الــصــحـيـــح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) ج15
العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي
المركز الإسلامي للدراسات
بسم الله الرحمن الرحيم
الفصل الخامس:
بعوث وسرايا (قبل خيبر)
1 ـ بعث علي إلى بني سعد.
2 ـ بعث زيد بن حارثة إلى أم قرفة.
3 ـ سرية ابن عتيك إلى أبي رافع.
4 ـ سرية ابن رواحة إلى ابن رزام.
5 ـ سرية زيد بن حارثة إلى مدين.
1 ـ بعث علي × إلى بني سعد:
وفي شعبان سنة ست، بعث النبي "صلى الله عليه وآله" علي بن أبي طالب "عليه السلام" في مائة رجل إلى بني سعد بن بكر بفدك التي كان بينها وبين المدينة ست ليال، وفي لفظ: ثلاث مراحل.
وسببه: أنه بلغ رسول الله "صلى الله عليه وآله": "أن لهم جمعاً، يريدون أن يمدوا يهود خيبر، وأن يجعلوا لهم تمر خيبر، فسار "عليه السلام" إليهم، وفي الطريق أخذوا رجلاً هناك فسألوه، فأقر أنه عين لبني سعد، وأنه مرسل من قبلهم إلى خيبر، يعرض على يهودها نصرهم مقابل التمر.. ثم دلهم على موضع تجمعهم.
فسار علي "عليه السلام" بمن معه، فأغاروا عليهم، وهم غارون بين فـدك وخيبر. فأخـذوا خمس مـائة بعير، وألفي شـاة، وهربت بنو سعـد بالظعن.
وعزل علي طائفة من الإبل الجياد، صفيّ المغنم لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، وفيها ناقة حلوب قريبة عهد بنتاج، تدعى الحفيدة، أو الحفدة لسرعة سيرها.
ثم عزل الخمس، وقسم الباقي على السرية.
وقدم بمن معه المدينة، ولم يلقوا كيداً"([1]).
وفي نص آخر: أنه قبل أن يصل إليهم نزل "عليه السلام" بمن معه محلاً بين خيبر وفدك، فوجدوا به رجلاً، فسألوه عن القوم، فقال: لا علم لي، فشدوا عليه، فأقر أنه عين لهم. وقال: أخبركم على أن تؤمنوني، فأمنوه، فدلهم([2]).
ويفهم من النص:
أن أهل خيبر كانوا يتوقعون الحرب فيما بينهم وبين المسلمين، فكانوا يسعون لإقامة تحالفات مع من يحيط بهم، لضمان أن يكونوا إلى جانبهم وتقوية لموقعهم ضد المسلمين..
ولكن الحقيقة هي أكثر من ذلك، فإنهم كانوا يجمعون الرجال استعداداً لمهاجمة المدينة.
إذ يلاحظ: أن النص يقول: إن لهم جمعاً يريدون أن يمدوا يهود خيبر، فإن هذا معناه: أنهم يجمعون الرجال للانضمام إلى اليهود، وليكونوا معهم في عملية حربية مُتَوَقَّعَة كان اليهود يخططون لها..
ولا شك في أن تسديد هذه الضربات لمن يدبرون للحرب من شأنه أن يفقدهـم قوتهم الاقتصادية، وأن يهزمهم نفسيـاً، ويضعف من درجة إصرارهم على الحرب، حين يدب اليأس وتثور أمامهم شكوك قوية في قدرتهم على النيل من هذه القدرة الضاربة، بل قد لا يحصلون إلا على الهزائم، ولا يحصدون إلا الخيبة، والبوار والخسران.. الأمر الذي لا بد أن يثير أمامهم ضرورة التفكير في السعي إلى تجنب هذه الحرب التي تتنامى احتمالات خسرانهم فيها..
2 ـ بعث زيد بن حارثة إلى أم قرفة:
وفي شهر رمضان من سنة ست، بعث "صلى الله عليه وآله" زيد بن حارثة إلى أم قرفة، فاطمة بنت ربيعة بن زيد الفزاري، بناحية وادي القرى، على سبع ليالٍ من المدينة.
وكان سببها: أن زيد بن حارثة خرج في تجارة إلى الشام، ومعه بضائع لأصحاب النبي "صلى الله عليه وآله"، فلما كانوا بوادي القرى لقيه أناس من فزارة، من بني بدر، فضربوه، وضربوا أصحابه، وظنوا: أنهم قُتلوا، وأخذوا ما كان معهم.
فقدم على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأخبره، ونذر زيد أن لا يغسل رأسه من جنابة حتى يغزو بني فزارة. فلما برئ من جراحته، بعثه رسول الله "صلى الله عليه وآله" إليهم، وأمره بأن يكمن بأصحابه بالنهار، ويسير بهم بالليل، ففعل، وكان معه دليل من بني فزارة.
فعلم بنو فزارة بالأمر، فراقبوا الطريق. ولكن الدليل ـ حين لم يبق لهم إلى بني فزارة سوى مسيرة ليلة ـ ضل الطريق الذي كان بنو فزارة يرصدونه، بواسطة ناظرٍ لهم، ينظر لهم من رأس جبل مشرف مسيرة يوم في الصباح، ويقول لهم: اسرحوا، فلا بأس عليكم. وينظر لهم مسيرة ليلة مساءً، ويقول لهم: ناموا، فلا بأس عليكم. فحين ضل الدليل عن الطريق من مسيرة ليلة، أوصلهم إلى مقصدهم من طريق آخر.
فحمدوا خطأهم الذي وقعوا فيه، وكمن زيد لهم تلك الليلة. ثم صبحهم هو وأصحابه، فكبروا، وأحاطوا بالحاضر، وأخذوا أم قرفة، وكانت ملكة ورئيسة.
وفي المثل يقال: أمنع وأعز من أم قرفة؛ لأنه كان يعلق في بيتها خمسون سيفاً لخمسين رجلاً، كلهم لها محرم. وهي زوجة مالك بن حذيفة بن بدر.
وأخذوا ابنتها جارية بنت مالك بن حذيفة بن بدر.
وعمد قيس بن المحسر إلى أم قرفة، وهي عجوز كبيرة، فقتلها قتلاً عنيفاً، حيث ربط برجليها حبلين، ثم ربطهما بين بعيرين، ثم زجرهما، فذهبا بها، فقطَّعاها.
وقدم زيد بن حارثة من وجهه ذلك، فقرع باب النبي "صلى الله عليه وآله"، فقام إليه عرياناً ـ كما يزعمون ـ يجر ثوبه حتى اعتنقه، وقبَّله، وسأله، فأخبره بما ظفره الله به([3]).
ولقي رسول الله "صلى الله عليه وآله" سلمة بن الأكوع، فطلب منه الفتاة المذكورة، فأعطاه إياها، فأهداها "صلى الله عليه وآله" إلى خاله، الذي كان في مكة.
وقفات للتوضيح والتصحيح:
وهناك العديد من النقاط التي لا بد لنا من الوقوف عندها، للتصحيح تارة، وللتوضيح أخرى، وذلك على النحو التالي:
أمير الغزوة: أبو بكر.. أم زيد؟!
ورد في صحيح مسلم وغيره، عن سلمة بن الأكوع: أن النبي "صلى الله عليه وآله" بعث أبا بكر ليشن الغارة على بني فزارة في وادي القرى.
قال سلمة: "وخرجت معه، حتى إذا صلينا الصبح، أمرنا، فشنينا الغارة، فوردنا الماء، فقتل أبو بكر ـ أي جيشه ـ من قَتَل. ورأيت طائفة فيهم، فخشيت أن يسبقوني إلى الجبل، فأدركتهم، ورميت بسهم بينهم وبين الجبل، فلما رأوا السهم وقفوا، وفيهم امرأة ـ أي وهي أم قرفة ـ عليها قشع من أدم ـ أي فروة ـ خلقة، معها ابنتها من أحسن العرب.
فجئت بهم أسوقهم إلى أبي بكر، فنفلني أبو بكر (رض) ابنتها، فلم أكشف لها ثوباً، فقدمنا المدينة، فلقيني رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال: يا سلمة، هب لي المرأة لله أبوك (أي كان قد وصف لرسول الله "صلى الله عليه وآله" جمالها).
فقلت: هي لك يا رسول الله، فبعث بها رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى مكة، ففدى بها أسرى من المسلمين كانوا في أيدي المشركين"([4]).
ونقول:
إن الكلام مشكوك فيه، فإن ابن إسحاق، وابن سعد، وغيرهما يقولون: إن أمير السرية التي أخذت فيها أم قرفة، وابنتها، هو زيد بن حارثة..
واحتمل البعض ـ جمعاً بين الأمرين ـ: أن يكون هناك سريتان، اتفق فيهما لسلمة بن الأكوع أن أصاب في كل واحدة منهما بنتاً لأم قرفة، فأخذهما منه رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فوهب إحداهما لخاله المكي، وهي السرية التي كان أميرها زيد بن حارثة، وفدى بالأخرى أسرى المسلمين في مكة، وهي السرية التي كان أبو بكر أميرها..
ونقول:
إن هذا الوجه وإن كان يحل مشكلة بنت أم قرفة ولكنه لا يحل مشكلة أم قرفة نفسها، فإنها لا يمكن أن تؤسر وتقتل في كلتا السريتين.
ولأجل استبعاد التوافق في جميع الخصوصيات لم يرتض الحلبي ذلك: إذ من البعيد أن تتعدد أم قرفة، وأن يكون لكل واحدة بنتاً من أحسن العرب، وأن يأسرهما معاً ابن الأكوع، ثم يطلبهما رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ويرسلهما أيضاً إلى مكة.
ما كشف ابن الأكوع لها ثوباً:
والغريب في الأمر: أن يترك ابن الأكوع هذه الوليدة، التي هي من أجمل نساء العرب، فلا يكشف لها ثوباً حتى يرجع بها إلى المدينة، ويطلبها منه الرسول "صلى الله عليه وآله" مرتين أو ثلاثاً حين لقيه في السوق في يومين، فهل كان هذا نتيجة ورع من ابن الأكوع؟!
أم أنه كان لا إرب له في النساء؟
أم أن الله صرفه عن ذلك؟!
ولماذا يصرفه الله عن امرأة ستصبح لأحد مشركي مكة؟!..
القسوة والبشاعة في قتل أم قرفة:
وذكروا: أن زيد بن حارثة أمر بقتل أم قرفة، لأنها كانت تسب رسول الله "صلى الله عليه وآله"([5]).
وذكروا في كيفية قتلها ما تقدم: من أنهم ربطوا حبلين برجليها، وربطوهما إلى بعيرين، وزجروهما فشقاها نصفين..
ولكننا لا يمكن أن نصدق ذلك، فقد ذكروا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" نهى عن المثلة، إما في غزوة أحد ـ حسبما تقدم في الحديث عنها ـ وإما في قضية أصحاب اللقاح، حسبما تقدم في سرية كرز بن جابر..
ولا نرى أن زيداً يرضى بمخالفة رسول الله "صلى الله عليه وآله" مخالفة صريحة، ولو أنه رضي بذلك فسيجد في جيشه من يعترض عليه، ويشتكيه إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
ولا بد أن يصدر منه "صلى الله عليه وآله" ما يدل على عدم رضاه بهذا الأمر، إن لم يصل الأمر إلى تأنيب الفاعلين، وتقبيح ما صدر منهم.
مصير بنت أم قرفة:
وقد زعم ابن الأكوع: أن النبي "صلى الله عليه وآله" طلب منه بنت أم قرفة فوهبها له.. فأرسلها إلى مكة ففدى بها جماعة من المسلمين..
مع أن رواية أخرى تقول: إنه فدى بها مسلماً واحداً([6]).
ونص آخر يقول: إنه أرسلها هدية إلى خاله، حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بمكة([7]).
مع أن سلمة قد قال للنبي "صلى الله عليه وآله" حينما طلب منه الجارية: "رجوت أن أفدي بها امرأة منا في بني فزارة، فأعاد رسول الله "صلى الله عليه وآله" الكلام في مرتين، أو ثلاثاً، فعرف أنه "صلى الله عليه وآله" يريدها، فوهبها له..".
وفي نص آخر: "لقيني رسول الله "صلى الله عليه وآله" في السوق، فقال: يا سلمة، هب لي المرأة.
فقلت: يا رسول الله، قد أعجبتني، وما كشفت لها ثوباً.
فسكت، حتى إذا كان من الغد لقيني رسول الله "صلى الله عليه وآله" في السوق، ولم أكشف لها ثوباً، فقال: يا سلمة هب لي المرأة لله أبوك.
فقلت: هي لك يا رسول الله الخ.."([8]).
فما هذا الإصرار من النبي "صلى الله عليه وآله" على استيهاب جارية يريد صاحبها أن يفدي بها أسيرة من أقاربه؟!
ولماذا يعيد "صلى الله عليه وآله" الكلام مرتين أو ثلاثاً؟! مع أن فداء الأسير من الأقارب ـ خصوصاً إذا كانت امرأة ـ أولى من الهدية إلى الخال المقيم على الشرك في مكة.. خصوصاً، وأنه قد كان بالإمكان أن يهيئ له هدية أخرى تكون من مال نفس المهدي، لا من مال رجل آخر لم يتنازل عن جاريته إلا بعد الإصرار وربما حياءً وخجلاً من رسول الله!!
ولا ندري، لماذا أصر "صلى الله عليه وآله" على الاستيهاب ولم يعرض عليه أن يبيعها له!! ألم يكن هو الأولى والأنسب بمقامه "صلى الله عليه وآله"؟!
سوء أدب ووقاحة:
قالوا: ولما قدم زيد بن حارثة المدينة جاء إلى بيت رسول الله "صلى الله عليه وآله" وقرع الباب، فخرج إليه رسول الله "صلى الله عليه وآله" عرياناً، يجر ثوبه، واعتنقه، وقبله وسأله، فأخبره بما ظفَّره الله تعالى به([9]).
ونقول:
1 ـ إنه ليس هناك أي داع لخروج رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى زيد على هذه الحالة، إذ ليس ثمة ما يشير إلى وجود أمر مستعجل، أو غير عادي يمنعه من تناول ثوبه، ووضعه على عاتقه في ثوان قليلة.
2 ـ هل كان "صلى الله عليه وآله" يستقبل، ويقبل ويعانق كل عائد من الغزو، وخصوصاً بهذه الحرارة؟ وبهذه العجلة؟!
أم أنه كان يعانق ويقبل خصوص المنتصر الذي جاء بالغنائم والأسرى؟
أم أن هذه خصوصية لزيد بن حارثة دون كل من عداه، حتى علي بن أبي طالب "عليه السلام"؟! الذي لم يجد هذه المعاملة حينما عاد من فتح خيبر، أو حينما عاد من قتل عمرو بن عبد ود العامري.. أو في فتح حنين، أو في حرب بدر، وأحد.. وغير ذلك.
أم أن لهذه الغزوة ـ غزوة أم قرفة ـ خصوصية عنده "صلى الله عليه وآله"؟ وما هي تلك الخصوصية؟!
3 ـ إذا كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" أشد حياءً من العذراء في خدرها، فكيف يخرج إلى زيد بن حارثة عرياناً يجر ثوبه، ثم يعانقه ويقبِّله..
4 ـ لماذا كان النبي "صلى الله عليه وآله" عرياناً؟ هل كان يغتسل؟ أو كان يمارس حقه الطبيعي مع زوجته؟! أو كان بصدد تبديل ملابسه؟!
إن ذلك كله مما يأنف الناس من الإيحاء به للآخرين، أو أن يسوقهم إلى أن يتصوروه عنهم، فكيف برسول الله "صلى الله عليه وآله"؟!
3 ـ سرية ابن عتيك إلى أبي رافع:
وفي شهر رمضان من سنة ست، كانت سرية عبد الله بن عتيك، لقتل أبي رافع سلام بن أبي الحقيق اليهودي بخيبر.
وقيل: كان ذلك في ذي الحجة سنة خمس.
وقيل: في جمادى الآخرة سنة ثلاث.
وكان أبو رافع ممن حزَّب الأحزاب يوم الخندق.
وأرسل "صلى الله عليه وآله" مع ابن عتيك أربعة رجال هم: عبد الله بن أنيس، وأبو قتادة، وخزاعي بن الأسود، ومسعود بن سنان. وأمرهم بقتله، فقتلوه([10]).
وقد تقدم الحديث عن هذه السرية في أوائل الجزء السابع، فراجع.
4 ـ سرية ابن رواحة إلى ابن رزام اليهودي:
قالوا: وفي شوال من سنة ست، كانت سرية عبد الله بن رواحة إلى أسير (أو اليسير) بن رزام (أو رازم) اليهودي بخيبر.
وسببها: أنه لما قَتَل أبو رافع ابنَ أبي الحقيق، أمَّرت يهود عليها أسيراً هذا، فسار في غطفان وغيرهم يجمع لحرب النبي "صلى الله عليه وآله"، ليغزوه في عقر داره بزعمه، فبلغ النبي "صلى الله عليه وآله" ذلك؛ فوجه ابن رواحة في ثلاثة نفر، في شهر رمضان سراً، فسأل عن خبره، وعربه، ثم رجع، فأخبر النبي "صلى الله عليه وآله" بذلك..
فندب "صلى الله عليه وآله" الناس، فانتدب مع ابن رواحة ثلاثون رجلاً، فساروا إلى أسير، فقالوا له: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" بعثنا إليك لتخرج إليه، يستعملك على خيبر، ويحسن إليك، فاستشار اليهودَ، فأشاروا عليه بعدم الذهاب، وقالوا: ما كان محمد ليستعمل رجلاً من بني إسرائيل.
قال: بلى قد ملَّ الحرب.
فخرج معهم في ثلاثين رجلاً من اليهود، مع كل رجل من المسلمين رديفه من اليهود، فلما كانوا بقرقرة ضربه عبد الله بن أنيس بالسيف، فسقط عن بعيره، ومالوا على أصحابه فقتلوهم غير رجل، ولم يصب من المسلمين أحد.
ثم قدموا على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال: قد نجاكم الله من القوم الظالمين([11]).
وفي نص آخر: أن ابن أنيس حمل اليسير على بعيره، فلما صاروا بقرقرة، على ستة أميال من خيبر، ندم اليسير على مسيره إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ففطن به ابن أنيس، وهو يريد السيف، فاقتحم به، فضربه بالسيف، فقطع رجله، وضربه اليسير بمخرش في يده، فأمَّه..
ثم قتلوه مع أصحابه غير رجل واحد أعجزهم هرباً.
فلـما قدم ابن أنيس على رسول الله "صلى الله عليه وآلـه" تفل على شجته، فلم تقح، ولم تؤذه([12]).
قال: وقطع لي قطعة من عصاه، فقال: امسك هذه معك، علامة بيني وبينك يوم القيامة، أعرفك بها، فإنك تأتي يوم القيامة متخصراً.
فلما دفن عبد الله بن أنيس، جعلت معه على جلده، دون ثيابه([13]).
ونقول:
إننا نسجل هنا النقاط التالية:
ألف ـ التثبت في الأمر:
إن النبي الأعظم "صلى الله عليه وآله" حين سمع بسعي أسير بن رزام لجمع غطفان لحربه "صلى الله عليه وآله" لم يبادر إلى اتخاذ القرار بمهاجمته، بل أرسل من يتثبت له من هذا الأمر.
فلما تأكد له صحته، بادر لتسديد ضربته الوقائية، التي اقتصرت على تدمير موقع الخطر دون سواه، فعمل على التخلص من خصوص الساعي في تأليب الناس وجمعهم لحرب المسلمين، وهو ابن رزام نفسه، أما قومه، فلم يردهم رسول الله "صلى الله عليه وآله".. لاحتمال أن يكون لهم عذرهم في الانقياد لأسير، والانخداع بما كان يقدمه لهم من مبررات..
وهذا في الحقيقة: إحسان من النبي "صلى الله عليه وآله" إليهم، وإعطاء الفرصة لهم لإعادة النظر في الأمور بروية وتعقل.
وهذا يدلنا: على أن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يكن همه إرسال عصابات القتل، والسلب، والنهب في كل اتجاه، كما ربما يراد الإيحاء به، أو التسويق له، بل كان يريد دفع شر الأعداء عن أهل الإسلام، حينما يتضح له بصورة قاطعة أنهم بصدد تسديد ضربتهم للإسلام والمسلمين.
ب ـ استعمال أسير على خيبر:
وما ذكروه لأسير بن رزام: من أن النبي "صلى الله عليه وآله" يريد أن يستعمله على خيبر، غير ظاهر الوجه، لأن المفروض: أن هذه السرية كانت سنة ست، أي قبل فتح حصون خيبر بمدة طويلة، إلا إذا كان المقصود هو استعماله على حصون خيبر، التي كانت بيد اليهود، وهم لم يكونوا تحت سيطرة رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
بل كان جعله على خيبر يكون من قبيل تحصيل الحاصل، لأن المفروض حسب زعم الرواية: أن يهود خيبر قد أمَّروا أسير بن رزام عليهم بعد قتل ابن أبي الحقيق، فما معنى هذا العرض؟!
فلعل الصحيح: هو أن هذه السرية قد كانت بعد فتح خيبر، ويكون اليهود الذين تفرقوا في البلاد، أو أبقاهم النبي "صلى الله عليه وآله" ليعملوا في أرض خيبر قد جعلوا عليهم ابن رزام، فسعى لنقض العهد، وجمع الجموع لحرب رسول الله "صلى الله عليه وآله".. فجاءه ابن رواحة في ثلاثين رجلاً، وكان ما كان، من تطميعه بالولاية على خيبر من قبل رسول الله "صلى الله عليه وآله".. ثم انتهى الأمر بقتله، وقتل من معه..
وأبقى "صلى الله عليه وآله" اليهود على أعمالهم في خيبر؛ لأنهم لم يشاركوا ابن رزام في مساعيه..
ولعل هذا أولى بالقبول من القول: بأن القضية قد حصلت قبل خيبر، وأن المقصود: أنه "صلى الله عليه وآله" أراد أن يجعله على غطفان، وغيرها من القبائل الساكنة في تلك المناطق.
أو أنهم أرادوا طمأنته إلى أن النبي "صلى الله عليه وآله" لا يأبى من أن يكون أميراً على خيبر، بل هو يعطيه أيضاً تفويضاً بذلك، ويستعمله عليها، فقبل ابن رزام، المتوجس خيفة من الحرب ذلك منهم، لأنه رأى أنه قد ضمن السلام والسلامة، وأبعد عن مخيلته شبح الحرب، وكابوسها المخيف والمرعب الذي رأى بعض فصوله في حروب المسلمين مع بني قينقاع، والنضير، ومع المشركين في بدر وفي أحد.
وقد يهوِّن عليه تصديق هذه المقولة: ما دخل في وهمه من أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد ملَّ الحرب([14]).
ولكن في نص آخر قال أسير بن رزام: "بلى قد مللنا الحرب"([15]).
وهذا يؤيد: أنه كان يريد أن يتخلص من شبح الحرب، التي ملها الناس من حوله.
وفي جميع الأحوال نقول: إن الأرجح هو أن تكون هذه السرية قد حصلت بعد فتح خيبر حسبما أوضحناه.
ج ـ من هو الغادر؟
وذكروا: أنهم حين ساروا برفقة أسير بن رزام "حمل عبد الله بن أنيس أسير بن رزام على بعيره، قال عبد الله بن أنيس: فسرنا حتى إذا كنا بقرقرة ثبار, وندم أسير, وأهوى بيده إلى سيفي, ففطنت له, ودفعت بعيري, وقلت: أغدراً أي عدو الله؟!
فدنوت منه لأنظر ما يصنع, فتناول سيفي، فغمزت بعيري, وقلت: هل من رجل ينزل يسوق بنا؟!
فلم ينزل أحد.
فنزلت عن بعيري, فسقت بالقوم, حتى انفرد لي أسير, فضربته بالسيف, فقطعت مؤخرة الرجل, واندرت عامة فخذه وساقه, وسقط عن بعيره, وفي يده مخرش الخ.."([16]).
ونقول:
إن هذا النص وأمثاله على درجة كبيرة من الغموض بل هو موضع شك وريب أيضاً.. فإنه إذا كان ابن أنيس قد فطن لغدر ابن رزام, وصرح فعله عن غدره هذا, فمن المتوقع أن يحتاط أسير لنفسه, ويتباعد عن مرافقه، ويفر منه, وأن يعلن عزمه على العودة من مسيره ذاك.
ومن جهة ثانية، نقول:
قد روي أن قتل أسير كان على يد عبد الله بن رواحة فراجع([17]).
ومن جهة ثالثة، نقول:
كيف لم يسمع أحد من المرافقين, وهم ما يقرب من ستين رجلاً ما قاله ابن أنيس لرفيقه؟..
وكيف لم يروا ما دار بينهما من تجاذب للسيف؟! وثمة أسئلة أخرى تحتاج إلى الإجابة هنا، وهي التالية:
كيف صار اليهود ردفاء للمسلمين؟! ألم يكن لدى ذلك الرئيس المطاع أعني أسير بن رزام ولدى سائر من معه، خيل، أو إبل يركبونها, حتى احتاجوا إلى الارتداف خلف أناس, كانوا إلى ما قبل ساعة يسعون لجمع الناس لحربهم؟!.
وهل فكر أولئك اليهود الرؤساء بكيفية رجوعهم من مسيرهم ذاك؟ وهل سوف يرجعون سيراً على الأقدام؟ أم على الخيل؟ أم على الإبل؟!
وعلى أية خيل أو إبل سيعودون إلى بلادهم؟.
وإذا لم يكن هناك ارتداف وكان كل واحد منهم يركب بعيره الخاص به, فكيف وصلت يد أسير بن رزام إلى سيف ابن أنيس؟.
وهل جاء ابن رواحة ومن معه في مهمتهم تلك على الخيل؟ أم على الإبل؟
فإن كانوا جاؤوا على الخيل، فمن أين جاءت الإبل؟ وإن كانوا جاؤوا على الإبل, فهل الإبل هي المراكب المناسبة لمهمات كهذه؟.
وعن قصة قتل ابن أبي الحقيق نقول:
قد تقدم: أن ابن عتيك هو الذي قتله، وقد أصيب ابن عتيك، وبانت يده فمسح النبي "صلى الله عليه وآله" عليها فلم تكن تعرف من اليد الأخرى([18]).
د ـ ابن أنيس وقصة العصا:
وعن قصة العصا التي أعطاها النبي "صلى الله عليه وآله" لابن أنيس، نقول:
أولاً: إن نفس هذه الدعوى قد ادَّعاها ابن أنيس لنفسه في قضية قتل سفيان بن خالد, حيث زعم: أنه هو الذي أنجز هذه المهمة، وأعطاه النبي "صلى الله عليه وآله" العصا ليعرفه بها، ثم جعلها بين كفنه وجلده..
فهل تكررت هذه الواقعة كما يحلو للبعض أن يتخيل؟!
فإن كان الأمر كذلك، فإن نفس الحلبي الشافعي ربما تتشوق للسؤال عن حكمة تكرير ذلك له, وتخصيصه بهذه المنقبة دون بقية الصحابة.
ثانياً: لا ندري لماذا يحتاج ابن أنيس إلى علامة تعرّف النبي "صلى الله عليه وآله" به!! فهل يحتاج النبي حقاً في معرفته لابن أنيس إلى علامة؟!
ولماذا لا يعرفه إذا رآه، من حيث إنه يحفظ صورة وجهه في ذاكرته؟!
أم أن ذاكرته "صلى الله عليه وآله" سوف تضعف حين يدخله الله الجنة؟!
وإذا كان الأمر كذلك، فما هي العلامات التي كان "صلى الله عليه وآله" يعرف بها نساء أصحابه .
إلى غير ذلك من الأسئلة الكثيرة التي تحتاج إلى جواب..
5 ـ سرية زيد بن حارثة إلى مدين:
قالوا: وبعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" زيد بن حارثة إلى مدين، فأصاب سبياً من أهل ميناء، وهي السواحل، فبيعوا، ففرقوا بين الأمهات وأولادهن. فخرج رسول الله "صلى الله عليه وآله" وهم يبكون، فقال: ما لهم؟!
فأُخبر خبرهم.
فقال: لا تبيعوا إلا جميعاً([19]).
تحفظ على سرية مدين:
ونقول:
إن لنا تحفظاً على هذه السرية، يتلخص في أن "مدين" هي قرية شعيب، وقد سميت باسم مدين بن إبراهيم، وكان بينها وبين مصر ثمان مراحل([20]). ولكنها لم تكن في سلطة فرعون.
وفي معجم ما استعجم: أنها بلد بالشام، معلوم، تلقاء غزة. وهو منزل جذام، وشعيب النبي المبعوث إلى أهل مدين أحد بني وائل، من جذام([21]).
والسؤال هو:
كيف استطاع زيد أن يخترق كل تلك التجمعات السكانية، وكانت كلها معادية له ولدينه، ويقطع هذه المئات من الأميال، ولا يعارضه أحد من أهل الشرك والكفر، الذين كانوا في تلك المفاوز والقفار النائية، والتي قد يكون لقيصر الروم حساسية خاصة تجاه غزوها، كما ظهر في قضية غزوة مؤتة؟
ثم هو يحارب أهل مدين، ويأسر النساء والأطفال من أهل ميناء، ثم لا ينجد هؤلاء المنكوبين أحد من أهل نحلتهم، ومن هم على دينهم..
إننا، وإن كنا لا نستطيع أن نعتبر هذه التساؤلات دليلاً قاطعاً على النفي، ولكنها ترشد إلى لزوم التريث في الحكم القاطع بصحة هذه النقولات.
إحترام المشاعر الإنسانية:
إن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أمر بعدم التفريق بين الأم وولدها في البيع. والذي نريد أن نوجه النظر إليه هو:
أن هناك اختلافاً في النظرة إلى هذا الكائن الإنساني، وفي مبررات تكريمه، أو إهانته، ينشأ عنها اختلاف في التعامل معه في هذا الاتجاه أو ذاك أيضاً.
فقد تعطى القيمة للإنسان على أساس العصبيات العرقية أو القومية، وقد تبنى العلاقة بالإنسان على أساس المنفعة والمصلحة، أو اللذة العاجلة. وما إلى ذلك..
وهناك من يعطي القيمة للإنسان استناداً إلى مجرد كونه كائناً بشرياً وحسب.
ولكن القيمة في الإسلام تستند إلى عنصرين أساسيين:
أحدهما: كونه بشراً ونظيراً لك في الخلق.
والثاني: كونه أخاً لك في الدين.
وفَقْدُ أحد هذين العنصرين لا يلغي الحق الثابت له من خلال توفر العنصر الآخر.. وإن اختلفت طبيعة هذا الحق الثابت، بالنسبة إلى كل واحد منهما..
وعلى هذا الأساس نقول:
إنه إذا فقد الالتزام الديني لدى الإنسان، واتجه نحو ممارسة العدوان، فإن ذلك، وإن كان يسلبه الحق الذي ينشأ عن الالتزام الديني، ولكنه لا يستطيع أن يسقط الحق الثابت له بالاستناد إلى بشريته، وإلى نوع خلقته وتكوينه.
فمن يؤسَرُ أو يُسْبى، نتيجة ظروف الصراع معه، من أجل امتلاك حرية التدين التي يسعى لسلبها منك، وإن كان يحرم الحقوق التي تثبتها الأخوة الدينية، ولكن الحقوق التي يثبتها له كونه نظيراً في الخلق، لا يمكن إسقاطها..
ولذلك نهى النبي "صلى الله عليه وآله" عن التفريق بين الأم وولدها، وفرض أن لا يباعا إلا جميعاً، حسبما تقدم.
ولهذا نقول:
إن نهي النبي "صلى الله عليه وآله" عن هذا التفريق ليس مجرد قرار شخصي، أو نتيجة توهج عاطفي، بل هو حكم إلهي مستند إلى مبرراته الموضوعية، وينطلق من طبيعة النظرة إلى الحقوق، وإلى مناشئها..
الفصل السادس:
حديث الاستسقاء..
حديث الاستسقاء:
وفي شهر رمضان من سنة ست استسقى رسول الله "صلى الله عليه وآله" لأهل المدينة فمطروا، فقال "صلى الله عليه وآله": أصبح الناس مؤمناً بالله، كافراً بالكواكب.
وذلك لأن الناس كانوا قد قحطوا، فطلبوا منه "صلى الله عليه وآله" أن يستسقي لهم، فخرج، ومعه الناس يمشون بالسكينة والوقار، إلى المصلى، فصلى بهم ركعتين، يجهر بالقراءة فيهما، وقرأ في الأولى بفاتحة الكتاب وسبح اسم ربك الأعلى، والثانية بفاتحة الكتاب، وهل أتاك حديث الغاشية..
ثم استقبل الناس بوجهه، وقلب رداءه، لكي ينقلب القحط إلى الخصب، ثم جثا على ركبتيه، ورفع يديه، وكبر تكبيرة قبل أن يستسقي، ثم قال: اللهم اسقنا وأغثنا غيثاً مغيثاً، وحياءً ربيعاً.. الخ..
فما برحوا حتى أقبل قزع من السحاب، فالتأم بعضه إلى بعض، ثم أمطرت سبع أيام بلياليهن، فأتاه المسلمون، وقالوا: يا رسول الله، قد غرقت الأرض، وتهدمت البيوت، وانقطعت السبل، فادع الله تعالى أن يصرفها عنا.
فضحك رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وهو على المنبر حتى بدت نواجذه، تعجباً لسرعة ملالة بني آدم. ثم رفع يديه، ثم قال:
حوالينا، ولا علينا، اللهم على رؤوس الظراب، ومنابت الشجر، وبطون الأودية، وظهور الآكام.
فتصدعت عن المدينة حتى كانت مثل ترس عليها، كالفسطاط، تمطر مراعيها، ولا تمطر فيها قطرة([22]).
ثم قال: لله أبو طالب، لو كان حياً لقرت عيناه، من الذي ينشدنا قوله!
فقام علي "عليه السلام"، فقال: يا رسول الله، كأنك أردت:
وأبيض يستسقى الغـمام بوجهـه ثـمال اليتـامى عصـمـة لـلأرامـل
يلـوذ به الهـلاك من آل هـاشـم فـهـم عـنـده في نـعـمـة وفواضل
كـذبتم وبيت الله يـردى محمـد ولمـا نـقـاتـل دونـــه ونـنـاضـل
ونسلمه حتى نـصـرع حـولــه ونـذهــل عـن أبـنـائـنا والحلائل
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": أجل.
فقام رجل من كنانة يترنم، ويذكر هذه الأبيات:
لـك الحمد والشـكـر ممن شكـر سـقـيـنـا بـوجـه الـنـبـي المـطــر
دعـــــا الله خــالـقـنـا دعــوة إلـيـه وأشـخـص مـنــه الـبـصر
ولــم يـك إلا كـقـلـب الـرداء وأسـرع حـتـى رأيـنـــا المــــطر
دفــاق الـغــرائــل جـم البعاق أغــــاث بــــه عـلـيــنـا مـضر
وكـــان كـــــما قــــالـــه عمه أبــو طــالــب أبـيـض ذو غــرر
بــه الله يـسـقـي صيـوب الغـمام وهـذا الـعــيــان لـــذاك الخــبر
فـمـن يـشـكــر الله يـلــق المزيد ومـن يـكـفـر الله يـلــق الـعـبر([23])
ونقول:
إن لنا ههنا وقفات، هي التالية:
الاستسقاء أكثر من مرة:
إن مراجعة النصوص التاريخية يفيد: أنه "صلى الله عليه وآله"، قد استسقى أكثر من مرة، إحداها حين رجع من تبوك في سنة تسع، بطلب من وفد بني فزارة([24]).
وسيأتي الحديث عنها في موضعه إن شاء الله تعالى، وبيان ما فيها من روايات مكذوبة تضمنت التجسيم، ونسبة الضحك إلى الله سبحانه، وغير ذلك من أكاذيب، وترهات وأباطيل، وفيها أيضاً الكثير من الجرأة والوقاحة، فيما ينسبونه لرسول الله "صلى الله عليه وآله" من أنه تنبأ بأن أبا لبابة يقوم عرياناً، يسد ثعلب مربده وغير ذلك..
اللهم حوالينا ولا علينا:
واللافت هنا: أن الناس حين استمر المطر أسبوعاً كاملاً طلبوا من رسول الله "صلى الله عليه وآله"، أن يدعو الله أن يكف بعضاً من ذلك عنهم، فدعا الله بقوله: "اللهم حوالينا ولا علينا"، فانجابت السحابة عن المدينة، واستمر المطر ينهمر على أطرافها..
وتحكى هذه الحادثة في مختلف وقائع الاستسقاء، التي رويت.. وهي شاهد على أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد استجاب لهم، وتصدى للتصرف في أمور التكوين، ولكن بطريقة الطلب من الله تعالى، فجاءت الاستجابة الإلهية متوافقة مع إرادته "صلى الله عليه وآله". ولتكن هذه القضية شاهداً لما اصطلح عليه العلماء بالولاية التكوينية للمعصوم، والتي تعني أن تكون إرادته "عليه السلام" في سلسلة العلل لحدوث أمثال هذه الأمور.
وقد أوضحنا هذا الأمر في كتابنا خلفيات كتاب مأساة الزهراء "عليها السلام"، فيمكن للقارئ أن يرجع إليه ويطلع عليه..
لا يرفع يديه إلا في الاستسقاء:
وقد ذكرت بعض الروايات: أن النبي "صلى الله عليه وآله"، حين استسقى رفع يديه حتى رئي بياض إبطيه، ودعا.. وكان لا يرفع يديه في شيء من الدعاء إلا في الإستسقاء([25]).
ونقول:
أولاً: إن رواية الاستسقاء التي تقدم ذكرها لم تذكر: أنه "صلى الله عليه وآله" في الركعة الأولى قد كبر بعد قراءة الحمد والسورة خمس تكبيرات، وقنت خمس قنوتات، ولا أنه قد كبر في الركعة الثانية أربع تكبيرات وقنت أربع قنوتات، مع أن هذا هو ما يميز هذه الصلاة عما عداها، لأنها ليست مجرد ركعتين كصلاة الصبح، ولا شيء أكثر من ذلك.
ثانياً: إن الأحاديث دلت على أنه "صلى الله عليه وآله"، كان يرفع يديه في الدعاء كثيراً، وقد ذكر الصالحي الشامي أنه يوجد في صحيحي البخاري ومسلم، أو في أحدهما: نحو ثلاثين حديثاً صرح بذلك([26]).. فكيف بما في غيرهما من كتب الحديث والسيرة؟!
عبد المطلب يستسقي برسول الله ':
وقد ذكر الشهرستاني: أنه لما أصاب أهل مكة ذلك الجدب العظيم، وأمسك السحاب عنهم سنتين أمر عبد المطلب ولده أبا طالب أن يحضر المصطفى "صلى الله عليه وآله"، وهو رضيع في قماط، فوضعه على يديه، واستقبل الكعبة، ورماه إلى السماء, وقال: يا رب، بحق هذا الغلام([27]).
ورماه ثانياً وثالثاً، وكان يقول: بحق الغلام، اسقنا غيثاً مغيثاً، دائماً هاطلاً.
فلم يلبث ساعة أن طبق السحاب وجه السماء، وأمطر حتى خافوا على المسجد.
وأنشد أبو طالب ذلك الشعر اللامي، الذي منه:
وأبـيـض يستسقى الغـمام بوجهه ثــمال اليتـامى عصمـة للأرامــل
ثم ذكر أبياتاً من القصيدة([28]).
ولكن من يلاحظ لامية أبي طالب يجد أنها تشير إلى أحداث وقعت بعد نبوة رسول الله "صلى الله عليه وآله".. الأمر الذي يدل على أنه رحمه الله لم ينظمها دفعة واحدة، بل هو قد نظم بعض مقاطعها في زمن أبيه عبد المطلب، ثم أتمها في أزمنة لاحقة، بعد بعثة رسول الله "صلى الله عليه وآله".
أبو طالب يستسقي بالرسول ' ثلاث مرات:
هذا.. وقد روي: أن أبا طالب استسقى برسول الله "صلى الله عليه وآله" أيضاً في صغره، لما تتابعت عليهم السنون، فأهلكتهم، فخرج به "صلى الله عليه وآله" إلى أبي قبيس، وطلب السقيا بوجهه، فسقوا، فقال يمدحه "صلى الله عليه وآله":
وأبـيـض يستسقى الغـمام بوجهه ثـمال اليتــامى عصمـة للأرامـل([29])
والظاهر: أنه كرر إنشاد هذه الأبيات، بعد أن كان قد قالها حين استسقاء عبد المطلب به.
وروى ابن عساكر عن جلهمة بن عرفطة، قال: "قدمت مكة، وقريش في قحط، فقائل منهم يقول: اعتمدوا اللات والعزى.
وقائل منهم يقول: اعتمدوا مناة الثالثة الأخرى.
فقال شيخ وسيم، حسن الوجه، جيد الرأي: أنى تؤفكون، وفيكم بقية إبراهيم، وسلالة إسماعيل؟!
قالوا: كأنك عنيت أبا طالب؟
قال: إيها.
فقاموا بأجمعهم، وقمت معهم، فدققنا عليه بابه، فخرج إلينا رجل حسن الوجه، عليه إزار قد اتشح به، فثاروا إليه، فقالوا: يا أبا طالب، أقحط الوادي، وأجدب العيال! فهلم فاستسق لنا!!
فخرج أبو طالب، ومعه غلام، كأنه شمس دجنة، تجلت عليه سحابة قتماء، وحوله أغيلمة. فأخذه أبو طالب، فألصق ظهره بالكعبة، ولاذ بأصبعه الغلام، وما في السماء قزعة. فأقبل السحاب من ههنا وههنا، فأغدق واغدودق، وانفجر له الوادي، وأخصب النادي والبادي.
وفي ذلك يقول أبو طالب:
وأبـيـض يستسقى الغـمام بوجهه ثــمال اليتــامى عصمـة للأرامـل
يـلــوذ بـه الهلاك مـن آل هاشـم فـهـم عنـده في نعمـة وفــواضـل
وقال ابن سعد: حدثنا الأزرق، حدثنا عبد الله بن عون، عن عمرو بن سعيد: أن أبا طالب قال: كنت بذي المجاز مع ابن أخي، يعني النبي "صلى الله عليه وآله"، فأدركني العطش، فشكوت إليه، فقلت: يا بن أخي قد عطشت. وما قلت له ذلك، وأنا أرى عنده شيئاً إلا الجزع، قال: فثنى وركه.
ثم قال: يا عم عطشت؟
قلت: نعم.
فأهوى بعقبه إلى الأرض، فإذا أنا بالماء، فقال: اشرب، فشربت.
وله طرق أخرى، رواها الخطيب، وابن عساكر"([30]).
عمر يتوسل ويستسقي بعم الرسول ':
وقد صرحت الروايات أيضاً: بأن عمر بن الخطاب استسقى بعد وفاة الرسول الأكرم "صلى الله عليه وآله"، وتوسل بالعباس عم النبي "صلى الله عليه وآله"، ومعه غيره من بني هاشم، وطلب العباس من الناس أن لا يخالطوهم وقال مخاطباً عمر بن الخطاب: "لا تخلط بنا غيرنا".
فكان من دعاء عمر بن الخطاب في الاستسقاء قوله: اللهم إنا توجهنا (أو نتوسل، أو نتقرب) إليك بعم نبيك([31]).
وذلك كله، وكثير سواه يوضح لنا: أن مشروعية التوسل بالأنبياء، والأولياء "عليهم السلام" كانت من المرتكزات الأولية لدى المسلمين، يعرفها الكبير والصغير فيهم، فلا معنى ولا مبرر لمكابرة أهل الباطل، وخصوصاً الناصبة منهم، بالإصرار على المنع من ذلك، واعتباره شركاً أو كفراً!!
نظرة أبي طالب لرسول الله ':
وبعد.. فإن الكل يعلم: أن من يعاشر إنساناً مدة طويلة، ويطلع على حالاته المختلفة، ويتلمس فيه الضعف والقوة، والمرض، والصحة، والملالة، والضجر، والأريحية والانشراح، والحزن، والسرور. ويراه في حالات الغضب والرضا، والتبذل والترسل، والانقباض، والانبساط، والجدية، والترسم، واللعب، واللهو، والعمل، والمثابرة، والنشاط، والكسل، والفراغ، والشغل، وما إلى ذلك، فإن كل من يرى هذه الحالات في إنسان ما، سوف تتضاءل وتنكمش، وقد تتلاشى وتندثر الهالة التي ربما تبهر الناس في ذلك الإنسان، حتى إنه قد لا يبقى لديه سوى بعض الإعجاب بلفتة جمال هنا، أو بلمحة ذكاء هناك!!
ولكن الأمر بالنسبة لأبي طالب مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" كان مختلفاً تماماً، فقد كان اطلاع أبي طالب على جميع أحوال النبي "صلى الله عليه وآله"، وأدق خصوصياته يزيد من درجات تقديسه له، ويضاعف مراتب إعجابه به، وانبهاره بأنوار حقيقته، وتجليات فضائله، وميزاته، إلى الحد الذي يجعل ذلك الشيخ الكبير يرى هذا الفتى اليافع وسيلته إلى الله وشفيعه، الذي يبلغه حاجاته، ورائده وقائده، ومثله الأعلى، حتى إنه ليستسقي به مرة بعد أخرى، وينشئ به قصيدته اللامية التي بهرت بأنوارها الساطعة، وبلألائها اللامع كل من سمعها، أو قرأها. بل هي قد أخذت بمجامع القلوب، وهيمنت على المشاعر، وأنست بباهر أنوارها حتى القلوب التي غرقت في ظلمات النصب والانحراف عن بني هاشم، وكل من له بهم أدنى صلة أو رابطة، حتى إن ابن كثير يصف هذه القصيدة العصماء، بقوله:
"قلت: هذه قصيدة عظيمة، بليغة جداً، لا يستطيع يقولها إلا من نسبت إليه. وهي أفحل من المعلقات السبع، وأبلغ في تأدية المعنى فيها جميعها إلخ.."([32]).
وبعد، فإن قول النبي "صلى الله عليه وآله": لله در أبي طالب: إنما يريد به أن در أبي طالب وعطاءه هذا، كان خالصاً لله تعالى.
وهو كلام فيه المزيد من الثناء، والتأكيد على صحة ما رتبه عليه من نتيجة، وهي أن أبا طالب لو كان حياً لقرت عيناه برؤية استجابة الله دعاء نبيه، وظهور المعجزة على يديه.
وهذا يدل على حرص رسول الله "صلى الله عليه وآله" على أن تقر عين أبي طالب حتى وهو في قبره، بظهور الإيمان والإسلام على أهل الشرك والإلحاد والطغيان.
وما دام أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" يحب لهذه القصيدة أن تذكر في محافل أهل الإيمان، فإنني أحب أن أثبتها هنا: ليرغم بها أنف الشانئ والناصب، ولتقر بها عين رسول الله "صلى الله عليه وآله" وعين أبي طالب، وعين ابنه أسد الله الغالب، وعين من هو لشفاعته طالب، والقصيدة هي التالية:
خلـيــلي مـــا أذني لأول عــــاذل بصـغـواء في حـق ولا عنـد باطـل خليـلي إن الـرأي ليـس بشـركـــة ولا نـهـنـهٍ عـنـد الأمـور التلاتـل ولمــا رأيـت الـقــوم لا ود فيـهـم وقـد قطعوا كل العرى والوسائـل وقــد صـارحونـا بـالعداوة والأذى وقـد طـاوعـوا أمـر العدو المـزايل
وقـد حـالفـوا قومـاً علينـا أظِـنَّـةً يـعـضـون غيـظـاً خلفنـا بالأنامل
صبـرت لهم نفسي بسمـراء سمـحــةٍ وأبيضَ عضب من تـراث المَقَـاوِل
وأحضرت عند البيت رهطي وإخوتي وأمسكت من أثـوابـه بالـوصـائل
قيـامـاً مـعـاً مسـتـقبـلين رتـاجـه لدى حيث يقضِي نسكه كل نـافـل
وحيث ينيخ الأشعرون ([33]) ركـابهـم بمفضى السيول من أساف ونـائـل
مـوسَّمـةِ الأعـضـاد أو قـصـراتِهـا محبـَّسـة بـين الـسَّـديـس وبـــازل
تـرى الـودْع فـيـهـا والرُّخام وزينةً بـأعنـاقهـا معقودة كـالعثـاكـل([34])
أعـوذ برب الناس من كـل طـاعن عـلـيـنـا بـسـوء أو ملـح بباطـل
ومن كـاشـح يسـعـى لنا بمعـيـبة ومن ملحق في الـديـن ما لم نحاول
وثور ومـن أرسـى ثـبـيراً مـكـانـه وراقٍ لـيـرقـى في حـراء ونـــازل
وبالبيت ركن البيت من بطن مكـة وبـالله إن الله لـيـس بـغـــافــــل
وبالحجر المـسـود إذ يمسـحـونــه إذا اكتنفوه بالـضحى والأصـائـل
وموطئ إبراهيم في الصخرة وطـأة على قـدمـيـه حـافـيـاً غـير نـاعل
وأشواط بيـن المـروتـين إلى الصفـا ومـا فـيـهـما من صـورة وتمـاثــل
ومن حج بيت الله من كـل راكـب ومـن كـل ذي نـذر من كل راجل
وبـالمـعـشر الأقصى إذا عمدوا لــه إلال إلى مـفـضـى الشراج القوابل
وتـوقـافـهـم فـوق الجبال عشيــة يقيمون بالأيدي صـدور الرواحل
ولـيـلـة جمَـع والمنـــازل في مـنــى ومـا فـوقهـا من حرمـة ومـنــازل
وجـمـع إذا مـا المقربـات أجـزنــه سراعاً كما يفزعن([35]) من وقع وابـل
وبـالجمرة الكبرى إذا صمدوا لهــا يـأمـون قـذفـاً رأسـهـا بـالجنـادل
وكندة إذ تـرمي الجـمار عــشـيـــة تجـيـز بهـا حجـاج بكـر بـن وائل
حليفان شـدا عقـد مـا احتلفـا لـه وردا عليه عـاطـفـات الـذلائـــل
وحطمِهم سمر الرماح مـع الظـبى وإنـقـاذهـم مـا يـنـتـقي كل نابل
ومشيهم حـول البَسـال وسرحــه وسـلـمـيّـه وخد النعام الجوافل([36])
فهـل فـوق هـذا من معـاذ لعـائـذ وهـل مـن مـعـيـذ يتقي الله عادل
يطـاع بنـا أمـر الـعــدا ودَّ أنـنـــا يسـد بنـا أبـواب تـرك وكـــابـل
كـذبـتـم وبـيـت الله نـترك مكــة ونـظـعـن إلّا أمـرَكـم في بـلابــل
كـذبـتم وبـيـت الله نُبْزى ([37]) محمداً ولمـا نـطـاعن دونـه ونـنــاضـــل
أبـيـت بحـمـد الله تــرك محــمـد بـمـكــة أسـلـمـه لشـر القبـائـل
وقـال لي الأعـداء قـاتـل عصـابـة أطـاعـوه، وابـغـه جمـيـع الغوائل
نـقـيـم عـلى نـصـر الـنـبي محـمـد نقاتـل عنه بالظـبى والعـواسـل([38])
ونـسـلـمـه حـتـى نـصرَّع حـولـه ونـذهـل عـن أبـنـائـنـا والحلائل
ويـنـهـض قـوم بالحـديـد إليـكـم نهوض الروايا تحت ذات الصلاصل
وحتى نرى ذا الضغن يركب رَدْعَه([39]) من الطـعن فعل الأنكب المتحامل
وإنـا لـعـمـر الله إن جـد مــا أرى لـتـلـتـبـسـن أسيـافنـا بالأمـاثـل
بـكفي فتى مثـل الشهاب سميـدع أخي ثـقـة حـامي الحقيقة بـاسـل
شـهـوراً وأيـامـاً وحـولاً مجرمـاً ([40]) عـلـيـنـا وتـأتي حـجـةٌ بعد قـابل
ومـا تـرك قوم ـ لا أبا لك ـ سـيـداً يحـوط الـذمـار غـير ذرب مواكل
وأبـيـض يستسقى الـغـمام بوجهـه ثـمال([41]) الـيـتـامى عصمة لـلأرامل
يلـوذ به الهــلاك مـن آل هـاشـــم فـهـم عـنـده في رحمـة وفـواضـل
لعمري لقـد أجـرى أسيد وبكره ([42]) إلى بـغـضـنـا إذ جـزآنـا لآكــــل
جزت رحم عـنـا أسيـداً وخـالـداً جـزاء مسـيء لا يـؤخـر عـاجـل
وعـثـمان لـم يـربـع عـلينـا وقنفذ ولـكـن أطـاعـا أمـر تلك القبائل
أطـاعـا أبيـاً وابـن عـبـد يغوثهم([43]) ولـم يـرقبـا فـيـنـا مقـالـة قـائـل
كما قـد لقينـا مـن سـبـيـع ونـوفل وكـلٌ تـولى مـعـرضـاً لم يجـامــل
فـإن يُـلـفَـيـا أو يُـمْـكِنِ الله منهـما نَـكِـلْ لهـما صـاعـاً بصـاع المكايل
وذاك أبـو عـمـرو أبـى غير بغضنا ليظعننـا في أهـل شـاء وجـامـل([44])
ينـاحي بنـا في كـل ممسى ومصبـح فـنـاج أبـا عمـرو بنـا، ثم خـاتِـل
ويـؤلي لـنـا بـالله مـا إن يـغـشـنــا بـلى قـد تـراه جـهـرة غير حـائـل
أضـاق عـلـيـه بـغـضـنـا كلَّ تلعة من الأرض بين أَخْشَبٍ فمجادل([45])
وسـائـل أبـا الـوليـد ماذا حبوتنـا بسـعـيـك فينا معرضـاً كالمخـاتل
وكـنـت امـرءاً ممن يعـاش بـرأيـه ورحمـتـه فـيـنـا ولـسـت بجـاهل
فـلـسـت أبـالـيـه عـلى ذات نفسه فعش يابن عمي ناعـماً غير ماحـل
وعـتـبـة لا تسمع بنـا قـول كاشح حسود كذوب مبغض ذي دغـاول
وقد خفت إن لم تزدجرهم وترعووا تـلاقي ونلقى منك إحدى البلابل
ومـر أبـو سفيـان عـني مـعـرضـاً كـما مـر قيـل من عظـام المـقــاول
يـفـر إلى نـجــد وبَــرْدِ مـيــاهــه ويـزعم أني لست عـنـهـم بـغافل
وأعـلـم أن لا غـافــل عـن مساءة كـذاك الـعـدو عنـد حـق وبـاطل
فـمـيـلـوا عـلـينا كلكم إن ميلكم سـواء عـلـيـنـا والـريـاح بهاطـل
يخبِّـرنــا فـعـل المـنـاصــح أنــــه شـفـيق ويخفي عارمات الدواخل
أمـطـعـم لم أخـذلـك في يوم نجدة ولا عند تلـك المعظـمات الجـلائل
ولا يـوم خـصـم إذ أتـــوك ألــدةً أولى جـدل مثل الخصوم المساجـل
أمـطـعـم إن الـقـوم ساموك خطة وإني متى أوكـل فـلـست بـوائل([46])
جـزى الله عـنـا عبد شمس ونوفلاً عـقـوبـة شر عـاجــلاً غير آجــل
بـمـيـزان قسـط لا يخيس شـعـيرة لـه شـاهـد مـن نـفـسه غير عائل
لـقـد سـفـهت أحـلام قـوم تبدلوا بني خـلـف قـيـضـاً بنا والغياطل
ونـحـن الـصميم من ذؤابـة هاشم وآل قـصـي في الخـطوب الأوائـل
وكـان لنـا حـوض السقـايـة فيهم ونحن الذرى منهم وفوق الكواهل
فـما أدركــوا زحلاً ولا سفكوا دماً وما خـالـفـوا إلا شـرار القبـائـل
بـنـي أمــة مجـنـونــة هـنـدكــيـة بني جمح عـبـيـد قـيـس بن عـاقل
وسـهـم ومخـزوم تمـالـوا وألـبــوا علينا العدى من كل طِمْلٍ وخامل
وحـث بـنـو سـهـم عـلـينا عديَّهم عدي بن كعب فاحتبوا في المحافل
يـعـضُّـون من غيـظ علينـا أكفهم بـلا تـرةٍ بـعـد الحـمى والتـواصل
وشـأيـظ كـانت في لؤي بن غالب نـفـاهـم إلـينـا كل صقر حلاحل
ورهـط نـفيـل شر من وطئ الحصى وألأم حـاف مـن مـعـد ونـاعــل
فـعـبـد منـاف أنـتـم خـير قومكم فـلا تشركـوا في أمركـم كل واغل
فـقـد خفت إن لم يصلح الله أمركم تكـونـوا كـما كانت أحاديث وائل
لـعـمـري لقـد وهَّـنـتـم وعجزتم وجـئـتـم بـأمـر مخـطئ للمفاصل
وكنتم حـديثـاً حـطْبَ قـدر فأنتم الآن حـطـابُ أقـدر ومــراجــل
لـيـهـن بـنـي عـبـد المناف عقوقها وخـذلانهـا وتـركـهــا في المعاقـل
فـإن يـك قـوم سرهـم ما صنعتـم سـتـحـتـلـبـوهـا لقحة غير باهل
فـأبـلـغ قـصـيـاً أن سينشر أمرنــا وبشِّر قـصـيـاً بـعـدنـا بالتخــاذل
ولـو طـرقـت ليـلاً قصيـاً عظيمـة إذن ما لجـأنـا دونهم في المـداخــل
ولـو صـدقـوا ضـرباً خلال بيوتهم لـكـنـا أُسـى عنـد النسـاء المطافل
فـإن تـك كـعـب من لؤي تجمعت فـلا بـد يـومـاً مـرة مـن تـزايـــل
وإن تـك كـعـب من كعوب كبيرة فـلابــد يـومـــاً أنهــا في مجـاهـل
وكـنـا بـخـير قبـل تسويـد معشـر هـم ذبـحـونـا بـالمـدى والمقـاول
فـكـل صـديـق وابـن أخـت نعده لـعـمـري وجـدنا غبَّه غير طائل([47])
سـوى أن رهـطاً من كلاب بن مرة بـراء إلـيـنـا مـن مـعـقَّـة خــاذل
بـنـي أسـد لا تُطْرِقَنَّ على الـقـذى إذا لم يـقـل بـالحـق مـقـول قـائـل
ونعم ابن أخـت القوم غير مكذب زهـير حسـامـاً مـفـرداً مـن حمائل
أَشَمُّ مـن الـشُّـمِ الـبـهـاليل ينتمي إلى حَسَبٍ في حومة المجد فـاضـل
لـعـمـري لقـد كلفت وجداً بأحمد وإخـوتـه دأب المـحـب المـواصل
فـلا زال في الـدنـيـا جمـالاً لأهـلها وزيـنـاً عـلى رغم العدو المخابل ([48])
فـمـن مـثـله في الناس أي مـؤمـل إذا قـاسـه الحكـام عنـد التفـاضل
حـلـيـم رشـيـد عـادل غير طائش يـوالي إلهـاً لـيـس عـنــه بـغـافـل
وأيـده رب الـعـبـــاد بـنـصـــره وأظـهـر ديـنـاً حـقـه غـير زائــل
فـوالله لـــولا أن أجــيء بـســبـة تجـر عـلى أشـيـاخـنـا في المـحافل
لـكـنــا تـبـعـنـاه على كـل حـالـة من الـدهـر جـداً غير قول التهازل
وداسـتـكـم مـنــا رجــال أعــزة إذا جـردوا أيـمانـهـم بـالمنـاصــل
لـقـد عـلـمـوا أن ابـنـنا لا مكذب لـديـنـا ولا يعنى بقـول الأبـاطـل
رجـال كـرام غـير مِـيـلٍ نـــماهـم إلى الـعـز آبـاء كـرام المـخـاصل([49])
وقـفـنـا لهـم حـتـى تـبـدد جمعهم وحُسِّرَ عـنـا كـل بـاغ وجـاهــل
شـبـاب مـن المـطَّـلِّـبـين وهـاشم كبيض السيوف بين أيدي الصياقـل
بـضـرب تـرى الفتيـان فـيه كأنهم ضواري أسود فـوق لحـم خـرادل
ولـكـنـنـا نـسـلٌ كــرام لـســادة بهم يـعـتـلي الأقـوام عند التطاول
سـيـعـلـم أهـل الضغن أيي وأيهم يـفـوز ويـعـلـو في لـيـال قـلائـل
وأيهـم مـنـي ومـنـهـم بـسـيـفــه يـلاقي إذا مـا حـان وقت التنـازل
ومـن ذا يـمـل الحـرب مني ومنهم ويحـمـد في الآفـاق في قـول قـائل
فـأصـبـح مـنـا أحمـد في أرومــــة تـقـصر مـنـهـا سـورة المـتـطـاول
كـأني بـه فــوق الجـيـــاد يـقودها إلى مـعـشر زاغـوا إلى كـل بـاطل
وجُـدْتُ بـنـفـسـي دونـه وحمـيته ودافـعـت عنـه بالذرى والكلاكل
ولا شـك أن الله رافــــع أمـــــره ومـعـلـيـه في الدنيا ويوم التجادل
كـما قد أري في اليوم والأمس جده ووالـده رؤيـاهمــا خــير آفـــل([50])
القسم الثامن:
من الحديبية إلى فتح مكة..
الباب الأول: حتى بيعة الرضوان
الباب الثاني: عهد الحديبية.. وقائع.. وآثار
الباب الثالث: سرايا وقضايا بين خيبر والحديبية
الباب الرابع: دعوة ملوك الأرض..
الباب الأول:
حتى بيعة الرضوان
الفصل الأول: من المدينة.. إلى عسفان..
الفصل الثاني: من عسفان.. إلى الحديبية..
الفصل الثالث: حابس الفيل.. وحقوق الحيوانات
الفصل الرابع: تعمد صنع المعجزة
الفصل الخامس: اتصالات.. ومداولات
الفصل السادس: عثمان في مكة
الفصل الأول:
من المدينة.. إلى عسفان..
الحديبية: اسماً وموقعاً:
الحديبية بتخفيف الياء، تصغير حدباء، وهي اسم بئر أو شجرة، سمي باسمها المكان الذي تقع فيه، قرية قريبة من مكة، أكثرها واقع في الحرم، وهناك المسجد المعروف بمسجد الشجرة، وبين الحديبية والمدينة تسع مراحل وبينها وبين مكة مرحلة واحدة، أي تسعة أميال([51]).
التحرك نحو الحديبية:
ومجمل الحديث في أمر الحديبية: أن النبي الأعظم "صلى الله عليه وآله" رأى في منامه: أنه دخل مكة هو وأصحابه، آمنين، محلقين رؤوسهم، ومقصرين. وأنه دخل البيت، وأخذ مفتاحه، وأدى عمرته، وعرَّف مع المعرفين([52]) (أي جعل على الناس عرفاء).
فلما أخبر "صلى الله عليه وآله" أصحابه بما رأى فرحوا، وظنوا أنهم يدخلون مكة في عامهم ذاك. ثم أخبرهم أنه يريد الخروج للعمرة، فتجهزوا للسفر، واستنفر "صلى الله عليه وآله" العرب إلى ذلك وأهل البوادي من الأعراب حول المدينة، من أَسْلَمَ: من غفار، وجهينة، ومزينة، وأسلَمْ، ثم خرج "صلى الله عليه وآله" معتمراً.
وكان خروجه من منزله بعد أن اغتسل ببيته، ولبس ثوبين، وركب راحلته القصوى من عند بابه، وأحرم هو وغالب من معه من ذي الحليفة، بعد أن صلى ركعتين في المسجد هناك. وبعض أصحابه أحرم بالجحفة. ثم ركب راحلته، من باب المسجد، وانبعثت به وهو مستقبل القبلة.
وكان خروجه "صلى الله عليه وآله" في ذي القعدة.
وقيل: خرج في شهر رمضان.
وخرجت أم سلمة، وأم عمارة، وأم منيع، وأم عامر الأشهلية، ومعه المهاجرون والأنصار، ومن لحق بهم من العرب، وأبطأ عنه كثير منهم وسلك طريق البيداء.
وساق "صلى الله عليه وآله" معه الهدي، سبعين بدنة. وبعد أن صلى الظهر في ذي الحليفة أشعر عدة منها، وهي موجهات إلى القبلة في الشق الأيمن من سنامها. ثم أمر ناجية بن جندب (وفي معالم التنزيل: ناجية بن عمير) فأشعر الباقي، وقلدهن، أي علق برقابهن كل واحدة نعلاً.
وأشعر المسلمون بدنهم، وقلدوها.
وكان الناس سبع مائة رجل.
وقيل: ألفاً وأربع مئة.
وهناك أقوال أخر سوف نشير إليها إن شاء الله تعالى.
وسار حتى بلغ عسفان([53]).
وقفات مع ما تقدم:
وقبل أن نتابع الحديث عن هذا الحدث الكبير نلقي نظرة على بعض الخصوصيات والأمور التي تذكر من بداية خروج النبي "صلى الله عليه وآله" من المدينة إلى حين وصوله إلى عسفان.
فنقول:
الخروج إلى العمرة:
وأول ما يواجهنا من ذلك هو دلالات هذا التحرك الجديد، الذي يدلنا على الأمور التالية:
1 ـ إن خروج النبي "صلى الله عليه وآله" محرماً، معظماً للبيت، زائراً له، من شأنه أن يطمئن أهل مكة، ومن حولها إلى أنه "صلى الله عليه وآله" لا يريد الحرب في تحركه هذا، وأن بإمكانهم أن يشعروا بالأمن من هذه الجهة.
ولكن ذلك لا يمنع من أن يعتبر هذا التحرك في الوقت ذاته تحدياً لزعماء الشرك، وإقداماً جريئاً، بل هو الغاية التي ما بعدها غاية في الجرأة.. على أمرٍ يستبطن كسر عنفوان الشرك، وهو يدل على شعور المسلمين بالقوة والعزة، إلى حد أنهم يقتحمون على عدوهم داره، ولا يخشونه.
2 ـ وفيه أيضاً تأكيد على حق الناس بمقدساتهم، وبممارسة عباداتهم بحرية تامة، وفق ما يعتقدونه وحسبما ثبت لهم.
3 ـ وفيه أيضاً إظهار لقريش على أنها باغية ومعتدية، وأنها لا تملك من المنطق والحجة ما يبرر لها ذلك، بل حجتها في هذا البغي هو ما تتوسل به من قوة وقهر، وما تمارسه من ظلم وعدوان..
4 ـ والأهم من ذلك هو كسر هيبة الشرك والمشركين، وقريش بالذات في المنطقة كلها، وإفساح المجال للناس للاعتقاد بأن بإمكانهم التفكير بعيداً عن الضغوط التي يمارسها عليهم الآخرون، وأن بإمكانهم أن يختلفوا مع قريش وأن يخالفوها إذا وجدوا الحق في خلافها.
5 ـ إن الناس حين يشعرون بقوة هذا الدين، فإنهم إن لم يتجرأوا على الدخول فيه، سوف تكون لهم الجرأة على الدخول في تحالفات معه، خصوصاً القبائل القريبة من المدينة، وسيتريثون كثيراً في اتخاذ قرار التحالف مع أعدائه، والدخول إلى جانبهم، في حروبهم ضده.
فائدة المنامات:
وقد ذكرت النصوص: أن النبي "صلى الله عليه وآله" رأى في المنام: أنه دخل مكة هو وأصحابه آمنين، محلقين رؤوسهم، مقصرين، وأنه دخل البيت، وأخذ مفتاحه، الخ..
وقد تحققت رؤيا الرسول الأعظم "صلى الله عليه وآله" ولكن في عام آخر وقد أشار القرآن إلى ذلك حين قال: ?لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ المَسْجِدَ الحَرَامَ إِن شَاء اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً?.
كما أن في القرآن حديثاً عن الرؤيا وعن تأويلها، في أكثر من موضع. وذلك مثل: ما حكاه سبحانه عن رؤيا إبراهيم عليه وعلى نبينا وآله أفضل الصلاة والسلام: أنه يذبح ولده إسماعيل وتأويلها. ورؤيا يوسف أحد عشر كوكباً، والشمس والقمر وتأويلها.
ومن المعلوم: أن رؤيا الأنبياء "عليهم السلام" هي طرائق الوحي الإلهي إليهم.
وتحدث القرآن الكريم أيضاً: عن رؤيا صاحبي السجن وتأويل يوسف الصديق "عليه السلام" لها.
ورؤيا عزيز مصر ?سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ?.. ثم تأويل يوسف لهذه الرؤيا..
فالرؤيا وتأويلها، وارتباطها بالواقع الخارجي، أمر ثابت لا مرية فيه، ولا شبهة تعتريه إذا كانت رؤيا من نبي أو وصي، وقد تصدق وقد تكون أضغاث أحلام، إذا كانت من غيره.
نعم.. إن ذلك كله مما لا مجال لدفعه، ولا للنقاش فيه.. وفي النصوص القرآنية، والنبوية، وكذلك ما روي عن الأئمة الطاهرين "عليهم السلام"، الكثير مما يؤيده ويدل عليه..
وقد ذكروا: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" كان كثير الرؤيا. ولا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح([54]). وما ذلك إلا لأن الرؤيا هي من طرائق الوحي للأنبياء "عليهم السلام"، حسبما تقدم.
والرؤيا هي من وسائل هداية البشر، وتذكيرهم بالله، وهي رحمة إلهية لهم، ولأجل ذلك تجد أنه حتى الذي لا يبالي كثيراً بأمور دينه يحدثك عن أنه رأى النبي "صلى الله عليه وآله"، أو رأى أحد الأئمة الطاهرين "عليهم السلام"، أو رأى الجنة، أو النار، أو غير ذلك مما من شأنه أن يذكِّره بالله، وبالآخرة.
كما أن الكثير من هؤلاء يتأثرون بما يرونه فيتوب بعضهم إلى الله تعالى، ويؤوب إليه سبحانه، ويعيد النظر في حساباته.
