، والوجدان، والفطرة، والالتزام بحكم العقل، وإتمام الحجة عليهم.. والقصد إنما هو إلى إسعاد الناس، وتوجيههم نحو الحياة الكريمة والطيبة، حيث العظمة والمجد، والسؤدد، من دون أن تكون هناك أي امتيازات ظالمة لأحد.
وليس القصد الاستيلاء على بلاد الناس ولا قهرهم، أو إذلالهم، أو أي نوع من أنواع الإيذاء لهم..
من أجل ذلك نلاحظ: أن هؤلاء لم ينأوا في الأكثر بأنفسهم عن الإسلام، بل قَبِلَهُ بعضهم، وأجاب بعضهم بجواب لين، ظهرت فيه أمارات التردد، بسبب وساوس شيطانية، ومخاوف غير واقعية على ملكهم وسلطانهم، أو على بعض امتيازاتهم فيه.
وما أشبه الليلة بالبارحة، حيث كان المستضعفون في مكة قد قبلوا الإسلام في بدء الدعوة، فلما عرف أسيادهم والمستكبرون من عظمائهم وأشرافهم بالأمر، لاموهم على ذلك، ومنعوهم منه، وواجهوا من أصر على موقفه بالعنف والقسوة البالغة.
فقد ذكروا: أنه لما أظهر رسول الله "صلى الله عليه وآله" الإسلام أسلم أهل مكة كلهم، وكانوا يجتمعون على الصلاة حتى ما يستطيع بعضهم أن يسجد من كثرة الزحام، وضيق المكان، حتى قدم رؤوس قريش: الوليد بن المغيرة، وأبو جهل بن هشام ـ بالطائف في أراضيهم ـ فقالوا: تدعون دين آبائكم؟! فكفروا([308]).
وهذا بالذات ما جعل ملوك الأرض ـ باستثناء بعضهم ـ يواجهون دعوته "صلى الله عليه وآله" لهم، بمزيد من التروي، والمرونة، وأرسلوا إليه بكتب نضحت بالإكرام والإعظام، وبعثوا إليه بالتحف والهدايا، وقد قال قيصر لأخيه حين طلب منه أن يرمي الكتاب من يده: أترى أرمي كتاب رجل يأتيه الناموس الأكبر؟!
وقد أسلم النجاشي ملك الحبشة.
والمنذر بن ساوى ملك البحرين.
وأسلم فروة عامل قيصر على عمَّان.. فلما بلغ قيصر ذلك أخذه واستتابه، فأبى، فقتله.
وأسلم جيفر وعبد ابنا جلندى، ملكا عُمَان.
وأسلم ضغاطر أسقف الروم بعد قراءة كتاب الرسول "صلى الله عليه وآله" إلى قيصر.
وأجابه ملوك حِمْيَرَ ووفدوا عليه.
وأسلم أقيال حضرموت.
وأسلم عمال كسرى بالبحرين واليمن.
وقال المقوقس: إني قد نظرت في أمر هذا النبي، فوجدته لا يأمر بمزهود فيه، ولا ينهى عن مرغوب فيه، ولم أجده بالساحر الضال، ولا الكاهن الكذاب، ووجدت معه آلة النبوة، بإخراج الخبأ، والإخبار بالنجوى، وسأنظر.
وأعطاه أساقفة نجران الجزية.
وأجابه ملك أيلة ويهود مقنا، إما بالإسلام، أو الجزية([309]).
حساسية مخاطبة الملوك:
إن مخاطبة الملوك في أي شأن من الشؤون، حتى ما كان منها عادياً ومألوفاً، ليست على حد مخاطبة سائر الناس. بل هي محفوفة بالأخطار، لا بد من حساب كل مفرداتها وفقراتها بدقة بالغة، وبحساسية متناهية.
وذلك بسبب الأخلاق الخاصة التي يكتسبها هؤلاء الملوك من الأجواء المحيطة بهم، والتي يغذيها شعورهم بالعظمة، وبالقوة، بجميع مكوناتها ومظاهرها، فيبتلي الملوك من خلال استمرار هذا الشعور بالبأو، وبالكبر، والاستعلاء، والزهو، وما إلى ذلك..
يضاف إلى ذلك: أن شعورهم بعدم مسؤوليتهم عما يقومون به من تصرفات، من شأنه أن يسهل عليهم البطش، وتظهر عليهم الرعونة إلى حد الإفراط في اتخاذ القرارات المتهورة ضد الأشخاص، والجماعات الصغيرة، فيستضعفونها، ويقهرونها بسلطانهم ويهيمنون عليها ببطشهم وجباريتهم.
ويتعاظم هذا الخطر ويبلغ أقصى مداه حينما يواجه هؤلاء الملوك دعوة إلى أمر قد يرون أنه يستبطن تقليص نفوذهم، أو يحدُّ من سلطانهم، ويقلل إلى حد ما من هيبتهم، أو يكسر من شوكتهم، أو يقيد إطلاق يدهم في الأمور وفي التصرفات السلطانية..
فإذا أحسوا بشيء من ذلك، أو راودتهم شكوك، أو حتى بعض الأوهام فيه، فإن حرصهم على محو هذه الدعوة وكل من يقف وراءها من الوجود، سيكون بلا حدود، ولن تقيده قيود، أو تحول دونه موانع أو سدود.
وهذا يعطي: أن دعوة الأنبياء والمصلحين من أتباعهم للملوك والجبارين في منتهى الصعوبة، وغاية الدقة، وأقصى درجات الحساسية، وأن أي إخلال في ذلك يؤدي إلى حرمان هذا النوع من الناس الذين تتحكم فيهم تلك العاهات النفسية من الهداية، كما أن ذلك يحركهم إلى حرمان غيرهم منها، بما يثيرونه من أجواء مشحونة بالتحدي لا يجرؤ معها كثير من الناس على المبادرة بخطوة في هذا الاتجاه؛ بسبب أخطار لا يملكون القدرة على دفعها عن أنفسهم، ولا يستطيعون التحرز منها، ولا يمكنهم تحملها.
رسائل النبي ' للملوك:
وإذا راجعنا نصوص الرسائل التي كتبها رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى ملوك الأرض، فإننا نجدها في غاية الدقة في مراعاة حالات أولئك الملوك، فهي خالية عن أية إثارة لهم، ولا تعطيهم أية فرصة للتخلص أو التملص من مسؤولية النظر في صحة ما يدعوهم إليه، والتعاطي معه بمسؤولية، وتعقل.
وإذا ما ظهر من بعض أولئك الجبابرة أي تصرف غير متوازن، فإنما كان ذلك منه لاعتبارات اختلقها لنفسه، إنطلاقاً من عدوانيته، وانسجاماً مع جباريته, ومن دون أي مبرر وجده في طريقة تعاطي رسول الله "صلى الله عليه وآله" معه، أو في المضامين التي وجدها في خطابه "صلى الله عليه وآله"، الذي أرسله إليه..
ونحن من أجل وضوح ما نرمي إليه بصورة عملية، نلقي نظرة على بعض تلك الرسائل، مقتصرين على رسائله "صلى الله عليه وآله" لأربعة منهم وهم:
1 ـ ملك الفرس.
2 ـ ملك الروم.
3 ـ ملك مصر.
4 ـ ملك الحبشة.
الفصل الثاني:
كتاب النبي ' إلى كسرى
رسالته ' إلى كسرى:
ويقولون: إن النبي "صلى الله عليه وآله" قد كتب إلى كسرى ما يلي:
"بسم الله الرحمن الرحيم.
من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس: سلام على من اتبع الهدى، وآمن بالله ورسوله، وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله.
أدعوك بدعاية الله، فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة، لأنذر من كان حياً، ويحق القول على الكافرين.
أسلم تسلم.
فإن أبيت فعليك إثم المجوس"([310]).
ولنا مع هذا الكتاب وقفات، هي التالية:
إختلاف الكتب:
وقد أشار العلامة الأحمدي "رحمه الله" إلى أن هناك نصوصاً أخرى للكتاب الذي أرسله "صلى الله عليه وآله" إلى كسرى..
ففي أحدها وردت عبارة: "فأسلم تسلم، وإلا فأذن بحرب من الله ورسوله"([311]).
وورد في نص آخر: "من شهد شهادتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فله ذمة الله وذمة رسوله"([312]).
وفي نص ثالث: "فإني أحمد إليك الله، الذي لا إله إلا هو. وهو الذي آواني، وكنت يتيماً. وأغناني، وكنت عائلاً. وهداني، وكنت ضالاً. ولم يدع ما أرسلت به إلا من سلب معقوله، والبلاء غالب عليه. أما بعد يا كسرى، فأسلم تسلم، أو ائذن بحرب من الله ورسوله، ولن تعجزها، والسلام"([313]).
وفي نص رابع: "إني أحمد الله لا إله إلا هو الحي القيوم، الذي أرسلني بالحق بشيراً ونذيراً إلى قوم غلبهم السفه، وسلب عقولهم، ومن يهدِ الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، ليس كمثله شيء، وهوالسميع البصير..
أما بعد.. فأسلم تسلم، أو ائذن بحرب من الله ورسوله الخ.." ([314]).
وفي نص خامس: أنه كتب إلى كسرى وقيصر والنجاشي رسالة اقتصر فيها على قوله: أما بعد.. ?تَعَالَوْاْ إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إلَّا اللهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ?([315]).
وعن الزهري: "كانت كتب النبي "صلى الله عليه وآله" إليهم واحدة، وكلها فيها هذه الآية"([316]).
وعن ابن عباس: "أن كتاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى الكفار: ?تَعَالَوْاْ إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ?"([317]).
ولعل هذه الكتب قد أرسلت إلى عمال كسرى، أو إلى كسرى نفسه، بعد أن ظهر عنادهم للحق، وبغيهم على أهله، وقد اشتبه الأمر على المؤرخين في ذلك..
إذ من غير المعقول: أن يبدأ النبي "صلى الله عليه وآله" دعوته لهم بالتهديد والوعيد، قبل إتمام الحجة، وظهور اللجاج والعناد والبغي منهم، ولا سيما لملوكٍ يعيشون حالة الكبر والزهو، والعنفوان الظالم، والشعور بالعظمة والقوة.. فإن مواجهتهم بما يوجب نفورهم بمثابة الإسهام في حرمانهم من الهداية..
من أجل ذلك نرجح: أن يكون الكتاب الذي ذكرناه أولاً هو الذي أرسله النبي "صلى الله عليه وآله" أولاً، ثم أرسل رسائل أخرى ذكر فيها الجزية، وغير ذلك.
كما أننا لا نستبعد: أن يكون "صلى الله عليه وآله" قد ذكر في كتابه لكسرى الآية المباركة: ?قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ..? لأن للمجوس أحكام أهل الكتاب،
وقد ورد: أنه قد كان لهم كتاب فضيعوه أو أحرقوه([318]).
ولعل عدم نقلها في كتاب كسرى، من أجل أن المؤرخين أسقطوها اختصاراً أو سهواً، أو لم ينقلها لهم الناقلون؛ لأنهم اعتقدوا خطأً: أنها لا تحمل مضموناً خاصاً، يراد إبلاغه للمرسل إليهم، سوى دعوتهم إلى توحيد الله، الذي ذكر في الرسالة نفسها أولاً..
بسم الله الرحمن الرحيم:
1 ـ إن أول ما يواجهنا في ذلك الكتاب هو أنه "صلى الله عليه وآله" قد بدأه باسم الله، ولم يبدأه باسمه "صلى الله عليه وآله" هو؛ مما يعني: أنه يريد أن يفهم كسرى: أن هذا النبي خاضع لله، الذي لا يجد أحد حرجاً في الخضوع له. ولا تعتبر الدعوة للاعتراف به والخضوع له، والرجوع إليه تعالى إذلالاً لأحد بقدر ما هي شرف، وعزة، وسؤدد وكرامة للبشر جميعاً..
2 ـ يضاف إلى ذلك: أن هذا الاعتراف يمثل تحديد مرجعية لا غضاضة على البشر جميعاً بالرجوع إليها، والخضوع والالتزام بأوامرها ونواهيها، والسعي لنيل رضاها، وهي مرجعية ليست للبشر، بل هي لله الغني بذاته، الذي ليس له مصلحة مع أحد، بل البشر كلهم بالنسبة إليه بمنزلة واحدة، يعاملهم بالعدل، ويجري عليهم أحكامه.
فالدعوة التي يعرضها على هذا الملك ليست دعوة لشخص، يريد أن يستأثر لنفسه بشيء من حطام الدنيا، بل هي دعوة لله سبحانه..
3 ـ ثم إنه هو الله الرحيم بعباده، والقريب إليهم، وليست هذه الرحمة أمراً عارضاً له. بل هي من تجليات ذاته، وباهر صفاته..
4 ـ والله تعالى هو المالك لكل شيء، والغني عن العباد، فهو إذن لا يحتاج إلى ملك كسرى، ولا إلى ملك سواه، ولذلك لم يطلب منه التخلي عنه، بل طلب منه فقط: أن يخضع لأوامره ونواهيه، وأن يكون في موضع رضاه، لا رضا أحد من بني البشر، وخضوعه لأوامر الله تعالى لا يزيد في ملكه، ولا يضيف إليه شيئاً من العظمة، أو القوة والمجد، وإنما هو أمر يعود نفعه عليه، وهو كرامة وشرف له..
فلا ينبغي إذن أن يخشى على ملكه، ولا أن يستكبر على ربه..
عظيم فارس:
إنه "صلى الله عليه وآله" قد صدَّر كتبه إلى ملك الفرس، والروم، والحبشة، ومصر، والبحرين بكلمة عظيم فارس، وعظيم البحرين، وبكلمة صاحب كذا، كما في بعض النصوص..
وبذلك يكون:
أولاً: قد خاطبه بما يرضيه من أوصاف ولكنها واقعية، فليس له أن يجد في نفسه أية غضاضة، كما أنه ليس لديه ما يتذرع به لإظهار التغيظ، بحجة أنه قد أهانه أو غمطه حقه، حيث لم يكن الخطاب لائقاً، ولا مناسباً لمقامه، فيزيِّن لنفسه الخلاف، ويجد من يعذره أو يتعاطف معه في أي موقف سلبي يتخذه تجاه من يدعوه، وما يدعوه إليه..
ثانياً: إنه بذلك يكون قد تحاشى الإقرار بالملكية لهؤلاء، خصوصاً بملاحظة كونه رسول الله، وخاتم النبيين، ولا يريد أن يسجل أمراً قد يتعلق به طلاب اللبانات، ويتخذونه ذريعة لادعاءات الأحقية بالاستناد إلى الاعتراف لهم بالسلطة والحاكمية في مجالات بعينها، ثم تتعقد الأمور ولا يجد الناس العاديون القدرة على المناقشة في هذا الأمر. وبذلك يتمكن "صلى الله عليه وآله" من إخضاع أولئك المدَّعين لمقتضيات أحكام الدين وشرائعه القاضية: بأنه لا ملك ولا سلطة للكافر، بل ذلك لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، ولمن ولَّاه، وأقر له به، وفقاً لقوله تعالى: ?..إِنَّ الأَرْضَ لِلِهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ?([319]).
وبذلك يتم تحصين الناس من سيئاتهم، وسوف لا يصغي الكثيرون منهم بعد هذه المزاعم إلى أولئك الطامعين، وسيفتح أمامهم المجال الواسع للنقاش القوي في دلالة كلمة "ملك فارس" أو نحوها على الاعتراف له بالملك، وسيقولون لهم: إنها لمجرد الإشارة لموقعه الفعلي الذي هو فيه، حتى لو كان قد حصل عليه بالبغي، والظلم، والابتزاز، وليس فيها دلالة على الرضا ببقائه في هذا الموقع أو عدمه.
وهذا نظير ما كتبه الإمام الحسن "عليه السلام" في وثيقة الهدنة مع معاوية من أنه سلمه "الأمر" حيث لم يقل: "سلمه الخلافة"، أو الإمامة، أو الملك، أو ما إلى ذلك..
سلام على من اتبع الهدى:
وها هو رسول الله "صلى الله عليه وآله" يبلِّغه عن الله تعالى: أن دعوته تقوم على السلام، لا على الحرب، وتسير وتستمر بالرضا دون السخط، وبالرأفة، لا بالجبروت. وكان "صلى الله عليه وآله" يكتب لغير المسلم "سلام على من اتبع الهدى" ويكتب للمسلم "سلام عليك" أو "سلم أنت".
وكلمة "سلام على من اتبع الهدى" إنشاء للالتزام بسلام مشروط باختيار طريق الهدى، ويتضمن تلويحاً بالحث والإغراء باختيار هذا الطريق واتِّباعه.
كما أنه يشير إلى: أن ما يطلبه منه هو ـ فقط ـ اتباع الهدى، وما أرضاها من دعوة، وما أيسره من طلب، إذ إن أحداً لا يستطيع أن يتنكر للهدى، ولا أن يعادي دعاته.
ثم هو "صلى الله عليه وآله" لا يتهم كسرى بالضلال، بل هو يدعوه لاتباع الهدى، فإن الاتهام بالضلال مما يرفضه الناس عادة، ولكنهم لا يرفضون أن ينسب إليهم التقصير في اتباع الهدى.
فما أجمل السلام، وما أحب الهدى.. وما أروع الحياة في ظل ذاك، وفي حظ هذا.. ولأجل ذلك كانت أول كلمة يكتبها النبي "صلى الله عليه وآله" إلى كسرى هي: "سلام على من اتبع الهدى".
وهو سلام يغري بالرد عليه بمثله، ويفسح المجال لإظهار الرغبة في معرفة هذا الهدى، وفي اتباعه بعد التحقق منه.
وآمن بالله ورسوله:
ثم تأتي الكلمات التالية في الكتاب لتشير إلى: أن اتباع الهدى إنما هو من خلال الإيمان بالله عز وجل، ورسوله "صلى الله عليه وآله"، والشهادة لله بالوحدانية..
وهذا الإيمان بالله، والاعتراف به، هو الأساس، وهو المطلوب لرسوله "صلى الله عليه وآله"، وليس المطلوب له أي شيء آخر مما يطلبه ملوك الدنيا عادة من بعضهم البعض.
وأول درجات الإيمان هو الاعتراف بوجود الله سبحانه، ثم الإيمان، بمعنى: أن يلزم نفسه، باحتضانه في داخل كيانه، وفي عمق وجدانه، ليعيش الإحساس بالأمن والسكينة معه..
ثم أن يقر: بأن لله رسلاً يربطون المخلوق بخالقه، ويبلغون الناس عنه، ويرشدونهم إليه، ويعرِّفونهم على ما يرضيه وما يسخطه، ليختاروا هم أنفسهم أن يكونوا في مواقع رضاه سبحانه، ويختاروا اجتناب مواقع سخطه.
الشهادة لله بالوحدانية:
ويأتي بعد ذلك: الطلب إليه أن يشهد لله تعالى بالوحدانية، ونفي الشركاء له، فلا إله إلا الله، وحده لا شريك له. وشهادته بذلك تعني: الاعتراف بهذه الحقيقة، وتأكيدها من موقع المعرفة الفطرية، والوجدانية، والعقلية، التي تصل إلى حد الرؤية والمشاهدة الحقيقة لفاقديَّة، ولعجز، وضعف، ونقص كل ما عدا الله سبحانه، وأن كل واجدية وكمال، وقوة، فإنما هي بالله تعالى ومنه.
وهذا معناه: أنه لا إله إلا الله وحده.
وأنه لا شريك له، يعينه، ويضاعف قوته، ويجبر ضعفه.
وأن محمداً عبده ورسوله:
ثم هو يطلب منه، ومن الناس جميعاً: أن يشهدوا أن رسل الله تعالى باقون في موقع العبودية له، ولا تكسبهم رسوليتهم أي عنصر إلهي، ولا ترتفع بهم إلى درجة أن يكون لهم استقلال حقيقي عنه سبحانه في جميع تصرفاتهم..
فدرجات فضلهم، وما ينالونه من مقامات وكرامات عنده، إنما هي بتدرُّجهم في مقامات العبودية له، والمعرفة به، والطاعة والخضوع لديه..
وباب العبودية هذا مفتوح أمام جميع المخلوقات، فمن دخله كان آمناً ونال من البركات والفيوضات، والكرامات والمقامات بمقدار إيغاله فيه، وتحققه به..
ولا بد أن يعرف البشر جميعاً هذا الأمر، معرفة حقيقية تخولهم إقامة الشهادة به.. ولا يكفي مجرد إخبارهم به في آية قرآنية، أو في خبر نبوي..
وهذا ما يفسر لنا: إدراج هذا الأمر في سياق الشهادة التي طلبها "صلى الله عليه وآله" من كسرى حيث قال: "وأن محمداً عبده ورسوله.."
أدعوك بدعاية الله:
وحين أراد "صلى الله عليه وآله" الشروع في إبلاغ دعوته لكسرى، قال له: "أدعوك بدعاية الله".
فكسرى إذن, لا يواجه تحدياً من إنسان مثله، قد تأخذه العزة في مواجهته، أو يأنف من التواضع له، بل هو يواجه طلباً من إله الوجود كله، وهو قوة لا بد أن يعترف لها بالقدرة والإحاطة والمالكية والهيمنة.
ولا بد من الاستجابة لهذا الطلب؛ لأن الاستجابة له لا تضر بمصالحه، ولا تنقص من هيبته، ولا تحد من نفوذه، ولا تختزل من ثرواته، ولا تقتطع شيئاً من ملكه، بل هي تزيده شوكة وعزة، ونفوذاً، وسعة في الرزق، وما إلى ذلك..
إنها دعوة الله له للنجاح والفلاح، والسداد والرشاد، والاستقامة على جادة الهدى الإلهي، وليست دعوة للذل والعبودية للأشخاص، وإنما ليكون عبداً لله وحده..
فإني أنا رسول الله:
ويلاحظ هنا: أنه "صلى الله عليه وآله" قد أضاف كلمة "أنا" في قوله: "فإني أنا رسول الله.." وقد كان يمكن الاستغناء عنها بأن يقول: "فإني رسول الله..".
فلعل السبب في إضافتها: أنه يريد أن يذكِّرهم: بأنه هو النبي الموعود والمنتظر والمعلوم لديهم، من خلال بشارات الرسالات السماوية كلها بظهوره.
فهو بهذا التذكير لم يعد بحاجة إلى إقناع الناس بضرورة إرسال رسول، أو قد أصبحت إمكانية إرسال رسل، وبعث أنبياء أمراً مفروغاً عنه، إلى حد أصبح توقع إرسالهم، وبعثتهم أمراً قائماً، ومحسوماً، وتنحصر مهمة الإقناع بتحديد شخص المرسل، بأن هذا الشخص هو الذي بعثه الله تعالى، وهو النبي الموعود فعلاً..
إلى الناس كافة:
ثم إنه "صلى الله عليه وآله" بيَّن له أنه ليس مبعوثاً للعرب وحدهم، ولا لأي أمة أخرى بعينها دون ما عداها، كما كان الحال بالنسبة لموسى وعيسى "عليهما السلام"، وسواهما ممن بعثهم الله لخصوص بني إسرائيل، بل هو مبعوث للناس جميعاً، كما قال تعالى: ?وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ?([320]). وقال: ?نَذِيراً لِّلْبَشَرِ?([321]). وقال: ?قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً..?([322]).
لأنذر من كان حياً:
ثم إنه "صلى الله عليه وآله" يخبر من يكتب إليه: أنه لا يطلب منه شيئاً لنفسه، وإنما هو مجرد نذير له، يريد بإنذاره هذا: أن يحفظ له عزته وكرامته، وأن يجنبه مزالق الخطر، وأن يؤمِّن له السعادة والسكينة، والأمن من كل ما يحذره، ويخافه، مما هو غائب عنه، وهي غيبة تظهر عجزه وفشله، والله هو الذي يحميه، ويحفظه منه، ويحصيه له، ويدفعه عنه، من موقع الهيمنة والقدرة، والعزة..
وقد أعلمه أيضاً: أن هذا الإنذار الهادف إلى حفظ حياة الكرامة والسعادة للمنذَرِين لا يختص بفرد دون فرد، ولا بفريق دون فريق، بل هو شامل للناس جميعاً، ويهدف إلى تكوين مجتمع بشري يعيش معنى السعادة بعمق، ويشعر بالأمن بجميع فئاته، وشرائحه، أفراداً وجماعات..
وذلك انطلاقاً من حقيقة: أن البشر كلهم يحتاجون إلى الأمن، وإلى السلام والسلامة، ويستوي في ذلك العربي والأعجمي، والأبيض والأسود والملك، وحفار القبور.
ويحق القول على الكافرين:
وعلى هذا الأساس، فإنه إذا اختار أحد طريق الجحود، ولم يستجب لنداء الله سبحانه، فإنه تعالى هو الذي يجري عليه سننه، ويتولى عقوبته، وتكون خصومته معه تبارك وتعالى، لا مع غيره.. فإن كان لأحد من الناس موقف منه، فإنما هو الموقف الذي أراده الله تعالى منهم.
وفي التعبير بكلمة: "يحق القول" إشارة إلى حتمية حلول العقوبة بالكافر، من حيث إنها قرار إلهي، والقرار الإلهي نافذ لا محالة..
أسلم تسلم:
ويأتي قوله "صلى الله عليه وآله": "أسلم تسلم" بمثابة نتيجة طبيعية لكل تلك المقدمات التي قررت: أن المقصود هو: حفظ الإنسان كله.
أو فقل: حفظ كل من كان حياً، من المهالك والرزايا، والمصائب والبلايا، وأن الذي يختار طريق الكفر، فلا نجاة ولا سلامة له إلا باتباع الهدى، والإسلام والاستسلام لله سبحانه وتعالى، وامتثال ما أمر به، واجتناب ما نهى عنه..
فليست هذه الكلمة تهديداً لكسرى بالحرب، ولا هي إكراه له على الإسلام، حتى إذا خالف كانت عقوبته السيف..
ومما يشير إلى ذلك أيضاً قوله:
فإن أبيت فعليك إثم المجوس:
حيث دلت هذه الكلمة: على أن الكلام إنما هو عن السلامة في الآخرة، والنجاة من مهالكها، إذ لو كان قوله: "أسلم تسلم" تهديداً لكسرى بالقتل، لو لم يسلم، فالمناسب هو أن يقول له: فإن أبيت، فالسيف بيننا وبينك..
ولكنه لم يقل ذلك، بل أثبت عليه إثم الإنسان الذي يضل، ويتسبب بالضلال لغيره أيضاً، وهذا الإثم إنما تظهر آثاره في الآخرة فقط، أما عقوبة الدنيا، فهي حتى لو كانت هي القتل، فإنها تبقى أقل من الجريمة التي ارتكبت، غير أن هذه العقوبة لا تعيد الناس إلى الهدى، ولا تدفع مفسدة إضلالهم، خصوصاً إذا كان هذا الإضلال سينال أمة عظيمة كتلك التي يحكمها كسرى..
ولا تزر وازرة وزر أخرى:
ومن جهة ثانية نقول:
صحيح أن الإيمان والكفر يقعان تحت اختيار الإنسان، وصحيح أنه: ?لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ..? وأنه: ?لاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى?.
ولكن من الصحيح أيضاً: أن هناك من يسهم في إضلال الناس، وفي تعمية الأمور عليهم، ويعمل على إيقاعهم في الشكوك والشبهات، أو هو على الأقل يسد منافذ الهداية، ويحرمهم من فرص التعرف على الحق، ومن الوصول إليه.. وهذا من أعظم الآثام، ومن موجبات عقوبة الإله الملك العلام بلا ريب..
فإذا كان كسرى أو قيصر قد أوجب حجب نور الهداية عن المجوس، أو عن الأكَّارين، أو عن الأريسيِّين، واستضعفهم، ومنعهم من السعي للوصول إليه، والحصول عليه، أو منع الناس المخلصين من إيصال الحق إليهم، ومن إثارة دفائن عقولهم، بالبراهين الساطعة، والأدلة القاطعة، فإنه سيكون هو المتحمل لإثم ما هم فيه من كفر وضلال، وفساد وانحلال. وقد قال تعالى: ?وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ..?([323]).
وقال تعالى: ?لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ..?([324]).
إثم المجوس أو إثم الأكارين:
وقد ورد في بعض نصوص الكتاب: بدل قوله: "فعليك إثم المجوس" قوله: "فعليك إثم الأكَّارين"([325]) أو نحو ذلك.
وفي نقل ابن خلدون: "فإن أبيت فإثم الأريسيِّين عليك"([326]). وهي الكلمة التي وردت في رسالته "صلى الله عليه وآله" لقيصر..
