إرواء الغليل
محمد ناصر الألباني ج 3
(إذا مرض العبد قال الله للكرام الكاتبين : اكتبوا لعبدي مثل الذي كان يعمل حتى أقبضه أو أعافيه) . أخرجه ابن أبي شيبة (2 / 2 30 / 1) بإسناد صحيح عنه ، إلا أنه مرسل . وفي الباب أحاديث أخرى ، وفيما ذكرته كناية . 561 - (حديث يعلى ابن أمية : (أن النبي (صلى الله عليه وسلم) ، إنتهى إلى مضيق هو وأصحابه وهو على راحلته والسماء من فوقهم ، والبلة من أسفل منهم ، فحضرت الصلاة فأمر المؤذن فأذن ثم تقدم فصلى بهم يعني إيماءا يجعل السجود أخفض من الركرع) . رواه أحمد والترمذي) . ص 133 ضعيف . رواه أحمد (4 / 173 - 174) والترمذي (2 / 266 - 267) وكذا الدارقطني (146) والبيهقي (2 / 7) والخطيب في تاريخه
[ 348 ]
(11 / 182 - 183) من طريق عمرو بن عثمان بن يعلى عن أبيه عن جده . وضعفه الترمذي بقوله : (حديث غريب) . والبيهقي فقال : (وفي إسناده ضعف ، ولم يثبت من عدالة بعض رواته ما يوجب قبول خبره) . قلت : يشير بذلك إلى عمرو بن عثمان وأبيه فإنهما مجهولان . 562 - (حديث : (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)) . ص 133 صحيح . وتقدم قريبا .
[ 1 ]
إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل تأليف محمد ناصر الدين الألباني بإشراف زهير الشاويش الجزء الثالث المكتب الإسلامي
[ 2 ]
حقوق الطبع محفوظة للمكتب الإسلامي لصاحبه زهير الشاويش الطبعة الثانية 1405 ه - 1985 م المكتب الإسلامي بيروت :
[ 3 ]
فصل في صلاة المسافر 563 - (حديث : " أن النبي وخلفاءه داوموا على القصر ") . ص 134 صحيح المعنى . وأما اللفظ فلم أره في شئ من دواوين السنة ، والظاهر أن المؤلف أخذه من مجموعة من الأحايث ، فأنا أذكر بعضها مما يدل على المعنى : الأول : عن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب . قال : " صحبت ابن عمر في طريق مكة ، قال : فصلى لنا الظهر ركعتين ، ثم أقبل وأقبلنا معه حتى جاء رحله ، وجلس وجلسنا معه ، فحانت منه التفاتة نحو حيث صلى ، فرأى ناسا قياما ، فقال : ما يصنع هؤلاء ؟ قلت : يسبحون ، قال : لو كنت مسبحا أتممت صلاتي ، يا ابن أخي أني صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله ، وصحبت أبا بكر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه ألله ، وصحبت عمر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله ، ثم صحبت عثمان فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله ، وقد قال الله (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة)) . أخرجه البخاري (1 / 280) ومسلم (2 / 144) وأبو عوانة (2 / 335) وأبو داود (1223) والنسائي (1 / 213) والترمذي (2 / 544) وحسنه والبيهقي (3 / 158) وأحمد (2 / 24 و 56) عن عيسى بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب عن أبيه به ، والسياق لمسلم ، ولفظ البخاري :
[ 4 ]
" صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان لا يزيد في السفر على ركعتين ، وأبا بكر وعمر وعثمان كذلك " . وهو رواية لأحمد ، وفي أخرى له (2 / 44 - 45) من طريق خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم به بلفظ : (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان يصلي صلاة السفر يعني ركعتين ، ومع أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ست سنين من إمرته ثم صلى أربعا) . ثم أخرجه هو (2 / 21) وأبو عوانة (2 / 338) من هذا الوجه نحوه . قلت : ورواية خبيب هذه - وهو ثقة - تبين خطأ قول عيسى ابن حفص في روايته عن عثمان : " فلم يزد عل ركعتين حتى قبضه الله " فقد زاد عليهما في آخر أمره كما في هذه الرواية الصحيحة عن حفص ، وقد تابعه جماعة ، ولذلك أنكر بعض المحققين قول عيسى هذا ، ففي " نصب الراية " (2 / 192) . " قال عبد الحق : هكذا في هذه الرواية ، والصحيح أن عثمان أتم في آخر الأمر ، كما أخرجاه من رواية نافع عنه ، ومن رواية ابنه سالم أنه عليه السلام صلى صلاة المسافر بمنى وغيره ركعتين وأبو بكر وعمر وله طريق أخرى عن ابن عمر ، فقال عوف الأزدي : (كان عمر بن عبيد الله بن معمر أميرا على فارس ، فكتب إلى ابن عمر يسأله عن الصلاة ؟ فكتب ابن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج من أهله صلى ركعتين حتى يرجع إليهم) أخرجه أحمد (2 / 45) وإسناده حسن في المتابعات والشواهد ، رجاله
[ 5 ]
كلهم ثقات غير عوف هذا ، أورده أبن أبي حاتم (3 / 1 / 385) وسمى أباه عبد الله ، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ، وذكره ابن حيان في " الثقات " (1 / 174) وله في المسند طرق أخرى ، وسيأتي أحدهما في الحديث (577) الثاني : عن أنس بن مالك قال : " خرجنا مع رسول الله من المدينة الى مكة فصلى ركعتين ركعتين حتى رجع ، قلت : كم أقام بمكة ؟ قال : عشرا " . أخرجه البخاري (1 / 276) ومسلم (2 / 145) وأبو عوانة (2 / 346 - 347) والنسائي (1 / 212) والترمذي (2 / 433) والدارمي (1 / 355) وابن ماجه (1077) والبيهقي (3 / 136) وأحمد (3 / 178 و 190) وقال الترمذي . (حديث حسن صحيح) . الثالث : عن ابن عباس ، وله عنه طريقان : 1 - عن سعيد بن شفي قال : " جعل الناس يسألون ابن عباس عن الصلاة ؟ فقال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أذا خرج من أهله لم يصل إلا ركعتين حتى يرجع إليهم " . أخرجه الطحاوي (1 / 242) وأحمد (1 / 241 و 285) وابن أبي شيبة (2 / 109 / 2) من طريق أبي اسحاق عنه . قلت : رجاله ثقات غير أن أبا اسحاق - وهو السبيعي - كان اختلط .
[ 6 ]
2 - عن ابن سيرين عن ابن عباس : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سافر من المدينة لا يخاف إلا الله عز وجل فصلى ركعتين ركعتين حتى رجع " . أخرجه أحمد (1 / 215 و 226) وابن أبي شيبة (2 / 110 / 1) وسنده صحيح على شرط الشيخين ، وقد أخرج النسائي أيضا (1 / 211) والترمذي (2 / 431) وقال : (حديث حسن صحيح) . قلت : ويعارض هذه الأحاديث حديث عائشة قالت : " قصر رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر وأتم " . أخرجه الطحاوي (1 / 241) وابن أبي شيبة (2 / 111 / 2) والدارقطني (242) والبيهقي (3 / 141 / 142) من طريق مغيرة بن زياد عن عطاء بن أبي رباح عنها . ولكنه لا يصح ، فأن المغيرة هذا قال الدارقطني عقبه : (ليس بالقوي) : . وقد سأل عبد الله بن أحمد أباه عن حديثه هذا : يصح ؟ فقال : (له أحاديث منكرة ، وأنكر هذا الحديث) كما في مسائله (107) . وقد تابعه طلحة بن عمرو ، عند الدارقطني والبيهقي ، ولكنها متابعة واهية لا تقوم بها حجة ، فإن طلحة هذا ، قد قال الدارقطني فيه (ضعيف) وقد ألان الدارقطني القول فيه ، فإن حاله أشد مما ذكر ، فقد قال أحمد والنسائي : متروك الحديث . وقال ابن حبان : " كان ممن يروي عن الثقات ما ليس من أحاديثهم ، لا يحل كتب حديثه ولا الرواية عنه إلا على جهة التعجب " ، وفي (التقريب) أنه متروك . وقد خالفهما عمر بن ذر المرهبي ، فقال : أخبرنا عطاء بن أبي رباح " أن عائشة كانت تصلي في السفر المكتوبة أربعا " .
[ 7 ]
أخرجه البيهقي وقال : (عمر بن ذر كوفي ثقة) . قلت : فروايته أولى ، وهي تدل على أن الإتمام إنما هو عن عائشة موقوفا عليها ، وهذا ثابت عنها من غير طريق ، في الصحيحين وغيرهما كما يأتي ، وأما الرفع فلم يثبت عنها من وجه يصح . وقد رواه الدارقطني ومن طريقه البيهقي (3 / 141) وابن الجوزي في " التحقيق " (1 / 153 / 1) من طريق سعيد بن محمد بن ثواب ثنا أبو عاصم ثنا عمرو بن سعيد عن عطاء بن أبي رباح عنها : " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقصر في السفر ويتم ، ويفطر ويصوم " . وقال : هذا إسناد صحيح ، . قلت : ورجاله كلهم ثقات غير ابن ثواب ، فإني لم أجد له ترجمة في " غير تاريخ بغداد " ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا فهو مجهول الحال كما سبق بيانه في حديث " لا يمس القرآن إلا طاهر " رقم (122) فلا تطمئن النفس لصحة هذا الحديث وهذا إذا كانت بلفظ : (يتم) و (يصوم) أي النبي صلى الله عليه وسلم ، كما وقع ذلك في السنن المطبوعة ، أما إذا كانت بلفظ " وتتم " و " تصوم " كما أورده الحافظ في (التلخيص) (ص 128) مصرحا ومقيدا له بأنه بالمثناة من فوق ، فلا إشكال حينئذ ، لأن المعنى أن عائشة هي التي كانت تتم ، وهذا عنها صحيح كما سبق . ولكن فيما أورده الحافظ نظر عندي ، لأن الرواية في السنن كما ذكرنا بالمثناة التحتية ، وكذلك في " تحقيق ابن الجوزي " و " نصب الراية " للزيلعي (2 / 192) من طريق الدارقطني . ومن الغريب أن الحافظ مع إيراده ما سبق قال عقب ذلك : " وقد استنكره أحمد ، وصحته بعيدة ، فإن عائشة كانت تتم ، وذكر عروة أنها تأولت ما تأول عثمان ، كما في الصحيح ، فلو كان عندها عن النبي صلى الله عليه وسلم رواية لم يقل عروة عنها أنها تأولت ، وقد ثبت في الصحيحين خلاف ذلك " .
[ 8 ]
ووجه الغرابة ، أن الذي استنكره أحمد إنما هو رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو الذي يتوجه إليه قول الحافظ (وصحته بعيدة . . .) وما بعده من التعليل ، لا الموقوف ، فلعل ضمير " استنكره " في كلامه راجع إلى الحديث الذي ساقه الحافظ قبل هذا وهو عن عائشة قالت : " سافرت مع النبي صلى الله عليه وسلم فلما رجعت قال : ما صنعت في سفرك ؟ قلت : أتممت الذي قصرت ، وصمت الذي أفطرت ، قال : أحسنت ، هذا لفظ الحديث في شرح الرافعي ، فقال الحافظ في تخريجه : (النسائي والدارقطني والبيهقي من حديث العلاء بن زهير عن عبد الرحمن ابن الأسود عن عائشة : " أنها اعتمرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة حتى قدمت مكة قالت : يا رسول الله بأبي أنت وأمي ، أتممت وقصرت ، وأفطرت وصمت ، فقال : أحسنت يا عائشة ، وما عاب علي " . وفي رواية الدارقطني " عمرة في رمضان " واستنكر ذلك ، فإنه صلى الله عليه وسلم لم يعتمر في رمضان ، وفيه اختلاف في اتصاله ، قال الدارقطني : عبد الرحمن أدرك عائشة ودخل عليها وهو مراهق ، وهو كما قال ففي تاريخ البخاري وغيره ما يشهد لذلك ، وقال أبو حاتم : دخل عليها وهو صغير ، ولم يسمع منها . قلت : وفي ابن أبي شيبة والطحاوي ثبوت سماعه منها ، وفي رواية للدارقطني : عن عبد الرحمن عن أبيه عن عائشة . قال أبو بكر النيسابوري : من قال فيه عن أبيه أخطأ . واختلف قول الدارقطني فيه ، فقال في السنن : إسناده حسن . وقال في العلل : المرسل أشبه " . قلت : ولعل الإرسال هو علة الحديث ، وقد تعلق بعضهم في إعلاله بالعلاء بن زهير لقول ابن حبان فيه . " يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات فبطل الاحتجاج به فيما لم يوافق الثقات " . فقد رد الذهبي ثم العسقلاني هذا القول بأن العبرة بتوثيق يحيى يعني أن ابن معين قد وثقه ، فلا يعتد بتضعيف ابن حبان إياه ، لا سيما وهو قد أورده
[ 9 ]
في " الثقات " أيضا ، فتناقض . وقد ذكر العلامة ابن القيم في (زاد المعاد) أن الحديث لا يصح ، ونقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية أنه قال : " هو كذب على رسول الله " صلى الله عليه وسلم فليراجع كلامه في ذلك من شاء (1 / 181 - 182) . 564 - وروى أحمد عن ابن عمر مرفوعا : " إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته ") . 134 صحيح . قال الإمام أحمد (2 / 108) : ثنا قتيبة بن سعيد ثنا عبد العزيز بن محمد عن عمارة بن غزية عن نافع عن ابن عمر به . قلت : وهذا سند صحيح على شرط مسلم ، ورواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما كما في " الترغيب (2 / 92) . ثم رأيته في ابن حبان (545) و (914) رواه عن قتيبة به لكنه زاد حرب بن قيس بين عمارة ونافع . ثم قال أحمد : ثنا علي بن عبد الله ثنا عبد العزيز بن محمد عن عمارة بن غزية عن حرب بن قيس عن نافع به . ومن هذا الوجه رواه الخطيب (10 / 347) . قلت : فزاد علي وهو ابن المديني في إسناده حرب بن قيس ، وقد ذكره ابن حبان في (الثقات) وذكر البخاري أنه كان رضى ، فإن كان الدراوردي قد حفظ الإسنادين فهو من هذا الوجه من المزيد فيما اتصل من الأسانيد ، لكن الظاهر أن الدراوردي كان يضطرب في إسناده فقد أخرج القضاعي في " مسند الشهاب " (ق 89 / 2) عنه بالوجه الأول . ورواه على وجه ثالث ، أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1 / 104 / 2) وابن منده في " التوحيد " (ق 125 / 2) وابن عساكر (12 / 348 / 1) من طرق أخرى عن عبد العزيز بن محمد عن موسى بن عقبة عن حرب بن قيس عن
[ 10 ]
نافع به . ثم رواه ابن منده من طريق هارون بن معروف ثنا عبد العزيز به إلا أنه أسقط من السند حرب بن قيس . وقال الطبراني : " لم يدخل بين موسى ونافع حربا إلا الدراوردي " . قلت : وهو صدوق احتج به مسلم ، إلا أنه كان يحدث من كتب - غيره فيخطئ ، وقد اضطرب في إسناد هذا الحديث على وجوه أربعة : فتارة يرويه عن عمارة بن غزية عن نافع عن ابن عمر . وتارة يدخل بين عمارة ونافع حرب بن قيس . وتارة عن موسى بن عقبة بدل عمارة بن غزية ، على الوجهين المذكورين . ولعل الوجه الثاني هو الأرجح ، لأنه قد توبع عليه ، فقد قال ابن الأعرابي في معجمه (ق 223 / 1) : قرأت على علي : نا ابن أبي مريم نا يحيى بن أيوب حدثني عمارة بن غزية عن حرب بن قيس عن نافع به . قلت : ويحيى بن أيوب هو الغافقي المصري وهو ثقة من رجال الشيخين ومثل ابن أبي مريم واسمه سعيد ، وأما علي شيخ ابن الأعرابي فهو ابن داود القنطري وهو ثقة . فصح بذلك إسناد الحديث ونجا من الاضطراب المخل بالصحة . على أن للحديث شواهد من حديث عبد الله ابن عباس وعبد الله بن مسعود وأبي هريرة وأنس بن مالك وأبي الدرداء وأبي أمامة وواثلة بن الأسقع . أما حديث ابن عباس ، فهو بلفظ : " . . . كما يحب أن تؤتى عزائمه " . أخرجه أبو بكر الشيرازي في " " سبعة مجالس " . (ق 8 / 1) عن الحسن بن علي بن شبيب المعمري نا حسين بن محمد بن أيوب السعدي ثنا أبو محصن حصين بن نمير نا هشام وهو ابن حسان عن عكرمة عنه . مرفوعا به . وقال :
[ 11 ]
" قال الحاكم : هذا متن يعرف من حديث ابن عمرو وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم ، لم نكتبه من حديث هشام بن حسان عن عكرمة إلا بهذا الأسناد ، وهذا أحد ما يعد من غرائب المعمري " . قلت : كلا فقد توبع عليه ، قال الطبراني في " المعجم الكبير " (3 / 139 / 1) : حدثنا الحسن بن اسحاق التستري نا الحسين بن محمد الزراع به . ومن طريق الطبراني رواه أبو نعيم في " الحلية " (6 / 276) ورواه ابن حبان (913) من طريق ثالث عن الحسين بن محمد به . والحسين هذا ثقة ، ومن فوقه من رجال البخاري فالسند صحيح وحسنه المنذري (2 / 92) ، وقد أخرجه الواحدي في " الوسيط " (63 / 1 - 2) عن أبي محصن به . ثم رواه الطبراني من طريق عباد بن زكريا الصريمي نا هشام بن حسان به ورجاله ثقات غير الصريمي . وقال الهيثمي في " المجمع " (3 / 162) : " رواه الطبراني في الكبير والبزار ورجالهما ثقات ، . وأما حديث ابن مسعود فهو بلفظ : (أن الله يحب أن تقبل رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه) . أخرجه الطبراني في الكبير (3 / 61 / 2) : حدثنا أبو مسلم الكشي نا معمر ابن عبد الله الأنصاري ثنا شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن علقمة عنه مرفوعا . ومن هذا الوجه أخرجه أبو نعيم (2 / 101) وكذا الطبراني في " الأوسط " (1 / 104 / 1) وقال : " لم يروه عن شعبة مرفوعا إلا معمر ومسكين بن بكر الحراني " . قلت : ومعمر هذا قال العقيلي : " لا يتابع على رفع حديثه " . قلت : لكن قد تابعه في رفع هذا الحديث مسكين هذا ، وقد احتج به
[ 12 ]
الشيخان ، لكن الطريق إليه لا تصح ، أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 327 / 2) من رواية مصعب بن سعيد عن مسكين به وقال : " لا أعلم رواه غير مصعب بن سعيد عن مسكين عن شعبة ، ومصعب الضعف على حديثه بين " . وأما حديث عائشة فهو بلفظ : " إن الله يحب أن يؤخذ برخصه ، كما يحب أن يؤخذ بعزائمه قلت : وما عزائمه قال فرائضه " . أخرجه ابن حبان في " الثقات " (2 / 200) والطبراني في (الأوسط) من طريق عمر بن عبيد البصري - صاحب الخمر - ثنا هشام بن عروة عن أبيه عنها وقال الطبراني : " لم يروه عن هشام إلا عمر " . قلت : وهو ضعيف كما قال الهيثمي (3 / 163) . وأما حديث أبي هريرة فهو من رواية يحيى بن عبيد الله عن أببه عنه . أخرج أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1 / 286) . وهذا سند واه جدا ، يحيى متروك متهم بالوضع وأبوه مجهول العدالة . وأما حديث أنس ، فأخرجه الدولابي في " الكنى " (2 / 2 / 42) بإسناد ضعيف ، وقد وقع فيه تحريف من الطابع . وله طريق أخرى يأتي بعده . وأما حديث أبي الدرداء ومن بعده ، فأخرجه الطبراني في (الأوسط) (1 / 104 / 1 - 2) من طريق عبد الله بن يزيد بن آدم عن أبي الدرداء وأبي أمامة ووائلة بن الأسقع وأنس بن مالك مرفوعا بلفظ : " إن الله يحب أن تقبل رخصه ، كما يحب العبد مغفرة ربه " .