وقد ورد في الأحاديث الشريفة ما يدل على ذلك أيضاً، فقد روي عن الإمام أبي جعفر "عليه السلام": أن الرؤيا الصالحة من البشارات المقصودة في قوله تعالى: ?الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ، لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الحَياةِ الدُّنْيَا..?([55]).
وعن فائدة الرؤيا ودورها في هداية الناس، وفي تذكيرهم نقول:
روي عن الصادق "عليه السلام" أنه قال: "إذا كان العبد على معصية الله عز وجل، وأراد الله به خيراً، أراه في منامه رؤيا تروعه، فينزجر بها عن تلك المعصية، وإن الرؤية جزء من سبعين جزءاً من النبوة"([56]).
لماذا الصدق والكذب في الرؤيا؟!:
ويدل على خصوصية التدبير الإلهي فيما يتعلق بارتباط الرؤيا بالواقع، وصدقها تارة، وعدم صدقها أخرى ما روي عن الإمام الصادق "عليه السلام" أنه قال للمفضل:
"فكر يا مفضل في الأحلام، كيف دبر الأمر فيها!! فمزج صادقها بكاذبها؛ فإنها لو كانت كلها تصدق، لكان الناس كلهم أنبياء..
ولو كانت كلها تكذب لم يكن فيها منفعة، بل كانت فضلاً لا معنى له.
فصارت تصدق أحياناً، فينتفع بها الناس في مصلحة يهتدى لها، أو مضرة يتحذر منها. وتكذب كثيراً، لئلا يعتمد عليها كل الاعتماد"([57]).
إذا تم الإيمان رفعت الرؤيا:
وجاء في الحديث الذي ذكر قصة الحسن بن عبد الله، وأنه اهتدى على يد أبي الحسن موسى بن جعفر صلوات الله وسلامه عليه، قوله: "وكان قبل ذلك يرى الرؤيا الحسنة، وترى له، ثم انقطعت عنه الرؤيا. فرأى ليلة أبا عبد الله "عليه السلام" فيما يرى النائم؛ فشكى إليه انقطاع الرؤيا، فقال: لا تغتم، فإن المؤمن إذا رسخ في الإيمان رفع عنه الرؤيا"([58]).
وهذا يشير إلى أن الهداية إذا تمت لم يعد للرؤيا حاجة.
وهذا في غير ما يراه الأنبياء "عليهم السلام"، حيث إن رؤياهم صلوات الله وسلامه عليه من طرائق الوحي إليهم، حسبما أشرنا إليه.
سبب وضع الرؤيا:
عن الحسن بن عبد الرحمن، عن أبي الحسن "عليه السلام"، قال: إن الأحلام لم تكن فيما مضى من أول الخلق، وإنما حدثت.
فقلت: وما العلة في ذلك؟!
فقال: إن الله عز ذكره بعث رسولاً إلى أهل زمانه، فدعاهم إلى عبادة الله وطاعته.
فقالوا: إن فعلنا كذا، فما لنا؟! فوالله، ما أنت بأكثرنا مالاً، ولا بأعز عشيرة.
فقال: إن أطعتموني أدخلكم الله الجنة، وإن عصيتموني أدخلكم الله النار.
فقالوا: وما الجنة؟ وما النار؟!
فوصف لهم ذلك، فقالوا: متى نصير إلى ذلك؟!
فقال: إذا متم.
فقالوا: لقد رأينا أمواتنا صاروا عظاماً ورفاتاً..
فازدادوا له تكذيباً، وبه استخفافاً.
فأحدث الله عز وجل فيهم الأحلام، فأتوه فأخبروه بما رأوا، وما أنكروا من ذلك.
فقال: إن الله عز وجل ذكره أراد أن يحتج عليكم بهذا. هكذا تكون أرواحكم إذا متم، وإن بليت أبدانكم تصير الأرواح إلى عقاب حتى تبعث الأبدان([59]).
وآخر كلمة نقولها هنا هي: أن الكثيرين ممن قد يظن ظان بأنهم قد عاشوا في بيئة الانحراف، ولم يصل إلى مسامعهم النداء الإلهي، ولم يكن هناك من يذكِّرهم بالله تعالى، ويخوِّفهم من عقابه، ويرشدهم إلى جزيل ثوابه، ويعرِّفهم على فواضل نعمائه، وبديع صنعه، وباهر آياته وآلائه.. ويلفت نظرهم إلى ألطافه ورحماته، ونعمه، وبركاته..
إن هؤلاء لا يمكن الجزم بأن الله تعالى لم يُرِهِم في منامهم، أو في يقظتهم، ما يرشدهم إليه، ويدلهم عليه.. فإن لله الحجة البالغة، والبراهين الساطعة، والآيات البينات، والدلالات الباهرات..
رؤيا رسول الله ' هي المحور:
ولسنا بحاجة إلى التأكيد على: أن من المعجزات الكبرى لرسول الله "صلى الله عليه وآله" هي رؤياه في مناسبة الحديبية، التي كانت هي الإطلاقة القوية، وهي العامل الأعمق تأثيراً في صناعة هذا الحدث الفريد، الذي غيَّر وجه التاريخ..
لقد بدأ النبي "صلى الله عليه وآله" كل إنجازه العظيم، وكل عملية التغيير بهذه الرؤيا، التي أثرت على روحيات أصحابه ومعنوياتهم، ونقلتهم إلى أجواء جديدة فيها الكثير من الصور الرائعة، التي باتت تراود خواطرهم، ويحتاج الربط فيما بينها إلى نظام علاقات تتبلور فيه خصائصها، وتنسجم فيه ميزاتها، وتتعانق ملامحها، وتتجاذب أطياف السعادة آفاقها الرحبة..
وهذه الرؤيا بالذات، وطريقة تداولها، هي التي أربكت حركة النفاق وفضحت المنافقين..
ووضعت إيمان أهل الإيمان على المحك، فنجح من نجح عن جدارة واستحقاق.
وأخفق من أخفق عن تقصير، وعن قلة تدبير، وخطل رأي، وخمول ضمير..
هذا بالإضافة إلى أن هذه الرؤيا قد جرَّت أهل الشرك والكفر إلى مزالق خطيرة، لم يحسبوا لها حساباً، ووضعتهم في مواقع الحيرة والتيه، حتى أظهر الله الحق، وأهل الحق. وفتح الله لنبيه فتحاً مبيناً، فتح به القلوب، وأزال كل رين وريب منها وعنها، وكشف عن الأبصار وعن البصائر كل الغشاوات، وبطلت الترهات، وفُضِحت الأضاليل، والأباطيل، وأسفر الصبح لذي عينين.
فكانت هذه الرؤيا ـ المعجزة ـ هي الحجة البالغة، والبرهان القاطع، والبلسم الشافي، ولله الحمد..
إستنفار العرب.. ومراسم السفر:
وعن الحركة العملية لرسول الله "صلى الله عليه وآله" نقول:
1 ـ إنهم يقولون: قد اغتسل رسول الله "صلى الله عليه وآله" قبل الشروع في السفر، ولبس ثوبين، وركب راحلته من عند باب بيته..
ولعل هذه التصرفات التي لم تعهد منه في سائر أسفاره، هي للتأكيد على أن هذا السفر يختلف عن غيره مما سبقه، فهو سفر له حرمته، وله مراسمه الخاصة به، التي تتوافق مع حالة التعظيم والتقديس لبيت الله عز وجل، من حيث إنه يمهد لإطلالة على واحة من العبادات الروحية بما يناسبها من حركات، وتصرفات..
وقد ظهر من رؤياه التي أخبر بها أصحابه، ومن إعلانه لوجهة سيره، أن الهدف هو أداء مراسم العمرة، ما يؤكد هذه الحقيقة، ويزيل أي احتمال في أن تكون هناك أهداف قتالية، وعمليات حربية..
بل إن قوله في رؤياه: إنه يعرِّف مع المعرِّفين، أي أنه يحضر عرفة، دليل قاطع على أن المراد ليس هو العمرة، وإنما هو أداء مراسم الحج التي تتضمن الوقوف بعرفات. وليس في العمرة ذلك.
فإخباره لهم: أنه يريد العمرة دليل على أن هذا السفر ليس هو التعبير لتلك الرؤيا التي أخبرهم بها. فما معنى امتناعهم عن الإحلال حينما أمرهم بذلك؟! وما معنى استدلالهم عليه بتلك الرؤيا التي تضمنت إسقاط دعواهم هذه بصورة دقيقة وصريحة؟!
وقد أكد هذه الأجواء أنه "صلى الله عليه وآله" قد أحرم من ذي الحليفة، وصلى بالمسجد الذي بها ركعتين، وركب من باب المسجد هناك، وانبعثت به راحلته، وهو مستقبل القبلة، وأشعر البدن هناك وهي موجهات إلى القبلة، وقلدها، وكذلك فعل المسلمون معه.
فهذه الأجواء كلها تشير إلى أنه لا يريد حرب أحد، فإن المحرم لا يحارِب.
2 ـ وكل ذلك يجعل مشركي مكة أمام خيار صعب، ومحرج، فإن البيت للناس كلهم، وهؤلاء القوم قد جاؤوا لزيارة بيت ربهم، فكيف يمكن دفعهم عنه، فضلاً عن مواجهتهم بالحرب؟! بل كيف يمكن منعهم من تأدية مناسكهم، ولو من دون قتال؟!
إن ذلك سيفضح قريشاً بين العرب، وسوف يقلل من مستوى الثقة بها، وسيظهر المسلمين أنهم مظلومون وممنوعون من أبسط حقوقهم..
خصوصاً، وأن هذا الإجراء قد جاء في الأشهر الحرم التي يمنع القتال فيها، من كل أحد. وقد كانت قريش بالذات بحاجة إلى هذه الأشهر، من أجل مراجعة علاقاتها مع المحيط الذي تعيش فيه، ثم من أجل تجاراتها في موسم الحج، والتأكيد على ارتباطاتها، وعلاقاتها وتحالفاتها مع القبائل الوافدة.. ليكون لها بذلك بعض القوة في حربها مع محمد "صلى الله عليه وآله" الذي لم يزل يسجل عليها النصر تلو النصر، ولم تزل تخسر مواقعها لصالحه، وينحسر نفوذها عنها ليحتل رسول الله "صلى الله عليه وآله" مواقع هذا النفوذ، ولكن دون أن تتمكن من انتزاع تلك المواقع منه، لأنه يحتلها بالدين، وبالإيمان، ويكون التزام الناس معه من موقع التقديس له، والطاعة لله تعالى، لا لأجل المصالح الفردية، والفئوية، أو القبلية، ولا لغير ذلك من غايات دنيوية..
3 ـ والأمرُّ والأدهى بالنسبة لقريش: أنه "صلى الله عليه وآله" قد جاءها بجموع كثيرة من العباد، ومن مختلف القبائل، ومن كثير من البلاد، ليكونوا شهوداً على ما تمارسه من ظلم واضطهاد ليس ضد النبي "صلى الله عليه وآله" وحسب، وإنما ضد جميع الذين أتوا معه، لا لذنب أتوه إليها، بل لمجرد أنهم يقولون: ربنا الله..
عامل النبي ' على المدينة:
ويقولون: إنه "صلى الله عليه وآله" قد استعمل على المدينة ابن أم مكتوم.
وقيل: أبا رهم، كلثوم بن الحصين.
وقيل: نميلة بن عبد الله الليثي..
وقيل: استعمل ابن أم مكتوم وأبا رهم جميعاً، فكان ابن أم مكتوم على الصلاة، وكان أبو رهم حافظاً للمدينة([60]).
ونقول:
إن النبي "صلى الله عليه وآله" قد استعمل ابن أم مكتوم على المدينة عدة مرات.. مع أن هذا الرجل كان ضريراً. فاختيار هذا الرجل الضرير بالذات يشير إلى أن كونه أعمى لا يسلب منه الأهلية للتصدي للأمور حتى الحساسة منها، إذا كان فقد بصره، أو ابتلاؤه بأية عاهة أخرى، لا يمنع من قيامه بما يوكل إليه من مهام. فما معنى تعطيل طاقاته، وهدر قدراته لأجلها؟!
وربما يزيد هذا الأمر وضوحاً إذا كان قد تصدى ابن أم مكتوم للصلاة وغيرها من شؤون الناس.. وأوكل أمر الحراسة والحفظ إلى أبي رهم، فإنه لا يشترط سلامة النظر في إمامة الجماعة، ولا في تقريب وجهات النظر لحل خلافات الناس..
أسلم وغفار، وسائر العرب:
والذي نلاحظه هنا: أنه "صلى الله عليه وآله" قد استنفر العرب، والأعراب حول المدينة بما فيهم أسلم وغفار، وجهينة، ومزينة..
وقد حدثنا عكرمة في تفسير قوله تعالى: ?وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ..?([61]).
أن المراد بهذه الآية: جهينة، وأشجع، وأسلم، وغفار([62]) وزاد بعض المفسرين مزينة([63]).
وهذا هو ما قاله المفسرون أيضاً، وزاد الثعالبي على هؤلاء: مزينة، وعصية، ولحيان([64])
فإذا كان النبي "صلى الله عليه وآله" قد دعا هذه القبـائـل وغيرهـا للمشاركة معه في سفره ذاك، فإن ذلك يستبطن رفع مستوى الأمن لسكان المدينة في مدة غيابه "صلى الله عليه وآله"، لأنه إذا كان لكل تلك القبائل جماعات تحت سمع وبصر رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فإن الذين يبقون في ديارهم منهم سوف لن يجرؤوا على مهاجمة المدينة، وهم يعلمون أن طائفة من قبيلتهم عند رسول الله "صلى الله عليه وآله".
وتحرك المنافقين في غيابه "صلى الله عليه وآله" ليس بالأمر المستبعد ففي غزوة تبوك اضطر النبي "صلى الله عليه وآله" إلى أن يبقي علياً "عليه السلام" مكانه في المدينة خوفاً من أن يتحرك المنافقون في غيبته حركة خطيرة على مستوى الأمن العام للمدينة وأهلها..
هذا كله.. لو فرضنا: أن الذين رافقوا رسول الله "صلى الله عليه وآله" في عمرته تلك هم خصوص الخلَّص من مؤمني تلك القبائل، أو خليطاً منهم ومن المنافقين، أما إذا كان المنافقون هم الذين رافقوه "صلى الله عليه وآله" لأسباب، ومطامع معينة، فإن احتمالات مهاجمة الباقين الذين هم في الأكثر مؤمنون ستصبح ضئيلة، وبلا مبرر.
والنتيجة ـ على كلا الحالين ـ هي: أن هذا التدبير النبوي كان على درجة كبيرة من الأهمية، والواقعية.
وسيكون من يتولى المدينة في غياب رسول الله "صلى الله عليه وآله" غير مطالب بكثير من الجهد في الحراسة والحفظ..
لماذا تثاقل الأعراب عنه؟!
ذكرت النصوص: أن جماعات من الأعراب الذين كانوا حول المدينة، وكذلك غيرهم قد تثاقلوا عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، خشيةً من قريش أن يحاربوه، أو أن يصدوه عن البيت، كما صنعوا، وقالوا: أنذهب إلى قوم قد غزوه في عقر داره بالمدينة، وقتلوا أصحابه، فنقاتلهم؟!
واعتلُّوا بالشغل بأهاليهم وأموالهم، وأنه ليس لهم من يقوم بذلك. فأنزل الله تعالى تكذيبهم في اعتذارهم هذا، فقال: ?يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ..? ([65]).
وذكرت النصوص أيضاً: أنه "صلى الله عليه وآله" سلك طريق البيداء، ومر فيما بين مكة والمدينة بالأعراب من بني بكر، ومزينة، وجهينة، فاستنفرهم فتشاغلوا بأموالهم، وقالوا فيما بينهم: يريد محمد يغزو بنا إلى قوم معدين في الكراع والسلاح، وإنما محمد وأصحابه أكلة جزور، لن يرجع محمد وأصحابه من سفرهم هذا أبداً، قوم لا سلاح معهم ولا عدد([66]).
ونقول:
1 ـ ظاهر كلامهم هذا: أنهم أناس يحبون أنفسهم، ويهتمون بمصالحهم، وأن إيمانهم ليس خالصاً، ولا صحيحاً، لأنهم قد اتخذوا قرارهم بعدم المسير مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" حين وجدوا أن أعداءه أقوياء إلى حد أنهم غزوه في عقر داره، وقتلوا أصحابه..
2 ـ إنهم قد صرحوا: بأن دعوة رسول الله "صلى الله عليه وآله" لهم للعمرة هي في واقعها دعوة لهم للمشاركة في الحرب.
3 ـ إنهم يريدون الإبقاء على خط الرجعة إلى التفاهم مع قريش، إن كانت هي المنتصرة في نهاية الأمر، مع كونهم آمنين جانب المسلمين لإظهارهم: أنهم على دينهم.
ولكن الله قد فضحهم بما أنزل من آيات تحكي قصتهم، وتشير إلى مكرهم هذا، وتدل عليه، لكي لا يظنوا أنهم قد خدعوا الله ورسوله، ولكنه سبحانه لم يوصل الأمور إلى نقطة اللاعودة، بل هو يبقي الباب مفتوحاً، والمجال مفسوحاً أمامهم لإعادة النظر في حساباتهم، مقدماً لهم بإخباراته الغيبية عما أسروه من تزوير وتدبير ماكر، الدليل المقنع لهم: بأن هذا النبي "صلى الله عليه وآله"، متصل بالله العالم بالسرائر، والواقف على ما في القلوب والضمائر، ليسهل عليهم أمر التوبة والعودة إليه.
عدد المسلمين:
قالوا: "وكان الناس سبع مائة رجل.
وقيل: كانوا أربع عشرة مائة.
وقيل: خمس عشرة.
وقيل: ست عشرة.
وقيل: كانوا ألفاً وثلاث مائة.
وقيل: وأربع مائة.
وقيل: وخمس مائة وخمسة وعشرين.
وقيل: ألف وسبع مائة.
وقيل: ألف وثمان مائة"([67]).
ونقول:
قد يقال: إن الرواية القائلة: إن الذين ساروا معه كانوا سبع مائة رجل هي الراجحة، فقد روى البخاري وغيره عن النبي "صلى الله عليه وآله" قوله: "اكتبوا لي كل من تلفظ بالإسلام، فكتب حذيفة بن اليمان له ألفاً وخمس مائة رجل".
وفي رواية: ونحن ما بين الست مائة إلى السبع مائة.
قال الدماميني: قيل: كان هذا عام الحديبية([68]).
وإنما رجحنا رواية السبع مائة، لأن المفروض: أن كثيراً من العرب وكذلك غيرهم من الأعراب حول المدينة، وكذلك جماعات من أهل المدينة أنفسهم، لم يسيروا معه "صلى الله عليه وآله" في وجهه ذاك، حسبما قدمناه..
مع ملاحظة: أن كثيرين ممن أسلموا كانوا في أرض الحبشة آنئذٍ.
ومع ضرورة إبقاء جماعة قادرة على حراسة المدينة في غيابه "صلى الله عليه وآله".
هل المدينة في خطر؟!
ويبقى أمام الباحث أمر هام, وهو أنه لا بد من اكتشاف العناصر الأساسية, التي من خلالها انطلق القرار النبوي بدعوة الناس إلى العمرة, والخروج من المدينة بمعظم العناصر القادرة على الحماية, والمؤثرة في حسابات القوة والضعف, حتى خلت المدينة أمام الطامعين والطامحين, والحاقدين والموتورين من قبائل الشرك في المنطقة..
وخلت أيضاً أمام يهود خيبر, الذين يبعدون عنها حوالي ثمانين ميلاً, والذين قد يقال: إنهم كانوا قادرين على دخول الحرب مع الإسلام والمسلمين بعشرة ألاف مقاتل, إن لم يكن من اليهود وحدهم, فمنهم ومن القبائل المتحالفة معهم في المنطقة..
واليهود من أشد الناس حقداً على الإسلام, بعد أن رأوا ما حل بإخوانهم بني النضير , وقينقاع, وقريظة..
فكيف أمكن أن يتخذ النبي "صلى الله عليه وآله" قراره بالخروج بأكثر المقاتلين إلى هذه المسافات البعيدة, وترك المدينة في هذا المحيط المعادي, الذي يتربص بها الدوائر؟!.
ولعلنا نستطيع أن نجيب على هذه التساؤلات على النحو التالي:
1 ـ أما بالنسبة لقبائل العرب المحيطة بالمدينة فإن السرايا الكثيرة التي حركها الرسول "صلى الله عليه وآله" قبل الحديبية مباشرة لضرب القوة المعادية, والمتآمرة والمتربصة بهم شراً قد حسمت الأمور مع هؤلاء الأعداء, بصورة تامة.. وقد أضعفتهم وشلت حركتهم من الناحية الاقتصادية.. وأرعبتهم, وأسقطت كبرياءهم، وجعلتهم يعيشون حالة اليأس من إمكانية النيل من هذه القوة الضاربة, وأدركوا أن التمادي في التصدي لها لا يفيد إلا تعريض أنفسهم للمزيد من النكبات, والبلايا، والرزايا.
فالرأي الصواب هو: أن ينأوا بأنفسهم عن التعرض لها، حتى حينما تخلو ربوعها من المقاتلين, لأن مهاجمتهم للمدينة سوف يصاحبه تعرضهم لمن تبقَّى فيها من النساء, والأطفال, وسبيهم, واستلاب أموالهم، ذلاً شاملاً، وعقاباً صارماً وحازماً, لا طاقة لأحد به، فقد عوَّدهم المسلمون: أنهم يلاحقون من يعتدي عليهم، وينزلون به القصاص العادل ولا يستطيع أن يفوتهم في كل زمان ومكان..
2 ـ وأما بالنسبة لليهود فالأمر لا يختلف عن ذلك أيضاً..
وقد جرب إخوانهم من بني النضير، وقينقاع وقريظة، نقض العهود، والتحدي والتعدي على المسلمين, فنزلت بهم الضربات الماحقة والساحقة, في مرات ثلاث، كانت كل واحدة أقسى عليهم من سابقتها..
ولا يزال يهود خيبر, وتيماء وغيرهما يعيشون الهلع من أن يكون مصيرهم هو نفس مصير أولئك.. وقد نبههم رسول الله "صلى الله عليه وآله" بصورة قوية وحاسمة حينما جربوا القيام بخطوات عملية تؤدي إلى توجيه ضرباتهم للمسلمين, فقد أنزل المسلمون ضربتهم القاضية بزعمائهم الغادرين, الذين تصدوا لهذا الأمر.. فقتلوا أبا رافع سلام بن أبي الحقيق وأسير بن رزام.. وغيرهما ممن تقدم الحديث عنهم في هذا الكتاب.
3 ـ ومن جهة أخرى, فإن التجارب قد أظهرت لهم: أن النبي "صلى الله عليه وآله" لا يترك لهم ولا لغيرهم ثغرة ينفذون منها تمكنهم من الإيقاع بالمسلمين بسهولـة, بـل هو يراعي أدق التفاصيـل, ولا يهمـل الاحتيـاط لأي طارئ.
وأظهرت الوقائع في بدر, وأُحد, والخندق وغيرها: كيف تحول ما كان يراه الناس يتعرض للبوار والدمار، والفناء المحتم, إلى نصر مؤزر، وفتح مبين، ومدهش.
من أجل ذلك كله: فإنهم كانوا غير مستعدين للمغامرة معه, بل لا بد من حساب الأمور بدقة, ولا بد لهم من رصد خططه "صلى الله عليه وآله", حتى لا تنتهي الأمور إلى مفاجآت ماحقة لهم..
كما أن عليهم أن يعرفوا: أن القوة الضاربة والمقاتلة لم يصبها أي وهن أو ضعف، بل هي لو عرفت أنهم قد اعتدوا على من خلَّفوه من نساء وأطفال وأموال، سوف يتضاعف اندفاعها وحماستها لإنزال أقسى الضربات بهم. وقد رأى الناس من هذا الجيش العجائب في الحالات العادية، فكيف إذا تطورت الأمور على هذا النحو المثير.
وذلك كله يوضح: أن لا خوف على المدينة من أحد في غياب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، حتى لو استمرت غيبته شهراً، أو شهرين أو أكثر.. فلا معنى لخوف الأعراب، ولا معنى لأن يتصوروا أن محمداً وأصحابه اكلة جزور لقريش، وأنه لن يرجع هو وأصحابه من سفره هذا إلا إذا كان ثمة من يبث الشائعات، ويخوف الناس لمصلحة قريش.
حضور المنافقين في الحديبية:
لقد اعتقد كثير من المنافقين: أنه ليس من مصلحتهم أن يكونوا مع النبي "صلى الله عليه وآله" في سفره ذاك, لأن ظواهر الأمور تشير إلى: أن مشركي مكة لن يمكِّنوا رسول الله "صلى الله عليه وآله" من دخول مكة, وأن الحرب واقعة بينهم وبين المسلمين لا محالة.. وليس من مصلحتهم تعريض أنفسهم لأخطار جسام في مناطق بعيدة عن بلادهم؛ لأن الدائرة ستدور على المسلمين. من أجل ذلك صاروا يتعللون بأعذار واهية تتعلق بأشغالهم، وبأموالهم، وأهليهم..
ولكن بعضهم قد خرج مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" في ذلك السفر ربما اعتماداً على علاقاته بمشركي مكة, وإحساسه بالأمن من جهتهم، لو أنهم انتصروا في الحرب.. مع شعوره بضرورة الحضور؛ لأن زعامته وموقعه لا يسمحان له بالتخلف، ويجعلانه محرجاً أمام أقرانه، وأمام رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وربما لغير ذلك من أسباب..
هذا هو سلاحهم:
قالوا: "ولم يكن مع المسلمين سلاح إلا السيوف في القُرُب. والسيوف هي سلاح المسافر، وقال عمر بن الخطاب:
أتخشى يا رسول الله من أبي سفيان وأصحابه، ولم تأخذ للحرب عدتها؟!
فقال "صلى الله عليه وآله": لست أحب أن أحمل السلاح معتمراً. وكان معهم مائتا فرس"([69]).
وذكر الطبري: أنه لما خرج رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالهدي، وانتهى إلى ذي الحليفة (وهو موضع مسجد الشجرة، حيث يحرم أهل المدينة، يقع على بعد ستة أميال من مسجد النبي "صلى الله عليه وآله") قال عمر: يا رسول الله، تدخل على قوم هم لك حرب بغير سلاح ولا كراع؟
قال: فبعث النبي "صلى الله عليه وآله" إلى المدينة، فلم يدع فيها كراعاً ولا سلاحاً إلا حمله، فلما دنا من مكة منعوه أن يدخل الخ..
ثم ذكر: أنه "صلى الله عليه وآله" أرسل خالداً إلى عكرمة، فحاربه فهزمه حتى أدخله حيطان مكة([70]).
ونقول:
أولاً: إن هذا الكلام غير صحيح لأن خالداً لم يكن قد أسلم حينئذٍ بل كان لا يزال على الكفر، ويحارب مع أهل مكة، ويقود جيوشهم. وكان طليعة خيل المشركين ومعه مائتا فارس في الحديبية([71]).
ثانياً: قد صرحت النصوص: بأن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يأخذ معه من السلاح إلا السيوف في القرب([72])، وهي سلاح المسافر.
ونقول أيضاً:
1 ـ إن من الواضح: أن ما يقوله وما يفعله رسول الله "صلى الله عليه وآله" حجة ودليل على الأحكام، وعلى السياسات، وعلى الاعتقادات، وعلى المفاهيم، وعلى كل ما يمكن استفادته منه بطرق الاستفادة والدلالة التي يرضاها العقلاء بما هم عقلاء. ولم تزل البيانات الإلهية والنبوية تتوالى وتؤكد قولاً وعملاً على أن للبيت حرمته، ولمكة شرفها، ومكانتها.
وهذا بالذات هو ما يفسر لنا قوله "صلى الله عليه وآله" لعمر بن الخطاب، حين سأله عن ذلك: لست أحب أن أحمل السلاح معتمراً..
ولو أنه "صلى الله عليه وآله" قد أبدى أي تسامح في هذا الأمر ـ ولو بإظهار السلاح في حال اعتماره ـ لوجدت الظلمة والطغاة لا يكتفون بحمل السلاح، وإخافة الناس، وإنما هم يسفكون الدم الحرام، ويستحلون البلد الحرام في الشهر الحرام!! بسبب، وبدون سبب!!
2 ـ إن اللافت هنا: هو مطالبة عمر بن الخطاب نبي الرحمة بإشهار سلاحه، والاستعداد للحرب، في حين أننا لم نجد غيره قد طالب بمثل ذلك.. فهل خاف عمر على نفسه من بطش قريش؟!
أم أنه رأى أن عدم الاستعداد للحرب يخالف طريقة العقلاء الذين يحتاطون في مثل هذه المواقف؟! فأراد أن يعرف إن كان للنبي "صلى الله عليه وآله" تدبير آخر، يستطيع أن يدفع به غائلة قريش، ويحبط مساعيها العدوانية؟!
أو أنه اعتقد: أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان غافلاً حقاً عن هذا الأمر الخطير، فأراد أن يوجه نظره إليه، ليعدَّ للحرب عدتها قبل فوات الأوان، وقبل أن يحدث ما لم يكن بالحسبان؟!
أو أنه احتمل أن في الأمر سراً، وأن الأمور تسير وفق تدبير غيبي ومعجزة إلهية.. فأراد أن يطمئن إلى واقعية هذا الاحتمال..
إننا نترك تحديد ما هو الراجح من هذه الاحتمالات إلى القارئ الكريم الذي سوف يختار ما يتوافق مع ما عرفه في هذا الرجل من خصائص، ومن طبائع، وسمات.
عين لرسول الله ':
وقالوا: إنه "صلى الله عليه وآله" بعث من ذي الحليفة عيناً له من خزاعة، يقال له: بسر بن سفين، يخبره عن قريش([73]). وجعل عباد بن بشر في عشرين راكباً من المهاجرين والأنصار طليعة له([74]).
وقد كان بسر بن سفين حديث عهد بالإسلام؛ لأنه أسلم في شوال، فاختاره عيناً لأن من رآه لا يظن به ذلك لعدم اشتهار إسلامه.
والاستفادة من العيون والأرصاد لمعرفة تحركات العدو، والتحرز من أن يأخذهم العدو على حين غفلة هو مقتضى الحزم والحكمة.
وأما جعل الطلائع، فللأمن من غائلة الكمائن، من أجل أن تُشاغل الطليعة ذلك الكمين، حتى إذا بلغ الخبر الجيش، فإنه يتأهب لمعالجة الموقف، بالقوة اللازمة، والخطة المناسبة..
نبع الماء من بين أصابعه ':
وفي بعض المحال أقبلوا نحو رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وكان بين يديه ركوة يتوضأ منها، فقال: ما لكم؟!
قالوا: يا رسول الله، ليس عندنا ماء نشربه، ولا ماء نتوضأ منه إلا ما في ركوتك.
فوضع رسول الله "صلى الله عليه وآله" يده في الركوة. فجعل الماء يفور من بين أصابعه الشريفة أمثال العيون([75]).
قال جابر: فشربنا، وتوضأنا، ولو كنا مائة ألف لكفانا، كنا خمس عشرة مائة([76]).
وقالوا: "وإنما لم يخرجه "صلى الله عليه وآله" بغير ملابسة ماء في إناء، تأدباً مع الله تعالى؛ لأنه المنفرد بابتداع المعدومات من غير أصل"([77]).
ونقول:
إن إظهار الكرامة الإلهية لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، ليس أمراً عشوائياً، بحيث يكون بمناسبة وبلا مناسبة.. بل هو أمر هادف، يراد منه أيضاً الربط على القلوب، وصيانة الإيمان من التعرض للاهتزاز في مواجهة التحديات الكبرى، والكوارث والأزمات الحادة، التي تتمخض عن نكبات تزعزع وتزلزل، وتبعث اليأس والهزيمة في النفوس.
ثم يراد منه أيضاً: إزالة الشبهة، في حين تحجز المحاذير المختلفة عن التصريح ببعض الحيثيات والغايات لبعض المواقف، بسبب حساسية الظرف تارة، ولتلافي سوء استفادة الأعداء من ذلك أخرى، وربما يكون ذلك بسبب عدم توفر المستوى المطلوب من الوعي، وعدم توفر حسن تقدير الأمور، والعجز عن التدقيق في مناشئها وفي غاياتها، وإدراك ذلك وتوظيفه في حركة الواقع بصورة سليمة وقويمة..
فلا يبقى ثمة من وسيلة تحفظ للمؤمنين إيمانهم، حين تختلط عليهم الأمور، سوى أن يتلمسوا بوجدانهم، ويشعروا بكل وجودهم، وأن يحسوا بكل قواهم الباطنية، ويشاهدوا بأم أعينهم حقيقة اللطف الإلهي، والكرامة الربانية لرسول الله "صلى الله عليه وآله" ليكون هذا الارتباط بالغيب عن طريق الحواس الظاهرية هو الضمانة لحفظ التوازن في الباطن، بعد أن عجزت عقولهم عن الإمساك بأسباب هذا التوازن، بسبب فقدها لبعض ما يفيدها في ذلك..
وقد كانت الأمور في غزوة الحديبية ـ بما تفرضه الخصوصيات والأحوال ـ تتجه نحو اتخاذ قرار يصعب فهمه على الكثيرين، ويصعب أيضاً توضيح مناشئه وغاياته ونتائجه. كما أن أصحاب الأهواء والأغراض الدنيئة، وخصوصاً من أهل النفاق، قد يجدونها فرصة سانحة لإشاعة شبهاتهم، ونشر أباطيلهم، بنحو يصعب رتق الفتق الذي قد يتمكنون من إحداثه، بسبب استغلالهم السيئ لظرف صعب ودقيق.
وقد أظهرت الوقائع: أنه حتى الذين يزعمون أنهم في مواقع القرب من موقع القرار قد أعلنوا تشكيكاً خطيراً، حين كان الرسول "صلى الله عليه وآله" يكتب الكتاب في الحديبية حسبما سيأتي توضيحه.. فكانت هناك سياسات إلهية دقيقة تقضي بحفظ وحدة الناس، وترسيخ إيمانهم، وتقوية يقينهم، وقد بدأت بإخبار الناس بأمر الرؤيا التي رآها رسول الله "صلى الله عليه وآله" فيما يرتبط بدخوله مع أصحابه مكة على النحو الذي وصفه لهم.
ولكن كانت هناك أمور أيضاً لابد من إبقائها على حالة من الغموض، ليمكن الوصول إلى أفضل النتائج، وحفظ مستوى الاندفاع لدى أصحابه "صلى الله عليه وآله" ومن جاء معه، وإثارة أجواء تتسم بالقوة والتفاؤل فيما بينهم، وكذلك إثارة أجواء صعبة، وحساسة لدى مشركي قريش، تختلط فيها الحيرة بالدهشة، مع إثارة جو من الإبهام والغموض، الذي لا يسمح لقريش بالكثير من المناورة والحركة..
ومن هذه الأمور: أن لا يخبرهم في بداية الأمر بأن الذي رآه سوف لا يتحقق في مسيره ذاك، بل هو سيتحقق في وقت لاحق..
وطبيعي أن يكون لظهور هذا التأجيل في تحقق الرؤيا لأصحابه وقعاً غير عادي، قد لا يمكنهم معه حفظ ذلك المستوى من الصفاء والاندفاع، والحيوية، والسكينة والطمأنينة، التي تمكنهم من متـابعة الموقف بقوة وفاعليـة. مع ملاحظة: أنه لا توجد أية مصلحة في كشف كل الحقيقة لهم، بل قد يكون ضرر ذلك عظيماً وجسيماً.
فكان لا بد من تدخل الغيب الإلهي، والسعي إلى تجسيده لهم، لكي يتلمسوه ويحسوا به بوجدانهم، ومشاعرهم، وبكل كيانهم ووجودهم، ليكون هو الحافظ والحامي لهم، من تسويلات نفوسهم، ومن وسوسات الشياطين، ومن كيد المنافقين.
فكان نبع الماء من بين أصابعه الشريفة هو أحد مفردات ربطهم بذلك الغيب كما هو ظاهر.
لا أقبل هدية مشرك:
وذكروا: أنه "صلى الله عليه وآله" قدم الهدي. وسار، فلقي في طريقه طائفة من بني نهد، فدعاهم إلى الإسلام، فأبوا. وأهدوا له لبناً من نعمهم.
فقال: لا أقبل هدية مشرك.
فابتاعه المسلمون منهم([78]).
ونقول:
قد تقدمت الإشارة: إلى هذا الأمر في الفصل الذي تحدثنا فيه عن أبي طالب رضوان الله تعالى عليه..
ونعود فنذكر القارئ هنا: بأنه "صلى الله عليه وآله" قد عاش في كنف عبد المطلب أولاً، ثم في كنف أبي طالب، وقد كان لهما الأيادي البيضاء عليه "صلى الله عليه وآله".. فلولا أنهما كانا على رأس أهل الإيمان في زمانهما لم يجعل الله تعالى لهما نعمة عند النبي "صلى الله عليه وآله"، تستحق الجزاء منه "صلى الله عليه وآله".
والذي يثير العجب هنا: أنه رغم كون أبي بكر مسلماً، ورغم كون النبي "صلى الله عليه وآله" يقبل الهدية من المسلم، فإنه لم يقبل الناقة من أبي بكر في ليلة الهجرة إلا بالثمن، مع أنه "صلى الله عليه وآله" كان بأمس الحاجة إليها، ليتمكن من النجاة عليها من كيد قريش.
فهل كان "صلى الله عليه وآله" يخشى من أن يمنَّ عليه أبو بكر بهذا العطاء؟!..
أم أنه قد أشفق على أبي بكر أن يرزأه شيئاً من ماله؟!..
أم أنه وجد في هذا المال شبهة، فأراد أن يتحرز من الارتطام بها؟!
أم أن للقضية منحى آخر، لا بد من صـرف النظر عن إظهـاره، والتدقيق في البحث عنه؟!..
لا ندري، غير أننا نقول:
إننا لسنا بحاجة إلى أن ننتظر المزيد من الدلالات والإشارات إلى واقع الأمر لكي ندري!!
هل يجوز أكل لحم الضب؟!:
وحين التقى النبي "صلى الله عليه وآله" ببني نهد، ابتاع المسلمون منهم ـ كما زعموا ـ ثلاثة أضُبّ، فأكل منها قوم قبل أن يحرموا، وأما المحرمون، فسألوا رسول الله "صلى الله عليه وآله" عنها، فقال: "كلوا، فكل صيد البر لكم حلال في الإحرام، تأكلونه، إلا ما صدتم، أو صيد لكم"([79]).
ونقول:
أولاً: إن الرواية قد صرحت: بأنه "صلى الله عليه وآله" قد أباح لهم أن يأكلوا ما سألوه عنه، معللاً ذلك بأن أكل صيد البر حلال في الإحرام، إلا ما صادوه أو صيد لهم..
ولكن يجب أن يكون مفهوماً: أن في الرواية درجة الإبهام، إذ ليس فيها تصريح بما أباح لهم أكله.. بل جاء الجواب في كلامه "صلى الله عليه وآله" تابعاً للسؤال، ولم يذكر في الرواية أية صيغة للسؤال المطروح.
فإن كانوا قد قالوا له: هل يجوز لنا أن نأكل الضب ونحن محرمون؟ فإن الجواب يكون هو أن أكل الضب مباح حال الإحرام..
وإن كانوا قد قالوا: هل يجوز لنا أكل الصيد حال الإحرام؟ فالجواب يكون بإباحة ذلك لهم.
والمناسب لطبيعة الحال هو السؤال الثاني؛ لأنهم إنما يشكُّون في جواز أكل الصيد حال الإحرام، سواء أكان ضباً أم غيره، فليس لخصوصية كونه ضباً أية مدخلية في شكهم هذا، بل الإحرام هو السبب في شكهم بجواز أكل ما يصطاد لهم. ولأجل ذلك جاء الجواب موافقاً لهذه الحقيقة، حيث قال: كل صيد البر لكم حلال في الإحرام، إلا ما صدتم أو صيد لكم..
ويشهد لذلك قوله: "كل صيد البر لكم حلال" فإن المقصود حلية الصيد الذي يكون جامعاً لشرائط الحلية في نفسه، إذ لا إشكال في عدم حلية أكل لحم الخنزير، حتى لو اصطاده المحلون منهم.
ثانياً: روى مسلم، عن ابن عباس، قال: أهدت خالتي أم حفيد إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" سمناً، وأقطاً، وأضباً، فأكل من السمن والأقط، وترك الضب تقذراً الخ.. ([80]).
فإذا كانت قذارة الضب إلى هذا الحد، فإن ذلك يجعله من الخبائث التي لا يجوز أكلها..
خصوصاً إذا علمنا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" حين أُخْبِر بأن ما يهم بمدِّ يده إليه، هو ضب؛ رفع يده، ولم يأكل.
وقد زعموا: أنه سئل عن ذلك، فقال: لم يكن بأرض قومي، فأجدني أعافه([81]).
ولأجل ذلك قالوا: إن من يقول بحرمته يقول: كان هذا (يعني عدم التحريم) قبل نزول قوله تعالى: ?..وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَآئِثَ..? والضب من جملته، لأنه "صلى الله عليه وآله" كان يستقذره([82]).
ثالثاً: قد رووا أيضاً عن جابر، قال: أتي رسول الله "صلى الله عليه وآله" بضب، فأبى أن يأكل منه، وقال: لا أدري، لعله من القرون التي مسخت([83]).
وعن أبي سعيد الخدري، قال: قال رجل: يا رسول الله، إنا بأرض مَضَبَّة، فما تأمرنا؟ أو فما تفتينا؟
قال "صلى الله عليه وآله": ذُكر لي: أن أمَّةً من بني إسرائيل مسخت.
فلم يأمر، ولم ينه.
قال أبو سعيد: فلما كان بعد ذلك قال عمر: إن الله عز وجل لينفع به غير واحد، وإنه لطعام عامة هذه الرعاء، ولو كان عندي لطعمته، إنما عافه رسول الله "صلى الله عليه وآله"([84]).
وسأل عنه أعرابي النبي "صلى الله عليه وآله" مرتين، فلم يجبه، وأجابه في الثالثة، فقال: يا أعرابي، إن الله لعن، أو غضب على سبط من بني إسرائيل، فمسخهم دواب، يدبون في الأرض، فلا أدري لعل هذا منها، فلست آكلها، ولا أنهى عنها([85]).
وعن ثابت بن وديعة، قال: أُتي النبي "صلى الله عليه وآله" بضب، فقال: أمة مسخت([86]).
وفي توضيح ذلك نقول:
ألف: إنه يستوقفنا هنا زعمهم: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قال: لا أدري، لعله من القرون التي مسخت.. فإننا لا نشك في كونه كلاماً محرفاً؛ لأن النبي "صلى الله عليه وآله" معصوم عن النسيان، وعن القول بغير علم.. ولم يكن الله تعالى ليحجب عن نبيه علماً ينفعه، أو تحتاج الأمة إلى معرفة حكمه، فلا معنى لما يذكرونه من إحجامه "صلى الله عليه وآله" عن الأمر والنهي، استناداً إلى عدم معرفته بالحقيقة. ولا معنى لاعترافه بالجهل في أمر يحتاج الناس إلى معرفة حكمه، وتحديد الموقف منه.
ب: إننا نستطيع أن نقول: إن المسوخ، وإن كانت لا تعيش أكثر من ثلاثة أيام، بعد مسخها، ولكن المهم هو أن تلك المخلوقات التي مسخت على صورتها، يراعى في أحكامها هذه الحقيقة، ومن ذلك عدم جواز أكلها.
ج: وعن المسخ على صورة الضب نقول: روي عن النبي "صلى الله عليه وآله": أن رجلاً من الأعراب كانت خيمته على ظهر الطريق، وكان إذا مرت به قافلة تسأله عن الطريق إلى مقصدها، يرشدها إلى خلاف ذلك المقصد، فإن أراد القوم المشرق ردهم إلى المغرب، وإن أرادوا المغرب ردهم إلى المشرق، وتركهم يهيمون([87]).
وهذا يناسب ما يقال عن الضب من أنه لا يهتدي لجحره، ويضرب في تحيره المثل.. وقد كان الرجل الممسوخ لا يرشد الناس إلى طريقهم، ويشير عليهم بما يحيرهم، ويتركهم يهيمون.
د: وأخيراً.. فإن الرواية التي ذكرناها قد ذكرت عن عمر بن الخطاب: أنه كان يصر على تحليل أكل الضب، وإقناع الناس بذلك، وتذليل الصعوبات أمامهم فيه.
ولعل رغبته هذه هي التي دعت الآخرين إلى ترجيح فتوى التحليل، والتخفيف من حدة دلالة النصوص المانعة، والله هو العالم.
والرجوع إلى أهل البيت "عليهم السلام" في مثل هذه الأمور، وفي كل الأمور هو الصحيح، وهو المتعَيِّن، فإن أهل بيت النبوة أدرى، والاتباع لهم أصوب وأحرى.
أكلات محرمة على المحرم وعلى غيره:
ورووا: أنه أهدي لرسول الله "صلى الله عليه وآله" حمار وحشي وهو بالأبواء، أو بودَّان، فرده على صاحبه، فلما رأى ما في وجهه، قال: إنَّا لم نرده عليك إلا أنَّا حرم([88]).
وأهدى بعض الأعراب من ودان: معيشاً، وعتراً، وضغابيس، فجعل "صلى الله عليه وآله" يأكل الضغابيس والعتر، وأعجبه، وأدخل على أم سلمة منه الخ..([89]).
ونقول:
إن كان المراد بالضغابيس هو صغار الثعالب، فلا شك في عدم صحة هذه الرواية؛ لأن أكل الثعلب حرام.
وإن كان المراد بها الضبع، أو أية دابة أخرى يحرم أكلها فكذلك.
وأما إن كان المراد بها صغار القثاء([90])، أو غيره من النباتات التي تؤكل، فلا إشكال..
وأما العتر، فإن كان المراد به الذبيحة، فإن الذابح إذا كان مشركاً، فلا يجوز الأكل من ذبيحته أيضاً..
علي × ساقي العطاشى في الجحفة:
قال الشيخ المفيد: روى إبراهيم بن عمر، عن رجاله، عن فايد مولى عبد الله بن سالم، قال: لما خرج رسول الله "صلى الله عليه وآله" في عمرة الحديبية نزل الجحفة، فلم يجد بها ماء، فبعث سعد بن مالك بالروايا، حتى إذا كان غير بعيد رجع سعد بالروايا، فقال: يا رسول الله، ما أستطيع أن أمضي، لقد وقفت قدماي رعباً من القوم!
فقال له النبي "عليه وآله السلام": اجلس.
ثم بعث رجلاً آخر، فخرج بالروايا حتى إذا كان بالمكان الذي انتهى إليه الأول رجع، فقال له النبي "عليه السلام": "لم رجعت"؟.
فقال: والذي بعثك بالحق، ما استطعت أن أمضي رعباً.
فدعا رسول الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليهما فأرسله بالروايا، وخرج السقاة وهم لا يشكون في رجوعه، لما رأوا من رجوع من تقدمه.
فخرج علي "عليه السلام" بالروايا حتى ورد الحرار([91]) فاستقى، ثم أقبل بها إلى النبي "صلى الله عليه وآله" ولها زجل([92]).
فكبر النبي "صلى الله عليه وآله" ودعا له بخير"([93]).
ونقول:
1 ـ إن هذين الرجلين اللذين أرسلهما النبي "صلى الله عليه وآله" بالروايا لم يثبتا أمام هواجس الخوف التي انتابتهما، ولم يلقيا بالاً، ولا أعارا اهتماماً لكل تلك المعجزات التي أظهرها لهم رسول الله "صلى الله عليه وآله".. حيث يفترض أن يدفعهما التفكر فيها، والتفاعل معها إلى خوض اللجج، وبذل المهج في سبيل تحقيق ما رغب إليهما النبي الكريم "صلى الله عليه وآله" في تحقيقه، فكانت نفساهما أحب إليهما من الله ورسوله، وجهاد في سبيله.
وكان علي "عليه السلام" على العكس منهما، قوياً في ذات الله، مؤثراً رضا الله ورسوله على كل ما في هذه الدنيا من زبارج وبهارج.
2 ـ إن هذه الحادثة تذكِّرنا بما جرى بعد ذلك في خيبر، حينما ذهب الرجلان ـ أبو بكر أولاً، وعمر ثانياً ـ بأمر الرسول "صلى الله عليه وآله" لمناجزة اليهود، ثم رجعا منهزمين مع من كان معهما، يجبن بعضهم بعضاً.
ويذكِّرنا أيضاً: بما جرى قبل ذلك في بني قريظة، حيث ذهب نفس الرجلين أيضاً ـ أعني أبا بكر وعمر ـ لمناجزة اليهود، ثم رجعا مع من كان معهما منهزمين، يجبن بعضهم بعضاً.
3 ـ وإن كتمان اسم الرجل الثاني الذي أرسله "صلى الله عليه وآله" بالروايا، ورجع خائفاً منهزماً بأوهامه وهواجسه، يثير فضولنا، وتأخذنا الاحتمالات والظنون فيه يميناً وشمالاً.. خصوصاً مع ما عرفناه وألفناه من تستر هؤلاء القوم على أسماء من يحبونهم، حين يجدون أن التصريح بها يضر بسمعتهم وبمكانتهم.
حديث الثقلين:
قالوا: ولما بلغ رسول الله "صلى الله عليه وآله" الجحفة أمر بشجرة، فقمَّ ما تحتها، فخطب الناس، فقال: "إني كائن لكم فرطاً، وقد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا أبداً: كتاب الله، وسنة نبيه"([94]).
ونقول:
إن كان هذا هو حديث الثقلين الشائع والذائع، الذي أحرج أهل السنة، فأخرجهم عن جادة الإنصاف والاعتدال، فهو النص المحرف له، أو هو نص آخر، يشبهه، زعموا: أنه هو، من أجل إبطال الحق، وتأييد الباطل. فخاب فألهم، وطاش كلمهم. وتوضيح هذا الأمر يحتاج إلى بعض التفصيل، الذي لا مجال له في سياق كهذا، غير أننا نقول:
1 ـ الثقل: بفتح القاف، أم بسكونها:
الظاهر: أن كلمة "الثقلين" هي بفتح الثاء المشددة والقاف بعدها.
قال ابن حجر الهيثمي: "سمى رسول الله "صلى الله عليه وآله" القرآن وعترته ثَقَلين، لأن الثَّقَل كل نفيس خطير مصون. وهذان كذلك، إذ كل منهما معدن العلوم الدينية، والأسرار والحكم العلية، والأحكام الشرعية؛ ولذا حث رسول الله "صلى الله عليه وآله" على الاقتداء والتمسك بهما، والتعلم منهما.
وقيل: سميا ثِقْلين، لثقل وجوب رعايتهما"([95]).
أو رعاية حقوقهما، قال الشريف الرضي في المجازات النبوية: تسمية الكتاب والعترة بالثقلين، وواحدهما ثقل، وهو متاع المسافر الذي يصحبه إذا رحل، ويسترفق به إذا نزل، فأقام عليه الصلاة والسلام الكتاب والعترة مقام رفيقيه في السفر، ورفاقه في الحضر، وجعلهما بمنزلة المتاع الذي يخلفه بعد وفاته([96]).
2ـ النص الصحيح والصريح:
إنه لا يمكن الاعتماد على هذه الرواية، والحكم بأنها هي حديث الثقلين المعروف وهي رواية: "كتاب الله، وسنة نبيه" بل المعتمد عند جهابذة العلم والرواية هو حديث الثقلين المروي بأسانيد صحيحة، وله نصوص متقاربة، منها ما ورد في صحيح مسلم، من أنه "صلى الله عليه وآله" قال في غدير خم:
"يوشك أن يأتي رسول ربي، فأجيب. وإني تارك فيكم الثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، خذوا بكتاب الله واستمسكوا به ـ فحث على كتاب الله ورغب فيه ـ ثم قال: وأهل بيتي. أذكِّركم الله في أهل بيتي، أذكِّركم الله في أهل بيتي الخ.." أو نحو ذلك([97]).
رواة الحديث من الصحابة:
وقد ذكر السخاوي: أن حديث الثقلين هذا مروي عن:
1 ـ أبي سعيد الخدري.
2 ـ زيد بن أرقم.
3 ـ جابر.
4 ـ حذيفة بن أسيد الغفاري.
5 ـ خزيمة بن ثابت.
6 ـ سهل بن سعد.
7 ـ ضميرة.
8 ـ عامر بن أبي ليلى.
9 ـ عبد الرحمن بن عوف.
10 ـ عبد الله بن عباس.
11 ـ عبد الله بن عمر.
12 ـ عدي بن حاتم.
13 ـ عقبة بن عامر.
14 ـ علي "عليه السلام".
15 ـ أبي ذر.
16 ـ أبي رافع.
17 ـ أبي شريح الخزاعي.
18 ـ أبي قدامة الأنصاري.
19 ـ أبي هريرة.
20 ـ أبي الهيثم بن التيهان.
21 ـ أم سلمة.
22 ـ أم هاني بنت أبي طالب.
23 ـ رجال من قريش([98]).
وقد زاد صاحب العبقات على ما تقدم؛ الأسماء التالية:
24 ـ الحسن بن علي "عليه السلام".
25 ـ سلمان الفارسي (المحمدي).
26 ـ حذيفة بن اليمان.
27 ـ زيد بن ثابت.
28 ـ عبد الله بن حنطب
29 ـ جبير بن مطعم
30 ـ البراء بن عازب
31 ـ أنس بن مالك
32 ـ طلحة بن عبيد الله
33 ـ سعد بن أبي وقاص
34 ـ عمرو بن العاص
35 ـ سهل بن سعد
36 ـ أبا أيوب الأنصاري
37 ـ فاطمة الزهراء "صلوات الله وسلامه عليها"
38 ـ أبا ليلى الأنصاري([99]).
حديث الثقلين متواتر:
وقد صرحوا: بأن النبي "صلى الله عليه وآله" قد قال هذا القول في مواطن عديدة، فقد قاله في عرفة في حجة الوداع، وقاله في المدينة في مرضه الذي توفي فيه. وقاله في غدير خم، وقاله بعد انصرافه من الطائف([100]).
وقد صرحوا: بأنه مروي عن نيف وثلاثين صحابياً([101]).
وقد ظهر مما تقدم: أنه مروي عن ما يقرب من أربعين.
وقد اعتبر ابن حجر الهيثمي الحديث المروي عن ثمانية من الصحابة متواتراً([102])، فكيف إذا كان مروياً عن ثمانية وثلاثين صحابياً؟! أو أكثر حسبما ذكرناه؟
وسنتي وعترتي متوافقان:
إن من الواضح: أن حديث: "كتاب الله وعترتي" متواتر.
وأما حديث: "وسنتي" فليس كذلك، فلو كانا متعارضين لوجب تقديم المتواتر.
على أن حديث "كتاب الله وعترتي" لا ينافي حديث "وسنتي".. بل هما حديثان مستقلان لا يضر أحدهما بالآخر، ولو سلمنا ارتباطهما فهو ارتباط لا يضر، حيث يكون أحدهما موضحاً، أو مقيداً للآخر، ويكون المعنى:
أن سنة الرسول "صلى الله عليه وآله" التي يوصي بها هي التي تنقلها العترة، وهي التي تحفظ من الضلال؛ لأن العترة معصومة عن الخطأ والسهو والنسيان، وعن كل نقص وعيب وخلاف..
أما السنة التي يأتي بها أمثال: أبي هريرة أو سمرة بن جندب، أو كعب الأحبار، أو عمرو بن العاص، أو معاوية وأضرابهم، فلا يؤمن عليها من أن تكون قد تعرضت للتحريف، أو التزييف..
فيكون في هذين الحديثين دلالة على الحجة، وعلى طريق ثبوتها..
أسرار في حديث الثقلين:
1 ـ وحديث الثقلين نفسه يدل على عصمة العترة "عليهم السلام"، لأنه "صلى الله عليه وآله" جعلها عدلاً للقرآن، في كون التمسك بها يوجب الأمن من الضلال، فلو كانوا "عليهم السلام" يسهون، أو يخطئون، أو ينسون، أو يكذبون ـ والعياذ بالله ـ أو يحتمل ذلك في حقهم لم يكن التمسك بهم من موجبات الأمن من الضلال عن الحق..
2 ـ قد أكد هذا الحديث أن هذه العصمة لهم ثابتة ومستمرة إلى حين الورود على الحوض، وهو يدل على بقائهم في موقع الهداية للأمة ما دامت الدنيا باقية، وذلك إنما يكون ببقائهم فيها بصورة فعلية، وعلى قيد الحياة، تماماً كما هو الحال بالنسبة لبقاء القرآن..
3 ـ إن هذا لا يكون إلا ببقاء إمامتهم وحضورهم.. وليكن هذا أحد الإرشادات إلى حياة الإمام المهدي "عليه السلام" إلى أن يرث الأرض ومن عليها.
قال الهيثمي: "في أحاديث الحث على التمسك بأهل البيت إشارة إلى عدم انقطاع متأهل منهم للتمسك إلى يوم القيامة. كما أن الكتاب العزيز كذلك"([103]).
4 ـ يضاف إلى ذلك: أنه لو جاز عليهم الخطأ لفارقوا القرآن، مع أن هذا الحديث يقول: إنهما لن يفترقا حتى يردا على النبي "صلى الله عليه وآله" الحوض..
5 ـ إن التعبير بأن القرآن والعترة لن يفترقا.. يعطي: أن القرآن يكون مع العترة ويصدقهم، ولا يكون مع غيرهم في مقابلهم أبداً، وأنه لا يتضمن أي شيء يخالف أقوالهم، وأفعالهم، كما أنهم هم أيضاً لا يفارقون القرآن..
وهذا معناه: أن القرآن والسنة يحتاجان إلى حافظ ومبين، يشرحهما، ويبين ناسخهما من منسوخهما، والمحكم من المتشابه فيهما، ويكشف عن غوامضهما، وينفي تحريفات المبطلين عنهما..
6 ـ لو كان الرجوع إلى الكتاب والسنة من دون رجوع للعترة يحفظ الأمة من الضلال، لم يختلف الناس بعد رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ولم يتفرقوا إلى عشرات الفرق، ولم يختلفوا في أحكامهم واعتقاداتهم و.. و.. الخ..
كما أنه لو كان الرجوع إلى الكتاب والسنة من دون العترة كافياً، لم يبق معنى لقوله تعالى: ?..فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ?([104]) فإنه إذا وجب السؤال، وجاء الجواب، فلا بد من الأخذ به، والعمل على طبقه، وهذا يستلزم ثبوت العصمة للمسؤول، إذ لولا ذلك لجاز أن يخطئ في الإجابة، ولا معنى لإيجاب الأخذ بالخطأ، ولا لإيجاب العمل به..
من هم العترة؟!
ومن الواضح: أن المقصود بالعترة ليس جميع أقارب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، بل المراد بهم قد بيَّنه "صلى الله عليه وآله" بقوله: "وعترتي أهل بيتي" كما صرحت به النصوص الكثيرة لحديث الثقلين.
وذلك يشير: إلى ما ورد في آية التطهير، التي أثبتنا أن المراد بأهل البيت "عليهم السلام" فيها هم: "أهل بيت النبوة" وقد دل حديث الكساء، وحديث الأئمة بعدي اثنا عشر وغيرهما، على أنهم: فاطمة، وعلي، والحسنان.. ثم الأئمة التسعة من ذرية الحسين "عليهم السلام"، فراجع كتابنا: "أهل البيت في آية التطهير".
وأخيراً: فقد قال السمهودي: "وهذا الخبر يفهم منه وجود من يكون أهلاً للتمسك من أهل البيت والعترة الطاهرين في كل زمان"([105]).
وقد ذكر العلامة الوشنوي كلاماً يفيد في توضيح هذا المعنى فراجع([106]).
الفصل الثاني:
من عسفان.. إلى الحديبية..
بـدايـة:
في هذا الفصل نذكر أولاً النصوص التي ذكرها المؤرخون وكتَّاب السيرة، ثم نعقبها ببعض التوضيحات، أو التصحيحات، أو المناقشات، التي نرى أن من المفيد الاطلاع عليها..
والنصوص هي التالية:
إطلاق الصرخة في مكة:
قال الصالحي الشامي وغيره: روى الخرائطي في الهواتف، عن ابن عباس، قال: لما توجه رسول الله "صلى الله عليه وآله" يريد مكة عام الحديبية، قدم عليه بِشر بن سفيان العتكي، فقال له: "يا بشر، هل عندك علم أن أهل مكة علموا بمسيري"؟ ([107]).
فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، إني لأطوف بالبيت في ليلة كذا وقريش في أنديتها، إذ صرخ صارخ من أعلى جبل أبي قبيس ـ ليلة أمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالمسير ـ بصوت أسمع أهل مكة:
هـيـوا لِـصَـاحِبِـكُمْ مِثْلي صَحَـابَتِهِ سِيرُوا إليه وكونوا معشراً كُرَمَا بعد الطواف وبعد السعي في مهـل وأن يَحُـوزَهُـمُ مـن مـكـة الحَرَمَا([108])
شاهت وجوهكم من معشر تكـل لا يـنـصـرون إذا مـا حاربوا صنما
فارتجت مكة، واجتمع المشركون، وتعاقدوا ألا يدخل عليهم بمكة في عامهم هذا.
فبلغ رسول الله "صلى الله عليه وآله" فقال: "هذا الهاتف سَلْفَعُ ـ شيطان الأصنام ـ يوشك أن يقتله الله (تعالى) إن شاء الله عز وجل".
فبينما هم كذلك إذ سمعوا من أعلى الجبل صوتاً، وهو يقول:
شـاهت وجوه رجال حالفوا صَنَمَاً وخـاب سَـعْـيـُهُـمُ ما قَصَّرَ الهِمَمَا
إني قـتـلـت عــدو الله سَـلْـفَـعَـةً شيطـان أوثـانـكم سحقاً لمن ظلما
وقـد أتـاكــم رســول الله في نـفر وكـلـهـم محـرم لا يسفكون دما([109])
قالوا: ولما بلغ المشركين خروج رسول الله "صلى الله عليه وآله" راعهم ذلك، فاجتمعوا وتشاوروا، فقالوا: أيريد محمد أن يدخلها علينا في جنوده معتمراً، فتسمع العرب أنه قد دخل علينا عنوة، وبيننا وبينه من الحرب ما بيننا؟! والله لا كان هذا أبداً ومنا عين تطرف.
ثم قدموا خالد بن الوليد في مائتي فارس إلى كراعِ الغميم، واستنفروا من أطاعهم من الأحابيش، وأجلبت ثقيف معهم، وخرجوا إلى بَلْدَح، وضربوا بها القباب والأبنية، ومعهم النساء والصبيان، فعسكروا هناك، وأجمعوا على منع رسول الله "صلى الله عليه وآله" من دخول مكة ومحاربته، ووضعوا العيون على الجبال، وهم عشرة أنفس يوحي بعضهم إلى بعض الصوت الخفي: فعل محمدٌ كذا وكذا، حتى ينتهي إلى قريش بِبَلْدَح([110]).
ورجع بشر بن سفيان الذي بعثه "صلى الله عليه وآله" عيناً له من مكة، وقد علم خبر مكة والقوم، فلقي رسول الله "صلى الله عليه وآله" بغدير الأشطاط وراء عُسْفَان فقال: يا رسول الله!! هذه قريش سمعت بمسيرك، فخرجوا ومعهم العُوذُ المَطَافِيل، قد لبسوا جلود النمور، وقد نزلوا بذي طوى، يعاهدون الله لا تدخلها عليهم أبداً، وهذا خالد بن الوليد في خيلهم قد قدمها إلى كراع الغميم.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "يا ويح قريش لقد أكلتهم الحرب، ماذا عليهم لو خلوا بيني وبين سائر العرب، فإن هم أصابوني كان ذلك الذي أرادوا، وإن أظهرني الله تعالى عليهم دخلوا في الإسلام وافرين، وإن لم يفعلوا قاتلوا وبهم قوة، فما تظن قريش؟ فوالله لا أزال أجاهدهم على الذي بعثني الله تعالى به حتى يظهره الله (تعالى) أو تنفرد هذه السالفة"([111]).
النبي ' يشاور أصحابه:
ثم قام رسول الله "صلى الله عليه وآله" في المسلمين، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال:
"أما بعد: يا معشر المسلمين، أشيروا عليَّ، أترون أن نميل إلى ذراري هؤلاء الذين أعانوهم فنصيبهم"؟.
وقال: "فإن قعدوا، قعدوا موتورين محروبين، وإن يأتونا تكن عُنُقاً ـ وفي لفظ: عيناً ـ قطعها الله، أم ترون أن نؤم البيت، فمن صدنا عنه قاتلناه"؟.
فقال أبو بكر (رضي الله عنه): الله ورسوله أعلم، يا رسول الله إنما جئنا معتمرين، ولم نجئ لقتال أحد، ونرى أن نمضي لوجهنا، فمن صدنا عن البيت قاتلناه.
ووافقه على ذلك أسيد بن الحضير.
وروى ابن أبي شيبة عن هشام بن عروة عن أبيه، ومحمد بن عمر عن شيوخه: أن المقداد بن الأسود (رضي الله عنه) قال بعد كلام أبي بكر:
إنَّا والله يا رسول الله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لنبيها: ?اذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ? ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون".
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "فسيروا على اسم الله"([112]).
صلاة الخوف:
ودنا خالد بن الوليد في خيله حتى نظر إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" وأصحابه، فصف خيله فيما بين النبي "صلى الله عليه وآله" وبين القبلة، فأمر "صلى الله عليه وآله" عباد بن بشر فتقدم في خيله، فقام بإزائه، فصف أصحابه، وحانت صلاة الظهر، فأذن بلال، وأقام، فاستقبل النبي "صلى الله عليه وآله" القبلة، وصف الناس خلفه، فركع بهم ركعة وسجد، ثم سلم، فقاموا على ما كانوا عليه من التعبئة.
فقال خالد بن الوليد: قد كانوا على غِرَّة، لو حملنا عليهم أصبنا منهم. ولكن تأتي الساعة صلاة أخرى هي أحب إليهم من أنفسهم وأبنائهم.
فنزل جبريل بين الظهر والعصر بهذه الآية: ?وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً?([113]).
فحانت صلاة العصر، فصلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" صلاة الخوف([114]).
النبي ' يخالف العدو في الطريق:
روى البزار بسندٍ رجاله ثقات، عن أبي سعيد الخدري مختصراً، ومحمد بن عمر عن شيوخه، قالوا: لما أمسى رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال: "تيامنوا، في هذا العَصَل.
وفي رواية اسلكوا ذات اليمين بين ظهور الحَمْض، فإن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة"([115]).
كره رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يلقاه، وكان بهم رحيماً، فقال: "تيامنوا فأيكم يعرف ثنية ذات الحنظل"؟
فقال بريدة بن الحُصَيْب الأسلمي: أنا يا رسول الله عالم بها.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "اسلك أمامنا".
فأخذ بريدة في العصل ـ قبل جبال سَرَاوِع ـ قبل المغرب، فوالله ما شعر بهم خالد حتى إذا هم بقترة الجيش، فانطلق يركض نذيراً لقريش، فسلك بريدة بهم طريقاً وعراً أجرل([116]) بين شعاب، وسار قليلاً تُنَكِّبُه الحجارة، وتعلقه الشجر، وصار حتى كأنه لم يعرفها قط.
قال: فوالله، إني كنت أسلكها في الجمعة مراراً، فنزل حمزة بن عمرو الأسلمي، فسار بهم قليلاً، ثم سقط في خمر الشجر، فلا يدري أين يتوجه، فنزل عمرو بن عَبْدِنُهْم الأسلمي، فانطلق أمامهم حتى نظر رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى الثنية، فقال: هذه ثنية ذات الحنظل"؟
فقال عمرو: نعم يا رسول الله.
فلما وقف به على رأسها تحدر به.
قال عمرو: فوالله إن كان لتهمني نفسي وحدها، إنما كانت مثل الشراك فاتسعت لي حين برزت، فكانت فجاجاً لاحبة. ولقد كان الناس تلك الليلة يسيرون جميعاً معطفين من سعتها يتحدثون، وأضاءت تلك الليلة حتى كأنا في قمر([117]).
وروى مسلم عن جابر مختصراً، وأبو نعيم عن أبي سعيد، وابن إسحاق عن الزهري، ومحمد بن عمر عن شيوخه:
قال أبو سعيد: خرجنا مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" عام الحديبية حتى إذا كنا بعسفان سرنا من آخر الليل حتى أقبلنا على "عقبة ذات الحنظل".
قال جابر: فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": من يصعد ثنية المِرار، فإنه يُحَطُّ عنه ما حُطَّ عن بني إسرائيل؟([118]).
فكان أول من صعد خيل من الخزرج، ثم تبادر الناس بعد.
وقال أبو سعيد: فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "مثل هذه الثنية الليلة كمثل الباب الذي قال الله تعالى لبنى اسرائيل: ?..وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ..?([119])"([120]).
وقال ابن إسحاق: إن المسلمين لما أن خرجوا من الأرض الصعبة، وأفضوا إلى أرض سهلة، قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "قولوا نستغفر الله ونتوب إليه".. فقالوا ذلك.
فقال "صلى الله عليه وآله": "والله إنها لَلْحِطَّة التي عرضت على بني إسرائيل فلم يقولوها"([121]).
قال أبو سعيد: ثم قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "لا يجوز هذه الثنية الليلة أحد إلا غفر له".
فلما هبطنا نُزُلَنَا فقلت: يا رسول الله، نخشى أن ترى قريش نيراننا.
فقال: لن يروكم([122]).
فلما أصبحنا صلى بنا صلاة الصبح، ثم قال: "والذي نفسي بيده لقد غفر للركب أجمعين إلا رويكباً واحداً على جمل أحمر التقت عليه رحال القوم ليس منهم"([123]).
وقال جابر: قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "كلكم مغفور له إلا صاحب الجمل الأحمر"([124]).