والأكَّارون هم الزراع، وهم أسرع انقياداً إلى ملوكهم من غيرهم، لأن الغالب عليهم الجهل والتقليد، كما أن الغالب على حكومتهم الظلم لهم([327])، وشدة الوطأة عليهم.
وذكر العلامة الأحمدي "رحمه الله": أن الأريس والإرسيس كجليس وسكيت: هو الأكَّار، كما عن ابن الأعرابي.
وعن أبي عبيد: أنهم الخدم والخول.
وقال الأزهري: وهي لغة شامية، وهم فلاحو السواد، الذين لا كتاب لهم.
وقيل: هم قوم من المجوس، لا يعبدون النار، ويزعمون أنهم على دين إبراهيم.
والمراد: أن عليه إثمهم، لأنهم بقوا على ضلالهم بسببه.
وسيأتي كلام آخر عن المراد من الأريسيِّين في كتابه "صلى الله عليه وآله" إلى قيصر ملك الروم، إن شاء الله تعالى.
من هو حامل الرسالة؟!
وقد ذكروا: أن حامل الكتاب إلى كسرى هو عبد الله بن حذافة السهمي([328]).
وقيل: هو خنيس بن حذافة([329]).
وقيل: شجاع بن وهب([330]).
وقيل: عمر بن الخطاب([331]).
وهذا القول الأخير بعيد جداً عن الصواب، إذ لو صح أن عمر كان هو الرسول إلى كسرى، لرأيت الكتب مملوءة بالتفاصيل وبالدقائق، واللطائف، ولربما تجد فيها من البطولات، والعجائب، والمعجزات والغرائب ما يملأ عشرات الصفحات، ولألفيت ذلك حديث المجالس والندوات، في الغدوات والعشيات!!
ولكن الله سلَّم!!
حديث تسليم الكتاب:
وقد ذكروا: أن كسرى أذن لحامل الكتاب بالدخول عليه، فلما دخل: أمر بقبض الكتاب منه، فقال: لا، حتى أدفعه إليك كما أمرني رسول الله "صلى الله عليه وآله". فدنا منه، وسلمه الكتاب.
فدعا كسرى من يقرؤه فلما قرأ: من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس، غضب كسرى حيث بدأ رسول الله "صلى الله عليه وآله" بنفسه، وصاح، وأخذ الكتاب، فمزقه قبل أن يعلم ما فيه، وقال: يكتب إليَّ بهذا وهو عبدي؟!
وأمر بإخراج حامل الكتاب، فأخرج. فقعد على راحلته وسار..
فلما ذهب عن كسرى سورة غضبه، بعث في طلب حامل الكتاب، فطُلب، فلم يوجد.
ووصل إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، وأخبره بما جرى، فقال "صلى الله عليه وآله": مزق كسرى ملكه.
وقيل: دعا عليهم أن يمزقوا كل ممزق، وقال: اللهم مزق ملكه([332]).
وفي نص آخر: أن كسرى دعا بالجلمين (أي المقراض) فقطعه، ثم دعا بالنار فأحرقه، ثم ندم وقال: لا بد أن أهدي له هدية.
قال: فكلمه عبد الله بن حذافة كلاماً شديداً([333]).
ولا ينافي ذلك ما قاله اليعقوبي، من أن كسرى كتب إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" كتاباً جعله بين سرقتي حرير، وجعل فيهما مسكاً.. فلما دفعه الرسول إلى النبي "صلى الله عليه وآله" فتحه، فأخذ قبضة من المسك فشمه، وناوله أصحابه.
وقال: لا حاجة لنا في هذا الحرير، وليس من لباسنا، وقال:
لتدخلن أمري، أو لآتينك بنفسي، ومن معي، وأمر الله أسرع من ذلك. فأما كتابك فأنا أعلم به منك، فيه كذا وكذا.
ولم يفتحه، ولم يقرأه، ورجع الرسول إلى كسرى، وأخبره الخبر([334]).
وإنما قلنا: إن هذا لا ينافي ذاك؛ لأن من الجائز: أن كسرى قد مزق الكتاب أولاً، ثم عاد فتدارك الأمر بإرسال الهدية لرسول الله "صلى الله عليه وآله" ثانياً.. ولكنه شفعها بالتهديد والوعيد.
وربما أرسل إليه مع تلك الهدية تراباً أيضاً.
فقد قال ابن شهرآشوب: إن كسرى مزق الكتاب، وبعث إليه بتراب، فقال "صلى الله عليه وآله": مزق الله ملكه كما مزق كتابي. أما إنكم ستمزقون ملكه. وبعث إليَّ بتراب: أما إنكم ستملكون أرضه.
فكان كما قال([335]).
عدوانية كسرى تجاه رسول الله ':
ويؤيد ما قلناه آنفاً أيضاً: ما يذكرونه من: أن كسرى كتب إلى (باذان) عامله باليمن: أن يسير إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" ويستتيبه، فإن تاب، وإلا فليبعث إليه برأسه.
وفي نص آخر: أمره أن يبعث إلى الحجاز رجلين ليأتيانه برسول الله "صلى الله عليه وآله"..
فأرسل (باذان) قهرمانه ورجلاً آخر إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" بكتاب كسرى، وكتب إليه يأمره بالمسير معهما إلى كسرى.
فدخلا على رسول الله "صلى الله عليه وآله" بزي الفرس، وقد حلقا لحاهما، وأعفيا شواربهما. فكره النظر إليهما، وقال: ويلكما من أمركما بهذا؟
قالا: أمر ربنا (يعنيان كسرى).
فقال "صلى الله عليه وآله": لكن أمر ربي بإعفاء لحيتي، وقص شاربي، فأبلغاه بما جاءا به، فأجلهما إلى الغد.
وأتى رسول الله "صلى الله عليه وآله" الخبر من السماء، بأن الله قد سلط على كسرى ابنه فقتله في شهر كذا، لكذا وكذا، في ليلة كذا.
فلما أتاه الرسولان قال لهما: إن ربي قد قتل ربكما ليلة كذا وكذا، من شهر كذا وكذا، بعدما مضى من الليل سبع ساعات، سلط عليه شيرويه فقتله([336]).
وفي نص آخر: أنه "صلى الله عليه وآله" تركهم خمس عشرة ليلة لا يكلمهم ولا ينظر إليهم إلا إعراضاً.. ثم أمرهما أن يقولا لباذان: إن ديني وسلطاني سيبلغ إلى منتهى الخف والحافر. وقال: قولا له: إنك إن أسلمت أعطيتك ما تحت يديك، وملكتك على قومك([337]).
فخرج الرسولان، وقدما على باذان، وأخبراه بما جرى، فقال: والله، ما هذا كلام ملك، وإني لأراه نبياً، ولننظرن..
إلى أن قال: فلم يلبث باذان أن قدم عليه كتاب شيرويه، يخبره بقتل كسرى، ويقول له: "وانظر الرجل الذي كان كسرى يكتب إليك فيه، فلا تزعجه، حتى يأتيك أمري فيه" ([338]).
فأسلم باذان، وأسلم من معه باليمن من أبناء فارس، وبعث إلى النبي "صلى الله عليه وآله" بإسلامه، وإسلامهم ([339]).
قريش في مهب الريح:
وحين سمعت قريش بما كان من كسرى، وبإرساله إلى باذان بأوامره فيما يتعلق بالنبي "صلى الله عليه وآله"، فرحوا واستبشروا، وقالوا: قد نصب له كسرى ملك الملوك. كُفيتم الرجل.
ولكنهم حين سمعوا برجوع الرسولين، وقتل كسرى، وإسلام باذان، ومن معه من أبناء فارس باليمن، صار رجاؤهم خيبة، وسرورهم هماً وغماً([340]).
باذان ملك اليمن:
فلما بلغ النبي "صلى الله عليه وآله" إسلام باذان، ومن معه، بعث إليه بنيابة اليمن كلها، وخاطبه في رسالته بملك اليمن، فراجع ([341]).
ولم يعزله عنها حتى مات، أو قتله الأسود العنسي.
ففرق رسول الله "صلى الله عليه وآله" ولايات اليمن بعد موت باذان على ما يقرب من عشرة رجال هم: شهر بن باذان، وعامر بن شهر الهمداني، وأبو موسى الأشعري، وخالد بن سعيد، ويعلى بن أمية، وعمرو بن حزم، وزياد بن لبيد، والطاهر بن أبي هالة، وعكاشة بن ثور المهاجر، أو عبد الله([342]).
باذان وعقله:
وقد ظهر من كل ذلك الذي ذكرناه: أن باذان كان رجلاً حكيماً عاقلاً، ومنصفاً، وأنه لم يتخذ موقفه من رسول الله "صلى الله عليه وآله" بدافع الهوى والعصبية، أو الغرور والعنجهية الطاغية، أو من خلال حسابات مصلحية، ومطامع دنيوية، بل كان الرجل المتأني، الذي لا يستكبر عن قبول الحق، حين ظهور دلائله.
كفاية باذان:
كما أن تولية النبي "صلى الله عليه وآله" له على اليمن كلها ما دام حياً، يدل على ثقته "صلى الله عليه وآله" بكفايته وبتدبيره، حتى لقد احتاج "صلى الله عليه وآله" إلى حوالي عشرة رجال ليقوموا مقامه بعد وفاته أو استشهاده على يد الأسود العنسي.
فرحم الله باذان، وهنيئاً له ثقة رسول الله "صلى الله عليه وآله" به، وأناله في الآخرة شفاعته إنه ولي قدير.
باذان لم يسلم طمعاً:
ولا ينبغي أن يفهم من طريقة تعامل النبي "صلى الله عليه وآله" مع باذان: أنه "صلى الله عليه وآله" قد أعطاه رشوة على إسلامه، وذلك لأن باذان قد أسلم إستناداً إلى ظهور معجزة وكرامة الرسول "صلى الله عليه وآله"؛ لاقتناعه بصدق رسول الله "صلى الله عليه وآله" فيما يقول، حيث ظهر له صحة ما أخبر به من قتل كسرى على يدي ابنه، وذلك قبل حدوث هذا القتل، بالإضافة إلى شواهد ودلائل أخرى وجدها في رسائله، وفي ما يدعو إليه، وفي سلوكه مع المبعوثَين اللذين أرسلهما إليه، وربما من أمور أخرى عرفها عنه أيضاً..
ويدل على أنه "صلى الله عليه وآله" قد أخبره بالقتل قبل وقوعه: رسالته له التي يقول فيها: "إن الله وعدني أن يقتل كسرى في يوم كذا وكذا، فانتظر ذلك".
وقد يقال: إن هذا ينافي ما تقدم، من قوله "صلى الله عليه وآله" لرسل باذان، وهم عنده في المدينة: "إن ربي قد قتل ربكما ليلة كذا وكذا، من شهر كذا وكذا، بعدما مضى من الليل سبع ساعات، سلط عليه شيرويه فقتله".
وأن ذلك قد حصل ليلة الثلاثاء لعشر مضين من شهر جمادى الأولى سنة سبع.
ويمكن أن يجاب: بأن رسالته لباذان صريحة في: أنه "صلى الله عليه وآله" قد أخبرهم: بأن ذلك سوف يحصل لكسرى، وأن الذي يتولى ذلك منه هو ابنه.. فهي أولى بالاعتبار؛ لأن شاهد صدقها هو: إسلام باذان، إستناداً إلى ظهور صدق ما أخبره به فيها.
فلعل في الكلمات المنقولة عنه "صلى الله عليه وآله" مع رسولي باذان، بعض التصرف الذي أوجب خللاً فيها..
أو يقال: لعله أرسل الرسالة إلى باذان قبل عودة رسوليه إليه، وقبل أن يخبرهما بالأمر.
بل قد يحاول البعض أن يقول: إن التعبير بصيغة الماضي في قوله: "قتل ربكما" وقوله: "سلط عليه شيرويه" ما هو إلا إخبار عن المستقبل بصيغة الماضي، للدلالة على أن هذا الأمر المستقبلي قد قضي وحتم حتى ليصح الإخبار عن حصوله فعلاً، فهو نظير قول الواهب: أعطيتك ألف درهم، في إشارة منه إلى أن ذلك حتمي إلى حد يمكن أن يقال عنه: إنه قد حصل ومضى وانتهى..
تفاؤل رسول الله ':
وقد ذكرت النصوص المتقدمة: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد تكلم بما يفيد: أنه تفاءل بتمزيق ملك كسرى؛ لأن كسرى مزق كتابه، وبأنه يملك بلاده؛ لأن كسرى أرسل إليه من ترابها.
ونحن وإن كنا قد قدمنا في جزء سابق بعض الحديث عن موضوع التفاؤل، الأمر الذي أغنانا عن إعادة ذلك هنا. غير أننا نشير: إلى أنه لا دليل على أن قوله "صلى الله عليه وآله" هذا قد جاء على سبيل التفاؤل، بل هو إخبار غيبي لا بد أن يعتبر من أعلام النبوة، ومن دلائلها، التي تشير إلى أنه "صلى الله عليه وآله" قد تلقى ذلك عن الله تعالى، وهذا هو جزاء كسرى على جرأته على الله ورسوله، وهو العقوبة العادلة له على بغيه وإجرامه في حق الدين والإنسانية، حيث بادر إلى تمزيق كتاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" من دون أي مبرر لذلك سوى ما كان يضج في باطنه من خبث، وصلف، وما كان يعتلج في صدره من سوء سريرة، وسقوطه الشائن والمهين في حمأة الجهل، والبغي، والاستكبار، ومن يكون كذلك فإنه يستحق هذه العقوبة الإلهية ولا يتوقع له سوى الخذلان والخزي والخسران الأكيد، والاندحار الذليل أمام دعوة الحق والصدق، والعدل، والهدى.
كما أن إعلان النبي "صلى الله عليه وآله" للناس بهذا الأمر، من شأنه أن يربط على قلوب المؤمنين منهم، وأن يكبت أعداءهم، ويكون ذلك للأجيال الآتية، الذين يشاهدون صدق هذا الخبر، سبيل هداية ونجاة..
حلقا لحاهما:
ومما يثير الانتباه أيضاً موقف النبي "صلى الله عليه وآله" من رسولي باذان، حين رآهما وقد حلقا لحاهما، وأعفيا شواربهما، حيث كره النظر إليهما، واعترض عليهما بشدة، وقال: ويلكما من أمركما بهذا؟!..
فإن هذه الشدة في الاعتراض تشير إلى أن ذلك كان بالغ القبح عنده، وأن قبحه هذا يدعوه إلى إظهار النفور من فاعله، حتى لو كان غير مسلم، أو من أهل بلد لم يدخل في طاعة أهل الإسلام.
والحديث حول حلق اللحية أو إعفائها جوازاً ومنعاً ليس محله هنا.
الفصل الثالث:
كتاب النبي ' إلى قيصر..
كتاب النبي ' إلى قيصر:
هذا وقد كتب "صلى الله عليه وآله" أيضاً إلى قيصر كتاباً يدعوه فيه إلى الإسلام، ونص الكتاب هو التالي:
"بسم الله الرحمن الرحيم: من محمد بن عبد الله إلى هرقل عظيم الروم: سلام على من اتبع الهدى.
أما بعد، فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإنما عليك إثم الأريسيين و ?تَعَالَوْاْ إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ?"([343]).
مضامين الكتاب:
وبالمراجعة والمقارنة بين كتاب النبي "صلى الله عليه وآله" لكسرى، وكتابه لقيصر، يتضح مدى التوافق بين الكتابين، باستثناء اختلافات يسيرة فيما بينهما، سوف نحاول الإلماح إلى بعض ما تمس الحاجة إليه، فنقول:
يؤتك الله أجرك مرتين:
ورد في الكتاب قوله "صلى الله عليه وآله": "يؤتك الله أجرك مرتين" وهذا يتضمن إشارات لأمور عديدة، منها:
أولاً: لقد ذكر له "إيتاء الأجر" لا إعطاءه، والإيتاء يتضمن معنى الجزاء بل قد فسر به([344]).
وهو أيضاً يشير إلى: أن ما يصل إليه إنما هو أحد طرفي معاملة أو فقل مبادلة من طرفين، فهو نظير آسى وآكل أي أن الإيتاء إعطاء على سبيل المقابلة بشيء قد أوجب ذلك، ودعا إليه.. وقد يستبطن ذلك معنى السهولة واليسر أيضاً.
ثانياً: إن هذا الإيتاء الذي جاء على سبيل المقابلة والجزاء على فعل الإسلام، إنما هو من الله تعالى، فلا منة فيه لأحد عليه، ولا يطلب منه شكر ومكافأة لمخلوق مثله..
ثالثاً: إن هذا العطاء داخل في مقولة الأجر والمثوبة التي أوجبها إيمان؛ يعتبر عند الله عملاً محترماً، ومحفوظاً لعامله الذي قام به باختياره، وليس استجابة لعملية ابتزاز، وقهر، وإخضاع مذل. بل هو أمر فرضه على العامل معرفته بواقع كونه مربوباً، لا بد أن يؤدي فروضه وواجباته بأمانة وصدق وإخلاص.
رابعاً: لعل إيتاء الأجر مرتين، إنما كان لأجل إيمانه نفسه.
أو ربما يكون الأجر مرتين هو أجر الدنيا وأجر الآخرة..
أو ربما لأجل إيمانه نفسه وايمان قومه.
وربما يكون ذلك جارياً وفق السنة في أهل الكتاب، فقد قال تعالى: ?الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ، وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الحَقُّ مِن رَّبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ، أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَؤُونَ بِالحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ?([345]).
وروي عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" أنه قال: "من أسلم من أهل الكتاب فله أجره مرتين"([346]).
وذلك لأن أهل الكتاب ينالون أجرهم مرة بصبرهم على أذى الطواغيت، وأذى المنحرفين عن الحق، وذلك في المرحلة السابقة على ظهور نبينا الأكرم "صلى الله عليه وآله"، وينالون أيضاً أجراً آخر من أجل إيمانهم بمحمد رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وتحملهم الأذى في جنب الله تعالى.
إثم الأريسيِّين:
وقد جاء في الكتاب إلى هرقل: "فإن توليت، فإنما عليك إثم الأريسيِّين".
وقد ذكر العلامة الأحمدي "رحمه الله": اختلافات الناقلين في هذه الكلمة أو الفقرة([347])، ولا نرى حاجة للتعرض لها ههنا..
غير أن علينا أن نشير إلى المراد بهذه الكلمة، فنقول:
قد تقدم بعض الحديث عن المراد بها، حين الكلام عن كتابه "صلى الله عليه وآله" إلى ملك الفرس، ونضيف إلى ذلك هنا: أن أقرب الوجوه في معناها هو:
أن المراد بالأريسيِّين: أتباع آريوس أسقف الإسكندرية، الذين كانوا يقولون بالتوحيد الخالص، وأنكروا التثليث، واعتبروا المسيح عبداً من عباد الله المخلَصين.
وكانوا قد كثروا وانتشرت دعوتهم، فأخاف ذلك الإمبرطور الروماني قسطنطين، الذي كان وثنياً وتنصر، فجمع عدداً كبيراً من الأساقفة، بلغ (318) أسقفاً.. وبعد مناقشات حامية وفي ظل الترهيب والتخويف سيطر أنصار التثليث على أتباع آريوس، وفرضوا عقيدة التثليث، وحوصر أتباع آريوس بقرار الكنيسة بمنع تداول عقائدهم([348]).
وقال أبو عبيد: إن الأريسيِّين هم الخدم والخول([349])، الذين يصدهم أربابهم عن الدين والحق.
وقيل: هم الأكَّارون، لأنهم كانوا عندهم من الفرس، وهم عبدة النار، فجعل عليهم إثمهم؛ إذ كانوا سبباً في عدم إيمانهم.
وقيل: أتباع عبد الله بن أريس ـ رجل كان في الزمن الأول ـ قتلوا نبياً بعثه الله إليهم.
وقيل: الأريسيُّون: الملوك، واحدهم إِ رِّيس، فالملك هو إِرِّيسهم الذي يجيبون دعوته ويطيعون أمره.
وقيل: هم العشَّارون([350]).
ما جرى عند ملك الروم:
ونحن نذكر هنا: ما جرى عند ملك الروم، ونختار النص الذي أورده العلامة الأحمدي "رحمه الله"، وهو التالي:
"وكتب مع دحية إلى قيصر كتاباً، يدعوه إلى الله تعالى ودين الإسلام، وأمره أن يدفعه إلى قيصر، فلما وصل دحية إلى الحارث ملك غسان، أرسل معه عدي بن حاتم ليوصله إلى قيصر.
فلما ذهب به إليه، قال قومه لدحية: إذا رأيت الملك فاسجد له، ثم لا ترفع رأسك أبداً حتى يأذن لك.
قال دحية: لا أفعل هذا أبداً، ولا أسجد لغير الله.
قالوا: إذاً لا يؤخذ كتابك.
فقال له رجل منهم: أنا أدلك على أمر يؤخذ فيه كتابك ولا تسجد له.
فقال دحية: وما هو؟
قال: إنه له على كل عتبة منبراً يجلس عليه، فضع صحيفتك تجاه المنبر حتى يأخذها هو ثم يدعو صاحبها، ففعل.
فلما أخذ قيصر الكتاب وجد عليه عنوان كتاب العرب، وقال: إن هذا كتاب لم أره بعد سليمان:
بسم الله الرحمن الرحيم
فدعا الترجمان الذي يقرأ بالعربية ثم قال: أنظروا لنا من قومه أحداً نسأله عنه".
أبو سفيان عند ملك الروم:
وروي عن ابن عباس، عن أبي سفيان، أنه قال: "في الهدنة التي كانت بيني وبين رسول الله "صلى الله عليه وآله" خرجت للتجارة إلى الشام، فبينا أنا بالشام إذ جيء بكتاب من رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى هرقل، فأرسل هرقل إليه في ركب من قريش، فأتوه وهم بإيلياء، فدعاهم في مجلسه، وعلى رأسه تاج، وحوله عظماء الروم، ودعا بترجمانه، فقال: أيكم أقرب نسباً بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟
فقال أبو سفيان: أنا أقربهم نسباً.
فقال: أدنوه مني، وقربوا أصحابه فاجعلوهم عند ظهره، ثم قال: إني سائل هذا عن هذا الرجل، فإن كذبني فكذبوه، فقال: حدثني عن هذا الذي خرج بأرضكم ما هو؟
قلت: شاب.
قال : كيف نسبه فيكم؟
قلت: هو فينا ذو نسب.
قال: فهل قال هذا القول منكم أحد قط قبله؟
قلت: لا.
قال: فهل كان من آبائه ملك؟
قلت: لا.
قال: فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟
قلت: بل ضعفاؤهم.
قال: أيزيدون أم ينقصون؟
قلت: لا، بل يزيدون.
قال: فهل يرتد أحد منهم عن دينه سخطة له؟
قلت: لا.
قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟
قلت: لا.
قال: فهل يغدر؟
قلت: لا.
قال: فهل قاتلتموه؟
قلت: نعم.
قال: فكيف كان قتالكم إياه؟
قلت: الحرب بيننا وبينه سجال.
قال: كيف عقله ورأيه؟
قلت: لم نعب له عقلاً ولا رأياً قط.
قال: كيف حسبه فيكم؟
قلت: هو فينا ذو حسب.
قال لترجمانه: قل له: فما يأمركم به؟
قلت: يأمرنا بالصلاة، والزكاة، والصدق، والعفاف، والصلة، وأن نعبد الله وحده لا شريك له، وينهانا عما كان يعبد آباؤنا، ويأمرنا بالوفاء بالعهد، وأداء الأمانة، والطهارة.
فقال لترجمانه: قل له: إني سألتك عن حسبه، فزعمت أنه فيكم ذو حسب، وكذلك الرسل تبعث في أحساب قومها.
وسألتك هل كان في آبائه ملك فزعمت أن لا.
فقلت: لو كان من آبائه ملك قلت: رجل يطلب ملك آبائه.
وسألتك عن أتباعه أضعفاؤهم أم أشرافهم.
فقلت: بل ضعفاؤهم. وهم أتباع الرسل.
وسألتك هل تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال، فزعمت أن لا، فقد عرفت أنه لم يكن ليدَّعي الكذب على الناس ثم يذهب فيكذب على الله.
وسألتك هل يرتد أحد منهم عن دينه بعد أن يدخله سخطة له، فزعمت أن لا، وكذلك الإيمان إذا خالط بشاشة القلوب.
وسألتك هل يزيدون أو ينقصون، فزعمت: أنهم يزيدون وكذلك الإيمان حتى يتم.
وسألتك هل قاتلتموه، فزعمت: أنكم قد قاتلتموه، فيكون الحرب بينكم وبينه سجالاً، ينال منكم وتنالون منه، وكذلك الرسل تبتلى، ثم تكون لهم العاقبة.
وسألتك هل يغدر، فزعمت أنه لا يغدر، وكذلك الرسل لا تغدر.
وسألتك هل قال هذا القول أحد قبله، فزعمت أن لا.
فقلت: لو قال هذا القول أحد قبله، قلت: رجل ائتم بقول قيل قبله.
قال ثم قال: إن يكن ما تقول حقاً فإنه نبي، وقد كنت أعلم أنه خارج، ولم أكن أظنه منكم، ولو أعلم أني أخلص إليه لأحببت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت قدميه، وليبلغن ملكه ما تحت قدمي.
قال: ثم دعا بكتاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" فقرأه".
وذكر أن ابن أخي قيصر أظهر الغيظ الشديد، وقال لعمه: قد ابتدأ بنفسه وسماك صاحب الروم.
فقال: والله إنك لضعيف الرأي، أترى أرمي بكتاب رجل يأتيه الناموس الأكبر، وهو أحق أن يبدأ بنفسه؟ ولقد صدق أنا صاحب الروم، والله مالكي ومالكه.
وفي نقل آخر: إن هذا الرجل أخوه.
قال أبو سفيان: فلما فرغ من قراءة الكتاب إرتفعت الأصوات عنده، وكثر اللغط، فأمر بنا فأخرجنا.
قال: قلت لأصحابي: لقد أمِرَ أمرُ ابن أبي كبشة، إنه ليخافه ملك بني الأصفر.
قال: فما زلت موقناً بأمر رسول الله "صلى الله عليه وآله".
إكرام الرسول ':
ثم أمر الملك بإنزال دحية وإكرامه، وأمر منادياً ينادي: ألا إن هرقل قد ترك النصرانية، واتبع دين محمد "صلى الله عليه وآله"، فأقبل جنده قد تسلحوا حتى أطافوا بقصره.
فأمر مناديه فنادى: ألا إن قيصر إنما أراد أن يجرِّبكم، كيف صبركم على دينكم، فارجعوا قد رضي عنكم.
ثم قال للرسول: إني أخاف على ملكي، إني لأعلم أن صاحبك نبي مرسل، والذي كنا ننتظره ونجده في كتابنا، ولكني أخاف الروم على نفسي، ولولا ذلك لاتبعته، فاذهب إلى ضغاطر الأسقف، فاذكر له أمر صاحبكم، فهو أعظم في الروم مني، وأجوز قولاً مني عندهم، صاحبك والله نبي مرسل.
فجاء دحية فأخبره بما جاء به من عند رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فقال ضغاطر: صاحبك والله نبي مرسل، نعرفه في صفته، ونجده في كتابنا باسمه، ثم ألقى ثياباً كانت عليه سوداء، ولبس ثياباً بيضاء، ثم أخذ عصاه، ثم خرج على الروم وهم في الكنيسة.
فقال: يا معشر الروم: إنه قد جاءنا كتاب أحمد يدعونا فيه إلى الله، وإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن أحمد رسول الله، فوثبوا عليه وثبة رجل واحد فضربوه فقتلوه، فرجع دحية إلى هرقل فأخبره الخبر.
فقال: قد قلت لك: إنا نخافهم على أنفسنا، وضغاطر كان والله أعظم عندهم مني.
ويظهر من بعض الألفاظ (كما يظهر من الإصابة عن بعض الرواة): أن ضغاطر اجتمع مع ملك الروم، فأقرأه الكتاب، فقال: هذا النبي الذي كنا ننتظره.
قال: فما تأمرني؟
قال: أما إني فمصدقه ومشيعه.
قال قيصر: أما إن فعلت يذهب ملكي([351]).
تعالوا إلى كلمة سواء:
وبعد، فإننا نلاحظ على ما تقدم ما يلي:
إنه قد ورد في كتابه "صلى الله عليه وآله" إلى ملك الروم قوله تعالى: ?قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ ولا نشرَك به شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ الله فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ?([352]).
وقد تقدم: أن بعض النصوص صرحت: بأن كتاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى الكفار هو: ?تَعَالَوْاْ إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ..? الآية([353]).