[ 13 ]
قلت : وهو بهذا اللفظ باطل ، وآفته عبد الله هذا ، قال أحمد : أحاديثه موضوعة . وجملة القول أن الحديث بلفظيه المتقدمين : " . . . كما يكره أن تؤتى معصيته " . " . . . كما يحب أن تؤتى عزائمه " . وأما انكار شيخ الإسلام ابن تيمية اللفظ الثاني في أول (كتاب الإيمان) فمما لا يلتفت إليه بعد وروده من عدة طرق بعضها صحيح كما سلف . 565 - (حديث ابن عباس مرفوعا : " يا أهل مكة لا تقصروا في أقل من أربعة برد من مكة إلى عسفان ") . رواه الدارقطني . (وهذا حديث ضعيف ، اسماعيل بن عياش ، لا يحتج به ، وعبد الوهاب ابن مجاهد ضعيف بمرة ، والصحيح أن ذلك من قول ابن عباس) وأورده عبد الحق في (الأحكام) (ق 62 / 1) من رواية الدارقطني ، ثم قال : (عبد الوهاب بن مجاهد ضعفه أحمد وابن معين وأبو حاتم ، وسفيان الثوري يرميه بالكذب) ونحوه في (التحقيق) لابن الجوزي (ق 152 / 1) . وفي (مجمع الزوائد) (2 / 157) رواه الطبراني في الكبير من رواية ابن مجاهد عن أبيه وعطاء ، ولم أعرفه ، وبقية رجاله ثقات)
[ 14 ]
كذا قال ، وابن مجاهد هو عبد الوهاب كما في رواية الدارقطني ، واسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن غير الشاميين وهذه منها . وقال الحافظ في " الفتح " (2 / 467) : " وهذا إسناد ضعيف من أجل عبد الوهاب " . وفي " التلخيص " (129) : " وإسناده ضعيف ، فيه عبد الوهاب بن مجاهد وهو متروك رواه عنه اسماعيل بن عياش ، وروايته عن الحجازين ضعيفة ، والصحيح عن ابن عباس من قوله " . قال ابن أبي شيبة (2 / 109 / 1) : ابن عيينة عن عمرو قال : أخبرني عطاء عن ابن عباس قال : " لا تقصروا إلى عرفة وبطن نخلة ، واقصروا إلى عسفان والطائف وجدة ، فإذا قدمت على أهل أو ماشية فأتم " . وإسناده صحيح ، ورواه الشافعي (1 / 115) بهذا الإسناد نحوه ويأتي . ويعارض الحديث حديثان ، أحدهما عن أنس ، والأخر عن أبي سعيد الخدري . أما حديث أنس فهو من رواية يحيى بن يزيد الهنائي قال : سألت أنس بن مالك عن قصر الصلاة ، فقال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ (شعبة الشاك صلى ركعتين " . أخرجه مسلم (2 / 145) وأبو عوانة (2 / 346) وأبو داود (1201) وابن أبي شيبة (2 / 108 / 1 - 2) والبيهقي (3 / 146) وأحمد (3 / 129) وزاد بعد قوله : " عن قصر الصلاة " . " قال : كنت أخرج إلى الكوفة فأصلي ركعتين حتى أرجع " .
[ 15 ]
وهي رواية للبيهقي وإسنادها صحيح . وأما حديث أبي سعيد فيرويه أبو هارون العبدي عنه مرفوعا بلفظ : (كان إذا سافر فرسخا قصر الصلاة وأفطر " . أخرجه ابن ابي شيبة (2 / 108 / 1) وعبد بن حميد في مسنده . كما في ثلاثياته (ق 78 / 2) و " المنتخب منه " (ق 104 / 2) وسعيد بن منصور كما قي " الكواكب الدراري " (2 / 60 / 1) وعبد الغني المقدسي في (السنن) " (ق 65 / 2) وقال : " اسم أبي هارون العبدي عمارة بن جوين " . قلت : وهو متروك ، ومنهم من كذبه كما في " التقريب " للحافظ ومن عجائبه أنه سكت عن الحديث في " التلخيص " (130) وقد ذكره من رواية سعيد بن منصور فقط وتبعه على ذلك الصنعاني في " سبل السلام " (2 / 54) . فالعمدة على حديث أنس ، وقد قال الحافظ في " الفتح " (2 / 467) : (وهو أصح حديث ورد في بيان ذلك وأصرحه ، وقد حمله من خالفه على أن المراد به المسافة التي يبتدأ منها القصر ، لا غاية السفر ، ولا يخفى بعد هذا الحمل مع أن البيهقي (قلت : وكذا أحمد) ذكر في روايته من هذا الوجه أن يحيى بن يزيد راويه عن أنس قال : سألت أنسا عن قصر الصلاة ، وكنت أخرج إلى الكوفة ، يعني من البصرة فأصلي ركعتين حتى أرجع ، فقال أنس ، فذكر الحديث . فظهر أنه سأله عن جواز القصر في السفر لا عن الموضع الذي يبتدأ القصر منه . ثم إن الصحيح في ذلك أنه لا يتقيد بمسافة ، بل بمجاورة البلد الذي يخرج منها . ورده القرطبي بإنه مشكوك فيه فلا يحتج به ، فإن كان المراد به أنه لا يحتج به في التحديد بثلاثة أميال فمسلم ، لكن لا يمتنع أن يحتج به في التحديد بثلاثة فراسخ ، فإن الثلاثة أميال مندرجة فيه ، فيؤخذ بالأكثر احتياطا . وقد روى ابن أبي شيبة عن حاتم بن اسماعيل عن عبد الرحمن بن حرملة قال : قلت لسعيد
[ 16 ]
ابن المسيب : أقصر الصلاة وأفطر في بريد من المدينة ؟ قال : نعم " . قلت : وقد صح عن ابن عمر رضي الله عنه جواز القصر في ثلاثة أميال ، كما سيأتي بعد حديثين ، وهي فرسخ ، فالأخذ بحديث أنس أولى من حديث ابن عباس لصحته ورفعه وعمل بعض الصحابة به . والله أعلم . على أن قصره صلى الله عليه وسلم في المدة المذكورة لا ينفي جواز القصر في أقل منها إذا كانت في مسمى السفر ، ولذلك قال ابن القيم في " الزاد " : ولم يحد صلى الله عليه وسلم لأمته مسافة محدودة للقصر والفطر بل أطلق لهم ذلك في مطلق السفر والضرب في الأرض ، كما أطلق لهم التيمم في كل سفر . وأما ما يروى من التحديد باليوم واليومين أو الثلاثة فلم يصح عنه منها شئ البتة . والله أعلم " . 566 - (" حديث ابن عباس وابن عمر كانا لا يقصران في أقل من أربعة برد ") . ص 134 قلت : وهو معنى ما علقه البخاري وقد ذكره المؤلف بعد حديث ، فلنتكلم عليه هناك . 567 - (وقال البخاري في صحيحه : " باب في كم يقصر الصلاة ، وسمى النبي صلى الله عليه وسلم يوما وليلة سفرا)) . ص 134 قلت : ثم ساق البخاري (1 / 277) في الباب أحاديث منع المرأة من السفر إلا مع محرم ، منها حديث أبي هريرة رضى الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة " . ورواه مسلم (4 / 103) إلا أنه قال : " إلا مع ذي محرم عليها " . وأخرجه أبو داود أيضا (1724) ، وفي رواية له بلفظ :
[ 17 ]
" بريدا " بدل " يوما وليلة " . ورجالها ثقات ، ولكن اللفظ شاذ ، وقد أشار الحافظ في (الفتح) (2 / 467) الى أنه غير محفوظ ، ولعل الخطأ من جرير وهو ابن عبد الحميد ، فقد قال الحافظ في ترجمته من " التقريب " : " ثقة ، صحيح الكتاب ، قيل كان في آخر عمره يهم من حفظه " . فلعله روى الحديث في الآخر من حفظه فأخطأ . والله أعلم . 568 - (قال البخاري) : " وكان ابن عباس وابن عمر يقصران ويفطران في أربعة برد وهي ستة عشر فرسخا ") . ص 134 صحيح . قلت : وصله البيهقي في سننه (3 / 137) من طريق يزيد بن أبي حببب عن عطاء بن أبي رباح أن عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس رضى الله عنهم كانا يصليان ركعتين ركعتين ، ويفطران في أربعة برد مما فوق ذلك . وإسناده صحيح . وقال الحافظ (2 / 466) : " وصله ابن المنذر من رواية يزيد بن أبي حبيب عن عطاء بن أبي رباح أن ابن عمر وابن عباس كانا يصليان ركعتين ويفطران في أربعة برد ، فما فوق ذلك . وروى السراج من طريق عمرو بن دينار عن ابن عمر نحوه ، وروى الشافعي عن مالك عن ابن شهاب عن سالم أن ابن عمر ركب إلى ذات النصب فقصر الصلاة . قال مالك : وبينها وبين المدينة أربعة برد . ورواه عبد الرزاق عن مالك هذا فقال : بين المدينة وذات النصب ثمانية عشر ميلا ، وفي الموطأ (1) عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه أنه كان يقصر في مسيرة اليوم التام . ومن طريق عطاء أن ابن عباس سئل أتقصر الصلاة إلى عرفة ؟ قال : لا ، ولكن إلى عسفان أو الى جدة أو الطائف " . قلت : هذه الطريق ليست في الموطأ . وأنما هي عند الشافعي (1 / 115) : أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء بن أبي رباح قال : قلت لابن عباس : أقصر الى عرفة ؟ قال : لا ولكن إلى جدة وعسفان (1) (ج / 147 / 13) ، ورواية الشافعي المذكورة عن مالك هي في (الموطأ) أيضا (1 / 147 / 12) .
[ 18 ]
والطائف ، وإن قدمت على أهل أو ماشية فأتم " . ورواه ابن أبي شيبة نحوه وتقدم لفظه قبل حديثين . وإسناده صحيح كما قال الحافظ في " التلخيص ، (129) عازيا إياه إلى الشافعي . قال : " وذكره مالك في الموطأ عن ابن عباس بلاغا . قلت : هو في " الموطأ " (1 / 148 / 15) بلاغا كما قال لكنه من فعله لا من قوله بلفظ : " كان يقصر الصلاة في مثل ما بين مكة والطائف ، وفي مثل ما بين مكة وعسفان " وفي مثل ما بين مكة وجدة " . قال مالك : وذلك أربعة برد . ورواه ابن أبي شيبة (2 / 108 / 2) من طريق ربيعة الجرشي عن عطاء بن أبي رباح به نحو رواية الشافعي وزاد : (وذلك ثمانية وأربعون ميلا ، وعقد بيده) . وإسناده صحيح أيضا . (فائدة) البريد اثنا عشر ميلا ، كما في " المختار " وغيره ، وقد صح عن ابن عمر القصر في أقل من البريد ، فأخرج ابن أبي شيبة (2 / 108 / 1) عن محمد بن زيد بن خليدة عن ابن عمر قال : " تقصر الصلاة في مسيرة ثلاثة أميال " . وإسناده صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير ابن خليدة هذا وقد روى عنه جماعة من الثقات كما في " الجرح والتعديل " (3 / 2 / 256) وقد ذكره ابن حبان في " الثقات " (1 / 206 / 2) . ثم روى (2 / 109 / 1) عن محارب بن دنار قال : سمعت ابن عمر
[ 19 ]
يقول : " إني لأسافر الساعة من النهار وأقصر " . وإسناده صحيح كما قال الحافظ في " الفتح " (2 / 467) . ثم روى (2 / 111 / 1) عن نافع عن ابن عمر : " أنه كان يقيم بمكة فإذا خرج إلى منى قصر " . وإسناده صحيح أيضا . وقال الثوري : سمعت جبلة بن سحيم سمعت ابن عمر يقول : " لو خرجت ميلا قصرت الصلاة " . ذكره الحافظ وصححه . قلت : وهذه الآثار عن ابن عمر أقرب إلى السنة على ما سبق بيانه قبل حديثين . والله أعلم . 569 - (حديث " أنه صلى الله عليه وسلم إنما كان يقصر إذا ارتحل) . ص 135 لا أعرفه بهذا اللفظ . والظاهر أن المصنف لا يعني أنه مروي به ، بل بالمعنى وهو صحيح تدل عليه أحاديث ، منها حديث أنس : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج . . . صلى ركعتين " . رواه مسلم وغيره وقد تقدم بتمامه قبل ثلاثة أحاديث . ومنها حديثه الآخر الآتي بعده . ومنها : حديث الشعبي مرسلا : " كان النبي عليه السلام إذا خرج مسافرا قصر الصلاة من ذي الحليفة " . أخرجه ابن أبي شيبة (2 / 108 / 1) بسند صحيح عنه .
[ 20 ]
ومنها حديث أبي هريرة . " أنه كان يسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر وعمر من المدينة إلى مكة ، كلهم صلى ركعتين من حين خرج من المدينة حتى يرجع إلى المدينة في المسير والإقامة بمكة " . أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1 / 46 / 2) عن حبيب بن أبي حبيب عن عمرو بن هرم عن جابر بن زيد قال : زعم أبو هريرة به . وقال : تفرد به أبو كامل " . قلت : وهو ثقة حافظ ممن احتج بهم مسلم ، وكذلك سائر رواته ، إلا أن حبيبا هذا وهو الأنماطي البصري أخرج له متابعة ، وهو حسن الحديث وقال الهيثمي (2 / 156) : " رواه أبو يعلى والطبراني في الأوسط ، ورجال أبي يعلى رجال الصحيح " . وفي " الباب " عن ابن عباس وقد ذكرناه في الحديث (563) . 570 - (حديث " أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بالمدينة أربعا والعصر بذي الحليفة ركعتين ") . ص 135 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 277) ومسلم (2 / 144) وأبو عوانة (2 / 347) وأبو داود (1202) والنسائي (1 / 83) والترمذي (2 / 431) وابن أبي شيبة (2 / 108 / 1) والبيهقي (3 / 145 - 146) وأحمد (3 / 111) و 177 و 186 و 268) من طرق عن أنس به . وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . وزاد أحمد في روايته : (وبات بها حتى أصبح ، فلما صلى الصبح ركب راحلته ، فلما انبعثت به سبح وكبر حتى استوت به على البيداء ، ثم جمع بينهما ، فلما قدمنا مكة أمرهم
[ 21 ]
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحلوا ، فلما كان يوم التروية ، أهلوا بالحج ، ونحر رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع بدنات بيده قياما ، وضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أقرنين أملحين " . وروى البخاري (1 / 391 - 392) بعضه . وزاد أحمد في رواية (3 / 237) : " آمنا لا يخاف في حجة الوداع) . وإسناده جيد . 571 - (حديث : " أن ابن عباس سئل : ما بال المسافر يصلي ركعتين حال الانفراد وأربعا إذا ائتم بمقيم ؟ فقال : تلك ألسنة " . رواه أحمد) . ص 135 صحيح . ولم أجده في المسند بهذا اللفظ ، وهو فيه ، بألفاظ أقربها إلى لفظ المؤلف ما أخرجه (1 / 216) من طريق أيوب عن قتادة عن موسى بن سلمة قال : " كنا مع ابن عباس بمكة ، فقلت : إنا إذا كنا معكم صلينا أربعا ، وإذا رجعنا إلى رحالنا صلينا ركعتين ؟ قال : تلك سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم قلت : وسنده صحيح رجاله رجال الصحيح ، وأخرجه أبو عوانة في صحيحه (2 / 340) ولكنه لم يسق لفظه . وفي لفظ لأحمد (1 / 337) من طريق شعبة عن قتادة به : " كيف أصلى إذا كنت بمكة إذا لم أصل مع الإمام ؟ قال : ركعتين سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم وهو بهذا اللفظ عند مسلم (2 / 123 - 144) من هذا الوجه وأخرجه النسائي نحوه (1 / 212) ، وله في المسند (1 / 226 و 290 و 369) ألفاظ أخرى بعناه ، وكذا أخرجه أبو عوانة (2 / 340) والبيهفي (3 / 153 - 154) والطحاو ي (1 / 245) .
[ 22 ]
وروى البيهقي (3 / 157) بسند صحيح عن أبي مجلز قال : " قلت لابن عمر : المسافر يدرك ركعتين من صلاة القوم يعني المقيمين أتجزيه الركعتان أو يصلى بصلاتهم ؟ قال : فضحك وقال : يصلي بصلاتهم " . 572 - (حديث " أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام بمكة فصلى بها إحدى وعشرين صلاة يقصر فيها وذلك أنه قدم صبح رابعة ، فأقام إلى يوم التروية (1) فصلى الصبح ثم خرج " . ذكره الإمام أحمد) . ص 135 صحيح المعنى وهو مستنبط من أحاديث صفة حجته صلى الله عليه وسلم هي كثيرة جدا ، أنسبها بالمقام حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : " قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لأربع مضين من ذي الحجة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أحلوا ، واجعلوها عمرة ، فضاقت بذلك صدورنا وكبر علينا ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا أيها الناس أحلوا ، فلو لا الهدي الذي معي لفعلت مثل الذي تفعلون فأحللنا حتى وطئنا النساء ، وفعلنا ما يفعل الحلال ، حتى إذا كان يوم التروية ، وجعلنا مكة بظهر لبينا بالحج أخرجه النسائي (2 / 43) وإسناده صحيح ومسلم (4 / 37) وليس عنده تاريخ القدوم من طريق عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن جابر . وقد تابعه قيس بن سعد عن عطاء به ، مثل رواية النسائي . أخرجه أحمد (3 / 362) وإسناده صحيح على شرط ؟ مسلم . وفي رواية لمسلم وغيره من طريق محمد بن جعفر عن أبيه عن جابر في حديثه الطويل في حجته صلى الله عليه وآله وسلم : " فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى ، فأهلوا بالحج ، وركب رسول الله (1) هو اليوم الثامن من ذي الحجة ، سمي به لأنهم كانوا يرتوون فيه من الماء لما بعد ، أي يسقون ويستقون .