قال أبو سعيد: فطلب في العسكر فإذا هو عند سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، والرجل من بني ضمرة من أهل سيف البحر، يظن أنه من أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فقيل لسعيد: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال: كذا وكذا.
فقال له سعيد: ويحك!! اذهب إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" يستغفر لك([125]).
وقال جابر: فقلنا له: تعال يستغفر لك رسول الله "صلى الله عليه وآله"
فقال: والله، لأن أجد ضالتي أحب إليَّ من أن يستغفر لي صاحبكم([126]).
وقال أبو سعيد: فقال: بعيري والله، أهم من أن يستغفر لي.
إذاً هو قد أضل بعيراً له، فانطلق يطلب بعيره بعد أن استبرأ العسكر، وطلبه فيهم، فبينا هو في جبال سراوع إذ زلقت به نعله، فتردى فمات، فما علم به حتى أكلته السباع.
قال أبو سعيد: فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله" يومئذ: "سيأتيكم أهل اليمن كأنهم قطع السحاب. هم خير أهل الأرض"([127]).
تعقيبات على النصوص المتقدمة:
ونقول:
إن لنا على النصوص المتقدمة ملاحظات عديدة، بعضها للتوضيح، وبعضها للتصحيح، نذكر منها ما يلي:
لماذا عدل عن الطريق؟!:
وأما عدول النبي "صلى الله عليه وآله" عن الطريق, وعدم مواجهته طليعة المشركين التي كانت بقيادة خالد، فلعله يرجع إلى عدة أسباب..
منها: أنه لم يرد أن يواجه تلك الطليعة لكي يتجنب أي اشتباك معها, يمكن أن يدفع بالأمور إلى حيث تصبح الحرب مع قريش أمراً مفروضاً لا يمكن تجنبه، وقد يمكن لقريش أن تشيع: أن أصحابه، أو بعضهم هم الذين تسببوا بنشوب الحرب.
ومنها: أن ذلك يمثل ضربة لعنفوان قوى الشرك, حيث إن طلائعهم, وكذلك عيونهم المنتشرة في كل مكان، لم تغن عنهم شيئاً..
ومنها: أنه لا يريد أن يشعر المشركون بأنهم قادرون على التحكم بقرار الحرب, وأنهم قد فرضوا عليه أن يتحرك وفق ما رسموه له, مما يعني: أن خططهم ناجحة من الناحية العسكرية.
ومنها: أنه يريد أن يربك حركتهم العسكرية, ويعرفهم: أنهم غير قادرين على التحكم في مسار الأمور, مما يعني: أن أخطار المواجهة معه لا يمكن الاستهانة بها.. وأنهم لا يستطيعون ضمان النجاح في أي شيء..
من الذي يجمع الجموع لرسول الله '؟!
قد ذكرت بعض النصوص المتقدمة:
أن الخزاعي الذي أرسله النبي "صلى الله عليه وآله" عيناً له على قريش قد عاد إليه، فقال: "إني تركت كعب بن لؤي، وعامر بن لؤي قد جمعوا لك جموعاً، وهم مقاتلوك، وصادوك عن البيت.
فقال النبي "صلى الله عليه وآله": أشيروا عليَّ، أترون أن نميل إلى ذراري هؤلاء الذين أعانوهم، فنصيبهم؟ فإن قعدوا الخ.."([128]).
فالذي جمع الجموع ـ وفق ما قاله هذا النص ـ هو قبائل عامر وكعب ابنا لؤي.. مع أن أبا سفيان هو الذي يجمع الجموع، ويريد أن يقاتل النبي "صلى الله عليه وآله" ويصده عن البيت.. فما معنى نسبة هذا الأمر إلى هؤلاء بهذا التهويل والمبالغة؟!
على أن المذكور في النص الآخر هو قريش، وأن استشارته أصحابه إنما هي حين قدم خالد بمن معه..
سلفع شيطان الأصنام:
وأما الحديث عن صرخة شيطان الأصنام "سلفع"([129])؛ فهو حديث غريب وعجيب([130])، إذ فيه:
أولاً: أن الأبيات المنسوبة إلى "سلفع" في غاية الركاكة والسقوط، والبيت الثاني منها ليس له لون، ولا طعم، ولا رائحة..
وكذلك الحال بالنسبة للأبيات الأخرى، إذ لا نجد معنى مقبولاً أو معقولاً لقوله في البيت الأول: "ما قصر الهمما".
ثانياً: لماذا لم يقتل هذا الهاتف شيطان الأصنام قبل هذه الحادثة، فلم يقتله في حرب بدر، أو قبل الهجرة، أو في أحد، أو في حمراء الأسد، أو الخندق، أو غير ذلك؟!
ولماذا لم يكن سلفع الشيطان يخبر أهل مكة بتحركات رسول الله "صلى الله عليه وآله" ضدهم؟!
ثالثاً: كيف علم بسر (أو بشر) بن سفيان الذي أرسله النبي "صلى الله عليه وآله" من ذي الحليفة إلى مكة عيناً له: أن صرخة الشيطان كانت ليلة مسير رسول الله "صلى الله عليه وآله" إليهم؟ وكيف حضر في مكة ساعة هذه الصرخة؟! مع أن بسر بن سفيان لم يكن في مكة حين مسير النبي "صلى الله عليه وآله" إليها؟!.
ولو فرضنا: أنه كان فيها، فكيف جاء من مكة كل هذه المسافة قبل أن يجاوز رسول الله "صلى الله عليه وآله" ذا الحليفة.
وإذا كان قد عاد إليه، وكانت عودته قبل قتل سلفع، حتى أبلغه بصرخته، فقال له رسول الله "صلى الله عليه وآله": يوشك أن يقتله الله.. فلماذا تأخر قتل سلفع، كل هذه المدة؟!
رابعاً: إن بسر بن سفيان هو الذي يحدث النبي "صلى الله عليه وآله" بهذه الأحداث، وهو الذي يقول: فبلغ النبي ذلك، فأخبر أن هذا سلفع يوشك أن يقتله الله إن شاء الله.
ثم قال: فبينما هم كذلك إذ صوت الهاتف الثاني الذي أخبرهم بأنه قتل سلفعاً، فما معنى قوله: فبينما هم كذلك؟!
هل معناه: أنهم كانوا لا يزالون في مجالسهم وأنديتهم؟!
فكيف يكون ذلك الخبر قد وصل إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" ليقول في حق سلفع ما قال؟!
فإن ظاهر قوله: بلغ رسول الله "صلى الله عليه وآله": أنه بلغه بالطرق العادية.
خامساً: إن كلام سلفع لم يتضمن أي خبر لقريش عن تحركات رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ولم يخبرهم في شعره بأن رسول الله "صلى الله عليه وآله" يقصدهم بالحرب، أو أنه يقصد دخول مكة.
بل غاية ما فيه: أنه يطلب منهم أن يجهزوا جيشاً يشتمل على ضِعْفِ أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" وأن يسيروا إلى حربه، فما معنى قول الرواية: إنهم لما سمعوا ذلك الشعر "ارتجت مكة، واجتمع المشركون، وتعاقدوا: أن لا يدخل عليهم بمكة في عامهم هذا"؟!
سادساً: إذا كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" لا يريد إعلام قريش بمسيره، لكي يفاجئها بالأمر، ويجعلها أمام الأمر الواقع، ليربكها، ويشعرها بالعجز، والضعف، حيث يكون قد وجه لها صدمة روحية، حتى إذا استجاب لمطالبها، فإنه يكون في موقع المتفضل الرحيم بها..
نعم.. إذا كان الأمر كذلك.. فلماذا يتدخل هذا الهاتف الثاني ليفسد خطط رسول الله "صلى الله عليه وآله"، أو ليؤثر سلباً عليها، وذلك حين أخبر أهل مكة بمسيره "صلى الله عليه وآله" إليهم، وأنه على حال الإحرام، وما إلى ذلك؟!
بلدح أم ذو طوى؟:
وقد ذكرت الروايات المتقدمة: أن قريشاً ومن تابعها من ثقيف، وغيرها من القبائل قد تجمعوا في مكان يقال له: (بلدح)، وعسكروا هناك، ووضعوا العيون على الجبال، وتستمر الرواية لتقول: إن بسر بن سفيان الذي لقي النبي "صلى الله عليه وآله" بغدير الأشطاط، وراء عسفان قد قال للنبي الأعظم "صلى الله عليه وآله": إنهم "قد نزلوا بذي طوى".
ومن الواضح: أن (بلدح) هو واد غربي مكة ـ كما يقول ياقوت([131]).
وأما ذو طوى، فهو: واد في طريق التنعيم إلى مكة([132]).
خيارات لو أن قريشاً تلجأ إليها!!
ويستوقفنا هنا: قول رسول الله "صلى الله عليه وآله": يا ويح قريش لقد أكلتهم الحرب. ماذا عليهم لو خلوا بيني وبين سائر العرب، فإن هم أصابوني الخ..
ونقول:
إن نظرة منصفة إلى واقع الحال تعطينا: أن هذا الكلام من رسول الله "صلى الله عليه وآله" ما هو إلا رسالة ذات مغزى عميق ودقيق، يريد الرسول "صلى الله عليه وآله" أن يوصلها إلى الناس، من أجل سوقهم نحو هدف يريد أن يصل إليه، وأن يحصل عليه..
ويتضح ذلك من خلال البيان التالي:
أنه "صلى الله عليه وآله" قد بدأ كلامه بما يلتقي مع ما يعانيه الناس العاديون من شدائد إقتصادية، وضغوطات عاطفية، واجتماعية وأمنية، وخسائر في الأنفس، وفي الأموال، وفي العلاقات.. وغير ذلك..
حيث قال عن قريش: "لقد أكلتهم الحرب"!!.. مع ما في ذلك من إظهار درجة من العطف على هؤلاء الذين يظلمون أنفسهم، ويظلمون غيرهم، وهم قريش، أو على الأقل، فيه إيحاء، بأن من الممكن التجاوز عما مضى، وأن الأمور بينه وبين قريش لم تصل إلى نقطة اللا رجوع..
ثم قدم خيارات يجد فيها من يتعرض لهذه المعاناة متنفساً مقبولاً وحلاً معقولاً، ينسجم مع ما يصبو ويشتاق إليه من حب السلامة والراحة..
ولكن من الواضح: أن هذه الخيارات وإن كانت سوف تؤثر على مستوى ثقة العرب بقريش، وعلى علاقاتهم بها، ولكنها خيارات واقعية، تحمل معها الخلاص من العناء والشقاء، والبلاء وما يجري على قريش والمشركين، فإنما على نفسها جنت براقش.. وتلك هي نتائج الإثم والبغي والعدوان.
يضاف إلى ذلك: أن الأخذ بهذه الخيارات، من شأنه أن يوزع القوى، فيسهل على المظلومين مواجهة الظلم، لأن القوى حين تكون متفرقة فإنها لا تملك نفس القوة حين تكون مجتمعة، فإنه إذا قضي على قوة العرب الذين هم حول قريش فلن تنفع قريشاً قوتها.. خصوصاً مع تنامي قوة الإسلام، واتساع رقعته، وازدياد نفوذه.
والخلاصة: أنه "صلى الله عليه وآله" يقدم لقريش خيارات، لو عملت بها، فسوف تجد نفسها في أحضان الإسلام، ولن تقوى على مقاومته، ولا تجد مناصاً من الدخول فيه، وسوف تكون بأمس الحاجة إلى حمايته، والاستظلال بظله..
فالأمور التي طرحها "صلى الله عليه وآله" لا يمكن تجاهلها، بل لا بد من أن يعلق في أذهان الناس شيء منها، ويثير ذلك بلابل في صدورهم، وتبدأ من ثم الاقتراحات التي تنسجم مع أجواء تلك الخيارات، فتضعف العزائم عن خوض الحروب، وتنقاد النفوس لقبول حلول تقرِّبهم من أجواء السلم، والقبول بما كان مجرد تخيله يعد جريمة وخيانة، وعاراً عندهم..
وقد كانت المبادرة إلى العمرة، وإلى الإحرام، وسوق الهدي، تهدف إلى إثارة هذه الأجواء، حيث فرض عليهم الرضا بأن يعاهدوه ويصالحوه.. ورضوا أيضاً بأن يدخل إلى الحرم، ويحج البيت في سنة لاحقة.. مع أن التفكير الذي كان سائداً إلى تلك اللحظة هو لزوم قتله، وكل من معه.. فالتنزل والقبول بما هو أدنى من ذلك يعتبر إنجازاً عظيماً.
ولا شك في أن الخيارات السابقة التي طرحها الرسول "صلى الله عليه وآله"، وتحدثنا عنها آنفاً، قد أسهمت في إثارة هذه الأجواء التي ساعدت على الوصول إلى تلك النتائج الباهرة والفتح العظيم..
النبي ' يستشير أصحابه:
1 ـ وقد تقدم: أنه "صلى الله عليه وآله" قد استشار أصحابه في هذه المناسبة أيضاً. وقد أظهرت هذه المشورة أنه لم يكن لدى المسلمين ميل للقتال، ولا كانوا يتسترون بالإحرام، ويضمرون العدوان، حينما تمكنهم الفرصة. وقد كان لا بد من تسجيل وإظهار هذه الحقيقة للأجيال، فلم يعد يمكن للذين لا يؤمنون أن يقولوا: إن أقوال النبي "صلى الله عليه وآله" لا تعكس ما في ضميره، لأنه رجل سياسي، ومنطق السياسة التي درجوا عليها، هو المكر والخداع، وانتهاز الفرص السانحة.
2 ـ إننا نعتقد: أن مشورة أبي بكر بعدم القتال، كانت تنسجم مع سياساته الرامية إلى تعزيز قريش، وحفظ عنفوانها، وعدم المساس برموزها، كما ظهر من مشورته في حرب بدر، سواء بالنسبة لأصل الحرب، أم بالنسبة لسعيه لإنقاذ أسرى قريش من القتل.
3 ـ وكان لهذه التدخلات أثرها الضاغط على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، والمثير فيما بين المسلمين سلبيات كبيرة ومتنوعة، من حيث تأثيرها على مستوى الثقة والقناعة، ومن ثم على الطاعة والانقياد والرضا من قبل عامة المسلمين بقرارات النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله".
4 ـ لقد كان موقف المقداد في بدر وفي الحديبية، الذي هو الإعلان بالتسليم المطلق لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، هو الموقف الصحيح والصائب، الذي كان النبي "صلى الله عليه وآله" يريد له أن يتنامى وأن يشيع ويتأكد ويتجذر فيما بين المسلمين. ليصبح خلقهم وسجيتهم الظاهرة في كل حين، وكل وقت، وفي كل موقف.
5 ـ إن قوله "صلى الله عليه وآله": أترون أن نميل على ذراري هؤلاء؟ يراد به إظهار الخلق النبيل والسامي لأهل الإيمان، وأنهم يتعاملون مع الأمور بمنطق المبادئ والقيم، لا بمنطق الأهواء والغرائز، وردات الفعل. فإنه "صلى الله عليه وآله" قد أوضح: أن هناك قبائل قد انضمت إلى قريش لتحارب معها، وتركوا ذراريهم خلفهم بلا حام ولا كفيل. وهذا خطأ فادح، لأن المفروض بالمحارب: أن يحسب حساب عدوه، ولا يدع ماله وعياله يقعان في معرض الاستباحة!! فها هو رسول الله "صلى الله عليه وآله" يعرض الأمر على من معه، ويستدرجهم بسؤاله لهم إلى الإعلان بأنهم طوع إرادته، ورهن إشارته، ليرى الناس كيف يعفُّ ويعفو ولا يقدم على أي عمل يتناقض مع مبادئه ودينه رغم قدرته عليه.
من أجل ذلك نقول:
إن موقف المقداد هو الموقف الصحيح، فإن الإعلان بالطاعة ـ خصوصاً في مثل هذه المواقف ـ أمر مطلوب؛ حسبما أوضحناه، كما أنه يدخل الرعب واليأس في قلوب الأعداء، وتضعف توقعاتهم بزعزعة وحدة الذين جاؤوا لحربهم..
أما جواب أبي بكر، فهو يعني: أن في أصحاب النبي "صلى الله عليه وآله" من يتجرأ عليه، ويبادر إلى رسم الطريق له، ويطلب منه أن يكون بأمره، ورهن إشارته ويجعل نفسه في موقع من يعرف الرأي الصائب، ويتوهم أنه قد عرف ما لم يعرفه رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
وهذا الأمر يطمع العدو في المسلمين، ويدفعه إلى التفكير في التدخل في سياساتهم، بإلقاء الآراء المختلفة إليهم ليثير البلبلة في أفكارهم، ويلقي الشبهات لديهم في صوابية قرارات القيادة، ومدى إدراكها لما يجب فعله أو يجب تركه. وهذا خلل خطير وكبير تداركه المقداد رحمه الله، ورضي عنه وأرضاه.
الشورى في الحديبية:
وقد حاول البعض أن يدَّعي: "أن في عامة تصرفات الرسول "صلى الله عليه وآله", ما يدل على مشروعية الشورى, وضرورة تمسك الحاكم بها.
وعمل النبي "صلى الله عليه وآله" هنا يدل على طبيعة هذه الشورى, والمعنى الذي شرعت من أجله. فالشورى في الشريعة الإسلامية مشروعة, ولكنها ليست ملزمة، وإنما الحكمة منها استخراج وجوه الرأي عند المسلمين, والبحث عن مصلحة قد يختص بعلمها بعضهم دون بعض, أو استطابة لنفوسهم.
فإذا وجد الحاكم في آرائهم ما سكنت نفسه إليه, على ضوء دلائل الشريعة الإسلامية وأحكامها، أخذه, وإلا كان له أن يأخذ بما شاء, شرط أن لا يخالف نصاً في كتاب ولا سنة، ولا إجماعاً للمسلمين..
ولقد وجدنا أن النبي"صلى الله عليه وآله" استشار أصحابه في الحديبية, وأشار عليه أبو بكر بما قد علمت.
قال له: إنك يا رسول الله خرجت عامداً لهذا البيت, فتوجه له, فمن صدنا عنه قاتلناه.
ولقد وافقه النبي "صلى الله عليه وآله" في بادئ الأمر, ومضى مع أصحابه, متوجهاً إلى مكة، حتى إذا بركت الناقة, وعلم أنها ممنوعة, ترك الرأي الذي كان قد أشير به عليه.
وأعلن قائلاً: والذي نفسي بيده، لا يسألونني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها.
وحينئذ تحول العمل عن ذلك الرأي الذي أبداه أبو بكر إلى أمر الصلح والموافقة على شروط المشركين، دون أن يستشير في ذلك أحداً".
إلى أن قال: فهذا "يدل أيضاً على أن الشورى إنما شرعت للتبصر بها، لا للإلزام أو التصويت على أساسها"([133]).
ونقول:
إن لنا على هذا الكلام عدة ملاحظات، نذكر منها ما يلي:
1 ـ إنه ليس في تصرفات النبي "صلى الله عليه وآله" ما يدل على ضرورة تمسك الحاكم بالشورى، بل غاية ما تدل عليه: أنه يباح للحاكم أن يمارسها.
2 ـ إنه ليس في تصرفاته "صلى الله عليه وآله" ما يدل على أن الحاكم ملزم بالأخذ بما يشيرون به عليه، فقد يأخذ بمشورة أحدهم، وقد لا يأخذ بمشورة أحد منهم أصلاً، بل يأخذ برأي نفسه.
3 ـ إن حكمة ممارسة الشورى لا تنحصر بما ذكره ذلك البعض، بل قد تشمل إظهار نوايا بعض من يدلون بآرائهم فيها، لكي يعرف الناس تلك النوايا، ليمكنهم تمييز المخلص من غيره، والذكي من الغبي، والشجاع من الجبان، و.. و..
4 ـ إن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يكن بحاجة إلى رأي أحد؛ لأنه عقل الكل، ومدبر الكل، وفوق الكل. ولا يمكن أن يختص أحد بعلم شيء دونه.. فاستشارته للناس لا يمكن أن تكون لأجل معرفة الصواب من الخطأ، أو لأجل علم اختص به سواه.
5 ـ إن من أعظم الموبقات والجرائم في حق النبي الأعظم "صلى الله عليه وآله" هو القول بإمكان أن يأخذ برأي يخالف نصاً في الكتاب، أو السنة، أو الإجماع، فإن هذا يدل على انتفاء صفة العصمة عنه، ومن موجبات فقد الثقة بما يقول ويفعل..
وهذا القائل الذي نحن بصدد مناقشة كلامه ليس فقط لم يستثن النبي "صلى الله عليه وآله" من هذه المقولة، بل هو قد صرح: بأنه قاصد له فيها، حيث قال بعد حوالي أربع صفحات في إشارة منه إلى عباراته الآنفة الذكر، وموضحاً مراده فيها ما يلي:
"قد علمت فيما سبق: أن تصرفات النبي "صلى الله عليه وآله" لا تكتسب قوة الحكم الشرعي، إلا إذا أقرها الكتاب بالسكوت عليها, أو التأكيد لها. ولقد أقرَّ الكتاب كل بنود المصالحة إلا ما يتعلق برد النساء إلى بلاد الكفر, فلم يقرُّه, وذلك على فرض دخوله في بنود الاتفاقية وشروطها"([134]).
على أننا لم نفهم وجهاً لقوله: مخالفة الرسول "صلى الله عليه وآله" للسنة، فإن السنة هي نفس قول النبي "صلى الله عليه وآله" وفعله وتقريره..
كما أننا لم نفهم الوجه في مخالفة النبي "صلى الله عليه وآله" للإجماع، وكيف يمكن أن يتحقق ذلك.
وهذا يسقط الحقيقة التي تقول: إن قول الرسول "صلى الله عليه وآله" وفعله وتقريره حجة بنفسه على العباد، كما أنه يثير الشك والشبهة في ما يصدر عنه "صلى الله عليه وآله"، ويحتاج نفس قوله وفعله إلى مراجعة على أهل الاختصاص والاجتهاد لإجراء مقارنة بينه وبين الآيات، والاطلاع على الإجماعات التي قد تكون في حياته، أو تنشأ بعد وفاته، ليتم عرض كلامه عليها, وقياسه عليها!!
6 ـ وأما ما زعمه هذا القائل: من أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد أخذ برأي أبي بكر أولاً، ثم لما بركت الناقة, وعلم أنها ممنوعة ترك ذلك, وتحول إلى أمر الصلح والموادعة،
فهو غير صحيح: فإن رسول الله "صلى الله عليه وآله" شاورهم، وسمع مشورة أبي بكر, ومشورة المقداد, ثم قال: امضوا على بركة الله، فليس في كلامه أية دلالة على ما عقد العزم عليه، بل بقي متمسكاً بقوله: إنه لم يأت لقتال أحد, بل جاء للعمرة وزيارة البيت, وقال: "إن قريشاً قد نهكتهم الحرب, وأضرت بهم , فإن شاؤوا ماددتهم مدة, أو يخلوا بيني وبين الناس, وإن شاؤوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا, وإلا فقد جمُّوا الخ..".
فلماذا ينسب هذا الرجل لرسول الله "صلى الله عليه وآله" أمراً لم يكن؟
ولماذا يريد أن يظهر الخطأ والتقلب والاختلاف في مواقف الرسول "صلى الله عليه وآله"، من دون أي شاهد أو دليل إلا ما تنسجه يد التعصب لفريق بعينه، حتى لو أدى ذلك: إلى الاستهانة به "صلى الله عليه وآله"؟!
عباد بن بشر.. وصلاة الخوف:
وقد تقدم أيضاً زعمهم: أن خالداً دنا حتى نظر إلى رسول الله ، فأمر "صلى الله عليه وآله" عباد بن بشر فتقدم في خيله، فقام بإزاء خالد، فصف أصحابه، وحانت صلاة الظهر، فصلى النبي "صلى الله عليه وآله" بهم ركعة، ثم قاموا الخ..([135]).
ونقول:
إننا نشك في صحة ذلك، استناداً إلى ما يلي:
أولاً: إن خالد بن الوليد لا يجرؤ على التقدم إلى حد أن يصف خيله قبالة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، إذا كان معه مائتا راكب فقط، وكان المسلمون أضعاف هذا العدد..
ثانياً: ما معنى: أن يصل خالد ويصف خيله بين النبي "صلى الله عليه وآله" وبين القبلة؟!
وأين كانت خيل المسلمين في هذه اللحظة؟!
وكيف لم تبادر للوقوف في وجهه بمجرد ظهوره؟!
ولماذا لم تمنعه من أن يصف خيله؟!
ثالثاً: إذا كانت خيل المسلمين بقيادة عباد بن بشر قد اصطفت بإزاء خالد، فمعنى ذلك: أن المسلمين ملتفتون إلى عدد أفراد من معه، عارفون بمواقعه، مراقبون له.
فما معنى قول خالد, حين رأى النبي "صلى الله عليه وآله" يصلي بمن معه: "قد كانوا على غرة لو حملنا عليهم، أصبنا منهم"؟.
رابعاً: أين كان علي بن أبي طالب "عليه السلام" عن ساحة القتال آنئذٍ؟!
ولماذا قدم النبي "صلى الله عليه وآله" عباد بن بشر، ولم يقدم علياً، الذي كانت تخشاه قريش كل الخشية؟!
ألم يكن علي "عليه السلام" هو القائد العام في تلك الغزوة، كما كان في غيرها؟!
خامساً: إن الآية القرآنية تقول: ?حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِله قَانِتِينَ?([136])، وعلى هذا الأساس نقول:
ما معنى قول خالد عن صلاة العصر: إنها أحب إلى المسلمين من أنفسهم وأبنائهم؟!
فهل أمر الله للناس بالمحافظة على الصلاة الوسطى يجعل هذه الصلاة أحب إلى المسلمين من أنفسهم وأموالهم, ثم تصبح الصلوات الأخرى أقل أهمية من هذه الصلاة؟!..
سادساً: ما معنى: أن يركع النبي "صلى الله عليه وآله" بهم ركعة، ويسجد ويسلم في صلاة الظهر؟! فهل أصبحت صلاة الظهر ركعة واحدة؟! أم أن هذه هي صورة صلاة الخوف؟!
وإذا كانت صلاة الخوف، فما معنى قولهم: إن آية صلاة الخوف قد نزلت في صلاة العصر، لا في صلاة الظهر؟!
سابعاً: بالنسبة لنزول آية صلاة الخوف في هذه المناسبة نقول:
إن هناك روايات تعارض الرواية المذكورة، فقد:
1 ـ روي عن سليمان اليشكري: أنه سأل جابر بن عبد الله عن إقصار الصلاة، أي يوم أنزل؟!
فقال جابر بن عبد الله: وعير قريش آتية من الشام، حتى إذا كنا بنخل جاء رجل من القوم الخ([137]).
2 ـ عن ابن عباس: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد صلى صلاة الخوف يوم بطن نخلة([138]).
قال ياقوت الحموي: بطن نخل: قرية قريبة من المدينة على طريق البصرة([139]).
3 ـ وعن ابن عباس أيضاً: أن النبي "صلى الله عليه وآله"، قد صلاها بذي قرد.. ([140]) وقد تقدم ذلك.
4 ـ عن عائشة، وعن صالح بن خوات، عمن صلى مع رسول الله "صلى الله عليه وآله": أنه "صلى الله عليه وآله" قد صلاها في غزوة ذات الرقاع([141]).
وهذا هو المروي عن أبي عبد الله الصادق "عليه السلام"([142]).
5 ـ عن جابر: أن النبي "صلى الله عليه وآله" صلاها وهو محاصر بني محارب بنخل([143]).
وبعد ما تقدم نقول:
كيف يصح قول مجاهد: إنه "صلى الله عليه وآله" صلى صلاة الخوف بعسفان، والمشركون بضجنان، "فلم يصل رسول الله "صلى الله عليه وآله" صلاة الخوف قبل يومه ولا بعده"؟!([144]).
وكيف يمكن الاطمئنان إلى صحة ما ورد في تلك الرواية، من أن صلاة الخوف قد نزلت في غزوة الحديبية سنة ست؟!
ثامناً: إننا إذا أردنا أن نلزم هؤلاء الناس بما ألزموا به أنفسهم، فإننا نقول:
إنهم هم أنفسهم قد صرحوا: بأن صلاة الخوف قد نزلت في السنة السابعة([145])، أي بعد غزوة الحديبية بسنة. فما معنى دعواهم هنا: أنها شرعت ونزلت الآية في غزوة الحديبية..
تاسعاً: إن دعواهم: أن صلاة العصر كانت أحب إلى المسلمين من أنفسهم وأبنائهم، لم نجد ما يثبتها في التاريخ العملي، الذي يمكِّن خالداً من انتزاع هذه الصورة عنهم، والتصريح بها أمام جيشه..
يضاف إلى ذلك: أنه إذا كانت آية: ?حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى..? هي المنشأ لما قاله عن صلاة العصر، فإننا نقول:
إن المروي عن أهل البيت "عليهم السلام" هو: أن المقصود بالصلاة الوسطى هو: صلاة الظهر([146]).
وإذا أخذنا بالرواية التي تقول: إن الإمام الصادق، وكذلك الإمام الباقر "عليهما السلام" قد قرآ: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى، وصلاة العصر، وقوموا لله قانتين"([147])، فأضاف "عليه السلام" كلمة "وصلاة العصر" لأجل التفسير والبيان، وربما ليعلمنا: بأن هذا التفسير قد أنزله الله تعالى، وليس قرآناً، بل هو بمثابة الحديث القدسي، الذي هو من عند الله تعالى، ولكنه ليس من القرآن..
فنقول:
إن هذه الرواية تجعل صلاة الظهر في مستوى صلاة العصر، فما معنى كونها أحب إلى المسلمين من أنفسهم وأبنائهم؟!.
الرواية الأقرب إلى الاعتبار:
ولعل الرواية الأقرب إلى الإعتبار هي: تلك التي رواها علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الإمام الصادق "عليه السلام": أنها نزلت لما خرج رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى الحديبية، يريد مكة.
فلما وقع الخبر إلى قريش بعثوا خالد بن الوليد في مائتي فارس، كميناً، يستقبل رسول الله ، فكان يعارض النبي "صلى الله عليه وآله" على الجبال.
فلما كان في بعض الطريق، وحضرت صلاة الظهر، فأذن بلال، فصلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالناس، فقال خالد بن الوليد: لو كنا حملنا عليهم، وهم في الصلاة لأصبناهم، فإنهم لا يقطعون صلاتهم، ولكن تجيء لهم الآن صلاة أخرى، وهي أحب إليهم من ضياء أبصارهم، فإذا دخلوا في الصلاة أغرنا عليهم.
فنزل جبرئيل "عليه السلام" على رسول الله "صلى الله عليه وآله" بصلاة الخوف في قوله: ?وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ..? الآية([148]).
فليس في هذه الرواية أي شيء مما أوجب الإشكال على الرواية الأخرى التي ناقشناها آنفاً سوى هذه العبارة الأخيرة، التي قد يفهم منها أن الآية قد نزلت وأن تشريع صلاة الخوف قد حصل في هذه المناسبة.. مع أن هناك رواية عن أهل البيت "عليهم السلام" تصرح: بأن ذلك قد كان في غزوة ذات الرقاع([149]).
ويمكن تجاوز هذا الإشكال إذا كان المراد: أن جبرئيل "عليه السلام" قد نزل على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وأخبره بنية المشركين، وأن تكليفك يا محمد الآن هو: أن تعمل بالآية المباركة التي أنزلناها عليك في غزوة ذات الرقاع.. وليس المراد أن تشريع هذه الصلاة قد بدأ في الحديبية.
ولكن يبقى التساؤل الذي سجلناه حول قول خالد، عن صلاة العصر: إنها أحب إليهم من ضياء عيونهم.. فما هذه الخصوصية لصلاة العصر، ومن الذي عرَّف خالداً هذا الأمر عن المسلمين؟ هذا ما لم نستطع أن نهتدي إلى وجهه. والله هو العالم بالحقائق.
إتساع الثنية للمسلمين:
وقد لوحظ: أنه "صلى الله عليه وآله" قد أوضح للناس، أو أظهر في العديد من المواضع: الرعاية الغيبية لهم، وأخبرهم بالعديد من القضايا التي لا تعرف إلا بالإخبار الإلهي، والتوقيف.. مثل ما تقدم، من أن النبي "صلى الله عليه وآله" أخبر المسلمين: أن قريشاً لن ترى نيرانهم حين جاوز ثنية ذات المرار، وقد تقدم الحديث عن أن ثنية الحنظل قد اتسعت للمسلمين، فكانت فجاجاً لاحبة (أي واسعة)، بعد أن كانت ضيقة مثل الشراك.
وأن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد ذكر لهم: أن هذه الثنية مثل باب حطة لبني إسرائيل، وأخبرهم عن رجل لم يكن من المسلمين، وهم يظنونه مسلماً مثلهم، وهو موجود بينهم. وغير ذلك مما تقدم.
فإن ذلك كله وسواه مما ذكرناه في الفصل السابق ومما سيأتي، ما هو إلا توطئة للتقليل من وقع المفاجأة التي سوف يسقط فيها الكثيرون، وذلك حين يظهر لهم: أنهم سوف لن يدخلوا المسجد في عامهم هذا.. وأنهم قد أخطأوا حين ظنوا: أن ما أخبرهم به النبي "صلى الله عليه وآله" سوف يتحقق في نفس هذا المسير..
وقد فاجأهم هذا الأمر، إلى حد: أنهم امتنعوا عن طاعة أمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالإحلال في مواضعهم، والتأهب للعودة كما سنرى..
ولعله لولا ما رأوه من مزيد عناية الله تعالى بهم، ومن معجزات وكرامات إلهية لرسول الله "صلى الله عليه وآله" لتجاوز الأمر حدود الشك إلى ما هو أعظم وأدهى، وأشر وأضر على دينهم ويقينهم.
النبي ' عارف بالأمور ويستعين بالعارفين:
تقول النصوص: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" هو الذي أخبرهم بأن خالد بن الوليد قد وصل في خيل لقريش إلى الغميم ـ طليعة لقريش ـ ولم يظهر من إخباره هذا أنه قد تلقى ذلك من العيون.. وإن كان ذلك محتملاً. ثم إنه "صلى الله عليه وآله" قد سلك طرقاً معينة استطاع باختياره لها أن يفاجئ خالد بن الوليد، حتى لتقول الرواية: "فوالله، ما شعر بهم خالد، حتى إذا هم بقترة ـ أي بغبارـ الجيش فانطلق يركض نذيراً لقريش".
وهذه المفاجأة من شأنها أن ترهب خالداً ومن معه، وأن تربكهم بحيث يفلت زمام المبادرة من يدهم..
وقد ظهر مما تقدم: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" كان عارفاً بالمسالك، مطَّلعاً على المفاوز، بأسمائها ومواصفاتها، فهو يأمر أصحابه بسلوك فجاج معينة، ويوجه مسيرتهم في اتجاهات محددة، ولكنه مع ذلك يطلب من بريدة أن يكون هو الدليل للناس. ويحمل هذا التصرف من الدلالات والمعاني ما لا يخفى..
هل كان النبي ' رحيماً بالمشركين؟!:
لكن رواية سلوك المسلمين إلى ثنية ذات الحنظل قد تضمنت فقرة نرى أنها مقحمة في الرواية، لأسباب لا تخفى، فقد قالت الرواية: إنه "صلى الله عليه وآله" قال لأصحابه:
اسلكوا ذات اليمين بين ظهور الحمض، فإن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة.
"كره رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يلقاه، وكان بهم رحيماً".
ونقول:
صحيح أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان رحيماً، ولكن بالمؤمنين. أما المشركون المحاربون لله ولرسوله ولدينه، فالنبي "صلى الله عليه وآله" كان شديداً عليهم، ولا يتساهل معهم، إلا بمقدار ما يكون ذلك ضرورياً لدفع أذاهم عن أهل الإيمان، وتأليفهم على الإسلام. وقد وصف تعالى المؤمنين بقوله: ?.. أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ..? ([150]).
فما معنى حشر هذه الكلمة المنسوبة إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" في هذا الموضع؟!
ثم إن من الواضح: أنه "صلى الله عليه وآله" لم يأت قريشاً محارباً، وإنما جاء معتمراً، محرماً، فلا مكان للحديث عن الرحمة لقريش..
كما أن الاستفادة من عنصر المفاجأة من شأنه أن يسقط مقاومة العدو، ويضيِّع عليه فرصة تسديد ضربته، ويجعله في حالة ضياع وارتباك. ومن شأن هذا: أن يحفظ للمسلمين هيبتهم وقوتهم، وهيمنتهم، ويصون لهم سلامتهم.
ومن جهة ثالثة: إن خالداً ومن معه ـ أنفسهم ـ كانوا يعرفون أن لقاء المسلمين في ساحة الحرب لن يكون في مصلحتهم، خصوصاً بملاحظة الفارق الكبير في حجم القوة فيما بين الفريقين، فإن المسلمين كانوا أضعاف المشركين، وفيهم علي "عليه السلام" الذي عرفوه في بدر، وفي أحد، والخندق، و.. فهل تراهم يجازفون بأرواحهم في مثل هذه الأحوال؟!
إن غاية ما تستطيع هذه الطليعة فعله هو مشاغلة المسلمين لبعض الوقت، وإعاقة حركتهم إلى أن تأتي قريش وحلفاؤها إلى نجدتها..
بنو إسرائيل، وباب حطة:
وقد رووا أيضاً: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد أعطى ثنية ذات المرار صفة باب حطة الذي كان لبني إسرائيل، وأن من يصعدها يحط عنه ما يحط عن بني إسرائيل. وأنه لا يجوز أحد في تلك الليلة هاتيك الثنية إلا غفر له.. وأنه قد غفر للركب أجمعين إلا رويكباً واحداً على جمل أحمر الخ..
ونقول:
إن لنا تساؤلات ههنا لا بد من طرحها، نذكر منها ما يلي:
1 ـ لقد قال تعالى: ?وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُواْ هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ، فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ?([151]).
وقد أخبر النبي "صلى الله عليه وآله": أن كل ما كان في الأمم السالفة سيكون في هذه الأمة مثله.
وفي نص آخر: لتركبن سنن من كان قبلكم، حذو القذة بالقذة، ومطابق النعل بالنعل، حتى لو دخل أولئك جحر ضب لدخل هؤلاء فيه.
وفي بعض الروايات: لا تخطئون طريقهم، ولا يخطئكم سنة بني إسرائيل([152]).
وفي رواية أخرى: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" لما خرج إلى خيبر (وفي حديث إلى حنين) مر على شجرة، يقال لها: ذات أنواط، يعلقون عليها أسلحتهم.
فقالوا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط.
فقال لهم النبي "صلى الله عليه وآله": هذا كما قال قوم موسى: اجعل لنا آلهة كما لهم آلهة. والذي نفسي بيده لتركبن سنة من كان قبلكم([153]).
وهذا معناه: أن موضوع باب حطة المذكور هنا سيقع مشابهاً لما كان في بني إسرائيل، حيث تذكر الروايات: أن بني إسرائيل قد أخطأوا خطيئة، فأحب الله أن ينقذهم منها، إن تابوا، فقال لهم:
إن انتهيتم إلى باب القرية، فاسجدوا وقولوا حطة. تنحط عنكم خطاياكم.
فأما المحسنون، ففعلوا ما أمروا به.
وأما الذين ظلموا فزعموا: "حنطة حمراء" الخ.. ([154]).
أي أنهم بدل أن يقولوا: حطة.
قالوا: حنطة حمراء، تجاهلاً واستهزاءً.
والمراد بقولهم: "حطة" هو: حط عنا ذنوبنا يا الله.
وتطبيق ذلك على أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" في الحديبية، معناه: أن جماعة الخلص من المؤمنين هم الذين أطاعوا الله ورسوله في قضية الحديبية، أما الذين ظلموا فبدَّلوا قولاً غير الذي قيل لهم، ولم يقبلوا ما جاءهم به رسول الله "صلى الله عليه وآله"، واستخفوا به. فإعطاء وسام المغفرة للجميع لا يتلاءم مع ما أخبر الله ورسوله به من أن قوم النبي "صلى الله عليه وآله" سوف يفعلون مثل فعل بني إسرائيل..
2 ـ إن من الواضح: أن مجرد مسيرهم وفق دلالة الدليل، ووصولهم إلى ثنية المرار لا يكفي لاعتبار ذلك بمثابة باب حطة. بل هذا بمثابة خروج بني إسرائيل من أرض التيه، ونجاتهم منها..
فلا بد أن يتعرضوا لامتحان يشبه ما تعرض له بنو إسرائيل، فإذا اجتازوه، استحقوا المغفرة للخطايا، تماماً كما استحقها الذين أمروا بأن يدخلوا باب حطة سجداً، وأن يطلبوا حط الذنوب عنهم. وهذا ما لم يحصل من المسلمين بعد، فلماذا يبادر رسول الله "صلى الله عليه وآله" ويمنحهم هذه المغفرة؟! في حين أن المغفرة تحتاج إلى التوبة، ولم يظهر منهم بعد الذنب، ما يدل على التوبة، أو يشير إليها.
3 ـ لقد كان بين المسلمين أيضاً أناس من المنافقين، وقد اعتبروا عبد الله بن أبي كان رأسهم وقد حضر أيضاً الحديبية، فهل غفر الله له أيضاً؟! كما هو صريح العبارة المؤكدة على أن المغفرة قد نالت كل الحاضرين بدقة تامة، باستثناء رجل واحد، هو راكب الجمل الأحمر؟!
ويدل على حضور ابن أُبي في غزوة الحديبية قولهم: إن قريشاً بعثت في الحديبية إلى أُبي بن سلول: إن أحببت أن تدخل فتطوف في البيت، ففعل، فقال له ابنه عبد الله: يا أبت أذكرك الله ألا تفضحنا في كل موطن؛ تطوف، ولم يطف رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟!
فأبى حينئذٍ، وقال: لا أطوف حتى يطوف رسول الله "صلى الله عليه وآله".
وفي لفظ: إن لي في رسول الله "صلى الله عليه وآله" أسوة حسنة.
فلما بلغ رسول الله "صلى الله عليه وآله" امتناعه (رض) أثنى عليه بذلك([155]).
كما أن الجد بن قيس كان في ذلك الجمع أيضاً. وكان يرمى بالنفاق، وقد قالوا: إنه نزل في حقه في غزوة تبوك ما يدل على نفاقه.
بل هم يقولون: إنه حين جرت بيعة الرضوان تخلف عنها، ولم يتخلف عنها غيره.
قال بعض من حضر: كأني أنظر إليه لاصقاً بإبط ناقته، يستتر بها من الناس([156]).
فلماذا لم يستثنه النبي "صلى الله عليه وآله" ممن غفر له من الحاضرين في الحديبية؟!
بل إننا نلاحظ: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، قد أخذ البيعة في الحديبية من بعض من حضر ثلاث مرات.. أو مرتين كما كان الحال بالنسبة لسلمة بن الأكوع وغيره..
والبعض.. وإن كان يعتبر ذلك فضيلة لسلمة، ويظنه تنويهاً بشجاعته التي أظهرها في غزوة ذي قرد..
إلا أننا نشك كثيراً في صحة هذا التعليل، فإنهم يقولون: إن كثيرين من الصحابة كانوا أفضل من ابن الأكوع، ولأجل ذلك هم لا يرضون بتفضيل ابن الأكوع على ما يدَّعون أنهم العشرة المبشرون بالجنة، وهم يرون: أن أبا بكر، وعمر, وعثمان، وعلياً "عليه السلام"، أفضل من سلمة بن الأكوع بمراتب.
وأما شجاعة سلمة.. فلا شك في أنها لا تصل إلى مستوى شجاعة أبي دجانة، أو زيد بن حارثة، أو ابن رواحة، أو الزبير، أو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب "عليه السلام". فلماذا خصه النبي "صلى الله عليه وآله" بأخذ البيعة منه ثلاث مرات دون هؤلاء، ودون غيرهم، من أصحاب المواقف المشهورة؟!
على أننا قد قدمنا: أن ما يذكرونه عنه في غزوة ذي قرد لا يصح، والشواهد كلها على خلافه..
من أجل ذلك كله وسواه نقول: إننا لا نجد تفسيراً مقبولاً أو معقولاً لطلب البيعة منه أكثر من مرة إلا أنه "صلى الله عليه وآله" كان يتخوف من نكثه، فأراد أن يحرجه بذلك أمام المئات من صحابته، وأن يشير له: بأنه "صلى الله عليه وآله" عالم بدخيلة نفسه، فعليه أن يلزم حده، ويقف عنده.
الفصل الثالث:
حابس الفيل.. وحقوق الحيوانات
بـدايـة:
لسوف نتحدث في هذا الفصل عن الاختيار الإلهي لموضع الحديبية، وحبس الله ناقة رسول الله "صلى الله عليه وآله" هناك، ومنعها من مواصلة سيرها، ثم نتبع ذلك بفصول تُعنى بمتابعة الأحداث التي سبقت ورافقت ولحقت كتابة المعاهدة المعروفة بـ "صلح الحديبية".. التي اعتبرها الله سبحانه فتحاً مبيناً، ونصراً مؤزراً..
وسوف نحاول أن لا يكون حديثنا ذا اتجاه واحد، أي أننا لا نريد أن نستغرق في بيان الحيثيات، والدوافع، والنتائج السياسية لمعاهدة الهدنة، كما أننا لا نريد الاكتفاء بسرد الأحداث، وفقاً لما ورد في الروايات الحديثية والتاريخية.. بل نريد أن نعزز ذلك أيضاً بالإشارة إلى كل ما يستفاد من حركة الأحداث التي سبقت، ورافقت، ثم لحقت هذا الحدث الهام. سواء في ذلك، ما له مساس بالنواحي العقائدية، أم السلوكية، أم التاريخية، وغير ذلك.
بالإضافة إلى محاولة كشف مواقع الزيف والتزوير في المواضع المختلفة، بالمقدار الذي يسمح به المجال.
فمن أجل ذلك نورد بعض النصوص المتوفرة لدينا وفق ما هي عليه في مصادرها.
ثم نعقب ذلك ببعض التوضيحات، أو التصحيحات، أو الإثارات التي نحسب أنها ستكون مفيدة وسديدة إن شاء الله تعالى..
فنقول:
خلأت القصواء:
قالوا: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" سار من المدينة، فلما دنا من الحديبية وقعت يدا راحلته على ثنية تهبط في غائط القوم([157])، فبركت راحلته، فقال ـ وفي رواية: فقال الناس ـ: حَلْ، حَلْ.
فأبت أن تنبعث، وألحت، فقال المسلمون: خلأت القصواء([158]).
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": ما خلأت القصواء؛ وما ذاك لها بعادة.
وفي لفظ: بخلق. ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة.
ثم قال: والذي نفس محمد بيده، لا يسألوني اليوم خطة فيها تعظيم حرمات الله تعالى إلا أعطيتهم إياها.
ثم زجرها، فقامت، فولى راجعاً عوده على بدئه.
وفي رواية: فعدل عنهم، حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد، ظَنُون، قليل الماء الخ.. ([159]).
ونقول:
إن لنا هنا وقفات، هي التالية:
الحجة البالغة:
لقد ظهرت لرسول الله "صلى الله عليه وآله" في مسيره هذا معجزات وكرامات إلهية. وقد رآها، وعاش أجواءها جميع الذين كانوا معه في ذلك المسير، وكلها تدل: على أن الله تعالى يرعى نبيه "صلى الله عليه وآله"، ويسدده في ما هو بصدده، وهي تقطع لمن كانوا معه، ولغيرهم كل عذر، وتزيل عنهم كل شبهة وريب، وتفرض عليهم التسليم والانقياد له "صلى الله عليه وآله".
ولكن ما جرى لناقة النبي"صلى الله عليه وآله"، حسبما ذكرناه آنفاً، قد جاء ليعالج الأمر بطريقة مختلفة، وضعت فيها النقاط على الحروف، وانتقل من التلميح إلى التصريح، في نفس الأمر الذي عصاه فيه أصحابه "صلى الله عليه وآله".
فإن الفيل الذي حبس في قضية أبرهة عند دخول مكة يستجيب لأمر حابسه، وهو الله سبحانه، كما أن أمر الله هو الذي حبس ناقة رسول الله "صلى الله عليه وآله" عن الاستمرار في السير لدخول مكة فكان ما أراه سبحانه..
فما معنى إصرار أصحابه "صلى الله عليه وآله" على الدخول في أمر تدخَّل الله مباشرة لمنعه، وإلغائه؟ فإن هذا الإصرار منهم يُدخل تصرفهم هذا في عداد التمرد السافر على الله تعالى، بعد البيان الصادق، والتأكيد المتلاحق، تلميحاً تارة، وتصريحاً أخرى، بالقول وبالعمل والممارسة..
وهذا معناه: أنه لم يكن هناك أي مبرر لامتناع الأصحاب عن إطاعة أمر الله تعالى لهم بالإحلال من إحرامهم، بالحلق أو التقصير، والرجوع، حتى انتهى الأمر بافتضاح المتمردين على أمر الله ورسوله أيما فضيحة..
ويزيد من قباحة فعلهم هذا: أنهم بإحرامهم للعمرة إنما يعلنون، بصورة عملية: أنهم بصدد طاعة الله سبحانه، وأنهم زاهدون في هذه الدنيا، ولا تهمهم أنفسهم، وأنهم تائبون من كل ما بدر منهم من ذنوب، مستسلمون إلى الله سبحانه في كل ما يختاره لهم، فما معنى أن يعودوا للتمرد عليه وعلى رسوله؟! وما معنى أن يعصوا أوامره؟! وأن يشكوا في دينهم شكاً لم يشكوا مثله قبل ذلك، ولا بعده، كما صرح به بعضهم؟!
وكيف يطيعون رسول الله "صلى الله عليه وآله" في المسير للعمرة، ولا يطيعون أمره في الإحلال منها؟!
والذي يزيد الأمر خطورة وتعقيداً، أن المسلمين حتى حين أحلوا وحلقوا رؤوسهم، قد ظهر منهم أنهم كانوا مرغمين على هذا الإحلال، حتى إنهم حين كانوا يحلقون رؤوس بعضهم كاد بعضهم أن يقتل بعضاً بالجراحات، من شدة غمهم وارتباكهم، وعظيم غيظهم..
ولا شك بأن قرار رسول الله "صلى الله عليه وآله"، هو السبب فيما حدث لهم من هم وغم، وأن غضبهم كان منه "صلى الله عليه وآله"، حيث لم يرضوا بما رضيه الله ورسوله لهم.
فأين هذا من قول زينب صلوات الله وسلامه عليها في مناسبة ما جرى على أقدس الخلق، وهو الإمام الحسين "عليه السلام" ومن معه، وصحبه في كربلاء: "رضا الله رضانا أهل البيت".
وحين سألها ابن زياد: كيف رأيت صنع الله بأخيك، قالت: ما رأيت إلا جميلاً، وغير ذلك كثير..
فيا ساعد الله قلب رسول الله "صلى الله عليه وآله" على هذا المصاب الجلل، الذي أظهر بوضوح: كيف أنه ما أوذي نبي بمثل ما أوذي "صلى الله عليه وآله".
ومن جهة أخرى: فإن الله سبحانه قد صرح: بأن من جملة أسباب منع المسلمين من دخول مكة على حال الحرب، هو وجود أناس مؤمنين في مكة، لم يكن المسلمون يعرفون بإيمانهم، وكان دخولهم مكة سوف يلحق الضرر بهم.
قال تعالى: ?هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَالهَدْيَ مَعْكُوفاً أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَؤُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللُه فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاء لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً?([160]).
مقارنة.. واستنتاج:
قد قرأنا في حديث هجرة الرسول الأعظم "صلى الله عليه وآله": أنه لما هاجر إلى المدينة، ودخلها، اعترض بنو سالم طريقه، وطلبوا منه أن يقيم عندهم، فقال لهم "صلى الله عليه وآله" مشيراً إلى ناقته:
"خلوا سبيلها، فإنها مأمورة، وقال أيضاً مثل ذلك لبني بياضة، وبني ساعدة، وبني الحارث بن الخزرج، وبني النجار.. فلما بركت عند باب مسجده "صلى الله عليه وآله" في مربد لغلامين من بني النجار، نزل عنها، وبنى هناك مسجده"([161]).
وهذا يعطي: أن هناك حيوانات لها خصوصيتها، ولها مهماتها، التي رصدها الله تعالى لها.. فتأتيها الأوامر بتلك المهام، فتنفذها بدقة، بالطرق التي يسرها لها الله تعالى.
وقد كانت ناقة الرسول "صلى الله عليه وآله" التي هاجر عليها، والتي ركبها في الحديبية من هذا النوع المميز والكريم.
ويلاحظ: أن النبي "صلى الله عليه وآله"، لم يقل: إنها مأمورة، بل قال: حبسها حابس الفيل، وقصة ذلك الفيل هي التالية:
حابس الفيل:
روى أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله "عليه السلام" ما جرى بين عبد المطلب وأبرهة، وفيه: "..فردت عليه إبله، فانصرف عبد المطلب نحو منزله، فمر بالفيل في منصرفه، فقال له: يا محمود.
فحرك الفيل رأسه.
فقال له: أتدري لم جاؤوا بك؟!
فقال الفيل برأسه: لا.
فقال عبد المطلب: جاؤوا بك لتهدم بيت ربك، أفتراك فاعل ذلك؟!
فقال برأسه: لا.
فانصرف عبد المطلب إلى منزله، فلما أصبحوا غدوا الخ.."([162]).
لماذا شبهها بقضية حبس الفيل؟!:
وإن إشارته "صلى الله عليه وآله" إلى الفيل، وإلى حابسه تعطينا:
أولاً: إن الله تعالى هو الذي تولى منعه عن دخول مكة، وليس المانع هو الخوف من قريش.
ثانياً: لقد كان المطلوب هو أن يدخل رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى مكة بصورة لا ينشأ عنها أية مشكلة.. حتى لو كان دخوله حقاً له، وحتى لو ظلموه بمنعه عن ممارسة هذا الحق..
فالدخول الذي ينتهي بالقتال وكسر حرمة البيت مرفوض، حتى لو كان المانع من هذا الدخول ظالماً..
وقد حبس الله الفيل ليشير إلى حرمة هذا البيت، ولتقوم الحجة بذلك على أبرهة ومن معه الذين ينكرون حرمته، ويسعون لإسقاطها، حتى إذا أهلكهم الله تعالى أهلكهم عن بينة.
ثالثاً: لقد كان حبس ناقة رسول الله "صلى الله عليه وآله" من موجبات زيادة يقين أهل الإيمان، ومن موجبات تعظيمهم بيت الله سبحانه، وتأكيد حرمته في قلوبهم..
ونوضح ذلك كما يلي:
لقد ذكرت الروايات: أنه لما بركت ناقة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وادَّعى أصحابه أنها حرنت.. رد عليهم "صلى الله عليه وآله" بالإشارة إلى أن لكل ناقة خُلقاً، وأن ذلك ليس لها بخُلق، ثم صرح: بأن السبب إلهي غيبي، وهو: أن حابس الفيل هو الذي حبسها.
أهمية قصة الفيل:
ونريد أن نتوقف قليلاً عند هذه الإشارة النبوية المباركة والهادية، لنطل منها على بعض اللمحات في قضية أصحاب الفيل.. فنقول:
إن هذه القضية قد أصبحت مفصلاً تاريخياً هاماً لدى الإنسان العربي، والمكي بصورة خاصة، وقد كان لها عميق التأثير في روحه وفي وجدانه. حتى جعلها مبدءاً لحساب التاريخ للمواليد، وللأحداث الصغيرة والكبيرة، والحقيرة والخطيرة.
وعام الفيل هو العام الذي ولد فيه رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وأرخ به مولده "صلى الله عليه وآله"، وذلك في السابع عشر من شهر ربيع الأول.
وقد خلد القرآن هذا الحدث الفريد في سورة قرآنية، اسمها سورة الفيل، وهي التالية:
{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ، أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ، وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ، تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ، فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ}([163]).
والأبابيل: هي الفِرَق أو الجماعات المتفرقة زمرة زمرة. وهي جمع لا واحد له..
وطير أبابيل: أي فرق متتابعة متجمعة.
والسجيل: الطين. وقال البيضاوي: الطين المتحجر.
موجز عن هلاك جيش أبرهة:
وملخص القضية:
أن ملك اليمن قد صمم على مهاجمة الكعبة وهدمها، فجاء أبرهة إلى مكة في جيش كثيف، قيل إنه حوالى ستين ألف مقاتل، ومعه فيل أبيض عظيم الخلقة لم ير مثله، ويقال: كان معه فيلة كثيرة أخرى أنهى بعضهم عددها إلى ألف فيل!!
وإنما أدخلوا عنصر الفيلة في جيشهم، لأنهم يرون أن هذه الفيلة العظيمة الخلقة قادرة على هدم الجدران، حين تنطحها برأسها، وتقوضها بأنيابها الطويلة والبارزة. وهي أيضاً مصدر تخويف وإرهاب للآخرين، ومن وسائل إظهار الشوكة والعظمة والعزة لأصحابها..
وحين حلَّ هذا الجيش في هذه المنطقة فرَّ أهل مكة إلى الجبال، وبقي عبد المطلب، وربما شخص آخر.. فاستولى أبرهة على إبل لعبد المطلب، فجاء عبد المطلب إليه، فعظمه أبرهة وبجله لهيبته، لأنه كان رجلاً جليلاً وجميلاً ومهيباً، فطالبه بإبله، فأظهر أبرهة أنه كان يتوقع منه أن يطالبه بالرجوع، فمطالبته بأمر شخصي أفقده المكانة التي كانت له لديه.
فقال عبد المطلب: إنه هو رب الإبل، وللبيت رب يمنعه.
فلما انصرف عبد المطلب مرَّ على الفيل الأعظم، فسأله إن كان يدري لماذا جاؤوا به إلى هذه الأرض، فأشار إليه الفيل برأسه: أنه لا يعلم.. فأخبره أنهم يريدون هدم الكعبة، فهل هو فاعل، فأشار برأسه: أنه لا يفعل ذلك.
ثم بدأ أبرهة هجومه على مكة والحرم، فلما وصلوا إلى الحرم امتنع الفيل الأعظم عن دخوله، وبعد عدة محاولات فاشلة هاجموا ذلك الفيل بسيوفهم، وقتلوه.
ثم جاءت من جهة البحر جماعات من الطيور تشبه طير الخطاف، وكانت تطير قريبة من الأرض ويحمل كل واحد منها ثلاثة أحجار من الطين اليابس، أحدها في منقاره.. والآخران في رجليه.. فلاحق ذلك الجيش، وصار يرميهم بتلك الأحجار، فكان الحجر يقع على رأس الرجل، فيخرق مغفره حديداً كان أو غيره، ويخرق الرأس والبدن، حتى يخرج من دبر ذلك الرجل، بل يضرب الأرض، ويحدث فيها أثراً أيضاً.
عبر وعظات:
وقد ذكَّر النبي "صلى الله عليه وآله" الناس بهذا اللطف الإلهي، وبهذه المعجزة الربانية التي تجلت فيما جرى لأصحاب الفيل.. مؤكداً بذلك العديد من الحقائق، التي كان الناس يحتاجون إلى تلمسها بصورة حية، وعميقة.. ومنها:
1 ـ التأكيد على معنى التوحيد، وتعميق الاعتقاد بالله الواحد الأحد القادر، والقاهر.. الذي لا يعجزه شيء، ولا يلغي إرادته أحد، مهما كان جباراً وعاتياً.
2 ـ إبطال ما يزعمونه لأصنامهم من تأثير في حياة الناس، مهما كان ضئيلاً، وضعيفاً، ولو على مستوى الوهم والتخيل. فإنها لا تستطيع أن تدفع عن نفسها، ولا يمكنها منع الآخرين من تحطيمها، ومن التصرفات المختلفة فيها.. فضلاً عن أن تكون لها قدرة على سحق جبروت الجبارين، وإبطال كيد الظالمين.
3 ـ ولا بد أن يتذكر الناس كلهم قول عبد المطلب لأبرهة، الذي هزَّ كيانه، وتطامن له كبرياؤه: إن للبيت رباً يمنعه.
4 ـ إن عبد المطلب حين انصرف من عند أبرهة مرَّ بالفيل، فقال له: يا محمود، فحرك الفيل رأسه، فقال له: أتدري لم جاؤوا بك؟!
قال الفيل برأسه: لا.
فقال عبد المطلب: جاؤوا بك لتهدم بيت ربك، أفتراك فاعل ذلك؟
فقال برأسه: لا. فانصرف عبد المطلب إلى منزله([164]).
إن على الناس أن يتذكروا ما قاله عبد المطلب للفيل، حيث ناداه باسمه "محمود"، أو وصفه بهذا الوصف، ثم امتناع ذلك الفيل عن دخول الحرم للتعرض للكعبة، الأمر الذي اوجب انفجار غضب سائقيه عليه، فقطعوه بسيوفهم..
5 ـ إن في هذا الأمر إلماحاً إلى: أن موضوع الإيمان بالله، والخضوع لإرادته، أو التمرد عليه، لا يختص بالبشر، بل هو يشمل سائر مخلوقات الله تبارك وتعالى، كما أشرنا إليه أكثر من مرة في هذا الكتاب وفي غيره، وأوردنا له الشواهد الكثيرة من كتاب الله، ومن النصوص عن المعصومين "عليهم السلام"، ومن الوقائع التاريخية المختلفة..
6 ـ قد ظهر أن عبد المطلب كان يعلم: أن الفيل يفهم ما يقول، وأنه سوف يجيبه على سؤاله..
وكان يعلم أيضاً: أن الفيل هو الذي يختار أن يفعل، ويختار أن لا يفعل.
7 ـ إن الأمر الذي لا بد من التأمل فيه هو: أن الكثير من الناس يخاطبون الحيوانات، ولكنها لا تجيبهم. ولنا أن نطمئن إلى أن هذا الفيل لا يجيب آنئذٍ غير عبد المطلب لو خاطبه، فهل لعبد المطلب خصوصية في إيمانه؟! أو مع الله تخوله مخاطبة الحيوانات، وتفرض عليها أن تستجيب له، وتجيبه؟!
وما هي تلك الخصوصية؟!
أهي خصوصية النبوة التي وردت في حديث عن النبي "صلى الله عليه وآله"، مفاده: أن الله لم يزل ينقل رسول الله "صلى الله عليه وآله" من صلب نبي إلى صلب نبي حتى أخرجه من أبيه عبد الله؟!
8 ـ اللافت هنا: أن الناس كلهم قد تركوا مكة في قصة الفيل، واعتصمو بالجبال المحيطة باستثناء عبد المطلب، الذي أقام على سقايته، وشيبة بن عثمان بن عبد الدار الذي أقام على حجابته([165]).
ويفهم من روايات أخرى: أن عبد المطلب بقي وحده([166]).
9 ـ ونلاحظ: أن الله تعالى لم يرسل على أصحاب الفيل ريحاً صرصراً عاتية، ولم يخسف بهم الأرض، ولا أصابهم بصاعقة، ولا أرسل عليهم حاصباً من السماء، ولا أخذهم الطوفان، ولا غير ذلك..
كما أنه لم يرسل عليهم وحوشاً ضارية، كالأسود أو الذئاب، ولا سلط عليهم النسور والعقبان، ولا أي طير آخر يعد في جملة الجوارح؛ لأن ذلك كله يمكن التماس تأويلات وتفسيرات طبيعية له، قد تضعف من درجة الوعي لمضمونه الصحيح، وتفصل علاقته بالغيب، وتلحق ضرراً بالغاً بالقناعة بأنه فعل رباني، وتدخل إلهي مباشر.
فقد يزعم زاعم: أن الجوع والصدفة هما اللذان جمعا هذه الوحوش في هذا المكان والزمان.
وأن الطوفان قد جاء: نتيجة زلزال عظيم حدث في قاع البحر.
وأن الحاصب قد كان: نتيجة اصطدام بعض الكواكب السيارة ببعضها حتى تناثرت مكوناتها، فوصلت إلى الأرض في هذا الموقع دون سواه حفنة قاتلة.
وأن الخسف قد حصل: بسبب تحرك أو انزلاق الصفائح الصخرية وسواها في الفجوات التي تكون عادةً في أعماق الأرض.
وأن الصاعقة: عبارة عن نيازك ضلت طريقها، فأصابت هذا الموقع أو ذاك.
وذلك كله من شأنه أن يقلل من قيمة حادثة الفيل، أو يحدَّ من تأثيرها في هداية البشر.
بل أرسل عليهم طيوراً صغاراً كالخطاف([167]) ـ كما صرحت به النصوص ـ تقصدهم دون سواهم من الناس الحاضرين في ذلك المحيط. وقد استطاعت أن تقضي على ذلك الجيش المجهز بكل عناصر القوة، بوسائل بسيطة جداً لا يمكن أن تلحق أدنى أذى بالغير، فضلاً عن أن تكون سبباً في قتله، أو أن تخترق جسمه وما يلبسه من حديد، وغيره.
ثم إن هذه الطيور الضعيفة تكرر غاراتها على أهدافها، مرة بعد أخرى، في إشارة ودلالة واضحة على القصد والعمد منها فيما تمارسه من فعل، وأنها تنفذ أمراً موكلاً إليها، تعرف حدوده وآثاره، وآفاقه بدقة.
10 ـ إن الطيور العادية، لم تُعرف بقدرتها على الأذى، حتى وهي مستقرة على المواضع الصلبة.. وما شأن الأذى الذي يمكن أن تلحقه طيور عادية بمخلوق قوي كالإنسان، خصوصاً إذا كان قد تسلَّح بمختلف أنواع الأسلحة، وتدرَّع بكثير من الموانع التي تجعله قادراً على مواجهة أي طارئ؟
ولذلك نقول: إن هذا التأثير الخارق، لا بد أن يعطي القناعة بأن الأمر غير عادي، وأنه أمر إلهي بكل ما لهذه الكلمة من معنى.
11 ـ وبعد أن أصبحت هذه الطيور الصغيرة والضعيفة معلقة في الهواء، تطير بين الأرض والسماء، فإنها ستكون أضعف تأثيراً، وأكثر وهناً، لأنها لا تكاد تستمسك في حال طيرانها، حين تكون في أعماق الجو، حتى لو سكنت الرياح، بل حتى لو ساعدها هبوبها، وخف وسهل عليها التنقل في كل ساح وناح.
12 ـ إن هذه الطيور التي يزداد ضعفها في حال طيرانها، لا تملك قوة تمكنها من قذف محمولاتها إلى حد تستطيع معه إلحاق الأذى بمن تصطدم به مقذوفاتها تلك، بل هي عاجزة عن ذلك تماماً..
هذا لو قلنا: إنها تستطيع حمل ما يكون له وزن يعتد به، خصوصاً في حال طيرانها، إذا أخذنا بنظر الاعتبار مدى فعالية الوسائل التي جهزت بها لتحقيق طيرانها هذا..
بل إنها حتى لو استطاعت أن تقذف بما تحمله، باتجاه أي هدف كان، فإن طبيعة هذا المقذوف تأبى أن يكون له أي تأثير على الغير، بل يرتد تأثيره على نفسه بتلاشيه وتفرق أجزائه.
13 ـ ثم إن هذه الطيور قد حملت معها أشياء لا يمكن مقارنتها بما كان لدى جيش أبرهة من وسائل الوقاية والدفاع، أو الهجوم والاندفاع. فالطيور كانت تحمل حبات صغيرة جداً كالعدسة([168]) ليست من جنس الحديد ولا الفولاذ، ولا من الحجارة القاسية، ولا حتى من الخشب، أو نحو ذلك، بل هي من الطين الذي لا يتحمل الصدمة، بل هو الذي يتأثر بها، ولا يؤثر بالأجسام الأخرى شيئاً، خصوصاً إذا كانت أجساماً صلبة كالعظام، أو الحديد، الذي جعل خوذةً للمقاتل، أو نحو ذلك..
كيف وقد صرحت تلك النصوص: بأن تلك الأحجار الطينية كانت تخرق الحديد والعظام، وكل تلك الأجسام، من أعلى الهام لتخرج من الدبر، ثم تخرق الأرض من تحتها، على أن هذه الأحجار حتى لو كانت كبيرة وصلبة، وحتى لو كانت حديدية أو مقذوفة من رجال أقوياء، فإنها لا تترك هذا الأثر الذي تركته هذه الأحجار الطينية المقذوفة من عصافير في حال طيرانها.
14 ـ فلا مجال للمقارنة بين قدرة الطير على قذف حبة من طين وبين ما كان لدى أبرهة من عدة وعديد، ومن عضلات وحديد، ومن هامات وضخامات ـ على حد ضخامة فيله المسمى بـ "محمود"([169])، وهو الفيل الأعظم.
وقيل: إن الأمر لم يقتصر عليه، بل جاء بفيلة كثيرة([170]).
وحددها بعضهم بثمانية فيلة([171]).
وقيل: باثني عشر فيلاً([172]).
بل قيل: إنه جاء بألف فيل([173])، مع ستين ألف مقاتل.
نعم لا مجال للمقارنة بين هذا كله، وسواه، وبين طير ضعيف لا يملك سلاحاً ظاهراً، بل يملك ثلاث حبات فقط!! من الطين!! يعجز عن قذفها، فيرميها، بمعنى أنه يتركها ويتخلى عنها، لتؤول إلى السقوط والهبوط.
15 ـ وكانت المعجزة الأكبر، والبرهان الأظهر هي امتناع الفيل عن دخول الحرم رغم محاولاتهم المتكررة معه، حتى انتهى الأمر بهم إلى أن قتلوه بأسيافهم([174]).
وذلك يشير إلى لزوم تعظيم الكعبة وتفخيمها، وإعزازها وتكريمها، وذلك قضاء إلهي، وتوجيه رباني. كما أن ذلك قد أكد في نفوس الناس هيبة الحرم والكعبة، وتأكدت حرمتها، وعرف الناس رعاية الله لها، فزادها الله بهذا تشريفاً وكرامة وعزاً.
