إرواء الغليل
محمد ناصر الألباني ج 2
[ 1 ]
إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل تأليف محمد ناصر الدين الالباني بإشراف زهير الشاويش الجزء الثاني المكتب الاسلامي
[ 2 ]
حقوق الطبع محفوظة للمكتب الاسلامي لصاحبه زهير الشاويش الطبعة الثانية 1405 ه - 1985 م ا لمكتب الاسلامي بيروت : ص . ب 3771 / 11 - هاتف 450638 - برقيا : اسلاميا دمشق : ص . ب 800 - هاتف 111637 - برقيا : اسلامي
[ 3 ]
كتاب الصلاة 296 - (حد يث طلحة بن عبيد الله (ان أعرابيا قال : يا رسول الله ماذا فرض الله علي من الصلاة ؟ قال : خمس صلوات في اليوم والليلة ، قال : هل علي غيرهن ؟ قال : لا إلا أن تطوع شيئا . متفق عليه) ص 81 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 19 - 20 ، 472 ، 2 / 161 ، / 339) ومسلم (1 / 31 - 32 ، 32) وكذا أبو عوانة في صحيحه (1 / 310 - 311 ، 2 / 417) ومالك (1 / 175 / 94) وعنه أ بو داود (391) والنسائي (1 / 79 ، 297 ، 2 / 272) وابن الجارود في المنتقى (ص 75) والبيهقي (2 / 466) وأحمد (1 / 16 2) من طرق عن ابي سهيل بن مالك عن ابيه أنه سمع طلحة بن عبيد الله يقول : (جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من اهل نجد ، ثائر الرأس ، يسمع دوي صوته ، ولا نفقه ما يقول ، حتى دنا فإذا هو يسأل عن الإسلام ، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : خمس صلوات في اليوم والليلة ، قال : هل علي غيرهن ؟ قال : لا إلا ان تطوع ، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : وصيام شهر رمضان ، قال : هل علي غيره ؟ قال : لا إلا أن تطوع ، قال : وذكر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الزكاة ، فقال : هل علي غيرها ؟ قال : لا ، إلا أن تطوع ، قال : فأدبر الرجل وهو يقول : والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : أفلح الرجل ان صدق) . وفي رواية الشيخين والنسائي : (أن أعرابيا جاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يارسول الله ، أخبرني ماذا فرض الله علي من الصلاة ؟ فقال : الصلوات الخمس الا أن تطوع شيئا ، فقال : أخبرني بما فرض الله من الصيام ؟ قال : شهر رمضان إلا أن تطوع شيئا ، قال : أخبرني بما فرض الله علي من الزكاة ؟ قال : فأخبره رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
[ 4 ]
بشرائع الاسلام قال : والذي أكرمك لا أتطوع شيئا ، ولا أنقص مما فرض الله علي شيئا ، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : أفلح إن صدق ، أو دخل الجنة . ومن التأمل في هاتين الروايتين يتبين ان روايته الكتاب مؤلفة منهما . وللحديث شاهد من رواية انس قال : (سأل رجل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال : يا رسول الله كم افترض الله عز وجل على عباده من الصلوات ؟ قال : افترض الله على عباده صلوات خمسا ، قال : يا رسول الله ! هل قبلهن أو بعدهن شيئا ؟ قال : افترض الله على عباده صلوات خمسا ، فحلف الرجل لا يزيد عليه شيئا ، ولا ينقص منه شيئا ، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ان صدق ليدخلن الجنة . أخرجه النسائي والدارقطني (ص 85) . وإسناده صحيح على شرط مسلم . وأصله في البخاري (1 / 26 - 27) من طريق أخرى عن أنس ومسلم (1 / 32) والترمذي (1 / 121) وقال : حديث حسن غريب من هذا الوجه . 297 - (حديث (رفع القلم عن ثلاثة) الخ) ص 81 صحيح . وقد ورد من حديث عائشة ، وعلي بن أبي طالب ، وأبي قتاده الأنصاري . اما حديث عائشة فلفظه : (رفع القلم عن ثلاثة : عن النائم حتى يستيقظ ، وعن المبتلى حتى يبرأ (وفي رواية : وعن المجنون (وفي لفظ : المعتوه) حتى يعقل أو يفيق) وعن الصبي حتى يكبر . (وفي رواية : حتى يحتلم) رواه أبو داود (4398) والسياق له والنسائي (2 / 100) وله الرواية الثانية ، والدارمي (2 / 171) وله الرواية الثالثة وابن ماجه (2041) وابن حبان (1496) وابن الجارود في المنتقى (ص 77) والحاكم (2 / 59) واحمد (6 / 100 - 101 ، 101 ، 144) وابو يعلى (ق 208 / 1) عن حماد بن سلمة عن حماد عن إبراهيم عن الأسود عنها مرفوعا . وقال الحاكم :
[ 5 ]
(صحيح على شرط مسلم) . ووافقه الذهبي . قلت : وهو كما قالا ، فإن رجاله كلهم ثقات احتج بهم مسلم برواية بعضهم عن بعض ، وحماد وهو ابن ابي سليمان وإن كان فيه كلام من قبل حفظه فهو يسير ، لا يسقط حديثه عن رتبة الاحتباج به ، وقد عبر عن ذلك الحافظ بقوله : (فقيه ، ثقة ، صدوق ، له اهامه) . وفي (نصب الراية) (4 / 162) : (ولم يعله الشيخ في (الامام) بشئ . وإنما قال : هو أقوى إسنادا من حديث علي) قلت : وفي هذا الترجيح عندي نظر ، لما لحديث علي من الطرق سيما واحداها صحيح كما يأتي وأما حديث علي فله عنه طرق . 1 - عن أبي ظبيان عن ابن عباس قال : (أتي عمر بمجنونة قد زنت ، فاستشار فيها أناسا فأمر بها عمر أن ترجم ، فمر بها على علي بن أبي طالب رضوان الله عليه فقال : ما شأن هذه ؟ قالوا : مجنونة بني فلان زنت فأمر بها عمر أن ترجم ، قال : ارجعوا بها ، ثم أتاه ، فقال : يا أمير المؤمنين : أما علمت ان القلم قد رفع عن ثلاثة عن المجنون حتى يبرأ ، وعن النائم حتى يستيقض وعن الصبي حتى يعقل ؟ قال : بلى ، قال : فما بال هذه ترجم ؟ قال ، لا شئ ، قال : فأرسلها ، قال : فجعل عمر يكبر) . وفي رواية : قال : أوما تذكر أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : رفع القلم عن ثلاثة عن المجنون المغلوب على عقله حتى يفيق وعن النائم حتى يستيقيظ وعن الصبي حتى يحتلم ؟ قال : صدقت ، قال : فخلى عنها . رواه أبو داود (4399 - 441) وابن خزيمة في (صحيحه) (1003) وعنه ابن حبان (1497) والحاكم (2 / 59 / 389) كلاهما بالروايتين والدارقطني (347) بالرواية الثانية من طرق عن الأعمش عن أبي ظبيان به . وقال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي .
[ 6 ]
قلت : وهو كما قالا ، ولا يضره ايقاف من أوقفه لأمرين : الأول : أن من رفعه ثقة والرفع زيادة فيه يجب قبولها . الثاني : ان رواية الوقف في حكم الرفع لقول علي لعمر : أما علمت . وقول عمر : بلى . فذلك دليل على ان الحديث معروف عندهم . وكذلك لا يضره رواية من أسقط من الاسناد ابن عباس مثل رواية عطاء بن السائب عن أبي ظبيان الجنبي قال أتي عمر بامرأة قد فجرت فأمر برجمها ، فمر علي رضي الله عنه . الحديث نحو الرواية الثانية المرفوعة . أخرجه أبو داود (4402) وأحمد (1 / 154 ، 158) من طريق عطاء بن السائب عن أبي ظبيان . قلت : ورجاله ثقات لكن عطاء بن السائب كان اختلط ، فلعله فلعله ذهب عليه من إسناد ابن عباس بين أبي ظبيان والخليفتين . وقد حكى الدارقطني الخلاف فيه على ابي ظبيان كما ذكره الزيلعي والراجح عندنا رواية الأعمش عنه كما تقدم . 2 - عن الحسن البصري عن علي مرفوعا (رفع القلم عن ثلاثة . .) الحديث . اخرجه الترمذي (1 / 267) والحاكم (4 / 389) واحمد (1 / 116 ، 118 ، 140) وقال الترمذي : (حديث حسن غريب) . وقال الحاكم : إسناده صحيح . وتعقبه الذهبي بقوله : (فيه إرسال) فأصاب ، فإن الحسن البصري لم يثبت سماعه من علي ، ولا يكفي في مثله المعاصرة كما ادعى بعض العلماء المعاصرين لأن الحسن معروف التدليس وقد عنعنه فمثله كما هو مقرر في علم المصطلح ، وشرحه الإمام مسلم في مقدمة صحيحه . 3 - عن أبي الضحى عنه مرفوعا . أخرجه أبو داود (4403) والبيهقي (6 / 57 ، 7 / 359) قلت : ورجاله كلهم ثقات رجال الشيخين إلا أنه منقطع أيضا . فان أبا الضحى - واسمه مسلم بن صبيح - لم يدرك علي بن أبي طالب كما قال المنذري وغيره .
[ 7 ]
4 - عن القاسم بن يزيد عن علي بن ابي طالب مرفوعا مختصرا . أ خرجه ابن ماجه (2042) وقال البوصيري في (الزوائد) (ق 1 27 / 2) : (هذا إسناد ضعيف ، القاسم بن يزيد هذا مجهول ، وايضا لم يدرك علي بن أبي طالب) . قلت : وبالجملة فحديث علي هذا عندي أصح من حديث عائشة المتقدم لأن طريقه فرد ، وهذا له اربع طرق إحداها صحيح كما رأيت ، والله اعلم . وأما حديث أبي قتادة فلفظه : (أنه كان مع النبي (صلى الله عليه وسلم) في سفر فأدلج فتقطع الناس عنه فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (أنه رفع القلم عن ثلاث : عن النائم حتى يستيقظ ، وعن المعتوه حتى يصح ، وعن الصبي حتى يحتلم) . أخرجه الحاكم (4 / 389) عن عكرمة بن إبراهيم حدثني سعيد بن ابي عروبة عن قتادة عن عبد الله بن أبي رباح عن أبي قتادة وقال (صحيح الاسناد) . ورده الذهبي بقوله : (قلت : عكرمة ضعفوه) . وفي الباب عن أبي هريرة أيضا ، وثوبان وابن عباس وعن غير واحد من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) منهم شداد بن اوس وثوبان ، لا تخلو أسانيدها من مقال ، وقد خرجها الهيثمي في (المجمع) (6 / 251) والزيلعي (4 / 164 - 165) بعضها . 298 - (حديث عمرو ابن شعيب عن ابيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال : (مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع) . رواه أحمد وأبو داود) ص 81 صحيح . وقد مضى تخريجه في اول (شروط الصلا ة) (247) واللفظ هنا لأحمد إلا أنه قال : (لسبع سنين) و (لعشر سنين) والباقي مثله سواء ، ولفظ ابي داود نحوه وقد ذكرته هناك .
[ 8 ]
299 - (قال (صلى الله عليه وسلم) لعمران بن حصين : (صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا ، فإن لم تستطع فعلى جنب . رواه البخاري) ص 82 صحيح . أخرجه البخاري قبيل (كتاب التهجد) (1 / 283) عن عمران بن حصين قال : (كانت بي بواسير ، فسألت النبي (صلى الله عليه وسلم) عن الصلاة ؟ فقال : فذكره) . وكذلك أخرجه أبو داود (952) والترمذي (2 / 208) وابن ماجه (1223) وابن الجارود (120) والدارقطني (146) والبيهقي (2 / 304) واحمد (4 / 426) كلهم من طريق إبراهيم بن طهمان قال : حدثني الحسين المكتب عن ابن بريدة عن عمران . وأخرجه البخاري وابو داود الترمذي وكذا النسائي (1 / 245) وابن الجارود والبيهقي (2 / 308) واحمد (4 / 433) من طرق عن الحسين بإسناده عن عمران بلفظ : (قال : سألت النبي (صلى الله عليه وسلم) عن صلاة الرجل وهو قاعد ؟ فقال : من صلى قائما فهو أفضل ، ومن صلى قاعدا فله نصف أجر القائم ، ومن صلى نائما فله نصف أجر القاعد) . وهذا اللفظ صحيح ايضا كالأول خلافا لما يوهمه كلام الترمذي في السنن ان اللفظ الأول شاذ لتفرد ابن طهمان به ، بل الروايتان صحيحتان كما حققه الحافظ في الفتح (2 / 483) . 300 - (قوله في حيديث المسئ : (إذا قمت إلى الصلاة فكبر) ص 82 صحيح . وقد سبق لفظه بتمامه وتخريجه برقم (289) 301 - (حديث تحريمها التكبير وتحليلها التسليم) رواه أبو داود) ص 82
[ 9 ]
صحيح . وأوله (مفتاح الصلاة الطهور ، وتحريمها) . . . أخرجه أبو داود (61 / 618) والترمذي (1 / 9) والدارمي (1 / 175) وابن ماجه (275) والطحاوي في (شرح المعاني) (1 / 161) وكذا ابن ابي شيبة في (المصنف) (1 / 88 / 2) والدارقطني (145) والبيهقي (2 / 173 ، 379) وأحمد (1 / 123 ، 329) وأبو نعيم في (الحلية) (8 / 372) والخطيب في تاريخه (10 / 197) والضياء المقدسي في (المختارة) (1 / 243) من طرق عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد بن الحنفية عن علي رضي الله عنه مرفوعا . قلت : وهذا اسناد حسن . قال الترمذي : (هذا الحديث أصح شيئ في هذا الباب وأحسن ، وعبد الله بن محمد ابن عقيل ، قال : وهو مقارب الحديث) . وقال النوري في (المجموع) (3 / 289) : (رواه أبو داود والترمذي وغيرهما بإسناد صحيح إلا أن فيه عبد الله بن محمد بن عقيل ، قال الترمذي . . .) قلت كلامه المذكور آنفا . وقال الحافظ في (الفتح) (2 / 267) : (أخرجه أصحاب السنن بسند صحيح) كذا قال ، ولا يخفى ما فيه وهو الذي يقول في ابن عقيل هذا : (صدوق في حديثه لين ، ويقال تغير بأخره) وله طريق أخرى عن علي مرفوعا به . أخرجه أبو نعيم (7 / 124) وسنده ضعيف . لكن الحديث صحيح بلا شك فإن له شواهد يرقى بها الى درجة الصحة ، وقد أوردتها في كتابنا الكبير (تخريج صفة صلاة النبي (صلى الله عليه وسلم) ، ويراجع لها (نصب الراية) (1 / 308)
[ 10 ]
(فائدة) قال عبد الحق الأشبيلي في (كتا ب التهجد) (ق 65 / 1) في قول البخاري في أبي ظلال : مقارب الحديث : يريد أن حديثه يقرب من حديث الثقات . أي لا بأس به) . 302 - (قوله (صلى الله عليه وسلم) : (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) . متفق عليه) ص 82 صحيح . رواه البخاري (1 / 195) ومسلم (2 / 9) وكذا أبو عوانة (2 / 124 ، 125 ، 133) وابن أبي شيبة في (المصف) (1 / 143 / 1) وأبو داود (822) والنسائي (1 / 145) والترمذي (2 / 25) والدارمي (1 / 283) وابن ماجه (8 37) وابن الجارود (98) والدارقطني (1 22) وكذا الشافعي في (الأم) (1 / 93) والطبراني في (الصغير) (122) والبيهقي (2 / 38 ، 164 ، 374 ، 375) وأحمد (5 / 314 ، 321 ، 322) والسراج في حديثه (189 / 2 ، 195 / 1) من طرق عن الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت مرفرعا به . وزاد مسلم وأبو داود والنسائي في آخره : (فصاعدا) . وقد قيل : أنه تفرد بها معمر عن الزهري ، ولكنها عند أبي داود من طريق سفيان عن الزهري . فهي زيادة ثابتة لا سيما ولها شواهد كثيرة من حديث أبي سعيد وأبي هريرة وغيرهما ، وقد ذكرت بعضها في (تخريج صفة الصلا ة) . والحديث قال الترمذي (حديث حسن صحيح) . وفي رواية الدارقطني بلفظ : (لا تجزي صلاة لا يقرأ الرجل فيها بفاتحة الكتاب) . وقال : (هذا إسناد صحيح) . ولهذا اللفظ شاهد من حديث أبي هريرة أخرجه ابن خزيمة وابن حبان في
[ 11 ]
صحيحيهما كما في (نصب الراية) (1 / 366) . وفي أخرى للدارقطني والحاكم (1 / 238) من طريق محمد بن خلاد الاسكندراني ثنا أشهب بن عبد العزيز حدثني سفيان بن عيينة عن ابن شهاب عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت مرفوما بلفظ : (ام القرآن عوض من غيرها ، وليس غيرها منها بعوض) . وقال الحاكم : (قد اتفق الشيخان على إخراج هذا الحديث عن الزهري من أوجه مختلفة بغير هذا اللفظ ، ورواة هذا الحديث كلهم أئمة ، وكلهم ثقات على شرطهما قلت : وهذا من أوهامه ، فإن أشهب بن عبد العزيز وإن كان ثقة ، فلم يخرج له الشيخان أصلا . ومحمد بن خلاد الاسكندراني ، لم يخرجا له أيضا ، وهو علة هذا الحديث عندي ، فإنه وإن وثقه ابن حبان وغيره ، فقد شذ في رواية الحديث بهذا اللفظ ، كما يشير إلى ذلك قول الدارقطني عقبه : (تفرد به محمد بن خلاد عن أشهب عن ابن عيينة) . وأوضحه ابن يونس بقوله فيه : (يروي مناكير ، وانما المحفوظ عن الزهري بهذ السند : (لا تجزي صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن) . وزاده توضيحا الحافظ في اللسان فقال : (هذا اللفظ تفرد به أيضا زياد بن أيوب عن ابن عيينة والمحفوظ من رواية الحفاظ عن ابن عيينة : لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ، كذا رواه عنه أحمد بن حنبل وابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه وابن أبي عمر وعمر الناقد وخلائق . وبهذا اللفظ رواه أصحاب الزهري عنه : معمر وصالح بن كيسان والأوزاعي ويونس بن يزيد وغيرهم ، والظاهر ان رواتيه كل عن زياد بن أيوب وأشهب منقولة بالمعنى) . ثم ذكر عنه الحاكم ما خلاصته ان محمد بن خلاد كان ثقة حتى ذهبت كتبه ، فمن سمع عنه قديما فسماعه صحيح .
[ 12 ]
قلت : فلعله حدث بهذا الحديث بعدما ذهبت كتبه فأخطأ في لفظه . والله أعلم . 303 - (حديث عبد الله ابن أبي أوفى قال : (جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال : إني لا أستطيع أن أخذ شيئا من القرآن فعلمني ما يجزئني فقال : قل : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله اكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله) . رواه أبو داود) ص 83 حسن . رواه أبو داود (832) والنسائي (1 / 146 - 147) وابن الجارود (100) وابن حبان في (صحيحه) (477 - موارد) والدارقطني (118) والحاكم (1 / 241) والبيهقي (2 / 381) والطيالسي (813) واحمد (4 / 353 ، 356 ، 382) من طريق إبراهيم السلسكي عن عبد الله بن أبي أوفى به وزيادة : (قال : يارسول الله هذا لله عز وجل فما لي ؟ قال : قل : اللهم أغفر لي وارحمني وارزقني وعافني واهدني ، فلما قام قال : هكذا بيده . (وفي رواية : فعدهن الرجل في يده عشرا) فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : أما هذا فقد ملأيده . (وفي الرواية الأخرى : يديه) من الخير . وليست هذه الزيادة عند النسائي . وقال الحاكم : (صحيح على شرط البخاري) . ووافقه الذهبي . قلت : وهو كما قالا ، إلا أن السلسكي هذا وإن أخرج له البخاري فقد قال الحافظ في (التلخيص) (ص 89) : (وهو من رجال البخاري لكن عيب عليه اخراج حديثه) وضعفه النسائي وقال ابن القطان : ضعفه قوم فلم يأتوا بحجة . وذكره النووي في (الخلاصة) في (فصل الضعيف) . وقال في شرح المهذب : (رواه أبو داود والنسائي بإسناد ضعيف . وكان سببه كلامهم في إبراهيم . وقال ابن عدي : لم أجد له حديثا منكرا المتن انتهى ، ولم ينفرد به بل رواه الطبراني وابن حبان في صحيحه أيضا من طريق طلحه عن مصرف عن ابن أبي أوفى . ولكن في إسناده الفضل بن موفق ضعفه أبو حاتم) .
[ 13 ]
وقال في ترجمة الفضل هذا من (التقريب) : (فيه ضعف) . قلت : فالحديث حسن بهذه المتابعة . والله أعلم وقد قال المنذري في (الترغيب) (2 / 247) بعد أن عزاه لابن أبي الدنيا والبيهقي فقط من طريق السلسكي : (وإسناده جيد) . 304 - (حديث المسئ) . صحيح . وتقدم لفظه بتمامه مع تخريجه (289) . (305) - (حديث أبي حميد : (أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان إذا ركع أمكن يديه من ركبتيه ثم هصر ظهره) وفي لفظ : (فلم يصوب رأسه ولم يقنع) حديث صحيح) ص 83 . صحيح . كما قال المؤلف رحمه الله تعالى : وهو باللفظ الاول عند البخاري في صحيحه (1 / 212 - 213) وأبي داود (731 ، 732) والطحاوي في (شرح المعاني) (1 / 15 2) والبيهقي (2 / 84 ، 97 ، 102 ، 116 ، 127 - 128) من طرق عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو بن عطاء : (أنه كان جالسا في نفر من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) فذكرنا صلاة النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال أبو حميد الساعدي : أنا كنت أحفظكم لصلاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، رأيته إذا كبر جعل يديه حذو مكبيه وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه ، ثم هصر ظهره ، فإذا رفع رأسه استوى حتى يعود كل فقار مكانه ، فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما ، واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة ، فإذا سجد في الركعتين جلس على رجله اليسرى ، ونصب اليمنى ، فإذا جلس في الركعة الآخرة قدم رجله اليسرى ، ونصب الأخرى وقعد على مقعده . وأما اللفظ الأخر ، فرواه البخاري في (جزء رفع اليدين) (ص 5) وأبو داود (730) والترمذي (2 / 105 - 107) والدارمي (1 / 313 - 314) وابن ماجه (1061) وابن الجارود (101) والبيهقي (2 / 72 ، 137) وأحمد
[ 14 ]
(5 / 424) من طرق عن عبد الحميد بن جعفر حدثنا محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي حميد الساعدي قال سمعته - وهو في عشرة من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) احدهم أبو قتادة بن ربعي - يقول : أنا أعلمكم بصلاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قالوا : ما كنت أقدمنا له صحبة ، ولا إكثر له إتيانا ؟ قال : بلى ، قالوا : فاعرض ، فقال : (كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا قام للصلاة اعتدل قائما ، ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ، فإذا أراد أن يركع رفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ، ثم قال : الله اكبر . وركع ، ثم اعتدل فلم يصوب رأسه ولم يقنع ، ووضع يديه على ركبتيه ثم قال : سمع الله لمن حمده ، ورفع يديه واعتدل حتى يرجع كل عظم في موضطه معتدلا ، ثم أهوى إلى الارض ساجدا ثم قال : الله أكبر ، ثم جافى عضديه عن إبطيه ، وفتح أصبابع رجليه ، ثم ثنى رجله اليسرى وقعد عليها ، ثم اعتدل حتى يرجع كل عظم في موضعه معتدلا ، ثم أهوى ساجدا ، ثم قال : الله اكبر ، ثم ثنى رجله وقعد ، واعتدل حتى يرجع كل عظم في موضعه ، ثم نهض ، ثم صنع في الركعة الثانية مثل ذلك ، حتى إذا قام من السجدتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ، كما صنع حين افتتح الصلاة ، ثم صنع كذلك ، حتى كانت الركعة التي تنقضي فيها صلاته ، أخر رجله اليسرى وقعد على شقه متوركا ، ثم سلم) . والسياق للترمذي وقال : (حديث حسن صحيح) . وزاد أبو داود وابن الجارود وغيرهما في أخره . قالوا : صدقت ، هكذا كان يصلي (صلى الله عليه وسلم) . والنسائي (1 / 159) منه صفة ركوعه (صلى الله عليه وسلم) ولابن ماجه ايضا (862) بعضه . 306 - (قوله (صلى الله عليه وسلم) للمسئ في صلاته : (ثم ارفع حتى تعتدل قائما) ص 83 .
[ 15 ]
صحيح . وتقدم برقم (289) . 307 - (قول أنس : (كان النبي (صلى الله عليه وسلم) إذا قال : (سمع الله لمن حمده) قام حتى نقول قد أوهم) الحديث . رواه مسلم) ص 83 - 84 صحيح . وتمامه : (ثم يسجد . ويقعد بين السجدتين حتى نقول قد أوهم) . أخرجه مسلم (2 / 45) وكذا أبو عوانة (2 / 135) وأبو داود (853) وأحمد (3 / 347) من طريق حماد بن سلمة انا ثابت عن انس به . وقد تابعه حماد بن زيد عن ثابت به بلفظ : (إني لا آلو أن أصلي بكم كما رأيت النبي (صلى الله عليه وسلم) يصلى بنا ، قال ثابت : كان أنس بن مالك يصنع شيئا لم أركم تصنعونه ! كان إذا رفع رأسه من الركوع قام حتى يقول القائل : قد نسي ! وبين السجدتين حتى يقول القائل قد نسي . أخرجه البخاري (1 / 2 1 0) ومسلم وأبو عوانة (2 / 1 35 ، 176) والسراج في (حديثه) (5 4 / 1) والبيهقي (2 / 9 7 ، 98 ، 1 2 1) . وأخرجه الطيالسي (2 039) وأحمد (3 / 162 ، 172 ، 223) من طرق أخرى عن ثابت به مختصرا دون ذكر السجدتين وزادا : من طول ما يقوم . وهو عند البخاري (1 / 205) دون الزيادة وهي صحيحة ثابتة . 308 - (قوله (صلى الله عليه وسلم) (ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا) ص 84 صحيح . وهو قطعة من حديث المسئ صلاته وقد تقدم (289) 309 - (حديث أبي حميد : (كان (صلى الله عليه وسلم) إذا سجد أمكن جبهته وأنفه من الارض)) ص 84 صحيح . رراه أبو داود (734) والترمذي (2 / 59) وكذا البخاري في (رفع اليدين) (ص 5 - 6) والبيهقي (2 / 185 ، 112 ، 121) عن فليح بن سليمان حدثني بن سهل عن أبي حميد به . والسياق للترمذي إلا أ نه قدم الأنف على
[ 16 ]
الجبهة وزاد هو وغيره : (ونحى يديه عن جبينه ووضع كفيه حذو منكبيه ، وقال : (حديث حسن صحيح) . قلت : وهو على شرط الشيخين لكن فليح بن سليمان فيه ضعف من قبل حفظه لكنه لم يتفرد به ، فقد أخرجه البيهقي (2 / 102) من طريق ابن حلحلة عن محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي حميد . وأصله في البخاري كما تقدم برقم (298) وله شواهد ذكرتها في (تخريج صفة الصلاة) . 310 - (قوله (صلى الله عليه وسلم) أمرت أن أسجد على سبعة أعظم الجبهة ، وأشار بيده إلى أنفه - واليدين والركبتين وأطراف القدمين) . متفق عليه) ص 84 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 209) ومسلم (2 / 52) وكذا أبو عوانة في صحيحه (2 / 73 ، 182) والنسائي (1 / 166) والدارمي (1 / 302) وابن الجارود (106) والبيهقي (2 / 103) وأحمد (1 / 292 ، 305) والسراج في مسنده (39 / 2) من حديث ابن عباس مرفوعا به ، وزادوا في آخره : (ولا نكفت الثياب والشعر) . وأخرجه أبو داود (889) والترمذي (2 / 62) وابن ماجه (884) والطيالسي (2603) واحمد (1 / 221 ، 279 ، 286 ، 324) بهذه الزيادة دون تسمية الأعضاء ، وهو رواية للشيخين وغيرهما وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . 311 - (قول أنس : (كنا نصلي مع النبي (صلى الله عليه وسلم) فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر في مكان السجود) . متفق عليه) ص 84 صحيح . رراه البخاري (1 / 108 ، 146) واللفظ له في رواية ومسلم (2 / 109) والنسائي (1 / 167) والترمذي (2 / 479) والدارمي (1 / 308) وابن أبي شيبة في (المصنف) (1 / 105 / 1) وابن ماجه (1033) وأحمد (3 / 100) والبيهقي (2 / 106) والسراج في حديثه (87 / 1) وقال الترمذي (حديث حسن صحيح) .
[ 17 ]
(312) - (عن عبد الله بن عبد الرحمن قال : (جاءنا النبي (صلى الله عليه وسلم) فصلى بنا في مسجد بني عبد الأشهل ، فرأيته واضعا يديه في ثوبه ، إذا سجد)) رواه أحمد) ص 84 ضعيف . رراه أحمد وكذا ابنه في زوائد (المسند) (4 / 334 - 335) كلاهما عن عبد الله بن محمد بن أبي شيبة وهو في (المصنف) (1 / 103 / 2) عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن إسماعيل بن أبي حبيبة عن عبد الله بن عبد الرحمن به . قلت : وهذا اسناد ضعيف رجاله ثقات غير اسماعيل هذا فانه ضعيف كما في (التقريب) . وقد خالفه إسماعيل بن أبي اويس . أخبرني إبراهيم بن إسماعيل الاشهلي عن عبد الله بن عبد الرحمن بن ثابت بن الصامت عن أبيه عن جده أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) صلى في بني عبد الأشهل وعليه كساء متلفف به يضع يديه عليه يقيه برد الحصى) . أخرجه ابن ماجه (1032) فجعله من مسند والد عبد الله بن عبد الرحمن : ثابت بن الصامت . قال الحافظ في (التهذيب) : وهو الصواب) . قلت : وإسناده ضعيف أيضا لأن إبراهيم بن إسماعيل وهو ابن أبي حبيبة ضعيف أيضا كأبيه . (313) - (حديث ابن عمر مرفوعا : (إن اليدين يسجدان كما يسجد الوجه فإذا وضع أحدكم وجهه فليضع يديه وإذا رفعه فليرفعهما) . رواه أحمد وأبو داود والنسائي) ص 85
[ 18 ]
صحيح أخرجه أحمد (2 / 6) وعنه أبو داود (892) : ثنا إسماعيل أنا أيوب عن نافع عن ابن عمر رفعه . وأخرجه النسائي (1 / 165) والحاكم (1 / 226) وعنه البيهقي (2 / 101) والسراج في (مسنده) (ق 40 / 1) من طريق إسماعيل وهو ابن علية به . وقال الحاكم : (صحيح على شرط الشيخين . ووافقه الذهبي وهو كما قالا . ثم أخرجه البيهقي (2 / 102) وكذا ابن الجارود (107) والسراج من طريق وهيب قال : ثنا (أيوب به . إلا أنه صرح برفعه إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال : (عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم) . وإسناده صحيح أيضا . وقال البيهقي : (كذا قال ، ورواه إسماعيل ابن علية عن أيوب فقال : (رفعه) ورواه حماد بن زيد عن أيوب موقوفا على ابن عمر ، ورواه ابن أبي ليلى عن نافع مرفوعا) . قلت : ولا اختلاف بين رواية ابن علية ، ورواية وهيب كما قد يتوهم من عبارة البيهقي - لان قول الراوي : (رفعه) حكمه في حكم المرفوع عند المحدثين ، ومثله قوله (ينمي) كما تقرر في (مصطلح الحديث) . وقد رواه مالك أيضا في (الموطأ) (1 / 163 / 60) عن نافع موقوفا . ولا يخدج وقفه في رفعه ، لأن الرفع زيادة ، وقد جاءت من ثقة وهو أيوب السختياني رواها عنه ثقتان ابن علية ووهيب ، فوجب قبولها . وبالجملة فالحديث صحيح مرفوعا وموقوفا .
[ 19 ]
(314) - (قوله (صلى الله عليه وسلم) : (إذا أمرتم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) ص 85 صحيح وهو آخر حديث أوله : (دعوني ما تركتكم ، إنما أهلك من كان قبلكم سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم ، فإذا نهيتكم عن شئ فاجتنبوه ، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) . وهو من حديث أبي هريرة ، وله عنه ألفاظ وطرق : الأولى : عن أبي الزناد عن الأعرج عنه بهذا اللفظ . أخرجه البخاري (4 / 422) ومسلم (7 / 91) وأحمد (2 / 258) . الثانية : عن الاعمش عن أبي صالح عنه . أخرجه مسلم وابن ماجه (1 ، 2) وأحمد (2 / 495) ورواه الترمذي (2 / 113) مختصرا دون الشطر الثاني وقال : (حديث حسن صحيح) . الثالثة : عن همام بن منبه عنه به . أخرجه مسلم وأحمد (2 / 313) . الرابعة والخامسة : عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وسعيد بن المسيب عنه به نحوه . رواه مسلم . السادسة : عن محمد بن زياد عنه به . أخرجه مسلم (4 / 102) والنسائي (2 / 2) وأحمد (2 / 447 ، 457 ، 467 508) وفي أوله زيادة عند مسلم والنسائي في رواية لاحمد بلفظ :
[ 20 ]
(خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال : (أيها الناس فرض الله عليكم الحج فحجوا ، فقال رجل : أكل علم يارسول الله ؟ فسكت حتى قالها ثلاثا ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (لو قلت : نعم لو جبت ، ولما استطعتم) ، ثم قال : (ذروني ما تركتكم . . .) الحديث . وهكذا أخرجه الدارقطني (ص 281) . السابعة : عن عبد الرحمن بن أبي عمرة عنه به . أخرجه أحمد (2 / 482) بإسناد على شرط الشيخين . الثامنة : عن محمد بن عجلان عن أبيه عنه . أخرج أحمد (2 / 347 ، 428) بإسناد حسن . (315) - (قوله (صلى الله عليه وسلم) ثم ارفع حتى تطمئن جالسا)) ص 85 صحيح وقد تقدم بتمامه مع تخريجه كما سبق التنبيه عليه مرارا . (316) - (قول عائشة : (كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يفرش رجله اليسرى وينصب اليمنى وينهى عن عقبة الشيطان) رواه مسلم) ص 85 . صحيح وهو قطعة من حديث لها ، ولفظه : (كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يستفتح الصلاة بالتكبير والقراءة ب (الحمد لله رب العالمين) ، وكان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه ، ولكن بين ذلك ، وكان إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائما ، وكان إذا رفع رأسه من السجدة لم يسجد حتى يستوي جالسا ، وكان يقول في كل ركعتين التحية ، وكان يفرش رجله اليسرى ، وينصب رجله اليمنى ، وكان ينهى عن عقبة (وفي رواية : عقب) الشيطان ، وينهى أن يفترش الرجل ذراعيه إفتراش السبع ، وكان يختم الصلاة بالتسليم) .
[ 21 ]
أخرجه مسلم (2 / 54) وأبو عوانة (2 / 94 ، 164 ، 189 ، 222) مفرقا وأبو داود (783) والبيهقي (2 / 15 ، 113 ، 172) وأحمد (6 / 31 ، 192) الطيالسي (1547) والسراج (40 / 2) عن بديل بن ميسرة عن أبيه عن أبي الجوزاء عنها . وروى منه ابن أبي شيبة (1 / 111 - 1 ، 2) المقدار الذي أورده المصنف . وابن ماجه (812) الجملة الأولى منه . قلت : وهذا الاسناد ظاهره الصحة ولذلك أخرجه مسلم ثم أبو عوانة في صحيحيهما ، لكنه معلول ، فقال الحافظ ابن عبد البر في (الإنصاف فيما بين العلماء من الاختلاف) (ص 9) : (رجال إسناد هذا الحديث كلهم ثقات إلا أنهم يقولون (يعني أئمة الحديث) : إن أبا الجوزاء لا يعرف له سماع من عائشة وحديثه عنها إرسال . قلت : وهذا اشار إلى ذلك البخاري في ترجمة أبي الجوزاء - واسمه أوس بن عبد الله - فقال : (في إسناده نظر) . قال الحافظ في (التهذيب) : (يريد أنه لم يسمع من مثل ابن مسعود وعائشة وغيرهما لا إنه ضعيف عنده) . وقد أعل الحافظ هذا الإسناد بالانقطاع في حديث آخر يأتي (334) ويؤيد الانقطاع ما في (التهذيب) إن جعفر الفريابي قال في (كتاب الصلاة) : ثنا مزاحم ابن سعيد ثنا ابن المبارك ثنا إبراهيم بن طهمان ثنا بديل العقيلي عن أبي الجوزاء قال : أرسلت رسولا إلى عائشة يسألها ، فذكر الحديث) . قلت : فرجع الحديث إلى أنه عن رجل مجهول هو الواسطة بين أبي الجوزاء وعائشة ، فثبت بذلك ضعف الإسناد . لكن الحديث صحيح إن شاء الله تعالى ، فإن للجملة الأولى منه طريقا أخرى عند البيهقي ، ولسائره شواهد كثيرة في أحاديث متعددة يطول الكلام بإيرادها وقد ذكرتها في صحيح أبي داود (رقم 752) (تنبيه) استدل المؤلف رحمه الله تعالى بالحديث على أن السنة في الجلوس بين السجدتين الافتراش ، وحديث أبي حميد أصرح في الدلالة على ذلك ولفظه بعد أن ذكر السجدة الأولى :
[ 22 ]
(ثم ثنى رجله اليسرى وقعد عليها ، ثم اعتدل حتى يرجع كل عظم في موضعه معتدلا) . الحديث وقد تقدم تخريجه ولفظه برقم (305) . ومما ينبغي أن يعلم أن هناك سنة أخرى في هذا الموطن وهي سنة الإقعاء ، وهو أن ينتصب على عقبيه وصدور قدميه فقد صح عن طاوس أنه قال : (قلنا لابن عباس في الإقعاء على القدمين في السجود ، فقال هي السنة ، فقلنا له : إنا لنراه جفاء بالرجل ، فقال ابن عباس : بل هي سنة نبيك صلى الله عليه وسلم) . أخرجه مسلم (2 / 70) وأبو داود (845) والترمذي (2 / 73) والحاكم (1 / 272) والبيهقي (2 / 119) وأحمد (1 / 313) وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) ، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا الحديث من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم . قلت : رواه ابن أبي شيبة (1 / 112 / 1) عن جماعة من الصحابة وغيرهم ، ررواه أبو إسحاق الحربي في (غريب الحديث) (5 / 12 / 1) والبيهقي عن العبادلة الثلاثة عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير . وإسناده صحيح . وبالجملة فالإقعاء بين السجدتين سنة كالافتراش ، فينبغي الإتيان بهما ، تارة بهذه ، وتارة بهذه ، كما كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم)) يفعل . وأما أحاديث النهي عن الإقعاء فلا يجوز التمسك بها لمعارضة هذه السنة لأمور : الاول : إنها كلها ضعيفة معلولة . الثاني : أنها إن صحت أو صح ما اجتمعت عليه فإنها تنص على النهي عن إقعاء كإقعاء الكلب ، وهو شئ آخر غير الإقعاء المسنون . كما بيناه في (تخريج صفة الصلاة) . (1) (1) طبع المكتب الإسلامي الصفحة 162 من الطبعة السادسة .
[ 23 ]
الثالث : أنها تحمل على الإقعاء في المكان الذي لم يشرع فيه هذا الإقعاء المسنون ، كالتشهد الأول والثاني ، وهذا مما يفعله بعض الجهال فهذا منهي عنه قطعا لانه خلاف سنة الافتراش في الأول ، والتورك في الثاني على ما فصله حديث ابي حميد المتقدم والله أعلم . 317 - (قال ابن عمر : (من سنة الصلاة أن ينصب القدم اليمنى ، واستقباله بأصابعها القبلة)) ص 85 . صحيح رواه النسائي (1 / 173) من طريق عمرو بن الحارث عن يحيى أن القاسم حدثه عن عبد الله وهو عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال : فذكره وزاد : والجلوس على اليسرى . قلت : وإسناده صحيح . وقد رواه أبو بكر بن أبي شيبة في (المصنف) (1 / 111 / 2) والنسائي أيضا والدارقطني (133) من طرق أخرى عن يحيى بن سعيد به دون الأستقبال . وكذلك رواه مالك (1 / 89 / 51) وعنه البخاري (1 / 212) عن عبد الرحمن بن القاسم عن عبد الله بن عبد الله به . ثم رواه الدارقطني عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر به وقال : (هذه كلها صحاح) . (تنبيه) قول الصحابي : (من السنة كذا) هو في حكم المرفوع بخلاف قول التابعي ذلك كما تقرر في (المصطلح) . 318 - (حديث (أمره (صلى الله عليه وسلم) الأعرابي بالطمأنينة في جميع الأركان ولما أخل بها قال : ارجع فصل فإنك لم تصل)) ص 85 . صحيح . وتقدم . 319 - (حديث ابن مسعود (كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد :
[ 24 ]
السلام على الله من عباده . فقال النبي (صلى الله عليه سلم) : لا تقولوا السلام على الله ولكن قولوا : التحيات لله)) ص 85 - 86 . صحيح أخرجه النسائي (1 / 187) والدارقطني (133 - 134) وعنه البيهقي (2 / 138) من طريق سفيان بن عيينة عن الأعمش ومنصور عن شقيق بن سلمة عن ابن مسعود قال : (كنا نقول قبل أن يفرض التشهد : السلام على الله ، السلام على جبريل وميكائيل . فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) : لا تقولوا هكذا ، فإن الله عز وجل هو السلام ، ولكن قولوا : التحيات لله . . .) الخ التشهد . وقال الدارقطني : (هذا إسناد صحيح) . ووافقه البيهقي . قلت : وكذا قال الحافظ في (الفتح) (2 / 258) وأصله في (الصحيحن) دون قوله : (قبل أن يفرض) ، ويأتي بعد حديث . 320 - (قوله (صلى الله عليه وسلم) في حديث كعب بن عجرة لما قالوا : قد عرفنا أو علمنا كيف السلام عليك فكيف الصلاة عليك ؟ قال : ولوا اللهم صل على محمد) . الحديث متفق عليه) . ص 86 صحيح أخرجه البخاري (3 / 315 ، 4 / 197) ومسلم (2 / 16) وكذا أبو عوانة (2 / 212 ، 213) وأبو داود (976) والنسائي (1 / 190) والترمذي (2 / 352 - 353) والدارمي (1 / 309) وابن ماجه (904) والطحاوي في (المشكل) (3 / 72) وابن أبي شيبة (2 / 131 / 2) وابن الجارود (109 - 110) والبيهقي (2 / 147) والطيالسي (1061) وأحمد (4 / 241 ، 243) وكذا الطبراني في (الصغير) (ص 193) وابن منده في (التوحيد) (ق 68 / 2) من طرق عن الحاكم بن عتيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : لقيني كعب بن عجرة فقال : ألا أهدي لك هدية ؟ إن النبي (صلى الله عليه وسلم) خرج علينا فقلنا : يارسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك ؟ قال :
[ 25 ]
قولوا : اللهم صل على محمد ، وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، اللهم بارك على محمد ، وعلى آل محمد ، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد) . وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . وقال ابن منده : (حديث مجمع على صحته) . وقد تابعه عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن أبي ليلى به وزاد في الموضعين : (على إبراهيم و . . .) (1) أخرجه البخاري (2 / 347) والطحاوي (3 / 73) والبيهقي (2 / 148) . وتابعه أيضا يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن به ولفظه : (لما نزلت (إن الله وملائكته يصلون على النبي) قالوا : كيف نصلي عليك يا نبي الله ؟ قال : قوله : فذكره مع الزيادتين . أخرجه احمد (4 / 244) وكذا الحميدي في (مسنده) (ق 138 / 1) وابن السني في (اليوم والليلة) (رقم 93) لكن ليس عندهما نزول الأية . قلت : وإسناده حسن . ويزيد هذا هو أبو عبد الله الهاشمي مولاهم الكوفي وفيه ضعف من قبل حفظه . ثم أخرجه الحميدي والطحاوي من طريق مجاهد عن عبد الرحمن به . وأخرجه أبو عوانة (2 / 212 - 213) عن مجاهد ويزيد بن أبي زياد معا وعن حمزة الزيات عن الحكم ثلاثتهم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى به . وفيه نزول الأية ولكنه لم يسق صيغة الصلاة . (1) وهي ثابتة في رواية الحكم أيضا عند ابن أبي شيبة
[ 26 ]
(تنبيه) قد أنكر الزيادتين المذكورتين بعض الحفاظ المتأخرين (1) ، وفيما أوردنا من الروايات في إثباتهما ما يبين خطأ إنكارهما ، وانظر تعليقتنا على (صفة الصلاة) (ص 126) الطبعة الثانية . 321 - (تشهد ابن مسعود : علمني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) التشهد كفي بين كفيه كما يعلمني السورة من القرآن : التحيات لله والصلوات والطيبات ، السلام عليك ايهاالنبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله . متفق عليه) ص 86 . صحيح أخرجه الإ مام أحمد (1 / 414) ثنا أبو نعيم ثنا سيف قال : سمعت مجاهدا يقول : حدثني عبد الله بن سخبرة أبو معمر قال : سمعت ابن مسعود يقول : فذكره بهذا اللفظ . وكذا أخرجه البخاري (4 / 176) ومسلم (2 / 14) وابن أبي شيبة في (المصنف) (1 / 114 / 2) كلهم عن أبي نعيم به . وأخرجه أبو عوانة (2 / 228 - 229) والبيهقي (2 / 138) من طرق عن أبي نعيم به ، وزادوا جميعا في آخره : (وهو بين ظهرانينا ، فلما قبض قلنا : السلام على النبي) . (فائدة) : قال الحافظ في (الفتح) (11 / 48) : (هذه الزيادة ظاهرها أنهم كانوا يقولون : (السلام عليك أيها النبي) . بكاف الخطاب في حياة النبي (صلى الله عليه وسلم) فلما مات النبي (صلى الله عليه وسلم) تركوا الخطاب ، وذكروه بلفظ الغيبة ، فصاروا يقولون : السلام على النبي) . وقال في مكان آخر (2 / 260) : (1) وأوردها المصنف فيما يأتي بدونهما
[ 27 ]
(قال السبكي في شرح المنهاج بعد أن ذكر هذه الرواية من عند أبي عوانة وحده : إن صح هذا عن الصحابة دل على أن الخطاب في السلام بعد النبي (صلى الله عليه وسلم) غير واجب فيقال : السلام على النبي . قلت : قد صح بلا ريب ، وقد وجدت له متابعا قويا . قال عبد الرزاق : اخبرنا ابن جريج اخبرني عطاء أن الصحابة كانوا يقولون والنبي (صلى الله عليه وسلم) حي : السلام عليك أيها النبي ، فلما مات قالوا : السلام على النبي . وهذا إسناد صحيح) . قلت : وقد وجدت له شاهدين صحيحين : الأول : عن ابن عمر (أنه كان يتشهد فيقول . . . السلام على النبي ورحمة الله وبركاته . . .) أخرجه مالك في (الموطأ) (1 / 91 / 94) عنه نافع عنه . وهذا سند صحيح على شرط الشيخين . الثاني : (عن عاثشة أنها كانت تعلمهم التشهد في الصلاة . . . السلام على النبي . رواه ابن أبي شيبة في (المصنف) (1 / 115 / 1) والسراج في مسنده (ج 9 / 1 / 2) والمخلص في (الفوائد) (ج 11 / 54 / 1) بسندين صحيحين عنها . ولا شك أن عدول الصحابة رضي الله عنهم من لفظ الخطاب (عليك) إلى لفظ الغيبة (على النبي) إنما بتوقيف من النبي (صلى الله عليه وسلم) لانه أمر تعبدي محض لا مجال للرأي والاجتهاد فيه . والله أعلم . (1) 322 - (حديث انه عليه الصلاة والسلام أمر ابن مسعود أن يعلم الناس رواه احمد) ص 86 ضعيف رواه أحمد (1 / 376) : ثنا محمد بن فضيل ثنا خصيف الجزري قال : ثني أبو عبيدة بن عبد الله عن عبد الله قال : (1) انظر تعليقنا على هذه الزيادة في (صفة الصلاة) (ص : 171)
[ 28 ]
(علمه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) التشهد ، وأمره أن يعلمه الناس : التحيات . . . الخ) . قلت : وهذا إسناد ضعيف وله علتان : الأولى : الانقطاع بين أبي عبيدة وأبيه ابن مسعود فإنه لم يسمع منه كما يقول الترمذي وغيره . الثانية : ضعف خصيف هذا . قال الحافظ في (التقريب) : (صدوق سئ الحفظ (بآخره) . والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في (المصنف) (1 / 114 / 2) بهذا الإسناد دون قوله : (وأمره أن يعلمه الناس) . وهذا هو الصواب عن ابن مسعود كما تقدم في الحديث الذي قبله . 323 - (حديث (أنه (صلى الله عليه وسلم) جلس للتشهد وداوم عليه)) . ص 86 صحيح . وهو مستفاد من الأحاديث التي تصف صلاته (صلى الله عليه وسلم) كحديث عائشة المتقدم (316) : (وكان يقول في كل ركعتين التحية ، وكان يفرش رجله اليسرى وينصب رجله اليمنى . . .) . وكحديث أبي حميد المتقدم ايضا (305) : (فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى ، فإذا جلس في الركعة الأخرة قدم رجله اليسرى ونصب الأخرى وقعد على مقعده) . 324 - حديث : (صلوا كما رأيتموني أصلي) ص 86 صحيح . وقد تقدم (262) . 325 - قوله (صلى الله عليه وسلم) وتحليلها التسليم) رواه أبو داود والترمذي) ص 86 . صحيح . وتقدم (301) .
[ 29 ]
326 (حديث ابن مسعود أن النبي (صلى الله عليه وسلم) : كان يسلم عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله وعن يساره السلام عليكم ورحمة الله) . رواه مسلم) ص 87 صحيح وعزوه لمسلم بهذا التمام سهو ، فإنه إنما أخرجه (2 / 91) مختمرا من طريق مجاهد عن أبي معمر : (أن أميرا كان بمكة يسلم تسليمتين ، فقال عبد الله : أنى علقها ؟ إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يفعله) . وهكذا أخرجه أبو عوانة في (صحيحه) (2 / 238) والدارمي (1 / 310 - 311) والبيهقي (2 / 176) وأحمد (1 / 444) . وأخرجه بتمامه أبو داود (996) والنسائي (1 / 195) والترمذي (2 / 89) وابن ماجه (914) والطحاوي في (شرح المعاني) (1 / 158) وابن الجارود (111) والدارقطني (136) والبيهقي أيضا (2 / 177) وأحمد (1 / 390 ، 406 ، 408 ، 409 ، 441 ، 448) وابن أبي شيبة في (المصنف) (1 / 117 / 1 - 2) والسراج في (مسنده) (103 / 1 - 2) والطبراني في (المعجم الكبير) (3 / 67 / 1) من طرق عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص - زاد النسائي والسراج وغيرهما : والاسود بن يزيد وعلقمة - عن عبد الله بن مسعود به وزادوا جميعا ، إلا الترمذي : (حتى يرى بياض خده) في التسليمتين . وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . ثم أخرجه النسائي والطحاوي والدارقطني والبيهقي وأحمد (1 / 394 ، 418) من طريق إسرائيل وزهير كلاهما عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه - زاد بعضهم : وعلقمة - عن ابن مسعود به وزاد : (ورأيت أبا بكر وعمر يفعلان ذلك) .
[ 30 ]
وقال الدارقطني : (أنه أحسن إسنادا من الأول) . قلت : وتابعه عطاء بن السائب عن عبد الرحمن بن الأسود به إلا أنه أوقفه على ابن مسعود . أخرجه الطيالسي (286) : (حدثنا همام عن عطاء بن السائب به) وزاد في التسليمة الأولى : (وبركاته) . وهذه الزيادة صحيحة الإسناد إن كان همام سمعها من عطاء قبل اختلاطه . ولها طريق أخرى ، عند الدارقطني (ص 135) عن عبد الوهاب بن مجاهد حدثني مجاهد حدثني ابن أبي ليلى وأبو معمر قال : (علمني ابن مسعود التشهد وقال : علمنيه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كما يعلمنا السورة من القرآن . . .) . قلت : فذكر التشهد كما تقدم والصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم) ، وفي آخرها : (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) . وقال الدارقطني : (ابن مجاهد ضعيف) قلت : (بل هو ضعيف جدا فقد كذبه الثوري ، فلا يستشهد به . لكن الزيادة هذه صحيحة فقد قال الحافظ ابن حجر في (التلخيص) (ص 104) (تنبيه) : وقع في صحيح ابن حبان من حديث ابن مسعود زيادة (وبركاته) ، وهي عند ابن ماجه ايضا ، وهي عند أبي داود أيضا في حديث وائل بن حجر ، فيتعجب من ابن الصلاح حيث يقول : ان هذه الزيادة ليست في شئ من كتب الحديث .
[ 31 ]
قلت : ولم أرها في النسخ المطبوعة من سنن ابن ماجه ويظهر أنها مختلفة من قديم ، فقد قال ابن رسلان في (شرح السنن) : (لم نجدها في ابن ماجه) بينما نرى الصنعاني يقول في (سبل السلام) (1 / 275) : إنه قرأها في نسخة مقروءة من ابن ماجه بلفظ : (ان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يسلم عن يمينه وعن شماله حتى يرى بياض خده : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) . قلت : وهو في ابن ماجه برقم (914) من طريق أبي إسحاق عن أبي الاحوص عن ابن مسعود كما تقدم في صدر هذا التخريج ، فإن ثبتت هذه الزيادة في ابن ماجه فهي شاذة عندي لانها لم ترد في شئ من الطرق التي سبق الاشارة إليها عن أبي إسحاق . وقد وجدت لهذه الزيادة طريقا أخرى ، أخرجها الطبراني (3 / 67 / 2) من طريق عبد الملك بن الوليد بن معدان عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش وأبي وائل عن عبد الله ابن مسعود قال : (كأني أنظر إلى بياض خدي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يسلم عن يمينه : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وعن يساره : السلام عليكم ورحمة الله) . وعبد الملك بن الوليد ضعيف كما في (التقريب) ، لكن الظاهر أنه عند ابن حبان من غير هذه الطريق ، فقد قال في عبد الملك فيه : (يقلب الاسانيد لا يحل الاحتجاج به) . وأما حديث وائل بن حجر فأخرجه أبو داود (997) عن موسى بن قيس الحضرمي عن سلمة بن كهيل عن علقمة بن وائل عن أبيه قال : (صليت مع النبي (صلى الله عليه وسلم) فكان يسلم عن يمينه : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وعن شماله السلام عليكم ورحمة الله) .
[ 32 ]
وإسناده صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح . وقد صححه عبد الحق في (الأحكام) (ق 56 / 2) والنووي في (المجموع) (3 / 479) والحافظ ابن حجر في (بلوغ المرام) ، لكنهما أورداه مع الزيادة في التسليمتين ، فلا أدري اذلك وهم منهما ، أو هو من اختلاف النسخ فإن الذي في نسختنا وغيرها من المطبوعات ليس فيها هذه الزيادة في التسليمة الثانية ، وهو الموافق لحديث ابن مسعود في مسند الطيالسي كما تقدم ، والله أعلم . (تنبيه) : احتج المؤلف رحمه الله بالحديث على أن (الأولى أن لا يزيد : وبركاته) . وإذا عرفت ما سبق من التحقيق يتبين للمنصف أن الاولى الاتيان بهذه الزيادة ، ولكن أحيانا لأنها لم ترد في أحاديث السلام الاخرى ، فثبت منه ذلك أن النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يداوم عليها ولكن تارة وتارة . (327) - (قول ابن عمر : (كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يفصل بين الشفع والوتر بتسليمة ليسمعناها) . رواه أحمد) ص 87 . صحيح . رواه أحمد (2 / 76) من طريق إبراهيم الصائغ عن ابن عمر به . قلت : وهذا سند صحيح . وله شاهد يرويه زرارة بن أبي أوفى قال : (سألت عائشة عن صلاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالليل ؟ فقالت : كان يصلي العشاء ، ثم يصلي بعد ركعتين ثم ينام . . . ثم توضأ فقام فصلى ثمان ركعات يقرأ فيهن بفاتحة الكتاب وما شاء من القرآن ، وقالت : ما شاء الله من القرآن ، فلا يقعد في شئ منهن إلا في الثامنة فإنه يقعد فيها ، فيتشهد ثم يقوم ولا يسلم ، فيصلى ركعة واحدة ثم يجلس فيتشهد ويدعو ثم يسلم تسليمة واحدة : السلام عليكم يرفع بها صوته حتى يوقظنا . الحديث . أخرجه الإمام أحمد (6 / 236) : ثنا يزيد قال : ثنا بهز بن حكيم وقال مرة : انا قال : سمعت زرارة بن أوفى يقول : فذكره .
[ 33 ]
قلت : وهذا سند صحيح . وقد تابعه قتادة عن زرارة به نحوه وفيه : (لا يجلس فيهن إلا عند الثامنة ، فيدعو ربه ويصلي على نبيه ، ثم ينهض ولا يسلم ، ثم يصلي التاسعة ، ثم يسلم تسليمة يسمعنا) . وإسناده صحيح أيضا ، وهو في صحيح مسلم (2 / 70) بلفظ (فيذكر الله ويحمده ويدعوه ، ثم يسلم تسليما يسمعناه) وكذا أخرجه النسائي (1 / 250) . وعنه ابن حزم في (المحلى) (3 / 49) لكن بلفظ : (تسليمة) . وهكذا عزاه الحافظ في (التلخيص) (ص 104) لابن حبان في صحيحه والسراج في مسنده وقال : (وإسناده على شرط مسلم ، ولم يستدركه الحاكم مع أنه أخرج حديث زهير بن محمد عن هشام كما قدمنا) . قلت : لقد أصاب الحاكم في عدم استدراكه فإنه قد أخرجه مسلم كما ذكرنا ، وما أظن هذا الاختلاف اليسير في تلك الكلمة (تسليما) و . (تسليمة) بالذي يوجب على الحاكم أن يستدركه كما هو ظاهر . وأما حديث زهير بن محمد الذي أشار إليه الحافظ فهو ما رواه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة : (أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يسلم في الصلاة تسليمة واحدة تلقاء وجهه ، يميل إلى الشق الأيمن شيئا) . رواه الترمذي (2 / 90 - 91) وغيره وقال الحاكم (1 / 230 - 231) : (صحيح على شرط الشيخين) . ووافقه الذهبي وابن الملقن في (الخلاصة) (ق 29 / 1)
[ 34 ]
لكنه قد أعل بان زهيرا هذا صاحب مناكير وأجيب عنه بأنه لم يتفرد به كما بينته في (تخريج صفة الصلاة) . وله شاهد من حديث أنس بن مالك . (أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يسلم تسليمة واحدة) . أخرجه الطبراني في (الأوسط) (1 / 42 / 2 - الجمع بينه وبين الصغير) والبيهقي (2 / 189) والضياء المقدسي في (الأحاديث المختارة) () وعبد الغني المقدسي في (السنن) (6 / 243 / 1) من طريق عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي عن حميد عنه . وقال الطبراني : (لم يرفعه عن حميد إلا عبد الوهاب) . قلت : وهو ثقة محتج به في الصحيحين ، وسائر رجاله ثقات فهو صحيح الأسناد ، وقد سكت عليه الزيلعي (1 / 433 - 434) وقال الحافظ في (الدراية) (ص 95) (ورجاله ثقات) . وله طريق أخرى ، أخرجه ابن أبي شيبة في (المصنف) (1 / 118 / 1) عن أيوب عن أنس : (ان النبي عليه السلام سلم تسليمة) . ورجاله ثقات كلهم إلا أنه منقطع ، فإن أيوب لم يسمع من أنس شيئا . وقد ثبتت التسليمة الواحدة عن جماعة من الصحابة منهم انس وابن عمر ، رواه عنهما ابن أبي شيبة .
[ 35 ]
(تنبيه) : دل حديث عائشة عند أبي عوانة على مشروعية الصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم) في التشهد الأول . وهذه فائدة عزيزة لا تكاد تراها في كتاب فعضن عليها بالنواجذ . (328) (صلوا كما رأيتموني أصلي)) ص 87 صحيح وقد تقدم . 329 - (حديث أنه (صلى الله عليه وسلم) علم الصلاة المسئ في صلاته مرتبة ب (ثم) ص 87 صحيح . وقد تقدم . 330 (قول ابن مسعود : (رأيت النبي (صلى الله عليه وسلم) يكبر في كل رفع وخفض وقيام وقعود) . رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه) ص 87 - 88 . صحيح رواه أحمد (1 / 386 ، 442 ، 443) والنسائي (1 / 164 ، 172) والترمذي (2 / 34) وكذا الدارمي (1 / 285) وابن أبي شيبة في (المصنف) (1 / 2 / 92) والسراج في حديثه (ق 214 / 1) وعبد الغني المقدسي في (السنن) (6 / 222 / 1) من طريق أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة والأسود عن ابن مسعود به . وزادوا إلا الدارمي (ورأيت أبا بكر وعمر يفعلان ذلك) . وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . وفي الباب عن ابن عباس من رواية عكرمة قال : (رأيت رجلا عند المقام يكبر في كل خفض ورفع ، وإذا قام ، وإذا وضع ، فاخبرت ابن عباس فقال : أو ليس تلك صلاة النبي (صلى الله عليه وسلم) لا أم لك ؟ !
[ 36 ]
أخرجه البخاري (1 / 202) وابن ابي شيبة (1 / 93 / 2) وعن أبي هريرة في الصحيحين وغيرهما ويأتي بعد هذا . وعن علي بن أبي طالب وعمر ان بن حصين . عندهما وعن وائل الحضرمي بلفظ : (أنه صلى مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فكان يرفع يديه مع التكبير ، ويكبر كلما خفض ، وكلما رفع ، ويسلم عن يمينه وعن يساره) . أخرجه السراج في (حديثه) (ق 214 / 1) وكذا الدارمي (1 / 285) والطيالسي (1021) وأحمد (4 / 416) عن شعبة حدثني عمرو بن مرة عن أبي البختري عن عبد الرحمن اليحصبي عنه . وهذا سند حسن . وفيه فائدة هامة وهو مشروعية الرفع مع كل تكبيرة وفي ذلك أحاديث كثيرة خرجتها في (تخريج صفة الصلاة) وقد قال جماعة من السلف منهم الإمام أحمد وكان يفعله كما ذكرته في (صفة الصلاة) (ص 112) . 331 - (حديث أبي هريرة (كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : يكبر حين يقوم إلى الصلاة ثم يكبر حين يركع ثم يقول : سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه من الركعة ثم يقول وهو قائم : ربنا ولك الحمد) . الحديث متفق عليه) ص 88 . صحيح أخرجه البخاري (1 / 202 - 203) ومسلم (2 / 7) وكذا أبو عوانة (2 / 95) وأبو داود (836) والنسائي (1 / 158 ، 172) والدارمي (1 / 285) والبيهقي (2 / 67) وأحمد (2 / 270) والسراج في (الفوائد المنتخبة من أصول مسموعات ابن شيبان العدل) (1 / 214 / 1) من طرق عن ابن شهاب قال : أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث أنه سمع أبا هريرة يقول : (كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم ثم يكبر حين يركع والباقي مثله وزاد :
[ 37 ]
(ثم يكبر حين يهوي ، ثم يكبر حين يرفع رأسه ، ثم يكبر حين يسجد ، ثم . يكبر حين يرفع رأسه ، ثم يفعل ذلك في الصلاة كلها ، حتى يقضيها ، ويكبر حين يقوم من الثنتين بعد الجلوس) . زاد مسلم وغيره : (ثم يقول أبو هريرة : إني لأشبهكم صلاة برسول الله) : وزاد الدارمي وأبو داود والبيهقي وأحمد : (مازالت هذه صلاته حتى فارق الدنيا) . وهي زيادة صحيحة . وأخرجه مالك (1 / 76 / 19) عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف . (أن أبا هريرة كان يصلي لهم ، فيكبر كلما خفض ورفع فإذا انصرف ، قال : والله إني لأشبهكم بصلاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ومن طريق مالك أخرجه الشيخان وأحمد (2 / 236) وكذا ابن الجارود وتابعه جماعة عن أبي سلمة به . رواه مسلم وأبو عوانة وأحمد (2 / 502) (332) - (حديث أبي موسى وفيه : (وإذا قال : سمع الله لمن حمده فقولوا : اللهم ربنا ولك الحمد) . رواه أحمد ومسلم) ص 88 . صحيح أخرجه أحمد (4 / 394 ، 401 ، 405) ومسلم (2 / 15) وكذا أبو عوانة (2 / 128 - 129) وأبو داود (972 ، 973) والنسائي (1 / 162 ، 175 ، 188) والدارمي (1 / 315) والدارقطني (125) والبيهقي (2 / 140 - 141) من طرق عن قتادة عن يونس بن جبير عن حطان بن عبد الله الرقاشي قال :
[ 38 ]
(صليت مع أبي موسى الاشعري صلاة فلما كان عند القعدة قال رجل من القوم : أقرت الصلاة بالبر والزكاة ، قال : فلما قضى أبو موسى الصلاة وسلم انصرف فقال : أيكم القائل كلمة كذا وكذا ؟ فأرم القوم ، ثم قال : أيكم القائل كلمة كذا وكذا ؟ فأرم القوم ، فقال : لعلك يا حطان قلتها ؟ قال : ما قلتها ، ولقد رهبت ان تبكعني بها ، فقال رجل من القوم : انا قلتها ولم أدر بها إلا الخير ، فقال أبو موسى : أما تعلمون كيف تقولون في صلاتكم ؟ ! إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خطبنا فبين لنا سنننا وعلمنا صلاتنا فقال : إذا صليتم فأقيموا صفوفكم ، ثم ليؤمكم أحدكم ، فإذا كبر فكبروا ، وإذا قال : غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا : آمين يجبكم الله ، فإذا كبر وركع فكبروا واركعوا فإن الإمام يركع قبلكم ويرفع قبلكم ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فتلك بتلك ، وإذا قال (سمع الله لمن حمده) فقولوا : (اللهم ربنا ولك الحمد) يسمع الله لكم ، فإن الله تبارك وتعالى قال على لسان نبيه (صلى الله عليه وسلم) سمع الله لمن حمده ، وإذا كبر وسجد ، فكبروا واسجدوا ، فإن الأمام يسجد قبلكم ، ويرفع قبلكم ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : فتلك بتلك ، وإذا كان عند القعدة فليكن من أول قول أحدكم : التحيات الطيبات الصلوات لله ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، اشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله) . وزاد مسلم وأبو داود والدارقطني والروياني في مسنده (24 / 119 / 1) (وإذا قرأ فانصتوا) . ولها شاهد من حديث أبي هريرة . أشار إليه مسلم وصححه وقد أخرجه أحمد (2 / 420) وابن أبي شيبة في (المصنف) (1 / 150) وغيرهما بإسناد حسن وقد أعل كما بينته في (تخريج الصلاة) وسيأتي في الحديث (394) . وشاهد ثان من حديث عن عمر بن الخطاب :
[ 39 ]
(ما لي أنازع القرآن ؟ ! أما يكفي أحدكم قراءة إمامه ؟ إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فإذا قرأ فانصتوا) . رواه البيهقي في (كتاب وجوب القراءة في الصلاة) كما في (الجامع الكبير) للسيوطي (3 / 334 / 2) وسكت عليه وما أراه يصح . 333 - (قول حذيفة في حديثه : (فكان - يعني النبي - (صلى الله عليه وسلم) يقول في ركوعه : سبحان ربي العظيم وفي سجوده : سبحان ربي الأعلى) رواه الخمسة وصححه الترمذي) ص 88 . صحيح أخرجه أحمد (5 / 382 ، 394) وابو داود (871) والنسائي (1 / 160) والترمذي (2 / 48) وكذا أبو عوانة (2 / 188 - 189) والدارمي (1 / 299) وابن أبي شيبة (1 / 96 / 2) والطحاوي في (الشرح) (1 / 138) الاعمش عن سعد بن عبيدة عن المستورد عن صلة بن زفر عنه قال : صليت مع رسول الله (صلى اله عليه وسلم) فكان يقول . . .) الحديث . وزادوا إلا النسائي وابن أبي شيبة والطحاوي وأبا عوانة : (قال : وما مر بآية رحمة إلا وقف عندها فسأل ، ولا أية عذاب إلا تعوذ منها) وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . ثم أخرجه الطحاوي عن مجالد والدارقطني (130) عن بن أبي ليلى كلاهما عن الشعبي عن صلة به دون الزيادة ، إلا أنهما زادا : (ثلاثا) في الركوع والسجود . ومجالد وابن أبي ليلى وهو محمد بن عبد الرحمن ضعيفان لسوء حفظهما . وأخرجه ابن ماجه (888) من طريق ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر عن أبي الأزهر عن حذيفة به . دون الزيادة الاولى .
[ 40 ]
قلت : وهذا سند ضعيف لضعف ابن لهيعة وجهالة أبي الأزهر . ولكن هذه الزيادة الثانية صحيحة أيضا لأن لها شواهد كثيرة عن جماعة من الصحابة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) فعلا وقولا منهم جبير بن مطعم وأبو بكرة وابن مسعود وأبو مالك الاشعري وعبد الله بن أفرم ، وعقبة بن عامر - ويأتي في الكتاب عقب هذا - وعن رجل من الصحابة وحسنه الحافظ في التلخيص ، وعن ابن مسعود أيضا وابي هريرة ، وقد خرجت أحاديثهم في (تخريج صفة الصلاة) ، وهي وإن كانت مفرداتها لا تخلو من مقال فمجموعها يدل على ثبوت هذه الزيادة . والله اعلم . ثم إن الحديث أخرجه مسلم أيضا (2 / 186) وأبو عوانة أيضا (163 - 164 ، 168 ، 169) والنسائي (1 / 16 9 ، 170 ، 245 - 246) والترمذي في (الشمائل) وغيرهم عن الاعمش به أتم منه . وفيه تكرار التسبيح في الركوع والسجود تكرارا كثيرا جدا حتى كان كل من الركوع والسجود قريبا من القيام وكان قرأ فيه سورة البقرة ثم النساء ثم آل عمران ! وذلك في صلاة الليل . وستأتي رواية أخرى عن حذيفة فيها نحو هذا التكرار وذلك بعد حديث . 334 - وعن عقبة بن عامر قال : (لما نزلت (فسبح باسم ربك العظيم) قال رسول (صلى الله عليه وسلم) (اجعلوها في ركوعكم) فلما نزلت : (سبح اسم ربك الأعلى) قال : اجعلوها في سجودكم) رواه احمد وأبو داود وابن ماجه) ص 88 . ضعيف رواه أحمد (4 / 155) وأبو داود (869) وابن ماجه (887) والطحاوي (1 / 138) والحاكم (1 / 225 ، 2 / 477) والبيهقي (2 / 86) والطيالسي (10 00) من طرق عن موسى بن أيوب الغافقي قال : سمعت عمي ، إياس بن عامر يقول : سمعت عقبة بن عامر الجهني يقول : فذكره . ثم رواه أبو داود وعنه البيهقي من طريق الليث بن سعد عن أيوب بن موسى أو موسى بن ايوب عن رجل من قومه عن عقبة بمعناه وزاد :
[ 41 ]
(قال : فكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا ركع قال : سبحان ربي العظيم وبحمده ثلاثا ، وإذا سجد قال : سبحان ربي الأعلى وبحمده ثلاثا) . قال أبو داود : (وهذه الزيادة نخاف أن لا تكون محفوظة) قلت : وبدونها أخرجه ابن حبان في صحيحه كما في (التلخيص) (ص 92) ، وقال الحاكم : (صحيح) . وقد أتفقا على الاحتجاج برواته غير إياس بن عامر وهو مستقيم الإسناد) . ورده الذهبي بقوله : قلت : إياس ليس بالمعروف . قلت : وهو الذي يقتضيه علم (المصطلح) أنه غير معروف لأنه لم يرو عنه غير ابن أخيه موسى ابن أيوب ، ومع ذلك فإن الذهبي لم يورده في (الميزان) ، وقال العجلى : (لا بأس به) ، وذكره ابن حبان في (الثقات) وصحح له ابن خزيمة كما في (التهذيب) وقال في (تقريبه) : (صدوق) . وأورده ابن أبي حاتم (1 / 1 / 281) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا فالأقرب عندي ماقاله فيه الذهبي . والله أعلم . 335 - (حديث حذيفة (أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يقول : بين السجدتين : رب اغفر لي رب اغفر لي رواه النسائي وابن ماجه) ص 89 صحيح رواه ابن ماجه (897) من طريق العلاء بن المسيب عن عمرو بن مرة عن طلحة ابن يزيد عن حذيفة ح وعن الاعمش عن سعد بن عبيدة عن المستورد بن الأحنف عن صلة بن زفر عن حذيفة به . ومن الطريق الأولى أخرجه الدارمي (1 / 303 - 304) والحاكم (1 / 271) وأحمد (5 / 400) ولفظه أتم ، قال : (أتيت النبي (صلى الله عليه وسلم) في ليلة من رمضان ، فقام يصلي فلما كبر ، قال : الله أكبر ، ذو الملكوت والجبروت ، والكبرياء والعظمة ثم قرأ البقرة ، ثم النساء ، ثم
[ 42 ]
آل عمران ، لا يمر بآية تخويف إلا وقف عندها ، ثم ركع يقول : سبحان ربي العظيم ، مثلما كا قائما ، ثم رفع رأسه فقال : سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد ، مثلما كان قائما ، ثم سجد يقول : سبحان ربي الأعلى مثلما كان قائما ثم رفع رأسه فقام ، فما صلى الا ركعتين حتى جاء بلال فآذنه بالصلاة) . هكذا وقع عنده ليس فيه القول بين السجدتين ، وكذلك رواه النسائي (1 / 246) وأعله بالانقطاع فقال : (هذا الحديث عندي مرسل ، وطلحة بن يزيد لا أعلمه سمع من حذيفة شيئا ، وغير العلاء ابن المسيب قال في هذا الحديث : عن طلحة عن رجل عن حذيفة) . قلت : والرجل الذي لم يسمه النسائي هو - على الراجح - صلة بن زفر ، فقد قال الطيالسيي في (مسنده) (416) : (حدثنا شعبة قال : أخبرني عمرو بن مرة ، سمع أبا حمزة يحدث عن رجل من عبس - شعبة يرى أنه صلة بن زفر - عن حذيفة أنه صلى مع النبي (صلى الله عليه وسلم) . (قلت : فذكره نحو رواية أحمد إلى الركوع ثم قال) : ثم رفع رأسه من الركوع ، فقام مثل ركوعه فقال : إن لربي الحمد ، ثم سجد ، وكان في سجوده مثل قيامه ، وكان يقول في سجوده : سبحان ربي الأعلى ، ثم رفع رأسه من السجود ، وكان يقول بين السجدتين : رب اغفر لي رب اغفر لي رب اغفر لي ، وجلس بقدر سجوده ، قال حذيفة فصلى : أربع ركعات يقرأ فيهن البقرة وآل عمران والنساء والمائدة أو الأنعام ، شك شعبة) . وهكذا أخرجه أبو داود (874) والنسائي (1 / 172) والطحاوي في (مشكل الأثار) (1 / 397 - 308) والبيهقي (2 / 121 - 122) وأحمد (5 / 398) من طرق عن شعبة به . ويؤيد أن الرجل من عبس هو صلة بن زفر كما رأى شعبة امران : الأول : أن صلة عبسي كما جاء في ترجمته . الثاني : أن الاعمش رواه عن سعد بن عبيدة عن المستورد بن الأحنف عن
[ 43 ]
صلة بن زفر عن حذيفة بهذه القصة نحوها أخرجه مسلم وغيره كما تقدم في آخر الحديث (333) . فإذا ثبت أنه صلة فالإسناد صحيح متصل رجاله كلهم ثقات وأبو حمزة هو طلحة بن يزيد الأنصاري المذكور في طريق ابن ماجه . واما الطريق الثاني عند ابن ماجه فهو صحيح وهو عند مسلم وغيره كما عرفت آنفا لكنه لم يقع عنده فيه القول بين السجدتين . 336 - (حديث ابن مسعود مرفوعا : (إذا قعدتم في كل ركعتين فقولوا : التحيات لله . . .) الحديث) رواه أحمد والنسائي) ص 89 . صحيح . أخرجه أحمد (1 / 437) والنسائي (1 / 174) وكذا الطحاوي (1 / 1 55) والطبراني في (الكبير) وفي (الصغير) (146) والبيهقي (2 / 148) والطيالسي (304) من طرق عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن ابن مسعود قال : (كنا لا ندري ما نقول في كل ركعتين غير أن نسبح ونكبر ونحمد ربنا ، وإن محمد (صلى الله عليه وسلم) علم فواتح الخير وخواتمه فقال) : فذكره . قلت : وهذا سند صحيح على شرط مسلم . ثم أخرجه أحمد (1 / 423) من طريق سفيان عن الأعمس ومنصور وحصين بن عبد الرحمن بن أبي هاشم وحماد عن أبي وائل وعن أبي إسحاق عن أبي الأحوص والأسود عن عبد الله قال : (كنا لا ندري ما نقول في الصلاة نقول : السلام على الله ، السلام على جبريل ، السلام على ميكائيل ، قال فعلمنا النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال : ان الله هو السلام فإذا جلستم في ركعتين فقولوا : التحيات . . وعلى عباد الله الصالحين . . . قال أبو وائل
[ 44 ]
في حديثه عن عبد الله عن النبي (صلى الله عليه وسلم) : إذا قلتها أصابت كل ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد صالح . أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله) وهذا صحيح أيضا على شرط الشيخين وقد أخرجاه في صحيحيهما من طريق الأعمش عن أبي وائل به نحوه بلفظ : (فإذا جلس أحدكم في الصلاة فليقل : التحيات . . .) 337 - (حديث رفاعة بن رافع : (فإذا جلست في وسط الصلاة فاطمئن وافترش فخذك اليسرى ثم تشهد) رواه أبو داود) ص 89 . حسن رواه أبو داود (860) ومن طريقه البيهقي (2 / 133 - 134) عن محمد بن إسحاق : حدثني علي بن يحيى بن خلاد بن رافع عن أبيه عن عمه رفاعة بن رافع عن النبي (صلى الله عليه وسلم) بهذه القصة (يعنى قصة المسئ صلاته) قال : إذا انت قمت في صلاتك فكبر الله تعالى ، ثم اقرأ ما تيسر عليك من القرآن . وقال فيه : فإذا جلست في وسط الصلاة فاطمئن وافترش فخذك اليسرى ثم تشهد . ثم إذا قمت فمثل ذلك حتى تفرغ من صلاتك) . وهنا إسناد حسن رجاله كلهم ثقات غير ابن إسحاق وقد صرح بالتحديث وفي حفظه شئ ولذلك لا يرقى حديثه إلى درجة الصحة ، بل الحسن فقط ولذلك قال الذهبي بعد أن أطال ترجمته : (فالذي يظهر لي أن ابن إسحاق حسن الحديث صالح الحال صدوق ، وما انفرد به ففيه نكارة فإن في حفظه شيئا وقد أحتج به أئمة فالله أعلم ، وقد استشهد به مسلم بخمسة أحاديث ذكرها في صحيحه) . وأخرجه الحاكم (1 / 443) من هذا الوجه عن رفاعة قال : (بينما نحن عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في المسجد إذ أقبل رجل من الأنصار بعد أن فرغ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من الصلاة ، فصلى ، ثم أقبل حتى قام على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فسلم عليه
[ 45 ]
فقال : وعليك . ارجع فصل إنك لم تصل . فذكر الحديث . قلت : وهو نحو حديث أبي هريرة الذي تقدم برقم (289) . 338 - (حديث : (إبنه (صلى الله عليه وسلم) لما نسي الجلوس في التشهد الأول في صلاة الظهر سجد سجدتين قبل أن يسلم مكان ما نسي من الجلوس) . رراه الجماعة بمعناه) ص 89 . صحيح وهو من حديث عبد الله بن بحينة : (أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قام في صلاة الظهر وعليه جلوس فلما أتم صلاته سجد سجدتين ، يكبر في كل سجدة ، وهو جالس قبل أن يسلم ، وسجدهما الناس معه ، مكان ما نسي من الجلوس) . أخرجه البخاري (1 / 213 ، 308 - 309 - 310) ومسلم (2 / 83) والسياق لهما في رواية وأبو داود (1034) والنسائي (1 / 175 ، 181 ، 186) والترمذي (2 / 235 - 236) وابن ماجه (1206) وأحمد (5 / 345 ، 346) من طرق عن عبد الرحمن الأعرج عن ابن بحينة به . وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . وهؤلاء هم الجماعة الذين عناهم - المؤلف . وقد رواه مالك أيضا (1 / 96 / 65 ، 66) وعنه الإمام محمد في موطئه (ص 104) وابن أبي شيبة في (المصنف) (1 / 179 / 1) والدارمي (1 / 353) وأبو عوانة في صحيحه (2 / 193 - 194 ، 194) والطحاوي في (الشرح) (1 / 254) وابن الجارود (126 - 127) والدارقطني (144) والبيهقي (2 / 134 ، 340 ، 343 ، 344 ، 352) عن الأعرج به ، ولفظ مالك في إحدى روايتيه : (صلى لنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الظهر فقام في ولم اثنين ولم يجلس فيهما) . . . الحديث . 339 - (قوله (صلى الله عليه وسلم) : (إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين) ص 89
[ 46 ]
صحيح وهو عجز حديث لعبد الله بن مسعود ، يرويه الحسن بن عبيد الله عن إبراهيم بن سويد قال : (صلى بنا علقمة الظهر خمسا ، فلما سلم قال القوم : يا أبا شبل قد صليت خمسا . قال : كلا ما فعلت ، قالوا : بلى ، قال : وكنت في ناحية القوم وأنا غلام ، فقلت : بلى قد صليت خمسا ، قال لي : وأنت أيضا يا أعور تقول ذلك ؟ قال : قلت : نعم قال : فانفتل فسجد سجدتين ، ثم سلم ثم قال : قال عبد الله : صلى بنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خمسا ، فلما انفتل توشوش القوم بينهم ، فقال : ما شأنكم ؟ قالوا : يا رسول الله هل زيد في الصلاة ؟ قال : لا ، قالوا : فإنك قد صليت خمسا ، فانفتل ثم سجد سجدتين ثم سلم ثم قال : إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسي احدكم فليسجد سجدتين) أخرجه مسلم (2 / 85) والبيهقي (2 / 342) بهذا التمام والنسائي (1 / 185) دون قوله (فإذا نسي . . .) وكذا ابن الجارود (129) من طريق الحسن هذا . ورواه أبو عوانة (2 / 204) ايضا ثم أخرجه مسلم (2 / 86) وأبو داود (1021) وابن ماجه (1203) وأحمد (1 / 424) من طريق الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله به مع الزيادة وزيادة أخرى وهي : (وهو جالس ، ثم تحول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فسجد سجدتين . وفي حديث الحسن أن السجدتين كانتا قبل قوله عليه السلام : (إنما أنا بشر . . .) ولعله أقرب إلى الصواب ، فقد رواه كذلك منصور عن إبراهيم عن علقمة كما سيأتي في الحديث ؟ 402) . فالله أعلم . (تنبيه) : استدل المؤلف بعموم هذا الحديث على انه (يباح السجود للسهو عن شئ من السنن) ولو قال : (يستحب) لكان أقرب إلى الصواب ، لأنه - اعني الاستحباب - أقل ما يدل عليه الأمر هنا ، ولا حجة في تعليله ذلك بقوله فيما يأتي (ص 102) (لأنه لا يمكن التحرز منه) لأن هذا لا ينفي الاستحباب . انما ينفي
[ 47 ]
الوجوب كما لا يخفى . وفي الباب عن ثوبان عن النبي (صلى اله عليه وسلم) قال : (لكل سهو سجدتان بعدما يسلم) . أخرجه أبو داود (1038) ابن ماجه (1219) والبيهقي (2 / 337) وأحمد (5 / 280) من طرق عن إسماعيل بن عياش عن عبيد الله بن عبيد الكلاعي عن زهير - يعني ابن سالم العنسي - عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عنه . ولم يقل ابن ماجه (عن أبيه) وهو رواية لأبي داود وقال : (لم يذكر (عنه أبيه) غير عمرو) يعني ابن عثمان . قلت : بلى قد ذكره أيضا الحكم بن نافع عند أحمد ، وذكره أيضا عبد الرزاق وإن خولف عليه في إسناده ، فقال الطبراني في (الكبير) (1 / 71) : حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري عن عبد الرزاق عن إسماعيل بن عياش عن عبد العزيز بن عبيد الله عن عبد الرحمن بن جبير عن أبيه به . وهذا الاختلاف ليس من عبد الرزاق بل من رواية الدبري فإن فيه ضعفا ، ولكنه يستشهد به فيما وافق عليه الثقات ، فتبين مما ذكرنا ثبوت هذه الزيادة (عن أبيه) في الإسناد ، وهو إسناد حسن وإن قال البيهقي : (فيه ضعف) ولم يبين وجهه ! وقد تعقبه ابن التركماني بقوله : (ليس في إسناده من تكلم فيه - فيما علمت - سوى ابن عياش ، وبه علل البيهقي الحديث في كتاب المعرفة ، فقال : ينفرد به إسماعيل بن عياش وليس بالقوي ! انتهى كلامه وهذه العلة ضعيفة فإن ابن عياش روى هذا الحديث عن شامي وهو عبيد الله الكلاعي ، وقد قال البيهقي في (باب ترك الوضوء من الدم) : ما روى ابن عياش عن الشاميين صحيح فلا أدري من أين حصل الضعف لهذا الإسناد ؟ !) ثم استدركت فقلت : قد تبين لي أن في إسناده من تكلم فيه وهو زهير بن
[ 48 ]
سالم فإنه لم يوثقه أحد غير ابن حبان ، وقال الدارقطني : (منكر الحديث) ، فهو علة الحديث ، والظاهر أنه كان يضطرب فيه ، فقد رواه الهيثم بن حميد عن عبيد الله بن عبيد عن زهير الحمصي عن ثوبان به دون (بعد السلام) . أخرجه ابن أبي شيبة في (المصنف) (1 / 178 / 2) نا المعلى بن منصور قال : أنا الهيثم بن حميد به . وبالجملة فهذا الحديث ضعيف من أجل زهير هذا ، لكن له شواهد يتقوى بها ، منها حديث الباب ، وأحاديث اخرى ، ذكرتها في (صحيح سنن أبي داود) (954) . (340) - (حديث الأسود : أنه صلى خلف عمر فسمعه كبر ثم قال : (سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك) رواه مسلم) ص 89 . صحيح إلا أن عزوه لمسلم من هذه الطريق وبهذا اللفظ سهو من المؤلف رحمه الله تعالى ، فقد اخرجه مسلم (2 / 12) من طريق عبدة أن عمر بن الخطاب كان يجهر بهؤلاء الكلمات ، يقول : سبحانك اللهم . . .) قلت : وهذا منقطع ، قال النووي في (شرح مسلم) (2 / 172 - طبع الهند) (قال أبو علي النسائي : هكذا وقع (عن عبدة أن عمر) وهو مرسل يعني أن عبدة وهو ابن أبي لبابة لم يسمع من عمر) . ثم ذكر النووي أن مسلما إنما أورد هذا الأثر عرضا لا قصدا ، ولذلك تسامح بإيراده . قال : وله أمثلة . فراجعه . قلت : وقد صح موصولا . فأخرجه ابن أبي شيبة في (المصنف) (1 / 92 / 1) والطحاوي (1 / 117) والدارقطني (ص 113) والحاكم (1 / 235) والبيهقي (2 / 34 - 35) من طرق عن الأسود بن يزيد قال : (سمعت عمر افتتح الصلاة وكبر فقال : سبحانك . . .)