[ 23 ]
صلى الله عليه وسلم فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر . . . " . الحديث . ولي في حديث جابر هذا رسالة لطيفة جمعت فيها ما تيسر من ألفاظه ورواياته ، وهي مطبوعة . 573 - (حديث : " قال أنس : أقمنا بمكة عشرا نقصر الصلاة ") . ص 135 صحيح . وتقدم تخريجه في الحديث (563) . 574 - (حديث " أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام بتبوك عشرين يوما يقصر الصلاة " . رواه أحمد) . ص 136 صحيح . قال الإمام أحمد (3 / 295) : ثنا عبد الرزاق : أنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن جابر قال : (أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث . ومن طريق أحمد أخرجه أبو داود (1236) وقال : " غير معمر لا يسنده) ورده النووي في " الخلاصة " بقوله : (هو حديث صحيح الإسناد على شرط البخاري ومسلم ، لا يقدح فيه تفرد معمر فإنه ثقة حافظ فزيادته مقبولة " . وأقره الزيلعي (2 / 186) ، وقال الحافظ في " التلخيص) " (129) عقب قول أبي داود المذكور : " ورواه ابن حبان يعني في صحيحه) والبيهقي (3 / 152) من حديث معمر ، وصححه ابن حزم والنووي ، واعله الدارقطني في " العلل " بالإرسال والانقطاع ، وأن علي بن المبارك وغيره من الحفاظ قد رووه عن يحيى بن أبي كثير
[ 24 ]
عن ابن ثوبان مرسلا ، وأن الأوزاعي رواه عن يحيى عن أنس ، فقال : بضع شعرة . قلت : بهذا اللفظ رواه جابر ، أخرجه البيهقي من طريقه بلفظ : غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم تبوك ، فأقام بها بضع عشرة ، فلم يزد على ركعتين حتى رجع " . قلت : هذا أخرجه البيهقي من حديث أبي أنيسة عن أبي الزبير عن جابر . وأبو الزبير مدلس وقد عنعنه ، وأما أبو أنيسة ، فلم أعرفه ولم يورده الدولابي في (الكنى) : فلا يعل بمثله حديث ابن ثوبان عنه ، وإرسال علي بن المبارك إياه سبق الجواب عنه في كلام النووي ، فالأرجح أن الحديث صحيح ، وهذا المرسل أخرجه ابن أبي شيبة (2 / 112 / 1) . وأما رواية الأوزاعي المذكورة ، فأخرجها الطبراني في (الأوسط) (1 / 46 / 2) من طريق عمرو بن عثمان الكلابي ثنا عيسى بن يونس عن الأوزاعي به . وقال : (لم يروه عن الأوزاعي إلا عيسى ولا عنه إلا عمرو) . قلت : وهو متروك كما في " المجمع " (2 / 158) ، وقال الحافظ في " التقريب " و " التلخيص " : " ضعيف " قال : (وقد اختلف فيه على الأوزاعي ذكره الدارقطني في " العلل " وقال : الصحيح عن الأوزاعي عن يحيى أن أنسا كان يفعل . قلت : ويحيى لم يسمع من أنس " . قلت : والموقوف على أنس سيأتي في الكتاب بعد حديث ، ومنه يتبين أنه حديث آخر ليحيى فلا يعل به حديث الباب . والله تعالى أعلم . 575 - (حديث " أنه صلى الله عليه وسلم فتح مكة أقام بها تسعة عشر يوما يصلي ركعتين " . رواه البخاري) . ص 136 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 276) من طريق أبي عوانة عن عاصم
[ 25 ]
وحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال : أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة عشر يوما يقصر ، فنحن إذا سافرنا فأقمنا تسعة عشر قصرنا ، وإن زدنا أتممنا " . ومن هذا الوجه أخرجه البيهقي (3 / 150) به . ثم أخرجه هو والدارقطني (149) من طرق عن أبي عوانة به إلا أنه لم يذكر حصينا وقال : " سبعة عشر يوما " . وبهذا اللفظ أخرجه ابن أبي شيبة (2 / 112 / 2) : حدثنا حفص عن عاصم عن عكرمة به . وهكذا أخرجه أبو داود (1230) والبيهقي من طرق عن حفص به . وقال الإمام أحمد (1 / 223) : ثنا أبو معاوية ثنا عاصم الأحول به باللفظ الأول " تسع عشرة " . وكذلك أخرجه الترمذي (2 / 434) والطحاوي (1 / 242) والبيهقي من طرق عن أبي معاوية به . وقال الترمذي : " حديث غريب حسن صحيح " . لكن ذكر البيهقي أن عثمان بن أبي شيبة رواه عن أبى معاوية باللفظ الثاني ، " سبع عشرة " . ثم أخرجه البخاري (3 / 143) من طريق ابن شهاب عن عاصم به باللفظ الأول . لكن أخرجه الدارقطني من هذا الوجه باللفظ الثاني ! قلت : فهذا اضطراب شديد على عاصم وعلى الرواة عنه ، لكن لعل اللفظ الأول هو الأرجح ، فقد رواه عبد الواحد بن زياد عن عاصم به . أخرجه ابن ماجه (1075) بإسناد صحيح . ولا أعلمه اختلف فيه على ابن زياد .
[ 26 ]
ورواه البخاري (3 / 143) من طريق عبد الله (وهو ابن المبارك) قال : أخبرنا عاصم به . ولفظه : " أقام النبي صلى الله عليه وسلم) بمكة تسعة عشر يوما يصلي ركعتين ورجع البيهقي هذه الرواية وقال : " أنها أصح الروايات ، ولم يختلف فيها على عبد الله بن المبارك وهو أحفظ من رواه عن عاصم الأحول . والله أعلم . " . قلت : وفي ما نفاه من الاختلاف نظر فإن عبد بن حميد قال في مسنده : " ثنا عبد الرزاق أنبأ ابن المبارك به بلفظ : عشرين يوما كما في " التلخيص " (129) وقال : " وهي صحيحة الإسناد ، إلا أنها شاذة ، اللهم إلا أن يحمل على جبر الكسر " . قلت : فالترجيح برواية ابن زياد أولى لما سبق ذكره . وللحديث طريق آخر عن عكرمة . رواه شريك عن ابن الأصبهاني عنه بلفظ : " أقام بمكة عام الفتح سبع عشرة ، يصلي ركعتين " . أخرجه أبو داود (1232) والبيهقي وأحمد (1 / 303 و 315) قلت : ورجاله ثقات ، غير أن شريكا وهو ابن عبد الله القاضي سئ الحفظ فلا يحتج به . وله طريق أخرى عن ابن عباس . يرويه محمد بن اسحاق عنه الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عنه بلفظ : " أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عام الفتح خمسة عشر يقصر الصلاة " . أخرجه أبو داود (1231) وابن ماجه (1076) والبيهقي عن أبي داود وأعلاه بأن جماعة لم يذكروا فيه ابن عباس ، فهو مرسل .
[ 27 ]
قلت : وابن اسحاق مدلس وقد عنعنه فلا يحتج به أيضا ، لكنه لم يتفرد به ، فرواه عراك بن مالك عن عبيد الله بن عبد الله به . أخرجه النسائي (1 / 212) وإسناده صحيح ، لكن قوله " خمسة عشرة) شاذ لمخالفته لسائر الروايات كما في " التلخيص " (129) . وجملة القول : أن أصح هذه الروايات الرواية الأولى والثانية وأصحهما الأولى ، وقد جمع بينهما البيهقي وغيره بأن من روى الأولى عدد يوم الدخول ويوم الخروج ، ومن روى الأخرى لم يعدهما ، وقال الحافظ : وهو جمع متين . والله أعلم . 576 - (قال أنس : " أقام أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم برام هرمز تسعة أشهر يقصرون الصلاة " . رواه البيهقي بإسناد حسن) . ص 136 ضعيف . أخرجه البيهقي (3 / 152) من طريق عكرمة بن عمار ثنا يحيى بن أبي كثير عن أنس أن أصحاب رسول لله صلى الله عليه وسلم أقاموا . الحديث قلت : وهذا إسناد رجاله ثقات كلهم إلا أنه منقطع ، فإن يحيى لم يسمع من أنس كما قال الحافظ في حديث ذكرناه قبل حديث ، وقد ذهل عن هذه العلة المؤلف أو من تبعه فحسنه ، وهو مسبوق بمثله (ففي " نصب الراية " (2 / 186) " قال النووي : إسناده صحيح ، وفيه عكرمة بن عمار ، واختلفوا في الاحتجاج به ، واحتج به مسلم في صحيحه " . قلت : والحق أن عكرمة هذا حسن الحديث ، لو لا أن حديثه هذا منقطع . ولا عجب أن يخفى ذلك على النووي وغيره وإنما العجب أن يخفى على الحافظ ابن حجر فيتابع في كتابه " الدراية " أصله " نصب الراية " فيقول (ص 129) إنه صحيح ! مع أنه إسناد منقطع باعترافه . فجل من لا ينسى . 577 - (حديث : " أن ابن عمر أقام بأذربيجان ستة أشهر يقصر
[ 28 ]
لصلاة وقد حال الثلج بينه وبين الدخول " . رواه الأثرم) . ص 136 صحيح . ورواه البيهقي (3 / 152) من طريق نافع عن ابن عمر أنه قال : " أريح علينا الثلج ، ونحن بأذربيجان ستة أشهر في غزاة ، وكنا نصلي ركعتين) . قلت : وإسناده صحيح ، كما قال الحافظ في " الدراية " (129) ، وهو على شرط الشيخين كما نقله الزيلعي (2 / 185) عن النووي وأقره . وله طريق أخرى ، فقال ثمامة بن شراحيل : " خرجت إلى ابن عمر فقلت : ما صلاة المسافر ؟ فقال : ركعتين ركعتين ، إلا صلاة المغرب ثلاثا ، قلت : أرأيت إن كنا ب (ذي المجاز) ؟ قال : وما (ذي المجاز) ؟ قال : قلت : مكان نجتمع فيه ، ونبيع فيه ، ونمكث عشرين ليلة . أو خمس عشرة ليلة ، فقال : يا أيها الرجل كنت بأذربيجان - لا أدري قال - أربعة أشهر أو شهرين ، فرأيتهم يصلونها ركعتين ركعتين ، ورأ يت نبي الله صلى الله عليه وسلم بصر عيني يصليها ركعتين ثم نزع إلي بهذه الآية لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) " . أخرج أحمد (2 / 83 و 154) بإسناد حسن ، رجاله كلهم ثقاث غير ثمامة هذا فقال الدارقطني " لا بأس به شيخ مقل " وذكره ابن حبان في " الثقات " (1 / 7) . فصل في الجمع 578 - (حديث معاذ : " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزوة تبوك إذا ارتحل قبل زيغ الشمس أخر الظهر حتى يجمعها إلى العصر يصليها جميعا ، وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس صلى الظهر والعصر جميعا ، ثم سار ، وكان يفعل مثل ذلك في المغرب والعشاء " رواه أبو داود والترمذي وقال حسن غريب) . ص 136
[ 29 ]
صحيح . أخرجه أبو داود (1220) والترمذي (2 / 438) وكذا أحمد (5 / 241 - 242) كلهم قالوا : حدثنا الليث بن سعيد حدثنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الطفيل عامر بن واثلة عن معاذ بن جبل : " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزوة تبوك . . . " الحديث واللفظ لأبي داود إلا إن المصنف أختصر آخره ولفظه : " وكان إذا ارتحل قبل المغرب أخر المغرب حتى يصليها مع العشاء وإذا ارتحل بعد المغرب عجل العشاء فصلاها مع المغرب " . ومن هذا الوجه أخرجه الدارقطني (151) والبيهقي (3 / 163) وقال الترمذي (2 / 440) : " حديث حسن غريب تفرد به قتيبة ، لا نعرف أحدا رواه عن الليث غيره " . وقال في مكان آخر من الصفحة الأخرى : " حديث حسن صحيح " . قلت : وأنا أرى أن الأسناد صحيح ، رجاله كلهم ثقات رجال الستة ، وقد أعله الحاكم بما لا يقدح في صحته ، فراجع كلامه في ذلك مع الرد عليه في " زاد المعاد " لابن القيم (1 / 187 - 188) ولذلك قال في " إعلام الموقعين) (3 / 25) : " وإسناده صحيح وعلته واهية " . وغاية ما أعل به علتان : الأولى تفرد قتيبة به أو وهمه فيه . والأخرى عنعنة يزيد بن أبي حبيب . والجواب : عن الأولى أن قتيبة ثقة ثبت كما قال الحافظ فلا يضر تفرده ، كما هو مقرر في علم الحديث وأما الوهم ، فمردود إذ لا دليل عليه إلا الظن ، والظن لا يغني عن الحق شيئا ، ولا يرد به حديث الثقة ! ولو فتح هذا الباب لم
[ 30 ]
يسلم لنا حديث ! والجواب عن العلة الأخرى فهو أن يزيد بن أبي حبيب غير معروف بالتدليس وقد أدرك أبا الطفيل حتما ، فإنه ولد سنة (53) ومات سنة (128) وتوفي أبو الطفيل سنة (100) أو بعدها ، وعمر يزيد حينئذ (47) سنة . نعم قد خولف قتيبة في إسناده ، فقال أبو داود (1208) " حدثنا يزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب الرملي الهمداني : ثنا المفضل بن فضالة والليث بن سعد عن هشام بن سعد عن أبي الزبير عن أبي الطفيل به " ومن طريق أبي داود رواه الدارقطني (150) وكذا البيهقي (3 / 162) لكنه قال : " عن الليث بن سعد " فجعل الليث شيخ المفضل ، وإنما هو قرينه ، وكلاهما شيخ الرملي ، واغتر بذلك ابن القيم في (الزاد) فقال : فهذا المفضل قد تابع قتيبة ، وإن كان قتيبة أجل من المفضل وأحفظ ، لكن زال تفرد قتيبة به " (1) . فالصواب أن الذي تابع قتيبة إنما هو الرملي ، لكنه خالفه في إسناده فقال : الليث عن هشام بن سعد عن أبي الزبير عن أبي الطفيل . فإما أن يصار إلى الجمع فيقال اليث بن سعد فيه إسنادان عن أبي الطفيل ، روى عنه أحدهما قتيبة ، والآخر الرملي ، ولهذا أمثلة كثيرة في الأسانيد كما هو معروف عند المشتغلين بهذا العلم الشريف . وإما أن يصار إلى الترجيح فيقال قتيبة أجل واحفظ من الرملي ، فروايته أصح . والجمع عندي أولى ، لأنه لا يلزم منه تخطأة الثقة بدون حجة ، لا سيما ولرواية أبي الزبير عن أبي الطفيل أصل أصيل ، ففي " موطأ مالك " (1 / 143 / 2) : عن أبي الزبير المكي عن أبي الطفيل عامر بن واثلة أن معاذ ابن جبل أ خبره : " أنهم خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) عام تبوك ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء ، قال : فأخر . الصلاة يوما ، ثم (1) وقد فاتني التنبيه على هذا الوهم في " التعليقات على زاد المعاد " فليستدرك .