16 ـ ثم كانت النتائج الباهرة، بانتصار الإرادة الإلهية القاهرة، وخزي الجبـارين، وبوار كيد الظالمين وذل المستكبرين. حتى جعلهم الله عبرة للمعتبرين، وذكرى للذاكرين والحمد لله رب العالمين.
17 ـ وخلاصة القول: إن ما جرى لأصحاب الفيل لا مجال لفهمه ولا لتفسيره إلا على اساس الغيب، والرجوع إلى الله تعالى فيه.. فإنه لا ينسجم أبداً مع الشرك أو الإلحاد، ولا مع الإنكار لقدرة الله تبارك وتعالى، أو الانتقاص منها، أو انتقاصها.
ثم هو يهيئ الناس لقبول دعوة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، الذي ولد في عام الفيل بالذات، حيث إن الناس قد شهدوا تلك المعجزة العظيمة، وهم في أول وعيهم، أو في عنفوان شبابهم، ولا زالوا على قيد الحياة، وصاروا هم عقلاء القوم وكبارهم، وأصبح الأمر والنهي إليهم وبيدهم، وهم الشيوخ المجربون والملأ المكرمون، وهم مهما كابدوا وعاندوا، فإنهم لا يقدرون على مواصلة هذا العناد، والمكابرة، أمام هذه المعرفة الوجدانية العميقة والراسخة..
وبذلك يكون سبحانه قد سهل على الناس أمر الإيمان، وأقام الحجة عليهم من أيسر السبل وأوضحها، وأبين الدلالات وأصرحها.
للحيوانات أخلاق:
لا شك في أن للحيوانات أخلاقاً، وأنها تختلف فيها، وأن اختلافها في خلقها يوجب اختلافاً في سلوكها..
ولسنا بحاجة إلى إيراد الكثير من النصوص الدالة على أن لدى الحيوانات أخلاقاً مختلفة، ويكفي أن نحيل القارئ إلى ما روي عن الإمام الرضا "عليه السلام" أنه قال: "في الديك الأبيض خمس خصال من خصال الأنبياء: معرفته بأوقات الصلاة، والغيرة، والسخاء، والشجاعة، وكثرة الطروقة"([175]).
كما أن من أخلاق الغراب الطمع، فقد روى مهزم: أنه قال: دخلت على أبي عبد الله "عليه السلام" فذكرت الشيعة، فقال: يا مهزم، إنما الشيعة من لا يعدو سمعه صوته..
إلى أن قال: ولا يطمع طمع الغراب([176]).
وقال "عليه السلام": "تعلموا من الغراب ثلاث خصال: إستتاره بالسفاد، وبكوره في طلب الرزق، وحذره"([177]).
وأمثال ذلك كثير، وهو ذائع وشائع، والحر تكفيه الإشارة. فإن هذه حقيقة أثبتتها التجارب، وأظهرتها الوقائع..
أخلاق شيطانية:
هذا.. وقد ذكرت الروايات: أن بعض الحيوانات يكون ذا طبع شيطاني، وبعضها الآخر بخلافه.
ويشهد على ذلك: أن علياً "عليه السلام" أمر أصحابه بأن يعقروا أو يعرقبوا الجمل الذي كانت تركبه عائشة، وقال "عليه السلام": "ما أراه يقاتلكم غير هذا الهودج: اعقروا الجمل ـ وفي رواية ـ عرقبوه، فإنه شيطان.."([178]).
وكان سلمان (المحمدي) قبل ذلك يضرب ذلك الجمل إذا رأه، فيقال: يا أبا عبد الله، ما تريد من هذه البهيمة؟
فيقول: ما هذا بهيمة!([179]) ولكن هذا عسكر بن كنعان الجني([180]).
وعن أبي جعفر "عليه السلام" قال: "اشتروا عسكراً بسبع مائة درهم. وكان شيطاناً"([181]).
أخلاق رضية:
وقد ذكر أهل المعرفة بالخيل أموراً كثيرة عن أخلاقها، وتصرفاتها، ومع غض النظر عن ذلك كله، فإن الروايات قد تحدثت عن: أن للحيوانات التي كانت عند المعصومين "عليهم السلام" آداباً وأخلاقاً، وتصرفات مميزة، وفريدة، والنصوص الدالة على ذلك كثيرة جداً.
ومن أمثلة ذلك: ما رواه هارون بن موسى، فقد قال: كنت مع أبي الحسن "عليه السلام" في مفازة، فحمحم فرسه، فخلى عنه عنانه، فمر الفرس يتخطى إلى أن بال وراث ورجع، فنظر إليَّ أبو الحسن، وقال: إنه لم يعط داود شيئاً إلا وأعطي محمد وآل محمد أكثر منه([182]).
تفاوت درجاتها في الشعور والإدراك:
ونلاحظ أيضاً: أن للبهائم درجات متفاوتة من حيث مستويات شعورها، وإدراكها، غير أن هناك أموراً تشترك فيها جميع الحيوانات.
فقد روي عن الحسين بن علي "عليه السلام"، أنه قال: "ما بهمت البهائم منه، فلم تبهم عن أربعة: معرفتها بالرب تبارك وتعالى، ومعرفتها بالموت، ومعرفتها بالأنثى والذكر، ومعرفتها بالمرعى الخصب"([183]). وسيأتي المزيد مما يدل على ذلك إن شاء الله.
وقد صرح القرآن الكريم بحشر الوحوش، فقال: ?وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ?، وصرحت الروايات: بأن الله حين يحشر الحيوانات يوم القيامة سوف يقتص للجماء من القرناء([184]).
والحشر، والإقتصاص إنما يكون من المذنب المدرك.
ثم إن علمها بموتها وإن كان يستلزم وجود درجة من الشعور والإدراك لديها، ولكنه يبقى محدوداً، وليس في مستوى ما لدى البشر من ذلك.
فقد روي عن النبي "صلى الله عليه وآله" وعن علي "عليه السلام": "لو تعلم البهائم من الموت ما يعلم ابن آدم ما أكلتم سميناً قط"([185]).
كما أن مما يشير إلى وجود درجة من الإدراك لدى الحيوانات، ما حكاه الله تعالى عن الهدهد وعن النملة مع سليمان، فقد قال تعالى:
?..قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ، فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ..?([186]).
وقال تعالى عن الهدهد:
?وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ، لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ،
فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ، إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ، وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللهِِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ، أَلَّا يَسْجُدُوا للهِ الَّذِي يُخْرِجُ الخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ، اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ،
قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ، اذْهَب بِّكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ،
قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ، إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ?([187]).
وقال تعالى: ?وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ?([188]).
وفي هذه الآيات دلالات هامة، وكثيرة، ومتنوعة. وهي تحتاج في بيان ما ظهر لنا منها إلى جهد فائق، وتأليف مستقل..
1 ـ ونكتفي هنا بالقول بأن قصة الهدهد: تدل في جملة ما تدل عليه:
على أن التكليف يتوجه للطير.
وأنه يصدق ويكذب.
ويطيع، ويعصي.
ويعاقب على المخالفة.
ويستدل ويحتج.
كما أنها تدل على:
أنه ينتقل من المجهول إلى المعلوم.
ويعرف أنواع العبادات.
ويميز بين صحيحها وفاسدها.
ويكتشف ملكاً جديداً.
ويميِّز بين الملك والرعية.
ويدرك الفرق بين الذكر والأنثى.
ثم هو يعرف حجم وعظمة ما اكتشفه وعرفه، وأنه عرش، وأنه عظيم.
ثم هو يعرف الشمس، ويعرف أن عبادة أولئك الناس كانت لها.
ثم هو يستدل على فساد عبادتهم، وبطلان أديانهم.
ويعرف السماء والأرض.
ويعرف أن الله تعالى يخرج الخبء في السموات والأرض.
2 ـ أما النملة فقد أدركت أيضاً الخطر المتوجه إليها.
وعرفت بأن هناك جيشاً في منطقتها، وعرفت اسم قائد الجيش، وعرفت أن الجيش وكذلك القائد سوف لا يشعر بوجودها لو حطمها.
ثم هي أعطت لمثيلاتها الأوامر المناسبة، للتحرز من ذلك الخطر الداهم.
وسمع سليمان "عليه السلام" ما قالته، وتبسم ضاحكاً من قولها.
طاعات وعبادات الحيوانات:
هذا كله، عدا عن أن للحيوانات عباداتها وطاعاتها.
وقد تحدثت الآيات والروايات عن تسبيح الطير، والوحوش، والكلاب، وحيوانات البحار.
قال تعالى: ?..وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً?([189]).
وقد روي عن أبي عبد الله "عليه السلام"، أنه قال: قال أمير المؤمنين "عليه السلام": "لا تضربوا الدواب على وجوهها، فإنها تسبح بحمد ربها"([190]).
وروي عن الإمام الحسين "عليه السلام" ذلك مفصلاً، فراجع([191]).
وقد ذكرت الروايات: آثار تركها للتسبيح، فعن أبي عبد الله "عليه السلام": "ما يصاد من الطير إلا ما ضيَّع التسبيح"([192]).
وقد ورد في النهي عن الغناء على الدابة، عن أبي عبد الله "عليه السلام": "أما يستحي أحدكم أن يغني على دابته وهي تسبح"([193])؟
ونهى عن ضرب وجوه الدواب؛ لأنها تسبح بحمد الله([194]).
والنصوص التي تشير إلى ذلك كثيرة، لا مجال لاستقصائها.
وعن أبي ذر: "تقول الدابة: اللهم ارزقني مليك صدق يرفق بي، ويحسن إليَّ، ويطعمني ويسقيني، ولا يعنف عليَّ"([195]) ونحوه غيره.
وعن الإمام الكاظم "عليه السلام": "ما من دابة يريد صاحبها أن يركبها إلا قالت: اللهم اجعله بي رحيماً"([196]). وغير ذلك مما دل على: أن الحيوانات تكلمت بأمور ذات مغزى إيماني، يفيد في توضيح ما نرمي إليه.
الرفق بالحيوان في الإسلام:
لقد أولى الإسلام أهمية بالغة لسلامة الحيوانات وراحتها، ولذلك مظاهر مختلفة من التعامل وسمات متفاوتة من الرعاية، وكمثال على ذلك نذكر هنا: أنه قد روى الحاكم في الإكليل بسند صحيح: أنه حينما كان النبي "صلى الله عليه وآله" سائراً إلى فتح مكة وكان فيما بين العرج والطلوب، نظر إلى كلبة تهر عن أولادها، وهنَّ حولها يرضعنها، فأمر جميل بن سراقة أن يقوم حذاءها، لا يعرض لها أحد من الجيش، ولا لأولادها([197]).
قانون الرفق بالحيوان:
وبالمناسبة: فإننا نورد هنا بعض ما ورد في الحديث الشريف عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وعن الأئمة المعصومين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، مما يرتبط بالرفق بالحيوان، ويصح أن يكون نموذجاً لقانون شامل في هذا المجال، مع تأكيدنا على: أننا قد لا نوفق لاستقصاء ذلك، بل قد يفوتنا منه الكثير.
فنقول: والله هو الموفق والمسدد..
لقد أوصت النصوص الشريفة الواردة عن المعصومين بما يلي:
1 ـ الرفق بالبهائم.
2 ـ أن لا توقف وعليها أحمالها([198]).
3 ـ أن لا تسقى بلجمها([199]).
4 ـ أن لا تحمَّل فوق طاقتها.
5 ـ أن لا تقف وعليها جهازها([200]).
6 ـ أن لا يقف على ظهورها([201]).
7 ـ أن لا يكلف الدابة من المشي ما لا تطيقه([202]).
8 ـ أن يكون أول ما يبدأ به حين وصوله للمنزل هو: أن يقدم الماء والعلف للدابة([203]).
وورد الأمر أيضاً بما يلي:
9 ـ أن ينظف مرابضها([204]).
10 ـ مسح رعام الغنم. أي: ما يخرج من أنوفها([205]).
11 ـ إماطة الأذى عنها([206]).
12 ـ أن يسقي ذوات الأرواح إذا عطشت، حتى لو كانت من الهوام، ومن غير مأكول اللحم([207]).
13 ـ أن لا يحبسها([208]).
14 ـ أن لا تربط حتى تموت جوعاً أو عطشاً([209]).
15 ـ أن لا تقتل البهيمة عبثاً([210]).
16 ـ أن لا يتخذ أحد شيئاً فيه روح غرضاً، ليرميه بسهامه ([211]).
17 ـ أن لا تطرق الطيور ليلاً، فإن الليل أمان لها([212]).
18 ـ أن لا تؤخذ فراخ الطير من أوكارها حتى تنهض، أو حتى يريش ويطير([213]). فإن الفرخ في ذمة الله ما لم يطر.
19 ـ أن لا تُصْبَر البهائم (أي لا تُحبَس بلا علف)([214]).
20 ـ وأن لا يمثَّل بها ([215]).
21 ـ وجاء الأمر بذبح الدابة، وأن لا تعرقب، إذا حرنت في أرض العدو([216]).
22 ـ أن يأمن الطير ما دام في وكره([217]).
أي أن صيده وهو في وكره ممنوع، سواء أكان مكثه في وكره بالليل، أم في النهار.
23 ـ لا ينتف الريش إذا كان الحيوان حياً([218]).
24 ـ لا يحرق الحيوان([219]).
25 ـ أن يقلِّم الذي يحلب الحيوان أظافره، حتى لا يؤذي ضرع الحيوان بأظافره حال الحلب ([220]).
26 ـ أن لا يجر الحيوان بأذنه، وإنما برقبته([221]).
ومن وصايا علي "عليه السلام" لجابي الزكاة:
27 ـ أن لا يفرق بين الناقة وبين ولدها في أخذ الزكاة([222]).
28 ـ أن لا يلح عليها بالحلب، حتى لا يتضرر ولدها([223]).
29 ـ أن يفرق ركوبه على ما معه من الدواب، ولا يحصره بواحدة منها([224]).
30 ـ أن يريح الجمل الذي يتعب، ويرفق به([225]).
31 ـ أن يراعي حال الجمل الذي نقب خفه وتخرق([226]).
32 ـ أن يراعي حال الجمل الذي يغمز في مشيته([227]).
33 ـ أن لا ينفِّر بهيمة، ولا يفزعها.
34 ـ أن لا يتعبها([228]).
35 ـ أن لا يعنف في سَوْقِها.
36 ـ أن لا يجهدها بركوبه([229]).
37 ـ أن يوردها المياه التي تمر بها([230]).
38 ـ أن لا يعدل بها عن مواضع النبات إلى جوادّ الطرق([231]) فإن جادة الطريق لا نبات فيها.
39 ـ أن يروحها في الساعات([232]).
40 ـ أن يمهلها عندما تمر بالمياه القليلة أو بالأعشاب([233]).
41 ـ أن لا يضرب الدابة إذا مشت تحته كمشيتها إلى مذودها([234]).
42 ـ أن لا يضرب الدابة على وجهها([235]).
43 ـ أوصى الإمام السجاد "عليه السلام" بالجمل الذي حج عليه مراراً، أن يدفن بعده إذا مات، حتى لا تأكل لحمه السباع ([236]).
44 ـ إذا ركب الدابة، فعليه أن يحملها على ملاذِّها([237]).
45 ـ أن يعطيها حقها من المنازل([238]).
46 ـ أن لا يركبها إلا إذا كانت صحيحة سالمة([239]).
47 ـ أن لا يتخذها كراسي للحديث في الطرق والأسواق([240]).
وعلى حد تعبير بعضهم: أن لا يجعل الحيوان المتصرف (أي المتحرك) بمنزلة الجماد الثابت، والشيء النابت.
أي أن عليه: أن لا يفرض على الحيوان الوقوف، وعدم الحركة.
فقد قال الشريف الرضي: "ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام، وقد مر على قوم وقوف على ظهور دوابهم ورواحلهم، يتنازعون الأحاديث، فقال عليه الصلاة والسلام:
"لا تتخذوها كراسي لأحاديثكم في الطرق والأسواق، فرب مركوب خير من راكبه".
وهذه استعارة، كأنه عليه الصلاة والسلام شبَّه الدواب والرواحل في حالة إطالة الوقوف على ظهورها، بالكراسي التي يجلس عليها، لأنها تثبت في مواضعها، ولا تزول إلا بمزيل لها، فنهى عليه الصلاة والسلام أن يجعل الحيوان المتصرف بمنزلة الجماد الثابت، والشيء النابت"([241]).
48 ـ أن لا يسمها في وجوهها وفي خدها([242])، وإنما في أذنها.
49 ـ أن يرفق في السير إذا سار بها في أرض مخصبة، ويسرع السير إذا سار بها في أرض مجدبة([243]).
50 ـ أن لا يخصي البهائم([244]).
51 ـ أن لا يحرِّش فيما بينها([245]) إلا الكلاب.
وفسره المجلسي: بأن المراد: تحريش الكلب على الصيد، لا تحريش الكلاب على بعضها.
52 ـ أن يهيئ للبهيمة الضالة مكاناً ويطعمها ويسقيها([246]).
53 ـ أن لا يجيعها([247]).
54 ـ أن لا يورد ذا عاهة منها على مصح([248]).
فعن رسول الله "صلى الله عليه وآله": لا يورد ذو عاهة على مصح.
وأما الروايات التي تحدثت عن أنه لا عدوى ولا طيرة([249]) فلعله يراد بها: المنع من أن يصل في ذلك إلى حد الوسواس..
وإلا فقد روي عنه "صلى الله عليه وآله": ما يدل على عدوى بعض الأمراض، مثل الجذام، والطاعون، فراجع([250]).
مع ملاحظة: أن بعض ما كان يظنه الناس معدياً لم يكن معدياً في واقع الأمر، فلعل رسول الله "صلى الله عليه وآله" حين قال: لا عدوى، أو من الذي عدى الأول([251]) ناظر إلى خصوص المرض الذي سأله السائل عنه.
55 ـ أن يؤخر حمل الدابة([252]).
56 ـ أن تكون الأحمال على ظهور الدواب متعادلة غير مائلة([253]).
57 ـ أن لا يجلس على الدابة متوركاً([254]).
58 ـ النهي عن إعطاء القنبرة للصبيان يلعبون بها([255]).
59 ـ كان الإمام السجاد "عليه السلام" يتعمد أن يزرع، لتنال القنبرة من الطير من ذلك الزرع([256]).
60 ـ أن يبقي في الصحراء ما يقع من الخوان لتنال منه هوام الأرض([257]).
61 ـ أن لا يركب على الدابة ثلاثة أشخاص ([258]).
62 ـ أن لا ينام على الدابة، فإن ذلك يسرع في دبرها([259]). (أي في ظهور التقرحات، والجروح في ظهرها).
63 ـ أن لا يلعنها([260]).
64 ـ أن لا يشتمها([261])، بأن يقول لها: قبح الله وجهك مثلاً.
65 ـ عليه أن يسمن دوابه، وأن تكون فارهة([262]).
66 ـ نُهي عن ضراب الجمل للناقة، وولدها طفل، إلا أن يتصدق بولدها، أو يذبح([263]).
67 ـ أن لا يضرب الدابة إذا عثرت([264])، وفي رواية أخرى: نفرت([265]).
ونرجح الرواية التي تقول: إضربوها على العثار ولا تضربوها على النفار، لأنها قد عللت ذلك بالقول: فإنها ترى ما لا ترون. أي: أن نفورها لم يكن بلا سبب، بل لأنها قد رأت أمراً لا ترونه انتم.
وأما عثارها فيدل على خمولها وتكاسلها فيما يطلب منها الجد فيه..
وقد يؤيد ذلك: بما ورد من جواز ضربها إذا لم تمش فيك كما تمشي إلى مذودها.
68 ـ أن لا يقول للدابة إذا عثرت: تعست([266]).
69 ـ أن لا يستقصي حلب الدابة حتى لو لم يكن لها ولد، بل يبقي شيئاً في ضرعها، فإن ذلك يوجب در الحليب([267]).
70 ـ أن لا يجز نواصي الخيل، ولا أعرافها، ولا أذنابها([268]).
71 ـ أن لا يصري الضرع([269]).
والتصرية: ترك ذات الدر أن لا تحلب أياماً ليجتمع اللبن في ضرعها، فيُرى غزيراً.
غير أن هذا النهي قد لا يكون لأجل الرفق بالدابة، وإنما لأنه يستبطن تدليساً، أو غشاً للمشتري..
72 ـ أن لا يطأ بها زرعاً، لكي لا تعثر([270]).
73 ـ أن لا يطيل الركوب على الدابة بغير حاجة، وترك النزول للحاجة([271]).
74 ـ أن يهتم بحفظها حتى لا تضيع وتتلف([272]).
75 ـ أن لا يربط قوائم الدابة بعضها ببعض، ثم يتركها لترعى([273]).
فقد روي: أن النبي "صلى الله عليه وآله" كره الشكال في الخيل.
وقد فسروا الشكال: بكون رجلي الفرس محجلتين بأن يكون فيهما بياض، وهو كلام غير دقيق، فقد اختلفت أقوالهم من حيث إن الشكال هل يكون في يد ورجل، أو يكون في رجل واحدة، أو في رجلين ويد، أو في يدين ورجل.
ونقول:
إن ما ذكروه في معنى الشكال: هو المعنى المجازي للشكال، ومعناه الحقيقي هو: العقال. ولم يظهر أنه "صلى الله عليه وآله" قد قصد المعنى المجازي، بل الظاهر هو: إرادة معناه الحقيقي، أي أنه ربط قوائم الفرس ببعضها البعض.
وهو معنى صحيح، فلماذا لجأوا إلى المعنى المجازي، وتركوا المعنى الحقيقي للعبارة؟!
76 ـ أن لا يصفِّر بالغنم، إذا كانت ذاهبة إلى مرعاها([274]).
77 ـ أن لا يقتل النحل، والنمل، والصرد، والخطاف، والهدهد، وغيرها مما ورد النص بخصوصه([275]).
78 ـ أن لا يسقي البهائم الخمر([276]) وغير ذلك مما لا يحل أكله أو شربه..
79 ـ أن يجلس على الولايا، أو يضطجع عليها، ربما لكي لا يعلق بها الشوك أو التراب، فتضر الدابة حين توضع على ظهرها([277]).
80 ـ إذا كان يأكل طعامه، فليطعم منه الحيوان الذي ينظر إليه([278]).
81 ـ أن لا يغني في حال ركوبه الدابة([279]).
82 ـ أن لا ينزي حماراً على عتيقة([280]). والمراد بالعتيقة: الفرس العربية.
83 ـ أن يقلد الخيل، ولا يقلد الدابة الأوتار ([281]).
وأما ما ورد: من أن النبي "صلى الله عليه وآله" نهى عن أن تقلد الدابة الأوتار، وأمر بقطع قلائد الخيل([282])، فقد يكون ذلك النهي لأجل أنها قد قلدت الأوتار التي كان "صلى الله عليه وآله" قد نهى عنها.
84 ـ أن لا يسفد الفحل أنثاه على ظهر الطريق، إلا أن يواريا، بحيث لا يراهما رجل ولا امرأة([283]).
وقد أظهرت الشروط المعتبرة في الذبح، الكثير من الحالات التي يجب مراعاتها، والتي تدخل في سياق الرفق بالحيوان، ومنها ما يلي:
85 ـ أن يخفي السكين عن الحيوان([284]).
86 ـ أن لا تراه البهيمة وهو يحدُّ شفرته، لذبحها([285]).
87 ـ أن يسرع في عملية الذبح([286]).
88 ـ أن لا يفصل رأس الذبيحة.
89 ـ أن لا يشرع بسلخ جلدها قبل خروج الروح([287]).
90 ـ أن يسقي الحيوان الذي يريد ذبحه قبل ذبحه([288]).
فقد روي أن الإمام السجاد "عليه السلام" مر على قصاب يذبح كبشاً، فقال له: هل سقيت؟!
91 ـ أن لا يذبح ذات الجنين لغير علة([289]).
92 ـ أن لا يذبح ذات الدَر. أي التي تحلب، بغير سبب([290]).
93 ـ أن يُرْسَلَ إذا ذُبِحَ ولا يكتف. (وهذا في الطير خاصة).
94 ـ أن لا يقلب السكين إذا ذبح، ليدخلها تحت الحلقوم، ويقطعه إلى فوق.
95 ـ أن لا يمسك يد الغنم ورجله إذا ذبحه، بل يمسك صوفه وشعره.
96 ـ أن يعقل البقر، ويطلق الذنب، إذا ذبحها.
97 ـ أن يشد أخفاف البعير إلى آباطه، ويطلق رجليه إذا نحره([291]).
98 ـ أن لا يذبح الشاة عند الشاة، ولا الجزور عند الجزور، وهو ينظر إليه([292]).
99 ـ أن لا يكسر رقبة الذبيحة، بعدما يذبح حتى تبرد([293]).
100 ـ أن لا يذبح حتى يطلع الفجر([294]).
101 ـ أن لا يُجر الحيوان إلى الذبح بعنف([295]).
102 ـ أن لا يَجره برجله إلى الذبح([296]).
103 ـ أن ينزله ويضجعه برفق قبل الذبح([297]).
104 ـ أن يستعمل السكين الحادة([298]).
105 ـ أن لا يقطع النخاع قبل خروج الروح([299]).
106 ـ أن لا يذبح شيئاً من الحيوان قد رباه([300]).
107 ـ أن لا يذبح الحيوان الذي كان قد اقتناه([301]).
والفرق بين هذا وسابقه واضح، فإن الإقتناء قد يحصل، ولو لم يكن هناك تربية له، لأن تربية الحيوان معناها: أن يكون قد أخذه منذ صغره، وصار يرعاه إلى أن يكبر، وأما الإقتناء: فهو شراء الحيوان والإحتفاظ به مدة من الزمن.
108 ـ أن لا يكون الذبح هو جزاء المملوك الصالح، فلا يذبح الدابة إذا خدمت خدمة حسنة زماناً([302]).
109 ـ أن يجير الطير إذا استجار به، فإذا دخل منزلك طائر فلا تذبحه([303]).
110 ـ أن لا يركلها برجله ليعجل خروج نفسها([304]).
111 ـ أن لا يحرك الذبيحة من مكانها حتى تفارق الروح([305]).
نهاية المطاف:
قد كان هذا الذي ذكرناه غيضاً من فيض، مما يمكن استخلاصه من النصوص المختلفة، من ضوابط وأحكام، ونصائح وتوجيهات، تحدد نظرة الإسلام إلى المخلوقات، وتبين طريقة التعامل معها في الحالات المختلفة..
نسأل الله أن يوفق العاملين لاستخلاص ذلك كله من مصادره، وعرضه بالطريقة اللائقة به، ليكون ذلك طريقة عمل، ونهج حياة، وسبيل نجاة.
الفصل الرابع:
تعمد صنع المعجزة
تعمد صنع المعجزة:
قالوا: إنه لما بركت ناقة رسول الله "صلى الله عليه وآله" المسماة بـ "القصواء" في ذلك المكان، نزل رسول الله "صلى الله عليه وآله" بأقصى الحديبية على ثمد([306]) من ثمادها ظنون([307]) قليل الماء يتبرَّض([308]) الناس ماءه تبرُّضاً، فلم يلبثه الناس حتى نزحوه.
فاشتكى الناس إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" قلة الماء، وفي لفظ: "العطش"، فانتزع سهماً، من كنانته، فأمر به، فغرز في الماء، فجاشت بالرَّواء حتى صدروا عنها بعطن([309]).
قال المِسْوَر: وإنهم ليغترفون بآنيتهم جلوساً على شفير البئر.
قال محمد بن عمر: والذي نزل بالسهم ناجية بن الأعجم ـ رجل من أسلم، ويقال: ناجية بن جندب وهو سائق بُدن رسول الله "صلى الله عليه وآله" وقد روي: أن جارية من الأنصار قالت لناجية وهو في القليب:
يـا أيهــا المـاتـح دلــوي دونـكــا إني رأيـت الـنـاس يحـمـدونـكـا
يـثـنـون خـيراً ويـمـجـدونـك
فقال ناجية وهو في القليب:
قــد عـلـمـت جـاريـة يـمانــيــه أني أنــا المـاتـح واسـمـي نـاجـيه
وطـعـنـة ذات رشـــاش واهـيـه طـعـنـتـهـا تحت صدور العاديه([310])
قال محمد بن عمر: حدثني الهيثم بن واقد، عن عطاء بن مروان، عن أبيه قال: حدثني أربعة عشر رجلاً ممن أسلم من أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله": أنه ناجية بن الأعجم، يقول: دعاني رسول الله "صلى الله عليه وآله" حين شُكي إليه قلة الماء، فأخرج سهماً من كنانته، ودفعه إليَّ، ودعا بدلو من ماء البئر، فجئته به، فتوضأ فمضمض فاه، ثم مجَّ في الدلو ـ والناس في حر شديد ـ وإنما هي بئر واحدة، قد سبق المشركون إلى بَلْدَح فغلبوا على مياهه، فقال: "انزل بالدلو فصبها في البئر، وأثر ماءها بالسهم". ففعلت، فوالذي بعثه بالحق ما كدت أخرج حتى يغمرني، وفارت كما تفور القدر، حتى طمت واستوت بشفيرها، يغترفون من جانبها حتى نهلوا من آخرهم.
وعلى الماء يومئذٍ نفر من المنافقين، منهم عبد الله بن أُبي.
فقال أوس بن خولى: ويحك يا أبا الحباب!! أما آن لك أن تبصر ما أنت عليه؟ أبعد هذا شيء؟
فقال: إني قد رأيت مثل هذا.
فقال أوس: قبحك الله، وقبح رأيك!
فأقبل ابن أُبي يريد رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال: "يا أبا الحُبَاب: أنَّى رأيت مثلما رأيت اليوم"؟
فقال: ما رأيت مثله قط.
قال: "فلم قلته"؟
فقال ابن أُبي: يا رسول الله استغفر لي، فقال ابنه عبد الله بن عبد الله: يا رسول الله استغفر له، فاستغفر له([311]).
فقال عمر: ألم ينهك الله ـ يا رسول الله ـ أن تصلي عليهم أو تستغفر لهم؟!
فأعرض عنه رسول الله "صلى الله عليه وآله" وأعاد عليه، فقال له: "ويلك إني خيِّرت فاخترت، إن الله يقول: ?اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ الله لَهُمْ..?([312]).
فلما مات عبد الله، جاء ابنه إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، إن رأيت أن تحضر جنازته.
فحضر رسول الله "صلى الله عليه وآله" وقام على قبره، فقال له عمر: ألم ينهك الله أن تصلي على أحد منهم"([313]).
وروى ابن إسحاق، ومحمد بن عمر، عن البراء بن عازب (رضي الله عنهما) قال: أنا نزلت بالسهم.
وروى أحمد، والبخاري، والطبراني، والحاكم في الإكليل، وأبو نعيم عن البراء بن عازب، ومسلم عن سلمة بن الأكوع، وأبو نعيم عن ابن عباس، والبيهقي عن عروة، قال البراء: كنا مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالحديبية أربع عشرة مائة، ـ والحديبية: بئر ـ فقدمناها وعليها خمسون شاة ما ترويها فتبرضها، فلم نترك فيها قطرة.
قال ابن عباس: وكان الحر شديداً، فشكى الناس العطش، فبلغ ذلك النبي "صلى الله عليه وآله"، فأتاه، فجلس على شفيرها، ثم دعا بـ "إناء".
وفي لفظ: بـ "دلو" فتوضأ في الدلو، ثم مضمض ودعا، ثم صبه فيها، فتركناها غير بعيد ثم إنها أصدرتنا ما شئنا نحن وركابنا.
قال البراء: ولقد رأيت آخرنا أُخرج بثوب خشية الغرق، حتى جرت نهراً([314]).
وقال ابن عباس، وعروة: ففارت بالماء حتى جعلوا يغترفون بأيديهم منها، وهم جلوس على شفيرها.
وروى البخاري في المغازي، وفي الأشربة، عن جابر بن عبد الله، عن سلمة بن الأكوع (رضي الله عنهما) قالا: عطش الناس يوم الحديبية ورسول الله "صلى الله عليه وآله" بين يديه ركوة.
وقال جابر في رواية: وقد حضر العصر، وليس معنا ماء غير فضلة، فجعل في إناء، فأتي به رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فتوضأ منها، ثم أقبل الناس نحوه، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "ما لكم"؟
قالوا: يا رسول الله، ليس عندنا ماء نتوضأ به، ولا نشرب إلا ما في ركوتك. فأفرغتها في قدح، ووضع رسول الله "صلى الله عليه وآله" يده في القدح، فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العيون، فشربنا وتوضأنا،
فقال سالم بن أبي الجعد: فقلت لجابر: كم كنتم يومئذ؟
قال: لو كنا مائة ألف لكفانا، كنا خمس عشرة مائة([315]).
قالوا: ولما ارتحلوا أخذ البراء بن عازب ذلك السهم، فجف الماء([316]).
ولنا مع ما تقدم عدة وقفات، هي التالية:
النبي ' يصنع المعجزة:
قرأنا في النصوص السابقة:
أنه "صلى الله عليه وآله" لا يكتفي بالدعاء ليزيد لهم ذلك الماء القليل. بل هو ينتزع سهماً من كنانته، ويطلب منهم أن يغرزوه في موضع خروج الماء. ثم تجري عملية غرزه، على يد أحدهم، الذي اعتبر ذلك بمثابة فضيلة له، وأرادوا من التاريخ أن يسجلها له..
وليكون ذلك تخليداً لهذه الكرامة الإلهية الظاهرة لرسوله الأكرم "صلى الله عليه وآله"..
واختيار هذه الطريقة في استنباط الماء له مراميه ودلالاته، ولعل مما يشير إليه هو الأمور التالية:
1 ـ إنه يظهر بوضوح تام: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد تصدى للتصرف التكويني بصورة عملية، بطريقة تدلل على أن ذلك من شؤونه وداخل تحت إرادته واختياره. وليس هو مجرد دعاء قد استجاب الله تعالى له في خصوص هذا المورد وانتهى الأمر.. وقد تكون هناك مصلحة في الاستجابة له في موضع آخر ومناسبة أخرى، وقد لا تكون.
2 ـ إن استمرار وجود السهم في البئر أمام أعين المستفيدين من مائه سوف يبقي القضية ماثلة أمام أعينهم، وسيعطيهم ذلك النفحة الروحية الغامرة التي يحتاجون إليها، خصوصاً في هذا الأمر الذي سيواجهون فيه المفاجآت التي تمس غرورهم، ويحتاجون في إعادة توازنهم الروحي إلى مثل تلك النفحات.
3 ـ إن المعرفة الحسية تبقى أقوى تأثيراً في الناس العاديين، من المعرفة التصورية، خصوصاً مع بقاء مكونات هذه المعرفة ماثلة للعيان مدة من الزمن. ومع اقترانها بحركات متنوعة، وأعمال مختلفة، وجهد جسدي لإنتاجها، ولو من خلال الذين حملوا ذلك السهم، ونزلوا به إلى البئر وغرسوه فيها..
4 ـ ويعزز هذا الأمر ويقويه ويرسخه في وجدان الناس، السعي لتسجيل ذلك الحدث المرتبط بالغيب في الشعر العربي الذي يلامس مشاعر الإنسان وأحاسيسه، حتى لو كان الذين يبذلون تلك المحاولة يريدون توظيفها في مجالات، لا يحق لهم التعرض لها، ولا المساس بها.
لا حاجة إلى التنازع:
قد رأينا: أن الروايات قد اختلفت في من نزل بالسهم إلى البئر، هل هو البراء بن عازب، أو ناجية بن الأعجم، أو ناجية بن جندب، أو خالد بن عبادة الغفاري؟
وقد لاحظنا: أن ثمة تسابقاً في نسبة ذلك الأمر إلى هذا، أو ذاك، وأنشدت أسلم أبياتاً من الشعر، نسبتها لناجية([317]).
وزعمت أسلم أيضاً: أن جارية من الأنصار قالت شعراً في ذلك([318]).
ولعل سبب هذا التسابق هو ظنهم: أن ذلك يتضمن إثبات فضيلة لفاعله. فأراد كل فريق أن يجر النار إلى قرصه، وينسب الفضل إلى نفسه..
غير أننا نتوقف هنا عند أمرين:
الأول: أن ثمة شكاً كبيراً في صحة ما زعموه، من نزول أي من الناس إلى تلك البئر.
فقد روي أيضاً: أن الناس لما لم يبق في العين قطرة ـ وكان الحر شديداً ـ شكوا العطش، فبلغ ذلك النبي "صلى الله عليه وآله"، فأتى تلك البئر، فجلس على شفيرها، ثم دعا بإناء أو بدلو، فتوضأ فيه، ثم مضمض، ودعا، ثم صبه فيها([319]).
وفي نص آخر عن ناجية بن جندب: أنه "صلى الله عليه وآله" نزل على الحديبية، وهي تنزح، فألقى فيها سهماً أو سهمين من كنانته، ثم بصق فيها، ثم دعا فعادت عيونها([320]).
وعن أوس بن خولي: توضأ في الدلو، ثم أفرغه فيها، وانتزع السهم، ثم وضعه فيها.
وعن عروة: توضأ في الدلو، وصبه في البئر، ونزع سهماً من كنانته، فألقاه فيها، ففارت([321]).
فذلك كله يدل على: أنه لم يرسل أحداً إلى البئر، لا بالدلو، ولا بالسهم، بل هو "صلى الله عليه وآله" الذي جاء إلى البئر، وألقى فيها هذا، وصب فيها ذاك، وبصق فيها..
الثاني: لنفترض صحة الرواية التي تقول: إن النبي "صلى الله عليه وآله" قد كلف شخصاً بأمر السهم والدلو.
إلا أننا نقول:
إن ذلك لا يحمل معه منح أي وسام أو فضيلة لذلك الشخص، ولا يدل على الاعتراف له بشيء من الفضل والكرامة، ما لم يصاحب ذلك إشارة أو دلالة أخرى تظهر هذه الخصوصية فيه..
بل ربما يكون هناك من الدلالات ما يشير إلى: أن من كلفه النبي "صلى الله عليه وآله" بذلك هو الذي يحتاج إلى تثبيت اليقين، وإزالة الريب عن قلبه..
وعلى هذا الأساس نقول:
إنه لا دليل على: أن من كلف بغرس السهم في البئر، كان من هذا الفريق أو من ذاك، حتى نجد شواهد أخرى تشير إلى ذلك.
مياه بلدح، ومياه الحديبية:
ويظهر من النصوص السابقة: أن العيون الغزيرة والمياه الكثيرة قد كانت في بلدح، حيث نزل المشركون.. أما الحديبية فكانت المياه شحيحة فيها، وإنما هي بئر واحدة([322]).
وما أشبه الليلة بالبارحة فإن المشركين في بدر، كانوا على عيون الماء، ولم يكن لدى المسلمين ماء.. وقد سقى الله المسلمين الماء بالمعجزة في بدر، وفي الحديبية كان المشركون على العيون الغزيرة والعذبة.. والمسلمون كانوا بلا ماء، فسقاهم الله تعالى بالمعجزة أيضاً.
ثم كانت النتائج بين بدر والحديبية متشابهة، فقد نصر الله المسلمين فيهما معاً، وكان لهم في الحديبية أعظم الفتح. وهكذا كان الحال في بدر.
من الذي نزل بالسهم؟
وقد اختلفوا في الشخص الذي تولى مهمة غرس السهم في بئر الحديبية.
فالبراء بن عازب يقول: أنا نزلت بالسهم([323]).
وروي: أن خالد بن عبادة الغفاري([324]) قال ذلك عن نفسه.
وروي: أن الذي نزل به هو ناجية بن الأعجم.. حسبما روي عنه أنه قاله([325]).
ورواية أخرى تقول: إنه ناجية بن جندب، سائق بُدن رسول الله "صلى الله عليه وآله"([326]).
وقد يمكن ترجيح: أن يكون اسم الذي نزل إلى البئر هو ناجية وذلك استناداً إلى أبيات الشعر المتقدمة، التي صرح فيها باسم ناجية..
غير أننا نقول:
أولاً: إن غاية ما يدل عليه هذا الشعر هو: أن الماتح للناس كان اسمه ناجية.. وقد يكون الماتح هو نفسه الذي نزل بالسهم، وقد يكون الماتح شخصاً، والذي نزل بالسهم شخصاً آخر.
غير أن مما لا شك فيه: أن ناجية كان في البئر حين قيل هذا الشعر، وأنه قد كان ثمة حاجة إلى استخراج الماء من البئر، قبل أن يفيض منها إلى خارجه.
ثانياً: إن ثمة تناقضاً يثير الشبهة في صحة أصل نزولهم، فالشعر يقول: إن ناجية بن جندب كان يمتح الماء للناس، وكان الناس يمدحونه ويمجدونه على ذلك.
بينما رواية ناجية بن الأعجم تقول: إن الماء فاض، حتى كاد يغمره قبل أن يتمكن من الخروج من البئر، وصار الناس يفترقون من جانبها حتى نهلوا عن آخرهم.. فلم تكن هناك حاجة لوجود ماتح أصلاً.
كما أن رواية البراء قد صرحت: بأن البئر فاضت حتى جرت نهراً.
وقال بعضهم: إن وجه الجمع بين تلك الروايات المتناقضة في من نزل بالسهم، هو: أنهم جميعاً قد تعاونوا على ذلك([327]).
إن صحة هذا الجمع تتوقف على الصعوبة البالغة في النزول إلى البئر، بحيث يحتاج النازل إليها إلى مساعدة، مع أنه لا دليل يثبت ذلك.
ولو فرضنا: صحة ذلك، وأنهم عاونوا حامل السهم على النزول، فهل يصح قول كل واحد منهم: إنه هو الذي نزل بالسهم؟!..
أما قول الزرقاني: تعاونوا على ذلك بالحفر وغيره، فهو غير ظاهر الوجه.
فما معنى هذا الكلام؟! أوليست الحفرة كانت موجودة؟! وكانت بئراً واحدة، حسبما صرحوا به؟!..
أم أن تلك البئر كانت قد ردمت، وكانت بحاجة إلى حفر جديد؟! فلماذا كان الناس حولها ويتبرضونها؟! ولماذا لم تصرح الروايات بغير تثوير موضع الماء بالسهم؟! ولماذا؟! ولماذا؟!
توضأ، وتمضمض، ثم مج في الدلو:
ثم إن الروايات قد ذكرت: أنه "صلى الله عليه وآله" قد توضأ، ومضمض فاه، ثم مج في الدلو، وبعثها فصبت في البئر، وأثير ماؤها بالسهم([328]).
ونقول:
1 ـ إن في هذا الحديث تأكيداً على قداسة أشخاص اختارهم الله، واصطفاهم، واجتباهم، وعلى أن لمباشرة هؤلاء الأشخاص للأشياء تأثيراً في نمائها، وفي حلول البركة فيها..
2 ـ إن هذا الفعل من رسول الله "صلى الله عليه وآله" يستبطن دعوة عفوية للناس إلى أن يكون كل همهم هو تزكية نفوسهم، وتطهيرها، لتكتسب طرفاً من هذه القداسة، التي يعلمون أنها وليدة ذلك الطهر، ولو في بعض مراتبها.. وأنها صنيعة هذا القرب من الله، ورهينة رضاه..
3 ـ هذا كله بالإضافة إلى ما أشرنا إليه مرات كثيرة من أن ظهور هذه المعجزات والكرامات هام جداً في الربط على قلوب المؤمنين، وفي قطع دابر التسويلات الباطلة التي يثيرها المنافقون، ويخدعون بها الكثيرين من البسطاء الطيبين والغافلين أو من الهمج الرعاع الذين يميلون مع الريح، ولا يميِّزون الصحيح الصريح، من المريض والقبيح..
والكلمة المنسوبة إلى ابن أبي في هذا الموقف وهي قوله: "قد رأيت مثل هذا" وجدت آذاناً صاغية، تلقفتها، وتركت لها أثراً في قلوبهم، ودمرت أو فقل اخترقت جدار السكينة في نفوسهم..
إستغفار الرسول ' لابن أُبي:
وعن استغفار الرسول الأكرم "صلى الله عليه وآله" لابن أبي، حين طلب منه أن يستغفرله، نقول:
قد يقال: إنه لا يصح، وذلك لما يلي:
أولاً: إنه لا ريب في أن المنافق مشرك في واقعه وحقيقته، فإن كان ابن أبي منافقاً، فالمفروض: أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان عارفاً به، فكيف يستغفر له، وقد أنزل الله النهي عن الإستغفار للمشركين؟
ثانياً: إنه حتى لو لم تكن آية النهي عن الإستغفار للمشركين قد نزلت آنئذٍ، فإن المنع من ذلك كان ثابتاً في دين الحنيفية، التي كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" يتعبد بها، فلم يكن يجوز له أن يفعل ذلك، حتى لو كان ذلك المشرك غير مظهر لشركه..
وقد قال تعالى مشيراً إلى ذلك: ?وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِله تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ?([329]).
ثالثاً: إنهم يزعمون: حسبما تقدم في الجزء السابق: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد نهى عن الاستغفار لأمه في غزوة بني لحيان، وقد كان ذلك قبل الحديبية.
بل هم يزعمون: أن قوله تعالى: ?مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ..?([330]) قد نزلت قبل الهجرة بثلاث سنوات([331]).
ولم تقيِّد الرواية هذا النهي بما يوجب التفريق بين المشرك المستتر بشركه، والمشرك المعلن به..
غير أننا نقول:
إنه لا بد من تقييد هذه الآية وسواها، بأن المقصود هو: الشرك المعلن دون سواه، لأن المطلوب من النبي "صلى الله عليه وآله" هو معاملتهم بما يوجبه ظاهر حالهم.. لا بما علمه "صلى الله عليه وآله" من خلال علمه الخاص، وهو علم النبوة..
فإذا كانوا يعلنون أنهم على الإسلام، يمارسون شعائره، فلا يجوز إنكار ذلك عليهم، ولا فضح أمرهم، وذلك تأليفاً لهم على الإسلام، ولكي يعيشوا في أجوائه، ليدخل الإيمان في قلوبهم بصورة تدريجية، وليمكن أيضاً لأبنائهم وعشائرهم ومن يلوذ بهم، أو يتصل بهم أن يعيشوا مع المسلمين، وليروا بأم أعينهم محاسن هذا الدين، كما هو ظاهر.
فالنهي عن الاستغفار للمشرك، إنما هو بالنسبة للمعلن بشركه، لا للمتستر به..
ولو أراد أن يتنكر للمنافقين لم يكن معنى لوضع سهم المؤلفة قلوبهم، وذلك واضح لا يخفى.
المنافقون في الحديبية:
وقد ذكروا: أن جماعة من المنافقين قد حضروا في الحديبية..
وقد صرحت الروايات المتقدمة، وكذلك الرواية الآتية تحت عنوان "التوحيد، والاعتقاد بالأسباب" وكذلك روايات أخرى، أشرنا إليها في الفصل السابق ـ صرحت جميعها ـ: بوجود المنافقين مثل ابن أُبي، والجد بن قيس وغيرهما في غزوة الحديبية، وبأنهم قد صدرت منهم أمور دعت الرسول الأعظم "صلى الله عليه وآله" إلى اتخاذ مواقف تناسب الحال..
وقد قرأنا آنفاً: أن ابن أُبي كان على الماء في نفر من المنافقين، وأنه سئل عن المعجزة التي أظهرها رسول الله "صلى الله عليه وآله" ـ فيما يرتبط بفيضان الماء ـ فادَّعى أنه رأى مثل هذا.. ثم اعترف لرسول الله "صلى الله عليه وآله": أنه لم ير مثله قط.
وأنه طلب من رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يستغفر له، فاستغفر "صلى الله عليه وآله" له([332]).
ونقول:
إنه إذا كان هؤلاء المنافقون قد حضروا الحديبية، وإذا كانت بيعة الرضوان قد حصلت في هذه المناسبة، وبايع جميع من كان مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" ـ بمن فيهم المنافقون ـ وإذا كانوا جميعهم يدخلون الجنة باستثناء صاحب الجمل الأحمر حسبما تقدم، فإن السؤال الذي يلح بطلب الإجابة الصحيحة والصريحة هو التالي:
إنه بناءً على ذلك، وبناءً على قول أهل السنة بعدالة جميع الصحابة، استناداً إلى آيات بيعة الشجرة وهي قوله تعالى:
?لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ المُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً?([333]).
وقوله تعالى: ?إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً?([334]).
فإن ابن أُبي وجميع من حضر في الحديبية ممن هم على شاكلته، لابد أن يحكم بصحة إيمانهم استناداً إلى ذلك. ولا يجوز لأهل السنة إطلاق القول بنفاقه أصلاً، فضلاً عن دعواهم: أنه كان رأس المنافقين في المدينة.
ويؤكد هذا الأمر ويزيده وضوحاً لنا، وتعقيداً بالنسبة إلى أصول أهل السنة: أنهم يقولون: إن الله سبحانه قال لرسوله "صلى الله عليه وآله" بالنسبة للمنافقين: ?وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِالله وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ?([335]).
وبعدما تقدم: فإنه يرد على أهل السنة سؤال آخر، وهو: إذا لم يكن هؤلاء هم المنافقون! فمن المقصود بالآيات التي تحدثت عن المنافقين في سورة "المنافقون" و "البقرة" و "التوبة" وفي "آل عمران" و.. و.. وتحدث عنهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" في مناسبات كثيرة كما يظهر من مراجعة كتاب الدر المنثور وغيره من كتب التفسير بالمأثور، فضلاً عن غيرها من كتب الحديث والتاريخ، وما إلى ذلك؟!
وبناء على ما تقدم نقول:
إن هناك حلولاً لهذه المعضلة، نذكر منها ما يلي:
1 ـ أن يأخذوا بمذهب أهل البيت "عليهم السلام" في عدد التكبير في صلاة الميت حيث رووا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان يكبر على المنافقين أربعاً، وعلى صحيحي الإيمان خمساً..
2 ـ أن يعترفوا: بأن آية بيعة الرضوان لا تدل على عدالة جميع من بايع رسول الله "صلى الله عليه وآله"، بل على عدالة خصوص المؤمنين منهم، ولابد من معرفة صحة الإيمان في كل واحد منهم بدليل آخر..
ومما يزيد هذا الاستدلال إشكالاً: أن الآية الأخرى قد أشارت إلى احتمالات نكث البيعة من قبل بعض من بايع رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
3 ـ أن يتراجعوا عن الحكم بنفاق ابن أُبي، والجد بن قيس، وغيرهما ممن حضر الحديبية، ويحكموا بأنهم أصحاب إيمان صحيح..
فإذا اختاروا هذا الحل، فإنهم يكونون قد خالفوا حقيقة ثابتة من الناحية التاريخية، وعليهم بالإضافة إلى ذلك أن يبيِّنوا لنا من هو المقصود بالآيات التي وردت في سورة "المنافقون"، وفي سورة "البقرة"، وفي سورة "آل عمران"، وفي سورة "التوبة" و.. و..؟! ومن هم المقصودون بكلام رسول الله "صلى الله عليه وآله" في هذا الشأن؟!
ثم إن عليهم إذا ادَّعوا عدم نفاق ابن أُبي: أن يبيِّنوا لنا سبب سعي عمر لمنع رسول الله "صلى الله عليه وآله" من الصلاة على ابن أُبي، ولماذا لم يستجب له الرسول الأكرم "صلى الله عليه وآله" حين طلب منه عمر الامتناع عن ذلك؟!
أبو سفيان على بئر الحديبية!:
وزعموا: أن أبا سفيان قال لسهيل بن عمرو: قد بلغنا أنه ظهر بالحديبية قليب([336]) فيه ماء. فقم بنا ننظر إلى ما فعل محمد. فأشرفا على القليب، والعين تنبع تحت السهم، فقالا: ما رأينا كاليوم قط. وهذا من سحر محمد قليل([337]).
وصرحت نصوص أخرى: بأن قريشاً قد جاءت إلى الحديبية، لا خصوص أبي سفيان.
ونقول:
إن كان ذلك قد حصل قبل الصلح، فيرد عليه:
أن أبا سفيان لا يجرؤ على المجيء إلى الحديبية إذا كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" فيها، خصوصاً مع وجود تلك الجموع معه، فإنهم لن يسكتوا عن وجود رجلين غريبين يظهران فيما بينهم، بل لا بد أن يتعرفوا عليهما، فإذا عرفوهما فسيكون لهم شأن معهما، وأي شأن.
وإن كان ذلك قد حصل بعد الصلح، وبعد ارتحال رسول الله "صلى الله عليه وآله" ومن معه من المسلمين..
فيرد عليه: أنهم يقولون: إن البراء بن عازب قد انتزع ذلك السهم من موضعه، وذلك حين ارتحال الرسول "صلى الله عليه وآله" والمسلمين عنه.. فجف الماء كأن لم يكن هناك شيء([338]).
ولكننا مع ذلك نقول:
إن أبا سفيان كان يعرف الحديبية، وأنها لا ماء فيها، فإذا كان مع النبي "صلى الله عليه وآله" ألف وأربع مائة أو خمس مائة رجل، ومعهم رواحلهم ودوابهم، وربما طائفة من النساء، فلا بد أن يحتاجوا إلى الكثير من الماء الذي يعرف أنه غير متوفر في الحديبية.
وهذا يقرِّب إلى الذهن أن يكونوا قد سمعوا بأمر البئر، وبمعجزة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ودفعهم ذلك إلى الذهاب إلى هناك بعد رحيله "صلى الله عليه وآله"، فرأوا أنها قد غارت أيضاً، لكي يتبين لهم أن البركات مرهونة به "صلى الله عليه وآله".
ولكن عنادهم دفعهم إلى الجحود، واعتبار ذلك من السحر.
ولعلهم أرادوا إطلاق هذه الشائعة، لكي لا يتأثر الناس بما سمعوه عن معجزات وكرامات حصلت لرسول الله "صلى الله عليه وآله".
التوحيد، والإعتقاد بالأسباب:
روى الشيخان وأبو عوانة، والبيهقي عن زيد بن خالد "رضي الله عنه" قال: خرجنا مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" عام الحديبية، فأصابنا مطر ذات ليلة، فصلى بنا النبي "صلى الله عليه وآله" الصبح، ثم أقبل علينا بوجهه، فقال: أتدرون ماذا قال ربكم؟
قلنا: الله ورسوله أعلم.
قال: قال الله عز وجل: "أصبح من عبادي مؤمن وكافر، فأما المؤمن: من قال: مطرنا برحمة الله وبفضل الله، فهو مؤمن بي وكافر بالكواكب.
وأما من قال: مُطرنا بنجم كذا ـ وفي رواية: بنوء كذا وكذا ـ فهو مؤمن بالكواكب كافر بي"([339]).
وفي نص آخر: أصبح الناس رجلان مؤمن بالله كافر بالكواكب، وكافر بالله مؤمن بالكواكب.
قال محمد بن عمر: وكان ابن أُبي بن سلول قال: هذا نوء الخريف، مُطرنا بالشعرى.
وروى ابن سعد، عن أبي المليح، عن أبيه، قال: أصابنا يوم الحديبية مطر لم يبل أسافل نعالنا، فنادى منادي رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن صلوا في رحالكم([340]).
ونقول:
إن الأمر هنا يحتاج إلى بعض التوضيح، وذلك على النحو التالي:
إعتقاد العرب بالأنواء:
لقد كان العرب يعتقدون: أن الأنواء هي التي تحدث المطر، أو الريح.
والأنواء ثمانية وعشرون في كل سنة.
والنوء عبارة عن غروب نجم مع الفجر، وطلوع رقيبه من المشرق من أنجم المنازل، وذلك يحصل في كل ثلاثة عشر يوماً إلا الجبهة ـ النجم المعروف ـ فإن لها أربعة عشر يوماً.
وكان هذا الاعتقاد راسخاً في العرب، وكان لا بد من إزالته، ليصح الاعتقاد بالتوحيد، وتزول عنهم رواسب الشرك، وعوارضه..
القرآن: الغيث والريح بيد الله:
ولم يزل القرآن يصرح بأن الله هو الذي ينزل الغيث، وهو الذي يزجي السحاب، ويرسل السماء عليهم مدراراً، وهو الذي يرسل الرياح.
فقال تعالى: ?يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً?([341]).
وقال: ?إِنَّ اللهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ?([342]).
وقال: ?وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا?([343]).
وقال: ?أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاء وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاء يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ?([344]).
وعن الرياح يقول: ?وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ?([345]).
ويقول: ?وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ?([346]).
ويقول: ?وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ?([347]).
ويقول: ?اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاء?([348]).
سعي الرسول ' لاقتلاع هذا الاعتقاد:
وقد حفلت كتب الحديث والتاريخ وغيرها بالنصوص الواردة عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، والتي تدين هذا الاعتقاد، وتدعو للتخلص منه..
وهذا المورد الذي نحن بصدد الحديث عنه هو أحد مفردات الدعوة، حيث أخبرهم النبي "صلى الله عليه وآله" عن الله سبحانه: أن من يقول مُطرنا بنجم كذا، أو بنوء كذا، فهو كافر بالله.
وليس المراد هنا: كفر النعمة، كما يحاول البعض أن يدّعي، بل المراد الكفر الحقيقي، لأنه يريد أن يذكر لهم منطق أهل الجاهلية، لكي يقرر: أن القول: بأن الفاعل الحقيقي للمطر وللريح هو النوء الفلاني، كفر صريح لا يلتقي مع الإيمان بشيء.
وقد روي عن النبي "صلى الله عليه وآله" قوله: "لو أمسك الله المطر عن الناس سبع سنين، ثم أرسله، لأصبحت طائفة كافرين، قالوا: هذه بنوء الدبران" أو المجدح كما ورد في الروايات([349]).
مع أن انقطاع المطر عنهم سبع سنين يدل على: أن الأنواء لا تأثير لها، لأن الأنواء موجودة طيلة هذه السنين السبع كلها. ولم يؤثر وجودها في نزول المطر.
وقد ذكر السيوطي في كتابه: "الدر المنثور" ج6 ص162 ـ 164 أحاديث كثيرة عن عشرات المصادر، صريحة بإدانة ـ وبعضها يصرح بكفر ـ من يصرُّ على أن التأثير في المطر هو للأنواء، فراجع.
واللافت هنا: أنه رغم كثرة تعرض النبي "صلى الله عليه وآله" لإدانة هذا الاعتقاد فقد نقل عن عمر بن الخطاب أنه قال: مُطرنا كذا.
واعتذر عنه الحلبي: بأنه لعله لم يبلغه النهي عن ذلك([350]).
ولكن من الواضح: أن عمر كان حاضراً في الحديبية، كما صرح به الحلبي نفسه.
وربما يقال: إن هذا الاعتذار يبقى مجرد احتمال.
وهناك احتمال آخر، وهو: أنه قد قال ذلك على سجيته، متأثراً بما كان يعتقده في الجاهلية..
ولعل من ذكر: أن المراد هو: كفر النعمة، وأن النهي ليس نهي تحريم بل هو نهي كراهة([351]) قد أراد حفظ ماء الوجه للخليفة الثاني في قوله هذا..
والله هو العالم بحقيقة الحال.
الفصل الخامس:
إتصالات.. ومداولات..
هدايا قبلت:
وأهدى عمرو بن سالم، وبسر بن سفيان الخزاعيان بالحديبية لرسول الله "صلى الله عليه وآله" غنماً وجزوراً، وأهدى عمرو بن سالم لسعد بن عبادة جُزُراً ـ وكان صديقاً له ـ فجاء سعد بالجزر إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وأخبره أن عَمْراً أهداها له، فقال: "وعمرو قد أهدى لنا ما ترى، فبارك الله في عمرو".
ثم أمر بالجزر أن تنحر وتقسم في أصحابه، وفرق الغنم فيهم عن آخرها، وشرك فيها، فدخل على أم سلمة من لحم الجزور كنحو ما دخل على رجل من القوم.
وشرك رسول الله "صلى الله عليه وآله" في شاته، فدخل على أم سلمة بعضها، وأمر "صلى الله عليه وآله" للذي جاء بالهدية بكسوة([352]).
ونقول:
إنه لم يظهر من نصوص التاريخ إسلام عمرو بن سالم، أو بسر بن سفيان الخزاعي فإن كانا أو أحدهما ما زال على الشرك، فإن قبول هديتهما يتنافى مع ما روي عنه "صلى الله عليه وآله" من أنه لا يقبل هدية مشرك. وقد تقدم ذلك في الفصل الذي تحدثنا فيه عن إيمان أبي طالب، فراجع.
فقبوله "صلى الله عليه وآله" هديتهما يدل على تقدم إسلامهما. ويدل على ذلك أيضاً، ما صرحت به هذه الرواية، من أنه "صلى الله عليه وآله" قد دعا لعمرو بقوله: "فبارك الله في عمرو".
إتصالات ومداولات:
لما اطمأن رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالحديبية: جاءه بديل بن ورقاء في رجال من خزاعة، منهم: عمرو بن سالم، وخراش بن أمية، وخارجة بن كرز، ويزيد بن أمية. وكانوا عيبة نصح لرسول الله "صلى الله عليه وآله" بتهامة، منهم المسلم، ومنهم الموادع. لا يخفون عنه بتهامة شيئاً.
فلما قدموا على رسول الله "صلى الله عليه وآله" سلموا، فقال بديل بن ورقاء: جئناك من عند قومك، كعب بن لؤي، وعامر بن لؤي، قد استنفروا لك الأحابيش ومن أطاعهم، قد نزلوا أعداد مياه الحديبية، معهم العوذ المطافيل، والنساء والصبيان، يقسمون بالله لا يخلون بينك وبين البيت حتى تبيد خضراؤهم.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "إنَّا لم نأت لقتال أحد، إنما جئنا لنطوف بهذا البيت، فمن صدنا عنه قاتلناه، إن قريشاً قد أضرت بهم الحرب ونهكتهم، فإن شاؤوا ماددتهم مدة يأمنون فيها، ويخلون فيما بيننا وبين الناس ـ والناس أكثر منهم.
فإن أصابوني فذلك الذي أرادوا.
وإن ظهر أمري على الناس كانوا بين أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس، أو يقاتلوا وقد جَمُّوا.
وإن هم أبوا فوالله لأجهدن على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي، ولينفذن الله تعالى أمره".
فوعى بديل مقالة رسول الله، وقال: سأبلغهم ما تقول. وعاد ورَكْبُه إلى قريش، فقال ناس منهم: هذا بديل وأصحابه، وإنما يريدون أن يستخبروكم، فلا تسألوهم عن حرف واحد.
فلما رأى بديل أنهم لا يستخبرونه قال: إنَّا جئنا من عند محمد، أتحبون أن نخبركم عنه؟
فقال عكرمة بن أبي جهل، والحكم بن أبي العاص: ما لنا حاجة بأن تخبرونا عنه، ولكن أخبروه عنا: أنه لا يدخلها علينا عامه هذا أبداً، حتى لا يبقى منا رجل.
فأشار عليهم عروة بن مسعود الثقفي بأن يسمعوا كلام بديل، فإن أعجبهم قبلوه، وإلا تركوه، فقال صفوان بن أمية، والحارث بن هشام: أخبرونا بالذي رأيتم وسمعتم.
فقال بديل لهم: إنكم تعجلون على محمد "صلى الله عليه وآله"، إنه لم يأت لقتال، إنما جاء معتمراً، وأخبرهم بمقالة النبي "صلى الله عليه وآله" فقال عروة: يا معشر قريش، أتتهمونني؟
قالوا: لا.
قال: ألستم بالوالد؟!
قالوا: بلى.
قال: ألست بالولد؟
قالوا: بلى.
وكان عروة لسبيعة بنت عبد شمس القرشية.
قال: "ألستم تعلمون أني استنفرت أهل عكاظ لنصركم، فلما تبلَّحوا علي نفرت إليكم بنفسي، وولدي، ومن أطاعني؟
قالوا: قد فعلت، ما أنت عندنا بمتهم.
قال: إني لكم ناصح، وعليكم شفيق، لا أدخر عنكم نصحاً، فإن بديلاً قد جاءكم بخطة رشد لا يردها أحد أبداً، إلا أحد شر منها. فاقبلوها منه، وابعثوني حتى آتيكم بمصداقها من عنده، وأنظر إلى من معه، وأكون لكم عيناً آتيكم بخبره.
فبعثته قريش إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فجاء رسولَ الله "صلى الله عليه وآله" فقال: يا محمد، تركت كعب بن لؤي، وعامر بن لؤي على أعداد مياه الحديبية، معهم العوذ المطافيل، قد استنفروا لك الأحابيش ومن أطاعهم، قد لبسوا جلود النمور، وهم يقسمون بالله لا يخلون بينك وبين البيت حتى تجتاحهم، وإنما أنت ومن قاتلهم بين أحد أمرين أن تجتاح قومك، ولم يسمع برجل اجتاح قومه وأهله قبلك. أو بين أن يخذلك من ترى معك، وإني والله لا أرى معك وجوهاً، وإني لا أرى إلا أوباشاً.
وفي رواية: فإني لأرى أوشاباً([353]) من الناس، لا أعرف وجوههم ولا أنسابهم، وخليقاً أن يفروا ويدعوك.
وفي رواية: وكأني بهم لو قد لقيت قريشاً أسلموك، فتؤخذ أسيراً، فأي شيء أشد عليك من هذا؟
فغضب أبو بكر ـ وكان قاعداً خلف رسول الله "صلى الله عليه وآله" فقال: امصص بظر اللات، أنحن نخذله، أو نفِرُّ عنه؟!
فقال عروة: من ذا؟
قالوا: أبا بكر.
فقال عروة: أما والله لولا يدٌ لك عندي لم أجزك بها لأجيبنك.
وكان عروة قد استعان في حمل دية، فأعانه الرجل بالفريضتين والثلاث، وأعانه أبو بكر بعشر فرائض.
فكانت هذه يد أبي بكر عند عروة.
وطفق عروة كلما كلَّم رسول الله "صلى الله عليه وآله" مس لحية النبي "صلى الله عليه وآله"، والمغيرة بن شعبة قائم على رأسه "صلى الله عليه وآله" بالسيف، على وجهه المغفر ـ لما قدم عروة لبسها ـ فطفق المغيرة كلما أهوى عروة بيده ليمس لحية النبي "صلى الله عليه وآله" يقرع يده بنعل السيف ويقول: اكفف يدك عن مس لحية رسول الله "صلى الله عليه وآله" قبل ألا تصل إليك، فإنه لا ينبغي لمشرك أن يمسه.
فلما أكثر عليه غضب عروة وقال: ويحك!! ما أفظك وأغلظك!
وقال: ليت شعري!! من هذا الذي آذاني من بين أصحابك؟ والله لا أحسب فيكم ألأم منه، ولا أشر منزلة.
فتبسم رسول الله "صلى الله عليه وآله" وقال: " هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة".
فقال عروة: وأنت بذلك يا غدر، والله ما غسلت عنك غدرتك بعكاظ إلا أمس، لقد أورثتنا العداوة من ثقيف إلى آخر الدهر.
وجعل عروة يرمق أصحاب النبي "صلى الله عليه وآله" بعينه، فوالله ما يتنخم رسول الله "صلى الله عليه وآله" نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم، فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم بأمر ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، ولا يسقط شيء من شعره إلا أخذوه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يُحِدُّون النظر إليه، تعظيماً له.
فلما فرغ عروة من كلام رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ورد عليه الرسول "صلى الله عليه وآله" مثل ما قال لبديل بن ورقاء، وكما عرض عليهم من المدة، أتى عروة قريشاً، فقال:
يا قوم، إني وفدت إلى الملوك: كسرى، وقيصر، والنجاشي، وإني والله ما رأيت ملكاً قط أطوع فيما بين ظهرانيه من محمد في أصحابه، والله إن رأيت ملكاً قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمدٍ محمداً، وليس بملك.
والله ما تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم، فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم بأمر ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه أيهم يظفر منه بشيء، ولا يسقط شيء من شعره إلا أخذوه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون النظر إليه تعظيماً له، ولا يتكلم رجل منهم حتى يستأذن، فإن هو أذن له تكلم، وإن لم يأذن له سكت.
وقد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها، قد حرزت القوم.
واعلموا أنكم إن أردتم منهم السيف بذلوه لكم.
وقد رأيت قوماً لا يبالون ما يصنع بهم إذا منعتم صاحبهم، والله لقد رأيت معه نساء ما كن ليسلمنه أبداً على حال، فَرُوا رأيكم، فأتوه يا قوم، واقبلوا ما عرض عليكم، فإني لكم ناصح، مع أني أخاف أن لا تُنصروا على رجل أتى زائراً لهذا البيت، معظماً له، معه الهدي ينحره وينصرف.
فقالت قريش: لا تتكلم بهذا يا أبا يعفور، أَوَغيرك تكلم بهذا؟ ولكن نرده عامنا هذا، ويرجع إلى قابل.
فقال: ما أراكم إلا تصيبكم قارعة.
فانصرف هو ومن تبعه إلى الطائف.
فقام الحليس ـ وهو بمهملتين، مصغَّر ـ بن علقمة الكناني وكان من رؤوس الأحابيش، وفي نص آخر: كان يومئذٍ سيد الأحابيش([354]) فقال: دعوني آتيه.
فقالوا: ائته.
فلما أشرف على رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال "صلى الله عليه وآله": "هذا فلان من قوم يعظمون البُدْن، وفي لفظ: الهدي، ويتألهون، فابعثوها له".
فبعثت له.
فلما رأى الهدي يسيل عليه من عرض الوادي عليها قلائدها، قد أكلت أوبارها من طول الحبس، ترجّع الحنين، واستقبله الناس يلبون قد أقاموا نصف شهر، وقد تَفِلوا وشَعِثوا، صاح وقال: سبحان الله "ما ينبغي لهؤلاء أن يُصدوا عن البيت!! أبى الله أن تحج لخم، وجذام، وكندة، وحمير، ويمنع ابن عبد المطلب، ما ينبغي لهؤلاء أن يُصدوا عن البيت، هلكت قريش وربِّ الكعبة. إن القوم إنما أتوا عُمَّاراً".
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "أجل يا أخا بني كنانة".
وذكر ابن إسحاق، ومحمد بن عمر، وابن سعد: أنه لم يصل إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" لما رأى ذلك إعظاماً لما رأى.