[ 49 ]
واللفظ لابن أبي شيبة وزاد : (ثم يتعوذ) . وإسناده صحيح . وصححه الحاكم والذهبي وكذا الدارقطني كما يأتي وزاد في رواية له : (كان عمر رضي الله عنه إذا افتتح الصلاة قال : سبحانك . . يسمعنا ذلك ويعلمنا) . وهو رواية لابن أبي شيبة (2 / 143 / 2) وإسنادها صحيح . وفي أخرى له وكذا الطحاوي من طريق إبراهيم عن علقمة والأسود نحوه وفيه : (يسمع ذلك من يليه) . وفي لفظ الطحاوي : (فرفع صوته ليتعلموها) . ثم روى ابن أبي شيبة من طريق نافع عن ابن عمر عن عمر به دون الزيادات وقال : (هذا صحيح عن عمر قوله) . ورواه عن قبل عن عبد الرحمن بن عمر بن شيبة عن أببه عن نافع به مرفوعا ت (رفعه هذا الشيخ عن أبيه عن نافع عن ابن عمر عن عمر ، والمحفوظ عن عمر من قوله . . . وهو الصواب) . قلت : وعبد الرحمن هذا لم أجد من ذكره ، وأبو عمر بن شيبة أن كان ابن قارظ فهو صدوق . وإن كان ابن أبي كثير مولى أشجع ، فهو مجهول ، وإن كان مولى معقل ابن سنان فلا يعرف ، وقد أورد ثلاثتهم ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل) (3 / 1 / 114 - 115) . لكن الحديث قد صح مرفرعا من طرق أخرى كما يأتي بعده .
[ 50 ]
(تنبيه) : عزا الشوكاني في (النيل) (2 / 86) هذا الأثر عن عمر لرواية الترمذي ، وإنما ذكره تعليقا (2 / 10) عنه وعن ابن مسعود . 341 - (حديث عائشة وأبي سعيد قالا : (كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا استفتح الصلاة قال : ذلك)) ص 89 . صحيح . أما حديث عائشة فأخرجه الترمذي (2 / 1 1) وابن ماجه (806) والطحاوي (1 / 117) والدارقطني (113) والبيهقي (2 / 34) من طريق حارثة بن أبي الرجال عن عمرة عنها قالت : (كان النبي (صلى الله عليه وسلم) إذا افتتح الصلاة قال : سبحانك اللهم . .) . وقال البيهقي : هذا لم نكتبه إلا من حديث حارثة وهو ضعيف . وقال الترمذي : (لا نعرفه إلا من هذا الوجه) . قلت : قد عرفه غيره من غير هذا الوجه ، أخرجه أبو داود (776) والدارقطني (112) والحاكم (1 / 235) والبيهقي من طريق طلق بن غنام ثنا عبد السلام بن حرب الملائي عن بديل بن ميسرة عن أبي الجوزاء عن عائشة به . وقال الحاكم : (صحيح الإسناد) ووافقه الذهبي إلا أنه وقع في نسختنا من تلخيصه (على شرطهما) . وأظنه وهما منه بعض النساخ . وأعله أبو داود بقوله : (وهذا الحديث ليس بالمشهور عن عبد السلام بن حرب ، لم يروه إلا طلق بن غنام ، وقد روى قصة الصلاة عن بديل جماعة لم يذكر فيه شيئا من هذا) . قلت : يشير أبو داود إلى الحديث (309) بلفظ (كان يستفتح الصلاة بالتكبير
[ 51 ]
والقراءة ب (الحمد لله رب العالمين) ليس فيه (سبحانك . .) وهذا الإعلال ليس بشئ عندنا لأنها زيادة من ثقة وهي مقبولة ، ولولا أن الإسناد منقطع لحكمنا بصحته ، قال الحافظ في (التلخيص) (ص 86) : (ورجال إسناده ثقات ، لكن فيه انقطاع) يعني بين أبي الجوزاء وعائشة ، وقد سبق بيان ذلك في المكان المشار إليه . ولكنه مع ذلك شاهد جيد للطريق الأولى يرقى الحديث بهما إلى درجة الحسن ، ثم إلى درجة الصحة بشهادة حديث أبي سعيد وغيره مما يأتي ذكره . وأما حديث أبي سعيد فأخرجه أبو داود (775) والنسائي (1 / 143) والترمذي (2 / 9 - 10) والدارمي (1 / 282) وابن ماجه (804) والطحاوي (1 / 1 16) والدارقطني (112) والبيهقي (2 / 34 - 35) وأحمد (3 / 50) وابن ابي شيبة من طرق عن جعفر بن سليمان الضبعي عن علي بن علي الرفاعي عن أبي المتوكل الناجي عنه قال : (كان رسول (صلى الله عليه وسلم) إذا قام إلى الصلاة كبر ثم يقول) فذكره . ولفظ أبي داود والطحاوي (كان إذا قام من الليل كبر . الحديث . وزادا : (ثم يقول : لا إله إلا الله ثلاثا ، ثم يقول : الله أكبر كبير ثلاثا ، أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، من همزه ونفخه ونفثه ثم يقرأ) . وهي عند الآخرين أيضا إلا النسائي وابن ماجه وقال الترمذي : (وقد تكلم في إسناد حديث أبي سعيد ، كان يحيى بن سعيد يتكلم في علي بن علي الرفاعي ، وقال أحمد : لا يصح هذا الحديث) . قلت : ولعل هذا لا ينفي أن يكون حسنا فإن رجاله كلهم ثقات ، وعلى هذا وإن تكلم فيه يحيى بن سعيد فقد وثقه يحيى بن معين ووكيع وابو زرعة وقال شعبة : اذهبوا بنا إلى سيدنا وابن سيدنا علي بن علي الرفاعي . وقال أحمد : لم يكن به بأس إلا أنه رفع أحاديث .
[ 52 ]
قلت : وهذا لا يوجب إهدار حديثه ، بل يحتج به حتى يظهر خطأه ، وهنا ما روى شيئا منكرا ، بل توبع عليه كما سبق . وكأن العقيلي أشار إلى تقويته حيث قال عقب حديث حارثة بن أبي الرجال المتقدم عن عائشة : (وقد روي من غير وجه بأسانيد جياد) . وفي الباب عن أنس . أخرجه الطبراني في (الاوسط) (1 / 35 / 2 من الجمع بينه وبين الصغير) عن عبد العزيز الحداني ثنا مخلد بن يزيد عن عائذ بن شريح عنه . وقال : (لا يروى عن أنس إلا بهذا الإسناد) . قلت : بلى ، قد رواه الدارقطني (ص 113) من طريق محمد بن الصلت حدثنا أبو خالد الأحمر عن حميد عن أنس به . بل أخرجه الطبراني نفسه في (كتاب الدعاء) كما في (نصب الراية) (1 / 320) من طريق الفضل بن موسى السيناني - وفي الأصل : الشيباني وهو تصحيف - عن حميد الطويل به . وهذا إسناد صحيح ، فلا يلتفت بعد هذا إلى قول أبي حاتم : (هذا حديث كذب لا أصل له ، ومحمد بن الصلت لا بأس به كتبت عنه) كما في (العلل) (1 / 135) لأبنه . وذلك لأمرين : الأول : أنه لم يذكر الحجة في كذب هذا الحديث مع اعترافه بأن راويه ابن الصلت لا بأس به ، بل قد وثقه هو وأبو زرعة وابن نمير كما ذكر ابنه في (الجرح والتعديل) (3 / 2 / 289) . الثاني : أنه لم يتفرد به ابن الصلت بل توبع عليه من الطريقين المتقدمين ،
[ 53 ]
فللحديث أصل أصيل عن أنس بن مالك رضي الله عنه . (فائدة) صح عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال : (أحب الكلام إلى الله أن يقول العبد : سبحانك اللهم وبحمدك . .) رواه ابن مندة في (التوحيد) (ق 123 / 2) بسند صحيح . 342 (حديث أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يقول قبل القراءة : (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)) ص 90 . صحيح لكن بزيادتين يأتي ذكرهما ، وأما بدونهما فلا أعلم له أصلا ، وإن أوهم خلاف ذلك الحافظ ابن حجر في (التلخيص) ، فقد قال (ص 86 - 87) تعليقا على قول الرافعي : (ورد الخبر بأن صيغة التعوذ : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) . قال الحافظ : (هو كما قال كما تقدم ، وقد ورد بزيادة كما تقدم ، وفي مراسيل أبي داود عن الحسن أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يتعوذ : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قلت : لم يتقدم عنده إلا بإحدى الزيادتين المشار إليهما وهي (نفخه ونفثه وهمزه) . ثم إن هذه الزيادة هي في حديث الحسن أيضا في مراسيل أبي داود (ص 6) من (مختصر المراسيل) . وهي زيادة صحيحة ، وردت من حديث أبي سعيد الخدري وجبير بن مطعم ، وعبد الله بن مسعود ، وعمر بن الخطاب ، وأبي أمامة . أما حديث أبي سعيد فتقدم آنفا بتمامه وفي آخره : (أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، من همزه ونفخه ونفثه ، ثم يقرأ) .
[ 54 ]
وإسناده حسن كما سبق بيانه هناك . وإما حديث جبير بن مطعم فلفظه : (سمعت النبي (صلى الله عليه وسلم) حين أفتتح الصلاة قال : اللهم أعوذ بك من الشيطان الرجيم ، من همزه ، ونفخه ونفثه) . هكذا أخرجه ابن أبي شيبة في (المصنف) (1 / 92 / 1) : نا ابن أدريس عن حصين عن عمرو بن مرة عن عباد ابن عاصم عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه . ورواه الطبراني في (المعجم الكبير) (1 / 78 / 2) من طريق اخرى عن عبد الله بن أدريس به وفي أوله زيادة تأتي في حديث شعبة . . وهو رواية لابن أبي شيبة (1 / 89 / 2) . قلت : (وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير عباد بن عاصم ، اورده ابن أبي حاتم (3 / 1 / 84) وقال : (ويقال : عمار بن عاصم سمع نافع بن جبير ، روى عنه عمرو بن مرة) . ولم يزد ! وأورده ابن حبان في (الثقات) (2 / 192) وقال : عداده في أهل الكوفة) . قلت : فهو مجهول وقد خولف حصين في اسمه ، فقال شعبة : أخبرني عمرو بن مرة سمع عاصما العنزي يحدث عن ابن جبير بن مطعم عن أبيه : (أن النبي (صلى الله عليه وسلم) لما دخل الصلاة كبر وقال : الله أكبر كبيرا ، والحمد لله كثيرا ، وسبحان الله بكرة وأصيلا ، قالها ثلاثا ، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من نفخه ونفثه وهمزه) . أخرجه الطيالسي (947) وكذا أبو داود (764) وابن ماجه (807) وابن الجارود (96) والحاكم (1 / 235) والبيهقي (2 / 35) وأحمد (4 / 85) والطبراني في (المعجم الكبير) وابن حزم في (المحلى) (3 / 248) من طرق عن شعبة به وزاد أبو داود وغيره : (قال عمرو : نفخه الكبر ، وهمزه الموتة ، ونفثه الشعر) .
[ 55 ]
وتابعه مسعر إلا أنه قال : عن عمر وعن رجل من عنزة عن نافع ابن جبير به وزاد (في التطوع) . ثم قال الحاكم : (صحيح الإسناد) . ووافقه الذهبي . قلت : وفي ذلك نظر ، فان عاصما هذا العنزي لم يوثقه أحد ، اللهم إلا ابن حبان فإنه اورده في (الثقات) (2 / 222) وساق له هذا الحديث وقال : (كذا قال شعبة عن عمرو بن مرة عن عاصم العنزي . وقال مسعر : عن عمرو بن مرة عن رجل من عنزة . وقال ابن إدريس عن حصين عن عمرو بن مرة عن عباد بن عاصم عن نافع بن جبير . وهو عند ابن عباس (كذا الأصل ولعله ابن عياش) عن عبد الله بن عبد الله بن حمزة بن حرسه (كذا) عن عبد الرحمن بن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه بطوله) . قلت : فهذا الاختلاف على عاصم في اسمه يشعر بأن الرجل غير معروف ولعله لذلك قال البخاري : (لا يصح) ، لكن لعله يتقوى بالطريق الأخرى التي ذكرها ابن حبان وإن كنت لم أعرف ابن حمزة هذا . ولكنه على كل حال هو شاهد جيد للاحاديث الآتية : وأما حديث ابن مسعود فأخرجه ابن ماجه (808) والحاكم (1 / 207) والبيهقي (2 / 36) وأحمد (1 / 404) وكذا ابنه عبد الله عن محمد بن فضيل - شيخ أحمد فيه - عن عطاء ابن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي عن ابن مسعود قال : (كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا دخل في الصلاة يقول : اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم وهمزه ونفخه ونفثه) . ثم أخرجه (1 / 403) والبيهقي من طريقين آخرين عن عمار بن زريق وعن ورقاء كلاهما عن عطاء به نحوه . ولفظ الأخير منهما :
[ 56 ]
(كان يعلمنا أن نقول . . .) فذكره ، وقال : الحاكم : (صحيح ، وقد استشهد البخاري بعطاء بن السائب) . قلت : ووافقه الذهبي ، وفيه نظر ، قال البوصيري في (الزوائد) (ق 54 / 2) : (هذا إسناد ضعيف ، عطاء بن السائب اختلط بآخره ، وسمع منه محمد بن الفضل بعد الاختلاط وقد قيل : إن أبا عبد الرحمن السلمي لم يسمع من ابن مسعود ، ورواه ابن خزيمة في صحيحه عن يوسف بن عيسى عن ابن فضيل به) . قلت : قد أثبت سماعه من ابن مسعود البخاري في تاريخه والمثبت مقدم على النافي . وأما حديث عمر ، فأخرجه الدارقطني (112) عن عبد الرحمن بن عمر بن شيبة ولم اعرفه . وقد وقع هنا للحافظ ابن حجر وهم نبهت عليه في (تخريج صفة الصلاة) . وأما حديث أبي أمامة فلفظه : (كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا دخل في الصلاة من الليل ، كبر ثلاثا ، وسبح ثلاثا ، وهلل ثلاثا ، ثم يقول : (اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه وشركه) ، وفي رواية (ونفثه) بدل (وشركه) . أخرجه أحمد (5 / 253) من طريق حماد بن سلمة وشريك عن يعلى بن عطاء أنه سمع شيخا من أهل دمشق أنه سمع أبا أمامة . قلت : وهذا إسناد صحيح لولا الشيخ الدمشقي فإنه مجهول لم يسم . ثم استدركت حديثا مرسلا آخر ، وفيه تفسير الالفاظ التي وردت في هذه الزيادة ، وهو من رواية أبي سلمة بن عبد الرحمن قال : (كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا قام من الليل يقول اللهم إني أعوذ بك من
[ 57 ]
الشيطان الرجيم من همزه ونفثه ونفخه ، قال : وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول : تعوذوا بالله من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه) ، قالوا : يارسول الله وما همزه ونفخه ونفثه ؟ قال : (أما همزه فهذه المؤتة التي تأخذ بني آدم ، وأما نفخه فالكبر ، وأما نفثه فالشعر) . أخرجه أحمد (6 / 156) بإسناد صحيح إلى ابي سلمة وفيه رد على من أنكر من المعاصرين ورود هذا التفسير مرفرعا . وبالجملة فهذه أحاديث خمسة مسندة ومعها حديث الحسن البصري وحديث أبي سلمة المرسلين إذا ضم بعضها إلى بعض قطع الواقف عليها بصحة هذه الزيادة وثبوت نسبتها إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) ، فعلى المصلي الإتيان بها اقتداء به عليه الصلاة والسلام . واما الزيادة الأخرى وهي (السميع العليم) فصحيحة أيضا وقد ورد فيها أحاديث : الأول عن أبي سعيد الخدري . وفيه الجمع بينها وبين الزيادة الأولى كما تقدم . (تنبيه) اورد السيوطي هذا الحديث في (الدر المنثور) (4 / 130) من طريق أبي داود والبيهقي فقط ! دون الزيادة الأولى مع إنها ثابتة عندهما وعند كل من خرج الحديث ، وكذلك أورد حديث ابن مطعم من طريق ابن أبي شيبة دون الزيادة الأولى وهي ثابتة عندهما أيضا . الثاني : عن عائشة - وذكر الأفك - قالت :
[ 58 ]
(جلس رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، وكشف عن وجهه وقال : أعوذ ب (الله) السميع العليم من الشيطان الرجيم (إن الذين جاؤوا بالافك عصبة منكم) . الآية) . أخرجه أبو داود (785) وقال : (وهذا حديث منكر ، قد روى هذا الحديث جماعة عن الزهري لم يذكروا هذا الكلام على هذا الشرح ، وأخاف أن يكون أمر الإستعاذة من كلام حميد) . قلت : وحميد هذا هو ابن قيس المكي وهو ثقة احتج به الشيخان وقد ذكر ابن القيم في (التهذيب) (1 / 379) نقلا عن ابن القطان أن حميدا هذا أحد الثقات ، وإنما علة الحديث من قطن بن نسير ، وهو وإن كان من رجال مسلم فكان أبو زرعة يحمل عليه . . . الخ كلامه . الحديث أخرجه السيوطي في (الدر المنثور) من رواية أبي داود والبيهقي . الثالث : عن معقل بن يسار مرفوعا بلفظ : (من قال حين يصبح : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، وثلاث آيات من آخر سورة الحشر ، وكل الله به سبعين الف ملك يصلون عليه حتى يمسي ، وإن قالها مساء فمثل ذلك حتى يصبح) . أخرجه الترمذي (2 / 151) والدارمي (2 / 458) وأحمد (5 / 26) وابن السني في (عمل اليوم والليلة) (78) والثعلبي في تفسيره (ق 189 / 1 - 2) وكذا البغوي (7 / 309) كلهم من طريق خالد بن طهمان أبي العلاء الخفاف حدثني نافع بن أبي نافع عنه . وقال الترمذي : (حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه) . قلت : وعلته خالد هذا ، قال ابن معين : (ضعيف) خلط قبل موته بعشر سنين ، وكان قبل ذلك ثقة ، وكان في تخليطه كل ما جاؤوا به يقر به) . قلت : وساق الذهبي له في (الميزان) هذا الحديث وقال : (لم يحسنه الترمذي ،
[ 59 ]
وهو حديث غريب جدا ونافع ثقة) . الرابع عن أنس مرفوعا بلفظ : (من قال : حين يصبح : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم أجير من الشيطان حتى يمسي) . أخرجه ابن السني (48) عن داود بن سليك عن يزيد عنه . قلت : وهذا اسناد ضعيف ، يزيد الرقاشي ضعيف ، وداود بن سليك لم يوثقه غير ابن حبان وفي (التقريب) : (مقبول) . أي عند المتابعة . وفي الباب عن ابن عمر موقوفا عليه بلفظ : (كان يتعوذ يقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم أو أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم) . هكذا أخرجه ابن أبي شيبة (1 / 92 / 1) عن ابن جريج عن نافع عنه . قلت : واسناده صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين لولا أن ابن جريج مدلس وقد عنعنه . قلت : فهذه طرق يدل مجموعها على ثبوت زيادة (السميع العليم) في الاستعاذة ، لاسيما وحديث أبي سعيد وحده حسن ، فكيف إذا انضم إليه الأحاديث الأخر ى ؟ ! وجملة القول إن الثابت عنه (صلى الله عليه وسلم) في الاستعاذة ضم هذه الزيادة إليها أو التي قبلها ، أوكليهما معا على حديث أبي سعيد . والله أعلم . (343) - (حديث أم سلمة : (أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قرأ في الصلاة بسم الله الرحمن الرحيم ، وعدها أية)) ص 90 .
[ 60 ]
صحيح أخرجه أبو داود (4001) وعنه البيهقي (2 / 44) والترمذي (2 / 152) وفي (الشمائل) (2 / 131) والدارقطني (118) والحاكم (2 / 231 - 232) وأحمد (6 / 302) وأبو عمرو الداني في (القراآت) (ق 6 / 1 ، 8 / 2) من طرق عن يحيى بن سعيد الأموي قال : ثنا ابن جريج عن عبد الله بن أبي مليكة عنها (أنها سئلت عن قراءة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقالت : كان يقطع قراءته آية آية : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم . مالك يوم الدين . وقال الدارقطني : إسناد صحيح ، وكلهم ثقات) . وقال الحاكم : (صحيح على شرط الشيخين) . ووافقه الذهبي . وصححه ابن خزيمة فأخرجه في صحيحه كما في (تفسير ابن كثير) (1 / 17) وكذا صححه النووي في (المجموع) (3 / 333) . قلت : وهو كما قالوا لولا عنعنة ابن جريج ، لكنه قد توبع كما يأتي فالحديث صحيح . وأخرجه الطحاوي (1 / 117) والحاكم أيضا (1 / 232) من طريق حفص بن غياث : ثنا ابن جريج به ولفظه : (كان يصلي في بيتها فيقرأ بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين) الخ الفاتحة . وفي رواية لأبي عمرو الداني . (كان إذا قرأ قطع قراءته آية آية ، يقول : بسم الله الرحمن الرحيم . ثم يقف ثم يقول : الحمد لله رب العالمين ثم يقف ، ثم يقول الرحمن الرحيم . ملك يوم
[ 61 ]
الدين) وقال : (ولهذا الحديث طرق كثيرة وهو أصل في هذا الباب) . قلت : كذا وقع في روايته : (ملك) . دون مد الميم ، وهي رواية الترمذي بلفظ : (وكان يقرؤها ملك يوم الدين) . وأعله بالانقطاع فقال : (هذا حديث غريب ، وبه يقول أبو عبيد ويختاره ، هكذا روى يحيى بن سعيد الأموي وغيره عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة ، وليس إسناده بمتصل ، لأن الليث بن سعد روى هذا الحديث عن ابن أبي مليكة عن يعلى بن مملك عن أم سلمة إنها وصفت قراءة النبي (صلى الله عليه وسلم) مفسرة حرفا حرفا . وحديث الليث أصح) . كذا قال . ونحن نرى إن الصواب خلاف ما ذهب إليه الترمذي ، وأن الصواب والإصح حديث ابن جريج ، لأنه قد توبع ، فقال الإمام أحمد (6 / 288) : (ثنا وكيع عن نافع بن عمر ، وأبو عامر ثنا عن نافع عن ابن أبي مليكة عن بعض أزواج النبي (صلى الله عليه وسلم) قال أبو عامر : قال نافع : أراها حفصة - أنها سئلت عن قراءة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ؟ فقالت : انكم لا تستطيعونها ، قال . فقيل لها : أخبرينا بها ، قال : فقرأت قراءة ترسلت فيها ، قال أبو عامر : قال نافع : فحكى لنا ابن أبي مليكة : الحمد لله رب العالمين ، ثم قطع ، الرحمن الرحيم ، ثم قطع ، مالك يوم الدين) . قلت : وهذا صحيح ، وهو تابع قوي لابن جريج في أصل الحديث . ولا يضره أنه لم يسم زوج النبي (صلى الله عليه وسلم) ولا أنه سماها حفصة لانه ظن منه ، فلا يعارض به من جزم بانها أم سلمة .
[ 62 ]
(فائدة) : قال أبو عمرو الداني في (باب تفسير الوقف الحسن (5 / 2) : (ومما ينبغي له أن يقطع عليه رؤوس الآي ، لأنهن في أنفسهن مقاطع ، وأكثر ما يوجد التام فيهن لاقتضائهن تمام الجمل ، واستبقاء أكثرهن إنقضاء القصص . وقد كان جماعة من الائمة السالفين والقراء الماضين يستحبون القطع عليهن ، وإن تعلق كلام بعضهن ببعض ، لما ذكرنا من كونهن ، مقاطع ، ولسن بمشبهات لما كان من الكلام التام في أنفسهن دون نهايتهن) . ثم روى عن اليزيدي عن أبي عمرو أنه كان يسكت على رأس كل آية ، فكان يقول : إنه أحب إلي إذا كان آية إن يسكت عندها ، وقد وردت السنة أيضا بذلك عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عند استعماله التقطيع) ثم ساق هذا الحديث . قلت : وهذه سنة تركها أكثر قراء هذا الزمان . فالله المستعان . (344) - (حديث : (إذا أمن الإمام فأمنوا) . متفق عليه) ص 95 . صحيح وتمامه : (فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه) . أخرجه البخاري (1 / 201 ، 3 / 194) ومسلم (2 / 7) وكذا أبو عوانة (2 / 130 - 131) ومالك (1 / 87 / 2 / 44 ، 45) والنسائي (1 / 147) والترمذي (2 / 30) والدارمي (1 / 284) وابن ماجه (846) وابن الجارود (100 - 101) والبيهقي (2 / 55) وأحمد (2 / 233 ، 270 ، 312 ، 440 ، 459) من طرق كثيرة عن أبي هريرة به وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . وقد ذكرت طرقه وألفاظه في (تخريج صفة الصلاة) . (345) - (حديث (أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يجهر في الصبح والجمعة والأوليين من المغرب والعشاء)) ص 90 .
[ 63 ]
صحيح وقد ذكر النووي في (المجموع) (3 / 389) : إجماع المسلمين على ذلك كله ، بنقل الخلف عن السلف مع الأحاديث المتظاهرة على ذلك . وذكره نحوه ابن حزم في (مراتب الإجماع) (ص 33) ، واقره شيخ الإسلام ابن تيمية على ذلك . قلت : وإليك بعض الأحاديث التي أشار إليها النووي رحمه الله تعالى . الأول : عن قطبة بن مالك (أنه سمع النبي (صلى الله عليه وسلم) يقرأ في الفجر (والنخل باسقات لها طلع نضيد) أخرجه مسلم (2 / 39 - 40) وأبو عوانة (2 / 159) والبخاري في (أفعال العباد) (ص 81) والترمذي (2 / 108 - 159) وابن ماجه (816) والدارمي (1 / 297) والسراج (30 / 1) وكذا ابن أبي شيبة (1 / 140 / 1) والطيالسي وأحمد (4 / 222) . الثاني : عن عمرو بن حريث قال : (سمعت النبي (صلى الله عليه وسلم) يقرأ في الفجر (إذا الشمس كورت)) . اخرجه مسلم (2 / 39) والنسائي (1 / 151) والدارمي (1 / 297) وابن أبي شيبة والسراج والبيهقي والطيالسي (1055 ، 1210) وأحمد (4 / 306 ، 307) . وفي رواية عنه : (كأني أسمع صوت النبي (صلى الله عليه وسلم) يقرأ في صلاة الغداة (فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس) . أخرجه أبو داود (817) وابن ماجه (817) وإسناده حسن . الثالث : عن أم هشام بنت حارثة بن النعمان قالت : (اما أخذت (ق والقرآن المجيد) إلا من وراء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، كان يصلي بها
[ 64 ]
في الصبح) . أخرجه النسائي (1 / 151) وأحمد (6 / 463) بإسناد حسن . الرابع : عن أبي هريرة يرويه عبيد الله بن أبي رافع قال : (إستخلف مروان أبا هريرة على المدينة ، وخرج إلى مكة فصلى لنا أبو هريرة الجمعة ، فقرأ بعد سورة الجمعة في الركعة الآخرة (إذا جاءك المنافقون) قال : فأدركت أبا هريرة حين أنصرف ، فقلت له : إنك قرأت بسورتين كان علي بن أبي طالب يقرأ بهما بالكوفة فقال أبو هريرة : إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقرأ بهما في الجمعة) . أخرجه مسلم (3 / 15) واللفظ له وأبو داود (1 124) والترمذي (2 / 396 - 397) وأبن ماجه (1118) وقال الترمذي (حسن صحيح) . وأما القراءة في الأوليين فلا أعلم في ذلك حديثا صريحا ، فالعمدة في ذلك على الاتفاق الذي سبق نقله عن النووي . (346) - (حديث أبي سعيد وابن أبي أوفى (أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان إذا رفع رأسه قال : سمع الله لمن حمده ر بنا لك الحمد ملء السماء وملء الأرض ، وملء ما شئت من شئ بعد) متفق عليه) . ص 90 صحيح ولكنه من أفراد مسلم دون البخاري ، أخرجه هو (2 / 47) والدارمي (1 / 301) وعنه البيهقي (2 / 94) وأبو داود (رقم 847) والنسائي (1 / 163) وا لطحاوي (1 / 141) وابن نصر في (قيام الليل) (77) وأحمد (3 / 87) والسراج (38 / 1) وأبو عوانة (2 / 176) من حديث أبي سعيد الخدري ولفظه : (كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا رفع رأسه من الركوع قال : ربنا لك الحمد ، ملء السماوات والارض ، وملء ما شئت من شئ بعد ، أهل الثناء والمجد ، أحق ما
[ 65 ]
قال العبد ، وكلنا لك عبد ، اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد) . ثم أخرجه مسلم (2 / 46 - 47) وكذا أبو عوانة (2 / 177) وأبو داود (846) وابن ماجه (878) والطحاوي والبيهقي وأحمد (4 / 353 ، 354 / 3 56) وابن أبي شيبة (1 / 95 / 2) والسراج (37 / 2) عن عبد الله بن أبي أوفى بلفظ : (كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا رفع ظهره من الركوع قال : سمع الله لمن حمده اللهم ربنا لك الحمد ، ملء السماوات ، وملء الارض ، وملء ما شئت من شئ بعد) . ورواه البخاري في (الادب المفرد) (684) بلفظ كان يدعو . . .) دون قوله بعد الركوع . وهو رواية لمسلم وأحمد وغيرهما . (347) - (حديث (وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا : ربنا ولك الحمد)) ص 90 . صحيح . وقد مضى في حديث أبي موسى رقم (332) . (348) - (حديث سعيد بن جبير عن أنس قال : (ما صليت وراء أحد بعد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أشبه صلاة به من هذا الفتى - يعني عمر بن عبد العزيز قال فحزرنا في ركوعه عشر تسبيحات وفي سجوده عشر تسبيحات) . رواه أحمد والنسائي وأبو داود) ص 91 . ضعيف . رواه أحمد (3 / 162 - 163) وأبو داود (888) والنسائي (1 / 170) وكذا البيهقي (2 / 110) من طريق وهب بن مانوس قال : سمعت سعيد بن جبير به . قلت : وهذا سند ضعيف ، وهب هذا قال ابن القطان : (مجهول الحال) .
[ 66 ]
(349) - (حديث كعب بن عجرة : (خرج علينا النبي (صلى الله عليه وسلم) فقلنا : يارسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك ؟ قال : (قولوا : اللهم صل على محمد ، وعلى أل محمد ، كما صليت على آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم أنك حميد مجيد) . متفق عليه) ص 91 . صحيح وقد سبق تخريجه (325) . (350) - (حديث أبي هريرة مرفوعا : (إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليتعوذ بالله من أربع : من عذاب جهنم ، ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال) . ص 91 . رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي) (ص 91) . صحيح أخرجه مسلم (2 / 93) وكذا أبو عوانة (2 / 235) وأبو داود (983) والدارمي (1 / 310) والنسائي (1 / 193) وابن ماجه (909) وابن الجارود (110) والسراج (76 / 2) وأحمد (2 / 237 ، 477) والبيهقي (2 / 154) من طريق محمد بن أبي عائشة عن أبي هريرة به . وليس عند أبي عوانة والنسائي والدارمي لفظة (الأخير) و (فتنة) الثانية ، وزاد البيهقي : (ثم ليدع بعد بما شاء ، اللهم إني أعوذ . . .) وسنده صحيح . (351) - (حديث (أن مالك بن الحويرث [ كان ] ، إذا صلى (1) كبر ورفع يديه وإذا أراد أن يركع رفع يديه ، وإذا رفع رأسه رفع يديه وحدث أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) صنع هكذا) متفق عليه) ص 91 .
[ 67 ]
صحيح وهو من رواية أبي قلابة أنه رأى مالك بن الحويرث إذا صلى . . الحديث . أخرجه البخاري (1 / 191) ومسلم (2 / 7) وأبو عوانة (2 / 94) البيهقي (2 / 27 ، 71) . وله طريق آخر بلفظ : (كان إذا كبر رفع يديه حتى يحاذي بهما أذنيه ، وإذا ركع رفع يديه حتى يحاذي بهما أذنيه ، وإذا رفع رأسه من الركوع فقال : سمع الله لمن حمده ، فعل مثل ذلك) . أخرجه مسلم والسياق له وابو عوانة وابو داود (745) والنسائي (1 / 161 165) والدارمي (1 / 285) وابن ماجه (859) واحمد (3 / 436 ، 437 ، 5 / 53) وكذا الطيالسي (1253) وابن أبي شيبة (1 / 91 / 2) من طرق عن قتادة عن نصر بن عاصم عنه . زاد النسائي : (وإذارفع رأسه من السجود فعل مثل ذلك) . وسنده صحيح . وفي أخرى له بلفظ : (أنه رأى النبي (صلى الله عليه وسلم) رفع يديه في صلاته إذا ركع ، وإذا رفع رأسه من الركوع ، وإذا سجد ، وإذا رفع رأسه من السجود حتى يحاذي بهما فروع اذنيه) . وكذلك رواه أحمد (3 / 436 ، 437) وسنده صحيح أيضا وفي أخرى له مختصرا بلفظ : (كان يرفع يديه حيال فروع أذنيه في الركوع والسجود) . وكذلك رواه أبو عوانة في صحيحه (2 / 95) وقال الحافظ في (الفتح)
[ 68 ]
(2 / 185) بعد أن ساقه من طريق النسائي : (وهو أصح ما وقفت عليه من الأحاديث في الرفع في السجود) . وله شاهد من حديث أنس بلفظ : (أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يرفع يديه في الركوع والسجود . رواه ابن أبي شيبة (1 / 91 / 1) بإسناد صحيح . (352) - (حديث وائل بن حجر وفيه : ثم وضع اليمنى على اليسرى رواه أحمد ومسلم) ص 92 . صحيح رواه أحمد (4 / 317 - 318) ومسلم (2 / 13) وكذا أبو عوانة (2 / 97) عن عبد الجبار بن وائل عن علقمة بن وائل ومولى لهم إنهما حدثاه عن أبيه وائل بن حجرة : (أنه رأى النبي (صلى الله عليه وسلم) رفع يديه حين دخل في الصلاة وكبر - وصف حمام حيال اذنيه) ثم التحف بثوبه ثم وضع يده اليمنى على اليسرى ، فلما أراد ان يركع اخرج يديه من الثوب ثم رفعهما ، ثم كبر فركع ، فلما قال : سمع الله لمن حمده رفع يديه ، فلما سجد سجد بين كفيه) . وله طريق أخرى عن عاصم بن كليب : أخبرني أبي أن وائل بن حجر الحضرمي أخبره قال : (قلت : لأنظرن إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كيف يصلي ، قال : فنظرت إليه قام فكبر ورفع يديه حتى حاذتا أذنيه ، ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد ، ثم قال : لما أراد أن يركع رفع يديه مثلها ، ووضع يديه على ركبتيه ، ثم رفع رأسه فرفع يديه مثلها ثم سجد فجل كفيه ، بحذاء اذنيه ثم قعد ، فافترش رجله اليسرى ، فوضع كفه اليسرى على فخذه ، وركبته اليسرى ، وجعل حد مرفقه الايمن على فخذه وركبته اليسرى ، ثم قبض بين أصابعه فحلق حلقة ، ثم رفع
[ 69 ]
أصبعه ، فرأيته يحركها يدعو بها ثم جئت بعد ذلك في زمان فيه برد فرأيت الناس عليهم الثياب تحرك من يديهم من تحت الثياب من البرد) . رواه أحمد (4 / 318) وأبو داود (727) والنسائي (1 / 141) والدارمي (1 / 314) وابن الجارود (110 - 111) والبيهقي (2 / 27 / - 28 ، 132) من طرق عن زائدة عنه به . قلت : وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم ، وصححه ابن خزيمة كما في (الفتح) (2 / 366) وابن حبان كما في (خلاصة البدر المنير) (ق 23 / 1) وكذا صححه النووي في (المجموع) وابن القيم في (زاد المعاد) (1 / 85) . 353 - (حديث علي رضي الله عنه قال : أن من السنة في الصلاة وضع الأكف على الأكف تحت السرة) . رواه أحمد) ص 92 ضعيف رواه أحمد في (المسائل) (ق 62 / 2) لابنه عبد الله وهذا في زوائد (المسند) (1 / 110) (1) وكذا أبو داود (756) والدارقطني (107) والبيهقي (2 / 310) وكذا ابن أبي شيبة (1 / 156 / 1) عن عبد الرحمن بن إسحاق عن زياد بن زيد السرائي عن أبي جحينة عن علي رضي الله عنه به . قلت : وهذا سند ضعيف علته عبد الرحمن بن إسحاق هذا وهو الواسطي وهو ضعيف كما يأتي ، وقد اضطرب فيه ، فرراه مرة هكذا عن زياد عن أبي جحيفة عنه . ومرة قال : عن النعمان بن سعد عن علي . أخرجه الدارقطني والبيهقي . (1) وأطلق العزو إلى الإمام أحمد في (المنتقى) فأوهم أنه في مسنده ، وأنما هو في زياداته كما قلنا . وكما صرح به الحاظ في الفتح (2 / 186) .
[ 70 ]
ومرة قال : عن سيار أبي الحكم عن ابي وائل قال : (قال أبو هريرة) . أخرجه أبو داود (758) والدارقطني ، وقال أبو داود : (سمعت أحمد بن حنبل يضعف عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي) . قلت : ولذلك لم يأخذ الإمام احمد بحديثه هذا ، فقال ابنه عبد الله : (رأيت ابي إذا صلى وضع يديه إحداهما على الأخرى فوق السرة) . وقد قال النووي في (المجموع) (3 / 313) وفي (شرح صحيح مسلم) وفي غيرهما : (اتفقوا على تضعيف هذا الحديث لأنه من رواية عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي وهو ضعيف باتفاق أئمة الجرح والتعديل) . وقال الزيلعي (1 / 314) : (قال البيهقي في (المعرفة) : لا يثبت إسناده تفرد به عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي وهو متروك) . وقال الحافظ في (الفتح) (2 / 186) : (هو حديث ضعيف) . قلت : ومما يدل على ضعف أنه روي عن علي خلافه ، بإسناد خير منه ، وهو حديث ابن جرير الضبي عن أبيه قال : (رأيت عليا رضي الله عنه يمسك شماله بيمينه على الرسغ فوق السرة) . وهذا إسناد محتمل للتحسين ، وجزم البيهقي (2 / 130) أنه حسن . وعلقه البخاري (1 / 301) مختصرا مجزوما . والذي صح عنه صلى الله عليه وآله وسلم في موضع وضع اليدين إنما هو الصدر ، وفي ذلك أحاديث كثيرة أوردتها في (تخريج صفة الصلاة) منها :
[ 71 ]
عن طاوس قال : (كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يضع يده اليمنى على يده اليسرى ، ثم يشد بينهما على صدره وهو في الصلاة (رواه أبو داود (759) بإسناد صحيح عنه وهو وإن كان مرسلا فهو حجة عند جميع العلماء على اختلاف مذاهبهم في المرسل ، لأنه صحيح السند إلى المرسل ، وقد جاء موصولا من طرق كما أشرنا إليه آنفا فكان حجة عند الجميع ، وأسعد الناس بهذه السنة الصحيحة الأمام إسحاق ابن راهويه ، فقد ذكر المروزي في (المسائل) (ص 222) : (كان إسحاق يوتر بنا . . . ويرفع يديه في القنوت ويقنت قبل الركوع ، ويضع يديه على ثدييه ، أو تحت الثديين) . 354 - (روى ابن سيرين : (أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يقلب بصره في السماء فنزلت هذه الآية (والذين هم في صلاتهم خاشعون) فطأطأ رأسه) رواه أحمد في الناسخ والمنسوخ وسعيد بن منصور في سننه (بنحوه وزاد فيه : (وكان يستحبون للرجل أن لا يجاوز بصره مصلاه) وهو مرسل) ص 92 . ضعيف اخرجه ابن أبي شيبة (2 / 32 / 1) والبيهقي (2 / 283) والحازمي في (الاعتبار) (ص 60) من طريقين عن عبد الله عن عون عن محمد قال : كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا صلى رفع رأسه إلى السماء ، تدور عيناه ينظر ههنا وههنا ، فأنزل الله عز وجل (قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون) فطأطأ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رأسه ونكس في الأرض) . ثم رواه من طريق محمد بن يونس ثنا سعيد أبو زيد الأنصاري عن أبي عون عن ابن سيرين عن أبي هريرة موصولا ، وقال : (والصحيح هو المرسل) . وتعقبه ابن التركماني بقوله :
[ 72 ]
(ابن أوس - وهو سعيد أبو زيد الأنصاري - ثقة ، وقد زاد الرفع ، كيف وقد شهد له رواية ابن علية لهذا الحديث موصولا عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريره . قلت : لكن الراوي له عن ابن أوس محمد بن يونس وهو الكديمي كذاب فلا يحتج به فالصواب ما قاله البيهقي ، لكن ذلك بالنظر إلى رواية ابن عون هذه وقد أخرجها ابن جرير أيضا (18 / 3) . وأما رواية ابن علية فالأرجح فيها الموصول . وإن اختلف عليه ، فقد أخرجه ابن جرير : حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : ثنا ابن علية قال : أخبرنا أيوب به مرسلا وكذلك اخرجه البيهقي من طريق سعيد بن منصور ثنا إسماعيل ابن إبراهيم به وقال البيهقي : (هذا هو المحفوظ : مرسل ، وقد روي عن إسماعيل بن إبراهيم - هو ابن علية - موصولا) . ثم روى من طريق ابي عبد الله الحافظ وهو الحاكم وقد أخرجه هو في (المستدرك) (2 / 393) من طريق أبي شعيب الحراني أخبرني أبي أنبأ إسماعيل بن علية عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه ، (أ ن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان إذا صلى رفع بصره إلى السماء ، فنزلت (الذين هم في صلاتهم خاشعون) فطأطأ رأسه ، وقال : (ورواه حماد بن زيد عن أيوب مرسلا وهذا هو المحفوظ) . ووافقه الذهبي ، فإنه لما قال الحاكم عقب الحديث : (صحيح على شرط الشيخين ، لولا خلاف فيه على محمد ، فقد قيل عنه مرسلا) . فتعقبه الذهبي بقوله : (الصحيح مرسل) .
[ 73 ]
وقد تبين لي أخيرا أن هذا القول هو الصواب ، ذلك لأن أبا شعيب الحراني - وأسمه عبد الله بن الحسن ابن أحمد - وإن وثقه الدارقطني وغيره ، فقد قال فيه ابن حبان : (يخطئ ويهم) كما في (لسان الميزان) . قلت : فمثله لا يحتمل تفرده ومخالفته للجماعة الذين رووا عن أيوب مرسلا . وفي الباب عن أبي قلابة الجرمي قال : حدثني عشرة من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن صلاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في قيامه وركوعه وسجوده بنحو من صلاة امير المومنين يعني عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ، قال سليمان : فرمقت عمر في صلاته فكان بصره إلى موضع سجوده ، وذكر باقي الحديث . أخرجه البيهقي وابن عساكر في تاريخه (7 / 302 / 2) من طريق صدفة بن عبد الله عن سليمان بن عبد الله الخولاني قال : سمعت أبا قلابة . . . وقال البيهقي : (وليس بالقوي) . قلت : وعلته صدقة هذا وهو أبو معاوية السمين ، قال الحافظ في (التقريب) : (ضعيف) . وفي معناه حديث عائشة قالت : (دخل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الكعبة ، وما خلف بصره موضع سجوده حتى خرج منها . أخرجه الحاكم (1 / 479) وعنه البيهقي (5 / 158) وقال الحاكم : (صحيح على شرط الشيخين) . ووافقه الذهبي وهو كما قالا . 355 - (حديث ابن مسعود في المراوحة بين القدمين وهو قائم) ص 92 . ضعيف رواه النسائي (1 / 142) وابن أبي شيبة (2 / 92 / 2) والبيهقي
[ 74 ]
(2 / 288) عن أبي عبيدة ان عبد الله رأى رجلا يصلي قد صف بين قدميه ، فقال : خالف السنة ، ولو راوح بينهما كان أفضل . وقال البيهقي : (مرسل) . يعني منقطع بين أبي عبيدة وأبيه عبد الله بن مسعود فإنه لم يسمع منه كما تقدم . ويعارضه حديث ابن الزبير قال : (صف القدمين ، ووضع اليد على اليد من السنة) . أخرجه أبو داود (754) وعنه البيهقي (2 / 30) من طريق العلاء بن صالح عن زرعة بن عبد الرحمن قال : سمعت ابن الزبير . قلت : وهذا إسناد ضعيف أيضا ، زرعة هذا لم يرو عنه ، إلا إثنان العلاء هذا أحدهما ، ولم يوثقه غير ابن حبان والعلاء بن صالح ثقة في حفظه ضعف . وقد روي موقوفا أخرجه ابن أبي شيبة (2 / 93 / 1) بسند صحيح عن هشام بن عروة قال : اخبرني من رأى ابن الزبير يصلي قد صف بين قدميه والزق أحدهما بالأخرى . ثم روى نحوه عن ابن عمر من فعله . وسنده صحيح . 356 - (حديث أبي (1) مسعود : (أنه ركع فجافى يديه ووضع يديه على ركبتيه وفرج بين أصابعه من وراء ركبتيه وقال : هكذا رأيت رسول الله يصلي (صلى الله عليه وسلم) . رواه أحمد وأبو داود والنسائي) ص 92 . (1) الاصل (ابن) وهو تصحيف ، واسمه عقبة بن عمرو الأنصاري .
[ 75 ]
ضعيف رواه أحمد (4 / 119 ، 120) وأبو داود (863) وعنه البيهقي (2 / 127) والنسائي (1 / 159) والحاكم (1 / 222) وكذا الدارمي (1 / 299) والطحاوي (1 / 135) من طرق عن عطاء بن السائب عن سالم أبي عبد الله قال : قال عقبة بن عمرو : (ألا أريكم صلاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ؟ قال : فقام وكبر ، ثم ركع ، وجافى يديه ، ووضع يديه على ركبتيه ، وفرج بين أصابعه من وراء ركبتيه حتى استقر كل شئ منه ، ثم رفع رأسه ، فقام حتى استقر كل شئ منه ، ثم سجد فجافى حتى استقر كل شئ منه ، قال : فصلى أربع ركعات ثم قال : هكذا رأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يصلى أو هكذا كان يصلي بنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقال الحاكم : (صحيح الأسناد ، وفيه الفاظ عزيزة ، ولم يخرجاه لإعراضهما عن عطاء بن السائب ، سمعت العباس بن محمد الدوري يقول : سألت يحيى بن معين عن عطاء بن السائب ؟ فقال : ثقة) . ووافقه الذهبي . قلت : لكنه - أعني عطاء - كان اختلط وليس في رواة هذا الحديث عنه من روي عنه قبل الاختلاط ، وفي هذه الحالة ينبغي التوقف عن تصحيح حديثه كما تقرر في (مصطلح الحديث) لاسيما وفيه ألفاظ غريبة . والله أعلم . (357) - (حديث وائل بن حجر قال : (رأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه) ص 92 - 93 - رواه الخمسة إلا أحمد) . ضعيف رواه أبو داود (838) والنسائي (1 / 165) والترمذي (2 / 56) وابن ماجه (882) وكذا الدارمي (1 / 303) والطحاوي (1 / 150) والدارقطني (131 - 132) والحاكم (1 / 226) وعنه البيهقي (2 / 98) من طريق يزيد بن هارون : أخبرنا شريك عن عاصم بن كليب عن أببه عن وائل .
[ 76 ]
قلت : وهذا سند ضعيف وقد اختلفوا فيه ، فقال الترمذي : (حديث حسن غريب ، لا نعرف احدا رواه مثل هذا عن شريك) . وقال الحاكم : (احتج مسلم بشريك وعاصم بن كليب) . وليس كما قال وإن وافقه الذهبي ، فإن شريكا لم يحتج به مسلم وإنما روى له في المتابعات كما صرح به غير واحد من المحقين ، ومنهم الذهبي نفسه في (الميزان) ، وكثيرا ما يقع الحاكم ثم الذهبي في مثل هذا الوهم ، ويصححان أحاديث شريك على شرط مسلم (فليتنبه لذلك) . وأما الدارقطني فقال عقب الحديث : (تفرد به يزيد عن شريك ، ولم يحدث به عن عاصم بن كليب غير شريك ، وشريك ليس بالقوي فيما تفرد به) . قلت : وهذا هو الحق ، فقد اتفقوا جميعا على أن الحديث مما تفرد به شريك دون أصحاب عاصم بن كليب ، مثل زائدة ابن قدامة وهو ثقة ثبت فقد رواه عن عاصم - كما تقدم برقم 352 - أتم منه ولم - يذكر عنه ما ذكره شريك ، بل قال يزيد بن هارون : (إن شريكا لم يرو عن عاصم غير هذا الحديث) . وهو سئ الحفظ عند جمهور الأئمة ، وبعضهم صرح بأنه كان قد اختلط ، فلذلك لا يحتج به إذا تفرد ، فكيف إذا خالف غيره من الثقات الحفاظ كما سبقت الاشارة إلى رواية زائدة . على أنه قد رواه غيره عن عاصم عن أبيه عن النبي (صلى الله عليه وسلم) مرسلا لم يذكر وائلا . أخرجه أبو داود والطحاوي والبيهقي عن شقيق أبي ليث قال : حدثني عاصم به . لكن شقيق هذا مجهول لا يعرف كما قال الذهبي وغيره . وله طريق أخرى معلولة أيضا . أخرجه أبو داود (839) والبيهقي عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه أن النبي (صلى الله عليه وسلم) - فذكر حديث الصلاة ، قال : فلما سجد وقعتا ركبتاه إلى الأرض قبل أن تقع كفاه . ومن طريق شقيق قال : حدثني عاصم بن كليب عن أبيه عن النبي (صلى الله عليه وسلم) بمثل هذا وفي حديث أحدهما : (وإذا نهض نهض على ركبتيه) . وعلته الانقطاع بين عبد الجبار بن وائل وأبيه فإنه لم يسمع منه شيئا كما قال
[ 77 ]
ابن معين والبخاري وغيرهما . وفي الطريق الأخرى شقيق وهو مجهول . وهذا الحديث مع ضعفه فقد خالفه أحاديث صحيحة : الأول : عن ابن عمر أنه كان يضع يديه قبل ركبتيه ، وقال : كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يفعل ذلك . أخرجه الطحاوي في (شرح المعاني) والدارقطني (131) والحاكم (1 / 226) وعنه البيهقي (2 / 100) والحازمي في (الاعتبار) (54) من طرق عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عنه . وقال الحاكم : (صحيح على شرط مسلم) . ووافقه الذهبي وهو كما قالا ، وصححه أيضا ابن خزيمة كما في (بلوغ المرام) (1 / 263) وقال الحاكم : (القلب إليه أميل - يعنى من حديث وائل - لروايات كثيره في ذلك عن الصحابة والتابعين) . وأما البيهقي فقد أعله بعلة غير قادحة فقال : (كذا قال عبد العزيز ، ولا أراه إلا وهما . يعني رفعه . قال : والمحفوظ ما اخترنا . ثم أخرج من طريق أيوب عن نافع عن ابن عمر قال : إذا سجد أحدكم فليضع يديه ، وإذا رفع فليرفعهما . قال الحافظ : ولقائل ان يقول ، هذا الموقوف غير المرفوع ، فإن الأول في تقديم وضع اليدين على الركبتين . والثاني في إثبات وضع اليدين في الجملة) . قلت : وعبد العزيز ثقة ولا يجوز توهيمه بمجرد مخالفة أيوب له ، فإنه قد زاد الرفع وهي زيادة مقبولة منه ، ومما يدل على أنه قد حفظ انه روى الموقوف والمرفوع معا وقد خالفه في الموقوف ابن أبي ليلى عن نافع به بلفظ : (أنه كان يضع ركبتيه إذا سجد قبل يديه ، ويرفع يديه ، إذا رفع قبل ركبتيه) أخرجه ابن أبي شيبة (1 / 102 / 2) . قلت : وهذا منكر لأن ابن أبي ليلى - وأسمه محمد بن عبد الرحمن - سيئ
[ 78 ]
الحفط وقد خالف في مسنده الدراوردي وأيوب السختياني كما رأيت . الحديث الثاني : قوله عليه الصلاة والسلام : (إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير ، وليضع يديه قبل ركبتيه) . اخرجه البخاري في (التاريخ) (1 / 1 / 139) وأبو داود (845) وعنه ابن حزم (4 / 128 - 129) والنسائي (1 / 149) والدارمي (1 / 303) والطحاوي (مشكل الآثار) (1 / 65 - 66) وفي (الشرح) (1 / 149) والدارقطني (131) والبيهقي (2 / 99 - 100) وأحمد (2 / 381) كلهم من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي قال : ثنا محمد بن عبد الله بن الحسن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا به . قلت : وهذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير محمد بن عبد الله بن الحسن وهو المعروف بالنفس الزكية العلوي وهو ثقة كما قال النسائي وغيره ، وتبعهم الحافظ في (التقريب) ، ولذلك قال النووي في (المجموع) (3 / 421) والزرقاني في (شرح المواهب) (7 / 320) : (إسناده جيد) . ونقل مثله المناوي عن بعضهم وصححه عبد الحق في (الأحكام الكبرى) (ق 54 / 1) وقال في (كتاب التهجد) (ق 56 / 1) : إنه أحسن إسنادا من الذي قبله . يعني حديث وائل المخالف له . وقد أعله بعضهم بثلاث علل : الأولى : تفرد الدراوردي به عن محمد بن عبد الله . الثانية : تفرد محمد هذا عن أبي الزناد . الثالثة : قول البخاري : لا أدري اسمع محمد بن عبد الله بن حسن من أبي الزناد أم لا . وهذه العلل ليست بشئ ولا تؤثر في صحة الحديث البتة .
[ 79 ]
أما الجواب عن الأولى والثانية ، فهو أن الدراوردي وشيخه ثقتان فلا يضر تفردهما بالحديث ، كما لا يخفى . وأما الثالثة فليست بعلة إلا عند البخاري بناء على أصله المعروف وهو اشتراط معرفة اللقاء ، وليس ذلك بشرط عند جمهور المحدثين ، بل يكفي عندهم مجرد إمكان اللقاء مع أمن التدليس كما هو مذكور في (المصطلح) وشرحه الإمام مسلم في مقدمة صحيحه . وهذا متوفر هنا فإن محمد بن عبد الله لم يعرف بتدليس ثم هو قد عاصر أبا الزناد وأدركه زمانا طويلا ، فإنه مات سنة (145) وله من العمر (53) ، وشيخه أبو الزناد مات سنة (135) فالحديث صحيح لا ريب فيه . على أن الدراوردي لم يتفرد به ، بل توبع عليه في الجملة ، فقد أخرجه أبو داود (841) والنسائي والترمذي أيضا (2 / 57 - 58) من طريق عبد الله بن نافع عن محمد بن عبد الله بن حسن به مختصرا بلفظ : (يعمد أحدكم فيبرك في صلاته برك الجمل ؟ !) فهذه متابعة قوية ، فإن ابن نافع ثقة أيضا من رجال مسلم كالدراوردي . (تنبيه) : وأما ما أخرجه ابن أبي شيبة في (المصنف) (1 / 102 / 2) والطحاوي والبيهقي من طريق عبد الله بن سعيد عن جده عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ : (إذا سجد احدكم فليبدأ بركبتيه قبل يديه ، ولا يبرك بروك الفحل) . فهو حديث باطل تفرد به عبد الله وهو ابن سعيد المقبري وهو واه جدا بل اتهمه بعضهم بالكذب ، ولذلك قال البيهقي وتبعه الحافظ (الفتح) (2 / 241) (إسناده ضيعف) . وأحسن الظن بهذا المتهم أنه أراد أن يقول : (فليبدأ بيديه قبل ركبتيه) كما في الحديث الصحيح ، فانقلب عليه فقال : (بركبتيه قبل يديه) . ومما يدل على ذلك قوله في الحديث ولا يبرك بروك الفحل) فإن الفحل - وهو الجمل - إذا برك فأول ما يقع منه على الأرض ركبتاه اللتان في يديه كما هو مشاهد ، وإن غفل عنه كثيررن فالنهي عن بروك كبروكه يقتضي أن لايخر على ركبتيه ،
[ 80 ]
وأن يتلقى الأرض بكفيه ، وذلك ما صرح به الحديث الصحيح ، وبذلك يتفق شطره الأول مع شطره الثاني خلافا لمن ظن أن فيه إنقلابا واحتج على ذلك بهذا الحديث الواهي الباطل وبغير ذلك مما لا يحسن التعرض له في هذا المكان فراجع تعليقتنا على (صفة صلاة النبي (صلى الله عليه وسلم) (ص 100 - 101) . (فائدة) ثبت مما تقدم أن السنة الصحيحة في الهوي إلى السجود أن يضع يديه قبل ركبتيه ، وهو قول مالك والأوزاعي وأصحاب الحديث كما نقله ابن القيم في (الزاد) والحافظ في (الفتح) وغيرهما وعن أحمد نحوه كما في (التحقيق) (ق 108 / 2) لابن الجوزي . 358 - (حديث أبي حميد في صفة صلاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال فيه : (وإذا سجد فرج بين فخذيه غير حامل بطنه على شئ من فخذيه) ص 93 . ضعيف بهذا السياق . وقد تقدم تخريجه (305 ، 309) لكن ليس فيه هذا ، وإنما هو في رواية لأبي داود (735) من طريق بقية حدثني عتبة حدثني عبد الله بن عيسى عن العباس بن سهل الساعدي عن أبي حميد به . قلت : وهذا إسناد ضعيف ، علته عتبة هذا وهو ابن أبي حكيم الهمداني قال في (القريب) : (صدوق يخطئ كثيرا) . ثم وجدت الحافظ ابن حجر قد ذكر في (الفتح) (2 / 254) أن رواية عتبة أخرجها ابن حبان ، وأن هذا القدر منها ورد في رواية عيسى يعني ابن عبد الله مالك ، وكان قد عزى هذه الرواية قبل صفحة لأبي داود وغيره ، وهي عند أبي داود (733) لكن ليس فيها القدر الذي رواه عتبة . فالظاهر إنها عند غير أبي داود فإذا ثبت ذلك فالحديث حسن على أقل الأحوال . والله أعلم . 359 - (حديث ابن بحينه : كان (صلى الله عليه وسلم) إذا سجد يجنح في سجوده حتى يرى وضح إبطيه) متفق عليه) ص 93 .
[ 81 ]
صحيح . أخرجه البخاري (1 / 208) ومسلم (2 / 53) وكذا أبو عوانة (2 / 185) والنسائي (1 / 166) والطحاو ي (1 / 136) والبيهقي (2 / 114) وأحمد (5 / 345) عن عبد الله بن مالك ابن بحينة به . واللفظ لأحمد وأبي عوانة في إحدى روايتيه ، ولفظ الصحيحين : (كان إذا صلى فرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه) 360 - (في حديث أبي حميد : (ووضع كفيه حذو منكبيه) رواه أبو داود والترمذي وصححه وفي لفظ : (سجد غير مفترش ولا قابضهما واستقبل بأطراف رجليه القبلة)) ص 93 . صحيح وقد تقدم تخريجه باللفظ الثاني (305) وأما اللفظ الأول فهو في رواية فليح بن سليمان بسنده عن أبي حميد وقد مضت (309) وفيها ضعف كما مر ، لكن لها شاهد من حديث وائل ابن حجر ، أخرجه البيهقي (2 / 82) بسند صحيح . وقد صح أيضا عنه (صلى الله عليه وسلم) أنه كان يضعهما حذو أذنيه كما ذكرته في (صفة الصلاة) . 361 - (حديث وائل بن حجر في رفع اليدين أولا في قيامه الى الركعة) ص 93 . ضعيف وقد سبق تخريجه (357) . 362 - (حديث أبي هريرة : (كان ينهض على صدور قدميه)) ص 93 .
[ 82 ]
ضعيف أخرجه الترمذي (2 / 80) عن خالد بن إلياس عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة مرفوعا به وقال : (خالد بن إلياس ضعيف عند أهل الحديث ، وصالح مولى التوأمة هو صالح بن أبي صالح) . قلت : وهو ضعيف لاختلاطه إلا فيما رواه القدماء عنه كابن أبي ذئب . ومع ضعف هذا الحديث فقد خالفه حديثان صحيحان . الأول : حديث ابي حميد الساعدي المتقدم (305) وفيه بعد أن ذكر السجدة الثانية من الركعة الأولى : (ثم قال : الله أكبر ، ثم ثنى رجله وقعد واعتدل حتى يرجع كل عظم في موضعه ، ثم نهض) . الثاني : عن مالك بن الحويرث أنه كان يقول : ألا أحدثكم عن صلاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ؟ فصلى في غير وقت صلاة ، فلذا رفع رأسه من السجدة الثانية في أول ركعة ، استوى قاعدا ثم قام فاعتمد على الأرض) . أخرجه الشافعي في (الأم) (1 / 101) وابن أبي شيبة (1 / 158 / 1) والنسائي (1 / 173) والبيهقي (2 / 124 / 135) والسراج (108 / 2) عن عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي عن خالد الحذاء عن أبي قلابة قال : كان مالك بن الحويرث يأتينا فيقول : فذكره . قلت : وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين . وأخرجه البخاري (1 / 211) والبيهقي (2 / 123) من طريق وهيب عن أيوب عن أبي قلابة قال : جاءنا مالك بن الحويرث فصلى بنا في مسجدنا هذا ، فقال : إني لأصلي بكم وما أريد الصلاة ، ولكن أريد أن أريكم كيف رأيت النبي (صلى الله عليه وسلم) يصلي ، قال
[ 83 ]
أيوب فقلت لأبي قلابة : وكيف كانت صلاته ؟ قال : مثل صلاة شيخنا هذا يعني عمرو بن سلمة ، قال ايوب : وكان ذلك الشيخ يتم التكبير ، وإذا رفع رأسه عن السجدة الثانية جلس واعتمد على الأرض ثم قام) . وقد تابعه حماد بن زيد عن أيوب به نحوه بلفظ : (كان إذا رفع رأسه من السجدة الأولى والثالثة التي لا يقعد فيها أستوى قاعدا ثم قام) . أخرجه الطحاوي (2 / 405) وأحمد (5 / 53 - 54) وهو صحيح أيضا . وتابعه هشيم عن خالد مختصرا بلفظ : " أنه رأى النبي (صلى الله عليه وسلم) يصلي ، فإذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعدا) . أخرجه البخاري وأبو داود (844) والنسائي أيضا والترمذي (2 / 79) والطحاوي والدارقطني (132) والبيهقي وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . وصححه الدارقطني أيضا . (فائدة) هذه الجلسة الواردة في هذين الحديثن الصحيحن تعرف عند الفقهاء بجلسة الأستراحة ، وقد قال بمشروعيتها الأمام الشافعي وعن أحمد نحوه كما في (تحقيق ابن الجوزي) (111 / 1) ، وأما حمل هذه السنة على إنها كانت منه (صلى الله عليه وسلم) للحاجة لا للعبادة وأنها لذلك لاتشرع كما يقوله الحنفية وغيرهم فأمر باطل كما بينته في " التعليقات الجياد ، على زاد المعاد " وغيرها ، ويكفي في إبطال ذلك أن عشرة من الصحابة مجتمعين أقروا انها من صلاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كما تقدم في حديث أبي حميد ، فلو علموا أنه عليه السلام إنما فعلها للحاجة لم يجز لهم أن يجعلوها من صفة صلاته (صلى الله عليه وسلم) وهذا بين لا يخفى والحمد لله تعالى . 363 - (حديث وائل بن حجر " وإذا نهض نهض على ركبتيه واعتمد
[ 84 ]
على فخذيه رواه أبو داود) ص 93 ضعيف وقد تقدم تخريجه في الحديث (357) . (فائدة) روى ابن أبي شيبة في (المصنف) (1 / 157) عن جماعة من السلف منهم ابن مسعود وعلي وابن عمر وغيرهم بأسانيد صحيحة أنهم كانوا ينهضون في الصلاة على صدور أقدامهم . فلعل ذلك كان في الجلسة التي يقعد فيها أعني للتشهد ، توفيقا بين هذه الأثار وبين حديث مالك بن الحويرث الذي ذكرته آنفا ، فاني لا اعلم في جلسة التشهد سنة ثابتة ، ويويد ذلك أن ابن أبي شيبة روى (1 / 157 / 2) عن ابن عمر أيضا أنه كان يعتمد على يديه في الصلاة . وسنده صحيح أيضا ، فهذا على وفق السنة ، وما قبله على ما لا يخالفها . والله اعلم . 364 - (حديث أبي حميد : " ثم ثنى رجله اليسرى وقعد عليها " . وقل : " وإذا جلس في الركعتين جلس على اليسرى ونصب الأخرى " . وفي لفظ : " وأقبل بصدر اليمنى على قبلته ") . ص 93 صحيح باللفظين الأولين ، وقد مضيا في حديثه (305) . وأما اللفظ الأخر ، فهو عند أبي داود (73 4) من رواية فليح وقد عرفت مما تقدم (309) أن فيه ضعفا . 365 - (حديث أبي حميد : (فإذا كانت السجدة التي فيها التسليم أخرج رجله اليسرى وجلس متوركا على شقه الأيسر وقعد على مقعدته . رواه البخاري) . ص 94 .
[ 85 ]
صحيح وقد مضى بتمامه (305) . 366 - (حديث ابن عمر : " كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا جلس في الصلاة وضع يديه على ركبتيه ، ورفع إصبعه اليمنى التي تلي الإبهام ، فدعا بها " . رواه أحمد ومسلم) . ص 94 صحيح . أخرجه مسلم (2 / 90) واللفظ له وكذا أبو عوانة (2 / 225) والنسائي (1 / 187) والترمذي (2 / 88) وابن ماجه (913) من طريق عبد الرزاق : أخبرنا معمر عن عبيد الله بن عمر عن نافع عنه به وزادوا : " ويده اليسرى على ركبته باسطها عليها " . وأما أحمد فأخرجه (2 / 65) من طريق مالك ، وهذا في " الموطأ " (1 / 88 / 48) وعنه أبو داود أيضا (987) والنسائي (1 / 186) والبيهقي (2 / 130) كلهم عن مالك عن مسلم بن أبي مريم عن علي بن عبد الرحمن المعاوي أنه قال : " رآني عبد الله بن عمر وأنا أعبث بالحصباء في الصلاة ، فلما انصرف نهاني ، وقال : إصنع كما كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يصنع . فقلت : وكيف كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يصنع ؟ قال : كان إذا جلس في الصلاة وضع كفه اليمنى على فخذه اليمنى ، وقبض أصابعه كلها وأشار بأصبعه التي تلي الإبهام ، ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى وقال : هكذا كان يفعل " . ورواه النسائي (1 / 173) والبيهقي (2 / 132) من طريق إسماعيل بن جعفر عن مسلم بن أبي مريم به وزاد بعد قوله : " الإبهام " في القبلة ، ورمى ببصره إليها ، أو نحوها " . وإسنادها صحيح . 367 - (في حديث وائل بن حجر :
[ 86 ]
" ثم قبض ثنتين من أصابعه وحلق حلقة ثم رفع أصبعه فرأيته يحركها يدعو بها) . رواه أحمد وأبو داود والنسائي) ص 94 . صحيح وتقدم بتمامه (352) . 368 - (حديث عامر بن سعد عن أبيه قال : " كنت أرى النبي (صلى الله عليه و سلم) يسلم عن يمينه وعن يساره حتى أرى (1) بياض خده " . رواه أحمد ومسلم) ص 94 . صحيح . رواه احمد (1 / 172 / ، 180 - 181) ومسلم (2 / 91) وكذا أ بو عوانة (2 / 237) والنسائي (1 / 194) وابن ماجه (915) وابن أبي شيبة (1 / 117 / 1) والبيهقي (2 / 178) والدورقي في " مسند سعد " (1 / 120 / 1) عن إسماعيل بن محمد بن سعد عن عامر بن سعد به . واللفظ لمسلم . وفي رواية عن إسماعيل قال : اجتمعت أنا والزهري فتذكرنا : تسليمة واحدة ، فقال الزهري : تسليمة واحدة فقلت : أنا ابن أبي إسحاق (كنية سعد بن أبي وقاص) أحدف بها عليك ! حدثني عامر بن سعد به مختصرا . أخرجه أبو عوانة بسند صحيح عنه . وفي رواية أخرى : " فقال (يعني الزهري) هذا حديث لم أسمعه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم) فقال له إسماعيل بن محمد : أكل حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سمعت ؟ قال الزهري : لا ، قال : فثلثيه ؟ قال : لا ، قال : فنصفه ؟ فوقف الزهري عند النصف أو عند الثلث ، فقال له إسماعيل : إجعل هذا الحديث فيما لم (1) الاصل (يرى) والتصويب من صحيح مسلم وما في الأصل رواية النسائي .
[ 87 ]
تسمع ! أخرجه البيهقي بإسناد ضعيف إلى إسماعيل . وقد تابعه موسى بن عقبة عن عامر بن سعد به مختصرا . أخرجه أحمد (1 / 186) والدورقي عن أبي معشر عنه . وللحديث شواهد كثيرة عن جماعة من الصحابة منهم عبد الله بن مسعود ، وفي بعض الطرق عنه زيادة " وبركاته " في التسليمة الأولى كما تقدم (326) . 369 - (حديث جابر : (أمرنا النبي (صلى الله عليه وسلم) أن نرد على الإمام وأن يسلم بعضنا على بعض) . رواه أبو داود) ص . ضعيف . رواه أبو داود (1001) والحاكم (1 / 170) والبيهقي (2 / 181) من طريق سعيد بن بشير عن قتادة عن الحسن عن سمرة قال فذكره . وقال الحاكم : " صحيح الأسناد ، وسعيد بن بشير إمام أهل الشام في عصره إلا أن الشيخين لم يخرجاه بما وصفه أبو مسهر من سوء حفظه ومثله لا ينزل بهذا القدر ، . ووافقه الذهبي . قلت : وفي ذلك نظر ، فإن سعيدا هذا ضعفه الجمهور ، والذهبي نفسه أورده في " كتاب الضغفاء " (ق 165 - 1 - 2) وقال " وثقه شعبة ، وفيه لين ، قال النسائي : ضعيف وقال ابن حبان فاحش الخطأ " . قلت : فهذا جرح مفسر ، يقدم على توثيق شعبة ، ولذلك جزم الحافظ في " التقر يب " بأنه " ضعيف " . وأما قول الحاكم : أن أبا مسهر وصفه بسوء الحفظ فهو من أوهامه ، فإن الأمر على خلاف ما ذكر ، ففي (ميزان الذهبي) : (وقال يعقوب القسوي : سألت أبا مسهر عن سعيد بن بشير ؟ فقال : لم يكن في بلدنا أحفظ منه ، وهو ضعيف منكر الحديث " .