[ 31 ]
خرج فصلى الظهر والعصر جميعا ثم دخل ، ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعا " . ومن طريق مالك أخرجه مسلم (7 / 60) وأبو داود (1206) والنسائي (1 / 98) والدارمي (1 / 356) والبيهقي وأحمد (5 / 237) . وأخرجه مسلم (2 /) وابن ماجه (1070) وابن أبي شيبة (2 / 113 / 1) والطيالسي (1 / 126) وأحمد (5 / 229 و 230 و 236) من طرق أخرى عن أبي الزبير به . وصرح في بعضها بالتحديث ، وزاد مسلم والطيالسي وأحمد في رواية : (قلت : ما حمله على ذلك قال : أراد أن لا يحرج أمته " . قلت : وليس في شئ من هذه الطرق عن أبي الزبير ذكر ، لجمع التقديم الوارد في حديث قتيبة ، ولا يضره ذلك لما تقرر أن زيادة الثقة مقبولة ، لا سيما ولم يتفرد به بل تابعه الرملي وإن خالفه في إسناده كما سبق . على أن لهذه الزيادة شاهدا قويا في بعض طرق حديث أنس الآتي بعده . وللحديث شاهد من رواية ابن عباس قال : ألا أحدثكم عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر قال : قلنا بلى ، قال : كان إذا زاغت الشمس في منزله جمع بين الظهر والعصر ، قبل أن يركب ، وإذا لم تزغ له في منزله سار حتى إذا حانت العصر نزل فجمع بين الظهر والعصر ، وإذا حانت المغرب في منزله جمع بينها وبين العشاء ، وإذا لم تحن في منزله ركب ، حتى إذا حانت العشاء نزل فجمع بينهما " . أخرجه الشافعي (1 / 116) وأحمد (1 / 367 - 368) والدارقطني (149) والبيهقي (3 / 163 - 164) من طريق حسين بن عبد الله بن عبيد الله ابن عباس عن عكرمة وكريب كلاهما عن ابن عباس . قلت : وحسين هذا ضعيف ، قال الحافظ في " التلخيص " (ص 130) :
[ 32 ]
واختلف عليه فيه ، وجمع الدارقطني في سننه بين وجوه الاختلاف فيه ، إلا أن علته ضعف حسين ، ويقال : إن الترمذي حسنه ، وكأنه باعتبار المتابعة ، وغفل ابن العربي فصحح إسناده ، لكن له طريق أخرى ؟ أخرجها . يحيى بن عبد الحميد الحماني في مسنده عن أبي خالد الأحمر عن الحجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس . وروى اسماعيل القاضي في (الأحكام) عن اسماعيل بن أبي أويس عن أخيه عن سليمان بن بلال عن هشام بن عروة عن كريب عن ابن عباس نحوه " . قلت : فالحديث صحيح عن ابن عباس بهذه المتابعات والطرق . وقواه البيهقى بشواهده ، فهو شاهد آخر لحديث معاذ من رواية قتيبة تدل على حفظه وقوة حديثه . 579 - (حديث أنس بمعناه . متفق عليه) . ص 136 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 281 و 281 - 282) ومسلم (2 / 151) وأبو عوانة (2 / 351) وأبو داود (1218) والنسائي (1 / 98) والدارقطني (149 - 150) والبيهقي (3 / 161 - 962) وأ حمد (3 / 247 و 265) من طرق عن عقيل عن ابن شهاب أنه حدثه عن أنس بن مالك قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر ، ثم ينزل فيجمع بينهما ، وإذا زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر ثم ركب " . وفي رواية للبيهقي من طريق أبي بكر الاسماعيلي : أنبأ جعفر الفريابي ثنا اسحاق بن راهويه أنا شبابة بن سوار عن ليث بن سعد عن عقيل به بلفظ : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان في سفر فزالت الشمس صلى الظهر والعصر جميعا ثم ارتحل " . قلت : وهذا إسناد صحيح كما قال النووي في " المجموع " (4 / 372) وأقره الحافظ في " التلخيص " (130) وهو على شرط الشيخين كما قال ابن القيم في (الزاد) . قال الحافظ :
[ 33 ]
" وفي ذهني أن أبا داود أنكره على اسحاق ، ولكن له متابع رواه الحاكم في " الأربعين " عن أبي العباس محمد بن يعقوب عن محمد بن اسحاق الصغاني عن حسان بن عبد الله عن المفضل بن فضالة عن عقيل (قلت : فذكره بإسناده ومتنه في الصحيحين إلا أنه قال : صلى الظهر والعصر ثم ركب وقال) وهو في الصحيحين من هذا الوجه بهذا السياق وليس فيهما " والعصر " ، وهي زيادة غريبة صحيحة الإسناد وقد صححه المنذري من هذا الوجه والعلائي ، وتعجب من الحاكم كونه لم يورده في " المستدرك " وله طريق أخرى رواها الطبراني في " الأوسط " : حدثنا محمد بن ابراهيم بن نصر بن شبيب الأصبهاني : ثنا هارون ابن عبد الله الحمال ثنا يعقوب بن محمد الزهري ثنا محمد بن سعد (1) ثنا ابن عجلان عن عبد الله بن الفضل عن أنس : " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا كان في سفر فزاغت الشمس قبل أن يرتحل ، صلى الظهر والعصر جميعا ، وإن ارتحل قبل أن تزيغ الشمس جمع بينهما في أول العصر ، وكان يفعل ذلك في المغرب والعشاء " . وقال : تفرد به يعقوب بن محمد " . قلت : وهو صدوق كثير الوهم كما في (التقريب) وفي (المجمع) (2 / 160) " رواه الطبراني في الأوسط ورجاله موثقون " . قلت : فهو إسناد حسن في الشواهد . وقد وجدت له طريقا ثالثة ، فقال ابن أبي شيبة (2 / 113 / 1) : يزيد ابن هارون عن محمد بن اسحاق عن حفص بن عبيد الله بن أنس قال : " كنا نسافر مع أنس بن مالك ، فكان إذا زالت الشمس ، وهو في منزل لم يركب حتى يصلي الظهر ، فإذا راح فحضرت صلاة العصر فإن سار من منزله قبل أن تزول فحضرت الصلاة قلنا له : الصلاة فيقول : سيروا ، حتى إذا كان (1) الأصل (سعدان) والتصويب من (الجمع بين المعجمين) (1 / 47 / 1) وكتب الرجال
[ 34 ]
بين الصلاتين نزل فجمع بين الظهر والعصر ، ثم يقول : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وصل ضحوته بروحته صنع هكذا . قلت : ورجاله ثقات لولا أن ابن اسحاق مدلس وقد عنعنه . ومن طريقه رواه البزار بنحوه كما في " المجمع " . (تنبيه) لقد تبين مما سبق ثبوت جمع التقديم في حديث أنس من طرق ثلاثة عنه ، لكن قول المؤلف أنه متفق عليه بمعنى حديث معاذ ، لا يخلو من تسامح لأنه يوهم أن الجمع المذكور متفق عليه وليس كذلك كما عرفت من التخريج . فتنبه . 579 / 1 - (قال ابن عباس : " جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر) . وفي رواية (من غير خوف ولا سفر) . رواهما مسلم) . ص 137 صحيح . أخرجه مالك (1 / 144 / 4) عن أبي الزبير المكي عن سعيد ابن جبير عن عبد الله بن عباس أنه قال : " صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعا ، والمغرب والعشاء جميعا ، في غير خوف ولا سفر " . قال مالك : أرى ذلك كان في مطر . وأ خرجه مسلم (2 / 151) وأبو عوانة (2 / 353) وأبو داود (1210) والشافعي (1 / 118) وكذا ابن خزيمة في " صحيحه " (972) والطحاوي (1 / 95) والبيهقي (3 / 166) كلهم عن مالك به . وقد تابعه زهير حدثنا أبو الزبير به ، وزاد : بالمدينة قال أبو الزبر : فسألت سعيدا : لم فعل ذلك ؟ فقال : سألت ابن عباس كما سألتني ؟ فقال : أراد أن لا يحرج أحدا من أمته " .
[ 35 ]
أخرجه مسلم والبيهقي . ثم أخرجاه وكذا أبو عوانة والطيالسي (2629) والشافعي (1 / 119) وكذا أحمد (1 / 283 و 349) من طرق أخرى عن أبي الزبير به وصرح بسماعه من سعيد عند الطيالسي . وقد تابعه حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير به إلا أنه قال : " مطر " بدل " سفر " . أخرجه مسلم وأبو عوانة وأبو داود (1211) والترمذي (1 / 355) والبيهقي (3 / 167) وأحمد (1 / 354) . وتابعه عمرو بن هرم عن سعيد بلفظ : " أن ابن عباس جمع بين الظهر والعصر من شغل وزعم ابن عباس أنه صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة الظهر والعصر جميعا أخرجه الطيالسي (2614) : حدثنا حبيب عن عمرو بن هرم به ورواه النسائي (1 / 98) من طريق حبان بن هلال وهو ثقة حجة حدثنا حبيب به بلفظ : أن ابن عباس جمع بين الظهر والعصر من شغل ، وزعم ابن عباس أنه صلى مع رسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة الأولى العصر ثمان سجدات ليس بينهما شئ " . وهذا إسناد جيد ، وهو على شرط مسلم . وللحديث طرق أخرى عن ابن عباس . 1 - فقال الإمام أحمد (1 / 223) : ثنا يحيى عن شعبة ثنا قتادة قال : سمعت جابر بن زيد عن ابن عباس قال : " جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء بالمدينة ، في غير خوف ولا مطر ، قيل لابن عباس وما أراد لغير ذلك ؟ قال : أراد أن لا يحرج أمته " .
[ 36 ]
قلت : وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ، وجابر بن زيد هو أبو الشعثاء ، وقد رواه عنه عمرو بن دينار مختصرا بلفظ : " أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالمدينة سبعا ، وثمانيا ، الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء " . أخرجه البخاري (1 / 146) ومسلم (2 / 152) وأبو عوانة (2 / 354) والشافعي (1 / 118 - 119) وأبو داود (1214) والنسائي (1 / 98) وابن أ بي شيبة (2 / 113 / 1) والبيهقي (3 / 167) وزاد هو ومسلم وغيرهما : قلت : يا أبا الشعثاء أظنه أخر الظهر وعجل العصر ، وأخر المغرب وعجل العشاء ، قال : وأنا أظن ذلك " . ووهم بعض رواة النسائي فأدرجه في الحديث ! قلت : ورواية قتادة عن أبي الشعثاء ترجح رواية حبيب بن أبي ثابت بلفظ (مطر) بدل " سفر " ، ولم تقع هذه الرواية للبيهقي فرجح رواية أبي الزبير المخالفة لها بلفظ " سفر " برواية عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء هذه التي ليس فيها لفظ من اللفظين ! ويرجحه أيضا الطريق الآتية : 2 - قال ابن أبي شيبة (2 / 113 / 1) : وكيع قال نا داود بن قيس الفراء عن صالح مولى التوأمة عن ابن عباس قال : " جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء في المدينة في غير خوف ولا مطر ، قال : فقيل لابن عباس : لم فعل ذلك ؟ قال : أراد التوسعة على أمته " . وأخرجه أحمد (1 / 346) والطبراني في " الكبير ، (3 / 99 / 1) من طريقين آخرين عن داود بن قيس به . وهذا سند حسن في المتابعات والشواهد رجاله ثقات رجال مسلم غير
[ 37 ]
صالح هذا ففيه ضعف ، ورواه الطحاوي (1 / 95) من طريق أخرى عن للفراء ، وقال : " في غير سفر ولا مطر " ، ولعل الصواب الرواية الأولى ، فإن لفظ " المدينة " معناه في " غير سفر " ، فذكر هذه العبارة مرة أخرى لا فائدة منها بل هو تحصيل حاصل ، بخلاف قوله " في غير خوف " ففيه تنبيه إلى معنى لا يستفاد إلا به فتأمل . 3 - قال عبد الله بن شقيق : " خطبنا ابن عباس (بالبصرة) يوما بعد العصر حتى غربت الشمس وبدت النجوم ، وجعل الناس يقولون الصلاة الصلاة ، قال : فجاءه رجل من بني تميم ، لا يفتر ولا ينثني : الصلاة الصلاة ، فقال ابن عباس : أتعلمني بالسنة لا أم لك ؟ ! ثم قال : رأيت رسول الله جمع بين الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء . قال عبد الله بن شقيق : فحاك في صدري من ذلك شئ ، فأتيت أبا هريرة ، فسألته ، فصدق مقالته " . أخرجه مسلم (2 / 152 - 153) وأبو عوانة (2 / 354 - 355) والطيالسي (2720) . وفي رواية عنه قال : " قال رجل لابن عباس : الصلاة ، فسكت ، ثم قال : الصلاة فسكت ، ثم قال : الصلاة ، فسكت ، ثم قال : لا أم لك تعلمنا بالصلاة ؟ ! وكنا نجمع بين الصلاتين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجه مسلم وابن أس شيبة (2 / 113 / 1) وزاد في آخره : " يعني السفر ، . قلت : والظاهر أن هذه الزيادة من ابن أبي شيبة نفسه على سبيل التفسير وما أظنها صوابا ، فإن الظاهر من السياق أن الجمع المرفوع إلى الني صلى الله عليه وسلم كان في الحظر ، وإلا لم يصح احتجاج ابن عباس به على الرجل كما هو ظاهر ، ويؤيده رواية " بالمدينة " فإنها صريحة في ذلك كما تقدم .
[ 38 ]
وللحديث شاهد من حديث جابر يرويه الربيع بن يحيى الأشناني قال ثنا سفيان الثوري عن محمد بن المنكدر عنه قال : " جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء بالمدينة للرخص من غير خوف ولا علة " . أخرجه الطحاوي (1 / 96) وابن أبي حاتم في " العلل " (1 / 116) وتمام في " الفوائد " (4 / 78 / 2) وخلف بن محمد الواسطي في " السادس من الأفراد والغرائب " (254 - 255) من طرق عنه . قلت : ورجاله كلهم ثقات رجال البخاري غير أن الأشناني هذا مختلف فيه فقال فيه أبو حاتم " ثقة ثبت ، كما رواه عنه ابنه في " الجرح ، (1 / 2 / 471) ، ومع ذلك فقد قال عنه عقب هذا الحديث : " إنه باطل عندي ، هذا خطأ لم أدخله في التصنيف ، أراد أبا الزبير عن جابر ، أو أبا الزبير عن سعبد بن جبير عن ابن عباس . والخطأ من الربيع " . وذكره ابن حبان في الثقات " وقال ابن قانع : ضعيف) . وكذا قال الدارقطني وزاد : " ليس بالقوي ، يخطئ كثيرا ، حدث عن الثوري (قلت : فذكر الحديث) وهذا حديث ليس لابن المنكدر فيه ناقة ولا جمل ، وهذا يسقط مائة ألف حديث) . فهو حديث معلول من رواية ابن المنكدر عن جابر ، وفي كلام أبي حاتم المتقدم إشارة إلى أن له أصلا من حديث أبي الزبير عن جابر ، وقد وجدته ، أخرجه ابن عساكر (17 / 273 / 1) من طريق محمد بن ابراهيم عن شعبة عن أبي الزبير عن جابر . " أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعمر ، والمغرب والعشاء ، من غير خوف ، ولا علة ولا مطر " . 580 - (حديث : " أنه صلى الله عليه وسلم : أمر المستحاضة بالجمع بين
[ 39 ]
الصلاتين ،) . ص 137 حسن . وقد مضى بتمامه وتخريجه رقم (187) . 581 - (حديث : " أنه صلى الله عليه وسلم : جمع بين المغرب والعشاء في ليلة مطيرة " . رواه النجاد بإسناده) . ص 137 ضعيف جدا . وقد وقفت على إسناده ، رواه الضياء المقدسي في " المنتقى من مسموعاته بمرو " (ق 37 / 2) عن الأنصاري : حدثني محمد بن زريق بن جامع المديني أبو عبد الله - بمصر ثنا سفيان بن بشر قال : حدثني مالك ابن أنس عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم . . . الحديث . قلت : وهذا سند واه جدا ، وآفته الأنصاري وهو محمد بن هارون بن شعيب بن ابراهيم بن حيان أبو علي الدمشقي ، قال عبد العزيز الكتاني : كان يتهم . قال الحافظ في " اللسان) : " وقد وجدت له حديثا منكرا " ثم ذكر حديثا آخر . وشيخه محمد بن زريق لم أعرفه . وسفيان بن بشر ، ويقال : ابن بشير وهو الأنصاري مصري ترجمه ابن أبي حاتم (2 / 1 / 228) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا . وأما ابن حبان فذكره في (الثقات) . والحديث لم يقف على إسناد . الحافظ ابن حجر ! فقال في التلخيص " (131) . " ليس له أصل ، وإنما ذكره البيهقي عن ابن عمر موقوفا عليه ، وذكره بعض الفقهاء عن يحيى بن واضح عن موسى بن عقبة عن نافع عنه مرفوعا " . قلت : ويحيى بن واضح ثقة به في الصحيحين ، وكذا من فوقه ، ولكن أين الأسناد بذلك إلى يحيى ؟ لا سيما والمعروف عن ابن عمر الموقوف كما قال مالك في " الموطأ " (1 / 145 / 5) : عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا جمع الأمراء بين المغرب والعشاء في المطر جمع معهم . ومن طريق مالك رواه
[ 40 ]
البيهقي (3 / 168) . ثم روى عن هشام بن عروة أن أباه عروة وسعيد بن المسيب وأبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي كانوا يجمعون بين المغرب والعشاء في الليلة المطيرة إذا جمعوا بين الصلاتين ولا ينكرون ذلك . وعن موسى بن عقبة أن عمر بن عبد العزيز كان يجمع بين المغرب والعشاء الآخرة إذا كان المطر ، وأن سعيد بن المسيب وعروة ابن الزبير وأبا بكر بن عبد الرحمن ومشيخة ذلك الزمان كانوا يصلون معهم ولا ينكرون ذلك . وإسنادهما صحيح ، وذلك يدل على أن الجمع للمطر كان معهودا لديهم ، ويؤيده حديث ابن عباس المتقدم قبل حديث : " من غير خوف ولا مطر " فإنه يشعر أن الجمع للمطر كان معروفا في عده صلى الله عليه وآله وسلم ، ولو لم يكن كذلك لما كان ثمة فائدة من نفي المطر كسبب مبرر للجمع ، فتأمل . (فائدة) : النجاد الذي عزا إليه الحديث مؤلف الكتاب هو أحمد بن سلمان بن الحسين أبو بكر الفقيه الحنبلي ، يعرف بالنجاد ، وهو حافظ صدوق جمع المسند ، وصنف في السنن كتابا كبيرا ، روى عنه الدارقطني وغيره من المتقدمين ، ولد سنة (253) فيما قيل ، وتوفي سنة (348) . ولعل هذا الحديث في مسنده أو سننه المشار إليهما . ولكن من المؤسف أنني لم أقف عليهما حتى أراجع إسناده فيهما ، نعم قد حفظت لنا المكتبة الظاهرية في جملة ما حفظته لنا من كنوز السلف الثمينة عدة أجزاء صغيرة من حديث أبي بكر النجاد وأماليه تبلغ العشرة ، وقد كنت استخرجت أحاديثها وقف عليه في شئ منها ، فليرشدنا إليه أو ليكتب إلينا بسنده لننظر فيه ، وإن
[ 41 ]
كان يغلب على الظن أنه من طريق الأنصاري الذي عنه أخرجه الضياء المقدسي والله أعلم . 582 - (روى الأثرم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، أنه قال : " إن من السنة إذا كان يوم مطير أن يجمع بين المغرب والعشاء)) . ص 137 لم أقف على سنده لأنظر فيه ، ولا على من تكلم عليه ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن تابعي ، وقول التابعي : من السنة كذا ، في حكم الموقوف لا المرفوع ، بخلاف قول الصحابي ذلك ، فإنه في حكم المرفوع ، وقد روى البيهقي بإسنادين صحيحين عن جماعة من كبار التابعين أنهم كانوا يجمعون في المطر ، وقد سقت الرواية بذلك في الحديث الذي قبله . 583 - (ولمالك الموطأ عن نافع : " أن ابن عمر كان إذا جمع الأمراء بين المغرب والعشاء في المطر جمع معهم ") . ص 137 صحيح . وهو في الموطأ (1 / 145 / 5) وعنه البيهقي (3 / 168) إلا أنه قال : " في ليلة المطر ، ورواه العمري عن نافع فقال : قبل الشفق " . والعمري هو عبد الله بن عمر المكبر وفي حفظه ضعف . 584 - (حديث : أنه صلى الله عليه وسلم جمع في مطر ، وليس بين حجرته والمسجد شيئ ") . ص 138 ضعيف جدا . وقد سبق الكلام عليه قبل حديثين ، وقوله " وليس بين حجرته . . . " ليس من الحديث ، بل من كلام المصنف بيانا للواقع . 585 - (حديث : " إنما الأعمال بالنيات ") . ص 138 صحيح . وقد تقدم .