فيحتمل أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" خاطبه من بعد.
فرجع إلى قريش، فقال: إني رأيت ما لا يحل منعه، رأيت الهدي في قلائده، قد أكل أوباره، معكوفاً عن محله، والرجال قد تَفِلوا، وقَمِلوا أن يطوفوا بهذا البيت.
والله ما على هذا حالفناكم، ولا عاقدناكم، على أن تصدوا عن البيت من جاءه، معظماً لحرمته، مؤدياً لحقه. وساق الهدي معكوفاً أن يبلغ محله.
والذي نفسي بيده لَتُخَلُّنَّ بينه وبين ما جاء له، أو لأنْفِرَنَّ بالأحابيش نفرة رجل واحد.
فقالوا: كف عنا يا حُليس حتى نأخذ لأنفسنا ما نرضى به، وفي لفظ: اجلس فإنما أنت أعرابي لا علم لك، كل ما رأيت من محمد مكيدة.
فقام مِكْرَز ـ بكسر الميم، وسكون الكاف، وفتح الراء ـ بن حفص. فقال: دعوني آته.
فلما طلع ورآه النبي "صلى الله عليه وآله" قال: "هذا رجل غادر" وفي لفظ: "فاجر".
فلما انتهى إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" كلَّمه بنحو ما كلم به بديلاً وعروة، فرجع إلى أصحابه، فأخبرهم بما ردَّ عليه رسول الله "صلى الله عليه وآله" ([355]).
بيانات للتوضيح أو التصحيح:
وتستوقفنا في النصوص المتقدمة أمور كثيرة، لا بد من الاكتفاء بالإشارة الموجزة إلى بعضها، وفق ما يتيسر لنا، فنقول:
مفارقة لا يرضاها حليس:
لقد ذكر النص المتقدم: أن حليس بن علقمة لم يستطع أن يرضى بالمفارقة الظاهرة، والتي هي غير منطقية ولا معقولة، وهي: أن تمنع قريش ابن عبد المطلب من زيارة بيت الله، وتسمح لأشتات قبائل العرب بذلك، مثل لخم، وجذام، وحمير، وكندة!!
فعبد المطلب كان وبقي رمزاً عظيماً بالنسبة للعرب، ولم يكن يمكن لأحد أن يستهين بموقعه، أو أن يتجاهل مكانته عند الله تعالى، أو أن ينكر تقواه وقداسته، خصوصاً وأنه سيد مكة، بل سيد العرب، ولم يزل اسمه مرتبطاً بالقداسات، والكرامات، والاستقامة على خط الخير والصلاح، والسداد والفلاح..
وقد ظهر لابن عبد المطلب وهو رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالذات أكثر مما ظهر لجده من معجزات، وكرامات وقداسات. وها هو قد جاء على صفة وحالة تظهر وتجسد ما هو عليه من التقوى والارتباط بالله، وتعظيم البيت.. وذلك بصورة عملية قوية، وقادرة على أن تحضر عبد المطلب نفسه إلى الذاكرة، بل إلى المشاهدة بعين الباطن، والضمير والوجدان.
فانتفض وجدان الحليس، وانطلق ينذر بإعادة النظر في كل العقود والعهود التي كانت بين الأحابيش وبين قريش.. بل هو يتجاوز ذلك إلى أن يتهدد ويتوعد بأن ينفر مع الأحابيش كلها لنصرة محمد "صلى الله عليه وآله"..
وعلى قريش أن تأخذ هذا التهديد بعين الاعتبار، فإن عروة بن مسعود الثقفي قد سبق الحليس في اتخاذ موقف رافض لهذه السياسة الظالمة، وانسحب ومن تبعه إلى بلاده..
وهذا بالذات هو بعض ما تخشاه قريش، ويؤرقها، ويقض مضاجعها.
تحليل ابن مسعود ليس دقيقاً:
قد ظهر من النصوص المتقدمة:
أن عروة بن مسعود، وإن كان في يوم الحديبية لا يزال مشركاً، ولكنه كان يطرح الأمور مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" وفق تحليله الذي كان يراه منطقياً ومعقولاً..
فهو قد اعتبر نصرة الأوشاب ـ وهم الخليط غير المتجانس ـ لا تنتهي إلى نتيجة؛ لأنهم يندفعون إلى الأمور كأفراد استناداً إلى إحساسهم الداخلي، بما يحققه لهم هذا الاندفاع من نتائج، فإذا كان يرى نفسه فرداً منقطعاً عن عشيرته، فسوف يرى من هذه النتائج ما يتناسب مع حجمه كفرد. فإذا وازن بينها وبين الثمن الذي قد يدفعه من أجلها، ألا وهو نفسه التي هي أعز ما في الوجود عليه، فسيرى أنه مغبون في هذه الصفقة، فتدعوه نفسه للفرار.
أما إذا كانت له عشيرة تشاركه في هذه الاهتمامات، أو كان لديه رصيد معنوي يرى نفسه مطالباً بحفظه، وبالدفاع عنه، فإنه يشعر بوجود من وما تتوفر لديه حوافز الدفاع عنه وحفظه.
وسوف تختلف نظرته إلى طبيعة المنافع التي سوف يحصل عليها، حيث سيرى أنها أصبحت بحجم عشيرته كلها. فإذا كبرت في عينه النتائج، وتضاءلت احتمالات الخسارة، وأصبح هناك شعور أكبر بالأمن، فإن الاندفاع في الحرب، والإصرار على تحقيق النصر فيها سوف يكون أكبر، واحتمالات حصول هذا النصر أكثر وأوفر..
ولكن قد غاب عن ذهن عروة بن مسعود: أن الإيمان بالله سبحانه، وبالجنة والنار، وبالثواب والعقاب، وأن ترسيخ حب الله، وحب الرسول "صلى الله عليه وآله"، وحب الحق، وحب الإيمان وتنامي ذلك في القلب وفي الروح ـ إن ذلك ـ لا بد أن يضاعف من اندفاع الناس للدفاع عما يحبون، وأن يسهل عليهم ما يصيبهم في هذه الحياة الدنيا، إذا كان يوجب لهم الأمن والفوز والفلاح في الآخرة..
بل إن ذلك كله يجعل هذا الإنسان ليس فقط لا يهتم بالحفاظ على نفسه وحياته، وإنما هو يلتذ ويسعد حين يضحي بالنفس والمال، والولد، على قاعدة: "فزت ورب الكعبة"، كما أن طعم الموت لا بد أن يصبح لديه أحلى من العسل..
ثم هو لا بد أن يحزن، ويبكي، ويتحسر إذا فاته ذلك.
وبذلك يظهر: أن رابطة العشيرة، والمصلحة، وحمية الجاهلية، وما إلى ذلك سوف لا يبقى لها تأثير يذكر في الدفع، أو في الرفع..
وقد أثبتت الوقائع في بدر وسواها هذه الحقيقة بما لا مزيد عليه.
المنطق القبائلي، والمنطق الإيماني:
وقد حاول ابن مسعود أن يقدم لرسول الله "صلى الله عليه وآله" معادلة ترتكز إلى المنطق العشائري، وإلى القيم الجاهلية، في مغازيها ومراميها، وذلك حين طالبه بالنظر في خيارين كلاهما مرفوض عشائرياً وجاهلياً، وهما:
1 ـ أن يجتاح قومه بالحرب، وهذا أمر لا ترضاه العقلية العشائرية، وتعتبره من موجبات العار الذي لا يقدم عليه أحد يلتزم بهذا المنطق، قال عروة: أن تجتاح قومك، ولم يسمع برجل اجتاح قومه، وأهله قبلك.
2 ـ أن تكون نتيجة الحرب هي: أن يفر عنه أصحابه الذين هم أشواب([356]) من الناس، فيأسره قومه، وهذا أمر لا يرضاه لنفسه، فإن الأسر عار وذل أيضاً..
واللافت هنا: أن عروة قد استند في حصر الأمر بهذين الخيارين إلى أن قريشاً قد أظهروا الحقد والتصميم على حربه، ولبسوا جلود النمور، وهم يقسمون بالله أن لا يخلوا بينه وبين البيت..
ويا ليت عروة بن مسعود يتذكر:
أولاً: إن قريشاً أهل محمد "صلى الله عليه وآله" وقومه، فلماذا يلبسون لابن عشيرتهم ولمن هو في جملة أهلهم جلود النمور، ولماذا يحقدون عليه، ويصرون على حربه؟ فإن المفروض هو: أن يعالج المنطق القبلي هذه الظاهرة، وأن يقضي عليها، وأن يزول حقدهم عليه، وممانعتهم ومنعهم إياه من دخول حرم الله لنفس هذا السبب، وهو كونهم أهله، وعشيرته..
ثانياً: إن ما يريدون منعه منه وعنه ليس لهم فيه حق، فإنه بيت الله، وهم مجرد خدم وسدنة لهذا البيت، ولا يرضى حتى منطقهم الجاهلي بمنع أحد من حجه أو من عمرته، أو من زيارة بيت ربه سبحانه وتعالى..
ثالثاً: إن هؤلاء الأهل والعشيرة قد ظلموا أخاهم وسيدهم، وأقدس رجل فيهم، وأخرجوه ومن معه من بلده وأهله، وماله، من غير ذنب أتاه إليهم.. وقد آذوه وحاولوا قتله، واستئصال شأفته، وإبادة خضرائه في حروبهم ضده.. فلماذا فعلت قريش ذلك؟!..
مع أنه ـ حسب منطق ابن مسعود ـ : لم يسمع برجل اجتاح قومه وأهله قبلهم.. فلماذا جرَّت باؤهم في ذلك كله.. ولم تجر باء محمد "صلى الله عليه وآله" هذه المرة؟! ولو بمقدار أن يسمحوا له بزيارة بيت ربه، ثم يرجع عنهم من دون قتال، ولا حتى جدال..
رابعاً: لو أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" ومن معه أصروا على زيارة البيت، فهل ستقاتله قريش، أم ستتركه؟!
إن كلام عروة بن مسعود نفسه صريح في أنها ستقاتله، بصورة متعدية وظالمة، فلماذا لم يوجه عروة إليها نفس هذا الكلام قبل أن يأتي رسولاً من قبلها إلى النبي "صلى الله عليه وآله" ليسوِّق لاستمرار هذا الظلم، ويباركه، ويدعمه بظلم فاحش آخر؟!..
لقد كان عليها أن تخضع لهذا المنطق، الذي جاءت لتطالب الآخرين بالخضوع له، وتكف عن القتال، وتمكن زوار البيت الحرام من الزيارة والعمرة.
عنادهم وموقف رسول الله ':
أما موقف رسول الله "صلى الله عليه وآله" فكان حازماً، ولكنه لم يكن عدوانياً، بل هو عين الإنصاف والعدل، وهذا بالذات هو ما كان يثير حفيظة قريش، حيث وجدت نفسها في موقع العناد واللجاج من دون أن يكون لديها أي مبرر مقبول أو معقول، حتى أمام شركائها في الرأي والموقف، وحلفائها ضد رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ومن هم على دينها. فإن ما كان يقوله رسول الله "صلى الله عليه وآله" هو: إننا جئنا لزيارة بيت ربنا، فمن صدنا عنه قاتلناه.
فهو لم يطالب إلا بحق يقرُّ له به كل أحد، ولا مجال للمراء فيه، وهو حق عام يطالب به جميع الناس قريشاً بالذات، فمن أنكر هذا الحق على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فلا بد أن ينكره على نفسه أولاً.
من هنا نجد: أن جميع من جاؤوا من قبل قريش إلى النبي "صلى الله عليه وآله" لم يكن لديهم حجة يعتصمون بها، فكانوا يلجأون إلى محاولة تخويفه "صلى الله عليه وآله" والمسلمين من عاقبة دفع الأمور باتجاه الحرب..
ثم كانت حصيلة مساعيهم: أنهم يرجعون إلى قومهم ليواجهوهم بنفس المنطق الذي سمعوه من رسول الله "صلى الله عليه وآله".. وذلك بدءاً من بديل بن ورقاء الخزاعي الذي قال لقريش: إنكم تعجلون على محمد، إنه لم يأت لقتال، إنما جاء معتمراً، ثم أخبرهم بمقالة النبي "صلى الله عليه وآله" حسبما تقدم.
مروراً بعروة بن مسعود الذي قال لهم: قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها.
وكذلك الحليس بن علقمة، الذي قال لقريش حين رجع إليها: ما على هذا حالفناكم، ولا عاقدناكم، على أن تصدوا عن البيت من جاءه معظماً لحرمته، مؤدياً لحقه الخ..
وانتهاءً بمكرز بن جابر، الذي رجع إلى قريش، ولم يجد لديه ما يحمله إليها، سوى ما قاله رسول الله "صلى الله عليه وآله" له..
تصدع صفوف المشركين:
فاتضح بذلك كله:
أن الأمر قد انتهى بتصدع صفوف أهل الشرك.. وظهور الخلاف العميق فيما بينهم. إلى حد أن زعماء أقوياء في صفوفهم هم الذين يسعون لإقناع قريش بقبول عروض النبي "صلى الله عليه وآله"، ويعلنون أن خطته خطة رشد وصلاح..
وهي نتيجة ذات أهمية فائقة، وحاسمة أيضاً.
وقد ظهر الخلاف بينهم حين قرر بديل بن ورقاء أنهم يعجلون على محمد "صلى الله عليه وآله"، وأن اتهامهم إياه بأن حركته هذه حركة عدوانية اتهام باطل، فهو لم يأت لقتال أحد.
ثم إن عروة بن مسعود أيد بديلاً فيما قاله..
ثم عرض عليهم أن يحقق لهم في صحة أقوال بديل. فلما رضوا بذلك، وذهب في مهمته تلك، عاد إليهم بما يزيد في إضعاف موقفهم، وزعزعة ثباتهم، ويزيد من خوفهم ورعبهم، خصوصاً وهو يصف لهم طاعة أصحاب محمد "صلى الله عليه وآله" له، وتعظيمهم إياه، وأن هذا التعظيم، وتلك الطاعة هي لرجل ليس ملكاً مع أنها فوق تعظيم أتباع الملوك ـ بمن فيهم كسرى وقيصر ـ لملوكهم..
بل إنه يتوقع حتى من النساء، اللواتي كنّ في ذلك الجمع دفاعاً عن محمد "صلى الله عليه وآله" ضارياً مستميتاً.. وهذا ما لا يسعد قريشاً، ولا يؤنسها، بل هو يدفع بها إلى حالة من الخوف تصل إلى حد الرعب.
ثم هو يصف لهم كيف كان أصحابه "صلى الله عليه وآله" يتبركون بشعره، أو بكل آثاره.. حتى إذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وكيف يبادرون لامتثال أوامره، ويذكر لهم كيف يخفضون أصواتهم عنده، ولا يحدُّون النظر إليه، وغير ذلك.
ولا شك في أنه سيصيبهم الذهول لهذا الوصف، الذي إذا رجعوا إلى أنفسهم، فإنهم لا يجدون شيئاً منه فيما بينهم، بل هم يجدون النقيض والمباين له.. وهذا ما يجعلهم يدركون حجم الصعوبات التي سوف يواجهونها لو دخلوا معه في أي صراع، ويزيد في رعبهم من الأخطار التي تنتظرهم معه..
ثم يعلن عروة بن مسعود رأيه لهم، وهو: أن الرشد في قبول ما عرضه عليهم محمد "صلى الله عليه وآله"..
ثم كانت الحجة الأقوى التي استند إليها هي: أن النبي "صلى الله عليه وآله" إنما جاء زائراً للبيت، معظماً له، ومعه الهدي.. فخافت قريش من تأثير هذا المنطق، وقالوا له: لا تتكلم بهذا يا أبا يعفور..
وكانت النتيجة هي: انفصاله هو ومن تبعه عن قريش، وانصرافه إلى الطائف.
ثم زاد هذا التصدع في صفوف أهل الشرك حين رجع الحليس ـ وهو من رؤوس الأحابيش ـ إلى قريش من عند رسول الله "صلى الله عليه وآله" بموقف حازم، ليقول لها: "والله ما على هذا حالفناكم، ولا عاقدناكم على أن تصدوا عن البيت من جاءه معظماً لحرمته، مؤدياً لحقه، وساق الهدي معكوفاً أن يبلغ محله.
والذي نفسي بيده، لتخلُّن بينه وبين ما جاء له، أو لأنفرن بالأحابيش نفرة رجل واحد".
فقالوا: كف عنا يا حليس، حتى نأخذ لأنفسنا ما نرضى به..
تبرك الصحابة برسول الله ':
وفي سياق آخر نلاحظ ما يلي:
1 ـ إن ما ذكره عروة بن مسعود عن تبرك الصحابة بوضوء رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وبشعره، وحتى بنخامته([357])، ما هو إلا واحد من مئات الشواهد الدالة على مشروعية التبرك بالأنبياء والأولياء، وبآثارهم.
كما أنه يدل على: أن لنفس جسد الرسول "صلى الله عليه وآله" قداسة وبركة، وهذا لا يختص بالأنبياء "عليهم السلام"، بل يشمل غيرهم من الأولياء والأصفياء ومن سعد بالاصطفاء والاجتباء.
ولا نريد أن ندخل في تفاصيل هذا الموضوع، فإن المناسبة لا تقتضي ذلك، غير أننا نشير إلى: أن جواز التبرك وعدمه إنما يؤخذ من النصوص الواردة عن المعصوم "عليه السلام"، وليس هو من الأمور التي تحكم أو تتحكم بها العقول..
وذلك: لأن التبرك معناه طلب البركة ـ التي هي النماء والزيادة ـ من مكامنها ومناشئها، سواء أكانت زيادة مادية أم معنوية، مع إحراز كونها قابلة للانتقال والاكتساب..
وهذا وذاك إنما يطلب من قبل الخالق، الذي هو الفاعل والجاعل..
فإذا أخبرنا الله ورسوله: أن البركة حاصلة في شخص رسوله، أو وليه، أو في القرآن الكريم، أو في الحجر الأسود.
وأخبرنا أيضاً: أنها قابلة للانتقال، والاكتساب، فلا بد من أخذ ذلك منه، وقبوله عنه، ولا يصح رده بالقياسات العقلية الناقصة، ولا يجوز دفعه بالحدسيات والظنون، فإن الله سبحانه يريد أن تعبده مخلوقاته حسبما يرسمه لهم، ويريده منهم.. وليس لهم في ذلك أي خيار.
2 ـ ومن جهة ثانية، فإن ما جرى في الحديبية، من تبرك الصحابة بشعر الرسول "صلى الله عليه وآله"، وبفضل وضوئه وغير ذلك قد أرعب قريشاً، واضطرها لإعادة النظر في حساباتها.
3 ـ إن ما جرى في الحديبية ليس هو الدليل الوحيد على جواز التبرك، بل هناك مئات من الشواهد، والدلائل، والنصوص التي تؤكد ذلك.. فمجموعها هو الدليل القاطع وهو من حيث الغزارة والكثرة أضعاف أضعاف ما يتحقق به التواتر.. فلو جاز التشكيك في ذلك كله، ورده، ورفضه، واعتباره شركاً، فإن الأمر يصبح دائراً بين أمرين:
أحدهما: أنه يمكن الشك في كل الثوابت، والمتواترات من الشرع الشريف، فلا مجال لإثبات شيء منها، حتى ما هو من قبيل أن صلاة الظهر أربع ركعات!!
الثاني: أن يكون تبركهم حاصلاً وثابتاً فعلاً، وكان ذلك من الشرك، فلا بد من الحكم على كل من مارس ذلك أنه قد دخل في دائرة الشرك، وارتكاب المعاصي الكبيرة.
وهل يمكن لأحد أن يدين أعاظم الصحابة، وينسبهم إلى الشرك والكفر، بل هو يدين رسول الله "صلى الله عليه وآله" نفسه، الذي قبَّل الحجر الأسود، وتبرك بعلي "عليه السلام"، وسكت عن جميع الذين كانوا يمارسون التبرك بشعره، وبوضوئه، وبكثير من الأمور العائدة إليه([358]).. وقَبِلَ هذا الشرك منهم، وأعانهم عليه، حينما كان يوزع شعره عليهم في الحديبية ليتبركوا به؟!!
التبرك لا يختص بالأحياء:
قلنا إن التبرك معناه: طلب النماء والزيادة والخير بتقديم وسيلة يحبها الله تعالى, فيستجيب للطالب من أجلها. وأنبياء الله "عليهم السلام", يحب الله تعالى أشخاصهم, ويحب أيضاً كل ما يتعلق بهم، أو ينسب إليهم من آثار وغيرها, فإذا جعلها الطالب وسيلته إلى الله سبحانه, فإنه تعالى يتحفه بما طلب، وينعم عليه بهباته ويخصه ببركاته..
هذا.. ولا يختص الاستشفاء والتبرك بذات النبي أو الولي بصورة ما إذا كان حياً؛ لأن وفاته لا توجب انقطاع تأثيره، كما يريدون أن يدَّعوا؛ فإن حرمة النبي والولي عند الله بعد وفاته هي نفسها في حياته, ولأجل ذلك يتوسل به أهل الحاجات, ويتبرك بقبره وبآثاره طلاب الخيرات والبركات, ويستشفي بتربته وبشعره، وبعصاه وسواها, من لم يجد له من آلامه سبيل نجاة..
ومنهم من أوصى: أن يوضع من شعر النبي "صلى الله عليه وآله" وأظفاره في كفنه بعد موته([359]).
وقد رووا: أن أم سلمة كانت تحتفظ بشعرات من شعر النبي "صلى الله عليه وآله" في جلجلٍ لها (أي ما يشبه القارورة) فكان إذا أصاب أحداً من الصحابة عين أو أذى أُرسل إليها إناء فيه ماء، فجعلت الشعرات في الماء ثم أخذوا الماء، يشربونه للاستشفاء, والتبرك به([360]).
وحين كانت أم سلمة تنشف عرقه "صلى الله عليه وآله", وتعصره في قواريرها, سألها النبي "صلى الله عليه وآله" عن ذلك, فقالت: نرجو بركته لصبياننا.
قال: أصبت([361]).
المغيرة قائم بالسيف خلف رسول الله ':
لقد ذكروا فيما تقدم: أن المغيرة كان قائماً على رأس رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالسيف، وأنه منع عروة بن مسعود من أن يلمس لحية النبي "صلى الله عليه وآله"..
وقد ردوا على هذه الرواية بما روي: من أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد نهى عن القيام على رأس الجالس.
ثم أجابوا: بأن الممنوع هو: ما كان منه على وجه العظمة والكبر. أما قيام المغيرة، على رأس النبي "صلى الله عليه وآله" فكان بقصد الحراسة، ونحوها من ترهيب العدو([362]).
ونقول:
إن هذا غير مقبول:
أولاً: لأن الحراسة وترهيب العدو لا يحتاجان إلى هذا القيام، لإمكان حصولهما بأساليب وطرائق أخرى غير القيام على رأس النبي "صلى الله عليه وآله".
ثانياً: إن المنهي عنه هو نفس هذا المظهر، الذي هو من مظاهر الكبر والعظمة، وإن لم يكن الجالس متكبراً ولا طالباً للعظمة.. فهو نظير التشبه بالكفار وأهل الفسوق، فإن ما يبغضه الله هو السعي لإيجاد الشبه، بالإضافة إلى ظهور نفس هذا الشبه أيضاً، فإن الله لا يرضى أن يظهر رسم الصليب على ثياب المسلمين؛ وإن كانوا لم يقصدوا ذلك، بل قصدوا مجرد لبس الثوب للتستر به. وهكذا الحال بالنسبة لمن يتمثل له الرجال "صفوفاً".
وفي نص آخر: "قياماً"، فليتبوء مقعده من النار([363]).
وكما أرادوا أن يمنحوا المغيرة بن شعبة هذا الوسام، من أجل أن يكافئوه على خدماته لمعاوية، ومعونته لمناوئي علي "عليه السلام"، ومشاركته لهم في الهجوم على بيت فاطمة "عليها السلام"، وعلى ضربه لها حتى أدماها، وألقت ما في بطنها، إستذلالاً منه لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، ومخالفةً منه لأمره، وانتهاكاً لحرمته([364]).
بالإضافة إلى أفاعيل ومواقف معروفة له، ذكر العلامة التستري بعضها، فراجع([365]).
وهكذا يقال بالنسبة لما رووه، من أن الضحاك بن سفيان كان يقوم على رأس رسول الله "صلى الله عليه وآله" بسيفه([366]). فإن رسول الله "صلى الله عليه وآله" لا يرضاه من المغيرة أو الضحاك، أو من غيرهما، وسيرته "صلى الله عليه وآله" خير شاهد على هذه الحقيقة..
غير أننا لا نستبعد: أن يكون المغيرة قد حضر ذلك المجلس، على حالة معينةٍ، واختارها هو لنفسه، وأنه قد تحرش بعروة، وضايقه، حتى نفد صبره ووجَّه إليه تلك الكلمات اللاذعة..
واللافت: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" لم يعترض على عروة في ما نسبه إلى المغيرة.. بل اكتفى بالتبسم، ثم بإخباره بقرابته له وموقعه منه.. فهل رأى ـ وهو نصير المظلومين الأول ـ أنه لا يحق له الدفاع عن المغيرة ولو بكلمة واحدة، تبين: أنه لا يحق لعروة أن يصفه بأنه ألأم وأشر رجل، وبأنه شديد الفظاظة والغلظة؟! أم أنه "صلى الله عليه وآله" قد رأى أن عروة محق في موقفه، وصادق فيما وصف به المغيرة؟!
امصص بظر اللات لغة مرفوضة:
وحين نقرأ كلمات أبي بكر التي واجه بها عروة بن مسعود، فإننا سوف نعجب كثيراً منها، حيث إنها:
1 ـ جاءت على طريقة غير مألوفة في الخطابات التي تكون بمحضر رسول الله "صلى الله عليه وآله"، حيث تضمنت كلمات لا يليق التفوه بها في محضره الشريف.
2 ـ إنه لم يكن هناك أي داع إلى دفع الأمور بهذا الاتجاه، حتى لو لم يكن النبي "صلى الله عليه وآله" حاضراً في ذلك المجلس.. فإن كلمة "امصص بظر اللات"([367])، أو نحوها إنما جاءت رداً على قول عروة: إن أصحاب النبي "صلى الله عليه وآله" لا ينصرونه في الحرب، بل يخذلونه، وهو تحليل مقبول لدى أهل الجاهلية ولا يحتاج أبو بكر في الإجابة عليه إلى استخدام هذه التعابير.
3 ـ إن مبادرة أبي بكر إلى الكلام في محضر رسول الله "صلى الله عليه وآله"، من دون إذن منه، غير مقبولة، خصوصاً مع ملاحظة: أن الله سبحانه قد قال: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ الله وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللَهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ?([368]).
ولعل عدم مبادرة رسول الله "صلى الله عليه وآله" للاعتراض على أبي بكر، يعود إلى أنه لم يرد أن يكسره أمام زعيم من زعماء الشرك..
4 ـ وأما قول أبي بكر: أنحن نخذله، فإن كان يقصد به غيره من المسلمين، فهو صحيح؛ لأن هناك من لا يخذل رسول الله "صلى الله عليه وآله" من المسلمين.
وإن كان يريد أن يدخل نفسه في جملة من لا يخذل الرسول "صلى الله عليه وآله"، فإن الوقائع لا تشجع على قبول هذا منه، والكل يعلم: أنه وأكثر المسلمين باستثناء علي "عليه السلام" قد فروا عنه "صلى الله عليه وآله" يوم أحد..
وفي بدر كان الذي يصلى بنار الحرب، ويعالج الطعن والضرب، غير أبي بكر بالتأكيد، فإنه احتمى برسول الله "صلى الله عليه وآله"، لأنه كان يرى: أن المكان الأكثر أمناً هو الموضع الذي فيه النبي "صلى الله عليه وآله".. الذي كان الناس يلوذون به إذا حمي الوطيس.
وفي يوم الخندق لم يجرؤ على الإتيان بأي حركة خوفاً من عمرو بن عبد ود، مع أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" يقول: من لعمرو وأضمن له على الله الجنة، فلم يجرؤ على مبارزة عمرو أحد سوى أمير المؤمنين "عليه السلام".
وفي غزوة بني قريظة أرسل رسول الله "صلى الله عليه وآله" أبا بكر بالراية، فعاد بها مهزوماً أيضاً..
ألا يعتبر ذلك كله خذلاناً منه لرسول الله "صلى الله عليه وآله"؟! فما معنى قوله لعروة: أنحن نخذله؟!.
وأما خذلانه له بعد الحديبية، خصوصاً في خيبر ويوم حنين، فحدث عنه ولا حرج.
سخاء أبي بكر:
بقي أن نشير: إلى أننا نشك في ما ذكرته الروايات من سخاء لافت لأبي بكر، حيث ذكر عروة بن مسعود ـ فيما يزعمون ـ: أنه أعانه في دية بعشر فرائض.. وذلك لما يلي:
1 ـ إن أبا بكر قد ترك أباه وابنته حين الهجرة من دون نفقة، حتى اضطرت ابنته إلى أن تضع كيساً فيه حصى لكي يتلمسه أبو قحافة، ويظن أنه أموال تركها أبو بكر لعياله([369]).
2 ـ إننا لم نعهد عن أبي بكر: أنه كان يملك فرائض، يمكنه أن يتخلى عنها لغيره بلا مقابل، بل كل ما ذكروه عنه هو: أنه كان عنده أربعة آلاف درهم، حملها معه إلى المدينة، وذكرنا: أن ذلك لا يصح، فراجع ما ذكرناه في الجزء الرابع من هذا الكتاب.
3 ـ إن عروة بن مسعود كان من عظماء المشركين، بل قد زعموا: أنه أحد الرجلين اللذين عنتهما الآية الكريمة: ?وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ?([370]).. والرجل الآخر هو الوليد بن المغيرة([371]).
فهل كان هذا الرجل العظيم، والسيد في قومه، فقيراً إلى حدّ أنه كان لا يملك مقدار دية كان قد حملها، مع أنهم يقولون: إن الفقير لا يسود في العرب، إلا أن أبا طالب ساد فقيراً؟
4 ـ قد يقال: إن عروة وإن كان غنياً، ورئيساً، ولكن الغنى والرئاسة لا يجب أن يكونا بحيث يستطيع أن يتخلى عن مائة من الإبل في دية حملها، فيحتاج في جمع قسم منها إلى الاستعانة بغيره..
ونجيب: ليت شعري لو جاز أن يكون عظيم القريتين بهذه المثابة فلماذا لم يطلب المعونة من أقرانه، فإن المناسب لسيد قومه، وأحد عظيمي القريتين أن لا يستعين بأقل وأذل بيت في قريش، حسبما ذكرته النصوص، فراجع ما قاله أبو سفيان حينما بويع أبو بكر([372]).
وما قاله أبو بكر لأبي قحافة، حين رفع أبو بكر صوته على أبي سفيان([373]).
فإن ذلك كله، صريح في: ذل ومهانة قبيلة تيم، التي ينتسب إليها أبو بكر.
وكذلك الشعر الذي قاله عوف بن عطية في قبيلتي تيم وعدي([374]).
وما ذكره معاوية في رسالته لزياد([375]).
لقد كان من الطبيعي أن يأنف من ذلك، ويرفضه ويأباه حتى لو ألح عليه أبو بكر بقبوله، وقدم له الالتماس تلو الالتماس، والرجاء بعد الرجاء!!..
5 ـ إن هذا العطاء الجزيل من أبي بكر، وهو عشرة فرائض، مقابل الواحدة، والاثنتين، والثلاث التي كان يعطيه إياها الآخرون، يجعل أبا بكر في مصاف أجواد العرب مثل حاتم الطائي، وزيد الخيل. ولا بد أن يطير ذكره في البلاد، ويسمع به ويتداول أخبار جوده الصغير والكبير من العباد، ولكننا لم نر أي أثر لذلك فيما قرأناه من فصول التاريخ.
6 ـ ويزيد الأمر وضوحاً: أن الذي أحسن إليه أبو بكر هذا الإحسان العظيم الذي لا ينسى لا يعرف أبا بكر ولا يميزه عن غيره، بل يسأل عنه رسول الله "صلى الله عليه وآله". فكيف لا يعرف العظماء أقرانهم؟!
وكيف نسي عروة هذا المتفضل عليه بهذه السرعة؟!
ألم يكن من المفترض: أن تصبح صورته محفورة في قلبه، لا يمحوها منه مر الأيام والليالي، وكر العصور والدهور؟!.. ولا سيما إذا كان فراقه له لم يطل أكثر من ست سنوات، وذلك على كبر السن، واكتمال الملامح وثباتها.. لا في أيام الطفولة أو الشباب، ليكون التغيير في الملامح سبباً في اشتباه الأمر عليه.
ولنفرض: أن الملامح قد تغيَّرت، فهل تغيَّر عليه صوته أيضاً؟!
7 ـ لنفترض: أن أبا بكر كان يملك أموالاً، وأنه كان رئيساً، و.. و.. فإن ذلك: لا يبرر تصديقنا بحديث معونته لعروة بن مسعود بعشر فرائض.
ونحن نرى: أنه لم يجرؤ على إنفاق درهمين لينال شرف مناجاة الرسول "صلى الله عليه وآله"، حتى نزل العتاب الإلهي له، ولغيره من الصحابة؛ باستثناء علي أمير المؤمنين "عليه السلام"، الذي كان هو الوحيد الذي عمل بآية النجوى.. قال تعالى:
?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ، أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَهَ وَرَسُولَهُ وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ?([376]).
الفصل السادس:
عثمان في مكة..
خراش رسول النبي ' إلى مكة:
قال الصالحي الشامي: قال محمد بن إسحاق، ومحمد بن عمر، وغيرهما: بعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى قريش خراش بن أمية على جمل لرسول الله "صلى الله عليه وآله" يقال له: الثعلب، ليبلغ عنه أشرافهم بما جاء له، فعقر عكرمة بن أبي جهل الجمل، وأرادوا قتله، فمنعه الأحابيش، فخلوا سبيله حتى أتى رسول الله "صلى الله عليه وآله" ولم يكد، فأخبر رسول الله "صلى الله عليه وآله" بما لقي([377]).
عثمان إلى مكة:
وروى البيهقي عن عروة قال: لما نزل رسول الله "صلى الله عليه وآله" الحديبية فزعت قريش لنزوله إليهم، فأحب أن يبعث إليهم رجلاً من أصحابه، فدعا عمر بن الخطاب ليبعثه إلى قريش، فقال: يا رسول الله، إني أخاف قريشاً على نفسي، وقد عرفت قريش عداوتي لها، وليس بها من بني عديّ من يمنعني، وإن أحببت يا رسول الله دخلت عليهم.
فلم يقل له رسول الله "صلى الله عليه وآله" شيئاً.
فقال عمر: يا رسول الله، ولكني أدلك على رجل أعز بمكة مني، وأكثر عشيرة وأمنع، وإنه يبلغ لك ما أردت: عثمان بن عفان!!
فدعا رسول الله "صلى الله عليه وآله" عثمان، فقال: "اذهب إلى قريش وأخبرهم: أنَّا لم نأت لقتال، وإنما جئنا عمَّاراً، وادعهم إلى الإسلام".
وأمره أن يأتي رجالاً بمكة مؤمنين ونساء مؤمنات، فيدخل عليهم، ويبشرهم بالفتح، ويخبرهم: أن الله تعالى وشيكاً أن يظهر دينه بمكة حتى لا يستخفى فيها بالإيمان.
فانطلق عثمان إلى قريش، فمر عليهم ببلدح، فقالوا: أين تريد؟
فقال: بعثني رسول الله "صلى الله عليه وآله" إليكم لأدعوكم إلى الإسلام، وإلى الله جل ثناؤه، وتدخلون في الدين كافة، فإن الله تعالى مظهر دينه، ومعز نبيه.
وأخرى: تكفون، ويكون الذي يلي هذا الأمر منه غيركم، فإن ظفر برسول الله "صلى الله عليه وآله" فذلك ما أردتم، وإن ظفر كنتم بالخيار بين أن تدخلوا فيما دخل فيه الناس، أو تقاتلوا وأنتم وافرون جامُّون. إن الحرب قد نهكتكم وأذهبت الأماثل منكم.
وأخرى: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" يخبركم: أنه لم يأت لقتال أحد، إنما جاء معتمراً، معه الهدي، عليه القلائد، ينحره وينصرف([378]).
فقالوا: قد سمعنا ما تقول، ولا كان هذا أبداً، ولا دخلها علينا عنوة، فارجع إلى صاحبك، فأخبره أنه لا يصل إلينا([379]).
ولقيه أبان بن سعيد([380])، فرحب به أبان وأجاره، وقال: لا تقصر عن حاجتك، ثم نزل عن فرس كان عليه، فحمل عثمان على السرج، وردف وراءه، وقال:
أقـبــل وأدبـــر لا تخــف أحــداً بـنــو سـعـيــد أعـــزة الحــــرم
فدخل به مكة، فأتى عثمان أشراف قريش ـ رجلاً رجلاً ـ فجعلوا يردون عليه: إن محمداً لا يدخلها علينا أبداً، ودخل على قوم مؤمنين من رجال ونساء مستضعفين بمكة فقال: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" يقول: قد أظلكم حتى لا يستخفى بمكة اليوم بالإيمان، ففرحوا بذلك، وقالوا: اقرأ على رسول الله "صلى الله عليه وآله" السلام([381]).
ولما فرغ عثمان من رسالة رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى قريش قالوا له: إن شئت أن تطوف بالبيت فطف.
فقال: ما كنت لأفعل حتى يطوف رسول الله "صلى الله عليه وآله". وأقام عثمان بمكة ثلاثاً يدعو قريشاً.
وقال المسلمون ـ وهم بالحديبية، قبل أن يرجع عثمان ـ: خلص عثمان من بيننا إلى البيت فطاف به.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "ما أظنه طاف بالبيت ونحن محصورون".
وقالوا: وما يمنعه يا رسول الله وقد خلص إليه؟
قال: "ذلك ظني به، ألَّا يطوف بالكعبة حتى نطوف".
وعند ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن سلمة بن الأكوع ـ مرفوعاً ـ: "لو مكث كذا وكذا سنة ما طاف حتى أطوف".
فلما رجع عثمان إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال المسلمون له: اشتفيت من البيت يا أبا عبد الله؟!
فقال عثمان: بئس ما ظننتم بي! فوالذي نفسي بيده لو مكثت مقيماً بها سنة ورسول الله "صلى الله عليه وآله" مقيم بالحديبية ما طفت حتى يطوف رسول الله "صلى الله عليه وآله" ولقد دعتني قريش إلى أن أطوف بالبيت فأبيت.
فقالوا: كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" أعلمنا، وأحسننا ظناً([382]).
وكان رسول الله "صلى الله عليه وآله" يأمر أصحابه بالحراسة بالليل، فكانوا ثلاثة يتناوبون الحراسة: أوس بن خولي ـ بفتح الخاء المعجمة والواو ـ وعباد بن بشر، ومحمد بن مسلمة.
وكان محمد بن مسلمة على حرس رسول الله "صلى الله عليه وآله" ليلة من الليالي، وعثمان بن عفان بمكة. وقد كانت قريش بعثت ليلاً خمسين رجلاً، وقيل: أربعين، عليهم مكرز بن حفص، وأمروهم أن يطوفوا بالنبي "صلى الله عليه وآله" رجاء أن يصيبوا منهم أحداً، أو يصيبوا منهم غرة.
فأخذهم محمد بن مسلمة، فجاء بهم رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وأفلت مكرز، فخبَّر أصحابه، وظهر قول النبي "صلى الله عليه وآله" كما تقدم: أنه رجل غادر([383]).
وكان رجال من المسلمين قد دخلوا مكة بإذن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وهم:
كرز بن جابر الفهري، وعبد الله بن سهيل بن عمرو بن عبد شمس، وعبد الله بن حذافة السهمي، وأبو الروم بن عمير العبدري، وعياش بن أبي ربيعة، وهشام بن العاص بن وائل، وأبو حاطب بن عمرو بن عبد شمس، وعمير بن وهب الجمحي، وحاطب بن أبي بلتعة، وعبد الله بن أبي أمية. قد دخلوا مكة في أمان عثمان([384]).
وقيل: سراً، فعلم بهم فأخذوا.
وبلغ قريشاً حبس أصحابهم الذين مسكهم محمد بن مسلمة، فجاء جمع من قريش إلى النبي "صلى الله عليه وآله" وأصحابه حتى تراموا بالنبل والحجارة، وأسر المسلمون من المشركين ـ أيضاً ـ اثني عشر فارساً، وقتل من المسلمين ابن زنيم ـ وقد أطلع الثنية من الحديبية ـ فرماه المشركون فقتلوه([385]).
وبعثت قريش سهيل بن عمرو، وحويطب بن عبد العزى، ومكرز بن حفص، فلما جاء سهيل، ورآه النبي "صلى الله عليه وآله" قال لأصحابه: سهل أمركم([386]).
فقال سهيل: يا محمد إن الذي كان من حبس أصحابك، وما كان من قتال من قاتلك لم يكن من رأي ذوي رأينا، بل كنا له كارهين حين بلغنا، ولم نعلم به، وكان من سفهائنا، فابعث إلينا بأصحابنا الذين أسرت أول مرة، والذين أسرت آخر مرة.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "إني غير مرسلهم حتى ترسلوا أصحابي".
فقالوا: أنصفتنا.
فبعث سهيل ومن معه إلى قريش بالشُّيَيْم ـ بشين معجمة مصغر ـ بن عبد مناف التيمي، فبعثوا بمن كان عندهم: وهم عثمان، والعشرة السابق ذكرهم.
وأرسل رسول الله "صلى الله عليه وآله" أصحابهم الذين أسرهم.
وقبل وصول عثمان ومن معه بلغ رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن عثمان ومن معه قد قتلوا، فكان ذلك حين دعا إلى البيعة([387]).
ولنا مع ما تقدم وقفات، هي التالية:
على جمل رسول الله ':
1 ـ إن أول ما نلاحظه في النص المتقدم: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد بعث خراش بن أمية رسولاً لقريش، على جمل له "صلى الله عليه وآله"، اسمه ثعلب.
وكأن إعطاءه خصوص هذا الجمل يهدف إلى تسهيل الأمر على قريش بتقديم العلامة التي تجعلهم يتيقنون بكونه رسولاً من قِبَلِه "صلى الله عليه وآله" من دون حاجة إلى التماس القرائن والدلالات على ذلك. إذ قد تطول المدة، وتتراكم الشائعات، وتثور الظنون حول هذا الوافد، بأن يكون عيناً، ويريد أن يحمي نفسه بهذا الادعاء.. ويتعرض ـ من ثم ـ للمضايقة والأذى.
2 ـ إن إرسال النبي "صلى الله عليه وآله" رسولاً من قبله إلى قريش، يخبرهم بما جاء له، دليل قاطع على حقيقة نواياه، وأن مجيئه إلى مكة ليس مبادرة قتالية، لأن الهدف لو كان هو القتال، لكان التستر على الأمر، ومفاجأة قريش، هو الأسلوب الأمثل، والطريقة الفضلى للنجاح فيما يقصده.
3 ـ إن ما فعله عكرمة بن أبي جهل، قد جاء على خلاف ما تفرضه الأعراف والسنن حتى الجاهلية منها، فإن قتل الرسل عار، والعدوان عليهم رعونة غير مقبولة..
فما معنى: أن يعقر جمل هذا الرسول، وما هو المبرر لمحاولة قتله؟!.
ولأجل ذلك: لم يرتض الأحابيش هذه التصرفات، بل بادروا إلى منع القتل عن ذلك الرسول، ربما منعاً للعار، وربما حفاظاً على أنفسهم، حتى لا يتعاطف الناس مع محمد "صلى الله عليه وآله"..
عمر بن الخطاب يرفض طلب النبي ':
مما لا شك فيه: أن حقد قريش على علي أمير المؤمنين "عليه السلام" كان هائلاً وعظيماً. وقد أمره أبو طالب، وليس رسول الله "صلى الله عليه وآله"، بأن ينام في فراش النبي "صلى الله عليه وآله" على مدى ثلاث سنوات، حين حصرهم المشركون في شعب أبي طالب. من أجل أنه إذا فكرت قريش باغتياله "صلى الله عليه وآله"، كان هو الفداء له، والضحية دونه.
ثم إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" أمره: بأن ينام في فراشه ليلة الهجرة، فبادر إلى ذلك طائعاً مسروراً، ولم يسأل عما سيصيبه من جراء ذلك، بل قال له: أوتسلم يا رسول الله؟
فقال: نعم.
فخر ساجداً لله شكراً، حسبما تقدم بيانه في هذا الكتاب.
مع أن الرجال المتعطشين لدمه حاضرون خلف الباب، شاهرين سيوفهم بأيديهم، وهم ينتظرون اللحظة الموعودة، لينزلوا ضربتهم به، ولا مجال لتحاشي ذلك.
وكانت هذه هي سيرة علي "عليه السلام" وطريقته طيلة حياته مع رسول الله "صلى الله عليه وآله". فقد كان متفانياً في الذب عنه، وفي الطاعة له. وكان السامع المطيع الذي لا يسأل، ولا يناقش، ولا يقترح، ولا يتردد، بل يكون كالسكة المحماة دائماً..
وليت شعري لو أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان قد أمر عمر بن الخطاب بالمبيت في مكانه ليلة الهجرة، فهل كان سيمتثل أمره؟! أم كان سيعتذر عن ذلك بأن قريشاً سوف تقتله، وليس هناك من يدفع عنه من بني عدي، أو من غيرهم؟!.
وفي الحديبية لم يطلب منه رسول الله "صلى الله عليه وآله" ما يصل إلى حد ما طلبه من أمير المؤمنين ليلة الهجرة، من حيث درجة الخطورة على حياته.. بل طلب منه أن يكون رسولاً، يتمتع بحصانة الرسل، الذين يعتبر الإعتداء عليهم عاراً وعيباً عند العرب، وعند سائر الأمم.
وكان قد أرسل غيره في هذه المهمة، وعاد سالماً، ومنع المشركون أنفسهم سفهاءهم من الاعتداء عليه، مستدلين بهذه الحجة نفسها وهي: أن الرسل لا تقتل!!..
ولكن عمر بن الخطاب يرفض طلب رسول الله "صلى الله عليه وآله" هذا، ولا يقدم تعليلاً يرتبط بالشأن العام، أو بالقضية التي يريد النبي "صلى الله عليه وآله" أن يعالجها، فهو لم يقل مثلاً: إن ذهابي قد لا يحقق المطلوب الذي ترمي إلى تحقيقه..
بل هو قد اعتذر بأمر شخصي بحت، ليس له منشأ يقبله العقلاء الذين يعيشون أجواء التضحية في سبيل مبادئهم، بل لا يقبله حتى عقلاء أهل الشرك والكفر أيضاً، لأنه إنما يستند إلى شعوره بالهلع والخوف، مع أن هذا الخوف لا يبرر ذلك، فإنه حتى لو كان له منشأ واقعي، لم يكن ينبغي أن يدفعه إلى التمرد على إرادة رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
بل كان المطلوب هو: أن يندفع لاكتساب هذا الشرف العظيم، ولينال هذا الفوز، الذي طالما حلم به الأولياء، والأصفياء، والأتقياء..
ومع غض النظر عن ذلك كله، نقول:
إنهم يدَّعون: أن الإسلام قد عزّ بإسلام عمر، وأنه قد كانت له بطولات عظيمة، ومواجهات رائعة مع المشركين قبل الهجرة، انتهت بانكسار شوكتهم. وعز الإسلام في مكة إلى حد أن مكَّن رسول الله "صلى الله عليه وآله" من أن يطوف بالبيت، ويصلي الظهر معلناً([388]).
فإذا كانت قريش قد خافت من عمر، وهو في مكة، وذلك قبل الهجرة، فكيف لا تخاف منه، وقد أصبح خلفه جيوش جرارة، فيها رجال شداد وسيوف حداد، جربت حظها معها، وعرفت مدى فاعليتها، وله فيها أيضاً قبيلة وعشيرة، وعمر لم يزل هو عمر، لم يتغير ولم يتبدل، فليستعمل نفس صولاته السابقة، حيث لم يكن له نصير يمكنه أن يفكر فيه، أو أن يحامي عنه كما هو الحال الآن!!.
واللافت هنا: أننا نجده يشرح الأمر لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، حتى كأنه يرى أن تلك الأمور قد غابت عن ذهنه "صلى الله عليه وآله"، أو أنه كان جاهلاً بها من الأساس..
والأدهى والأمر: أنه يقول لرسول الله "صلى الله عليه وآله": ولكني أدلك يا رسول الله على رجل أعز بمكة مني.. فهل كان "صلى الله عليه وآله" جاهلاً بوجود عثمان، وبموقعه العشائري بين أهل مكة؟! فيحتاج إلى من يدله عليه، وينبهه إلى مكانته بينهم، وموقعه فيهم؟!
دلالات أخرى في كلمات عمر:
وثمة دلالات أخرى في كلمات عمر بن الخطاب، التي حاول من خلالها أن يتملص ويتخلص من المهمة التي كلفه بها النبي "صلى الله عليه وآله".. فلاحظ ما يلي:
عداوة عمر لقريش:
تقدم أن عمر قال للنبي "صلى الله عليه وآله": قد عرفت قريش عداوتي لها.
ونقول:
إن عداوة قريش لعمر هي كعداوتها لأي فرد آخر من المسلمين، بل قد تكون عداوتها له هي الأقل والأضعف، كما أظهرته لنا وقائع في حرب أحد حيث طفت على السطح أمارات عديدة تشير إلى أن ثمة عطفاً من مقاتلي قريش وقادتها على عمر بن الخطاب ومحبة منهم, وسعياً منهم لحفظه..
وقد قال ضرار بن الخطاب لعمر بعد أن ضربه بالقناة: "والله ما كنت لأقتلك"([389]).
وكانت هذه يداً له عند عمر, كان عمر يكافئه عليها حين استخلف([390]).
كما أن عمر قد أخبر أبا سفيان بوجود النبي "صلى الله عليه وآله" بينهم حياً، رغم أنه "صلى الله عليه وآله" كان قد طلب منه أن لا يفعل([391]). فظهر أنه يتعمد الدلالة عليه, في أخطر الأوقات, وأصعب الحالات..
يضاف إلى ذلك: أن خالد بن الوليد لقي عمر بن الخطاب في أُحد، وما معه أحد، فنكب عنه، وخشي أن يؤذيه أحد ممن كان معه، فأشار إليه بأن يتوجه إلى الشعب لينجو منهم([392]).
وفي حرب أحد أيضاً: هنأه أبو سفيان على ما اعتبره نصراً له في الجولة الأولى، حيث قال له: أنعمت عيناً، بقتلى بدر([393]).
وقال أبوسفيان له: إنها قد أنعمت يابن الخطاب.
فقال: إنها([394]).
واعتبره أبو سفيان آنئذٍ أبر من ابن قميئة الذي كان يقاتل المسلمين مع أبي سفيان.
ثم إنه لم يعترض يوم أحد على الخائفين المنهزمين الذين اقترحوا توسيط عبد الله بن أُبي لدى أبي سفيان، وذلك بعد أن صعدوا على الصخرة التي في الجبل([395]).
أما في حرب بدر, فكانت مشورة عمر مثل مشورة أبي بكر، وهي: أن قريشاً ما آمنت منذ كفرت، وما ذلت منذ عزت، ولم يخرج النبي "صلى الله عليه وآله" على هيئة الحرب.. فترك الحرب هو الرأي.
فلماذا هذا التخذيل الشديد منه عن الحرب، وإظهار عزة قريش، حتى زعما: أنها ما ذلت منذ عزت؟! ولماذا يحاولان إشاعة درجة من الخوف لدى المسلمين؟!
وهنا يعود السؤال من جديد: أين هي عداوة قريش لعمر بن الخطاب؟! وأين هو نضال عمر بن الخطاب ضد قريش؟!..
عمر يعترف بواقع عشيرته:
وأما قول عمر: "وليس بها من بني عدي من يمنعني"، فقد تضمن اعترافاً بأن قبيلته غير قادرة على منعه, إما عجزاً منها وذلاً, وإما لأنه لم يكن لديه فيها صديق, ولا محب, ونرجح الأول, حيث ذكرنا في حديث إسلامه: أن عوف بن عطية يقول:
وأمـا الألأمـــان بـنــــو عـــدي وتـيـم حـيــن تـزدحـم الأمــور
فـلا تـشـهـد بـهـم فـتيـان حـرب ولـكـن أدن مـن حـلـب وعـيــر
إذا رهـنـوا رمـاحـهـم بـــزبــــد فـإن رمـاح تـــيــم لا تــضـير([396])
قد ذكر المؤرخون: أنه لم يكن في بني عدي سيد أصلاً([397]).
وأن عمر قد قال لأبي عبيدة في الشام: "إنا كنا أذل قوم، فأعزنا الله بالإسلام"([398]).
ويقول معاوية عن قبيلتي تيم وعدي: "ليس في قريش حيان أذل منهما, ولا أنذل"([399]).
وقال أبو سفيان للعباس يوم فتح مكة: "لقد أَمِرَ أمر بني عدي بعد ـ والله ـ قلة وذلة" ([400]).
وراجع ما قاله خالد بن الوليد لعمر حول هذا الأمر([401]).
وذلك كله يؤكد لنا: أن ما يدَّعونه من أن الإسلام قد عز بعمر، وأنه قد ناضل قريشاً حينما أسلم, لو صح ـ وهو غير صحيح جزماً ـ فلا بد أن يكون بالاستناد إلى قوته الشخصية وبطشه، وأنه لم يفعل ذلك بالاستناد إلى قبيلته، ولا بالاعتماد على نفوذها وزعامتها..
غير أننا نقول: أين كان هذا البطش عنه في أحد, والخندق, وحنين, وخيبر, وقريظة و.. و..؟!! ولماذا فر في مختلف المشاهد الصعبة, ولم يظهر شيئاً من هذا في أي منها؟!
ولماذا لا يعتمد على نفسه وعلى قوته الشخصية أيضاً في حمل رسالة رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى قريش؟ خصوصاً مع علمه: بأن الاعتداء على حامل الرسالة عيب عند العرب، وهذا يوفر له درجة من الطمأنينة والأمن حسبما أوضحناه..
إن أحببت دخلت عليهم:
ثم يأتي قول عمر، في آخر كلامه: "وإن أحببت يا رسول الله دخلت عليهم" ليكون بمثابة رصاصة الرحمة القاتلة لكل احتمال يمكن أن يكون في صالح عمر بن الخطاب, لأن هذه الكلمة قد أظهرت: أنه يريد أن يجعل المسؤولية عن أي شيء يواجهه في مسيره ذاك تقع على عاتق رسول الله "صلى الله عليه وآله", فكأنه قال له: أنا أرفض طلبك طائعاً، بالاستناد إلى شواهد وأدلة، ولكني أنفذه مرغماً.
يضاف إلى ذلك: أن هذا يستبطن أكثر من إشارة ودلالة أخرى, ومنها: أن لا يكون لدى هذا المرغم أي ثواب فيما يقوم به، وأنه لو تعرض لأي خطر في مهمته تلك، فإنه يكون قد خسر نفسه في الدنيا والآخرة، حيث سيكون مجرد قتيل, ولا يكون شهيداً، وأن على أهله وذويه أن يتوجهوا إلى من أرغمه على هذا الفعل الذي سوف ينتهي إلى هذه النتيجة ويطالبوه بدمه, وبكل ضرر لحق به..
والنبي "صلى الله عليه وآله" لا يرضى بذلك، بل يريد أن يجعل المسؤولية على عاتق عمر نفسه, وأن يفتح أمامه باب الرحمة الإلهية والفوز العظيم، ويمكِّنه من أن يختار الدخول من خصوص هذا الباب، فإن اختار أن يقصد التقرب إلى الله تعالى، وسعى في نيل رضوانه، كانت له المثوبة العظيمة، سواء تعرض لعدوان أعداء الله, أم نجا منهم..
وإن اختار أن يقوم بالعمل بهدف الحصول على الشهرة والمقام في الدنيا، ونحو ذلك, فذلك شأنه، ويكون هو المقصر في حق نفسه.
ولأجل ذلك: سكت رسول الله "صلى الله عليه وآله" ولم يجب عمر على كلامه بشيء، وكان لا بد له من صرف النظر عن الموضوع، والبحث عن غيره لهذه المهمة.
عثمان إلى مكة:
وقد طلب النبي "صلى الله عليه وآله" من عثمان: أن يذهب إلى مكة، ومنحه الفرصة لنيل الثواب, إن نوى القربة إلى الله تعالى، وقصد نصر الدين, وعز الإسلام.
أما إن نوى بذهابه الحصول على السمعة والشهرة، واكتساب المقامات الدنيوية، فسيكون جزاؤه دنيوياً, ولم يكن النبي "صلى الله عليه وآله" يحب لأحد من أصحابه ذلك, بل هو يريد أن يكونوا في منتهى الطهر والنزاهة والإخلاص، والترفع عن الدنيا..
وطلب من عثمان أموراً ثلاثة هي:
أولاً: أن يخبر قريشاً بما قصده "صلى الله عليه وآله" من مجيئه هذا، وأنه إنما جاء معتمراً زائراً لبيت ربه.
ثانياً: أن يدعوهم إلى الإسلام.
ثالثاً: أن يدخل على رجال مؤمنين ونساء مؤمنات، ويبشرهم بالفتح القريب وبأن الله تعالى سيظهر دينه قريباً في مكة، وسيتمكن أهل الإيمان من إظهار دينهم فيها.
أساليب ونتائج:
وإننا نسجل هنا أمرين:
الأول: بالرغم من أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أعلم قريشاً بما جاء له بواسطة بديل بن ورقاء، وبواسطة عروة بن مسعود، ثم من طريق الحليس، وكذلك من خلال مكرز بن حفص..
لكن ذلك كله لم يره كافياً، حتى أرسل إليهم خراش بن أمية.
وقد تعمد أن يحمله على جمل له، يعرف أهل مكة: أنه له, وهو يذكِّرهم بحروبهم ضده, وقد أراد "صلى الله عليه وآله" لهذا الجمل أن يدخل مكة.
وكان عَقْرُ عكرمة بن أبي جهل لهذا الجمل بالذات, لأنه عرف أنه جمل النبي نفسه "صلى الله عليه وآله", ومن أجل أن راكبه رسول من قبل هذا النبي "صلى الله عليه وآله" بالذات.. إن ذلك كله قد جعل الناس يتسامعون بهذا الأمر، وأن يفشو ويشيع في مكة، ويتردد خبره فيها من أدناها إلى أقصاها. فيشعر الناس كلهم بأن محمداً "صلى الله عليه وآله" قريب منهم، وأن رسوله بينهم، وأن جمله يعقر في بلدهم وأن هذا الجمل قد أُخِذَ منهم!!
ولكن ذلك أيضاً لم يكن كافياً ولا مقنعاً، فقد كان النبي "صلى الله عليه وآله" يريد أن تطول مدة وجود رسوله في مكة، وأن يكون معه عشرة آخرون، لا بد أن يلتقوا أيضاً بآخرين، من أقرانهم، ومعارفهم، وأن يشعر الناس بواقع الرحمة, وبالحنان والرفق بينهم وبين هؤلاء الوافدين، وأن يترددوا إلى بيوت مكة، وأن يتحركوا ذهاباً وإياباً في شعابها.. فإن ذلك كله كان مطلوباً لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، ويدخل ضمن خطته في دفع الأمور باتجاه الحسم، الذي تخشاه قريش كل الخشية، وتأباه ـ من ثم ـ كل الإباء..
وكان ما أراده الله ورسوله.. وخاب أولئك الظالمون الجبارون والجاحدون.
الثاني: قد تقدم: أن النبي "صلى الله عليه وآله" طلب من عثمان أن يدخل بيوت المؤمنين في مكة, ويبشرهم بقرب ظهور الإسلام في هذا البلد.
والذي نلاحظه هنا هو الأمور التالية:
1 ـ أنه طلب من عثمان: أن يدخل بيوت هؤلاء المؤمنين والمؤمنات ليروا شخصه بعنوان: أنه مرسل من قبل نبيهم, حاضراً بينهم، ماثلاً أمام أعينهم، يسمعون كلامه, ويسمع كلامهم, ولا يبقى الأمر في مستوى اللمحات البعيدة، التي يتسترون على ما تحمله من حنين إلى ذلك النبي الكريم "صلى الله عليه وآله"..
2 ـ إن في هذا إشارة لهم: بأن رسول الله "صلى الله عليه وآله" عالم بهم، مهتم بأمرهم، يشعر بآلامهم, ويعيش قضيتهم، وليسوا غائبين عن فكره وعن اهتمامه..
3 ـ إن الأمر قد صدر إلى عثمان: أن يدخل على النساء أيضاً، وهنَّ العنصر الذي يستضعفه الناس، خصوصاً في الجاهلية، وبالأخص لدى أهل الاستكبار والجحود والطغيان منهم..
فكان لا بد من الربط على قلوب هؤلاء النسوة، والشد من عزائمهن، وتقوية يقينهن، وإعطائهن جرعة من الصبر، وتمكينهن من تلمس خيط من الأمل, في ليل عذابهن الطويل..
4 ـ إن بشارة النبي "صلى الله عليه وآله" لهم بالفتح، وبقرب ظهور الإسلام في مكة، من شأنه: أن يبعث في المسلمين هناك حياة جديدة، ويدفعهم لمضاعفة جهدهم في نشر الدعوة، واجتذاب الناس إلى هذا الدين..
5 ـ كما أن دخول رسل النبي "صلى الله عليه وآله" إلى مكة، ودعوتهم الناس إلى الإسلام سوف يشجع الخائفين، لتجاوز خوفهم، وينبه الغافلين إلى أن ثمة معادلات جديدة قد ظهرت، وأن عليهم أن لا يصموا آذانهم عن هذا النداء، وأن لا يتجاهلوا هذه الدعوة، فقد أظهرت الأيام: أن الأمور غير مستتبة لقريش، وأن كلمتها ليست هي الأخيرة، ليس فقط في المحيط الذي حولها، وإنما في داخل مكة أيضاً..
وسوف تظهر نتائج ذلك كله بصورة سريعة، وتتجلى على شكل أحداث تتلاحق وتتسارع، بحيث تفقد قريش معها كل اختيار، حتى تجد نفسها أسيرة واقع، لم يكن يخطر في بالها، أو يمر في خيالها أن تنتهي الأمور إليه..
رسالة شفوية، أم كتاب؟!:
والنصوص، وإن اكتفت بالقول: إن عثمان قال لقريش: كذا وكذا..
ولكن هناك نصاً آخر يصرح: بأن النبي "صلى الله عليه وآله" قد كتب لهم معه كتاباً بذلك([402]).
وقد يكون ما يذكرونه عن عثمان، من أنه قال: كذا وكذا، إنما أرادوا به التعبير عن مضمون هذا الكتاب.
ولعل إرسال الكتاب المدون إليهم هو الأَولى، وذلك لأن ذلك معناه: زيادة درجة الأمان لحامله، حيث يرى الناس: أنه مجرد رسول، وبذلك يقطع الطريق على اتهامه بأنه يتجاوز حدود ما أوكل إليه..
كما أن الكتاب يكون أوثق في إقامة الحجة عليهم، وأشد وقعاً على نفوسهم، وهو يشكل نقطة ارتكاز تستقر عليها اللفتة الذهنية حين تتحرك الحوافز للالتفات إلى هذا الحدث، وتَذَكُّرِه..
عثمان بحاجة إلى من يجيره:
هذا.. وقد أظهرت الوقائع: أن عشيرة عثمان هي التي كانت تتولى كبر المواجهة مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" فلا يمكن أن تتساهل في أمره "صلى الله عليه وآله"، ولم يصح قول عمر فيهم، حيث لم يجد عثمان عندها عزة ولا نصراً، بل احتاج إلى من يحميه ويجيره منها، فكان أبان بن سعيد بن العاص.. هو الذي أجاره.
ووجدت قريش: أن التعدي على عثمان سيعتبر تعدياً على من أجاره، ومن شأن هذا الأمر ـ لو حصل ـ: أن يؤدي إلى الإنقسام في صفوف أهل الشرك، وقد كانوا بأمسِّ الحاجة إلى تحاشي ذلك بكل ثمن.
وهذا الأمر يدل: على عدم صحة ما ذكره عمر بن الخطاب للنبي "صلى الله عليه وآله"، حينما زعم: أن عثمان أقدر منه على تحقيق مراده "صلى الله عليه وآله"؛ لأن له عشيرة تمنعه.
ويزيد هذا الأمر وضوحاً: أن عشيرة الرجل هي التي كانت تتولى تعذيبه إذا أسلم؛ لأن تعذيب سائر القبائل له كان يواجه بالرفض, ويثير المشاكل فعشيرة عثمان لا تمنعه بل ترى نفسها ملزمة بأذاه لكي لا تتهم بممالأة عناصرها, في مقابل التشدد مع غيرهم..
رسالة رسول الله ' إلى قريش:
والذي يراجع النصوص المختلفة يلاحظ:
أن خطاب النبي "صلى الله عليه وآله" لقريش، وجميع رسائله لها، وكل ما قاله لمبعوثيها، قد جاء على نسق واحد، وله مضمون واحد، لم يتغير. وقد أشرنا إلى هذا المضمون في فصل سابق..
ونعود، فنذكّر القارئ الكريم بما يلي:
1 ـ إنه "صلى الله عليه وآله" يجدد دعوته لهم إلى الإسلام، ليظهر لهم: أن ما فعلوه ـ رغم فظاعته وبشاعته ـ لم يوجب استبعاد خيار الدعوة هذا.. وهو بذلك يفهمهم: أن الفرصة لا تزال سانحة أمامهم، وأن بإمكانهم أن يفكروا في هذا الاتجاه أيضاً..
2 ـ إن الدعوة لهم إنما كانت إلى الإسلام الذي هو دين الله تعالى، وليس في هذا أي إذلال لهم، فإنه لم يدعهم للاستسلام له وإلى طاعته كشخص.. بل دعاهم ليكون هو وإياهم مسلمين لله تعالى, وفي طاعته سبحانه.
3 ـ ثم عرض عليهم "صلى الله عليه وآله": أن يكفوا عنه، وأن ينتظروا نتائج ما يجري بينه وبين غيرهم، وهي دعوة تتلاءم مع ميل نفوسهم إلى السلامة، والدعة.. مع ما في ذلك من أنهم قد يشعرون بالحاجة إلى توفير فرصة لهم لتجميع القوى واكتساب القدرات.
فالتروي في الأمر مطلوب، حيث إن الناس إن ظفروا برسول الله "صلى الله عليه وآله"، فسيحصل القرشيون على مطلوبهم، دون أن يخسروا شيئاً، وإن كانت الأخرى فسيكونون هم في أوج قوتهم، وفي حالة جمام وراحة، وسيكون النبي "صلى الله عليه وآله" والمسلمون في حالة ضعف وإنهاك، وتصبح الفرصة أمامهم أكبر، واحتمالات النجاح أوفر وأكثر..
ثم إنه "صلى الله عليه وآله" قدم لهم دليلاً حسياً على صوابية ما يعرضه عليهم، حين ذكر لهم: أن الحرب قد نهكتهم، وأذهبت الأماثل منهم.
4 ـ ثم بيَّن لهم أيضاً: أن هناك ما يوجب المزيد من ضعف مصداقيتهم عند العرب، حيث يرى الناس: أن حربهم معه "صلى الله عليه وآله" في هذا الظرف, وضمن دائرة هذه العروض التي يطرحها عليهم لا مبرر لها، بل هي حرب ظالمة، وعدوانية. والعدوان والظلم فيها يأتي من قِبَلِهم.. فإن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يأت لقتال، بل هو قد جاء ليمارس حقه، الذي يقر له به القريب والبعيد، والعدو والصديق، إذ لم يكن في نظام زيارة البيت، والحج إليه، اشتراط: أن يكون ثمة انتقاء قرشي لزائريه، ومعظِّميه، بل كان لكل من يرى لهذا البيت حرمة وقداسة، الحق في زيارته وتعظيمه..
5 ـ ثم هو من جهة أخرى: يقدم الدليل الحسي، الذي يلامس المشاعر، ويتصل بالروح، والقلب، والذي لا بد أن يصارع نوازع الهوى، ويرفض الاستسلام لإملاءاتها، ويثير حالة صراع داخلي، ربما يكون القلب والروح والضمير هو المنتصر فيها..
والدليل الذي نتحدث عنه هو هذا الإحرام المعقود، وهذه البُدن التي أشعرها المحرمون، وساقوها لينحروها في المحل الذي أذن الله تعالى بنحرها فيه..
جواب قريش:
وكان جواب قريش دائماً هو رفض جميع هذه العروض, وأنها لا ترضى بأن يدخل رسول الله "صلى الله عليه وآله" عليها مكة رغماً عنها. وهي بذلك تتناقض مع كل الدلائل التي تشير إلى أنه "صلى الله عليه وآله" لم يأت لقتال، ولا يريد التوسل بالقوة لدخول مكة..
ولكن قريشاً تطرح الأمور بهذه الطريقة التضليلية انسياقاً مع كبريائها، وتوسلاً لتحقيق مآربها..
وقد أوجب ذلك تصدعاً قوياً في صفوف الشرك، وظهرت الإنقسامات، وتجلى الضعف, كما أظهرته الوقائع في الحديبية وبعدها..
بيعة الرضوان وشائعة قتل عثمان:
وقد زعموا: أن السبب في دعوة الناس إلى بيعة الرضوان هو الشائعة التي سرت في الناس: من أن عثمان قد قتل في مكة..
فدعا رسول الله "صلى الله عليه وآله" الناس إلى البيعة..
ونقول:
إن كون سبب البيعة هو هذه الشائعة موضع شك كبير، لأنهم يقولون: إن النبي "صلى الله عليه وآله" قد بايع عن عثمان أيضاً.. وذلك بأن وضع ـ أو ضرب ـ إحدى يديه على الأخرى، وقال: "اللهم إن هذه عن عثمان الخ.."([403]).