وعن الزهري: كانت كتب النبي "صلى الله عليه وآله" إليهم واحدة، كلها فيها هذه الآية([354]).
وقد تقدم: أنه "صلى الله عليه وآله" قد كتب هذه الآية إلى كسرى([355]).
وسيأتي: أنه كتب بها إلى المقوقس وإلى النجاشي أيضاً.
وقال أبو عبيد: "كتب رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى كسرى، وقيصر، والنجاشي كتاباً واحداً:
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
من محمد رسول الله، إلى كسرى، وقيصر، والنجاشي.
أما بعد، ?تَعَالَوْاْ إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ..?الآية"([356]).
وهذه الآية قد جاءت في سورة آل عمران.
وقد ذكروا أيضاً: أنه "صلى الله عليه وآله" قد ذكر هذه الآية لأهل نجران، حين جاؤوا إلى المدينة([357]).
وقالوا: إن النبي "صلى الله عليه وآله" قد كتبها.
وقيل: نزلت لأنها نزلت سنة تسع، وهي سنة قدوم النجرانيين([358]).
وقيل: بل بعد نزولها؛ لأن نزولها كان في أول الهجرة في شأن اليهود([359]).
ونقول:
إن قراءة النبي "صلى الله عليه وآله" للآية على النجرانيين، والطلب إليهم العمل بمضمونها لا يدل على نزول الآية في ذلك الحين، فإن مضمونها عام صالح للاستفادة منه في كل حين، وقد دلت الروايات على نزولها قبل ذلك حين كان يحتج على يهود المدينة.
كما أن من الجائز أن يكون أهل نجران قد جاؤوا إلى المدينة في سنة ست.
الآية تفرض التوحيد:
وربما يتوهم بعضهم، أو يتعمد القول: بأن مفاد الآية هو دعوة أهل الكتاب إلى الالتزام بالقواسم المشتركة بيننا وبينهم، وهي عبادة الله، وتوحيده، ويبقى ما عداها خاضعاً للبحث والحوار..
إنه كلام غير صحيح، بل إن الآية تريد أن تلزم أهل الكتاب بالتوحيد، وأن تفرض عليهم التخلي عن الشرك، وعبادة غير الله، وأن لا يتخذ بعضهم بعضاً أرباباً من دون الله.
وهو أمر لا يرضاه أهل الكتاب، وقد صرح القرآن بأنهم: ?اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللهِ..?([360]).
وصرح أيضاً بشركهم، وبعبادتهم لغير الله عز وجل، حيث قال: ?لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللهَ هُوَ المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ..?([361]).
وقال: ?لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ، مَّا المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ، قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً واللهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الحَقِّ..?([362]).
وقال تعالى: ?قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا..?([363]).
وقال سبحانه: ?وَإِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللهِ..?([364]).
وقال تبارك وتعالى: ?وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ، اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِن دُونِ اللهِ وَالمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ، يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ?([365]).
كما أن آية الجزية صريحة: في أن من أهل الكتاب، من لايؤمن بالله ولا باليوم الآخر، ولا يدين دين الحق([366]).
فهذه الآيات كلها تدل: على أن أهل الكتاب لا يعبدون الله وحده لا شريك له، كما يريد أن يدَّعيه هذا البعض. بل إن قوله تعالى: ?تَعَالَوْاْ إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ..? الآية، يدل: على أنهم بعيدون عن كلمة السواء، ولا يلتزمون بها تماماً كاتخاذهم أحبارهم أرباباً من دون الله.
فإن الآية قد دعتهم إلى الالتزام بهذين الأمرين بصيغة واحدة، وسياق واحد، وذلك يدل على عدم التزامهم بهما معاً، كما قلنا..
ويؤيد ذلك: ما روي من أن النبي "صلى الله عليه وآله" كلم النضر بن الحارث حتى أفحمه، ثم قال: ?إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ..? الآية، فلما خرج النبي "صلى الله عليه وآله" قال ابن الزبعرى: أما والله لو وجدته في المجلس لخصمته، فاسألوا محمداً أكلُّ ما يُعبد من دون الله في جهنم مع من عبده؟ فنحن نعبد الملائكة، واليهود تعبد عزيراً، والنصارى تعبد عيسى.
فأُخبر النبي "صلى الله عليه وآله"، فقال: يا ويل أمه، أما علم أن "ما" لما لا يعقل، و "من" لمن يعقل؟
فنزلت: ?إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِنَّا..? الآية([367]).
المجوس أهل كتاب:
وإذا كان "صلى الله عليه وآله" قد كتب بآية "كلمة السواء" إلى ملك الفرس بالإضافة إلى النجاشي، وقيصر، والمقوقس، فإن ذلك يعني: أن المجوس أيضاً من أهل الكتاب.
وقد ورد في الأحاديث: أنه كان لهم كتاب فضيعوه، أو أحرقوه([368]). فتضييعهم له، لم يخرجهم عن أحكامه، ولا أوجب معاملتهم معاملة أهل الشرك.
جواب قيصر:
ويقول المؤرخون أيضاً: إن قيصر قد رد دحية بن خليفة الكلبي مكرماً، وأهدى إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" هدية، وكتب إليه:
".. إلى أحمد رسول الله، الذي بشر به عيسى، من قيصر ملك الروم:
إني جاءني كتابك مع رسولك، وإني أشهد أنك رسول الله، نجدك عندنا في الإنجيل، بشرنا بك عيسى بن مريم.
وإني دعوت الروم إلى أن يؤمنوا بك، فأبوا، ولو أطاعوني لكان خيراً لهم. ولوددت أني عندك، فأخدمك، وأغسل قدميك"([369]).
وجعل كتاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" في الديباج والحرير، وجعله في سفط([370]).
فلما وصل كتابه إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، قال: "يبقى ملكهم ما بقي كتابي عندهم"([371]).
ونقل الحلبي أنه "صلى الله عليه وآله" قال: "كذب عدو الله، إنه ليس بمسلم"([372]).
وقد ذكر السهيلي: أن هرقل وضع كتاب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، الذي كتب إليه في قصبة من ذهب، تعظيماً له، وأنهم لم يزالوا يتوارثونه كابراً عن كابر، في أرفع صوان، وأعز مكان، حتى كان عند "أذفونش" الذي تغلب على طليطلة، وما أخذ أخذها من بلاد الأندلس، ثم كان عند ابن بنته، المعروف بـ "السليطين".
حدثني بعض أصحابنا: أنه حدثه من سأله رؤيته من قواد أجناد المسلمين، كان يعرف بعبد الملك بن سعيد، قال: فأخرجه إلي، فاستعبرته، وأردت تقبيله، وأخذه بيدي، فمنعني من ذلك، صيانة له، وضناً به عليَّ.
حراجة موقف أبي سفيان:
ولا نريد التعليق على المحاورة التي جرت بين قيصر وأبي سفيان، بل نكتفي بالقول: إن أبا سفيان لم يكن سعيداً حين كان يجيب على أسئلة قيصر، وذلك من جهتين:
إحداهما: أنه يرى: أعدى أعدائه قد أصبح يشكل قضية كبيرة لقيصر، ولكسرى، ولغيرهما من ملوك الأرض، وأن هؤلاء الملوك الأقوياء جداً لم يستهينوا بأمر هذا النبي "صلى الله عليه وآله"، بل تلقوا أمره، وقرأوا كتبه لهم باهتمام بالغ، وبجدية ظاهرة، وكان موقفهم منه يتسم بكثير من التروي، والحرص على عدم ظهور أية بادرة عداء من قبلهم تجاهه، سوى ما ظهر من كسرى..
وقد أسلم بعض هؤلاء الملوك، أو أسلم كبار من أعوانهم ورجالاتهم، ومن لم يعلن إسلامه، فإنه اتخذ جانب المداراة، والتودد له، وأرسل له الهدايا، وخصه بالعبارات الرضية، والرقيقة..
وهذا أمر لا بد أن يزعج أبا سفيان جداً، إلى حد الصدمة، ويجعله أكثر يأساً من الوصول إلى مبتغاه، ألا وهو القضاء على دعوته، والتخلص من الدين الذي جاء به بيسر وسهولة..
الثانية: إنه وجد نفسه مضطراً للصدق في أجوبته على أسئلة قيصر، ليحفظ لنفسه موطئ قدم لديه. ولا بد أن يكون ذلك صعباً عليه؛ لأنه يدرك أن كلماته سوف تترك انطباعاً إيجابياً لدى قيصر عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وهو أمر كان أبو سفيان يخشى عواقبه وتبعاته كل الخشية، ولا يرضاه في حال من الأحوال.
لم أكن أظنه منكم:
ويثير الانتباه هنا: قول قيصر لأبي سفيان: إنه يعرف: أنه نبي، وأنه خارج لا محالة، ولكنه لم يكن يظن أنه من العرب..
غير أننا نقول:
هل كان سوء حال العرب، واستغراقهم في جهالاتهم وضلالاتهم هو الذي صرف ذهن قيصر عن تداول احتمال أن يكون الرسول الموعود منهم؟! وإلا فإن واقع الحال يشير إلى أنه برغم كل هذا التحريف للحقائق الذي ظهر في كتبهم التي يعتقدون بها، فقد حفلت تلك الكتب نفسها بإمارات ودلالات كثيرة جداً، تؤكد على أن هذا النبي هو من العرب، ومن مكة المكرمة بالتحديد. ونذكر مثالين على ذلك، وهما:
1 ـ ورد في الأصل العبراني من سفر التكوين ما ترجمته: "ولإسماعيل سمعته (إبراهيم) ها أنا أباركه كثيراً، وأنمِّيه، وأثمِّره كثيراً، وأرفع مقامه كثيراً بمحمد، واثني عشر إماماً يلدهم إسماعيل، وأجعله أمة كبيرة"([373]).
2 ـ "هذه شهادة يوحنا إذ أرسل إليه اليهود من أورشليم الكهنة واللاويين، يسألونه: من أنت؟!
اعترف ولم ينكر، واعترف: لست المسيح.
فسألوه: من أنت إذن؟! أأنت إيليا؟!
قال: لست إياه.
أأنت النبي؟!
أجاب: لا.
فقالوا له: من أنت فنحمل الجواب إلى الذين أرسلونا الخ.." ([374]).
وهناك العديد من المؤلفات التي أوردت بشارات العهدين برسول الله "صلى الله عليه وآله"، فيمكن الرجوع إليها والوقوف على بعض من ذلك.. ويكفي أن نشير إلى أن الله تعالى يقول: ?يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ?([375]).
ويقول: ?النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ?([376]).
ومعرفة قيصر بظهور نبي في آخر الزمان يدل على أن ذلك ـ كما أشار إليه القرآن ـ كان معروفاً عندهم. وهناك شواهد كثيرة على هذا الأمر لسنا بصدد تتبعها.
ليبلغن ملكه تحت قدمي:
وقد تقدم أن قيصر قد أعلن: بأن ملك هذا النبي ـ الذي كان عالماً بأنه سيظهر ـ سوف يبلغ إلى تحت قدميه.. والمتوقع في حالات كهذه أحد أمرين:
أولهما: أن يؤمن ويسلم، ويستسلم للأمر الواقع، ويُرْجِع الأمر إلى النبي "صلى الله عليه وآله" نفسه..
الثاني: أن يثور، وأن يزمجر، ويتهدد، ويتوعد، ويباشر العمل في تجهيز الجيوش، لإنزال الضربة الحاسمة بهذا الذي يخشاه على ملكه..
ولكن قيصر لم يفعل لا هذا ولا ذاك.. بل عامل النبي "صلى الله عليه وآله" بالمداراة والرفق.. ولكنه لم يدخل في الإسلام.
تقدم وسيأتي أنه قد ادَّعى الإسلام فكذَّبه رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وهذا يدل على أنه قد نافق، وماكر، وكذب على الرسول "صلى الله عليه وآله"، وسعى لدفعه برفق وأناة؛ لأنه يريد التصدي لإنسان يعرف أنه نبي مرسل، ويدرك أن إعلان الحرب عليه معناه إعلان الحرب على الله سبحانه، وهو يعرف أنه قد يعجز عن مواجهة بشر مثله، فهل يقدر على أن يواجه الله تعالى، ويعلن الحرب عليه؟!
حنكة قيصر في استجواب أبي سفيان:
وقد أظهر استجواب قيصر لأبي سفيان: أن هذا الرجل كان على جانب كبير من الحنكة والمعرفة بالأمور، وبمناشئها، ودوافعها، كما أنه كان مطلعاً على شيء من تاريخ دعوات الأنبياء "عليهم السلام"، وخصوصياتهم، بالإضافة إلى قدر كبير من الدراية والبصر بأحوال الناس، وبأخلاقهم، وطبيعة نظرتهم للأمور، ويتضح لك فيما يلي:
نظرة في أسئلة قيصر:
وإذا ألقينا نظرة على أسئلة قيصر لأبي سفيان، فإننا سوف نخرج بنتيجة مفادها: أنها قد اختيرت بعناية فائقة، حيث عرف من خلالها كل الأمور والمزايا والخصوصيات التي تحتم نجاح مهمة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وأنه لا قدرة لأحد على الوقوف في وجه دعوة لها هذه الميزات، والخصوصيات.
ونذكر من ذلك على سبيل المثال:
1 ـ أن قيصر لم يسأل أبا سفيان عن معجزة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وعن السبب في عدم انصياعهم لمعجزته. بل اتخذ الحوار بينهما منحى آخر يصب في اتجاه التعرف على ما يفيد في وضع خطة لمواجهة هذه الدعوة التي يخشاها كل الخشية ويريد أن يتجنب الصدام معها.
2 ـ أنه سأل أبا سفيان عن نسب وحسب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأخبره: أنه ذو نسب وحسب.. وله مكانة مرموقة فيما بين قومه.. وبديهي: أن الناس العاديين يعظمون ذوي الأحساب، ويحبون التقرب منهم، ولا يرضيهم إلحاق الأذى بهم، ولا يؤنسهم التطاول عليهم.. ومعرفة قيصر بهذا الأمر بالنسبة لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، سوف تزعجه، وتزيد من هواجسه..
3 ـ حين لم يجد قيصر في آباء رسول الله "صلى الله عليه وآلـه" ملكاً، فإنه فقد المبرر لاتهامه "صلى الله عليه وآله" بأنه يريد أمراً لنفسه، وأنه طالب جاه ومقام ضاع منه..
4 ـ وإذا كان ضعفاء الناس هم أتباع رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فإن ذلك يعني: أن الشرفاء والرؤساء ـ وهم قليلون ـ يفقدون سيطرتهم على أولئك الضعفاء، الذين هم الكثرة الكاثرة، والذين يعيشون حالة من التلاحم، والتعاضد، ويعطف بعضهم على البعض الآخر، ويحن إليه، وتتلاقى مشاعرهم بالمظلومية والقهر، وتتشارك أمانيهم في التعلق بمن يأتي لينجيهم مما هم فيه، من ظلم وعسف أولئك الأسياد، ويهديهم إلى طريق الخلاص من متاعبهم، وآلامهم..
5 ـ ومن الواضح: أن الوثوق بصدق القائد والرئيس أمر مهم جداً في حصول الاطمينان لدى الناس بأقواله وأفعاله، وفي سكون نفوسهم إليه.. وهو يقلل أيضاً من فرص التشكيك في صدقيته، وفي خلوصه، وإخلاصه.. وهو من موجبات احترام الناس وإكبارهم له.
كما أن ذلك يؤكد لهم صحة ما جاء به، ويزيد تقديسهم له..
6 ـ وإن عدم ارتداد أحد ممن يدخل في دينه "صلى الله عليه وآله"، يشير إلى أن باطن هذا الدين لا يخالف ظاهره، وأن شعاراته متوافقة مع حقائقه، وأنه منسجم مع الفطرة والحقيقة الإنسانية، مؤيد بالمنطق القويم، والعقل السليم، وأنه صالح لكل المستويات، ومتوافق مع عقول الناس من مختلف الفئات، وجميع المجتمعات..
كما أن ذلك يدل على أن من يؤمن بهذا الدين يجد فيه مبتغاه، وأنه حتى لو كان قد دخل فيه لألف سبب وسبب، فإن هذا الدين قادر على تحويل العلقة الظاهرية، إلى علقة إيمانية حقيقية وواقعية..
7 ـ يضاف إلى ذلك: أن أهل الإيمان في ازدياد مستمر، وأن هذا الدين لا يتراجع ولا ينحسر، وأن ذلك ينسحب على جميع القوميات، والطبقات، والفئات.
وهذا يعطي: أنه لا خصوصية لبلاد العرب ولا لأحوالهم في ذلك، بل الخصوصية هي للتكوين الإنساني نفسه، حيث إنه إذا وجد ما يسانخه، ويتلاءم معه، فإنه يتلاحم معه، ويندمج فيه.
8 ـ ولأجل ذلك سأل قيصر أخيراً عن التعاليم التي جاء بها، فلما أخبره ببعضها أدرك أنها تعاليم إنسانية إلهية خالصة، وهي التي تبحث الفطرة عنها، لتتكامل بها ومعها. وهي التي تأنس بها النفس، وتهفو إليها الروح، ويرشد إليها عقل الإنسان ويرضاها وجدانه، وضميره..
وفي هذا الحوار نقاط كثيرة أخرى، كلها تصب في اتجاه واحد، وهو: أن قيصر أراد أن يكتشف ثغرة في دعوة رسول الله "صلى الله عليه وآله" تفسح المجال لتسديد الضربة القاصمة له، ليتخلص منه، فلم يجد..
ولأجل ذلك عقب بقوله: "وليبلغن ملكه ما تحت قدمي".
بل وجد أن أي صدام مع هذا النبي سوف يؤدي إلى غرس شجرة الإسلام في بلاده، وهي شجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء، لا مجال للتخلص منها، في أي حال، بل يكون السعي في هذا الاتجاه من موجبات قوتها، وتجذرها، وانتشار أغصانها في كل اتجاه..
فآثر العمل على تجنب ذلك، ومارس المكر والحيلة، ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله، ولتعلمن نبأه بعد حين.
ولو أنه كان راغباً في الإسلام، فقد كان باستطاعته وهو الرجل المجرب، والحصيف أن يفعل ذلك، وأن يمهد السبل لإسلام أهل مملكته وفق ما يأمره به نبي الله "صلى الله عليه وآله".
هرقل ماكر وكاذب:
تقدم: أن ملك الروم بعدما قرأ كتاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" واطلع من أبي سفيان على ما أحب أن يطلع عليه.. "أمر منادياً ينادي: ألا إن هرقل قد آمن بمحمد واتبعه.
فدخلت الأجناد في سلاحها، وأطافت بقصره، تريد قتله، فأرسل إليهم: أني أردت أن أختبر صلابتكم في دينكم، فقد رضيت عنكم. فرضوا عنه.
ثم كتب إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله": أنه مسلم، ولكنه مغلوب على أمره..
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": كذب عدو الله، ليس بمسلم، بل هو على نصرانيته.. أو نحو ذلك"([377]).
ونقول:
إن التأمل في هذا الذي جرى يدل دلالة واضحة على مكر هذا الرجل، وعلى سوء سريرته، حيث اختار هذه الطريقة التحريضية المثيرة، التي من شأنها أن تلهب مشاعر الناس، وتعجل باتخاذهم قرار الرفض، تحت وطأة الشعور بالخوف والوجل من أمر مجهول لهم، لم يطلعوا على أي شيء منه يفيد في طمأنتهم إلى مصيرهم ومستقبلهم معه..
وقد كان بإمكانه أن يفعل كما فعل باذان، وملك الحبشة، وغيرهما من الملوك الذين أسلموا، ولم يثيروا الناس من حولهم، بل هم قد يسروا لهم سبيل الإيمان والهداية، وأفسحوا لهم المجال في هذا الأمر، بعيداً عن أجواء التشنج والإثارة والتحدي.. فأنار الله قلوبهم بالحق، وفتح أعينهم على الخير، وأسلموا لله رب العالمين..
نعم، إن ما فعله قيصر قد أوجب صدود الناس عن التفكير في حقيقة ما يعرضه رسول الله "صلى الله عليه وآله" عليهم، وأصبحوا يتعاملون بانفعال، وبعصبية بالغة، وبتحفظ شديد. وبذلك يكون قد أوصد أبواب الهداية إلى الله تعالى، وحرمهم من بركاتها..
وقد أكد هذا الصدود لديهم والإصرار على الممانعة منهم، حين لوَّح لهم بأن هذا النبي هو من قوم لم يكن يظن أن يكون منهم، فأثار في نفوس أتباعه مشاعر الاستكبار، والتعالي، وساقهم إلى رفض الانصياع لنبي يخرج من قوم ليس لهم شأن، ولا مقام، ولا بد أن يعتبروا الانصياع لنبي من قوم لهم هذه الصفة نقيصة وعاراً، ولا يليق صدوره من أهل الشرف والشهامة، والرياسة، والزعامة.
ولعل الذي دعاه إلى ذلك: خوفه من أن يكون انتشار الإسلام في رعيته سبباً في تعاظم نفوذ كلمة رسول الله "صلى الله عليه وآله" فيهم، إلى حد يؤثر على نفوذه، ويضعف مكانته عندهم، مع إدراكه أن الانقياد للدين ولرموزه يكون هو الأشد؛ لأنه انقياد نابع من ضمير الإنسان، ومن أعماق روحه، وشغاف قلبه، لا خوفاً من عصاً، ولا طمعاً بشيء من حطام الدنيا. فابتكر هذه الطريقة من أجل حسم الأمر لصالحه، وهكذا كان.
وأما إعلان الحرب من قِبَله على رسول الله "صلى الله عليه وآله" فهو غير سديد؛ لأنه سوف ينتهي إلى ما انتهت إليه قريش في حربها معه.. كما سيأتي توضيحه حين الكلام عن موقف المقوقس.
وبذلك يكون قيصر قد باء بإثم الأريسيِّين، أو القبط، الذين كان يستطيع أن يهديهم إلى الحق، ويأخذ بأيديهم إلى النجاة فساقهم إلى الكفر، وأوردهم موارد السوء والبوار والهلاك..
أكثر من كتاب إلى قيصر:
هذا وبمراجعة المصادر التاريخية يتضح: أنه "صلى الله عليه وآله" قد أرسل كتباً أخرى إلى قيصر، أحدها حينما كان راجعاً من تبوك، وقد طلب منه أن يعطي الجزية، فإن أبى، فعليه أن يواجه الحرب، إلا أن يلتزم بأن لا يحول بين الفلاحين، وبين الإسلام([378]).
وغزوة تبوك كانت في سنة تسع، فإرسال هذا الكتاب إلى قيصر في هذه السنة يدل على أنه لم يقبل منه ادعاءه للإسلام، بعد أن ظهرت دلائل كذبه، ومكره في دعواه هذه، فهدده في هذا الكتاب بالحرب، أو إعطاء الجزية.
وسوف نتعرض مرة أخرى لهذا الكتاب حين الحديث عن غزوة تبوك فيما يأتي إن شاء الله تعالى.
لا أقبل زبد المشركين:
وقد ذكرنا فيما تقدم: أنه "صلى الله عليه وآله" كان لا يقبل هدية مشرك، أو كافر. فقد يقال: إن هذا لا يتلاءم مع ما ذكرته الروايات من قبوله "صلى الله عليه وآله" هدية قيصر، إذا كان كافراً؟!
ويمكن أن يجاب عن ذلك بعدة أجوبة:
أحدها: أنه "صلى الله عليه وآله" كان لا يقبل هدية المشركين. أما هدية أهل الكتاب، مثل: النصراني، واليهودي، فلم يكن يردها كما دلت عليه بعض الروايات([379]).
وقد كان قيصر نصرانياً، وكان كسرى مجوسياً، ويعد المجوس من أهل الكتاب أيضاً.
وأما ما روي من أنه "صلى الله عليه وآله" كان يقول: "اللهم لا تجعل لفاجر ولا فاسق عندي نعمة"([380])..
فربما يقال: إن المراد به: من كان محارباً من الفساق والفجار..
الثاني: قد يقال: إن المقصود بما سبق هو: أنه "صلى الله عليه وآله" كان يرد هدية المشرك المحارب، أما غيره، فكان يقبل هديته، حتى لو كان مشركاً([381])، فضلاً عن أن يكون يهودياً أو نصرانياً.
ونقول:
أولاً: إن هذا الكلام غير ظاهر الوجه، فإن المشرك إذا كان محارباً، فهو لا يهدي لرسول الله "صلى الله عليه وآله" شيئاً..
ثانياً: إن الحديث غير مقيد بالمحارب ولا بغيره. فراجع النصوص المنقولة في ذلك، حين الحديث عن إيمان أبي طالب رضوان الله تعالى عليه، فإن مفادها: أن نفس شركهم هو السبب في عدم قبول الهدية منهم.
ثالثاً: قد ادَّعى البعض: أنه "صلى الله عليه وآله" قد قبل هدية قيصر؛ لأنها فيء للمسلمين ولذلك قسمها عليهم. ولو أنها كانت هدية خاصة، بحيث تكون لشخصه "صلى الله عليه وآله"، ولا يستفيد منها سواه، أو أهل بيته الذين هم تحت تكفله، فإنها تكون له خالصة، كما كانت هدية المقوقس خالصة له، وقد قبلها منه؛ لأنه لم يكن محارباً للإسلام..
ونقول:
إن هذا الكلام غير دقيق:
أولاً: إن قيصر لا يختلف في موقفه عن المقوقس من حيث إنه يداري رسول الله "صلى الله عليه وآله" دون أن يدخل في دينه.
ثانياً: إن قيصر قد أظهر في رسالته التي بعثها لرسول الله "صلى الله عليه وآله": أنه قد أسلم، غاية الأمر: أن الرسول "صلى الله عليه وآله" قد أخبر عنه أنه غير صادق فيما يقول، وأنه قد اتبع سبيل النفاق والمكر في هذا الأمر.
وقد كان "صلى الله عليه وآله" يعامل المنافقين كما يعامل المسلمين. وكان عارفاً بهم، وقد أخبر حذيفة بأسمائهم، ولم يُؤثر عنه "صلى الله عليه وآله": أنه عاملهم كما يعامل أهل الكفر أو الشرك.
ثالثاً: إنه لا دليل على أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد اعتبر ذلك فيئاً للمسلمين، إذ لماذا لا يكون "صلى الله عليه وآله" قد ترك لأصحابه أمراً هو له، ترفعاً منه "صلى الله عليه وآله"، وتنزهاً، أو إظهاراً للشمم والنبل، أو إيثاراً منه لأصحابه، ليتعلم منه الناس ذلك، ولتصل أخباره إلى من أرسل تلك الهدية، والذي كان يظن أن هديته سوف يكون لها وقعها الخاص لدى المرسل إليه، بسبب ندرتها، وقيمتها، وأهميتها من الناحية المادية..
رابعاً: إن الفيء ملك خالص لرسول الله "صلى الله عليه وآله" وليس لأحد فيه نصيب، فإن هؤلاء لم يأخذوه في ساحة الحرب، ليكون غنيمة لهم.
الفهارس:
1 ـ الفهرس الإجمالي
2 ـ الفهرس التفصيلي
1ـ الفهرس الإجمالي
TOC \o "1-1" \t "عنوان 2;1;عنوان 3;1;عنوان 4;1;عنوان 5;1;عنوان 6;1"
الباب الثاني: عهد الحديبية.. وقائع.. وآثار
الفصل الأول: بيعة الرضوان......................................... 7 ـ 46
الفصل الثاني: عهد الحديبية: أحداث وتفاصيل................ 47 ـ 88
الفصل الثالث: إدانة البريء...................................... 89 ـ 124
الفصل الرابع: تبرئة المذنب................................... 125 ـ 150
الفصل الخامس: اللمسات الأخيرة............................ 151 ـ 164
الفصل السادس: عهد الحديبية: نتائج وآثار............... 165 ـ 195
الباب الثالث: حتى خيبر
الفصل الأول: أشخاص أراد الناس أن يمدحوهم.......... 195 ـ 204
الفصل الثاني: سرايا وقضايا بين الحديبية وخيبر....... 205 ـ 232
الباب الرابع: دعوة ملوك الأرض..
الفصل الأول: بيانات تمهيدية................................. 235 ـ 260
الفصل الثاني: كتاب النبي ' إلى كسرى................... 261 ـ 292
الفصل الثالث: كتاب النبي ' إلى قيصر..................... 293 ـ 332
الفهارس:........................................................... 333 ـ 340
2 ـ الفهرس التفصيلي
TOC \o "1-1" \t "عنوان 2;1;عنوان 3;1;عنوان 4;1;عنوان 5;1;عنوان 6;1"
الباب الثاني: عهد الحديبية.. وقائع.. وآثار
الفصل الأول: بيعة الرضوان..