[ 42 ]
فصل في صلاة الخوف 586 - (حديث : " أنه صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم) . ص 139 صحيح . وفيه أحاديث كثيرة عن عبد الله بن عمر وابن مسعود وأبي موسى الأشعري بعضها في الصحيحين وبعضها في السنن والمسانيد ويأتي تخريج هذه الثلاثة فيما بعد إن شاء الله تعالى . 587 - (حديث ا أنه صلاها أيضا علي ، وأبو موسى ، وحذيفة ") . ص 139 . صحيح . عن بعضهم . أما عن علي ، فذكره البيهقي (3 / 252) تعليقا بصيغة التمريض فقال : " ويذكر عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عليا رضي الله عنه صلى المغرب صلاة الخوف ليلة الهرير " (1) . وأما عن أبي موسى ، فأخرجه الطبراني في الأوسط (1 / 55 - 56) والبيهقي من طريق محمد بن مقاتل الرازي نا حكام بن سلم عن أبي جعفر الرازي عن قتادة عن ابي العالية قال : " صلى بنا أبو موسى الأشعري بأصبهان صلاة الخوف ، - وما كان كثير خوف - ليرينا صلاة رسول الله ، فقام ، فكبر ، وكبر معه طائفة من القوم ، وطائفة بإزاء العدو ، فصلى بهم ركعة ، فانصرفوا ، فأتوا مقام إخوانهم فجاءت الطائفة الأخرى ، فصلى بهم ركعة أخرى ، ثم سلم ، فصلى كل واحد منهم الركعة الثانية وحدانا " (1) هي حرب جرت بين علي رضى الله عنه وبين الخوارج ، وكان بعضهم يهر على بعض ، فسميت بذلك ، وقيل هي ليلة صفين بين علي ومعاوية رضي الله عنهما كذا في (تهذيب الأسماء واللغات) للنووي (2 / 181) .
[ 43 ]
وقال الطبراني : " لم يروه عن قتادة هكذا إلا أبو جعفر ، ولا عنه إلا حكام ، تفرد به محمد ابن مقاتل) . قلت : وهو ضعيف ، ومثله أبو جعفر الرازي ، لكن الظاهر من كلام الهيثمي أن له طريقا أخرى في كبير الطبراني فقد قال (2 / 197) بعد أن ساقه بنحوه : " رواه الطبراني في الكبير والأوسط بنحوه ، ورجال الكبير رجال الصحيح " . وقد وقفت على هذه الطريق في مصنف ابن أبي شيبة قال (2 / 115 / 1) : محمد بن بشر قال : نا سعيد عن قتادة عن أبي العالية الرياحي أن أبا موسى الأشعري كان بالدار من أصبهان وما بهم يومئذ كبير خوف ، ولكن أحب أن يعلمهم دينهم وسنة نبيهم ، فجعلهم صفين ، طائفة معها السلاح مقبلة على عددها ، وطائفة وراءها ، فصلى الذين يلونه ركعة ثم نكصوا على أدبارهم حتى قاموا مقام الآخرين يتخللونهم حتى قاموا وراءه) فصلى بهم ركعة أخرى ، ثم سلم ، فقام الذين يلونه والآخرون فصلوا ركعة ركعة ، فسلم بعضهم على بعض ، فتمت للإمام ركعتان في جماعة ، وللناس ركعة ركعة . قلت : وهذا سند صحيح رجاله كلهم رجال الشيخين وقد وجدت له طريقا أخرى عن أبي موسى ، فقال ابن أبي شيبة (2 / 116 / 1 - 2) : عبد الأعلى عن يونس عن الحسن : " أن أبا موسى صلى بأصحابه بأصبهان ، فصلت طائفة منهم معه ، وطائفة مواجهة العدو ، فصلى بهم ركعة ، ثم نكصوا ، وأقبل الآخرون يتخللونهم ، فصلى بهم ركعة ، ثم سلم ، وقامت الطائفتان فصلتا ركعة " . قلت : ورجاله ثقات رجال الشيخين إلا أنه مرسل . ولكنه شاهد جيد لما قبله .
[ 44 ]
وأما عن حذيفة ، فأخرجه أبو داود (1246) والنسائي (1 / 227 - 228) وابن أبي شيبة (2 / 115 / 1) والطحاوي (1 / 183) والحاكم (1 / 335) وأحمد (5 / 385 و 399) من طريق سفيان عن أشعث بن أبي الشعثاء عن الأسود بن هلال عن ثعلبة بن زهدم الحنظلي قال : " كنا مع سعيد بن العاص ب (طبرستان) فقام فقال : أيكم صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف ؟ فقال حذيفة : أنا ، فصلى بهؤلاء ركعة ، وبهؤلاء ركعة ، ولم يقضوا " . قلت : وهذا إسناده صحيح كما قال الحاكم ، ووافقه الذهبي وصححه أيضا ابن حبان كما في " بلوغ المرام) ، ورجاله ثقات رجال مسلم ، غير الأسود ، وقد قال ابن حزم (5 / 35) أنه صحابي حنظلي ، وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمع منه وروى عنه ، وجزم بصحبته جماعة منهم ابن حبان وابن السكن ، ونفى ذلك البخاري وغيره . فالله أعلم . وقد تابعه مخمل بن دمات ، ذكره ابن حبان في " الثقات " . أخرجه الطحاوي وأحمد (5 / 395) . وتابعه سليم بن عبيد السلولي قال : " كنت مع سعيد بن العاص بطبرستان ، وكان معه نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم سعيد : أيكم شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف ؟ فقال حذيفة : أنا ، مر أصحابك فليقوموا طائفتين ، طائفة منهم بإزاء العدو ، وطائفة منهم خلفك ، فتكبر ، ويكبرون جميعا ، وتركع ويركعون جميعا ، وترفع ويرفعون جميعا ، ثم تسجد ، وتسجد الطائفة التي تليك ، وتقوم الطائفة الأخرى بإزاء العدو ، فإذا رفعت رأسك ، قام هؤلاء الذين يلونك ، وخر الأخرون سجدا ، ثم تركع ويركعون جميعا ، ثم ترفع ويرفعون جميعا ، وتسجد فتسجد الطائفة التي تليك ، والطائفة الأخرى قائمة بإزاء العدو ، فإذا رفعت رأسك من السجود سجد الذين بإزاء العدو ، ثم تسلم عليهم وتأمر أصحابك أهاجهم هيج فقد حل لهم القتال والكلام " .
[ 45 ]
أخرجه البيهقي ، ورجاله ثقات غير سليم بن عبيد . كذا وقع عنده " عبيد " مصغرا ، والذي في " الجرح والتعديل " (2 / 1 / 212) " عبد " ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ، وأما ابن حبان فذكره في " الثقات " (1 / 77) على قاعدته ! وقال الشافعي كما في " اللسان " سألت عنه أهل العلم بالحديث فقيل لي : إنه مجهول " . (تنبيه) غرض المؤلف بذكر هذه الآثار عن الصحابة ، مع أن ثبوت صلاة الخوف عنه صلى الله عليه وآله وسلم يغني عنها ، إنما هو الرد على بعض العلماء الذين ذهبوا إلى أنها لا تشرع بعده عليه الصلاة والسلام ، ومنهم الحسن بن زياد اللؤلؤي وإبراهيم بن علية ، وهو قول لأبي يوسف أيضا كما حكاه الطحاوي (1 / 189) وبه بقوله : " وهذا القول عندنا ليس بشئ ، لأن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قد صلوها بعده ، قد صلاها حذيفة بطبرستان ، وما في ذلك أشهر من أن يحتاج إلى أن نذكره ههنا " . وقد حكى المصنف إجماع الصحابة على فعل ذلك بعد النبي ، وسبقه إلى ذلك الحافظ في " الفتح " (2 / 357) والله أعلم . 588 - (حديث ابن عمر : " فإن كان الخوف أشد من ذلك صلوا رجالا قياما على أقدامهم وركبانا مستقبلي القبلة وغير مستقبليها " . متفق عليه) . ص 139 صحيح . أخرجه مالك (1 / 184 / 3) عن نافع : أن عبد الله بن عمر كان إذا سئل عن صلاة الخوف قال : " يتقدم الإمام وطائفة من الناس ، فيصلى بهم الإمام ، وتكون طائفة منهم بينه وبين العدو لم يصلوا ، فإذا صلى الذين معه ركعة ، استأخروا مكان الذين لم يصلوا ولا يسلمون ، ويتقدم الذين لم يصلوا فيصلون معه ركعة ، ثم ينصرف الإمام ، وقد صلى ركعتين ، فتقوم كل واحدة من الطائفتين ، فيصلون
[ 46 ]
لأنفسهم ركعة ركعة ، بعد أن ينصرف الإمام ، فيكون كل واحدة من الطائفتين قد صلوا ركعتين ، فإن كان خوفا أشد من ذلك ، صلوا رجالا ، قياما على أقدامهم ، أو ركبانا ، مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها " . قال مالك : قال نافع : لا أرى عبد الله بن عمر حدثه إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) قلت : ومن طريق مالك رواه . البخاري (3 / 209) والإمام محمد في موطئه (155) والشافعي (1 / 203 - 204) والبيهقي (2 / 8 - 3 / 256) كلهم عن مالك به . وقد تابعه موسى بن عقبة عن نافع به بلفظ : " صلى رسول صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف في بعض أيامه ، فقامت طائفة معه ، وطائفة بإزاء العدو ، فصلى بالذين معه ركعة ، ثم ذهبوا ، وجاء الآخرون فصلى بهم ركعة ، ثم قضت الطائفتين ركعة ركعة ، قال : وقال ابن عمر : إذا كان خوف أكبر من ذلك ، فصلى راكبا أو قائما تومئ إيماء " . أخرجه ابن أبي شيبة (2 / 116 / 1) : يحيى بن آدم قال : نا شعبان عن موسى بن عقبة . وبهذا الإسناد أخرجه أحمد (2 / 155) دون قول ابن عمر في آخره : " إذا كان . . .) . وقد أخرجه مسلم (2 / 212 - 213) من طريق ابن أبي شيبة وأبو عوانة (2 / 358) من طريق قبيصة ثنا شعبان به . وأخرجه البخاري (2 / 239) والبيهقي (3 / 255) من طريق ابن جريج عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر نحوا من قول مجاهد إذا اختلطوا فإنها هو الذكر ، وإشارة بالرأس . زاد ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم : وإن كانوا أكثر من ذلك ، فليصلوا قياما أو ركبانا " . والسياق البيهقي . وتابعه أيضا أيوب بن موسى عن نافع به ، دون قول ابن عمر المذكور .
[ 47 ]
أخرجه أحمد (2 / 132) . وتابعه عبيد الله بن عمر عن نافع به ، ولفظه : قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف : قلت : فذكرها نحو ما تقدم وقال في آخره : " ويصلي كل واحد من الطائفتين بصلاته سجدة لنفسه فإن كان خوف أشد من ذلك ، فرجالا أو ركبانا " . أخرجه ابن ماجه (1258) وإسناده صحيح ، وقال الحافظ في " الفتح " (2 / 260) : " جيد " . وهذه الرواية مرفوعة كلها ، وفيها قول ابن عمر في آخره . وقد اختلف عليه في ذلك ، فبعضهم رفعه ، وبعضهم وقفه كما تقدم . قال الحافظ : " والراجح رفعه . والله أعلم . " . 589 - (قال عبد الله بن أنيس : " بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خالد ابن سفيان الهذلي ، قال : اذهب فاقتله ، فرأيته وقد حضرت صلاة العصر فقلت : إنى أخاف أن يكون بيني وبينه ما يؤخر الصلاة فانطلقت وأنا أصلي أومئ إيماء نحوه " . رواه أحمد وأبو داود) . ص 140 ضعيف . أخرجه أحمد (3 / 496) وأبو داود (1249) وكذا البيهقي (3 / 256) عن محمد بن اسحاق قال : حدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن ابن عبد الله بن أنيس عن أبيه قال : " دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إنه قد بلغني أن خالد بن سفيان بن نبيح يجمع لي الناس ليغزوني وهو بعرنة ، فأته فاقتله ، قال : قلت : يارسول الله انعته لي حتى أعرفه " قال : إذا رأيته وجدت له قشعريرة ، قال : فخرجت متوشحا بسيفي حتى وقعت عليه وهو بعرنة مع ظعن يرتاد لهن منزلا ، وحين كان وقت العصر ، فلما رأيته وجدت ما وصف لي رسول الله صلى الله عليه وسلم من القشعريرة ،
[ 48 ]
فأقبلت نحوه ، وخشيت أن يكون بيني وبينه محاولة تشغلني عن الصلاة ، فصليت وأنا أمشي نحوه أومئ برأسي الركوع والسجود ، فلما انهيت إليه ، قال : من الرجل ؟ قلت : رجل من العرب سمع بك وبجمعك لهذا الرجل فجاءك لهذا ، قال : أجل ، أنا في ذلك ، قال : فمشيت معه شيئا حتى إذا أمكنني حملت عليه السيف حتى قتلته ، ثم خرجت وتركت ظعائنه مكبات عليه ، فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآني فقال : أفلح الوجه ، قال : قلت : قتلته يا رسول الله ، قال : صدقت ، قال : ثم قام معي رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل في بيته فأعطاني عصا ، فقال : أمسك هذه عندك يا عبد الله بن أنيس ، قال : فخرجت بها على الناس ، فقالوا ما هذه العصا ؟ قال : قلت : أعطانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأمرني أن أمسكها ، قالوا : أولا ترجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتسأله عن ذلك ، قال : فرجعت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : يا رسول الله لم أعطيتني هذه العصا ؟ قال : آية بيني وبينك يوم القيامة ، إن أقل الناس المنحصرون يومئذ يوم القيامة ، فقرنها عبد الله بسيفه ، فلم تزل معه حتى إذا مات أمر بها فصبت معه في كفنه ، ثم دفنا جميعا " . والسياق لأحمد ، والمؤلف ساقه بلفظ أبي داود مع اختصار ، وليس عنده قوله : " ثم خرجت . . . " . قلت : وهذا سند فيه ضعف ، رجاله كلهم ثقات غير ابن عبد الله بن أنيس وقد سماه البيهقي عبيد الله ، كذا وقع في النسخة " عبيد ، مصغرا ، وليس في أولاد عبد الله بن أ نيس من يدعى عبيدا ، فالصواب " عبد الله " ، وقد أورده هكذا مكبرا ابن أبي حاتم (2 / 2 / 90) فقال : " روى عن أبيه ، روى عنه محمد بن إبراهيم التيمي " . ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا . وأما ابن حبان فذكره في الثقات " (1 / 108) . قلت : وهذا الحديث من رواية محمد بن جعفر عن ابن أنيس ، فالظاهر أنه روى عنه اثنان هذا أحدهما والآخر التيمي ، وصنيع الذهبي في " الميزان التفريق بين الذي روى عنه ابن جعفر والذي روى عنه التيمي ، وتبعه الحافظ في التهذيب ، والظاهر أنهما واحد بدليل رواية البيهقي هذه ، والله أعلم .
[ 49 ]
ثم إنهما لم يوثقاه ولا ضعفاه ، فهو في عداد المجهولين وقال الشوكاني في " النيل " (3 / 213) : " سكت عنه أبو داود والمنذري ، وحسن إسناده الحافظ في الفتح " . وفي تحسينه نظر عندي لما عرفت من حال ابن عبد الله بن أنيس والله أعلم . 590 - (حديث : (أنه صلى الله عليه وسلم أمرهم بالمشي إلى وجاه العدو ثم يعودون لما بقي)) . ص 140 لم أجده بلفظ الأمر ، وإنما ثبت ذلك من فعل الصحابة رض الله عنهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم إمامهم ، ولا بد أن ذلك كان بتعليم منه عليه السلام إياهم وهذا يستلزم الأمر به غالبا فلعل هذا هو وجه ذكر المؤلف للأمر المذكور . والله أعلم . وإليك بعض الأحاديث التي تثبت ما ذكرنا : 1 - حديث ابن مسعود قال : " صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف ، فقاموا صفين : صف خلف النبي صلى الله عليه وسلم ، وصف مستقبل العدو فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة ، وجاء الآخرون فقاموا مقامهم ، واستقبل هؤلاء العدو ، فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة ثم سلم ، فقام هؤلاء فصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلموا ، ثم ذهبوا ، فقاموا مقام أولئك مستقبلين العدو ورجع أولئك إلى مقامهم فصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلموا " . أخرجه أبو داود (1244) والطحاوي (1 / 184) والدارقطني (187) والبيهقي (3 / 261) وابن أبي شيبة (2 / 115 / 1 - 2) والسياق له وأحمد (1 / 375 و 409) من طريق خصيف عن أبي عبيدة عنه . قلت : وهذا سند ضعيف منقطع ، لكن يشهد له ما بعده :
[ 50 ]
2 - عن ابن عمر قال : " صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف بإحدى الطائفتين ركعة ، والطائفة الأخرى مواجهة العدو ، ثم انصرفوا ، وقاموا في مقام أصحابهم مقبلين على العدو ، وجاء أولئك ، ثم صلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم ركعة ثم ، سلم النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم قضى هؤلاء ركعة ، وهؤلاء ركعة أخرجه البخاري (1 / 239) ومسلم (2 / 212) وأبو عوانة (2 / 357) وأبو داود (1243) والنسائي (1 / 229) والترمذي (2 / 453) والدارمي (1 / 357) والطحاوي (1 / 184) والدارقطني (185) وأحمد (2 / 147 - 148 و 150) من طريق سالم عنه ، وقال الترمذي : هذا حديث صحيح ، وقد روى موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر مثل هذا " . قلت : وحديث ابن عقبة قد ذكرناه قبل حديث . 3 - حديث أبي موسى ، وقد خرجناه قبل حديث . باب صلاة الجمعة 591 - (روى ابن ماجه عن جابر قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " واعلموا أن الله قد افترض عليكم الجمعة في يومي هذا في شهري هذا في عامي هذا فمن تركها في حياتي أو بعدي وله إمام عادل أو جائر استخفافا بها أو جحودا بها فلا جمع الله له شمله ولا بارك الله في أمره ") . ص 141 ضعيف . وهو قطعة من حديث جابر ، وتقدم عجزه برقم (524) ونصه بتمامه : " يا أيها الناس توبوا إلى الله قبل أن تموتوا ، وبادروا بالأعمال الصالحة قبل أن تشغلوا ، وصلوا الذي بينكم وبين ربكم بكثرة ذكركم له ، وكثرة
[ 51 ]
الصدقة في السر والعلانية ترزقوا وتنصروا وتجبروا . واعلموا أن الله قد افترض عليكم الجمعة في مقامي هذا ، في يومي هذا ، في شهري هذا ، من عامي هذا إلى يوم القيامة ، فمن تركها في حياتي أو بعدي وله إمام عادل أو جائر استخفافا بها أو جحودا لها ، فلا جمع الله له جمعه ، ولا بارك له في أمره ، ألا ولا صلاة له ، ولا زكاة له ولا حج له ، ولا صوم له ، ولابر له حتى يتوب ، فمن تاب ، تاب الله عليه ، ألا لا تؤم امرأة رجلا ، ولا يؤم أعرابي مهاجرا ولا يؤم فاجرا مؤمنا إلا أن يقهره بسلطان يخاف سيفه وسوطه) . أخرجه ابن ماجه (1081) والعقيلي في الضعفاء " (220) وابن عدي في " الكامل ، (215 - 216) والبيهقي (2 / 90 و 171) والواحدي في تفسيره (4 / 145 / 2) عن الوليد بن بكير أبي جناب : حدثني عبد الله بن محمد العدوي عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن جابر بن عبد الله قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : فذكره . قلت : وهذا إسناد واه جدا ، وفيه ثلاث علل : الأولى : ضعف علي بن زيد وهو ابن جدعان . الثانية : العدوي هذا ، قال الحافظ : " متروك رماه وكيع بالوضع " ، وبه أعله البيهقي ، فقال عقب الحديث : " هو منكر الحديث لا يتابع في حديثه ، قاله محمد بن اسماعيل البخاري " . وقال الحافظ في " التلخيص " (132) : " وهو واهي الحديث وأخرجه البزار من وجه آخر ، وفي علي بن زيد ابن جدعان ، قال الدارقطني : إن الطريقين كلاهما غير ثابت . وقال ابن عبد البر : هذا الحديث واهي الإسناد " . قلت : والوجه الآخر الذي أشار إليه الحافظ يأتي قريبا إن شاء الله تعالى ، لكن كلامه أوهم أن الوجه الأول ليس فيه ابن جدعان ، وليس
[ 52 ]
كذلك . الثالثة : أبو خباب هذا ، قال في (التقريب) : " لين الحديث " . قلت : وقد خولف في إسناده ، وهى العلة . الرابعة : فقال الحسن بن حماد الكوفي : ثنا عبد الله بن محمد العدوي : قال : سمعت عمر بن عبد العزيز يقول على المنبر : حدثنا عبادة بن عبد الله عن طلحة بن عبيد الله قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكره أخرجه الباغندي في مسند عمر (ص 12) وأبو طاهر الأنباري في المشيخة " (ق 164 / 1) والضياء المقدسي في " المختارة " (10 / 103 / 2) كلهم عن الحسن بن حماد به . قلت : والحسن هذا ثقة ، فروايته أولى بالتقديم من رواية مخالفه أبي جناب ، لكن قد جاء من طريقين آخرين كما رواه أبو جناب عن العدوي ، ليس فيهما العدوي : الطريق الأولى : عن فروة الحناط عن أبي فاطمة عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب به . أخرجه الضياء (10 / 107 / 1) . الثانية : عن بقية بن الوليد عن حمزة بن حسان عن علي بن زيد به . أخرجه عبد بن حميد في " المنتخب " (ق 124 / 2) وعنه ابن عساكر (17 / 229 / 2) . قلت : وهما طريقان ضعيفان لأن من فيهما لا يعرفون غير ابن جدعان وبقية وهما ضعيفان . وقد وجدت للحديث طريقا أخرى عن جابر ، وشاهدا عن أبي سعيد الخدري أما الطريق فهي عن نصر بن حماد قال : ثنا محمد بن مطرف الغساني عن
[ 53 ]
زيد . بن أسلم عن جابر بن عبد الله قال : (خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة ، فقال . . .) فذكره . أخرجه الضياء في " المنتقى من مسموعاته بمرو " (ق 50 / 1) . قلت : وهذا إسناد واه جدا ، آفته نصر بن حماد ، قال ابن معين : كذاب . وقال النسائي : ليس بثقة . وكان العقيلي أشار إلى هذه الطريق حين قال عقب الطريق الأولى : " وقد روي هذا الكلام من وجه آخر بإسناد شبيه بهذا في الضعف) : وأما الشاهد عن أبى سعيد فلفظه : " خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال : إن الله كتب عليكم الجمعة في مقامي هذا ، في ساعتي هذه في شهري هذا ، في عامي هذا إلى يوم القيامة ، من تركها من غير عذر مع إمام عادل أو إمام جائر ، فلا جمع له شمله ، ولا بورك له في أمره ، ألا ولا صلاة له ، ألا ولا حج له ، ألا ولا بر له ، ألا ولا صدقة له " . أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1 / 48 / 1 - من الجمع بينه وبين الصغير) من طريق موسى بن عطية الباهلي ثنا فضيل بن مرزوق عن عطية عن أبي سعيد الخدري قال : " لم يروه عن عطية إلا فضيل ولا عنه إلا موسى " . قلت : وهذا سند مسلسل بالضعف من أجل عطية وفضيل وقد شرحت حالهما في " الأحاديث الضعيفة " (1 / 31 و 32) . وأما موسى بن عطية ، فلم أعرفه . والحديث قال الهيثمي في " المجمع " (2 / 170) : " رواه الطبراني في الأوسط : وفيه موسى بن عطية الباهلي ولم أجد من ترجمه ، وبقية رجاله ثقات " قلت : كيف ذلك وفيهم فضيل وعطية ، والثاني أسوأ حالا من الأول ؟ !