[ 88 ]
لكنه لم يتفرد به ، فقد رواه عبد الأعلى بن القاسم أبو بشر ثنا همام عن قتادة به بلفظ : " أمرنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن نسلم على أئمتنا . . . " والباقي مثله سواء . أخرجه ابن ماجه (922) والبيهقي . وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات من رجال الشيخين غير عبد الأعلى - وسماه ابن ماجه علي بن القاسم وهو وهم - وهو صدوق . وذكره ابن حبان في الثقات ، ولعله من أجل ذلك حسن إسناده الحافظ ، فإنه بعد أن ساقه في (التلخيص) (ص 104 - 105) باللفظ الأول من رواية أبي داود والحاكم ساقه باللفظ الثاني من رواية ابن ماجه والبزار وقال : " زاد البزار : " في الصلاة " وإسناده حسن " . وفي ذلك نظر عندي لأن البزار رواه من هذا الوجه كما يستفاد منه ترجمة عبد الأعلى المذكور في " تهذيب التهذيب " ، وعليه فهو معلول ، لأن الحسن البصري قد اختلفوا في سماعه من سمرة ، وهو وإن كان الراجح أنه سمع منه في الجملة ، فإنه كان يدلس كما قال الحافظ وغيره ، وقد عنعنه ، فلا بد حينئذ من أن يصرح بالتحديث حتى يقبل حديثه كما هو مقرر في موضعه من " علم مصطلح الحديث " ، وهذا مما لم نجده عنه ، بل يحتمل أن يكون تلقاه عن سليمان بن سمرة بن جندب عن أبيه ، فقد روي ذلك عنه بإسناد لا يصح ، يرويه جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب حدثني خبيب بن سليمان بن سمرة عن أبيه سليمان بن سمرة عن سمرة بن جندب : أما بعد أمرنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا كان في وسط الصلاة أو حين انقضائها فابدؤوا قبل التسليم فقولوا : التحيات الطيبات والصلوات والملك لله ، ثم سلموا على اليمين ثم سلموا على قارئكم ، وعلى أنفسكم " . وهذا إسناد ضعيف لما فيه من المجاهيل كما قال الحافظ ، وهم سليمان بن سمرة فمن دونه ، وقال الذهبي في ترجمة جعفر هذا : وهذا إسناد مظلم لا ينهض بحكم " .
[ 89 ]
(تنبيهان) : الأول : ذكر المؤلف أن الحديث من رواية جابر . وهو وهم منه أو خطأ من بعض النساخ ، فإنما هو من حديث سمرة كما رأيت . الثاني : وقع في بعض نسخ (المنتقى من أخبار المصطفى) معزوا لأحمد ، وفي نسخة : ابن ماجه بدل أحمد وهو الصواب فإن الحديث ليس في المسند .
[ 90 ]
فضل فيما يكره في الصلاة 370 - حديث عائشة : (هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد) رواه " أحمد والبخاري) . ص 95 (1) صحيح . أخرجه أحمد (6 / 156) والبخاري (1 / 194 ، 2 / 324) وأبو داود (910) والنسائي (1 / 177) والترمذي (2 / 484) والبيهقي (2 / 281) والسراج (37 / 2) عنها قالت : " سألت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن الالتفات في الصلاه ؟ فقال : . . . . فذكره وقال الترمذي : " حديث حسن غريب " . وكذلك رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (1 / 181 / 1) ثم رواه من طريق أخرى عن عائشة موقوفا وهو صحيح مرفوعا وموقوفا . 371 - حديث سهل بن الحنظلية قال : " ثوب بالصلاة ، [ يعني صلاة الصبح ] (2) فجعل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يصلي وهو يلتفت إلى الشعب . قال - [ أبو داود ] (3) : وكان أرسل فارسا إلى الشعب يحرس) . رواه أبو داود) ص 95 . (1) إن هذا الرقم هو رقم الصفحة المذكور فيها الحديث من الجز الأول من (منار السبيل) (2) و (3) زيادات من سنن أبي داود
[ 91 ]
صحيح . رواه أبو داود (916) وعنه البيهقي (2 / 348) في " الصلاة " هكذا مختصرا ثم رواه في " الجهاد " (2501) وكذا الحاكم (2 / 83 - 84) والبيهقي (9 / 149) بأتم منه وفيه قصته وقال الحاكم : (صحيح على شرط الشيخين) ووافقه الذهبي . قلت : وهو صحيح على شرط مسلم ، أما على شرط البخاري ففيه وفقة عندي لأن زيد بن سلام لم يثبت لأنه من رجال البخاري الذين احتج بهم في صحيحه والله أعلم . والحديث عزاه المنذري في " الترغيب " (2 / 155 - 156) للنسائي أيضا فلعله في سننه الكبرى فإني لم أره في سننه الصغرى والله أعلم . 372 - (حديث أنس مرفوعا : (اعتدلوا في السجود ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب) . متفق عليه) ص 95 . صحيح أخرجه البخاري (1 / 211) ومسلم (2 / 53) وكذا أبو عوانة (2 / 183 - 184) وأبو داود (897) والنسائي (1 / 166 ، 167) والدارمي (1 / 303) وابن أبي شيبة (1 / 100 / 2) وابن ماجه (892) والبيهقي (2 / 113) والطيالسي (1977) وعنه الترمذي (2 / 66) وأحمد (3 / 109 ، 115 ، 177 ، 179 ، 191 ، 202 ، 21 4 ، 231 ، 274 ، 291) وابنه عبد الله في زوائده (3 / 279) والسراج (40 / 1) من طرق عن قتادة عنه وقد صرح بسماعه من أنس عند أبي عوانة وغيره ، وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . وله شاهد من حديث جابر . أخرجه ابن أبي شيبة والترمذي وابن ماجه (891) وأحمد (3 / 305 ، 315 . 389) عن الأعمش عن أبي سفيان عنه نحوه .
[ 92 ]
قلت : وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم . وله طريق أخرى من رواية أبي الزبير عنه . أخرجه أحمد (3 / 336) وسنده حسن في المتابعات . وله شاهد آخر من حديث ابن عمر بلفظ : " لا تبسط ذراعيك إذا صليت كبسط السبع ، وادعم على راحتيك ، وتجاف عن ضبعيك ، فإنك إذا فعلت ذلك سجد لك كل عضو منك " . أخرجه ابن عدي في (الكامل) (ق 284 / 1) والحاكم (1 / 277) من طريق ابن إسحاق قال : حدثني مسعر بن كدام عن آدم بن علي البكري عنه مرفوعا . وقال : " صحيح " . ووافقه الذهبي . قلت : وإنما هو حسن فقط لما تقدم من حال ابن إسحاق وقد أخرجه الطبراني في (الكبير) : ورجاله ثقات كما في (المجمع) (2 / 126) وقال . الحافظ في (الفتح) (2 / 244) " إسناده صحيح " . فلعله عند الطبراني من غير طريق ابن إسحاق فيراجع . 373 - (حديث أنه رأى رجلا يعبث في صلاته فقال : " لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه ") ص 95 . موضوع . أورده السيوطي في (الجامع الصغير) من رواية الحكيم عن أبي هريرة ، صرح الشيخ زكريا الأنصاري في تعليقه على تفسير البيضاوي (ق 202) بأن إسناده ضعيف . قلت : بل هو أشد من ذلك ضعفا ، فقد قال المناوي في " فيض القدير " :
[ 93 ]
(رواه (يعني الحكيم) في (النوادر) عن صالح بن محمد عن سليمان بن عمرو عن ابن عجلان عن المقبري عن أبي هريرة قال : رأى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رجلا يعبث بلحيته في الصلاة . الحديث . قال الزين العراقي في (شرح الترمذي) وسليمان بن عمرو هو أبو داود النخعي متفق على ضعفه ، . إنما يعرف هذا عن ابن المسيب . وقال في (المغني) : سنده ضعيف ، والمعروف أنه من قول سعيد ، ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه وفيه رجل لم يسم . وقال والده : فيه سليمان بن عمرو مجمع على ضعفه . وقال الزيلعي : قال ابن عدي : أجمعوا على انه يضع الحديث . قلت : وذلك رواه موقوفا ابن المبارك في " الزهد " (ق 213 / 1) : " أنا معمر عن رجل عن سعيد به " . ومن هذا الوجه رواه ابن أبي شيبة (2 / 51 / 1) . فهو لا يصح لا مرفوعا ولا موقوفا ، والمرفوع أشد ضعفا ، بل هو موضوع وكأنه لذلك لم يعرج عليه البيهقي فلم يورده في سننه الكبرى - على سعتها - وإنما أورده (2 / 289) موقوفا معلقا . والله سبحانه أعلم . 374 - (حديث أبي هريرة : نهى النبي (صلى الله عليه وسلم) أن يصلي الرجل مختصرا " . متفق عليه) ص 95 . صحيح . أخرجه البخاري (1 / 307) ومسلم (2 / 72) وكذا أبو عوانة (2 / 84) وابو داود (947) والنسائي (1 / 142) وعنه ابن حزم في (المحلى) " (4 / 18) والترمذي (2 / 222) والدارمي (1 / 332) وابن أبي شيبة (1 / 183 / 2) وابن الجارود (ص 116) والطبراني في " الصغير " (173) والحاكم (1 / 264) والبيهقي (2 / 287) وأحمد (2 / 232 ، 290 ، 295 ، 331 ، 399) من طرق عن محمد بن سيرين عنه به . وزاد أبو عوانة : " ووضع يده على خاصرته " . وزاد ابن أبي شيبة :
[ 94 ]
(قال محمد : وهو أن يضع يده على خاصرته وهو يصلي ، وله شاهد من حديث ابن عمر يرويه زياد بن صبيح الحنفي قال : (صليت إلى جنب ابن عمر ، فوضعت يدي على خاصرتي فضرب يدي ، فلما صلى قال : هذا الصلب في الصلاة ، وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ينهى عنه) أخرجه أبو داود (س 903) والنسائي (1 / 141) وابن أبي شيبة (1 / 183 / 1) والبيهقي (2 / 288) وأحمد (2 / 106) بإسناد جيد وصححه الحافظ العراقي في (تخريج الاحياء) (1 / 139) . (375) - (حديث " نهيه (صلى الله عليه وسلم) عن الصلاة إلى النائم والمتحدث رواه أبو داود) ص 96 . حسن . رواه أبو داود (694) عن عبد الملك بن محمد بن أيمن عن عبد الله بن يعقوب بن إسحاق عمن حدثه عن محمد بن كعب القرظي قال : قلت له - يعني معمر بن عبد العزيز - حدثني عبد الله بن عباس أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : " لا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث " . قلت : وهذا إسناد ضعيف ، كل من دون القرظي مجهولون ، ولذلك ضعفه أبو داود نفسه ، فقد ساق بهذا السند حديثا آخر (1485) ثم قال : " روي هذا الحديث من غير وجه عن محمد بن كعب ، كلها واهية ، وهذا الطريق أمثلها ، وهو ضعيف أيضا " . وقال الخطابي في " معالم السنن " (1 / 341) : " هذا حديث لا يصح عن النبي (صلى الله عليه وسلم) لضعف سنده وعبد الله بن يعقوب لم يسم من حدثه عن محمد بن كعب ، وإنما رواه عن محمد بن كعب رجلان كلاهما ضعيف ، تمام بن بزيع وعيسى بن ميمون ، وقد تكلم فيهما يحيى بن معين والبخاري ، ورواه أ يضا عبد الكريم أبو أمية عن مجاهد عن ابن عباس . وعبد الكريم متروك الحديث . وقد ثبت عنه
[ 95 ]
النبي (صلى اله عليه وسلم) " أنه صلى وعائشة نائمة معترضة بينه وبين القبلة . والحديث أخرجه البيهقي (2 / 279) من طريق ابي داود ، ثم قال : " وهذا أحسن ماروي في هذا الباب ، وهو مرسل (يعني منقطع) ورواه هشام بن زياد أبو المقدام عن محمد بن كعب وهو متروك " . قلت : ومن طريقه أخرجه ابن ماجه (959) والحاكم (4 / 270) . وتابعه مصادف بن زياد المديني . أخرجه الحاكم عن محعمد بن معاوية عنه . وقال : " هذا حديث قد أتفق هشام بن زياد النصري ومصادف ابن زياد المديني على روايته عن محمد بن كعب القرظي " . وتعقبه الذهبي بقوله : " قلت : هشام متروك ، ومحمد بن معاوية كذبه الدارقطني فبطل الحديث " . قلت : ومصادف بن زياد مجهول أيضا كما في " الميزان " . ومن أبواب البخاري في صحيحه (باب الصلاة خلف النائم) ثم أورد فيه حديث عائشة الذي ذكره الخطابي ، قال الحافظ في الفتح " (1 / 485) : " وكأنه اشار إلى تضعيف الحديث الوارد في النهي عن الصلاة إلى النائم ، فقد أخرجه أبو داود وابن ماجه من حديث ابن عباس وقال أبو داود : طرقه كلها واهية . انتهى . وفي الباب عن ابن عمر . أخرجه ابن عدي ، وعن أبي هريرة . أخرجه الطبراني في الأوسط وهما واهيان أيضا " . قلت : أما حديث ابن عمر فلم أقف على إسناده . وأما حديث أبي هريرة فقد وقفت على إسناده في " الجمع بين معجمي الطبراني الصغير والأوسط (1 / 31 / 2) : حدثنا محمد بن الفضل السقطي ثنا سهل بن صالح الانطاكي ، ثنا شجاع بن الوليد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ :
[ 96 ]
" نهيت أن أصلي خلف المتحدثين والنيام . وقال الطبراني : " لم يروه عن محمد بن عمرو إلا شجاع ، تفرد به سهل " . قلت : وهو ثقة كما قال أ بو حاتم وغيره ولذلك بقية الرواة كلهم ثقات معروفون من رجال التهذيب غير شيخ الطبراني هذا . ترجمه الخطيب وقال (3 / 153) : " وكان ثقة ، وذكره الدارقطني فقال : صدوق " ، وليس في واحد منم مغمز اللهم إلا محمد بن عمرو وهو ابن علقمة الليثي المدني ففيه ضعف يسير من قبل حفظه ، ولكنه كما قال الذهبي : " شيخ مشهور حسن الحديث ، مكثر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قد أخرج له الشيخين متابعة " . وقال الحافظ في (التقريب) : (صدوق له أوهام) . قلت : فالحديث عندي حسن ، وتضعيف الحافظ له مما لا يساعد عليه (مصطلح الحديث) ، وقد أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " وقال (2 / 62) : " رواه الطبراني في الأوسط ، وفيه محمد بن عمرو بن علقمة واختلف في الاحتجاج به " . قلت : لكن المتقرر فيه أنه حسن الحديث ، وهو - أعني الهيثمي - وكذلك الحافظ العسقلاني وغيرهم من الحفاظ النقاد جروا على تحسين حديثه ، وقد صرح بنحو ذلك الذهبي كما رأيت ، فلا مندوحة من القول بحسن بهذا الحديث . والله أعلم . وله شاهد من حديث مجاهد مرسلا . أخرجه ابن أبي شيبة (2 / 38 / 2) من طريق عبد الكريم أبي أمية عنه مرفوعا بلفظ :
[ 97 ]
" أن النبي (صلى اله عليه وسلم) نهى أن نصلي خلف النوام والمتحدثين " . وعبد الكريم ضعيف كما عرفت من كلام الخطابي ، لكن تابعه ليث وهو ابن أبي سليم ، وهو ضعيف أيضا . فالحديث أقل أحواله أنه حسن ، وإلا فهو صحيح بهذا المرسل . والله أعلم . (376) (حديث عائشة : " ان النبي (صلى الله عليه وسلم) صلى في خميصة لها أعلام فنظر إلى أعلامها نظرة ، فما انصرف قال : اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم ، وائتوني بأنبجانيته ، فإنها ألهتني آنفا عن صلاتي " . متفق عليه) ص صحيح رواه البخاري (1 / 106 ، 194 ، 4 / 80) ومسلم (2 / 77 - 78) وأبو داود (914 ، 4052) والنسائي (1 / 125) والبيهقي (2 / 282) وأحمد (6 / 37 / 46 ، 199 ، 208) من طرق عن عروة عنها . ورواه مالك (1 / 98 / 68) عن هشام بن عروة عن أبيه مرسلا . قال ابن عبد البر : (وهذا مرسل عند جميع الرواة عن مالك) . قلت : وهو في الصحيحن من طرق عن هشام بن عروه عن أبيه عنها موصولا كما ذكرنا . ومن طريق الزهري عن عروة به . وله عنها طريق أخرى . أخرجه مالك (1 / 97 / 67) وعنه أحمد (6 / 177) عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه أن عائشة زوج النبي (صلى الله عليه وسلم) قالت : فذكره نحوه . وهذا مرسل . 377 - (حديث أبي ذر مرفوعا : " إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يمسح الحصا ، فإن الرحمة تواجهه " . رواه أبو داود) ص 96 .
[ 98 ]
ضعيف أخرجه أبو داود (945) والنسائي (1 / 177) والترمذي (2 / 219) وابن ماجه (1027) وكذا الدارمي (1 / 322) وابن الجارود (116) والطحاوي في (المشكل) (2 / 183) وابن أبي شيبة (2 / 96 / 2) والبيهقي (2 / 284) وأحمد (5 / 150 ، 163 ، 179) من طريق الزهري عن أبي الأحوص عن أبي ذر به . وقال الترمذي : " حديث حسن " . قلت : وسكت عليه الحافظ في " الفتح " (3 / 63) ، وقال في (بلوغ المرام) " (1 / 208 - ثم شرحه) : " رواه الخمسة بإسناد صحيح " . وفي ذلك نظر عندي فإن أبا الأحوص هذا لم يرو عنه غير الزهري ولم يوثقه أحد غير ابن حبان ، فلم تثبت عدالته وحفظه ، ولذلك قال ابن القطان : " لا يعرف له حال " . وقال النووي في " المجموع " (4 / 96) : (فيه جهالة) . وقال الحافظ نفسه في (التقريب) : " مقبول " . أي عند المتابعة وإلا فلين الحديث كما نص عليه في المقدمة ، وما علمت أحدا تابعه على هذا الحديث ، فهو ضعيف . بل قد خالفه في لفظه عبد الرحمن بن أبي ليلى فقال : عن أبي ذر قال : " سألت النبي (صلى الله صلى وسلم) كل شئ حتى سألته عن مسح الحصى ؟ فقال : واحده أودع . اخرجه الطحاوي وأحمد (5 / 163) وابن أبي شيبة من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن جده . قلت : وهذا إسناد رجاله ثقات لولا ان محمد بن أبي ليلى في حفظه ضعف . لكن له طريق اخرى ، فقال الطيالسي (470) : حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن أبي ذر به دون قوله : (أودع) . وقال : " وقال سفيان عن الأعمش عن مجاهد عن ابن أبي ليلى عن أبي ذر عن النبي
[ 99 ]
(صلى الله عليه وسلم) نحوه . قلت : ولعل هذا هو الأولى لموافقته للطريق الأولى عن أبي ذر ، وعلى كل حال فالحديث بهذا اللفظ صحيح . والله أعلم . 378 - (حديث علي مرفوعا : " لاتقعقع أصابعك وأنت في الصلاة " رواه ابن ماجه) ص 96 . ضعيف جدا . أخرجه ابن ماجه (965) من طريق أبي إسحاق عن الحارث عن علي أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : فذكره . قلت : وهذا إسناد ضعيف جدا ، قال البوصيري في " الزوائد " : (ق 62 / 1) (فيه الحارث بن عبد الله الأعور أبو زهير الهمداني وهو ضعيف ، وقد أتهمه بعضهم " . وفي الباب عن معاذ بن أنس الجهني مرفوعا بلفظ : " الضاحك في الصلاة ، والملتفت ، والمقعقع أصابعه بمنزلة واحدة " . أخرجه أحمد (3 / 438) والدارقطني (64) والبيهقي (2 / 289) من طريق زبان بن فائد أن سهل بن معاذ حدثه عن أبيه به . وقال البيهقي : (زبان بن فائد غير قوي) . وروى ابن أبي شيبه (2 / 72 / 1) عن شعبة مولى ابن عباس قال : " صليت إلى جنب ابن عباس ففقعت أصابعي ، فلما قضيت الصلاة قال : لا أم لك تفقع أصابعك وأنت في الصلاة ؟ ! " . وسنده حسن 379 - (عن كعب بن عجرة (أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : رأى رجلا قد شبك أصابعه في الصلاة ففرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بين أصابعه " . رواه الترمذي وابن ماجه) ص 96 .
[ 100 ]
ضعيف أخرجه ابن ماجه (967) من طريق أبي بكر بن عياش عن محمد بن عجلان عن أبي سعيد المقبري عن كعب بن عجرة به . قلت : وهذا إسناد ظاهره الصحة فإن رجاله ثقات ، غير أن أبا بكر بن عياش وإن كان من رجال البخاري فني حفظه ضعف ، وقد خولف في إسناده ومتنه . فقال الليث بن سعد : عن ابن عجلان عن سعيد المقبري عن رجل عن كعب بن عجرة بلفظ : (أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ، ثم خرج عامدا إلى المسجد فلا يشبكن بين أصابعه فإنه في صلاة " . أخرجه الترمذي (2 / 228) وقال : (رواه غير واحد عن ابن عجلان مثل حديث الليث) . قلت : رواه ابن جريج : أخبرني محمد بن عجلان به إلا أنه قال : " عن بعض بني كعب بن عجرة كعب . أخرجه أحمد (4 / 242) . فهذا خلاف رواية أبي بكر بن عياش إسنادا ومتنا كما هو ظاهر . وفي إسناده اختلاف آخر ، فرواه الدارمي (1 / 327) عن سفيان وأحمد (4 / 242) عن قران بن تمام و (4 / 343) عن شريك بن عبد الله والحاكم (1 / 206) عن يحيى بن سعيد أربعتهم عن ابن عجلان عن المقبري - وسماه الثاني سعيد بن أبي سعيد - عن كعب بن عجرة . فأسقطوا الرجل المبهم والصواب إثباته فقد قال الطيالسي (1063) : ثنا ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن مولى لبني سالم عن أبيه عن كعب به وكذلك رواه أحمد (4 / 242) : ثنا حجاج أنا ابن أبي ذئب به . وهذا اختلاف آخر على سعيد إذ ادخل ابن أبي ذئب - وهو ثقة - بينه وبين كعب واسطتين . وقد سمي أحدهما . فرواه أبو داود (562) والدارمي * إرواء الغليل ج 2 من ص 101 إلى ص 200
[ 101 ]
(1 / 326) والبيهقي (3 / 230) وأحمد (4 / 241) عن داود بن قيس الفراء عن سعد بن إسحاق عن أبي ثمامة قال : " أدركني كعب بن عجرة بالبلاط وأنا مشبك بين أصابعي فقال . . " فذكر الحديث . وأبو ثمامة هذا مجهول ، وقال اذهبي : " لا يعرف وخبره منكر " . ثم ساق له هذا الحديث ، وقال الحافظ في (التقريب) : " مجهول الحال " . وجزم في " التهذيب " أنه الرجل المبهم في رواية الترمذي عن ابن عجلان . ومن الاختلاف فيه عنه - أعني ابن عجلان - ما أخرجه الحاكم (1 / 207) من طريق أبي غسان ثنا شريك عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فذكره نحوه . وقال الحاكم : " وهم شريك في إسناده ، . وكذا قال الذهبي . وعلقه الترمذي وقال : (هو غير محفوظ) . قلت : وهذا من سوء حفظ شريك الذي اشتهر به . وقد رواه عن ابن عجلان على وجه آخر كما سبق . قلت : فهذا اضطراب شديد في إسناد الحديث ، لا يمكن معه الحكم عليه بالصحة وإن قال الحاكم في رواية يحيى بن سعيد المتقدمة : " صحيح على شرط مسلم ، فإنه قائم على عدم النظر إلى هذا الإضطراب الشديد . نعم للحديث أصل صحيح عن المقبري عن أبي هريرة مرفوما بلفظ : " إذا توضأ أحدكم في بيته ثم أتى المسجد كان في صلاة حتى يرجع ، فلا يفعل هكذا ، وشبك بين أصابعه " . أخرج الدارمي (1 / 327) والحاكم من طريقين عن إسماعيل بن أمية عن المقبري به . وقال :
[ 102 ]
" صحيح على شرط الشيخين " . ووافقه الذهبي وهو كما قالا ، وقول المنذري في " الترغيب " (1 / 123) : " وفيما قاله نظر ، . مما لا وجه له ، إلا ان يعني الاضطراب السابق ، وفي ذلك نظر ! فإن الاضطراب إنما هو من غير طريق إسماعيل هذا ، كما رأيت ، وأما طريقه فسالمة من الاضطراب فهي صحيحة بلا مرية . وللحديث طريق أخرى عن كعب بن عجرة مرفوعا نحو حديث ابن أبي أمية ، يرويه عنه عبد الرحمن بن أبي ليلى . أخرجه البيهقي (3 / 230 - 231) وقال : " هذا إسناد صحيح إن كان الحسن بن علي الرقي هذا حفظه ، ولم أجد له فيما رواه من ذلك تابعا " . وتعقبه ابن التركماني في " الجوهر النقي " بما مفاده أنه تابعه سليمان بن عبيد الله عند ابن حبان في صحيحه . قلت : وسليمان هذا هو الرقي وهو مختلف فيه ، وقد قال الحافظ فيه : (صدوق ليس بالقوي) . قلت : فالإسناد ضعيف ، ولا ينفعه تابعة الحسن بن علي الرقي لأن الذهبي قال فيه : " اتهمه ابن حبان " . ثم ساق له حديثا آخر وقال : " وهذا باطل " . وجملة القول أن الحديث صحيح من قوله (صلى الله عليه وسلم) من حديث أبي هريرة ، فلو أن المؤلف آثره على اللفظ الذي أورده لكان أصاب . والله هو الموفق للصواب . 380 - (قال ابن عمر في الذي يصلي وهو مشبك : " تلك صلاة المغضوب عليهم " . رواه ابن ماجه) ص 96 . صحيح ولم أجده عند ابن ماجه ، وإنما أخرجه أبو داود (993) من طريق
[ 103 ]
عبد الوارث عن إسماعيل بن أمية : سألت نافعا عن الرجل يصلي وهو مشبك يديه ؟ قال : قال ابن عمر : فذكره . قلت : وهذا إسناد صحيح . وقد خالفه في متنه معمر فقال : عن إسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمر " نهى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يجلس الرجل في الصلاة معتمدا على يده [ اليسرى ] " . وفي رواية : " على يديه " . أخرجه أبو داود (992) والحاكم (1 / 230) والبيهقي (2 / 135) وأحمد (2 / 147) والسراج (32 / 1) كلهم عن عبد الرزاق عنه به . والزيادة للحاكم وقال : (صحيح على شرطهما) . ووافقه الذهبي . قلت : وهو كما قالا ، إلا أن معمرا وإن كان من الثقات الاعلام ، وأخرج له الشيخان ، فقد قال الذهبي : " له اوهام معروفة ، احتملت له في سعة ما أتقن . قلت : فمخالفته لعبد الوراث - وهو ثقة ثبت كما قال الحافظ - قد لا تحتمل ، لكن لم يتفرد بهذا اللفظ ، فقد رواه هشام بن سعد عن نافع عن ابن عمر : " ان رسول (صلى الله عليه وسلم) رأى رجلا ساقطا يده في الصلاة ، فقال : لا تجلس هكذا ، إنما هذه جلسة الذين يعذبون " . أخرجه أبو داود (994) والبيهقي وأحمد (2 / 116) ، وهذا إسناد جيد على شرط مسلم ، وهو يصحح لفظ معمر ، فالظاهر أن ما رواه عبد الوارث قضية أخرى غير هذه ، وكلتاهما ثابتة عن ابن عمر الأولى موقوفة ، والأخرى مرفوعة . والله أعلم . والحديث سكت عليه المنذري في " مختصر سنن أبي داود " (1 / 458) بألفاظه الثلاثة ، ولم يعز شيئا منها لابن ماجه !
[ 104 ]
(381) - (حديث : " ولا أكف ثوبا ولا شعرا " متفق عليه) ص 97 . صحيح . وقد مضى برقم (310) . 382 - (قول ابن مسعود : " إن من الجفاء أن يكثر الرجل مسح جبهته قبل أن يفرغ من الصلاة ") ص 97 . صحيح وقد مضى تخريجه برقم (89) . 383 - (حديث " انه (صلى الله عليه وسلم) لما أسن . وأخذه اللحم اتخذ عمودا في مصلاه يعتمد عليه) . رواه أبو داود) ص 97 . صحيح أخرجه أبو داود (948) والبيهقي (2 / 288) عن هلال بن يساف قال : " قدمت الرقة ، فقال لي بعضن أصحابي : هل لك في رجل من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) ؟ قال : قلت : غنيمة ، فدفعنا إلى وابصة ، قلت لصاحبي : نبدأ فننظر إلى دله ، فإذا عليه قلنسوه لاطئة ذات أدنين ، وبرنس خز أغبر ، وإذا هو معتمد على عصا في صلاته ، فقلنا : بعد أن سلمنا ، قال : حدثتني ام قيس بنت محصن ان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لما أسن . الحديث : وأخرجه الحاكم (1 / 264 ، 265) وقال : (صحيح على شرط الشيخين) ووافقه الذهبي . قلت : هلال هذا إنما أخرج البخاري في صحيحه تعليقا فالحديث على شرط مسلم وحده . وله شاهد من حديث سهل بن سعد . " أن العود الذي كان في المقصورة جعل لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) " حين أسن ، فكان يتكئ عليه إذا قام ، فلما قبض رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سرق ، فطلب ، فوجد في مسجد بني عمرو بن عوف ، وقد كانت الأرضة قد أصابت منه ، فأخذ فنحتت له خشبتان جوفتا ثم أطبقتا عليه ، ثم شعبت الخشبتان عليه ، فأنت إن رأيته رأيت الشعب فيه " .
[ 105 ]
أخرجه السراج في مسنده (ق 12 / 1) من طريق موسى بن يعقوب أخبرني أبو حازم اخبرني سهل بن سعد به . قلت : وموسى هو الزمعي وهو سيئ الحفظ .
[ 106 ]
فصل فيما يبطل الصلاة 384 - (حديث عمرو بن سلمة) ص 98 . صحيح وهو من حديث عمرو نفسه ، وقد تقدم لفظه في الحديث (210) أول باب الأذان . وله لفظ آخر مختصرا ، وعدنا هناك بذكره هنا ، وهو من رواية عاصم الأحول عن عمرو بن سلمة قال : " لما رجع قومي من عند النبي (صلى الله عليه وسلم) قالوا : أنه قال : ليؤمكم أكثركم قراءة للقرآن ، قال : فدعوني فعلموني الركوع والسجود ، فكنت أصلي بهم ، وكانت علي بردة مفتوقة ، [ فكنت إذا سجدت خرجت استي ] ، فكانوا يقولون لأبي : ألا تغطي عنا أست ابنك ؟ ! " . رواه النسائي (1 / 125) والسياق له وأبو داود (586) والزيادة له بسند صحيح . (385) - (حديث حمله (صلى الله عليه وسلم) أمامة في صلاته . إذا قام حملها وإذا سجد وضعهما " متفق عليه) ص 98 . صحيح أخرجه البخاري (1 / 140 ، 4 / 114) ومسلم (2 / 73) وكذا أبو عوانة (2 / 145) ومالك (1 / 170 / 81) وأبو داود (917) والنسائي (1 / 178) وابن الجارود (114) والبيهقي (2 / 162 ، 163) وأحمد (5 / 295 ، 296 303 ، 304 ، 310 ، 311) من طريق عمرو بن سليم الزرقي عن أبي قتادة
[ 107 ]
" أن رسول (صلى الله عليه وسلم) كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول اللة (صلى الله عليه وسلم) ولأبي العاص بن الربيع فإذا قام حملها ، وإذا سجد وضعها " . هذا لفظ مسلم من طريق مالك ، ولفظ البخاري عنه وهو الذي في " الموطأ " . " فإذا سجد وضعها ، وإذا قام حملها " . على القلب ، وهو الصواب . ويشهد له رواية أخرى بلفظ : " رأيت النبي (صلى الله عليه وسلم) يؤم الناس وأمامة بنت أبي العاص وهي ابنة زينب بنت النبي (صلى الله عليه وسلم) على عاتقه ، فإذا ركع وضعها ، وإذا رفع من السجود أعادها " . زاد في رواية : " على رقبته " . أخرجها مسلم والنسائي وغيرهما كأحمد والزيادة له . وفي رواية للبخاري : " خرج علينا النبي (صلى الله عليه وسلم) وأمامة بنت أبي العاص على عاتقه فصلى . . . " وفي رواية لأحمد وأبي داود (918) . " بينا نحن في المسجد جلوس خرج علينا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يحمل أمامة بنت أبي العاص بن الربيع وأمها زينب بنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهي صبية ، فحملها على عاتقه ، فصلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهي على عاتقه ، يضعها إذا ركع ويعيدها على عاتقه إذا قام ، فصلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهي على عاتقه حتى قضى صلاته يفعل ذلك بها . وإسناده صحيح . وفي أخرى له من طريق ابن جريج أخبرني عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم : " فقال عامر : ولم اسأله اي صلاة هي ؟ قال ابن جريج : وحدثت عن زيد بن أبي عتاب عن عمرو بن سليم أنها صلاة الصبح . قال عبد الله بن أحمد :
[ 108 ]
(جوده) . قلت : قد رواه أبو إسماعيل عبد الرحمن بن إسحاق عن زيد بن عتاب فلم يذكر ما ذكر إبن جريج . أخرجه أحمد (5 / 295) . وخالف في ذلك ابن إسحاق فذكر أنها صلاة الظهر أو العصر . رواه عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن عمرو بن سليم به ولفظه : " بينما نحن ننتظر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) للصلاة في الظهر أو العصر ، وقد دعاه بلال للصلاة ، أذ خرج إلينا وأمامة بنت أبي العاص بنت أبنته على عاتقه ، فقام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في مصلاه ، وقمنا خلفه وهي في مكانها الذي هي فيه " قال : فكبرنا قال : حتى إذا أراد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يركع أخذها فوضعها ، ثم ركع وسجد حتى إذا فرغ من سجوده ، ثم قام أخذها فردها في مكانها فما زال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يصنع بها ذلك في كل ركعة حتى فرغ من صلاته) وإسناده جيد لولا أن ابن إسحاق عنعنه . 386 - (حديث : (فتح الباب لعائشة وهو في الصلاة ") ص 98 . حسن . رواه أبو داود (922) والنسائي (1 / 178) والترمذي (2 / 497) والبيهقي (2 / 265) من طريق برد بن سنان أبي العلاء عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت : " (استفتحت الباب ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) يصلي تطوعا ، والباب على القبلة ، فمشى عن يمينه أو عن يساره ، ففتح الباب ، ثم رجع إلى مصلاه " . وقال الترمذي : (حديث حسن غريب) . وهو كما قال ، فإن رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير برد هذا وهو ثقة ، وفيه ضعف يسير ، لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن .
[ 109 ]
387 - (حديث " أنه (صلى الله عليه وسلم) تقدم وتأخر في صلاة الكسوف ") . صحيح أخرجه مسلم وأبو عوانة في صحيحيهما من حديث جابر ، وسيأتي لفظه في " صلاة الكسوف " . 388 - (روى زياد بن علاقة قال : " صلى بنا المغيرة بن شعبة فلما صلى ركعتين قام ولم يجلس ، فسبح به من خلفه فأشار إليهم : [ أن ] قوموا . فلما فرغ من صلاته سلم ، وسجد سجدتين وسلم وقال : هكذا صنع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " . رواه أحمد) أخرجه أحمد (4 / 247 ، 253) وأبو داود (1037) والترمذي (2 / 201) والدارمي (1 / 353) والطحاوي في " شرح المعاني " (1 / 255) وأبو داود الطيالسي (695) من طرق عن المسعودي عن زياد بن علاقة به . قلت : وهذا إسناد رجاله ثقات وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " لكن المسعودي - واسمه عبد الله بن عبد الرحمن - كان قد اختلط . لكنه لم يتفرد به ، فقد رواه غير زياد جماعة : منهم قيس بن أبي حازم ، رواه جابر الجعفي قال : ثنا المغيرة بن شبيل الأحمسي عن قيس به بلفظ : " قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : إذا قام الإمام في الركعتين ، فإن ذكر قبل أن يستوي قائما فليجلس ، فإن استوى قائما فلا يجلس ويسجد سجدتي السهو " . اخرجه أبو داود (1036) وابن ماجه (1208) وأحمد (4 / 253 / ، 254) والبيهقي (2 / 343) وكذا الدارقطني (ص 145) .
[ 110 ]
قلت : وجابر الجعفي متروك . وقد تابعه قيس بن الربيع عن المغيرة بن شبيل به بلفظ : (صلى بنا المغيرة بن شعبة فقام في الركعتين ، فسبح الناس خلفه ، فأشار إليهم أن قوموا ، فلما قضى صلاته سلم وسجد سجدتي السهو ، ثم قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : إذا استتم أحدكم قائما فليصل وليسجد سجدتي السهو ، وأن لم يستتم قائما فليجلس ولاسهو عليه . أخرجه الطحاوي . وقيس سيئ الحفظ . وتابعه إبراهيم بن طهمان عن ابن شبيل به بلفظ : " صلى بنا المغيرة بن شعبة ، فقام من الركعتين قائما ، فقلنا سبحان الله ، فأومأ وقال : سبحان الله ، فمضى في صلاته ، فلما قضى صلاته سجد سجدتين وهو جالس ، ثم قال : صلى بنا رسول الله فاستوى من جلوسه فمضى في صلاته ، فلما قضى صلاته سجد سجدتين وهو جالس ثم قال : إذا صلى أحدكم فقام من الجلوس ، فإن لم يستتم قائما فليجلس ، وليس عليه سجدتان ، فإن استوى قائما فليمض في صلاته ، وليسجد سجدتين وهو جالس . قلت وإسناده صحيح ، رجاله كلهم ثقات . طريق أخرى : عن ابن أبي ليلى عن الشعبي عن المغيرة بن شعبة أنه قام في الركعتين الأولين فسبحوا به فلم يجلس ، فلما قضى صلاته سجد سجدتين بعد التسليم ، ثم قال : هكذا فعل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) . أخرجه الترمذي (2 / 198 / - 199) وأحمد (4 / 248) والبيهقي (2 / 344) . قلت : ورجاله ثقات غير أن ابن أبي ليلى واسمه محمد بن عبد الرحمن ابن أبي ليلى سيئ الحفظ . وقد تابعه علي بن مالك الرواسي قال : سمعت عامرا يحدث به . أخرجه
[ 111 ]
الطحاوي ، وعلي بن مالك هذا ضعيف . وجملة القول : إن الحديث بهذه الطرق والمتابعات صحيح . لاسيما وبعض طرقه على انفراده صحيح عند الطحاوي كما تقدم ، وتلك فائدة عزيزة لا تكاد تجدها في كتب التخريجات ككتاب الزيلعي والعسقلاني فضلا عن غيرها . فراجعهما إن كنت تريد التثبت مما نقول . والحديث عزاه الحافظ ابن حجر في " التلخيص " (ص 112) للحاكم أيضا ، ولم أره عنده من حديث المغيرة وإنما روى نحوه (1 / 325) من حديث عقبة بن عامر من رواية عبد الرحمن بن شماسة المهري قال : " صلى بنا عقبة بن عامر الجهني ، فقام وعليه جلوس ، فقال الناس : سبحان الله ، سبحان الله ، فلم يجلس ، ومضى على قيامه فلما كان في آخر صلاته سجد سجدتي ، وهو جالس ، فلما سلم ، قال : إني سمعتكم آنفا تقولون : " سبحان الله " لكيما أجلس ، لكن السنة الذي صنعت " . وقال : (صحيح على شرط الشيخين) . ووافقه الذهبي . وفيه نظر ، فإن ابن شماسة لم يخرج له البخاري وفيه إدريس بن يحيى وهو الخولاني وليس من رجال الشيخين ، ولكنه صدوق كما قال ابن أبي حاتم (1 / 1 / 265) ، وقال : سئل عنه أبو زرعة فقال : (رجل صالح من أفاضل المسلمين) . 389 - (قوله (صلى الله عليه وسلم) : فإن استتم قائما فلا يجلس وليجلسد سجدتين " . رواه أبو داود وابن ماجه) ص 99 صحيح . وهو عندهما بسند ضعيف جدا ، لكن له طرق أخرى بعضها صحيح كما تقدم بيانه في الذي قبله . 395 - (قوله (صلى الله عليه وسلم) " إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شئ من كلام
[ 112 ]
الناس . إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن " . رواه مسلم) ص 99 - 100 . صحيح . أخرجه مسلم (2 / 70 - 71) وكذا أبو عوانة (2 / 141 - 142) وأبو داود (930 ، 931) والنسائي (1 / 179 - 180) والدارمي (1 / 353 - 354) والطحاوي في (شرح المعاني) (1 / 258) وابن الجارود في (المنتقى) (ص 113 - 114) والبيهقي (2 / 249 - 250) والطيالسي (1105) وأحمد (5 / 447 ، 448) من طريق يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار عن معاوية بن الحكم السلمي قال : " بينا أنا أصلي مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذ عطس رجل من القوم " فقلت : يرحمك الله ، فرماني القوم بأبصارهم فقلت : واثكل أمياه ! ما شأنكم تنظرون إلي ؟ ! فجعلوا يضربون بأيدهم على أفخاذهم ، فلما رأيتهم يصمتونني ، لكني سكت ، فلما صلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه ، فوالله ماكهرني ولا ضربني ولا شتمني ، قال : إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شئ من كلام الناس ، إنما هو التسبيح والتكبير ، وقراءة القرآن ، أو كما قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قلت : يا رسول الله إني حديث عهد بجاهلية ، وقد جاء الله بالاسلام ، وإن منا رجالا يأتون الكهان ، قال : فلا تأتهم ، قال : ومنا رجال يتطيرون ، قال : ذلك شئ يجدونه في صدورهم فلا يصدنهم ، قال : قلت : ومنا رجال يخطون ؟ قال : كان نبي من الانبياء يخط ، فمن وافق خطه فذلك ، قال : وكانت لي جارية ترعى غنما لي قبل أحد والجوانية ، فأطلعت ذات يوم ، فإذا الذئب قد ذهب بشاة من غنمها ، وأنا رجل من بني آدم ، أسف كما يأسفون ، لكني صككتها صكة ، فأتيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، قلت يارسول الله أفلا اعتقها (وفي رواية لو أعلم أنها مؤمنة لأعتقتها) ، قال : ائتني بها ، فأتيته بها ، فقال لها : أين الله ؟ قالت : في السماء ، قال : من انا ؟ قالت : انت رسول الله ، قال : اعتقها فإنها مؤمنة . والسياق لمسلم ، والرواية الأخرى لأبي عوانة وفي روايته : " إن صلاتنا هذه لا يصلح . . . " إلخ مثل رواية المصنف ، وقد صرح يحيى بن أبي كثير بالتحديث في رواية لأحمد . وقد قال الذهبي في أول كتابه (العلو) :
[ 113 ]
(حديث صحيح ، رواه جماعة من الثقات عن يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار عن معاوية السلمي أخرجه مسلم وابو داود والنسائي وغير واحد من الائمة في تصانيفهم ، يمرونه كما جاء ، ولا يتعرضون له بتأويل ولا تحريف) . قلت : يشير بذلك إلى قوله (صلى الله عليه وسلم) " للجارية : " اين الله " وقولها : " في السماء " . فإن هذا النص قاصمة ظهر المعطلين للصفات ، فإنك ما تكاد تسأل احدهم بسؤاله (صلى الله عليه وسلم) أين الله ؟ حتى يبادر إلى الإنكار عليك ! ولا يدري المسكين أنه ينكر على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، أعاذنا الله من ذلك ومن علم الكلام ، ولذلك رأينا الهالك في الذب عن هذا العلم على حساب الطعن في الاحاديث الصحيحة الشيخ زاهد الكوثري يطعن في صحة هذا الحديث بالذات لا بحجة علمية بل بوساوس شيطانية ، مثل قوله : أن البخاري لم يخرجه في صحيحه ! وتارة يشكك في صحة هذه الجملة بالذات " أين الله " لا لشيئ إلا لأنها لم ترد خارج الصحيح وكل هذا ظاهر البطلان لا حاجة بنا إلى تسويد الورق لبيانه نسأل الله العصمة من الحمية الجاهلية والمذهبية ! (تنبيه) وقع فيما نقله شيخ الإسلام في كتاب الأيمان (ص 150 طبع الأنصار) عن الإمام أحمد ما يشعر بشذوذ وضعف قوله في هذا الحديث " فإنها مؤمنة " ، ولا وجه لذلك فإنها زيادة صحيحة ، وقد جاءت في غير هذا الحديث كما نبهت عليه فيما علقته على كتاب الإيمان طبع المكتب الإسلامي (ص 243) . 391 - (قوله (صلى الله عليه وسلم) " لما عرض له الشيطان في صلاته : أعوذ بالله منك ألعنك بلعنة الله ") ص 100 . صحيح . أخرجه مسلم (2 / 73) وأبو عوانة (2 / 144) والنسائي (1 / 179) والبيهقي (2 / 264) من حديث أبي الدرداء قال : " قام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) [ يصلي ] فسمعنا يقول : أعوذ بالله منك ، ثم قال ألعنك بلعنة الله ثلاثا ، وبسط يده كأنه يتناول شيئا ، فلما فرغ من الصلاة ، قلنا :
[ 114 ]
يارسول الله قد سمعناك تقول في الصلاة شيئا لم نسمعك تقوله قبل ذلك ، ورأيناك بسطت يدك ؟ قال : " ان عدو اللة إبليس جاء " بشهاب من نار ليجعله في وجهي ، فقلت أعوذ بالله منك ، ثلاث مرات ، ثم قلت : ألعنك بلعنة الله التامة ، فلم يستأخر ثلاث مرات ، ثم أردت أخذه ، والله ، لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقا يلعب به ولدان أهل المدينة " - والسياق لمسلم ، والزيادة للنسائي والبيهقي . 392 - (حديث جابر مرفوعا : " القهقهة تنقض الصلاة ولا تنقض الوضوء " . رواه الدارقطني) ص 100 موقوف . وانما أخرجه الدارقطني في سننه (ص 63) عن محمد بن يزيد بن سنان ثنا أبي يزيد بن سنان نا سليمان الاعمش عن أبي سفيان عن جابر مرفوعا بلفظ : " من ضحك منكم في صلاته فليتوضأ ثم يعيد الصلاة " . وقال : " قال لنا أبو بكر النيسابوري : هذا حديث منكر ، فلا يصح والصحيح عن جابر خلافه " . قال الدارقطني : (يزيد بن سنان ضعيف ، ويكنى بأبي فروة الرهاوي ، وابنه ضعيف أيضا ، وقد وهم في هذا الحديث في موضعين : أحدهما في رفعه أياه إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) والآخر في لفظه ، والصحيح عن الاعمش عن أبي سفيان عن جابر من قوله : " من ضحك في الصلاة أعاد الصلاة ، ولم يعد الوضوء " . وكذلك رواه عن الأعمش جماعة من الرفعاء الثقات ، منهم سفيان الثوري وأبو معاوية الضرير ووكيع وعبد الله بن داود الخريبي وعمر بن علي المقدسي وغيرهم . وكذلك رواه شعبة وابن جريج عن يزيد أبي خالد عن أبي سفيان عن جابر " . ثم ساق اسانيده عنهم عن الأعمش وعن يزيد أبي خالد كلاهما عن أبي
[ 115 ]
سفيان به موقوفا . وقد رواه ابن أبي شيبة في (المصنف) (1 / 154 / 2) : نا أبو معاوية عن الاعمش به . ثم رواه الدارقطني (ص 63) والبيهقي (2 / 251) من طريق سفيان الثوري عن أبي الزبير عن جابر قال : " التبسم لا يقطع الصلاة ، ولكن القرقرة " . وقال الدارقطني والبيهقي : " رفعه ثابت بن محمد عن سفيان " زاد البيهقي : " وهو وهم منه " . ثم ساقه هو والطبراني في " المعجم الصغير " (ص 208) وابن عدي في (الكامل) (ق 46 / 2) وأبو نعيم في " تاريخ أصبهان " (1 / 86) والخطيب في " تاريخه " (11 / 345) عنه ثابت بن محمد الزاهد ثنا سفيان الثوري عن أبي الزبير عن جابر عن النبي (صلى الله عليه وسلم) " قال : " لا يقطع الصلاة الكشر ، ولكن يقطعها القرقرة " وقال ابن عدي : " لا أعلم هذا الحديث إلا من رواية ثابت عن الثوري ولعله شبه على ثابت . فلعل الحديث كان عنده عن العزرمي عن ابي الزبير ، والعزرمي يحتمل لضعفه فشبه عليه " ، فضم إليه الثوري فحمل حديث العرزمي على حديث الثوري ، وهذا ما أتى به عن الثوري بهذا الإسناد غير ثابت " . وقال الطبراني : " لم يروه مرفوعا عن سفيان إلا ثابت ، وحدثناه الدبري عن عبد الرزاق عن الثوري موقوفا ، وثناه محمد بن جعفر بن أعين ثنا (بياض في الأصل) عن الثوري موقوفا " . وقال الخطيب : " رفعه لا يثبت " .
[ 116 ]
قلت : ثابت هذا مختلف فيه قال أبو حاتم : (صدوق) ووثقه مطين ، وقال ابن عدي : (كان خيرا فاضلا وهو عندي ممن لا يتعمد الكذب ، ولعله يخطئ) . وقال الدارقطني : " ليس بالقوي ، لا يضبط " وهو يخطئ في أحاديث كثيرة) . قلت : ومن الغرائب أن البخاري أورده في (الضعفاء) ، ومع ذلك روى عنه في (الصحيح) ، روى له حديثين في الهبة والتوحيد قال الحافظ في (مقدمة الفتح) (ص 92) : " لم يتفرد بهما " . فلعله يشير بذلك إلى انه روى له متابعة لامحتجا به ، وهو اللائق به . والله اعلم ، وأما متابعة عبد الرزاق له كما رواه الطبراني ففي الطريق إليه الدبري واسمه إسحاق بن إبراهيم ، قال الذهبي : (روى عن عبد الرزاق أحاديث منكره في فوقع التردد فيها هل هي منه فانفرد بها ، وهي معروفة مما تفرد به عبد الرزاق) فالحديث منكر بهذا الإسناد . والله أعلم . وفي الباب عن أبي العالية قال : " كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " يصلي باصحابه فجاء رجل ضرير البصر فوقع في بئر في المسجد ، فضحك بعض أصحابه فلما انصرف أمر من ضحك أن يعيد الوضوء والصلاة " . أخرجه ابن ابي شيبة في (المصنف) (1 / 154 / 1) والدارقطني (ص 60 - 63) من طرق كثيرة عن أبي العالية به . قلت : وهو مرسل وقد رواه بعضهم عن أبي العالية عن رجل من الأنصار (ان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يصلي . . . ، الحديث ولكنه شاذ أو منكر لمخالفته الثقات الذين رووه مرسلا ، على انه لم يصرح أن الرجل الأنصاري صحابي . ثم ساق الدارقطني له طرقا أخرى عن أبي العالية مرسلا ثم قال :
[ 117 ]
" رجعت هذه الأسانيد كلها التي قدمت ذكرها في هذا الباب إلى أبي العالية الرياحي ، وأبو العالية ، فأرسل الحديث عن النبي (صلى الله عليه وسلم) ولم يسم بينه وبينه رجلا سمعه منه عنه . وقد روى عاصم الأحول عن محمد بن سيربن - وكان علما بأبي العالية وبالحسن فقال : لا تأخذوا بمراسيل الحسن وأبي العالية فإنهما لا يباليان عمن أخذا حديثهما " . وفي (التلخيص) لابن حجر (ص 42) : " وروى ابن عدي عن أحمد بن حنبل قال : ليس في الضحك حديث صحيح ، وحديث الأعمى الذي وقع في البئر مداره على أبي العالية وقد اضطرب عليه فيه . وقد استوفى البيهقي الكلام عليه في " الخلافيات " ، وجمع أبو يعلى الخليلي طرقه في جزء مفرد " . قلت : (وللحديث طرق كثيره أخرى وكلها معلولة ليس فيها ما يحتج به ، وقد ساقها الدارقطني في سننه (59 - 64) والزيلعي في (نصب الراية لأحاديث الهداية) (1 / 47 - 54) وبينا عللها ، وجمع ذلك كله العلامة أبو الحسنات اللكنوي في رسالته " الهسهسة ينقض الوضوء بالقهقهة " . (فائدة) روى ابن عدي في ترجمة الحسن بن زياد اللؤلؤي (ق 89 / 1 - 2) بسند صحيح عن الشافعي قال : (قال لي الفضل بن الربيع : أنا اشتهي أن أسمع مناظرتك مع اللؤلؤي ، قال : فقلت له : ليس هناك ، قال : فقال : أنا أشتهي ذلك ، قال : فقلت له : متى شئت ، قال : فأرسل إلي ، فحضرني رجل ممن كان يقول بقولهم ثم رجع إلى قولي ، فاستتبعته وأرسل إلى اللؤلؤي فجاء ، فأتينا بالطعام فكألنا ، ولم يأكل اللؤلوي ، فلما غسلنا أيدينا قال له الرجل الذي كان معي : ما تقول في رجل قذف محصنة في الصلاة ؟ قال : بطلت صلاته ، قال : فما بال الطهارة ؟ قال : بحالها ، قال : فقال له : فما تقول فيمن ضحك في الصلاة ؟ قال بطلت صلاته وطهارته ، قال : فقال له : فقذف المحصنات أيسر من الضحك في الصلاة ؟ ! قال : فأخذ اللؤلؤي نعله وقام : قال : فقلت للفضل : قد قلت لك انه ليس هناك ! .
[ 118 ]
393 - (حديث : فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام . رواه الجماعة عن زيد بن أرقم) ص 100 . صحيح أخرجه البخاري (1 / 302 / 209) ومسلم (2 / 71) وكذا أبو عوانة (2 / 13 9) وأبو داود (949) والنسائي (1 / 181) والترمذي (2 / 256) وفي " التفسير " (2 / 163) والبيهقي (2 / 248) وأحمد (4 / 368) عن زيد بن أرقم قال : " كان الرجل يكلم صاحبه على عهد النبي (صلى الله عليه وسلم) " في الحاجة في الصلاة حتى نزلت هذه الآية (وقوموا لله قانتين) فأمرنا بالسكوت . زاد مسلم وغيره : ونهينا عن الكلام . وهي عند الترمذي أيضا وقال : " حديث حسن صحيح " . (تنبيه) : عزا المصنف الحديث ل (الجماعة) كما ترى ، والصواب لن يستثنى منهم ابن ماجه كما فعل المجد ابن تيمية في " منتقى الأخبار " (2 / 212 بنيل الأوطار) فإنه لم يروه ابن ماجه ولم يعزه إليه النابلسي في (الذخائر) (1 / 213 / 1917) . 394 - (قوله (صلى الله عليه وسلم) : " إنما جعل الإمام ليؤتم به ") ص 100 صحيح وقد ورد عن جماعة من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) " منهم أنس بن مالك وعائشة وابو هريرة وجابر . 1 - أما حديث أنس فأخرجه البخاري (1801 ، 190 ، 206 ، 282) ومسلم (2 / 18) وأبو عوانة (2 / 105 - 107) وابن أبي شيبة في (المصنف) (2 / 65 / 1) ومالك (1 / 135 / 16) وأبو داود (601) والنسائي (1 / 128 ، 133) والترمذي (2 / 194) والدارمي (2 / 286 - 287) وابن ماجه (1238) والطحاوي في (شرح المعاني) (1 / 235) وابن الجارود (119 - 120) والبيهقي (3 / 78 - 79) والطيالسي (2090) وأحمد (3 / 110 ، 162) من طريق الزهري قال : سمعت انس بن مالك يقول :
[ 119 ]
" سقط النبي (صلى الله عليه وسلم) " من فرس . فجحش شقه الأيمن ، فدخلنا عليه نعوده ، فصلى بنا قاعدا ، فصلينا قعودا ، فلما قضى الصلاة قال : إنما جعل الإمام ، ليؤتم به ، فإذا كبر فكبروا ، وإذا ركع فاركعوا ، وإذا قال : سمع الله لمن حمده ، فقولوا ربنا ولك الحمد ، وإذا سجد فاسجدوا ، وإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا أجمعون " . والسياق لأبي عوانة ، وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . وقد تابعه حميد عن أنس بلفظ : " إنفكت قدمه ، فقعد في مشربة له ، درجتها من جذوع وآلى من نسائه شهرا ، فأتاه أصحابه يعودونه ، فصلى بهم قاعدا وهم قيام ، فلما حضرت الصلاة الأخرى قال لهم : ائتمموا بامامكم ، فإذا صلى قائما فصلوا قياما ، وإن صلى قاعدا فصلوا معه قعودا ، قال : ونزل في تسع وعشرين ، قالوا : يارسول الله إنك آليت شهرا ؟ قال : الشهر تسع وعشرون " . أخرجه البخاري (1 / 108) وأحمد (3 / 200) وكذا الطحاوي ولكنه لم يسق لفظه وإنما أحال فيه على لفظ حديث الزهري ، وصرح عنده حميد بالتحديث عن أنس . وأما حديث عائشة ، فأخرجه البخاري (1 / 282 ، 312 ، 4 / 4 4) ومسلم (2 / 19) وأبو عوانة (2 / 107) ومالك (1 / 135 / 17) وابن أبي شيبة وأبو داود (605) وابن ماجه (1237) والطحاوي والبيهقي (3 / 79) وأحمد (6 / 51 ، 57 - 58 ، 68 ، 148 ، 194) من طريق هشام بن عروة عن أبيه عنها قالت : " اشتكى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) جالسا فصلوا بصلاته قياما فأشار إليهم أن اجلسوا ، فجلسوا ، فلما انصرف قال : إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فإذا ركع فأركعوا ، وإذارفع فارفعوا ، وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا " . وأما حديث أبي هريرة فله عنه طرق :
[ 120 ]
الأولى : الأعرج عنه بلفظ : (إنما [ جعل ] الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه ، فإذا كبر فكبروا ، وإذا ركع فاركعوا ، وإذا قال : سمع الله لمن حمده فقولوا : اللهم ربنا لك الحمد ، وإذا سجد فاسجسوا ، وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون . أخرجه البخاري (1 / 195) ومسلم (2 / 19 - 20) والسياق له وأبو عوانة (2 / 109) والبيهقي (3 / 79) . الثانية : همام بن منبه عنه به . أخرجه البخاري (1 / 187 / 188) ومسلم وأحمد (2 / 314) الثالثة : أبو علقمة عنه بلفظ : (من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله ومن اطاع الأمير فقد أطاعني ، ومن عصى الأمير فقد عصاني ، إنما الإما جنة ، فإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا ، وإنا قال : سمع الله لمن حمده ، فقولوا : اللهم ربنا لك الحمد ، فإذا وافق قول أهل الأرض قول أهل السماء غفر له ما تقدم من ذنبه) . رواه مسلم (2 / 20) وأبو عوانة (2 / 110) والطحاوي والطيالسي (2577) وأحمد (2 / 467) وليس عند مسلم ما قبل " إنما الإمام جنة " . الرابعة : أبو يونس مولى أبي هريرة عنه به . دون قوله : " فلا تختلفوا عليه " وزاد : (وإذا صلى قائما فصلوا قياما) . أخرجه مسلم (2 / 220) . الخامسة : عن أبي صالح عنه به مثل حديث ابي يونس ، وزاد بعد قوله : " وإذا كبر فكبروا " : " وإذا قرأ فانصتوا " . رواه أبو داود (604) والنسائي (1 / 146) وابن أبن شيبة (2 / 65 / 1 - 2)
[ 121 ]
وعنه ابن ماجه (846) وكذا أحمد في " المسند " وأبنه عبد الله في زوائده (2 / 420) والدارقطني (124) من طريق أبي خالد الأحمر عن محمد بن عجلان عن زيد بن أسلم عنه ، وقال أبو داود . " وهذه الزيادة : وإذا قرأ فأنصتوا ، ليست بمحفوظه الوهم عندنا من أبي خالد " . قلت : هو سليمان بن حيان وهو ثقة أحتج به الشيخان ، ولم يتفرد بها بل تابعه محمد بن سعد الأنصاري وهو ثقة كما قال ابن معين وغيره أخرجه النسائي والدارقطني ويقويها الطريق السابعة ، وقد صحح هذه الزيادة الإمام مسلم وإن لم يخرجها في صحيحه ، ففيه (2 / 15) : " فقال له أبو بكر بن أخت أبي النضر فحديث أبي هريرة ؟ فقال : هو صحيح ، يعني : وإذا قرأ فأنصتوا : فقال : هو عندي صحيح ، فقال : لم لم تضعه ههنا ؟ قال : ليس كل شئ عندي صحيح وضعته ههنا ، وإنما وضعت ههنا ما أجمعوا عليه " . ومما يقوي هذه الزيادة أن لها شاهدا من حديث ابي موسى الاشعري عند مسلم وغيره كما تقدم برقم (332) . والحديث رواه مصعب بن محمد عن أبي صالح به بلفظ : " إنما جعل الإمام ليؤتهم به ، فإذا كبر فكبروا ، ولا تكبروا حتى يكبر ، وإذا ركع فأركعوا ، ولا تركعوا حتى يركع ، وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا : اللهم ربنا لك الحمد ، وإذا سجد فأسجدوا ولا تسجدوا حتى يسجد ، وإذا صلى قائما فصلوا قياما ، فإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا أجمعون " . أخرجه أبو داود (603) وأحمد (2 / 341) ، ورواه الطحاوي مختصرا . قلت : وهذا سند صحيح . السادسة : عن أبي سلمة عنه مثل الطريق الرابعة . أخرجه ابن ماجه (1239) والطحاوي وأحمد (2 / 411 ، 438 ، 475) .
[ 122 ]
السابعة : عجلان المدني عنه بلفظ : " إنما الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا ، وإذا قرأ فأنصتوا ، وإذا قال : ولا الضالين ، فقولوا : آمين ، وإذا ركع فاركعوا . الحديث . رواه أحمد (2 / 376) : حدثنا [ أبو ] سعد الصاغاني محمد بن ميسر حدثنا محمد بن عجلان عن أبيه . وكذا رواه الدارقطني (125) قلت : ورجاله ثقات غير أبي سعد هذا فإنه ضعيف . وأما حديث جابر فله عنه طرق : الأولى : عن أبي الزبير عنه قال : " اشتكى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فصلينا وراءه ، وهو قاعد ، وأبو بكر يسمع الناس تكبيره ، فالتفت إلينا فرآنا قياما فأشار إلينا فقعدنا فصلينا بصلاته قعودا ، فلما سلم قال : إن كدتم آنفا لتفعلون فعل فارس والروم يقومون على ملوكهم وهم قعود ، فلا تفعلوا ، ائتموا بائمتكم ، إن صلى قائما فصلوا قياما ، وإن صلى قاعدا فصلوا قعودا " . أخرجه مسلم (2 / 19) وأبو عوانة (2 / 108) وابن ماجه (1240) والطحاوي (1 / 234) والبيهقي وأحمد (3 / 334) من طريق الليث ابن سعد وغيره عنه . الثانية : عن أبي سفيان عنه قال : " ركب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " فرسا بالمدينة فصرعه على جذم نخلة ، فانفكت قدمه ، فأتيناه نعوده ، فوجدناه في مشربة لعائشة يسبح جالسا ، قال : فقمنا خلفه ، فأشار إلينا ، فقعدنا ، قال : فلما قضى الصلاة قال : إذا صلى الإمام جالسا ، فصلوا جلوسا وإذا صلى الإمام قائما فصلوا قياما ، ولا تفعلوا كما يفعل أهل فارس بعظمائها . أخرجه أبو داود (602) والبيهقي (3 / 80) وأحمد (3 / 300) وإسناده صحيح على شرط مسلم .
[ 123 ]
وأما حديث ابن عمر فلفظه مثل لفظ رواية ابي علقمة عن أبي هريرة في الرواية الثالثة دون قوله : " وإذا قال : سمع الله لمن حمده . . . " الخ . رواه الطحاوي بسند صحيح . 395 - (قول أبن عباس : (من نفخ في صلاله فقد تكلم) . رواه سعيد وعن أبي هريرة نحوه . وقال ابن المنذر : لا يثبت عنهما) ص 101 موقوف . ولم أقف على سنده ، لكن رواه البيهقي (2 / 252) من طريق أحمد بن الخضر الشافعي ثنا إبراهيم بن علي ثنا علي بن الجعد ثنا شعبة عن الأعمش عن أبي الضحى عن ابن عباس بلفظ : " إنه كان يخشى أن يكون كلاما . يعني النفخ في الصلاة " . قلت : ورجاله ثقات كلهم غير أحمد بن الخضر هذا ، أورده الخطيب في تاريخه (4 / 137 - 138) وذكر أنه روى عنه أبو بكر النقاش المقري وأبو القاسم الطبراني وغيرهما . قال " ورواياته عند أهل خراسان كثيرة منشثرة ، مات سنة خمس عشرة وثلاثمائة " ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا . وإبراهيم بن علي الظاهر أنه أبو إسحاق العمري الموصلي ترجمه الخطيب (6 / 132) وقال : (وكان ثقة توفي سنة ست وثلاثمائة) . قلت : وهو بهذا اللفظ أقرب إلى الصواب ، فإن كون النفخ كلاما غير ظاهر لا من الناحية الشرعية ولا اللغوية ولذلك قال البيهقي عقبه : " والنفخ لا يكون كلاما إلا إذا بان منه كلام له هجاء ، وأما إذا لم يفهم منه كلام له هجاء فلا يكون كلاما " . ثم روى من طريق سلمة الأبرش قال : حدثني أيمن بن نابل قال : قلت لقدامة بن عبد الله بن عمار الكلابي صاحب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : إنا نتأذى بريش الحمام في مسجد الحرام إذا سجدنا ؟ قال : أنفخوا " .
[ 124 ]
ورجاله ثقات غير سلمة هذا فقال الحافظ في " التقريب " : (صدوق كثير الخطأ) 396 - (حديث الكسوف وفيه " ثم نفخ فقال أف أف " رواه أبو داود) ص 151 . صحيح رواه أبو داود (1194) من طريق حماد عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال : (انكسفت الشمس على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فقام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فلم يكد يركع ، ثم ركع ، فلم يكد يرفع ، ثم رفع ، فلم يكد يسجد ، ثم سجد ، فلم يكد يرفع ، ثم رفع فلم يكد يسجد ، ثم سجد ، فلم يكد يرفع ، ثم رفع ، وفعل في الركعة الأخرى مثل ذلك ، ثم نفخ في آخر سجود فقال : (أف أف) ثم قال : رب ألم تعدني أن لا تعذبهم وإنا فيهم ، ألم تعدني ان لا تعذبهم وهم يستغفرون ؟ ففرغ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من صلاته وقد أمحصت الشمس . وساق الحديث) قلت : ورجاله ثقات كلهم إلا أن عطاء بن السائب كان اختلط ، وحماد - وهو ابن سلمة - روى عنه قبل الأختلاط وبعده ، فلا يحتج بحديثه منه حتى يتبين في أي الحالين رواه عنه خلافا لبعض المعاصرين ، فإنه جرى على تصحيح حديثه عنه . نعم قد تابعه شعبة عن عطاء بن السائب به بلفظ : " وجعل يبكي في سجوده وينفخ ويقول : رب لم تعدني هذا وأنا أستغفرك ، لم تعدني هذا وأنا فيهم " . . . أخرجه النسائي (2 / 222) وأحمد (2 / 188) . وشعبة سمع من عطاء قبل اختلاطه فصح الحديث . والحمد لله وتابعه أيضا عبد العزيز بن عبد الصمد عن عطاء به . أخرجه النسائي (1 / 217) .
[ 125 ]
397 - (حديث أنه (صلى الله عليه وسلم) قرأ من المؤمنين إلى ذكر موسى وهارون ثم أخذته سعلة فركع) . رواه النسائي) ص 101 . صحيح وهو من حديث عبد الله بن السائب قال : " صلى لنا النبي (صلى الله عليه وسلم) الصبح بمكة ، فاستفتح سوره المؤمنين حتى جاء ذكر موسى وهارون ، أو ذكر عيسى (شك أحد الروة) أخذت النبي (صلى الله عليه وسلم) سعلة فركع ، وعبد الله بن السائب حاضر ذلك " . أخرجه مسلم (2 / 39) وأبو عوانة (2 / 161) والنسائي (1 / 156) وكذا أبو داود (649) وابن ماجه (820) والطحاوي (1 / 205) والبيهقي (2 / 60 ، 389) وأحمد (3 / 411) وعلقه البخاري في صحيحه (1 / 119) وقال الحافظ في " الفتح " (2 / 211) " إسناده مما تقدم به الحجة "
[ 126 ]
باب سجود السهو 398 - (قوله (صلى الله عليه وسلم) : " إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين " رواه مسلم) ص 102 . صحيح . وقد تقدم (339) . 399 - (حديث ابن مسعود : " صلى بنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خمسا فلما انفتل من الصلاة توشوش القوم بينهم فقال : ما شأنكم ؟ فقالوا : يا رسول الله هل زيد في الصلاة شئ ؟ قال : لا . قالوا : فإنك صليت خمسا فانفتل ، فسجد سجدتين ثم سلم ثم قال : إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون ، فإذا نسي احدكم فليسجد سجدتين " . وفي لفظ : " فإذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين " . رواه مسلم ص 102 . صحيح رواه مسلم (2 / 86) باللفظين ، والأول قد تقدم برقم (339) . 400 - (حديث عمران بن حصين قال : " سلم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في ثلاث ركعات من العصر ثم قام فدخل
[ 127 ]
الحجرة فقام (1) رجل بسيط اليدين فقال : أقصرت الصلاة ؟ فخرج فصلى الركعة التي كان ترك ، ثم سلم ثم سجد سجدتي (2) السهو ثم سلم " رواه مسلم ص . صحيح رواه مسلم (2 / 88) وأبو عوانة (2 / 198 - 199) وأبو داود (1018) والنسائي (1 / 183) وابن ماجه (1215) والبيهقي (2 / 335 ، 334 - 355 ، 359) والطيالسي (847) وأحمد (4 / 427 ، 441) من طرق عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران به . وفي رواية لمسلم وغيره : (رجل يقال له الخرباق ، وكان في يديه طول) . ورواه أبو داود وغيره من طريق أخرى عن خالد مختصرا بزيادة (ثم تشهد) وهي شاذة كما سيأتي بيانه بعد حديثين . 401 - (حديث ابن بحينة أنه (صلى الله عليه وسلم) " قام في الظهر من ركعتين فلم يجلس فقام الناس معه فلما قضى الصلاة انتظر الناس تسليمه كبر فسجد سجدتين قبل أن يسلم ثم سلم " . . متفق عليه) ص 103 صحيح وقد سبق (رقم (338) . 402 - (حديث : " إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه ثم ليسجد سجدتين " . متفق عليه) ص 103 . (1) الأصل (فقال) والتصويب من صحيح مسلم (2) الأصل (سجدتين)
[ 128 ]
صحيح أخرجه البخاري (1 / 113) ومسلم (2 / 84) وأبو عوانة (2 / 200 - 203) وأبو داود (1020) والنسائي (1 / 184 - 185) وابن ماجه (1211) وابن أبي شيبة (1 / 175 / 1) وابن الجارود (198) والبيهقي (2 / 330 ، 335) والطيالسي (271) وأحمد (1 / 379 ، 455) من طرق عن منصور عن إبراهيم عن علقمة قال : قال عبد الله بن مسعود : " صلى النبي (صلى الله عليه وسلم) . قال إبراهيم : لا أدري زاد أو نقص " فلما سلم ، قيل له : يا رسول الله أحدث في الصلاة شئ ؟ قال : وما ذاك ؟ قالوا صليت كذا وكذا ، فثنى رجليه وإستقبل القبلة وسجد سجدتين ثم سلم ، فلما أقبل علينا بوجهه قال : إنه لو حدث في الصلاة شئ لنبأتكم به ، ولكن إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون ، فإذا نسيت فذكروني ، وإذا شك . . " الحديث . والسياق للبخاري . 403 - (حديث عمران بن حصين : " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) " بهم فسها فسجد سجدتين ، ثم تشهد ثم سلم . رواه أبو داود والترمذي وحسنه) ص 104 . ضعيف شاذ . رواه أ بو داود (1 039) والترمذي (2 / 241) وابن الجارود (129) والحاكم (1 / 323) والبيهقي (2 / 355) من طريق أشعث بن عبد الملك الحمراني عن محمد بن سيرين عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين به . وقال الترمذي : " حديث حسن غريب صحيح " . وقال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه " . ووافقه الذهبي . قلت : أشعث هذا ثقة ، ولكنه ما اخرجا له في الصحيحن كما قد الذهبي
[ 129 ]
نفسه في " الميزان " ! فالاسناد صحيح ، لولا أن لفظة " ثم تشهد " شاذة فيما يبدو ، فقد أخرج مسلم وأبو عوانة في صحيحيهما من طرق أخرى عن خالد الحذاء به أتم منه وليس فيه هذه الزيادة كما تقدم قبل حديثين ، ولذلك قال البيهقي عقب الحديث : " تفرد به أشعث الحمراني ، وقد رواه شعبة ووهيب وابن علية والثقفي وهشيم وحماد بن زيد ويزيد بن زريع وغيرهم عن خالد الحذاء لم يذكر أحد منهم ما ذكر أشعث عن محمد عنه " . وأيده الحافظ في " الفتح " (2 / 79) فقال بعد ماعزاه لبعض من ذكرنا وابن حبان : (وقال ابن حبان : ما روى ابن سيرين عن خالد غير هذا الحديث . انتهى . وهو من رواية الأكابر عن الأصاغر ، وضعفه البيهقي وابن عبد البر وغيرهما ، ووهموا رواية أشعث لمخالفته غيره من الثقات عن ابن سيرين ، فإن المحفوظ عن ابن سيرين في حديث عمران ليس فيه ذكر التشهد ، وروى السراج من طريق سلمة بن علقمة أيضا في هذه القصة : قلت لابن سيرين : فالتشهد ؟ قال : لم أسمع في التشهد شيئا ، وقد تقدم في " باب تشبيك الأصابع " من طريق ابن عوف عن ابن سيرين قال : نبئت أن عمران بن حصين قال : ثم سلم ، وكذا المحفوظ عن خالد الحذاء بهذا الإسناد في حديث عمران ليس فيه ذكر التشهد ، كما أخرجه مسلم ، فصارت بزيادة أشعث شاذة ، ولهذا قال ابن المنذر : لا أحسب التشهد في سجود السهو يثبت ، لكن قد ورد في التشهد في سجود السهو عن ابن مسعود عند أبي داود والنسائي ، وعن المغيرة عند البيهقي ، وفي إسنادهما ضعف . فقد يقال أن الأحاديث الثلاثة في التشهد باجتماعها ترتقي إلى درجة الحسن . قال العلائي : وليس ذلك ببعيد ، وقد صح ذلك عن ابن مسعود من قوله . أخرجه ابن أبي شيبة) . وما عزاه الحافظ للسراج رواه البيهقي أيضا (2 / 355) عن سلمة بن علقمة قال : قلت : لمحمد بن سيرين : فيهما تشهد ؟ يعني في سجدتي السهو . قال : لم أسمعه في حديث أبي هريرة رض الله عنه ، وأحب إلي أن يتشهد " . وسنده صحيح ، ورواه البخاري وابن أبي شيبة (1 / 177 / 2) مختصرا .
[ 130 ]
وحديث أبي هريرة الذي أشار إليه ابن سيرين ، هو ما رواه هو عن أبي هريرة قال : " صلى النبي (صلى الله عليه وسلم) إحدى صلاتي العشي ، - قال محمد : وأكثر ظني أنها العصر - ركعتين ، ثم سلم ، ثم قام إلى خشبة في مقدم المسجد ، فوضع يده عليها ، وفيهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فهابا أن يكلماه ، وخرج سرعان الناس ، فقالوا : أقصرت الصلاة ؟ ورجل يدعوه النبي (صلى الله عليه وسلم) ذا اليدين ، فقال : أنسيت أم قصرت ؟ فقال : لم أنس ولم تقصر قال : بلى قد نسيت [ قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : أصدق ذو اليدين ، فقال الناس نعم ، فقام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ] فصلى ركعتين ثم سلم ، ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول ، ثم رفع رأسه فكبر ، ثم وضع رأسه فكبر فسجد مثل سجوده أو أطول ، ثم رفع رأسه وكبر . [ فقيل لمحمد : سلم في السهو ؟ فقال : لم أحفظه عن أبي هريرة ، ولكن ثبت أن عمران بن حصين قال : ثم سلم ] " . أخرجه البخاري (1 / 309 ، 310) ومسلم (2 / 86) وأبو عوانة (2 / 195) ومالك (2 / 93 / 58) وأبو داود (1008) والنسائي (1 / 181 - 182 ، 182) والترمذي (2 / 247) وابن ماجه (1214) وابن الجارود (127) والبيهقي (2 / 354) وأحمد (2 / 234 - 235 ، 248 ، 284) وزاد ابن ماجه وحده : " ثم سلم " يعني بعد سجدتي السهو . ورجاله ثقات ، إلا أن هذه الزيادة شاذة لقول ابن سيرين في الزيادة الثانية : (لم أحفظه عن أبي هريرة) فهذا نص على خطأ من ذكر التسليم في حديثه عن أبي هريرة . وهذه الزيادة الثانية عند مسلم وأبي عوانة وأبي داود وغيرهم . واما الزيادة الأولى فهي عند البخاري في رواية ومسلم وغيره . وفي قول ابن سيرين : (. . ولكن ثبت أن عمران بن حصين قال : ثم سلم) .