حديث البيعة:....................................................................... PAGEREF _Toc139355441 \h 9
أول من بايع:..................................................................... PAGEREF _Toc139355442 \h 15
لماذا تعددت بيعة ابن الأكوع؟!.............................................. PAGEREF _Toc139355443 \h 17
هل بايعوه على الموت؟!...................................................... PAGEREF _Toc139355444 \h 19
بيعة المنافقين في الحديبية:.................................................... PAGEREF _Toc139355445 \h 20
حديث: "لا يدخل النار من شهد الحديبية" لا يصح:.................... PAGEREF _Toc139355446 \h 22
بيعة النبي ' عن عثمان:...................................................... PAGEREF _Toc139355447 \h 24
محاولة فاشلة:................................................................... PAGEREF _Toc139355448 \h 25
الرد على الشيعة:................................................................ PAGEREF _Toc139355449 \h 26
الصحيح في القضية:........................................................... PAGEREF _Toc139355450 \h 34
سؤال وجوابه:................................................................... PAGEREF _Toc139355451 \h 35
دليل على موت الخضر:...................................................... PAGEREF _Toc139355452 \h 36
هل أسلم ابن عمر قبل أبيه؟!................................................. PAGEREF _Toc139355453 \h 38
لا توقدوا ناراً بالليل:........................................................... PAGEREF _Toc139355454 \h 40
عمر يقطع شجرة بيعة الرضوان:........................................... PAGEREF _Toc139355455 \h 41
الفصل الثاني: عهد الحديبية: أحداث وتفاصيل
تقديم:.............................................................................. PAGEREF _Toc139355458 \h 49
عهد الحديبية :................................................................... PAGEREF _Toc139355459 \h 50
الاصطفاف للقتال، واللواء مع علي ×:.................................... PAGEREF _Toc139355460 \h 59
قريش في مأزق:................................................................ PAGEREF _Toc139355461 \h 60
رعب قريش وضراعتها في الصلح:....................................... PAGEREF _Toc139355462 \h 62
معرفة النبي ' بعدوِّه:......................................................... PAGEREF _Toc139355463 \h 64
جلوس النبي ' وجلوس سهيل:.............................................. PAGEREF _Toc139355464 \h 64
اختلاف نصوص العهد:....................................................... PAGEREF _Toc139355465 \h 64
مصادر العهد:................................................................... PAGEREF _Toc139355466 \h 65
كلمات تحتاج إلى توضيح:.................................................... PAGEREF _Toc139355467 \h 68
من هو كاتب العهد؟:........................................................... PAGEREF _Toc139355468 \h 69
محنة أبي جندل، وحوادث أخرى:........................................... PAGEREF _Toc139355469 \h 71
عمر وأبو جندل:................................................................ PAGEREF _Toc139355470 \h 76
هل عندكم أمان أو عهد؟!:.................................................... PAGEREF _Toc139355471 \h 76
اثنا عشر رجلاً آخر:........................................................... PAGEREF _Toc139355472 \h 78
متى قتل ابن زنيم؟!............................................................ PAGEREF _Toc139355473 \h 78
سهيل يضرب ولده:............................................................ PAGEREF _Toc139355474 \h 79
الصلف الذي لا يطاق:......................................................... PAGEREF _Toc139355475 \h 80
هل في موقف الرسول ' تناقض؟!........................................ PAGEREF _Toc139355476 \h 80
إنَّا لا نغدر:....................................................................... PAGEREF _Toc139355477 \h 81
غضب قريش من خزاعة:.................................................... PAGEREF _Toc139355478 \h 81
صلح الحديبية لا يشمل النساء:............................................... PAGEREF _Toc139355479 \h 83
1 ـ سبيعة الأسلمية:.................................................. PAGEREF _Toc139355480 \h 85
2 ـ أروى بنت ربيعة:................................................ PAGEREF _Toc139355481 \h 86
3 ـ أميمة بنت بشر:.................................................. PAGEREF _Toc139355482 \h 86
4 ـ أم كلثوم بنت عقبة:.............................................. PAGEREF _Toc139355483 \h 87
5 ـ زينب ربيبة رسول الله ':..................................... PAGEREF _Toc139355484 \h 87
نساء لحقن بالمشركين:........................................................ PAGEREF _Toc139355485 \h 88
الفصل الثالث: إدانة البريء..
هل عصى علي × أمر رسول الله '؟!.................................... PAGEREF _Toc139355488 \h 91
ظهور الحقد الدفين:............................................................ PAGEREF _Toc139355489 \h 94
الشك فيما ينسب لعلي ×:..................................................... PAGEREF _Toc139355490 \h 96
استنطاق النصوص:......................................................... PAGEREF _Toc139355491 \h 102
الحدث مستعار بكامل تفاصيله:............................................ PAGEREF _Toc139355492 \h 105
من أسباب التزوير:........................................................... PAGEREF _Toc139355493 \h 106
لك مثلها يا علي:.............................................................. PAGEREF _Toc139355494 \h 109
ضع يدي عليها:............................................................... PAGEREF _Toc139355495 \h 110
النبي ' يقرأ ويكتب:......................................................... PAGEREF _Toc139355496 \h 113
الأول: ولا تخطه بيمينك:......................................... PAGEREF _Toc139355497 \h 113
الثاني: النبي الأمي:................................................. PAGEREF _Toc139355498 \h 114
ما يقوله علماءنا:............................................................. PAGEREF _Toc139355499 \h 115
ألف: النبي ' كان يقرأ:........................................... PAGEREF _Toc139355500 \h 119
ب: النبي ' كان يكتب:............................................ PAGEREF _Toc139355501 \h 120
الفصل الرابع: تبرئة المذنب..
استدراج مدروس:............................................................ PAGEREF _Toc139355504 \h 127
لا نعطي الدنية في ديننا:..................................................... PAGEREF _Toc139355505 \h 128
شك عمر في النبوة:.......................................................... PAGEREF _Toc139355506 \h 130
شكوك عمر استمرت إلى الطائف:........................................ PAGEREF _Toc139355507 \h 137
استمرار شكوك عمر إلى حجة الوداع:................................... PAGEREF _Toc139355508 \h 138
المسلمون يرفضون الإحلال:.............................................. PAGEREF _Toc139355509 \h 140
التبرك:.......................................................................... PAGEREF _Toc139355510 \h 144
ما نحره ' عند المروة:..................................................... PAGEREF _Toc139355511 \h 144
الهدي عن سبعة:.............................................................. PAGEREF _Toc139355512 \h 144
حلمهم الكبير الطعن في علي ×:........................................... PAGEREF _Toc139355513 \h 144
الفصل الخامس: اللمسات الأخيرة..
في طريق العودة:............................................................. PAGEREF _Toc139355516 \h 153
نوم المسلمين عن صلاتهم:................................................. PAGEREF _Toc139355517 \h 156
صلح الحديبية أعظم الفتح:.................................................. PAGEREF _Toc139355518 \h 158
النبي ' يذكرهم:.............................................................. PAGEREF _Toc139355519 \h 163
أبو بكر.. في موازاة رسول الله ':........................................ PAGEREF _Toc139355520 \h 163
تبرك سهيل بن عمرو:...................................................... PAGEREF _Toc139355521 \h 164
الفصل السادس: عهد الحديبية: نتائج وآثار..
آثار ونتائج عهد الحديبية:................................................... PAGEREF _Toc139355524 \h 167
أبو بصير يقتل آسريه، ويعتصم بالساحل:.............................. PAGEREF _Toc139355525 \h 179
مصير أبي بصير:............................................................ PAGEREF _Toc139355526 \h 185
أبو بصير يقتل آسره:........................................................ PAGEREF _Toc139355527 \h 186
النبي ' يجير المشرك:...................................................... PAGEREF _Toc139355528 \h 187
النبي ' لا يجيب أبا بصير:................................................ PAGEREF _Toc139355529 \h 187
ويل أمه مسعر حرب، لو كان معه رجال:.............................. PAGEREF _Toc139355530 \h 187
النبي ' يقبل خمس السلب:................................................. PAGEREF _Toc139355531 \h 188
قريش تعيش الإرباك والانقسام:........................................... PAGEREF _Toc139355532 \h 188
أسلم وغفار وجهينة مع أبي جندل:........................................ PAGEREF _Toc139355533 \h 189
ذل قريش:...................................................................... PAGEREF _Toc139355534 \h 190
الباب الثالث: حتى خيبر
الفصل الأول: أشخاص أراد الناس أن يمدحوهم..
إيضاحات ضرورية:........................................................ PAGEREF _Toc139355539 \h 197
وفاة أم رومان:................................................................ PAGEREF _Toc139355540 \h 198
إسلام أبي هريرة:............................................................. PAGEREF _Toc139355541 \h 203
إسلام عمران بن حصين:................................................... PAGEREF _Toc139355542 \h 204
الفصل الثاني: سرايا وقضايا بين الحديبية وخيبر..
سرية أبان بن سعيد إلى نجد:............................................... PAGEREF _Toc139355545 \h 207
حكم الظهار:................................................................... PAGEREF _Toc139355546 \h 210
تحريم الخمر:.................................................................. PAGEREF _Toc139355547 \h 217
أسطورة سحر النبي ':..................................................... PAGEREF _Toc139355548 \h 217
تناقض الروايات:............................................................. PAGEREF _Toc139355549 \h 225
النبي ' الأسوة، والقدوة، والمثال:........................................ PAGEREF _Toc139355550 \h 226
إن تتبعون إلا رجلاً مسحوراً:.............................................. PAGEREF _Toc139355551 \h 227
حفظ الله تعالى لأنبيائه ^:.................................................. PAGEREF _Toc139355552 \h 228
هل كان يهودي يخدم رسول الله '؟!..................................... PAGEREF _Toc139355553 \h 229
الرسول ' بدون شعر!!..................................................... PAGEREF _Toc139355554 \h 230
تصنيف الروايات المتقدمة:................................................. PAGEREF _Toc139355555 \h 231
الباب الرابع: دعوة ملوك الأرض.
الفصل الأول: بيانات تمهيدية
كتابة إلى ستة من الملوك:................................................... PAGEREF _Toc139355560 \h 237
الملوك الستة الذين كتب إليهم:.............................................. PAGEREF _Toc139355561 \h 238
حاملو الكتب:.................................................................. PAGEREF _Toc139355562 \h 239
التثاقل عن تنفيذ أمر الرسول ':.......................................... PAGEREF _Toc139355563 \h 239
لماذا باللغة العربية؟!......................................................... PAGEREF _Toc139355564 \h 241
تفاوت مستويات الرسائل العربية:........................................ PAGEREF _Toc139355565 \h 243
الكتابة في عهد رسول الله ':.............................................. PAGEREF _Toc139355566 \h 244
لم يكن النبي ' يكتب بيده:.................................................. PAGEREF _Toc139355567 \h 245
بداية كتب الرسول ':....................................................... PAGEREF _Toc139355568 \h 247
البدء باسمه الشريف:........................................................ PAGEREF _Toc139355569 \h 252
الحمد والتسليم:................................................................ PAGEREF _Toc139355570 \h 253
إتخاذ الخاتم:................................................................... PAGEREF _Toc139355571 \h 254
النبي ' يؤرخ رسائله:...................................................... PAGEREF _Toc139355572 \h 256
كتب دعوة لا كتب حرب:................................................... PAGEREF _Toc139355573 \h 256
حساسية مخاطبة الملوك:................................................... PAGEREF _Toc139355574 \h 258
رسائل النبي ' للملوك:..................................................... PAGEREF _Toc139355575 \h 260
الفصل الثاني: كتاب النبي ' إلى كسرى
رسالته ' إلى كسرى:....................................................... PAGEREF _Toc139355578 \h 263
إختلاف الكتب:...................................................... PAGEREF _Toc139355579 \h 265
بسم الله الرحمن الرحيم:........................................... PAGEREF _Toc139355580 \h 269
عظيم فارس:........................................................ PAGEREF _Toc139355581 \h 270
سلام على من اتبع الهدى:......................................... PAGEREF _Toc139355582 \h 271
وآمن بالله ورسوله:................................................. PAGEREF _Toc139355583 \h 272
الشهادة لله بالوحدانية:.............................................. PAGEREF _Toc139355584 \h 273
وأن محمداً عبده ورسوله:........................................ PAGEREF _Toc139355585 \h 273
أدعوك بدعاية الله:................................................. PAGEREF _Toc139355586 \h 274
فإني أنا رسول الله:................................................. PAGEREF _Toc139355587 \h 275
إلى الناس كافة:..................................................... PAGEREF _Toc139355588 \h 275
لأنذر من كان حياً:................................................. PAGEREF _Toc139355589 \h 276
ويحق القول على الكافرين:....................................... PAGEREF _Toc139355590 \h 276
أسلم تسلم:............................................................ PAGEREF _Toc139355591 \h 277
فإن أبيت فعليك إثم المجوس:..................................... PAGEREF _Toc139355592 \h 277
ولا تزر وازرة وزر أخرى:...................................... PAGEREF _Toc139355593 \h 278
إثم المجوس أو إثم الأكارين:..................................... PAGEREF _Toc139355594 \h 279
من هو حامل الرسالة؟!..................................................... PAGEREF _Toc139355595 \h 281
حديث تسليم الكتاب:.......................................................... PAGEREF _Toc139355596 \h 282
عدوانية كسرى تجاه رسول الله ':....................................... PAGEREF _Toc139355597 \h 284
قريش في مهب الريح:....................................................... PAGEREF _Toc139355598 \h 287
باذان ملك اليمن:.............................................................. PAGEREF _Toc139355599 \h 287
باذان وعقله:................................................................... PAGEREF _Toc139355600 \h 288
كفاية باذان:.................................................................... PAGEREF _Toc139355601 \h 289
باذان لم يسلم طمعاً:.......................................................... PAGEREF _Toc139355602 \h 289
تفاؤل رسول الله ':......................................................... PAGEREF _Toc139355603 \h 291
حلقا لحاهما:................................................................... PAGEREF _Toc139355604 \h 292
الفصل الثالث: كتاب النبي ' إلى قيصر..
كتاب النبي ' إلى قيصر:................................................... PAGEREF _Toc139355607 \h 295
مضامين الكتاب:.................................................... PAGEREF _Toc139355608 \h 297
يؤتك الله أجرك مرتين:............................................ PAGEREF _Toc139355609 \h 298
إثم الأريسيِّين:....................................................... PAGEREF _Toc139355610 \h 299
ما جرى عند ملك الروم:.......................................... PAGEREF _Toc139355611 \h 301
أبو سفيان عند ملك الروم:........................................ PAGEREF _Toc139355612 \h 302
إكرام الرسول ':................................................... PAGEREF _Toc139355613 \h 306
تعالوا إلى كلمة سواء:.............................................. PAGEREF _Toc139355614 \h 308
الآية تفرض التوحيد:.............................................. PAGEREF _Toc139355615 \h 310
المجوس أهل كتاب:................................................ PAGEREF _Toc139355616 \h 313
جواب قيصر:................................................................. PAGEREF _Toc139355617 \h 313
حراجة موقف أبي سفيان:.................................................. PAGEREF _Toc139355618 \h 315
لم أكن أظنه منكم:............................................................. PAGEREF _Toc139355619 \h 316
ليبلغن ملكه تحت قدمي:..................................................... PAGEREF _Toc139355620 \h 318
حنكة قيصر في استجواب أبي سفيان:................................... PAGEREF _Toc139355621 \h 318
نظرة في أسئلة قيصر:...................................................... PAGEREF _Toc139355622 \h 319
هرقل ماكر وكاذب:.......................................................... PAGEREF _Toc139355623 \h 322
أكثر من كتاب إلى قيصر:.................................................. PAGEREF _Toc139355624 \h 324
لا أقبل زبد المشركين:....................................................... PAGEREF _Toc139355625 \h 325
الفهارس:
1ـ الفهرس الإجمالي............................................... PAGEREF _Toc139355627 \h 331
2 ـ الفهرس التفصيلي.............................................. PAGEREF _Toc139355631 \h 333
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) السيرة الحلبية ج3 ص16 وتفسير الثعالبي ج5 ص255 وشرح أصول الكافي ج12 ص452 وعن فتح الباري ج7 ص49 وتحفة الأحوذي ج10 ص141 وجامع البيان ج26 ص111 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص200 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص279 والبداية والنهاية ج4 ص191 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص780 وعن عيون الأثر ج2 ص119 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص319.
([2]) أخرجه البيهقي في الدلائل ج4 ص136 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص48 والسيرة الحلبية ج3 ص16 و 17 وصحيح مسلم ج6 ص25 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص512 وكنز العمال ج1 ص332 وتفسير الميزان ج18 ص292 وزاد المسير ج7 ص167 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص205 وتفسير الجلالين ص713 والدر المنثور ج6 ص73 ولباب النقول ص177 وفتح القدير ج5 ص52 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص279 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص622.
([3]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص48، أخرجه مسلم في الجهاد ج3 ص1434 (132) وصحيح مسلم ج5 ص190ومسند أحمد ج4 ص54، والبيهقي في الدلائل ج4 ص138 وتاريخ مدينة دمشق ج22 ص90 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص279.
([4]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص49 والسيرة الحلبية ج3 ص18 ومسند أحمد ج4 ص49 وصحيح مسلم ج5 ص190 وشرح مسلم للنووي ج12 ص175 والجامع الصغير ج1 ص387 وعن تفسير القرآن العظيم ج4 ص202.
([5]) أخرجه البخاري (4169) والبيهقي ج4 ص138 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص49 وج9 ص110 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص303 والبحار ج38 ص218 ومسند أحمد ج4 ص54 وعن صحيح البخاري ج4 ص8 وعن فتح الباري ج13 ص172 وعن تفسير القرآن العظيم ج4 ص201 والدر المنثور ج6 ص74 وفتح القدير ج5 ص52.
([6]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص49 وج9 ص111 أخرجه مسلم ج6 ص26 ومسند أحمد ج3 ص355 وشرح مسلم للنووي ج13 ص2 وصحيح ابن حبان ج10 ص416 والمعجم الكبير ج20 ص228 وسير أعلام النبلاء ج2 ص484.
([7]) أخرجه ابن أبي شيبة ج14 ص87 (600) وذكره السيوطي في الدر المنثور ج6 ص74 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص50 والسيرة الحلبية ج3 ص18 ومجمع الزوائد ج6 ص146.
([8]) أخرجه الدولابي في الكنى ج1 ص133 والطبراني في الكبير ج1 ص41 وابن أبي شيبة ج12 ص46 والحاكم ج3 ص98 وانظر: الدر المنثور ج6 ص74، وراجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص50 والسيرة الحلبية ج3 ص17 وسنن الترمذي ج5 ص290 وكنز العمال ج13 ص64 وضعيف سنن الترمذي ص496 وتاريخ مدينة دمشق ج39 ص76 وأسد الغابة ج3 ص379.
([9]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص50 و 51 عن البخاري ج7 ص507 (4153) والسنن الكبرى للبيهقي ج5 ص235 وعن فتح الباري ج7 ص341 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص200 والدر المنثور ج6 ص73 وفتح القدير ج5 ص49 وتاريخ خليفة بن خياط ص49.
([10]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص51 وعن البخاري في المصدر السابق ج5 ص63 (4155) ومسلم ج3 ص1485 (75/1857) وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص271 والبداية والنهاية ج4 ص195 وعن فتح الباري ج7 ص443 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص326.
([11]) عن البخاري ج7 ص507 (4154) وعن مسلم ج3 ص1484 (71/1856) والسيرة الحلبية ج3 ص17 و 18 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص51 وعن فتح الباري ج7 ص341 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص202 والدر المنثور ج6 ص73 وتاريخ مدينة دمشق ج11 ص222 والبداية والنهاية ج4 ص195 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص325.
([12]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص51 أخرجه أبو داود (4653) والترمذي (3860) وأحمد 3 ص350 وابن المبارك في الزهد (498) وابن سعد ج2 ق1 ص73 ومسلم في الفضائل باب 37 (163) والسنن الكبرى للنسائي ج6 ص464 والبداية والنهاية ج6 ص211 وج7 ص372 ورأس الحسين لابن تيمية ص204.
([13]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص51 و 52.
([14]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص48 ـ 51 ومكاتيب الرسول ج3 ص89 وجامع البيان ج26 ص112 والبداية والنهاية ج4 ص191 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص621 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص781 وعن عيون الأثر ج2 ص119 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص319.
([15]) السيرة الحلبية ج3 ص18 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص75 وكتاب الأوائل ص82 ومعرفـة علـوم الحديث ص183 وعن الإصابة ج3 ص157 وج7 = = ص153 والبداية والنهاية ج4 ص191 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص328 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص279 والمصنف لابن أبي شيبة ج7 ص562.
([16]) السيرة الحلبية ج3 ص18 والطبقات الكبرى ج3 ص93 وأسد الغابة ج5 ص221 والبداية والنهاية ج4 ص197 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص328.
([17]) السيرة الحلبية ج3 ص18 والطبقات الكبرى ج2 ص100 وج3 ص93 والإصابة ج7 ص155 و 163 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص253 والبداية والنهاية ج4 ص145 و 192 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص733 وعن عيون الأثر ج2 ص58 و 127 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص43.
([18]) السيرة الحلبية ج3 ص18.
([19]) السيرة الحلبية ج3 ص18 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص49 ومسند أحمد ج4 ص49 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص202.
([20]) السيرة الحلبية ج3 ص18.
([21]) تقدمت المصادر لذلك.
([22]) السيرة الحلبية ج3 ص18.
([23]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص49.
([24]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص50 وفي هامشه عن: صحيح مسلم ج3 ص1483 (267، 69/1856).
([25]) السيرة الحلبية ج3 ص17.
([26]) تقدمت مصادر ذلك.
([27]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص17.
([28]) السيرة الحلبية ج3 ص18 والنص والإجتهاد ص168.
([29]) السيرة الحلبية ج3 ص17 و 18 وسنن أبي داود ج2 ص402 والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص464 وفيض القدير ج5 ص384 وعن الإصابة ج2 ص44 والبداية والنهاية ج3 ص398 والسيرة النبوية لابن كثير ج2 ص514 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص51.
([30]) السيرة الحلبية ج3 ص17 وعن صحيح البخاري ج5 ص63 وكتاب المسند ص217 ومسند أحمد ج3 ص308 وصحيح مسلم ج6 ص26 والسنن الكبرى للبيهقي ج5 ص235 وعن فتح الباري ج7 ص341 ومسند الحميدي ج2 ص514 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص510 ومنتخب عبد بن حميد ص332 والسنن الكبرى للنسائي ج6 ص464 وكنز العمال ج10 ص475 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص202 والدر المنثور ج6 ص73 وتاريخ بغداد ج12 ص439 وتاريخ مدينة دمشق ج11 ص222 وتهذيب الكمال ج4 ص449 وسير أعلام النبلاء ج3 ص192 والبداية والنهاية ج4 ص195 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص325 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص51.
([31]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص18.
([32]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص17 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص50 والمصنف لابن أبي شيبة ج7 ص489 والآحاد والمثاني ج1 ص130 والمعجم الأوسط ج7 ص209 والمعجم الكبير ج7 ص23 وكنز العمال ج13 ص40 وتاريخ مدينة دمشق ج39 ص75.
([33]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص17 والمصادر السابقة.
([34]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص17.
([35]) السيرة الحلبية ج3 ص17.
([36]) السيرة الحلبية ج3 ص17 و 18.
([37]) راجع: صحيح البخاري ج1 ص152 و 146 ومستدرك الحاكم ج4 ص47 وتلخيص المستدرك للذهبي (مطبوع بهامشه) والإصابة ج4 ص304 والإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج4 ص301 ومشكل الآثار ج3 ص202 و 204 والمعتصر من المختصر لمشكل الآثار ج1 ص113 و 114 وفتح الباري ج3 ص127 ومسند أحمد ج3 ص270 و 229 و 228 و 126 والروض الأنف ج3 ص127 والسنن الكبرى للبيهقي ج4 ص53 وذخائر العقبى ص166 والمصنف للصنعاني ج3 ص414 وعن تاريخ البخاري الأوسط والتاريخ الصغير للبخاري ج1 ص144 وكنز العمال ج15 ص603.
([38]) راجع: الروض الأنف للسهيلي ج3 ص127 و 128 وفتح الباري ج3 ص127.
([39]) الكافي ج3 ص236 وقاموس الرجال ج10 ص439 والفصول المهمة ج1 ص325 وشجرة طوبى ج2 ص244 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص226 والبحار ج22 ص163.
([40]) قاموس الرجال ج10 ص440 عن تقريب أبي الصلاح، عن تاريخ الثقفي.
([41]) راجع: السيرة الحلبية ج2 ص147 و 185 والمستدرك للحاكم ج3 ص369 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص171.
([42]) سير أعلام النبلاء ج1 ص216 وشرح الأخبار ج3 ص205 وبغية الباحث ص215 وتهذيب الكمال ج5 ص52 والبداية والنهاية ج3 ص396.
([43]) ترجمة الإمام علي بن أبي طالب لابن عساكر (بتحقيق المحمودي) ج3 ص93. وراجع: اللآلي المصنوعة ج1 ص362 والضعفاء الكبير ج1 ص211 و 212 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص435 والموضوعات ج1 ص379 وكنز العمال ج5 ص725.
([44]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص142 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص77 وجواهر المطالب في مناقب الإمام علي ج1 ص78.
([45]) راجع: السيرة الحلبية ج2 ص185 و 146 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص224 والمغازي للواقدي ج1 ص131.
([46]) راجع: مسند أحمد ج1 ص68 و 75 والأوائل ج1 ص305 و 306 ومحاضرات الأدباء المجلد الثاني ص184 والدر المنثور ج2 ص89 عن أحمد، وابن المنذر، والبداية والنهاية ج7 ص207 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص21 و 22 والمغازي للواقدي ج1 ص278 والغدير ج9 ص327 وج10 ص72 عن أحمد، وابن كثير، وعن الرياض النضرة ج2 ص97 ومجمع الزوائد ج7 ص226 وج9 ص84 والمعجم الكبير ج1 ص89 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص428 وتاريخ مدينة دمشق ج39 ص258 وتاريخ المدينة ج3 ص1033 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص224.
([47]) مستدرك الحاكم ج3 ص98 والجامع الصحيح للترمذي ج5 ص629 ومسند أحمد ج2 ص101 والبداية والنهاية ج7 ص207 عن البخاري، والغدير ج10 ص71 و 70 عن الحاكم، وأحمد، وعن صحيح البخاري ج6 ص122 والبحار ج31 ص201 ومناقب أهل البيت ص367 وعن فتح الباري ج7 ص48 وعون المعبود ج7 ص283 والجامع لأحكام القرآن ج11 ص256 وتاريخ مدينة دمشق ج39 ص261 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص284.
([48]) فتح القدير ج10 ص70 عن الرياض النضرة ج2 ص94.
([49]) أنساب الأشراف ج5 ص36 والغدير ج9 ص3 و 4 عنه وعن الواقدي والمسترشد للطبري ص164 والبحار ج31 ص189 وحياة الإمام الحسين للقرشي ج1 ص377.
([50]) راجع: السيرة الحلبية ج2 ص147 والإصابة ج4 ص9 عن أبي أحمد الحاكم والإستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ج4 ص4 وأسد الغابة ج5 ص139 و 566 وج1 ص154 ومجمع الزوائد ج3 ص32 والآحاد والمثاني ج4 ص57 والمعجم الكبير ج1 ص272 وكنز العمال ج16 ص579.
([51]) السيرة الحلبية ج3 ص17.
([52]) تهذيب الأحكام ج7 ص470 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص29 والجواهر السنية ص252 والفصول المهمة ج1 ص408 والبحار ج43 ص93 و 107 ومسند الإمام الرضا ص141 وعيون أخبار الرضا ج1 ص225 واللمعة البيضاء ص212 و 246 ومجمع النورين ص27 و 43.
([53]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص49 وفي هامشه عن البخاري ج7 ص521 (4186) وفتح الباري ج7 ص350 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص201 والتعديل والتجريح للباجي ج2 ص852 وج3 ص1317 والبداية والنهاية ج4 ص197 وعن عيون الأثر ج2 ص127 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص328.
([54]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص49 وفي هامشه عن البخاري ج7 ص521 (4187) ومسند أحمد ج5 ص324 وفتح الباري ج7 ص350 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص201 والبداية والنهاية ج4 ص197 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص329.