فإن صح هذا، فهو يدل على: أن النبي "صلى الله عليه وآله" والناس كانوا يعلمون بحياة عثمان، فكيف يزعم الزاعمون: أن شائعة قتله كانت السبب في أخذ البيعة من الناس؟!
ودعوى: جواز أن يكون النبي "صلى الله عليه وآله" قد عرف بحياته بعد البيعة، ليس لها شاهد يؤيدها، بل هي مجرد توهم واقتراح لعله من المحبين لعثمان..
وإذا كان سهيل بن عمرو قد شاهد بيعة الرضوان([404]), كما يستفاد من بعض النصوص، فلماذا لم يخبر النبي "صلى الله عليه وآله" أن عثمان حي يرزق, وأنه لا داعي للقلق عليه؟! ولماذا لم يسأل النبي "صلى الله عليه وآله" أو أحد من المسلمين عنه؟!
على أننا نقول:
لماذا لا يكون سبب بيعة الرضوان هو: الشائعة التي سرت عن قتل العشرة الذين أرسلهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى مكة لملاقاة أهاليهم، ودخلوا في أمان عثمان كما يزعمون.
أو أن سببها هو: الضغط على قريش لإطلاق سراحهم، بعد أن احتجزتهم.
كما أن من أسباب البيعة: استكبار قريش عن قبول طلب المسلمين زيارة بيت ربهم, وقضاء نسكهم وعمرتهم، أو غير ذلك من أمور ستأتي الإشارة إليها، أوجبت إظهار القوة أمام قريش والمشركين، وأن عليهم أن لا يتوهموا أن القضية هي مجرد هوى, أو قرار شخصي لرسول الله "صلى الله عليه وآله" قد يعارضه فيه طائفة من أصحابه، أو على الأقل لا يوافقه عليه كثير ممن وافقوه في مسيره ذاك.
والذي نميل إليه: أن كل هذا الذي يقال عن شائعة قتل عثمان، وعن البيعة عنه، وغير ذلك من أمور, هو ـ كما تؤيده الدلائل والشواهد ـ مما حاكته يد السياسة، التي لم تستطع أن تحفظ تسلسل الأحداث، ولا تمكنت من اكتشاف الخلل فيما يذاع ويشاع، وينشر، هنا وهناك، من قبل المحبين والمتزلفين، وقديماً قيل: لا حافظة لكذوب.
فكيف إذا اجتمع الكذَّابون على أمر، وصار كل واحد منهم يدبلج ما يحلو له، من دون تنسيق أو تطبيق على ما تنتجه قرائح الآخرين؟!..
شائعة احتباس سهيل بن عمرو:
وقد زعموا أيضاً: أنه لما بلغ المسلمين: أن عثمان قد احتبس في مكة، احتبس المسلمون سهيل بن عمرو مبعوث قريش([405]).
ونقول:
إننا نشك في ذلك: فإن سهيل بن عمرو إنما جاء إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" معتذراً عما فعله سفهاؤهم، وأن ما جرى لم يكن عن رأي ذوي الرأي فيهم..
والظاهر: أن سهيلاً قد وصل إلى النبي "صلى الله عليه وآله" في وقت البيعة ورأى ما جرى بأم عينيه، فناسب ذلك إطلاق شائعة من هذا القبيل.
حديث طواف عثمان:
ولا ندري مدى صحة حديث امتناع عثمان عن الطواف بالبيت، وأن قريشاً عرضت ذلك عليه، فرفض أن يسبق رسول الله "صلى الله عليه وآله" فيه.
وسبب شكنا في هذا الحديث يرجع إلى ما يلي:
1 ـ إنهم يزعمون: أن عثمان لم يستطع دخول مكة إلا بجوار، فما معنى أن تشتد عليه قريش هنا، ثم تسمح له بالطواف بالبيت بعد ذلك؟!
2 ـ إنهم يزعمون: أن قريشاً قد حبست عثمان، رغم الجوار الذي أعطاه إياه أبان بن سعيد بن العاص.
وهذا يتنافى مع ذلك الرفق الذي شملته به.
3 ـ لو أغمضنا النظر عن هذا وذاك، فإننا نقول:
إنهم يذكرون: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أخبر أصحابه: أن عثمان لم يطف بالبيت، ولا يطوف، فإن كان قد علم ذلك بواسطة الغيب، فلماذا لم يعلم بواسطة الغيب أيضاً، بسلامة عثمان من القتل، وبكذب الشائعة التي انطلقت حول ذلك؟! ولماذا بادر إلى عقد بيعة الرضوان استناداً إلى شائعة كاذبة؟!
وإن كان "صلى الله عليه وآله" قد أخبرهم بهذا الأمر استناداً إلى معرفته بنفسية عثمان، وبطريقة تفكيره.. فذلك يحتاج إلى إثبات وشاهد.
4 ـ من الذي قال: إن عثمان كان يعرف كيف يؤدي مناسك العمرة كما حددها الإسلام؟!
فإن النبي "صلى الله عليه وآله" قد قال للناس حينما دخل مكة: "خذوا عني مناسككم" ([406]).
فتعلم الناس منه كيفية الاعتمار، وكيفية الحج حينئذٍ، ولم يكن قد حج رسول الله "صلى الله عليه وآله" معلناً قبل هذا، ليكون عثمان قد حج معه، ولا دليل يدل على أنه قد تعلم منه ذلك شفاهاً.
5 ـ ومما يلقي ظلالاً من الشك على هذه الأقوال أيضاً: أن الكلام كله يتمحور حول عثمان، مع أنهم يقولون: إن عشرة أشخاص قد دخلوا معه في أمانه، ولم نجد أحداً قد سألهم، أو سأل عنهم: هل طافوا حول الكعبة أم لم يطوفوا؟! أو على الأقل لم يحدثنا التاريخ بشيء من ذلك.
6 ـ إن الظن المنسوب إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" لم يصب في هذه المرة أيضاً، وذلك لأن ما ظنه من طاعة عثمان وتقيُّده بأوامره، قد خيَّبه عثمان حين عصى أمره "صلى الله عليه وآله" الناس وعثمان منهم أن يحلقوا رؤوسهم، فلم يُستجب له "صلى الله عليه وآله" وكان كما يقول السهيلي: وحده، ومعه أبو قتادة (ونظن أن الصحيح: هو (ومعه عمر)، لأن عمر المعارض الحقيقي، بل هو رأس المعارضة).
نعم، إن عثمان وهذا الرجل أو ذاك، وحدهما اللذان عصيا أمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" وأصرا على التقصير، ووصفهما النبي "صلى الله عليه وآله" بأنهم قد شكُّوا (أي في دينهم)([407]).
ما هو سبب البيعة إذن؟!
ونرجح: أن يكون سبب بيعة الرضوان ليس ما زعموه حول عثمان، وإنما هو:
إظهار مدى تصميم رسول الله "صلى الله عليه وآله" على حقه الذي تنكره عليه قريش.
والضغط عليها من أجل فك أسر العشرة الذين احتجزتهم.
وتكذيب ما تحاول التسويق له، من أن الذين مع النبي "صلى الله عليه وآله" لا ينصرونه.
ولغير ذلك من أسباب يدخل بعضها في سياق التربية لأصحابه "صلى الله عليه وآله"، ويفيد في إعطاء الانطباع الواضح، وإشاعة الأجواء التي يريد النبي "صلى الله عليه وآله" إشاعتها في محيط الشرك من خلال ذلك.
أسرى قريش:
وذكرت النصوص التي قدمناها: أن محمد بن مسلمة كان على الحرس في إحدى الليالي فأسر حوالي خمسين رجلاً، وأفلت مكرز بن حفص.. فظهر مصداق قول رسول الله "صلى الله عليه وآله" عن مكرز: إنه رجل غادر.
ونقول:
إنه لا مانع من أن يكون مكرز بن حفص رجلاً غادراً، ولا نريد أن ننفي أن يكون رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد وصفه بذلك. فقد يكون ذلك صحيحاً في نفسه.
ولكننا نقول: حفاظاً منا على الحق والحقيقة، وعلى مقام رسول الله "صلى الله عليه وآله"، من أن ينسب إليه ما يكون موضع شبهة:
إن ما زعموه مصداقاً لقوله "صلى الله عليه وآله" لا يصلح لذلك؛ لأن المفروض: أنه لم يكن بين مكرز بن حفص، وبين النبي "صلى الله عليه وآله" عهد وعقد يلزم مكرزاً بعدم مهاجمة المسلمين، وبعدم نصب الكمائن لهم، وتحين الفرص للإيقاع بهم، بل هو يرى: أنه في حالة حرب معهم، فإذا جاء في خمسين رجلاً ليصيب منهم أحداً، أو غِرَّةً، فإن فعله هذا لا يكون هو المصداق لقول رسول الله "صلى الله عليه وآله" عنه: إنه رجل غادر..
ومما يدلل على صحة ما قلناه: أن الرواية نفسها تذكر: أن قريشاً بعثت مكرز بن حفص نفسه مع سهيل بن عمرو، وحويطب بن عبد العزى ليخلِّصوا أولئك النفر الخمسين الذين أسروا، وليقولوا لرسول الله "صلى الله عليه وآله": إن الذين قاتلوه، والذين حبسوا أصحابه في مكة كانوا من سفهائهم. ولم يكن ذلك بقرار من ذوي الرأي فيهم.
فإن صح أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد قال ذلك،
وصح أن يكون مكرز قد جاء مع المهاجمين،
وصح أنهم قد أسروا،
وصح أن الذي أسرهم هو محمد بن مسلمة، ولم يكن المقصود هو: تهيئة الأجواء لمنح محمد بن مسلمة وساماً ليكافئه به محبوه على مهاجمته بيت الزهراء "عليها السلام"، مع من هاجمها بعد وفاة الرسول "صلى الله عليه وآله"،
نعم.. لو صح ذلك كله، فإنه لا بد من البحث عن مفردات غدر مكرز بن حفص في غير هذه الواقعة.
وقد ذكر لنا التاريخ غدراً من مكرز، ولكن ليس بالمسلمين، وإنما بالمشركين.. ولسنا هنا بصدد البحث عن أمر كهذا..
مكرز بن حفص مرة أخرى:
هذا وقد ذكرت النصوص: أن النبي "صلى الله عليه وآله" أجاب مكرز بن حفص بنفس ما أجاب به عروة بن مسعود، وبديل بن ورقاء، والحليس..
ويظهر من الروايات أيضاً: أن مكرزاً قد جاء بعد هؤلاء..
ولكننا نقول:
قال اليعقوبي: إن النبي "صلى الله عليه وآله" أبى أن يكلم مكرزاً، وقال: هذا رجل فاجر، فبعثوا إليه الحليس بن علقمة([408]).
وعدم تكليم النبي "صلى الله عليه وآله" لمكرز بن حفص هو الأنسب بالوصف الذي أطلقه النبي "صلى الله عليه وآله" على هذا الرجل، وهو: أنه فاجر.
كما أن ظاهر كلام اليعقوبي هو: أن إرسال الحليس إنما كان بعد إرسال مكرز، وهذا هو الأنسب أيضاً، حيث يتوقع أن يكون البديل عن الرجل الفاجر رجلاً يتأله، ويعظم البيت، ويؤمن بالشعائر..
مسلمون دخلوا مكة، فأخذوا:
وقد ذكرت الروايات المتقدمة: أسماء عشرة أشخاص دخلوا مكة بإذن رسول الله "صلى الله عليه وآله". وقد اختلفوا في طريقة دخولهم، هل كان سراً؟! أم دخلوا في أمان عثمان؟!
ونرجح: أن يكون دخولهم سراً، لتصريح الرواية: بأنهم "أخذوا"، فإنهم لو كانوا قد دخلوا في أمان عثمان فلماذا أخذتهم قريش؟ وإذا كان قد بدا لها أن تأخذهم، فلماذا لم يبد لها أن تأخذ عثمان معهم؟! ولم يكن في عثمان ما يميزه عنهم عندها، بل قد يكون أخذه هو الأولى بالنسبة إليها ولا سيما مع تكفل كل قبيلة بالتصدي لمن يسلم من أبنائها، حسبما تقدم.
وإذا كان عثمان قد دخل في جوار أبان، فلماذا لم يطلب منه أن يجير رفقاءه معه؟! وهل من المروءة أن يؤمن نفسه، ويترك رفقاءه؟!
وإذا كانوا قد دخلوا في أمانه وفي جواره، فكيف رضي من أجارهم أن يؤخذوا؟!
وقد تقدم: أنه ليس ثمة ما يدل على: أن أحداً منهم قد طاف بالبيت، ولا ظهر في شيء من النصوص التي بين أيدينا: أن قريشاً قد سمحت لهم بذلك، فرفضوه أو قبلوه، كما يزعمونه بالنسبة لعثمان..
ولم يظهر أيضاً من النصوص: أنهم شاركوا عثمان في أي نشاط، فلم تشر إلى ذهابهم معه لزيارة بيوت المؤمنين، أو دخولهم على زعماء قريش لإبلاغ رسالة رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
وهذا كله يقرب احتمال أن يكونوا قد دخلوا إلى أهاليهم سراً، فكانوا عندهم، فنمي أمرهم إلى قريش، فأخذتهم.
هم عتقاء الله:
ومن أهم ما حدث في هذه الأثناء: أن أعداداً من الأرقاء والعبيد الذين كانوا في مكة، وبعضاً من المستضعفين من قريش، كانوا قد لحقوا بالمسلمين قبل عقد الصلح، فكتبت قريش إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يعيدهم إليها وجاء في الكتاب:
"والله، ما خرجوا إليك رغبة في دينك، وإنما خرجوا هرباً من الرق ".
فرفض النبي "صلى الله عليه وآله" طلبهم وقال: "هم عتقاء الله.."
وطلب منه سهيل بن عمرو ذلك أيضاً، وقال له: قد خرج إليك ناس من أبنائنا وأرقائنا، وليس بهم فقه في الدين وإنما خرجوا فراراً من أموالنا وضياعنا، فارددهم إلينا..
فقال ناس: صدقوا يا رسول الله، ردهم إليهم.
فغضب رسول الله "صلى الله عليه وآله" من ذلك، وقال:
"ما أراكم تنتهون يا معشر قريش، حتى يبعث الله عليكم من يضرب رقابكم على هذا، وأبى أن يردهم.
قال: هم عتقاء الله"([409]).
لا، ولكنه خاصف النعل:
وحسب نص آخر:
قالوا: "وفي هذه الغزاة أقبل سهيل بن عمرو إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، فقال له: يا محمد، إن أرقاءنا لحقوا بك، فارددهم علينا.
فغضب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، حتى تبين الغضب في وجهه، ثم قال: لتنتهن ـ يا معشر قريش ـ أو ليبعثن الله عليكم رجلاً امتحن الله قلبه للإيمان، يضرب رقابكم على الدين.
فقال بعض من حضر: يا رسول الله، أبو بكر ذلك الرجل؟!
قال: لا.
قيل: فعمر؟!
قال: لا، ولكنه خاصف النعل في الحجرة.
فتبادر الناس إلى الحجرة ينظرون من الرجل!! فإذا هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب "عليه السلام"..".
وروى جماعة هذا الحديث عن أمير المؤمنين "عليه السلام"، وقالوا فيه: إن علياً قص هذه القصة، ثم قال: سمعت رسول الله "صلى الله عليه وآله" يقول: من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار.
وكان الذي أصلحه أمير المؤمنين من نعل النبي "صلى الله عليهما وآلهما" شسعها، فإنه كان انقطع، فخصف موضعه، وأصلحه"([410]).
ونلاحظ هنا ما يلي:
1 ـ إن النبي "صلى الله عليه وآله" قد غضب إلى هذا الحد، انتصاراً منه لأناس مستضعفين، ظلمهم أسيادهم بحرمانهم من حق الحرية الإعتقادية والدينية.
ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل هو يهدد قريشاً، التي كانت ترى نفسها سيدة المنطقة العربية بأسرها، وترى أن لها الحق ـ من موقعها الديني، وكذلك من موقع مالكيتها لأولئك الأرقاء ـ أن يكون القرار الأول والأخير بالنسبة لأرقائها بيدها، لا ينازعها فيه أحد..
والناس يعترفون لها بهذا وذاك، ويقرونها على ما تزعمه لنفسها..
نعم، إن النبي "صلى الله عليه وآله" ليس فقط لا يعترف لها بشيء مما تزعمه لنفسها ويزعمه الناس لها في هذا الاتجاه وذاك، وإنما هو يعطي لنفسه الحق في شن حرب كاسحة، ومدمرة، يريد لها أن تنتهي بضرب رقاب نفس هؤلاء الأسياد المتسلطين، حتى لو كانوا من قريش، أو كانوا سدنة البيت، لمجرد ضمان حرية الفكر والعقيدة حتى لمن هم عبيد أرقاء لهم، وقد اشتراهم أولئك الناس بأموالهم.
2 ـ إنه "صلى الله عليه وآله" يهدد قريشاً بطريقة تجد فيها الشواهد على جدية ذلك التهديد، وأنه يسير باتجاه التنفيذ، حيث صرح لها: بأن من يتولى تنفيذ هذا القرار هو من نفذ مهمات مشابهة بكل دقة وأمانة وحزم.. ولم تزل تشهد قريش والمنطقة بأسرها آثار جهده وجهاده، طاعة لله ولرسوله..
3 ـ إنه "صلى الله عليه وآله" يصوغ هذا التهديد بطريقة تستدعي طرح الأسئلة لمعرفة المزيد من الأوصاف، أو تدعو للتصريح باسم هذا الذي أشار إليه..
4 ـ ولا ندري، فلعل طرح اسمي أبي بكر، وعمر، ليجيب النبي "صلى الله عليه وآله" بنفي أن يكونا مرادين في كلامه، قد جاء من قبل شخص يريد أن يسمع الناس هذا التصريح، لقطع دابر الكيد الإعلامي الذي قد يمارسه ذلك الحزب الذي عرف بالانحراف عن علي "عليه السلام" منذ بدايات الهجرة، وربما قبل ذلك أيضاً.
ولعل النبي "صلى الله عليه وآله" قد عرَّف بعض أهل السر عنده بما يدبره هؤلاء في الخفاء، مما له مساس بمستقبل الدين والأمة، فكان بعض أهل السر يشعرون بأنه لا بد من إيضاح الأمور للناس بطريقة أو بأخرى ليتحملوا مسؤولياتهم، بعد أن تكون الحجة عليهم قد تمت..
5 ـ ويسجل النبي "صلى الله عليه وآله" هذا الوسام الرائع لأمير المؤمنين "عليه السلام" في إطار فريد ورائع، حين بيَّن أن هذا الذي يستطيع أن يضرب رقاب قريش على الدين ليس ممن يرغب في شيء من حطام الدنيا، وليس هو ممن يميِّزون أنفسهم عن الآخرين.. وهو إنسان لا يمدح بكثرة المال، ولا بشيء مما يمدح به الآخرون، ولا يحتاج في استحضار صورته إلى أي إطار تظهر عليه الألوان، والأشكال، والزخرفات، بل هو يظهر في صورته وهو يخصف نعلاً.. وهي صورة لا يتوقعون ظهور الحاكم والرئيس فيها في أي من الظروف والأحوال.
واللافت: أن هذا النعل الذي يخصفه ليس له، وإنما هو لغيره، إنه لرسول الله "صلى الله عليه وآله".. الأمر الذي يشير إلى طبيعة نظرته لنفسه، ويؤكد صحة ما يلهج به، حيث يقول: أنا عبد من عبيد محمد([411]).
6 ـ إن قوله "صلى الله عليه وآله": "هم عتقاء الله" يستبطن أمرين:
أحدهما: أنه ليس هو المسؤول عنهم، ولا المطالب بهم، بل هم الذين خرجوا وفروا من سلطان قريش، وليس لقريش أن تطالبه بأن يبسط سلطتها على أرقائها، ولا استنابته بملاحقتهم كلما هربوا منها.
وبنود صلح الحديبية لا تشمل هؤلاء؛ لأنهم قد هربوا من قريش قبل عقده، والصلح إنما يعالج الحالات التي تحدث بعد توقيعه.
الثاني: أن إسلامهم هو الذي أعتقهم، فإن العبد إذا أسلم في دار الحرب قبل مولاه، فالمروي: أن ذلك من أسباب عتقه، خصوصاً إذا خرج إلى دار الإسلام قبله([412]).
وهؤلاء قد أسلموا وخرجوا إلى دار الإسلام قبل أسيادهم، وهذا معناه: أنه لا سلطة لقريش عليهم لأنهم خرجوا عن صفة الرق. فلا يجوز لرسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يرجعهم إليه، أو أن يساعد على ذلك؛ لأن ذلك عدوان عليهم ومصادرة لحرياتهم، بل أصبح من واجبه "صلى الله عليه وآله" الدفاع عنهم والمنع من ظلمهم ومن استعبادهم.
مبرر الإعلان عن بيعة الرضوان:
وبعد ما تقدم نقول:
إن المبرر المعقول والمقبول هو: أن يكون السبب القريب في الدعوة إلى بيعة الرضوان:
1 ـ أخذ قريش لعشرة من المسلمين دخلوا مكة..
2 ـ إرسال جماعات ليلية تسعى لاختطاف أشخاص، أو القيام باغتيالات، قد يكون بعضها بالغ الخطورة، وقد أخذ المسلمون منهم خمسين رجلاً.
3 ـ حصول مناوشات وصدامات بين جماعة من المشركين والمسلمين، انتهت بأسر اثني عشر رجلاً من المشركين..
4 ـ قتل ابن زنيم، الذي اطلع الثنية من الحديبية، فرماه المشركون فقتلوه. ثم إصرار قريش: على أنها لن تمكِّن المسلمين من دخول مكة..
5 ـ إصرارها على استعادة هؤلاء الأرقاء الذين أسلموا والتحقوا بالمسلمين، حيث أراد "صلى الله عليه وآله" أن يفهم قريشاً: أنه على استعداد للدخول في الحرب من أجل هؤلاء.
6 ـ الضغط على قريش لتستجيب إما لتمكينهم من زيارة بيت ربهم، أو ترضى بإعطاء العهد والوعد لهم بذلك في السنة القادمة.
فمن أجل كل ذلك جاءت الدعوة إلى بيعة الرضوان، التي تعطي الانطباع لقريش عن أن المسلمين يد واحدة مع رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وعن غير ذلك من أمور.
النساء.. والبيعة:
ولا ندري كم كان عدد النساء اللاتي حضرن في الحديبية، غير أن مما لا شك فيه، هو: أن أخذ النبي "صلى الله عليه وآله" البيعة منهن له العديد من الدلالات.. وهي التالية:
1 ـ إنه يؤكد على حقيقة: أن الحرب حين تكون مصيرية، فإن مشاركة النساء، وحتى الأطفال تصبح أمراً لا بد منه، ولا غنى عنه.
2 ـ إنه عدا عن أن ذلك يتضمن تكريماً لعنصر المرأة، فإنه يعد إعلاناً بأن عليها أن تشارك في حماية المجتمع الإيماني، بما تقدر عليه مما يتناسب مع طبيعة تكوينها وقدراتها، ولا تخرج عما قرره الشارع لها من طريقة حياة، وما شرعه لسلوكها من أحكام..
3 ـ إن ذلك يظهر تصميم المجتمع الإيماني على الحصول على حقوقه، ويشير إلى قريش بحقيقة: أن الأمر ليس صراعاً على النفوذ، بهدف الحصول على مكاسب لفريق يريد أن يجعل من نفسه حاكماً ومهيمناً..
بل القضية أكبر من ذلك، وأخطر، فإن المجتمع الإيماني يرى: أنه إنما يطالب بحقوقه من حيث إن عناصره يحملون صفة الإنسانية، فكل من له هذه الصفة فلا بد من أن ينال حقوقه بغض النظر عن خصوصياته الفردية، مثل اللون، أو العرق، أو السن، أو غير ذلك.
وقد عبَّر عن ذلك عروة بن مسعود، حين قال لقريش: "والله لقد رأيت معه نساء ما كنَّ ليسلمنه على حال"([413]).
وهذا يفسر لنا: أخذه "صلى الله عليه وآله" البيعة منهن بالطريقة التي تناسب حالهن، وتراعي الأحكام الشرعية معهن، فقد قال الشيخ المفيد "رحمه الله":
"وكان أمير المؤمنين "عليه السلام" المبايع للنساء عن النبي "عليه السلام". وكانت بيعته لهن يومئذٍ: أن طرح ثوباً بينه وبينهن، ثم مسحه بيده. فكانت مبايعتهن للنبي "صلى الله عليه وآله" بمسح الثوب، ورسول الله "صلى الله عليه وآله" يمسح ثوب علي بن أبي طالب "عليه السلام" مما يليه.." ([414]).
النبي ' يتفاءل بالاسم:
وقد قرأنا فيما سبق: أنه لما جاء سهيل بن عمرو ورآه رسول الله "صلى الله عليه وآله".. قال لأصحابه: سهل أمركم.
وهذا يستبطن أحد أمرين، أو كليهما، وهما:
1 ـ أن يكون "صلى الله عليه وآله" قد أراد مجرد التفاؤل بالاسم، من حيث إن كلمة سهيل مأخوذة من السهولة، بغض النظر عن طبيعة سهيل بن عمرو في نفسه.
2 ـ أن يكون سهيل بن عمرو بالذات سهلاً في تعامله مع الآخرين..
هذا، وقد جاء في النصوص: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" كان يحب الفأل الحسن، ويكره الطيرة([415]).
والفأل ضد الشؤم، وهو: أن يسمع كلاماً أو يرى أمراً فيستبشر به، ويتوقع لأجله أمراً حسناً، كما لو سمع كلمة يا سالم، فيتوقع السلامة، أو رأى ما يسر، فيتوقع السرور فيما يتوجه إليه، ويسعى له.
وقد روي عن علي "عليه السلام" قوله: "تفأل بالخير تنجح"([416]).
وعنه "عليه السلام": العين حق، والرقى حق، والسحر حق، والفأل حق، والطيرة ليست بحق([417]).
وقد تفأل عبد المطلب بحليمة السعدية، بالحلم والسعد، وقال: بخٍ بخٍ، خلتان حسنتان: حلم وسعد([418]).
وتفأل الإمام السجاد "عليه السلام" بالقرآن الكريم لتعيين اسم زيد، حين اختلاف أصحابه في تعيين اسم ولده([419]).
وقد كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" كثير التفأل، وقد تفاءل في الحديبية بسهولة الأمر، حين جاءه سهيل بن عمرو كما تقدم([420]).
وعن أنس: قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": رأيت ذات ليلة فيما يرى النائم، كأنا في دار عقبة بن رافع، فأتينا برطب من رطب ابن طاب. فأولت الرفعة لنا في الدنيا، والعاقبة في الآخرة، وأن ديننا قد طاب([421]).
كما أنه "صلى الله عليه وآله" كتب إلى خسرو أبرويز، يدعوه إلى الإسلام، فمزق كتابه، وأرسل إليه قبضة من تراب، فتفاءل "صلى الله عليه وآله" بتمزق ملك كسرى، وبأن المسلمين يملكون أرضهم([422]).
وفي مقابل التفأل التطير، الذي ذُكِرَ في القرآن أيضاً في سورة الأعراف، الآية 131 وفي سورة النمل الآية 47 وفي سورة يس الآية 18: حين كانت بعض الناس في الأمم السالفة يزعمون لأنبيائهم أنهم تطيروا بهم، من أجل إسقاط دعوتهم.
فكان جواب الأنبياء: أن هذا التطير، لا يجعل الحق باطلاً، ولا يصلح عذراً لعدم الإيمان، وأن أعمالهم هي التي توجب لهم الشقاء والعذاب عند الله تعالى وتجر الشر إليهم، وليس هو ما يتطيرون به.
وقد أمرت الأخبار الكثيرة بدفع شؤم التطير بالتوكل، وبالدعاء.
وقد روي عن الإمام الصادق "عليه السلام" قوله: الطيرة على ما تجعلها، إن هونتها تهونت، وإن شددتها تشددت، وإن لم تجعلها شيئاً لم تكن شيئاً([423]).
وعنه "عليه السلام": كفارة الطيرة التوكل([424]).
وهناك حديث عن الإمام الكاظم "عليه السلام"، عدَّ فيه موارد الطيرة للمسافر، وأنها سبعة، وقال في آخره: فمن أوجس في نفسه منهن شيئاً، فليقل: اعتصمت بك يا رب من شر ما أجد في نفسي، فاعصمني. فيعصم من ذلك([425]).
ويمكن أن يستفاد من ذلك: أن للحالات النفسية تأثيراتها في الأمور فإن من يتفأل بالخير، يتعامل مع الأمور بروح منشرحة، ونفس مطمئنة وواثقة، ويعيش السكينة، والثقة بالله سبحانه بما قسمه له واعتباره خيراً، حتى وإن كان الناس يجدون فيه مرارة وألماً، فيرضى بهذا الألم. ويتمثل له فيه الرضا الإلهي، ويجد فيه الخير والمثوبة، ورفعة الدرجة والزيادة. فهو لا ينظر إليه بعين المقت والرفض، والوجل والخوف..
بل يراه على أنه باب للخير والفلاح في الدنيا والآخرة.
أما المتشائم المتطير فهو يرى: أن الأشياء من حوله ضده، ولها دور في تقويض سعادته، وهدم كيانه، فهو لا يأنس بها، بل يعاديها، ويمقتها، ولا يرى أن الله تعالى هو المؤثِّر والمبدِّل والمغيِّر، بل يرى أنها هي الأقوى.
وبعد.. فإن لانشراح الروح والشعور بالسكينة والبهجة والرضا تأثيره في الأشياء التي تحيط بالإنسان، حتى في الهواء، والشجر، والنبات، وغيرها، وكذلك الحال بالنسبة للكآبة والحزن، والتردد والخوف، وما إلى ذلك.
وقد يمكن تأييد ذلك: بما دلت عليه الآيات والروايات الكثيرة، من أن للمعاصي والطاعات تأثيراتها في المحيط الذي يعيش فيه الإنسان، وفي كثير من الأشياء حوله، ومن ذلك ما دل على ظهور الأسواء، والمفاسد، مثل قوله: ?ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ..?([426]).
وروي: إذا كثر الزنى كثر موت الفجأة([427]). وغير ذلك كثير.
ومن ذلك أيضاً: ما دل على زيادة النماء والبركات، كقوله تعالى: ?وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ?([428]).
تبادل الأسرى:
وقد ادَّعى سهيل بن عمرو ـ فيما يمكن أن يعتبر اعتذاراً لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، أو هو تنصل من المسؤولية ـ: أن قتال بعض المشركين للمسلمين، وحبس الذين حبسوا في مكة، قد كان بغير علم زعماء قريش، ولم يكن عن رأي ذوي الرأي فيها. بل هو قد ادَّعى أنهم كانوا كارهين لذلك كله، وأن السفهاء هم الذين أقدموا عليه..
ثم طلب سهيل إطلاق سراح من أسرهم المسلمون أول مرة، ومن أسروهم في المرة الثانية، ولم يشر بشيء إلى مصير المحبوسين في مكة.
فجاء الرد ليؤكد على ضرورة إطلاق سراح من حبستهم قريش أيضاً.. وأن على قريش أن تكون هي البادئة بإطلاق سراح من احتجزتهم..
وذلك يتضمن أمرين:
أحدهما: التعبير عن أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" كان في موقع القوة، وهو يملي إرادته على عدوه.
الثاني: إرغام قريش على الاعتراف ـ ولو ضمناً ـ: بأنها معتدية وظالمة.. وأن ما كان من المسلمين إنما هو مجرد دفاع ورد اعتداء..
وكان ما أراده رسول الله "صلى الله عليه وآله"، حيث بدأت قريش بإرسال من كان عندها أولاً.. لأن سهيلاً أرسل الشييم بن عبد مناف التيمي وحده إلى قريش، ولم يطلق سراح أحد معه، فبعثت قريش بمن كان عندها..
وثبت بذلك ما أراده رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وكانت كلمة الله هي العليا، وكلمة الذين كفروا هي السفلى..
موقف كريم لسهيل بن عمرو:
وكان سهيل بن عمرو من أشراف قريش، وقد أسر يوم بدر، وكان أعلم الشفة العليا، أي مشقوقها، فقال عمر لرسول الله "صلى الله عليه وآله": يا رسول الله، انزع ثنيتيه، فلا يقوم خطيباً عليك أبداً.
فقال: دعه يا عمر، فعسى أن يقوم مقاماً نحمده عليه([429]).
فكان ذلك المقام هو: أنه لما توفي رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ارتجت مكة، وأراد أهلها أن يعودوا إلى الشرك، فقام سهيل بن عمرو خطيباً، فقال: "يا معشر قريش، لا تكونوا آخر من أسلم، وأول من ارتد، والله، إن هذا الدين ليمتدن امتداد الشمس والقمر، من طلوعهما إلى غروبهما الخ.." ([430]).
فتراجع أهل مكة عما كانوا قد هموا به.
ونسجل هنا الملاحظات التالية:
1 ـ إنه حين يعرض عمر على رسول الله "صلى الله عليه وآله" ما عرضه إنما يُفهم الآخرين: بأن النبي "صلى الله عليه وآله" ـ بنظره ـ كغيره من الطغاة والجبابرة، الذين يمارسون الانتقام من خصومهم بقسوة بالغة، وبوحشية ظاهرة.. فهو لا يرى: أنه "صلى الله عليه وآله" مبعوث رحمة للعالمين، وقد كانت نفسه تذهب حسرات حتى على من كانوا يحاربونه، ويسعون في سفك دمه..
فما هذه النظرة العمرية لرسول الله "صلى الله عليه وآله"؟!
ومتى تخلص منها صاحبها؟! أم بقيت تعيش في نفسه، وتتغلغل في أعماقه؟!
لا ندري.. ولا بد لمن يريد أن يدري أن يتتبع حياة هذا الرجل ليجد من الشواهد والدلائل ما يفيد في استخلاص الحقيقة، ووضوح الأمر..
2 ـ إن عمر بن الخطاب قد طالب بقلع ثنيتي سهيل، لأنه كان أعلمَ، أي: مشقوق الشفة العليا([431]).
والأعلم إذا قلعت ثنيتاه، فإنه يصبح عاجزاً عن النطق.
3 ـ إننا لم نفهم سر مطالبته بهذه العقوبة لسهيل، ولم يطالب بعقوبات مماثلة أو متنوعة لغيره من أسرى بدر، فهل كانت له على سهيل ثارات قديمة، وقد أراد أن يأخذها منه بهذه الطريقة؟ أم كان لدى سهيل شيء من الفصاحة، فأراد أن يسلبه ذلك حسداً منه له؟!..
إن التاريخ لم يفصح عن شيء يفيد في تحديد الداعي لهذا الطلب الغريب والعجيب.
4 ـ إن سهيل بن عمرو لم يقم خطيباً على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فما معنى تعليل عمر لطلبه هذا بقوله: فلا يقوم عليك خطيباً أبداً؟!
5 ـ لماذا يقدم عمر الاقتراحات على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، من دون أن يطلب الرسول "صلى الله عليه وآله" منه ذلك، ومن دون أن يستأذنه بالكلام في محضره.. فضلاً عن أن يكون "صلى الله عليه وآله" قد أذن له بالاقتراح، أو طلب المشورة منه في هذا الأمر بأي شيء آخر؟!
6 ـ إن هذا الحديث لا بد أن يعتبر من دلائل نبوة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، حيث أخبر بما يكون من سهيل قبل أن يسلم سهيل، وقبل أن تظهر أية بادرة منه تشير إلى أن لديه شيئاً من الميل إلى الإسلام، بل كان يخوض أخطر حرب ضد هذا الدين وأهله، وكل واقعه وما هو فيه يشير إلى المزيد من اللجاج والعناد..
يضاف إلى ذلك: أن ما أشار إليه رسول الله "صلى الله عليه وآله" إنما تحقق بعد وفاته "صلى الله عليه وآله"، فليس له صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطاهرين، أية مشاركة في صنع المناسبة، لا من قريب ولا من بعيد.. فهو إخبار غيبي بكل ما لهذه الكلمة من معنى..
الفهارس:
1 ـ الفهرس الإجمالي
2 ـ الفهرس التفصيلي
1 ـ الفهرس الإجمالي
TOC \o "1-1" \t "عنوان 2;1;عنوان 3;1;عنوان 4;1;عنوان 5;1;عنوان 6;1" الفصل الخامس: بعوث وسرايا (قبل خيبر) ...................... 5 ـ 30
الفصل السادس: حديث الاستسقاء.. ..........................31 ـ 52
القسم الثامن: من الحديبية إلى فتح مكة..
الباب الأول: حتى بيعة الرضوان
الفصل الأول: من المدينة.. إلى عسفان.. .......................57 ـ 110
الفصل الثاني: من عسفان.. إلى الحديبية.. ....................111 ـ 154
الفصل الثالث: حابس الفيل.. وحقوق الحيوانات .......... 155 ـ 222
الفصل الرابع: تعمد صنع المعجزة .......................... 223 ـ 252
الفصل الخامس: إتصالات.. ومداولات.. .................. 253 ـ 286
الفصل السادس: عثمان في مكة.. ........................... 287 ـ 340
الفهارس: ................................................. 341 ـ 345
2 ـ الفهرس التفصيلي
الفصل الخامس: بعوث وسرايا (قبل خيبر)
1 ـ بعث علي × إلى بني سعد:................................................. PAGEREF _Toc108420747 \h 7
2 ـ بعث زيد بن حارثة إلى أم قرفة:.......................................... PAGEREF _Toc108420748 \h 9
وقفات للتوضيح والتصحيح:....................................... PAGEREF _Toc108420749 \h 11
أمير الغزوة: أبو بكر.. أم زيد؟!.................................... PAGEREF _Toc108420750 \h 11
ما كشف ابن الأكوع لها ثوباً:...................................... PAGEREF _Toc108420751 \h 13
القسوة والبشاعة في قتل أم قرفة:................................. PAGEREF _Toc108420752 \h 13
مصير بنت أم قرفة:.................................................. PAGEREF _Toc108420753 \h 14
سوء أدب ووقاحة:................................................... PAGEREF _Toc108420754 \h 16
3 ـ سرية ابن عتيك إلى أبي رافع:.......................................... PAGEREF _Toc108420755 \h 17
4 ـ سرية ابن رواحة إلى ابن رزام اليهودي:.............................. PAGEREF _Toc108420756 \h 18
ألف ـ التثبت في الأمر:.............................................. PAGEREF _Toc108420757 \h 20
ب ـ استعمال أسير على خيبر:..................................... PAGEREF _Toc108420758 \h 21
ج ـ من هو الغادر؟................................................... PAGEREF _Toc108420759 \h 23
د ـ ابن أنيس وقصة العصا:......................................... PAGEREF _Toc108420760 \h 25
5 ـ سرية زيد بن حارثة إلى مدين:.......................................... PAGEREF _Toc108420761 \h 26
تحفظ على سرية مدين:.............................................. PAGEREF _Toc108420762 \h 27
إحترام المشاعر الإنسانية:.......................................... PAGEREF _Toc108420763 \h 28
الفصل السادس: حديث الاستسقاء..
حديث الاستسقاء:............................................................... PAGEREF _Toc108420766 \h 33
الاستسقاء أكثر من مرة:....................................................... PAGEREF _Toc108420767 \h 35
اللهم حوالينا ولا علينا:......................................................... PAGEREF _Toc108420768 \h 36
لا يرفع يديه إلا في الاستسقاء:............................................... PAGEREF _Toc108420769 \h 36
عبد المطلب يستسقي برسول الله ':...................................... PAGEREF _Toc108420770 \h 38
أبو طالب يستسقي بالرسول ' ثلاث مرات:.............................. PAGEREF _Toc108420771 \h 39
عمر يتوسل ويستسقي بعترة الرسول ':.................................. PAGEREF _Toc108420772 \h 41
نظرة أبي طالب لرسول الله ':............................................ PAGEREF _Toc108420773 \h 42
القسم الثامن: من الحديبية إلى فتح مكة..
الباب الأول: حتى بيعة الرضوان
الفصل الأول: من المدينة.. إلى عسفان..
الحديبية: اسماً وموقعاً:........................................................ PAGEREF _Toc108420780 \h 59
التحرك نحو الحديبية:.......................................................... PAGEREF _Toc108420781 \h 59
وقفات مع ما تقدم:.............................................................. PAGEREF _Toc108420782 \h 61
الخروج إلى العمرة:............................................................ PAGEREF _Toc108420783 \h 62
فائدة المنامات:.................................................................. PAGEREF _Toc108420784 \h 63
لماذا الصدق والكذب في الرؤيا؟!:.......................................... PAGEREF _Toc108420785 \h 66
إذا تم الإيمان رفعت الرؤيا:................................................... PAGEREF _Toc108420786 \h 66
سبب وضع الرؤيا:............................................................. PAGEREF _Toc108420787 \h 67
رؤيا رسول الله ' هي المحور:.............................................. PAGEREF _Toc108420788 \h 68
إستنفار العرب.. ومراسم السفر:............................................. PAGEREF _Toc108420789 \h 69
عامل النبي ' على المدينة:................................................... PAGEREF _Toc108420790 \h 72
أسلم وغفار، وسائر العرب:.................................................. PAGEREF _Toc108420791 \h 73
لماذا تثاقل الأعراب عنه؟!................................................... PAGEREF _Toc108420792 \h 75
عدد المسلمين:................................................................... PAGEREF _Toc108420793 \h 76
هل المدينة في خطر؟!......................................................... PAGEREF _Toc108420794 \h 79
حضور المنافقين في الحديبية:............................................... PAGEREF _Toc108420795 \h 81
هذا هو سلاحهم:................................................................ PAGEREF _Toc108420796 \h 82
عين لرسول الله ':............................................................. PAGEREF _Toc108420797 \h 85
نبع الماء من بين أصابعه ':................................................. PAGEREF _Toc108420798 \h 85
لا أقبل هدية مشرك:........................................................... PAGEREF _Toc108420799 \h 89
هل يجوز أكل لحم الضب؟!:................................................. PAGEREF _Toc108420800 \h 90
أكلات محرمة على المحرم وعلى غيره:.................................. PAGEREF _Toc108420801 \h 94
علي × ساقي العطاشى في الجحفة:......................................... PAGEREF _Toc108420802 \h 95
حديث الثقلين:.................................................................... PAGEREF _Toc108420803 \h 97
1 ـ الثقل: بفتح القاف، أم بسكونها:............................... PAGEREF _Toc108420804 \h 98
2ـ النص الصحيح والصريح:...................................... PAGEREF _Toc108420805 \h 99
رواة الحديث من الصحابة:................................................. PAGEREF _Toc108420806 \h 103
حديث الثقلين متواتر:........................................................ PAGEREF _Toc108420807 \h 105
وسنتي وعترتي متوافقان:.................................................. PAGEREF _Toc108420808 \h 106
أسرار في حديث الثقلين:.................................................... PAGEREF _Toc108420809 \h 107
من هم العترة؟!................................................................ PAGEREF _Toc108420810 \h 109
الفصل الثاني: من عسفان.. إلى الحديبية..
بـدايـة:.......................................................................... PAGEREF _Toc108420813 \h 113
إطلاق الصرخة في مكة:................................................... PAGEREF _Toc108420814 \h 113
النبي ' يشاور أصحابه:.................................................... PAGEREF _Toc108420815 \h 116
صلاة الخوف:................................................................ PAGEREF _Toc108420816 \h 117
النبي ' يخالف العدو في الطريق:........................................ PAGEREF _Toc108420817 \h 118
تعقيبات على النصوص المتقدمة:......................................... PAGEREF _Toc108420818 \h 123
لماذا عدل عن الطريق؟!:................................................... PAGEREF _Toc108420819 \h 124
من الذي يجمع الجموع لرسول الله '؟!.................................. PAGEREF _Toc108420820 \h 124
سلفع شيطان الأصنام:....................................................... PAGEREF _Toc108420821 \h 125
بلدح أم ذو طوى؟:........................................................... PAGEREF _Toc108420822 \h 128
خيارات لو أن قريشاً تلجأ إليها!!.......................................... PAGEREF _Toc108420823 \h 128
النبي ' يستشير أصحابه:................................................... PAGEREF _Toc108420824 \h 130
الشورى في الحديبية:........................................................ PAGEREF _Toc108420825 \h 133
عباد بن بشر.. وصلاة الخوف:............................................ PAGEREF _Toc108420826 \h 136
الرواية الأقرب إلى الاعتبار:............................................... PAGEREF _Toc108420827 \h 142
إتساع الثنية للمسلمين:....................................................... PAGEREF _Toc108420828 \h 144
النبي ' عارف بالأمور ويستعين بالعارفين:........................... PAGEREF _Toc108420829 \h 145
هل كان النبي ' رحيماً بالمشركين؟!:................................... PAGEREF _Toc108420830 \h 146
بنو إسرائيل، وباب حطة:................................................... PAGEREF _Toc108420831 \h 147
الفصل الثالث: حابس الفيل.. وحقوق الحيوانات
بـدايـة:.......................................................................... PAGEREF _Toc108420834 \h 157
خلأت القصواء:.............................................................. PAGEREF _Toc108420835 \h 158
الحجة البالغة:.................................................................. PAGEREF _Toc108420836 \h 159
مقارنة.. واستنتاج:........................................................... PAGEREF _Toc108420837 \h 162
حابس الفيل:................................................................... PAGEREF _Toc108420838 \h 163
لماذا شبهها بقضية حبس الفيل؟!:......................................... PAGEREF _Toc108420839 \h 164
أهمية قصة الفيل:............................................................. PAGEREF _Toc108420840 \h 165
موجز عن هلاك جيش أبرهة:............................................. PAGEREF _Toc108420841 \h 166
عبر وعظات:................................................................. PAGEREF _Toc108420842 \h 167
للحيوانات أخلاق:............................................................ PAGEREF _Toc108420843 \h 175
أخلاق شيطانية:............................................................... PAGEREF _Toc108420844 \h 176
أخلاق رضية:................................................................. PAGEREF _Toc108420845 \h 177
تفاوت درجاتها في الشعور والإدراك:................................... PAGEREF _Toc108420846 \h 178
طاعات وعبادات الحيوانات:............................................... PAGEREF _Toc108420847 \h 182
الرفق بالحيوان في الإسلام:................................................ PAGEREF _Toc108420848 \h 184
قانون الرفق بالحيوان:....................................................... PAGEREF _Toc108420849 \h 185
نهاية المطاف:................................................................. PAGEREF _Toc108420850 \h 222
الفصل الرابع: تعمد صنع المعجزة
تعمد صنع المعجزة:.......................................................... 225
النبي ' يصنع المعجزة:..................................................... PAGEREF _Toc108420854 \h 231
لا حاجة إلى التنازع:......................................................... PAGEREF _Toc108420855 \h 232
مياه بلدح، ومياه الحديبية:................................................... PAGEREF _Toc108420856 \h 235
من الذي نزل بالسهم؟........................................................ PAGEREF _Toc108420857 \h 236
توضأ، وتمضمض، ثم مج في الدلو:..................................... PAGEREF _Toc108420858 \h 238
إستغفار الرسول ' لابن أُبي:.............................................. PAGEREF _Toc108420859 \h 240
المنافقون في الحديبية:....................................................... PAGEREF _Toc108420860 \h 242
أبو سفيان على بئر الحديبية!:.............................................. PAGEREF _Toc108420861 \h 245
التوحيد، والإعتقاد بالأسباب:.............................................. PAGEREF _Toc108420862 \h 247
إعتقاد العرب بالأنواء:...................................................... PAGEREF _Toc108420863 \h 249
القرآن: الغيث والريح بيد الله:.............................................. PAGEREF _Toc108420864 \h 249
سعي الرسول ' لاقتلاع هذا الاعتقاد:................................... PAGEREF _Toc108420865 \h 250
الفصل الخامس: إتصالات.. ومداولات..
هدايا قبلت:..................................................................... PAGEREF _Toc108420868 \h 255
إتصالات ومداولات:......................................................... PAGEREF _Toc108420869 \h 256
بيانات للتوضيح أو التصحيح:............................................. PAGEREF _Toc108420870 \h 263
مفارقة لا يرضاها حليس:.................................................. PAGEREF _Toc108420871 \h 263
تحليل ابن مسعود ليس دقيقاً:............................................... PAGEREF _Toc108420872 \h 264
المنطق القبائلي، والمنطق الإيماني:....................................... PAGEREF _Toc108420873 \h 266
عنادهم وموقف رسول الله ':............................................. PAGEREF _Toc108420874 \h 268
تصدع صفوف المشركين:................................................. PAGEREF _Toc108420875 \h 269
تبرك الصحابة برسول الله ':............................................. PAGEREF _Toc108420876 \h 271
التبرك لا يختص بالأحياء:................................................. PAGEREF _Toc108420877 \h 274
المغيرة قائم بالسيف خلف رسول الله ':................................ PAGEREF _Toc108420878 \h 276
امصص بظر اللات لغة مرفوضة:....................................... PAGEREF _Toc108420879 \h 279
سخاء أبي بكر:................................................................ PAGEREF _Toc108420880 \h 281
الفصل السادس: عثمان في مكة..
خراش رسول النبي ' إلى مكة:........................................... PAGEREF _Toc108420883 \h 289
عثمان إلى مكة:............................................................... PAGEREF _Toc108420884 \h 289
على جمل رسول الله ':.................................................... PAGEREF _Toc108420885 \h 296
عمر بن الخطاب يرفض طلب النبي ':................................. PAGEREF _Toc108420886 \h 297
دلالات أخرى في كلمات عمر:............................................ PAGEREF _Toc108420887 \h 300
عداوة عمر لقريش:.......................................................... PAGEREF _Toc108420888 \h 300
عمر يعترف بواقع عشيرته:............................................... PAGEREF _Toc108420889 \h 303
إن أحببت دخلت عليهم:..................................................... PAGEREF _Toc108420890 \h 304
عثمان إلى مكة:............................................................... PAGEREF _Toc108420891 \h 306
أساليب ونتائج:................................................................ PAGEREF _Toc108420892 \h 306
رسالة شفوية، أم كتاب؟!:.................................................. PAGEREF _Toc108420893 \h 309
عثمان بحاجة إلى من يجيره:............................................... PAGEREF _Toc108420894 \h 310
رسالة رسول الله ' إلى قريش:........................................... PAGEREF _Toc108420895 \h 310
جواب قريش:................................................................. PAGEREF _Toc108420896 \h 312
بيعة الرضوان وشائعة قتل عثمان:....................................... PAGEREF _Toc108420897 \h 313
شائعة احتباس سهيل بن عمرو:........................................... PAGEREF _Toc108420898 \h 315
حديث طواف عثمان:........................................................ PAGEREF _Toc108420899 \h 315
ما هو سبب البيعة إذن؟!.................................................... PAGEREF _Toc108420900 \h 319
أسرى قريش:.................................................................. PAGEREF _Toc108420901 \h 319
مكرز بن حفص مرة أخرى:............................................... PAGEREF _Toc108420902 \h 321
مسلمون دخلوا مكة، فأخذوا:............................................... PAGEREF _Toc108420903 \h 321
هم عتقاء الله:.................................................................. PAGEREF _Toc108420904 \h 322
لا، ولكنه خاصف النعل:.................................................... PAGEREF _Toc108420905 \h 324
مبرر الإعلان عن بيعة الرضوان:........................................ PAGEREF _Toc108420906 \h 328
النساء.. والبيعة:............................................................... PAGEREF _Toc108420907 \h 329
النبي ' يتفاءل بالاسم:...................................................... PAGEREF _Toc108420908 \h 331
تبادل الأسرى:................................................................ PAGEREF _Toc108420909 \h 336
موقف كريم لسهيل بن عمرو:............................................. PAGEREF _Toc108420910 \h 337
الفهارس:
1 ـ الفهرس الإجمالي........................................................ 343
2 ـ الفهرس التفصيلي........................................................ 345
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) تاريخ الخميس ج2 ص12 والسيرة الحلبية ج3 ص182 و 183 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص97 والبحار ج20 ص293 و 376 والطبقات الكبرى ج2 ص90.
([2]) السيرة الحلبية ج3 ص183 والطبقات الكبرى ج2 ص90 وعن عيون الأثر ج2 ص107 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص573 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص97.
([3]) تاريخ الخميس ج2 ص12 والسيرة الحلبية ج3 ص179 ـ 181 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص92 و 99 و 100 والطبقات الكبرى ج2 ص91 وعن عيون الأثر ج2 ص108.
([4]) السيرة الحلبية ج3 ص179 و 180 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص92 و 100 والطبقات الكبرى ج2 ص118 عن عيون الأثر ج2 ص154 ومسند أحمد ج4 ص46 وصحيح مسلم ج5 ص151 وعن سنن أبي داود ج1 ص611 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص129 وشرح صحيح مسلم ج12 ص68 وسنن النسائي ج5 ص202 وصحيح ابن حبان ج11 ص200 والمعجم الكبير للطبراني ج7 ص15 ونصب الراية ج4 ص259 وتاريخ مدينة دمشق ج22 ص92 والبداية والنهاية ج4 ص251 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص417 وسير أعلام النبلاء ج1 ص226 وعن تاريخ الأمم والملوك للطبري ج2 ص288.
([5]) السيرة الحلبية ج3 ص180 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص99 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص287 والبداية والنهاية ج5 ص237 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1035 وعن عيون الأثر ج2 ص103والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص434.
([6]) السيرة الحلبية ج3 ص180.
([7]) السيرة الحلبية ج3 ص180 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص100 وعن الإصابة ج4 ص197 و 251 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص71 وعن تاريخ الأمم والملوك للطبري ج2 ص287 والبـدايـة والنهايـة ج5 ص237 والسيرة النبـوية لابن = = هشام ج4 ص1035 وعن عيون الأثر ج2 ص104والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص434.
([8]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص92 و 100 ومسند أحمد ج4 ص46 و 51 وصحيح مسلم ج5 ص151 وسنن أبي داود ج1 ص611 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص129 وشرح صحيح مسلم ج12 ص68 وسنن النسائي ج5 ص202 وصحيح ابن حبان ج11 ص200 والمعجم الكبير ج7 ص15 ونصب الراية ج4 ص259 والطبقات الكبرى ج2 ص118 وتاريخ مدينة دمشق ج22 ص92 والبداية والنهاية ج4 ص251 وعن عيون الأثر ج2 ص154 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص417.
([9]) السيرة الحلبية ج3 ص 181 والجامع الصحيح ج4 ص174 وتحفة الأحوذي ج7 ص434 ونصب الراية ج6 ص154 وكنز العمال ج10 ص569 والجامع لأحكام القرآن ج15 ص361 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص99 و 427 وعيون الأثر ص108 والطبقات الكبرى ج2 ص91 وتاريخ مدينة دمشق ج19 ص366 وعن فتح الباري ج11 ص51.
([10]) تاريخ الخميس ج2 ص12 وراجع: مناقب آل أبي طالب ج1 ص173 والبحار ج20 ص13 و 203 وعن صحيح البخاري ج4 ص23 وج5 ص26 و 28 والسنن الكبرى للبيهقي ج3 ص222 وج9 ص80 وعن مقدمة فتح الباري ص288 وعن فتح الباري ج7 ص262 و 263 والمصنف للصنعاني ج5 ص408 ومسند أبي يعلى ج2 ص204 و 205 ودلائل النبوة ص125 والثقات ج1 ص247 وأسد الغابة ج1 ص81 و 83 وج4 ص358 وعن الإصابة ج1 ص223 وتاريخ المدينة ج2 ص465 و 467 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص78 وعن تاريخ الأمم والملوك للطبري ج2 ص184 والبداية والنهاية ج4 ص156 و 158 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص541 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص746 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص102 و 104.
([11]) تاريخ الخميس ج2 ص15 والسيرة الحلبية ج3 ص183 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص111 و 112 والطبقات الكبرى ج2 ص92 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص596 وعن عيون الأثر ج2 ص109.
([12]) تاريخ الخميس ج2 ص15 والسيرة الحلبية ج3 ص183 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص111 و 112 وعن تاريخ الأمم والملوك للطبري ج2 ص406 والبداية والنهاية ج5 ص238 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1036 وعن عيون الأثر ج2 ص110.
([13]) السيرة الحلبية ج3 ص183 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص112.
([14]) السيرة الحلبية ج3 ص183.
([15]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص111 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص596.
([16]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص112 وج10 ص24 والبحار ج20 ص41 وإعلام الورى ج1 ص211.
([17]) البداية والنهاية ج4 ص252 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص418.
([18]) البحار ج10 ص46 وج17 ص294 وج20 ص303 وراجع أيضاً: مسند أبي يعلى ج2 ص206 من له رواية في مسند أحمد ص241 وغير ذلك.
([19]) تاريخ الخميس ج2 ص15 والسيرة الحلبية ج3 ص183 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص96 ودعائم الإسلام ج2 ص60 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1051 وعن عيون الأثر ج2 ص106.
([20]) تاريخ الخميس ج2 ص15 عن أنوار التنزيل.
([21]) تاريخ الخميس ج2 ص15عن معجم ما استعجم.
([22]) تاريخ الخميس ج2 ص14 وراجع: مناقب أمير المؤمنين للكوفي ج1 ص82 والمصنف للصنعاني ج7 ص92 و 431 وعن فتح الباري ج2 ص425 و 426 وسبل الهدى والرشاد ج9 ص440 و 444 والسيرة الحلبية ج3 ص234 وبحار الأنوار ج20 ص300 والأحاديث الطوال ص71 وكتاب الدعاء للطبراني ص597 وراجع: المعجم الأوسط ج7 ص321.
([23]) تاريخ الخميس ج2ص14 وسبل الهدى والرشاد ج9 ص440 و 441 والسيرة الحلبية ج3 ص232 و 235 وأمالي المفيد ص305.
([24]) راجع: دلائل النبوة للبيهقي ج6 ص143 وطبقات ابن سعد ج2 ص92 وج1 ص297.
وراجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص394 والبداية والنهاية ج6 ص105 و 96 وج5 ص103 وعن فتح الباري ج2 ص420 وعن عيون الأثر ج2 ص306 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص171.
([25]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص394 وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص232 ومسند أحمد ج2 ص370 وج3 ص181 وسنن الدارمي ج1 ص361 وعن صحيح البخاري ج2 ص21 وج4 ص167 وصحيح مسلم ج3 ص24 وعن سنن أبي داود ج1 ص260 وسنن النسائي ج3 ص158 و 249 والمستدرك للحاكم ج1 ص327 والسنن الكبرى للبيهقي ج3 ص210 و 357 وشرح صحيح مسلم ج6 ص190 وعن فتح الباري ج2 ص342 و 422 وشرح سنن النسائي ج3 ص158 والديباج على مسلم ج2 ص469 وتحفة الأحوذي ج9 ص232 والمصنف لابن أبي شيبة ج2 ص370 ومسند أبي يعلى ج5 ص311 و 333 و 339 و 347 و 399 وصحيح ابن خزيمة ج2 ص333 وج3 ص147 وصحيح ابن حبان ج7 ص113 وكتاب الدعاء ص595 وسنن الدارقطني ج2 ص55 و 63 ونظم المتناثر من الحديث المتواتر ص177 وإرواء الغليل ج3 ص141 وعن الكامل ج6 ص373 وتاريخ بغداد ج2 ص74 وتاريخ مدينة دمشق ج52 ص15 وتهذيب الكمال ج24 ص389 وسير أعلام النبلاء ج13 ص253 وذكر أخبار أصفهان ج1 ص141 والبداية والنهاية ج6 ص100.
([26]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص396 وراجع: المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي ـ مادة: رفع.
([27]) الغدير ج7 ص346.
([28]) الملل والنحل ج3 ص225 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص119 والغدير ج7 ص346 وعن فتح الباري ج2 ص412.
([29]) سبل الهدى والرشاد ج1 ص489 عن ابن سعد, والطبراني, وشرح الأخبار ج3 ص223 وأمالي المفيد ص304 والخرائج والجرائح ج1 ص59 والعمدة ص412 والطرائف ص301 والصراط المستقيم ج1 ص334 وكتاب الأربعين للشيرازي ص495 وحلية الأبرار ج1 ص84 والبحار ج19 ص3 و 255 وج35 ص166 ومناقب أهل البيت للشيرواني ص53 وأبو طالب حامي الرسول ص106 و 108 و 111 والغدير ج7 ص339.
([30]) سبل الهدى والرشاد ج2 ص137 وراجع: إرشاد الساري ج2 ص227 وشرح بهجة المحافل ج1 ص119 والسيرة النبوية لدحلان ج1 والسيرة الحلبية ج1 والمواهب اللدنية ج1 ص48 والخصائص الكبرى ج1 ص86 و 124 والغدير ج7 ص346 عن أكثر من تقدم وعن طلبة الطالب ص42 وأبو طالب حامي الرسول ص183 و 184.
([31]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج7 ص274 وج14 ص51 واقتضاء الصراط المستقيم ص338 ومستدرك الحاكم ج3 ص334 ومآثر الإنافة ج1 ص91 وفتح الباري ج2 ص411 و 412 و 413 وكنز العمال ج16 ص120 و 123 و 124 و 30 وعيون الأخبار لابن قتيبة ج2 ص279 والإستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ج3 ص99 وتذكرة الفقهاء ج1 ص167 والأوائل لأبي هلال العسكري ج1 ص256 والبيان والتبيين ج3 ص279 وذخـائر العقبي ص200 و 236 والأغـاني ج11 ص81 والعقد الفريد ج4 ص64 والنهاية = = لابن الاثير ج2 ص33 وج4 ص94 والأسماء والصفات للبيهقي ج1 والطبقات الكبرى لابن سعد (ط ليدن) ج2 ص319 وج4 ص19 وج3 قسم 1 ص232 وج5 ص107 وربيع الأبرار ج1 ص119 و 134 وغريب الحديث لابن قتيبة ج3 ص182 والفتوحات الإسلامية لدحلان ج2 ص380 وأسد الغابة ج3 ص111 والمصنف للصنعاني ج3 ص94 والسيرة الحلبية ج2 ص52 وينابيع المودة ص306 والسنن الكبرى ج3 ص352 والرصف للعاقولي ص400 وعن البحار ج2 ص34 وج5 ص25 ومن لا يحضره الفقيه ج1 ص538 وتأويل مختلف الأحاديث ص235 وصحيح ابن خزيمة ج2 ص338 وصحيح ابن حبان ج7 ص111 والمعجم الأوسط ج3 ص49 والفائق في غريب الحديث ج3 ص115 والدرجات الرفيعة ص96 وتاريخ خليفة بن خياط ص96 وتاريخ مدينة دمشق ج26 ص355 و 356 و 358 و 359 و 361 و 363 وتهذيب الكمال ج14 ص228 وسير أعلام النبلاء ج2 ص91 و 93 و 97 وتاريخ المدينة ج2 ص738 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص150 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص103.
([32]) البداية والنهاية (ط دار إحياء التراث العربي سنة 1413 هـ) ج3 ص74.
([33]) وهم: الحجاج الذين وفروا شعورهم ليحلقوها في حجهم.
([34]) العثكول: عرق النخل.
([35]) يخرصن: خ ـ ل.
([36]) البسال: اسم موضع، والسرح: شجر لا شوك فيه، والسَّلمى: نبات.
([37]) أي: نغلب عليه.
([38]) القنابل: طوائف الخيل والناس، وفي مجمع البيان ج4 ص288 هكذا:
أقـيــم عــلى نصـر الـنـبي محمـد أقـاتــل عـنـه بـالـقـنـا والقنابـل
([39]) الردع: العنق، ويركب ردعه: أي يسقط على رأسه.
([40]) المجرَّم: التام الكامل، والحجة: السنة.
([41]) الثمال: الملجأ.
([42]) ورهطه: خ ـ ل، والمراد بالبكر: المولود الأول، وأسيد: هو ابن أبي العاص بن أمية.
([43]) أطاعا بنا الغاوين في كل وجهة خ ـ ل.
([44]) أي: أنه يرحلهم في أهل الشياه والجمال.
([45]) المجادل: القصور.
([46]) الوائل: الملتجي.
([47]) لعمري وجدنا عيشه غير زائل. خ ـ ل.
([48]) المخابل: الفاسد.
([49]) المخصل: السيف القطَّاع. يقال: سيف كريم، أي: لا يُفلُّ في الحرب.
([50]) راجع المصادر التالية لتجد أكثر هذه القصيدة، أو بعض أبياتها: خزانة الأدب للبغدادي ج2 ص59 ـ 75 والروض الأنف ج1 ص174 ـ 180 وبحار الأنوار ج35 ص165 ـ 167 والغدير ج7 ص338 ـ 340 والسيرة النبوية لابن هشام ج1 ص172 ـ 176 والبداية والنهاية ج3 ص53 ـ 57 وديوان شيخ الأبطح أبي طالب للمهزمي العبدي ص2 ـ 12 والدرة الغراء ص120 ـ 135، وراجع: سيرة ابن إسحاق ص156 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج3 ص319 و 320 والملل والنحل للشهرستاني ج2 ص249 وإيمان أبي طالب ص18 ـ 22 و 37 وإرشاد الساري ج2 ص27 والحماسة لابن الشجري ص17 و 18 وبلوغ الإرب للآلوسي ج1 ص326 و 327 والحجة ص298 وتاريخ الإسلام للذهبي، ومجمع البيان ج4 ص288 وزهرة الأدباء للنقدي والتبيان ج3 ص108 والكافي ج1 ص449 وغير ذلك كثير.
([51]) الإستبصار ج2 ص177 ومعجم البلدان ج2 ص229.
([52]) راجع: تفسير مجاهد ج2 ص603 ومعاني القرآن ج6 ص511 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص33.
([53]) السيرة الحلبية ج3 ص9 و 10 وتاريخ الخميس ج2 ص16 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص321 و 322 والبداية والنهاية ج4 ص175 وطبقات ابن سعد ج2 ص72 والمنتظم ج3 ص267 والكامل في التاريخ ج2 ص86 والمغازي للواقدي ج2 ص517 وتاريخ الأمم والملوك للطبري ج2 ص270 وشرح المواهب للزرقاني ج3 ص169 وجوامع السيرة النبوية لابن حزم ص164 والإكتفاء ج2 ص233. وراجع: العبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 قسم2 ص34وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) (ط سنة 1410 هـ) ص364 و 365 والبدء والتاريخ ج4 ص224 وعيون الأثر (ط سنة 1406 هـ) ج2 ص113 و 114 والسيرة النبوية لدحلان (ط سنة1415 هـ) ج1 ص481 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص33 و 34، وراجع: النص والإجتهاد ص166 ومسند أحمد ج4 ص323 والسنن الكبرى للبيهقي ج5 ص235 وصحيح ابن خزيمة ج4 ص290 وشرح معاني الآثار ج4 ص174 والمعجم الكبير ج20 ص16 ونصب الراية ج4 ص238 وجامع البيان ج26 ص124 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج4 ص200 و 209 وتاريخ خليفة بن خياط ص48 وأسد الغابة ج2 ص93 والإصابة ج1 ص425 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص313.
([54]) البحار ج58 ص182 وج18 ص195 و 227 وج70 ص103 ومكارم الأخلاق ص292 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص42 والنص والإجتهاد ص420 ومستدرك سفينة البحار ج4 ص21 وأضواء على الصحيحين ص242 ومسند أحمد ج6 ص153 و 232 وعن صحيح البخاري ج1 ص3 وج6 ص87 وج8 ص67 وعن صحيح مسلم ج1 ص97 والمستدرك للحاكم ج3 ص183 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص6 وشرح صحيح مسلم للنووي ج2 ص197 وفتح الباري ج12 ص318 والديباج على مسلم ج1 ص182 ومسند أبي داود الطيالسي ص207 والمصنف للصنعاني ج5 ص321 ومسند ابن راهويه ج2 ص314 وراجع كتاب الأوائل لابن أبي حاتم ص88 والذرية الطاهرة النبوية ص34 وأسباب نزول الآيات ص5 والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج20 ص118 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج3 ص25 وج4 ص564 والدر المنثور ج6 ص368 والثقات ج1 ص49 وأسد الغابة ج1 ص18 وج5 ص436 وتذكرة الحفاظ للذهبي ج3 ص1117 وسير أعلام النبـلاء ج17 ص630 والبـدايـة والنهايـة ج3 ص5 و 7 و 9 و 142 وج4 ص258 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج1 ص476 وج2 ق2 ص6 والعدد = = القوية ص341 وعن عيون الأثر ج1 ص114 والسيرة النبوية لابن كثير ج1 ص385 و 387 و 404 وج2 ص106 وج3 ص429 وسبل الهدى والرشاد ج1 ص15 و 16 وج2 ص228 و 232.
([55]) البحار ج58 ص152 وراجع: مجمع البيان ج5 ص120.
([56]) الإختصاص ص241 وهناك نصوص مختلفة ومتنوعة دلت على ذلك فراجع: البحار ج58 ص167 إلى آخر ذلك الفصل.
([57]) البحار ج58 ص183 وج3 ص85 وتوحيد المفضل ص43 وراجع: مستدرك سفينة البحار ج2 ص84 وج4 ص19.
([58]) البحار ج58 ص189 وج48 ص53 وبصائر الدرجات ص275.
([59]) البحار ج58 ص189 و 190 وج6 ص243 وج14 ص485 والكافي ج8 ص90 وشرح أصول الكافي ج11 ص474 وتفسير نور الثقلين ج2 ص410 وقصص الأنبياء للجزائري ص515.
([60]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص9 والسيرة النبوية لدحلان (ط سنة 1415 هـ) ج1 ص181 وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج3 ص172 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص33.
([61]) الآية 101 من سورة التوبة.
([62]) الدر المنثور ج3 ص271 عن ابن المنذر وتفسير النسفي ج2 ص142 والسراج المنير للشربيني ج1 ص646 والبحار ج22 ص41 وتفسير مجمع البيان ج5 ص114 وتفسير جوامع الجامع ج2 ص91 وتفسير الثعالبي ج3 ص208 وفتح القدير ج2 ص401، وورد ذلك أيضاً في: أسباب النزول للواقدي ص174 والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج8 ص240، وقال المعتزلي في شرح النهج: وليست هذه الآية عامة في كل الأعراب بل خاصة ببعضهم وهم جهينة وأسلم، وأشجع، وغفار، فراجع: ج13 ص181.