[ 131 ]
إشارة منه إلى أن قصة ابي هريرة هذه وقصة عمران واحدة ، وقد أشار إلى ذلك ايضا الحافظ ابن حجر في كلامه الذي نقلته آنفا ، وقد أختلف العلماء في ذلك ، فذهب ابن خزيمة وغيره إلى التعدد ، ورجح الحافظ أنها واحدة ، وأجاب عن شبهة من خالف ، فراجع كلامه في ذلك في " الفتح " (3 / 85) . وحديث ابن مسعود في التشهد بعد السجدتين ، قد أخرجه أيضا البيهقي (2 / 356) مرفوعا وقال : (وهذا غير قوي ، ومختلف في رفعه ومتنه) . قلت : وهو من طريق خصيف عن أبي عبيدة عن ابن مسعود وهذا إسناد فيه ضعف وانقطاع ، وقد رواه من هذا الوجه ابن أبي شيبة (2 / 177 / 2) واحمد (1 / 429) موقوفا على ابن مسعود ، ويرجح الموقوف ما رواه ابن أبي شيبة عقبه من طريق إبراهيم عن عبد الله قال : فيهما تشهد . وهذا إسناد صحيح وإن كان ظاهره الإنقطاع ، لما عرف منه ترجمة إبراهيم وهو النخعي فيما يرويه عنه ابن مسعود بدون واسطة ، أنه إنما يفعل ذلك إذا كان بينه وبين ابن مسعود أكثر من واحد من التابعين من أصحاب ابن مسعود . ولذلك صرح الحافظ بصحة إسناد كما تقدم . 454 - (حديث ابن عمر مرفوعا : (ليس على من خلف الإمام سهو فإن سها إمامه فعليه وعلى من خلفه) . رواه الدارقطني) ص 104 . ضعيف رواه الدارقطني في سننه (ص 145) من طريق خارجة ابن مصعب عن أبي الحسن المديني سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن عمر مرفوعا ، وعلقه البيهقي (2 / 352) من هذا الوجه ، وقال : " حديث ضعيف ، وابو الحسن هذا مجهول " . قلت : وخارجة قال الحافظ في " التقريب " :
[ 132 ]
" متروك ، وكان يدلس عن الكذابين ، ويقال : إن ابن معين كذبه " . قلت : وقد خولف في إسناده ، فرواه سليمان بن بلال عن أبي الحسين عن الحكم بن عبد الله عن سالم بن عبد الله قال : جاء جبير بن مطعم إلى ابن عمر فقال : يا أبا عبد الرحمن كيف قال أمير المؤمنين عمر في الإمام يؤم القوم ؟ فقال ابن عمر : قال عمر : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) . فذكره وقال : " والحكم بن عبد الله ضعيف . قلت : وأقره الذهبي في (المهذب) (1 / 64 / 1) والحكم هذا هو أبو سلمة العاملي الشامي . وقد اختلف في اسمه وهو واه جدا فقد أتهم بالكذب والوضع . والحديث قال الحافظ في (بلوغ المرام) (1 / 293 - سبل السلام) : " رواه الترمذي والبيهقي بسند ضعيف وعزوه للترمذي وهم لعله من بعض النساخ والله أعلم . (فائدة) ذهب الهادي من ائمة الزيدية إلى أن المؤتم إذا سها في صلاته أنه يسجد للسهو خلافا للجمهور ، ومال إلى ذلك - الصنعاني فقال : " ولو ثبت هذا الحديث لكان مخصصا لعمومات أدلة سجود السهو ، ومع عدم ثبوته فالقول قول الهادي " . . قلت : نحن نعلم يقينا أن الصحابة الذين كانوا يقتدون به (صلى الله عليه وسلم) كانوا يسهون وراءه (صلى الله عليه وسلم) سهوا يوجب السجود عليهم لو كانوا منفردين ، هذا أمر لا يمكن لأحد إنكاره . فإذا كان كذلك ، فلم ينقل أن أحدا منهم سجد بعد سلامه (صلى الله عليه وسلم) ، ولو كان مشروعا لفعلوه ، ولو فعل لنقلوه فإذ لم ينقل ، دل على انه لم يشرع . وهذا ظاهر إن شاء الله تعالى قد يؤيد ذلك ما مضى في حديث معاوية بن الحكم السلمي انه تكلم في الصلاة خلفه (صلى الله عليه وسلم) جاهلا بتحريمه ، ثم لم يأمره النبي (صلى الله عليه وسلم) بسجود السهو ، ذكره البيهقي وما قلناه أقوى 405 - (صح عنه (صلى الله عليه وسلم) : " أنه لما سجد لترك التشهد الأول والسلام
[ 133 ]
من نقصان سجد الناس معه ") ص 104 . صحيح ويشير بذلك إلى حديثين : الأول : حديث المغيرة بن شعبة في ترك التشهد الأول ، وقد مضى بطرقه برقم (381) ومثله حديث ابن بحينة وقد مضى 338 والأخر حديث عمران بن حصين وقد مضى (400) ومثله حديث ذي اليدين من رواية أبي هريرة وقد ذكرته عند الحديث (303) . 406 - (حديث : " فإذا سجد فاسجدوا ") ص 104 . صحيح وهو قطعة من حديث أبي هريرة وقد مضى تخريجه مع بيان ألفاظه (394) . 407 - (قوله (صلى الله عليه وسلم) : " فعليه وعلى من خلفه ") ص 104 . ضعيف وهو قطعة من الحديث المتقدم (404) . (408) - (حديث المغيرة أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : " إذا قام أحدكم من الركعتين فلم يستتم قائما فليجلس فإن استتم قائما فلا يجلس ، وليسجد سجدتين " . رواه أبو داود وابن ماجه) ص 105 . صحيح وقد مضى (388) . 409 - (حديث " إنما جعل الإمام ليؤتم به " . صحيح وقد مضى (394) . 410 - (حديث : (إنه لما قام عليه السلام عن التشهد قام الناس معه) ص 105 . صحيح وقد تقدم برقم (338) .
[ 134 ]
411 - (حديث أبي سعيد مرفوعا : (إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر أصلى ثلاثا أو أربعا فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته ، وإن كان صلى أربعا كانتا ترغيما للشيطان " . رواه أحمد ومسلم) ص 105 . صحيح . أخرجه مسلم (2 / 84) وأبو عوانة (2 / 192 - 193) وأبو داود (1024) والنسائي (1 / 183 - 184 ، 184) والدارمي (1 / 351) وابن ماجه (1215) وابن أبي شيبة (1 / 175 / 1 - 2) وابن الجارود في " المنتقى " (126) والدارقطني (ص 142) والبيهقي (2 / 331 ، 351) وأحمد (3 / 72 ، 83 ، 87) من طرق عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري به . ورواه مالك (1 / 95 / 62) وعنه أبو داود وغيره من طريق زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار مرسلا . وقد تابعه على إرساله جماعة ذكرتهم في جزء لي في هذا الحديث ، وبينت فيه إن كلا من الموصول والمرسل صحيح ، ومعنى ذلك أن الراوي أرسله مرة ووصله أخرى . فالحديث على كل حال صحيح .
[ 135 ]
باب صلاة الصلاة 412 - (قوله (صلى الله عليه وسلم) واعلموا أن من خير أعمالكم الصلاة " . رواه ابن ماجه) ص 106 . صحيح وقد ورد عن جماعة من الصحابة منهم ثوبان وعبد الله بن عمرو وأبو أمامة ، وجابر ربيعة الجرشي . اما ثوبان فله عنه ثلاث طرق : الأولى : عن سالم بن أبي الجعد عنه مرفوعا بلفظ : " استقيموا ولن تحصوا ، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة ، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن) . أخرجه ابن ماجه (277) وكذا الدارمي (1 / 68) والطبراني في " المعجم الصغير " (ص 4) والحاكم (1 / 130) والبيهقي (1 / 457) والخطيب في تاريخه (1 / 293) وكذا أحمد (5 / 276 - 277 ، 282) كلهم بهذا اللفظ ليس عند أحد منهم لفظة (من) التي وردت في الكتاب ، فلعلها من زيادة بعض النساخ ، وقال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين ، ولست أعرف له علة يعلل بمثلها " . ووافقه
[ 136 ]
الذهبي ، وكذا المنذري في " الترغيب " (1 / 98) وقال : " رواه ابن ماجه بإسناد صحيح " كذا قالوا وفيه علة ظاهرة وهو الإنقطاع بين سالم بن أبي الجعد وثوبان فقد قال أحمد : " لم يسمع سالم من ثوبان ولم يلقه ، بينهما معدان بن أبي طلحة " . وذكر أبو حاتم نحوه . وقد تنبه لهذه العلة الحافظ البوصيري فقال في (الزوائد) (رجال إسناده ثقات أثبات ، إلا أن فيه انقطاعا بين سالم وثوبان ، ولكن أخرجه الدارمي وابن حبان في صحيحه من طريق ثوبان متصلا " . يعني الطريق الآتية وهي : الثانية : عن أبي كبشة السلولي أنه سمع ثوبان مولى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول : (سددوا ، وقاربوا ، واعملوا وخيروا ، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة . . .) الحديث . أخرجه الدارمي وأحمد (5 / 282) والطبراني في (المعجم الكبير) (1 / 72 / 2) عن الوليد بن مسلم ثنا ابن ثوبان حدثني حسان بن عطية أن أبا كبشة السلولي حدثه به . قلت : وهذا إسناد حسن متصل بالحديث ورجاله كلهم ثقات رجال البخاري غير ابن ثوبان وهو عبد الرحمن بن ثابت وهو حسن الحديث . الثالثة : عن عبد الرحمن بن ميسرة عن ثوبان مرفرعا بلفظ : " أستقيموا تفلحوا ، وخير أعمالكم الصلاة ، ولا يحافظ . . . " الحديث . رواه احمد (5 / 280) بإسناد صحيح إلى ابن ميسرة وأما هذا فقد وثقه
[ 137 ]
العجلي ، وروى عنه جماعة منهم حريز بن عثمان وقد قال أبو داود شيوخ حريز كلم ثقات . فالإسناد صحيح أن شاء الله تعالى . والحديث أورده الإمام مالك في (الموطأ) (1 / 34 / 36) بلاغا وقال ابن عبد البر في " التقصي " : " هذا يستند ويتصل من حديث ثوبان عن النبي (صلى الله عليه وسلم) من طرق صحاح " . وقال أبو عمرو بن الصلاح في رسالته في صلاة الرغائب (ق 10 / 1) بعدما عزاه لابن ماجه : (وله طرق صحاح) . وأما حديث عبد الله بن عمرو فأخرجه ابن ماجه (278) ورجاله ثقات غير ليث وهو ابن أبي سليم وهو ضعيف . وأما حديث أبي أمامة . فأخرجه ابن ماجه أيضا (279) عن أبي حفص الدمشقي عنه . وأبو حفص هذا مجهول كما قال المنذري . وأما حديث جابر . فأخرجه الحاكم من طريق أبي بلال الاشعري ثنا محمد بن خازم عن الأعمش عن أبي سفيان عنه وقال : (وهم فيه أبو بلال)
[ 138 ]
يعني أن أبا بلال أخطأ في روايته لهذا الحديث على محمد بن خازم عن الأعمش عن أبي سفيان عنه . وأن الصواب رواية ابن نمير وزائدة وغيرهما عن الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن ثوبان كما تقدم . وأبو بلال ضعفه الدارقطني . وأما حديث ربيعة الجرشي . فرواه الطبراني في (الكبير) من رواية ابن لهيعة وهو ضعيف قال المنذري : (وربيعة الجرشي مختلف في صحبته) . 413 - (حديث : " وذروة سنامه الجهاد ") ص 106 . صحيح وهو قطعة من حديث لمعاذ بن جبل رضي الله عنه قال : " كنت مع النبي (صلى الله عليه وسلم) في سفر ، فاصبحت يوما قريبا منه ، ونحن نسير ، فقلت : يارسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ، ويباعدني من الله ، قال : لقد سألتني عن عظيم وأنه ليسير على من يسره الله عليه : تعبد الله ولا تشرك به شيئا ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت ، ثم قال : ألا أدلك على ابواب الخير ؟ الصوم جنة ، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار ، وصلاة الرجل في جوف الليل ، قال : ثم تلا (تتجافى جنوبهم عن المضاجع) حتى بلغ (يعملون) ، ثم قال : ألا أخبرك برأس الأمر وعموده ، وذروة سنامه ؟ قلت : بلى يارسول الله : قال : رأس الأمر الإسلام ، وعموده الصلاة ، وذروة سنامه الجهاد ، ثم قال : ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟ قلت : بلى يا نبي الله ، فأخذ بلسانه ، قال : كف عليك هذا ، فقلت : يا نبي الله وإنا لموآخذون بما نتكلم به فقال : ثكلتك أمك يا معاذ ! وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم " . أخرجه الترمذي (2 / 103 / - بولاق) وابن ماجه (3973) وأحمد (5 / 231) من طريق معمر عن عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن معاذ . وقال
[ 139 ]
الترمذي : " حديث حسن صحيح " . قلت : وإسناده حسن ، لكن أعله الحافظ ابن رجب في (شرح الاربعين) فقال (195 - 196) بعد ان حكى تصحيح الترمذي : " وفيما قاله رحمه الله نظر من وجهين : أحدهما أنه لم يثبت سماع أبي وائل من معاذ ، وبان كان قد أدركه بالسن ، وكان معاذ بالشام ، وأبو وائل بالكوفة ومازال الائمة كأحمد وغيره يستدلون على إنتفاء السماع بمثل هذا ، وقد قال أبو حاتم الرازي : في سماع أبي وائل من أبي الدرداء ، قد أدركه وكان بالكوفة ، وأبو الدرداء بالشام يعني إنه لم يصح له سماع منه . وقد حكى أبو زرعة الدمشقي عن قوم أنهم توقفوا في سماع أبي واثل من عمر أو نفوه فسماعه من معاذ أبعد . والثاني أنه قد رواه حماد بن سلمة عن عاصم بن أبي النجود عن شهر ابن حوشب عن معاذ . خرجه الإمام أحمد مختصرا ، قال الدارقطني : وهو أشبه بالصواب ، لأن الحديث معروف من رواية شهر على إختلاف عليه فيه . قلت : رواية شهر عنه معاذ مرسلة يقينا وشهر مختلف في توثيقه وتضعيفه " . أقول : رواية شهر هذه المرسلة ، أخرجها أحمد (5 / 248) مختصرا كما قال ولفظها : (سأنبئك بأبواب من الخير : الصوم جنة ، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار ، وقيام العبد من الليل ، ثم قرأ (تتجافى جنوبهم عن المضاجع) إلى آخر (الآية) . وقد وصلها أحمد (5 / 235 ، 236 ، 245 - 246) من طرق عن شهر ثنا ابن غنم عن معاذ بن جبل به مختصرا ومطولا . وشهر ضعيف لسوء حفظه . ثم رواه أحمد (5 / 233 ، 237) من طريق شعبه عن الحكم قال : " سمعت
[ 140 ]
عروة بن النزال يحدث عن معاذ بن جبل . قال شعبة : فقلت له : سمعه من معاذ ؟ قال : لم يسمعه منه وقد أدركه ، أنه قال يارسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة . ففكر مثل حديث معمر عن عاصم . قال الحكم : وسمعته من ميمون بن أبي شبيب " . قلت : ورجاله ثقات غير عروة هذا قال الذهبي : (لايعرف) وذكره ابن حبان في (الثقات) . وقد تابع الحكم عن ميمون حبيب بن أبي ثابت فقال : عن ميمون بن أبي شبيب عن معاذ به مختصرا ، وفيه القطعة المذكورة . أخرجه الحاكم (2 / 76 و 412 - 413) وقال : " صحيح على شرط الشيخين " . ووافقه الذهبي . قلت : وفيه نظر من وجهين : الأول : أن ميمونا لم يسمع من معاذ كما قال الحافظ ابن رجب (196) . الثاني : أن حببب بن أبي ثابت مدلس معروف وقد عنعنه . لكن تابعه الحكم بن عتيبة في الموضع الثاني عند الحاكم . وقال الإمام أحمد (5 / 234) : ثنا أبو المغيرة ثنا أبو بكر حدثني عطية بن قيس عن معاذ بن جبل ان رسول (صلى الله عليه وسلم) قال : الجهاد عمود الإسلام وذروة سنامه " . قلت : وهذا إسناد متصل ، ورجاله ثقات غير أبي بكر وهو ابن عبد الله بن أبي مريم الشامي وهو ضعيف لاختلاطه ، وقد أخطأ في متن الحديث حيث جعل (عمود الاسلام) وصفا للجهاد أيضا ، بينما هو في الطرق المتقدمة وصف للصلاة فقط . هذا ويتلخص مما تقدم أن جميع الطرق منقطعة في مكان واحد منها غير هذه
[ 141 ]
الطريق واحد طريقي شهر بن حوشب فهي تقوي هذه ، وأما الطرق للأخرى فلا يمكن القول فيها أنه يقوي بعضها بعضا ، لأن جميعها متحدة العلة وهي سقوط تابعيها منها ويجوز أن يكون واحدا ، وعليه فهي حينئذ في حكم الطريق الواحد ، ويجوز أن يكون التابعي مجهولا والله أعلم . وخلاصة القول : أنه لا يمكن القول بصحة شئ من الحديث إلا هذا القدر الذي أورده المصنف لمجيئه من طريقين متصلين يقوي أحدهما الآخر . والله أعلم . 414 - (قال أبو الدرداء : " العالم والمتعلم في الأجر سواء وسائر الناس همج لا خير فيهم ") ص 156 . موقوف . وقد روي مرفوعا عن أبي الدرداء وغيره . أما الموقوف فأخرجه ابن عبد البر في (جامع بيان العلم وفضله) (1 / 27)) من طريق خالد بن معدان قال : قال أبو الدرداء ، فذكره إلا أنه قال : " في الخير شريكان " بدل في الأجر سواء " . وهذا سند ضعيف لأنقطاعه ، قال الإمام أحمد " خالد بن معدان لم يسمع من أبي الدرداء " . ثم رواه ابن عبد البر (1 / 28) وكذا الدارمي (1 / 79 ، 95) من طريق سالم بن أبي الجعد عن أبي الدرداء به دون قوله " همج " . ورجاله ثقات لكنه منقطع أيضا فإن سالما لم يدرك أبا الدرداء كما قال أبو حاتم . وأما المرفوع فروي عن أبي الدرداء وأبي سعيد وعبد الله بن مسعود وأبي أمامة وابن عباس . 1 - أما حديث أبي الدرداء فهو من طريق معاوية بن يحيى عن يونس بن ميسرة
[ 142 ]
عن أبي أدريس الخولاني عنه مرفوعا به إلا أنه قال : " فيه " بدل " فيهم " . أخرجه القضاعي في (مسند الشهاب) (ق 18 / 2) وكذا الطبراني في الكبير كما في " مجمع الزوائد " وقال (1 / 122) : " وفيه معاوية بن يحيى الصدفي قال ابن معين : " هالك ليس بشئ " . وأما حديث أبي سعيد فهو من طريق عبد الملك بن حبيب المصيصي نا ابن المبارك عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عنه مرفوعا . أخرجه ابن عبد البر (2 / 27) وقال : " هكذا رواه عبد الملك بن حبيب المصيصي عن ابن المبارك مسندا ، ورواه عبد الله بن عثمان عن ابن المبارك عن ثور عن خالد بن معدان من قول أبي الدرداء " . قلت : وهو منقطع بين ابن معدان وأبي الدرداء ، وهذا فيه المصيصي وهو مجهول الحال ، روى عنه جماعة ولم يوثقه أحد . 3 - وأما حديث ابن مسعود ، فهو من طريق سليمان بن داود الشاذكوني ثنا الربيع بن بدر عن الأعمش عن أبي وائل عنه . أخرجه الطبراني في " الكبير " (3 / 79 / 1) وعنه أبو نعيم في (الحلية) (1 / 376) . قلت : وهذا إسناد واه جدا ، الربيع بن بدر متروك والشاذكوني كذبه غير واحد من الأئمة . والحديث قال الهيثمي : " رواه الطبراني في الأوسط والكبير ، وفي سند الأوسط نهشل بن سعيد ، وفي الأخر الربيع بن بدر وهما كذابان " . كذا قال : ولا أعلم أحدا نسب الربيع هذا إلى الكذب . فلعله أراد الشاذكوني فسها وكتب الربيع بن بدر . والله أعلم .
[ 143 ]
4 - وأما حديث أبي أمامة فهو من طريق عثمان بن أبي العاتعكة عن علي بن يزيد عن القاسم أبي عبد الرحمن عنه مرفوعا . أخرجه ابن ماجه (228) والخطيب في تاريخه (2 / 212) وابن عبد البر (1 / 28) وابن عساكر (12 / 284 / 1 - 2) . قلت : وعلي بن يزيد هو الألهاني ضعيف ، وأشار إلى أعلال الحديث به الحافظ المنذري في " الترغيب " (1 / 59) وتصحف اسمه على المناوي ناقلا عنه ! فقال في " فيض القدير " : " وفيه علي بن زيد بن جدعان ضعيف لا يحتج به . ذكره المنذري . وليس عند المنذري " ابن جدعان " وإنما زادها المناوي من عنده على سبيل البيان بعد أن تصحف عليه اسم والد علي : " يزيد " ب (زيد) ! 5 - وأما حديث ابن عباس فهو من طريق علي بن أبي الحسن الكوفي ثنا أبو مسلم علي بن محمد الكندي عن خالد بن عبد الله القسري عن الضحاك بن مزاحم عنه . أخرجه الباطرقاني في (مجلس من الأمالي) (رقم 12 - نسختي) . قلت : وهذا إسناد ضعيف . الضحاك لم يسمع من ابن عباس ، والقسري هو أمي العراق ولم يوثقه أحد غير ابن حبان وله أخبار شهيرة وأقوال فظيعة ذكرها ابن جرير وغيره ، ومن دونه لم أعرفهما . وجملة القول إن الحديث لا يصح لا موقوفا ولا مرفوعا . 415 - (حديث " أنه (صلى الله عليه وسلم) " فعل صلاة الكسوف وأمر بها ") ص 106 صحيح وسيأتي تخريجه في بابها إن شاء الله تعالى .
[ 144 ]
416 - (حديث أنه (صلى الله عليه وسلم) " ، كان يستسقي تارة ويترك أخرى ") ص 106 صحيح . أما أستسقاؤه (صلى الله عليه وسلم) فسيأتي في بابه إن شاء الله تعالى . وأما تركه صلى الله عليه وأله وسلم إياه ، ففيه أحاديث عن أنس بن مالك وكعب بن مرة وعبد الله بن عباس . 1 - أما حديث أنس فهو بلفظ : (إن رجلا دخل يوم الجمعة من باب كان وجاه المنبر ، (وفي رواية : كان نحو دار القضاء) ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) قائم يخطب ، فاستقبل رسول الله قائما ، فقال : يارسول الله هلكت المواشي وانقطعت السبل فادع الله أن يغيثنا ، قال : فرفع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " يديه فقال : اللهم أسقنا ، اللهم أسقنا ، اللهم أسقنا قال أنس : فلا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة ولا شيئا ، ولا بيننا وبين سلع من بيت ولا دار ، قال : فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس ، فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت ، [ قلل : فما صلينا الجمعة حتى أهم الشاب القريب الدار الرجوع إلى أ هله ] ، قال : فو الله ما رأينا الشمس شيئا ، وفي رواية : ثم مطروا حتى سالت مثاعب المدينة واضطربت طرقها أنهارا ، فما زالت كذلك إلى يوم الجمعة المقبلة ما تقلع ، ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله قائما يخطب ، فاستقبله قائما فقال : يارسول الله هلكت الأموال ، وانقطعت السبل ، ادع الله أن يمسكها [ قال : فتبسم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لسرعة ملالة ابن آدم ] قال : (فرفع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يديه : وفي رواية : وبسط يديه حيال صدره وبطن كفيه مما يلي الارض) [ حتى رأيت بياض ابطيه ] ، يدعو ورفع الناس أيدهم مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يدعون ثم قال : اللهم حوالينا ولا علينا ، اللهم على الآطام والجبال والظراب والأودية ومنابت الشجر " قال : فإنقطعت وخرجنا نمشي في الشمس . (وفي رواية : قال : فما يشير بيده إلى ناحية إلا تفرجت ، حتى رأيت المدينة في مثل الجوبة ، وسال وادي قناة شهرا ، ولم
[ 145 ]
يجئ أحد من ناحية إلا أخبر بجود . وفي أخرى : فتقشعت عن المدينة فجعلت تمطر حواليها وما تمطر بالمدينة قطرة فنظرت إلى المدينة وأنها لفي مثل الأكليل) قال شريك (هو ابن عبد الله بن أبي نمر) : فسألت أنسا : أهو الرجل الأول ؟ قال : لا أدري . أخرجه البخاري (1 / 257 ، 258 ، 259 ، 260 ، 261 - 262 ، 262 - 263) ومسلم (3 / 24 - 26) ومالك (1 / 391 / 1) وأبو داود (1174 ، 1175) والنسائي (1 / 225 - 226 ، 227) والطحاوي في " شرح المعاني " (1 / 190 - 191) وابن الجارود في " المنتقى " (135) والبيهقي (3 / 353 - 354 ، 355 ، 356 ، 357) وأحمد (3 / 104 ، 187 ، 194 ، 245 ، 261 ، 271) من طرق كثيرة عن أنس يزيد بعضهم على بعض . وقد ذكرت المهم منها والسياق للبخاري " 2 - وأما حديث كعب بن مرة ، فهو من رواية شرحبيل بن السمط عنه قال : " جاءه (صلى الله عليه وسلم) رجل فقال : استسق الله لمضر قال : فقال : إنك لجري ! المضر ؟ قال : يارسول الله استنصرت الله عز وجل فنصرك ودعوت الله عز وجل فأجابك ، قال : فرفع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يديه يقول : اللهم أسقنا غيثا مغيثا مريئا طبقا غدقا عاجلا غير رائث ، نافعا غير ضار ، قال : فأحيوا ، قال : فما لبثوا أن أتوه فشكوا إليه كثرة المطر فقاوا : قد تهدمت البيوت ، قال : فرفع يديه وقال : اللهم حوالينا ولا علينا ، قال : فجعل السحاب يتقطع يمينا وشمالا . أخرجه ابن ماجه (1269) والطحاوي (1 / 191) والحاكم (1 / 328) والبيهقي (3 / 355 - 356) وأحمد (4 / 236) وقال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " . ووافقه الذهبي . وهو كما قالا . 3 - وأما حديث عبد الله بن عباس فهو بلفظ : " جاء أعرابي إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال : يارسول الله لقد جئتك من عند قوم ما يتزود لهم راع ، ولا يخطر لهم فحل ، فصعد المنبر فحمد الله ثم قال : اللهم اسقنا
[ 146 ]
غيثا مغيثا مريئا طبقا مريعا غدقا عاجلا غير رائث ، ثم نزل ، فما يأتيه أحد من وجه من الوجوه إلا قالوا : قد أحيينا " . رواه ابن ماجه (1270) بإسناد قال البوصيري : " صحيح ، ورجاله ثقات " . قلت : أما أن رجاله ثقات فصحيح ، وأما أن إسناده صحيح . فليس كذلك ، لأنه من رواية حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس ، وهو مدلس وقد عنعنه . ورواه الطبراني في الكبير نحوه . قال الهيثمي (2 / 213) " وفيه محمد بن أبي ليلى وفيه كلام كثير " . وفي الباب عن عمر بن الخطاب . قال عطاء بن أبي مروان الاسلمي عن أبيه قال : " خرجنا مع عمر بن الخطاب نستسقي ، فما زاد على الاستغفار " رواه ابن أبي شيبة (2 / 121 / 2) بإسناد صحيح . 417 - (حديث بريده مرفوعا : " من لم يوتر فليس منا " . رواه أحمد) . ضعيف . رواه أحمد (5 / 357) وكذا أبو داود (1419) وابن أبي شيبة في (المصنف) (2 / 54 / 1) والطحاوي في " مشكل الآثار " (2 / 136) وابن نصر في (قيام الليل) (111) والحاكم (1 / 305 - 306) والبيهقي (2 / 470) عن أبي المنيب عبيد الله بن عبد الله حدثني عبد الله بن بريدة عنه أبيه مرفوعا بلفظ : " الوتر حق ، فمن لم يوتر فليس منا . قالها ثلاثا وقال الحاكم : " حديث صحيح ، وأبو المنيب العتكي مروزي ثقة يجمع حديثه " . وتعقبه الذهبي بقوله : قلت : قال البخاري : عنده منكاير . وفي (القريب) : " صدوق يخطئ "
[ 147 ]
وله شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ : (من لم يوتر فليس منا) . أخرجه أحمد (2 / 443) وابن أبي شيبة قالا : ثنا وكيع قال : ثنا خليل بن مرة عن معاوية بن قرة عنه . قال الزيلعي في " نصب الراية " (2 / 113) : " وهو منقطع ، قال أحمد : لم يسمع معاوية بن قرة من أبي هريرة شيئا ولا لقيه . والخليل بن مرة ضعفه يحيى والنسائي ، وقال البخاري : منكر الحديث " ولذلك قال الحافظ في " الدراية " (11 3) إسناده ضعيف . والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " و " الكبير " (3 / 293 / 2) من رواية الطبراني في (الأوسط) من حديث ابي هريرة بلفظ : " من لم يوتر فلا صلاة له " . ولا اظن أن له أصلا بهذا اللفظ في (اوسط الطبراني) فأبي لم أره في (مجمع الزوائد) ولا في (زوائد معجم الطبراني الصغير والأوسط) كلاهما الهيثمي ، بل ولاله أصل في غير الاوسط . فلم يورده الزيلعي في " نصب الراية " (2 / 113) ، ولا غيره ، فلا أدري كيف وقع ذلك في " الجامعين " ، ولأمر ما بيض له المناوي في (فيض القدير) والله اعلم . ثم وجدته فخرجته في " الضعينة " (5224) .
[ 148 ]
418 - (حديث ابن عمر وابن عباس مرفوعا : (الوتر ركعة من أخر الليل) . رواه مسلم) . ص 106 صحيح . أخرجه مسلم (2 / 173) وكذا أبو عوانة (2 / 333 - 334) والنسائي (1 / 247) والبيهقي (3 / 22) والطيالسي (1926) وأحمد (1 / 311 و 361 و 2 / 43) والخطيب في (تاريخه) (7 / 413) من طريق أبي التياح وغيره عن أبي مجلز قال : سمعت ابن عمر يحدث به . ورواه أبو داود (1421) والنسائي (1 / 247) بن طريق عبد الله بن شقيق عن ابن عمر أن رجلا من أهل البادية سأل النبي (صلى الله عليه وسلم) عن صلاة الليل ؟ فقال بأصبعه هكذا : " مثنى مثنى ، والوتر ركعة من آخر الليل " . وهو في صحيح مسلم (2 / 172) نحوه . ثم رواه مسلم وأبو عوانة والطيالسي (2764) وأحمد (1 / 311 و 361) والبيهقي والخطيب (12 / 347 - 375) من طريق قتادة عن أبي مجلز عن ابن عباس به (تنببه) لم يعز السيوطي في " الجامع الصغير " حديث ابن عمر إلا لمسلم وأبي داود والنسائي ، وحديث ابن عباس لأحمد والطبراني في الكبير : وزاد في " الكبير " (1 / 382 / 2) : الطيالسي والبيهقي ! ففاته أنه في صحيح مسلم وأبي عوانة . 419 - (حديث عائشة : " كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة ، يوتر منها بواحدة " . متفق عليه) . ص 106 - 107 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 253 و 285) ومسلم (2 / 165) وأبو
[ 149 ]
عوانة (2 / 326) وأبو داود (1335) ومالك (1 / 120 / 8) والنسائي (1 / 248) والطحاوي (1 / 167) والبيهقي (3 / 73) وأحمد (6 / 215 و 248) من طريق ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي (صلى الله عليه وسلم) به وزاد : " فإذا فرغ اضطجع على شقه الأيمن " . ولفظ البخاري : " كان يصلي إحدى عشرة ركعة ، كانت تلك صلاته يعني بالليل ، فيسجد السجدة من ذلك قدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية قبل أن يرفع رأسه ، ويركع ركعتين قبل صلاة الفجر ، ثم يضطجع على شقه الأيمن ، حتى يأتيه المؤذن للصلاة " . وزاد مسلم وأبو عوانة وغيرهما في رواية : " يسلم بين كل ركعتين " . . وأخرجاه وكذا البخاري من حديث ابن عمر نحو الرواية الأولى . وأبو عوانة (2 / 315) من حديث ابن عباس . 420 - (حديث ابن عمر أنه " كان يسلم من ركعتين حتى يأمر ببعض حاجته ") . ص 107 صحيح . رواه مالك (1 / 125 / 20) عن نافع : " أن عبد الله بن عمر كان يسلم بين الركعتين والركعة في الوتر حتى يأمر ببعض حاجته " . ومن طريق مالك رواه الشافعي (1 / 109 - ترتيبه) والبخاري (1 / 252) وقد وجدت له طريقا أخرى ، فقال ابن أبي شيبة (2 / 52 / 1) : هشيم قال : أخبرنا منصور عن بكر بن عبد الله المزني أن ابن عمر صلى ركعتين ثم سلم ، ثم قال : ادخلوا إلي بأبي فلانة ، ثم قام فأوتر بركعة . قلت : وهذا إسناد صحيح .
[ 150 ]
وله شاهد مرفوع ، فقال ابن أبي شيبة : " حدثنا شبابة بن سوار قال : حدثنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن عروة عن عائشة أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يوتر بركعة ، يتكلم بين الركعتين والركعة لم . قلت : وهذا سند صحيح على شرط الشيخين . 421 - (حديث عائشة : " كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يوتر بثلاث لا يفصل فيهن) . رواه أحمد والنسائي) . ص 107 ضعيف . رواه الإمام أحمد (6 / 155) عن يزيد بن يعفر عن الحسن عن سعد بن هشام عن عائشة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان إذا صلى العشاء دخل المنزل ، ثم صلى ركعتين ، ثم صلى بعدهما ركعتين أطول منهما ، ثم أوتر بثلاث لا يفصل فيهن ، ثم صلى ركعتين وهو جالس ويسجد وهو قاعد جالس . قلت : وهذا إسناد ضعيف ، يزيد هذا قال الذهبي : " ليس بحجة ، وقال الدارقطني : يعتبر به " . وكأنه من أجله ضعف الإمام أحمد إسناده كما نقله المجد ابن تيمية في " المنقهى " (2 / 280 - بشرح الشوكاني) . وأما النسائي فأخرجه (1 / 248) من طريق سعيد (وهو ابن أبي عروبة) عن قتادة عن زرارة بن أبي أوفى عن سعد بن هشام به مختصرا بلفظ : " كان لا يسلم في ركعتي الوتر " . ومن هذا الوجه أخرجه ابن أبي شيبة (2 / 53 / 1) وابن نصر في " قيام الليل " (122) وكذا الإمام محمد في موطأه (ص 146) والطحاوي (1 / 195) والدارقطني (175) والحاكم (1 / 304) وقال : " صحيح على شرط الشيخين " . ووافقه الذهبي . قلت : بل هو معلول ، فقد قال ابن نصر : " هذا - عندنا - قد اختصره سعيد من الحديث الطويل الذي ذكرناه ، ولم يقل في هنا الحديث إن النبي (صلى الله عليه وسلم) أوتر بثلاث لم يسلم في الركعتين ، فكان يكون
[ 151 ]
حجة لمن أوتر بثلاث بلا تسليم في الركعتين ، إنما قال : لم يسلم في ركعتي الوتر ، وصدق في ذلك الحديث أنه لم يسلم في الركعتين ولا في الثلاث ولا في الأربع ولا في الخمس ولا في الست ، ولم يجلس أيضا في الركعتين كما لم يسلم فيهما " . ويؤيد ما ذكره رواية الحاكم بلفظ : " لا يسلم في الركعتين الأوليين من الوتر " . فهذا نص على أنه لا يعني بالركعتين الركعتين اللتين هما قبل الركعة مباشرة وعلى أن الوتر في هذا الحديث كان أكثر من ثلاث وهو ما صرح به الحديث الذي أشار إليه ابن نصر ، وذكر أن هذا مختصر منه ، وإليك لفظه فيما رواه جماعة عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن زرارة عن سعد بن هشام عنها ، قال : قلت : يا أم الؤمنين نبئيني عن وتر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فقالت : " كنا نعد له سواكه وطهوره ، فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه من الليل ، فيتسوك ويتوضأ ، ويصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة ، فيذكر الله ويحمده ويدعوه ، ثم ينهض ولا يسلم ، ثم يقوم فيصلي التاسعة ثم يقعد فيذكر الله يحمده ويدعوه ، ثم يسلم تسليما يسمعنا ثم يصلي ركعتين بعدما يسلم " الحديث . رواه مسلم وغيره وقد سبق تخريجه (138) ، وكذلك أخرجه مسلم والنسائي (1 / 250) وغيرهما من طرق أخرى عن قتادة به . وقد اختصر أيضا ! فأخرجه الحاكم (1 / 304) وعنه البيهقي (3 / 28) من طريق شيبان بن فروخ أبي شيبة ثنا أبان عن قتادة به بلفظ : " كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوتر بثلاث لا يسلم ، وقال البيهقي : (لا يقعد) إلا في آ خرهن " . ساقه الحاكم عقب رواية سعيد ، وسكت عليه هو والذهبي ! وقد أشار البيهقي إلى إعلالها بقوله : " كذا في هذة الرواية ، وقد روينا في حديث سعد بن هشام وتر النبي (صلى الله عليه وسلم)
[ 152 ]
بتسع ثم بسبع والله أعلم " . يشير إلى أن هذه الرواية شاذة لمخالفتها ما رواه الجماعة عن قتادة كما بينته آنفا ، والعلة من شيبان هذا ، فإنه وان كان من رجال مسلم ففي حفظه شئ ، قال الحافظ في (التقريب) : " صدوق يهم " . فهو ممن لا يحتج به عند المخالفة كما هنا . وقد قال النووي في " المجموع " (4 / 17) : " حديث عائشة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان لا يسلم في ركعتي الوتر . رواه النسائي بإسناد حسن ، ورواه البيهقي في السنن الكبير بإسناد صحيح ، وقال يشبه أن يكون هذا اختصارا من حديثها في الإيتار بتسع " . وأقره النووي على ذلك ، بل وافقه عليه فيما بعد ، فقال (4 / 23) : " وهو محمول على الإيتار بتسع ركعات بتسليمة واحدة كما سبق بيانه " . وأما الحافظ فخرج الحديث بالروايتين في (التلخيص) (ص 116) وسكت على ! وهذا من الأمثلة على أن كتاب " المجموع " قد يجمع من الفوائد ما لا يوجد في " التلخيص " خلافا لما سمعته من بعض شيوخ الأزهر وأساتذة كلية أصول الدين فيه عند اجتماعي بهم في لجنة الحديث بالقاهرة أوائل شهر ربيع الأول سنة ثمانين وثلاثمائة وألف (1380) . 422 - (حديث أبي سعيد مرفوعا : " أوتروا قبل أن تصبحوا " . رواه مسلم) . ص 107 صحيح . رواه مسلم (2 / 174) وكذا أبو عوانة (2 / 309) والنسائي (1 / 247) والترمذي (2 / 332) وابن ماجه (1189) والدارمي (1 / 372) وابن أبي شيبة (2 / 55 / 2) وابن نصر في " قيام الليل " (138) والحاكم (1 / 301) والبيهقي (2 / 478) وأحمد (3 / 13 و 35 و 37 و 71) وأبو نعيم في " الحلية " (9 / 61) من طرق عن يحيى بن أبي كثير عن أبي نضرة عن أبي سعيد به . وقد صرح ابن أبي كثير بالتحديث في رواية لمسلم وأحمد ؟ وقد ابن ماجه :
[ 153 ]
" قال محمد بن يحيى : في هذا الحديث دليل على أن حديث عبد الرحمن واه " . قلت : يشير إلى ما أخرجه ابن ماجه قبيل هذا الحديث من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (من نام عن الوتر أو نسيه فليصل إذا أصبح أو ذكره) . ومن هذا الوجه رواه الترمذي أيضا (2 / 330) وأحمد (3 / 44) وابن نصر (138) وقال : " وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم أصحاب الحديث لا يحتجون بحديثه " . قلت : لكنه لم يتفرد به ، بل تابعه محمد بن مطرف عن زيد بن أسلم به . أخرجه أبو داود (1431) والدارقطني (171) والحاكم (1 / 302) وعنه البيهقي (2 / 480) وقال : " صحيح على شرط الشيخين ، . ووافقه الذهبي وهو كما قالا . قلت : ولا تعارض بينه وبين الحديث الذي قبله خلافا لما أشار إليه محمد ابن يحيى . ذلك لأنه خاص بمن نام أو نسي فهذا يصلي بعد الفجر أي وقت تذكر ، وأما الذكر فينتهي وقت وتره بطلوع الفجر ، وهذا بين ظاهر . ومما يشهد لهذا ، حديث قتادة عنه أبي نضرة عن أبي سعيد مرفوعا بلفظ : " من أدرك الصبح ولم يوتر ، فلا وتر له " . أخرجه الحاكم (1 / 302) وعنه البيهقي ، وقال : (صحيح على شرط مسلم) . ووافقه الذهبي . وأما البيهقي فأعله بقوله : " ورواية يحيى ابن أبي كثير كأنها أشبه (يعني الحديث الأول) فقد روينا عن أبي سعيد الخدري عن النبي في قضاء الوتر " .
[ 154 ]
يعني حديث محمد بن مطرف المذكور آنفا . ولا وجه لهذا الإعلال بعد صحة الإسناد ، وهو بمعنى الحديث الأول بل هو أصرح منه وأقرب إلى التوفيق بينه وبين حديث ابن مطرف . لأنه صريح فيمن أدرك الصبح ، ولم يوتر ، فهذا لا وتر له ، وأما الذي نسي أو نام حتى الصبح فإنه يصلي كما تقدم . ومثل حديث الباب حديث ابن عمر أنه كان يقول : " من صلى من الليل فليجعل آخر صلاته وترا ، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمر بذلك ، فإذا كان الفجر فقد ذهب كل صلاة الليل والوتر ، فإن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : " أوتروا قبل الفجر " . أخرجه أبو عوانة (2 / 310) وابن الجارود (143) والحاكم (1 / 302) والبيهقي (2 / 478) من طريق سليمان بن موسى ثنا نافع عنه ، وقال الحاكم : " إسناده صحيح " . ووافقه الذهبي وهو كما قالا . ومن هذا الوجه أخرجه الترمذي (2 / 332) وابن عدي (157 / 1) مرفوعا كله بلفظ : " إذا طلع الفجر فقد ذهب كل صلاة الليل والوتر ، فأوتروا قبل طلوع الفجر " وقال الترمذي : " تفرد به سليمان بن موسى على هذا اللفظ " . قلت : واللفظ الأول أصح عندي ، والفقرة الوسطى منه موقوفة ، رفعها بعض الرواة عند الترمذي وهو وهم عندي ولعله من قبل سليمان بن موسى فإنه لين بعض الشئ وكان خلط قبل موته . وقد روى مسلم (2 / 173) وغيره عن الليث عن نافع أن ابن عمر قال : فذكره دون قوله " فإذا كان الفجر . . . " . وروى هو والبخاري (1 / 253) وغيرهما من طريق عبيد الله عن نافع به مرفوعا مختصرا بلفظ :
[ 155 ]
" اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا " . ولا يخالف هذا حديث أبي نهيك أن أبا الدرداء كان يخطب الناس فيقول : لا وتر لمن أدركه الصبح ، قال : فانطلق رجال إلى عائشة فأخبروها فقالت : كذب أبو الدرداء ، كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يصبح فيوتر . أخرجه أحمد (6 / 242 - 243) وابن نصر (139) بإسناد صحيح ، رجاله ثقات رجال الشيخين ، غير أبي نهيك واسمه عثمان بن نهيك ، ذكره أبو أحمد الحاكم وابن حبان في الثقات . قلت : والظاهر أن أبا الدرداء رضي الله عنه أراد بقوله : " لا وتر لمن أدركه الصبح " من كان في مقدور كما دل عليه حديث ابن مطرف وغيره ، ومما " يؤيد ذلك أنه قد روي عن أبي الدرداء أنه قال : " ربما رأيت النبي (صلى الله عليه وسلم) يوتر ، وقد قام الناس لصلاة الصبح " . أخرجه الحاكم (1 / 303) والبيهقي (2 / 479) وقال : (تفرد به حاتم بن سالم البصري ويقال له الأعرجي ، وحديث ابن جريج أصح من ذلك) . قلت : قال أبو حاتم فيه : " يتكلمون فيه " . وقال ابنه في (البرح والتعديل) (1 / 2 / 261) : " ترك أبو زرعة الرواية عنه ، ولم يقرأ علينا حديثه " . قلت : فقول الحاكم في الحديث : " صحيح الإسناد " من التساهل الذي عرف به ، فلا عجب منه ، وإنما العجب من الذهبي حيث وافقه في تلخيصه مع أنه أورد ابن سالم هذا في الميزان وذكر عن أبي زرعة أنه قال : لا أدري عنه . ويؤيده أيضا قول مسلم بن مشكم : " رأيت أبا الدرداء غير مرة يدخل المسجد ولم يوتر ، والناس في صلاة الغداة فيوتر وراء عمود ، ثم يلحق الناس في الصلاة " .
[ 156 ]
أخرجه ابن نصر (ص 139) . ومسلم هذا ثقة ، وهو كاتب أبي الدرداء ، ولكن لا أدري ما حال الإسناد إليه ، فإن المختصر اختصره ، غفر الله لنا وله . ووجه عدم المخالفة التي أشرنا إليها إنما هو من جهة أن إيتاره عليه الصلاة والسلام بعد الصبح ، إنما هو فعل منه لا ينبغي أن يعارض به قوله الذي هو تشريع علم للأمة ، هذا إذا لم يمكن التوفيق بينهما . وهو ممكن بحمل هذا الحديث على عذر النوم ونحوه . ويؤيده حديث إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه أنه كان في مسجد عمرو بن شرحبيل ، فأقيمت الصلاة فجعلوا ينتظرونه ، فجاء ، فقال : إني كنت أوتر ، قال : وسئل عبد الله : هل بعد الأذان وتر ؟ قال : نعم ، وبعد الإقامة ، وحدث عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه نام عن الصلاة حتى طلعت الشمس ثم صل " . أخرجه النسائي (1 / 247) والبيهقي (2 / 480 - 481) بسند صحيح . والشاهد منه تحديث ابن مسعود أنه صلى عليه وأله وسلم صلى بعد أن طلعت الشمس ، فإنه إن كان ما صلى صلاة الوتر فهو دليل واضح على أنه صلى الله عليه وآله وسلم إنما أخرها لعذر النوم ، وإن كانت هي صلاة الصبح - كما هو الظاهر والمعروف عنه (صلى الله عليه وسلم) في غروة خيبر - فهو استدلال من ابن مسعود على جواز صلاة الوتر بعد وقتها قياما على صلاة الصبح بعد وقتها بجامع الاشتراك في العلة وهي النوم " والله أعلم . 423 - (حديث : " إن الله قد أمدكم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم ، وهي الوتر فصلوها فيما بين العشاء إلى طلوع الفجر " . رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه) . ص 107 صحيح . دون قوله (هي خير لكم من حمر النعم) . رواه ابن أبي شيبة (2 / 54 / 1) وأبو داود (1418) والترمذي (2 / 314) والدارمي (370) وابن ماجه (1168) والطحاوي في " شرح المعاني " (1 / 250) وابن نصر في " قيام
[ 157 ]
الليل " (111) والطبراني في " الكبير " (1 / 207 / 2) والدارقطني (174) والحاكم (1 / 306) والبيهقي (2 / 478) من طرق عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الله بن راشد الزوفي عن عبد الله بن أبي مرة الزوفي عن خارجة بن حذافة أنه قال : " خرج علينا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال . . " فذكره دون قوله : " فصلوها " وقال أكثرهم بدلها : " جعله الله لكم ، . وقال الترمذي : " حديث غريب ، لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن أبي حبيب " . قلت : يزيد ثقة وقد تابعه خالد بن يزيد كما يأتي ، وإنما العلة فيمن فوقه . وقال الحاكم : " صحيح الإسناد " . ووافقه الذهبي وهذا من عجائبه ، فقد قال في ترجمة ابن راشد الزوفي وقد ذكر له هذا الحديث : " رواه عنه يزيد بن أبي حبيب وخالد بن يزيد ، قيل : لا يعرف سماعه ابن أبي مرة (الأصل أبي هريرة) ، قلت : ولا هو بالمعروف وذكره ابن حبان في الثقات " . وفي " التقريب " أنه مستور . ثم قال الذهبي في ترجمة عبد الله بن أبي مرة : (له عن خارجة في الوتر ، لم يصح ، قال البخاري : لا يعرف سماع بعضهم من بعض " . وقال الحافظ في " التلخيص " (ص 117) : " وضعفه البخاري ، وقال ابن حبان : إسناد منقطع ، ومتن باطل " ! قلت : أما الانقطاع فمجرد دعوى لا دليل عليها ، وإنما العلة جهالة ابن راشد هذا وهو الذي وثقه ابن حبان وحده بناء على قاعدته الواهية في توثيق من لم يعرف بجرح !
[ 158 ]
وإما أن المتن باطل ، فهو من عنت ابن حبان وغلوائه ، وإلا فكيف يكون باطلا وقد جاءت له شواهد كثيرة يقطع الواقف عليها بصحته ، كيف لا وبعض طرقه صحيح لذاته ؟ ! فروى عبد الله بن لهيعة : أنا عبد الله بن هبيرة قال : سمعت أبا تميم الجيشاني يقول : سمعت عمرو بن العاص يقول : أخبرني رجل من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول : إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال " إن الله عز وجل زادكم صلاة ، فصلوها فيما بين صلاة العشاء إلى صلاة الصبح ، الوتر الوتر " ألا وإنه أبو بصرة الغفاري ، قال أبو تميم : فكنت أنا وأبو ذر قاعدين فأخذ بيدي أبو ذر فانطلقنا إلى أبي بصرة ، فوجدناه عند الباب الذي يلي دار عمرو بن العاص ، فقال أبو ذر : أنت سمعت النبي (صلى الله عليه وسلم) (فذكر الحديث) ؟ قال : نعم ، قال : أنت سمعته ؟ قال : نعم ، قال : أنت سمعته ؟ قال : نعم . أخرجه أحمد (6 / 397) ثنا يحيى بن إسحاق أنا ابن لهيعة به . ورواه الطحاوي (1 / 250) : حدثنا علي بن شيبة ثنا أبو عبد الرحمن المقري قال ثنا ابن لهيعة به (وسقط من السند عبد الله بن هبيرة) . ورراه الطبراني في الكبير (1 / 104 / 2) من طريق ثالث عن ابن لهيعة به . قلت : وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم غير ابن لهيعة وهو إنما يخشى منه سوء حفظه بسبب احتراق كتبه وهذا مأمون منه هنا لأن من الرواة عنه أبو عبد الرحمن المقري واسمه عبد الله بن يزيد . قال عبد الغني بن سعيد الأزدي : إذا روى العبادلة عن ابن لهيعة فهو صحيح : ابن المبارك ، وابن وهب ، والمقري . وذكر الساجي وغيره مثله . قلت : فصح بذلك إسناد الحديث . والحمد لله . على أن ابن لهيعة لم ينفرد به فقال الإمام أحمد (6 / 7) : ثنا علي بن إسحاق ثنا عبد الله - يعني ابن المبارك - أنا سعيد بن بزيد حدثني ابن هبيرة به . ورواه الطبراني في الكبير (1 / 100) من طريق آخر عن ابن المبارك به . قلت : فهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال مسلم فهذه متابعة
[ 159 ]
قوية من سعيد بن يزيد وهو الاسكندراني تدل على حفظ ابن لهيعة رحمه الله . والحديث رواه الحاكم أيضا في " كتاب معرفة الصحابة " من " المستدرك " (3 / 593) لكن سقط منه إسناده ، وقد ساقه عنه الزيلعي (2 / 110) من طريق ابن لهيعة به . وأشار الذهبي في (تلخيصه) إلى هذه الطريق . والله أعلم . وفي الباب عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بلفظ : (ان الله زادكم صلاة إلى صلاتكم ، وهي الوتر) . رواه أحمد (2 / 208) وابن أبي شيبة (2 / 54 / 1) عن الحجاج بن أرطاة عن عمرو به . ورجاله ثقات لكن الحجاج مدلس وقد عنعنه . غير أنه قد جاء من غير طريقه ، فأخرجه أحمد (2 / 256) وابن نصر (111) عن المثنى بن الصباح ، والدارقطني (174) عن محمد بن عبيد الله كلاهما عن عمرو به . وابنا الصباح وعبيدا لله كلاهما ضعيف . والله أعلم . ثم وجدت له طريقا أخرى عن ابن عمرو فقال الإمام أحمد في " كتاب الأشربة " (ق 25 / 1) : حدثنا هاشم ثنا فرج ثنا إبراهيم عن أبيه عن عبد الله ابن عمرو به . وإبراهيم هو ابن عبد الرحمن بن رافع الحضرمي مجهول كما قال الهيثمي (2 / 240) . وفي الباب أحاديث أخرى خرجها الزيلعي في " نصب الراية " والعسقلاني في " التلخيص " فمن شاء راجعهما وفيما ذكرنا كفاية . (424) - (حديث أنه صح عنه (صلى الله عليه وسلم) من رواية أبي هريرة وأنس وابن عباس القنوت بعد الركوع ") . ص 107
[ 160 ]
صحيح . 1 - أما حديث أبي هريرة فلفظه : " لأقربن صلاة النبي (صلى الله عليه وسلم) ، فكان أبو هريرة يقنت في الركعة الآخرة من صلاة الظهر وصلاة العشاء وصلاة الصبح بعدما يقول : سمع الله لمن حمده فيدعو للمؤمنين ، ويلعن الكفار " . أخرجه البخاري (1 / 204) ومسلم (2 / 935) وأبو داود (1440) والنسائي (1 / 164) والسراج (ق 115 / 2) والدارقطني (178) والبيهقي (2 / 256) وأحمد (2 / 255 و 337 و 470) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عنه . وله في الصحيحين وغيرهما ألفاظ مختلفة ، وما أوردناه كاف هنا . 2 - وأما حديث أنس فله عنه طرق وألفاظ : الأولى : عن محمد بن سيرين قال : (سئل أنس بن مالك : أقنت النبي (صلى الله عليه وسلم) في الصبح ؟ قال : نعم ، فقيل : أو قنت قبل الركوع [ أو بعد الركوع ] ؟ قال : بعد : الركوع يسيرا " . أخرجه البخاري (1 / 254) ومسلم (2 / 136) وأبو عوانة (2 / 281) وأبو داود (1444) والنسائي (1 / 163) والدارمي (1 / 145) وابن ماجه (1184) والطحاوي في " شرح المعاني " (1 / 143) والسراج (ق 110 / 2) والبيهقي (2 / 256) وأحمد (3 / 113 و 166) . وفي رواية من طريق خالد الحذاء ، عن محمد قال : سألت أنس بن مالك : هل قنت عمر ؟ قال : نعم ، ومن هو خير من عمر : رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " بعد الركوع " . وإسناده حسن . الثانية : عن أنس بن سيرين عن أبي بن مالك : " أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قنت شهرا بعد الركوع في صلاة الفجر يدعو على بني عصية " .
[ 161 ]
أخرجه مسلم وأبو عوانة (2 / 286) وأبو داود (1445) وأحمد (3 / 184 و 249) والسراج (ق 110 / 2) . الثالثة : عن أبي مجلز عنه مثل الذي قبله إلا أنه قال : " يدعو على رعل وذكوان ، ويقول : عصبة عصت الله ورسوله " . رواه البخاري (1 / 254 و 3 / 92) ومسلم وأبو عوانة والنسائي وابن أبي شيبة (2 / 59 / 1) والسراج (115 / 1) والطحاوي وأحمد (3 / 116 و 254) الرابعة : عن قتادة عنه قال : (قنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) شهرا بعد الركوع يدعو على حي من أحياء العرب ثم تركه) . أخرجه النسائي (1 / 164) وابن أبي شيبة (2 / 59 / 1) والسراج (210 / 1) والطحاوي (1 / 144) وأحمد (3 / 115 و 180 و 217 و 261) وصرح قتادة بالتحديث في رواية لأحمد (3 / 191 و 249) ، وسنده صحيح على شرط الشيخين وهو عند مسلم (2 / 137) دون قوله : " بعد الركرع " . الخامسة : عن حميد عنه قال : (كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقنت بعد الركعة ، وأبو بكر وعمر ، حتى كان عثمان ، قنت قبل الركعة ليدرك الناس " . أخرجه ابن نصر في " قيام الليل " (133) بإسناد صحيح وهو من طريق عبد العزيز بن محمد عن حميد ، وقد تابعه عنه سهل بن يوسف ثنا حميد به ، مختصرا ، بلفظ : " عن أنس بن مالك ، قال : سئل عن القنوت في صلاة الصبح " فقال : كنا نقنت قبل الركوع وبعده " . أخرجه ابن ماجه (1183) وإسناده صحيح أيضا كما قال البوصيري في (الزوائد) ، لكن قوله : " قبل الركوع " شاذ لعدم وروده في الطرق
[ 162 ]
المتقدمة ، لكن له أصل في طريق أخرى - وهي الآتية - مطلقا دون تقييده ب " صلاة الصبح " ، وكذلك رواه السراج في مسنده (ق 116 / 1) من طريق عبد الوهاب بن عطاء أنا حميد قال : سئل أنس بن مالك عن القنوت قبل الركوع أم بعده ؟ قال : كل ذلك كنا نفعل . وعن شعبة عن حميد قال : سمعت أنس ابن مالك يقول : " قد كان قبل وبعد يعني في القنوت قبل الركوع وبعده) . السادسة : عن عبد العزيز بن صهيب عنه قال : (بعث النبي (صلى الله عليه وسلم) سبعين رجلا لحاجة يقال لهم القراء ، فعرض لهم حيان من بني سليم : رعل وذكوان عند بئر يقال لها بئر معونة فقال القوم : والله ما إياكم أردنا ، إنما نحن مجتازون في حاجة النبي (صلى الله عليه وسلم) فقتلوهم . فدعا النبي (صلى الله عليه وسلم) شهرا عليهم في صلاة الغداة ، وذلك بدء القنوت ، وما كنا نقنت ، قال عبد العزيز : وسأل رجل أنسا عن القنوت بعد الركوع أو عند فراغ من القراءة ؟ قال : لا بل عند فراغ من القراءة " . رواه البخاري (90 / 3) والسراج (ق 116 / 1 - 2) . السابعة : عن عاصم الأحول قال : (سألت أنس بن مالك عن القنوت في الصلاة ؟ فقال : نعم ، فقلت : كان قبل الركوع أو بعده ؟ قال : قبله ، قلت : فإن فلانا أخبر بي عنك أنك قلت : بعده ، قال : كذب ، إنما قنت النبي (صلى الله عليه وسلم) بعد الركوع شهرا ، إنه كان بعث ناسا يقال لهم القراء وهم سبعون رجلا إلى ناس من المشركين بينهم وبين رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عهد قبلهم ، فظهر هؤلاء الذين كان بينهم وبين رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عهد ، (وفي رواية : فعرض لهم هؤلاء فقتلوهم) ، فقنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعد الركوع شهرا يدعو عليهم ، [ فما رأيته وجد على أحد ما وجد عليهم ] " . أخرجه البخاري (1 / 256 و 2 / 295 - 296 و 3 / 93) والسياق له ومسلم (2 / 136) وأبو عوانة (2 / 285) والدارمي (1 / 374 - و 375)
[ 163 ]
وابن أبي شيبة (2 / 59 / 1) والسراج (ق 110 / 1) والطحاوي (1 / 143) والبيهقي (2 / 207) وأحمد (3 / 167) من طرق عن عاصم . وله عند الطحاوي وأحمد (3 / 232) طرق أخرى عن أنس ، وفيما ذكرنا منها كفاية . 3 - وأما حديث ابن عباس فلفظه : (قنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) شهرا متتابعا في الظهر والعصر والمغرب والعشاء وصلاة الصبح في دبر كل صلاة إذا قال : سمع الله لمن حمده من الركعة الآخرة ، يدعو على أحياء من بني سليم ، على رعل وذكوان وعصية ، ويؤمن من خلفه ، [ وكان أرسل يدعوهم إلى الإسلام فقتلوهم ، قال عكرمة : هذا مفتاح القنوت ] " . أخرجه أبو داود (1443) والسراج (ق 116 / 1) وابن الجارود (106) وأحمد (1 / 301 - 352) وابن نصر (137) والحاكم (1 / 225) وعنه البيهقي (2 / 200) والحازمي في (ا لاعتبار) (ص 6 2 و 64) والضياء المقدس في (الاحاديث المختارة) كلهم من طريق ثابت بن يزيد عن هلال بن خباب عن عكرمة عنه . وقال الحاكم : " صحيح على شرط البخاري " . ووافقه الذهبي . قلت : وفيه نظر فإن هلال بن خباب لم يخرج له البخاري ، ثم إن فيه مقالا وقد قال النووي في " المجموع " (3 / 502) : " إسناده حسن أو صحيح " . قلت : والصواب أنه حسن لحال هلال . (تنبيه) وهذه الأحاديث كلها في القنوت في المكتوبة في النازلة ، والمؤلف استدل بها على أن القنوت في الوتر بعد الركوع ، وما ذلك إلا من طريق قياس الوتر على الفريضة كما صرح بذلك بعض الشافعين ، منهم البيهقي في سنده
[ 164 ]
(3 / 39) ، بل هو المنقول عن الإمام أحمد ، ففي (قيام الليل) (133) لابن نصر : " وسئل أحمد رحمه الله عن القنوت في الوتر قبل الركوع أو بعده ؟ وهل ترفع الأيدي في الدعاء " في الوتر ؟ فقال : القنوت بعد الركوع ويرفع يديه ، وذلك على قياس فعل النبي (صلى الله عليه وسلم) في الغداة " . قلت : وفي صحة هذا القياس نظر عندي ، وذلك أنه قد صح عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يقنت في الوتر قبل الركوع كما يأتي بعد حديث ، ويشهد له أثار كثيرة عن كبار الصحابة كما سنحققه في الحديث الآتي بإذن الله تعالى " وغالب الظن أن الحديث لم يصح عند الإمام أحمد رحمه الله فقد أعله بعضهم كما يأتي ، ولولا ذلك لم يلجأ الإمام إلى القياس فإنه من أبغض الناس له حين معارضته للسنة ، ولكن الحديث عندنا صحيح كما سيأتي بيانه فهو العمدة في الباب . 425 - (عن عمر وعلي " أنهما كانا يقنتان بعد الركوع " . رواه أحمد والأثرم) . ص 107 لا يصح عنهما . وهذا إن كان يعني القنوت في الوتر ، وأما في الفجر ، فقد صح ذلك عن عمر كما تقدم في بعض طرق حديث أنس بن مالك في الحديث الذي قبله ، وروى ابن أبي شيبة في " قنوت الفجر قبل الركوع أو بعده " (2 / 60 / 1) عن العوام بن حمزة قال : سألت أبا عثمان عن القنوت ؟ فقال : بعد الركوع ، فقلت : عمن ؟ فقال : عن أبي بكر وعمر وعثمان . قلت : وإسناده حسن . وروى الطحاوي (1 / 147) عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى الخزاعي عن أبيه أنه صلى خلف عمر ففعل مثل ذلك . يعني مثل حديث عبيد ابن عمير قال : صليت خلف عمر صلاة الغداة فقنت فيها بعد الركوع ، وقال في قنوته : " اللهم إنا نستعينك ، ونستغفرك ، ونثني عليك الخير كله ، ونشكرك
[ 165 ]
ولا نكفرك ، ونخلع ونترك من يفجرك ، اللهم إياك نعبد ، ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ونخشى عذابك ، إن عذابك بالكفار ملحق " إلا أن الخزاعي قال : " ونثني عليك ولا نكفرك ، ونخشى عذابك الجد " . وإسناده من الطريق الأولى صحيح ، وفي الطريق الأخرى ابن أبي ليلى : محمد بن عبد الرحمن وهو سيئ الحفظ . لكن في رواية أخرى عند الطحاوي من الطريق الأولى أنه قنت بذلك قبل الركوع . وروى هو - أعني الطحاوي - وابن أبي شيبة (2 / 60 / 2 و 61 / 1) من طرق أخرى عن عمر أنه قنت في البر قبل الركوع . وبعضها صحيح الإسناد . وروى ابن أبي شيبة مثله بإسنادين عن ابن عباس . وكلاهما صحيح . وأما القنوت في الوتر : فتبين مما سبق أن عمر رضي الله عنه ثبت عنه كل من القنوت قبل الركوع وبعد الركوع . وأما القنوت في الوتر بعد الركوع فلم أر فيه أثرا عن عمر ، أما قبل الركوع فقد روى ابن أبي شببة (2 / 56 / 1) عن إبراهيم بن يزيد أن عمر قنت في الوتر قبل الركوع . قلت : ورجاله ثقات كلهم إلا أنه منقطع ، فإن إبراهيم وهو النخعي لم يدرك عمر ، لكن لعل الواسطة بينهما الأسود بن يزيد فقد رواه ابن نصر (133) من طريقه عن عمر ، ولكن المختصر حذف إسناده إليه كما فعل في كثير من الأحاديث والآثار ، وليته لم يفعل . وفي رواية عنه بلفظ : " بعد القراءة قبل الركوع " . هذا ما يتعلق بالرواية عن عمر .
[ 166 ]
وأما الرواية عن علي ، فلا تصح لا قبل الركوع ولا بعده ، في الفجر والوتر ، فروى ابن أبي شيبة (2 / 60 / 2) نا هشيم قال : نا عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي أن عليا كان يقنت في صلاة الصبح قبل الركوع . وكذا رواه الطحاوي (1 / 148) . ثم رواه (2 / 56 / 1) بهذا الإسناد لكن بلفظ : " كان يقنت في الوتر بعد الركوع " . وكذا رواه ابن نصر (133) والبيهقي (3 / 39) . قلت : وهذا سند ضعيف لأن عطاء بن السائب كان اختلط ، ولعل هذا الاختلاف في الرواية إنما هو من اختلاطه . ويعارض هذا اللفظ ما رواه أبو بكر بن أبي شيبة (2 / 56 / 1) : نا يزيد ابن هارون عن هشام الدستوائي عن حماد بن إبراهيم عن علقمة أن ابن مسعود وأصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) كانوا يقنتون في الوتر قبل الوكوع . وهذا سند جيد ، وهو على شرط مسلم . ثم روى (2 / 57 / 2) عن إبراهيم قال : " كان عبد الله لا يقنت السنة كلها في الفجر ، ويقنت في الوتر كل ليلة قبل الركوع " . وإسناده ضعيف فيه أشعث وهو ابن سوار الكوفي وهو ضعيف . والخلاصة أن الصحيح الثابت عن الصحابة هو القنوت قبل الركوع في الوتر ، وهو الموافق الحديث الآتي . ثم وجدت له طريقا أخرى ، أخرجه الطبراني في " الكبير " (3 / 27 / 1 و 34 / 2) عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه قال : " كان عبد الله لا يقنت في شئ من الصلوات ، إلا في الوتر قبل الركعة " . وسنده صحيح .
[ 167 ]
(426) - (حديث أبي بن كعب " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يقنت قبل الركوع " . رواه أبو داود) . ص 107 صحيح . أخرجه النسائي (1 / 248) وابن ماجه (1182) والضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة " (1 / 400 / 2 و 401 / 1) من طريق علي بن ميمون الرقي ثنا مخلد بن يزيد عن سفيان عن زبيد اليامي عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبي بن كعب به . قلت : وهذا سند جيد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير علي بن ميمون وهو ثقة كما في " التقريب " . وقد تابعه فطر بن خليفة عند الدارقطني (175) ، ومسعر بن كدام عند البيهقي (2 / 40) كلاهما عن زبيد به . قلت : فصح بذلك الإسناد . وله إسناد آخر عن سعيد بن عبد الرحمن ، فقال ابن نصر (131) : حدثنا إسحاق أخبرنا عيسى بن يونس ثنا سعيد عن قتادة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى به . وأخرجه الدارقطني وعنه البيهقي (2 / 39) من طريق المسيب بن واضح ثنا عيسى بن يونس به . وهذا إسناد صحيح أيضا ، وقد أعله أبو داود (1427) بأن جماعة رووه عن زبيد وآخرون عن سعيد - وهو ابن أبي عروبة - بلفظ : " كان يوتر ب (سبح اسم ربك الأعلى وقل يا أيها الكافررن وقل هو الله أحد " . لم يذكروا فيه القنوت . وهذا الإعلال ليس بشئ لاتفاق الجماعة من الثقات على رواية هذه الزيادة ، فهي مقبولة . ولذلك صحح الحديث غير واحد من العلماء ، ومن أعله فلا حجة له ، قال الحافظ في (التلخيص) (118) : " رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وأبو علي بن السكن في صحيحه ،
[ 168 ]
ورواه البيهقي من حديث أبي بن كعب وابن مسعود وابن عباس وضعفها كلها ، وسبق إلى ذلك أحمد بن حنبل وابن خزيمة وابن المنذر " قال الخلال عن أحمد : لا يصح فيه شئ ، ولكن عمر كان يقنت " . قلت : ومما يقوي الحديث تلك الشواهد التي أشار إليها الحافظ ، ويقويه أيضا حديث أنس بن مالك لما سئل عن القنوت في الصلاة قبل الركرع أو بعده ؟ أجاب بقوله : قبله . ثم ذكر أن القنوت بعد الركوع إنما كان شهرا واحدا كما تقدم بيانه قبل حديث . وإذا تذكرنا أن أنسا رضي الله عنه كان يعتقد أن قنوت النازلة إنما كان بدؤه في حادثة القراء الذين قتلوا في بئر معونة ، وأنه إنما قنت من أجلها شهرا بعد الركوع ينتج معنا أن القنوت في غير النازلة - وليس ذلك إلا قنوت الوتر - وإنما هو قبل الركوع ، كما قال هو نفسه في الرواية السادسة والسابعة المقدمتين عنه ، ولا يمكن حمل القبلية في قوله هذا إلا على قنوت الوتر ، كما لا يخفى على من تتبع مجموع روايات حديث أنس المتقدمة . والله أعلم . وقد يشهد للحديث ما أخرج ابن منده في " التوحيد " (ق 70 / 2) : أخبرنا أبو عثمان عمرو بن عبد الله البصري قال : حدثنا الفضل بن محمد بن المسيب قال : حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن شيبة المدني الحزامي حدثنا ابن أبي فديك عن إسماعيل بن إبراهيم بن عنبة عن موسى بن عقبة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن الحسن بن علي بن أبي طالب قال : " علمني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن أقول إذا فرغت من قراءتي في الوتر : اللهم اهدني فيمن هديت . . . الحديث وزاد في آخره : لا منجا منك إلا إليك) . فإن قوله : " أن أقول إذا فرغت من قراءتي في الوتر " ظاهر قبل الركوع ، لكن رواه الحاكم (3 / 172) وعنه البيهقي (3 / 38 - 39) من طريقين آخرين عن الفضل بن محمد بن المسيب الشعراني به بلفظ : (إذا رفعت رأسي ولم يبق إلا السجود) . فهذا خلاف الرواية الأولى . فالله أعلم .
[ 169 ]
والإسناد حسن رجاله ثقات رجال البخاري غير الشعراني قال الحاكم : " ثقة لم يطعنه فيه بحجة " وكأنه لذلك قال عقب الحديث : " صحيح عل شرط الشيخين ، (إلا أن محمد بن جعفر بن أبي كثير قد خالف إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة في إسناده " . ثم ساقه عنه عن موسى بن عقبة ثنا أبو إسحاق عن يزيد بن أبي مريم عن أبي الحوراء عن الحسن بن علي به نحوه وسيأتي لفظه بعد حديثين . ثم رأيت الحافظ ابن حجر قال في " التلخيص " (94) بعد أن ساق رواية الحاكم هذه : " (تنبيه) : ينبغي أن يتأمل قوله في هذا الطريق " إذا رفعت رأسي ولم يبق إلا السجود " ، فقد رأيت في الجزء الثاني من فوائد أبي بكر أحمد بن الحسين ابن مهران الأصبهاني تخريج الحاكم له قال : ثنا محمد بن يونس المقري قال : ثنا الفضل بن محمد البيهقي . . . " . قلت فذكر بسنده ولفظ ابن منده ، وفيه الزيادة ، وابن يونس المقري ترجمه الخطيب في (تاريخه) (3 / 446) ووثقه ، ولهذا مالت نفسي إلى ترجيح هذا اللفظ بعد ثبوت هذه المتابعة . والله أعلم . 427 - (روى الأثرم عن ابن مسعود : (إنه كان يقنت في الوتر وكان إذا فرغ من القراءة كبر ورفع يديه ثم قنت) . ص 107 لم أقف على سند عند الأثرم ، لأنني لم أقف على كتابه ، وإنما وجدت قطعة منه في الطهارة في مجموع محفوظ في المكتبة الظاهرية بدمشق ، وغالب الظن أنه لا يصح ، فقد أخرجه ابن أبي شيبة (2 / 58 / 1) والطبراني (3 / 34 / 1) والبيهقي (3 / 41) من طريق ليث عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عبد الله أنه كان يرفع يديه في قنوت الوتر . وليث هو ابن أبي سليم وهو ضعيف لاختلاطه .
[ 170 ]
والمؤلف ساقه للاستدلال به على القنوت قبل الركوع ، وهو - بهذا القدر صحيح ، فقد ثبت ذلك عن ابن مسعود وغيره من الصحابة من طريق علقمة بسند صحيح كما سبق قبل حديث ، وقد رواه ابن أبي شيبة (2 / 56 / 1) من طريق ليث بسنده المذكور أنفا عن الأسود قال : " كان ابن مسعود لا يقنت في شئ من الصلوات إلا في الوتر قبل الركوع " . 428 - (حديث " أن عمر رضي الله عنه قنت بسورتي أبي ") . ص 107 صحيح . أخرجه ابن أبي شيبة (2 / 61 / 1 و 12 / 42 / 1) : حدثنا حفص بن غياث عن ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير قال : سمعت عمر يقنت في الفجر يقول : " بسم الله الرحمن الرحيم ، اللهم إنا نستعينك ، ونؤمن بك ، ونتوكل عليك ، ونثني عليك الخير ، ولا نكفرك . ثم قرأ : بسم الله الرحمن الرحيم . اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ، ونخشى عذابك ، إن عذابك الجد بالكفار ملحق ، اللهم عذب كفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك " . قلت : وهذا سند رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين ولولا عنعنة ابن جريج لكان حريا بالصحة . وقد رواه البيهقي (2 / 21 0) عن سفيان قال : حدثني ابن جريج به . ورواه ابن أبي شيبة (2 / 60 / 2 و 12 / 41 / 2) من طريق ابن أبي ليلى عن عطاء به . وابن أبي ليلى سئ الحفظ ، لكنه لم يتفرد به . فقد روى البيهقي وغيره من طريق سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه قال : صليت خلف عمر بن الخطاب رضي الله عنه صلاة الصبح فسمعته يقول بعد القراءة قبل الركوع :
[ 171 ]
(اللهم إياك نعبد ، ولك نصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ، ونخشى عذابك إن عذابك بالكافرين ملحق ، اللهم انا نستعينك ونستغفرك ، ونثي عليك الخير ولا نكفرك ، ونؤمن بك ، ونخضع لك ونخلع من يكفرك . قلت : وهذا إسناد صحيح . وقال البيهقي : " كذا قال : (قبل الركوع) ، وهو وإن كان إسنادا صحيحا فمن روى عن عمر قنوته بعد الركرع أكثر ، فقد رواه أبو رافع وعبيد بن عمير وأبو عثمان النهدي وزيد بن وهب ، والعدد أولى بالحفظ من الواحد " . قلت : قد ثبت القنوت قبل الركوع عن عمر من عدة طرق صحيحة عنه كما تقدم بيانه برقم (418) فالصواب القول بثبوت الأمرين عنه كما بيناه هناك . وفي رواية لابن نصر عن عمر بن الخطاب أنه كان يقنت بالسورتين : اللهم اياك نعبد ، واللهم نستعينك . وفي أخرى عن سلمة بن كهيل أقرأها في مصحف أبي بن كعب مع قل أعوذ برب الفلق ، وقل أعوذ برب الناس . ومن المؤسف أن مختصر كتاب ابن نصر حذف إسناد هاتين الروايتين فحرمنا معرفة حالهما صحة أو ضعفا . وروى ابن أبي شيبة (12 / 42 / 1) عن حبيب بن أبي ثابت عن عبد الرحمن بن سويد الكاهلي أن عليا قنت في الفجر بهاتين السورتين : اللهم إنا نستعينك . . . اللهم إياك نعبد . . . ورجاله ثقات غير الكاهلي هذا فلم أجده . ثم روى عن ميمون بن مهران قال : " في قراءة أبي بن كعب : اللهم إنا نستعينك . . . " . قلت : فذكر السورتين . ورجال إسناده ثقات ، ولكن ابن مهران لم
[ 172 ]
يسمع من أبي فهو منقطع . (تنبيه) هذه الروايات عن عمر في قنوت الفجر ، والظاهر أنه في قنوت النازلة كما يشعر به دعاؤه على الكفار ، ولم أقف على رواية عنه في أنه كان يقنت بذلك في الوتر كما يشعر به صنيع المؤلف . والله أعلم . 429 - (ومما ورد : " اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت وتولنا فيمن توليت ، وبارك لنا فيما أعطيت ، وقنا شر ما قضيت ، إنك تقضي ولا يقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت ، تباركت ربنا وتعاليت) . رواه أحمد ولفظه له والترمذي وحسنه من حديث الحسن بن علي قال : علمني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كلمات أقولهن في قنوت الوتر : اللهم أهدني - إلى : وتعاليت " وليست فيه " ولا يعز من عاديت " ورواه البيهقي وأثبتها فيه) . ص 107 - 108 صحيح . أخرجه أحمد (1 / 199) وكذا ابن نصر (134) وابن الجارود (142) والطبراني في (المعجم الكبير) (ج 1 / 130 / 2) عن يونس بن أبي إسحاق عن بريد بن أبي مريم السلولي عن أبي الحوراء عن الحسن بن علي قال : " علمني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كلمات أقولهن في قنوت الوتر : اللهم اهدني فيمن هديت . . . " . قلت : فذكر الكلمات كلها ما عدا " ولا يعز من عاديت " . إلا أنهما قالا : " فإنك " بزيادة الفاء . قلت : وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات . وتابعه أبو إسحاق وهو السبيعي عن بريد بن أبي مريم به . أخرجه أبو داود (1425) والترمذي (2 / 328) والنسائي (1 / 252) والدارمي (1 / 373) وابن أبي شيبة (2 / 55 / 2 و 12 / 41 / 1) وعنه ابن ماجه
[ 173 ]
(1178) وابن الجارود أيضا والحاكم (3 / 172) والبيهقي (2 / 259 و 497 و 498) وعنده الزيادة ، وأحمد أيضا (1 / 200) والطبراني من طرق عن أبي إسحاق به . وقال الترمذي : " حديث حسن " . وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما كما في (نصب الراية) (2 / 125) والتلخيص (ص 94) وقال : " ونبه ابن خزيمة وابن حبان على أن قوله " في قنوت الوتر " تفرد بها أبو إسحاق عن بريد بن أبي مريم ، وتبعه ابناه يونس وإسرائيل كذا قال ، قال : ورواه شعبة وهو أحفظ من مائتين مثل أبي إسحاق وابنيه ، فلم يذكر فيه القنوت ولا الوتر . وإنما قال : كان يعلمنا هذا الدعاء . قلت : ويؤيد ما ذهب إليه ابن حبان أن الدولابي رواه في (الذرية الطاهرة) له والطبراني في الكبير من طريق الحسن بن عبيد الله عن بريد بن أبي مريم عن أبي الحوراء ، وقال فيه : (وكلمات علمنيهن) . فذكرهن ، قال بريد : فدخلت على محمد بن علي في الشعب فحدثته ، فقال : صدق أبو الحوراء ، هن كلمات علمناهن نقولهن في القنوت ، وقد رواه البيهقي من طرق قال في بعضها : قال بريد بن أبي مريم : فذكرت ذلك لابن الحنفية فقال : إنه الدعاء الذي كان أبي يدعو به في صلاة الفجر . ورواه محمد بن نصر في كتاب " الوتر أيضا " . قلت : حديث شعبة الذي أشار إليه الحافظ أخرجه أحمد والدارمي باللفظ الذي ذكره . لكن أخرجه الطبراني في " الكبير " (1 / 130 / 1) بلفظ : " علمني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن أقول في الوتر : اللهم اهدني . . . " . وإسناده هكذا : (حدثنا محمد بن محمد التمار نا عمرو بن مرزوق أنا شعبة عن بريد بن أبي مريم به . .) . قلت : وهذا إسناد صحيح عندي ، فإن عمرو بن مرزوق هو أبو عثمان الباهلي وهو ثقة احتج به البخاري ، والتمار هو صاحب أبي الوليد الطيالسي كما في " الشذرات " (2 / 202) ، وقال الحافظ في (اللسان) (5 / 358) :
[ 174 ]
" أخذ عنه الطبراني ، ووقع لنا من عواليه حديث عن أبي الوليد الطيالسي وغيره ، وذكره ابن حبان في " الثقات " وقال : " ربما أخطأ " ، أرخ ابن المنادي وفاته سنة تسع وثمانين . وتابعه أيضا عبد الرحمن بن هرمز عن بريد بن أبي مريم إلا أنه خالفه في إسناده فقال : إن بريد بن أبي مريم أخبره قال : سمعت ابن عباس ومحمد بن علي - هو ابن الحنفية - بالخيف يقولان : " كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يقنت في صلاة الصبح وفي وتر الليل بهؤلاء الكلمات " . فذكرها دون الزيادة . أخرجه الفاكهي في " حديثه " (ج 1 / 18 / 1 - 2) والبيهقي (2 / 210) من طريق عبد المجيد يعني ابن عبد العزيز بن أبي رواد عن ابن جريج أخبرني عبد الرحمن بن هرمز به . قلت : وعبد المجيد هذا فيه ضعف من قبل حفظه ، وعبد الرحمن بن هرمز قال الحافظ في " التلخيص " : (يحتاج إلى الكشف عن حاله ، وليس هو الأعرج ؟ فقد رواه أبو صفوان الأموي عن ابن جريج فقال : عبد الله بن هرمز ، والأول أقوى) . قلت : ولم أجد من ذكر عبد الرحمن هذا ، أما الأعرج فهو ثقة معروف . ثم قال البيهقي : " ورواه مخلد بن يزيد الحراني عن ابن جريج فذكر رواية بريد مرسلة في تعليم النبي (صلى الله عليه وسلم) أحد ابني ابنته هذا الدعاء في وتره ثم قال بريد : سمعت ابن الحنفية وابن عباس يقولان : كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقولها في قنوت الليل . وكذلك رواه أبو صفوان الأموي عن ابن جريج إلا أنه قال : عن عبد الله بن هرمز . وقال في حديث ابن عباس وابن الحنفية : في قنوت صلاة الصبح . فصح بهذا كله أن تعليمه هذا الدعاء وقع لقنوت صلاة الصبح وقنوت الوتر ، وأن بريدا أخذ الحديث من الوجهين اللذين ذكرناهما " . قلت : في الطريق إلى بريد من الوجه الثاني ابن هرمز وقد عرفت حاله ، وفيه ذكر القنوت في الصبح دون الطريق الأولى الصحيحة ، وعليه فالقنوت في
[ 175 ]
الصبح بهذا الدعاء لا يصح عندي . والله أعلم . وللحديث طريق أخرى عن أبي الحوراء مثل رواية بريد عنه . أخرجه الطبراني عن الربيع بن الركين عن أبي يزيد (كذا ولعله زيد) الزراد عنه . قلت : وهذا سند ضعيف علته الربيع هذا وهو ابن سهل بن الركين ، قال الدارقطني وغيره : ضعيف . وقال ابن معين : ليس بثقة . وللحديث طريق أخرى من رواية عائشة عن الحسن بن علي رضي الله عنهم . أخرجه ابن أبي عاصم في " السنة " (375) ، وقد تكلمت على إسناده فيما علقته عليه . (430) - (حديث علي أنه (صلى الله عليه وسلم) كان يقول في أخر وتره : " اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك وبعفوك من عقوبتك ، بك منك ، لا نحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك " . رواه الخمسة ، والروايتان (يعني هذه والتي قبلها) بالإفراد وجمعهما المؤلف) . ص 108 صحيح . أخرجه أبو داود (1427) والنسائي (1 / 252) والترمذي (2 / 274) وابن ماجه (1179) وابن أبي شيبة (2 / 57 / 2) وأحمد (1 / 96 و 118 و 150) وابن نصر (141) من طريق حماد بن سلمة عن هشام بن عمرو الفزاري عن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن علي بن أبي طالب به . وقال الترمذي : (حديث حسن غريب) . قلت : ورجاله ثقات رجال الصحيح غير الفزاري هذا ولم يرو عنه غير حماد بن سلمة ومع ذلك وثقه ابن معين وأبو حاتم وأحمد ، وذكره ابن حبان في الثقات .