([55]) دلائل النبوة للبيهقي ج4 ص136 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص48 والسيرة الحلبية ج3 ص16 و 17 وشرح أصول الكافي ج12 ص452 وكنز العمال ج1 ص332 والميزان ج18 ص291 وجامع البيان ج26 ص112 وزاد المسير ج7 ص167 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص205 وتفسير الجلالين ص713 والدر المنثور ج6 ص73 ولباب النقول ص177 وفتح القدير ج5 ص52 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص279.
([56]) السيرة الحلبية ج3 ص16.
([57]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص51 ومستدرك الحاكم ج3 ص36 وذكر أخبار إصبهان ج2 ص169 ومسند أحمد ج3 ص26 وعن المصنف لابن أبي شيبة ج8 ص481 و ج14 ص443 وعن فتح الباري ج7 ص341 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص268 وكنز العمال ج11 ص528 ومجمع الزوائد ج6 ص145 وج9 ص161 ومسند أبي يعلى ج2 ص272 والفايق في غريب الحديث ج2 ص263 وطبقات المحدثين بإصبهان ج1 ص391.
([58]) الآية 1 من سورة الفتح.
([59]) الغدير ج7 ص301 ومكاتيب الرسول ج3 ص618 وعن فتح الباري ج2 ص412 وج7 ص62 وتحفة الأحوذي ج10 ص26 وتاريخ مدينة دمشق ج26 ص359 وسير أعلام النبلاء ج2 ص413 وج12 ص87 ودفع الشبه عن الرسول للدمشقي ص131.
([60]) المعجم الأوسط ج5 ص191 ورياض الصالحين للنووي ص139 ومسند أحمد ج1 ص35 وسنن أبي داود ج1 ص419 وسنن النسائي ج5 ص227 والسنن الكبرى للبيهقي ج5 ص74 وشرح مسلم للنووي ج9 ص16 وصحيح ابن حبان ج9 ص131 ونصب الراية ج3 ص117 وكنز العمال ج5 ص173 وشرح مسند أبي حنيفة ص199 عن الشفا بتعريف حقوق المصطفى ج2 ص15 وسبل الهدى والرشاد ج1 ص178.
([61]) إن ما جرى في الحديبية ما هو إلا غيض من فيض، فراجع كتاب: التبرك للشيخ علي الأحمدي "رحمه الله".
([62]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص50 عن ابن أبي شيبة وابن سعد وشرح النهج للمعتزلي ج12 ص101 والدر المنثور ج6 ص73 وفتح القدير ج5 ص52.
([63]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص50 عن البخاري وابن مردويه. وفي هامشه عن البخاري ج7 ص512 رقم (4163) وعن فتح الباري ج7 ص344 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص205 والطبقات الكبرى ج2 ص99 وعن الإصابة ج6 ص96 والبداية والنهاية ج4 ص196 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص327.
([64]) السيرة الحلبية ج3 ص25.
([65]) تاريخ الخميس ج2 ص20.
([66]) السنن الكبرى للبيهقي ج9 ص221 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص210 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص280 والبداية والنهاية ج4 ص192 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص781 وعن عيون الأثر ج2 ص119 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص320 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص52.
([67]) الإسلال: السرقة، المعجم الوسيط ج1 ص448.
([68]) الإغلال: الخيانة.
([69]) راجع: كنز العمال ج10 ص306 ومدينة البلاغة ج2 ص281 وتفسير النيسابوري (مطبوع مع جامع البيان) ج26 ص49 ومجمع البيان ج9 ص118 والمصنف لابن أبي شيبة ج14 ص441 وعن مدينة البلاغة ج2 ص281 ومجموعة الوثائق السياسية ص82 و 83 عن ابن جرير، وأنساب الأشراف، وابن زنجويه، ومكاتيب الرسول ج3 ص77 عنهم، والبحار ج20 ص334 وميزان الحكمة ج3 ص2246 وجامع البيان ج26 ص125.
([70]) راجع: تاريخ اليعقوبي ج2 ص45 والبحار ج20 ص362 والمصنف لابن أبي شيبة ج14 ص436 والتنبيه والإشراف ص221 ومكاتيب الرسول ج3 ص78 عنهم وعن آخرين، ومناقب آل أبي طالب ج1 ص175 وإعلام الورى ج1 ص205.
([71]) مكاتيب الرسول ج3 ص78 عن صحيح البخاري ج2 ص242 وصحيح مسلم ج3 ص1410 والمصنف لابن أبي شيبة ج14 ص436 والبداية والنهاية ج4 ص234 والبحار ج20 ص372 وج38 ص328 والأموال ص233 و 443 وكنز العمال ج10 ص316 والعمدة ص201 و 325 ومسند أحمد ج4 ص298 وسنن الدارمي ج2 ص238 وعن صحيح البخاري ج5 ص85 والسنن الكبرى للبيهقي ج8 ص5 ومجمع الزوائد ج2 ص75 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص168 وخصائص أمير المؤمنين ص151 وصحيح ابن حبان ج11 ص229 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص217 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص282 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص442.
([72]) البحار ج20 ص352 و 362 عن تفسير القمي ج2 ص313 ومكاتيب الرسول ج3 ص77 و 90 ونور الثقلين ج5 ص53 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص629.
([73]) راجع: أنساب الأشراف ج1 ص350.
([74]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص53 عن: البخاري ج4 ص26 و 125، وعن مسلم ج3 ص1412 (94/1785) وراجع: الطبراني في الكبير ج6 ص109 وفي (ط أخرى) ج20 ص14 وابن سعد ج1 ق1 ص20 وانظر المجمع ج3 ص312 ج5 ص67. وراجع: نيل الأوطار ج8 ص187 وعين العبرة ص22 ومناقب أهل البيت ص336 والنص والإجتهاد ص173 والغدير ج7 ص185 والسنن الكبرى ج9 ص220 وتفسير القـرآن العظـيم ج4 ص213 والـدر المنثـور ج6 ص77 = = وتاريخ مدينة دمشق ج57 ص229 والبداية والنهاية ج4 ص200 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص334 والبحار ج30 ص339 والمصنف لعبد الرزاق ج5 ص339 وإرواء الغليل ج1 ص58 وج8 ص196 ومسند أحمد ج4 ص330.
([75]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص53 عن الدولابي في الكنى ج2 ص69. وراجع: فتح الباري ج5 ص254 وج13 ص245 والمعجم الكبير ج1 ص78 وفي (ط أخرى) ص72 ومجمع الزوائد ج1 ص179 وج6 ص146 والأحكام لابن حزم ج6 ص782 وكنز العمال ج1 ص372.
([76]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص54 وفي هامشه: عن البخاري ج5 ص357 (2699) وأحمـد ج4 ص328 و 86 وج5 ص23 و 33 والبـيهقي ج9 ص220 و227 = = وعبد الرزاق في المصنف (9720) والطبري في التفسير ج 26 ص59 و 63 وابن كثير في التفسير ج7 ص324 وانظر المجمع ج6 ص145و 146. وراجع: ميزان الحكمة ج4 ص3196 ومجمع البيان ج9 ص199 والميزان ج18 ص269 والمناقب للخوارزمي ص193والبحار ج20 ص335 وج32 ص542 وج33 ص314 ووقعة صفين ص509 والمسترشد ص391 وشرح النهج للمعتزلي ج2 ص232 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص628 وينابيع المودة ج2 ص18 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص366 والأنوار العلوية ص249 وعن الإحتجاج ج1 ص277 وتفسير القمي ج2 ص313 ونور الثقلين ج5 ص53.
([77]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص54 وفي هامشه قال: انظر التخريج السابق وأخرجه أبو داود في الجهاد باب (167) وأحمد ج4 ص329 و 330 والسيوطي في الدر المنثور ج6 ص76. وراجع النصوص المتقدمة في: سبل الهدى والرشاد ج5 ص51 ـ 54 وصحيح مسلم ج5 ص175 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص510 وكنز العمال ج10 ص480 والجامع لأحكام القرآن ج16 ص277.
([78]) الإرشاد ج1 ص119 والمستجاد في الإرشاد ص73 والبحار ج20 ص358.
([79]) الإرشاد للمفيد ج1 ص119.
([80]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص51 و 52.
([81]) الإرشاد للمفيد ج1 ص119 والبحار ج20 ص358 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص627.
([82]) راجع: أنساب الأشراف ج1ص350 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص782 والجامع لأحكام القرآن ج8 ص64 والعمدة ص163 ومسند أحمد ج4 ص325 وعن سنن أبي داود ج1 ص630 ونصب الراية ج4 ص238 وخصائص الوحي المبين ص160 وزاد المسير ج3 ص273 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص211 والطبقات الكبرى ج2 ص97 والثقات ج1 ص301 والبداية والنهاية ج5 ص373 ونهج الإيمان لابن جبر ص245 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص691.
([83]) تاريخ اليعقوبي ج 2 ص54 وفتح الباري ج5 ص251 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص76.
([84]) راجع: مكاتيب الرسول للأحمدي ج3 ص89 وأنساب الأشراف ج1 ص351 ونصب الراية ج4 ص239 وعن عيون الأثر ج2 ص128.
([85]) مكاتيب الرسول ج3 ص79 و 80 عن المصادر التالية: تفسير علي بن إبراهيم ج2 ص336 وإعلام الورى للطبرسي ص61 وسيرة ابن هشام ج3 ص366= = وفي (ط أخرى) ص331 والأموال لأبي عبيد ص233 و 443 والطبقات الكبرى ج2 ص97 وفي (ط قديم) ج2 ق1 ص70 وكنز العمال ج10 ص303 و 306 و 312 و 316 والطبري ج2 ص634 والكامل ج2 ص204 والأموال لابن زنجويه ج1 ص394 والسيرة الحلبية ج3 ص23 ودحلان بهامش الحلبية ج2 ص212 وما بعدها، والدر المنثور ج6 ص77 و 78 والمغازي للواقدي ج2 ص610 و 611 والخراج لأبي يوسف ص228 ورسالات نبوية ص177 ـ 180 والمناقب لابن شهرآشوب ج1 ص203 وأنساب الأشراف (تحقيق محمد حميد الله) ص349.
وراجع: مدينة البلاغة ج2 ص281 ومسند أحمد ج4 ص325 و 330 والبخاري ج3 ص242 و 255 وابن أبي شيبة ج14 ص233 والبحار ج20 ص333 و 334 و 335 و 352 و 362 و 368 ونيل الأوطار للشوكاني ج8 ص34 ـ 36 وتفسير الطبري ج26 ص61 و 63 والنيسابوري بهامش الطبري ج26 ص49 ونور الثقلين ج5 ص52 ومجمع البيان ج9 ص118 والبداية والنهاية ج4ص168 و 175 وأبو الفتوح ج5 ص104 والبرهان ج4 ص193 والمصنف لعبد الرزاق ج5 ص337 و 338 والكافي ج8 ص326 ومرآة العقول ج26 ص444 وأعيان الشيعة ج1 ص269 ونشأة الدولة الإسلامية ص296 عن جمع، وزاد المعاد لابن القيم ج2 ص125 والتاج ج4 ص399 وسيرة النبي "صلى الله عليه وآله" لإسحاق بن محمد الهمداني قاضي أبرقوه ص411.
وراجع: المنتظم ج3 ص269 ومجموعة الوثائق السياسية: 77/11 عن جمع ممن قدمناه (وعن سيرة ابن إسحاق ترجمتها الفارسية والجاحظ في الرسالة العثمانية ص70 وإعجاز القرآن للباقلاني (ط مصر سنة 1315هـ) ص64 وإمتاع الأسماع للمقريـزي ج1 ص297 والوفـاء لابن الجـوزي ص698 وسـيرة = = الطبري رواية البكري فصل الحديبية مخطوطة آياصوفيا.
ثم قال: قابل شرح السيد الكبير للسرخسي ج4 ص61 والمبسوط للسرخسي ص30 و 169 وإرشاد الساري للقسطلاني ج8 ص158 وكتاب الشروط للطحاوي ج1 ص4 و 5 وانظر كايتاني ج6 ص34 واشپرنكر ج3 ص246). وأشار إلى الكتاب كل مؤرخ ومحدث ذكر القصة، فلا نطيل بذكرها وراجع: المعيار والموازنة ص200 والمفصل ج8 ص98 و 99 و 135 وحياة الصحابة ج1 ص131 والإرشاد للمفيد ص54 و 55.
وراجع: المناقب لابن شهرآشوب ج1 ص73 و 203 و ج2 ص24 وج3 ص184 وثقات ابن حبان ج1 ص300 وسنن الدارمي ج2 ص237 ومسند أحمد ج1 ص342 وج3 ص268 وج4 ص86 و 325 والبخاري ج3 ص241 و 246 و ج4 ص126 وج5 ص180 وتهذيب تاريخ ابن عساكر ج7 ص134 ومسلم ج3 ص1409 ـ 1411 واليعقوبي ج2 ص45 و 179 وكنز العمال ج10 ص307 و 313 والسنن الكبرى للبيهقي ج8 ص179 و 180 وج9 ص226 وابن أبي شيبة ج14 ص435 و 438 و 439 و 449 وصبح الأعشى ج6 ص358 و 359.
وراجع: القرطبي ج16 ص275 وابن أبي الحديد ج10 ص258 وج12 ص59 و ج17 ص257 والبحار ج18 ص62 وج20 ص335 و 357 و 327 ومجمع الزوائد ج6 ص145 و 136 وكشف الغمة ج1 ص210 وفتوح البلدان ص49 وأدب الإملاء والإستملاء ص12 والمستدرك للحاكم ج2 ص461 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص105 و 145 والأخبار الطوال ص194 وتأريخ دمشق (من فضائل أمير المؤمنين "عليه السلام") ج3 ص151 ـ 157 والعمدة لابن بطريق ص325 و 326 والطبقات ج2 ق1 ص74.
انتهى كلام العلامة الأحمدي رحمه الله تعالى..
([86]) راجع: أنساب الأشراف للبلاذري ج1 ص351.
([87]) راجع: تفسير القمي ج2 ص313 والبداية والنهاية ج4 ص169 والبحار ج20 ص352 وتفسير الصافي ج5 ص36 ونور الثقلين ج5 ص53 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص629 ومكاتيب الرسول ج3 ص78.
([88]) المغازي للواقدي ج2 ص610 والسيرة الحلبية ج3 ص23 والسيرة النبوية لدحلان.
([89]) مكاتيب الرسول ج3 ص58 عن المصادر التالية:
الدر المنثور ج6 ص78 والحلبية ج3 ص23 و 25 ودحلان بهامش الحلبية ج2 ص212 والمغازي للواقدي ج2 ص610 والمناقب لابن شهرآشوب ج2 ص24 وج1 ص73 و 203 والمصنف لعبد الرزاق ج5 ص343 والإرشاد للمفيد ص54 وأنساب الأشراف (تحقيق محمد حميد الله) ص349 ومسند أحمد ج1 ص342 وج3 ص268 وج4 ص86 و 325 والبخاري ج3 ص241 و 242 وج4 ص126 و ج5 ص179 ومسلم ج3 ص1409 ـ 1411 واليعقـوبي ج2 ص45 والـسنن = = الكبرى للبيهقي ج8 ص179 وج9 ص226 و 227 وابن أبي شيبة ج14 ص435 و 439 والبحار ج18 ص62 وج20 ص327 و 333 و 335 و 351 ـ 353 و 357 و 362 ونيل الأوطار للشوكاني ج8 ص45 وتفسير الطبري ج26 ص61 وتفسير النيسابوري بهامش الطبري ج26 ص49.
وراجع: نور الثقلين ج5 ص53 ومجمع البيان ج9 ص118 والقرطبي ج16 ص275 وابن أبي الحديد ج10 ص258 والبرهان ج4 ص192 و 193 والبداية والنهاية ج4 ص169 ومجمع الزوائد ج6 ص145 وفتح الباري ج5 ص223 وج7 ص286 والكافي ج8 ص326 ومرآة العقول ج26 ص444 وكشف الغمة ج1 ص210 وأدب الإملاء والإستملاء ص12 وصفين لنصر ص508 و 509 والكامل ج2 ص204 والطبقات ج2 ق1 ص71 ورسالات نبوية ص178 ومجمع الزوائد ج6 ص145 والمطالب العالية ج4 ص234.
([90]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص24 و 25 والسيرة النبوية لدحلان ج3 ص43 ورسالات نبوية ص179.
([91]) راجع: المصادر المتقدمة.
([92]) راجع: المصادر المتقدمة.
([93]) المصنف للصنعاني ج5 ص343 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص305 والبحار ج31 ص221 ومكاتيب الرسول ج3 ص84 والدر المنثور ج6 ص78 والنزاع والتخاصم ص127.
([94]) المصنف ج5 ص343 والنزاع والتخاصم ص127 ومكاتيب الرسول ج3 ص84.
([95]) أخرجه: أحمد ج4 ص87 والبيهقي ج6 ص319 والحاكم في المستدرك ج2 ص461 وعن ابن الجوزي في زاد المسير ج7 ص438 وانظر: الدر المنثور ج6 ص78 وأسباب نزول الآيات ص257 والجامع لأحكام القرآن ج16 ص281 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص207 وفتح القدير ج5 ص53 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص54.
([96]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص54 ـ 56 وقال: أخرجه مسلم ج3 ص1442 (133/1808) وأحمد ج3 ص124 والدر المنثور ج6 ص76.
والغرة: هي الغفلة. أي: يريدون أن يصادفوا منه ومن أصحابه غفلة عن التأهب لهم ليتمكنوا من غدرهم والفتك بهم.
([97]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص54 ـ 56 وقال: أخرجه الطبري ج26 ص59 وذكره السيوطي في الدر المنثور ج6 ص76 وراجع: تفسير القرآن العظيم ج4 ص207 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص278.
([98]) أخرجه: أحمد في المسند ج4 ص330 و 323 و 325 والبيهقي في دلائل النبوة ج5 ص331 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص54 ـ 56 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص والسيرة الحلبية ج3 ص والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص322 والكامل في التاريخ ج2 ص وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص282 والنص والإجتهاد ص177 ومكاتيب الرسول ج3 ص93 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص227 وفتح الباري ج5 ص254 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص211 وأسد الغابة ج5 ص161 والبداية والنهاية ج4 ص193 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص783.
([99]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص56.
([100]) المغازي للواقدي ج2 ص612.
([101]) البحار ج20 ص339 وعن ج89 ص67 وعن فتح الباري ج8 ص488 وعن تفسير مجمع البيان ج9 ص453 ونور الثقلين ج5 ص304 وجامع البيان ج28 ص88 وأسباب نزول الآيات ص285 وزاد المسير ج8 ص8 والجامع لأحكام القرآن ج18 ص61 و 64 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص376 وتفسير الجلالين ص766 والدر المنثور ج6 ص206 ولباب النقول ص194 وتفسير الثعالبي ج5 ص420 وفتح القدير ج5 ص215 والطبقات الكبرى ج8 ص13 وتاريخ مدينة دمشق ج70 ص220 وأسد الغابة ج5 ص475 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص647 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص790.
([102]) البحار ج20 ص334 ومجمع البيان ج9 ص116 ـ 119 والكافي ج8 ص327 وكتاب سليم بن قيس ص329 ومسند أحمد ج4 ص330 وعن صحيح البخـاري ج3 ص181 وعن سنـن أبي داود ج1 ص629 والسنن الكـبرى للبيهقي ج9 ص220 وعن فتح الباري ج5 ص252 والمصنف لعبد الرزاق ج5 ص338 وصحيح ابن حبان ج11 ص223 وعن المعجم الكبير ج20 ص13 ونصب الراية ج3 ص248 وإرواء الغليل ج1 ص57 وجامع البيان ج26 ص129 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص213 والدر المنثور ج6 ص77 وتاريخ مدينة دمشق ج57 ص229 وسير أعلام النبلاء ج1 ص192 والبداية والنهاية ج4 ص200 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص630 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص333.
([103]) السيرة الحلبية ج3 ص26 والطبقات الكبرى ج8 ص230.
([104]) الإصابة ج4 ص325 وشرح أصول الكافي ج12 ص453 والبحار ج20 ص337 ونور الثقلين ج5 ص304 وزاد المسير ج8 ص8 وتاريخ المدينة ج2 ص492.
([105]) الآية 10 من سورة الممتحنة.
([106]) راجع فيما تقدم: البحار ج20 ص337 و 338 والإصابة ج4 ص325 والسيرة الحلبية ج3 ص26 وتاريخ الخميس ج2 ص23.
([107]) البحار ج20 ص338 وعن تفسير مجمع البيان ج9 ص453 وجامع البيان ج28 ص92.
([108]) البحار ج20 ص338 وراجع: الإصابة ج4 ص239 وفيه: أنها كانت تحت حسان = = بن الدحداحة، وجامع البيان ج28 ص92 وعن تفسير مجمع البيان ج9 ص453.
([109]) البحار ج20 ص339 و 373 وراجع: الإصابة ج4 ص491 والإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج4 ص488 والسيرة الحلبية ج3 ص25 و 26 وتاريخ الخميس ج2 ص23 و 24 وعن فتح الباري ج9 ص345 وعن تفسير مجمع البيان ج9 ص453 ونور الثقلين ج5 ص304 والجامع لأحكام القرآن ج18 ص61 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص647.
([110]) تقدم الحديث عن زينب وإرجاعها إلى زوجها في الجزء السابق من هذا الكتاب.
([111]) البحار ج20 ص364 عن إعلام الورى ج1 ص206 وتاريخ مدينة دمشق ج67 ص15 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص645.
([112]) البحار ج20 ص341 والمحبر لابن حبيب ص432 وعن تفسير مجمع البيان ج9 ص455 والميزان ج19 ص245 والجامع لأحكام القرآن ج88 ص70.
([113]) راجع المصادر التالية: العبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص34 و 35 والجامع لأحكام القرآن ج16 ص275 ـ 277 وروح المعاني ج9 ص5 وعمدة القاري ج14 ص12 و 13وج13 ص275 وتفسير القمي ج2 ص312 و 313 وتفسير نور الثقلين ج5 ص52 و 53 وتفسير الصافي ج5 ص35 و 36 وتفسير البرهان ج4 ص192 وحبيب السير ج1 ص372 وتفسير الميزان ج18 ص267 ومجمع البيان ج9 ص118 والبحار ج20 ص352 و 359 و 333 و 371 و 363 و 357 وج33 ص314 وصحيح مسلم ج5 ص173 و 174 وتاريخ الخميس ج2 ص21 والسيرة الحلبية ج3 ص20 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص43 والكامل في التاريخ ج2 ص204 وج3 ص320 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص636 وشرح بهجة المحافل ج1 ص316 و317 والمواهب اللدنية ج1 ص128 وصحيح البخاري ج2 ص73 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص390 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص146 و 147 وحدائق الأنوار ج2 ص616 والأموال ص232 و 233 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص202 وتفسير الخازن ج4 ص156 و 157 وكشف الغمة ج1 ص210 والإرشاد للمفيد ج1 ص120 وإعلام الورى ص97 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص54 و 53 وعن السنن الكبرى للبيهقي ج8 ص5 وعن مستدرك الحاكم ج3 ص120 وعن تاريخ بغداد ونهاية الأرب ج17 ص230 وأصول السرخسي ج2 ص135 والإحسان بترتيب صحيح ابن حبان ج11 ص222 و 223 ومسند أبي عوانة ج4 ص237 و 239 وصبح الأعشى ج14 ص92 والعثمانية ص78 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص215 وخصائص الإمام علي "عليه السلام" للنسائي ص150 و 151 ومسند أحمد ج4 ص298 وفضـائـل الخمسة من الصحاح الستة ج2 ص233 ـ 236 وإحقـاق الحـق = = (الملحقات) ج8 ص419 و 420 و 637 و 638 و 641 و 642 وج18 ص361 عن بعض من تقدم وعن مصادر أخرى فليراجع. وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج2 ص275 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص214 ومشكل الآثار ج4 ص173 والرياض النضرة ج2 ص191.
([114]) الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان ج11 ص222 و 223.
([115]) راجع: مجمع البيان ج9 ص119 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص214 وبحار الأنوار ج20 ص335 وج33 ص314 و316 و317 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص54 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص390 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص147 والسيرة الحلبية ج3 ص20 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص43.
وعن وعد النبي "صلى الله عليه وآله" لعلي بأن له مثلها وهو مقهور راجع أيضاً: تاريخ الخميس ج2 ص21 والكامل في التاريخ ج2 ص204 وحبيب السير ج1 ص372 وتفسير البرهان ج4 ص193 والبحار ج20 ص352 و357 وتفسير القمي والخرايج والجرايح وغير ذلك كثير. والخصائص للنسائي (ط التقدم بمصر) ص50 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص190 وج 2 ص588 والمغني لعبد الجبار ج16 ص422 وينابيع المودة ص159 وصبح الأعشى ج14 ص92.
([116]) أصول السرخسي ج2 ص135.
([117]) رسائل الشريف المرتضى ج1 ص441 و 442.
([118]) رسائل الشريف المرتضى ج1 ص442.
([119]) رسائل الشريف المرتضى ج1 ص443.
([120]) شرح صحيح مسلم ج12 ص135.
([121]) نهج البلاغة (بشرح عبده) ج2 ص196 و 197 وراجع: شرح النهج للمعتزلي ج10 ص179 و 180 وغرر الحكم ج2 ص288 (مع الترجمة الفارسية للأنصاري) وشرح أصول الكافي ج12 ص454 والبحار ج38 ص319 والأنوار البهية ص50 والمراجعات ص330 وينابيع المودة ج1 ص265 وج3 ص436.
([122]) شرح النهج للمعتزلي ج10 ص180.
([123]) راجع: دلائل الصدق ج2 ص303 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج18 ص72 وعبقات الأنوار ج2 ص324 عن السندي في دراسات اللبيب ص233 وكشف الغمة ج2 ص35 وج1 ص141 ـ 146 والجمل ص81 وتاريخ بغداد ج14 ص321 ومستدرك الحاكم ج3 ص119 و 124 وتلخيص المستدرك للذهبي (مطبوع بهامشه) وربيع الأبرار ج1 ص828 و 829 ومجمع الزوائد ج7 ص234 ونزل الأبرار ص56 وفي هامشه عنه وعن: كنوز الحقائق ص65 وعن كنز العمال ج6 ص157 وملحقات إحقاق الحق ج5 ص77 و 28 و 43 و 623 و 638 وج 16 ص384 و 397 وج4 ص27 عن مصادر كثيرة جداً.
([124]) بحار الأنوار ج3 ص283 والتوحيد للصدوق ص174 والإحتجاج ج1 ص496 والكافي ج1 ص90 وشرح أصول الكافي ج3 ص130 و 131 وعوالي اللآلي ج1 ص292 والفصول المهمة ج1 ص168 والبحار ج3 ص283 وعن ج108 ص45 ونور البراهين ج1 ص430.
([125]) راجع: تاريخ الأمم والملوك (ط مطبعة الإستقامة) ج3 ص291 والغدير ج6 ص212 ومكاتيب الرسول ج1 ص590 وج3 ص716 والفايق في غريب الحديث ج1 ص400 وج2 ص11.
([126]) راجع: أنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج2 ص93 والإحسان بترتيب صحيح ابن حبان ج15 ص380 وإسناده صحيح، ومسند أحمد ج2 ص384 ـ 385 وصحيح مسلم ج7 ص121 وسنن سعيد بن منصور ج2 ص179 وخصائص أمير المؤمنين للنسائي ص58 و 59 و 57 وترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق (بتحقيق المحمودي) ج1 ص159 والغدير ج10 ص202 وج4 ص278 وفضائل الخمسة من الصحاح الستة ج1 ص200 ومسند الطيالسي ص320 وطبقات ابن سعد ج2 ص110 وشرح أصول الكافي ج6 ص136 وج12 ص494 ومناقب أمير المؤمنين ج2 ص503 والأمالي للطوسي ص381 والعمدة ص143 و 144 و 149 والطرائف ص59 والبحار ج21 ص27 وج39 ص10 و 12 والنص والإجتهاد ص111 وعن فتح الباري ج7 ص366 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص111 ورياض الصالحين ص108 وكنز العمال ج1 ص86 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص82 و 83 و 84 و 85 والبداية والنهاية ج4 ص211 والسيرة النبوية = = لابن كثير ج3 ص352 وجواهر المطالب في مناقب الإمام علي ج1 ص178 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص125 وينابيع المودة ج1 ص154.