[ 54 ]
ثم وقفت له على طريق أخرى عن سعيد بن المسيب عن جابر به دون قوله : " وله إمام عادل أو جائر " . أخرجه أبو يعلى في " مسنده " (107 / 2) من طريق الفضيل بن مرزوق حدثني الوليد - رجل من أهل الخير والصلاح عن محمد بن علي عن سعيد به . قلت : الوليد هذا لم أعرفه إلا أن يكون أبا جناب المتقدم الضعيف فيكون اضطرب في إسناده ، فتارة يرويه عن العدوي عن علي بن زيد عن سعيد كما سبق ، وتارة عن محمد بن علي عن سعيد ، لكن راويه الفضيل بن مرزوق فيه ضعف من قبل حفظه . وقد أورده ابن أبي حاتم في (العلل) (2 / 128 - 129) على الوجهين عن الوليد بن بكير به . ثم قال : " قال أبي هو حديث منكر ، قلت لأبي : فما حال عبد الله بن محمد العدوي ؟ قال : شيخ مجهول . (قال :) قلت : ما حال الوليد ؟ قال : شيخ) . 592 - (وعن طارق بن شهاب مرفوعا : " الجماعة حق واجب على كل مسلم إلا أربعة : عبد مملوك ، أو امرأة أو صبي ، أو مريض " . رواه أبو داود) . ص 141 صحيح . قال أبو داود (1067) : حدثنا عباس بن عبد العظيم حدثني إسحاق بن منصور ثنا هريم عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب به وزاد (في جماعة) . وقال أبو داود : " طارق بن شهاب قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يسمع منه شيثا " . قلت : قال الزيلعي (2 / 199) : " قال النووي في الخلاصة : وهذا غير قادح في صحته ، فإنه يكون مرسل صحابي ، وهو حجة والحديث على شرط الشيخين " .
[ 55 ]
قلت : وكأنه لذلك صححه غير واحد كما في " التلخيص " (137) ومنهم الحاكم ، فإنه قد وصله (1 / 288) من طريق عبيد بن محمد العجلي حدثني العباس بن عبد العظيم العنبري بإسناده عن طارق ابن شهاب عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال : " صحيح على شرط الشيخين " . ووافقه الذهبي . قلت : وذكر أبي موسى في الإسناد شاذ أو منكر عندي ، لأن عبيد بن محمد العجلي قد خالف أبا داود بذكر أبي موسى ، ولم أجد من ترجمه ، ولا سيما قد رواه جماعة عن اسحاق بن منصور به لم يذكروا أبا موسى . ثم رأيت البيهقي أخرجه (3 / 172) من طريق أبي داود ثم ذكر طريق عبيد هذا الموصول وقال : " وليس بمحفوظ " . أخرجه الدارقطني (164) والبيهقي (3 / 183) والضياء المقدسي في (المختارة) (ق 21 / 1) عن اسحاق به مرسلا . قال البيهقي : " هذا الحديث وإن كان فيه إرسال ، فهو مرسل جيد ، فطارق من خيار التابعين ، وممن رأى النبي صلى الله عليه وسلم ، وان لم يسمع منه ، ولحديثه هذا شواهد ، . قلت : وهي : 1 - عن تميم الداري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الجمعة واجبة إلا على امرأة أو صبي أ ومريض أو عبد أو مسافر " . أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (193) والطبراني في " الكبير " (1 / 124 / 2) والبيهقي (3 / 183 - 184) وابن النجار في " ذيل تاريخ بغداد " (10 / 32 / 2) عن محمد بن طلحة عن الحكم بن عمرو عن ضرار بن عمرو عن أبي عبد الله الشامي عنه . وقال العقيلي في ترجمة ضرار هذا بعد أن روى عن البخاري أنه قال : فيه نظر : (لا يتابع عليه ، وفيه رواية أخرى نحوا من هذا في اللين) .
[ 56 ]
وأبو عبد الله الشامي ضعفه الأزدي . والحكم بن عمرو قال يحيى : ليس بشئ لا يكتب حديثه . وقال النسائي ضعيف . قلت : فالاسناد واه جدا ، وقال أبو زرعة ؟ " هذا حديث منكر " كما في " العلل " لابن أبى حاتم (1 / 212) . 2 - عن مولى لآل الزبير قال : قال رسول الله : " الجمعة واجبة على كل حالم إلا أربعة : الصبي والعبد والمرأة والمر يض " . أخرجه ابن أبي شيبة (1 / 207 / 1 - 2) نا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي عن حسن عن أبيه عن أبي حازم عنه . ورواه البيهقي (3 / 184) من طريق أخرى عن حسن يعني ابن صالح قلت : وهذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات غير المولى فلم اعرفه ، فإن كان من الصحابة فلا تضر جهالته ، وهو الأرجح لأن راويه عنه أبو حازم هو سلمان الأشجعي الكوفي تابعي ، وإن كان غير صحابي فالسند ضعيف لجهالته . 3 - عن جابر بن عبد الله مرفوعا : " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة ، يوم الجمعة إلا مريض أو مسافر [ أو امرأة أو صبي ] أو مملوك ، ومن استغنى عنها بلهو أو تجارة استغنى الله عنه ، والله غني حميد " . أخرجه الدارقطني (163 - 164) وابن عسيى في " الكامل " (ق 340 / 1) وعنه البيهقي وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 295 - 296) وابن الجوزي في " التحقيق ، (1 / 158 / 1) عن ابن لهيعة ثنا معاذ بن محمد الأنصاري عن أبى الزبير عنه . وقال ابن عدي :
[ 57 ]
" ومعاذ لا أعرفه إلا من هذا الحديث " . قلت : وذكره ابن حبان في " الثقات " كما في " الميزان " ولم أره في المجلد الخاص بأتباع التابعين من " الثقات " نسخة ظاهرية دمشق . فالله أعلم . وقد وجدت له متابعا أخرجه الجرجاني في " تاريخ جرجان) (150) عن أحمد بن أبي طيبة حدثنا أبو ظبية عن أبي الزبير به . قلت : وأبو ظبية اسمه عيسى بن سليمان الجرجاني ضعيف وابنه أصلح حالا منه . بقي في الأسناد علة أخرى ، وهى عنعنة أبي الزبير فأنه كان مدلسا . 4 - عن أبي هريرة مرفوعا مثل حديث جابر ، إلا أنه لم يذكر المريض . أخرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (1 / 48 / 1) عن عبد العظيم بن رغبان الحمصي ثنا أبو معشر عن سعيد المقبري عنه . وقال الطبراني : لم يروه عن المقبري إلا أبو معشر ، تفرد به عبد العظيم " . قال الهيثمي في " المجمع) (2 / 170) : " لم أجد من ترجمه " . قلت : وقع في السند منسوبا إلى جده فخفيت على الهيثمي ترجمته وهو عبد العظيم بن حبيب بن رغبان ، قال الدارقطني : " يكنى أبا بكر ويعرف بابن رغبان ولم يكن بالقوي في الحديث " . وأورده ابن حبان في " الثقات " كما في " اللسان " . وأبو معشر اسمه نجيح وفيه ضعف ، فالسند صالح للاستشهاد به إن شاء الله تعالى . 5 - عن محمد بن كعب القرظي مرفوعا مرسلا بلفظ حديث جابر .
[ 58 ]
أخرجه ابن أبي شيبة عن ليث عنه . وليث هو ابن أبي سليم ضعيف لاختلاطه . وبالجملة فالحديث صحيح بهذه الشواهد والطرق . ثم وجدت له شاهدا سادسا أخرجه الشافعي ومن طريقه البيهقي (3 / 173) عن إبراهيم بن محمد حدثني سلمة بن عبد الله الخطمي عن محمد بن كعب أنه سمع رجلا من بني وائل يقول : فذكره مرفوعا بلفظ : " تجب الجمعة على كل مسلم إلا امرأة أو صبي أو مملوك " . وإبراهيم هذا متروك لكن تابعه ابن وهب نا ابن لهيعة عن سلمة بن عبد الله به . أخرجه ابن منده في " المعرفة " (1 / 277 / 2) . . فالعلة من سلمة فإنه مجهول كما في " التقريب " . 593 - (قال صلى الله عليه وسلم : " الجمعة على من سمع النداء " . رواه أبو داود) . ص 141 حسن . أخرجه أبو داود (1056) وعنه البيهقي (3 / 173) وكذا ابن الجوزي في التحقيق " (1 / 157 / 1) والدارقطني (165) وأبو نعيم في الحلية " (7 / 104) والخطيب في " الموضح " (6 - 7) من طريق قبيصة ثنا سفيان عن محمد بن سعيد - يعني الطائفي - عن أبي سلمة بن نبيه عن عبد الله بن هارون عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم . وقال أبو داود : " روى هذا الحديث جماعة عن سفيان مقصورا على عبد الله بن عمر ولم يرفعوه ، وإنما أسنده قبيصة " . قال البيهقي عقبه : " وقبيصة بن عقبة من الثقات ، ومحمد بن سعيد هذا هو الطائفي ثقة) . وقال الدارقطني والخطيب : " قال ابن أبي داود : محمد بن سعيد هو الطائفي ، ثقة ، وهذه سنة تفرد بها أهل الطائف) .
[ 59 ]
قلت : وقد تعقب البيهقي ابن التركماني فقال : " قلت : رواه قبيصة عن الثوري ، وقد قال ابن معين : وغيره : قبيصة ثقة ، إلا في حديث الثوري ، والطائفي مجهول . كذا في الميزان " . قلت : في هذا العزو إيهام كما لا يصح ، فإن الذهبي بعد أن ذكر أنه مجهول ، وهو قول أبي حاتم كما نص عليه في مقدمة الميزان ذكر أنه روى عنه غير الثوري زيد بن الحباب ويحيى بن سليم الطائفي ومعتمر بن سليمان . قال : " فانتفت الجهالة " . فلا مجال لإعلال الحديث به ، بل العلة ممن فوقه ، فإن أبا سلمة بن نبيه ، تفرد عنه اطائفي هذا كما في الميزان ولذلك قال الحافظ في " التقريب " : " مجهول " . وكذلك قال في شيخه عبد الله بن هارون ، وقال الذهبي : " تابعي نكرة " . فهما علة الحديث مرفوعا وموقوفا . وله شاهد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده . أخرجه الدارقطني وعنه البيهقي وابن الجوزي من طريق الوليد عن زهر ابن محمد عنه . ثم أخرجه الدارقطني وعنه ابن الجوزي وابن أخي ميمي في " الفوائد المنتقاة " (4 / 91 / 2) عن محمد بن الفضل بن عطية عن حجاج عن عمرو به بلفظ : (الجمعة على من كان بمدى الصوت " . وهذا سند واه ابن عطية متهم بالكذب ، وحجاج هو ابن أرطأة وهو مدلس وقد عنعنه ، ولعله تلقاه عن زهير بن محمد وهو أبو المنذر الخراساني وفيه ضعف ، قال الحافظ في " التقريب " : " رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة فضعف بسببها ، قال البخاري عن أحمد : كان زهير الذي يروي عنه الشاميون آخر . وقال أبو حاتم : حدث بالشام من حفظه فكثر غلطه " .
[ 60 ]
قلت : وهذا الحديث من رواية الوليد عنه وهو ابن مسلم الشامي على أنه قد رواه مرة عنه بهذا الإسناد عن عبد الله بن عمرو موقوفا عليه بلفظ : " إنما تجب الجمعة على من سمع النداء ، فمن سمعه فلم يأته فقد عصى ربه) أخرجه البيهقي وقال : " وهذا موقوف " . ورواه ابن أبي شيبة (1 / 205 / 1) بسند صحيح عن عمرو بن شعيب موقوفا عليه . والحديث سكت عليه الحافظ في " التلخيص " (ص 137) وقد أورده من الطريقين ، وأشار إلى الإختلاف في الطريق الأولى وقفا ورفعا ، وكذلك صنع في " الفتح " (2 / 220) لكنه قال فيه : ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم لابن أم مكتوم : أتسمع النداء ؟ قال : نعم ، قال : فأجب " . فالحديث على ، هذا حسن إن شاء الله تعالى ، وقد تقدم حديث ابن أم مكتوم في أول صلاة الجماعة رقم (487) . 594 - (حديث : " أنه صلى الله عليه وسلم سافر هو وأصحابه في الحج وغيره فلم يصل أحد منهم الجمعة فيه مع اجتماع الخلق الكثير ") . ص 142 صحيح . وإن كنت لم أره مرويا بهذا اللفظ ، ولكن الاستقراء يدل عليه ، وقد ثبت في حديث جابر الطويل في صفة حجة النيي صلى الله عليه وسلم عند مسلم وغيره : " حتى أتى عرفة . . . فصلى الظهر ، ثم أقام فصلى العصر " . وقد كان ذلك يوم جمعة كما في الصحيحين وغيرهما .
[ 61 ]
وروى الطبراني في زوائد الأوسط " (1 / 48 / 2) عن إبراهيم بن حماد بن أبي حازم المديني نا مالك بن أنس عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا : " ليس على مسافر جمعة " . قلت : وهذا سند ضعيف ، إبراهيم هذا ضعفه الدارقطني . وله شاهد من حديث ابن عمر مرفوعا به . أخرجه الدارقطني (164) من طريق عبد الله بن نافع عن أبيه عنه . وهذا سند ضعيف من أجل عبد الله وهو ابن نافع مولى ابن عمر ، قال الحافظ (ضعيف) . وأورده الحافظ في (بلوغ المرام) من حديث ابن عمر بهذا اللفظ وقال : " رواه الطبراني بإسناد ضعيف " . وما أظن عزوه للطبراني إلا وهما ، فإنه لم يروه الهيثمي في (المجمع) ولا في " زوائد معجم الطبراني الصغير والأوسط " . وفي الباب أحاديث أخرى ضعيفة تقدم ذكرها عند الحديث (592) ، فالحديث بها قوي . 595 - (قال عبد الله بن سيدان السلمي : " شهدت الجمعة مع أبي بكر ، فكانت خطبته وصلاته قبل نصف النهار ، وشهدتها مع عمر فكانت خطبته وصلاته إلى أن أقول انتصف النهار ثم شهدتها مع عثمان فكانت خطبته وصلاته إلى أن أقول زال النهار ، فما رأيت أحدا عاب ذلك ولا أنكره " . رواه الدارقطني وأحمد واحتج به) . ص 142 ضعيف . أخرجه الدارقطني (169) وكذا ابن أبي شيبة (1 / 206 / 2) بسند صحيح عن عبد الله بن سيدان به .