[ 176 ]
431 - (حديث الحسن بن علي السابق وفي أخره : " وصلى الله على محمد " . رواه النسائي) . ص 108 ضعيف . رواه النسائي (1 / 252) من طريق ابن وهب عن يحيى بن عبد الله بن سالم عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن علي عن الحسن بن علي قال : " علمني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هؤلاء الكلمات في الوتر قال : قل اللهم اهدني فيمن هديت . . . وصلى الله على النبي محمد " . قلت : وهذا سند ضعيف وإن قال النووي في (المجموع) (3 / 499) : إنه صحيح أو حسن ، فقد تعقبه الحافظ ابن حجر في (التلخيص) (ص 94) بقوله : قلت : وليس كذلك فإنه منقطع ، فإن عبد الله بن علي - وهو ابن الحسين ابن علي - لم يلحق الحسن بن علي ، وقد اختلف على موسى بن عقبة في إسناده فروى عنه شيخ ابن وهب هكذا ، وروا محمد بن أبي جعفر بن أبي كثير عن موسى بن عقبة عن أبي إسحاق عن بريد بن أبي مريم بسنده . رواه الطراني والحاكم ، ورواه أيضا الحاكم من حديث إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة عن عمه موسى بن عقبة عن هشام بن عروه عن أبيه عن عائشة عن الحسن بن علي قال : علمني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في وتري إذا رفعت رأسي ولم يبق إلا السجود ، فقد اختلف فيه على موسى بن عقبة كما ترى وتفرد يحيى بن عبد الله بن سالم عنه بقوله : عن عبد الله بن علي . وبزيادة الصلاة فيه " . قلت : ولذلك قال العز بن عبد السلام في " الفتاوى " (ق 66 / 1 - عام 6962) : " ولم تصح الصلاة على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في القنوت ، ولا ينبغي أن يزاد على صلاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) شئ وهذا هو الحق الذي يشهد به كل من علم كمال الشريعة وتمامها وأنه (صلى الله عليه وسلم)
[ 177 ]
ترك شيئا يقربنا إلى الله إلا وأمرنا به . قلت : ثم أطلعت على بعض الآثار الثابتة عن بعض الصحابة وفيها صلاتهم على النبي (صلى الله عليه وسلم) في آخر قنوت الوتر ، فقلت بمشروعية ذلك ، وسجلته في " تلخيص صفة الصلاة " فتنبه . (تنبيه) قوله في رواية الحاكم : " إذا رفعت رأسي ولم يبق إلا السجود " في ثبوته نظر كما سبق بيانه في آخر الحديث (426) . 432 - (عن عمر : " الدعاء موقوف بين السماء والأرض ، لا يصعد منه شئ حتى تصلي على نبيك " رواه الترمذي) . ص 108 . ضعيف موقوف . أخرجه الترمذي (2 / 356) من طريق أبي قرة الأسدي عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب قال : إن الدعاء . . . الخ . قلت : وهذا إسناد ضعيف ، علته أبو قرة الأسدي ، أورده ابن أبي حاتم (4 / 2 / 427) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ، وفي " الميزان " أنه مجهول . وفي " التهذيب " : " وأخرج ابن خزيمة حديثه في صحيحه وقال : لا أعرفه بعدالة ولا جرح) . وأخرج إسماعيل القاضي في " فضل الصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم) " (94 / 2) من طريق عمرو بن مسافر حدثني شيخ من أهلي قال : سمعت سعيد بن المسيب يقول : " ما من دعوة لا يصلى على النبي قبلها إلا كانت معلقة بين السماء والأرض " . قلت : وهذا مع أنه مقطوع فإسناده واه من أجل الشيخ الذي لم يسم ، وعمرو بن مسافر ، ويقال فيه ابن مساور ، وعمر بن مسافر ، وعمر مساور ، قال البخاري : " منكر الحديث " ، وقال أبو حاتم : ضعيف .
[ 178 ]
وروى أبو عبد الله الخلال في (تذكرة شيوخه) كما في " المنتخب منه " (47 / 1) من طريق الحارث بن علي بن أبي طالب مرفوعا به . قلت : وإسناده واه جدا . 433 - (حديث عمر : " كان النبي (صلى الله عليه وسلم) إذا رفع يديه في الدعاء لا يحطهما حتى يمسح بهما وجهه " . رواه الترمذي) . ص 108 ضعيف . رواه الترمذي (2 / 244) وابن عساكر (7 / 12 / 2) من طريق حماد بن عيسى الجهني عن حنظلة بن أبي سفيان الجمحي عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : فذكره ، وقال الترمذي : " حديث صحيح غريب ، لا نعرفه إلا من حديث حماد بن عيسى وقد تفرد به ، وهو قليل الحديث ، وقد حدث عنه الناس " . قلت : ولكنه ضعيف كما في (التقريب) ، وفي " التهذيب " : " قال ابن معين : شيخ صالح ، وقال أبو حاكم : ضعيف الحديث . وقال أبو داود : ضعيف روى أحاديث منكير . وقال الحاكم والنقاش : يروي عن ابن جريج وجعفر الصادق أحاديث موضوعة . وضعفه الدارقطني . وقال ابن حبان : يروي عن ابن جريج وعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز أشياء مقلوبة يتخايل إلى من هذا الشأن صناعته أنها معمولة لا يجوز الاحتجاج به ، وقال ابن ماكولا : ضعفوا حديثه " . قلت : فمثله ضعيف جدا ، فلا يحسن حديثه فضلا عنه أن يصحح ! والحاكم مع تساهله لما أخرجه في " المستدرك " (1 / 536) سكت عليه ولم يصححه ، وتبعه الحافظ الذهبي . وفي الباب عن السائب بن يزيد عن أبيه : " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان إذا دعا فرفع يديه مسح وجهه بيديه " .
[ 179 ]
أخرجه أبو داود (1492) عن ابن لهيعة عن حفص بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص عن السائب به . قلت : وهذا سند ضعيف ، لجهالة حفص بن هاشم ، وضعف ابن لهيعة . ولا يتقوى الحديث بمجموع الطريقين لشدة ضعف الأول منهما كما رأيت . فرمز السيوطي للحديث بالحسن وإقرار المناوي له غير حسن . فتنبه . 434 - (قوله (صلى الله عليه وسلم) في حديث ابن عباس : " فإذا فرغت فامسح بها وجهك) . رواه أبو داود وابن ماجه) . ص 108 . ضيعف . رواه ابن ماجه (1181 و 3866) وابن نصر في " قيام الليل " (ص 137) والطبراني في " المعجم الكبير " (3 / 98 / 1) والحاكم (1 / 536) عن صالح بن حسان (ووقع في كتاب الحاكم : حيان وهو خطأ) عن محمد بن كعب عن ابن عباس رضي الله عنه بلفظ : " إذا دعوت الله فادع ببطون كفيك ، ولا تدع بظهورهما ، فإذا فرغت . . . " الحديث . هذا لفظهم ، وأما لفظ أبي داود فهو أتم من هذا من طريق أخرى وسيأتي . قلت : وهذا سند ضعيف من أجل ابن حسان هذا فإنه منكر الحديث كما قال البخاري . وقال النسائي : متروك الحديث . وقال ابن حبان : كان صاحب قينات وسماع ، وكان يروي الموضوعات عن الأثبات ، وقال ابن أبي حاتم في " العلل " (2 / 351) : " سألت أبي عن هذا الحديث ؟ فقال : منكر " .
[ 180 ]
قلت : وقد تابعه عيسى بن ميمون عن محمد بن كعب به . أخرجه ابن نصر . قلت : ولا يفرح بهذه المتابعة لأن ابن ميمون حاله قريب من ابن حسان ، قال ابن حبان : يروي أحاديث كلها موضوعات . وقال النسائي : ليس بثقة . ورواه أبو داود (1485) وعنه البيهقي (2 / 212) من طريق عبد الملك بن محمد بن أيمن عن عبد الله بن يعقوب بن إسحاق عمن حدثه عن محمد بن كعب به ولفظه : " لا تستروا الجدر ، من نظر في كتاب أخيه بغير إذنه ، فإنما ينظر في النار ، سلوا الله ببطون أكفكم ولا تسألوه بظهورها ، فإذا فرغنم فامسحوا بها وجوهكم " . قلت : وهذا سند ضعيف : عبد الملك هذا ضعفه أبو داود . وفيه شيخ عبد الله بن يعقوب الذي لم يسم فهو مجهول ، ويحتمل أن يكون هو ابن حسان الذي في الطريق الأولى ، أو ابن ميمون الذي في الطريق الثانية ، وأخرج الحاكم (4 / 270) طرق الأول من طريق محمد بن معاوية ثنا مصادف بن زياد المديني قال : سمعت محمد بن كعب القرظي به وتعقبه الذهبي بأن ابن معاوية كذبه الدارقطني فبطل الحديث . وقد أبو داود عقب الحديث : " روي هذا الحديث من غير وجه عن محمد بن كعب كلها واهية ، وهذا الطريق أمثلها ، وهو ضعيف أيضا " . وضعفه البيهقي أيضا كما يأتي . وقال ابن نصر عقب الحديث : (ورأيت إسحاق يستحسن العمل بهذه الأحاديث ، وأما أحمد بن حنبل : فحدثني أبو داود قال : سمعت أحمد ، وسئل عن الرجل يمسح وجهه
[ 181 ]
بيديه إذا فرغ في الوتر ؟ فقال : لم أسمع فيه بشئ ، ورأيت أحمد لا يضله (1) قال (ابن نصر) : وعيسى بن ميمون هذا الذي روى حديث ابن عباس ليس هو ممن يحتج بحديثه ، وكذلك صالح بن حسان ، وسئل مالك عن الرجل يمسح بكفيه وجهه عند الدعاء ، فأنكر ذلك وقال : ما علمت ، وسئل عبد الله (هو ابن المبارك) عن الرجل يبسط يديه ، فيدعو " ثم يمسح بهما وجهه ؟ فقال : كره ذلك سفيان " . (تنبيه) : أورد المصنف هذا الحديث والذي قبله مستدلا بهما على أن المصلي يمسح وجهه بيديه هنا في دعاء القنوت ، وخارج الصلاة ، وإذا عرفت ضعف الحديثين فلا يصح الاستدلال بهما ، لاسيما ومذهب أحمد على خلاف ذلك كما رأيت ، وقال البيهقي : (فأما مسح اليدين بالوجه عند الفراغ من الدعاء فلست أحفظه عن أحد من السلف في دعاء القنوت ، وإن كان يروى عن بعضهم في الدعاء خارج الصلاة ، وقد روي فيه عن النبي (صلى الله عليه وسلم) حديث فيه ضعف ، مستعمل عند بعضهم خارج الصلاة ، وأما في الصلاة فهو عمل لم يثبت بخبر صحيح ، ولا أثر ثابت ، ولا قياس ، فالأولى أن لا يفعله ، ويقتصر على ما فعله السلف رضي الله عنهم من رفع اليدين دون مسحهما بالوجه في الصلاة) . ورفع اليدين في قنوت النازلة ثبت عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في دعائه على المشركين الذين قتلوا السبعين قارئا . أخرجه الأمام أحمد (3 / 137) والطبراني في " الصغير " (ص 111) من حديث أنس بسند صحيح . وثبت مثله عن عمر وغيره في قنوت الوتر . وأما مسحهما بالوجه في القنوت فلم يرد مطلقا لا عنه (صلى الله عليه وسلم) ، ولا عن أحد من أصحابه ، فهو بدعة بلا شك . وأما مسحهما به خارج الصلاة فليس فيه إلا هذا الحديث والذي قبله ، (1) مسائل الإمام أحمد لأبي داود (ص 71)
[ 182 ]
ولا يصح القول بأن أحدهما يقوي الآخر بمجموع طرقهما - كما فعل المناوي - لشدة الضعف الذي في الطرق ، ولذلك قال النووي في " المجموع " : لا يندب ، تبعا لابن عبد السلام . وقال : لا يفعله إلا جاهل . ومما يؤيد عدم مشروعيته أن رفع اليدين في الدعاء قد جاء فيه أحاديث كثيرة صحيحة وليس في شئ منها مسحهما بالوجه فذلك يدل - ان شاء الله - على نكارته وعدم مشروعيته . (تنبيه) جاء في " شرح ثلاثيات مسند الإمام أحمد " للسفاريني (1 / 655) ما نصه : " وفي صحيح البخاري من حديث أنس رضي الله عنه قال : " كان النبي (صلى الله عليه وسلم) إذا رفع يديه في الدعاء لم يردهما حتى يمسح بهما وجهه " . قلت : فهذا وهم منه ، رحمه الله ، فليس الحديث عن أنس عند البخاري ولا غيره من أصحاب الكتب الستة . 435 - (حديث مالك الأشجعي قال : قلت لأبي : يا أبت إنك صليت خلف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي هاهنا بالكوفة نحو خمس سنين أكانوا يقنتون في الفجر ؟ قال : " أي بني محدث " . رواه أحمد والترمذي وصححه) . ص 109 صحيح . رواه أ حمد (3 / 472 و 6 / 394) والترمذي (2 / 252) وكذا النسائي (1 / 164) وابن ماجه (1241) والطحاوي (1 / 146) وابن أبي شيبة (2 / 58 / 2) والطيالسي (1328) وعنه البيهقي (2 / 212) من طرق عن أبي مالك به . والسياق لابن ماجه وقال : (نحوا) . وكذا قال الترمذي ، وقال أحمد " قريبا " . وفي رواية له : " كان أبي قد صلى خلف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، وهو ابن ست عشر سنة . . . " .
[ 183 ]
قلت : وإسناده صحيح ، وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . 436 - (عن سعيد بن جبير قال : أشهد أني سمعت ابن عباس يقول : " إن القنوت في صلاة الفجر بدعة " . رواه الدارقطني) . ص 109 ضعيف . أخرجه الدارقطني في " سننه " (ص 179) وعنه البيهقي (2 / 214) من طريق عبد الله بن ميسرة أبي ليلى عن إبراهيم بن أبي حرة عن سعيد بن جبير به . وقال البيهقي : " لا يصح ، وأبو ليلى الكوفي متروك ، وقد روينا عن ابن عباس أنه قنت في صلاة الصبح " . 437 - (حديث عائشة مرفوعا : " ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها " . رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه) . ص 109 صحيح . رواه مسلم (2 / 160) وكذا أبو عوانة (2 / 273) والترمذي : (2 / 275) وابن أبي شيبة (2 / 32 / 2) والبيهقي (2 / 470) وأحمد (6 / 5 0 - 51 و 149 و 265) من طريق سعد بن هشام عنها به . وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . قلت : واستدركه الحاكم (1 / 307) فوهم . 438 - (وعن أبي هريرة مرفوعا " لا تدعو ا ركعتي الفجر ولو طردتكم الخيل . رواه أحمد وأبو داود) . ضعيف . رواه أحمد (2 / 405) وأبو داود (1258) عن عبد الرحمن بن
[ 184 ]
إسحاق عن محمد بن زيد عن ابن سيلان عن أبي هريرة به . ومن هذا الوجه رواه الطحاري في (شرح المعاني) (1 / 176 - 177) . قلت : وهذا إسناد ضعيف ابن سيلان هذا ، قال الذهبي : (لا يعرف ، قبل اسمه عبد ربه ، وقبل جابر " . قلت : قد سماه ابن أبي شيبة عبد ربه ولكنه أوقفه ، فقال (2 / 32 / 1) : حدثنا حفص بن غياث عن محمد بن زيد عن عبد ربه قال : سمعت أبا هريرة يقول : فذكره . وقد جزم الحافظ في " التهذيب " بأنه عبد ربه ، ونقل عن ابن القطان الفاسي أنه قال : (حاله مجهولة ، لأنه ما يحرر له اسمه ، ولم نر له راويا غير ابن قنفذ " يعني محمد بن زيد هذا . وله طريق أخرى واهية جدا عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا نحوه . وقد بينت علتها في " الأحاديث الضعيفة " (1534) . وذكر المنذري في (مختصر السنن) (2 / 75) أنه رواه أيضا ابن المنكدر عن أبي هريرة . قلت : ولم أره من هذا الوجه . والله أعلم . 439 - (حديث عبيد مولى النبي (صلى الله عليه وسلم) : " أنه سئل : أكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يأمر بصلاة بعد المكتوبة [ أو ] سوى المكتوبة ؟ فقال : نعم بين المغرب والعشاء ") . ص 109 ضعيف . رواه أحمد (5 / 431) والبيهقي (3 / 20) من طريق التيمي عن رجل عن عبيد به . قلت : وهذا سند ضعيف من أجل الرجل الذي لم يسم .
[ 185 ]
440 - (قول ابن عمر : (حفظت عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ركعتين قبل الظهر ، وركعتين بعد الظهر ، وركعتين بعد المغرب ، وركعتين بعد العشاء ، وركعتين قبل الغداة كانت ساعة لا أدخل على النبي (صلى الله عليه وسلم) فيها ، فحدثني حفصة أنه كان إذا طلع الفجر وأذن المؤذن صلى ركعتين) . متفق عليه) . ص 109 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 295) من طريق يحيى بن سعيد عن عبيد الله قال : أخبرني نافع عن ابن عمر قال : (صليت مع النبي (صلى الله عليه وسلم) سجدتين قبل الظهر ، وسجدتين بعد الظهر ، وسجدتين بعد المغرب ، وسجدتين بعد العشاء ، وسجدتين بعد الجمعة ، فأما المغرب والعشاء ففي بيته ، وحدثتني حفصة أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يصلي سجدتين خفيفتين بعدما يطلع الفجر وكان ساعة لا أدخل على النبي (صلى الله عليه وسلم) فيها) وأخرجه مسلم (2 / 162) وأبو عوانة (2 / 263) والبيهقي (2 / 471) من طريق عبيد الله به دون قوله " وحدثتني حفصة . . . . " . ثم رواه البخاري (1 / 2 96 - 297) وابن الجارود (143) وأحمد (2 / 6) من طريق أيوب عن نافع به بلفظ : " حفظت من النبي (صلى الله عليه وسلم) : عشر ركعات : ركعتين قبل الظهر ، وركعتين بعدها ، وركعتين بعد المغرب في بيته ، وركعتين بعد العشاء في بيته وركعتين قبل صلاة الصبح ، وكانت ساعة لا يدخل على النبي (صلى الله عليه وسلم) فيها ، حدثتني حفصة أنه كان إذا أذن المؤذن وطلع الفجر صلى ركعتين " . ورواه مالك عن نافع به دون ركعتي الصبح وقال بدله : " وبعد الجمعة ركعتين في بيته " . أخرجه أبو داود (1252) وأحمد (2 / 63) . والنسائي (1 / 253) رواية حفصة . وهي رواية لمسلم (2 / 159) وابن
[ 186 ]
ماجه (1145) وغيرهما . وللحديث طريق أخرى عن ابن عمر فقال أحمد (2 / 141) : " ثنا هشيم أنا منصور وابن عون عن ابن سيرين عن ابن عمر قال : (كان تطوع النبي (صلى الله عليه وسلم) ركعتين قبل الظهر ، وركعتين بعدهما ، وركعتين بعد المغرب ، وركعتين بعد العشاء ، قال : وأخبرتني حفصة أنه كان يصلي ركعتين بعد طلوع الفجر) . وإسناده صحيح على شرط الشيخين إن كان ابن سيرين - واسمه محمد - سمعه من ابن عمر ، وما أظنه كذلك ، فقد قال الإمام أحمد (2 / 99 و 117) : ثنا روح ثنا ابن عون عن محمد عن المغيرة بن سلمان قال : قال ابن عمر : فذكره دون ذكر حفصة . ثم رواه أحمد (2 / 100) من طريق أيوب سمعت المغيرة بن سلمان يحدث في بيت محمد بن سيرين أن ابن عمر قال : فذكره . والسند إلى المغيرة صحيح ، فالحديث حديث المغيرة حدث به في بيت ابن سيرين فحدث هو به عن المغيرة ، فتوهم بعض الرواة أن الحديث من رواية ابن سيرين عن ابن عمر ، فحدث به على الوهم ، وإنما هو من حديث المغيرة عن ابن عمر . ويؤيده أن قتادة قال : سمعت المغيرة بن سليمان يحدث عن ابن عمر به . أخرجه أحمد (2 / 51 و 74) . والمغيرة بن سليمان - أو سلمان كما قال أيوب - لم يوثقه أحد فهو يعل الإسناد ويضعفه . والله أعلم . لكن رواه أنس بن سيرين - وهو أخو محمد - عن ابن عمر أنه قال : فذكر الحديث مثل رواية المغيرة . أخرجه أحمد (2 / 73) : ثنا عفان ثنا أبان العطار ثنا أنس بن سيرين به .
[ 187 ]
وهذا سند صحيح على شرطهما ولا أعلم له علة . ورواه حماد بن سلمة ثنا أنس بن سيرين به مختصرا بلفظ : (كان يصلي الركعتين قبل صلاة الفجر كأن الأذان في أذنيه) . أخرجه أحمد (2 / 88 و 126) وإسناده صحيح على شرط مسلم . 441 - (حديث أنه (صلى الله عليه وسلم) قضى ركعتي الفجر حين نام عنها ، وقضى الركعتين اللتين قبل الظهر (1) بعد العصر) ص 110 . صحيح . وهما حديثان : الأول : من حديث أبي هريرة ، وقد مضى لفظه برقم (264) . الثاني : عن أم سلمة ، وهو من رواية كريب مولى ابن عباس أن ابن عباس وعبد الرحمن بن أزهر والمسور بن مخرمة أرسلوه إلى عائشة زوج النبي (صلى الله عليه وسلم) فقالوا : اقرأ عليها السلام منا جميعا وسلها عن الركعتين بعد العصر ، وقل : إنا أخبرنا أنك تصلينهما ، وقد بلغنا أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نهى عنهما ، قال ابن عباس : وكنت أصرف مع عمر بن الخطاب الناس عنها ، قال كريب : فدخلت عليها ، وبلغتها ما أرسلوني به ، فقالت : سل أم سلمة فخرجت إليهم فأخبرتهم بقولها ، فردوني إلى أم سلمة بمثل ما أرسلوني به إلى عائشة ، فقالت أم سلمة : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ينهى عنهما ، ثم رأيته يصليهما أما حين صلاهما فإنه صلى العصر ، ثم دخل وعندي نسوة بني حرام من الأنصار فصلاهما ، فأرسلت إليه الجارية ، فقلت : قومي بجنبه فقولي له : تقول أم سلمة : يارسول الله إني أسمعك تنهى عن هاتين الركعتين وأراك تصليهما ، فإن أشار بيده فاستأخري عنه ، قال : ففعلت الجارية ، فأشار بيده فاستأخرت عنه ، فلما انصرف ، قال : يا بنت أبي أمية سألت عن الركعتين بعد العصر ، إنه أتاني ناس (1) كذا الأصل والصواب (العصر) كما سيأتي في الأحاديث .
[ 188 ]
من عبد القيس بالإسلام من قومهم ، فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر فهما هاتان " . أخرجه البخاري (1 / 156 و 164 - 165) ومسلم (2 / 210 - 211) وأبو داود (1273) والدارمي (1 / 334 - 335) والطحاوي في (شرح المعاني) (1 / 178) من طريق عمرو بن الحارث عن بكير أن كريبا مولى ابن عباس حدثه . ورواه النسائي (1 / 67) والسراج (132 / 2) وأحمد (6 / 293 و 304 و 310) من طريق أبي سلمة عن أم سلمة قالت : (دخل علي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فصلى بعد العصر ركعتين ، فقلت : ما هذه الصلاة ؟ فما كنت تصليها ، فقال : قدم وفد بني تميم فشغلوني عن ركعتين كنت أركعهما بعد الظهر) . قلت : وإسناده صحيح . وله طريق ثالثة . عن حماد بن سلمة عن الأزرق بن قيس عن ذكوان عن أم سلمة به مثله وزاد : (فقلت : يارسول الله أفنقضيهما إذا فاتتا ؟ قال : لا) . أخرجه الطحاوي (1 / 180) وأحمد (6 / 315) . قلت : وإسناده معلول بالانقطاع بين ذكوان وأم سلمة وبأن الأكثر من الرواة عن حماد لم يذكروا فيه الزيادة ، فهي شاذة ، ومن الدليل عليه أنه عند النسائي والمسند (6 / 303 و 306 و 309 و 311 و 333) طرق أخرى عن أم سلمة بدون الزيادة . وفي الباب عن عائشة رضي الله عنها قالت : (ركعتان لم يكن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يدعهما سرا ولا علانية : ركعتان قبل صلاة الصبح ، وركعتان بعد العمر) .
[ 189 ]
أخرجه البخاري (1 / 156) ومسلم (2 / 211) والنسائي (1 / 67) وأحمد (6 / 159) من طريق عبد الرحمن الأسود عن أبيه عنها . وله عند مسلم والنسائي وأبي داود (1279) وأحمد (6 / 50 و 84 و 96 و 109 و 113 و 125 و 134 و 145 و 159 و 176 و 183 و 188 و 200 و 241 و 253) طرق أخرى عنها . ورواه أبو داود (1280) من طريق ابن إسحاق عن محمد بن عمرو بن عطاء عن ذكوان مولى عائشة أنها حدثته أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يصلي بعد العصر وينهى عنها ، ويواصل وينهى عن الوصال . قلت : ورجال إسناده ثقات ولكن ابن إسحاق مدلس وقد عنعنه . 442 - (عن أبي سعيد مرفوعا : (من نام من وتره أو نسيه فليصله إذا ذكره) . رواه أبو داود) . ص 110 صحيح . وقد مضى الكلام على إسناده برقم (422) . 443 - (حديث : (عليكم بالصلاة في بيوتكم فإن خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة) . رواه مسلم) . ص 115 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 189 و 4 / 423) ومسلم (2 / 188) وأبو عوانة (2 / 293 و 294) وأبو داود (1447) والنسائي (1 / 237) والبيهقي (2 / 494) وأحمد (5 / 182 و 184) من حديث زيد بن ثابت قال : (احتجر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حجيرة بخصفة أو حصير ، فخرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يصلي فيها ، قال : فتتبع إليه رجال ، وجاؤوا يصلون بصلاته ، قال : ثم جاؤوا ليلة فحضروا ، وأبطأ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عنهم ، قال : فلم يخرج إليهم ، فرفعوا أصواتهم ، وحصبوا الباب ، فخرج إليهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مغضبا ، قال لهم
[ 190 ]
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ما زال بكم صنيعكم حتى ظننت أنه سيكتب عليكم فعليكم بالصلاة في بيوتكم ، فإن خير صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة . والسياق لمسلم . ولفظ البخاري وغيره : (أفضل) بدل (خير) . وكذلك رواه الترمذي (2 / 312) مقتصرا على هذه الفقرة الأخيرة منه فقط وقال : (حديث حسن) . قلت : وله شاهد من حديث عبد الله بن سعد قال : (سألت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أيما أفضل : الصلاة في بيتي أو الصلاة في المسجد ؟ قال : ألا ترى إلى بيتي أقربه من المسجد ؟ فلأن أصلي في بيتي أحب إلي من أن أصلي في المسجد ، إلا أن تكون صلاة مكتوبة) . أخرجه ابن ماجه (1378) والطحاوي (1 / 200) والبيهقي (2 / 412) وأحمد (4 / 342) من طريق معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن حرام بن معاوية عنه . قلت : وقال في (الزوائد) (ق 85 / 2) : (هذا إسناد صحيج رجاله ثقات ، رواه ابن حبان في صحيحه) . وهو كما قال ، وحرام بن معاوية تابعي ثقة ويقال فيه حرام بن حكيم . 344 قول معاوية : (إن النبي (صلى الله عليه وسلم) أمرنا بذلك ، أن لا توصل صلاة بصلاة حتى نتكلم أو نخرج) . رواه مسلم) . ص 110 صحيح . أخرجه مسلم (3 / 17 و 17 - 18) وأبو داود (1129) والبيهقي (2 / 191) وأحمد (4 / 95 و 99) عن عمر بن عطاء بن أبي الخوار أن نافع بن جبير أرسله إلى السائب ابن أخت نمر يسأله عن شئ رآه منه معاوية في الصلاة ، فقال : نعم صليت معه الجمعة في المقصورة ، فلما سلم الإمام قمت في مقامي فصليت ، فلما دخل أرسل الي ، فقال : لاتعد لما فعلت ، إذا صليت الجمعة فلا تصلها بصلاة حتى تكلم أو تخرج فإن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أمرنا بذلك . . . " الحديث .
[ 191 ]
445 - (حديث ابن عباس (أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يصلي في شهر رمضان عشرين ركعة) . رواه أبو بكر عبد العزيز في الشافي بإسناده) . ص 110 . موضوع . أخرجه ابن أبي شيبة في (المصنف) (2 / 90 / 2) وعبد بن حميد في (المنتخب من المسند) (ق 73 / 1 - 2) والطبراني في (المعجم الكبير) (3 / 148 / 2) وفي (الأوسط) كما في (المنتقى منه) الذهبي (ق 3 / 2) و (الجمع بين المعجمين) (ق 109 / 1) وابن عدي في (الكامل) (ق 1 / 2) والخطيب في (الموضح) (1 / 219) والبيهقي (2 / 496) وغيرهم كلهم من طريق أبي شيبة إبراهيم بن عثمان عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس به . وقال الطبراني : (لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد) . وقال البيهقي : (تفرد به أبو شيبة وهو ضعيف) . قلت : وكذا قال الهيثمي في (المجمع) (3 / 172) أن أبا شيبة هذا ضعيف ، وقال الحافظ في (الفتح) بعدما عزاه لابن أبي شيبة : (إسناده ضعيف) . وكذلك ضعفه الحافظ الزيلعي في (نصب الراية) (2 / 153) من قبل إسناده ، ثم أنكره من جهة متنه فقال : (ثم هو مخالف الحديث الصحيح عن عائشة قالت : ما كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشر ركعة . رواه الشيخان) . وكذلك قال الحافظ ابن حجر وزاد : (هذا مع كون عائشة أعلم بحال النبي (صلى الله عليه وسلم) ليلا من غيرها) . ولذلك عده الحافظ الذهبي في (الميزان) من مناكير أبي شيبة هذا ، وقال الفقيه أحمد بن حجر في (الفتاوى الكبرى) أنه حديث شديد الضعف ، وأنا
[ 192 ]
أرى أنه موضوع لأمور ثلاثة ذكرتها في (الأحاديث الضعيفة والموضوعة) برقم (546) فليرجع إليها من شاء . (تنببه) : كتاب الشافي من كتب الحنابلة وكنت أود الرجوع إليه لأنقل منه إسناد الحديث . ولكني لم أقف عليه ، أقول هذا مع أنني على يقين أن إسناده يدور على أبي شيبة ، لان كل من خرجه فطريقه ينتهي إليه ، وأيضا فإن الطبراني قد صرح بأنه تفرد به ، فلا يختلجن في صدر أحد أن الشافي لعله رواه من غير هذه الطريق الواهية . 446 - (عن يزيد بن رومان : (كان الناس في زمن عمر بن الخطاب يقومون في رمضان بثلاث وعشرين ركعة) . رواه مالك) . ص 110 ضعيف . رواه مالك في (الموطأ) (1 / 115 / 5) وعنه البيهقي في (السنن الكبرى) (2 / 496) وفي (المعرفة) أيضا - كما في (نصب الراية) (2 / 154) - عن يزيد بن رومان به مع تقديم وتأخير . قلت : وهو ضعيف لانقطاعه ، قال البيهقي : (ويزيد بن رومان لم يدرك عمر) . ثم هو معارض لما صح عن عمر من أمره بإحدى عشرة ركعة ، فقد روى مالك (1 / 115 / 4) عن محمد بن يوسف عن السائب بن يزيد أنه قال : (أمر عمر بن الخطاب أبي بن كعب وتميما الداري أن يقوما للناس إحدى عشرة ركعة ، قال : وقد كان القارئ يقرأ بالمئين ، حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام ، وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر) . وهذا إسناد صحيح جدا ، فإن السائب بن يزيد صحابي صغير . ومحمد بن يوسف ثقة ثبت احتج به الشيخان وهو قريب السائب بن يزيد . وقد خالفه يزيد بن خصيفة فرواه بلفظ يزيد بن رومان ، وهي رواية شاذة
[ 193 ]
كما حققته في (صلاة التراويح) فلا نعيد القول فيها ، وقد سقت في الكتاب المذكور كل ما يروى عن عمر وغيره من صلاة التراويح عشرين ركعة ، وبينت ضعفها وأنها غير صالحة للاحتجاج بها . 447 - (عن أبي ذر أن النبي (صلى الله عليه وسلم) جمع أهله وأصحابه وقال : (إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) . رواه أحمد والرمذي وصححه) . ص 110 صحيح . رواه أحمد (5 / 159 و 163) والترمذي (1 / 154 - بولاق) وكذا أبو داود (1375) والنسائي (1 / 238) وابن ماجه (1327) وابن أبي شيبة (2 / 90 / 2) والطحاوي في (شرح المعاني) (1 / 206) وابن نصر في قيام الليل (ص 89) والفريابي في (الصيام وفوائده) (ق 71 / 1 - 72 / 2) والبيهقي (2 / 494) من طريق الوليد بن عبد الرحمن الجرشي عن جببر بن نفير الحضرمي عن أبي ذر قال : (صمنا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فلم يصل بنا حتى بقي سبع من الشهر فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل ، ثم لم يقم بنا في السادسة ، وقام بنا في الخامسة حتى ذهب شطر الليل ، فقلت له : يارسول الله لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه ، فقال : إنه من قام . . . الحديث ثم لم يصل بنا حتى بقي ثلاث من الشهر . وصلى بنا في الثالثة ، ودعا أهله ونساءه . فقام بنا حتى تخوفنا الفلاح ، قلت له : وما الفلاح ؟ قال : السحور) . وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . قلت : وإسناده صحيح رجالة كلهم ثقات . (448) - (حديث : (اجعلوا أخر صلاتكم بالليل وترا) متفق عليه) . ص 111
[ 194 ]
صحيح . أخرجه البخاري (1 / 253) ومسلم (2 / 173) وكذا أبو عوانة (2 / 333) وأبو داود (1438) والنسائي (1 / 247) وابن أبي شيبة (2 / 48 / 1) وابن نصر (127) وابن الجارود (143) والبيهقي (3 / 34) وأحمد (2 / 143 و 150) من طرق عن نافع عن ابن عمر مرفرعا . وفي رواية لأحمد (2 / 135) من طريق ابن إسحاق حدثني نافع عن ابن عمر أنه كان إذا سئل عن الوتر قال : (أما أنا فلو أوترت قبل أن أنام ، ثم أردت أن أصلي بالليل شفعت بواحدة ما مضى من وتري ، ثم صليت مثنى مثنى ، فإذا قضيت صلاتي أوترت بواحدة ، إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أمر أن يجعل آخر صلاة الليل الوتر . قلت : وهذا إسناد حسن . ثم روى أحمد من طريق ابن إسحاق حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف وسليمان بن يسار كلاهما حدثه عن عبد الله ابن عمر ، قال : ولقد كنت مهما في المجلس ، ولكني كنت صغيرا فلم أحفظ الحديث قالا : سأله رجل عن الوتر ؟ فذكر الحديث وقال : ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن نجعل آخر صلاة الليل الوتر . قلت : وإسناده حسن أيضا . فصل ل 449 - (حديث أبي هريرة مرفوعا : (أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل) . رواه مسلم) . ص 191 صحيح . أخرجه مسلم (3 / 169) وكذا أبو داود (2429) والنسائي (1 / 240) والدارمي (1 / 346 و 2 / 21 و 22) وابن نصر (19) والطحاوي في (المشكل) (2 / 101) والبيهقي (3 / 4) وأحمد (2 / 303 / 329 و 342 و 344 و 535) عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا بلفظ :
[ 195 ]
(أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم ، وأفضل الصلاة . . .) الحديث . والشطر الأول منه أخرجه النسائي في (سننه الكبرى) (2 / 40 / 2) من طريق هلال بن العلاء بن هلال قال : حدثنا أبي قال : حدثنا عبيد الله عن عبد الملك عن جندب بن سفيان البجلي قال : كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول : فذكره . قلت : والعلاء هذا فيه لين ، وقد خالفه زائدة فقال : عن عبد الملك بن عمير عن محمد بن المنتشر عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة مرفوعا به . وتابعه أبو بشر عن حميد بن عبد الرحمن به . أخرجهما النسائي أيضا بإسنادين صحيحين . 450 - (قوله (صلى الله عليه وسلم) : (ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا إذا مضى شطر الليل) . الحديث . رواه مسلم) . ص 111 صحيح . وقد ورد عن جماعة من الصحابة منهم أبو هريرة وأبو سعيد الخدري وجبير بن مطعم ورفاعة بن عرابة الجهني وعلي بن أبي طالب وعبد الله ابن مسعود . 1 - أما حديث أبي هريرة فله عنه طرق : الأولى والثانية عن أبي عبد الله الأغر وعن أبي سلمة عنه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : (ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا ، حين يبقى ثلث الليل الآخر ، فيقول : من يدعوني فأستجيب له ، من يسألني فأعطيه ، من يستغفرني فأغفر له) . أخرجه مالك (1 / 214 / 30) وعنه البخاري (1 / 289 و 4 / 190 و 479) ومسلم (2 / 175) وأبو داود (1315) والترمذي (2 / 263 - بولاق) وابن نصر في (قيام الليل) (35) والبيهقي في (السنن) (3 / 2) وفي الأسماء
[ 196 ]
والصفات (316) وأحمد (2 / 487) كلهم عن مالك عن ابن شهاب عنهما . وأخرجه الدارمي (1 / 347) وابن ماجه (1366) وأحمد (2 / 264 و 267) من طرق أخرى عن ابن شهاب به . وزاد أحمد في رواية : (فلذلك كانوا يفضلون صلاة أخر الليل عل صلاة أوله) . وإسنادها صحيح ، لكن الظاهر أنها مدرجة في الحديث من بعض رواته ولعله الزهري . ورواه مسلم (2 / 176) والدارمي وأحمد (2 / 504) من طريقين آخرين عن أبي سلمة وحده . ورواه أبو عوانة (2 / 288) من طريق أبي إسحاق عن الأغر وحده عن أبي هريرة . وقرن به في بعض الروايات أبا سعيد عند مسلم وغيره كما سيأتي . الثالث : أبو صالح عنه مرفوما بلفظ : (ينزل الله إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يمضى ثلث الليل الأول فيقول : أنا الملك ، أنا الملك ، من ذا الذي يدعوني فأستجيب له . الحديث نحوه وزاد : فلا يزال كذلك حتى يضئ الفجر) . أخرجه مسلم (2 / 175 - 176) وأبو عوانة (2 / 289) والترمذي (2 / 307 - 308 - طبع شاكر) وأحمد (2 / 282 و 419) وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح ، وقد روي من أوجه كثيرة عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) ، وروي عنه أنه قال : (ينزل الله عز وجل حين يبقى ثلث الليل الآخر) ، وهو أصح ، الروايات) يعني اللفظ الذي قبله من الطريقين الأولين ، وقد أطال الحافظ في (الفتح) (3 / 26) الاستدلال على ترجيح ما رجحه الترمذي) . الرابعة : عن سعيد بن مرجانة قال : سعت أبا هريرة يقول قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
[ 197 ]
(ينزل الله في السماء الدنيا لشطر الليل ، أو لثلث الليل الآخر ، فيقول : من يدعوني فأستجيب له ، أو يسألني فأعطيه ، ثم [ يبسط يديه تبارك وتعالى ] يقول : من يقرض في عديم ولا ظلوم) . أخرجه مسلم والبيهقي في (الأسماء والصفات) (ص 316 - 317) الخامسة : عن سعيد المقبري عنه مرفوعا بلفظ : (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع الوضوء ولأخرت العشاء إلى ثلث الليل أو نصف الليل ، فإذا مضى ثلث الليل أو نصف الليل نزل إلى الدنيا جل وعز فقال : (فذكر الجمل الثلاث وزاد) : هل من تائب فأتوب عليه) . أخرجه أحمد (2 / 433) وإسناد صحيح على شرط الشيخين . السادسة : عن عطاء مولى أم صفية (وقبل صبية . قال أحمد : وهو الصواب) عن أبي هريرة نحو الذي قبله دون الزيادة . أخرجه الدارمي (1 / 348) وأحمد (1 / 120 و 2 / 509) وعطاء هذا مجهول لم يوثقه غير ابن حبان . السابعة : عن يحيى عن أبي جعفر أنه سمع أبا هريرة يقول ، فذكره بنحو اللفظ الأول . أخرجه الطيالسي (2516) وأحمد (2 / 258 و 521) . وأبو جعفر هذا مجهول . 2 - وأما حديث أبي سعيد الخدري ، فهو من طريق أبي إسحاق من الأغر أبي مسلم يرويه عن أبي سعيد وأبي هريرة معا قالا : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (إن الله يمهل حتى إذا ثلث الليل الأول نزل إلى السماء الدنيا ، فيقول : هل من مستغفر ؟ هل من تائب ، هل من سائل هل من داع حتى ؟ ينفجر الفجر [ ثم يصعد ]) .
[ 198 ]
رواه مسلم وأبو عوانة والطيالسي (2232 و 2385) وعنه البيهقي (317) وأحمد (2 / 383 و 3 / 34 و 43 و 94) عن أبي إسحاق به . قلت : ورواه النسائي بلفظ منكر ليس فيه ذكر النزول ، ولا نسبة للقول المذكور إلى الله تعالى كما بينته في الضعيفة (3897) . 3 - وأما حديث جبير ، فهو من رواية ابنه نافع بن جبير عن أبيه مرفوعا نحو اللفظ الأول مع اختصار . أخرجه الدارمي (1 / 347) وابن خزيمة في (التوحيد) (88) والبيهقي (317) وأحمد (4 / 81) والآجري (312 و 313) عن حماد بن سلمة ثنا عمرو ابن دينار عنه . قلت : وهذا سند صحيح على شرط مسلم . 4 - وأما حديث رفاعة فهو من رواية عطاء بن يسار عنه مرفوعا نحوه . أخرجه الدارمي وابن ماجه (1367) وابن خزيمة في (التوحيد) (87) وأحمد (4 / 16) والآجري في (الشريعة) (310 و 311) عن يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة عنه . قلت : وهذا سند صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين وصرح يحيى بالتحديث في رواية للآجري ، وهى رواية ابن خزيمة . 5 - وأما حديث علي فهو من رواية عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عنه مرفوعا مثل حديث أبي هريرة . أخرجه الدارمي (1 / 3 48) وأحمد (1 / 120) عن محمد بن إسحاق عن عمه عبد الرحمن بن يسار عنه . قلت : ورجاله ثقات فإن عبد الرحمن بن يسار وثقه ابن معين وذكره ابن حبان في (الثقات) ، وبقية رجاله معروفون ؟ فالسند جيد . 6 - وأما حديث ابن مسعود . فهو من رواية أبي الأحوص عنه بلفظ :
[ 199 ]
(إذا كان ثلث الليل الباقي يهبط الله عز وجل إلى السماء الدنيا ثم تفتح أبواب السماء ، ثم يبسط يده فيقول : هل من سائل يعطى سؤله ؟ فلا يزال كذلك حتى يطلع الفجر) . رواه ابن خزيمة (89) وأحمد (1 / 388 و 403 و 446) والآجري (312) بإسناد صحيح . 451 - (حديث : (أفضل الصلاة صلاة داود ، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه) . ص 111 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 286 و 2 / 362) ومسلم (3 / 165) وأبو داود (2448) والنسائي (1 / 321) والدارمي (2 / 20) وابن ماجه (1712) وأحمد (2 / 160 و 206) من طرق عن عمرو بن دينار عن عمرو بن أوس عن عبد الله بن عمرو قال : قال لي النبي (صلى الله عليه وسلم) : فذكره بلفظ . (أحب الصلاة إلى الله . . .) والباقي مثله ، وفي أوله زيادة بلفظ : (أحب الصيام إلى الله صيام داود عليه السلام وكان يصوم يوما ويفطر يوما ، وأحب . . .) . ورواه ابن أبي الدنيا في (التهجد) (2 / 55 / 2) من طريق محمد بن مسلم عن عمرو بن دينار به بلفظ : (خير الصيام صيام داود وكان يصوم نصف الدهر ، وخير الصلاة صلاة داود ، وكان يرقد نصف الليل الأول ، ويصلي آخر الليل ، حتى إذا بقي سدس من الليل رقد) . وإسناده على شرط مسلم ، لكن محمد بن مسلم هذا وهو الطائفي فيه ضعف من قبل حفظه ، فلا يحتج به إذا خالف . 452 - (حديث : (عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم ، وهو قربة إلى ربكم ، ومكفرة للسيئات ومنهاة عن الإثم) . رواه
[ 200 ]
الحاكم وصححه) . ص 111 حسن . اخرجه الحاكم (1 / 308) وعنه البيهقي (2 / 502) وابن عدي في (الكامل) (ق 220 / 1) من طريق عبد الله بن صالح حدثني معاوية بن صالح عن ثور بن يزيد (وقال ابن عدي : ربيعة بن يزيد) عنه أبي إدريس الخولاني عن أبي أمامة الباهلي عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) . وقال ابن عدي : (عبد الله بن صالح هو عندي مستقيم الحديث ، إلا أنه يقع في حديثه : في أسانيده ومتونه غلط ، ولا يتعمد الكذب) . وأما الحاكم فقال : (صحيح على شرط البخاري) . قلت : ووافقه الذهبي ، وذا من عجائبه ، فإن معلوية بن صالح لم يخرج له البخاري ، والذهبي نفسه يقرر ذلك في ترجمته من (الميزان) ويقول : (وهو ممن احتج به مسلم دون البخاري ، وترى الحاكم يروي في مستدركه أحاديثه ويقول : هذا على شرط البخاري فيهم في ذلك ويكور) ! وهذا ما وقع فيه الذهبي نفسه في تلخيصه ، فسبحان من لا ينسى . ثم إن عبد الله بن صالح وإن كان أخرج له البخاري ففيه ضعف كما يشير إليه كلام ابن عدي المتقدم ، وقال الحافظ في (التقريب) : (صدوق كثير الغلط ، ثبت في كتابه ، وكانت فيه غفلة) . قلت : فمثله يستشهد به ، ولا يحتج به وقد خولف ، فقد أخرج البيهقي من طريق مكي بن إبراهيم ثنا أبو عبد الله خالد بن أبي خالد عن يزيد بن ربيعة عن أبي إدريس الخولاني عن بلال بن رباح عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) به نحوه ، وزاد في أخره : (ومطردة للداء عن الجسد) . ورجاله ثقات غير خالد هذا فلم أعرفه ، ولم يتكلم عليه الذهبي في * إرواء الغليل ج 2 من ص 201 إلى ص 300
[ 201 ]
(المهذب) (1 / 94 / 1) بشئ ! وغير يزيد بن ربيعة وهو الرحبي الدمشقي وهو ضعيف ، وقد قلبه بعض الضعفاء فقال (ربيعة بن يزيد) ، وهذا ثقة ! أخرجه الترمذي (2 / 272) وابن نصر في (قيام الليل) (ص 18) وابن أبي الدنيا في (التهجد) (1 / 30 / 2) والبيهقي وابن عساكر في (تاريخ دمشق) (5 / 61 / 1) عن بكر بن خنيس عن محمد القرشي عن ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس الخولاني به . وقال الترمذي : (حديث غريب ، لا نعرفه من حديث بلال إلا من هذا الوجه ولا يصح من قبل إسناده ، سمعت محمد بن إسماعيل (هو البخاري) يقول : محمد القرشي هو محمد بن سعيد الشامي ، وهو محمد بن أبي قيس ، وهو محمد بن حسان ، وقد ترك حديثه ، وقد روى هذا الحديث معاوية بن صالح عن ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس الخولاني عن أبي أمامة عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) . وهذا أصح من حديث أبي إدريس عن بلال) . قلت : وهو كما قال فإن الشامي هذا هو المصلوب في الزندقة ، وأما الطريق الأخرى فليس فيها منهم كما سبق بيانه . وله شاهد من حديث سلمان مرفوعا به وفيه الزيادة : (ومطردة للداء عن الجسد) . أخرجه ابن عدي (233 / 2) وابن عساكر (15 / 140 / 2) من طريقين عن الوليد بن مسلم أخبرني عبد الرحمن بن سليمان بن أبي الجون العنسي عن الأعمش عن أبي العلاء العنزي عن سلمان به . وقال ابن عدي : (وابن أبي الجون عامة أحاديثه مستقيمة ، وفي بعضها بعض الإنكار ، وأرجو أنه لا بأس به) . قلت : وفي (التقريب) : (صدوق يخطئ) . وبقية رجاله ثقات غير أبي العلاء العنزي . قال الذهبي : (لا أعرفه) .
[ 202 ]
قلت : ولعله أبو العلاء الشامي الذي روى عن أبي أمامة وعنه أصبغ بن زيد الوراق . قال الحافظ في (التقريب) : (مجهول) . قلت : ويتلخص مما سبق أن الحديث حسن دون الزيادة ، لأنها لم تأت من طريقين يصلح أن يقوي أحدهما الآخر . بخلاف أصل الحديث فقد جاء عن أبى أمامة وقد صححه من سبق ذكرهم ويأتي ، وقال الحافظ العراقي في (تخريج الإحياء) (1 / 321) : (رواه الطبراني في الكبير والبيهقي بسند حسن) . وعزاه المنذري في (الترغيب) (1 / 216) للترمذي في كتاب الدعاء من جامعه ، وابن أبي الدنيا في التهجد وابن خزيمة في صحيحه . وفي هذا نظر ، فإن الترمذي إنما أخرجه معلقا وابن أبي الدنيا من حديث بلال كما تقدم ، وحديث بلال عزاه السيوطي في (الجامع الكبير) (2 / 73 / 2) لأحمد أيضا والحاكم وابن السني وأبي نعيم في (الطب) ، وعزوه لأحمد خطأ ، وللحاكم محتمل . والله أعلم . وحديث سلمان عزاه لابن السني وأبي نعيم أيضا ، وهو شاهد لا بأس به لحديث أبي أمامة . والله أعلم . 453 - (حديث أبي هريرة مرفوعا : (إذا قام أحدكم من الليل فليفتح صلاته بركعتين خفيفتين) رواه أحمد ومسلم وأبو داود) . ص 111 صحيح . رواه أحمد (2 / 232 و 278) ومسلم (2 / 184) وأبو داود (1323) وكذا أبو عوانة في صحيحه (2 / 304) والبيهقي (3 / 6) من طريق أبي أسامة حماد بن أسلمة وزائدة ومحمد بن سلمة عن هشام بن حسان عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) . ورواه ابن أبي شيبة (2 / 44 / 2) وأبو عوانة وابن حبان (650)
[ 203 ]
والبيهقي من طريق سليمان بن حبان أبي خالد الأحمر عن هشام به من فعله (صلى الله عليه وسلم) بلفظ : (كان إذا قام من الليل يتهجد صلى ركعتين خفيفتين) . وسليمان وإن احتج به الشيخان فهو يخطئ أحيانا ، فلا يحتج به عند المخالفة ، وهو هنا قد خالف الجماعة الذين رووه من قوله صلى الله عليه وآله وسلم . وهو الصواب . ويؤيده أن معمرا رواه عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال : (إذا) بمعناه ، زاد : (ثم ليطول بعد ما شاء) . رواه أبو داود (1324) وعنه البيهقي ، ثم قال : أبو داود : (روى هذا الحديث حماد بن سلمة وزهير بن معاوية وجماعة عن هشام عن محمد أوقفوه على أبي هريرة ، وكذلك رواه أيوب وابن عوف أوقفوه على أبي هريرة) . قلت : والذين رووه عن هشام مرفوعا جماعة أيضا وهم ثقات أثبات ومعهم زيادة فهي مقبولة . وقد صح الحديث مرفوعا من طريق عائشة رضي الله عنها قالت : (كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا قام من الليل افتتح صلاته بركعتين خفيفتين) . أخرجه مسلم وأبو عوانة والبيهقي وأحمد (6 / 30) وابن أبي شيبة . ثم وجدت حديث أيوب مرفوعا ، رواه سفيان بن عيينة عنه عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (إذا قام أحدكم يصلي من الليل فليصل ركعتين خفيفتين يفتح بهما صلاته) . أخرجه ابن أبي الدنيا في (التهجد) (59 / 1) : حدثنا أبو موسى الهروي ثنا سفيان بن عيينة به .
[ 204 ]
وهذا سند صحيح وأبو موسى هذا اسمه إسحاق بن إبراهيم البغدادي وهو ثقة . 454 - (حديث أبي الدرداء عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : (من نام ونيته أن يقوم كتب له ما نوى وكان نومه صدقة عليه) . رواه أبو داود والنسائي) . ص 111 صحيح . رواه النسائي (1 / 255) - دون أبي داود - وابن ماجه (1344) وابن نصر في (قيام الليل) (ص 38) والحاكم (1 / 311) وعنه البيهقي (3 / 15) من طريق الحسين بن علي الجعفي عن زائدة عن سليمان عن حبيب بن أبي ثابت عن عبدة بن أبي لبابة عن سويد بن غفلة عن أبي الدرداء مرفرعا . وقال الحاكم : (صحيح على شرط الشيخين) . روافقه الذهبي ، وقال المنذري في (الترغيب) (1 / 208) : (إسناده جيد) . قلت : وهو كما قالوا لولا أن حبيب بن أبي ثابت مدلس وقد عنعنه . وقد خالفه معاوية بن عمرو ثنا زائدة فذكر . بإسناده من قول أبي الدرداء . أخرجه الحاكم . وتابعه جرير عن الأعمش وهو سليمان عن حبيب به موقوفا . أخرجه ابن نصر . وتابعه سفيان عن عبدة بسنده عن أبي ذر وأبي الدرداء موقوفا . أخرجه النسائي وكذا ابن خزيمة في صحيحه كما في " الترغيب " (1 / 208) إلا أنه قال : (عن أبي ذر أو أبي الدرداء) على الشك ، ورواه . ابن حبان في صحيحه مرفرعا هكذا على الشك . قلت : ويبدو أن الأصح الوقف ، ولكنه في معنى الرفع لأنه لا يقال من
[ 205 ]
قبل الرأي كما هو ظاهر . وله شاهد مرفوع من حديث عائشة رضي الله عنها بلفظ : (ما من امرئ تكون له صلاة بليل ، يغلبه عليها نوم إلا كتب الله له أجر صلاته ، وكان نومه عليه صدقة) . أخرجه مالك (1 / 117 / 1) عن محمد بن المنكدر عن سعيد بن جبير عن رجل عنده رضا أنه أخبره أن عائشة زوج النبي (صلى الله عليه وسلم) أخبرته ان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : فذكره . ومن طريق مالك أخرجه أبو داود (1314) والنسائي أيضا وابن نصر (78) والبيهقي وأحمد (6 / 180) . قلت : وإسناده كلهم ثقات غير الرجل الذي لم يسم ، وهو وإن كان عند سعيد رضا كما قال هو نفسه فذلك لا يكفي في توثيقه حتى يسمى ، فيتبين أنه ثقة ، كما هو مقرر في (مصطلح الحديث) . وقد سماه النسائي في رواية له (الأسود بن يزيد) لكن في الطريق إليه أبو جعفر الرازي وهو سئ الحفظ فلا يحتج به ، فلا يغتر بقول المنذري : (الأسود بن يزيد ثقة ثبت ، وبقية إسناده ثقات) . لا سيما وقد رواه أحمد (6 / 63) من طريق أبي جعفر هذا بإسقاط الواسطة بين سعيد وعائشة . وتبعه على ذلك عنده (6 / 72) أبو أويس واسمه عبد الله بن عبد الله بن أويس ، وهو وإن روى له مسلم ففيه ضعف ، فلا ينهض لمعارضة رواية مالك . نعم هو شاهد حسن لحديت أبي الدرداء ، لا سيما وقد قال المنذري عقب قوله السابق : (ورواه ابن أبي الدنيا في (كتاب التهجد) بإسناد جيد ، رواته محتج بهم في الصحيح) . قلت : وليس هو في نسخة (التهجد) المحفوظة في المكتبة الظاهرية بدمشق ، والظاهر أن النسخ مختلفة ، فإن هذه النسخة مع أنها ختمت بعبارة (أخر الكتاب) .
[ 206 ]
وبجانبها بخط مغاير لخطها : (بلغ العرض بالأصل) ، فقد الحق بها أربع ورقات كبار كتب في أعلى الأولى منها : (تمام كتاب لأبي الدنيا) . والله أعلم . (تنبيه) عزا المؤلف حديث أبي الدرداء لأبي داود والنسائي . وقد تبين من التخريج المذكور أن أبا داود وإنما رواه من حديث عائشة ، فعزوه إليه من حديث أبي الدرداء وهم أو تسامح . 455 - (حديث : (من صلى قائما فهو أفضل ، ومن صلى قاعدا فله نصف أجر القائم) . متفق عليه) . ص 112 صحيح . اخرجه البخاري (1 / 282) - دون مسلم - وكذا أبو داود (951) والنسائي (1 / 245) والترمذي (2 / 207) وابن ماجه (1231) والبيهقي (2 / 491) وأحمد (4 / 433 و 435 و 443) عن عمران بن حصين - وكان رجلا ميسورا - قال : (سألت النبي (صلى الله عليه وسلم) عن صلاة الرجل وهو قاعد ؟ فقال : فذكره . وزاد : (ومن صلى قائما فله نصف أجر القاعد) . والسياق للبخاري وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . ولم يروه مسلم فقوله (متنق عليه) وهم . نعم أخرجه مسلم من حديث عبد الله بن عمر وقال : (حدثت أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : صلاة الرجل قاعدا نصف الصلاة ، قال : فأتيته فوجدته يصلي جالسا ، فوضعت يدي على رأسه ، فقال : ما لك يا عبد الله بن عمرو ؟ قلت : حدثت يارسول الله إنك قلت : صلاة الرجل قاعدا على نصف الصلاة ، وأنت تصلي قاعدا ؟ قال : أجل ، ولكن لست كأحد منكم) . وأخرجه أيضا أبو عوانة (2 / 220 - 221) وأبو داود (950) والنسائي (1 / 245) والدارمي (1 / 321) وابن ماجه (1229) والطيالسي (2289)
[ 207 ]
وأحمد (2 / 162 و 192 و 201 و 203) . 456 - (حديث : (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد) . رواه أحمد ومسلم وأبو داود) . ص 112 صحيح . رواه أحمد (2 / 421) ومسلم (2 / 49 - 50) وأبو داود (875) وكذا أبو عوانة في صحيحه (2 / 180) والنسائي (1 / 171) والبيهقي (2 / 115) وزادوا : (فأكثروا الدعاء) . وزاد البيهقي : (فيه) . وفي رواية لأبي عوانة : (فكثروا من الدعاء) . والحديث عزاه السيوطي في (الجامع الكبير) (1 / 119 / 2) و (الجامع الصغير) لمسلم وأبي داود والنسائي فقط 457 - (أمره (صلى الله عليه وسلم) بكثرة السجود في غير حديث . رواه أحمد ومسلم وأبو داود) . ص 112 صحيح . وفيه أحاديث : الأول والثاني : عن ثوبان وأبي الدرداء ، يرويه عنهما معدان بن طلحة اليعمري قال : (لقيت ثوبان مولى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فقلت : أخبرني بعمل أعمله يدخلني الله به الجنة ، أو قال : قلت : بأحب الأعمال إلى الله ، فسكت ، ثم سألته فسكت ، ثم سألته الثالثة فقال : سألت عنه ذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال : عليك بكثرة السجود لله ، فإنك لا تسجد لله سجدة ، إلا رفعك الله بها درجة ، وحط عنك بها خطيئة . قال معدان : ثم لقيت أبا الدرداء فسألته ، فقال لي مثل ما قال لي ثوبا ن) .
[ 208 ]
أخرجه مسلم (2 / 51 - 52) وأبو عوانة (2 / 180 - 181) والنسائي (1 / 171) والترمذي (2 / 230 - 231) وابن ماجه (1423) والبيهقي (2 / 485 - 486) وأحمد (5 / 276) وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . وله عن ثوبان طريق أخرى بلفظ : (ما من مسلم يسجد لله سجدا إلا رفعه الله بها درجه وحط عنه بها خطيئة) . أخرجه أحمد (5 / 276 و 283) عن سالم بن أبي الجعد قال : قيل لثوبان : حدثنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فقال : تكذبون علي . سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول : فذكره . قلت : ورجاله ثقات لكنه منقطع فإن سالما لم يلق ثوبانا وله طريق ثالثة عند أبي نعيم في (الحلية) (3 / 56) . الثالث : عن ربيعة بن كعب الأسلمي قال : (كنت أبيت مع رسول الله (صلى الله على وسلم) فأتيته بوضوئه وحاجته ، فقال لي : سلني فقلت : أسألك مرافقنك في الجنة قال : أو غير ذلك ؟ قال : هو ذاك ، قال : فأعني على نفسك بكثرة السجود) أخرجه مسلم وأبو عوانة وأبو دادو (1320) والنسائي والبيهقي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عنه . وأخرجه أحمد (4 / 59) من طريق أخرى أتم منه : عن ابن إسحاق قال : حدثني محمد بن عمرو بن عطاء عن نعيم بن مجمر عن ربيعة بن كعب قال : (كنت أخدم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، وأقوم له في حوائجه . نهاري أجمع حتى يصلي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) العشاء الأخرة ، فأجلس ببابه إذا دخل بيته ، أقول : لعلها أن
[ 209 ]
تحدث لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) حاجه ، فما أزال أسمعه يقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : سبحان الله سبحان الله سبحان الله وبحمده ، حتى أمل ، فأرجع أو تغلبني عيني فأرقد قال : فقال لي يوما - لما يرى من خفتي ، وخدمتي إياه - : سلني يا ربيعة أعطك ، قال : فقلت : أنظر في أمري يارسول الله ثم أعلمك ذلك . قال : ففكرت في نفسي فعرفت أن الدنيا منقطعة زائلة ، وأن لي فيها رزقا سيكفيني ويأتيي ، قال : فقلت : أسال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لأخرني ، فإنه من الله عز وجل بالمنزل الذي هو به ، قال : فجئت ، فقال : ما فعلت يا ربيعة ؟ قال : فقلت : نعم يارسول الله أسالك أن تشفع لي إلى ربك فيعقتني من النار ، قال : فقال : من أمرك بهذا يا ربيعة ! قال : فقلت : لا والله الذي بعثك بالحق ما أمرني به أحد ، ولكنك لما قلت : سلني أعطك ، وكنت من الله بالمنزل الذي أنت به نظرت في أمري وعرفت أن الدنيا منقطعة وزائلة ، وأن لي فيها رزقا سيأتيني ، فقلت : أسال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لأخرتي ، قال : فصمت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) طويلا ، ثم قال لي : إني فاعل ، فأعني على نفسك بكثرة السجود) . قلت : وإسناده حسن . الرابع : عن أبي ذر رضي الله عنه ، قال الأحنف بن قيس : (دخلت بيت المقدس فوجدت فيه رجلا يكثر السجود ، فوجدت في نفسي من ذلك ، فلما انصرف قلت : (أتدري على شفع انصرفت أم على وتر ، قال : إن أك لا أدري فإن الله عز وجل يدري ، ثم قال : خبرني حبي أبو القاسم (صلى الله عليه وسلم) ، ثم بكى ، ثم قال : أخبرني حبي أبو القاسم (صلى الله عليه وسلم) ثم بكى ، ثم قال : أخبرني حبي أبو القاسم (صلى الله عليه وسلم) قال : ما من عبد يسجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجه ، وحط عنه بها خطيئة ، وكتب له بها حسنة . قال : قلت : أخبرني من أنت يرحمك الله ؟ قال : أنا أبو ذر صاحب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فتقاصرت إلي نفسي) . أخرجه الدارمي (1 / 341) وأحمد (5 / 164) والسياق له ، وإسناده صحيح
[ 210 ]
على شرط مسلم . وله في المسند (5 / 147 و 148) طريقان آخران عن أبي ذر . الخامس عن أبي فاطمة قال : (قلت يارسول الله أخبرني بعمل أستقيم عليه وأعمله . قال : عليك بالسجود ، فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة ، وحط بها عنك خطيئة) . أخرجه ابن ماجه (1422) بإسناد حسن . وأخرجه أحمد (3 / 428) من طريق أخرى عنه بلفظ : (أكثر من السجود ، فإنه ليس من رجل يسجد لله سجدة . . .) الحديث . ومن طريق ثالث مختصرا بلفظ : (يا أبا فاطمة ان أردت أن تلقاني فأكثر السجود وفيها ابن لهيعة وهو حسن الحديث في المتابعات والشواهد . السادس : عن عبادة بن الصامت موفوعا مثل حديث أبي ذر من الطريق الرابعة وزاد : (فاستكثروا من السجود) أخرجه ابن ماجه وأبو نعيم في (الحلية) (5 / 130) . ورجاله ثقات . 458 - (حديث جابر مرفوعا : (أفضل الصلاة طول القنوت) . رواه أحمد ومسلم والترمذي) . ص 112 صحيح . أخرجه أحمد (3 / 391) ومسلم (2 / 175) والترمذي (2 / 229) وابن ماجه (1421) والبيهقي (3 / 8) من طرق عن أبي الزبير عنه ، وقال الترمذي :
[ 211 ]
(حديث حسن صحيح) . ثم أخرجه مسلم والبيهقي وأحمد (3 / 302 و 314) وكذا الطيالسي (1777) من طريق أبي سفيان عن جابر . وله شاهد من حديث عبد الله بن حبشي الخثعمي مرفوعا به . أخرجه أبو داود (1325) والنسائي (1 / 349) والدارمي (1 / 331) وأحمد (3 / 411 - 412) . قلت : وسنده صحيح على شرط مسلم . 459 - (حديث أبي هريرة وأبي الدرداء في صلاة الضحى . رواها مسلم) . ص 112 صحيح . أما حديث أبي هريرة فلفظه : قال : (أوصاني خليلي (صلى الله عليه وسلم) بثلاث : بصيام ثلاثة أيام من كل شهر ، وركعتي الضحى ، وأن أوتر قبل أن أرقد) . رواه مسلم (2 / 158 و 159) وكذا أبو عوانة (2 / 266) وأبو نعيم في مستخرجه (1 / 135 / 1) وأبو داود (1432) والنسائي (1 / 247 و 327) والدارمي (1 / 339 و 2 / 18 - 19) والبيهقي (3 / 47) والطيالسي (2392 و 2396 و 2447 و 2593) وأحمد (2 / 258 و 265 و 271 و 277 و 311 و 392 و 402 و 459 و 489 و 497 و 499 و 505 و 526) من طرق كثيرة عن أبي هريرة رضي الله عنه . وعلق البخاري (1 / 394) منه الوصية بركعتي الضحى ، ووصلها ابن أبي شيبة (2 / 95 / 2 و 96 / 1) وزاد في رواية : (فإنها صلاة الأوابين) . وهي رواية لأحمد في الحديث ، وإسنادها ضعيف ، ومعناها صحيح للحديث الآتي (رقم 461) . ووصله البخاري (1 / 296) بتمامه لكن بلفظ (وصلاة الضحى) .
[ 212 ]
وأما حديث أبي الدرداء فهو نحو حديث أبي هريرة ولفظه : (أوصاني حبيبي (صلى الله عليه وسلم) بثلاث لن أدعهن ما عشت : بصيام ثلاثة أمن كل شهر ، وصلاة الضحى ، وبأن لا أنام حتى أوتر) . أخرجه مسلم وأبو نعيم (1 / 135 / 2) وأبو داود (1433) وأحمد (6 / 440 و 451) من طرق عنه . ورواه النسائي (1 / 327) وأحمد (5 / 173) من طريق أخرى عن أبي ذر مثله . قلت : وإسناده صحيح . 460 - (حديث أبي سعيد : (كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يصلي الضحى حتى نقول : لا يدعها ، ويدعها حتى نقول : لا يصليها) . رواه أحمد والترمذي وقال : حسن غريب) . ضعيف . رواه أحمد (3 / 21 و 36) والترمذي (2 / 342) وأبو نعيم في (تاريخ أصبهان) (1 / 244) عن عطية العوفي عنه . وقال : (حديث حسن غريب) . قلت : وعطية ضعيف ، وخاصة في روايته عن أبي سعيد كما بينته في (الأحاديث الضعيفة والموضرعة) 461 - (حديث (وركعتي الضحى) . ص 113 صحيح . وكأنه يعني حديث أبي هريرة وأبي الدرداء المتقدمين قبل حديث . وفي الباب حديثان آخران صحيحان ، وفيهما بيان فضل الركعتين فلا بد من تخريجهما . الأول : عن أبي ذر عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال :
[ 213 ]
(يصبح على كل سلامي من أحدكم صدقة ، فكل تسبيحة صدقة ، وكل تحميدة صدقة ، وكل تهليلة صدقة ، وكل تكبيرة صدقة ، وأمر بالمعروف صدقة ، ونهي عن المنكر صدقة ، ويجزي من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى) . رواه مسلم (2 / 158) وأبو عوانة (2 / 266) وأبو نعيم في مستخرجه (1 / 135 / 1) وأبو داود (1285 و 6243) والبيهقي (3 / 47) وأحمد (5 / 167 و 178) وزاد أبو دارد في رواية : (وبضعة أهله صدقة ، قالوا : يارسول الله : أحدنا يقضي شهوته وتكون له صدقة ؟ قال : أرأيت لو وضعها في غير حلها ألم يكن يأثم ؟) . وسندها صحيح . الثاني : عن بريدة بن الحصيب قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول : (في الأنسان ثلاثمائة وستون مفصلا ، فعليه ان يتصدق عن كل مفصل بصدقة ، قالوا : ومن يطيق ذلك يا نبي الله ؟ قال : النخاعة في المسجد تدفنها ، والشي تنحيه عن الطريق ، فإن لم تجد فركعتا الضحى تجزئك) . رواه أبو داود (5242) والطحاوي في (مشكل الآثار) (1 / 25) وابن حبان (633 و 811) وأحمد (5 / 354 و 359) من طريق عبد الله بن بريدة عنه أبيه . قلت : وإسناده صحيح على شرط مسلم . 462 - (حديث أنه (صلى الله عليه وسلم) صلاها أربعا . كما في حديث عائشة . رواه أحمد ومسلم) . ص 113 صحيح . وهو من حديث معاذة العدوية أنها سألت عائشة رضي الله عنها : كم كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يصلي صلاة الضحى ؟ قالت : أربع ركعات ، ويزيد ما شاء .
[ 214 ]
أخرجه مسلم (2 / 157) وأبو عوانة (2 / 267) وابن ماجه (1381) والبيهقي (3 / 47) والطيالسي (1571) وأحمد (6 / 95 و 120 و 124 و 145 و 168 و 265) من طرق عنها . وفي رواية لأحمد (6 / 74 و 156) من طريق المبارك بن فضالة : أخبرتني أمي عن معاذة عن عائشة قالت : (صلى النبي (صلى الله عليه وسلم) في بيتي من الضحى أربع ركعات) . وهذا سند ضعيف ، فإن أم المبارك لا تعرف كما يستفاد من (تعجيل المنفعة) (ص 566) . ثم أخرجه أحمد (6 / 106) : ثنا أبو سعيد قال : ثنا عثمان بن عبد الملك أبو قدامة العمري قال : حدثتنا عائشة بنت سعد عن أم درة قالت : رأيت عائشة تصلي الضحى وتقول : ما رأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يصلي إلا أربع ركعات . قلت : وهذا سند ضعيف أيضا : أم درة بالدال المهملة وأوردها في (التهذيب) في حرف الذال المعجمة وقال : (روى عنها ابن المنكدر وأبو اليمان الرحال وعائشة بنت سعد . وذكرها ابن حبان في (الثقات) وقال العجلي : تابعية مدنية ثقة) . وعثمان بن عبد الملك هذا لم أهتد إليه إلا بواسطة الدولابي في كتابه (الكنى والأسماء) فقد قال (2 / 88) : (وأبو قدامة عثمان بن محمد بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، يروي عن عائشة بنت سعد بن أبي وقاص ، روى عنه خالد بن مخلد القطواني) . وهكذا ساق نسبه ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل) (3 / 1 / 165) وذكر له راويين آخرين ، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ، وكذلك ساقه ابن حبان
[ 215 ]
في (الثقات) (3 / 203) ولم يورده ابن حجر في (التعجيل) وهو على شرطه . قلت : فالظاهر أن هذا هو الذي في هذا السند إلا أن اسم جده تحرف على بعض النساخ إلى (عبد الملك) . والله أعلم . وبالجملة فالسند ضعيف لجهالة حال أم درة والعمري هذا . ومما يدل على ضعف حديثهما وكذا حديث أم المبارك الذي قبله ما ورد بأقوى سند عن عائشة رضي الله عنها قالت : (ما رأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يصلي سبحة الضحى قط ، وإني لأسبحها ، وإن كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ليدع العمل وهو يحب أن يعمله خشية أن يعمل به الناس ، فيفرض عليهم) . أخرجه مالك (1 / 152 - 153 / 29) والبخاري (1 / 286 و 296) ومسلم (2 / 156) وأبو عوانة (2 / 267) وأبو داود (1293) والبيهقهي (3 / 49) وابن أبي شيبة (2 / 94 - 95) وأحمد (6 / 168 و 169 - 170 و 177 و 178 و 209 و 215 و 223 و 238) من طريق عروة عنها . فهذا الحديث صريح في أن عائشة لم تر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو يصلي الضحى ، فهو دليل على ضعف الحديثين المذكورين وبطلانهما عنها . أما الحديث الأول فلا تعارض بينه وبين هذا ، لأنه لم يقل إنها رأته يصلي ، فمن الجائز أنها تلقت ذلك عن بعض الصحابة ممن رآه يصلي فروته عنه دون أن تنسيه إليه ، ومثل هذا كثير في أحاديث الصحابة لانهمم كانوا يصدق بعضهم بعضا . وبهذا جمع القاضي عياض فقال بعد أن ذكر هذا الحديث : (والجمع بينه وبين قولها (كان يصليها) أنها أخبرت في الإنكار عن مشاهدتها ، وفي الإثبات عن غيرها) . وقيل في الجمع غير هذا فمن شاء فليراجعها في (الفتح) (3 / 46) . وقد جاء في فضل هذه الأربع ركعات حديث قدسي ، فقال صلى الله وسلم عليه :
[ 216 ]
(يقول الله عز وجل : ابن آدم لا تعجزني من أربع ركعات في أول النهار ، أكفك آخره) رواه أبو داود (1289) والدارمي (1 / 338) وأحمد (5 / 286 و 287) عن نعيم بن همار - بالمهملة على الأرجح - قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول . قلت : وسنده صحيح كما قال النووي في (المجموع) (4 / 39) قلت : وهو على شرط مسلم . ورواه أحمد (4 / 153 و 201) من طريق أخرى عن نعيم بن همار عن عقبة بن عامر الجهني مرفوعا . وإسناده صحيح أيضا . وله شواهد في (الترغيب) (1 / 236) ، وسيأتي أحدها في الكتاب رقم 463 - (حديث أنه صلاها ستا . كما في حديث جابر بن عبد الله رواه البخاري في تاريخه) . ص 113 صحيح . لم أتمكن من استخراجه من التاريخ ، لا سيما ولم يطبع منه - فيما علمت - إلا ثلاثة أجزاء ، ولم تطلها يدي الآن . وقد أخرجه الطبراني في (المعجم الأوسط) (1 / 59 / 1) من الجمع بينه وبين المعجم الصغير) بسندين عن محمد بن قيس عن جابر بن عبد الله قال : (أتيت النبي (صلى الله عليه وسلم) أعرض عليه بعيرا لي ، فرأيته صلى الضحى ست ركعات) . وإسناده محتمل للتحسين فإن محمد بن قيس هذا أورده ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل) (4 / 1 / 164) وقال : (روى عنه حميد الطويل وحماد بن سلمة ، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ، وقد ذكره ابن حبان في (الثقات) كما قال الهيثمي في (المجمع) (2 / 238) ، ولم أجده في نسخة الظاهرية من
[ 217 ]
(الثقات) . والله أعلم . وروى ابن جرير عن مجاهد قال : (صلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الضحى يوما ركعتين ، ثم يوما أربعا ، ثم يوما ستا ، ثم يوما ثم يوما ثمانية . ثم ترك يوما) . ذكره في (كنز العمال) (4 / 283) . قلت : وهو مرسل ، لكنه شاهد لما قبله . ويشهد له أيضا حديث أنس بن مالك قال : (رأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يصلي الضحى ست ركعات ، فما تركهن بعد ذلك) . رواه الطبراني في (الأوسط) من طريق سعيد بن مسلمة الأموي ثنا عمر ابن خالد بن عباد بن عبيد الله بن الربيع عن الحسن عنه . قال الهيثمي (2 / 237) : (وسعيد بن مسلمة (الاصل : مسلم) الأموي ، ضعفه البخاري وابن معين وجماعة ، وذكره ابن حبان في (الثقات) وقال : (يخطئ) . قلت : والحسن البصري مدلس وقد عنعن . وبالجملة فالحديث لا ينزل عن رتبة الحسن ان لم يرق إلى الصحيح لهذه الشواهد . والله أعلم . ثم رأيت حديث جابر عند الترمذي في (الشمائل) (2 / 106) من طريق أخرى عن حكيم بن معاوية الزيادي حدثنا زياد بن عبيد الله بن الربيع الزيادي عن حميد الطويل عن أنس مرفوعا بلفظ : (كان يصلي الضحى ست ركعات) . وهذا سند حسن في المتابعات ، فالحديث صحيح . والله أعلم .