([127]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج12 ص51 ومنتخب كنز العمال (مطبوع مع مسند أحمد) ج5 ص229 وج13 ص454 وحياة الصحابة ج3 ص249 عنه وعن الزبير بن بكار في الموفقيات، وقاموس الرجال ج6 ص25 والدر المنثور ج4 ص309.
([128]) راجع: خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب للنسائي ص149 وإحقاق الحق (قسم الملحقات) ج8 ص419 والأمالي للطوسي ص190 و 191 والبحار ج33 ص316 وراجع ج20 ص357 والخرايج والجرايح ج1 ص116 وصفين للمنقري ص509.
([129]) صفين للمنقري ص508.
([130]) راجع: كشف الغمة للأربلي ج1 ص310 والإرشاد ج1 ص120 وعن إعلام الورى ص97 والبحار ج20 ص359 و 363 و 357.
([131]) الثقات ج1 ص300 و 301 وراجع: الكافي ج8 ص269 عن الإمام الصادق مع بعض إضافات وتغييرات لا تضر. والبحار ج20 ص368 وتفسير نور الثقلين ج5 ص68 وتفسير البرهان ج4 ص194 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص240 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص166 وحياة محمد لهيكل ص374 وإكمال الدين ص50.
([132]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص54 وراجع: البداية والنهاية ج7 ص277 و 281 وروح المعاني ج9 ص50 والكشاف ج3 ص542 وحول النص المنقول عن الزهري راجع: تاريخ الأمم والملوك ج5 ص634 والبداية والنهاية ج4 ص168 وأنساب الأشراف ج1 ص349 و 350 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص331 و 332 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص320 و 321 ومستدرك الحاكم ج3 ص153 وتلخيصه للذهبي (مطبوع بهامشه) ومسند أحمد ج1 ص86.
وحول النص المنقول عن ابن عباس راجع: الرياض النضرة المجلد الثاني ص227 وإحقاق الحق (الملحقات) ج8 ص522 ومسند أحمد ج1 ص342 وخصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب للنسائي ص148 و 149 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص200 عن أحمد، وأبي داود، ومستدرك الحاكم ج3 ص151 وتلخيص المستدرك للذهبي (مطبوع بهامشه) وصححاه على شرط مسلم، وتاريخ اليعقوبي ج2 ص192.
وروايتا أنس ومروان والمسور توجدان معاً أو إحداهما، أو بدون تسمية، في المصادر التالية: صحيح البخاري ج2 ص79 و 78 والمصنف للصنعاني ج5 ص337 ومسند أحمد ج3 ص268 وج4 ص330 و 325 وجامع البيان ج25 ص63 والدر المنثور ج6 ص77 عنهم وعن عبد بن حميد، والنسائي، وأبي داود، وابن المنذر، وصحيح مسلم ج5 ص175 والمواهب اللدنية ج1 ص128 وتاريخ الإسـلام للـذهـبـي (المغازي) ص370 و 371 وتفسير القرآن العظيـم ج4 = = ص198 و 200 والبداية والنهاية ج4 ص175 ومختصر تفسير ابن كثير ص351 و 352 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص333 والسنن الكبرى ج9 ص220 و 227 وتاريخ الخميس ج1 ص21 عن المدارك، وتفسير الخازن ج4 ص156 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص105 و 146 و 147 والإحسان بتقريب صحيح ابن حبان ج11 ص222 و 223 والجامع لأحكام القرآن ج16 ص277 وبهجة المحافل ج1 ص316. وزاد المعاد ج2 ص125 ومسند أبي عوانة ص241.
وحول ما روي عن علي "عليه السلام" وغيره راجع: شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج2 ص232 وقريب منه ما في ينابيع المودة ص159ومسند أحمد بن حنبل ج4 ص86 و 87 ومجمع الزوائد ج6 ص145 وقال: رواه أحمد ورجاله الصحيح. ومختصر تفسير ابن كثير ص347 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص192 وتفسير المراغي ج 9 ص107 والدر المنثور ج6 ص78 عن أحمد، والنسائي، والحاكم وصححه، وابن جرير، وأبي نعيم في الدلائل، وابن مردويه.
([133]) المغازي للواقدي ج2 ص610 و 611 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص54 وإمتاع الأسماع ج1 ص296 وغاية البيان في تفسير القرآن ج6 ص58 و 59 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص43 والسيرة الحلبية (ط المعرفة) ج2 ص708.
([134]) الآية 278 من سورة البقرة.
([135]) الآية 32 من سورة الإسراء.
([136]) أسد الغابة ج1 ص216 وقال: أخرجه أبو موسى ومكاتيب الرسول ج3 ص72.
([137]) راجع: الكامل في التاريخ ج2 ص220 والمعيار والموازنة ص200 وخصائص أمير المؤمنين علي "عليه السلام" للنسائي ص149 و 150 وإحقاق الحق (الملحقات) ج8 ص419. والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص43 والسيرة الحلبية ج3 ص20 ومجمع البيان ج9 ص118 و 119 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص214 والبحار ج20 ص335 و 352 و 357 و 359 و 363 و 333 وج33 ص314 و 316 و 317 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص54 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص390 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص147 والسنن الكبرى للبيهقي ج8 ص179 و 180 وتاريخ الخميس ج2 ص21 والكامل في التاريخ ج2 ص204 وحبيب السير ج1 ص372 وتفسير القمي ج2 ص313 والخرايج والجرايح ج1 ص116 وشرح النهج للمعتزلي ج1 ص190 وج2 ص588 و 232 والمغني لعبد الجبار ج16 ص422 وينابيع المودة للقندوزي ص159 وصبح الأعشى ج14 ص92 والآمالي للطوسي ج1 ص190 و 191 وصفين للمنقري ص508 و 509 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص210 والإرشاد للمفيد ج1 ص120 وإعلام الورى ص97 والبرهان ج4 ص193 ونور الثقلين ج5 ص52 والفتوح لابن أعثم ج4 ص8 والبداية والنهاية ج7 ص277 والأخبار الطوال ص194 عن تاريخ الطبري ج5 ص52 وعن فتح الباري ج5 ص286.
([138]) السيرة النبوية لدحلان ج2 ص43.
([139]) البحار ج32 ص541 و 542 وصفين للمنقري ص503 و 504 والمسترشد ص391 وشرح النهج للمعتزلي ج2 ص232 والدرجات الرفيعة ص117 وينابيع المودة ج2 ص18 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص628 ومصادر ذلك كثيرة.
([140]) تقدمت المصادر الكثيرة لذلك، ومنها على سبيل المثال: كشف الغمة للأربلي ج1 ص210 والإرشاد للمفيد ج1 ص120 وإعلام الورى ص97 والبحار ج20 ص329 و 363 و 357 ومكاتيب الرسول ج1 ص87.
([141]) صحيح البخاري (ط سنة 1309 هـ) ج2 ص73 والكافي ج8 ص326 والغارات ج2 ص755 والمسترشد ص391 و 396 وشرح الأخبار ج2 ص50 و 135 وأوائل المقالات ص224 والإرشاد ج1 ص120 والأمالي للطوسي ص187 والعمدة ص201 و 325 والبحار ج20 ص333 و 362 وج33 ص315 وج38 ص328 ومكاتيب الرسول ج1 ص85 وج3 ص82 ومسند أحمد ج4 ص298 وسنن الدارمي ج2 ص237 وعن صحيح البخاري ج5 ص174 وعن سنن أبي داود ج1 ص629 ومجمع الزوائد ج6 ص240 والمصنف لعبد الرزاق ج10 ص159 وعن المصنف لابن أبي شيبة ج8 ص507 و 515 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص168 وصحيح ابن حبان ج11 ص212 وعن المعجم الكبير ج10 ص258 وج20 ص13 وكنز العمال ج10 ص474 و 494 وإرواء الغليل ج1 ص57 وتفسير مجمع البيان ج9 ص197 ونور الثقلين ج5 ص68 وجامع البيان ج26 ص129وتفسير القرآن العظيم ج4 ص213 و 217 والدر المنثور ج2 ص157 وج6 ص77 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص627 وإعلام الورى ج1 ص204 و 372 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص333 و 442 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص53 و 77 وتاريخ مدينة دمشق ج57 ص228 والبداية والنهاية ج4 ص200 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص34.
([142]) صحيح البخاري ج3 ص73 ومسند أحمد ج4 ص298 والكامل في التاريخ ج2 ص204 وخصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب للنسائي ص150 و 151 والأموال ص233 وسنن الدارمي ج2 ص238 والسنن الكبرى ج8 ص5 والتراتيب الإدارية ج1 ص173.
([143]) الرياض النضرة ج2 ص277 وإحقاق الحق (الملحقات) ج8 ص522 وراجع: مسند أحمد ج1 ص342 وخصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب للنسائي ص148 و 149 والسنن الكبرى للبيهقي ج8 ص179 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص215 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص464 والمناقب ص262 وغير ذلك.
([144]) الآية 48 من سورة العنكبوت.
([145]) الآية 157 سورة الأعراف.
([146]) الآية 158 من سورة الأعراف.
([147]) المبسوط ج8 ص120 وتفسير التبيان ج8 ص216 وأوائل المقالات ص225 ومكاتيب الرسول ج1 ص93.
([148]) مفتاح الكرامة ج10 ص10.
([149]) إشارة إلى الوجود اللفظي والكتبي الذي يلزم منه حضور صورة الشيء في الذهن، لا حضور نفس الشيء لدى العالم.
وإشارة إلى ذلك: حالة التخيل لأمور يسمع بها، ولم يكن قد رآها. فهي حاضرة حضوراً تخيلياً لا يصل إلى درجة حضور صورة الشيء في الذهن، فضلاً عن حضور نفس الشيء لدى العالم.
([150]) المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج8 ص98 عن تفسير النقاش والجامع لأحكام القرآن ج13 ص352.
([151]) سنن ابن ماجة ج2 ص812 والمفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج8 ص97 عنه، ومستدرك الوسائل ج13 ص395 ومسند أبي داود الطيالسي ص155 والمعجم الأوسط ج7 ص16 ومسند الشاميين ج2 ص419 والجامع الصغير ج2 ص5 وكنز العـمال ج6 ص210 وتـذكـرة الموضوعـات ص66 وكشف = = الخفاء ج2 ص96 والجامع لأحكام القرآن ج3 ص240 والدر المنثور ج4 ص153 وتفسير الثعالبي ج1 ص527 وكتاب المجروحين ج1 ص284 والكامل ج2 ص337 وج3 ص11 وتهذيب التهذيب ج3 ص110 وسبل الهدى والرشاد ج9 ص283.
([152]) الآية 3 من سورة الجمعة.
([153]) علل الشرايع ص124 والبحار ج16 ص132 وبصائر الدرجات ص245 والبرهان (تفسير) ج4 ص332 ونور الثقلين ج2 ص78 وج5 ص322 ومعاني الأخبار ص54 والإختصاص ص263 والفصول المهمة ج1 ص412 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص199.
([154]) البحار ج16 ص133 و 134 وبصائر الدرجات ص247 والبرهان ج4 ص333 ونور الثقلين ج5 ص322 والفصول المهمة ج1 ص413.
([155]) الآية 2 من سورة الجمعة.
([156]) البحار ج16 ص133 وعلل الشرايع ص125 وتفسير البرهان ج2 ص332 و 40 ونور الثقلين ج5 ص323 وج4 ص558 وبصائر الدرجات ص246 وتفسير العياشي ج2 ص78.
([157]) الجامع لأحكام القرآن ج13 ص352 والتراتيب الإدارية ج1 ص173 والبحار ج16 ص135 وسير أعلام النبلاء ج14 ص190 وج22 ص468 وعن الإرشاد ج1 ص184 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص199 والسنن الكبرى للبيهقي ج7 ص42 وعن فتح الباري ج7 ص386 وفيض القدير ج4 ص336 وتاريخ مدينة دمشق ج34 ص103.
([158]) البحار ج16 ص135 وج22 ص468 وعن الإرشاد ج1 ص184 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص199 ومستدرك الوسائل ج3 ص477 وشرح النهج للمعتزلي ج10 ص219 وج12 ص87 وإعلام الورى ج1 ص265.
([159]) الدر المنثور ج3 ص131.
([160]) الكافي ج1 ص249 ونور الثقلين (تفسير) ج5 ص323 و 633 ومدينة المعاجز ج2 ص448 والبحار ج25 ص71.
([161]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص والسيرة النبوية لدحلان ج ص والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص365 و 367 والبحار ج29 ص21 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص280 و 281 والكامل ج2 ص77 وعن صحيح مسلم ج5 ص175 والمغازي للواقدي ج2 ص609.
([162]) البحار ج20 ص350 وتفسير القمي ج2 ص312 ونور الثقلين ج5 ص52 والتفسير الصافي ج5 ص35.
([163]) نقل ذلك العلامة الأحمدي "رحمه الله" في مكاتيب الرسول ج3 ص93 عن: السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص331 وعن كنز العمال ج10 ص316 وتأريخ الطبري ج2 ص634 والحلبية ج3 ص22 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص43 والدر المنثور ج6 ص77 والمغازي للواقدي ج2 ص608 و 607 و 109 ورسالات نبوية ص177 و 178 ومسند أحمد ج4 ص325 و 330 والمصنف لابن أبي شيبة ج14 ص 438 و 449 والبخاري ج3 ص256 والبحار ج20 ص335 و 350 ونيـل الأوطـار ج8 ص35 و 47 وجـامع البيـان للطبري = = ج26 ص63 ومجمع البيان ج9 ص118 والبداية والنهاية ج4 ص168 والبرهان ج4 ص193 وعبد الرزاق ج5 ص339 وزاد المعاد ج2 ص125 وحياة الصحابة ج1 ص131 والمناقب ج1 ص204 وتهذيب تأريخ ابن عساكر ج7 ص135 وصحيح مسلم ج3 ص1412 وفتح الباري ج5 ص255 والسنن الكبرى ج9 ص222 والجامع لأحكام القرآن ج16 ص277 والنص والإجتهاد ص182 وشرح النهج لابن أبي الحديد ج12 ص59 والتاج ج4 ص227 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص106 و ج1 ص249.
([164]) الآية 8 من سورة المنافقون.
([165]) الكافي ج5 ص63 و 64 والوسائل ج11 ص424 ومشكاة الأنوار ص430 والفصول المهمة ج2 ص229 وعن البحار ج64 ص72 وميزان الحكمة ج2 ص982 ونور الثقلين ج5 ص336.
([166]) راجع: المغازي للواقدي ج2 ص والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص515 وكنز العمال ج10 ص494 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص52.
([167]) المسترشد ص538 والبحار ج20 ص333 وج30 ص561 ومسند أحمد ج4 ص325 وشرح النهج للمعتزلي ج12 ص59 وزاد المسير ج7 ص162 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص211 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص280 والبداية والنهاية ج4 ص192 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص782 وعن عيون الأثر ج2 ص120 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص320.
([168]) راجع: البحار ج20 ص350 وتفسير القمي ج2 ص312 ونور الثقلين ج5 ص52 والتفسير الصافي ج5 ص35.
([169]) الآية 1 من سورة الحجرات.
([170]) الآية 2 من سورة الحجرات.
([171]) الآية 59 من سورة النساء.
([172]) الآية 7 من سورة الحشر.
([173]) راجع: المغازي للواقدي ج2 ص607 والمسترشد ص535 و 539.
([174]) إسعاف الراغبين (مطبوع مع نور الأبصار) ص108 وفتح البيان ج4 ص5 والصواعق المحرقة (ط الميمنية بمصر) ص77 وينابيع المودة ص65 و 287 وطبقات الشافعية ج4 ص54 ومطالب السؤل ص16وأنموذج جليل (مطبوع مع إملاء ما من به الرحمن) ج1 ص18 وشرح النهج للمعتزلي ج3 ص181 = = وتفصيل النشأتين ص46 و 62 والمناقب للخوارزمي (ط تبريز) ص260 وعن بحر المناقب، وعن منال الطالب، وجواهر المطالب في مناقب الإمام علي ج2 ص50 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص317 ومواقف الشيعة ج1 ص89.
([175]) ينابيع المودة ص65 وخصائص الأئمة ص107 والإرشاد ج1 ص254 وحلية الأبرار ج2 ص63 والبحار ج20 ص335 وج29 ص562 وج32 ص237 و 336 ومناقب أهل البيت ص75 وميزان الحكمة ج1 ص148 وج2 ص1026 و 1499 وشرح النهج للمعتزلي ج1 ص207 و 211 وج18 ص374 والعدد القوية ص195 وينابيع المودة ج1 ص83 و 203 وج3 ص450.
([176]) الإرشاد للمفيد ج1 ص153 والبحار ج21 ص169 وإعلام الورى ج1 ص235.
([177]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص63 والمسترشد ص540 والبحار ج20 ص141 والنص والإجتهاد ص172 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص25.
([178]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص63.
([179]) الاضطباع: أخذ الإزار أو البرد فيجعل وسطه تحت إبطه الأيمن ويلقي طرفيه على كتفه الأيسر من جهتي صدره وظهره، انظر النهاية ج3 ص73 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص56.
([180]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص56 وقال في هامشه: أخرجه البخاري ج3 ص257 وأبو داود في الجهاد باب 167 وأحمد ج4 ص331 والبيهقي في الدلائل ج4 ص106 وعبد الرزاق الحديث رقم (9720) والطبري و26 ص63 وابن أبي شيبة و14 ص450.
([181]) أخرجه أحمد في المسند و4 ص330 والبيهقي في دلائل النبوة ج5 ص331 وراجع: تفسير القرآن العظيم ج4 ص215 والدر المنثور ج6 ص79 وفتح القدير ج5 ص57 والبداية والنهاية ج5 ص207 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص376 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص57.
([182]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص57 وفي هامشه قال: أخرجه الحاكم ج4 ص230 والبيهقي ج5 ص236 والدعاء للمحلقين متفق عليه من حديث ابن عمر. راجع: البخاري ج3 ص561 (1727) ومسلم ج2 ص945 (317/1301) والبحار ج20 ص354 وعن فتح الباري ج5 ص256 وتفسير القمي ج2 ص314 ونور الثقلين ج5 ص54 والبداية والنهاية ج4 ص193 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص633 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص323.
([183]) أخرجه البيهقي في الدلائل ج4 ص151 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص57 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص283 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص784.
([184]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص56 و 57 وعن عيون الأثر ج2 ص125.
([185]) راجع: تاريخ الأمم والملوك ج2 ص283 والبداية والنهاية ج4 ص200 ومسند أحمد ج4 ص331 وعن صحيح البخاري ج3 ص182 والسنن الكبرى للبيهقي ج5 ص215 وج9 ص220 والمصنف لعبد الرزاق ج5 ص340 ومسند ابن راهويه ج4 ص14 وعن المعجم الكبير ج20 ص14 وإرواء الغليل ج1 ص58 وجامع البيان ج26 ص130 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص214 والدر المنثور ج6 ص77 وتاريخ مدينة دمشق ج57 ص229 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص335 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص56 وج11 ص191.
([186]) راجع: الأمالي للمفيد ص235 والأمالي للشيخ الطوسي ص11 ونهج البلاغة ج2 ص171 وحلية الأبرار ج2 ص85 والبحار ج32 ص464 و 595 وعن ج74 ص397 وشرح النهج للمعتزلي ج5 ص181 وكشف الغمة ج2 ص4.
([187]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص57 عنه, وعن ابن أبي شيبة, ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص151وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص784 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص283 ومسند أحمد ج1 ص353 وسنن ابن ماجة ج2 ص1012 وشرح صحيح مسلم للنووي ج9 ص50 وعن فتح الباري ج3 ص449 وج5 ص256 وعن المصنف لابن أبي شيبة ج4 ص301 وكنز العمال ج5 ص237 وإرواء الغليل ج4 ص285 والدر المنثور ج6 ص81 والبداية والنهاية ج4 ص193 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص323.
([188]) السيرة الحلبية ج3 ص23.
([189]) راجع: تفسير القمي ج2 ص314.
([190]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص58 عن مسلم, والبيهقي, وابن سعد, والحاكم, والبزار, والطبراني, والواقدي, وعن صحيح البخاري ج1 ص24 وعن صحيح مسلم ج7 ص9 وسنن الترمذي ج4 ص171 والسنن الكبرى للبيهقي ج3 ص232 ومجمع الزوائد ج8 ص304 والسنن الكبرى للنسائي ج3 ص453 وصحيح ابن حبان ج1 ص287 وكتاب الدعاء ص534 والمعجم الأوسط ج4 ص29 وعن المعجم الكبير ج3 ص249 ورياض الصالحين ص571 وكنز العمال ج10 ص239 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص348 والبداية والنهاية ج6 ص125.
([191]) دلائل النبوة للبيهقي ج4 ص155.
([192]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص59 و 60.
([193]) راجع المصادر التالية: سبل الهدى والرشاد ج5 ص58 و 59 وفي هامشه عن: شرح المواهب اللدنية ج2 ص211 والدر المنثور ج6 ص68 والسيرة الحلبية ج3 ص24 والسنن الكبرى ج6 ص325 ومكاتيب الرسول ج3 ص96 عن إعلام الورى ص61 وعن الطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص105 وعن شرح الشفاء للقاري ج1 ص121 وعن السيرة النبوية لدحلان ج2 ص وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص469 وعن المصنف لابن أبي شيبة ج4 ص429 و 458 و 501 و ج15 ص318 والنص والإجتهاد ص182 وعن عيون الأثر ج2 ص125.
([194]) سبل الهدى والرشاد ج 5 ص63 و 64.
([195]) الآيتان 1 و 2 من سورة الفتح.
([196]) أخرجه أحمد في المسند ج3 ص420 وأخرجه أبو داود في الجهاد باب: (فيمن أسهم له سهماً) وذكره الحافظ بن كثير في التفسير ج4 ص197 والبيهقي في الدلائل ج4 ص155 وراجع: صحيح مسلم ج5 ص176 والمعجم الكبير ج19 ص445 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص635 والبحار ج21 ص8 وعن سنن أبي داود ج1 ص622 والمستدرك للحاكم ج2 ص131 و 459 والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص325 وعن فتح الباري ج7 ص340 وعن المصنف لابن أبي شيبة ج8 ص509 والمعجم الأوسط ج4 ص121 وسنن الدارقطني ج4 ص60 ونصب الراية ج4 ص278 وعن تفسير مجمع البيان ج9 ص184 ونور الثقلين ج5 ص48 وجامع البيان ج26 ص93 والجامع لأحكام القرآن ج16 ص261 والدر المنثور ج6 ص68 وفتح القدير ج5 ص46 والطبقات الكبرى ج2 ص105 وتهذيب الكمال ج32 ص364.
([197]) أخرجه: ابن حبان ذكره الهيثمي في موارد الظمآن ص (436) (1760) والبيهقي ج5 ص217 وأحمد ج4 ص152 والحاكم ج4 ص460 وذكره السيوطي في الدر المنثور ج6 ص71 والخطيب في التاريخ ج3 ص319 والبيهقي في الدلائل ج4 ص155 وراجع: مسند أبي يعلى ج6 ص20 وصحيح ابن حبان ج2 ص94 والمعجم الأوسط ج7 ص100 وجامع البيان ج26 ص92 ومعاني القرآن ج6 ص492 وأسباب نزول الآيات ص256 وتفسير الجلالين ص712 ولباب النقول ص177 وفتح القدير ج5 ص46 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص60.
([198]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص60 عن البخاري في التفسير ج8 ص582 (4833) والبيهقي في الدلائل ج4 ص155 والدر المنثور ج6 ص68 وفتح القدير ج5 ص46.
([199]) السيرة الحلبية ج3 ص ومكاتيب الرسول ج3 ص94 وشرح صحيح مسلم للنووي ج12 ص140 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص80 والسيرة النبوية لدحلان ج2.
([200]) تاريخ الأمم والملوك ج2 ص283 والنص والإجتهاد ص183 ومكاتيب الرسول ج3 ص94 وعن فتح الباري ج5 ص257 والبداية والنهاية ج4 ص194 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص324 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص64 والكامل في التاريخ ج2 والسيرة النبوية لدحلان ج2.
([201]) البحار ج20 ص363 وإعلام الورى ص61 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص175 ومكاتيب الرسول ج3 ص94 وإعلام الورى ج1 ص205 والكافي ج8 ص326 وقصص الأنبياء للراوندي ص344.
([202]) راجع: مكاتيب الرسول ج3 ص95.
([203]) راجع: البداية والنهاية ج5 ص351 والطبقات الكبرى ج2 ص134 والمناقب لابن شهرآشوب ج2 ص24 والكامل في التاريخ ج2 ص90 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص787 ومستدرك الوسائل ج4 ص81 والدر المنثور ج6 ص408 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص541.
([204]) راجع: السيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص679 والكافي ج8 ص326 ومكاتيب الرسول ج3 ص92 وعن فتح الباري ج5 ص253 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص54 وعن صحيح البخاري ج5 ص357 ومسند أحمد ج4 ص328 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص220 و 227 والمصنف لعبد الرزاق (9720) وجامع البيان ج26 ص59 و 63 وتفسير القرآن العظيم ج7 ص324 وأخرجه: أبو داود في الجهاد باب (167) والسيوطي في الدر المنثور ج6 ص78 والسيرة النبوية لدحلان ج2.
([205]) راجع: مكاتيب الرسول (ط دار صعب) ج1 ص113 عن الطبقات الكبرى ج1 ص258 و 259 وعن الكامل في التاريخ ج2 ص80 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص288 وتاريخ أبي الفدا ج1 ص148 والتنبيه والإشراف ص225.
([206]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص61 وقال في هامشه: أخرجه البخاري ج5 ص329 في الشروط, وأبو داود في الجهاد باب 167 وأحمد ج4 ص331 والبيهقي في الدلائل ج4 ص107 وفي السنن ج9 ص221 وعبد الرزاق في المصنف (9720) وانظر: البداية والنهاية ج4 ص176.
([207]) مسعر حرب، أي: موقدها، انظر المعجم الوسيط ج1 ص432 والبحار ج20 ص336 ومسند أحمد ج4 ص331 وعن صحيح البخاري ج3 ص183 وعن سنن أبي داود ج1 ص63 والمصنف لعبد الرزاق ج5 ص341 والمعجم الكبير ج20 ص15 وإرواء الغليل ج1 ص59 ومجمع البيان ج9 ص199 وجامع البيان ج26 ص131 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص214 والدر المنثور ج6 ص78 وإكمال الكمال ج1 ص59 وج2 ص3 وتاريخ مدينة دمشق ج12 ص13 وج57 ص230 وأسد الغابة ج3 ص360 وسير أعلام النبلاء ج3 ص346 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص284 والبداية والنهاية ج4 ص201 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص335 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص62.
([208]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص62 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص284 والبحار ج20 ص336 و 363 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص227 وأسد الغابة ج5 ص150 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص788 وعن عيون الأثر ج2 ص131.
([209]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص61 ـ 63 والبحار ج20 ص141 وشرح النهج للمعتزلي ج12 ص60 وج15 ص25.
([210]) الآية 101 من سورة التوبة.
([211]) راجع: تاريخ الخميس ج2 ص26 وطبقات ابن سعد ج8 ص202 والروض الأنف ج4 ص21 ووفاء الوفاء ج3 ص897 والسيرة الحلبية ج2 ص79 والمستدرك للحاكم ج3 ص473 والجامع الصغير للسيوطي ج2 ص610 وكنز العمال ج12 ص146 وفيض القدير ج6 ص197 وأسد الغابة ج5 ص583 وعن الإصابة ج8 ص392 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص164.
([212]) تاريخ الخميس ج2 ص26 وتهذيب التهذيب ج2 ص468 عن البخاري في تاريخيه: الأوسط والصغير، وعن الإصابة ج8 ص392 وفيض القدير ج6 ص197 وعن مقدمة فتح الباري ص371.
([213]) الإصابة ج4 ص451 وتهذيب التهذيب ج12 ص468 وراجع: فتح الباري ج7 ص337 وإرشاد الساري ج6 ص343.
([214]) راجع: الإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج4 ص452 والروض الأنف ج4 ص21 والإصابة ج4 ص452 وفتح الباري ج7 ص337 و 338 وتهذيب التهذيب ج12 ص468.
([215]) الروض الأنف ج4 ص21 والسيرة الحلبية ج2 ص79 وتهذيب الكمال ج35 ص360 وعن مقدمة فتح الباري ص371.