[ 62 ]
وعزاه الحافظ في " الفتح " (2 / 321) لأبي نعيم شيخ البخاري في " كتاب الصلاة " له وابن أبي شيبة ، وقال : " رجاله ثقات ، إلا أن عبد الله بن سيدان - وهو بكسر المهملة بعدها تحتانية ساكنة - فإنه تابعي كبير إلا أنه غير معروف العدالة ، قال ابن عيدي : شبه المجهول ، وقال البخاري : لا يتابع على حديثه ، بل عارضه ما هو أقوى منه ، فروى ابن أبي شيبة من طريق سويد بن غفلة أنه صلى مع أبي بكر وعمر حين زالت الشمس . إسناده قوي ، وفي الموطأ عن مالك بن أبي عامر قال : كنت أرى طنفسة لعقيل بن أبى طالب تطرح يوم الجمعة إلى جدار المسجد الغربي ، فلذا غشيها ظل الجدار خرج عمر " وإسناده صحيح . " قلت : لو صح حديث ابن سيدان لم يعارضه ما ذكره الحافظ بل مجمل على أنهم كانوا يصلونها تارة قبل الزوال ، وتارة بعد الزوال كما هو الثابت في السنة على ما فصلته في رسالة " الأجوبة النافعة على أسئلة لجنة مسجد الجامعة) (وقد طبعت والحمد لله تعالى) وقد قال عبد الله بن أحمد في مسائله (ص 112) : " سئل أبي وأنا أسمع عن الجمعة هل تصلى قبل أن تزول الشمس ؟ فقال حديث ابن مسعود أنه صلى بهم الجمعة ضحى أنه لم تزك الشمس ، وحديث أبي حازم عن سهل بن سعد : كنا نقيل ونتغذى بعد الجمعة . فهذا يدل على أنه قبل الزوال ، ورأيته كأنه لم يدفع بهذه الاحاديث أنها قبل الزوال ، وكان رأيه على أنه إذا زالت الشمس فلا شك في الصلاة ، ولم أره يدفع حديث ابن مسعود وسهل بن سعد على أنه كان ذلك عنده قبل الزوال " . 596 - (قال (أحمد) : وكذلك روي عن ابن مسعود وجابر وسعيد ومعاوية أنهم صلوا قبل الزوال فلم ينكر) . ص 142 صحيح ، عن بعضهم ، منهم ابن مسعود ، أخرجه ابن أبي شيبة (1 / 206 / 2) : نا غندر عن شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة
[ 63 ]
" صلى بنا عبد الله الجمعة ضحى ، وقال : خشيت عليكم الحجة " . قلت : وهذا سند حسن رجاله كلهم ثقات ، وفي عبد الله بن سلمة ضعف من قبل أنه كان تغير حفظه ، لكنه هنا يروي أمرا شاهدا بنفسه ، والغالب في مثل هذا أنه لا ينساه الراوي وإن كان فيه ضعف ، بخلاف ما إذا كان يروي أمرا لم يشاهده كحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه يخشى عليه أن يزيد فيه أو ينقص منه ، وأن يكون مرقوفا في الأصل تخونه ذاكرته فيرفعه ومنهم معاوية . قال ابن أبى شيبة : نا أبو معاوية عن الأعمش عن عمرو ابن مرة عن سعيد بن سويد قال : " صلى بنا معاوية الجمعة ضحى " . قلت : وهذا سند رجاله كلهم ثقات من رجال الشيخين غير سعيد بن سويد ، ذكره ابن أبي حاتم (2 / 1 / 29) برواية عن معاوية ورواية عمرو عنه ، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ، وكذلك ذكره ابن حبان في " الثقات " (1 / 62) ، وقال البخاري : لا يتابع على حديثه . كما في (الميزان) . ثم قال ابن أبي حاتم عقبه : " سعيد بن سويد الكلبي ، روى عن العرباض بن سارية وعمر بن عبد العزيز ، وعبد الأعلى بن هلال ، روى عنه معاوبة بن صالح وأبو بكر بن أبي مريم ، قال : وروى عن عمير بن سعد صاحب النبي صلى الله عليه وسلم وعن عبيدة الأملوكي " . فأفاد بهذا أن الكلبي غير سعيد بن سويد الراوي عن معاوية ، وخالفه الحافظ في (اللسان) ، فجزم في ترجمة الأول أنه الكلبي ، وإلى ذلك يشير صنيع ابن حبان فإنه لم يذكر غيره في " التابعين) فإذا صح ذلك فالإسناد جيد إن شاء الله . وأما الرواية عن جابر ، فلم أقف على إسنادها . وأما الرواية عن سعيد ، فمن سعيد ؟ وأنا أظن أنه تحرف على الطابع أو
[ 64 ]
الناسخ ، وأن الصواب " سعد " وهو ابن أبي وقاص فقد قال ابن أبي شيبة في باب من كان يقيل بعد الجمعة ويقول : هي أول النهار : نا غندر عن شعبة عن سلمة بن كهيل عن مصعب بن سعد قال : " كان سعد يقيل بعد الجمعة " . ووجه إيراد هذا الأثر في الباب المذكور هو أن القيلولة إنما هي الاستراحة نصف النهار وإن لم يكن معها نوم كما في " النهاية ، ، فينتج من ذلك أنهم كانوا يصلون الجمعة قبل نصف النهار . ومثل هذا الأثر ما أخرجه ابن أبي شيبة عقبه عن سهل بن سعد قال : " كنا نتغدى ونقيل بعد الجمعة " . وكذا أخرجه أبو داود (1086) . وأخرجه البخاري (1 / 238) وكذا ابن ماجه (1099) بلفظ : " ماكنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة " . وفي رواية له : " كنا نصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة ، ثم تكون القائلة " . وفي الرواية الأولى دلالة على ما تقدم من جهة أخرى وهى أن النداء إنما هو الطعام الذي يؤكل أول النهار فإذا كان غداؤهم بعد الجمعة فهو دليل قاطع على أنهم كانوا يصلونها في أول النهار كصلاة العيد ويؤيده ما روى ابن أبي شيبة بسند حسن عن مجاهد قال : " ماكان للناس عيد إلا في أول النهار " . 597 - (وعن جابر : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الجمعة ثم نذهب إلى جمالنا فنريحها (1) حين تزول الشمس " . رواه أحمد ومسلم) . ص 142 (1) الأصل (نريح) والتصويب من صحيح مسلم .
[ 65 ]
صحيح . أخرجه مسلم (3 / 8 و 9) وأحمد (3 / 331) وكذا النسائي (1 / 206) وابن أبي شيبة (1 / 207 / 1) والبيهقي (3 / 190) من طريق جعفر ابن محمد عن أبيه عن جابر به . وفي رواية لأحمد : " قال جعفر : وإراحة النواضح حين تزول الشمس " . وإسناده جيد . ونحوه لابن أبي شيبة ، وسنده صحيح . 598 - (قول سلمة بن الأكوع : (كنا نجمع مع النبي صلى الله عليه وسلم إذا زالت الشمس ثم نرجع فنتبع الفئ " . أخرجاه) . ص 143 صحيح . أخرجه البخاري (3 / 113) ومسلم (3 / 9) واللفظ له وأبو داود أيضا (1085) والنسائي (1 / 207) والدارمي (1 / 363) وابن ماجه (1100) وابن أبي شيبة (1 / 207 / 1) والبيهقي (3 / 190) وأحمد (4 / 46 و 54) ولفظه : " وما للحيطان فئ يستظل به " . وهو لفظ البخاري وغيره . وله شاهد من حديث الزبير بن العوام قال : " كنا نصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة ثم نرجع فنبادر الظل في أطم بني غنم فما هو إلا مواضع أقدامنا " . أخرجه الدارمي (1 / 363) والطيالسي (1 / 141) (1) وأحمد (1 / 164 و 167) عن مسلم بن جندب عنه . قلت : وسنده صحيح . وأدخل أحمد في رواية عنه رجلا لم يسم بينه وبين الزبير . وهي شاذة . (1) من ترتيبه (منحة المعبود " ولم أره . في " مسند الزبير " من اصله . والله اعلم .
[ 66 ]
599 - (حديث : " أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر قبائل العرب حول المدينة بجمعة ") . ص 143 لا أعلم له أصلا . وقد ذكر نحوه الرافعي في " الشرح الكبير " ، مع قضايا أخرى منها أن النبي صلى الله عليه وسلم لم تقم الجمعة في عهده ، ولا في عهد الخلفاء الراشدين إلا في موضع الإقامة ، ولم يقيموا الجمعة ، إلا في موضع واحد ، فقال الحافظ ابن حجر في تخريجه (132) : " كل هذه الأشياء المنفية مأخذها بالاستقراء ، فلم يكن بالمدينة مكان يجمع فيه إلا مسجد المدينة ، مع أنه قد ورد في بعض ما يخالف ذلك ، وفي بعض ما يوافقه أحاديث ضعيفة يحتج بها الخصوم ، وليست بأضعف من أحاديث كثيرة احتج بها أصحابنا " . ثم ساق ما أشار إليه من الأحايث ، ومنها قوله : " وقال ابن المنذر في " الأوسط " : روينا عن ابن عمر أنه كان يرى أهل المياه ببن مكة والمدينة يجمعون ، فلا يعيب ذلك عليهم . ثم ساقه موصولا ، وروى سعيد بن منصور عن أبي هريرة أن عمر كتب إليهم : أن جمعوا حيثما كنتم) . قلت : وما ذكره عن ابن عمر عزاه في " الفتح " (2 / 316) لعبد الرزاق بإسناد صحيح ، ورواية أبي هريرة أخرجها ابن أبى شيبة أيضا (1 / 204 / 1) من طريق أبي رافع عنه . " أنهم كتبوا إلى عمر يسألونه عن الجمعة ؟ فكتب : جمعوا حيثما ما كنتم) . وإسناده صحيح على شرط الشيخين . 600 - (قول كعب بن مالك : " أول من جمع بنا أسعد بن زرارة
[ 67 ]
في هزم النبيت ، في نقيع يقال له : نقيع الخضمات (1) ، قلت كم أنتم يومئذ ؟ قال : أربعون رجلا) . رواه أبو داود) . ص 143 حسن . أخرجه أبو داود (1069) والدارقطني (164 - 165) والحاكم (1 / 281) والبيهقي (3 / 176 - 177) عنهما وابن هشام في " السيرة " (2 / 77) من طريق محمد بن اسحاق عن محمد بن أبي أمامة بن سهل عن أبيه عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك وكان قائد أبيه بعدما ذهب بصره عن أبيه كعب بن مالك . " أنه كان إذا سمع النداء يوم الجمعة ترحم لأسعد بن زرارة ، فقلت له : إذا سمعت النداء ترحمت لأسعد بن زرارة ؟ قال : لأنه أول من جمع بنا في هزم النبيت من حرة بني بياضة . . . (2) الخ " . قلت : وهذا إسناد حسن كما قال الحافظ في " التلخيص " (ص / 133) فإن رجاله ثقات ، وإنما يخشى من عنعنة ابن اسحاق وقد صرح بالتحديث في رواية الدارقطني والحاكم قال : " صحيح على شرط مسلم " . ووافقه الذهبي ! ! وقال البيهقي : " ومحمد بن اسحاق إذا ذكر سماعه في الرواية ، وكان الراوي ثقة استقام الإسناد ، وهذا حديث حسن الإسناد صحيح " . وقال الإمام أحمد في مسائل ابنه عبد الله (108) : " وقد جمع أسعد بن زرارة ، وكانت أول جمعة جمعت في الإسلام ، وكانوا أربعين رجلا " . (1) بفتح المعجمة وكسر الضاد المعجمة ، موضع معروف بنواحي المدينة ، كما في (النهاية) و (تلخيص الحبير) . (2) قرية على ميل من المدينة " وبياضة بطن من الأنصار ، منه .
[ 68 ]
ففيه إشارة واضحة إلى ثبوت الحديث عنده . 601 - (قال ابن جريج : " قلت لعطاء أكان يأمر النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال نعم ") . ص 143 ضعيف . لأنه مرسل ، ولم أقف على إسناده إلى ابن جريج . ومراحه أن تجميع ابن زرارة في النقيع كان يأمره صلى الله عليه وسلم وفي التلخيص " (133) : " وروى الدارقطني من طريق المغيرة بن عبد الرحمن عن مالك الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس قال : " أذن النبي صلى الله عليه وسلم في الجمعة ، قبل أن يهاجر ، ولم يستطع أن يجمع بمكة ، فكتب إلى مصعب بن عمير : أما بعد فانظر اليوم الذي تجهر فيه اليهود بالزبور ، فاجمعوا نسائكم وأبناءكم ، فإذا مال النهار عن شطره عند الزوال من يوم الجمعة ، فتقربوا إلى الله بركعتين ، قال فهو أول من جمع حتى قدم النبي صلى الله وسلم المدينة ، فجمع عند الزوال ، من الظهر ، وأ ظهر ذلك " . سكت عليه الحافظ ، ولم أره في سنن الدارقطني فالظاهر أ نه في غيره من كتبه ، وإسناده حسن ، إن سلم ممن دون المغيرة ، وهو ابن عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش أبو هاشم المخزومي وقد احتج به الشيخان وفيه كلام يسير . وروى بعضه الطبراني في الأوسط (1 / 51 / 2) من طريق صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي مسعود الأنصاري قال : أول من قام من المهاجرين المدينة مصعب بن عمير ، وهو أول من جمع بها يوم الجمعة ، جمعهم قبل أن يقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بهم . وقال : " لم يروه عن الزهري إلا صالح " . قلت : وهو ضعيف كما قال الحافظ . وبينه وبن حديث كعب بن مالك
[ 69 ]
المذكور قبل هذا مخالفة فإن فيه أن اسعد بن زرارة هو أول من جمع بهم ، وجمع الحافظ بينهما بان أسعد كان آمرا ، وكان مصعب إماما . قلت : ويمكن أن يقال أن مصعبا أول من جمع في المدينة نفسها ، وأسعد أول من جمع في بني بياضة وهي قرية على ميل من المدينة ، كما تقدم فلا اختلاف . والله أعلم . 602 - (قال أحمد : " بعث النبي صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير إلى أهل المدينة فلما كان يوم الجمعة جمع بهم وكانوا أربعين وكانت أول جمعة جمعت بالمدينة)) . لم أقف عليه بهذا اللفظ ، وقد ذكرناه بنحوه في الحديث الذي قبله ، وفي معناه حديث كعب بن مالك المتقدم قبل حديث . وقد ذكره أحمد في مائل أبي داود عنه (57) نحو ما ذكره الؤلف عن مصعب ، لكن ليس فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه . 603 - (حديث جابر : " مضت السنة أن في كل أربعين فما فوق جمعة وأضحى وفطر . رواه الدارقطني) . ص 143 ضعيف جدا . رواه الدارقطني (164) والبيهقي (3 / 177) من طريق عبد العزيز بن عبد الرحمن القرشي ثنا خصيف عن عطاء عن جابر قال : " مضت السنة أن في كل ثلاثة إماما ، وفي كل أربعين فما فوق ذلك جمعة وفطر وأضحى ، وذلك أنهم جماعة " . وقال البيهقي : " تفرد به عبد العزيز القرشي وهو ضعيف " . قلت هو شر من ذلك ففي (التلخيص) (133) : (قال أحمد : اضرب على حديثه فإنها كذب موضوعة ، وقال النسائي : ليس بثقة . وقال الدارقطني : منكر الحديث . وقال ابن حبان : لا يجوز الإحتجاج به . وقال البيهقي : هذا الحديث لا يحتج به " .
[ 70 ]
وفي الباب أحاويث أخرى بكثر من هذا العدد وأقل ، وكلها معلولة لا يصح منها شئ ، وقد ساقها الدارقطني والبيهقي والحافظ وغيرهما وبينا عللها . وليس في عدد الأربعين حديث ثابت غير حديث كعب بن مالك المتقدم وهو لا يدل على شرطيته لأنها واقعة عين كما قال الشوكاني فراجع تمام البحث فيه (3 / 107) . 604 - (حديث : " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب خطبتين يقعد بينهما " . متفق عليه) . ص 144 صحيح . أخرجه البخاري (233 و 236) ومسلم (3 / 9) والنسائي (1 / 209) والترمذي (2 / 380) والدارمي (1 / 366) وابن ماجه (1103) والبيهقي (3 / 196) وأحمد (2 / 35) من طرق عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال : فذكره ، واللفظ للبخاري ، ولفظ النسائي والدارمي : " . . . وهو قائم ، وكان يفصل بينهما بجلوس) . وزاد البخاري في رواية ومسلم والترمذي وغيرهم " كما يفعلون اليوم " وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . وقد تابعه عبد الله العمري المكبر عن نافع به . أخرجه أبو داود (1092) وابن أبي شيبة (1 / 209 / 1) والطيالسي (1858) وأحمد (2 / 91 و 98) وزاد أبو داود : " ثم يجلس فلا يتكلم ، ثم يقوم فيخطب " . والعمري هذا ضعيف لسوء حفظه ، وقد تفرد بهذه الزيادة عن نافع ، لكن لها شاهد من حديث جابر بن سمرة يأتي قريبا إن شاء الله تعالى .