[ 218 ]
464 - (حديث أم هانئ : (أن النبي (صلى الله عليه وسلم) عام الفتح صلى ثمان ركعات سبحة الضحى) رواه الجماعة) . ص 113 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 102 و 280 و 296) ومسلم (2 / 157) وأبو داود (1290 و 1291) والنسائي (1 / 46) والترمذي (2 / 338) وابن ماجه (1379) وكذا مالك (1 / 152 / 27 و 28) وأبو عوانة (2 / 269 و 270) والدارمي (1 / 338 و 339) وابن أبي شيبة (2 / 96 / 1) وأحمد (6 / 341 و 342 و 343 و 423 و 425) من طرق عن أم هاني (أن النبي (صلى الله عليه وسلم) دخل بيتها يوم فتح مكة فصلى ثمان ركعات ، ما رأيته صلى صلاة قط أخف منها ، غير أنه كان يتم الركوع والسجود) واللفظ للشيخين في رواية والترمذي وقال : (حديث حسن صحيح) . وفي لفظ لأبي داود وعنه البيهقي : (أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوم الفتح صلى سبحة الضحى ثماني ركعات ، يسلم من كل ركعتين) . أخرجه من طريق ابن وهب حدثني عياض بن عبد الله (1) عن مخرمة بن سليمان عن كريب مولى ابن عباس عنها . قلت : وهذا إسناد ضعيف ، وإن كان ظاهره الصحة فإن رجاله كلهم ثقات رجال الشخين غير عياض فتفرد عنه مسلم ، ومع ذلك فإن في حفظه ضعفا ، قال البخاري : منكر الحديث . وقال أبو حاتم : ليس بالقوي . وضعفه غيرهما . وذكره ابن حبان في (الثقات) . وفي (التقريب) : (فيه لين) . قلت : ومما يدل على ذلك قوله في هذا الحديث :
[ 219 ]
(يسلم بين كل ركعتين) . فإن هذا لم يقله أحد في حديث أم هاني على كثرة الطرق عنها . كما أشرنا إليها . وقد وهم الحافظ ابن حجر رحمه الله في هذا الإسناد فقال في (التلخيص) (ص 118) : (رواه أبو داود ، وإسناده على شرط البخاري) وإنما هو على شرط مسلم وحده ، ثم هو ضعيف لما عرفت من حال عياض وتفرده . وعزاه المنذري في (مختصر السنن) (2 / 1245) بهذا اللفظ لابن ماجه . وهو وهم . وعزاه الحافظ في (الفتح) (3 / 43) لابن خزيمة من طريق كريب ، وهي التي عند أبي داود . والله أعلم . 465 - (حديث : قال الله تعالى : (ابن أدم اركع لي أربع ركعات من أول النهار أكفك أخره) رواه الخمسة إلا ابن ماجه) . صحيح . رواه الترمذي فقط (2 / 340) من طريق إسماعيل بن عياش عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير عن أبي الدرداء وأبي ذر عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن الله عز وجل أنه قال : ابن آدم اركع لي من أول النهار ركعات . الحديث . وقال : (حديث حسن غريب) . قلت : بل هو صحيح ، وإن كان إسناده حسنا ، فإن له طريقا أخرى عن شريح بن عبيد الحضرمي وغيره عن أبي الدرداء مرفوعا به نحوه . قلت : وإسناد صحيح . وله شاهد من حديث نعيم بن همار تقدم ذكره منا عند الحديث (455) وهو في (صحيح أبي داود) (1207) .
[ 220 ]
466 - (حديث : (صلاة الأوابين حين ترمض الفصال) رواه مسلم) . ص 113 صحيح . أخرجه مسلم (2 / 171) وأبو عوانه (2 / 270 و 271) وأحمد (4 / 366 و 367 و 372 و 375) من حديث زيد بن أرقم قال : (خرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على أهل قباء ، وهم يصلون الضحى فقال) . فذكره . وفي رواية : (أن زيد بن أرقم رأى قوما يصلون من الضحى فقال : أما لقد علموا أن الصلاة في غير هذه الساعة أفضل ، إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال . . . " فذكره . 467 - (حديث أبي قتادة أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يلجس حتى يصلي ركعتين) . رواه الجماعة) . ص 113 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 293) ومسلم (2 / 155) وأبو داود (467) والنسائي (1 / 119) والترمذي (2 / 129) وابن ماجه (1013) وكذا مالك (620 / 1 / 57) والدارمي (1 / 323 - 324) والبيهقي (3 / 53) وأحمد (5 / 295 و 296 و 303 و 305 و 311) واللفظ للبخاري وكذا مسلم والبيهقي وأحمد . ولفظ مالك وهو رواية الأخرين من طريقه : (. . . . فليركع ركعتين قبل أن يجلس) . وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . وزاد أبو داود في رواية : (ثم ليقعد بعد إن شاء أو ليذهب لحاجته) . وإسناده صحيح . وفي رواية لمسلم وأبي عوانة عنه قال :
[ 221 ]
(دخلت المسجد ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) جالس بين ظهراني الناس ، قال : فجلست ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ما منعك أن تركع ركعتين قبل أن تجلس ؟ ، قال : فقلت يا رسول الله رأيتك جالسا ، والناس جلوس ، قال : فإذا دخل أحدكم المسجد ، فلا يجلس حتى يركع ركعتين) . 468 - (حديث أبي هريرة أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال لبلال عند صلاة الفجر : يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الأسلام ، فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة . قال : ما عملت عملا أرجى عندي أني لم أتطهر طهورا في ساعة من ليل ولا نهار إلا صليت بذلك الطهور ماكتب الله لي إن أصلي) . متنق عليه) . ص 113 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 290) ومسلم (7 / 146 - 147) وكذا أحمد (2 / 333 و 439) من طريق أبي زرعة عنه . وله شاهد من حديث بريدة مرفوعا نحوه وفيه : (ما أذنت قط إلا صليت ركعتين ، وما أصابني حدث قط ألا توضأت عندها ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : بهذا) أخرجه الترمذي (2 / 293) والحاكم (3 / 285) وأحمد (5 / 360) عن الحسن بن واقد ثنا عبد الله بن بريدة عن أبيه . وفي رواية لأحمد (5 / 354) : (ما أحدثت إلا توضأت وصليت ركعتين) . وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . وقال الحاكم : (صحيح على شرط الشيخين) . ووافقه الذهبي . قلت : وإنما هو على شرط مسلم فقط ، فإن الحسين بن واقد لم يخرج له البخاري .
[ 222 ]
والحديث عزاه المنذري في (الترغيب) (1 / 99) لابن خزيمة فقط في صحيحه . فقصر . 469 - (عن قتادة عن أنس في قوله تعالى : (كانوا قليلا من الليل ما يهجعون) قال : (كانوا يصلون فيما بين المغرب والعشاء ، وكذلك (تتجافى جنوبهم عن المضاجع) (1) رواه أبو داود) . ص 113 - 114 صحيح . رواه أبو داود (1321 و 1322) وكذا ابن أبي شيبة (2 / 15 / 1) والحاكم (2 / 467) والبيهقي (3 / 19) من طريق قتادة به . قلت : وإسناده صحيح على شرط الشيخين كما قال الحاكم ، ووافقه الذهبي . وقد تابعه يحيى بن سعيد وهو الأنصاري القاضي عن أنس بلفظ : (إن هذه الآية (تتجافى جنوبهم عن المضاجع) نزلت في انتظار هذه الصلاة إلى تدعى العتمة) . أخرجه الترمذي (2 / 207) وقال : (حديث حسن صحيح غريب ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه) . قلت : وإسناده صحيح ، ورجاله رجال البخاري غير شيخ الترمذي عبد الله بن أبي زياد وهو ثقة . وأما قوله : (لا نعرفه) إلا من هذا الوجه) . فقد عرفه أبو داود ومن ذكرنا معه من الوجه الأول . 470 - (وعن حذيفة قال : (صليت مع النبي (صلى الله عليه وسلم) المغرب ، فلما قضى صلاته قام فلم يزل يصلى حتى صى العشاء ثم خرج) . رواه أحمد والترمذي) ص 114 . صحيح . أخرجه أحمد (5 / 391 و 404) واللفظ له والترمذي (1) هكذا الأصل ، وليس عند أبي داود ، ولا عند غيره : (عن المضاجع) .
[ 223 ]
(2 / 307) وكذا ابن نصر في (قيام الليل) (33) من طرق عن إسرائيل : أخبرني ميسرة بن حبيب عن المنهال عن زر بن حبيش عن حذيفة قال : (قالت لي أمي : متى عهدك بالنبي (صلى الله عليه وسلم) ؟ قال : فقلت : مالي به عهد منذ كذا وكذا ، قال : فهمت بي ، قلت : يا أمي دعيني حتى أذهب إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) ، فلا أدعه حتى يستغفر لي ويستغفر لك ، قال : فجئته فصليت معه المغرب ، فلما قضى الصلاة ، قام يصلي ، فلم يزل يصلي حتى صلى العشاء ، ثم خرج) . زاد الترمذي : (فتبعته ، فسمع صوتي ، فقال : من هذا ؟ حذيفة ؟ قلت : نعم ، قال : ما حاجتك غفر الله لك ولإمك) . وهذا مختصر بينته رواية أحمد الأخرى بلفظ : (فقال : من هذا ؟ فقلت : حذيفة . قال : ما لك ؟ فحدثته بالأمر ، فقال : غفر الله لك ولأمك) . والحاكم (3 / 381) منه الدعاء بالمغفرة . وسكت عليه ، وقال الذهبي في (تلخيصه) : (قلت : صحيح) . قلت : وهو كما قال ، وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . وأورده المنذري في (الترغيب) (1 / 205) مختصرا بلفظ : (أتيت النبي (صلى الله عليه وسلم) فصليت المغرب ، فصلى إلى العشاء) . وقال : (رواه النسائي بإسناد جيد) . قلت : ولعله يعني (السنن الكبرى) للنسائي أو (عمل اليوم والليلة) له ، فإني لم أره في (الصغرى) له ، والله أعلم . وهكذا رواه مختصرا ابن أبي شيبة (2 / 15 / 1) .
[ 224 ]
فصل 471 - (حديث ابن عمر : (كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يقرأ علينا السورة فيها السجدة فيسجد ونسجد معه حتى ما يجد أحدنا موضعا لجبهته) . متفق عليه) . ص 114 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 274 و 275) ومسلم (2 / 88) وكذا أبو عوانة (2 / 206 و 207) وأبو داود (1412) والحاكم (1 / 222) والبيهقي (2 / 323) وأحمد (2 / 217) من طرق عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر به . وعبيد الله هذا هو العمري المصغر وهو ثقة حجة . وقد خالفه أخوه عبد الله العمري المكبر ، فزاد في متنه التكبير قبل السجود . ولا يصح لضعف المكبر كما يأتي بيانه في الحديث الذي بعده . 472 - (لقول ابن عمر : (كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يقرأ علينا ، القرآن فإذا مر بالسجدة كبي وسجد وسجدنا معه) . رواه أبو داود) ص 114 ضعيف . رواه أبو داود (1413) وعنه البيهقي (2 / 325) من طريق عبد الله بن عمر عن نافع عنه ابن عمر به . قلت : وهذا سند لين ، كما قال االحافظ في (بلوغ المرام) . وعلته عبد الله ابن عمر وهو ضعيف ، وسكت عليه البيهقي ، فتعقبه ابن التركماني في (الجوهر النقي) بقوله :
[ 225 ]
(في سنده عبد الله بن عمر أخو عبيد الله متكلم فيه ، ضعفه ابن المديني ، وكان يحيى بن سعيد لا يحدث عنه ، وقال ابن حنبل : كان يزيد الأسانيد ، وقال صالح بن محمد : لين ، مختلط الحديث) . قلت : وقد خالفه أخوه عبيد الله الثقة ، فرواه عن نافع نحوه ، ولم يذكر التكبير فيه كما سبق في الحديث الذي قبله ، فدل ذلك على أن ذكر التكبير فيه منكر ، كما تقتضيه قواعد علم الحديث . والله أعلم . (تنبيه) قال الحافظ في (التلخيص) (ص 114) : (رواه أبو داود ، وفيه العمري عبد الله المكبر ، وهو ضعيف ، وخرجه الحاكم من رواية العمري أيضا ، لكن وقع عنده مصغرا ، وهو ثقة فقال : إنه على شرط الشيخين) . قلت : الحديث عند الحاكم من رواية العمري المصغر كما قال الحافظ لكن ليس عنده التكبير ، وهو إنما أورده لإثبات مشروعية السجود خارج الصلاة ، فإنه قال : (حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه ، وسجود الصحابة بسجود رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم خارج الصلاة سنة عزيزة) . ولذلك ذكرت الحاكم في جملة من خرج الحديث الأول ، وإن كان وهم في استدراكه إياه على الشيخين . وقد قلد الحافظ في الخطأ المذكور الصنعاني في (سبل السلام) والشوكاني في (نيل الأوطار) (2 / 352) وبعض أفاضل المؤلفين في فقه السنة في عصرنا . 473 لحديث عطاء : (أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أتى إلى نفر من أصحابه فقرأ رجل منهم سجدة ثم نظر إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : إنك كنت إمامنا ولو سجدت سجدنا) رواه الشافعي وغيره) ص 115 ضعيف . رواه الشافعي (1 / 102 من ترتيبه) : أخبرنا إبراهيم بن
[ 226 ]
محمد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار : (أن رجلا قرأ عند النبي (صلى الله عليه وسله) السجدة ، فسجد النبي (صلى الله عليه وسلم) ، ثم قرأ آخر عنده السجدة ، فلم يسجد النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : يارسول الله قرأ فلان عندك السجدة فسجدت ، وقرأت عندك السجدة ، فلم تسجد ، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) : كنت إماما ، فلو سجدت سجدت) . قلت : وهذا إسناد واه جدا ، إبراهيم هذا هو ابن أبي يحيى الأسلمي وهو ضعيف جدا اتهمه غير واحد من الأئمة بالكذب . لكنه لم يتفرد به فقال ابن أبي شيبة في (المصنف) (1 / 173 / 1) : نا أبو خالد الأحمر عن ابن عجلان عن زيد ابن أسلم به نحوه . ورواه البيهقي (2 / 324) من طريق هشام بن سعد وحفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم به . فهو مرسل صحيح الإسناد ، وقال الحافظ في (الفتح) (2 / 445) بعد أن ذكره من رواية ابن أبى شيبة : (رجاله ثقات إلا أنه مرسل) . وقال البيهقي : (وقد رواه إسحاق بن عبد الله بن أبي فروه عن زيد بن أسلم عن عطاء ابن يسار عن أبي هريرة موصولا ، وإسحاق ضعيف ، وروي عن الأوزاعي عن قرة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة وهو ضعيف أيضا ، والمحفوظ من حديث عطاء بن يسار مرسل) . 474 (حديث أبي بكرة : (أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان إذا أتاه أمر يسر به خر ساجدا) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه) . ص 115 حسن . رواه أبو داود (2774) والترمذي (1 / 299) وابن ماجه (1394) وكذا ابن عدي في (الكامل) (ق 38 / 1) والدارقطني (157) والبيهقي (2 / 370) من طرق عن بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة عن أبيه عن أبي أبي بكرة به ، وزادوا غير الترمذي : شكرا لله تبارك وتعالى) . وقال : (حديث حسن غريب ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث بكار بن
[ 227 ]
عبد العزيز) . قلت : وهو ضعيف ، قال الذهبي في (الميزان) : (قال ابن معين : ليس بشئ وقال ابن عدي : هو من جملة الضعفاء الذين يكتب حديثهم ثم قال فيه : أرجو أنه لا بأس به . وذكره العقيلي في الضعفاء) . ثم ساق له مما أنكر عليه هذا الحديث . قلت : ومن طريقه أخرجه أحمد (5 / 45) بسنده عن أبي بكرة : (أنه شهد النبي صلى الله عليه وسلم أتاه بشير يبشره بظفر جند له على عدوهم ، ورأسه في حجرة عائشة رضي الله عنها ، فقام فخر ساجدا ثم أنشأ يسأل البشير ، فأخبره فيما أخبره به أنه ولي أمرهم امرأة ، قال النبي (صلى الله عليه وسلم) : الآن هلكت الرجال إذا أطاعت النساء . هلكت الرجال إذا أطاعت النساء . . . ثلاثا) . وهكذا أخرجه ابن عدي في (الكامل) (ق 38 / 1) وأبو نعيم في (تاريخ أصبهان) (2 / 34) وابن ماسي في آخر (جزء الأنصاري) (ق 11 / 1) والحاكم (4 / 291) : وقال : (صحيح الإسناد) . ووافقه الذهبي . قلت : وهو ذهول منه عن حال بكار هذا الذي حكاه في كتابه (الميزان) كما سبق نقله عنه . فسبحان من لا ينسى . ومن أجل بكار هذا أوردت . الحديث في (الأحاديث الضعيفة والموضوعة) (435) وذكرت هناك أنه إنما يصح من الحديث شطر منه بلفظ (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) . فليرجع إليه من شاء . لكن موضع الشاهد من الحديث وهو السجود شكرا ثابت فقد جاء فيه أحاديث أخرى تشهد لهذا المعنى أذكر بعضها : 1 - عن أنس بن مالك
[ 228 ]
(أن النبي - (صلى الله عليه وسلم) بشر بحاجة فخر ساجدا) . رواه ابن ماجه (1392) عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عمرو ابن الوليد بن عبدة السهمي عنه . قلت : وهذا سند لا بأس به في الشواهد فإن رجاله ثقات غير ابن لهيعة فإنه سيئ الحفظ . 2 - عن سعد بن أبي وقاص قال : (خرجنا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من مكة نريد المدينة ، فلما كنا قريبا من عزورا نزل ثم رفع يديه فدعا الله ساعة ، ثم خر ساجدا فمكث طويلا ، ثم قام فرفع يديه ، فدعا الله ساعه ثم خر ساجدا ، فمكث طويلا ، ثم قام فرفع يديه ساعة ثم خر ساجدا . ذكره ثلاثا قال : إني سألت ربي ، وشفعت لأمتي فأعطاني ثلث أمتي فخررت ساجدا لربي شكرا ، ثم رفعت رأسي فسألت ربي لأمتى ، فأعطاني الثلث الآخر فخررت ساجدا لربي) . أخرجه أبو داود (2775) وعنه البيهقي (2 / 370) عن يحيى بن الحسن ابن عثمان عن الأشعث بن إسحاق بن سعد عن عامر بن سعد عن أببه . قلت : وهذا سند ضعيف ، يحيى هذا مجهول . وشيخه الأشعث مجهول الحال لم يوثقه غير ابن حبان . 3 - عن عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : (إني لقيت جبريل عليه السلام ، فبشرني وقال : إن ربك يقول لك : من صلى عليك ، صليت عليه ، ومن سلم عليك سلمت عليه ، فسجدت لله شكرا) . أخرجه أحمد (1 / 191) والحاكم (1 / 550) والبيهقي (2 / 371) عن سليمان بن بلال حدثني عمرو بن أبي عمرو عن عاصم بن عمر بن قتادة عن عبد الواحد بن محمد بن عبد الرحمن بن عوف عن عبد الرحمن بن عوف . وقال الحاكم :
[ 229 ]
(صحيح الإسناد) . ووافقه الذهبي . قلت : بل هذا إسناد ضعيف ، وفيه علتان : الأولى : جهالة خال عبد الواحد هذا فقد أورده ابن أبي حاتم (3 / 1 / 23) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا وسبقه إلى ذلك البخاري . وأما ابن حبان فأورده في (الثقات) (1 / 137) . الثانية : الاختلاف فيه على عمرو بن أبي عمر ، وهو مع صدقه قد يهم ، فقال عنه سليمان بن بلال عنه هكذا . وقال يزيد بن عبد الهاد : عن عمرو بن أبي عمرو عن عبد الرحمن بن الحويرث عن محمد بن جبير عن عبد الرحمن بن عوف به . وعبد الرحمن هذا هو ابن معاوية بن الحويرث وهو سئ الحفظ كما في (التقريب) . والله أعلم . ثم وجدت له طريقا أخرى عن عبد الرحمن بن عوف . عند ابن أبي شيبة (2 / 123 / 1) بسند ضعيف ، فيه موسى بن عبيدة وهو ضعيف ، ومن طريقه رواه ابن أبي الدنيا وأبو يعلى كما في (الترغيب) (2 / 278) فالحديث بالطريقين حسن . 4 - عن البراء بن عازب قال : (بعث النبي (صلى الله عليه وسلم) خالد بن الوليد إلى أهل اليمن يدعوهم إلى الإسلام ، فلم يجيبوه ، ثم إن النبي (صلى الله عليه وسلم) بعث علي بن أبي طالب وأمره أن يقفل خالدا ومن كان معه ، إلا رجل ممن كان مع خالد أحب أن يبقى مع علي رضي الله عنه فليعقب معه قال البراء : فكنت ممن عقب معه ، فلما دنونا من القوم خرجرا إلينا فصلى بنا على رضي الله عنه وصفنا صفا واحدا ، ثم تقدم بين أيدينا ، فقرأ عليهم كتاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فأسلمت همدان جميعا ، فكتب علي رضي الله عنه إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بإسلامهم فلما قرأ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الكتاب ، خر ساجدا ، ثم رفع رأسه فقال : السلام على همدان ، السلام على همدان) .
[ 230 ]
أخرجه البيهقي (2 / 369) من طرق عن أبى عبيدة بن أبي السفر قال : سمعت إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق عن أبيه عن أبي إسحاق عن البراء . وقال : (أخرج البخاري صدر الحديث عن إبراهيم بن يوسف ، فلم يسقه بتمامه ، وسجود الشكر في تمام الحديث صحيح على شرطه) . وأقره ابن التركماني فلم يتعقبه بشئ . وبالجملة . فلا يشك عاقل في مشروعية سجود الشكر بعد الوقوف على هذه الأحاديث . لاسيما وقد جرى العمل عليها من السلف الصالح رضي الله عنهم . وقد ذكر المؤلف طائفة منهم كما يأتي . 475 - (حديث (أن أبا بكر سجد حين جاءه قتل مسيلمة) . رواه سعيد) . ص 115 ضعيف . ورواه ابن أبي شيبة في (المصنف) (2 / 123 / 1) والبيهقي (2 / 371) عن أبي عون الثقفي محمد بن عبيدالله عن رجل لم يسمه (أن أبا بكر لما فتح اليمامة سجد) . ورجاله ثقات رجال الشيخين غير الرجل الذي لم يسم . 476 - (حديث أن عليا سجد حين ، وجد ذاالثدية في الخوارج) . رواه أحمد) . ص 115 قال : حسن . أخرجه أحمد (1 / 107 - 108 و 147) عن طارق بن زياد قال : سار علي إلى النهروان ، فقتل الخوارج ، فقال : اطلبوا ، فإن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : سيجئ قوم يتكلمون بكلمة الحق لا يجاوز حلوقهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ، سيماهم أن فيهم رجل أسود مخدج اليد في يده شعرات سود ، إن كان فيهم فقد قتلتم شر الناس ، وإن لم يكن فيهم فقد قتلتم
[ 231 ]
خير الناس ، قال : ثم إنا وجدنا المخدج ، قال : فخررنا سجودا ، وخر علي ساجدا معنا) . قلت : وهذا إسناد ضعيف ، طارق بن زياد مجهول كما في (التقريب) ولم يوثقه غير ابن حبان . لكنه لم ينفرد بموضع الشاهد منه ، فقد أخرجه ابن أبي شيبة (2 / 173 / 1) والبيهقي (2 / 371) عن محمد بن قيس عن رجل يقال له أبو موسى (يعني مالك بن الحارث) قال : (كنت مع علي ، فلما قال : اطلبوه ، يعني المخدج ، فلم يجدوه ، فجعل يعرق جبينه ويقول : والله ما كذبت ، ولا كذبت ، فاستخرجوه من ساقية ، فسجد) . قلت : وهذا ضعيف أيضا مالك هذا لم يوثقه غير ابن حبان أيضا . وتابعه أيضا ريان بن صبرة الحنفي . (أنه شهد يوم النهروان ، قال : وكنت فيمن استخرج ذا الثدية ، فبشر به عليا (كذا) قبل أن ننتهي إليه ، فانتهينا إليه وهو ساجد فرحا به) . أخرجه ابن أبي شيبة (2 / 123 / 1) . قلت : وريان هذا لم يوثقه غير ابن حبان (1 / 49) . ولكن الحديث قوي بهذه الطرق الثلاث . والله أعلم . 477 - (حديث (أن كعب بن مالك سجد لما بشر بتوبة الله عليه) . وقصته متفق عليها) . ص 115 صحيح . وهذا القدر رواه ابن ماجه (1393) بإسناد صحيح على شرط الشيخين ، عن كعب بن مالك قال : (لما تاب الله عليه خر ساجدا) .
[ 232 ]
وأما القصة بتمامها ، فأخرجها البخاري (3 / 177 - 182) ومسلم (8 / 106 - 112) والبيهقي (2 / 370 و 460 و 9 / 33 - 36) وأحمد (3 / 453 - 459 و 459 - 460 و 6 / 387 - 390) عن ابن شهاب : أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك أن عبد الله بن كعب كان قائد كعب - من بنيه - حين عمي : قال : سمعت كعب بن مالك يحدث حديثه حين تخلف عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في غزوة تبوك قال كعب بن مالك . فصل في أوقات النهي 478 - (حديث : (إذا طلع الفجر فلا صلاة إلا ركعتي الفجر) . احتج به أحمد) . ص 116 صحيح . روي من حديث أبي هريرة ، وابن عمر ، وابن عمرو . أما حديث أبي هريرة ، فأخرجه الطبراني في (المعجم الأوسط) (1 / 58 / 2 من الجمع بينه وبين المعجم الصغير) : ثنا أحمد بن يحيى الحلواني ثنا أحمد بن عبد الصمد الأنصاري ثنا إسماعيل بن قيس عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : فذكره وقال : (لم يروه عن يحيى إلا إسماعيل تفرد به أحمد بن عبد الصمد) . قلت : قال الذهبي : (لا يعرف) وذكره ابن حبان في (الثقات) وقال : (يعتبر حديثه إذا روى عن الثقات) . قلت : وليس الأمر كذلك هنا فإنه يرويه عن إسماعيل بن قيس وهو الأنصاري ، قال البخاري والدار قطني : (منكر الحديث) . وقال النسائي وغيره : (ضعيف) . وبه أعل الحديث الهيثمي في (المجمع) (2 / 218) وقال : (وهو ضعيف) .
[ 233 ]
وكان حقه أن يعله بابن عبد الصمد أيضا . وقد رواه عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب مرفوعا مرسلا . أخرجه البيهقي (2 / 466) بإسناد صحيح . فمثله حجة عند جميع الأئمة لان المرسل ثقة إمام ، وقد جاء موصولا من وجوه كما يأتي . وأما حديث ابن عمر فأخرجه أبو داود (1278) والترمذي (2 / 279) والدارقطني (161) والبيهقي (2 / 465) وأحمد (2 / 104) من طرق عن قدامة ابن موسى عن أيوب (وقال بعضهم : محمد) بن حصين عن أبي علقمة عن يسار مولى ابن عمر قال : رأني ابن عمر وأنا أصلي بعد طلوع الفجر ، فقال : يا يسار ! إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خرج علينا ونحن نصلي هذه الصلاة قال : (ليبلغ شاهدكم غائبكم ، لا تصلوا بعد الفجر إلا سجدتين) . وقال الترمذي : (حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث قدامة بن موسى . وروى عنه غير واحد) قلت : وهو ثقة كما في (التقريب) وقد احتج به مسلم ووثقه ابن معين وأبو زرعة وغيرهما فلا تغتر (1) يقول الذهبي فيه : (ذكره البخاري وابن أبي حاتم فسكتا عن حاله ، فلا حجة بانفراده) . لان سكوت الإمامين المذكورين لا يضر بعد توثيق من ذكرنا . على أن نسبة السكوت إلى ابن أبي حاتم لا يصح ، بل هو من أوهام الذهبي رحمه الله ، فإن ابن أبي حاتم لما ترجم لموسى لم يسكت عنه ، بل روى توثيقه عن ابن معين وأبي زرعة كما ذكرنا . وإنما علة الحديث من شيخه أيوب بن حصين وقال بعضهم كما سبقت (1) كما جرى لبعض المعلقين على (التقريب) .
[ 234 ]
الإشارة إليه : محمد بن حصين ، والصحيح الأول كما قال البيهقي ومن قبله الدارقطني ، وعكس ذلك ابن أبي حاتم فقال : (محمد أصح) . قلت : والأول أرجح عندنا . وسواء كان هذا أو ذاك فالرجل مجهول . ولعله لذلك استغربه الترمذي . والله أعلم . لكن له عنه ابن عمر طرق أخرى . 1 - أخرجه بن عدي في (الكامل) (ق 297 / 2) عن محمد بن الحارث حدثني محمد بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن عمر مرفوعا بلفظ حديث أبي هريرة إلا أنه قال : (الركعتين قبل المكتوبة) . وقال ابن عدي : (محمد بن الحارث عامة ما يروبه غير محفوظ) . قلت : وشيخه في هذا الحديث محمد بن عبد الرحمن - وهو ابن البيلماني أشد ضعفا منه ، فقد اتهمه ابن عدي وابن حبان ، وذهب بعضهم إلى أن الآفة منه في كل ما يرويه ابن الحارث عنه . والله أعلم . 2 - قال الطبراني في (الأوسط) : حدثنا عبد الملك بن يحيى بن بكبير حدثني أبي الليث بن سعد حدثني محمد بن النبيل الفهري عن ابن عمر مرفوعا بلفظ : (لا صلاة بعد الفجر إلا الركعتين قبل صلاة الفجر) سكت عليه الحافظ الزيلعي ثم ابن حجر في (الدراية) (ص 58) . وقال العلامة شمس الحق العظيم آبادي في (اعلام أهل العصر) (ص 22) : (هذه طريق تقوم بها الحجة) . قلت : كلا ، بل فيها علتان : الأولى جهالة ابن النبيل هذا ، فقد ترجمه ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل) (4 / 1 / 108) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ، بل أشار إلى أنه لم يسمع من ابن عمر ، فقال :
[ 235 ]
(روى عن ابن عمر ، وأدخل يحيى بن أيوب بينه وبين ابن عمر أبا بكر ابن يزيد بن سرجس) . وأما ابن حبان فأورده في (الثقات) (1 / 209) ! الثانية : عبد الملك بن يحيى لم أجد له ترجمة . 3 - ثم روى الطبراني من طريق عبد الله بن خراش عن العوام بن حوشب عن المسيب بن رافع عن ابن عمر به . وقال : (تفرد به عبد الله بن خراش) . قلت : وهو متروك . 4 - وروى الطبراني في (المعجم الكبير) من طريق إسحاق بن إبراهيم الدبري عن عبد الرزاق عن أبي بكر بن محمد عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر به . قلت : وهذا إسناد واه جدا ، فإن أبا بكر هذا هو ابن عبد الله بن محمد ابن أبي سبرة سمع منه عبد الرزاق قال النسائي : متروك وقال أحمد : كان يضع الحديث . وأما حديث ابن عمرو فأخرجه ابن أبي شيبة (2 / 76 / 1) وإبن نصر في (قيام الليل) (ص 79) والدارقطني (ص 91 و 161) والبيهقي من طريق عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي عن عبد الله بن يزيد أبي عبد الرحمن الحبلي عنه مرفوعا بلفظ : (لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر) . وقال البيهقي : (في إسناده من لا يحتج به) . قلت : يعني الإفريقي هذا . وقال الهيثمي في (المجمع) :
[ 236 ]
(رواه البزار والطبراني في الكبير وفيه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم واختلف في الاحتجاج به) . ومنه تعلم أن قول الشيخ أحمد شاكر رحمه الله تعالى في تعليقه على الترمذي (2 / 280) أنه إسناد صحيح ، غير صحيح ، ولو أنه قال : حديث صحيح بالنظر إلى مجموع هذه الطرق لما أبعد ، على أنه لا يفوتنا التنبيه إلى أن بعض هذه الطرق لا يستشهد بها لشدة ضعفها ، فالاعتماد على سائر الطرق التي خلت من متهم أو واه جدا . والله أعلم . (فائدة) : روى البيهقي بسند صحيح عن سعيد بن المسيب أنه رأى رجلا يصلي بعد طلوع الفجر أكثر من ركعتين ، يكثر فيها الركوع والسجود ، فنهاه ، فقال : يا أبا محمد ! أيعذبني الله على الصلاة ؟ ! قال : لا ، ولكن يعذبك على خلاف السنة . وهذا من بدائع أجوبة سعيد بن المسيب رحمه الة تعالى ، وهو سلاح قوي على المبتدعة الذين يستحسنون كثيرا من البدع باسم انها ذكر وصلاة ، ثم ينكرون على أهل السنة إنكار ذلك عليهم ، ويتهمونهم بأنهم ينكرون الذكر والصلاة ! ! وهم في الحقيقة إنما ينكرون خلافهم للسنة في الذكر والصلاة ونحو ذلك . 479 - (حديث أبي سعيد مرفوعا : (لا صلاة بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشهس) ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس) . متفق عليه) . ص 116 صحيح . رواه البخاري (1 / 151 و 466) ومسلم (2 / 207) وكذا أبو عوانة (1 / 380 - 381) والنسائي (1 / 66) وأحمد (3 / 95) من طريق عطاء بن يزيد عن أبي سعيد الخدري به . ورواه أبو داود (2417) وابن ماجه (1249) والدارقطني (91) والبيهقي (2 / 452) والطيالسي (2242) وأحمد أيضا (3 / 6 و 87 و 45 و 53 و 59
[ 237 ]
و 64 و 66 و 67 و 71 و 73 و 96) من طرق أخرى عن أبي سعيد به . وفي الباب عن عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وأبي هريرة في الصحيحين وغيرهما . ولفظ حديث ابن عمر : (لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها ، فإنها تطلع بين قرني شيطان) . (تنبيه) قوله في حديث أبي سعيد : (ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس) مخصص بما إذا كانت الشمس مصفرة ، وأما إذا كانت بيضاء نقية فالصلاة حينئذ مستثناة من النهي بدليل حديث علي رضي الله عنه مرفوعا بلفظ : (نهى عن الصلاة بعد العصر إلا والشمس مرتفعة) . أخرجه أبو داود والنسائي والبيهقي والطيالسي وأحمد وغيرهم بسند صحيح ، وقد صححه ابن حزم والحافظ العراقي والعسقلاني وغيرهما ، وقد تكلمت على الحديث في (سلسلة الأحاديث الصحيحة) (200) و (صحيح أبي داود) (1196) . وفي معنى حديث ابن عمر حديث عمرو بن عتبة الطويل في إسلامه ، وزاد بعد قوله (قرني شيطان) : (وحينئذ يسجد لها للكفار) . وقال في تعليل النهي عن الصلاة عند استواء الشمس وسط السماء : (فإنه حينئذ تسجر جهنم) . أخرجه مسلم (2 / 208 - 209) والنسائي (1 / 97 - 98) وابن ماجه وغيرهم . وأخرجه النسائي (1 / 96) عن أبي أمامة ، سمعت عمرو بن عتبة به .
[ 238 ]
وله شاهد مرسل من حديث عبد الله الصنابحي مرفوعا نحوه إلا أنه قال : (ثم إذا استوت قارنها ، فإذا زالت فارقها) . فهذا منكر لمخالفته لحديث عمرو بن عتبة : (فإن حينئذ تسجر جهنم) . أخرجه مالك (1 / 219 / 44) وعنه النسائي (1 / 95) وابن ماجه (1253) إلا أنه قال : أبي عبد الله الصنابحي . قال الحافظ في (التقريب) : (عبد الله الصنابحي مختلف في وجوده ، فقيل صحابي مدني ، وقيل هو أبو عبد الله الصنابحي عبد الرحمن بن عسيلة الآتي) . قلت : فإن يكن هو فتابعي ثقة . فالحديث مرسل مع النكارة التي فيه . 480 - (حديث عقبة بن عامر : (ثلاث ساعات كان النبي (صلى الله عليه وسلم) ينهانا أن نصلي ، فيهن ، أو أن نقبر فيهن موتانا : حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع ، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس ، وحين تضيف للغروب حتى تغرب) . رواه مسلم) . ص 116 صحيح . رواه مسلم (2 / 208) وكذا أبو عوانة (1 / 386) وأبو داود (3192) والنسائي (1 / 95 و 283) والترمذي (1 / 192) والدارمي (1 / 332) وابن ماجه (1519) والطحاوي (1 / 90) والبيهقي (2 / 454) وابن أبي شيبة (2 / 75 / 2) وأحمد (4 / 152) وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . 481 - (حديث جبير مرفوعا : (يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة من ليل أو نهار) . رواه الأثرم والترمذي وصححه) . ص 116
[ 239 ]
صحيح . رواه الترمذي (1 / 164) وكذا النسائي (1 / 98 و 2 / 36) والدارمي (2 / 70) وابن ماجه (1254) والدارقطني (162) والحاكم (1 / 448) والبيهقي (2 / 461) وأحمد (4 / 80) عن سفيان بن عيينة عن أبي الزبير عن عبد الله بن باباه عن جبير بن مطعم به . وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . وقال الحاكم : (صحيح على شرط مسلم) . ووافقه الذهبي . قلت : وهو كما قالا ، وقد صرح أبو الزبير بالسماع في رواية النسائي وغيره . وتابعه ابن جريج قال : أنا أبو الزبير أنه سمع عبد الله بن باباه به . أخرجه أحمد (4 / 81 و 84) . وهو صحيح أيضا . وتابعه عبد الله بن أبي نجيح عن عبد الله بن باباه به . أخرجه أحمد (4 / 82 و 83) عن محمد بن إسحاق قال : ثنا عبد الله بن أبي نجيح به . قلت : وهذا إسناد حسن رجاله كلهم معروفون غير عبد الله بن أبي نجيح ، واسم أبي نجيح يسار مولى ابن عمر ، وقد روى عنه جماعة من الثقات وذكره ابن حبان في (الثقات) . 482 - (حديث أم سلمة : (أنه (صلى الله عليه وسلم) قضاهما (يعني الركعتين اللتين قبل الظهر) بعد العصر) . متفق عليه) . ص 117 صحيح . وقد سبق تخريجه ولفظه برقم (434) . 483 - (حديث أبي ذر مرفوعا : (صل الصلاة لوقتها فإن أقيمت وأنت في المسجد فصل ، ولا تقل : إني صليت فلا أصلي) . رواه أحمد ومسلم) . ص 117
[ 240 ]
صحيح . رواه أحمد (5 / 147 و 160 و 168) ومسلم (2 / 121) وأبو عوانة (2 / 56) من طرق عن أبي العالية عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر به نحوه ، ولفظ الكتاب مركب من روايتين : الأولى : من طريق بديل بن ميسرة قال : سمعت أبا العالية يحدث عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وضرب فخذي : (كيف أنت إذا بقيت في قوم يؤخرون الصلاة عن وقتها ؟ قال : قال : ما تأمر ؟ قال : صل الصلاة لوقتها ، ثم اذهب لحاجتك ، فإن أقيمت الصلاة وأنت في المسجد فصل) . الأخرى : من طريق أيوب عن أبي العالية البراء قال : (أخر ابن زياد الصلاة ، فجائني عبد الله بن الصامت ، فألقيت له كرسيا فجلس عليه ، فذكرت له صنيع ابن زياد ، فعض على شفتيه وضرب فخذي وقال : إني سألت أبا ذر كما سألتني ، فضرب فخذي كما ضربت فخذك وقال : إني سألت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كما سألتني فضرب فخذي كما ضربت فخذك ، وقال : صل الصلاة لوقتها ، فإن أدركتك الصلاة معهم فصل ولا تقل : إني قد صليت ، فلا أصلي) . والسياق لمسلم . وفي رواية له من طريق أبي عمران الجوني عن عبد الله ابن الصامت عن أبي ذر قال : قال لي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها أو يميتون الصلاة عن وقتها ؟ وقال : قلت : فما تأمرني ؟ قال : صل الصلاة لوقتها ، فإن أدركتها معهم فصل فإنها لك نافلة (زاد في رواية) : وإلا كنت قد أحرزت صلاتك) . وأخرجها أحمد أيضا (5 / 149 و 163 و 169) . 484 - (حديث (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها) . متفق عليه) . ص 117
[ 241 ]
صحيح . وقد سبق تخريجه (266) . 485 - (حديث علي رضي الله عنه : (كان (صلى الله عليه وسلم) يقضي ثم يخرح فيقرأ القرأن ويأكل معنا اللحم ولا يحجبه) وربما قال : لا يحجزه من القرأن شئ ليس الجنابة) . رواه الخمسة) . ص 117 ضعيف . أخرجه أبو داود (229) والنسائي (1 / 52) والترمذي (1 / 273 - 274) وابن ماجه (594) وأحمد (1 / 84 و 124) وهؤلاء هم الخمسة - ورواه أيضا الطيالسي (101) والطحاوي (1 / 52) وابن الجارود في (المنتقى) (52 - 53) والدارقطني (ص 44) وابن أبي شيبة (1 / 36 / 1 37 / 1) والحاكم (1 / 152 و 4 / 107) وابن عدي في (الكامل) (ق 214 / 2) والبيهقي (1 / 88 - 89) كلهم من طرق عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة قال : (أتيت على علي رضي الله عنه أنا ورجلان ، فقال : ، فذكره) . والسياق لأحمد إلا أنه قدم (لا يحجزه) على (لا يحجبه) . وهو عند الترمذي مختصر بلفظ : (كان يقرئنا القرآن على كل حال ما لم يكن جنبا) . وهو رواية ابن أبي شيبة وغيره . وزاد ابن الجارود : (وكان شيبة يقول في هذا الحديث : نعرف وننكر ، يعني عبد الله بن سلمة كان كبر حيث أدركه عمرو) . ففي هذا النص إشارة إلى أن ابن سلمة كان تغير حفظه في آخر عمره ، وأن عمرو بن مرة إنما روى عنه في هذه الحالة ، فهذا مما يوهن الحديث ويضعفه وقد صرح بذلك جماعة بذلك من الأئمة ، فقال المنذري في (مختصر السنن) 1 / 165) : (ذكر أبو بكر البزار أنه لا يروى عن علي إلا من حديث عمرو بن مرة عن
[ 242 ]
عبد الله بن سلمة . وحكى البخاري عن عمرو بن مرة : كان عبد الله - يعني ابن سلمة - يحدثنا فنعرف وننكر ، وكان قد كبر ، لا يتابع على حديثه ، وذكر الإمام الشافعي رضي الله عنه هذا الحديث وقال : لم يكن أهل الحديث يثبتونه . قال البيهقي : (وإنما توقف الشافعي في ثبوت هذا الحديث لأن مداره على عبد الله بن سلمة الكوفي ، وكان قد كبر وأنحر من حديثه وعقله بعض النكرة ، وإنما روى هذا الحديث بعدما كبر . قاله شعبة) . وذكر الخطابي أن الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه كان يوهن حديث علي هذا ويضع أمر عبد الله بن سلمة) . وخالف هؤلاء الأئمة آخرون ، فقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . وقال الحاكم : (صحيح الإسناد) . ووافقه الذهبي . وصححه أيضا ابن السكن وعبد الحق والبغوي في (شرح السنة) كما في (التلخيص) للحافظ ابن حجر . وتوسط في (الفتح) فقال (1 / 348) : (رواه أصحاب السنن ، وصححه الترمذي وابن حبان ، وضعف بعضهم [ أحد ] رواته ، والحق أنه من قببل الحسن يصلح للحجة) . هذا رأي الحافظ في الحديث ، ولا نوافقه عليه ، فإن الراوي المشار إليه وهو عبد الله ابن سلمة قد قال الحافظ نفسه في ترجمته من (التقريب) : (صدوق تغير حفظه) . وقد سبق أنه حدث بهذا الحديث في حالة التغير فالظاهر هو أن الحافظ لم يستحضر ذلك حين حكم بحسن الحديث . واللة أعلم . ولذلك لما حكى النووي في (المجموع) (2 / 159) عن الترمذي تصحيحه للحديث تعقبه بقوله : (وقال غيره من الحفاظ المحققين : هو حديث ضعيف) . ثم نقل عن الشافعي والبيهقي ما ذكره المنذري عنهما . وما قاله هؤلاء المحققون هو الراجح عندنا لتفرد عبد الله بن سلمة به
[ 243 ]
وروايته إياه في حالة تغيره . وأما ما ادعاه بعض العلماء المعاصرين أنه قد توبع في معنى حديثه هذا عن علي فارتفعت شبهة الخطأ ، ثم ذكر ما روى أحمد (1 / 101) حدثنا عائذ بن حبيب : حدثني عامر بن السمط عن أبي الغريف قال : (أتي علي رضي الله عنه بوضوء فمضمض واستنشق ثلاثا ، وغسل وجهه ثلاثا ، وغسل يديه وذراعيه ثلاثا ثلاثا ، ثم مسح برأسه ثم غسل رجليه ثم قال : هكذا رأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) توضأ ، ثم قرأ شيئا من القرآن ، ثم قال : هذا لمن ليس بجنب ، فأما الجنب فلا ، ولا آية) . ثم قال : (هذا إسناد صحيح جيد) . ثم تكلم على رجاله بما خلاصته أنهم ثقات . فالجواب من وجوه : الأول : إننا لا نسلم بصحة إسناده لأن أبا الغريف هذا لم يوثقه غير ابن حبان وعليه اعتمد المشار إليه في تصحيح إسناده ، وقد ذكرنا مرارا أن ابن حبان متساهل في التوثيق فلا يعتمد عليه ، لاسيما إذا عارضه غيره من الأئمة ، فقد قال أبو حاتم الرازي : (ليس بالمشهور . قيل : هو أحب إليك أو الحارث الأعور : قال : الحارث أشهر ، وهذا قد تكلموا فيه ، وهو شيخ من نظراء أصبغ بن نباتة) . قلت : وأصبغ هذا لين الحديث عند أبي حاتم ، ومتروك عند غيره . فمثل هذا لا يحسن حديثه فضلا عن أن يصحح ! الثاني : أنه لو صح فليس صريحا في الرفع أعني وضع الشاهد منه وهو قوله : (ثم قرأ شيئا من القرآن . . .) . الثالث : لو كان صريحا في الرفع فهو شاذ أو منكر لأن عائذ بن حبيب وإن كان ثقة فقد قال فيه ابن عدي : (روى أحاديث أنكرت عليه) .
[ 244 ]
قلت : ولعل هذا منها ، فقد رواه من هو أوثق منه وأحفظ مرفوقا على علي ، أخرجه الدارقطني (44) عن يزيد بن هارون نا عامر بن السمط نا أبو الغريف الهمداني قال : (كنا مع علي في الرحبة فخرج إلى أقصى الرحبة ، فو الله ما أدري أبو لا أحدث أو غائطا ، ثم جاء فدعا بكوز من ماء فغسل كفيه ، ثم قبضهما إليه ، ثم قرأ صدرا من القرآن ، ثم قال : اقرؤوا القرآن ما لم يصب أحدكم جنابة ، فإن اصابته جنابة فلا ولا حرفا واحدا) . وقال الدارقطني (هو صحيح عن علي) يعني مرقوفا . قلت : وكذلك رواه موقوفا شريك بن عبد الله القاضي عند ابن أبي شيبة (1 / 2 / 36) والحسن بن حي وخالد بن عبد الله عند البيهقي (1 / 89 و 90) ثلاثتهم عنه عامر بن السمط به مختصرا موقوفا عليه في الجنب قال : لا يقرأ القرآن ولا حرفا . فتبين من هذا التحقيق أن الراجح في حديث هذا المتابع ، أنه موقوف على علي ، فلو صح عنه لم يصلح شاهدا للمرفرع ، بل لو قيل : إنه علة في المرفوع ، وأنه دليل على أن الذي رفعه وهو عبد الله بن سلمة أخطأ في رفعه لم يبعد عن الصواب . والله تعالى أعلم . (فائدة) قال الحافظ في (التلخيص) (ص 51) : (قال ابن خزيمة : لاحجة في هذا الحديث لمن منع الجنب من القراءة ، لأنه ليس فيه نهي ، وإنما هي حكاية فعل ، ولا النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه إنما امتنع من ذلك لأجل الجنابة . وذكر البخاري عن ابن عباس أنه لم ير بالقراءة للجنب بأسا ، وذكر في الترجمة وقالت عائشة : كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يذكر الله على كل أحيانه) . قلت : وحديث عائشة وصله مسلم وغيره . وأثر ابن عباس وصله ابن المنذر بلفظ :
[ 245 ]
(ان ابن عباس كان يقرأ ورده وهو جنب) . كما في (الفتح) وذكر أن البخاري والطبري وابن المنذر ذهبوا إلى جواز قراءة القرآن من الجنب واحتجوا بعموم حديث عائشة المذكور . قلت : وقوله (صلى الله عليه وسلم) (إني كرهت أن أذكر الله عز وجل إلا على طهر ، أو قال : على طهارة) . صريح في كراهة قراءة الجنب لأن الحديث ورد في السلام كما رواه أبو داود وغيره بسند صحيح ، فالقرأن أولى من السلام كما هو ظاهر ، والكراهة لا تنافي الجواز كما هو معروف ، فالقول بها لهذا الحديث الصحيح واجب وهو أعدل الأقوال إن شاء الله تعالى . باب صلاة الجماعة 486 - (حديث أبي هريرة مرفوعا : (أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا ، ولقد هممت أن أمر بالصلاة فتقدم ، ثم أمر رجلا يصلي بالناس ، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار) . متفق عليه) . ص 118 . صحيح . أخرجه البخاري (1 / 170) ومسلم (2 / 123) والسياق له وكذا أبو عوانة (2 / 5) والبيهقي (3 / 55) وابن أبي شيبة (1 / 131 / 1) وأحمد (2 / 424 و 531) كلهم من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة به . وزاد أحمد في رواية بعد قوله (حبوا) : (ولو علم أحدكم أنه إذا وجد عرقا من شاة سمينة أو مرماتين حسنتين لأتيتموهما أجمعين) . وإسناده صحيح . وأخرج ما قبل هذه الزيادة الدارمي (1 / 291) وابن ماجه (797) وأحمد في رواية (2 / 466 و 472) . وأخرج ما بعدها أبو داود (548) .
[ 246 ]
وأخرجهما معا أحمد (2 / 479 - 485) . وإسناده صحيح أيضا . وللحديث طرق أخرى : فأخرجه مالك (1 / 329 / 3) وعنه البخاري (1 / 168) ومسلم وأبو عوانة والنسائي (1 / 135) وابن الجارود (154) والبيهقي كلهم عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة به دون ما قبل قوله (ولقد همت . . .) . وفيه الزيادة . وأخرجه أحمد (2 / 386) من طريق محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة به وزاد في آخره : (ولو يعلمون ما فيها لأتوهما ولو حبوا) . وإسناده جيد . وأخرجه مسلم وأبو عوانة عن همام بن منبه : حدثنا أبو هريرة عنه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بقصة الهم فقط . وهما وكذا أبو داود والترمذي (1 / 422) عن يزيد بن الأصم عن أبي هريرة بهذه القصة ، وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . 487 - (حديث : (أنه لما إستأذنه أعمى لا قائد له أن يرخص له أن يصلي في بيته قال : هل تسمع النداء ؟ فقال : نعم . قال فأجب) . رواه مسلم) . ص 118 صحيح . وهو من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : (أتى النبي (صلى الله عليه وسلم) رجل أعمى فقال : يارسول الله إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد ، فسأل النبي (صلى الله عليه وسلم) أن يرخص له ، فيصلي في بيته ، فرخص له ، فلما ولى دعاه فقال : هل تسمع النداء بالصلاة ؟ فقال : نعم ، قال : فأجب) .
[ 247 ]
أخرجه مسلم (2 / 124) وكذا أبو عوانة (2 / 6) والنسائي (1 / 136) والبيهقي (3 / 57) من طريق يزيد بن الأصم عنه . وله طريق أخرى ، رواه ابن أبي شيبة (1 / 137 / 1) عن أبي رزين عن أبي هريرة نحوه . وله شاهد من حديث ابن أم مكتوم أنه سأل النبي (صلى الله عليه وسلم) الحديث نحوه . أخرجه أبو داود (552 و 553) وغيره بإسنادين صحيحين عنه . وقد خرجته وتكلمت عليه في (صحيح أبي داود) (561 و 562) . 488 - (وعن ابن مسعود قال : (لقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق) . رواه مسلم وغيره) . ص 118 صحيح . ولفظه بتمامه : (من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادي بهن ، فإن الله شرع لنبيكم (صلى الله عليه وسلم) سنن الهدى ، وإنهن من سنن الهدى ، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم ، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ، ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ، ويرفعه بها درجة ، ويحط عنه بها سيئة ، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ، ولقد كان الرجل ، يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف) . أخرجه مسلم (2 / 124) وأبو عوانة (2 / 7) وأبو داود (550) والنسائي (1 / 136) وابن ماجه (777) والبيهقي (3 / 58 - 59) والطيالسي (313) وأحمد (1 / 382 و 414 - 415 و 455) من طرق عن أبي الأحوص عن ابن مسعود به موقوفا عليه . وليس عند أبي داود ما بعد قوله (لضللتم) وقال بدلها : (لكفرتم) وهي رواية ضعيفة منكرة خالفتها لسائر الرواة .
[ 248 ]
489 - (حديث أبي موسى مرفوعا : (اثنان (1) فما فوقهما جماعة) رواه ابن ماجه . ص 118 ضعيف . أخرجه ابن ماجه (972) وكذا الطحاوي (1 / 182) والدارقطني (ص 105) والبيهقي (3 / 69) والخطيب في (تاريخ بغداد) (8 / 415 و 11 / 45 - 46) وابن عساكر (15 / 95 / 2) عن الربيع بن بدر عن أبيه عن جده عمرو بن جراد عن أبي موسى به . وقال البيهقي : (رواه جماعة عن الربيع بن بدر وهو ضعيف) . وقال البوصيري في (الزوائد) (ق 62 / 2) : (هذا إسناد ضعيف لضعف الربيع ووالده بدر بن عمرو) . قلت : بدر لم يضعفه أحد وإنما علته أنه لا يعرف ، قال الذهبي : (لا يدرى حاله ، فيه جهالة) . وقال الحافظ ابن حجر : (مجهول) . قلت : ومثله عمرو بن جراد جد الربيع . فالإسناد واه جدا . وقد روي الحديث عن ابن عمرو بن العاص وأبي أمامة والحكم بن عمير الثمالي ، وأنس بن مالك ، والوليد بن أبي مالك مرسلا . أما حديث ابن عمرو ، فهو من طريق عثمان بن عبد الرحمن المدني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده . أخرجه الدارقطني . (1) الأصل (الإثنان) والتصويب من ابن ماجه وغيره
[ 249 ]
قلت : وهذا إسناده واه جدا أيضا فإن المدني هذا متروك وكذبه ابن معين كما في (التقريب) . وأما حديث أبي أمامة ، فهو من رواية عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عنه مرفرعا . أخرجه أحمد (5 / 254 و 269) . قلت : وهذا سند واه فإن عبيد الله بن زحر وعلي بن يزيد الألهاني ضعيفان . وأما حديث الحكم بن عمير فهو من رواية بقية بن الوليد عن عيسى بن إبراهيم عن موسى بن أبي حبيب قال : سمعت الحكم بن عمير الثمالي - وكان من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) - يقول . فذكره مرفوعا . أخرجه ابن سعد (7 / 415) وابن عدي (ق 306 / 1) وقال : (عيسى بن إبراهيم بن طهمان عامة رواياته لا يتابع عليه) . قلت : وهو واه جدا ، فقد قال البخاري فيه (منكر الحديث) . والنسائي : (متروك الحديث) . وأما حديث أنس فيرويه سعيد بن زربي ثنا ثابت عنه مرفوعا بلفظ : (الاثنان جماعة ، والثلاثة جماعة ، وما كثر فهو جماعة) . أخرجه البيهقي وقال : (ضعيف) . قلت : وعلته سعيد هذا وهو واه جدا ، قال البخاري : (عنده عجائب) . وكذا قال أبو حاتم وزاد : (من المناكير) وقال النسائي : (ليس بثقة) . وقال ابن حبان : (كان يروي الموضوعات عن الأثبات على قلة روايته) .
[ 250 ]
وأما حديث الوليد بن أبي مالك فهو عند الإمام أحمد (5 / 269) قال : (ثنا هشام بن سعيد ثنا ابن المبارك عن ثور بن يزيد عن الوليد بن أبي مالك قال : دخل رجل المسجد ، فصلى ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه ؟ قال : فقام رجل فصلى معه ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : هذان جماعة) . قلت : وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات فهو صحيح لولا أنه مرسل فإن الوليد - وهو ابن عبد الرحمن بن أبي مالك - تابعي مات سنة (125) . وقد صح الحديث موصولا من طريق أخرى عن أبي سعيد الخدري وغيره نحو هذا ، لكن ليس فيه قوله (هذان جماعة) كما سيأتي في (الإمامة) رقم (535) . والخلاصة أن الحديث ضعيف من جميع طرقه ، وليس فيها ما يقوي بعضه بعضا لشدة ضعفها جميعها ، وخيرها المرسل ، فلو وجدنا في ذلك الموصول ما فيه ضعف يسير لحكمنا بقوته ، ولذلك قال الحافظ في (تخريج المختصر) : (حديث غريب ، وقد جاء من رواية أبي موسى وأبي أمامة وأنس عبد الله بن ] عمرو بن العاص ، وأسانيدها كلها ضعيفة) . وقال في موضع آخر كما في (الفيض) . (اتفقوا على تضعيفه) . وقال القسطلاني في (شرح البخاري) . (طرقه كلها ضعيفة) . قلت : لكن يشهد لصحة معناه كما أشار إليه المؤلف الحديث الآتي بعده . 490 - (وقال (صلى الله عليه وسلم) لمالك بن الحويرث : (وليؤمكما أكبر كما)) . صحيح . وهو قطعة من حديث لمالك بن الحويرث تقدم برقم (215) .
[ 251 ]
491 - (قوله (صلى الله عليه وسلم) (لاصلاة لجار المسجد إلا في المسجد)) . ص 119 ضعيف . وقد روي عن أبي هريرة ، وجابر بن عبد الله وعائشة مرفوعا ، وعن علي موقوفا . أما حديث أبي هريرة ، فهو من رواية سليمان بن داود اليمامي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عنه . أخرجه الدارقطني (161) والحاكم (1 / 246) والبيهقي (3 / 57) وقال : (وهو ضعيف) . قلت : وعلته من اليمامي هذا فإنه واه جدا ، قال البخاري : (منكر الحديث) . (1) وقال ابن معين : (ليس بشئ) . وأما حديث جابر ، فقال الدارقطني : حدثنا أبو حامد محمد بن هارون الحضرمي ثنا أبو السكن الطائي زكريا بن يحيى . وحدثنا محمد بن مخلد ثنا جنيد ابن حكيم ثنا أبو السكين الطائي حدثنا محمد بن سكين الشقري المؤذن نا عبد الله ابن بكير الغنوي عن محمد بن سوقة عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال : فقد النبي (صلى الله عليه وسلم) قوما في صلاة الفجر ، فقال : ما خلفكم عن الصلاة ؟ قالوا : لحاء كان بيننا فقال : فذكره وقال الدارقطني : هذا لفظ ابن مخلد ، وقال أبو حامد : لا صلاة لمن سمع النداء ثم لم يأت إلا من علة) . قلت : وبهذا اللفظ الثاني رواه الدولابي في (الكنى والأسماء) (1) أي لا تحل الرواية عنه . كما هو إصطلاح البخاري
[ 252 ]
(1 / 197) معلقا والعقيلي في (الضعفاء) (383) بإسناده عن محمد بن سكين به وقال : (محمد بن سكين ، قال البخاري : في إسناده نظر) . يعني أنه متهم . كما هو معروف عن البخاري . ثم قال العقيلي : (هذا يروى بغير هذا الإسناد من وجه صالح) . قلت : يعني اللفظ الثاني ، وهو كما قال ، وهو من حديث ابن عباس وسيأتي قبيل (صلاة أهل الأعذار) رقم () . وأما حديث عائشة ، فهو من رواية عمر بن راشد عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن عروة عنها مرفوعا . أخرجه ابن حبان في (الضعفاء) وقال : (عمر لا يحل ذكره إلا بالقدح) . قلت : ولذلك أورده ابن الجوزي في (الموضوعات) من طريق ابن حبان معتمدا عليه فيما جرح به عمر . وتعقبه السيوطي في (اللآلي) (2 / 16) بقوله : (قلت : قد وثقه العجلي وغيره ، وروى له الترمذي وابن ماجه) . قلت : وهذا تعقب مردود من وجهين : الأول : أن السيوطي ظن (1) أن عمر بن راشد هو اليمامي فهو الذي روى له من ذكر السيرطي وقال فيه العجلي : (لا بأس) ، وليس به ، بل هو عمر بن راشد الجاري فإنه يروي عن ابن عجلان ومالك وغيرهما من طبقة ابن أبي (1) وجاراه في ذلك ابن عراق في (تنزيه الشريعة) (2 / 99 - 100)
[ 253 ]
ذئب ، فهو يروى عن أتباع التابعين . وأما اليمامي فإنه أعلى طبقة من هذا ، فإنه يروي عن نافع وغيره من التابعين . ثم تأكدت مما ذكرته حين رجعت إلى (التهذيب) فوجدته قد ذكر في شيوخ الجاري ابن أبي ذئب ، شيخه في هذا الحديث ، فثبت أنه هو وليس اليمامي كما توهم السيوطي . وإذا كان الأمر كذلك ، فالجاري هذا متفق على تضعيفه ، بل قال فيه الدارقطني : (كان يتهم بوضع الحديث على الثقات) ، وقال الحاكم وأبو نعيم : (يروي عن مالك أحاديث موضوعة) . الثاني : أنه لو كان هو اليمامي فلا اعتداد بتوثيق العجلي له ، لأنه قد خالفه من هو أعلم منه بالجرح والتعديل وأكثر كأحمد وابن معين والبخاري وغيرهم كثير ، كلهم أطبقوا على توهين شأنه ، بل قال فيه ابن حبان : ما عرفت وقال النسائي : ليس بثقة . والجرح مقدم على التعديل كما هو معروف . فسقط بذلك تعقب السيوطي على ابن الجوزي . نعم تعقبه إياه بطريق أبي هريرة وجابر وارد . ولذلك سلمه له العلامة ابن عراق في (تنزيه الشريعة المرفوعة) (2 / 100) فقال : (وممن حكم على هذا الحديث بالوضع العلامة رضي الدين الصنعاني في جزئه الذي جمع فيه ما وقع في (الشهاب) للقضاعي ، و (النجم) للافليشي من الأحاديث الموضوعة . ورده الحافظ أبو الفضل العراقي في جزء له تعقب فيه على الصنعاني في أحاديث ، قال : أخرجه الحاكم في مستدركه من حديث أبي هريرة ثم قال : واعترض غير واحد من الحفاظ على الحاكم في تصحيحه بأن إسناده ضعيف ، ثم قال : وإن كان فيه ضعف فلا دليل على كونه موضوعا) . قلت : والاعتراض المذكور على الحاكم غير وارد عليه ، لسبيين : الأول : أنه لم يصححه . الثاني : أنه إنما أورد شاهدا لحديث ابن عباس الآتي ، وقد سبقت الإشارة إليه . وهم يتساهلون في الشواهد كما هو معلوم . لكن الاعتراض يمكن
[ 254 ]
توجيهه على الحاكم في صورة أخرى ، بأن يقال : إنه لا يصلح شاهدا لشدة ضعفه كما سبق . فقد قال ابن الصلاح وتبعه جماعة : (لا يلزم من ورود الحديث من طرق متعددة أن يكون حسنا لأن الضعف يتفاوت ، فمنه ما لا يزول بالمتابعات كرواية الكذابين والمتروكين) (1) . قلت : وهذا الحديث من هذا القبيل ، فإن في الطريقين الأولين متهمين ، وفي الثالث وضاعا . فمن حسن الحديث من المعاصرين فقد غفل عن القاعدة التي نقلناها عن ابن الصلاح . وأمثاله كثيرون ممن يغفل عن ذلك ! ولذلك قال الحافظ في تخريج الحديث من (التلخيص) (123) : (مشهور بين الناس ، وهو ضعيف ، ليس له إسناد ثابت ، أخرجه الدارقطني عن جابر وأبي هريرة ، وفي الباب عن علي وهو ضعيف أيضا) . قلت : أما حديث علي فهو موقوف كما ذكرنا في صدر الكلام خلافا لما أوهمه كلام الحافظ رحمه الله تعالى . وهو من رواية أبي حيان عن أبيه عن علي به . قيل له : ومن جار المسجد ؟ قال : من أسمعه المنادي . أخرجه البيهقي (3 / 57) . قلت : وهذا إسناد ضعيف علته والد أبي حيان واسمه سعيد بن حيان ، قال الذهبي : (لا يكاد يعرف ، وعنه ولده ، روى له الترمذي حديثا عن علي وقال فيه : غريب) . وأما قول الحافظ في (تخريج الهداية) بعد أن عزاه الشافعي : (ورجاله ثقات) . فإنما عمدته في ذلك توثيق ابن حبان وكذا العجلي لسعيد بن حيان ، وهما من المعروفين بالتساهل في التوثيق ، فلا يطمئن القلب لتفردهما بالتوثيق وكأنه (1) أنظر (الباعث المثبت) (43)
[ 255 ]
لذلك ضعف الحافظ حديث علي هذا كما تقدم . والله أعلم . (تنبيه) قال المناوي في آخر كلامه على هذا الحديث : (ومن شواهد حديث الشيخين : من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر) . وهذا خطأ من وجهين : الأول : أن الحديث ليس عند الشيخين ، وإن كان صحيحا كما سيأتي تحقيقه في المكان الذي سبق أن أشرنا إليه . الآخر : أن شهادته قاصرة لأنه أعم ، والمشهود له أخص فإنه يفيد - لو صح - أن الواجب على جار المسجد أن يصلي فيه لا في غيره من المساجد ، وهذا مما لا يدعه هذا الشاهد فتأمل . 492 - (وقال ابن مسعود : (من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن) . الحديث . رواه مسلم) . ص 119 صحيح . وهو قطعة من حديث طويل عن ابن مسعود موقوفا عليه تقدم قبل ثلاثة أحاديث . 493 - (حديث أنه (صلى الله عليه وسلم) أمر أم ورقة أن تؤم أهل دارها) . رواه أبو داود والدارقطني) ص 119 حسن . رواه أبو داود (592) وابن الجارود في (المنتقى) (169) والدارقطني (154 - 155) والحاكم (1 / 203) والبيهقي (3 / 135) وأحمد (6 / 405) وأبو القاسم الحامض في (المنتقى من حديثه) (ج 3 / 9 / 2) وأبو علي الصواف في (حديثه) (89 - 91) من طريق الوليد بن جميع قال : حدثتني جدتي وعبد الرحمن بن خلاد الانصاري عن أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث الأنصاري وكانت قد جمعت القرآن ، وكان النبي (صلى الله عليه وسلم) قد أمرها أن تؤم أهل
[ 256 ]
دارها ، وكان لها مؤذن ، وكانت تؤم أهل دارها . واللفظ لأحمد . قلت : وهذا إسناد حسن ، الوليد بن جميع احتج به مسلم كما قال الحاكم ووافقه الذهبي ، وأما جدته واسمها ليلى بنت مالك كما في رواية الحاكم فلا تعرف كما قال الحافظ في (التقريب) ، وأما عبد الرحمن بن خلاد فمجهول الحال ، وأورده ابن حبان في (الثقات) على قاعدته ! لكن هو مقرون بليلى فأحدهما يقوي رواية الآخر ، لا سيما والذهبي يقول في (فصل النسوة المجهولات) : (وما علمت في النساء من اتهمت ، ولا من تركوها) . ولعل هذا هو وجه إقرار الحافظ ابن حجر في (بلوغ المرام) تصحيحه ابن خزيمة للحديث ، مع أنه أعله في (التلخيص) (ص 121) بقوله : (وفي إسناده عبد الرحمن بن خلاد وفيه جهالة) . وذهل عن متابعة ليلى إياه ، وإلا لذكرها وبين حالها كما فعل بمتبوعها ابن خلاد وكأنه اعتمد على رواية لأبي داود ، فإنها لم تذكر فيها ، وعكس ذلك الدارقطني وأحمد في رواية له فذكراها دون ابن خلاد . والحديث أعله المنذري بالوليد بن عبد الله ، وقد رددته عليه في (صحيح أبي داود) (605) ، بما خلاصته أن مسلما احتج به كما سبق ، وأن جماعة وثقوه كابن معين وغيره ، ونقل صاحب (التعليق المغني) عن العلامة العيني أنه قال : (حديث صحيح) . والحق أنه حسن . والله أعلم . 494 - (حديث : (لا يؤمن الرجل في بيته إلا بإذنه) . ص 119 صحيح . وهو فقرة من حديث لأبي مسعود البدري الأنصاري قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم
[ 257 ]
بالسنة ، فإن كانوا في السنة سواء ، فأقدمهم هجرة ، فإن كانوا في الهجرة سواء ، فأقدمهم سلما (وفي رواية : سنا) ، ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه ، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه) . أخرجه مسلم (2 / 133) وأبو عوانة (2 / 35 و 36) وأبو داود (582) والنسائي (1 / 136) والترمذي (2 / 459) وابن ماجه (980) وابن الجارود (308) والدارقطني (104) والحاكم (1 / 243) والبيهقي (3 / 119 و 125 و 119) والطيالسي (618) وأحمد (8 / 114 و 121 و 5 / 272) من طرق عن إسماعيل بن رجاء الزبيدي قال سمعت أوس بن ضمعج يحدث عن أبي مسعود به . وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . قلت : وله شاهد هو عبد الله بن يزيد - الخطمي - وكان أميرا على الكوفة - قال : أتينا قيس بن سعد بن عبادة في بيته ، فأذن المؤذن للصلاة ، وقلنا لقيس : قم فصل لنا ، فقال : لم أكن لأصلي بقوم لست عليهم بأمير ، قال رجل ليس بدونه يقال له عبد الله بن حنظلة بن الغسيل : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : الرجل أحق بصدر دابته ، وصدر فراشه ، وأن يؤم في رحله ، فقال قيس بن سعد عند ذلك : يا فلان - لمولى لهم : قم فصل لهم . أخرجه الدارمي (2 / 285) والبيهقي (3 / 125 - 136) عن سعيد بن سليمان عن إسحاق بن يحيى بن طلحة عنه المسيب بن رافع ومعبد بن خالد عن عبد الله بن يزيد الخطمي . قلت : وهذا سند ضعيف من أجل إسحاق هذا . ولبعضه شاهد من حديث إسماعيل بن رافع عن محمد بن يحيى عن عمه واسع بن حبان عن أبي سعيد الخدري عن النبي (صلى الله عليه وسلم) : (الرجل أحق بصدر دابته ، واحق بمجلسه إذا رجع) . أخرجه أحمد (3 / 32) .
[ 258 ]
وإسناده ثقات غير إسماعيل هذا فهو ضعيف الحفظ . وقد خالفه عمرو ابن يحيى فقال : عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان عن وهب بن حذيفة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : (الرجل أحق بمجلسه ، وإن خرج لحاجته ثم عاد فهو أحق بمجلسه) . أخرجه الترمذي (4 / 6) وقال : (حديث صحيح غريب) . قلت : وإسناده صحيح . 495 - (حديث : (أن أبا بكر صلى حين غاب النبي (صلى الله عليه وسلم) . وفعله عبد الرحن بن عوف فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) أحسنتم) . رواه مسلم) . ص 119 صحيح . وهما حديثان . الأول عن سهل بن سعد الساعدي : (أن رسول الله ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم ، وحانت الصلاة ، فجاء المؤذن إلى أبي بكر الصديق ، فقال : أنصلي الناس فأقيم ؟ قال : نعم ، فصلى أبو بكر ، فجاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، والناس في الصلاة ، فتخلص حتى وقف في الصف ، فصفق الناس ، وكان أبو بكر لا يلتفت في صلاته ، فلما أكثر الناس من التصفيق التفت أبو بكر ، فرأى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأشار إليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن أمكث مكانك ، فرفع أبو بكر يديه ، فحمد الله على ما أمره به رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من ذلك ، ثم استأخر حتى استوى في الصف وتقدم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فصلى ، ثم انصرف ، فقال : يا أبا بكر ما منعك أن تثبت إذ أمرتك ؟ فقال أبو بكر ؟ ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : مالي رأيتكم أكثرتم من التصفيق ؟ ! من نابه شئ في صلاته فليسبح ، فإنه إذا سبح التفت إليه ، وإنما التصفيق للنساء) . أخرجه مالك (163 / 1 / 61) وعنه البخاري (1 / 177) ومسلم (2 / 25) وأبو عوانة (2 / 233) وأبو داود (940) والبيهقي (3 / 122) وأحمد
[ 259 ]
(5 / 337) كلهم عن مالك عنه أبي حازم عنه . ثم أجرجه البخاري (1 / 302 و 306 و 311 - 312 و 2 / 164 - 165 و 4 / 398) ومسلم وأبو عوانة وأبو داود (941) والنسائي (1 / 127 و 128 و 128 و 176 و 2 / 310) والبيهقي (3 / 12) وأحمد (5 / 331 و 332 و 336 و 338) من طرق أخرى عن أبي حازم به نحوه . وزاد أبو داود وأحمد بعد قوله (ليصلح بينهم) : (بعد الظهر ، فقال لبلال : ان حضرت صلاة العصر ولم آتك ، فمر أبا بكر فليصل بالناس . . .) . الثاني : عن المغيرة شعبة (أنه غزا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تبوك ، قال المغيرة فتبرز رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قبل الغائط ، فحملت معه إداوة قبل صلاة الفجر ، فلما رجع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلي ، أخذت أهريق على يديه من الإداوة وغسل يديه ثلاث مرات ، ثم غسل وجهه ، ثم ذهب يخرج جبته عن ذراعية ، فضاق كما جبته ، فأدخل يده في الجبة حتى أخرج ذراعيه من أسفل الجبة ، وغسل ذراعيه إلى المرفقين ، ثم توضأ على خفيه (ثم أقبل ، قال المغيرة فأقبلت معه حتى نجد الناس قد قدموا عبد الرحمن بن عوف ، فصلى لهم ، فأدرك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إحدى الركعتين ، فصلى مع الناس الركعة الآخرة ، فلما سلم عبد الرحمن بن عوف ، قام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يتم صلاته ، فأفزع ذلك المسلمين ، فكثروا التسبيح ، فلما صلى النبي (صلى الله عليه وسلم) صلاته أقبل عليهم ، ثم قال : أحسنتم ، أو قال : قد أصبتم . يغبطهم أن صلوا الصلاة لوقتها) . أخرجه مسلم (2 / 26 - 27) وأبو عوانة (2 / 214 - 215) وأبو داود (149) والبيهقي (1 / 274 و 2 / 295 - 296) وأحمد (4 / 249 و 251) وزاد في رواية : (قال المغيرة : فأردت تأخير عبد الرحمن ، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) : دعه) . وهو رواية لأبي عوانة .
[ 260 ]
والحديث عند البخاري مختصرا ليس فيه موضع الشاهد منه وقد تقدم في (المسح على الخفين) رقم (99) ، وقد أخرج البخاري في (جزء القراءة) ص 17) من طريق عمرو بن وهب الثقفي قال : (كنا عند المغيرة فقيل : هل أم النبي (صلى الله عليه وسلم) أحد غير أبي بكر ؟ قال : كنا مع النبي (صلى الله عليه وسلم) في سفر ثم ركبنا ، فأدركنا الناس ، وقد أقيمت ، فتقدم عبد الرحمن بن عوف وصلى بهم ركعة ، وهم في الثانية ، فذهبت أؤذنه ، فنهاني ، فصلينا الركعة التي أدركنا ، وقضينا الركعة التي سبقنا) . قلت : وإسناده صحيح . 496 - (حديث أبي هريرة مرفوعا : (إذا جئتم إلى الصلاة ، ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئا ، ومن أدرك ركعة فقد أدرك الصلاة) . رواه أبو داود وفي لفظ له : (من أدرك الركوع أدرك الركعة) . ص 199 صحيح . أخرجه أبو داود (893) والدارقطني (132) والحاكم (1 / 216 و 273 - 274) والبيهقي (2 / 89) من طرق عن سعيد بن أبي مريم : أخبرنا نافع بن يزيد حدثني يحيى بن أبي سليمان عن زيد بن أبي العتاب وابن المقبري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) . وقال البيهقي : (تفرد به يحيى بن أبي سليمان المديني ، وقد روي بإسناد آخر ، أضعف من ذلك عن أبي هريرة . وأما الحاكم فقال : (صحيح الإسناد ، ويحيى بن أبي سليمان من ثقات المصريين) . وقال في المكان الأخر : (وهو شيخ من أهل المدينة سكن مصر ، ولم يذكر بجرح) . (1) (1) قلت : لو سلم له ذلك فهل يلزم منه أن ثقة في حديثه . كلا ، ولكن مثل هذا القول من الحاكم يشعر اللبيب أن مذهبه في التوثيق كمذهب ابن حيان !
[ 261 ]
قلت : ووافقه الذهبي ، والصواب ما أشار إليه البيهقي أنه ضعيف ، لأن يحيى هذا لم يوثقه غير ابن حبان والحاكم ، بل قال البخاري : منكر الحديث . وقال أبو حاتم : مضطرب الحديث ، ليس بالقوي ، يكتب حديثه . قلت : لكن له طريق أخرى عن عبد العزيز بن رفيع عن رجل عن النبي (صلى الله عليه وسلم) : (إذا جئتم والإمام راكع فاركعوا ، وإن كان ساجدا فاسجدوا ، ولا تعتدوا بالسجو إذا ليكن معه الركوع) . أخرجه البيهقي . وهو شاهد قوي فإن رجاله كلهم ثقات ، وعبد العزيز ابن رفيع تابعي جليل روى عن العبادلة : ابن عمر وابن عباس وابن الزبير وغيرهم من الصحابة وجماعة من كبار التابعين ، فإن كان شيخه - وهو الرجل الذي لم يسمه - صحابيا فالسند صحيح ، لأن الصحابة كلهم عدول فلا يضر عدم تسميته كما هو معلوم ، وإن كان تابعيا ، فهو مرسل لا بأس به كشاهد ، لأنه تابعي مجهول ، والكذب في التابعين قليل ، كما هو معروف . وقد روي بإسناد آخر من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ : (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدركها قبل أن يقيم الإمام صلبه) . أخرجه الدارقطني والبيهقي وكذا أبو سعيد بن الأعرابي في (المعجم) (ق 94 / 2) والعقيلي في الضعفاء (460) كلهم من طريق ابن وهب : أخبرني يحيى بن حميد عن قرة بن عبد الرحمن عن ابن شهاب قال : أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة به . وقال العقيلي :
[ 262 ]
(قال البخاري : يحيى بن حميد عن قرة لا يتابع عليه . ررواه معمر ومالك ويونس وعقيل وابن جريج وابن عيينة والأوزاعي وشعيب عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ : (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة) . ولم يذكر أحد منهم هذه اللفظة : (قبل أن يقيم الإمام صلبه) ، ولعل هذا من كلام الزهري فأدخله يحيى بن حميد في الحديث ولم يبينه) . قلت : ويحبب هذا ضعفه الدارقطني ومن طريقه أخرجه ابن خزيمة في صحيحه كما في (اللسان) و (التلخيص) (132) وترجم له - أعني ابن خزيمة - : (ذكر الوقت الذي يكون فيه المأموم مدركا للركعة إذا ركع إمامه قبل) . وقد وجدت له طريقا أخرى إلى الزهري ، أخرجه الضياء المقدسي في (المنتقى من مسموعاته له بمرو) (ق 37 / 2) عن أبي علي الأنصاري ثنا عبيد الله ابن منصور الصباغ ثنا أحمد بن صالح - ولم يكن هذا الحديث إلا عنده - ثنا عبد الله ابن وهب عن يونس بن يزيد عن الزهري به بلفظ : (من أدرك الإمام وهو راكع فليركع معه ، وليعتد بها من صلاته) . وهذا إسناد واه جدا فإن أبا علي الأنصاري هذا اسمه محمد بن هارون بن شعيب بن إبراهيم بن حيان وقد قال الذهبي : عن عبد العزيز الكتاني : (كان يتهم) . فلا يصلح للأستشهاد . ومما يقوي الحديث جريان عمل جماعة من الصحابة عليه : أولا : ابن مسعود ، فقد قال : (من لم يدرك الإمام راكعا لم يدرك تلك الركعة) . أخرجه البيهقي (2 / 90) من طريقين عن أبي الأحوص عنه . قلت : وهذا سند صحيح .