([216]) راجع: الإصابة ج4 ص451 و 452 وفتح الباري المقدمة ص371 وج7 ص337 وج8 ص401 وتهذيب التهذيب ج12ص468 و 469 ورواية تخيير النبي "صلى الله عليه وآله" نساءه في مسند أحمد ج6 ص212 وفيض القدير ج2 ص187 وجامع البيان ج21 ص190 وعن تفسير القرآن العظيم ج3 ص489.
([217]) راجع: صحيح مسلم ج4 ص188 و 187 و 189 و 190 والدر المنثور ج6 ص242 و 243 عنه وعن ابن مردويه وعبد بن حميد ومسند أبي يعلى ج1 ص150 وعن تفسير القرآن العظيم ج4 ص415 وصحيح ابن حبان ج9 ص496 وكنز العمال ج2 ص528 والجامع لأحكام القرآن ج18 ص189.
([218]) نزهة الناظر وتنبيه الخاطر ص21 وأضواء على السنة المحمدية ص116 وسير أعلام النبلاء ج2 ص508.
([219]) راجع: شرح النهج للمعتزلي ج4 ص77.
([220]) راجع: شرح النهج للمعتزلي ج4 ص77.
([221]) إختيار معرفة الرجال ص38.
([222]) إختيار معرفة الرجال ص94 والأمالي ص19 واليقين ص285 و 316 ومدينة المعاجز ج1 ص62 والبحار ج37 ص311 و 323 و 335 ومواقف الشيعة ج3 ص100.
([223]) البحار ج 32 ص140 والكافئة ص21 ومواقف الشيعة ج2 ص35.
([224]) راجع: مصادر حديثه هذا في كتابنا: زواج المتعة.
([225]) تاريخ الخميس ج2 ص41 وقال: كذا في حياة الحيوان. وراجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص128 عن أبي داود في سننه, وعن أبي نعيم في مستخرجه, وعن تمام الرازي في فوائده, والبداية والنهاية ج4 ص207 وعن فتح الباري ج7 ص377 وتاريخ مدينة دمشق ج6 ص133 وعن صحيح البخاري ج5 ص82 وشرح معاني الآثار ج3 ص244 والمعجم الأوسط ج3 ص307 ونصب الراية ج4 ص266 وأحكام القرآن ج3 ص74.
([226]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص128 والبداية والنهاية ج4 ص207.
([227]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص128 وفي هامشه عن البخاري (كتاب المغازي) ج7 ص529 وسير أعلام النبلاء ج2 ص393 وعن فتح الباري ج7 ص377 وعن البداية والنهاية ج4 ص236 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص393 وشيخ المضيرة ص45.
([228]) راجع: شيخ المضيرة ص46 وعن فتح الباري ج7 ص377.
([229]) راجع: الصحيفة السجادية الكاملة ص189 وشرح الصحيفة السجادية للأبطحي ص187 وميزان الحكمة ج2 ص1780 وج3 ص1859.
([230]) السيرة الحلبية ج3 ص28.
([231]) تاريخ الخميس ج2 ص25 و 26 وراجع: نور الثقلين ج5 ص254 والدر المنثور ج6 ص179 و 180 و 181 و 182 و 183 عن ابن المنذر, وأبي داود, وأحمد, والطبراني, وابن مردويه, والبيهقي, والحاكم, وابن ماجة, وابن أبي حاتم, وسعيد, بن منصور, والنحاس. وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص29 والبحار ج22 ص58 والسنن الكبرى للبيهقي ج7 ص392 وعن تفسير مجمع البيان ج9 ص409 وجامع البيان ج28 ص4 و 5 وأحكام القرآن ج3 ص570 وأسباب نزول الآيات ص274 والجامع لأحكام القرآن ج17 ص271 وأسد الغابة ج1 ص146.
([232]) الدر المنثور ج6 ص180 عن سعيد بن منصور, وابن مردويه, والبيهقي, وعبد بن حميد, وابن المنذر, والحاكم, وصححه, والسيرة الحلبية ج3 ص29 والآحاد والمثاني ج5 ص332 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص341 والطبقات الكبرى ج3 ص547 وج8 ص379 وأسد الغابة ج5 ص417.
([233]) الآيتان 1 و 2 من سورة المجادلة.
([234]) راجع: نور الثقلين ج5 ص254 و 255 والبرهان (تفسير) ج4 ص301 و 302 وتفسير القمي ج2 ص353 والتفسير الصافي ج5 ص143 والوسائل (ط دار الإسلامية) ج15 ص506 والبحار ج22 ص72 وعن ج101 ص166 والكافي ج6 ص152 وقريب منه في الدر المنثور ج6 ص180 عن ابن مردويه عن ابن عباس.
([235]) نور الثقلين ج5 ص257 عن الكافي ج6 ص155 وتهذيب الأحكام ج8 ص15 و 321 ومستدرك الوسائل ج15 ص409 و 411 والنوادر ص66 ودعائم الإسلام ج2 ص274 ومن لا يحضره الفقيه ج3 ص532 والإستبصار ج4 ص57 والوسائل ج15 ص551 وعلل الدارقطني ج10 ص239.
([236]) راجع: الدر المنثور ج6 ص180 و 181 و 182 عن النحاس, وابن مردويه, والبيهقي, وعبد بن حميد, والطبراني.
([237]) السيرة الحلبية ج3 ص29 والسنن الكبرى للبيهقي ج7 ص385 وتفسير القرآن للصنعاني ج3 ص277 وجامع البيان ج28 ص7 وأحكام القرآن للجصاص ج3 ص558 وعن تفسير ابن كثير ج4 ص343 والدر المنثور ج6 ص180 و 183 والطبقات الكبرى ج8 ص379 وتاريخ المدينة ج2 ص393.
([238]) السيرة الحلبية ج3 ص29.
([239]) الدر المنثور ج6 ص181 عن ابن سعد, والطبقات الكبرى ج3 ص547 وج8 ص379.
([240]) السيرة الحلبية ج3 ص29 والبحار ج22 ص58 وعن تفسير مجمع البيان ج9 ص409 وأسباب نزول الآيـات ص274 وسنن الـدارقطني ج3 ص218 ومسند الشـاميين ج4 ص8 والجامع لأحكام القرآن ج17 ص271 وعن الدر المنثور ج6 ص180.
([241]) السيرة الحلبية ج3 ص29.
([242]) راجع: تاريخ الخميس ج2 ص26 والسيرة الحلبية ج3 ص29 وعن فتح الباري ( المقدمة) ص65 و ج10 ص25 وعمدة القاري ج10 ص82.
([243]) سبل الهدى والرشاد ج3 ص410 وج12 ص68 وج10 ص57 وتاريخ الخميس ج2 ص40 والطبقات الكبرى ج2 ص196 وعن فتح الباري ج10 ص192.
([244]) صحيح البخاري ج7 ص30 كتاب: بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده, وكتاب: الطب، باب: هل يستخرج السحر وباب: السحر، وصحيح مسلم ج7 باب السحر، وسبل الهدى والرشاد ج10 ص56 وج3 ص411, وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص41 والمصنف لابن أبي شيبة ج5 ص435 وتفسير ابن كثير (ط دار الجيل) ج5 ص579 وأضواء على الصحيحين ص273 وعن مسند أحمد ج6 ص63 و 96 وج3 ص411 ومسند أبي يعلى ج8 ص291 والطبقات الكبرى ج2 ص196.
([245]) سبل الهدى والرشاد ج3 ص411 وج10 ص56 و 57 عن البيهقي, وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص41 والدر المنثور ج6 ص417 عن ابن مردويه، وعن البيهقي في دلائل النبوة, ومكارم الأخلاق ص414 والبحار ج18 ص70 و 71 وعن ج60 ص13 و 15 و 24 وعن ج89 ص365 وعن ج92 ص126 و 130 وعن فتح الباري ج10 ص191 و 196 وعن تفسير مجمع البيان ج10 ص492 والتفسير الصافي ج5 ص396 والتفسير الأصفى ج2 ص1493 وتفسير نور الثقلين ج5 ص718 و 719، وأسباب نزول الآيات ص310 وزاد المسير ج8 ص333 والجامع لأحكام القرآن ج20 ص253 وج5 ص718 وعن تفسير القرآن العظيم ج4 ص615 وتفسير الجـلالين ص826 و 830 = = ولباب النقول ص220 والطبقات الكبرى ج2 ص199 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج1 ص471 وتأويل الآيات ج2 ص862.
([246]) عن صحيح البخاري ج7 ص29، كتاب: الطب، باب السحر، وتفسير القرآن العظيم (ط دار الجيل) ج4 ص579 وأضواء على الصحيحين ص273 وعن فتح الباري ج10 ص199 والشفا بتعريف حقوق المصطفى ج2 ص181 وسبل الهدى والرشاد ج12 ص6.
([247]) سبل الهدى والرشاد ج7 ص323 عن ابن عدي، ولسان الميزان ج2 ص387 والكامل ج3 ص9 وميزان الإعتدال ج1 ص642.
([248]) سبل الهدى والرشاد ج7 ص21 عن أحمد، وعبد بن حميد، والبخاري، والنسائي، وأبي الشيخ، والبيهقي، والمصنف لابن أبي شيبة ج5 ص435 ومجمع الزوائد = = ج6 ص281 عن الطبراني، والنسائي, وتفسير القرآن العظيم ج4 ص579 (ط دار الجيل) عن أحمد، والنسائي، والمعجم الكبير ج5 ص179 و180 والمعرفة والتاريخ ج3 ص289 و 290 وشمائل الرسول لابن كثير ص65 و 66 وسنن النسائي ج7 ص13 وفتح القدير ج51 ص519 عن عبد بن حميد, والبحار ج38 ص303 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص395 والدر المنثور ج6ص417 والفايق في غريب الحديث ج2 ص295 والتبيان في آداب جملة القرآن للنووي ص183.
([249]) سبل الهدى والرشاد ج7 ص9 وج10 ص56 عن ابن سعد، والحاكم وصححه، والبيهقي، وأبي نعيم, وعن البداية والنهاية ج6 ص44 وراجع: المستدرك للحاكم ج4 ص360 وعن المعجم الكبير ج5 ص179 ومجمع الزوائد ج6 ص281.
([250]) سبل الهدى والرشاد ج3 ص410 وج10 ص57 عن ابن سعد, وتاريخ الخميس ج2 ص41 عن كنز العباد، والطبقات الكبرى ج2 ص198.
([251]) تاريخ الخميس ج2 ص41 عن كنز العباد، وعن الوفاء، والبخاري، وعن عون المعبود ج4 ص237 وعن البداية والنهاية ج3 ص290 وسبل الهدى والرشاد ج3 ص413 وعن مسند أحمد ج6 ص63 وعن تفسير القرآن العظيم ج4 ص614 وسير أعلام النبلاء ج21 ص101.
([252]) سبل الهدى والرشاد ج10 ص57 عن أبي نعيم, وتفسير الجلالين ص830 ولباب النقول ص220.
([253]) تاريخ الخميس ج2 ص41 وعن فتح الباري ج10 ص192 والطبقات ج2 ص197 وسبل الهدى والرشاد ج3 ص410.
([254]) تاريخ الخميس ج2 ص41 عن الإسماعيلي.
([255]) تاريخ الخميس ج2 ص41 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير (ط دار الجيل) ج4 ص579 وعن مسند أحمد ج6 ص63 وعن صحيح البخاري ج7 ص88 وسير أعلام النبلاء ج21 ص101.
([256]) تاريخ الخميس ج2 ص41.
([257]) تاريخ الخميس ج2 ص41 عن السهيلي، عن جامع معمر.
([258]) تاريخ الخميس ج2 ص41 عن البخاري وج7 ص28 و 30 وأضواء على الصحيحين ص272 وعن فتح الباري ج10 ص192 وعن مسند أحمد ج6 ص63 وصحيح مسلم ج7 ص14 وشرح مسلم للنووي ج14 ص174 وجامع البيان ج1 ص644 وزاد المسير ج8 ص332 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج1 ص473.
([259]) تاريخ الخميس ج2 ص41 عن معالم التنزيل، وتفسير القرآن العظيم (ط دار الجيل) ج4 ص579 عن الثعلبي, وأسباب النزول (ط سنة 1410 هـ) ص405 وعن فتح الباري ج10 ص193 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج1 ص472.
([260]) تفسير الجلالين ص826 ومكارم الأخلاق ص414 والبحار ج18 ص71 وعن ج60 ص13 و 15 وعن ج92 ص130 وعن فتح الباري ج10 ص191 وعن تفسير مجمع البيان ج10 ص492 وتفسير نور الثقلين ج5 ص719 وأسباب نزول الآيات ص310 وزاد المسير ج8 ص333 والجامع لأحكام القرآن ج20 ص253 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص615.
([261]) تاريخ الخميس ج2 ص41 عن المواهب اللدنية عن فتح الباري، والدر المنثور ج6 ص417 وعن فتح الباري ج10 ص196 وسبل الهدى والرشاد ج3 ص411.
([262]) تاريخ الخميس ج2 ص41 والطبقات الكبرى ج2 ص199.
([263]) راجع: المصنف للصنعاني (ط دار إحياء التراث العربي) ج11 ص9 وعن الشفا بتعريف حقوق المصطفى ج2 ص182 وسبل الهدى والرشاد ج12 ص5.
([264]) الدر المنثور ج6 ص417 عن ابن مردويه، والبيهقي في دلائل النبوة.
([265]) راجع: البرهان (تفسير) للبحراني ج4 ص529 و 530 والمصنف للصنعاني ج6 ص65 ومنتخب مسند عبد بن حميد ص115 ومسند أبي يعلى ج8 ص290 والإحسان في ترتيب صحيح ابن حبان ج14 ص545 والطبقات الكبرى ج2 ص196 والعلل لأحمد بن حنبل ج1 ص68 وميزان الإعتدال ج1 ص642 والكامل ج3 ص9 ومعجم البلدان ج3 ص5 والبداية والنهاية ج6 ص44 وج10 ص21 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج1 ص472 ومستدرك الوسائل ج12 ص65 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص65 وكتاب الأربعين للشيرازي ص301 ومسند أحمد ج4 ص367 وسنن ابن ماجة ج2 ص1173 وعن فتح الباري ج6 ص239 وج10 ص192 وج11 ص163 وغير ذلك كثير.
([266]) دعائم الإسلام ج2 ص138 والبحار ج60 ص23.
([267]) الآية 101 من سورة الإسراء.
([268]) الآية 8 من سورة الفرقان.
([269]) الآية 47 من سورة الإسراء.
([270]) الآية 82 من سورة المائدة.
([271]) دعائم الإسلام ج2 ص138.
([272]) دعائم الإسلام ج2 ص138 ومستدرك الوسائل ج13 ص108 والبحار ج60 ص22.
([273]) الآية 41 من سورة ص.
([274]) تاريخ الخميس ج2 ص29 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص288 والكامل لابن الأثير ج2 ص210 والجامع للقيرواني ص287 والبداية والنهاية ج4 ص262 والبحار ج20 ص382 ومروج الذهب ج2 ص289 وفتح الباري ج8 ص98 وج10 ص274 وسفينة البحار ج1 ص376 وتحفة الأحوذي ج7 ص417 ومكاتيب الرسول ج2 ص398 وميزان الحكمة ج4 ص3209 والطبقات الكبرى ج1 ص258 وتاريخ مدينة دمشق ج45 ص430 والشفا بتعريف حقوق المصطفى ج1 ص315 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص344.
([275]) تاريخ الخميس ج2 ص29 عن الوفاء، والمواهب اللدنية، وأسد الغابة ج1 ص62 والطبقات الكبرى (ط دار صادر) ج1 ص258 والتنبيه والإشراف ص225 وتاريخ أبي الفدا ج1 ص148 والطبقات الكبرى ج1 ق2 ص15 ووفاء الوفاء ج1 ص315 والثقات لابن حبان ج2 ص6 وأعيان الشيعة ج1 ص243 وعن فتح الباري ج10 ص 274 وعن الكامل لابن عدي ج4 ص1565 وتاريخ مدينة دمشق ج27 ص357 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص344.
([276]) تاريخ الخميس ج2 ص29 وراجع: تاريخ الأمم والملوك ج2 ص288.
([277]) تاريخ الخميس ج2 ص29.
([278]) تاريخ الخميس ج2 ص29 عن المواهب اللدنية.
([279]) تاريخ الخميس ج2 ص29 عن المنتقى وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص288 والبحار ج20 ص382.
([280]) تاريخ الخميس ج2 ص29 و 30 عن الإكتفاء وكنز العمال (ط الهند) ج10 ص418 و 419 و (ط مؤسسة الرسالة) ج10 ص633 و 634 و 635 وج11 ص644 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص254 و 255 والمعجم الكبير ج25 ص232 و 233 وعن ج20 ص8 والكامل لابن عدي ج4 ص1561 وحياة الصحابة ج1 ص101 والتراتيب الإدارية ج1 ص190 و 191 ونشأة الدولة الإسلامية ص75 والطبقات الكبرى (ط ليدن) ج1 ق2 ص15 و 19 والسيرة الحلبية ج3 ص241 والسيرة النبوية لدحلان (مطبوع مع الحلبية) ج3 ص56 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص289 والآحاد والمثاني ج1 ص445 والأحاديث الطوال ص60 ومكاتيب الرسول ج1 ص184 و 185 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص650.
([281]) تاريخ الخميس ج2 ص29 عن الواقدي.
([282]) الآية 4 من سورة إبراهيم.
([283]) مكاتيب الرسول ج1 ص84.
([284]) مكاتيب الرسول ج1 ص80 وكنز العمال ج10 ص617 والسيرة النبوية لدحلان ج2.
([285]) راجع: دائرة المعارف ج6 ص277 ـ 281 والوسيط في الأدب العربي.
([286]) راجع: الإختصاص ص83 وشرح الشفاء للقاري ج1 ص195 والسيرة النبوية لابن هشام ج1 ص178 وشرح أصول الكافي ج9 ص322 ونور البراهين ج1 ص120 ومكاتيب الرسول ج1 ص81 وتذكرة الموضوعات ص87 وكشف الخفاء ج1 ص200 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص32 وسبل الهدى والرشاد ج1 ص429 وج2 ص103 والقاموس المحيط ج1 ص6 ومغني اللبيب ج1 ص114والسيرة النبوية لدحلان ج2 وغير ذلك.
([287]) التراتيب الإدارية ج1 ص84 و 49 عن المطالع النصرية للهوريني، وعن السهيلي، ومسند أحمد ج1 ص247 والروض الأنف ج3 ص83 والإمتاع ص101 وتاريخ الخميس ج1 ص395 والسيرة الحلبية ج2 ص193 وطبقات ابن سعد (ط ليدن) ج2 ق1 ص14 ونظام الحكم في الشريعة والتاريخ الإسلامي (الحياة الدستورية) ص48 والبحار ج19 ص355 والمستدرك للحاكم ج2 ص140 ومجمع الزوائد ج4 ص96 والبداية والنهاية ج3 ص397 والسيرة النبوية لابن كثير ج2 ص512.
([288]) نسب قريش لمصعب الزبيري ص174 والإصابة ج1 ص344 عنه والإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج2 ص372 وأسد الغابة ج3 ص175 وراجع: السنة قبل التدوين ص299 ومكاتيب الرسول ج1 ص105 و 394.
([289]) راجع: البحار ج20 ص372 و 352 ومسند أحمد ج4 ص298 والكامل في التاريخ ج2 ص204 والأموال ص158 وسنن الدارمي ج2 ص238 والسنن الكبرى للبيهقي ج8 ص5 وكنز العمال (ط الهند) ج10 ص303 والمصنف لابن أبي شيبة ج14 ص435 والمفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج8 ص93 و 96 وصحيح البخاري ج4 ص71 وج5 ص84 وصحيح مسلم ج5 ص174 والتراتيب الإدارية ج1 ص173 وشرح الشفاء للقاري ج1 ص727 و 729 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص34.
([290]) مختصر مفيد ج1 ص11.
([291]) الآية 41 من سورة هود.
([292]) الآية 110 من سورة الإسراء.
([293]) الآية 20 من سورة النمل.
([294]) راجع: المصادر التالية: الدر المنثور ج5 ص106 و 107 عن عبد الرزاق، وابن سعد، وابن أبي شيبة، وأبي عبيد في فضائله، وابن أبي حاتم، وابن المنذر، وأبي داود في المراسيل، وكنز العمال (ط الهند) ج10 ص194 والتنبيه والإشراف ص225 والعقـد الفريـد ج4 ص158 والـتراتيـب الإداريـة ج1 ص140 = = ومستدرك الوسائل ج8 ص432 و 433 والسيرة الحلبية ج3 ص20 وج1 ص249 والجامع لأحكام القرآن ج1 ص92 وج13 ص194 والوزراء والكتاب للجهشياري ص13 و 14 والطبقات الكبرى ج1 ص263 والمصنف لابن أبي شيبة ج14 ص105 وأحكام القرآن للجصاص ج1 ص8 والمراسيل لأبي داود ص90 والتفسير الكبير للرازي ج1 ص200 وروح المعاني ج1 ص27 وثمرات الأوراق (بهامش المستطرف) ج2 ص105 وعمدة القاري ج5 ص291.
([295]) السيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص769.
([296]) تفسير العياشي ج1 ص19 ومصباح الفقيه (كتاب الصلاة) ص76 والبحار ج89 ص236 ونور الثقلين ج1 ص6.
([297]) راجع: الدر المنثور ج1 ص7 وج3 ص208 عن أبي داود، والبزار، والدارقطني في الإفراد، والطبراني، والحاكم، وصححه، والبيهقي في المعرفة، وفي شعب الإيمان، وفي السنن الكبرى، وعن أبي عبيد، والواحدي، وفتح الباري ج9 ص39 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص16 ونيل الأوطار ج2 ص228 ومستدرك الحاكم ج1 ص231 و 232 وصححه على شرط الشيخين، وتلخيص المستدرك للذهبي، بهامشه، وأسباب النزول للواحدي ص9 و 10 والسنن الكبرى ج2 ص42 و 43 ومحاضرات الأدباء المجلد الثاني، الجزء 4 ص433 والإتقان ج1 ص78 وبحوث في تاريخ القرآن وعلومه ص56 و 57 وراجع ص55 عن بعض من تقدم، والجامع لأحكام القرآن ج1 ص95 وعمدة القاري ج5 ص292 ونصب الراية ج1 ص327 والمستصفى ج1 ص103 وفواتح الرحموت (بهامشه) ج2 ص14 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص34 والتفسير الكبير ج1 ص208 وغرائب القرآن بهامش الطبري ج1 ص77 والمصنف للصنعاني ج2 ص92 ومجمع الزوائد ج6 ص310 وج2 ص109 عن أبي داود, والبزار, وكنز العمال ج2 ص368 عن الدارقطني في الإفراد، والتمهيد في علوم القرآن ج1 ص212 عن الحاكم واليعقوبي، وسنن أبي داود ج1ص209 والمنتقى ج1 ص380 وتبيين الحقائق ج1 ص113 وكشف الأستار ج3 ص40 ومشكل الآثار ج2 ص53 والمراسيل لأبي داود السجستاني ص90 وأحكام القرآن للجصاص ج1 ص15 وذكر أخبار إصبهان لأبي نعيم ج2 ص356 والمستدرك على الصحيحين ج2 ص611 والكـامـل لابن = = عدي ج6 ص3039 وج3 ص1039 والضعفاء الكبير للعقيلي ج2 ص35 والمعجم الكبير ج12 ص82 والبيان في تفسير القرآن ص442 وعن فتح الباري ج9 ص35 وتفسير أبي حمزة الثمالي ص106 والدر المنثور ج1 ص7.
([298]) كنز العمال (ط الهند) ج10 ص493 والدر المنثور ج1 ص10 ومكاتيب الرسول ج1 ص56 وميزان الحكمة ج2 ص1366 وج3 ص2664 والجامع الصغير ج1 ص481 وشرح مسند أبي حنيفة ص5 وفيض القدير ج3 ص294 وفتح القدير ج1 ص19.
([299]) جامع أحاديث الشيعة ج5 ص116 و 117 عن الكافي، والمحاسن، وعن السيرة الحلبية ج3 ص240 ومستدرك الوسائل عن العياشي، ونور الثقلين ج1 ص6 = = وج2 ص238 عن العياشي، والكافي، والبرهان ج1 ص42 والوسائل ج4 ص747 والبحار ج82 ص20 وج89 ص236 وج92 ص234 و 236 وتفسير العياشي ج1 ص19 وتفسير كنز الدقائق ج1 ص31، وراجع: مكاتيب الرسول للأحمدي ج1 ص56 وج3 ص505 و 506 عن مصادر كثيرة.
([300]) الكافي ج3 ص313 والوسائل (ط دار الإسلامية) ج4 ص746 ومكاتيب الرسول ج1 ص56 وتفسير نور الثقلين ج1 ص6 وج3 ص84 وتفسير كنز الدقائق ج1 ص31.
([301]) مكاتيب الرسول ج1 ص65 وج3 ص505 و 509 والآحاد والمثاني ج5 ص12 وتاريخ مدينة دمشق ج11 ص65.
([302]) راجع: مكاتيب الرسول ج1 ص67 و 68.
([303]) المعجم الكبير ج4 ص225 ودلائل النبوة لأبي نعيم ص153 وعن فتح الباري ج8 ص165 وكنز العمال ج10 ص585 و 635 وتاريخ مدينة دمشق ج17 ص209 وسير أعلام النبلاء ج2 ص552 والبداية والنهاية ج4 ص304 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص505 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص353.
([304]) مكاتيب الرسول ج1 ص69 والدر المنثور ج4 ص156 ومجمع الزوائد ج5 ص308 وج8 ص236.
([305]) راجع: مكاتيب الرسول ج1 ص67 و 68 وج2 ص373 و 649 وج3 ص548 وأشار في هامشه إلى: التراتيب الإدارية ج1 ص137 و 138 عن صبح الأعشى، وإكمال الدين ص571 والغارات ج1 ص210 وكنز الفوائد ص249 والبحار ج22 ص87 وج51 ص249 وعن ج74 ص162 والمستـدرك للحـاكم ج3 = = ص273 والمعجم الصغير ج1 ص151 وكنز العمال ج15 ص746 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص385 ومجمع البحرين ج1 ص569.
([306]) تاريخ الخميس ج2 ص29. وراجع: البداية والنهاية ج5 ص356 وج6 ص2 = = و 3 و4 والبحار ج7 ص202 و 204 وسنن أبي داود ج4 ص88 و 89 والطبقات الكبرى (ط ليدن) ج1 ق2 ص165 وعن فتح الباري ج10 ص269 والسيرة الحلبية ج3 ص240 و 241 والسيرة النبوية لدحلان (مطبوع مع الحلبية) ج3 ص55 و 56 والتراتيب الإدارية ج1 ص179.
([307]) راجع: الجامع الصغير للقيرواني ص287 والسيرة الحلبية ج3 ص240 والسيرة النبوية لدحلان (مطبوع مع الحلبية) ج3 ص55.
([308]) تاريخ يحيى بن معين ج3 ص53 ومستدرك الحاكم ج3 ص490 ومكاتيب الرسول ج1 ص188 ومجمع الزوائد ج2 ص284 وعن فتح الباري ج2 ص455 والمعجم الكبير ج20 ص5 وكنز العمال ج1 ص411 وتاريخ مدينة دمشق ج57 ص155 وعن الإصابة ج6 ص42.
([309]) راجع: مكاتيب الرسول ج1 ص189 و 190 وج2 ص422 ونصب الراية ج6 ص564 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص663.