([63]) جوامع الجامع ج1 ص627 والجامع لأحكام القرآن ج8 ص240 وتفسير أبي السعود ج4 ص97 وروح البيان ج3 ص493 ومجمع البيان ج5 ص66 وراجع: فتح القدير ج2 ص398 و 401 عن عكرمة، بإضافة مزينة، والبحار ج22 ص41 وتفسير مجمع البيان ج5 ص114 وأسباب نزول الآيات ص174 والدر المنثور ج3 ص271 وتفسير الثعالبي ج3 ص208.
([64]) تفسير الثعالبي ج2 ص150.
([65]) السيرة الحلبية ج3 ص9.
([66]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص34 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص602.
([67]) السيرة الحلبية ج3 ص9 وتاريخ الخميس ج2 ص16 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص322 والمواهب اللدنية (ط دار الكتب العلمية) ج1 ص266 و 267 وجوامع السيرة النبوية لابن حزم ص164 والمنتظم ج3 ص167 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) (ط سنة 1410 هـ) ص364 و 365 و 366 والبدء والتاريخ ج4 ص224 وعيون الأثر (ط سنة 1406 هـ) ج2 ص114 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص321 و 313 والسيرة النبوية لدحلان (ط سنة 1415 هـ) ج1 ص481 و 482 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص171 وشرح المواهب للزرقاني ج3 ص169 ـ 173 وسبل الهدى والرشاد ج9 ص70 و 71 ومسألتان في النص على علي ج2 ص24 ومسند أحمد ج4 ص323 و 48 و 290 وصحيح ابن خزيمة ج4 ص290 و 291 وج1 ص66 وشرح معاني الآثار ج4 ص174 ونصب الراية ج4 ص238 وجامع البيان ج26 ص124 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج4 ص197 و 200 و 209 والدر المنثور ج6 ص244 و 68 والبداية والنهاية ج4 ص188 و 194 و 195 وعن صحيح البخاري ج4 ص170 وج5 ص62 و 63 وعن صحيح مسلم ج5 ص190 وج6 ص25 والسنن الكبرى للبيهقي ج5 ص235 وج6 ص326 وج9 ص223 وعن فتح الباري ج6 ص467 وج7 ص339 وج10 ص88 وصحيح ابن حبان ج11 ص127 وج14 ص479 ودلائل النبوة ص120 والطبقات الكـبرى ج1 ص179 وج2 ص99 و 100 وتـاريـخ خليفة بن خيـاط ص48 = = و 49 والشفا بتعريف حقوق المصطفى ج1 ص286 و 288 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص512 وتأويل مختلف الحديث ص219 ودلائل النبوة ص121 ونظم درر السمطين ص71 وكنز العمال ج12 ص367 وتاريخ مدينة دمشق ج36 ص436.
([68]) راجع: صحيح البخاري ج2 ص116 وصحيح مسلم ج1 ص91 ومسند أحمد ج5 ص384 وسنن ابن ماجة ج2 ص1337 والتراتيب الإدارية ج2 ص251 و 252 وج1 ص220 ـ 223 وعن المصنف لابن أبي شيبة ج15 ص69.
([69]) السيرة الحلبية ج3 ص9 وشرح المواهب للزرقاني ج3 ص173.
([70]) تاريخ الأمم والملوك ج2 ص272.
([71]) الإصابة ج1 ص417 وصحيح البخاري وجميع المصادر التي ذكرناها في الهامش الأول في هذا الفصل، وكذلك المصادر التي ستأتي في الفصول التالية. وراجع أيضاً: سبل الهدى والرشاد ج5 ص36.
([72]) راجع جميع المصادر التي تحدثت عن غزوة الحديبية.
([73]) تاريخ الخميس ج2 ص16 والمواهب اللدنية (ط دار الكتب العلمية) ج1 ص267 وتاريخ الإسلام للذهبي ص366 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص482 وشرح المواهب للزرقاني ج3 ص174 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص34.
([74]) تاريخ الخميس ج2 ص16 والمنتظم ج3 ص267 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص34.
([75]) السيرة الحلبية ج3 ص9 وعيون الأثر (ط سنة 1406 هـ) ج2 ص114.
([76]) السيرة الحلبية ج3 ص10 وعيون الأثر ج2 ص114.
([77]) السيرة الحلبية ج3 ص10.
([78]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص34.
([79]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص34.
([80]) صحيح مسلم ج6 ص69 وراجع: سنن ابن ماجة (مطبوع بحاشية السندي) ج2 ص296 و 297 وراجع: صحيح البخاري (ط المكتبة الثقافية) ج9 ص197.
([81]) راجع: صحيح مسلم ج6 ص68 وسنن الدارمي ج2 ص128 وعن البخاري (ط المكتبة الثقافية) ج7 ص176 وص129، كتاب الصيد والذبائح باب 33 والموطأ كتاب الإستئذان، وأحمد في مسنده، والنسائي، وأبي داود.
([82]) حاشية السندي على سنن ابن ماجة ج2 ص297.
([83]) صحيح مسلم ج6 ص70 وراجع: سنن ابن ماجة (بحاشية السندي) ج2 ص296.
([84]) صحيح مسلم ج6 ص70 وراجع: سنن ابن ماجة (بحاشية السندي) ج2 ص297.
([85]) صحيح مسلم ج6 ص70.
([86]) سنن الدارمي ج2 ص27 وفي هامشه عن أبي داود، والنسائي، وأحمد، والبيهقي.
([87]) البحار ج62 ص227 عن الإختصاص.
([88]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص35 وعن البخاري ج4 ص31 رقم 1825 و 2573 وعن صحيح مسلم ج2 ص850 والنسائي، ومالك، والترمذي.
([89]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص35.
([90]) ترتيب القاموس ج3 ص28.
([91]) الحرار: جمع حرة، وهي أرض ذات أحجار سود نخرة. الصحاح ج2 ص626.
([92]) الزجل: رفع الصوت الطرب. لسان العرب ج11 ص302.
([93]) الإرشاد للمفيد (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص121 و 122 والبحار ج20 ص359 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص623 وكشف الغمة ج1 ص210 والإصابة ج3 ص199 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص88 وكشف اليقين ص139.
([94]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص36 وفي هامشه عن البخاري ج4 ص12 وعن صحيح مسلم ج2 ص861 والحديث في الموطأ (بشرح السيوطي) ج2 ص208 كتاب القدر والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص603 وفيض القدير ج3 ص340 ومستدرك الحاكم ج1 ص93 وتنبيه الغافلين ص43 وميزان الإعتدال ج2 ص302 والكامل ج4 ص69 والضعفاء للعقيلي ج2 ص251 والعلل ج1 ص9 وكمال الدين ص235 والبحار ج23 ص132 وكنز العمال ج1 ص173 ـ 187 والجامع الصغير ج1 ص505 و 506 والسنن الكبرى للبيهقي ج10 ص114 والجامع لأخلاق الرواة ج1 ص166 وسنن الدارقطني ج4 ص160 والعهود المحمدية ص635 وطبقات المحدثين بإصبهان ج4 ص68 وعن تاريخ الأمم والملوك للطبري ج2 ص403 وذكر أخبار إصبهان ج1 ص103 والعبر وديوان المبتدأ والخبر لابن خلدون ج2 ق2 ص59.
([95]) الصواعق المحرقة ص226 و 227 وراجع تيسير الوصول.
([96]) المجازات النبوية ص218.
([97]) صحيح مسلم ج7 ص123 وتيسير الوصول ج1 ص16 والنهاية في اللغة لابن الأثير ج3 ص177 والصواعق المحرقة، والجامع الصحيح للترمذي ج5 ص621 و 622 والطرائف ص114 ـ 122 ومسند أحمد ج5 ص182 و 189 و 190 وج4 ص371 و 366 وج3 ص17 و 26 و 14 و 59 ومستدرك الحاكم ج3 ص148 و 110 و 109 و 533 وتلخيص المستدرك للذهبي (مطبوع بهامشه) والدر المنثور ج2 ص60 والمعجم الكبير ج5 ص186 و 187 وج3 ص63 و 66 ونوادر الأصول ص68 وكنز العمال (ط أولى) ج1 ص48 وتهذيب الكمال ج10 ص51 وتحفة الأشراف ج2 ص278 ومشكاة المصابيح ج3 ص258 وسنن الدارمي ج2 ص310 والسنة لابن أبي عاصم ص629 و 630 والسنن الكبرى ج2 ص148 ومصابيح السنة ج2 ص205 والبداية والنهاية ج5 ص206 و 209 وج7 ص9 وكشف الأستار عن زوائد البزار ج3 ص221 وسمط النجوم العوالي ج2 ص502 وتهذيب اللغة للأزهري ج9 ص78 ولسان العرب ج4 ص538 ومجمع الزوائد ج9 ص156 و 163 وترجمة الإمام أمير المؤمنين من تاريخ دمشق (بتحقيق المحمودي) ج1ص45 وعن السيرة الحلبية ج3 ص308 ونظم درر السمطين ص231 و 232 والمنهاج في شرح صحيح مسلم ج15 ص180 وفيض القدير ج3 ص14 وشرح المواهب اللدنية ج7 ص5 و 8 والمرقاة في شرح المشكاة ج5 ص600 ونسيم الرياض في شرح الشفاء ج3 ص410 وعن أشعة اللمعات في شرح المشكاة ج4 ص677 وذخائر العقبى ص16 وغرائب القرآن ج1 ص347 والفصول المهمة لابن الصباغ ص24 والخصائص للنسائي ص30 وكفاية الطالب ص11 و 130 والطبقات الكبرى ج2 ص194 وأسد الغابة ج2 ص12 وج3 ص147 وحلية الأولياء ج1 ص355 وتذكرة الخواص ص332 والعقد الفريد والسراج المنير في شرح الجامع الصغير ج1 ص321 وشرح الشفاء = = للقاري (مطبوع بهامش نسيم الرياض) ج3 ص410 ومنتخب كنز العمال (مطبوع مع مسند أحمد) ج1 ص96 و 101 وج2 ص390 وج5 ص95 وعن تفسير الرازي ج3 ص18 وعن تفسير النيسابوري ج1 ص349 وتفسير الخازن ج1 ص257 وج4 ص94 و 21 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص113 وج3 ص485 وشرح النهج للمعتزلي ج6 ص130 وفضائل الصحابة ص22 وتحفة الأشراف ج11 ص263 و 255 والسنن الكبرى للبيهقي ج7 ص30 وج10 ص114 ومسند ابن الجعد ص397 ومنتخب مسند عبد بن حميد ص114 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص51 ومسند أبي يعلى ج2 ص297 و 303 ومسند ابن خزيمة ج4 ص63 والمعجم الصغير ج1 ص131 و 135 والمـعجم الأوسط ج3 ص374 وج4 ص33 والغديـر ج1 ص30 و 176 وج3 ص297 وج10 ص278 وفدك في التاريخ ص98 ومستدرك سفينة البحار ج1 ص508 وج3 ص86 وأمان الأمة من الاختلاف ص126 و 130 و 132 و 135 ونهج السعادة ج3 ص96 وج8 ص417 ومسند الإمام الرضا ج1 ص106 و 108 ودرر الأخبار ص40 ومكاتيب الرسول ج1 ص358 و 553 ومواقف الشيعة ج1 ص33 وج3 ص474 وتفسير أبي حمزة الثمالي ص5 وتفسير العياشي ج1 ص5 وتفسير القمي ج1 ص173 وج2 ص345 والتبيان ج9 ص474 وتفسير مجمع البيان ج7 ص267 وج9 ص340 وكشف اليقين ص188 و 426 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص6 وج12 ص232 و 396 وتفسير جوامع الجامع ج1 ص411 والتفسير الصافي ج1 ص21 وج2 ص69 وتفسير الميزان ج1 ص12 وج3 ص86 وج16 ص319 وج17 ص45 والكنى والألقاب ج1 ص262 وشواهد التنزيل ج2 ص42 واختيار معرفة الرجال ج1 ص85 وج2 ص484 و 485 والدرجات الرفيعة ص451 والضعفاء للعقيلي ج2 ص250 وج4 ص362 والكامل ج6 ص67 وتاريخ مدينة دمشق ج19 ص258 وج41 ص19 وج54= = ص92 وسير أعلام النبلاء ج9 ص365 وكشف الغمة ج2 ص172 ونهج الإيمان ص202 وحياة الإمام الحسين للقرشي ج1 ص79 وحياة الإمام الرضا للقرشي ج1 ص9 ولمحات في الكتاب والحديث والمذهب للصافي ص137 ومجموعة الرسائل ج1 ص56 و 189 وج2 ص47 و 49 و 51. وراجع: بصائر الدرجات ص433 و 434 ودعائم الإسلام ج1 ص28 وعيون أخبار الرضا ج1 ص34 و 68 والخصال ص66 والأمالي للصدوق ص500 وكمال الدين وتمام النعمة ص64 و 234 و 235 و 236 و 238 و 239 و 240 و 278 ومعاني الأخبار ص90 وشرح أصول الكافي ج1 ص34 وج5 ص166 والوسائل ج1 ص2 وج18 ص19 ومستدرك الوسائـل ج3 ص355 وج7 ص255 وج11 ص374 وكتـاب سليم بن قيس ص201 ومسند الرضا ص68 و 210 ومناقب أمير المؤمنين ج1 ص148 وج2 ص112 و 115 و 116 و 117 و 135 و 136 و 137 و 140 والمسترشد للطبراني الشيعي ص559 ودلائل الإمامة ص20 والهداية الكبرى ص18 وشرح الأخبار ج1 ص99 وج2 ص379 و 502 وج3 ص12 ومائة منقبة ص161 والإرشاد ج1 ص233 والأمالي للمفيد ص135 والأمالي للطوسي ص162 و 255 و 548 والإحتجاج ج1 ص191 و 216 و 391 وج2 ص147 و 252 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص3 والعمدة لابن البطريق ص68 و 69 و 98 و 102 و 118 والتحصين ص636 وسعد السعود لابن طاووس ص228 وإقبال الأعمال ج2 ص242 والطرائف لابن طاووس ص114 و 115 ومشكاة الأنوار ص11 والصراط المستقيم ج2 ص32 وكتاب الأربعين للشيرازي ص363 و 364 و 365 و 367 والفصول المهمة في أصول الأئمة ج1 ص549 وحلية الأبرار ج2 ص328 ومدينة المعاجز ج2 ص382 وبحار الأنوار ج2 ص100 و 104 و 226 و 285 وج5 ص21 وج10 ص369 وج16 ص337 وج22 ص311 و 476 وج23 ص107 و 108 و 109 = = و 113 و 117 و 526 وج23 ص133 و 134 و 136 و 140 و 141 و 145 و 146 و 147 وج24 ص324 وج25 ص237 وج28 ص262 و 287 وج30 ص588 وج31 ص376 و 415 وج35 ص184 وج36 ص315 و 331 و 338 وج37 ص114 و 129 وج47 ص399 وج86 ص13 و 27 ونور البراهين ج1 ص384 وكتاب الأربعين للماحوذي ص41 و 68 والعوالم (الإمام الحسين) ص605 و 734 ومناقب أهل البيت ص82 و 173 و 171 وخلاصة عبقات الأنوار ج1 ص27 و 28 و 30 و 58 وج2 ص3 و 8 و 47 والنص والإجتهاد ص13 والمراجعات ص72 و 73 و 262 والسقيفة للمظفر ص188، وراجع: كتب اللغة مادة ثقل، مثل: القاموس المحيط، وتاج العروس، والمناقب المرتضوية ص96 و 97 و 100 و 472 ومدارج النبوة لعبد الحق الدهلوي ص520. ونقله: الشيخ محمد قوام الدين الوشنوي في حديث الثقلين عن أكثر من تقدم، وعن الصواعق المحرقة ص75 و 78 و 99 و 90 و 136 وعن ينابيع المودة ص18 و 25 و 30 و 32 و 34 و 95 و 115 و 126 و 199 و 230 و 238 و 301 وإسعاف الراغبين (بهامش نور الأبصار) ص10 وعن فردوس الأخبار للديلمي ونقله صاحب العبقات عن عشرات المصادر الأخرى، فراجع حديث الثقلين ص22 ـ 29 فراجع.
([98]) حديث الثقلين للوشنوي ص13 عن الإستجلاب لشمس الدين السخاوي.
([99]) حديث الثقلين ص14 عن عبقات الأنوار المجلد الخاص بحديث الثقلين.
([100]) الصواعق المحرقة (ط سنة 1385 هـ) ص148 و 149.
([101]) راجع: الصواعق المحرقة (ط سنة 1385 هـ) ص148 و 149 والجامع الصحيح للترمذي ج2 ص220 و 221.
([102]) الصواعق المحرقة (ط سنة 1385 هـ) ص21.
([103]) الصواعق المحرقة (ط سنة 1385 هـ) ص149، وراجع: الفصول المهمة لابن الصباغ ص310 ونور الأبصار ص28 وينابيع المودة (ط سنة 1301 هـ) ج2 ص414.
([104]) الآية 43 من سورة النحل.
([105]) حديث الثقلين للعلامة الوشنوي ص22 عن السمهودي.
([106]) حديث الثقلين للعلامة الوشنوي ص19 فما بعدها.
([107]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص36 و 37 والإصابة ج1 ص429.
([108]) الموافق لقواعد اللغة هو "الحرمُ" بالرفع.
([109]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص36.
([110]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص37.
([111]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص37 وراجع: السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص356 والسيرة الحلبية ج3 ص12 والسيرة النبوية لدحلان ج2 والنص والإجتهاد ص167 والكامل ج2 ص75 ومكاتيب الرسول ج3 ص87 ومسند أحمد ج4 ص323 وكنز العمال ج4 ص439 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج4 ص209 وتاريخ الأمم والملوك للطبري ج2 ص272، والبداية والنهاية ج4 ص189 وعن عيون الأثر ج2 ص115 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص605 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص313.
([112]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص37 وشرح النهج للمعتزلي ج14 ص111 وكنز العمال ج10 ص484 والسنن الكبرى للبيهقي ج10 ص109 والمصنف للصنعاني ج5 = = ص331 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص264 وصحيح ابن حبان ج11 ص217 والمعجم الكبير ج20 ص10 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج4 ص212 والدر المنثور ج6 ص76 وتاريخ مدينة دمشق ج57 ص225.
([113]) الآية 102 من سورة النساء.
([114]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص38 وج8 ص250 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص607 ومستدرك الوسائل ج6 ص518 والبحار ج20 ص348 وج83 ص110 والنص والإجتهاد ص165 وراجع: مسند أحمد ج4ص59 و 60 والسنن الكبرى للبيهقي ج3 ص254 والمصنف للصنعاني ج2 ص505 ومسند أبي داود الطيالسي ص192 والمصنف لابن أبي شيبة ج2 ص351 والسنن الكبرى للنسائي ج1 ص596 والمنتقى من السنن المسندة ص68 وشرح معاني الآثار ج1 ص318 والمعجم الكبير ج5 ص213 و 214 و 215 و 216 وسنن الدارقطني ج2 ص47 وكنز العمال ج8 ص415 وتفسير القمي ج2 ص310 والتبيان ج3 ص311 وتفسير مجمع البيان ج3 ص177 والتفسير الصافي ج1 ص494 وج5 ص33 وتفسير كنز الدقائق ج2 ص606 وتفسير الميزان ج5 ص64 وج18 ص264 وجامع البيان ج5 ص338 و 349 ومعاني القرآن ج2 ص179 وأحكام القرآن ج2 ص331 وعن أسباب نزول الآيات ص120 وزاد المسير ج2 ص182 والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج5 ص364 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج1 ص561 وتفسير الجلالين ص285 والدر المنثور ج2 ص211 و 214 ولباب النقول ص70 وفتح القدير ج1 ص509 وتهذيب الكمال ج34 ص161 والبداية والنهاية ج4 ص93 و 94 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص157.
([115]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص37 ومسند أحمد ج4 ص328 وعن صحيح البخاري ج3 ص178 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص218 وعن فتح الباري ج5 ص243 والمصنف للصنعاني ج5 ص331 وصحيح ابن حبان ج11 ص217 والمعجم الكبير ج20 ص10 وإرواء الغليل ج1 ص55 وتفسير مجمع البيان ج9 ص195 وتفسير الميزان ج18 ص465 وجامع البيان ج26 ص127 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج4 ص212 والدر المنثور ج6 ص76 وتاريخ مدينة دمشق ج57 ص226 وأسد الغابة ج4 ص198 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص330.
([116]) أجرل: الجرل الحجارة. وقيل: الشجر مع الحجارة، أنظر لسان العرب ج1 ص603.
([117]) ذكره الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية ج4 ص165.
([118]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص39 والكافي ج8 ص322 وشرح أصول الكافي ج12 ص448 والبحار ج20 ص365 وج83 ص111 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص31 وعن صحيح مسلم ج8 ص123 والديباج على مسلم ج6 ص139 وتحفة الأحـوذي ج10 ص247 ومسند أبي يعـلى ج3 ص394 والمعجـم الأوسط ج3 = = ص178 وكنز العمال ج10 ص384 وتفسير نور الثقلين ج5 ص65 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج4 ص203 وتاريخ مدينة دمشق ج11 ص229.
([119]) الآية 58 من سورة البقرة، وراجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص39.
([120]) الآية 58 من سورة البقرة، وراجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص39.
([121]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص39 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج1 ص103 والدر المنثور ج1 ص71.
([122]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص39.
([123]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص39.
([124]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص37 وعن صحيح مسلم ج8 ص123 والمستدرك للحاكم ج4 ص83 والديباج على مسلم ج1 ص139 وتحفة الأحوذي ج10 ص247 و 248 ومسند أبي يعلى ج3 ص394 والمعجم الأوسط ج3 ص178 وكنز العمال ج1 ص102 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج4 ص202 و 203 وتاريخ مدينة دمشق ج11 ص229 و 230 وج35 ص85 ومناقب أهل البيت ص462 وسنن الترمذي ج5 ص358 ومجمع الزوائد ج9 ص161 ومعرفة علوم الحديث ص216 وضعيف سنن الترمذي ص518.
([125]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص35 و 36 عن مسلم في صفات المنافقين رقم (12) والبيهقي في دلائل النبوة ج4 ص109 وذكر ابن كثير في التفسير ج4 ص202 وصاحب الجمل أن هذا المنافق هو: الجد بن قيس.
([126]) وعن صحيح مسلم ج8 ص123 والمستدرك للحاكم ج4 ص83 والديباج على مسلم ج6 ص139 وتحفة الأحوذي ج10 ص248 ومسند أبي يعلى ج3 ص394 والمعجم الأوسط ج3 ص178 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج4 ص202 و 203 وتاريخ مدينة دمشق ج11 ص229 و 230.
([127]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص36 ـ 40.
وفي المصادر بعض النصوص، فراجع: مسند أحمد ج4 ص82 ومجمع الزوائد ج10 ص54 وفتح الباري ج8 ص77.
([128]) تاريخ الإسلام (المغازي) ص366.
([129]) مسند أحمد ج4 ص328 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص218 وج10 ص109 وعن فتح الباري ج5 ص242 والمصنف للصنعاني ج5 ص330 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص171 وصحيح ابن حبان ج11 ص217 وجامع البيان ج26 ص126 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج4 ص212 والدر المنثور ج6 ص76 وتاريخ مدينة دمشق ج57 ص225 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص37.
([130]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص36 والإصابة ج1 ص151.
([131]) معجم البلدان (ط سنة 1388 هـ) ج1 ص480 والبحار ج18 ص37 ومقدمة فتح الباري ص88 وتاريخ مدينة دمشق ج25 ص298 وج39 ص77 والسيرة النبوية لابن كثير ج1 ص159.
([132]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص82 وعن فتح الباري ج7 ص108 وتاريخ مدينة دمشق ج9 ص508.
([133] ) فقه السيرة (ط دار الفكر) ص324 و 325.
([134]) فقه السيرة ص329.
([135]) الدر المنثور ج2 ص211 عن عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وأحمد، وعبد بن حميد، وأبي داود، والنسائي، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والدارقطني، والطبراني، والحاكم وصححه، والبيهقي عن أبي عياش الزرقي.
وفي الدر المنثور: عن الترمذي وصححه، وابن جرير عن أبي هريرة، وفي الدر المنثور أيضاً ج2 ص213 عن البزار، وابن جرير، والحاكم وصححه عن ابن عباس.
([136]) الآية 238 من سورة البقرة.
([137]) الدر المنثور ج2 ص211 عن ابن جرير، وعبد بن حميد, وشرح معاني الآثار ج1 ص317 وصحيح ابن حبان ج7 ص136 وجامع البيان ج5 ص334 وعن تاريخ الأمم والملوك للطبري ج2 ص227.
([138]) الدر المنثور ج2 ص212 عن ابن جرير، وابن أبي حاتم، والطبراني, والمعجم الكبير ج12 ص195 وجامع البيان ج5 ص344.
([139]) معجم البلدان ج1 ص449 وتفسير كنز الدقائق ج2 ص604 وتاريخ مدينة دمشق ج39 ص423 ومعجم قبائل العرب ج1 ص22.
([140]) الدر المنثور ج2 ص212 عن عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، والحاكم وصححه.
([141]) الدر المنثور ج2 ص212 عن أبي داود، وابن حبان، والحاكم وصححه، والبيهقي، ومالك، والشافعي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، والبخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، والدارقطني ودعائم الإسلام ج1 ص199 ومستدرك الوسائل ج6 ص516 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص170 وعوالي اللئالي ج2 ص62 والبحار ج20 ص176 و 178 وج83 ص112 واختلاف الحديث ص527 ومسند أحمد ج6 ص275 وعن صحيح البخاري ج5 ص51 والسنن الكبرى للبيهقي ج3 ص265 وشرح صحيح مسلم ج6 ص128 وعن فتح الباري ج7 ص321 و 326 و 327 والديباج على مسلم ج2 ص425 وعون المعبود ج4 ص81 والمصنف للصنعاني ج2 ص503 وصحيح ابن خزيمة ج2 ص303 وصحيح ابن حبان ج7 ص124 ونصب الراية ج2 ص294 و 295 وموارد الظمآن ص155 وكنز العمال ج8 ص419 وإرواء الغليل ج2 ص292 وجامع البيان ج5 ص341 وأحكام القرآن ج1 ص544 وج2 ص330 والجامع لأحكام القرآن ج5 ص368 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص560 وأسد الغابة ج1 ص22 وتفسير الثعالبي ج2 ص291 و 293 والثقات ج1 ص258 والعبر وديوان المبتدأ والخبر لابن خلدون ج2 ق2 ص29 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص424 و 607 وإعلام الورى ج1 ص189 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص180 و 181 و 185 وج12 ص60.
([142]) تفسير البرهان ج1 ص411 عن من لا يحضره الفقيه.
([143]) الدر المنثور ج2 ص213 عن الدارقطني وص214 عن ابن جرير، وابن أبي شيبة.
([144]) الدر المنثور ج2 ص214 عن ابن أبي شيبة، وابن جرير, والمصنف لابن أبي شيبة ج2 ص350.
([145]) الدر المنثور ج2 ص214 عن أحمد, ومسند أحمد ج3 ص384 وعن صحيح البخاري ج5 ص51 ومجمع الزوائد ج2 ص196 وعن فتح الباري ج7 ص324 ومسند ابن راهويه ج1 ص31 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص181 وج8 ص252 وج8 ص252 وج12 ص63.
([146]) راجع: تفسير البرهان ج1 ص230 و 231.
([147]) تفسير البرهان ج1 ص231 عن تفسير القمي والعياشي.
([148]) البرهان (تفسير) ج1 ص411.
([149]) راجع البرهان (تفسير) ج1 ص411 ومن لا يحضره الفقيه ج1 ص293 ووسائل الشيعة ج5 ص479 والكافي ج3 ص456 وتهذيب الأحكام ج3 ص172.
([150]) الآية 29 من سورة الفتح.
([151]) الآيتان 58 و 59 من سورة البقرة.
([152])راجع هذه الأحاديث في: البحار ج5 ص22 وج13 ص180 وج22 ص390 وج24 ص350 وج28 ص7 و 30 و 282 و 2 وج29 ص450 وج36 ص284 و ج51 ص253 وج52 ص110 وج53 ص72 و 141 والتاج الجامع للأصول ج1 ص43 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص893 وإعلام الورى ج2 ص93 والسيرة النبوية ج3 ص616 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص314 واللمعة البيضاء ص396 ودعائم الإسلام ج1 ص1 والإيضاح ص426 والمسترشد ص229 وأمالي المفيد ص135 والصراط المستقيم ج3 ص107 ومستدرك سفينة البحار ج5 ص185 وراجع: المستدرك للحاكم ج4 ص455 ومجمع الزوائد ج7 ص261 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص634 وشرح النهج للمعتزلي ج9 ص286 والجامع الصغير ج2 ص401 وكنز العمال ج11 ص134 وتفسير العياشي ج1 ص303 ومجمع البيان ج7 ص405 وج10 ص308 والتفسير الصافي ج2 ص26 ونور الثقلين ج1 ص606 ومسند أحمد ج3 ص74 والإعتصام بالكتاب والسنة ج8 ص151 و 57 والميزان (تفسير) ج2 ص108 وج3 ص380 وتفسير القرآن للصنعاني ج2 = = ص235 والجامع لأحكام القرآن ج7 ص273 وج8 ص97 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص364 وج4 ص523 والدر المنثور ج6 ص56 والتاريخ الكبير ج4 ص163 والثقات ج6 ص191 والبداية والنهاية ج4 ص372 والعبر وديوان المبتدأ والخبر لابن خلدون ج2 ق2 ص46.
([153]) عوالي اللآلي ج1 ص314 وكتاب الأربعين للشيرازي ص266 ومسند أحمد ج5 ص218 وصحيح ابن حبان ج15 ص94 والصراط المستقيم ج3 ص107 وسنن الترمذي ج3 ص322 وسنن أبي داود الطيالسي ص191 والمصنف للصنعاني ج11 ص369 ومسند الحميدي ج2 ص375 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص634 والسنن الكبرى للنسائي ج6 ص346 ومسند أبي يعلى ج3 ص30 والمعجم الكبير للطبراني ج3 ص243 و 244 والبيان في تفسير القرآن ص221 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص893 والبداية والنهاية ج4 ص372 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص616.
([154]) البحار ج9 ص185 وج13 ص180 و 181 و 183 و 187 عن قصص الأنبياء وراجع: مجمع البيان ج1 ص118 ـ 120 ومجمع الزوائد ج6 ص314 وفتح الباري ج8 ص229 وتفسير الإمام العسكري ص260 و 545 ومجمع البيان ج1 ص230 وجوامع الجامع ج1 ص180 والتفسير الصافي ج1ص136 والتفسير الأصفى ج1 ص39 وكنز الدقائق ج1 ص255 وجامع البيان ج1 ص433 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص103 والدر المنثور ج1 ص71 والبداية والنهاية ج1 ص379 وقصص الأنبياء للجزائري ص299.
([155]) السيرة الحلبية ج3 ص18 وستأتي بقية المصادر لذلك إن شاء الله تعالى.
([156]) السيرة الحلبية ج3 ص17 وستأتي مصادر أخرى لذلك إن شاء الله.
([157]) الغائط: المكان المطمئن الواسع.
([158]) خلأت الناقة: يراد: أنها حرنت، كما تحرن الفرس.
([159]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص40 والسيرة الحلبية ج3 ص11 و 12 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) (ط دار الكتاب العربي) ص367 والسيرة النبوية = = لدحلان ج2 والمنتظم ج3 ص268 وجوامع السيرة النبوية ص164 والعبر وديوان المبتدأ والخبر لابن خلدون ج2 ق2 ص34 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص273 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص324 والمواهب اللدنية (ط دار الكتب العلمية) ج1 ص267 و 268 وفي هامشه عن سنن أبي داود رقم الحديث 2765 ومسند أحمد ج4 ص323 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص212 و 591 والجامع لأحكام القرآن ج16 ص275 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص314 و 315 والكامل في التاريخ ج2 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص96 وعن صحيح البخاري ج3 ص178 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص218 وعن فتح الباري ج8 ص243 وعون المعبود ج7 ص316 والمصنف للصنعاني ج5 ص332 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص513 وصحيح ابن حبان ج11 ص218 والمعجم الكبير ج20 ص10 وكنز العمال ج10 ص484 و 489 وإرواء الغليل ج10 ص55 ومجمع البيان ج9 ص195 وتفسير الميزان ج18 ص265 وجامع البيان ج26 ص127 وزاد المسير ج7 ص160 والدر المنثور ج6 ص76 والثقات ج1 ص297 وتاريخ مدينة دمشق ج57 ص226 والبداية والنهاية ج4 ص198.
([160]) الآية 25 من سورة الفتح.
([161]) راجع: السيرة النبوية لابن هشام ج2 ص343 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص161 والبحار ج19 ص123 والغدير ج7 ص270 والثقات ج1 ص134 وأسد الغابة ج2 ص368 والإصابة ج3 ص170 وتاريخ الأمم والملوك للطبري ج2 ص116 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج2 ص343 وعن عيون الأثر ج1 ص255 وراجع حديث الهجرة في أي كتاب تاريخي شئت.
([162]) البحار ج15 ص158 و 159 والكافي ج1 ص446 و 447 و 448 وشرح أصول الكافي ج7 ص179 و 180 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص356 ونور الثقلين ج5 ص670.
([163]) الآيات 1 ـ 5 من سورة الفيل.
([164]) نور الثقلين ج5 ص670 و 671 و 675 والبرهان (تفسير) ج4 ص507 و 508 وكنز الدقائق ج14 ص446 و 447 و 438 و 440 و 441 والكافي ج1 ص447 و 448 وج4 ص216 وتفسير القمي ج2 ص442 ـ 444.
([165]) الميزان (تفسير) ج20 ص362 و 363 عن مجمع البيان.
([166]) النكت والعيون (تفسير الماوردي) ج6 ص338.
([167]) تفسير البرهـان ج4 ص507 والصـافي ج5 ص376 والكـافي ج4 ص216 = = ومختصر تفسير ابن كثير ج3 ص677 و 678 والبحر المحيط ج8 ص512 والنهر الماد من البحر (بهامش البحر المحيط) ج8 ص511 وكنز الدقائق ج4 ص441 والجامع لأحكام القرآن ج20 ص192 و 196 وتفسير القاسمي ج7 ص390 ونور الثقلين ج5 ص671 وحاشية الصاوي على الجلالين ج4 ص354.
([168]) تفسير البرهان ج4 ص507 والتبيان ج10 ص410 والصافي ج5 ص377 عن الكافي، والجامع لأحكام القرآن ج20 ص192 ونور الثقلين ج5 ص671.
([169]) راجع: تفسير الجلالين (ط دار إحياء التراث العربي) ج4 ص352 وحاشية الصاوي على تفسير الجلالين ج4 ص353 و 354 و 355 والكشاف ج4 ص797 والنكت العيون (تفسير الماوردي) ج6 ص340 والسيرة النبوية لابن هشام ج1 ص53 والصافي (تفسير) ج5 ص377 عن الأمالي والجامع لأحكام القرآن ج20 ص191.
وراجع: مختصر تفسير ابن كثير ج3 ص676 ونور الثقلين ج5 ص670 و 671 عن الكافي، والبرهان ج4 ص507 و 508 وكنز الدقائق ج14 ص438 و 440 و 441 والكافي ج1 ص447 و 448 وج4 ص216.
([170]) تفسير المراغي ج30 ص242 وراجع: التبيان ج10 ص410 ونور الثقلين ج5 ص508 عن قرب الإسناد وكنز الدقائق ج14 ص438 وحاشية الصاوي على تفسير الجلالين ج4 ص353 .
([171]) النكت والعيون (تفسير الماوردي) ج6 ص340 والجامع لأحكام القرآن ج20 ص193 والبحر المحيط ج8 ص512 وحاشية الصاوي على تفسير الجلالين ج4 ص353 والكشاف ج4 ص797.
([172]) مختصر تفسير ابن كثير ج3 ص676 والبحر المحيط ج5 ص502 وحاشية الصاوي على تفسير الجلالين ج4 ص353 و 354 والكشاف ج4 ص797.
([173]) البحر المحيط ج5 ص512 وحاشية الصاوي على تفسير الجلالين ج3 ص353 والكشاف ج4 ص797.
([174]) راجع الصافي (تفسير) ج5 ص376.
([175]) الوسائل ج8 ص383 والبحار ج62 ص3 وكنز العمال ج12 ص286 و 287 و 288.
([176]) البحار ج65 ص179 و 184.
([177]) البحار ج61 ص262 وج68 ص339 وج100 ص41 و 285.
([178]) مناقب آل أبي طالب ج2 ص346 والبحار ج32 ص182و 201 وشجرة طوبى ج2 ص324 ورسائل المرتضى للشريف المرتضى ج4 ص36 وراجع: أمالي المفيد ص59 والإحتجاج للطبرسي ج1 ص240 والبحار 32 ص187 وص201 وج60 ص328 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص253 والمناقب للخوارزمي ص188 والأنوار العلوية للنقدي ص220 و 207.
([179]) راجع: البحار ج22 ص382 عن اختيار معرفة الرجال ص9 ومستدرك سفينة البحار ج7 ص220.
([180]) راجع: البحار ج22 ص382 وج32 ص147 واختيار معرفة الرجال (ط مؤسسة أهل البيت) ج1 ص58 ومعجم رجال الحديث ج9 ص200.
([181]) البحار ج22 ص383 عن اختيار معرفة الرجال ص11 والبحار ج32 ص147 ومستدرك سفينة البحار ج7 ص220.
([182]) البحار ج49 ص57 وج27 ص270 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص174 والإختصاص ص299 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص447 ومسند الإمام الرضا ج1 ص205.
([183]) البحار ج61 ص50 و 51 و 3 والكافي ج6 ص539 والوسائل ج8 ص350 و 351 و 352 و 353 و 354. وراجع: من لا يحضره الفقيه ج2 ص288 والأمالي للشيخ الطوسي594 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص200 والخصال ص260 ومستدرك سفينة البحار ج1 ص446 ومنتقى الجمان ج3 ص104 والتفسير الكبير للرازي ج12 ص212 والفصول المهمة ج3 ص401.
([184]) راجع: البحار ج61 ص4 و 6 و ج7 ص256 و 257 و 272 و 90 و 91 و 92 و 276 و ج46 ص76 وج58 ص4 و 6 وراجع: تفسير المنار ج7 ص397 وجامع البيان ج7 ص120 وتفسير الثعالبي ج1 ص518 ونور الثقلين ج1 ص592 والدر المنثور ج3 ص11 والتفسير الكبير للرازي ج12 ص218 والمجازات النبوية ص99 وشرح أصول الكافي ج10 ص187 ومجمع الزوائد ج10 ص352 والرحلة في طلب الحديث 117 وشرح النهج للمعتزلي ج9 ص290 ومجلس في حديث جابر ص41 وكشف الخفاء ج2 ص399 والتبيان ج10 ص250 ومجمع البيان ج4 ص49 وج10 ص249 و 277 وج3 ص297 وتفسير القرآن للصنعاني ج2 ص206 وزاد المسير ج3 ص26 والجامع لأحكام القرآن ج6 ص420 وج19 ص229 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص136 وتفسير الجلالين ص167 وفتح القدير ج5 ص388 والمستدرك للحاكم ج2 ص316.
([185]) راجع: البحار ج61 ص46 و 51 عن من لا يحضره الفقيه ج2 ص27 و 188= = وميزان الحكمة ج4 ص2972 ومسند الشهاب ج2 ص314 والجامع الصغير ج2 ص430 وكنز العمال ج15 ص552 و 570 وفيض القدير ج5 ص400 وكشف الخفاء ج2 ص154.
([186]) الآيتان 19 و 20 من سورة النمل.
([187]) الآيات 20 ـ 31 من سورة النمل.
([188]) الآية 17 من سورة النمل.
([189]) الآية 44 من سورة الإسراء.
([190]) راجع: البحار ج14 ص4 وج27 ص273 وج57 ص171 وج61 ص3 و 10 و 11 و 23 و 29 و 46 والثاقب في المناقب ص165 ومدينة المعاجز ج5 ص205 وفيض القدير ج4 ص673 وج5 ص576 والتبيان ج7 ص268 وتفسير مجمع البيان ج7 ص104 والبداية والنهاية ج6 ص317.
([191]) راجع: البحار ج61 ص27.
([192]) راجع: وسائل الشيعة ج6 ص6 وج8 ص350 و 351 ومستدرك الوسائل ج3 ص65 والبحار ج61 ص24 و 46 و 25 عن العياشي وتفسير القمي، وقرب الإسناد، وجامع أحاديث الشيعة ج8 ص22 و 23 و 33 عن الكافي، ومن لا يحضره الفقيه والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص146 وكنز العمال ج2 ص253 والدر المنثور ج4 ص184 وفتح القدير ج3 ص232 وزاد المسير ج5 ص30 والأصول الستة عشر ص77 والفصول المهمة ج2 ص128 والمحاسن ج1 ص294.
([193]) البحار ج61 ص204 و 206 وج73 ص291 وج46 ص245 و 246 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص248 والوسائل ج8 ص306 و 307 والمحاسن ص627.
([194]) البحار ج61 ص201 و 202 و 28 و 29 و 300 و 302 و 303 و 204 و 47 عن الكافي، والمحاسن، والخصال، ومن لا يحضره الفقيه، والوسائل ج8 ص353 و 350 و 351 و 354 عنهم أيضاً.
([195]) البحار ج61 ص205 والمحاسن ص626.
([196]) المصدران السابقان.
([197]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص212.
([198]) دستور معالم الحكم ص71 وكنز العمال (ط الهند) ج9 ص34 و 35 و 36 والسنن الكبرى ج6 ص221 و 122 والجامع الصغير.
وراجع فيه وفيما سبقه أيضاً نفس المصادر بالإضافة إلى: المحاسن ج2 ص361 والبحار ج61 ص203 والوسائل ج8 ص350 و 351 و 394 ومستدرك الوسائل ج8 ص300 ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص292 ومكارم الأخلاق ص263 وميزان الحكمة ج1 ص712 والتفسير الصافي ج2 ص119 ونور الثقلين ج1 ص715 والمحجة البيضاء ج4 ص71 والمعرفة والتاريخ ج1 ص339 ومسند أحمد ج4 ص181.
([199]) دستور معالم الحكم ص71.
([200]) البحار ج7 ص276 وج61 ص203 والمحاسن ج2 ص361 ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص292 والوسائل ج8 ص394 ومستدرك الوسائل ج8 ص300 ومكارم الأخلاق ص263 والتفسير الصافي ج2 ص119 ونور الثقلين ج1 ص715.
([201]) كنز العمال (ط الهند) ج9 ص35 و 36 عن أبي داود، وأحمد، والطبراني، وغير ذلك. وراجع: مستدرك الحاكم ج1 ص444 وج2 ص100 وعون المعبود ج2 ص332 ومستدرك الوسائل ج2 ص50 والوسائل ج8 ص350 و 351 و 352 وسنن أبي داود ج3 ص27 وسنن الدارمي ج2 ص286 والسنن الكبرى للبيهقي ج5 ص255 والبحار ج73 ص271 وج61 ص201 و 220 و 210 و 202 و 205 عن الكافي والمحاسن، ومن لا يحضره الفقيه، والخصال، وأمالي الصدوق، ونوادر الراوندي، ومنتهى المطلب (ط قديم) ج2 ص648 والتحفة السنية ص342 والحدائق الناضرة ج25 ص142 وجواهر الكلام ج31 ص395 وجامع المدارك ج4 ص490 و 491 وفقه الصادق ج22 ص348 ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص286 و 287 والخصـال ص330 ومكـارم الأخلاق ص262 و 263 والفصول المهمة ج3 ص348 و 349 والمحاسن ص633 والكافي ج6 ص539 و 537 وتهذيب الأحكام ج6 ص164 وكتاب النوادر ص121.
([202]) راجع: البحار ج61 ص201 و 202 و 205 و 210 و 227 عن الكافي، والمحاسن، والخصال، ومن لا يحضره الفقيه، وأمالي الصدوق، والوسائل ج8 = = ص350 و 351 ومستدرك الوسائل ج2 ص350 و 351 ومسالك الأفهام ج8 ص503 وجواهر الكلام ج31 ص397 وفقه الصادق ج22 ص348 وسبل السلام ج4 ص199 والحدائق الناضرة ج25 ص142 وجامع المدارك ج4 ص490.
([203]) منتهى المطلب (ط قديم) ج2 ص648 و 996 والتحفة السنية ص343 والحدائق الناضرة ج25 ص142 ومستند الشيعة ج13 ص349 وجواهر الكلام ج5 ص116 وج31 ص394 و 395 والعروة الوثقى (ط قديم) ج2 ص415 وج4 ص334 وجامع المدارك ج4 ص490 وفقه الصادق ج22 ص347 والمحاسن ج2 ص627 و 633 والكافي ج6 ص537 ودعائم الإسلام ج1 ص347 ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص286 والخصال ص330 وأمالي الصدوق ص597 وتهذيب الأحكام ج6 ص162 والوسائل ج8 ص350 و 351 وج15 ص240 ومستدرك الوسائل ج8 ص260 وج15 ص222 ومكارم الأخلاق ص262 وكتاب النوادر ص120 والفصول المهمة ج3 ص348 والبحار ج59 ص201 و 202 و 205 و 210 وتفسير الميزان ج13 ص122.
([204]) البحار ج61 ص150 والمحاسن ص641 والكافي ج6 ص544 والوسائل ج8 ص372 و 375.
([205]) المحاسن ج2 ص642 و 641 والبحار ج61 ص150 وج80 ص326 وتاج العروس ج8 ص314 ومجمع الزوائد ج2 ص27.
([206]) كشف الأستار عن مسند البزار ج1 ص22 و 113 و 114 ومجمع الزوائد ج2 ص27 وج4 ص69 والبحار ج61 ص150 والمحاسن ص641 و 642 والكافي ج6 ص544 والنهاية في اللغة ج2 ص92 و 93 و 95.
([207]) راجع: المصنف لابن أبي شيبة ج9 ص40 و 41 و 43 والبحار ج62 ص65 و ج73 ص351 وسنن البيهقي ج8 ص14 وسنن أبي داود ج3 ص24 وجامع أحاديث الشيعة ج8 ص511 و 512 و 515 و 516 ومستدرك الوسائل ج7 ص252 ومسند أحمد ج2 ص507 و 521 وعن صحيح البخاري ج1 ص51 وعن صحيح مسلم ج7 ص44 وشرح صحيح مسلم ج14 ص242 ومسند أبي يعلى ج10 ص423 وصحيح ابن حبان ج2 ص110 والفايق في غريب الحديث ج1 ص376.
([208]) مسند أبي يعلى ج10 ص346 والمبسوط ج6 ص47 والذكرى ص246 ومسالك الأفهام ج8 ص498 وكشف اللثام (ط جديد) ج7 ص611 والحدائق الناضرة ج7 ص271 ورياض المسائل ج2 ص168 وجواهر الكلام ج31 ص395 وسبل السلام ج3 ص9 ونيل الأوطار ج7 ص144 وفقه السنة ج3 ص468 ودعائم الإسلام ج2 ص126 والوسائل ج8 ص397 وج19= = ص6 ومستدرك الوسائل ج8 ص303 ومكارم الأخلاق ص129 وعوالي اللآلي ج1 ص154 والبحار ج58 ص218 و 267 و 268 وج59 ص64 وج70 ص163 وج98 ص378 ومستدرك سفينة البحار ج10 ص523 وميزان الحكمة ج1 ص317 ومسند أحمد ج2 ص188 و 261 و 269 و 286 وج2 ص217 و 457 و 479 و 501 و 507 و 519 وج3 ص374 و 351 وعن صحيح البخاري ج1 ص182 وج3 ص77 وج4 ص100 و 152 وسنن الدارمي ج2 ص330 وعن صحيح مسلم ج3 ص31 وج7 ص43 وج8 ص35 و 98 وسنن ابن ماجة ج1 ص402 و ج2 ص1421وسنن النسائي ج3 ص139 و 149 والسنن الكبرى للبيهقي ج3 ص324 وج5 ص214 وج8 ص13 وشرح صحيح مسلم ج6 ص207 وج14 ص240 ومجمع الزوائد ج1 ص116 وج10 ص190 وعن فتح الباري ج6 ص254 ومسند الطيالسي ص199 و 242 والمصنف للصنعاني ج11 ص284 ومسند ابن أبي الجعد ص177 ومسند ابن راهويه ج1 ص14 و 147 ومنتخب مسند عبد بن حميد ص252 والأدب المفرد ص87 والسنن الكبرى للنسائي ج1 ص574 و 580 وصحيح ابن خزيمة ج2 ص316 وصحيح ابن حبان ج2 ص305 وج12 ص438 وج16 ص534 والمعجم الأوسط ج1 ص169 وج7 ص 273 والمعجم الكبير ج24 ص95 ومسند الشاميين ج3 ص120 وج4 ص278 ومسند أبي حنيفة ص142 وإثبات عذاب القبر ص71 والفايق في غريب الحـديث ج1 ص320 ورياض الصالحين للنووي ص623 ومـوارد الظمآن ص157 والجامع الصغير ج1 ص646 والعهود المحمدية ص397 وكنز العمال (ط سوريا) ج7 ص823 وج8 ص425 و 428 وج15 ص38 وج16 ص8 وفيض القدير ج3 ص698 وكشف الخفاء ج1 ص403 وإرواء الغليـل ج3 ص128 وج7 ص240 وكنز الـدقـائق ج1 ص157 والجـامع = = لأحكام القرآن ج7 ص216 وتفسير الثعالبي ج5 ص175 وتاريخ مدينة دمشق ج63 ص282 وج67 ص351 وج4 ص374 وتهذيب الكمال ج2 ص59 وج31 ص153 وسير أعلام النبلاء ج4 ص554 وج12 ص501 وذكر أخبار إصبهان ج2 ص184 والبداية والنهاية ج2 ص169 والنصائح الكافية ص89.
([209]) البحار ج61 ص267 و ج62 ص64 و 65 وج73 ص351 والسنن الكبرى للبيهقي ج8 ص13 و 14 والوسائل ج8 ص397 ودعائم الإسلام ج2 ص126 ومسند أحمد ج2 ص188 وج3 ص374 وعن صحيح مسلم ج3 ص31 وسنن النسائي ج3 ص139 و 149 وشرح صحيح مسلم للنووي ج6 ص207 وعن فتح الباري ج6 ص254 وشرح سنن النسائي ج3 ص139 ومسند الطيالسي ص244 وعن السنن الكبرى للنسائي ج1 ص574 و 580 وصحيح ابن خزيمة ج2 ص316 وصحيح ابن حبان ج12 ص439 ومسند أبي حنيفة ص142 وإثبات عذاب القبر ص71 وموارد الظمآن ص157 وكنز العمال ج7 ص823 و 829 وج8 ص425 وإرواء الغليل ج3 ص128.
([210]) راجع: البحار ج61 ص4 و 306 و 270 و 8 وج62 ص15 و 328 ومستدرك الوسائل ج16 ص158 وسنن الدارمي ج2 ص84 والمصنف للصنعاني ج4 ص450 و 451 ونيل الأوطار ج8 ص295 وفقه السنة ج3 ص309 ودعائم الإسلام ج2 ص175 ومسند أحمد ج4 ص389 وسنن النسائي ج7 ص239 ومجمع الزوائد ج4 ص30 والآحاد والمثاني ج3 ص214 وعن السنن الكبرى للنسائي ج3 ص73 وصحيح ابن حبان ج13 ص214 والمعجم الكبير ج7 ص317 وج22 ص245 ومسند الشهـاب ج1 ص312 ومـوارد الظمـآن = = ص263 وكنز العمال ج15 ص37 و 40 وفيض القدير ج6 ص250 والتاريخ الكبير ج4 ص277 والكامل ج3 ص189 وج5 ص82 وتاريخ بغداد ج8 ص11 وأسد الغابة ج5 ص118وتهذيب الكمال ج8 ص298 وتهذيب التهذيب ج3 ص134 والإصابة ج6 ص532 والنهاية في غريب الحديث ج3 ص169 و 184.
([211]) المصنف لابن أبي شيبة ج5 ص397 و 368 والمصنف للصنعاني ج4 ص454 والبحار ج73 ص359 وج61 ص268 و 282 ومجمع الزوائد ج5 ص265 وج4 ص31 وسنن ابن ماجة ج2 ص1063 ومستدرك الحاكم ج2 ص34 وعون المعبود ج3 ص59 وسنن أبي داود ج3 ص100 وفتح الباري ج9 ص554 وعن مقدمة فتح الباري ص374 وسنن الدارمي ج2 ص83 وعن البخاري ج7 ص121 و 122 ونيل الأوطار ج8 ص249 ومسند أحمد ج1 ص216 و 273 و 297 و 285 و 274 و 280 و 340 و 345 وج2 ص86 و 141 وسبل السلام ج4 ص86 وعن صحيح مسلم ج6 ص73 وسنن الترمذي ج3 ص18 وسنن النسائي ج7 ص238 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص70 و 71 وشرح صحيح مسلم ج1 ص114 وج13 ص108 والديباج على مسلم ج5 ص24 وشرح سنن النسائي ج7 ص238 ومسند الطيالسي ص341 ومسند ابن أبي الجعد ص85 والسنن الكبرى للنسائي ج3 ص72 و 73 ومسند أبي يعلى ج10 ص21 وشرح معاني الآثار ج3 ص181 وصحيح ابن حبان ج12 ص422 والمعجم الأوسط ج2 ص46 و 314 والمعجم الكبير ج11 ص219 و 220 و 352 وج12 ص73 وج20 ص386 والكفاية في علم الرواية ص140 والأذكار النووية ص353 ورياض الصالحين للنووي ص632 وعن الجامع الصغير ج2 ص707 و 729 وكنز العمال ج4 ص351= = وفيض القدير ج6 ص448 و 503 وتاريخ ابن معين للدوري ج2 ص208 والعلل ج2 ص85 والتاريخ الكبير ج1 ص206 وضعفاء العقيلي ج3 ص96 والكامل ج5 ص342 وطبقات المحدثين بإصبهان ج3 ص478 وتاريخ بغداد ج5 ص438 وتاريخ مدينة دمشق ج36 ص420 والموضوعات ج1 ص151 وتهذيب الكمال ج22 ص513 وتهذيب التهذيب ج8 ص164.
([212]) مجمع الزوائد ج4 ص30 وكنز العمال (ط الهند) ج21 ص2 وراجع: ج16 ص239 عن الكافي والتهذيب، والإستبصار ج4 ص64 والبحار ج59 ص286 ومستدرك سفينة البحار ج6 ص436 والحد الفاصل للرامهرمزي ص259.
وأما ما نقل عن الإمام الرضا "عليه السلام": فقد قيل له: جعلت فداك، ما تقول في صيد الطير في أوكارها والوحش في أوطانها ليلاً، فإن الناس يكرهون ذلك؟ فقال: لا بأس بذلك. فهو ناظر إلى إرادة نفي تحريم ذلك، فلا ينافي ما ذكرناه.
([213]) الأشعثيات ص75 والوسائل ج16 ص239 و 240 و 241 وفي هوامشه عن الكافي (الفروع) ج2 ص143 وعن التهذيب ج2 ص342 وج9 ص22 وراجع: مستدرك الوسائل ج3 ص63 والإستبصار ج4 ص65 والكافي ج6 ص216.
([214]) نيل الأوطار ج8 ص249 و 250 ودعائم الإسلام ج2 ص175 والمجازات النبوية ص408 ومستدرك الوسائل ج16 ص158 والبحار ج62 ص328 = = ومسند أحمد ج3 ص117 و 171 و 191 وعن صحيح البخاري ج6 ص228 وعن صحيح مسلم ج6 ص72 وسنن ابن ماجة ج2 ص1063 وشرح معاني الآثار ج3 ص183 والمعجم الأوسط ج2 ص331 ورياض الصالحين ص633 وموارد الظمآن ص263 والجامع الصغير ج2 ص700 و 704 وسنن أبي داود ج1 ص643 وسنن النسائي ج7 ص238 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص234 و 334 وج10 ص24 وشرح صحيح مسلم ج13 ص107 ومجمع الزوائد ج4 ص108 وج5 ص265 وعن فتح الباري ج9 ص529 والديباج على مسلم ج5 ص24 وحاشية السندي على النسائي ج7 ص238 وتحفة الأحوذي ج4 ص170 وج5 ص39 وعون المعبود ج8 ص8 ومسند الطيالسي ص275 والمصنف للصنعاني ج4 ص454 والمصنف لابن أبي شيبة ج4 ص633 والسنن الكبرى للنسائي ج3 ص72 والمنتقى من السنن المسندة ص226 واللمع في أسباب ورود الحديث ص65 وكنز العمال ج5 ص393 وج15 ص39 وفيض القدير ج3 ص243 وج6 ص441 و 431 والجامع لأحكام القرآن ج5 ص391 والدر المنثور ج2 ص223 وفتح القدير ج1 ص518 وسبل الهدى والرشاد ج7 ص391 .
([215]) راجع في هذا وفي سابقه: كشف الأستار عن مسند البزار ج2 ص274 ومجمع الزوائد ج5 ص265 وسنن الدارمي ج2 ص83 وعون المعبود ج3 ص4 ومستدرك الوسائل ج3 ص70 ودعائم الإسلام ج2 ص173 و 175 والبحار ج61 ص282 وج62 ص328 و 329 وج46 ص252 وعن البخاري ج7 ص121 وسنن الترمذي ج4 ص23 والفايق في غريب الحديث ج3 ص225.
وراجع في النهي عن المثلة بالحيوان المصادر التالية أيضاً: البحار ج62 ص30 وج61 ص282 وسنن ابن ماجة ج2 ص63 والمصنف للصنعاني ج4 ص454 وكنز = = العمال (ط الهند) ج9 ص36 و 37 و 38 و 67 عن أحمد والبيهقي، والنسائي، والطبراني، ونهج البلاغة الرسالة رقم 47 ولسان العرب ج11 ص615، والنهاية في اللغة، ومستدرك الوسائل ج3 ص70 و 71 وج2 ص59 وصحيح ابن حبان ج1 ص170 والنهاية في غريب الحديث ج4 ص294 وتاج العروس ج8 ص111 ومسند أحمد ج1 ص338 وج2 ص43 و 103 والمستدرك للحاكم ج4 ص234 ونصب الراية ج3 ص223 والمصنف لابن أبي شيبة ج4 ص633 وج6 ص434 وشرح معاني الآثار ج3 ص182 والكامل ج2 ص152 وبداية المجتهد ج1 ص300 وسبل السلام ج4 ص47 ونيل الأوطار ج6 ص334 وج7 ص335 وج8 ص251 ومن لا يحضره الفقيه ج3 ص346 وعلل الشرايع ج2 ص484 وموارد الظمآن ص263 والسير الكبير ج3 ص1029 وتنزيه الأنبياء ص218.
([216]) وسائل الشيعة ج16 ص307 و 308 وج8 ص396 وج5 ص52 والكافي ج5 ص49 والتهذيب ج6 ص173 وج9 ص82، والبحار ج61 ص222 و 23 وج94 ص25 عن الكافي وعون المعبود ج2 ص333 وسنن أبي داود ج3 ص29 والمحاسن ج2 ص634 ومستدرك الوسائل ج8 ص301 وج16 ص157.
([217]) البحار ج62 ص275 والوسائل ج16 ص239 و 240 و 241 و 117 وراجع: مستدرك الوسائل ج3 ص63 ودعائم الإسلام ج2 ص168.
([218]) البحار ج61 ص223 عن أمالي الطوسي، وعن ثواب الأعمال، والسنن الكبرى ج8 ص13.
([219]) البحار ج61 ص267 وج73 ص329 وج30 ص515 والوسائل ج12 ص220 وج8 ص379 ومنتهى المطلب (ط ق) ج2 ص924 والحدائق الناضرة ج18 ص100 ونيل الأوطار ج8 ص139 ومن لا يحضره الفقيه ج4 ص5 والأمالي للصدوق ص510 ومكارم الأخلاق ص425 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص507 ومكاتيب الرسول ج2 ص141 وشرح صحيح مسلم ج12 ص218 وعن فتح الباري ج6 ص130 وتحفة الأحوذي ج5 ص24 وعون المعبود ج7 ص273 والسير الكبير ج3 ص1045.
([220]) مسند أحمد ج3 ص484 ومجمع الزوائد ج5 ص259 و 168 وج8 ص196 وكشف الأستار عن مسند البزار ج2 ص273 والسنن الكبرى للبيهقي ج8 ص14 وراجع: المعجم الكبير ج5 ص67 وكنز العمال ج15 ص423 وأسد الغابة ج2 ص163 و 367.
([221]) سنن ابن ماجة ج2 ص1059.
([222]) نهج البلاغة (شرح عبده) ج3 ص25 والمقنعة ص256 ومستدرك الوسائل ج7 ص69.
([223]) نهج البلاغة (شرح عبده) ج3 ص25 والمقنعة ص256 ومستدرك الوسائل ج7 ص69 والغارات ج1 ص128 ومنتهى المطلب (ط قديم) ج1 ص481 وتذكرة الفقهاء (ط حجرية) ج1 ص232 وج5 ص247 ومدارك الأحكام ج5 ص210 وذخيرة العبادة ج3 ص454 وجواهر الكلام ج15 ص334 والكافي ج3 ص537 والوسائل ج6 ص89 و 91 والبحار ج33 ص525 وج41 ص127 وج94 ص91 ونهج السعادة ج8 ص114 وميزان الحكمة ج30 ص1933 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص152 ومنتقى الجمان ج2 ص420.
([224]) نفس المصادر السابقة.
([225]) نفس المصادر السابقة.
([226]) نفس المصادر السابقة.
([227]) نفس المصادر السابقة.
([228]) ذكر هذه الخصوصية أيضاً في: كنز العمال (ط الهند) ج9 ص37 ونهج البلاغة (شرح عبده) ج3 ص25 والمقنعة ص256 ومستدرك الوسائل ج7 ص69 والغارات ج1 ص128 ومنتهى المطلب (ط ق) ج1 ص481 وتذكرة الفقهاء = = (ط حجرية) ج1 ص232 وج5 ص247 ومدارك الأحكام ج5 ص210 وذخيرة العبادة ج3 ص454 وجواهر الكلام ج15 ص334 والكافي ج3 ص537 والوسائل ج6 ص89 و 91 والبحار ج33 ص525 وج41 ص127 وج94 ص91 ونهج السعادة ج8 ص114 وميزان الحكمة ج30 ص1933 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص152 ومنتقى الجمان ج2 ص420.
([229]) نهج البلاغة (شرح عبده) ج3 ص25 والمقنعة ص256 ومستدرك الوسائل ج7 ص69 والغارات ج1 ص128 ومنتهى المطلب (ط قديم) ج1 ص481 وتذكرة الفقهاء (ط حجرية) ج1 ص232 وج5 ص247 ومدارك الأحكام ج5 ص210 وذخيرة العبادة ج3 ص454 وجواهر الكلام ج15 ص334 والكافي ج3 ص537 والوسائل ج6 ص89 و 91 والبحار ج33 ص525 وج41 ص127 وج94 ص91 ونهج السعادة ج8 ص114 وميزان الحكمة ج30 ص1933 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص152 ومنتقى الجمان ج2 ص420.
([230]) نهج البلاغة (شرح عبده) ج3 ص25 والمقنعة ص256 ومستدرك الوسائل ج7 ص69 والغارات ج1 ص128 ومنتهى المطلب (ط قديم) ج1 ص481 وتذكرة الفقهاء (ط حجرية) ج1 ص232 وج5 ص247 ومـدارك الأحكام ج5 ص210 وذخيرة العبادة ج3 ص454 وجواهر الكلام ج15 ص334 والكافي ج3 ص537 والوسائل ج6 ص89 و 91 والبحار ج33 ص525 وج41 ص127 وج94 ص91 ونهج السعادة ج8 ص114 وميزان الحكمة ج30 ص1933 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص152 ومنتقى الجمان ج2 ص420.
([231]) ذكر هذه الخصوصية أيضاً في: البحار ج61 ص201 و 202 وج25 ص210 و 211 وج33 ص525 وج41 ص127 وج94 ص91 والوسائل ج6 ص89 و 92 و 91 وج8 ص324 و 350 و 351 ونهج البلاغة ج3 ص25 والمقنعة ص256 ومستدرك الوسائل ج7 ص69 والغارات ج1 ص128 ومنتهى المطلب (ط قديم) ج1 ص481 وتذكرة الفقهاء (ط حجرية) ج1 ص232 وج5 ص247 ومدارك الأحكام ج5 ص210 وذخيرة العبادة ج3 ص454 وجواهر الكلام ج15 ص334 والكافي ج3 ص537 ونهج السعادة ج8 ص114 وميزان الحكمة ج30 ص1933 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص152 ومنتقى الجمان ج2 ص420.
([232]) نهج البلاغة (بشرح عبده) ج3 ص25 والمقنعة ص256 ومستدرك الوسائل ج7 ص69 والغارات ج1 ص128 ومنتهى المطلب (ط قديم) ج1 ص481 وتذكرة الفقهاء (ط حجرية) ج1 ص232 و (ط أخرى) ج5 ص247 ومدارك الأحكام ج5 ص210 وذخيرة العبادة ج3 ص454 وجواهر الكلام ج15 ص334 والكافي ج3 ص537 والوسائل ج6 ص89 و 91 والبحار ج33 ص525 وج41 ص127 وج94 ص91 ونهج السعادة ج8 ص114 وميزان الحكمة ج30 ص1933 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص152 ومنتقى الجمان ج2 ص420.
([233]) نهج البلاغة (بشرح عبده) ج3 ص25 الوصية رقم25 وراجع: الكافي ج3 ص536 و 537 والمقنعـة للشيخ المفيـد ص542 و 256 والسرائر ص107 = = ومستدرك الوسائل (ط حجرية) ج1 ص516 و (ط مؤسسة أهل البيت) ج7 ص69 وج6 ص89 و 91 وروضات الجنات ج8 ص122 وربيع الأبرار الباب 52 باختلاف يسير، والبحار ج93 ص90 و 91 وج8 ص733 ج33 ص525 وج41 ص127 وج94 ص91 والغارات ج1 ص128 ـ 130 ومنتهى المطلب (ط قديم) ج1 ص481 وتذكرة الفقهاء (ط حجرية) ج1 ص232 وج5 ص247 ومدارك الأحكام ج5 ص210 وذخيرة العبادة ج3 ص454 وجواهر الكلام ج15 ص334 ونهج السعادة ج8 ص114 وميزان الحكمة ج30 ص1933 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص152 ومنتقى الجمان ج2 ص420.
([234]) الوسائل ج8 ص354 و 353 و 356 و 350 و 351 و 357 ج6 ص89 و 91 والبحار ج61 ص210 و 215 و 213 و 317 ج33 ص525 وج41 ص127 وج94 ص91 عن أمالي الصدوق، وعن من لا يحضره الفقيه، وعن الكافي، والجامع للشرايع ص398 والكافي ج6 ص538 وج3 ص537 ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص286 وتهذيب الأحكام ج6 ص164 ومكارم الأخلاق ص263 ونهج البلاغة (شرح عبده) ج3 ص25 والمقنعة ص256 ومستدرك الوسائل ج7 ص69 والغارات ج1 ص128 ومنتهى المطلب (ط قديم) ج1 ص481 وتذكرة الفقهاء (ط حجرية) ج1 ص232 وج5 ص247 ومدارك الأحكام ج5 ص210 وذخيرة العبادة ج3 ص454 وجواهر الكلام ج15 ص334 ونهج السعادة ج8 ص114 وميزان الحكمة ج30 ص1933 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص152 ومنتقى الجمان ج2 ص420.
([235]) الوسائل ج8 ص324 و 350 و 351 و 353 و 354 وج6 ص350 ومستدرك = = الوسائل ج3 ص64 والبحار ج61 ص201 و 202 و 203 و 204 و 205 و 210 و 212 و 213 وج73 ص271 عن الكافي ج6 ص538 ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص287، والمحاسن ج2 ص628 و 633 والخصال ص618، وأمالي الصدوق ص597، ونوادر الراوندي، والمصنف لابن أبي شيبة ج5 ص407 و 408 وج4 ص640وكنز العمال (ط الهند) ج9 ص36 و 37 و 38 و 67 وسنن أبي داود ج3 ص26 والسنن الكبرى للبيهقي ج5 ص255 و 254 وعون المعبود ج2 ص331 وج7 ص166والجامع للشرايع ص398 ومنتهى المطلب (ط قديم) ج2 ص996 والموسوعة الفقهية الميسرة ج3 ص239 ومكارم الأخلاق ص263 وتحف العقول ص108 ومستدرك سفينة البحار ج5 ص54 وميزان الحكمة ج1 ص713 وصحيح ابن حبان ج12 ص437 ونيل الأوطار ج8 ص250 وشرح صحيح مسلم ج14 ص96 وفقه السنة ج3 ص509 وتحفة الأحوذي ج5 ص300 والجامع الصغير ج1 ص240 وفيض القدير ج2 ص207 وإرواء الغليل ج7 ص242 وتفسير الميزان ج13 ص121 والتحفة السنية ص330 و 343 وتفسير العياشي ج2 ص294 ونور الثقلين ج3 ص168.