[ 263 ]
وروى ابن أبي شيبة في (المصنف) (1 / 99 / 1 - 2) والطحاوي (1 / 231 - 232) والطبراني (3 / 32 / 1) والبيهقي (2 / 90 - 91) عن زيد ابن وهب قال : خرجت مع عبد الله من داره إلى المسجد ، فلما توسطنا المسجد ركع الإمام ، فكبر عبد الله ثم ركع ، وركعت معه ، ثم مشينا راكعين حتى انتهينا إلى الصف حتى رفع القوم رؤوسهم ، قال : فلما قضى الإمام الصلاة قمت وأنا أرى أني لم أدرك ، فأخذ بيدي عبد الله ، فأجلسني وقال : إنك قد أدركت) . قلت : وسنده صحيح . وله في الطبراني طرق أخرى . ثانيا : عبد الله بن عمر ، قال : (إذا جئت والإمام راكع ، فوضعت يديك على ركبتيك قبل أن يرفع فقد أدركت) . أخرجه ابن أبي شيبة (1 / 94 / 1) من طريق ابن جريج عن نافع عنه . ومن هذا الوجه أخرج البيهقي إلا أنه قرن مع ابن جريج مالكا ولفظه : (من أدرك الإمام راكعا ، فركع قبل أن يرفع الإمام رأسه ، فقد أدرك تلك الركعة) . قلت : وإسناده صحيح . ثالثا : زيد بن ثابت ، كان يقول : (من أدرك الركعة قبل أن يرفع الإمام رأسه فقد أدرك الركعة) . رواه البيهقي من طريق مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر وزيد بن ثابت كانا يقولان ذلك . وأخرج الطحاوي (1 / 232) عن خارجة بن زيد بن ثابت . (أن زيد بن ثابت كان يركع على عتبة المسجد ووجهه إلى القبلة ، ثم يمشي معترضا على شقه الأيمن ، ثم يعتد بها إن وصل إلى الصف أو لم يصل) .
[ 264 ]
قلت : وإسناده جيد . وقد أخرجه هو والبيهقي (2 / 90 و 91) من طرق أخرى عن زيد نحوه ويأتي إحداها قريبا . رابعا : عبد الله بن الزبير ، قال عثمان بن الأسود : (دخلت أنا وعمرو بن تميم المسجد ، فركع الإمام فركعت أنا وهو ومشينا راكعين ، حتى دخلنا الصف ، فلما قضينا الصلاة ، قال لي عمرو : الذي صنعت آنفا ممن سمعته ؟ قلت : من مجاهد ، قال : قد رأيت ابن الزبير فعله) . أخرجه ابن أبي شيبة ورجاله ثقات غير عمرو بن تميم بيض له ابن أبي حاتم وذكره ابن حبان في (الثقات) وقال البخاري : (في حديثه نظر) . خامسا : أبو بكر الصديق . عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن أبا بكر الصديق وزيد بن ثابت دخلا المسجد والإمام راكع فركعا ، ثم دبا وهما راكعان حتى لحقا بالصف . أخرجه البيهقي وإسناده حسن ، لكن أبا بكر بن عبد الرحمن لم يدرك أبا بكر الصديق فهو عنه منقطع ، إلا أنه يحتمل أن يكون تلقاه عن زيد بن ثابت . وهو عن زيد صحيح ثابت ، فإنه ورد عنه من طرق أخرى تقدم بعضها قريبا . والخلاصة أن الحديث بشاهده المرسل ، وبهذه الآثار حسنه يصلح للاحتجاج به ، والله أعلم . (فائدة) : دلت هذه الآثار الصحيحة على أمرين : الأول : أن الركعة تدرك بإدراك الركوع ، ومن أجل ذلك أوردناها . الثاني : جواز الركوع دون الصف ، وهذا مما لا نراه جائزا ، لحديث أبي بكثرة أنه جاء ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) راكع فركع دون الصف ، ثم مشى إلى الصف ، فلما قضى النبي (صلى الله عليه وسلم) صلاته قال : أيكم الذي ركع دون الصف ثم مشى إلى الصف ؟ قال أبو بكرة : أنا ، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) زادك الله حرصا ولا تعد) . أخرجه أبو داود وغيره بإسناد صحيح كما بينته في (صحيح أبي داود)
[ 265 ]
(685) وهو عند البخاري أخصر منه . فالظاهر أن الصحابة المذكورين لم يبلغهم هذا الحديث ، وذلك دليل على صدق القول المشهور عن مالك وغيره : (مامنا من أحد إلا رد ورد عليه إلا صاحب هذا القبر (صلى الله عليه وسلم) . ثم رجعت عن ذلك إلى ما ذكرنا عن الصحابة لحديث عبد الله بن الزبير في أن ذلك من السنة ، وهو صحيح الإسناد كما بينته في (سلسلة الأحاديث الصحيحة) . (تنبيه) روى البخاري في جزء القراءة (ص 24) : حدثنا معقل بن مالك قال : حدثنا أبو عوانة عن محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة قال : (إذا أدركت القوم ركوعا لم تعتد بتلك الركعة) . فهذا سند ضعيف من أجل عنعنة ابن إسحاق ، ومعقل ، فإنه لم يوثقه أحد غير ابن حبان . وقال الأزدي : متروك . لكن رواه البخاري في مكان آخر منه (ص 13) عن جماعة فقال : حدثنا مسدد وموسى بن إسماعيل ومعقل بن مالك قالوا : حدثنا أبو عوانة به لكن بلفظ : (لا يجزئك إلا أن تدرك الإمام قائما) . ثم قال البخاري : حدثنا عبيد بن يعيش قال : حدثنا يونس قال : حدثنا [ أبن ] إسحاق قال : أخبرني الأعرج به باللفظ الثاني . فقد ثبت هذا عن أبي هريرة لتصريح ابن إسحاق بالتحديث ، فزالت شبهة تدليسه . وأما اللفظ الأول فلا يصح عنه لتفرد معقل بن مالك به ومخالفته للجماعة في لفظه ، ولذلك لم أستحسن من الحافظ سكوته عليه في (التلخيص) (ص 127) . وثمة فرق واضح بين اللفظين فإن اللفظ الثابت يعطي معنى آخر لايعطيه اللفظ الضعيف ، ذلك لأنه يدل على أنه إذا أدرك الأمام قائما ولو لحظة ثم ركع أنه يدرك الركعة ، هذا ما يفيده اللفظ المذكور ، والبخاري ساقه في صدد إثباته وجوب قراءة الفاتحة وأنه لا يدرك الركعة إذا لم يقرأها ، وهذا مما لا يتحمله هذا اللفظ كما هو ظاهر . والله أعلم .
[ 266 ]
(تنبيه آخر) أخرج حديث الباب ابن عساكر في تاريخه (9 / 457 / 2) من طريق محمد بن إسماعيل الترمذي قال نا ابن أبي مريم : نا نافع بن يريد نا جعفر بن ربيعة عن عبد الله بن عبد الرحمن بن السائب أن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن أزهر حدثه عن أبيه مرفوعا به . والترمذي ثقة حافظ ، وهو صاحب السنن المعروف به ، فلا أدري أهذا خلاف منه للجماعة الذين رووه عن ابن أبي مريم على الوجه المتقدم ، أم هو إسناد آخر لنافع بن يزيد في هذا الحديث ، أم هو خطأ من بعض نسخ التاريخ اختلط حديث بآخر ؟ وهذا أبعد الاحتمالات . وأما اللفظ الآخر الذي ذكره المؤلف ، وعزاه لأبي داود فلا أعلم له أصلا ، لا عند أبي داود ولا عند غيره . والله أعلم . 497 - (حديث : إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة) . رواه الجماعة إلا البخاري) . ص 120 صحيح . أخرجه مسلم (2 / 153) وكذا أبو عوانة في صحيحه (2 / 33 - 34) وأبو داود (1266) والنسائي (1 / 139) والترمذي (2 / 282) والدارمي (1 / 337) وابن ماجه (1151 و 1152) والطحاوي (1 / 218) وأحمد (2 / 331 و 455 و 517 و 531) والطبراني في (المعجم الصغير) (ص 6 و 109) والخطيب في (تاريخ بغداد) (5 / 197 و 7 / 195 و 12 / 213 و 13 / 59) من طرق كثيرة عن عمرو بن دينار قال : سمعت عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . فذكره وقال الترمذي : (حديث حسن) . قلت : بل هو صحيح ، وله طريق أخرى عن أبي هريرة أخرجه الطحاوي وأحمد (2 / 352) من طريقين عن عياش بن عباس القتباني عن أبي تميم الزهري عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ :
[ 267 ]
(إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا التي أقيمت) . وهذا سند صحيح على شرط مسلم غير أبي تميم الزهري فهو مجهول . ولعل عدم تصحيح الترمذي للحديث من أجل أن بعض الثقات رواه عن عمرو عن عطاء عن أبي هريرة موقوفا عليه . وقد أخرجه كذلك ابن أبي شيبة (1 / 194) والطحاوي . لكن رواية الثقات الآخرين الذين رووه عن عمرو به مرفوعا مقدمة على رواية الذين أوقفوه لأن معهم زيادة وهي مقبولة اتفاقا ، لا سيما وقد شهد لها الطريق الأخرى كما ذكرنا . وله شاهد من حديث ابن عمر مرفوعا . 498 - (حديث (أن عمر كان يضرب على الصلاة بعد الإقامة)) ص 120 لم أقف عليه بهذا اللفظ . وقد روى ابن أبي شيبة (1 / 195 / 1) عن ابن أبي فروة عن أبي بكر بن المنكدر عن سعيد بن المسيب : (أن عمر رأى رجل يصلي ركعتين والمؤذن يقيم فانتهره ، وقال : لا صلاة والمؤذن يقيم إلا الصلاة التي تقام لها) . وهذا سند ضعيف جدا ، لأن ابن أبي فروه واسمه إسحاق بن عبد الله متروك . 499 - (حديث أبي هريرة : (وإذا قرأ فأنصتوا) ، رواه الخمسة إلا الترمذي) . صحيح . وقد تقدم تخريجه برقم (394) ، وروا مسلم من حديث أبي موسى الأشعري في حديث طويل تقدم ذكره تحت رقم (332) . وله شاهد من حديث عمر بن الخطاب قال :
[ 268 ]
(صلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوما صلاة الظهر ، فقرأ معه رجل من الناس في نفسه ، فلما قضى صلاته ، قال : هل قرأ معي منكم أحد ؟ قال ذلك ثلاثا فقال له للرجل : نعم يارسول الله أنا كنت أقرأ ب (سبح اسم ربك الأعلى) قال : مالي أنازع القرآن ؟ أما يكفي قراءة إمامه ؟ إنما جعل الأمام ليؤتم به ، فإذا قرأ فأنصتوا) . رواه البيهقي في (كتاب وجوب القراءة في الصلاة) كما في (الجامع الكبير) (3 / 334 / 2) . 500 - (قال (صلى الله عليه وسلم) : (من كان له إمام فقراءته له قراءة) . رواه أحمد في مسائل ابنه عبد الله ورواه سعيد ، والدارقطني مرسلا) . ص 120 حسن . وقد روي عن جماعة من الصحابة ، منهم جابر بن عبد الله الأنصاري وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن مسعود ، وأبو هريرة ، وابن عباس ، وفي الباب عن أبي الدرداء وعلي والشعبي مرسلا . أما حديث جابر فله عنه . الأولى : عن أبي الزبير عنه مرفوعا . (من كان له إمام ، فقراءة الإمام له قراءة) . أخرجه ابن ماجه (850) والطحاوي (1 / 128) والدارقطني (126) وابن عدي في (الكامل) (ق : 5 / 1) وعبد بن حميد في (المنتخب) (ق 114 / 2) وأبو نعيم في (الحلية) و (7 / 334) من طرق عن الحسن بن صالح بن حي عن جابر عن أبي الزبير به . وقال أبو نعيم : (مشهور من حديث الحسن) . قلت : ولكنه قد اختلف عليه في إسناده على وجوه : 1 - عنه عن جابر وحده كما ذكرنا . 2 - عنه عن جابر وليث عن أبي الزبير .
[ 269 ]
أخرجه الطحاوي والدارقطني وابن عدي (ق 280 / 2) وابن الأعرابي في معجمه (ق 2 / 173) والبيهقي (2 / 162) من طرق عنه . وقال البيهقي : (جابر الجعفي وليث بن أبي سليم لا يحتج بهما ، وكل من تابعهما على ذلك أضعف منها أو من أحدهما ، والمحفوظ عن جابر في هذا الباب ما أخبرنا . . .) . ثم ساق حديث جابر الأتي في الكتاب بعد هذا ، ساقه موقوفا عليه ، وسأتي تحقيق القول فيه هناك ان شاء الله تعالى . وجابر الجعفي ضعيف جدا قال الزيلعي في (نصب الراية) (2 / 7) : (مجروح روي عنه أبي حنيفة أنه قال : ما رأيت أكذب من جابر الجعفي ، لكن له طرق أخرى ، وهي وان كانت مدخولة ، ولكن يشد بعضها بعضا) . ونحو جابر في الضعف قرينه الليث بن أبي سليم قال الحافظ في (التقريب) : (صدوق ، اختلط أخيرا ، ولم يتميز حديثه فترك) . وقال ابن عدي عقب الحديث : (ليث مع الضعف الذي فيه يكتب حديثه) . قلت : ولكن لا يتقوى الحديث باقترانه مع جابر لشدة ضعفه . 3 - عنه عن أبي الزبير به . بإسقاط جابر والليث من بينهما . أخرجه الإمام أحمد في مسنده (3 / 339) : ثنا أسود بن عامر أنا حسن ابن صالح عن أبي الزبير عن جابر (1) . (1) لكن رواه ابن الجوزي في (التحقيق) (1 / 320) من طريق أحمد عن الأسود به أ نه ذكر في إسناد جابرالجيفي وبه أعله ، الله أعلم .
[ 270 ]
والأسود بن عامر ثقة احتج به الستة ، وقد توبع ، فقال ابن أبي شيبة في (المصنف) (1 / 150 / 1) : نا مالك بن إسماعيل عن حسن بن صالح به . ومالك هذا ثقة احتج به الستة أيضا ، ولهذا قال ابن التركماني : (وهذا سند صحيح ، وكذا رواه أبو نعيم عن الحسن بن صالح عن أبي الزبير ، ولم يذكر الجعفي . كذا في أطراف المزي . وتوفي أبو الزبير سنة ثمان وعشرين ومائة ، ذكره الترمذي وعمرو بن علي . الحسن ب ن صالح ولد سنة مائة (وتوفي سنة سبع وستين ومائة ، وسماعه من أبي الزبير ممكن ، ومذهب الجمهور إن أمكن لقاؤه لشخص وروى عنه فروايته محمولة على الاتصال) فحمل على أن الحسن سمعه من أبي الزبير مرة بلا واسطة ، ومرة أخرى بواسطة الجعفي وليث) . قلت : هذا الحمل بعيد عندي ، بل الظاهر أن الحسن بن صالح على ثقته كان يضطرب فيه ، فرواه على هذه الوجوه المتقدمة ، على أنه لو سلم بما قاله ابن التركماني لكانت لا تزال هناك علة أخرى قائمة في الإسناد على جميع الوجوه تمنع من الحكم عليه بالصحة وهي عنعنة أبي الزبير فإنه كان مدلسا كما هو معروف ولم يصرح بالسماع في جميع الروايات عنه . وكأنه لما ذكر قال الزيلعي (2 / 10) بعد أن ساقه من طريق أحمد : (في إسناده ضعف) . ثم إن رواية أبي نعيم عن الحسن ، قد أخرجها عبد بن حميد وأبو نعيم الأصبهاني وفيها جابر الجعفي . فلعل عدم ذكره إنما هو في رواية عن أبي نعيم . 4 - عنه عن جابر عن نافع عن ابن عمر مرفوعا به . أخرجه ابن عدي (ق 50 / 1) والطحاوي (1 / 128) . 5 - عنه عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري مرفوعا به . أخرجه ابن عدي (ق 14 / 2) والطبراني في (الأوسط) (1 / 36 / 2 - من الجمع بينه وبن الصغير) من طريقين عنه . وقال الطبراني : (لم يروه عن الحسن بن صالح إلا النضر بن عبد الله الأزدي) .
[ 271 ]
قلت : بلى ، فقد تابعه إسماعيل بن عمرو البجلي عند ابن عدي وقال : (لا يتابع عليه ، وهو ضعيف) . فخفي عليه ما علمه الطبراني ، وعلى العكس . وأبو هارون العبدي متروك ، وقد رواه عنه معتمر موقوفا على أبي سعيد . رواه ابن أبي شيبة (1 / 150 / 1) . قلت : فهذه وجوه خمسة ، اضطرب الرواة فيها على الحسن بن صالح ، والاضطراب ضعف في الحديث لأنه يشعر أن راويه لم يضبطه ولم يحفظه . هذا إذا قبل بعد ترجبح وجه من هذه الوجوه ، وإلا فالراجع عندي الوجه الثاني لاتفاق أكثر الرواة عن الحسن عليه ، ولأنه لا ينافي الوجه الأول والثالث لما فيه من الزيادة عليهما ، وزيادة الثقة مقبولة ، وأما الوجه الرابع والخامس فشاذان بمرة . وله طريق أخرى عن أبي الزبير عن جابر . يرويه سهل بن العباس الترمذي ثنا إسماعيل بن علية عن أيوب عن أبي الزبير به . أخرجه الإمام محمد في (الموطأ) (ص 99) والدارقطني (154) وعنه ابن الجوزي في (التحقيق) (1 / 320) وقال الدارقطني : (حديث منكر ، وسهل بن العباس متروك) . الطريق الثانية عن جابر . قال الإمام محمد في (الموطأ) (98) : (أخبرنا أبو حنيفة قال حدثنا أبو الحسن موسى بن أبي عائشة عنه عبد الله ابن شداد بن الهاد عن جابر بن عبد الله مرفوعا به . وأخرجه الطحاوي والدارقطني (ص 123) والبيهقي (2 / 159 والخطيب (10 / 340) من طرق عن أبي حنيفة به . وقال الدارقطني : (لم يسنده عن موسى بن أبي عائشة غير أبي حنيفة والحسن بن عمارة ، وهما ضعيفان) .
[ 272 ]
ثم أخرجه الدارقطني وابن عدي (ق 83 / 1) من طريق الحسن بن عمارة عن موسى بن أبي عائشة به . وقال الدارقطني : (والحسن بن عمارة متروك الحديث) . وقال ابن عدي : (لم يوصله فزاد قي إسناده جابرا غير الحسن بن عمارة وأبو حنيفة ، وهو بأبي حنيفة أشهر منه من الحسن بن عمارة ، وقد روى هذا الحديث عن موسى بن أبي عائشة غيرهما فأرسلوه ، مثل جرير وابن عيينة وأبي الأحوص والثوري وزائدة ووهب وأبو عوانة وابن أبي ليلى وشريك وقيس وغيرهم عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد مرفوعا مرسلا) . وذكر نحوه الدارقطني وقال : (وهو الصواب) . يعني المرسل . وقد تعقب بعض المتأخرين قول الدارقطني المتقدم أنه لم يسنده غير أبي حنيفة وابن عمارة بما رواه أحمد بن منيع في (مسنده) : أخبرنا إسحاق الأزرق حدثنا سفيان وشريك عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد عن جابر مرفوعا به . وهذا سند ظاهره الصحة ، ولذلك قال البوصيري في (الزوائد) (56 / 1) (سنده صحيح كما بينته في زوائد المسانيد العشرة) . قلت : وهو عندي معلول ، فقد ذكر ابن عدي كما تقدم وكذا الدارقطني والبيهقي أن سفيان الثوري وشريكا روياه مرسلا دون ذكر جابر فذكر جابر في إسناد ابن منيع وهم ، وأظنه من إسحاق الأزرق ، فإنه وإن كان ثقة فقد قال فيه ابن سعد : (ربما غلط) ، وقد قال ابن أبي شيبة في (المصنف) (2 / 149 / 1) : نا شريك وجرير عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) . فذكره مرسلا لم يذكر جابرا . وهذا هو الذي تسكن إليه النفس وينشرح له القلب أن الصواب فيه أنه
[ 273 ]
مرسل ، ولكنه مرسل صحيح الإسناد . الطريق الثالثة : عن يحيى بن سلام قال : ثنا مالك عن وهب بن كيسان عن جابر مرفوعا بلفظ : (كل صلاة لا يقرأ فيها بأم الكتاب فهي خداج ، إلا أن يكون وراء إمام) . اخرجه الطحاوي (1 / 128) والدارقطني (124) والقاضي أبو الحسن الخلعي في (الفوائد) (ج 20 / 47 / 1) من طريق يحيى بن سلام به . وقال الدارقطني : (يحيى بن سلام ضعيف ، والصواب موقوف) . ثم أخرجه هو والطحاوي والبيهقي (2 / 160) والخلعي من طرق صحيحة عن مالك به موقوفا . وهكذا هو في (الموطأ) (1 / 84 / 38) وقال البيهقي : (هذا هو الصحيح . عن جابر من قوله غير مرفوع ، وقد رفعه يحيى بن سلام وغيره من الضعفاء عن مالك ، وذاك مما لا يحل روايته على طريق الاحتجاج به . قلت : ثم أخرجه الطحاوي من طريق إسماعيل بن موسى ابن ابنة السدي قال : ثنا مالك فذكر مثله بإسناده (يعني الموقوف) قال : فقلت لمالك : أرفعه ؟ فقال : خذوا برجله . قلت : فلينظر مراد الإمام مالك بقوله هذا ، هل هو اقرار الموقف واستنكار السؤال عن رفعه ؟ أم ماذا ؟ ثم أخرجه الدارقطني في (غرائب مالك) من طريق عاصم بن عصام عن يحيى بن نصر بن حاجب عن مالك به مرفوعا باللفظ الأول : (من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة) . وقال الدارقطني :
[ 274 ]
(هذا باطل لا يصح عن مالك ولا عن وهب بن كيسان ، وعاصم بن عصام لا يعرف) . كما في (نصب الراية) و (اللسان) . ويتلخص مما سبق أنه لا يصح شئ من هذه الطرق إلا طريق عبد الله بن شداد المرسلة . وأما حديث ابن عمر ، فله عنه طريقان . الأولى : عن محمد بن الفضل بن عطية عن أبيه عن سالم بن عبد الله عن أبيه مرفوعا باللفظ الأول . أخرجه الدارقطني (124) وقال : (محمد بن الفضل متروك) . الثانية : عن خارجة عن أيوب عن نافع عنه مرفوعا به . أخرجه الدارقطني (ص 154) والخطيب (1 / 237) وقال الدارقطني : (رفعه وهم ، والصواب وقفه) . ثم ساقه من طريق إسماعيل بن علية ثنا أيوب عن نافع وأنس بن سيرين أنهما حدثا عن ابن عمر به موقوفا عليه . قلت : وكذلك هو في (الموطأ) (1 / 86 / 43) عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا سئل : هل يقرأ أحد خلف الإمام ؟ قال : إذا صلى أحدكم خلف الإمام فحسبه قراءة الإمام ، وإذا صلى وحده فليقرأ ، قال : وكان عبد الله بن عمر لا يقرأ خلف الإمام) . وأما حديث ابن مسعود فأخرجه الطبراني في (الأوسط) ومن طريقه الخطيب في تاريخه (11 / 426) من طريق أحمد بن عبد الله بن ربيعة بن العجلان حدثنا سفيان بن سعيد الثوري عن مغيرة عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود قال : (صلى بنا النبي (صلى الله عليه وسلم) صلاة الصبح ، فقرأ سورة (سبح اسم ربك الأعلى)
[ 275 ]
فلما فرغ من صلاته قال : من قرأ خلفي ؟ فسكت القوم ، ثم عاود النبي (صلى الله عليه وسلم) : من قرأ خلفي ؟ قال رجل : أنا يارسول الله ، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) : ما لي أنازع القرآن ؟ إذا صلى أحدكم خلف الإمام فليصمت ، فإن قراءتة له قراءة ، وصلاته له صلاة) . وقال الطبراني : (لم يروه عن الثوري إلا أحمد بن عبد الله بن ربيعة) . وقال الخطيب : (وهو شيخ مجهول) . قلت : وهذا الحديث لم يورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) ، ولا هو في (الجمع بين معجمي الطبراني الصغير والأوسط) ولا أورده الزيلعي في (نصب الراية) مع استقصائه لطرق الحديث ، وإنما عزاه للأوسط الحافظ ابن حجر في ترجمة أحمد المذكور في (اللسان) . وأما حديث أبي هريرة فهو من طريق محمد بن عباد الرازي ثنا إسماعيل ابن إبراهيم التيمي عن سهل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة به . أخرجه الدارقطني (126 و 154) وقال : (لا يصح هذا عن سهيل ، تفرد به محمد بن عباد الرازي عن إسماعيل وهو ضعيف) . وقال في الموضع الأول : (وهما ضعيفان) . وأما حديث ابن عباس فيرويه عاصم بن عبد العزيز عن أبي سهيل عن عوف عن ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وسلم) : (تكفيك قراءة الإمام ، خافت أو جهر) . أخرجه الدارقطني (126) في موضعين منها ، قال في الأول منهما ، (عاصم ليس بالقوي ، ورفعه وهم) . وقال في الآخر : (قال أبو موسى (إسحاق بن موسى الأنصاري) : قلت لأحمد بن حنبل
[ 276 ]
في حديث ابن عباس هذا ؟ فقال : هذا منكر) . وأما حديث أبي الدرداء فيرويه زيد بن الحباب ثنا معاوية بن صالح ثنا أبو الزاهرية عن كثير بن مرة عنه قال : (سئل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : أفي كل صلاة قراءة ، قال : نعم ، فقال رجل من الأنصار وجبت هذه (فقال لي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : - وكنت أقرب القوم إليه - ما أرى ، الإمام إذا أم القوم إلا كفاهم) . أخرجه النسائي (1 / 146) والطبراني في (الكبير) والدارقطني (126) وأعله بقوله : (كذا قال وهو وهم من زيد بن الحباب ، والصواب : قال أبو الدرداء : ما أرى الإمام إلا قد كفاهم) . وقال النسائي : (هذا عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خطأ ، إنما هو قول أبي الدرداء . ثم ساق الدارقطني من طريق ابن وهب : (حدثني معاوية بهذا قال : قال أبو الدرداء : يا كثير ما أرى الإمام إلا قد كفاهم) . وقال الهيثمي في (المجمع) (2 / 110) بعد أن عزاه الطبراني : (وإسناده حسن) . قلت : وهو كما قال أو أعلى لولا أن النسائي والدارقطني أعلاه بالوقف . والله أعلم . وأما حديث علي فيرويه غسان بن الربيع عن قيس بن الربيع عن محمد بن سالم عن الشعبي عن الحارث عنه قال : (قال رجل للنبي (صلى الله عليه وسلم) : أقرأ خلف الإمام أو أنصت ؟ قال : بل أنصت فإنه يكفيك) . أخرجه الدارقطني (125 وقال : (تفرد به غسان وهو ضعيف وقيس ومحمد بن سالم ضعيفان ، والمرسل
[ 277 ]
الآتي أصح منه) . يعني مرسل الشعبي وهو : وأما حديث الشعبي ، فيرويه علي بن عاصم عن محمد بن سالم عنه قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (لا قراءة خلف الإمام) . قلت : وهذا مع إرساله ضعيف السند فإن علي بن عاصم ومحمد بن سالم كلاهما ضعيف . وقد روي عن محمد بن سالم عن الشعبي عن الحارث عن علي متصلا كما تقدم . والمرسل أصح لما قال الدارقطني . ويتلخص مما تقدم أن طرق هذه الأحاديث لا تخلو من ضعف ، لكن الذي يقتضيه الإنصاف والقواعد الحديثية أن مجموعها يشهد أن للحديث أصلا ، لأن مرسل ابن شداد صحيح الإسناد بلا خلاف ، والمرسل إذا روي موصولا من طريق أخرى اشتد عضده وصلح للاحتجاج به كما هو مقرر في مصطلح الحديث ، فكيف وهذا المرسل قد روي من طرق كثرة كما رأيت . وأنا حين أقول هذا لا يخفى علي - والحمد لله - أن الطرق الشديدة الضعف لا يستشهد بها ، ولذلك فأنا أعني بعض الطرق المتقدمة ؟ التي لم يشتد ضعفها . (تنبيهان) : الأول : عزا المؤلف الحديث لمسائل عبد الله ، وقد فتشت فيها عنه فلم أجده ، فالظاهر أنه وهم ، وعلى افتراض أنه فيه فكان الأولى أن يعزوه للمسند دون المسائل أو يجمع بينهما لأن المسند أشهر من المسائل كما لا يخفى على أهل العلم . الثاني : سبق أن الدارقطني ضعف الإمام أبا حنيفة رحمه الله لروايته لحديث عبد الله بن شداد عن جابر موصولا ، وقد طعن عليه بسبب هذا التضعيف بعض الحنفية في تعليقه على (نصب الراية) (2 / 8) ولما كان كلامه صريحا بأن التضعيف من الدارقطني كان مبهما غير مبين ولا مفسر ، ولما كان يوهم أن الدارقطني تفرد بذلك دون غيره من أئمة الجرح والتعديل ، لا سيما وقد اغتر به
[ 278 ]
بعض المصححين ، فكتب بقلمه تعليقا ينبئ عن تعصبه الشديد للإمام على أئمة الحديث وأتباعهم ، بعبارة تنبئ عن أدب رفيع ! فقد رأيت أن أكتب هذه الكلمة بيانا للحقيقة وليس تعصبا للدارقطني ، ولا طعنا في الإمام . كيف وبمذهبه تفقهت ؟ ! ولكن الحق أحق أن يتبع ، فأقول : أولا : لم يتفرد الدارقطني بتضعيفه بل هو مسبوق إليه من كبار الأئمة الذين لا مجال لمتعصب للطعن في تجريحهم لجلالهم وإمامتهم ، فمنهم عبد الله بن المبارك فقد روى عنه ابن أبي حاتم (2 / 1 / 450) بسند صحيح أنه كان يقول : (كان أبو حنيفة مسكينا في الحديث) . وقال ابن أبي حاتم : (روى عنه ابن المبارك ثم تركه بآخره . سمعت أبي يقول ذلك) . ومنهم الإمام أحمد . روى العقيلي في (الضعفاء) (434) بسند صحيح عنه أنه قال : (حديث أبي حنيفة ضعيف) . ومنهم الإمام مسلم صاحب الصحيح فقال في (الكنى) (ق 57 / 1) : (مضطرب الحديث ليس له كثير حديث صحيح) . ومنهم الإمام النسائي فقال في (الضعفاء والمتروكين) (ص 29) : (ليس بالقوي في الحديث) . ثانيا : إذا سلمنا أن تجريح الدارقطني كان مبهما . فلا يعني ذلك أن التجريح هو في الواقع مبهم ، فإن قول الإمام أحمد فيه : (حديثه ضعيف) فيه إشارة إلى سبب الجرح وهو علم ضبطه للحديث ، وقد صرح بذلك الإمام مسلم حين قال : (مضطرب الحديث) . وكذلك النسائي أشار إلى سبب الضعف نحو إشارة أحمد حيث قال : (ليس بالقوي في الحديث) ، وقد أفصح عن قصده الذهبي فقال : (ضعفه النسائي من جهة حفظه وابن عدي وآخرون) . وقد اعترف الحنفي المشار إليه بأن جرح الإمام من بعضهم هو مفسر (ولم
[ 279 ]
يسم البعض !) ولكنه دفعه بقوله : (إن الذي جرح الإمام بهذا لم يره ، ولم ير منه ما يوجب رد حديثه) . قلت : وفيه نظر من وجهين : الأول : أن عبد الله بن المبارك رآه وروى عنه ، ثم ترك حديثه كما سبق عن أبي حاتم ، ولولا أنه رأى منه ما يوجب رد حديثه ما ترك الرواية عنه . الثاني : أن كلامه يشعر - بطريق دلالة المفهوم - أن الجارح لو كان رأى الإمام كان جرحه مقبولا ! فلزمه أن يقبل جرح ابن المبارك إياه ، لإنه كان قد رآه كما سبق . على أن هذا الشرط مما لا أصل له عند العلماء ، بل نحن نعلم أن أئمة الجرح والتعليل جرحوا مئات الرواة الذين لم يروهم ، وذلك لما ظهر لهم من عدم ضبطهم لحديثهم بمقابلته بأحاديث الثقات المعروفين عندهم . وهذا شئ معروف لدى المشتغلين بعلم السنة . على أنني أعتقد أن المتعصبين لا يرضهم بأي وجه نقد إمامهم في رواية الحديث من أئمة الحديث المخلصين الذين لا تأخذهم في الله لومة لائم ، فها أنت ترى دفع الجرح المبين سببه بحجة لم ترد عند العلماء وهي أن الجارح لم ير الإمام ، فلو أنه كان رآه أفتظن أنهم كانوا يقبلون جرحه ، أم كانوا يقولون : كلام المتعاصرين في بعضهم لا يقبل ؟ ! وبعد فإن تضعيف أبي حنيفة رحمه الله في الحديث لا يحط مطلقا من قدره وجلالته في العلم والفقه الذي اشتهر به ، ولعل نبوغه فيه ، وإقباله عليه هو الذي جعل حفظه يضعف في الحديث ، فإنما من المعلوم أن إقبال العالم على علم وتخصصه فيه ، مما يضعف ذاكرته غالبا في العلوم الأخرى . والله تعالى أعلم . 551 - (عن جابر مرفوعا : (كل صلاة لم يقرأ فيها بأم القرأن فهي خداج إلا وراء الإمام) رواه الخلال) . ص 120 ضعيف . والصواب فيه موقوف كما سبق بيانه في الذي قبله .
[ 280 ]
502 - (قوله : (اقرأ بها في نفسك) من قول أبي هريرة) . ص 120 صحيح موقوفا . أخرجه مسلم (2 / 9) وأبو عوانة (2 / 126) وكذا البخاري في جزء القراءة (ص 3) وأبو داود (821) والنسائي (1 / 144) والترمذي (2 / 157 - بولاق) وكذا مالك (1 / 84 / 39) وأحمد (2 / 241 و 250 و 285 و 457 و 465 و 478 و 487) من طريقين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم) قال : (من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج ثلاثا غير تمام ، فقيل لأبي هريرة : إنا نكون وراء الإمام ، فقال : اقرأ بها في نفسك ، فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول : قال الله تعالى : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل ، فإذا قال العبد : الحمد لله رب العالمين ، قال الله حمدني عبدي ، وإذا قال : (الرحمن الرحيم) ، قال الله : أثنى علي عبدي ، وإذا قال : (مالك يوم الدين) قال : مجدني عبدي ، وقال مرة فوض إلي عبدي ، فإذا قال : ؟ إياك نعبد واياك نستعين) قال : هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل ، فإذا قال : (اهدنا الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) قال : هذا لعبدي ، ولعبدي ما سأل) . وأخرجه ابن أبي شيبه في موضعين (1 / 143 / 1 و 149 / 1 - 2) والطحاوي (1 / 127) دون الحديث القدسي . وهو رواية لأحمد . وقال الترمذي : (حديث حسن) . قلت : بل هو صحيح ، كيف لا وهو من وجهين وقد صححه أبو زرعة من الوجهين كما ذكره الترمذي نفسه . والمرفوع منه دون الحديث القدسي ، طريق أخرى عن عبد الملك بن المغيرة
[ 281 ]
عن أبي هريرة . أخرجه أحمد (2 / 290) . وإسناده حسن . 503 - (قال ابن مسعود : (وددت أن الذي يقرأ خلف الإمام ملئ فوه ترابا) . موقوف . وهو بهذا اللفظ في مصنف ابن أبي شيبة (1 / 150 / 1) من طريقين عن الأسود بن يزيد قوله . وهو عنه صحيح . وخرجه الطحاوي (1 / 129) من قول ابن مسعود بلفظ : (ليت الذي . . .) والباقي مثله سواه . وإسناده ضعيف ، فيه خديج بن معاوية وهو ضعيف كما قال النسائي وغيره . عن أبي إسحاق وهو السبيعي وكان اختلط . وروى الأمام محمد في (الآثار) (ص 100) والطحاوي بسند صحيح عن علقمة بن قيس قال : لأن أعض على جمرة أحب إلي من أن أقرأ خلف الإمام) . قلت : وعلقمة والأسود بن يزيد من الذي تفقهوا على ابن مسعود رضي الله عنه فلعلهما تلقيا ذلك عنه ، فإن ثبت ذلك ، فهو دليل على صحته عن ابن مسعود ، وإن كان إسناده عنه ضعيفا ، كما رأيت . وقال الإمام محمد (101) : أخبرنا داود بن قيس الفراء المدني : أخبرني بعض ولد سعد بن أبي وقاص أنه ذكر له أن سعدا قال : (وددت أن الذي يقرأ خلف الإمام في فيه جمرة) . ورواه ابن أبي شيبة (1 / 149 / 2) نا وكيع عن داود بن قيس عن ابن نجار عن سعد به . فسمى ولد سعد ابن نجار . قلت : وهو مجهول لا يعرف وقد علقه البخاري في جزء القراءة (5) وقال :
[ 282 ]
(وهذا مرسل ، وابن نجار لم يعرف ولا سمي ، ولا يجوز لأحد أن يقول : في القارئ خلف الإمام جمرة ، لأن الجمرة من عذاب الله النبي (صلى الله عليه وسلم) : لا تعذبوا بعذاب الله ، ولا ينبغي لأحد أن يتوهم ذلك على سعد مع إرساله وضعفه) . وروى البخاري تعليقا في جزئه (ص 5) والدارقطني في سننه (126) من طريق علي بن صالح عن ابن الأصبهاني عن المختار بن عبد الله بن أبي ليلى عن أبيه قال : قال علي رضي الله عنه . (من قرأ خلف الإمام فقد أخطأ الفطرة) . وقال البخاري : (لا يصح ، لأنه لا يعرف المختار ، ولا يدري أنه سمعه من أبيه أم لا ، وأبوه من علي : ولا يحتج أهل الحديث بمثله ، وحديث الزهري (1) عن عبد الله ابن أبي رافع عن أبيه أولى وأصح) . قلت : لكن علي بن صالح وهو ابن حي الهمداني قد خولف فيه ، فقال ابن أبي شيبة (1 / 149 / 2) : نا محمد بن سليمان الأصبهاني عن عبد الرحمن ابن الأصبهاني عن ابن أبي ليلى عن علي به . وهذا سند جيد ليس فيه المختار ولا أبوه ، فإن ابن أبي ليلى في هذه الطريق هو عبد الرحمن بن أبي ليلى التابعي الجليل سمع من علي رضي الله عنه ، وسمع منه ابن الأصبهاني كما في ترجمة هذا الأخير . ويؤيده أن الدارقطني أخرجه (126) من طريق عبد العزيز بن محمد ثنا قيس عن عبد الرحمن بن الأصبهاني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى به . وقيس هو ابن الربيع وهو صدوق . وكذا محمد بن سليمان الأصبهاني وهما وإن كان فيهما ضعف من قبل حفظهما فأحدهما يقوي الأخر كما هو مقرر في المصطلح . ولذلك قال ابن التركماني (2 / 168) في هذا الوجه : (لا بأس به) . وهذا القول من علي رضي الله عنه ينبغي حمله على القراءة خلف الأمام في (1) سيأتي قريبا
[ 283 ]
الجهرية دون السرية ، وذلك لأمرين : الأول : أن القراءة في الجهرية خلفه هو الذي يتنافى مع الفطرة لأنه لا يعقل البتة أن يجهر الإمام ، وينشغل المؤموم بالقراءة عن الإصغاء والاستماع إليه ، وقد تنبه لهذا الشافعية وغيرهم فقالوا بالقراءة في سكتات الإمام ، ولما وجدوا أن ذلك لا يمكن ولا يحصل الغرض من التدبر في القراءة ، قالوا بالسكتة الطويلة عقب الفاتحة بقدر ما يقرؤها المؤتم ، وهذا مع أنه لا أصل له في الشرع لإن حديث السكتة ضعيف ومضطرب كما سيأتي فليس فيه هذه السكتة الطويلة ! الثاني : أنه قد صح عن علي رضي الله عنه أنه كان يقرأ في السرية ، فقد روى ابن أبي شيبة (1 / 148 / 2) والدارقطني (ص 122) وكذا البيهقي (2 / 168) واللفظ له عن الزهري عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي أنه : (كان يأمر أو يحث أن يقرأ خلف الأمام في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة ، وفي الركعتين الأخريين بفاتحه الكتاب) . وقال الدارقطني : (وهذا إسناد صحيح) . قلت : وزاد بعض الرواة فيه : (عن أبيه عن علي) . وكذلك علقه البخاري كما تقدم . لكن قال البيهقي : (الأصح الرواية الأولى ، وسماع عبيد الله بن أبي رافع عن علي رضي الله عنه ثابت ، وكان كاتبا له) . قلت : فإذا ثبت هذا الأمر عن علي رضي الله عنه ، فلا يجوز أن ينسب إليه القول بنفي مشروعية القراءة وراء الإمام مطلقا في السرية أو الجهرية ، بناء على قوله المتقدم (من قرأ خلف الإمام فقد أخطأ الفطرة) كما صنع ابن عبد البر في (التمهيد) على ما نقله ابن التركماني عنه (2 / 169) وأقره طبعا تبعا لمذهبه ! كما لا يجوز أن يتخذ هذا الأمر الثابت عنه دليلا على ضعف قوله
[ 284 ]
المذكور ، كما فعل البيهقي ، لأن الجمع ممكن بحمله على الجهرية كما سبق ، والأمر المتقدم صرح في مشروعية القراءة في السرية دون الجهرية ، فاتفقا ولم يختلفا . والله الموفق . 504 - (حديث (أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يصلي بأصحابه إلى سترة) . ولم يأمرهم أن يستتروا بشئ ، لان سترة الإمام سترة لمن خلفه) . ص 121 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 135) ومسلم (2 / 55) وأبو عوانة (2 / 48 / - 49) وأبو داود (687) وابن ماجه (1304 و 1305) والبيهقي (2 / 269) وأحمد (2 / 142) عن عبد الله بن عمر (أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان إذا خرج يوم العيد أمر بالحربة فتوضع بين يديه فيصلي إليها ، والناس وراءه ، وكان يفعل ذلك في السفر ، فمن ثم اتخذها الأمراء) . واللفظ للبخاري وترجمه له بقوله : (باب سترة الإمام سترة لمن خلفه) . وليس عند أبي عوانة وابن ماجه قوله : (وكان يفعل ذلك في السفر) . وجعلا ما بعده من قول نافع . فهو مدرج في الحديث . وزاد ابن ماجه في رواية : (وذلك أن المصلى كان فضاء ليس فيه شئ يستتر به) . وإسناده صحيح . 505 - (حديث الحسن عن سمرة : (أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يسكت سكتتين إذا استفتح وإذا فرغ من القراءة كلها) . وفي رواية : (سكتة إذا كبر وسكتة إذا فرغ من قراءة غير الغضوب عليهم ولا الضالين) . رواه أبو داود) . ص 126
[ 285 ]
ضعيف . أخرجه أبو داود (777 - 780) من طرق ستة عن الحسن به . وقد اختلفوا عليه . الأول : أشعث عن الحسن به . بلفظ الكتاب . أخرحه أبو داود (778) . وعلقه البيهقي (2 / 196) . الثاني : قتادة ، وقد اضطرب في روايته وهي من طريق سعيد بن أبي عروبة عنه ، فقال يزيد بن زريع ثنا سعيد به بلفظ : (أن سمرة بن جندب وعمران بن حصين تذكرا ، فحدث سمرة بن جندب أنه حفظ عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سكتتين : سكتة إذا كبر . الحديث مثل رواية الكتاب الثانية . فحفظ ذلك سمرة ، وأنكر عليه عمران بن حصين ، فكتبا في ذلك إلى أبي بن كعب ، وكان في كتابه إليهما أو في رده عليهما : أن سمرة قد حفظ) . أخرجه أبو داود (779) وعنه البيهقي . وأخرجه البخاري في جزء القراءة (ص 23) عن يزيد نحوه بلفظ : (وسكتة إذا فرغ من قراءته) . وكذلك رواه عبد الأعلى عن سعيد ، إلا أنه زاد : (ثم قال بعد ذلك (يعنى قتادة) : وإذا قال : (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) ، وكان يعجبه إذا فرغ من القراءة أن يسكت حتى يتراد إليه نفسه) . أخرجه أبو داود (780) والترمذي (2 / 31) وابن ماجه (844) ، وقال الترمذي : (حديث حسن) . قلت : وفيه نظر لما سيأتي عن الدارقطني . وقد تابعه مكي بن إبراهيم عن سعيد به . عند البيهقي .
[ 286 ]
فهذه الرواية صريحة في أن قتادة كان في أول الأمر يقول : (إذا فرغ من قراءته) ، ثم قال بعد : (إذا قال غير المغضوب . . .) والرواية الأولى أولى لموافقتها لرواية أشعب ورواية حميد ، وهي : الثالث : حميد عن الحسن به بلفظ : (كان للنبي (صلى الله عليه وسلم) سكتتان : سكتة حين يكبر ، وسكتة حين يفرغ من قراءته ، فأنكر ذلك عمران بن حصين . . .) الحديث . أخرجه البخاري في جزئه والدارمي (283) وأحمد (5 / 15 و 20 و 21) وابن أبي شيبة (1 / 117 / 2) . الرابع : يونس بن عبيد ، وقد اختلف عليه على وجوه : (1) أ - فقال إسماعيل عنه مثل رواية حميد بلفظ : (وسكتة إذا فرغ من فاتحة الكتاب وسكتة عند الركوع) . أخرجه أبو داود (777) وعنه البيهقي ، وابنه ماجه (845) وأحمد (5 / 21) والدارقطني (128) . ب - وقال يزيد بن زريع عنه بلفظ : (وإذا فرغ من قراءة السورة سكت هنية) . أخرجه أحمد (5 / 11 و 23) . ج - وقال هشيم عن يونس بلفظ : (وإذا قال (ولا الضالين) سكت أيضا هنيهة) . أخرجه أحمد (5 / 23) والدارقطني . (1) وقول ابن القيم في رسالة (الصلاة) : (انه لم يختلف على يونس) خطأ كما سنرى .
[ 287 ]
وأرجح هذه الروايات عن يونس هي الأولى لمتابعة الرواية الثانية . واتفاق إسماعيل - وهو ابن علية ويزيد بن زريع عليها . الخامس : منصور بن المعتمر عن الحسن مثل رواية هشيم عن يونس . أخرجه أحمد (5 / 23) مقرونا برواية يونس من طريق هشيم عنهما . السادس : عمرو عن الحسن قال : (كان لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثلاث سكتات : (إذا افتتح التكبير ، حتى يقرأ الحمد ، وإذا فرغ من الحمد حتى يقرأ السورة ، وإذا فرغ من السورة حتى يركع) . أخرجه ابن أبي شيبة (1 / 117 / 2) : نا حفص عن عمرو . . . قلت : وحفص هو ابن غياث وهو ثقة ، وأما عمرو ، فهو إما ابن ميمون الجزري الرقي وهو ثقة أيضا ، وإما عمرو بن عبيد المعتزلي المشهور وهو ضعيف متهم بالكذب وخاصة على الحسن البصري ، وهذا هو الذي يترجح عندي أنه ابن عبيد ، لأن مثل هذه الرواية به أليق ، وهو بها ألصق لما فيها من شذوذ ومخالفة لرواية الجماعة عن الحسن من جهة الإرسال وجعل السكتات أثتين . والله أعلم . وإذا اتضحت هذه الطرق الست وألفاظها ، فأرجحها هو اللفظ الأول (وإذا فرغ من القراءة كلها) لاتفاق أشعث وحميد عليها ، دون أن يختلف عليهما فيه ، وأما الألفاظ الأخرى فقد اختلف فيها على رواتها عن الحسن غير رواية . المعتمر فهي مرجوحة ، للاختلاف أو التفرد . وأيضا فإن اللفظ الأول فيه زيادة على الروايات التي اقتصرت على ذكر الفاتحة فقط ، وهي زيادة من ثقة فيجب قبولها كما هو مقرر في (مصطلح الحديث) ، فهو مرجح آخر . وبالله التوفيق . على أن الحديث معلول ، لأن الطرق كلها تدور على الحسن البصري ، وقد قال الدارقطني عقب الحديث :
[ 288 ]
(الحسن مختلف في سماعه من سمرة ، وقد سمع منه حديثا واحدا وهو حديث العقيقة ، فيما زعم قريش بن أنس عن حبيب بن الشهيد) . على أن الحسن البصري مع جلالة قدره كان يدلس ، فلو فرض أنه سمع من سمرة غير حديث العقيقة ، فلا يحمل روايته لهذا الحديث أو غيره على الاتصال إلا إذا صرح بالسماع ، وهذا منقود في هذا الحديث ، بل في بعض الروايات عنه ما يشير إلى الانقطاع فإنه قال فيها : قال سمرة : وهي رواية إسماعيل . ولذلك فالحديث لا يحتج به ، وقد قال أبو بكر الجصاص في (أحكام القرآن) (3 / 50) : (إنه حديث غير ثابت) . 506 - (قول جابر : كنا نقرأ في الظهر والعصر خلف الإمام في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة ، وفي الآخرتين بفاتحة الكتاب) رواه ابن ماجه) . ص 121 صحيح . قال ابن ماجه (843) ، حدثنا محمد بن يحيى ثنا سعيد بن عامر ثنا شعبة عن مسعر عن يزيد الفقير عن جابر بن عبد الله قال : قلت : وهذا إسناد صحيح ، رجاله رجال البخاري غير سعيد بن عامر وهو ثقة . 507 - (حديث : (إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا ، وإذا قال : سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد ، وإذا سجد فلسجدوا) . متفق عليه) . ص 122 صحيح . وهو من حديث أنس بن مالك في الصحيحين وغيرهما وقد تقدم تخريجه برقم (394) . 508 - (في حديث أبي موسى : (فإن الإمام يركع قبلكم ويرفع قبلكم) . رواه مسلم) .
[ 289 ]
صحيح . وقد مضى بتمامه مخرجا برقم (332) . 509 - (قوله (صلى الله عليه وسلم) : (لا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالقيام)) . ص 122 صحيح . رواه مسلم (2 / 28) وأبو عوانة (2 / 136) والدارمي (2 / 301) والبيهقي (1 / 92 - 92) وأحمد (3 / 102 و 126 و 154 و 217 و 240) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : (صلى بنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ذات يوم ، فلما قضى الصلاة أقبل علينا بوجهه فقال : أيها الناس إني إمامكم فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالقيام ولا بالانصراف ، فإني أراكم أمامي ومن خلفي ، ثم قال : والذي نفس محمد بيده لو رأيتم ما رأيت لضحكتم قليلا ، ولبكيتم كثيرا ، قالوا : وماذا رأيت يا رسول الله ؟ قال : رأيت الجنة والنار) . والسياق لمسلم وليس عند الدارمي (ثم قال . . .) الخ . ولأبي داود (624) منه النهي عن الانصراف . وله شاهد من حديث معاوية بن أبي سفيان قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (لا تبادرني بالركرع ولا بالسجود ، فمهما أسبقكم به إذا ركعت تدركوني به إذا رفعت ، ومهما أسبقكم به إذا سجدت ، تدركوني به إذا رفعت ، إني قد بدنت) . أخرجه الدارمي (1 / 301 - 302) وابن ماجه (963) واللفظ له والبيهقي (2 / 92) وأحمد (4 / 92 و 98) من طريق محمد بن عجلان عن محمد ابن يحيى بن حيان عن ابن محيرز عنه . ولأبي داود منه (619) أكثره . قلت : وهذا إسناد جيد . وابن محيرز اسمه عبد الله . (بدنت) بتشديد الدال المهملة أي كبرت . وله شاهد آخر من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ :
[ 290 ]
(يا أيها الناس إني قد بدنت ، فلا تسبقوني بالركوع والسجود ولكن أسبقكم ، إنكم تدركون ما فاتكم) . أخرجه البيهقي (2 / 93) من طريق إسحاق قال : حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبي الزناد عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة . قلت : وهذا إسناد حسن . 510) - (عن أبي هريرة مرفوعا : (أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار) . متفق عليه) . ص 122 . متفق عليه . صحيح . أخرجه البخاري (1 / 181) ومسلم (2 / 28) وكذا أبو عوانة (2 / 137) وأبو داود (623) والنسائي (1 / 132) والترمذي (2 / 476) والدارمي (1 / 302) وابن ماجه (961) وابن خزيمة (1600) والبيهقي (2 / 93) والطيالسي (2491) وأحمد (2 / 260 و 271 و 425 و 456 و 469 و 472 و 504) والطبراني في (المعجم الصغير) (ص 60) وأبو نعيم في الحلية (8 / 43) والخطيب في (تاريخه) (3 / 155 و 4 / 398) من طرق عن محمد بن زياد ثنا أبو هريره قال : قال محمد (صلى الله عليه وسلم) : فذكره واللفظ لمسلم . وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . وزاد أبو داود وأحمد والخطيب في رواية لهما : (والإمام ساجدا) . قلت : وإسنادها صحيح . وفي رواية لبعضهم (صورة) بدل (رأس) . وفي أخرى (وجه) وهي من اختلاف الرواة ، والأرجح رواية مسلم وغيره (رأس) كما ذكرته في (صحيح أبي داود (634) .
[ 291 ]
511 - (حديث : (عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان)) . ص 123 صحيح . لطرقه وقد تقدم تخريجه في أوائل الكتاب (رقم 81) 512 - (حديث أبي هريرة مرفوعا : (إذا صلى أحدكم للناس فليخفف فإن فيهم السقيم والضعيف وذا الحاجة ، وإذا صلى لنفسه فليطول ما شاء) . رواه الجماعة) . ص 123 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 183) ومسلم (2 / 43) وكذا مالك (1 / 134 / 13) وأبو داود (794 و 495) والنسائي (1 / 132) والترمذي (1 / 461) وأحمد (2 / 486) من طريق الأعرج عن أبي هريرة به ، لكن ليس عند أحد منهم (وذا الحاجة) ، وعند البخاري بدلا (والكبير) وكذا قال النسائي ومالك وأحمد . وقال مسلم (أو المريض) . وكذا قال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . لكن في رواية أخرى من طريق أبي بكر بن عبد الرحمن أنه سمع أبا هريرة فذكره مختصرا ، وفيه (وذا الحاجة) . أخرجه مسلم والبيهقي (3 / 115) . وكذا في رواية أبي سلمة عن أبي هريرة . عند مسلم والبيهقي وأحمد (2 / 271 و 502) . وكذا في رواية أبي صالح عنه . عند أحمد (2 / 472 و 525) ، وسنده صحيح . وبالجملة فهذه الرواية ثابتة في الحديث ، فضمها المؤلف إليه ثم عزاه للجماعة ، وهذا منه تسامح وتساهل . على أن عزوه لابن ماجه خطأ فإنه لم يخرجه البتة من حديث أبي هريرة ، وإنما أخرجه (984) من حديث أبي مسعود
[ 292 ]
البدري بنحوه في قصة معاذ في إطالة الصلاة دون قوله : وإذا صلى لنفسه فليطول ما شاء) . وقد أخرجه الشيخان أيضا . 513 - (حديث ابن أبي أوفى : (كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يقوم في الركعة الأولى من صلاة الظهر حتى لا يسمع وقع قدم) . رواه أحمد وأبو داود) . ص 123 ضعيف . أخرجه أحمد (4 / 356) وأبو داود (852) من طريق همام ثنا محمد بن جحادة عن رجل عن عبد الله بن أبي أوفى به . قلت : ورجاله ثقات غير الرجل الذي لم يسم ، وقد سمي ، فأخرجه البيهقي (2 / 66) من طريق الحماني ثنا أبو إسحاق الحميسي : ثنا محمد بن جحادة عن طرفة الحضرمي عن عبد الله بن أبى أوفى . قلت : وطرفة هذا مجهول فلم نستفد من تسميته شيئا ، على أن الحماني متكلم فيه . 514 - (وثبت عنه (صلى الله عليه وسلم) الانتظار في صلاة الخوف لادراك الجماعة) . صحيح . وفيه أحاديث كثيرة : عن صالح بن خوات عمن صلى مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوم ذات الرقاع صلاة الخوف أن طائفة صفت معه ، وصفت طائفة وجاء العدو ، فصلى بالتي معه ركعة ، ثم ثبت قائما ، وأتموا لأنفسهم ، ثم انصرفوا ، فصفوا وجاه العدو ، وجاءت الطائفة الأخرى ، فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته ثم ثبت جالسا ، وأتموا لأنفسهم ، ثم سلم بهم) . أخرجه مالك (1 / 183 / 1) وعنه البخاري (3 / 100 - 101) ومسلم (2 / 214) وأبو عوانة (2 / 364) وأبو داود (1238) والنسائي (1 / 229) وابن الجارود (123 - 124) وأحمد (5 / 370) والبيهقي (3 / 252 - 253)
[ 293 ]
كلهم عن مالك عن يزيد بن رومان عن صالح به . وعلقه الترمذي (2 / 456 - 457) عنه وقال : (حديث حسن صحيح) . 515 - (حديث : (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وبيوتهن خير لهن وليخرجن تفلات) . رواه أحمد وأبو داود) . ص 123 صحيح . أخرجه أبو داود (565) والدارمي (1 / 293) وابن الجارود (169) والبيهقي (3 / 134) وأحمد (2 / 438 و 475 و 528) من طرق عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : فذكره دون قوله : (وبيوتهن خير لهن) . قلت : وإسناده حسن ، وصححه النوري في (المجموع) على شرط الشيخين وعزاه العراقي لمسلم ، وكل ذلك وهم كما نبهت عليه في (صحيح أبي داود (574) . . إنما صححت الحديث ، لأن له شواهد ، فقد أخرجه أحمد (6 / 69 - 70) من حديث عائشة مثل حديث أبي هريرة . قلت : وإسناده حسن . وأخرجه أيضا (5 / 192 و 193) من حديث زيد بن خالد الجهني مرفوعا به . وقال الهيثمي (2 / 33) : (إسناده حسن) . قلت : وفيه نظر بينته في (الثمر المستطاب) ، ولكنه لا بأس به في الشواهد ، وقد أخرجه ابن حبان في صحيحه . وأما الزيادة ، (وبيوتهن خير لهن) فيشهد لها أحاديث :
[ 294 ]
منها : عن ابن عمر قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (لا تمنعوا نساءكم المساجد ، وبيوتهن خير لهن) . أخرجه أبو داود (567) والحاكم (1 / 259) وعنه البيهقي (3 / 131) وأحمد (2 / 76 و 76 - 77) من طريق حبيب بن أبي ثابت عنه . وقال الحاكم : (صحيح على شرط الشيخين) . ووافقه الذهبي ، وصححه جماعة آخرون ذكرتهم في (صحيح أبي داود) (576) . وهو كما قالوا لولا عنعنة حبيب ، فإنه موصوف بالتدليس . وهو في الصحيحن وغيرهما من طريق نافع عن ابن عمر نحوه دون الزيادة . وفي الباب عن أم حميد وأم سلمة وابن مسعود ، وقد تكلمت على أسانيدها في (التعليق الرغيب على الترغيب والترهيب) .
[ 295 ]
فصل في الإمامة 516 - (حديث : (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة ، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة) الحديث) . ص 124 صحيح . وقد سبق برقم (494) . 517 - (قوله (فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا) . رواه مسلم) . ص 124 صحيح . وهو قطعة من الحديث الذي قبله . 518 - (قوله (وليؤمكم أكبركم) . متفق عليه) . ص 124 صحيح . وهو قطعة من حديث لمالك بن الحويرث سبق بتمامه (216) . 519 - (حديث : (قدموا قريشا ولا تقدموها)) . ص 124 صحيح . روي من حديث الزهري مرسلا ، ومن حديث عبد الله بن السائب وعلي بن أبي طالب وأنس بن مالك وجبير بن مطعم .
[ 296 ]
أما حديث الزهري فأخرجه الشافعي (2 / 509 - من ترتيبه وأبو عمرو الداني في (كتاب الفتن) (ق 5 / 1) والبيهقي في (معرفة السنن) (ص 25) من طريقين عن ابن أبي ذئب عن ابن شهاب أن بلغه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : فذكره وزاد : (وتعلموا من قريش ، ولا تعلموها) . ورواه البيهقي (3 / 121) من طريق معمر عن الزهري عن ابن أبي حتمة مرفوعا به وزاد : (فإن للقرشي مثل قوة الرجلين من غيرهم . يعني في الرأي) . وقال : (هذا مرسل ، وروي موصولا وليس بالقوي) . قلت : وابن أبي حتمة هو أبو بكر بن سليمان بن أبي حتمة ، وهو تابعي ثقة ، ونقل ابن الملقن في (الخلاصة) (ق 48 / 2) عن البيهقي أنه قال : (مرسل جيد) . فالظاهر أنه يعني البيهقي في (المعرفة) ، وإلا فليس في (السنن) قوله (جيد) . كما رأيت) . وأما حديث عبد الله بن السائب فأخرجه الطبراني في الكبير من طريق أبي معشر عن المقبري عنه به مثل رواية ابن أبي ذئب وزاد : (ولولا أن تبطر قريش لأخبرتها ما لخيارها عند الله تعالى) . قال الحافظ في (التلخيص) (ص 125) : (وأبو معشر ضعيف) .
[ 297 ]
وأما حديث علي فعزاه الحافظ البيهقي ، ولعله يعني في المعرفة ، وعزاه السيوطي في (الجامع الصغير) للبزار بلفظ : (لأخبرتها بما لها عند الله) . ولم يورده في (الجامع الكبير) من حديث علي أصلا ! وإنما أورد فيه (2 / 2 / 94) اللذين قبله . وقد أورده الهيثمي في (المجمع) (10 / 25) وقال : (رواه الطبراني ، وفيه أبو معشر ، وحديثه حسن ، وبقيه رجاله رجال الصحيح) . وأظن هذا وهما منه ، فإن من عادته أنه إذا أطلق العزو للطبراني فإنما يعني (المعجم الكبير) له ، وقد رجعت إلى معجم علي منه فلم أجده فيه . والله أعلم . وأما حديث أنس ، فأخرجه أبو نعيم في (الحلية) (9 / 64) وفيه محمد ابن سليمان بن مشمول المخزومي وهو ضعيف . وفي الطريق إليه محمد بن يونس وهو الكديمي وهو متهم بالكذب . وأما حديث جبير بن مطعم . فأخرجه البيهقي كما قال الحافظ (1) ، قال : (وقد جمعت طرقه في جزء كبير) . قلت : فهو بهذه الطرق صحيح إن شاء الله تعالى ، فإن مجيئه مرسلا بسند صحيح كما سبق مع اتصاله من طرق أخرى يقتضي صحته اتفاقا كما هو مقرر في (مصطلح الحديث) ، وقد أشار الحافظ في (الفتح) (13 / 105) إلى صحة الحديث . والله أعلم . (1) قلت : وأخرجه أبو نعيم في (الحلية) (9 / 64)
[ 298 ]
520 - (حديث : (الأئمة من قريش)) . ص 124 صحيح . ورد من حديث جماعة من الصحابة منهم أنس بن مالك وعلي ابن أبي طالب وأبو برزة الأسلمي . 1 - أما حديث أنس فله عنه طرق : الأولى : قال الطيالسي في مسنده (2133) : ثنا ابن سعد عن أبيه عنه مرفوعا . وأخرجه ابن عسكر (7 / 48 / 2) من طريق أبي يعلى حدثنا الحسن بن إسماعيل أبو سعيد بالبصرة ثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه به . وهكذا أخرجه أبو نعيم في (الحلية) (3 / 171) من طريق الطيالسي عن إبراهيم بن سعد به . وقال : (هذا حديث مشهور ثابت من حديث أنس) . قلت : وإسناد صحيح على شرط الستة فإن إبراهيم بن سعد وأباه ثقتان من رجالهم . الثانية : عن بكير بن وهب الجزري قال : قال لي أنس بن مالك : أحدثك حديثا ما أحدثه كل أحد أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قدم على باب البيت ونحن فيه فقال : فذكره . أخرجه أحمد (3 / 129) والدولابي في (الكنى) (1 / 106) وابن أبي عاصم في (السنة) (1020 - بتحقيقي) وأبو نعيم (8 / 122 - 123) أبو عمرو الداني في (الفتن) (ق 3 / 2) والبيهقي (3 / 121) ، وقال : (مشهور من حديث أنس ، رواه عنه بكير) . قلت : وليس بالقوي كما قال الأزدي ، وذكره ابن حبان في (الثقات) فمثله يستشهد به . والحديث عزاه في (المجمع) (5 / 192) للطبراني أيضا في الأوسط وأبي يعلى والبزار وقال : (رجاله ثقات) ، .
[ 299 ]
الثالثة : عن محمد بن سوقة عن أنس به . أخرجه أبو نعيم (5 / 8) من طريق أبي القاسم حماد بن أحمد بن حماد بن أبي رجاء المروزي قال : وجدت في كتاب جدي حماد بن أبي رجاء السلمي بخطه عن أبي حمزة السكري عن محمد بن سوقة به . وقال : (غريب من حديث محمد ، تفرد به حماد موجود في كتاب جده) . قلت : والحمادان لم أجد من ترجمهما . الرابعة : عن عمر بن عبد الله بن يعلى عنه مرفوعا . أخرجه ابن الديباجي في (الفوائد المنتقاة) (2 / 79 / 2) عن مروان بن معاوية عنه . قلت : وعمر هذا ضعيف . الخامسة : عن علي بن الحكم البناني عنه مرفوعا بلفظ : (الأمراء من قريش . . .) الحديث . أخرجه الحاكم (4 / 501) من طريق الصعق بن حزن ثنا علي بن الحكم به وقال : (صحيح على شرط الشيخين ، ووافقه الذهبي ، وإنما هو على شرط مسلم وحده ، فإن الصعق هذا إنما أخرجه له البخاري خارج الصحيح . والحديث عزاه الحافظ العراقي في (تخريج الإحياء) (4 / 91) للذهبي والحاكم بإسناد صحيح . فلعله يعني السنن الكبرى للنسائي . السادسة : عن قتادة عنه بلفظ : (إن الملك في قريش . . .) الحديث . رواه الطبراني كما في (الفتح) (13 / 101) . 2 - وأما حديث علي بن أبي طالب ، فهو من طريق فيض بن الفضل
[ 300 ]
البجلي ثنا مسعر بن كدام عن سلمة بن كهيل عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجذ عنه بلفظ : (الأئمة من قريش . . .) الحديث . أخرجه الطبراني في (المعجم الصغير) (ص 85) وعنه أبو نعيم (7 / 242) ، وأبو القاسم المهراني في (الفوائد المنتخبة) (4 / 40 / 1 - 2) وأبو عمرو الداني في (الفتن) (ق 4 / 2) والحاكم (4 / 75 - 76) والخطابي في (غريب الحديث) (ق 71 / 1) من طرق عن الفيض به . وقال الطبراني : (لم يروه عن مسعر إلا فيض) . قلت : وهو مجهول الحال ، فقد ذكره ابن أبي حاتم (2 / 3 / 88) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ، غير أنه قال : كتب أ بي عنه ، وروى عنه . قلت : وهو من رواة هذا الحديث عنه ، خلافا لما قد يشعر به صنيع الهيثمي (5 / 192) . حيث أعل الحديث بحفص بن عمر بن الصباح الراقي ، مع أنه تابعه أبو حاتم وغيره عند الداني والحاكم . وبقية رجال الإسناد ثقات ، فهو حسن في الشواهد . وقد سكت عليه الحاكم وكذا الذهبي على ما في النسخة المطبوعة من كتابيهما ، وأما المناوي فقال في (فيض القدير) : (أخرجه الحاكم في (المناقب) (يعني المكان الذي أشرنا إليه بالرقم) وقال : صحيح ، وتعقبه الذهبي فقال : حديث منكر . وقال ابن حجر رحمه الله : حديث حسن ، لكن اختلف في رفعه ووقفه ، ورجح الدارقطني وقفه . قال : وقد جمعت طرق خبر (الأئمة من قريش) في جزء ضخم عن نحو أربعين صحابيا) . قلت : وذكر العلامة القاري في شرحه ل (شرح النخبة) أن الحافظ قال في هذا الحديث إنه متواتر . ولا يشك في ذلك من وقف على بعض الطرق التي جمعها الحافظ رحمه الله كالتي نسوقها هنا . * إرواء الغليل ج 2 من ص 301 إلى ص 356
[ 301 ]
3 - وأما حديث أبي برزة ، فهو من طريق سكين بن عبد العزيز عن سيار ابن سلمة أبي المنهل الرياحي عنه . أخرجه الطيالسي (926) وأحمد (4 / 421 و 424) وكذا يعقوب بن سفيان وأبو يعلى والطبراني والبزار كما في (الفتح) (13 / 101) و (المجمع) (5 / 163) وقال : (ورجال أحمد رجال الصحيح خلا سكين وهو ثقة) . قلت : وثقه جماعة ، وضعفه أبو داود وقال النسائي : ليس بالقوي فالسند حسنه والحديث صحيح . وفي الباب عن جماعة آخرين من الصحابة بمعناه في الصحيحين وغيرهما ، فمن شاء فليراجع (مجمع الزوائد) و (فتح الباري) ، ثم (السنة لابن أبي عاصم ، رقم (1009 - 1029 - بتحقيقي) . (تنبيه) استدل المصنف بالحديث على أن القرشي مقدم في إقامة الصلاة على غيره ، كما هو مقدم في الإمامة الكبرى ، وفي هذا الاستدلال نظر عندي ، لأن الحديث بمجموع ألفاظه ورواياته لا يدل إلا على الإمامة الكبرى ، فإن في حديث أنس وغيرة : (ما عملوا فيكم بثلاث : ما رحموا إذا استرحموا ، وأقسطوا ، إذا قسموا ، وعدلوا إذا حكموا) . فهذا نص في الإمامة الكبرى ، فلا تدخل فيه الإمامة الصغرى لا سيما وقد ورد في البخاري وغيره أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قدم سالما مولى أبي حذيفة في إمامة الصلاة ورواءه جماعة من قريش . نعم الحديث الذي قبله ظاهر الدلاله على ما ذكره المؤلف . والله أعلم . 521 - (حديث : (لا يؤمن الرجل الرجل في بيته) . رواه مسلم) . ص 124 صحيح . وهو قطعة من حديث تقدم بتمامه .
[ 302 ]
522 - (حديث لأن (ابن عمر أتى أرضا له وعندها مسجد يصلي فيه مولى له ، فصلى ابن عمر معهم ، فسألوه أن يؤمهم فأبى وقال : صاحب المسجد أحق) . رواه البيهقي بسند جيد) . ص 124 حسن . أخرجه الشافعي (1 / 129) : أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال : أخبرني نافع قال : (أقيمت الصلاة في مسجد بطائفة من المدينة ، ولا بن عمر قريبا من ذلك المسجد أرض يعملها ، وإمام ذلك المسجد مولى له ، ومسكن ذلك المولى وأصحابه ثمة ، قال : فلما سمعهم عبد الله جاء ليشهد معهم الصلاة ، فقال له المولى صاحب المسجد : تقدم فصل ، فقال عبد الله : أنت أحق أن تصلي في مسجدك مني ، فصلى المولى) . ومن طريق الشافعي أخرجه البيهقي (3 / 126) وسنده حسن . 523 - (قال أبو سعيد مولى أبي أسيد : (تزوجت وأنا مملوك فدعوت ناسا من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيهم أبو ذر وابن مسعود ، وحذيفة فحضرت الصلاة فقدم أبو ذر فقالوا : وراءك ، فالتفت إلى أصحابه فقال : أكذلك ؟ قالوا : نعم ، فقدموني) . رواه صالح بإسناده في مسائله) . ص 124 صحيح . الإسناد إلى أبي سعيد هذا ، وقد أخرجه ابن أبي شيبة في (المصنف) (2 / 23 / 1 و 7 / 50 / 1 و 12 / 43 / 2) وابن حبان في (الثقات) (1 / 274) عن أبي نضرة عن أبي سعيد به . قلت : وإسناده صحيح رجاله كلهم ثقات غير أبي سعيد ، فلم يوثقه غير ابن حبان وقال : (يروي عن جماعة من الصحابة ، روى عنه أبو نضرة) . وذكره الحافظ فيمن روى عن مولاه أبي أسيد مالك بن ربيعة الأنصاري
[ 303 ]
فهو مستور . والله أعلم . 524 - (روى ابن ماجه عن جابر مرفوعا : (لا تؤمن امرأة رجلا ، ولا أعرابي مهاجرا ، ولا فاجر مؤمنا إلا أن يقهره بسلطان يخاف سوطه وسيفه) . ص 125 ضعيف . وهو عجز حديث سنذكره بتمامه في أول (الجمعة) . 525 - (حديث ابن عمر (كان يصلي خلف الحجاج)) . ص 125 صحيح . قال الحافظ في (التلخيص) (128) : (رواه البخاري في حديث) . قلت : ولم أجده عنده حتى الآن ، وقد أخرجه ابن أبي شيبة في (المصنف) (2 / 84 / 2) : نا عيسى بن يونس عن الأوزاعي عن عمير بن هانئ قال : (شهدت ابن عمر والحجاج محاصر ابن الزبير ، فكان منزل ابن عمر بينهما فكان ربما حضر الصلاة مع هؤلاء ، وربما حضر الصلاة مع هؤلاء) . قلت : وهذا سند صحيح على شرط الستة . وأخرجه البيهقي (3 / 122) من طريق سعيد بن عبد العزيز عن عمير بن هانئ أتم منه . ورواه الشافعي (1 / 130) : أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن نافع أن ابن عمر اعتزل بمنى في قتال ابن الزبير ، والحجاج في ، فصلى مع الحجاج . ورواه ابن سعد (4 / 1 / 110) منه طريق جابر - وهو الجعفي - عن نافع نحوه . ثم أخرج عن زيد بن أسلم أن ابن عمر كان في زمان الفتنة لا يأتي أمير
[ 304 ]
إلا صلى خلفه ، وأدى إليه زكاة ماله . وسند صحيح . وأخرج عن سيف المازني قال : (كان ابن عمر يقول : لا أقاتل في الفتنة ، وأصلي وراء من غلب) . وإسناده صحيح ، إلى سيف ، وأما هو . فأورده ابن أبي حاتم (2 / 274 / 1) . ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا . 526 - (حديث أن الحسن والحسين كانا يصليان وراء مروان ") . ص 125 . أخرجه الشافعي (1 / 130) - وعنه البيهقي - وابن أبي شيبة (2 / 84 / 2) قالا : حدثنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه : (أن الحسن والحسن رضي الله عنهما كانا يصليان خلف مروان ، قال : فقيل : ما كانا يصليان إذا رجعا إلى منازلهما ؟ فقال : لا والله ما كانا يزيدان على صلاة الأئمة) . قلت : وهذا سند صحيح على شرط مسلم إن كان أبو جعفر محمد بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم قد سمع من جديه الحسن والحسن ، فقد قيل إنه لم يسمع من أحد من الصحابة . والله أعلم . 527 - (قال (صلى الله عليه وسلم) : (الصلاة المكتوبة واجبة خلف كل مسلم برا كان أو فاجرا وإن عمل الكبائر) . رواه أبو داود) . ص 125 ضعيف . أخرجه أبو داود (594 و 2533) وعنه البيهقي (3 / 121) والدارقطني (184 و 185) وابن عساكر (13 / 394 / 1) عن مكحول عن أبي هريرة مرفوعا . وقال الدارقطني : (مكحول لم يسمع من أبي هريرة ، ومن دونه ثقات) .
[ 305 ]
وقال الزيلعي في (نصب الراية) (2 / 27) : (رواه أبو داود في (الجهاد) وضعفه بأن مكحولا لم يسمع من أبي هريرة ومن طريق أبي داود رواه البيهقي في (المعرفة) وقال : إسناده صحيح ، إلا أن فيه انقطاعا بين مكحول وأبي هريرة) . قلت : وما عزاه لأبي داود من التضعيف ليس في سنن أبي داود لا في (الجهاد) وإليه رمزنا بالرقم الثاني ، ولا في (الصلاة) وإليه الرمز بالرقم الأول ، فلعله في كتاب آخر لأبي داود . والله أعلم . وله طريق أخرى عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ : (سيليكم بعدي ولاة ، فيليكم البر ببره ، والفاجر بفجوره ، فاسمعوا لهم وأطيعوا فيما وافق الحق ، وصلوا وراءهم فإن أحسنوا فلكم ولهم ، وإن أساؤوا فلكم وعليهم . أخرجه الدارقطني (184) وابن حبان في (الضعفاء) من طريق عبد الله ابن محمد بن يحيى بن عروة ، عن هشام بن عروة عن أبي صالح السمان عنه . قلت : وهذا سند ضعيف جدا ، آفته عبد الله هذا فإنه متروك كما قال الحافظ في (التلخيص) (125) . وفي الباب عن ابن عمر وأبي الدرداء وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وواثلة بن الأسقع وأبي أمامة . 1 - أما حديث . ابن عمر فله عنه طرق : الأولى : عن عطاء بن أبي رباح عنه مرفوعا بلفظ : (صلوا على من قال لا إله إلا الله ، وصلوا خلف من قال : لا إله إلا الله) . أخرجه الدارقطني (184) وأبو نعيم في (أخبار أصبهان) (2 / 217) من طريق عثمان بن عبد الرحمن عن عطاء به .