([310]) لقد كفانا العلامة الشيخ علي الأحمدي "رحمه الله" مؤونة استقصاء المصادر لهذه الرسالة، حيث ذكر جملة وافرة منها في كتابه القيم: "مكاتيب الرسول" ج2 ص316 فما بعدها، فنحن نورد نفس كلامه، وإن اختلفت المصادر التي اعتمد عليها في طبعاتها، فقد أرجع "رحمه الله" إلى: السيرة الحلبية ج3 ص277 والسيرة النبوية لزيني دحلان هامش الحلبية ج3 ص65 واليعقوبي ج2 ص66 وفي (ط أخرى) ص61 والكامل لابن الأثـير ج2 ص213 والطـبري ج2 ص654 = = وأعيان الشيعة ج2 ص144 وفي (ط أخرى) ج1 ص244 ودلائل النبوة لأبي نعيم ص292 و 293 وإعلام السائلين ص9 وجمهرة رسائل العرب ج1 ص35 وإعجاز القرآن ص112 والمواهب اللدنية للقسطلاني شرح الزرقاني ج3 ص340 و 389 وتاريخ ابن خلدون ج2 ق2 ص37 ورسالات نبوية لعبد المنعم خان ص250 (عن المواهب) وحياة الصحابة ج1 ص115 ونشأة الدولة الإسلامية ص306 (عن عدة مصادر) وفقه السيرة ص388 وزاد المعاد لابن القيم ج3 ص60 وناسخ التواريخ في سيرة الرسول "صلى الله عليه وآله"، وتأريخ الخميس ج2 ص34 ونصب الراية للزيلعي ج4 ص420 ومدينة البلاغة ج2 ص244 والبحار ج20 ص389 عن المنتقى للكازروني، والمنتظم ج3 ص282 ومجموعة الوثائق السياسية ص 139 عن بعض المصادر المتقدمة وعن سعيد بن منصور ص4280 ثم قال: قابل وانظر كايتاني ج6 ص54 واشپرنكر ج3 ص264 وعن الجرائد والمجلات العصرية وعن: مفيد العلوم ومبيد الهموم للقزويني ج24 ص17 والمواهب اللدنية والمنتقى لأبي نعيم: ورقة 35/1 ب ونثر الدر المكنون للأهدل ص760 ومنشآت السلاطين ج1 ص31 ووسيلة المتعبدين لعمر الموصلي 8/ورقة 27/ب والإمتاع للمقريزي، خطية كوپرولو، وتاريخ گزيده لحمد الله المستوفي (سلسلة كتب لوندرا) ص147 وتاريخ البلعمي (وهو ترجمة تأريخ الطبري إلى الفارسية مع حذف وزيادات) (ط طهران) ص1138 ونهاية الأرب في أخبار الفرس والعرب، والوفاء لابن الجوزي ص732 وشرف المصطفى لأبي سعيد النيسابوري عن ابن إسحاق.
وقال رحمه الله أيضاً: أوعز إلى الكتاب في البداية والنهاية ج4 ص269 وج6 ص306 والبخاري ج1 ص25 وج4 ص54 وج6 ص10 وج9 ص111 وفتح الباري ج1 ص143 وج6 ص78 وج8 ص96 وج13 ص205 وعمدة القاري ج2ص27 وج14 ص210 وج18 ص57 و 58 وج25 ص20 وصحيح = = مسلم ج3 ص1397 ومسند أحمد ج3 ص133 و ج4 ص75 و ج1 ص243 و 305 والترمذي ج5 ص68 والطبقات لابن سعد ج1 ق2 ص16 وج4 ق1 ص139 وصبح الأعشى ج6 ص296 و 358 و 359 و 378 وج1 ص91 وكنز العمال ج1 ص239 و4ج ص274 وج10ص418 ومشكل الآثار للطحاوي ج1 ص215 وتهذيب تأريخ ابن عساكر ج7 ص355 و 356 وج1 ص114 والأموال لأبي عبيد ص33 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص177 و 179 والتنبيه والإشراف ص225 وأحكام القرآن للجصاص ج3 ص241 والبحار ج4 ص100 وج17 ص206 والجامع للقيرواني ص288 وسيرة ابن هشام ج4 ص254 وفقه السيرة ص384 والروض الأنف ج3 ص304 وثقات ابن حبان ج2 ص6 والإقبال لابن طاووس ص496 والإستيعاب هامش الإصابة ج2 ص283 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص388 ومجمع الزوائد ج 8 ص237 ومرقاة المفاتيح ج4 ص221 ومشكاة المصابيح هامش المرقاة ص221 والأم للشافعي ج4 ص171 وحياة محمد لهيكل ص353 والأموال لابن زنجويه ج1 ص121 وراجع: أسد الغابة ج3 ص143 والمنتظم ج5 ص32.
([311]) مكاتيب الرسول ج2 ص319 عن المناقب لابن شهرآشوب ج1 ص79 وراجع: البحار ج20 ص381 وأحكام القرآن ج1 ص68 والبداية والنهاية ج6 ص338 وعن عيون الأثر ج2 ص327 وكنز العمال ج4 ص438 وتاريخ بغداد ج1 ص142.
([312]) مكاتيب الرسول ج2 ص319 عن تاريخ بغداد ج1 ص132 ورسالات نبوية ص251 وكنز العمال ج4 ص274.
([313]) مكاتيب الرسول ج2 ص320 و 321 عن مجموعة الوثائق السياسية ص111 عن نهاية الإرب في أخبار الفرس والعرب.
([314]) مكاتيب الرسول ج2 ص321 عن مجموعة الوثائق السياسية ص140.
([315]) الدر المنثور ج5 ص107 وسنن سعيد بن منصور ج2 ص189 والبحار ج21 ص287 والمصنف لابن أبي شيبة ج14 ص338 ومكاتيب الرسول ج2 ص320 عنهم وعن الأموال ص23 وفي (طبعة أخرى) ص34 وعن كنز العمال ج5 ص326 وفي (طبعة أخرى) ج10 ص417 وإقبال الأعمال ج2 ص311 والمباهلة ص29.
([316]) البداية والنهاية ج3 ص83 وفي (ط دار إحياء التراث) ص104 ومكاتيب الرسول ج2 ص320 والسيرة النبوية لابن كثير ج2 ص41.
([317]) الدر المنثور ج2 ص40 عن الطبراني، ومكاتيب الرسول ج2 ص320 و 398 و 490 وميزان الحكمة ج4 ص3214 والمعجم الأوسط ج5 ص323 وعن المعجم الكبير ج11 ص311 وفتح القدير ج1 ص348.
([318]) راجع: فقه القرآن ج1 ص342 و 344 وعن فتح الباري ج9 ص343 والكافي ج3 ص568 ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص54 وتهذيب الأحكام ج4 ص113 وج6 ص159 والوسائل ج11 ص96 و 97 والفصول المهمة ج2 ص212 والبحار ج14 ص463 ومكاتيب الرسول ج2 ص413 والتفسير الصافي ج2 ص334 وتفسير نور الثقلين ج2 ص202 وقصص الأنبياء للجزائري ص514.
([319]) الآية 128 من سورة الأعراف.
([320]) الآية 107 من سورة الأنبياء.
([321]) الآية 36 من سورة المدثر.
([322]) الآية 158 من سورة الأعراف.
([323]) الآية 13 من سورة العنكبوت.
([324]) الآية 25 من سورة النحل.
([325]) أحكام القرآن للجصاص ج3 ص241 وراجع: البحار ج20 ص388 ومكاتيب الرسول ج2 ص325 وشرح مسلم ج12 ص109 وعن فتح الباري ج1 ص36 وعن المعجم الكبير ج8 ص19 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص93 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص36 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص498 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص345.
([326]) العبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص37 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص93 وج23 ص424 و 427 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص353 والبحار ج20 ص387 و 395 ومكاتيب الرسول ج2 ص325 و 390 وميزان الحكمة ج4 ص3213 ومسند أحمد ج1 ص263 وعن صحيح البخاري ج3 ص234 وج4 ص4 وج5 ص169 وصحيح مسلم ج5 ص165 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص178 وشرح مسلم ج12 ص107 و 109 وعن فتح الباري (المقدمة) ص76 وعن ج3 ص121 وج8 ص166 و 167 والديباج على مسلم ج4 ص380 والمصنف للصنعاني ج5 ص346 والأدب المفرد ص237 والآحاد والمثاني ج1 ص367 والسنن الكبرى للنسائي ج6 ص311 ومسند = = الشاميين ج4 ص219 وصحيح ابن حبان ج14 ص495 والأحاديث الطوال ص63 وعن المعجم الكبير ج8 ص16 و 18 و 22 وكنز العمال ج4 ص384 والجامع لأحكام القرآن ج4 ص106 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج1 ص379 والدر المنثور ج2 ص40 وفتح القدير ج1 ص348 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص77 والبداية والنهاية ج4 ص302 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص501 والنهاية في غريب الحديث ج1 ص41.
([327]) راجع: مكاتيب الرسول ج2 ص325 والبحار ج20 ص382 و 389 وج22 ص250 ومسند أحمد ج1 ص243 ومجمع الزوائد ج5 ص306 وتحفة الأحوذي ج7 ص414 والسنن الكبرى للنسائي ج3 ص436 والأحاديث الطوال ص60 وعن المعجم الكبير ج20 ص9 والطبقات الكبرى ج1 ص259 وتاريخ خليفة بن خياط ص47 و 62 وتاريخ بغداد ج1 ص142 وتاريخ مدينة دمشق ج27 ص357 وعن الإصابة ج1 ص463 وكتاب المحبر ص77 وفتوح البلدان ج2 ص358 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص77 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص652 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1025 وعن عيون الأثر ج2 ص321 و 327 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص343 و 508 وسبل الهدى والرشاد ج1 ص56 وج11 ص338 و 361.
([328]) راجع: كنز العمال ج10 ص418 وعمدة القاري ج18 ص58 والبداية والنهاية ج4 ص269 (وط دار إحياء التراث) ص306 عن ابن جرير والكامل ج2 ص213 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص288 ونصب الراية ج6 ص562 ومسند أحمد ج1 ص243 والطبقات الكبرى ج4 ص189 وتاريخ مدينة دمشق ج27 ص349 وتهذيب الكمال ج1 ص197 وسير أعلام النبلاء ج2 ص12 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص508 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص362 والروض الأنف ج3 ص68 والتنبيه والإشراف ص225 وعن فتح الباري ج8 ص96.
([329]) السيرة الحلبية ج3 ص283 وعن فتح الباري ج8 ص96 عن ابن شبة، والآحاد والمثاني ج1 ص446وتاريخ مدينة دمشق ج3 ص173 وتاريخ الأمم والملوك ج3 ص334.
([330]) السيرة الحلبية ج3 ص283 ودلائل النبوة ج4 ص388 والبداية والنهاية ج4 ص269 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص507.
([331]) السيرة الحلبية ج3 ص283 وعن فتح الباري ج8 ص96 ومكاتيب الرسول ج2 ص327 والبداية والنهاية ج7 ص175.
([332]) راجع المصادر المتقدمة.
([333]) تاريخ بغداد ج1 ص132 ومكاتيب الرسول ج2 ص329.
([334]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص77 وراجع: مسند أحمد ج1 ص96 و 145 والطبقات الكبرى ج1 ص389 والبحار ج20 ص389 (هامش) وتـاريخ بغـداد ج1 = = ص132 ومكاتيب الرسول ج2 ص328.
([335]) المناقب ج1 ص55 وفي (ط أخرى) ص70 ومكاتيب الرسول ج2 ص329 والبحار ج20 ص381 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص362.
([336]) وهي ليلة الثلاثاء، لعشر ليال مضين من جمادى الأولى سنة سبع.
راجع: الطبقات الكبرى ج1 ق2 ص16 والبداية والنهاية ج4 ص270 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص297 وعمدة القاري ج2 ص28 وج18 ص58 وعن فتح الباري ج8 ص96 والبحار ج20 ص291 و 377 و 390 ودلائل النبوة لأبي نعيم ص295 والإصابة ج1 ص632 ومكاتيب الرسول ج2 ص230 عنهم، والخرايج والجرايح ج1 ص64 ودرر الأخبار ص174 وتاريخ مدينة دمشق ج27 ص357 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص38 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص509.
([337]) مكاتيب الرسول ج2 ص230 و 231 عن البداية والنهاية ج4 ص270 وعن السيرة النبوية لدحلان، وعن السيرة الحلبية، وعن الكامل في التاريخ ج2 ص204 وعن دلائل النبوة لأبي نعيم ص295 والبحار ج20 ص391 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص279 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص38 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص510.
([338]) أرجع العلامة الأحمدي في مكاتيب الرسول ج2 ص331 إلى: السيرة الحلبية، والسيرة النبوية لدحلان والبداية والنهاية ج4 ص307 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص297 والبحار ج20 ص391 ورسالات نبوية والإصابة ج1 ص169 و 170 في ترجمة بابويه وتأريخ الخميس ج2 ص37 ودلائل النبوة لأبي نعيم ص295 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص38 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص510.
([339]) مكاتيب الرسول ج2 ص331 عن المصادر التالية: السيرة الحلبية ج3 ص277 وما بعدها والسيرة النبوية لدحلان (بهامش الحلبية) ج3 ص65 وسيرة ابن هشـام ج1 ص45 والبدايـة والنهايـة ج4 ص268 و ج6 ص306 والكامل = = ج2 ص214 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص654 وعمدة القاري ج2 ص28 وج18 ص58 وج25 ص20 وفتح الباري ج8 ص96 وحياة الصحابة ج1 ص115 ـ 117 ومجمع الزوائد ج8 ص288 والطبقات ج1 ق2 ص16 وابن أبي شيبة ج4 ص337 و 338 ورسالات نبوية ص94 والمعرفة والتاريخ ج3 ص262 وتهذيب تاريخ ابن عساكر ج7 ص355 و 356 والإصابة ج1 ص169 وراجع ص170 في ترجمة بابويه وفي ترجمة باذان أيضاً والبحار ج20 ص380 و 382 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص387 وتأريخ الخميس ج2 ص34 و 35 ودلائل النبوة لأبي نعيم ص292 ـ 295 والمنتظم ج3 ص 283.
([340]) راجع المصادر المتقدمة.
([341]) مجموعة الوثائق السياسية لمحمد حميد الله ص178 و 160 عن تاريخ بيهق لابن فندق ص141 ومكاتيب الرسول ج2 ص333 والبداية والنهاية ج6 ص338.
([342]) مكاتيب الرسول ج2 ص333 عن المصادر التالية: البداية والنهاية ج6 ص307 والبحار ج21 ص407 وتاريخ ابن خلدون ج2 ص59 والتراتيب الإدارية ج1 ص241 والإصابة ج1 ص170 و 759 وج2 ص222 في ترجمة طاهر بن أبي هالة والطبري ج2 ص655 و 656 وج3 ص158 و 227 ـ 229 والكامل ج2 ص214 و 304 و 336 وعمدة القاري ج2 ص29 وج18 ص58 وج 25 ص20 والوثائق ص178 وحياة الصحابة ج1 ص114 والبحار ج21 ص407 والطبقات ج1 ق2 ص16 ورسالات نبوية ص94 و 95 والمعرفة والتأريخ ج3 ص262 ـ 266 وتاريخ الخميس ج2 ص35 ـ 37 وأسد الغابة ج1 ص163.
([343]) لقد كفانا العلامة الأحمدي مؤونة تتبع مصادر هذا الكتاب، حيث أشار في كتابه القيم: مكاتيب الرسول ج2 ص391 و 392 إلى المصادر التالية، وفقاً للطبعات المتوفرة لديه: السيرة الحلبية ج3 ص275 وزيني دحلان ج3 ص61 ورسالات نبوية ص311 ومسند أحمد ج1 ص263 وتهذيب تأريخ ابن عساكر ج1 ص141 و ج6 ص392 و 390 وج5 ص22 واليعقوبي ج2 ص67 وصبح الأعشى ج6 ص363 و 364 والأموال لابن زنجويه ج1 ص120 وج2 ص584 و 585 والمنتظم ج3 ص278 و 279 وكنز العمال ج2 ص275 = = وفي (ط أخرى) ج4 ص237 (1942) (عن أحمد والبيهقي والنسائي) و ج10 ص385 و 417 و 419 و 411 والدر المنثور ج2 ص 40 (عن عبد الرزاق، والبخاري، ومسلم، والنسائي، وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه) وج4 ص30 ومشكل الآثار للطحاوي ج2 ص397 و 398 ودلائل النبوة لأبي نعيم ص290 والمعجم الكبير للطبراني ج4 ص 266 وج8 ص 17 ـ 27 بطرق متعددة وج25 ص236 وج12 ص242 ونصب الراية للزيلعي ج4 ص418 وسنن أبي داود ج4 ص335 والأموال لأبي عبيد ص32 و 362 وأعيان الشيعة ج1 ص244 وصحيح البخاري ج1 ص7 و 83 وح4 ص54 و 55 و 57 وج6 ص45 وج9 ص193 وج8 ص72 وصحيح مسلم ج3 ص1396 والكامل لابن الأثير ج2 ص81 وفي (ط أخرى) ص 212 والطبري ج2 ص291 وفي (ط أخرى) ص649 والبداية والنهاية ج4 ص264 وجمهرة رسائل العرب ج1 ص33 والأغاني ج6 ص93 والمواهب اللدنية للقسطلاني ج3 ص384 وإعلام السائلين ص10 ـ 19 وناسخ التواريخ في سيرة رسول الله "صلى الله عليه وآله" ص 274 والتراتيب الإدارية ج1 ص142 وثقات ابن حبان ج2 ص5 وج1 ص1 ومآثر الإنافة ج3 ص247 وفقه السيرة ص371 والتأريخ لابن خلدون ج2 ق2 ص36 وتأريخ الخميس ج2 ص33 والفائق للزمخشري ج1 ص 36 و 14 وحياة الصحابة ج1 ص110 وتفسير القرطبي ج4 ص105 وتفسير المنار ج3 ص328 وزاد المعاد لابن القيم ج3 ص60 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص379 و 380 و 384 وعبد الرزاق ج5 ص346 والوثائق ص107/26 وقال: قابل مسند أحمد ج3 ص133 وج4 ص74 و 75 وأشار إلى المجلات العصرية المتعرضة للكتاب ونقله أيضاً عن جمع ممن تقدم (وعن تفسير النسائي ج3 ص441 والمنتقى لأبي نعيم ورقة 132 وصبح الأعشى ج6 ص376 ومفيد العلوم ومبيد الهموم للقزويني ص17 ووسيلة = = المتعبدين ص8 مخطوطة بانكى پور في الهند ورقة 27 والإمتاع للمقريزي (خطية كوپر لو) ص1012 والمبعث والمغازي للتيمي خطية ورقة 12 والوفاء لابن الجوزي ص724) وراجع: مدينة البلاغة ج2 ص247 ومرقاة المصابيح ج4 ص221 ومشكاة المصابيح بهامش المرقاة ص221 وحياة محمد لهيكل ص352 والمصباح المضيء ج2 ص77 ونشأة الدولة الإسلامية ص 299 و 300.
وأشار إلى الكتاب: الترمذي ج5 ص68 والبحار ج21 ص286 وج17 ص207 وج15 ص30 وج4 ص100 وج20 ص386 والجامع للقيرواني ج1 ص288 والطبقات الكبرى ج1 ق2 ص16 وج4 ق1 ص18 والتنبيه والإشراف ص226 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص177 و ج10 ص130 و 131 ومسند أحمد ج1 ص262 وتفسير گازر ج2 ص65 وتفسير ابن كثير ج1 ص371 وتفسير الثعالبي ج1 ص275 وابن هشام ج4 ص254 والنهاية لابن الأثير في "دعى" و "أرس" وكذا في لسان العرب. وراجع: فتح الباري ج13 ص430 وج1 ص35 وج6 ص79 و ج8 ص165 والعمدة ج1 ص79 وج 14 ص210 وج18 ص144 وعون المعبود ج4 ص498 و 499 ومجمع الزوائد ج5 ص306 والأم للشافعي ج4 ص171.
([344]) راجع: لسان العرب ج1 ص67.
([345]) الآيات 52 ـ 54 من سورة القصص.
([346]) راجع: المعجم الكبير ج8 ص191 وبمعناه في ص212 والسنن الكبرى ج7 ص128 ومشكل الآثار ج2 ص215 و 394 ومسند أحمد ج5 ص259 ومكاتيب الرسول ج2 ص395 عنهم، ومجمع الزوائد ج1 ص93 والدر المنثور ج5 ص133 وكنز العمال ج1 ص96 وجامع البيان ج27 ص317 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص405.
([347]) مكاتيب الرسول ج2 ص396 و 397.
([348]) راجع: تاريخ الفكر المسيحي (تأليف حنا الخضري) ج1 ص617، ودائرة المعارف للبستاني، كلمة "أرس".
([349]) الأموال ص33 والنهاية في اللغة ج1 ص38 ولسان العرب ج1 ص117 وعن فتح الباري ج8 ص167.
([350]) النهاية في غريب الحديث ج1 ص42 ولسان العرب ج6 ص6 وراجع: السيرة النبوية لدحلان (بهامش السيرة الحلبية) ج3 ص60 والبحار ج20 ص388 و 396 ومكاتيب الرسول ج2 ص397.
([351]) في مكاتيب الرسول ج2 ص405 قال العلامة الأحمدي: راجع في تفصيل بعث دحية وقصة أبي سفيان: السيرة الحلبية ج3 ص273 وسيرة دحلان ج3 ص58 ودلائل أبي نعيم: 287 و 290 والبحار ج20 ص389 ومسند أحمد ج3 ص263 وتهذيب تأريخ ابن عساكر ج1 ص141 و ج6 ص392 والدر المنثور ج2 ص40 ومشكل الآثار للطحاوي ج3 ص397 والدلائل للبيهقي ج4 ص279 ـ 284 والأموال لأبي عبيد ص34 و 362 وأعيان الشيعة ج1 ص244 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص177 و ج10 ص130 وفتح الباري ج1 ص35 و ج6 ص79 و ج8 ص165 وعمدة القاري ج1 ص99 و ج14 ص210 وج18 ص144 وعون المعبود ج4 ص498 والطبقات الكبرى ج1 ق2 ص16 وثقات ابن حبان ج2 ص5 والبخاري ج1 ص2 ـ 5 وج4 ص57 وتأريخ الخميس ج2 ص32 والبداية والنهاية ج4 ص262 ـ 268 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص646 والكامل لابن الأثير ج2 ص211 والإصابة ج2 ص216 وأسد الغابة ج3 ص41 ومجمع الزوائد ج8 ص236 و 237 و ج5 ص306 ـ 308 وحياة الصحابة ج1 ص104 وراجع: الطبراني في الكبير ج12 ص442 (13607) وج25 ص 233 ـ 238 وج4 ص266 وج8 ص17 ـ 28 بأسانيد متعددة والمصنف لعبد الرزاق ج5 ص344 والروض الأنف ج3 ص249 والأموال لابن زنجويه ج2 ص584 و 585 و 589 والمنتظم ج3 ص277 و 278.
([352]) الآية 64 من سورة آل عمران.
([353]) الدر المنثور ج2 ص40 عن الطبراني عن ابن عباس وراجع المصادر المتقدمة.
([354]) البداية والنهاية ج3 ص83 والمصادر المتقدمة.
([355]) راجع: الأموال ص34 وكنز العمال ج10 ص417 والبحار ج21 ص287 الدر المنثور ج5 ص107 والمصنف لابن أبي شيبة ج14 ص338 وسنن سعيد بن منصور ج2 ص189 ومكاتيب الرسول ج2 ص320.
([356]) الأموال ص34 ومكاتيب الرسول ج2 ص320 و 456 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص461 وكنز العمال ج10 ص632.
([357]) الدر المنثور ج2 ص40 عن ابن جرير عن محمد بن جعفر بن الزبير، وعن السدي.
([358]) السيرة الحلبية ج3 ص244 وراجع: عمدة القاري ج1 ص93.
([359]) الدر المنثور ج2 ص40 عن ابن جرير، وابن أبي حاتم، وعبد بن حميد، والسيرة الحلبية ج3 ص244 وراجع: عمدة القاري ج1 ص93 وجامع البيان ج3 ص410 و 415 وفتح القدير ج1 ص349.
([360]) الآية 31 من سورة التوبة.
([361]) الآيتان 17 و 72 من سورة المائدة.
([362]) الآيات 73 ـ 77 من سورة المائدة.
([363]) الآية 59 من سورة المائدة.
([364]) الآية 116 من سورة المائدة.
([365]) الآيات 30 ـ 32 من سورة التوبة.
([366]) الآية 29 من سورة التوبة.
([367]) المناقب لابن شهرآشوب ج1 ص49 والكنى والألقاب ج1 ص294 والبحار ج18 ص200 والقواعد الفقهية ج5 ص338 عن الكاشف ج3 ص136 وعن أسباب النزول للواحدي ص175 وعن الدر المنثور ج5 ص679.
وراجع: البداية والنهاية ج3 ص111 والسيرة النبوية لابن هشام ج1 ص241 والسيرة النبوية لابن كثير ج2 ص53 وسبل الهدى والرشاد ج2 ص465 وجامع البيان ج17 ص128والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج16 ص103 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج3 ص208.
([368]) فقه القرآن ج1 ص342 و 344 وميزان الحكمة ج4 ص3183 والكافي ج3 ص568 ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص54 وتهذيب الأحكام ج4 ص113 وج6 ص159 و 175 والوسائل (ط دار الإسلامية) ج11 ص96 و 97 والفصول المهمة ج2 ص212 والبحار ج14 ص463 ومكاتيب الرسول ج2 ص413 والتفسير الصافي ج2 ص334 ونور الثقلين ج2 ص202 وقصص الأنبياء للجزائري ص514 وعن فتح الباري ج9 ص343.
([369]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص67 و 68 وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص246 والسيرة النبوية لدحلان (مطبوع مع الحلبية) ج3 ص63 والروض الأنف ج4 ص196 ومكاتيب الرسول ج2 ص410.
([370]) دلائل النبوة لأبي نعيم ص 291 وراجع: الروض الأنف ج4 ص197 ومكاتيب الرسول ج2 ص410 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص354.
([371]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص68 وراجع: مسند أحمد ج3 ص442 وج4 ص74 والبحار ج20 ص386 ومكاتيب الرسول ج2 ص410 و 416 ومجمع الزوائد ج8 ص235 وعن فتح الباري ج1 ص42 وكنز العمال ج1 ص268 والبداية والنهاية ج5 ص20 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص28 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص458 وج11 ص355.
([372]) السيرة الحلبية ج3 ص246 والسيرة النبوية لدحلان (مطبوع مع الحلبية) ج3 ص63 وموارد الظمآن ص393.
([373]) سفر التكوين 17: 20.
([374]) إنجيل يوحنا 1/19 فما بعدها.
([375]) الآية 146 من سورة البقرة، والآية 20 من سورة الأنعام.
([376]) الآية 157 من سورة الأعراف.
([377]) الروض الأنف ج4 ص196 وراجع: حياة الصحابة ج1 ص106 و 107 والبداية والنهاية ج4 ص267 و 268 وج5 ص15 وتهذيب تاريخ دمشق ج1 ص114 وعن فتح الباري ج1 ص35 والسيرة الحلبية ج3 ص246 والسيرة النبوية لدحلان (بهامش الحلبية) ج3 ص63 وسائر المصادر التي ذكرناها سابقاً، حين أوردنا ما جرى بين هرقل وأبي سفيان، وموارد الظمآن ص393 وصحيح ابن حبان ج10 ص358.
([378]) مكاتيب الرسول ج2 ص410 و 411 عن المصادر التالية: الأموال ص22 وفي (طبعة أخرى) ص32، ورسالات نبوية ص313 ـ 117 ومدينة البلاغة ج2 ص247 عن جمهرة رسائل العرب والوثائق: 110/27 عن (الأموال وصبح = = الأعشى ج6 ص363 و 377 وسنن سعيد بن منصور ج2 ص187 والمطالب العالية ج4 ص2231 و 2479 وراجع 4342 عن الحارث بن أسامة وقال: انظر مجلة المعارف شهر يونيو 1935م: 416 ـ 430، وراجع: نشأة الدولة الإسلامية ص299 و 300 (عن أبي عبيد، والقلقشندي، ومحمد حميد الله)، وراجع أيضاً ص713. وأوعز إليه الحلبي في السيرة ج2 ص377 والبداية والنهاية ج5 ص15 وابن عساكر ج1 ص113 و 114 ودحلان هامش الحلبية ج2 ص374 وسعيد بن منصور في سننه ج2 ص187.
([379]) إختيار معرفة الرجال (ط جامعة طهران) ص160 و (ط مؤسسة آل البيت) ج2 ص268 والبحار ج16 ص374 وج50 ص107 والوسائل (ط دار الإسلامية) ج12 ص217 وعون المعبود ج8 ص215 وسبل الهدى والرشاد ج9 ص31 وجامع الرواة ج1 ص300 ومعجم رجال الحديث ج8 ص89.
([380]) النصائح الكافية ص156 وراجع: من لا يحضره الفقيه ج3 ص299 (ط مؤسسة النشر الإسلامي) وكنز العمال ج2 ص111 و 211 والجامع لأحكام القرآن ج17 ص108 و 308 (ط مؤسسة الرسالة)، وأبو طالب مؤمن قريش للخنيزي وتذكرة الموضوعات ص68 وكشف الخفاء ج1 ص89 و 331 وج2 ص321 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص353 والدر المنثور ج6 ص186 و 187.
([381]) الروض الأنف ج4 ص196.