([236]) راجع: البحار ج61 ص206 وراجع ص204 و 212 و 215 وج46 ص70 و 71 وج93 ص386 والمحاسن ج2 ص635 وعن من لا يحضره الفقيه ج2 ص191 عن الإرشاد للمفيد (ط مكتبة الآخندي) ص240 والوسائل ج8 ص353 و 354 و 395 و 396 عن المحاسن، ومن لا يحضره الفقيه، والإرشاد، وثواب الأعمال ص50، والخصال ص518 والمحجة البيضاء ج4 ص235 وشرح الأخبار ج3 ص554 ومستدرك سفينة البحار ج10 ص188 ودرر الأخبار ص328 وشرح معاني الآثار ج4 ص209 ونور الثقلين ج1 ص715.
([237]) كنز العمال (ط الهند) ج9 ص35 عن الدارقطني في الأفراد، والفايق في غريب الحديث ج3 ص198 والجامع الصغير ج1 ص100 وفيض القدير ج1 ص468.
([238]) كنز العمال (ط الهند) ج9 ص35.
([239]) كنز العمال (ط الهند) ج9 ص35 و 37 عن الطبراني، ومستدرك الحاكم، وأحمد، وأبي داود، وصحيح ابن خزيمة، وابن حبان وغير ذلك.
([240]) المجازات النبوية ص437 وميزان الحكمة ج1 ص712 ومسند أحمد ج3 ص439 و 440 ومجمع الزوائد ج8 ص107 وج10 ص140 والجامع الصغير ج1 ص146 وفيض القدير ج1 ص161 وتفسير الميزان ج13 ص122 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص45 والدر المنثور ج4 ص111 و 183 وتاريخ مدينة دمشق ج9 ص388 و 387 وبغية الباحث ص270 وصحيح ابن خزيمة ج4 ص142 وصحيح ابن حبان ج12 ص437 والمعجم الكبير ج20 ص193 وموارد الظمآن ص491 وذيل تاريخ بغداد ج5 ص96 والإصابة ج1 ص282 والبحار ج61 ص205 و 214.
([241]) المجازات النبوية ص437.
([242]) المصنف لابن أبي شيبة ج5 ص407 وكنز العمال (ط الهند) ج9 ص36 و 37 و 38 عن أحمد، ومسلم، والترمذي، وأبي داود، والطبراني، وعبد الرزاق، والدارقطني في المؤتلف، والبارودي، وابن قانع، وابن السكن، وابن شاهين، وأبي نعيم، وسعيد بن منصور، وراجع: عون المعبود ج2 ص332 والبحار ج61 ص202 و 228 و 205 و 215 و 226 و 227 و 210 والمصنف للصنعاني ج4 ص458 والوسائل ج8 ص354 و 355 و 353 وسنن أبي داود ج3 ص26 والسنن الكـبرى للبيهقـي ج5 ص255 وعن فتـح البـاري ج9 ص579 وعن البخاري ج7 ص126 والمحاسن ج2 ص633 و 627 وجامع المدارك ج4 ص490 وفقه الصادق ج22 ص347 والكافي ج6 ص537 والفصول المهمة ج3 ص349 وتفسير الميزان ج13 ص122 والمبسوط ج1 ص261 والبيان ص201 ومجمع الفائدة ج4 ص227 والحدائق الناضرة ج25 ص142 وأمالي الصدوق ص597 والفايق في غريب الحديث ج1 ص189.
([243]) كنز العمال (ط الهند) ج9 ص35 عن البزار، وسنن سعيد بن منصور ج2 ص237 وراجع: البحار ج61 ص213 وج73 ص279 وج72 ص62 والوسائل ج8 ص331 والسنن الكبرى للبيهقي ج5 ص256 ومجمع الزوائد ج5 ص257 وسنن أبي داود ج3 ص28 وعون المعبود ج2 ص333 وعن صحيح مسلم ج3 رقم 1525 والجامع للشرايع ص398 والمحاسن ج2 ص361 ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص290 ومكارم الأخلاق ص262 والجامع الصغير ج1 ص103 و 104 وفيض القدير ج1 ص474 و 480 وشرح أصول الكافي ج8 ص336 ومسند أحمد ج2 ص337 وشرح صحيح مسلم ج13 ص68 والمصنف للصنعاني ج5 ص161 وصحيح ابن خزيمة ج4 ص144 ورياض الصالحين للنووي ص435 والكامل ج3 ص35 وسنن الترمذي ج4 ص220 وتحفة الأحوذي ج8 ص119 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص252 وصحيح ابن حبان ج6 ص420 و 422 والفايق في غريب الحديث ج2 ص55 وموارد الظمآن ص242 والجامع لأحكام القرآن ج10 ص73 وج16 ص136.
([244]) راجع: مجمع الزوائد ج5 ص265 وكشف الأستار ج2 ص274 وراجع: البحار ج61 ص223 و 224 وج100 ص191 والوسائل ج8 ص382 ومستدرك الوسائل ج2 ص48 و 55 والسنن الكبرى للبيهقي ج10 ص24 وتحفة الأحوذي ج4 ص170 والمصنف للصنعاني ج4 ص456 وشرح معاني الآثار ج4 ص317 والكامل ج2 ص181 والفصول المهمة ج3 ص254 و 352 والمحاسن ج2 ص634.
([245]) كنز العمال (ط الهند) ج9 ص37 عن الترمذي، وأبي داود، وراجع: البحار ج61 ص223 و 226 و 227 وج97 ص191والمحاسن ص634 و 628 ومن لا يحضره الفقيه ج4 ص60، والسرائر ج3 ص563 المستطرفات، والكافي ج6 ص554، وسنن أبي داود ج1 ص577 وج3 ص36 وعون المعبود ج2 ص331 وج7 ص165والوسائل ج8 ص382 ومسند ابن أبي الجعد ص313 والأدب المفرد ص263.
وراجع: المعجم الأوسط ج2 ص331 والكامل ج3 ص191 و 238 وج6 ص6 والجامع للشرايع ص397 ونيل الأوطار ج8 ص249 وفقه السنة ج3 ص511 ومستدرك الوسائل ج8 ص287 وكنز الفوائد ص294 وعوالي اللآلي ج1 ص171 والفصول المهمة ج3 ص352 و 353 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص255 ومواقف الشيعة ج3 ص201 وميزان الحكمة ج1 ص714 وسنن الترمذي ج3 ص126 والسنن الكبرى للبيهقي ج10 ص22 وتحفة الأحوذي ج5 ص299 والمصنف للصنعاني ج11 ص454 ومسند أبي يعلى ج4 ص389 والمعجم الكبير ج11 ص70 والجامع الصغير ج2 ص683 وفيض القدير ج2 ص452 وضعيف سنن الترمذي ص195.
([246]) البحار ج41 ص118 والمناقب لابن شهرآشوب ج2 ص111 ودعائم الإسلام ج2 ص497 ومستدرك الوسائل ج17 ص134 والمصنف لابن أبي شيبة ج5 ص133.
([247]) كنز العمال (ط الهند) ج9 ص37 و (ط سوريا) ج13 ص382 عن الطبراني والبحار ج61 ص111 وميزان الحكمة ج1 ص712 ومسند أحمد ج1 ص204 و 205 وسنن أبي داود ج1 ص574 والمستدرك للحاكم ج2 ص100 والسنن الكبرى للبيهقي ج8 ص13 والمصنف لابن أبي شيبة ج7 ص437 ومسند أبي يعلى ج12 ص159 ودلائل النبوة لأبي نعيم ص159 ورياض الصالحين للنووي ص437 والعهود المحمدية ص395 وتفسير الإمام العسكري ص639 وتفسير الثعالبي ج3 ص384 وج5 ص176 وتاريخ مدينة دمشق ج4 ص374 وأسد الغابة ج3 ص134 وتهذيب الكمال ج1 ص237 وج6 ص165 وسير أعلام النبلاء ج3 ص457 والبداية والنهاية ج6 ص151 وسبل الهدى والرشاد ج9 ص512 وج12 ص405.
([248]) الوسائل ج8 ص371 عن معاني الأخبار ص82 وكنز العمال (ط الهند) ج10 ص68 و 69 و 71 عن أحمد والبيهقي، وأبي داود، وابن جرير والتحفة السنية ص339 ونيل الأوطار ج7 ص372 و 375 و 377 وفقه السنة ج1 ص497 والقواعد والفوائد ج1 ص397 وج2 ص383 والطرائف ص213 ونهاية الدراية ص186 ومسند أحمد ج2 ص406 وعن صحيح البخاري ج7 ص31 وصحيح مسلم ج7 ص31 وسنن أبي داود ج2 ص231 والسنن الكبرى للبيهقي ج7 ص135 و 216 وشرح صحيح مسلم ج1 ص35 وج14 ص213 وفتح الباري (المقدمة) ص139 وج10 ص134 و 135 و 136 و 206 والديباج على مسلم ج5 ص237 وعن عون المعبود ج10 ص290 و 291 والمصنف للصنعاني ج10 ص404 وشرح معاني الآثار ج4 ص303 و 307 و 310 وصحيح ابن حبـان ج13 ص482 و 484 والمعجم الأوسط = = ج4 ص12 وفيض القدير ج6 ص561 وكشف الخفاء ج2 ص379 والفصول في الأصول ج3 ص131 والعلل ج3 ص200 والتاريخ الكبير ج2 ص2701 وتهذيب الكمال ج35 ص69 والإصابة ج1 ص66 و 67 والبداية والنهاية ج8 ص113.
([249]) راجع على سبيل المثال: كنز العمال (ط الهند) ج10 ص68 ـ 73 وسائر المصادر السابقة.
([250]) كنز العمال (ط الهند) ج10 ص68 و 69 و 70 عن أحمد، والبخاري، وابن خزيمة، والطحاوي، وابن حبان، والبيهقي وراجع: سائر المصادر السابقة.
([251]) راجع: كنز العمال (ط الهند) ج10 ص68 ـ 73.
([252]) من لا يحضره الفقيه ج2 ص292 والوسائل ج8 ص394 والبحار ج61 ص215.
([253]) البحار ج61 ص204 والوسائل ج8 ص394 عن المحاسن، ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص292 والمحاسن ج2 ص361.
([254]) البحار ج61 ص214 عن الكافي، والوسائل ج8 ص352 عن الكافي ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص287 ومنتهى المطلب (ط قديم) ج2 ص648 والتحفة السنية ص342 والعروة الوثقى (ط قديم) ج2 ص415 وج4 ص334 والكافي ج6 ص539 ومكارم الأخلاق ص263 وكتاب النوادر ص121.
([255]) الوسائل ج16 ص249 عن الكافي (الفروع) ج6 ص225 وعن التهذيب ج9 ص19 وكشف اللثام (ط قديم) ج2 ص264 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص609 ومسند الإمام الرضا ج2 ص317 وشرح اللمعة ج7 ص284 ومسالك الأفهام ج12 ص46 ومجمع الفائدة ج11 ص184 وجواهر الكلام ج36 ص313 وجامع المدارك ج5 ص155 ومستدرك الوسائل ج16 ص123 والبحار ج58 ص303.
([256]) الوسائل ج16 ص250 والكافي (الفروع) ج6 ص225 ومجمع الفائدة ج11 ص184 وأمالي الطوسي ص688 والبحار ج61 ص304 وج100 ص67 ومستدرك الوسائل ج16 ص123.
([257]) المحاسن ج2 ص445 والكافي ج6 ص301 والوسائل ج16 ص499 والفصول المهمة ج2 ص440 والبحار ج63 ص429.
([258]) الوسـائل ج8 ص363 و 572 عن الكافي، ومن لا يحضره الفقيه، والمحاسن = = والخصال، والبحار ج61 ص203 و 219 وج73 ص357 و 157 والمصنف لابن أبي شيبة ج6 ص22 وكنز العمال ج9 ص195 وسنن أبي داود ج3 ص27 وفتح الباري ج10 ص332 وتحفة الأحوذي ج8 ص49 والمحاسن ج2 ص627 والكافي ج6 ص541 وعلل الشرايع ج2 ص583 والخصال ص99.
([259]) الوسائل ج8 ص353 عن المحاسن، والكافي، ومن لا يحضره الفقيه، والتحفة السنية ص342 والحدائق الناضرة ج14 ص58 وكشف الغطاء ج2 ص423 وجواهر الكلام ج18 ص169 والعروة الوثقى (ط قديم) ج2 ص417 وج4 ص337 والمحاسن ج2 ص375 والكافي ج8 ص349 ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص297 وشرح أصول الكافي ج12 ص491 ومكارم الأخلاق ص253 والبحار ج13 ص423 وج73 ص271 وتفسير مجمع البيان ج8 ص83 وقصص الأنبياء ص370.
([260]) راجع: عون المعبود ج2 ص331 وسنن الدارمي ج2 ص288 والبحار ج61 ص212 و 203 والوسائل ج8 ص353 وسنن أبي داود ج3 ص26 والسنن الكبرى ج5 ص254 ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص287 وصحيح ابن حبان ج13 ص51 وكتاب الدعاء ص577 والمعجم الكبير ج18 ص189 ومكارم الأخلاق ص263 وميزان الحكمة ج4 ص2784.
([261]) راجع: البحار ج73 ص329 ومستدرك الوسائل ج3 ص64 والوسائل ج8 = = ص351 و 353 وجواهر الكلام ج31 ص394 والتحفة السنية ص343 وتهذيب الأحكام ج6 ص164 والفصول المهمة ج3 ص349.
([262]) راجع: البحار ج61 ص215 عن الكافي، والسنن الكبرى ج8 ص14 والوسائل ج8 ص346 ومستدرك الوسائل (ط حجرية) ج2 ص49 والدروس ج1 ص129 والذكرى ص20 وميزان الحكمة ج4 ص288.
([263]) البحار ج61 ص224 والوسائل ج12 ص173 والكافي ج6 ص254 و 255 وج5 ص309 وجواهر الكلام ج22 ص467 وتهذيب الأحكام ج6 ص378 ومستدرك سفينة البحار ج3 ص252 ومسند الشاميين ج2 ص232 وج4 ص134 والثقات ج5 ص327.
([264]) البحار ج61 ص205 و 206 و 214 و 219 وج76 ص245 والمحاسن ج2 ص627 و 633 والكافي ج6 ص538 و 539 والوسائل ج8 ص357 و 633 ومنتهى المطلب (ط قديم) ج2 ص996 والتحفة السنية (مخطوط) ص343 وتهذيب الأحكام ج6 ص165 والكامل ج4 ص336 وتهذيب الكمال ج14 ص149 وميزان الإعتدال ج2 ص375 وأصول السرخسي ج2 ص344 والسير الكبير ج1 ص56 ورد المحتار لابن عابدين ج4 ص348.
([265]) البحار ج61 ص202 والأمالي للصدوق ص597 والوسائل ج8 ص351 ومنتهى المطلب (ط قديم) ج2 ص648 والتحفة السنية (مخطوط) ص343 ومن لا يحضره الفقيـه ج2 ص286 وتأويل مختلف الحـديث ص50 ومجمع = = البحرين ج3 ص121 العروة الوثقى ج2 ص415 وج4 ص343 ومكارم الأخلاق ص263 والفصول المهمة للعاملي ص349.
([266]) الوسائل ج8 ص352 و 356 والبحار ج61 ص169 و 209 والتحفة السنية (مخطوط) ص343 ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص287 وتهذيب الأحكام ج6 ص164.
([267]) راجع: مسند أحمد ج4 ص311 و 322 و 339 وسنن الدارمي ج2 ص88 والبحار ج73 ص348 وج61 ص148 ومعاني الأخبار ص284 والنهاية في اللغة ج2 ص25 والمجازات النبوية ص250 ونهج البلاغة (شرح عبده) الرسالة رقم 25 والسنن الكبرى ج8 ص14 وتهذيب تاريخ ابن عساكر ج7 ص33 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص365 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص269.
([268]) مكارم الأخلاق ص264 والبحار ج61 ص173 ومستدرك سفينة البحار ج3= = ص245 ومسند أحمد ج4 ص184 والمصنف لابن أبي شيبة ج7 ص573 ومسند الشاميين ج1 ص268 وكتاب أمثال الحديث ص153 وكنز العمال ج14 ص181 والدر المنثور ج3 ص197 وأسد الغابة ج3 ص363.
([269]) دعائم الإسلام ج2 ص30 ومستدرك الوسائل ج13 ص304 وشرح مسلم للنووي ج10 ص165 ومسند الطيالسي ص329 وشرح معاني الآثار ج4 ص20 ومجمع البحرين ج2 ص607 والخلاف ج3 ص102 و 126 وتذكرة الفقهاء (ط قديم) ج1 ص526 ومجمع الفائدة ج8 ص443 والحدائق الناضرة ج19 ص93 ومختصر المزني ص82 وتلخيص الحبير ج8 ص333 والمغني ج4 ص233.
([270]) مكارم الأخلاق ص349 و 263 والبحار ج73 ص291.
([271]) البحار ج61 ص219 والسنن الكبرى ج5 ص255.
([272]) مستدرك الوسائل ج3 ص50 عن دعائم الإسلام.
([273]) معاني الأخبار ص284 والبحار ج61 ص197 وج73 ص348 وسنن الترمذي ج3 ص121 وصحيح ابن حبان ج10 ص533 والمعجم الأوسط ج7 ص234 والفايق في غريب الحديث ج2 ص213 والتاريخ الكبير ج4 ص156 وغريب الحديث ج3 ص18 والصحاح ج5 ص1737 والنهاية في غريب الحديث ج2 ص496 ولسان العرب ج11 ص359 .
([274]) البحار ج61 ص150 والوسائل ج8 ص371 والمحاسن ص642 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص24.
([275]) الجامع للشرايع ص384 ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص265 وج4 ص9 وأمالي الصدوق ص512 والوسائل ج8 ص353 ومكارم الأخلاق ص427 والبحار ج61 ص215 و 267 وج73 ص331 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص507 وج10 ص7 و 222 ومكاتيب الرسول ج2 ص144 والمعجم الكبير ج12 ص304 والجامع لأحكام القرآن ج13 ص172 والكامل ج6 ص101 وفتح العزيز ج7 ص489 وتلخيص الحبير ج7 ص489.
([276]) النهاية ص592 والمهذب ج2 ص433 والسرائر ج3 ص132 ومختلف الشيعة ج8 ص346 والبحار ج63 ص499 والمصنف لابن أبي شيبة ج5 ص432 والدر المنثور ج2 ص325 وطبقات المحدثين بإصبهان ج2 ص331 وج3 ص589 وميزان الإعتدال ج3 ص9 وذكر أخبار إصبهان ج2 ص133 وج2 ص247.
([277]) المصنف للصنعاني ج11 ص32 والفايق في غريب الحديث ج3 ص378.
([278]) البحار ج43 ص352 وجامع أحاديث الشيعة ج8 ص516 ومستدرك الوسائل ج7 ص197 وج8 ص295 ومستدرك سفينة البحار ج1 ص155 وميزان الحكمة ج1 ص92.
([279]) البحار ج61 ص204 و 206 وج73 ص291 وج46 ص245 و 246 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص248 والوسائل ج8 ص306 و 307 والمحاسن ص627.
([280]) البحار ج61 ص224 و 225 وج16 ص366 وج27 ص50 وج70 ص321 وج77 ص270 و 303 وج100 ص59 والوسائل ج1 ص343 وج6 ص187وج12 ص173 والرسالة السعدية ص93 ومصباح المنهاج ج3 ص280 ومسند زيد بن علي ص463 وعيون أخبار الرضا ج1 ص33 ومستدرك الوسائل ج1 ص334 وج8 ص301 وج13 ص186 ومسند الرضا لداود الغازي ص144 وسنن النبي ص273 ومسند الإمام الرضا للعطاردي ج2 ص212 وصحيفة الرضا ص94 و 5 والدروس ج3 ص183 والكافي ج5 ص309 ومستدرك سفينة البحار ج3 ص252 وتفسير الميزان ج6 ص330 وحياة الإمام الرضا ج1 ص248 ومجمع البحرين ج3 ص117.
([281]) البحار ج61 ص210 والمجازات النبوية ص259 ومستدرك الوسائل ج8 ص260 ودعائم الإسلام ج1 ص345 وكتاب النوادر ص122 ومستدرك سفينة البحار ج3 ص245 ومسند أحمد ج3 ص352 وج4 ص345 وسنن أبي داود ج1 ص576 وسنن النسائي ج6 ص218 والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص330 ومجمع الزوائد ج5 ص259 و 261 وعن فتح الباري ج6 ص99 وحاشية السندي على النسائي ج6 ص218 وعن عون المعبود ج7 ص161 والمصنف لابن أبي شيبة ج7 ص706 والسنن الكبرى للنسائي ج3 ص37 = = ومسند أبي يعلى ج13 ص115 وشرح معاني الآثار ج3 ص274 والمعجم الأوسط ج9 ص13 والمعجم الكبير ج22 ص381 ومسند الشاميين ج1 ص430 الفايق في غريب الحديث ج3 ص344 والجامع الصغير ج1 ص640 وكنز العمال ج16 ص422 وج12 ص328 وفيض القدير ج3 ص682 و 683 وكشف الخفاء ج1 ص398 وأحكام القرآن ج3 ص89 و 502 والجامع لأحكام القرآن ج8 ص37 والدر المنثور ج3 ص196 و 198 وسبل الهدى والرشاد ج7 ص384 و 386 والنهاية في غريب الحديث ج4 ص99 وج5 ص148 ولسان العرب ج3 ص366 وج5 ص274 ومجمع البحرين ج3 ص540 وتاج العروس ج2 ص475.
([282]) البحار ج61 ص217 وحياة الحيوان ج1 ص288.
([283]) المحاسن ص634 والبحار ج61 ص225 و 226 وج100 ص78 عنه وعن نوادر الراوندي ومستدرك سفينة البحار ج3 ص252 والمهذب البارع ج3 ص186 ومن لايحضره الفقيه ج3 ص473 والوسائل ج8 ص381 وج14 ص94 ومستدرك الوسائل ج8 ص286 وج14 ص288 ومكارم الأخلاق ص236 وكتاب النوادر ص119 وعوالي اللآلي ج3 ص305.
([284]) ميزان الحكمة ج3 ص2500 والمستدرك للحاكم ج4 ص231 و 233 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص280 وتحفة الأحوذي ج4 ص553 والمصنف للصنعاني ج4 ص493 والمعجم الوسط ج4 ص53 والمعجم الكبير ج11 ص63 ونصب الراية ج6 ص46 والعهود المحمدية ص211 و 394 و 721 وكنز العمال ج6 ص265 وفيض القدير ج6 ص175 وسبل الهدى والرشاد ج9 ص77.
([285]) مستدرك الحاكم ج4 ص231 والمعجم الكبير ج12 ص289 وكنز العمال (ط الهند) ج6 ص137 و 265 والبحار ج62 ص316 و 328 ومستدرك الوسائل ج5 ص63 والمعجم الصغير للطبراني ج2 ص105 والمصنف للصنعاني ج4 ص493 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص280 وتحفة الأحوذي ج4 ص553 وعون المعبود ج8 ص8 وسنن ابن ماجة ج2 ص1058 والعهود المحمدية ص394 وسبل الهدى والرشاد ج9 ص77.
([286]) راجع: مسند أحمد ج2 ص108 وج4 ص123 وسنن النسائي ج7 ص230 والسنن الكبرى ج3 ص65 ومسالك الأفهام ج11 ص491 وجواهر الكلام ج36 ص134 ونيل الأوطار ج9 ص18 والبحار ج62 ص316 وسنن ابن ماجة ج2 ص1059 والسنن الكبرى ج9 ص280 ونصب الراية ج6 ص47 والجامع الصغير ج1 ص95 والعهود المحمدية ص212 و 721 وفيض القدير ج1 ص446 والكامل ج4 ص148 وتاريخ بغداد ج8 ص49 وميزان الإعتدال ج2 ص479.
([287]) البحار ج62 ص 328 والجواهر ج36 ص123 ومستدرك الوسائل (ط مؤسسة أهل البيت) ج3 ص66 و 570 وج16 ص135 والمصنف للصنعاني ج4 ص490 وكشف اللثام ج2 ص260 ومستند الشيعة ج15 ص437 ومختلف الشيعة ج8 ص302 وفتاوى ابن الجنيد ص314.
([288]) مسالك الأفهام ج11 ص491 والتحفة السنية ص307 ورياض المسائل (ط قديم) ج2 ص276 ومستند الشيعة ج15 ص448 وجواهر الكلام ج36 ص133 وفقه الصادق ج24 ص44 والبحار ج62 ص315.
([289]) دعائم الإسلام ج2 ص177 ومستدرك الوسائل والبحار ج62 ص329.
([290]) سنن ابن ماجة ج2 ص1062 وعن صحيح مسلم ج6 ص117 وشرح صحيح مسلم ج13 ص214 ومجمع الزوائد ج10 ص318 ودعائم الإسلام ج2 ص177 ومستدرك الوسائل ج16 ص158 والبحار ج62 ص329 والمصنف للصنعاني ج11 ص440 وتركة النبي ص66 والمعجم الكبير ج19 ص252 و 258 والفايق في غريب الحديث ج3 ص208 وتحفة الأحوذي ج7 ص31 وإكرام الضيف ص52 ومسند أبي يعلى ج1 ص80 وج11 ص37 وج11 ص42 ورياض الصـالحين للنووي ص274 والجامع الصغير ج1 ص446 = = وكنز العمال ج6 ص332 وج7 ص194 و 196 وفيض القدير ج3 ص153 و 154 وجامع البيان ج30 ص367 والجامع لأحكام القرآن ج20 ص175 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص583 والدر المنثور ج6 ص389 وفتح القدير ج5 ص490.
([291]) راجع في هذه الموارد: الوسائل ج16 ص255 والكافي (الفروع) ج6 ص229 وفقه الصادق ج44 ص60 وكشف الرموز ج2 ص355 والنهاية ص584 ومسالك الأفهام ج11 ص386 ومجمع الفائدة ج11 ص131 وكفاية الأحكام ص247 ورياض المسائل (ط قديم) ج2 ص276 ومستند الشيعة ج15 ص445 وجواهر الكلام ج36 ص132 وجامع المدارك ج5 ص127 وتهذيب الأحكام ج9 ص55 والبحار ج62 ص300.
([292]) الوسائل ج16 ص258 والكافي ج6 ص230 والتهذيب ج9 ص56 و 80 ومختلف الشيعة ج8 ص305 و 552 وإيضاح الفوائد ج4 ص138 والدروس ج2 ص416 والمهذب البارع ج4 ص174 ومسالك الأحكام ج11 ص490= = ومجمع الفائدة ج11 ص133 وكشف اللثام (ط قديم) ج2 ص260 والتحفة السنية ص307 ورياض المسائل ج2 ص276 ومستند الشيعة ج15 ص451 وجواهر الكلام ج36 ص137 وجامع المدارك ج5 ص128 وعوالي اللآلي ج2 ص321 وج3 ص460.
([293]) الوسائل ج16 ص267 و 258 وراجع ص276 والتهذيب ج9 ص55 ـ 60 والبحار ج10 ص256 وج62 ص314 و 328 وكشف الرموز ج2 ص353 والمهذب البارع ج4 ص172 وشرح اللمعة ج7 ص231 ومجمع الفائدة ج11 ص118 و 129 و 134 وكشف اللثام (ط قديم) ج2 ص259 ومستند الشيعة ج15 ص435 وجواهر الكلام ج36 ص135 وجامع المدارك ج5 ص121 و 128 وفقه الصادق ج24 ص42 والكافي ج6 ص229 و 233 ودعائم الإسلام ج2 ص175 ومستدرك الوسائل ج16 ص134 وعوالي اللآلي ج2 ص320 وج3 ص458 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص280 وعن فتح الباري ج9 ص527 والفايق في غريب الحديث ج3 ص21 و 283.
([294]) الوسائل ج16 ص275 و 274 وعن الكافي (الفروع) ج2 ص149 و 148 وعن التهذيب ج2 ص353 وجامع المدارك ج5 ص124 ومسالك الأفهام ج11 ص489 وكشف اللثام (ط قديم) ج2 ص260 ورياض المسائل (ط قديم) ج2 ص276 وجواهر الكلام ج36 ص134 والمبسوط ج1 ص393 ومنتهى المطلب ج2 ص759 ومستند الشيعة ج15 ص450 ونيل الأوطار ج5 ص217.
([295]) مسالك الأفهام ج11 ص491 والتحفة السنية ص307 ورياض المسائل (ط قديم) ج2 ص276 ومستند الشيعة ج15 ص448 وجواهر الكلام ج36 ص133 وفقه الصادق ج24 ص44 والبحار ج62 ص315 والمصنف لابن أبي شيبة ج4 ص640 وسنن ابن ماجة ج2 ص1059 والمصنف للصنعاني ج4 ص493 والعهود المحمدية ص394 وفيض القدير ج6 ص175.
([296]) المصنف لابن أبي شيبة ج4 ص640 والمصنف للصنعاني ج4 ص493 والعهود المحمدية للشعراني ص394 وفيض القدير ج6 ص175.
([297]) دعائم الإسلام ج2 ص179 ومستدرك الوسائل ج16 ص132 عنه.
([298]) مستند الشيعة ج10 ص448 وكشف اللثام (ط قديم) ج2 ص258 ودعائم الإسلام ج2 ص174 والبحار ج62 ص327 والمعجم الأوسط ج2 ص179 والكامل ج6 ص426 ومستدرك الوسائل ج16 ص131.
([299]) راجع: مستدرك الوسائل ج16 ص131 والمصنف للصنعاني ج4 ص492 و 463 والوسائل ج16 ص258 و 167 وراجع ص276 وفي هامشه عن الكافي ج2 ص147 و 148 وعن التهذيب ج2 ص351 و 352 و 353 والبحار ج10 ص256 وج62 ص327 ومن لا يحضره الفقيه ج3 ص333 وإيضاح الفوائد ج4 ص137.
([300]) الوسائل ج16 ص308 وج10 ص175 عن تهذيب الأحكام، والكافي، ومستدرك الوسائل ج3 ص69، ومجمع الفائدة ج11 ص165 وج7 ص315 والحدائق الناضرة ج17 ص213 ومستند الشيعة ج12 ص369 ومسالك الأفهام ج12 ص34 ومدارك الأحكام ج8 ص87 وذخيرة المعاد ج3 ص679 وجواهر الكلام ج19 ص230 وج36 ص293 وجامع المدارك ج2 ص479 وفقه الصادق ج12 ص122 والكافي ج4 ص544 ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص393 وتهذيب الأحكام ج5 ص452 وج9 ص83.
([301]) الفايق في غريب الحديث ج3 ص208 والجامع الصغير ج2 ص689 وكنز العمال ج4 ص98 وفيض القدير ج6 ص406 وشرح الأسماء الحسنى ج1 ص276 والكامل ج3 ص135.
([302]) راجع: البحار ج61 ص112 و 137 وج17 ص402 عن الطبراني والثاقب في المناقب ص78 والعهود المحمدية ص396 وسبل الهدى والرشاد ج12 ص405 وبصائر الدرجات ص371 والإختصاص ص300.
([303]) الوسائل ج16 ص248 وج2 ص1012 ومختلف الشيعة ج8 ص291 وكشف اللثام (ط ق) ج2 ص264 وإيضاح الفوائد ج4 ص148 ومسالك الأفهام ج12 ص45 والتحفة السنية ص305 والحدائق الناضرة ج5 ص6 ومستند الشيعة ج15 ص280 وج36 ص312 وتهذيب الأحكام ج9 ص81 والفصول المهمة ج2 ص420 والبحار ج75 ص109.
([304]) مختلف الشيعة ج8 ص302 وفتاوى ابن الجنيد ص314.
([305]) مستند الشيعة ج15 ص448 وروضة الطالبين ج2 ص476.
([306]) الثمد: الماء القليل الذي لا مادة له.
([307]) الظنون: أي الشحيحة، أو القليلة الماء.
([308]) يتبرَّضون الماء: ينتظرون خروجه، وهو قليل.
([309]) العطن: مبرك الإبل حول الماء، والمراد: أنهم قد رووا، أو رويت إبلهم حتى بركت حول الماء راجع: البحار ج20 ص331 ومسند أحمد ج4 ص329 وعن صحيح البخاري ج3 ص178 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص219 وعن فتح الباري ج5 ص245 والمصنف للصنعاني ج5 ص332 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص513 وصحيح ابن حبـان ج11 ص218 والمعجم الكـبير ج20 ص10 = = والفايق في غريب الحديث ج1 ص300 وعن كنز العمال ج10 ص490 وإرواء الغليل ج1 ص55 وتفسير مجمع البيان ج9 ص195 وتفسير الميزان ج18 ص265 وجامع البيان ج26 ص127 وزاد المسير ج7 ص160 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج4 ص212 والدر المنثور ج6 ص76 والطبقات الكبرى ج2 ص96 وتاريخ مدينة دمشق ج57 ص226 وعن تاريخ الأمم والملوك للطبري ج2 ص274 والبداية والنهاية لابن كثير ج4 ص198 وج6 ص106 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص609 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص330 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص40 وج7 ص370 وج9 ص449.
([310]) مناقب آل أبي طالب ج1 ص91 والبحار ج18 ص37 وأسد الغابة ج5 ص5 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص273 والبداية والنهاية ج4 ص189 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص776 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص315 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص40.
([311]) تفسير القمي ج1 ص302 وتفسير نور الثقلين ج2 ص248 وتفسير الميزان ج9 ص356 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص41 وكتاب سليم بن قيس ص239 والبحار ج38 ص326.
وقد ورد: أنه لما أكثر عليه عمر بن الخطاب، قال له رسول الله "صلى الله عليه وآله": "إن قميصي لا يغني عنه من الله شيئاً، وإني أؤمل أن يدخل في الإسلام بسببه كثير "، فيروى أنه أسلم ألف من الخزرج. (تفسير السراج المنير ج1 ص612 للخطيب الشربيني وأسباب النزول للواحدي ص193 وروح المعاني للآلوسي ج10 ص154).
([312]) الآية 80 من سورة التوبة.
([313]) تفسير الميزان ج9 ص35 وتفسير القمي ج1 ص302 وتفسير الصافي ج2 ص364 وكتاب سليم بن قيس ص239 والبحار ج22 ص97 وج30 ص148 وج31 ص633.
([314]) قال الصالحي الشامي: أخرجه البخاري 7/505 (4150).
([315]) قال الصالحي الشامي: أخرجه البخاري في صحيحه الحديث رقم 4152 وراجع فيما تقدم: سبل الهدى والرشاد ج5 ص40 ـ 42 وج9 ص448 والإصابة ج3 ص541 والسيرة الحلبية ج3 ص11 و 12 والمنتظم ج3 ص268، والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص34 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص273 و 274 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص324 و 325 والمواهب اللدنية ج1 ص268 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص484 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص367 و 375 و 376 و 377 و 378 و 379 و 380 و 381 و 382 وسنن الدارمي ج1 ص14 وعن صحيح مسلم ج6 ص26 ونظم درر السمطين ص71 وعن كنز العمال ج12 ص367 ومسند أحمد ج3 ص329 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص512 وصحيح ابن خزيمة ج1 ص66 وصحيح ابن حبان ج14 ص481 ودلائل النبوة ص121 وجامع البيان ج26 ص93 وجامع أحكام القرآن ج16 ص276 وتاريخ مدينة دمشق ج36 ص436 والبداية والنهاية ج4 ص195 وج6 ص106 والشفا بتعريف حقوق المصطفى ج1 ص286 وعن عيون الأثر ج2 ص114 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص325. وراجع: نهاية الأرب ج17 ص222 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص98.
([316]) السيرة الحلبية ج3 ص12 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص91 والبحار ج18 ص38.
([317]) راجع: تاريخ الأمم والملوك ج2 ص273 وأسد الغابة ج5 ص5 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص776.
([318]) الإصابة ج3 ص541 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص325 والبداية والنهاية ج4 ص189 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص40 وأسد الغابة ج5 ص5 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص273 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص315 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص91 والبحار ج18 ص37.
([319]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص41 و 73 و 74 وج9 ص449 عن البخاري، وأحمد، والطبراني، ومسلم، وأبي نعيم، والحاكم في الإكليل، والبيهقي، والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص484 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص375 وشرح المواهب للزرقاني ج3 ص181 والخرائج والجرائح ج1 ص123 ومناقب آل أبي= = طالب ج1 ص91 والبحار ج18 ص37 وج20 ص346 و 357 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص230 وتفسير مجمع البيان ج9 ص183.
([320]) الإصابة ج3 ص541 عن الحسن بن سفيان في مسنده، وعن ابن مندة في المعرفة، وابن السكن، والطبراني، والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص517 والمعجم الكبير ج2 ص179 وعن كنز العمال ج10 ص476 و 477 وتاريخ الجرجاني ص163.
([321]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص73 وج9 ص449 وراجع: المنتظم ج3 ص268 وجوامع السيرة النبوية ص164 و 165 وتاريخ الإسلام للذهبي ص376 و 377 وشرح المواهب للزرقاني ج3 ص181 والبحار ج18 ص37 وعن فتح الباري ج5 ص245.
([322]) تاريخ الإسلام (المغازي) ص376 وشرح المواهب للزرقاني ج3 ص180 والبحار ج20 ص346 وعن فتح الباري ج5 ص245 ومجمع البيان ج9 ص183.
([323]) راجع: السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص315 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار إحياء التراث) ج1 ص484 وشرح المواهب للزرقاني ج3 ص181 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص41 و 73 والإصابة ج3 ص541 والسيرة الحلبية ج3 ص12 وجوامع السيرة النبوية ص165 والعبر وديوان المبتدأ والخبر لابن خلدون ج2 قسم2 ص34 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص273 والسيرة النبوية لإبن هشام ج3 ص324 وأسد الغابة ج1 ص172 وج5 ص4 وعن عيون الأثر ج2 ص116 وعن فتح الباري ج5 ص245.
([324]) السيرة الحلبية ج3 ص12 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص73 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص484 وشرح المواهب للزرقاني ج3 ص181 وعن فتح الباري ج5 ص245.
([325]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص40 و 41 وراجع ص40 والإصابة ج3 ص541 والسيرة الحلبية ج3 ص12 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص484 وشرح المواهب للزرقاني ج3 ص181 وعن فتح الباري ج5 ص245 والطبقات الكبرى ج4 ص315 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص609.
([326]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص40 والإصابة ج3 ص541 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص484 وشرح المواهب للزرقاني ج3 ص181 ومجمع الزوائد ج6 ص145 والبداية والنهاية ج4 ص189 والجامع لأحكام القرآن ج16 ص275 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص776 وعن عيون الأثر ج2 ص115 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص315 وعن فتح الباري ج5 ص245 والطبقات الكبرى ج4 ص315.
([327]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص73 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص484 وشرح المواهب للزرقاني ج3 ص181 والإصابة (ط دار الكتب العلمية) ج2 ص206 وعن فتح الباري ج5 ص245.
([328]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص41 و 73 والسيرة الحلبية ج3 ص12 وجوامع السيرة النبوية ص165 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص273 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص324 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص315 وراجع: كنز العمال (ط الهند) ج10 ص303 و 304 والبحار ج18 ص31 ـ 38 ومسند أحمد ج4 ص290 والبداية والنهاية ج6 ص16 والمغازي للواقدي ج2 ص588 وعن البخاري ج4 ص234 و ج5 ص156 وعن فتح الباري ج6 ص425 وعن السيرة النبوية لدحلان ج2 ص215.
([329]) الآية 114 من سورة التوبة.
([330]) الآية 6 من سورة المنافقون.
([331]) راجع: كتابنا >ظلامة أبي طالب<، وقد تقدم في الجزء السابق من هذا الكتاب، حين الحديث عن استغفار النبي "صلى الله عليه وآله" لأمه: أن هذه الآية: إنما نزلت لتأكيد إيمان أبي طالب "رحمه الله" فراجع.
([332]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص41 والسيرة الحلبية ج3 ص12 وكتاب سليم بن قيس ص239 والبحار ج38 ص326 وج22 ص97 وج30 ص148 وج31 ص633 وتفسير القمي ج1 ص302 والتفسير الصافي ج2 ص364 وتفسير نور الثقلين ج2 ص248.
([333]) الآية 18 من سورة الفتح.
([334]) الآية 10 من سورة الفتح.
([335]) الآية 84 من سورة التوبة.
([336]) القليب: هو البئر.
([337]) السيرة الحلبية ج3 ص12 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص91 والبحار ج18 ص37.
([338]) نفس المصادر السابقة.
([339]) الديباج على مسلم ج1 ص89 وصحيح ابن حبان ج1 ص417 وتفسير مجمع البيان ج10 ص28 والجامع لأحكام القرآن ج7 ص229 والبداية والنهاية ج4 ص194 وزاد المسير ج7 ص249 والعبر وديوان المبتدأ والخبر لابن خلدون ج8 ص521 والمغازي ج2 ص589 و 590 وموسوعة التاريخ الاسلامي ج2 ص611 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص42 وراجع: تذكرة الفقهاء (ط جديد) ج4 ص223 والذكرى للشهيد الأول ص252 ومغني المحتاج ج1 ص326= = ونيل الأوطار ج1 ص337 ونيل الأوطار ج4 ص160 والوسائل ج8 ص272 ومستدرك الوسائل ج6 ص195 والجواهر السنية ص169 ومستدرك سفينة البحار ج10 ص158 وعن صحيح البخاري ج2 ص23 والسنن الكبرى للبيهقي ج3 ص357 ومسند أبي الجعد ص423 والسنن الكبرى للنسائي ج6 ص229 وصحيح ابن حبان ج3 ص503 والأذكار النووية ص182 وكنز العمال ج3 ص636 وإرواء الغليل ج3 ص144 وزاد المسير ج7 ص294 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص427 وج3 ص333.
([340]) راجع النصوص المتقدمة في: سبل الهدى والرشاد ج5 ص42 وقال في هامشه: أخرجه البخاري 5/259 (4147) وأخرجه مسلم في الإيمان (125) والبيهقي في دلائل النبوة 4/131.
ونضيف نحن المصادر التالية: المنتظم ج3 ص273 والسيرة ج3 ص25 ومسند أحمد ج5 ص74 وسنن ابن ماجة ج1 ص302 والسنن الكبرى للبيهقي ج3 ص71 وعون المعبود ج3 ص273 والمصنف لابن أبي شيبة ج2 ص137 وصحيح ابن خزيمة ج3 ص80 وصحيح ابن حبان ج5 ص435 ـ 348 والمعجم الأوسط ج8 ص346 والمعجم الكبير ج1 ص188 و 189 وموارد الظمآن ص123 = = وعن كنز العمال ج8 ص309 والطبقات الكبرى ج2 ص105 والتاريخ الكبير ج2 ص21 وعن عيون الأثر ج2 ص125.
([341]) الآية 52 من سورة هود والآية 11 من سورة نوح.
([342]) الآية 34 من سورة لقمان.
([343]) الآية 28 من سورة التوبة.
([344]) الآية 43من سورة النور.
([345]) الآية 22 من سورة الحجر.
([346]) الآية 57 من سورة الأعراف ونحوها الآية 48 من سورة الفرقان.
([347]) الآية 63 من سورة النمل.
([348]) الآية 48 من سورة الروم.
([349]) البحار ج55 ص329 وراجع ص327 ـ 330 والدر المنثور ج6 ص163 وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص25 والبرهان (تفسير) ج4 ص283 وصحيح ابن حبان ج13 ص500 ومسند أحمد ج3 ص7 وراجع: سنن النسائي ج3 ص165 ومسند الحميدي ج2 ص331 والسنن الكبرى للنسائي ج1 ص564 وج6 ص230 وراجع: مسند أبي يعلى ج2 ص482 وصحيح ابن حبان ج13 ص501 وكتاب الدعاء ص298 وموارد الظمآن ص160 وعن كنز العمال ج3 ص636 وتفسير القرآن للصنعاني ج3 ص274 والتاريخ الكبير ج7 ص55 وتهذيب الكمال ج19 ص290.
([350]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص25.
([351]) المصدر السابق.
([352]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص42 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص611.
([353]) الأوشاب: الأوباش، والأخلاط من الناس، انظر المعجم الوسيط 2/1045.
([354]) الأحابيش هم: بنو الهون بن خزيمة، وبنو الحرث بن عبد مناف، وبنو المصطلق. سموا بذلك لأنهم تحالفوا تحت جبل بمكة اسمه حبشي.
([355]) راجع النصوص المتقدمة في: سبل الهدى والرشاد ج5 ص43 ـ 46 وراجع السيرة الحلبية ج3 ص13 ـ 16 وراجع: مجمع الزوائد ج6 ص145 و 146 والدر المنثور ج6 ص76 ـ 78 والسنن الكبرى ج9 ص220 والكافي ج8 ص323 والطبقات الكبرى ج2 ص95 والخراج لأبي يوسف ص210 وتهذيب تاريخ ابن عساكر ج7 ص134 ورسالات نبوية ص170 وراجع: السيرة النبوية لدحلان ج2 ص39 و 40 والكامل في التاريخ ج2 ص202 و 203 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص274 وعن عيون الأثر ج2 ص116 والبداية والنهاية ج4 ص190 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص778 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص316.
([356]) أي خليط.
([357]) راجع: تاريخ الخميس ج2 ص19 وكنز العمال (ط الهند) ج10 ص311 ـ 315 عن مصادر كثيرة ومسند أحمد ج4 ص323 و 324 و 329 و 330 والمصنف للصنعاني ج5 ص336 والسيرة الحلبية ج3 ص13 ـ 16 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص328 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص219 والبحار ج17 ص32 و 33 وج20 ص332 و 343 والمغازي للواقدي ج2 ص598 وعن البخاري ج3 ص254 و 255، وفضائل الخمسة من الصحاح الستة ج1 ص20 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص43 و 42 وج10 ص38 وعن الشفاء لعياض ج2 ص37 وعن شرح الشفا لملا علي القاري ج2 ص67 وعن كنز العمال ج16 ص236 والمعجم الكبير ج20 ص12 وإرواء الغليل ج1 ص56 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج4 ص212 والدر المنثور ج6 ص77 وتاريخ مدينة دمشق ج57 ص227 والبداية والنهاية ج4 ص199 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص332.
([358]) الوسائل ج9 ص404 وتحفة الأحوذي ج3 ص507 وج5 ص373 والمعجم الأوسط ج5 ص191 ورياض الصالحين ص139 والبيان في تفسير القرآن ص469 وسبل الهدى والرشاد ج8 ص464 و 488 والمحاسن ج2 ص521 وعن البحار ج63 ص230 وشرح مسلم ج13 ص224 وعن فتح الباري ج9 ص432 وعن عون المعبود ج10 ص183 وصحيح ابن حبان ج4 ص207 وسير أعلام النبلاء ج11 ص212.
([359]) الطبقات الكبرى ج5 ص406 وج7 ص25 وسير أعلام النبلاء ج5 ص143 وج11 ص337 وج16 ص487 وتهذيب التهذيب ج11 ص366.
([360]) السيرة الحلبية ج3 ص23 وتاريخ الخميس ج2 ص23 ومسند أحمد ج6 ص296 وصحيح البخاري ج7 ص57 وفتح الباري ج10 ص298 وتاريخ المدينة ج2 ص618.
([361]) راجع: صحيح مسلم ج4 ص83 وج7 ص82 ومسند أحمد ج3 ص221 و 226 وفتح الباري ج11 ص60 والبداية والنهاية ج6 ص29.
([362]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص74 والتراتيب الإدارية ج1 ص346 وفتح الباري ج5 ص249 وعون المعبود ج7 ص317 وج12 ص265.
([363]) راجع: التراتيب الإدارية ج1 ص346 وفتح القدير ج4 ص430 ورواية "قياماً" في: إعانة الطالبين للدمياطي ج3 ص305 وج4 ص219 والقواعد والفوائد للشهيد الأول ج2 ص161 و 284 والبداية والنهاية ج8 ص134 وج10 ص386 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص348 وتاريخ بغداد ج2 ص171 وج11 ص361 وتهذيب الكمال ج20 ص351 وسير أعلام النبلاء ج10 ص467 وج13 ص140 ولسان الميزان ج2 ص426 ومستدرك الوسائل ج9 ص65 والأمالي للطوسي ص538 ومكارم الأخلاق ص471 ومشكاة الأنوار ص358 والبحار ج71 ص90 وج73 ص38 والجامع الصحيح ج4 ص184 ومجمع الزوائد ج8 ص40 وفتح الباري ج11 ص41 و 42 والمعجم الأوسط ج4 ص282 والمعجم الكبير ج19 ص351 و 352 والجامع الصغير ج2 ص553 والعهود المحمدية للشعراني ص834 وفيض القدير ج6 ص41 وكشف الخفاء ج2 ص220 ونظم المتناثر في الحديث المتواتر للكتاني ص223 واللمعة البيضاء ص546 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص399 و 633 وميزان الحكمة ج3 ص2004 وتحفة الأحوذي ج8 ص25 والوسائل ج8 ص560 ومسند أحمد ج4 ص100 وسنن أبي داود ج2 ص525 وأحكام القرآن ج3 ص123 وذكر أخبار إصبهان ج1 ص219.
([364]) الإحتجاج ج1 ص414 والبحار ج43 ص197 وج44 ص83 وج31 ص645 ومرآة العقول ج5 ص321 وضياء العالمين (مخطوط) ج2 ق3 ص64 والعوالم (حياة الإمام الحسن) ص225 واللمعة البيضاء ص870 وبيت الأحزان ص116 وصحيفة الإمام الحسن للفيومي ص270 ومجمع النورين ص81.
([365]) راجع: قاموس الرجال (ط مؤسسة النشر الإسلامي) ج10 ص194 ـ 200
([366]) التراتيب الإدارية ج1 ص346 عن الإستيعاب ونور النبراس، والروض الأنف، والإصابة ج2 ص207 عن البغوي، وابن قانع، والإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج2 ص207 وأسد الغابة ج3 ص36 ومكاتيب الرسول ج3 ص558 وعن كنز العمال ج13 ص442 وتاريخ مدينة دمشق ج36 ص416.
([367]) البحار ج20 ص331 ومسند أحمد ج4 ص324 و 329 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص219 وعن فتح الباري ج5 ص248 والمصنف للصنعاني ج5 ص335 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص514 والمعجم الكبير ج20 ص11 وتفسير مجمع البيـان ج9 ص196 وتفسير المـيـزان ج18 ص266 وج6 = = ص76 وتاريخ مدينة دمشق ج57 ص227 وج60 ص26 وتاريخ الأمم والملوك للطبري ج2 ص275 والبداية والنهاية ج4 ص190 و 199 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص616 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص778 وعن عيون الأثر ج2 ص117 وج3 ص317 و 331.
([368]) الآية 1 من سورة الحجرات.
([369]) راجع: السيرة النبوية لابن هشام ج2 ص133 وكنز العمال (ط الهند) ج22 ص209 و (ط دار الفكر) ج16 ص681 والبداية والنهاية ج3 ص179 والأذكياء لابن الجوزي ص219 ومجمع الزوائد ج6 ص59 عن أحمد، ورجاله رجال الصحيح غير ابن إسحاق، وقد صرح بالسماع، وعن الطبري، وحياة الصحابة ج2 ص173 و 174 والغدير ج8 ص58 ومسند أحمد ج6 ص35 ومستدرك الحاكم ج3 ص5 والمعجم الكبير ج24 ص88 وتاريخ مدينة دمشق ج69 ص13 والسيرة النبوية لابن كثير ج2 ص236 وسبل الهدى والرشاد ج3 ص239.
([370]) الآية 21 من سورة الزخرف.
([371]) راجع: قاموس الرجال ج6 ص301 وتحف العقول ص465 والإحتجاج ج1 ص26 و 27 و 31 وسعد السعود ص76 وعدة الداعي ص112 والبحار ج9 ص149 و 270 و 273 وعن فتح الباري ج6 ص224 وتحفة الأحوذي ج10 ص55 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج11 ص64 وج18 ص296 والتبيان ج9 ص195 ومجمع البيان ج9 ص79 ونور الثقلـين ج4 ص597 و 598 = = و 222 وتفسير القرآن للصنعاني ج3 ص196 وجامع البـيـان ج25 ص83 و 84 و 85 ومعاني القرآن ج6 ص350 وزاد المسير ج7 ص95 والجامع لأحكام القرآن ج13 ص305 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص137 والدر المنثور ج3 ص300 وج6 ص16 ولباب النقول ص115 وفتح القدير ج4 ص553 و 555 وأسد الغابة ج3 ص406 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج1 ص603.
([372]) المصنف للصنعاني ج5 ص451 والمستدرك للحاكم ج3 ص78 والكامل لابن الأثير ج2 ص326 وتاريخ الأمم والملوك (ط ليدن) ج2 ص44 والنزاع والتخاصم ص19 وكنز العمال (ط الهند) ج5 ص383 و 385 عن ابن عساكر، وعن أبي أحمد الدهقان في حديثه. وأنساب الأشراف ج1 ص588.
([373]) النزاع والتخاصم ص19 والغدير ج3 ص253.
([374]) طبقات الشعراء لابن سلام ص38.
([375]) كتاب سليم بن قيس (ط النجف) ص140.
([376]) الآيتان 12 و 13 من سورة المجادلة. وراجع: دلائل الصدق ج2 ص120 والأوائل ج1 ص297 وتلخيص الشافي ج3 ص235 و 237 ومناقب أمير المؤمنين ج1 ص188 و 191 والمسترشد ص356 والإحتجاج ج1 ص181 والعمدة ص186 والطرائف ص40 و 41 والبحار ج67 ص29 وج29 ص15 وج35 ص379 والنص والإجتهاد ص371 وشرح النهج للمعتزلي ج13 ص274 ونظم درر السمطين ص90 وكنز العمال ج2 ص521 وتفسير أبي حمزة الثمالي ص329 وتفسير القمي ج2 ص357 وتفسير فرات الكوفي ص470 وخصائص الوحي المبين ص165 ونور الثقلين ج5 ص265 وشواهد التنزيل ج2 ص312 و 325 وفتح القدير ج5 ص191 وإعلام الورى ج1 ص370. وراجع فصل هجرة النبي "صلى الله عليه وآله" حين الحديث عن ثروة أبي بكر.
([377]) السيرة الحلبية ج3 ص16 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص46 وشرح أصول الكافي ج12 ص452 وجامع البيان ج26 ص111 والثقات ج1 ص298 والبداية والنهاية ج4 ص891 وعن عيون الأثر ج2 ص118 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص318.
([378]) أخرجه ابن سعد ج2 ق1 ص70 والبيهقي في الدلائل ج4 ص133 وجامع البيان ج26 ص111 وعين العبرة ص24 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج4 ص200 و 201 والثقات ج1 ص299 وتاريخ مدينة دمشق ج39 ص78 وتاريخ الأمم والملوك للطبري ج2 ص278 والبداية والنهاية ج4 ص191 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص618 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص780 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص318 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص46 وتفسير الثعالبي ج5 ص254 وعن عيون الأثر ج2 ص119 وكنز العمال ج10 ص482.
([379]) السيرة الحلبية ج3 ص16 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص46 وتاريخ مدينة دمشق ج39 ص79 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص619 ومكاتيب الرسول ج3 ص88.
([380]) أبان بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي.. قال البخاري، وأبو حاتم الرازي، وابن حبان: له صحبة وكان أبوه من أكابر قريش وله أولاد نجباء أسلم منهم قديماً خالد وعمرو، فقال فيهما أبان الأبيات المشهورة التي أولها:
ألا لـيـت مـيـتـاً بالظريبـة شاهـد لمـا يفتري في الـديـن عمرو وخالد
الإصابة 1/10.
([381]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص47 والسيرة الحلبية ج3 ص16.
([382]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص47 والسيرة الحلبية ج3 ص16 و 17 و 18 وكنز العمال ج10 ص483 وتاريخ مدينة دمشق ج39 ص78 و 80.
([383]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص48 ومسند أحمد ج4 ص324 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص620 وفتح الباري ج5 ص251.
([384]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص48.
([385]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص48 و 55 وجامع البيان ج26 ص122 والجامع لأحكام القرآن ج16 ص281 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص207 والدر المنثور ج6 ص76 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص278.
([386]) سبل الهدى والرشـاد ج5 ص48 و 52 ومنـاقب آل أبي طالب ج1 ص174 = = والبحار ج20 ص333 وميزان الحكمة ج3 ص2245 ومسند أحمد ج4 ص330 وصحيح البخاري ج3 ص181 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص220 وفتح الباري ج5 ص251 والمصنف للصنعاني ج5 ص337 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص510 والأدب المفرد ص196 وصحيح ابن حبان ج11 ص222 وعن كنز العمال ج10 ص478 وإرواء الغليل ج1 ص57 ومجمع البيان ج9 ص197 وجامع البيان ج26 ص125 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص213 والدر المنثور ج6 ص77 والجرح والتعديل ج4 ص245 وتاريخ مدينة دمشق ج57 ص228 وسير أعلام النبلاء ج1 ص194 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص276 وعن البداية والنهاية ج4 ص199 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص333.
([387]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص46 ـ 48 وراجع: البداية والنهاية ج4 ص167 عن ابن إسحاق والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص221 وراجع: الطبقات الكبرى ج1 ص461 وحياة الصحابة ج2 ص397 و 398 عن كنز العمال ج1 ص84 و 56 وج5 ص288 عن ابن أبي شيبة والروياني، وابن عساكر، وأبي يعلى، والسيرة الحلبية ج3 ص18 و 19 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص364 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص40 و 41 والكامل في التاريخ ج2 ص203 وعن عون المعبود ج7 ص289 وراجع: تاريخ مدينة دمشق ج39 ص77 والتنبيه والإشراف ص221.
([388]) راجع ما ذكروه حول بطولات عمر في فصل: حتى الشعب، وذلك حين الحديث عن إسلامه.
([389]) مغازي الواقدي ج1 ص282 وشرح النهج للمعتزلي ج14 ص274 وج15 ص20 عنه وعن البلاذري، وابن إسحاق، وطبقات الشعراء لابن سلام ص63 وراجع: البداية والنهاية ج3 ص107 عن ابن هشام، والبحار ج20 ص135 و 138 ومناقب أهل البيت ص332 وتاريخ مدينة دمشق ج24 ص393 و 397.
([390]) طبقات الشعراء لابن سلام ص63.
([391]) راجع: فصل: في موقع الحسم، من هذا الكتاب.
([392]) المغازي للواقدي ج1 ص279 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص23 ومناقب أهل البيت ص332.
([393]) المصنف للصنعاني ج5 ص366.
([394]) الأوائل ج1 ص184 و 185 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص412.
([395]) راجع: فصل: في موقع الحسم، من هذا الكتاب.
([396]) طبقات الشعراء لابن سلام ص38.
([397]) المنمق ص147.
([398]) المستدرك للحاكم ج1 ص61 وتلخيصه للذهبي (مطبوع بهامشه) وصححه على شرط الشيخين.
([399]) الخصال ج2 ص463 والبحار ج33 ص262 وكتاب سليم بن قيس ص242.
([400]) كتاب سليم بن قيس ص140 وشرح النهج للمعتزلي ج17 ص272 وكنز العمال ج10 ص295 وتاريخ مدينة دمشق ج23 ص454.
([401]) المغازي للواقدي ج2 ص821 وعن كنز العمال ج5 ص295 عن ابن عساكر، عن الواقدي.
([402]) السيرة الحلبية ج3 ص16.
([403]) السيرة الحلبية ج3 ص17 وكتاب الأربعين للشيرازي ص588 والإصابة ج4 ص378 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص34 والصراط المستقيم ج3 ص34.
([404]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص51.
([405]) السيرة الحلبية ج3 ص16 عن شرح الهمزية لابن حجر.
([406]) مختلف الشيعة للعلامة الحلي ج4 ص53 و 183 و 290 و 301 و 352 والحدائـق النـاضرة للمحقق البحراني ج16 ص102 و 186 وج17 ص14 = = و 76 و 245 ورياض المسائل للسيد علي الطباطبائي (ط جديد) ج6 ص216 و 432 و 504 و 534 و 552 و ج7 ص79 و 94 ومستند الشيعة للمحقق النراقي ج12 ص71 و 216 و 219 و 299 وج13 ص32 وجواهر الكلام للشيخ الجواهري ج18 ص55 وج19 ص22 و 103 و 111 و 132 و 248 و 313 و 396 و 422 وج35 ص443 والمجموع لمحيي الدين النووي ج8 ص21 و 30 و 31 و 97 و 155 و 235 و 237 وتلخيص الحبير لابن حجر ج7 ص292 و 293 و 303 و 370 و 388 و 405 والمبسوط للسرخسي ج4 ص51 والبحر الرائق لابن نجيم المصري ج3 ص42 و 43 والمغني لعبدالله بن قدامة ج3 ص414 و 440 و 442 و 446 و 451 و 472 و 474 و 476 و 529 و 530 وسبل السلام لابن حجر العسقلاني ج2 ص201 و 203 و 208 و 209 و 212 ونيل الأوطار للشوكاني ج3 ص378 وج5 ص43 و 55 و 110 و 119 و 125 و 126 و 144 و 154 وفقه السنة للشيخ سيد سابق ج1 ص650 و 712 و 734 وشرح صحيح مسلم للنووي ج9 ص21 وج8 ص220 وفتح الباري ج1 ص193 و 419 وج3 ص388 و 397 و 398 و 431 و 456 و 461 و 464 وتحفة الأحوذي ج3 ص479 و 551 وعون المعبود ج5 ص182 و 233 و 251 و 311 ونصب الراية للزيلعي ج3 ص136 وفيض القدير شرح الجامع الصغير للمناوي ج1 ص100 وكشف الخفاء للعجلوني ج1 ص379 وأحكام القرآن للجصاص ج1 ص98 و 117 و 121 و 348 و 355 و 371 وفتح القدير للشوكاني ج1 ص161 و 204 والفصول في الأصول للجصاص ج2 ص33 وج3 ص232 والأحكام لابن حزم ج3 ص300 وأصول السرخسي لأبي بكر السرخسي ج1 ص12 و 14 وج2 ص27 وسير أعلام النبلاء للذهبي ج6 ص343 والإصابة لابن حجر ج1 ص42 والبداية والنهاية ج5 ص203 و 234 وسبل الهدى = = والرشاد ج8 ص475 وعوالي اللآلي ج1 ص215 وج4 ص34 والسنن الكبرى للبيهقي ج5 ص125 وإرواء الغليل ج4 ص316 والجامع لأحكام القرآن ج1 ص39 وج2 ص183 و 400 و 416 و 429 و 431 وج3 ص5 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص367 و 427.
([407]) السيرة الحلبية ج3 ص23.
([408]) راجع: تاريخ اليعقوبي (ط دار صادر) ج2 ص54.
([409]) راجع: جامع الأصول ج9 ص223 والبحار ج21 ص168 وج20 ص264 و 244 عنه وعن إعلام الورى ص191، وسنن أبي داود ج1 ص612 والمستدرك للحاكم ج2 ص125 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص229 وج10 ص308 وعون المعبود ج7 ص263 وكنز العمال ج10 ص473 والمنتقى من السنن المسندة ص275 والمعجم الأوسط ج4 ص316 ونصب الراية ج4 ص16 و 17 و 309.
([410]) الإرشاد للمفيد (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص122 و 123، وأشار في هامشه إلى: كفاية الطالب ص96 ومصباح الأنوار ص121 وباختلاف يسير في سنن = = الترمذي ج5 ص297 وإعلام الورى ص191 وفي (ط أخرى) ص372 وتاريخ بغداد ج1 ص133 والمستدرك على الصحيحين ج4 ص298 والبحار ج20 ص360 و 364 وج32 ص301 وج36 ص33 وج38 ص247 والإفصاح ص135 والعمدة لابن البطريق ص224 وعوالي اللآلي ج4 ص88 وكتاب الأربعين للماحوزي ص241 ودرر الأخبار ص174 وخصائص الوحي المبين لابن البطريق ص239 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص623 والمناقب للخوارزمي ص128 وكشف الغمة ج1 ص211 ونهج الإيمان ص523 وكشف اليقين ص106.
([411]) الكافي ج1 ص90 وشرح أصول الكافي ج3 ص130 و 131 والإحتجاج ج1 ص313 وعوالي اللآلي ج1 ص292 والفصول المهمة في أصول الأئمة ج1 ص168 والبحار ج3 ص283 ونور البراهين ج1 ص430 ومستدرك سفينة البحار ج7 ص64 وميزان الحكمة ج1 ص144 وج4 ص3207 وتفسير نور الثقلين ج5 ص233.
([412]) سنن البيهقي ج9 ص229 و 230 وراجع: تهذيب الأحكام ج6 ص152 والنهاية للطوسي ص295 والوسائل كتاب الجهاد ج11 ص89 والتنقيح الرائع ج3 ص256 والسرائر ج2 ص10 و 11 ومسالك الأفهام ج10 ص357 و 358 وشرائع الإسلام كتاب العتق وكتاب الجهاد، وكنز العرفان (ط مؤسسة آل البيت) ج2 ص129 وعوالي اللآلي ج3 ص187.
([413]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص45.
([414]) الإرشاد للمفيد (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص119 والبحار ج20 ص358 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص622.
([415]) راجع: مكارم الأخلاق، الطبعة الأولى ج1 ص191 والبحار ج92 ص2 و 3 وفي ج74 ص165: إن الله تعالى يحب الفأل الحسن، وعوالي اللآلي ج1 ص291 وميزان الحكمة ج2 ص1760 وج3 ص2348 ومسند أحمد ج2 ص332 وسنن ابن ماجة ج2 ص117 وعن فتح الباري ج10 ص181 والمصنف لابن أبي شيبة ج6 ص225 وصحيح ابن حبان ج13 ص49 وشرح النهج للمعتزلي ج14 ص230 وموارد الظمآن ص346 والجامع الصغير ج5 ص294 وكنز العمال ج7 ص136 وج10 ص115 وفيض القدير ج5 ص294 وكشف الخفاء ج1 ص66 ومعجم البلدان ج5 ص102 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص117 والكنى والألقاب ج1 ص293.
([416]) غرر الحكم رقم 4466 وعيون الحكم والمواعظ ص199 وميزان الحكمة ج3 ص2348.
([417]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج19 ص472 ونهج البلاغة، قسم الحكم، الحكمة رقم 400.
([418]) البحار ج15 ص388 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص104.
([419]) البحار ج46 ص191 وج88 ص243 ومستدرك سفينة البحار ج5 ص171 و ج8 ص104 والسرائر ج3 ص638 ومستدرك الوسائل ج4 ص305 ومستطرفات السرائر ص638.
([420]) راجع: البحار ج20 ص333 وصحيح ابن حبان ج11 ص222 وجامع البيان ج26 ص125 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص277.
([421]) البحار ج18 ص122 عن إعلام الورى وج58 ص221 ومسند أحمد ج3 ص213 و 286 وصحيح مسلم ج7 ص57 وسنن أبي داود ج2 ص482 والمصنف لابن أبي شيبة ج7 ص239 ومنتخب مسند عبد بن حميد ص391 والسنن الكبرى للنسائي ج4 ص388 ومسند أبي يعلى ج6 ص236 وكنز العمال ج15 ص385 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص180 وتاريخ مدينة دمشق ج40 ص527 وعن الإصابة ج4 ص428 وعن إعلام الورى ج1 ص90.
([422]) مناقب آل أبي طالب ج1 ص55 وفي طبعة أخرى ج1 ص79.
([423]) الكافي ج8 ص197 الخبر رقم 234 والوسائل ج8 ص262 وج15 ص585 والبحار ج55 ص310 و 322 وشرح أصول الكافي ج12 ص262 والفصول المهمة ج3 ص282 ونور البراهين ج2 ص278 ومستدرك سفينة البحار ج6 ص619 وتفسير الميزان ج11 ص78 وميزان الحكمة ج2 ص1760 وج3 ص2354 ونور الثقلين ج4 ص382.
([424]) الكافي ج8 ص198 والوسائل ج8 ص262 وج15 ص584 ونور الثقلين ج4 ص382 والميزان (تفسير) ج19 ص78 وشرح أصول الكافي ج12 ص262 والفصول المهمة ج1 ص537 ونور البراهين ج2 ص277 وميزان الحكمة ج2 ص1760 وج3 ص2354 و 2716 والكنى والألقاب ج1 ص293.
([425]) المحاسن ج2 ص348 والكافي ج8 ص315 ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص269 والوسائل ج8 ص263 ومكارم الأخلاق ص242 والبحار ج55 ص326 وج73 ص225 والجواهر ج18 ص152 والكنى والألقاب ج1 ص293 والخصال ص272 وشرح أصول الكافي ج12 ص439 ونور البراهين ج2 ص278 ومستدرك سفينة البحار ج6 ص620 وميزان الحكمة ج3 ص2354 ونور الثقلين ج4 ص383.
([426]) الآية 41 من سورة الروم.
([427]) المحاسن ج1 ص107 والكافي ج2 ص374 وج5 ص541 وعلل الشرايع ج2 ص584 وأمالي الصدوق ص385 وثواب الأعمال ص252 وتحف العقول ص51 وروضـة الـواعظين ص420 و 463 وشـرح أصـول الكـافي ج10 = = ص40 والوسائل ج11 ص513 وج14 ص231 ومستدرك الوسائل ج9 ص107 وعن البحار ج70 ص369 و 372 وج76 ص27 وج88 ص328 وج97 ص46 و 72 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص130 وج9 ص208 ومكاتيب الرسول ج2 ص135 وج3 ص570 وميزان الحكمة ج2 ص1161.
([428]) الآية 96 من سورة الأعراف.
([429]) أسد الغابة ج2 ص371 ومكاتيب الرسول ج3 ص82 وعن الإصابة ج2 ص93 والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج2 ص109 و 110 وراجع: المصنف لابن أبي شيبة ج8 ص484 وشرح النهج للمعتزلي ج14 ص172وراجع: كنز العمال ج5 ص409 وكتاب المنمق ص218.
([430]) مكاتيب الرسول ج3 ص82 وأسد الغابة ج2 ص371 وشرح النهج للمعتزلي ج14 ص172.
([431]) يقابله الأملح، وهو مشقوق الشفة السفلى.