[ 306 ]
قلت : وهذا سند واه جدا ، عثمان بن عبد الرحمن هو الزهري الوقاصي متروك وكذبه ابن معين . الثانية : عن مجاهد عنه به . أخرجه الدارقطني وتمام في (الفوائد) (ج 9 / 132 / 2) وأبو بكر بن مكرم القاضي في (الأمالي) (1 / 37 / 1) وابن شاذان في (الفوائد) (1 / 118 / 2 و 125 / 1) وأبو جعفر الرزاز في (ستة مجالس من الأمالي) (ق 229 / 1) والضياء المقدسي في (المنتقى من مسموعاته بمرو) (ق 46 / 1) من طريق الحاكم ، كلهم عن محمد بن الفضل بن عطية ثنا سالم الأفطس عن مجاهد . وقال الحاكم : (تفرد به محمد بن الفضل بن عطية) . قلت : وهو كذاب كما قال الفلاس وغيره . وقد خولف فيه عن سالم كما يأتي . الثالثة : عن نافع عنه . وله عنه طرق : أ - عن أبي الوليد المخزومي ثنا عبيد الله عنه . أخرجه الدارقطني وابن المظفر في (الفوائد المنتقاة) (2 / 218 / 1) وأبو الحسن محمد بن عبد الرحمن بن عثمان في (غرائب حديث الميانجي) (ق 125) والخطيب (11 / 293) عن العلاء بن سالم عن أبي الوليد . قلت : وهذا إسناد واه جدا ، أبو الوليد اسمه خالد بن إسماعيل المخزومي قال ابن عدي : (كان يضع الحديث على الثقات) . قلت : وقد تابعه وهب بن وهب القاضي وهو كذاب أيضا . أخرجه الخطيب (6 / 403) . ب - عن عثمان بن عبد الله بن عمرو العثماني ثنا مالك بن أنس عنه به . أخرجه محمد بن المظفر في (غرائب مالك) (ق 69 / 2) وتمام في
[ 307 ]
(الفوائد) (4 / 78 / 2) وابن عدي (ق 291 / 1) والخطيب (11 / 283) كلهم عنه . قلت : وهذا كالذي قبله فإن العثماني هذا كذاب وضاع وقد ساق له الذهبي بعض ما وضعه من الأحاديث ، وقال ابن عدي عقب هذا : (باطل عن مالك) . الرابعة : عن سعيد بن جبير عنه . أخرجه أبو نعيم (10 / 320) عن نصر بن الحريش الصامت ثنا المشمعل ابن ملحان عن سويد بن عمر عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير به . قلت : وهذا سند ضعيف ، نصر هذا قال الدارقطني : (ضعيف ، وروى الخطيب (13 / 286) عنه انه قال : (حججت أربعين حجة ما كلمت فيها أحدا ، فسمي الصامت لذلك) . قلت : وهذا مخالف للإسلام لأن معناه أنه لم يأمر بمعروف ولم ينه عن منكر . فالظاهر أنه صوفي مقيت . 2 - وأما حديث أبي الدرداء ، فهو من طريق الوليد بن الفضل أخبرني عبد الجبار بن الحجاج بن ميمون الخراساني عن مكرم بن حكيم الخثعمي عن سيف بن منير عنه قال : (أربع خصال سمعتهن من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لم أحدثكم بهن ، فاليوم أحدثكم بهن ، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول : (لا تكفروا أحدا من أهل قبلتي بذنب وإن عملوا الكبائر ، وصلوا خلف كل إمام ، وجاهدوا - أو قال : قاتلوا - مع كل أمير ، والرابعة ، لا تقولوا في أبي بكر الصديق ، ولا في عمر ، ولا في عثمان ، ولا في علي إلا خيرا ، قولوا : (تلك أمة قد خلت ، لها ما كسبت ولكم ما كسبتم) . أخرجه الدارقطني (184) وقال :
[ 308 ]
(ولا يثبت إسناده ، من دون أبي الدرداء ضعفاء) . وأخرجه العقيلي في (الضعفاء) (260 - 261) من هذا الوجه مختصرا (صلوا خلف كل إمام ، وقاتلوا مع كل أمير) . وقال : (عبد الجبار هذا إسناده مجهول غير محفوظ ، وليس في هذا المتن إسناد يثبت) . قلت : والراوي عن عبد الجبار وهو الوليد بن الفضل أوهى منه قال ابن حبان : (يروي المناكير التي لا يشك أنها موضوعة ، لا يجوز الاحتجاج به) . وله طريق أخرى ستأتي في الحديث السادس . 3 - وأما حديث علي ، فهو من طريق أبي إسحاق القنسريني ثنا فرات بن سليمان عن محمد بن علوان عن الحارث عنه مرفوعا بلفظ : (من أصل الدين الصلاة خلف كل بر وفاجر ، والجهاد مع كل أمير ولك أجرك ، والصلاة على كل من مات من أهل القبلة) . أخرجه الدارقطني (185) وقال : وقد ساق قبله الأحاديث المتقدمة : (وليس فيها شئ يثبت) . قلت : وعلة هذا من وجوه : الأول : الحارث وهو الأعور ، وهو متهم بالكذب . الثاني : محمد بن علوان . وهو مجهول . الثالث : فرات بن سليمان ، قال ابن حبان : (منكر الحديث جدا ، يأتي بما لا يشك أنه معمول) . الرابع : أبو إسحاق هذا قال الذهبي : مجهول . 4 - وأما حديث ابن مسعود فهو من طريق عمر بن صبح عن منصور عن
[ 309 ]
إبراهيم عن علقمة والأسود عنه مرفوعا بلفظ : (ثلاث من السنة : الصف خلف كل إمام ، لك صلاتك وعليه أثمه ، والجهاد مع كل أمير ، لك جهادك وعليه شره ، والصلاة على كل ميت من اهل التوحيد ، وإن كان قاتل نفسه) . أخرجه الدارقطني (185) وقال : (عمر بن صبح متروك) . قلت : وقال ابن حبان : (كان يضع الحديث) . 5 - وأما حديث وائلة ، فهو من طريق الحارث بن نبهان ثنا عتبة بن اليقظان عن أبي سعيد عن مكحول عنه مرفوعا بلفظ (لا تكفروا أهل ملتكم ، وإن عملوا الكبائر ، وصلوا مع كل إمام ، وجاهدوا مع كل أمير ، وصلوا على كل ميت) . أخرجه الدارقطني (185) بتمامه وابن ماجه (1525) الجملة الأخيرة والتي قبلها وقال الدارقطني : (أبو سعيد مجهول) . قلت : الظاهر أنه محمد بن سعيد المصلوب الشامي فإنه من أصحاب مكحول وكان الرواة يدلسون اسمه ويقلبونه على أنواع كثيرة جمعها بعض المحدثين فجاوزت المائة ! وهو كذاب وضاع . وفي السند علتان أخريان : عتبة بن يقظان ، قال النسائي : (غير ثقة) . والحارث بن نبهان ، قال البخاري : (منكر الحديث) . وللحديث طريق أخرى تأتي بعده . 6 - وأما حديث أبي أمامة فهو من طريق القرقساني عن عبد الله بن يزيد
[ 310 ]
قال : حدثني أبو الدرداء وأبو أمامة ووائلة بن الأسقع مرفوعا بلفظ : (صلوا مع من صلى من أهل القبلة ، وصلوا على من مات من أهل القبلة) . أخرجه الجرجاني في (تاريخ جرجان) (272) من طريق ابن عدي بسنده عن القرقساني به . قلت : وهذا سند واه جدا ، عبد الله بن يزيد هذا هو ابن آدم الدمشقي قال أحمد : (أحاديثه موضوعة) . والقرقساني اسمه محمد بن مصعب ، وفيه ضعف من قبل حفظه . فقد تبين من هذا التجريح والتتبع لطرق الحديث أنها كلها واهية جدا كما قال الحافظ في (التلخيص) (ص 125) ، ولذلك فالحديث يبقى على ضعفه مع كثرة طرقه ، لأن هذه الكثرة الشديدة الضعف في مفرداتها لا تعطي الحديث قوة في مجموعها كما هو مقرر في (علم الحديث) . فالحديث مثل صالح لهذه القاعدة التي قلما يراعيها من المشتغلين بهذا العلم الشريف . 528 - (قال البخاري في صحيحه : (باب إمامة المفتون والمبتدع ، وقال الحسن : صل وعليه بدعته) . ص 125 صحيح . وقد وصله سعيد بن منصور عن ابن المبارك عن هشام بن حسان أن الحسن سئل عن الصلاة خلف صاحب البدعة ؟ فقال الحسن : صل خلفه ، وعليه بدعته . كما في (فتح الباري) (2 / 158) والسند صحيح . 529 - (روى البخاري عن عبيد الله بن عدي بن خيار (أنه دخل على عثمان بن عفان وهو محصور فقال : إنك إمام عامة ونزل بك ما ترى ، ويصلي لنا إمام فتنة ونتحرج ، فقال : الصلاة أحسن ما يعمل الناس ، فإذا
[ 311 ]
أحسن الناس فأحسن معهم وإذا أساؤوا فاجتنب إساءتهم)) . ص 125 - 126 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 181) وكذا الاسماعيلي كما في (الفتح) (2 / 158) . 530 - (حديث (أن النبي (صلى الله عليه وسلم) : (كان يستخلف ابن أم مكتوم يؤم الناس وهو أعمى) . رواه أبو داود) . ص 126 صحيح . أخرجه أبو داود (595) وعنه البيهقي (3 / 88) من طريق عمران القطان عن قتادة عن أنس أن النبي استخلف . الحديث . ثم أخرجه أبو داود (2931) وابن الجارود (156 - 157) وأحمد (3 / 132) من هذا الوجه بلفظ : (استخلف ابن أم مكتوم على المدينة مرتين) . وزاد أحمد في رواية (3 / 192) : (يصلي بهم وهو أعمى) . قلت : وهذا سند حسن ، رجاله كلهم ثقات ، وفي عمران القطان كلام يسير لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن ، لكن قد خالفه همام فقال : عن قتادة مرسلا . أخرجه ابن سعد (4 / 151 / 1) . وهذا أصح . لكن الحديث صحيح فإن له شاهدين أحدهما موصول ، والآخر مرسل . أما الموصول فأخرجه الطبراني في (الأوسط) (1 / 31 / 1) : حدثنا إبراهيم هو ابن هاشم ثنا أمية هو ابن بسطام ثنا يزيد بن زريع ثنا حبيب المعلم عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة . (أن النبي (صلى الله عليه وسلم) استخلف ابن أم مكتوم يصلي بالناس) .
[ 312 ]
وقال : (لم يروه عن هشام إلا حبيب تفرد به يزيد . حدثنا موسى بن هارون ثنا أميه بن بسطام فذكره) . قلت : وهذا سند صحيح على شرط الشيخين غير إبراهيم بن هاشم وهو أبو إسحاق البيع البغوي وموسى بن هارون وهو أبو عمران الحمال وهما ثقتان . وقال الهيثمي في (المجمع) (2 / 65) : (رواه أبو يعلى والطبراني في الأوسط ورجال أبي يعلى رجال الصحيح) قلت : ولا وجه لهذا التخصيص ، فرجال الطبراني أيضا رجال الصحيح كما سبق . وقد رواه ابن حبان أيضا في صحيحه كما في (التلخيص) (ص 124) وأما المرسل ، فأخرجه ابن سعد في (الطبقات) (4 / 1 / 151) من طرق عن يونس بن أبي إسحاق عن الشعبي قال : استخلف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عمرو بن أم مكتوم يؤم الناس ، وكان ضرير البصر) . وهو مرسل صحيح الإسناد . ورواه من طريق محمد بن سالم عن الشعبي بلفظ : (غزا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثلاث عشرة غزوة ، ما منها غزوة إلا يستخلف ابن أم مكتوم على المدينة ، وكان يصلي بهم وهو أعمى) . ومحمد بن سالم هذا الهمداني أبو سهل الكوفي وهو ضعيف . وله شاهد آخر موصول لكنه ضعيف جدا ، أخرجه الطبراني في (الأوسط) (1 / 2 / 29) عن عفير بن معدان عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس به مثل حديث أنس . وقول الحافظ : (إسناده حسن) . غير حسن فإن ابن معدان ضعيف
[ 313 ]
اتفاقا ، بل قال النسائي : (ليس بثقة) . ثم هو من حديث عكرمة عنه كما ترى ، لا من حديث عطاء عنه كما وقع في (التلخيص) . 531 - (حديث : (أن النبي (صلى الله عليه وسلم) صلى بهم جالسا فصلى وراءه قوم قياما فأشار إليهم أن اجلسوا ثم قال : إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فلا تختلفوا عليه فإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعين) . متنق عليه) . ص 126 صحيح . وهو من رواية أبي هريرة . لكن ليس فيها سبب الحديث ، وإنما هو من رواية أنس وعائشة وقد تقدمت ألفاظهم جميعا برقم (394) . 532 - (قال ابن مسعود : (لا يؤمن الغلام حتى تجب عليه الحدود) . وقال ابن عباس : (لا يؤمن الغلام حتى يحتلم) . رواهما الأثرم ، ولم ينقل عن غيرهما من الصحابة خلافه) . ص 127 لم أقف على إسنادهما ، فإن كتاب الأثرم لم نطلع عليه ، اللهم إلا قطعة من كتاب الطهارة منه في المكتبة الظاهرية . ولا وجدت من تكلم عليهما ، إلا أن اثر ابن عباس رواه عبد الرزاق مرفوعا بإسناد ضعيف . كما في (الفتح) (2 / 156) (لكن يخالف هذين الأثرين حديث عمرو بن سلمة ، وفيه أنه أم الوفد من الصحابة الذين رجعوا من عند النبي (صلى الله عليه وسلم) وعمره يومئذ ست أو سبع سنين كما تقدم في الحديث (210) . ففي هذا رد لقول المصنف : (ولم ينقل عن غيرهما من الصحابة خلافه) ! فهؤلاء جماعة من الصحابة اقتدوا بالغلام قبل الاحتلام ، قال الحافظ : (وقد نقل ابن حزم أنه لا يعلم لهم في ذلك مخالف منهم) . ففيه إشارة إلى تضعيف هذين الأثرين . وعلى كل حال فالأخذ بحديث عمرو أولى للقطع بصحته . ولأنه عن جماعة من الصحابة وأيضا فهو في حكم
[ 314 ]
المرفوع ، والقول بأنهم فعلوا ذلك باجتهادهم ولم يطلع النبي (صلى الله عليه وسلم) على ذلك مردود . لأنها - كما قال الحافظ شهادة نفي ، ولأن زمن الوحي لا يقع التقرير فيه على ما لا يجوز كما استدل أبو سعيد وجابر لجواز العزل بكونهم فعلوه على عهد النبي (صلى الله عليه وسلم) ، ولو كان منهيا عنه لنهي عنه في القرآن أو في السنة . أنظر (فتح الباري) (2 / 155 - 156 و 8 / 19) . 533 - (روي عن عمر : أنه صلى بالناس الصبح ثم خرج إلى الجرف فأهراق الماء ، فوجد في ثوبه احتلاما فأعاد الصلاة ولم يعد الناس) . وروى الأثرم نحو هذا عن عثمان وعلي . 534 - (قوله صلى الله عليه وسلم في حديث محجن بن الأذرع : (فإذا جئت فصلى معهم واجعلها نافلة) . رواه أحمد) . ص 127 صحيح . أخرجه أحمد (4 / 338) ثنا وكيع ثنا سفيان عن زيد بن أسلم - قال سفيان مرة ، عن بسر أو بشر بن محجن ، ثم كان يقول بعد : عن أبي محجن الديلي عن أبيه قال : (أتيت النبي (صلى الله عليه وسلم) وهو في المسجد ، فحضرت الصلاة فصلى فقال لي : ألا صليت ؟ قال : قلت : يارسول الله قد صليت في الرحل ، ثم أتيتك ، قال : فإذا فعلت ، فصل معهم واجعلها نافلة . قال عبد الله بن أحمد : قال : أبي : ولم يقل أبو نعيم ولا عبد الرحمن : واجعلها نافلة . قلت : وهذا سند رجاله ثقات غير بسر أو بشر فإنه لم يوثقه غير ابن حبان ولم يرو عنه غير زيد بن أسلم ، ومع ذلك قال فيه الحافظ في (التقريب) : (صدودق) . والحديث صحيح فإن له شواهد كما يأتي . ورواية أبي نعيم وعبد الرحمن - وهو ابن مهدي - التي أشار إليها أحمد قد أخرجها في المسند (4 / 34) عنهما عن زيد بن أسلم عن بسر بن محجن عن
[ 315 ]
أبيه ، وعن عبد الرزاق قال : أنا زيد بن أسلم عن بسر بن محجن عن أبيه بلفظ : (أتيت النبي (صلى الله عليه وسلم) فأقيمت الصلاة ، فجلست فلما صلى قال لي : ألست بمسلم ؟ قلت : بلى ، قال : فما منعك أن تصلي مع الناس ؟ قال : قلت : صليت في أهلي ، قال : فصل مع الناس ولو كنت قد صليت في أهلك) . وهكذا رواه مالك (1 / 132 / 8) عن زيد بن أسلم به . إلا أنه قال : (عن رجل من بني الديل يقال له بسر بن محجن . . .) . وعن مالك أخرجه النسائي (1 / 137) والدارقطني (159) والبيهقي (2 / 300) وقرن به الدارقطني عبد العزيز بن محمد وهو الدراوردي وقال : (اللفظ لمالك ، والمعنى واحد) . قلت : فقد اتفق هؤلاء الخمسة أبو نعيم وعبد الرحمن ومعمر ومالك وعبد العزيز على أن ليس في الحديث : (واجعلها نافلة) . فهي فيه شاذة لتفرد سفيان بها وهذا يدل على أنه لم يجد حفظ الحديث كما أنه اضطرب في إسناده وفي اسم بسر كما رأيت ، والصواب رواية الجماعة . والله أعلم . لكن هذه الزيادة صحيحة فقد وردت في حديث آخر عن يزيد بن الأسود : (أنه صلى مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو غلام شاب فلما صلى ، فإذا رجلان لم يصلبا في ناحية المسجد ، فدعا بهما ، فجئ بهما ترعد فرائصهما ، فقال : ما منعكما أن تصليا معنا ؟ قالا : قد صلينا في رحالنا ، فقال : لا تفعلوا ، إذا صلى أحدكم في رحله ، ثم أدرك الإمام ولم يصل فليصل معه فإنها له نافلة) . أخرجه أصحاب السنن - إلا ابن ماجه - وغيرهم بإسناد صحيح ، وصححه جماعة كما حققته في (صحيح أبي داود) (590 و 591) . (تنبيه) : قول المؤلف : (حديث محجن بن الأذرع) وهم فإنه ليس من حديثه بل من حديث محجن بن أبي محجن الديلي ، وهذا غير الذي قبله فإنه ديلي كما تقدم وذاك أسلمي .
[ 316 ]
535 - (حديث أبي سعيد : (من يتصدق على ذا فيصلي معه) رواه أحمد وأبو داود) . ص 127 صحيح . أخرجه أحمد (3 / 64 و 5 / 45) وأبو داود (574) وكذا الدارمي (1 / 318) والترمذي (1 / 427 - 428) (وابن أبي شيبة (2 / 63 / 2) وابن الجارود (168) والحاكم (1 / 209) وأبو يعلى في (مسنده) (ق 69 / 2) والطبراني في (الصغير) (ص 126 و 138) والبيهقي (3 / 69) وابن حزم (4 / 238) عن سليمان الناجي عن أبي المتوكل عن أبي سعيد الخدري (أن رجلا دخل المسجد ، وقد صلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بأصحابه ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : فذكره . زاد أحمد - والسياق له - وغيره : فقام رجل من القوم فصلى معه) . وقال الترمذي : (حديث حسن) . وقال الحاكم : (صحيح على شرط مسلم ، سليمان الأسود هذا هو سليمان بن سحيم ، احتج به مسلم) . ووافقه الذهبي . قلت : إنما هو صحيح فقط فإن سليمان هذا ليس ابن سحيم وإنما هو الناجي كما جاء مصرحا به في سند أحمد ، وهو أبو محمد البصري وهو ثقة اتفاقا . ثم رواه أحمد (3 / 85) : ثنا علي بن عاصم أنا سليمان الناجي به بلفظ : (صلى بأصحابه الظهر ، قال : فدخل رجل من أصحابه ، فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم) ما حبسك يا فلان عن الصلاة ؟ قال : فذكر شيئا اعتل به ، قال : فقام يصلي ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) . الحديث . وقال الهيثمي (2 / 45) : (ورجاله رجال الصحيح) ! قلت : علي بن عاصم لم يرو له الشيخان شيئا ، ثم هو ضعيف من قبل حفظه فلا يحتج به إذا تفرد ، وإن كان حديثه أتم . وللحديث شاهد من رواية أنس بن مالك رضي الله عنه مثله - أعني اللفظ
[ 317 ]
الأول دون الزيادة . أخرجه السراج في (مسنده) (ق 108 / 1) وفي (حديثه) (ق 97 / 1) والدارقطني (103) والطبراني في (الأوسط) (1 / 22 / 1) والضياء المقدسي في (الأحاديث المختارة) (1 / 514) عن عمر بن محمد بن الحسن الأسدي ثنا أبي ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عنه . قلت : وهذا سند جيد كما قال الزيلعي في (نصب الراية) (2 / 58) وتبعه العسقلاني ، ومحمد بن الحسن هذا هو الأسدي الكوفي الملقب ب (التل) وهو صدوق فيه لين احتج به البخاري وليس هو ابن زبالة الضعيف كما ظن الهيثمي . وله طريق آخر فيه نكارة أخرجه ابن عدي في (الكامل) (ق - 238 / 1) عن أبي حمزة ثنا محمد بن عبيد الله عن عباد بن منصور قال : (رأيت أنس بن مالك دخل مسجدا بعد العصر ، وقد صلى القوم ، ومعه نفر من أصحابه ، فأمهم ، فلما انفتل قيل له : أليس يكره هذا ؟ فقال : دخل رجل المسجد ، وقد صلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الفجر ، فقام قائما ينظر ، فقال : مالك ؟ فقال : أريد أن أصلي فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) : فدكره ، فدخل رجل ، فأمرهم النبي (صلى الله عليه وسلم) أن يصلوا جميعا) . وقال ابن عدي : (وعباد بن منصور هو في جملة من يكتب حديثه) . قلت : وهو ضعيف تغير بآخره ، وقوله : (فدخل رجل) منكر مخالف لما في رواية أبي سعيد : فقام رجل من القوم فصلى معه) . فهذا نص على أن الرجل كان من الجماعة الذين كانوا صلوا مع النبي (صلى الله عليه وسلم) ، ولم يدخل عليهم بعد الرجل الأول ، ويؤيده مرسل الحسن البصري بلفظ : (أن رجلا دخل المسجد وقد صلى النبي (صلى الله عليه وسلم) ، فقال : ألا رجل يقوم إلى هذا فيصلي معه ، فقام أبو بكر فصلى معه ، وقد كان صلى تلك الصلاة) . أخرجه ابن أبي شيبة (2 / 46 / 1) والبيهقي (3 / 69 - 70) وإسناده إلى
[ 318 ]
الحسن صحيح . ثم رواه ابن أبي شيبة (2 / 63 / 2) بسند صحيح أيضا عن أبي عثمان وهو النهدي مرسلا به دون قوله (فقام أبو بكر . . .) . ولصلاة أنس بعد الجماعة الأولى في المسجد أصل ، فقد أخرج ابن أبي شيبة والبيهقي من طريق الجعد أبي عثمان اليشكري قال : (صلينا الغداة في مسجد بني رفاعة ، وجلسنا ، فجاء أنس بن مالك في نحر من عشرين من فتيانه ، فقال : أصليتم ؟ قلنا : نعم ، فأمر بعض فتيانه ، فأذن وأقام ، ثم تقدم فصلى بهم) . قلت : وسنده صحيح وعلقه البخاري في صحيحه . فهذا يدل على خطأ عباد بن منصور في حديثه حيث خلط بين حديث أنس المرفوع وحديثه هذا الموقوف فجعلهما حديثا واحدا ، احتج أنس فيه للموقوف بالمرفوع ! ومن جهة أخرى فإنه جعل الصلاة في الحديث الموقوف صلاة العصر ، وهي صلاة الغداة ! 536 - (حديث : (إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فلا تختلفوا عليه) . متفق عليه) . ص 127 صحيح . وهو من حديث أبي هريرة في بعض الطرق عنه وقد سبق ذكرها (394) . 537 - (حديث معاذ [ في صلاة المفترض وراء المتنفل ] . متفق عليه . ص 127 فصل 538 - (عن ابن مسعود أنه صلى بين علقمة والأسود وقال :
[ 319 ]
(هكذا رأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فعل) . رواه أبو داود) . ص 128 صحيح . أخرجه أبو داود (613) والنسائي (1 / 128 - 129) وأحمد (1 /) وابن أبي شيبة (1 / 98 / 1 / 2) من طريق محمد بن فضيل عن هارون ابن عنترة عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه (ولم يقل أحمد وابن أبي شيبة عن أبيه) قال : (استأذن علقمة والأسود على عبد الله ، وقد كنا أطلنا القعود على بابه ، فخرجت الجارية ، فاستأذنت لهما ، فأذن لهما ، ثم قام فصلى بيني وبينه ثم قال : فذكره) . قلت : وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير هارون هذا وهو ثقة ، وثقة أحمد وابن معين . وقال أبو زرعة : (لا بأس به ، مستقيم الحديث) كما في (الجرح والتعديل) (4 / 2 / 94 - 93) . وتناقض فيه ابن حبان ، وكذا الدارقطني فقد قال البرقاني : (سألت الدارقطني عن عبد الملك بن هارون بن عنترة ؟ فقال : متروك يكذب ، وأبوه يحتج به ، وجده يعتبر به) . كما في (الميزان) و (التهذيب) . وقال الذهبي في ترجمة عبد الملك : ( يروي عن أبيه . قال الدارقطني : ضعيفان) . وأقره الحافظ في (اللسان) فالله أعلم . وأما ما نقله الزيلعي (2 / 33) . عن النووي أنه قال فيه هارون بن عنترة ، وهو وإن وثقه أحمد وابن معين ، فقد قال الدراقطني : هو متروك ، كان يكذب) فإني أظنه وهما من النووي رحمه الله فإن الدارقطني إنما قال ذلك في عبد الملك بن هارون لا في أبيه كما تقدم . وعلى كل حال فرواية التوثيق عن الدارقطني وابن حبان أولى بالترجيح لموافقتها لتوثيق الأئمة الذين سبق ذكرهم ، ولأن رواية التضعيف عنهما جرح غير مفسر فلا يقبل . ومع ذلك فإنه لم يتفرد به ، بل تابعه محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود به .
[ 320 ]
أخرجه الطحاوي في (1 / 181) والبيهقي (3 / 98) وأحمد (1 / 451 و 455) من طرق عنه . فهذه متابعة قوية ، وأما إعلال النووي لها بقوله : (وابن إسحاق مشهور بالتدليس ، وقد عنعن ، والمدلس إذا عنعن ، لا يحتج به بالاتفاق) . وأقره الزيلعي (2 / 34) . قلت : فهذا مردود بتصريح ابن إسحاق بالتحديث في رواية لأحمد قال (1 / 459) : ثنا يعقوب : ثنا أبي عن ابن إسحاق قال : وحدثني عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد النخعي عن أبيه قال : (دخلت : أنا وعمي علقمة على عبد الله بن مسعود الهاجرة ، قال : فأقام الظهر ليصل ، فقمنا خلفه ، فأخذ بيدي ويد عمي ، ثم جعل أحدنا عن يمينه ، والآخر عن يساره ، ثم قام بيننا فصففنا خلفه (!) صفا واحدا ثم قال : هكذا كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يصنع إذا كانوا ثلاثة ، قال : فصلى بنا ، فلما ركع طبق ، وألصق ذراعيه بفخذيه ، وأدخل كفيه بين ركبتيه ، قال : فلما سلم أقبل علينا قال : إنها ستكون أئمة يؤخرون الصلاة عن وقتها ، فإذا فعلوا ذلك فلا تنظروهم ، واجعلوا الصلاة معهم سبحة) . قلت : فهذا إسناد متصل جيد . وله متابع آخر خرجته في (صحيح أبي داود) (627) . وله طريق أخرى عن ابن مسعود . رواه إبراهيم - عن علقمة والأسود أنهما دخلا على عبد الله فقال : أصلى من خلقكم ؟ قالا : نعم ، فقام بينهما ، وجعل أحدهما عن يمينه ، والأخر عن شماله ، ثم ركعنا ، فوضعنا أيدينا على ركبنا ، فضرب أيدينا ثم طبق بين يديه ، ثم جعلهما بين فخذيه ، فلما صلى ، قال :
[ 321 ]
هكذا فعل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) . أخرجه مسلم (2 / 69) وأبو عوانة (2 / 166) والطحاوي (1 / 134 - 135) . وقد تابعه أبو إسحاق وهو السبيعي عن الأسود بن يزيد وعلقمة بن قيس . أخرجه أحمد (1 / 414) ، وفي رواية له عنه عن عبد الرحمن بن الأسود عنهما . وهكذا رواه الطحاوي . وهذه الطريق وإن لم تكن صريحة في رفع قصة الصف إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) ، فهي ظاهرة في ذلك ، ويؤيدها الروايات السابقة ، ولذلك فلا وجه لإعلال الحديث فيها بالوقف بعد التصريح بالرفع في غيرها . والله أعلم . 538 / 1 - (حديث أنه (صلى الله عليه وسلم) : (كان إذا قام إلى الصلاة تقدم ، وقام أصحابه خلفه)) . ص 128 صحيح . وإن كنت لم أره بهذا اللفظ ، فإن الظاهر أن المصنف أخذ معناه من مجموعة من الأحاديث الصحيحة ، وهذا المعنى متواتر عنه (صلى الله عليه وسلم) . ومن الأحاديث الدالة عليه ، حديث جابر الآتي بعده ، وحديث أنس الآتي بعد ثلاثة أحاديث . وفي لفظ عنه لمسلم (2 / 137) . (كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أحسن الناس خلقا ، فربما تحضر الصلاة وهو في بيتنا فيأمر بالبساط الذي تحته فيكنس ، ثم ينضح ، ثم يؤم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ونقوم خلفه ، فيصل بنا ، وكان بساطهم من جريد النخل) . وحديث جابر الآخر بلفظ : (اشتكى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فصلينا وراءه . . . (الحديث وقد تقدم (394) .
[ 322 ]
539 - (ولمسلم وأبو داود : (أن جابرا وجبارا وقفا أحدهما عن يمينه وأخر عن يساره) . فأخذ بايديهما حتى اقامهما خلفه) . ص 128 صحيح . أخرجه مسلم في آخر كتابه (8 / 233) وأبو داود (634) واللفظ له وعنه البيهقي (3 / 95) عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت أتينا جابرا يعني ابن عبد الله قال : (سرت مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في غزوة ، فقام يصلي ، وكانت علي بردة ذهبت أخالف بين طرفها فلم يبلغ لي ، وكانت لها ذباذب (1) فنكستها ، ثم خالفت بين طرفيها ، ثم تواقصت (2) عليها لا تسقط ، ثم جئت حتى قمت عن يسار رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فأخذ بيدي ، فأدارني حتى أقامني عن يمينه ، فجاء [ جبار ] بن صخر حتى قام عن يساره ، فأخذنا بيديه جميعا حتى أقامنا خلفه ، قال : وجعل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يرمقني وأنا لا أشعر ، ثم فطنت به ، فأشار إلي أن أتزر بها ، فلما فرغ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : يا جابر ! قال : قلت : لبيك يارسول الله ، قال : إذا كان واسعا تخالف بين طرفيه ، وإذا كان ضيقا فاشدده على حقوك) (3) . 540 - (حديث (أنه صلى الله عليه وسلم) أدار ابن عباس وجابرا إلى يمينه لما وقفا عن يساره) . رواه مسلم) . ص 128 صحيح . أما حديث ابن عباس فقد تقدم قبيل كتاب الصلاة (رقم (294) بلفظ : (ثم قام يصلي ، قال ابن عباس فقمت إلى جنبه ، فوضع رسول (1) جمع ذبذب وهي الأطراف والأهداب (2) أي أمسكت عليها بعنقي لئلا تسقط (3) بكسر الحاء وفتحها : هو معقد الإرزار
[ 323 ]
الله (صلى الله عليه وسلم) يده اليمنى على رأسي وأخذ بأذني اليمنى يفتلها . . .) وفي رواية لمسلم (2 / 178 - 179) وأبي داود (1357) بلفظ : (فقمت عن يساره ، فأخذ بيدي ، فأدارني عن يمينه) ، وللبخاري (1 / 42 و 48 و 182 و 188 و 220) معناه وصححه الترمذي (2 / 452) . وأما حديث جابر فتقدم لفظه أنفا . (فائدة) احتج المصنف رحمه الله بالحديثين على أن الرجل الواحد يقف عن يمين الإمام محاذيا له . يعني غير متقدم عليه ولا متأخر عنه ، وهو مما بوب البخاري على حديث ابن عباس فقال : (باب يقوم من يمين الإمام بحذائه سواء ، إذا كانا اثنين) وقد فعل ذلك بعض السلف ، فراجع ، فتح الباري) (2 / 160) ، أو (الأحاديث الصحيحة) لنا (رقم 141) و (606) . 541 - (حديث وابصة بن معبد أن النبي (صلى الله عليه وسلم) : رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده فأمره أن يعيد) . رواه أبو داود . صحيح . أخرجه الطيالسي في مسنده (1201) : حدثنا شعبة قال : أخبرني عمرو بن مرة قال : سمعت هلال بن يساف قال : سمعت عمرو بن راشد عن وابصة بن معبد به . ومن هذا الوجه أخرجه أبو داود (682) والترمذي (1 / 448) والطحاوي في (شرح المعاني) (1 / 229) والبيهقي (3 / 104) وأحمد (4 / 228) وابن أبي شيبة (2 / 13 / 1) كلهم عن شعبة به . ورواه ابن عساكر (17 / 349 / 2) عنه من طريق آخر عن عمرو بن مرة . وقال الترمذي : (حديث حسن) . قلت : ورجاله ثقات غير عمرو بن راشد ، وهو مجهول العدالة ، أورده ابن أبي حاتم (3 / 1 / 232) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ، وأما ابن حبان فذكره في (الثقات) على قاعدته المعروفة ! ومع ذلك فإنه يسشهد به
[ 324 ]
كما أشار إليه الحافظ ابن حجر بقوله فيه (مقبول) . يعني عند المتابعة ، وقد توبع كما سيأتي ، فالحديث صحيح . وقد خولف في إسناده عمرو بن مرة ، فقال حصين : عن هلال بن يساف ، قال : أخذ زياد بن أبي الجعد بيدي ونحن بالرقه فقام بي على شيخ يقال له وابصة بن معبد - من بني أسد ، فقال زياد ، حدثني هذا الشيخ : أن رجلا صلى خلف الصف وحده - والشيخ يسمع - فأمره رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يعيد الصلاة) . أخرجه الترمذي (1 / 445) والدارمي (1 / 294) وابن أبي شيبة (2 / 13 / 1) وعنه ابن ماجه (1504) والطحاوي والبيهقي وأحمد وابن عساكر (17 / 350 / 1) من طرق عن حصين عن هلال بن يساف به . وقد تابعه منصور عن هلال به . أخرجه ابن منصور عن هلال به . أخرجه ابن الجارود (161) : حدثنا عبد الرحمن بن بشر قال : حدثنا عبد الرزاق قال : أنا الثوري عن منصور به . لكن رواه خلاد بن يحيى ثنا سفيان الثوري عن حصين به . رواه البيهقي . فأخشى أن يكون قوله (عن منصور) وهما من عبد الرزاق . والله أعلم . وعلى كل حال ، فرواية حصين أرجح من رواية عمرو بن مرة لأنه لم يتفرد يذكر زياد بن أبي الجعد ، بل إنه قد توبع ، فقال : يزيد بن زياد بن أبي الجعد عن عمه عبيد بن أبي الجعد عن زياد بن أبي الجعد عن وابصة به . أخرجه الدارمي والبيهقي وأحمد من طرق عن يزيد به . قلت : وهذا سند جيد رجاله كلهم ثقات غير زياد بن أبي الجعد فإن القول فيه كالقول في عمرو بن راشد وأنه مجهول كما تقدم . لكن لم يتفرد به زياد ، بل تابعه هلال بن يساف في المعنى فإنه قال في مسنده : (أخذ زياد بيدي
[ 325 ]
فقام بي على وابصة فقال : حدثني هذا الشيخ والشيخ يسمع) كما تقدم ، فأقره الشيخ على ذلك ، فصارت الرواية من قبيل القراءة على الشيخ وهلال يسمع ، وذلك نوع من أنواع تلقي الحديث كما هو مقرر في المصطلح ، فثبت بذلك الحديث . والحمد لله . وإذا عرفت ذلك فرواية شمر بن عطية من هلال بن يساف عن وابصة به . ليست منقطعة كما ظن البعض لما عرفت من تحديث زياد بالحديث أمام وابصة مقرا له وهلال يسمع . أخرجه أحمد وابن عساكر (17 / 350 / 1) بسند صحيح . ومما سبق يتبين أن الحديث صحيح ، وليس من قبيل المضطرب في شئ كما توهم البعض ، فقد ظهر أن الهلال فيه ثلاث روايات ، الأولى : عن عمرو بن راشد عن وابصة . الثانية : عن زياد بن أبي الجعد عنه . الثالثة : عنه مباشرة . فهو قد سمعه من عمرو بن راشد عنه ، ومن زياد عنه ووابصة يسمع ، فجاز أن يرويه عنه مباشرة كما في الرواية الثالثة وبذلك تتفق الروايات الثلاث ولا تعارض ، فيكون الحديث عن وابصة ثلاث طرق ، وبها نقطع بصحة الحديث . وله طريق رابعة وفيها زيادة واهية ، أخرجها أبو يعلى في (المفاريد) (3 / 15 / 1) و (المسند) (96 / 1) والبيهقي (3 / 105) عن السري بن إسماعيل عن الشعبي عن وابصة قال : (رأى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رجلا صلى خلف الصفوف وحده فقال : أيها المصلي وحده ! ألا وصلت إلى الصف ، أو جررت إليك رجلا فقام معك ؟ أعد الصلاة) . وقال : (تفرد به السري بن إسماعيل وهو ضعيف) .
[ 326 ]
قلت : وكذا قال الهيثمي (2 / 96) ان السري هذا ضعيف فقط ، وعزله لرواية أبي يعلى . وقال الحافظ في (التقريب) إنه متروك . وهذا هو الصواب أنه ضعيف جدا ، فقد صرح جماعة من الأئمة بأنه متروك ، وبعضهم بأنه ضعيف جدا وآخر بأنه ليس بثقة . وقال يحيى بن سعيد ، استبان لي كذبه في مجلس . وقد رواه ابن عساكر (17 / 349 / 2) من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي به دون الزيادة . وسنده ضعيف . وله طريق خامسة ، وفيه الزيادة الواهية ، فقال ابن الأعرابي في (المعجم) (ق 122 / 1) : نا جعفر بن محمد بن كزال نا يحيى بن عبدويه حدثنا قيس عن السدي عن زيد بن وهب عن وابصة بن معبد . (أن رجلا صلى خلف الصف وحده ، وكان النبي (صلى الله عليه وسلم) يرى من خلفه كما يرى من بين يديه ، فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم) ألا دخلت في الصف ، أو جذبت رجلا صلى معك ؟ ! أعد الصلاة) . قلت : وهذا إسناد واه أيضا ، قيس هو ابن الربيع ، قال الحافظ : (صدوق ، تغير لما كبر ، وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به !) . وبه أعله الحافظ في (التلخيص) (125) . قلت : وإعلاله بالراوي عنه يحيى بن عبدويه أولى ، فإنه وإن كان قد أثنى عليه أحمد ، فقد قال فيه ابن معين : (كذاب رجل سوء) . وقال مرة : (ليس بشئ) . وقد رواه أبو الشيخ ابن حبان في (تاريخ أصبهان) (ص 129) وعنه أبو نعيم في (أخبار أصبهان) (2 / 364) بسند صحيح عن الطائي قال : ثنا قيس به . أورداه في ترجمة الطائي هذا ، فقد يتوهم أنه متابع لابن عبدويه هذا ، وليس كذلك ، بل هو هو . فقد قال أبو نعيم : (قال أبو محمد - يعني ابن حبان - : هذا الشيخ أراه يحيى بن عبدويه البغدادي ، لان هذا الحديث معروف به) .
[ 327 ]
قلت : وعلى هذا يدل صنيع الحافظ في (التلخيص) ، فإنه عزى الحديث لأبي نعيم فترجمة يحيى بن عبدويه ، وهو إنما أورده في ترجمة الطائي كما سبق ولكنه ختمها بقول ابن حبان هذا ، فدل ذلك على أن الحافظ يرى ما أريه أبو الشيخ . وهو الظاهر . والله أعلم . وبالجملة ، فهذه الزيادة واهية لا يحتج بها لشدة ضعفها ، وعدم وجود المتابع القوي عليها . وقد روي الحديث عن ابن عباس ، وأبي هريرة وعلي بن شيبان . أما حديث ابن عباس فهو من طريق عكرمة عنه ، وله عنه لفظان : الأول : (أن النبي (صلى الله عليه وسلم) رأى رجلا يصلى خلف الصف وحده ، فقال : أيها المنفرد بصلاتك أعد صلاتك) . أخرجه الطبراني في (الأوسط) (1 / 3 / 1) وفي (الكبير) والجرجاني في تاريخه) (322 - 323) وابن عساكر (12 / 248 / 2) عن عبد الحميد الحماني عن النضر أبي عمر عن عكرمة عنه . وقال الطبراني : (لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد ، تفرد به الحماني) . قلت : وهو ضعيف ، له كن شيخه أبو عمر - اسم أبيه عبد الرحمن - اشد ضعفا منه ، فقد كذبه بعض الأئمة ، وبه أعل الحديث في (المجمع) (2 / 96) فقال : (رواه البزار والطبراني في الكبير والأوسط ، وفيه النضر أبو عمر أجمعوا على ضعفه) . الثاني : عنه مرفوعا بلفظ : (إذا انتهى أحدكم إلى الصف وقد تم فليجبذ إليه رجلا يقيمه إلى جنبه) . رواه الطبراني في الأوسط أيضا عن بشر بن إبراهيم حدثنا الحجاج ابن
[ 328 ]
حسان عن عكرمة به . وقال : (لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الأسناد ، تفرد به بشر) . قلت : وهو ممن كان يضع الحديث ، كما قال غير واحد من الأئمة ، وقال الهيثمي : (هو ضعيف جدا) . قلت : وقد خالفه يزيد بن هارون الثقة الحافظ فقال : عن الحجاج ابن حسان عن مقاتل بن حيان رفعه به نحوه . أخرجه البيهقي (3 / 105) . فعاد الحديث إلى أنه عن مقاتل بن حيان مرسلا . وسنده لا بأس به لولا إرساله ، وكان يمكن تقويته بحديث ابن عباس ووابصة لولا شدة ضعفهما ، فيبقى الحديث على ضعفه . واما حديث أبي هريرة ، فلفظه ولفظ حديث ابن عباس الأول . أخرجه الطبراني في (الأوسط) : (حدثنا محمد بن أحمد بن أبي خيثمة : ثنا عبد الله بن محمد بن القاسم العبادي البصري ثنا يزيد بن هارون أنا محمد بن إسحاق عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة قال : (رأى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رجلا يصلي خلف الصفوف وحده ، فقال : أعد الصلاة) . وقال : (لا يروى عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد تفرد به العبادي) . قلت : وهو ضعيف كما قال الهيثمي ، وأصله قول ابن حبان : (يروي المقلوبات ، لا يحتج به ، ويروي عن غير يزيد اللمزقات) . وأما حديث على بن شيبان فهو بلفظ : (خرجنا حتى قدمنا على النبي (صلى الله عليه وسلم) فبايعناه ، وصلينا خلفه ، فرأى رجلا
[ 329 ]
يصلي خلف الصف وحده ، فوقف عليه نبي الله حتى انصرف فقال : استقبل صلاتك ، فلا صلاة للذي خلف الصف) . أخرجه ابن أبي شيبة (13 / 2 / 1) : حدثنا ملازم بن عمرو عن عبد الله بن بدر قال : حدثني عبد الرحمن بن علي بن شيبان عن ابيه . ورواه ابن ماجه (1003) من طريق ابن أبي شيبة ، والطحاوي وابن سعد (5 / 551) وابن خزيمة (1 / 164 / 2) وابن حبان في صحيحه (401 و 402) والبيهقي وأحمد (4 / 23) وابن عساكر (15 / 99 / 1) من طرق عن ملازم به . قلت : وهذا سند صحيح ورجاله ثقات كما قال البوصيري في (الزوائد) (ق 69 / 2) . وعزاه الحافظ في (البلوغ) لابن حبان عن طلق بن علي وهو وهم . وجملة القول أن أمره (صلى الله عليه وسلم) الرجل بإعادة الصلاة ، وأنه لاصلاة ليصلي خلف الصف وحده ، صحيح ثابت عنه (صلى الله عليه وسلم) من طرق . وأما أمره (صلى الله عليه وسلم) الرجل بأن يجر رجلا من الصف لينضم إليه فلا يصح عنه (صلى الله عليه وسلم) . فلا يغتر بسكوت الحافظ على حديث وابصة عند الطبراني وفيه الأمر المذكور كما تقدم ، سكت عليه في (بلوغ المرام) فأوهم الصحة ، ولا بإعادة الصنعاني في شرحه عليه (2 / 44 - 45) الحديث ابن عباس في الأمر مرتين فأوهم أنه من طريقين ! ! (فائدة) إذا لم يستطع الرجل أن ينضم ، إلى الصف ، فصلى وحده ، فهل تصح صلاته ، الأرجح الصحة ، والأمر بالأعادة محمول على من لم يستطع القيام بواجب الانضمام . وبهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما بينته في (الأحاديث الضعيفة) المائة العاشرة) . 542 - (قول أنس : (صففت أنا واليتيم وراءه ، والمرأه خلفنا فصلى بنا ركعتين) . متفق عليه) . ص 128
[ 330 ]
صحيح . أخرجه مالك (1 / 153 / 31) وعنه البخاري (1 / 108 - 109) وكذا مسلم (2 / 137) وأبو داود (612) والنسائي (1 / 126) والترمذي (1 / 454) والدارمي (1 / 295) والبيهقي (3 / 96) وأحمد (3 / 164) كلهم عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك : (أن جدته مليكة دعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لطعام ، فكل منه ، ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : قوموا فلا صلي لكم ، قال أنس : فقمت ، إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس فنضحته بماء ، فقام عليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وصففت أنا واليتيم وراءه ، والعجوز من ورائنا ، فصلى لنا ركعتين ، ثم انصرف) . وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . 543 - (حديث (أن عائشة قالت لنساء كن يصلين في حجرتها : (لا تصلين بصلاة الإمام فإنكن دونه في حجاب)) . ص 129 لم أجده . وقد قال البخاري في صحيحه (باب إذا كلا بين الإمام وبين القوم حائط أو سترة ، وقال الحسن : لا بأس أن تصلي وبينك وبينه نهر ، وقال أبو مجلز : يأتم بالإمام وإن كان بينهما طريق أو جدار إذا سمع تكبير الإمام) . قال الحافظ في شرحه للجملة الأولى من كلام البخاري (2 / 178) : (أي هل يصر ذلك بالاقتداء أولا ؟ والظاهر من تصرفه ، أنه لا يضر كما ذهب إليه المالكية ، والمسألة ذات خلاف شهير ، ومنهم من فرق بين المسجد وغيره) . قلت : وقد روى ابن أبي شيبة في المصنف (2 / 25 / 1 - 2) آثارا في المنع من ذلك ، وأخرى في الرخصة فيه وهذه أكثر وأصح ، ولعل ذلك لعذر كضيق المسجد أو نحوه ، وإلا فالواجب الصلاة في المسجد ووصل الصفوف ، فما يفعله الناس اليوم في موسم الحج منه الصلاة في الغرف التي حول المسجد
[ 331 ]
الحرام مع عدم اتصال الصفوف فيه فلا أراه جائزا بوجه من الوجوه . وقد روى ابن أبي شيبة (2 / 101 / 1 - 2) عن مغيرة بن زياد الموصلي قال : (رأيت عطاء يصلي في السقيفة في المسجد الحرام في النفر ، وهم متفرقون عن الصفوف ، فقلت له ، أو قيل له ؟ فقال : إني شيخ كبير ، ومكة دويه ، قد كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في سفر فأصابه مطر فصلى بالناس وهم في رحالهم وبلال يسمع الناس التكبير) . فهذا مع إرساله فيه ابن زياد هذا وفيه ضعف . والله أعلم . 544 - (حديث (أن عمار بن ياسر كان بالمدائن ، فأقيمت الصلاة ، فتقدم عمار ، فقام على دكان ، والناس أسفل منه ، فتقدم حذيفة ، فأخذ بيده ، فاتبعه عمار حتى أنزله حذيفة فلما فرغ من صلاته قال له حذيفة : ألم تسمع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : إذا أم الرجل القوم فلا يقومن في مكان أرفع من مقامهم ؟ فقال عمار : فلذلك اتبعتك حين أخذت على يدي) . رواه أبو داود) . ص 129 ضعيف بهذا السياق . أخرجه أبو داود (598) من طريق ابن جريج : أخبرني أبو خالد عن عدي بن ثابث الأنصاري : حدثني رجل أنه كان مع عمار بن ياسر بالمدائن . . . الحديث . قلت : وهذا سند ضعيف من أجل الرجل الذي لم يسم ، ومن أجل أبي خالد هذا فإنه لا يعرف كما قال الذهبي ، وقال الحافظ ابن حجر ، يحتمل أن يكون هو الدالاني أو الواسطي . قلت : الأول محتمل على أنه ضعيف ، والآخر بعيد مع كونه متهما بالكذب كما بينته في (صحيح أبي داود) (610) . لكن للحديث أصل بنحوه ، يرويه همام (أن حذيفة أم الناس بالمدائن على دكان ، فأخد أبو مسعود بقميصه فجبذه ، فلما فرغ من صلاته قال : ألم تعلم أنهم كانوا ينهون عن ذلك ؟ قال : بلى ، قد ذكرت حين مددتني) .
[ 332 ]
أخرجه الشافعي في (الأم) (1 / 152) وأبو داود (597) والحاكم (1 / 210) وعنه البيهقي (108) من طرق عن الأعمش عن إبراهيم عن همام به . وقال الحاكم : (صحيح على شرط الشيخين) . ووافقه الذهبي ، وهو كما قالا . وهمام هو ابن الحارث النخعي الكوفي ، وإبراهيم هو النخعي . ثم أخرجه الحاكم من طريق زياد بن عبد الله بن الطفيل عن الأعمش به نحوه ، وفيه (قال له أبو مسعود : ألم تعلم أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نهى أن يقوم الإمام فوق ويبقى الناس خلفه ؟ قال : فلم ترني أجبتك حين مددتني ؟ وأخرج الدارقطني (197) المرفوع منه فقط وقال : (لم يروه غير زياد البكاء) . قلت : يعني هذا اللفظ الصريح في رفعه إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) . وإلا فقد رواه غيره باللفظ الذي قبله . وهذا إسناده حسن . 545 - (حديث (أنه (صلى الله عليه وسلم) : صلى على المنبر ونزل القهقرى فسجد في أصل المنبر ثم عاد) . الحديث متفق عليه) . ص 129 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 232 - 233) ومسلم (3 / 74) وكذا أبو عوانة (2 / 147) وأبو داود (1080) والنسائي (1 / 120 - 121) وابن ماجه (1416) والبيهقي (3 / 108) وأحمد (5 / 339) عن سهل بن سعد قال : (أرسل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى فلانة امرأة من الأنصار قد سماها سهل - : مري غلامك النجار أن يعمل لي أعوادا أجلس عليهن إذا كلمت الناس ، فأمرته فعملها من طرفاء الغابة ثم جاء بها ، فأرسلت إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فأمر بها فوضعت ههنا ، ثم رأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) صلى عليها وكبر وهو عليها ، ثم ركع وهو عليها ، ثم نزل القهقري ، فسجد في أصل المنبر ، ثم عاد ، فلما فرغ أقبل على الناس فقال : أيها الناس : إنما صنعت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي) .
[ 333 ]
والسياق للبخاري . 546 - (حديث (أن أبا هريرة : صلى على سطح المسجد بصلاة الإمام) . رواه الشافعي ، ورواه سعيد عن أنس) . ص 129 موقوف . رواه الشافعي (1 / 138 - بدائع المنن) : أخبرنا ابن أبي يحيى عن صالح مولى التوأمة قال : (رأيت أبا هريرة يصلي فوق ظهر المسجد وحده بصلاة الإمام) . قلت : وهذا سند واه جدا ، من أجل ابن أبي يحيى واسمه إبراهيم بن محمد وهو متهم بالكذب . وصالح مولى التوأمة ضعيف ، ثم وجدت ابن أبي ذئب رواه أيضا عن صالح به وزاد : (وهو أسفل) . رواه ابن أبي شيبة (2 / 25 / 2) . وأما حديث أنس ، فأخرجه الشافعي أيضا (1 / 167) : أخبرنا إبراهيم ابن محمد حدثني عبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن بن عوف عن صالح بن عبد الرحمن بن عوف عن صالح بن إبراهيم قال : (رأيت أنس بن مالك صلى الجمعة في بيوت حميد بن عبد الرحمن بن عوف ، فصلى بصلاة الإمام في المسجد ، وبين بيوت حميد والمسجد الطريق) . ومن طريق الشافعي أخرجه البيهقي (3 / 111) ، وسنده ضعيف جدا لما علمت من حال إبراهيم بن محمد وهو ابن أبي يحيى . لكن أخرجه البيهقي من طريق أخرى عن عبد ربه قال : (رأيت انس بن مالك يصلي بصلاة الإمام الجمعة في غرفة عند السدة بمسجد البصرة) . قلت : وعبد ربه هذا لم أعرفه . وأخرج ابن أبي شيبة (2 / 25 / 1 - 2) : نا هشيم عن حميد قال : (كان أنس يجمع مع الإمام وهو في دار نافع بن عبد الحارث ببيت مشرف
[ 334 ]
على المسجد له باب إلى المسجد ، فكان يجمع فيه ويأتم بالإمام) . قلت : وهذا سند صحيح إن كان هشيم سمعه من حميد فإنه موصوف بالتدليس . 547 - (حديث جابر أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : (من أكل الثوم والبصل والكراث فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو أدم) . متفق عليه) . ص 130 صحيح . أخرجه مسلم (2 / 80) وكذا أبو عوانة (1 / 412) والنسائي (1 / 116) والترمذي (1 / 332) والبيهقي (3 / 76) من طريق يحيى بن سعيد عن ابن جريج قال : أخبرني عطاء عن جابر بن عبد الله به ، إلا أنه قال : (البصل والثوم . . .) وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) ، وليس عنده ، (فإن الملائكة . . .) . وكذلك أخرجه البخاري (1 / 219) ومسلم أيضا وأبو عوانة من طرق أخرى عن ابن جريج به . ولم يذكر البصل والكراث . وتابعه ابن شهاب : أخبرني عطاء بن أبي رباح به بلفظ : (من أكل ثوما أو بصلا فليعتزلنا ، أو ليعتزل مسجدنا ، وليقعد في بيته) . أخرجه البخاري (3 / 508 و 440) ومسلم وأبو عوانة وأبو داود (3822) والبيهقي وأحمد (3 / 400) . وله طريق أخرى عن جابر قال : (نهى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن أكل البصل والكراث ، فغلبتنا الحاجة فأكلنا منها ، فقال : من أكل من هذه الشجرة المنتنة فلا يقربن مسجدنا ، فإن الملائكة تأذى مما يأذى منه الإنس) .
[ 335 ]
أخرجه مسلم وأبو عوانة وابن ماجه (3365) والبيهقي وأحمد (3 / 374 و 387 و 397) من طرق عن أبي الزبير عنه به . وللحديث شواهد كثيرة عن أنس وابن عمر وأبي هريرة وغيرهم في الصحيحين وغيرهما ، وسيأتي من حديث أبي أيوب الأنصاري في (الأطعمة) فصل 548 - (حديث : أنه (صلى الله عليه وسلم) لما مرض تخلف عن المسجد ، وقال : مروا أبا بكر فليصل بالناس) . متفق عليه) . ص 130 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 176) ومسلم (2 / 23 - 24) وكذا أبو عوانة (2 / 117 - 118) ومالك (1 / 175 / 83) والترمذي (2 / 291) وابن ماجه (1233) والبيهقي (3 / 82) وأحمد (6 / 96 و 159 و 231 و 270) من طريق عروة عن عائشة أم المؤمنين قالت : (إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال [ في مرضه ] : مروا أبا بكر فليصل بالناس ، فقالت عائشة : إن أبا بكر إذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء ، فمر عمر فليصل بالناس ، قال : مروا أبا بكر فليصل الناس ، قالت عائشة : فقلت لحفصة : قولي له : إن أبا بكر إذا قام في مقامك لم يسمع الناس من البكاء ، فمر عمر فليصل بالناس ففعلت حفصة . فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : إنكن لأنتن صواحب يوسف ، مروا أبا بكر فليصل بالناس ، فقالت حفصة : لعائشة : ما كنت لأصيب منك خيرا) . والسياق لمالك ، وعنه أخرجه البخاري والترمذي باختصار ، وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) .
[ 336 ]
وله في الصحيحين وغيرهما طرق أخرى عن عائشة ، وأخرجاه في حديث أبي موسى الأشعري . نحوه 549 - (حديث أن ابن مسعود قال : (ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق أو مريض)) . ص 130 . صحيح . وتقدم لفظه بتمامه وتخريجه (488) . 550 - (حديث عائشة مرفوعا : (لاصلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافع الأخبثين) . رواه أحمد ومسلم وأبو داود) . ص 130 صحيح . أخرجه أحمد (6 / 43 و 54 و 73) ومسلم (1 / 78 - 79) وكذا أبو عوانة (1 / 268) وأبو داود (89) وابن أبي شيبة (2 / 100 / 2) والطحاوي في (المشكل) (2 / 404) والحاكم (1 / 168) والبيهقي (3 / 71) من طرق عنها به . وقد قيل أن في سنده اختلافا ، والراجع عندي سلامته من الاختلاف وأن له ثلاث طرق كما بينته في (صحيح أبي داود) (81) . 551 - (حديث ابن عباس مرفوعا : (من سمع النداء فلم يمنعه من اتباعه عذر قالوا فما العذر يا رسول الله ؟ قال خوف أو مرض - لم يقبل الله منه الصلاة التي صلى . رواه أبو داود) . ص 130 ضعيف بهذا اللفط . أخرجه أبو داود (551) والدارقطني (161) والحاكم (1 / 245 و 246) والبيهقي (3 / 75) من طريق أبي جناب عن مغراء العبدي عن عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به . قلت : وهذا سند ضعيف ، أبو جناب اسمه يحيى بن أبي حية الكلبي وهو
[ 337 ]
ضعيف كما قال المنذري وغيره . لكن له طريق أخرى عن عدي بن ثابت به بلفظ : (من سمع النداء فلم يأته ، فلا صلاة له إلا من عذر) . رواه ابن ماجه (793) والطبراني في (المعجم الكبير) (3 / 154 / 2) وعنه أبو موسى المديني في (اللطائف من علوم المعارف) (14 / 1 / 1) والحسن بن سفيان في (الأربعين) (68 / 1) والدارقطني والحاكم والبيهقي (3 / 174) من طرق عن هشيم عن شعبة عن عدي به . وقال الحاكم : (صحيح على شرط الشيخين) . ووافقه الذهبي ، وهو كما قالا ، وقد صرح هشيم بالتحديث عند الحاكم . وقال الحافظ في (بلوغ المرام) (2 / 27 - سبل السلام) : (وإسناده على شرط مسلم ، لكن رجح بعضهم وقفه) . قلت : ولا مبرر لهذا الترجيح ، فإن الذين رفعوه جماعة الثقات تابعوا هشيما عليه ، منهم قراد واسمه عبد الرحمن بن غزوان عند الدارقطني والحاكم ، وسعيد بن عامر وأبو سليمان : داود بن الحكم عند الحاكم وقال : (هذا حديث قد أوقفه غندر وأكثر أصحاب شعبة ، وهو صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه ، وهشيم وقرادا أبو نوه ثقتان ، فإذا وصلاه فالقول فيه قولهما) . وواففه الذهبي . وقال الحافظ في (التلخيص) (123) : (وإسناده صحيح ، لكن قال الحاكم وقفه غندر وأكثر أصحاب شعبة . قلت : لكن الحاكم قد أجاب عن اعلاله بالوقف في تمام كلامه كما رأيت ، فلو أن الحافظ نقله بتمامه كان أولى . هذا ولشعبة فيه إسناد آخر ، ذكره قاسم بن أصبغ في كتابه ، فقال : نا إسماعيل بن إسحاق القاضي قال : نا سليمان بن حرب نا شعبة عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : (من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر) .
[ 338 ]
كذا في (الأحكام الكبرى) لعبد الحق الأشبيلي (ق 33 / 1) وقال : (وحسبك بهذا الإسناد صحة) . وأقره ابن التركماني في (الجوهر النقي) وصححه ابن حزم أيضا (4 / 191) وقد رواه قبل صفحة من طريق القاسم ، وأخرجه البيهقي (3 / 174) والخطيب في تاريخه (6 / 285) من طرق أخرى عن إسماعيل بن إسحاق به . وقال الخطيب : (قال لنا أبو بكر البرقاني : تفرد به إسماعيل بن إسحاق عن سليمان بن حرب) . قلت : وهما إمامان ثقتان حافظان ، فلا يضر تفردهما به ، على أني قد وجدت لاسماعيل متابعا عليه ، فقال الطبراني (3 / 158 / 1) : حدثنا أحمد بن عمر والقطراني نا سليمان بن حرب به ، إلا أنه أوقفه ، قال الطبراني عقبه : (هكذا رواه القطراني عن سليمان بن حرب موقوفا ، ورواه إسماعيل بن إسحاق القاضي عن سليمان بن حرب مرفوعا) . قلت : وهذا أصح ، لأن الرفع زيادة من ثقة ، مع أن مخالفه وهو القطراني هذا لم أعرفه ، فمثله لا يقرن بمثل إسماعيل القاصي ، فضلا عن أن يرجح عليه . وللقاضي فيه إسناد آخر فقال الدينوري في (المنتقى من المجالسة) (ق 283 / 1) : حدثنا إسماعيل يعني ابن إسحاق القاضي : حدثنا أحمد بن عبد الله ابن يونس حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي حصين عن أبي بردة عن أبيه مرفوعا بلفظ : (من سمع النداء فارغا صحيحا فلم يجب فلا صلاة له) . وأخرجه الحاكم من طريق أخرى عن إسماعيل به ، وكذلك رواه البيهقي (3 / 174) ، وهذا سند صحيح على شرط البخاري لولا أن ابن عياش فيه ضعف من قبل حفظه ، لكن قد تابعه مسعر عند أبي نعيم في (أخبار أصبهان) (2 / 342) وقيس بن الربيع عند البزار كما في (التلخيص) فصح بذلك
[ 339 ]
الحديث . والحمد لله . وله شاهد من حديث جابر مرفوعا به . أخرجه البخاري في (التاريخ الكبير) (1 / 1 / 111) . 552 - (حديث : (إن ابن عمر استصرخ على سعيد بن زيد وهو يتجمر للجمعة فأتاه بالعقيق وترك الجمعة)) . ص 131 صحيح . أخرجه البيهقي (3 / 185) من طريق إسماعيل بن عبد الرحمن (أن ابن عمر دعي يوم الجمعة وهو يتجهز للجمعة إلى سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وهو يموت ، فأتاه وترك الجمعة) . قلت : وإسناده صحيح ، وإسماعيل هذا هو ابن عبد الرحمن بن ذويب الأسدي وهو ثقة . وقد توبع ، فرواه ليث عن يحيى عن نافع . (أن ابن عمر ذكر له أن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل - وكان بدريا - مرض في يوم جمعة ، فركب إليه بعد أن تعالى للنهار واقتربت الجمعة ، وترك الجمعة) . أخرجه البخاري (2 / 63) والبيهقي . وأخرجه الحاكم (3 / 438) من طريق هشيم عن يحيى بن سعيد به بلفظ : (أنه استصرخ في جنازة سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وهو خارج من المدينة يوم الجمعة ، فخرج إليه ولم يشهد الجمعة) . 553 - (حديث ابن عمر عن النبي (صلى الله عليه وسلم) : (أنه كان يأمر المنادي فينادي بالصلاة صلوا في رحالكم في الليلة البارحة وفي الليلة المطيرة في السفر) . متفق عليه) . ص 131 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 161) ومسلم (2 / 147) وأبو عوانة (2 / 348) وأبو داود (1061 و 1062) والدارمي (1 / 292) والبيهقي (3 / 70) وأحمد (2 / 4 و 53 و 103) من طريق نافع قال :
[ 340 ]
(أذن ابن عمر في ليله باردة بفجنان (1) ثم قال : صلوا في رحالكم ، وأخبرنا أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يأمر مؤذنا يؤذن ، ثم يقول على أثره : ألا صلوا في الرحال ، في الليلة البارحة أو المطيرة في السفر) . وأخرجه مالك (1 / 73 / 10) عن نافع به ، إلا أنه لم يذكر السفر ، وهو رواية البخاري (1 / 173) ومسلم وأبي عوانة وأبي داود (1063) والنسائي (1 / 107) والبيهقي وأحمد (2 / 63) كلهم عن مالك به . وقد تابعه أيوب عن نافع به . لم يذكر السفر أيضا . أخرجه ابن ماجه (937) وأحمد (2 / 10) عن ابن عيينة عن أيوب . وأخرجه أبو داود عن حماد بن زيد ثنا أيوب به . لكن أخرجه هو عن اسماعيل - وهو ابن علية - والبيهقي عن شعبة كلاهما عن أيوب به ، بذكر السفر . وكذا رواه حماد بن سلمة عن أيوب . كما قال أبو داود . وهذا هو الأرجح لأسباب : أولا : أنها زيادة من بعض الثقات ، وهي مقبولة . ثانيا : أنها موافقة لرواية عبيد الله عن نافع في اثباتها عند الشيخين وغيرهما ، ولم يختلف عليه فيها . ثالثا : أن لها شاهدا من حديث جابر قال : (خرجنا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في سفر ، فمطرنا ، فقال : ليصل من شاء منكم في رحله) . أخرجه مسلم وأبو عوانة في صحيحيهما وأبو داود (1065) والطيالسي (1736) وعنه الترمذي (2 / 263) وأحمد (3 / 312 و 327 و 397) من طريق أبي الزبير عنه . وقال الترمذي : (1) موضع أو جبل بين مكة والمدينة ، بينه وبين مكة خمسة وعشرون ميلا (فخ)
[ 341 ]
(حديث حسن صحيح) . قلت : هو صحيح بما قبله وبشواهده الأخرى وإلا فأبو الزبير مدلس وقد عنعنه . هذا ، وقد روى محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر الحديث بلفظ : (نادى منادي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بذلك في المدينة في الليلة المطيرة والغداة المقرة) . أخرجه أبو داود (1564) وقال : (وروى هذا الخبر يحيى بن سعيد الأنصاري عن القاسم عن ابن عمر عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال فيه : في السفر) . قلت : وهذا مرجح آخر لما رجحناه آنفا اختلف الرواة فيه على أيوب ، أن الصواب أن ذلك كان في السفر . فاتفاق أيوب وعبيد الله بن عمر على ذلك دليل قاطع على خطأ ابن اسحاق على نافع في قوله : (في المدينة) . ومما يؤيد ذلك أنه جاء في بعض الأحاديث أن النداء المذكور كان يوم حنين ، فروى الحسن البصري عن سمرة . (أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال يوم حنين في يوم مطير ، الصلاة في الرحال) ، وفي رواية : (فأمر مناديه فنادى أن الصلاة في الرحال) . أخرجه أحمد (5 / 8 و 13 و 22) وابن أبي شيبة (2 / 29 / 2) ورجاله ثقات إلا أن الحسن مدلس وقد عنعنه . لكن يشهد له حديث أبي المليح عن أبيه . (أن يوم حتي كان مطيرا ، قال : فأمر النبي (صلى الله عليه وسلم) مناديه أن الصلاة في الرحال) . أخرجه أبو داود (1057) والنسائي (1 / 137) وأحمد (5 / 74 و 75) من طرق عن قتادة عن أبي المليح به . ورواه خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي
[ 342 ]
المليح به . إلا أنه قال (يوم الحديبية) . أخرجه ابن ماجه (936) وأحمد والحاكم (1 / 293) وقال : (صحيح الإسناد) . ووافقه الذهبي ، وهو كما قالا ، وصححه الحافظ أيضا في (الفتح) (2 / 94) . وأخرجه ابن أبي شيبة من هذا الوجه إلا أنه قال : (علم الحديبية أو حنين) على الشك ، ولعل الأرجح (حنين) لموافقتها لرواية سمرة . والله أعلم . وبعد ، فإن هذا كله لا ينفي أن تكون مثل هذه القصة وقعت في الإبانة أيضا ، بل لعل هذا هو الأقرب فقد قال الإمام أحمد (4 / 320) ثنا علي بن عياش ثنا اسماعيل بن عياش قال : حدثني يحيى بن سعيد قال أخبرني محمد بن يحيى بن حبان عن نعيم بن النحام قال : (نودي بالصبح في يوم بارد) وأنا في وطر امرأتي ، فقلت : ليت المنادي قال : من قعد فلا حرج عليه ، فنادى منادي النبي (صلى الله عليه وسلم) في آخر آذانه : ومن قعد فلا حرج عليه) . قلت : وهذا إسناد رجاله ثقات ، لولا أن اسماعيل بن عياش قد ضعف في روايته عن الحجازيين (وهذه منها ، لكن رواه الطبراني من طريق آخر رجالها رجال الصحيح كما قال الهيثمي (2 / 47) ، فالحديث به قوي ، وقد أخرجه أحمد من طريق أخرى : ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن عبيد بن عمير عن شيخ سماه عن نعيم بن النحام به نحوه . وهذا رجاله ثقات غير الشيخ الذي لم يسمه ، ولعله قد سمى في طريق أخرى لدى عبد الرزاق وتبين أنه ثقة ، فقد عزاه الحافظ في (الفتح) (2 / 81) لعبد الرزاق بإسناد صحيح عن نعيم بن النحام به نحوه . والله أعلم . 554 - (وروي في الصحيحين عن ابن عباس : (في يوم مطير) ، وفي رواية لمسلم : (وكان يوم جمعة)) . ص 131
[ 343 ]
صحيح . أخرجه البخاري (1 / 239) ومسلم (2 / 148) وأبو داود (1566) وابن ماجه (939) عن عبد الله بن عباس . (أنه قال لمؤذنه في يوم مطير : إذا قلت : أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، فلا تقل حي على الصلاة ، قل : صلوا في بيوتكم ، قال : فكان الناس استنكروا ذلك ، فقال : أتعجبون من ذا ؟ قد فعل ذا من هو خير مني ، ان الجمعة عزمة ، وإني كرهت أن أخرجكم فتمشون في الطين والدحض) . والسياق لمسلم ، وفي رواية له : (أذن مؤذن ابن عباس يوم جمعة في يوم مطير . . .) الحديث نحوه . وله طريق أخرى مختصرا ، رواه ابن عوف عن محمد أن ابن عباس - قال ابن عوف : أظنه قد رفعه - قال : (أمر مناديا فنادي في يوم مطير أن صلوا في رحالكم) . أخرجه أحمد (1 / 277) ثنا ابن أبي عدي عن ابن عوف به . قلت : وهذا سند صحيح على شرط الشيخين . ومحمد هو ابن سيرين . وابن عوف اسمه عبد الله . وابن أبى عدي هو محمد بن إبراهيم ، وكلهم ثقات محتج بهم في الصحيحين . ورواه ابن أبي شيبة (2 / 29 / 2) من طريق أخرى عن ابن عباس به . وفيه انقطاع . ويشهد للحديث ما رواه ناصح بن العلاء أبو العلاء مولى بني هاشم ثنا عمار بن أبي عمار مولى بني هاشم أنه مر على عبد الرحمن سمرة وهو على نهر أم عبد الله يسيل الماء مع غلمته ومواليه ، فقال له عمار : يا أبا سعيد الجمعة ! فقال عبد الرحمن بن سمرة إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يقول : (لنا كان يوم مطر وابل فليصل أحدكم في رحله) .
[ 344 ]
أخرجه أحمد (5 / 62) والحاكم (1 / 292 - 293) وقال : (ناصح بن العلاء بصري ثقة) . ورده الذهبي بقوله : (قلت : ضعفه النسائي وغيره ، وقال البخاري : منكر الحديث ، ووثقه ابن المديني وأبو داود) . قلت : فمثله حسن الحديث في الشواهد . والله أعلم . 555 - (حديث إن رجلا صلى مع معاذ ثم انفرد فصلى وحده لما طول معاذ فلم ينكر عليه (صلى الله عليه وسلم) حين أخبره)) . ص 131 صحيح . وقد تقدم تخريجه من طرق (295) . باب صلاة أهل إلاعذار 556 - (حديث : (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) . ص 132 صحيح . وقد مضى تخريجه (314) . 557 - (قوله (صلى الله عليه وسلم) لعمران بن حصين : (صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب) . رواه الجماعة إلا مسلما) . ص 132 صحيح . وتقدم (299) . 558 - (حديث علي مرفوعا وفيه : (فإن لم يستطع أن يسجد أوما إيماءا ، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه وإن لم يستطع أن يصلي قاعدا صلى على جنبه الأيمن مستقبل القبلة فإن لم يستطع صلى مستلقيا ورجلاه مما يلي القبلة) . رواه الدارقطني) . ص 132
[ 345 ]
ضعيف . أخرجه الدارقطني (ص 179) عن حسن بن حسين العرني حدثنا حسين بن زيد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن حسين عن الحسين بن علي عن علي ابن أبي طالب عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : (يصلى المريض قائما إن استطاع ، فإن لم يستطع صلى قاعدا ، فإن لم يستطع أن يسجد أوما . . .) . قلت : وهذا سند ضعيف جدا ، آفته العرني هذا قال أبو حاتم : لم يكن بصدوق عندهم ، وقال ابن عدي : لا يشبه حديثه حديث الثقات وقال ابن حبان : يأتي عن الإثبات بالملزقات ويروي المقلوبات . كذا في (الميزان) ثم ساق له من مناكيره أحاديث هذا أحدها ثم قال : (وهو حديث منكر ، وحسن بن زيد لين أيضا) . قلت : وحسين بن زيد هو ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب قال عبد الرحمن بن أبي حاتم قلت لأبي : ما تقول فيه ؟ فحرك يده وقلبها ، يعني تعرف وتنكر ! وقال ابن عدي أرجو أنه لا بأس به ، إلا أني وجدت في حديثه بعض النكرة) . كذا في (نصب الراية) (2 / 176) . إذا عرفت ذلك فمن الغرائب سكوت ابن الجوزي في (التحقيق) (ج 1 ص 269 الحديث 454) عليه وقد رواه من طريق الدارقطني وأغرب منه متابعة ابن الهادي له على السكوت ! ! ! 559 - (حديث : (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)) . ص 132 صحيح . وتقدم قريبا . 560 - (حديث أبي موسى مرفوعا : (إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل مقيما صحيحا)) . ص 132
[ 346 ]
صحيح . أخرجه البخاري (2 / 246) وأبو داود (3091) وابن أبي شيبة (2 / 229 / 2) وأحمد (4 / 410 و 418) عن إبراهيم بن اسماعيل السكسكي قال : سمعت أبا بردة واصطحب هو ويزيد بن أبي كبشة في سفر ، فكان يزيد يصوم في السفر ، فقال له أبو بردة : سمعت أبا موسى مرارا يقول : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) . فذكره إلا أنه قال : (مثل ما كان) . قلت : والسكسكي هذا فيه ضعف وإن أخرج له البخاري كما سبق بيانه في الحديث (296) ، لكن هذا الحديث له شواهد كثيرة يرقى بها إلى درجة الصحة ، فمن المفيد أن أذكر بعضها : 1 - عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (ما من أحد من المسلمن يبتلي ببلاء في جسده إلا أمر الله الحفظة الذين يحفظونه : اكتبوا لعبدي [ في كل يوم وليلة ] مثل ما كان يعمل وهو صحيح ما دام محبوسا في وثاقي) . رواه أحمد (2 / 194) وابن أبي شيبة والحاكم (1 / 348) من طريقين عن القاسم بن مخيمرة عن عبد الله بن عمرو . قلت : وهذا سند صحيح على شرط مسلم ، وقال الحاكم (على شرطهما) . ووافقه الذهبي ، والقاسم إنما أخرج له البخاري تعليقا : ثم رواه أحمد (2 / 205) من طريق ثالثة عن القاسم به نحوه . ثم رواه (2 / 203) من طريق عاصم بن أبي النجود عن خيثمة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو به نحوه . قلت : وهذا سند حسن . 2 - عن أنس قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (إذا ابتلى الله العبد المسلم ببلاء في جسده قال الله : اكتب له صالح عمله الذي كان يعمله ، فإن شفاه غسله وطهره ، وإن قبضه غفر له ورحمه) .
[ 347 ]
أخرجه أحمد (3 / 148 و 238 و 258) من طريق حماد بن سلمة عن سنان بن ربيعة قال : سمعت أنس بن مالك به . قلت : وهذا سند حسن . 3 - عن أبي الأشعث الصنعاني أنه راح إلى مسجد دمشق ، وهجر بالرواح ، فلقي شداد بن أوس والصنابحي معه ، فقلت ، اين تريدان يرحمكما الله ؟ قالا : نريد ههنا إلى أخ لنا مريض نعوده ، فانطلقت معهما حتى دخلا على ذلك الرجل ، فقالا له : كيف أصبحت ؟ قال : أصبحت بنعمة ، فقال له شداد : أبشر بكفارات السيئات وحط الخطايا ، ويقول الرب عز وجل : أنا قيدت عبدي وابتليته ، وأجروا له كما كنتم تجرون له وهو صحيح) . أخرجه أحمد (4 / 123) وإسناده حسن . 4 - عن عطاء بن يسار يبلغ به النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : (إذا مرض العبد قال الله للكرام الكاتبين : اكتبوا لعبدي مثل الذي كان يعمل حتى أقبضه أو أعافيه) . أخرجه ابن أبي شيبة (2 / 2 30 / 1) بإسناد صحيح عنه ، إلا أنه مرسل . وفي الباب أحاديث أخرى ، وفيما ذكرته كناية . 561 - (حديث يعلى ابن أمية : (أن النبي (صلى الله عليه وسلم) ، إنتهى إلى مضيق هو وأصحابه وهو على راحلته والسماء من فوقهم ، والبلة من أسفل منهم ، فحضرت الصلاة فأمر المؤذن فأذن ثم تقدم فصلى بهم يعني إيماءا يجعل السجود أخفض من الركرع) . رواه أحمد والترمذي) . ص 133 ضعيف . رواه أحمد (4 / 173 - 174) والترمذي (2 / 266 - 267) وكذا الدارقطني (146) والبيهقي (2 / 7) والخطيب في تاريخه
[ 348 ]
(11 / 182 - 183) من طريق عمرو بن عثمان بن يعلى عن أبيه عن جده . وضعفه الترمذي بقوله : (حديث غريب) . والبيهقي فقال : (إذا مرض العبد قال الله للكرام الكاتبين : اكتبوا لعبدي مثل الذي كان يعمل حتى أقبضه أو أعافيه) . أخرجه ابن أبي شيبة (2 / 2 30 / 1) بإسناد صحيح عنه ، إلا أنه مرسل . وفي الباب أحاديث أخرى ، وفيما ذكرته كناية . 561 - (حديث يعلى ابن أمية : (أن النبي (صلى الله عليه وسلم) ، إنتهى إلى مضيق هو وأصحابه وهو على راحلته والسماء من فوقهم ، والبلة من أسفل منهم ، فحضرت الصلاة فأمر المؤذن فأذن ثم تقدم فصلى بهم يعني إيماءا يجعل السجود أخفض من الركرع) . رواه أحمد والترمذي) . ص 133 ضعيف . رواه أحمد (4 / 173 - 174) والترمذي (2 / 266 - 267) وكذا الدارقطني (146) والبيهقي (2 / 7) والخطيب في تاريخه
[ 348 ]
(11 / 182 - 183) من طريق عمرو بن عثمان بن يعلى عن أبيه عن جده . وضعفه الترمذي بقوله : (حديث غريب) . والبيهقي فقال : (وفي إسناده ضعف ، ولم يثبت من عدالة بعض رواته ما يوجب قبول خبره) . قلت : يشير بذلك إلى عمرو بن عثمان وأبيه فإنهما مجهولان . 562 - (حديث : (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)) . ص 133 صحيح . وتقدم قريبا .