[ 71 ]
والحديث ، ورد أيضا من حديث جابر بن سمرة . وعبد الله بن عباس ، وجابر بن عبد الله . أما حديث جابر بن سمرة ، فهو بلفظ : " كان يخطب قائما ، ثم يجلس ، ثم يقوم فيخطب قائما ، فمن نبأك أنه كان يخطب جالسا ، فقد كذب ، فقد والله صليت معه أكثر من ألفي صلاة " . أخرجه مسلم وأبو داود (1094 و 1095) والنسائي والدارمي وابن ماجه (1105 و 1106) والبيهقي (3 / 197) وابن أبى شيبة (1 / 108 / 2) والطيالسي (757) وأحمد (5 / 87 و 88 و 89 و 90 و 91 و 92 و 93 و 94 و 95 و 97 و 98 و 99 - 100 و 101 و 102 و 107) من طرق عن سماك بن حرب عنه والسياق لمسلم وغيره وزاد في رواية : " يقرأ القرآن ويذكر الناس " وزاد أحمد وغيره (وكانت صلاته قصدا ، وخطبته قصدا " . وهي عند مسلم أيضا (3 / 11) . وزاد أبو داود والنسائي وأحمد في أخرى : (ثم يقعد قعدة لا يتكلم ، ثم يقوم فيخطب خطبة أخرى) . وسندها جيد . وأما حديث عبد الله بن عباس ، فهو مثل حديث ابن سمرة دون قوله " فمن نبأك . . " . أخرجه ابن أبي شيبة (1 / 209 / 1) وعنه أحمد وابنه عبد الله في زوائده على المسند (1 / 256 - 257) من طريق حجاج عن الحكم عن مقدم عنه . ورجاله ثقات غير أن الحجاج هذا وهو ابن أرطاة مدلس وقد عنعنه ، لكن قال الهيثمي (2 / 187) عقب الحديث : " رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني في الكبير والأوسط . ورجال الطبراني
[ 72 ]
ثقات والبزار ، ورجال الطبراني رجال الصحيح " . قلت : وهو في أوسط الطبراني (1 / 52 / 2) من طريق محمد بن عجلان عن حسين بن عبد الله عن عكرمة عنه . وحسين هذا هو الهاشمي المدني ضعيف . فلعله في كبير الطبراني من غير طريقه كما هو ظاهر كلام الهيثمي . وأما حديث جابر ، فهو من رواية سليمان بن بلال عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله مرفوعا به . أخرجه البيهقي (3 / 198) بإسناد صحيح ، لكن رواه ابن أبي شيبة (1 / 208 / 2) : نا حاتم بن اسماعيل عن جعفر به مرسلا لم يذكر فيه جابرا . غير أن سليمان بن بلال ثقة احتج به الشيخان فزيادته مقبولة . 605 - (قالت عائشة : " إنما أقرت الجمعة ركعتين من أجل الخطبة ") . ص 144 لم أقف على إسناده عنها ، وقد روى ابن أبي شيبة (1 / 126 / 1) عن يحيى بن أبي كثير قال : حدثت عن عمر بن الخطاب أنه قال : إنها جعلت الخطبة مكان الركعتين ، فإن لم يدرك الخطبة فليصل أربعا . وعن عمرو بن شعيب عن عمر بن الخطاب قال : " كانت الجمعة أربعا فجعلت ركعتين من أجل الخطبة ، فمن فاته الخطبة فليصل أربعا " . قلت : ورجاله ثقات لكنه منقطع بين يحيى وبين عمرو وعمر . 606 - (حديث : " إنما الأعمال بالنيات ") . ص 144 صحمح . وقد مضى مرارا .
[ 73 ]
607 - (حديث : " كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم " . رواه أبو داود) . ص 144 ضعيف . أخرجه أبو داود (4840) بهذا اللفظ بسند ضعيف وتقدم الكلام عليه مفصلا في أول الكتاب . 608 - (قال جابر : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يحمد الله ويثني عليه بما هو أهله " . الحديث) . ص 144 صحيح . أخرجه مسلم (3 / 11) والنسائي (1 / 234) والبيهقي (3 / 214) وأحمد (3 / 319 و 371) من طرق عن جعفر بن محمد عن أبيه عنه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس ، فيحمد الله ويثني عليه بما هو أهله ثم يقول : من يهد الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وخير الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي محمد ، صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكان إذا ذكر الساعة علا صوته ، واحمرت عيناه واشتد غضبه ، كأنه منذر جيش يقول : صبحكم ومساكم ، من ترك مالا فلورثته ، ومن ترك دينا أو ضياعا ، فإلي وعلي ، أنا ولي المؤمنين " . والسياق للبيهقي . وزاد النسائي : " وكل ضلالة في النار " . وهي عند البيهقي أيضا في " الأسماء والصفات " . وسندها صحيح . 609 - (قال جابر بن سمرة : " كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ أيات ويذكر الناس " . رواه مسلم) . ص 144 صحيح . رواه مسلم نحوه وقد مضى لفظه في تخريج الحديث (604)
[ 74 ]
610 - (قال : " صلوا كما رأيتموني أصلي " . ص 145 صحيح . وتقدم مرارا . 611 - (عن جابر : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته " . الحديث رواه مسلم) . ص 145 صحيح . وهو قطعة من حديث أوردته بتمامه قبل حديثين . وهذا القدر منه رواه ابن سعد في " الطبقات الكبرى " (1 / 376 - 377) . 612 - (قال عمر وعائشة : (قصرت الصلاة لأجل الخطبة) . ضعيف . وقد تقدم عن عائشة برقم (605) ، وأنه لم أقف عليه عنها ، وأما عن عمر فضعيف لانقطاعه كما ذكره هناك . 613 - (حديث : " أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا خطب يوم الجمعة دعا وأشار بأصبعه وأمن الناس " رواه حرب في مسائله) . ص 145 لم أقف عل سنده . وإنما علقه البيهقي (3 / 210) مرسلا فقال : " وروينا عن الزهري أنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب يوم الجمعة دعا فأشار بأصبعه ، وأمن الناس . ورواه قرة بن عبد الرحمن عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة موصولا ، وليس بصحيح) . 614 - (قال جابر بن سمرة : (كان النبي وصلى الله عليه وسلم يخطب قائما ثم يجلس ثم يقوم فيخطب ، ففن حدثك أنه كان يخطب جالسا فقد كذب " رواه مسلم) . ص 146 صحيح . وقد خرجته في الحديث المتقدم (604) . 615 - (حديث : " أنه صلى الله عليه وسلم : كان يخطب على منبره " ص 146
[ 75 ]
صحيح بل متواتر عن جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، منهم عبد الله بن عمر ، ويعلى بن أ مية ، وابن عمر أيضا ، وأبو سعيد الخدري ، ومعاوية بن أبي سفيان ، وجابر بن عبد الله ، وأنس بن مالك ، وعمارة بن رؤيبة ، وأخت عمرة بنت عبد الرحمن ، وسهل بن سعد ، وسلمة بن الأكوع ، وغيرهم . أما حديث عبد الله فلفظه : " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب إلى جذع ، فلما اتخذ المنبر حن الجذع ، حتى أتاه فالتزمه ، فسكن " . أخرجه البخاري (2 / 400) والترمذي (2 / 379) واللفظ له وقال : " وفي الباب عن أنس ، وجابر ، وسهل بن سعد ، وأبي بن كعب وابن عباس ، وأم سلمة " قال : " حديت ابن عمر حديث حسن غريب صحيح " . قلت : وأحاديث الثلاثة الأولين في البخاري والدارمي (1 / 366 - 367) وغيرهما . وأما حديث يعلى بن أمية ، فيرويه ابنه صفوان عنه : " أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ على المنبر : (ونادوا يا مالك) رواه مسلم (3 / 13) . وأما حديث ابن عمر الثاني فقال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر فقال : " من جاء إلى الجمعة فليغتسل " . رواه البخاري (1 / 233) ومسلم (3 / 2) والنسائي (1 / 208) وأما حديث أبي سعيد فقال : " أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس ذات يوم على المنبر وجلسنا حوله " .
[ 76 ]
أخرجه البخاري (1 / 233) . وأما حديث معاوية ، فرواه عنه أبو أمامة بن سهل بن حنيف قال : سمعت معاوية بن أبي سفيان وهو جالس على المنبر أذن المؤذن ، فقال : الله أكبر الله أكبر ، فقال معاوية الله أكبر الله أكبر ، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، فقال معاوية : وأنا ، قال : أشهد أن محمدا رسول الله ، قال معاوية : وأنا ، فلما أن قضى التأذين ، قال : يا أيها الناس إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا المجلس حين أذن المؤذن يقول ما سمعتم مني من مقالتي " . رواه البخاري (1 / 232) . وأما حديث جابر فقال : " جاء رجل والنبي صلى الله عليه وسلم على المنبر يوم الجمعة يخطب فقال له : أركعت ركعتين ؟ قال : لا ، فقال : اركع " . رواه مسلم (3 / 14) والبخاري (1 / 236) لكن ليس عنده موضع الشاهد منه والنسائي (1 / 207) مثل رواية مسلم . وأما حديث السائب بن يزيد فهو بلفظ . " كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر ، فلما كان عثمان وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء) أخرجه البخاري (1 / 231) والنسائي (1 / 207) . وأما حديث ابن عباس فقال : " صعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر ، وكان آخر مجلس جلسه متعطفا بملحفة على منكبه ، قد عصب رأسه بعمامة وسمة ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال أيها الناس إلي فثابوا إليه ثم قال أما بعد ، فإن هذا الحي من الأنصار يقلون ويكثر الناس ، فمن ولي شيئا من أمة محمد فاستطاع أن يضر فيه أحدا ، أو ينفع فيه أحدا ، فليقبل من محسنهم ، ويتجاوز عن مسئهم) . فيه أحدا ، فليقبل من محسنهم ، ويتجاوز عن مسيئهم " .
[ 77 ]
أخرجه البخاري (1 / 235) . وأما حديث أنس بن مالك فلفظه : " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعرض له الرجل يوم الجمعة ، بعدما ينزل من المنبر ، فيكلمه ثم يدخل في الصلاة " . أخرجه أبو داود (1120) والنسائي (1 / 209) والترمذي (2 / 394) وابن ماجه (1117) والطيالسي (2028) وأحمد (3 / 213) والسياق له عن جرير بن حازم قال : سمعت ثابتا البناني يحدث عن أنس به . قلت : وسنده صحيح ، وقد أعل بما لا يقدح كما بينه الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي ، ولم يجده في مسند أحمد ، وهو فيه في الموضع الذي أشرنا إليه . وأما حديث عمارة بن رؤيبة فقال في رواية حصين بن عبد الرحمن : (رأى بشر بن مروان على المنبر رافعا يديه ، فقال : قبح الله هاتين اليدين ، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يزيد على أن يقول بيده هكذا ، وأشار بإصبعه المسبحة " . رواه مسلم (3 / 13) وأبو داود (1104) . وأما حديث أخت عمرة فقالت : (أخذت ق والقرآن المجيد من في رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة ، وهو يقرأ بها على المنبر في كل جمعة " . أخرجه مسلم (3 / 13) . وأما حديث سهل بن سعد فقال : " ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم شاهرا يديه قط يدعو على منبره ، ولا على غيره ، ولكن رأيته يقول هكذا وأشار بالسبابة وعقد الوسطى بالإبهام " . أخرجه أبو داود (1105) بإسناد حسن .
[ 78 ]
وأما حديث سلمة بن الأكوع فقال : " كان بين منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين الحائط كقدر ممر الشاة) . أخرجه أبو داود (1082) والشيخان نحوه . وفي الباب عن سهل بن سعد أيضا في صلاته صلى الله عليه وآله وسلم على المنبر وقد تقدم (545) . 616 - (حديث : " أنه صلى الله عليه وسلم خطب على سيف أو عصا ، رواه أبو داود) . حديث . أخرجه أبو داود (1096) عن شهاب بن خراش حدثني شعيب بن زريق الطائفي قال : جلست إلى رجل له صحبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له الحكم بن حزن الكلفي فأنشأ يحدثنا قال : " وفدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سابع سبعة أو تاسع تسعة ، فدخلنا عليه فقلنا : يا رسول الله ! زرناك فادع الله لنا بخير فأمر بنا أو أمر لنا بشئ من التمر ، والشأن إذ ذاك دون ، فأقمنا بها أياما شهدنا فيها الجمعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام متوكئا على عصا أو قوس ، فحمد الله وأثنى عليه كلمات خفيات طيبات مباركات ثم قال : أيها الناس إنكم لن تطيقوا ، أو لن تفعلوا كل ما أمرتم به ، ولكن سددوا وأبشروا " . ومن هذا الوجه أخرجه البيهقي (3 / 206) وأحمد (4 / 212) . قلت : وهذا سند حسن وفي شهاب وشعيب كلام يسير لا ينزل الحديث به عن رتبة الحسن لا سيما وله شاهدان أحدهما عن سعد القرط . أخرجه ابن ماجه والحاكم والبيهقي . والآخر عن عطاء مرسلا . أخرجه الشافعي (1 / 62) والبيهقي وهو مرسل صحيح . وفي الباب عن جابر أيضا ، وسيأتي في الحديث (631) .
[ 79 ]
617 - (قال ابن عمر : " كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب خطبتين وهو قائم ، يفصل بينهما بجلوس " . متفق عليه) . ص 149 صحيح . لكن اللفظ للنسائي والدارمي ، وقد سبق تخريجه (604) . 618 - (حديث عمار مرفوعا : " إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة " . رواه مسلم) . ص 146 صحيح . أخرجه مسلم (3 / 12) وكذا الدارمي (1 / 356) والحاكم (3 / 393) والبيهقي (3 / 208) وأحمد (4 / 262) عن أبي وائل قال : " خطبنا عمار ، فأوجز وأبلغ ، فلما نزل ، قلنا : يا أبا اليقظان لقد أبلغت وأوجزت ، فلو كنت تنفست ، فقال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : فذكر . ، وزاد في آخره . " وإن من البيان لسحرا " . وقال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه " ! ووافقه الذهبي ! ورواه أيضا العسكري في الأمثال عن عمار وابن أبي شيبة (1 / 209 / 2) والطبراني في " المعجم الكبير " (3 / 36 / 2) عن ابن مسعود موقوف ! عليه وقال المنذري (1 / 158) بعدما عزاه للطبراني : (بإسناد صحيح " ، وهو كما قال . وله طريق أخرى مختصرا ، يرويه أبو راشد عن عمار بلفظ : " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بإقصار الخطب) . أخرجه أبو داود (1106) والبيهقي بسند حسن في المتابعات والشواهد . ورواه ابن أبي شيبة (1 / 209 / 2) من هذا الوجه عن أبي راشد قال : " خطبنا عمار ، فتجوز في الخطبة ، فقال رجل : قد قلت قولا شفاء ، لو أنك أطلت . فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن نطيل الخطبة
[ 80 ]
619 - (قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب أنصت فقد لغوت " . متفق عليه) . ص 147 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 337) ومسلم (3 / 4) والنسائي (1 / 208) والترمذي (2 / 387) وصححه والدارمي (1 / 364) وابن ماجه (1110) والبيهقي (3 / 218) وأحمد (2 / 272 و 393 و 396 و 474 و 485 و 518 و 532) من طرق عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا به . واللفظ لأحمد ، ولفظ الشيخين وغيرهما : " . . . أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت " . وقد تابعه الأعرج عن أبي هريرة به . أخرجه مسلم ومالك (1 / 103 / 106) وعنه أبو دلود (1112) وكذا الدارمي والبيهقي وأحمد (2 / 244 و 485) . وتابعه عبد الله بن ابراهيم بن قارظ عنه به . أخرجه مسلم والنسائي وأحمد (2 / 272) . وتابعهم أبو سلمة عنه ، لكن بلفظ : " قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة ، إذ قال أبو ذر لأبي بن كعب : متى أنزلت هذه السورة ؟ فلم يجبه ، فلما قضى صلاته . قال له : مالك من صلاتك إلا ما لغوت ، فأتى أبو ذر النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر ذلك له ، فقال : صدق أبي " . أخرجه الطياسي (2365) وإسناده حسن . وله شاهد من حديث أبي بن كعب نفسه . أخرجه ابن ماجه (1111) وعبد الله بن أحمد في زوائد " المسند) (5 / 143) وإسناده جيد ، وقال المنذري (1 / 257) " إسناده حسن " ، وقال البوصيري في " الزوائد " (ق 77 / 1) " هذا إسناد رجاله ثقات " . وفي نقل
[ 81 ]
أبي الحسن السندي في حاشية ابن ماجه (1 / 343) عنه : " إسناده صحيح ورجاله ثقات " . والله أعلم وله شواهد أخرى يراجعها في " الترغيب " من شاء المزيد . 620 - (حديث : (أن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاءه لم يقيموا إلا جمعة واحدة . ص 147 صحيح . متواتر كذا قال ابن الملقن في " البدر المنير " (ق 52 / 1) ويعني التواتر المعنوي ، وإلا فإني لا أعرف حديثا واحدا بهذا اللفظ ، وما أظن المؤلف أراد أن هذا اللفظ وارد ، بل هو مأخوذ بالاستقراء كما قال الحافظ في " التلخيص " (ص 132) قال : فلم يكن بالمدينة مكان يجمع فيه إلا مسجد المدينة ، وبهذا صرح الشافعي فقال : " ولا يجمع في مصر وإن عظم ، ولا في مساجد إلا في مسجد واحد ، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده لم يفعلوا إلا كذلك " . وروى ابن المنذر عن ابن عمر أنه كان يقول : لا جمعة إلا في المسجد الأكبر الذي يصلي فيه الإمام ، وروى أبو داود في المراسيل عن بكير بن الأشج أنه كان بالمدينة تسعة مساجد مع مسجده صلى الله عليه وسلم يسمع أهلها تأذين بلال فيصلون في مساجدهم . زاد يحيى بن يحيى في روايته : ولم يكونوا يصلون في شئ من تلك المساجد . إلا في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم أخرجه البيهقي في " المعرفة " . ويشهد له صلاة أهل العوالي مع النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة كما في " (الصحيح) " ، وصلاة أهل قبا معه كما رواه ابن ماجه وابن خزيمة . وأخرج الترمذي من طريق رجل من أهل قبا عن أبيه قال : أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نشهد الجمعة من قبا " . 621 - (حديث : (ومن أحرم بالجمعة في وقتها وأدرك مع الإمام ركعة أتم جمعة " رواه البيهقي عن ابن مسعود وابن عمر) . ص 147 صحيح عنهما . رواه . أبو إسحاق السبيعي عن أبن الأحوص عن عبد الله ابن مسعود قال :
[ 82 ]
" إذا أدركت ركعة من الجمعة فأضف إليها أخرى ، فإذا فاتك الركوع فصل أربعا) . أخرجه ابن أبي شيبة (1 / 126 / 1 - النسخة الأخرى - والطبراني في " المعجم الكبير " (3 / 38 / 2) والبيهقي (3 / 204) من طرق عن أبي اسحاق به . قلت : وهذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات رجال مسلم ، وأما الهيثمي فقال (2 / 192) : " حسن " فقصره والسبيعي وإن كان اختلط ، فمن رواته عنه سفيان الثوري وهو من أثبت الناس فيه كما في " تهذيب التهذيب " ، على أنه إنما يخشى من اختلاطه غالبا أن يرفع الموقوف . وهنا ما رواه . موقوف وما أظن بلغ به الاختلاط إلى اختلاق ما لا وجود له البتة لا مرفوعا ولا موقوفا . والله أعلم . وللسبيعي فيه شيخ أخر وهو هبيرة بن يريم ، قرنه البيهقي بأبي الأحوص . ورواه الطبراني عن معمر عن أبي اسحاق عن هبيرة عن ابن مسعود قال : " من فاتته الركعة الأخرى فليصل أربعا " . قال معمر : وقال قتادة يصلي أربعا . فقيل لقتادة بن ابن مسعود جاء وهم جلوس في أخر الصلاة فقال لأصحابه : اجلسوا أدركتم إن شاء الله ، قال قتادة : إنما يقول : أدركتم الأجر . قلت : هو عن قتادة منقطع ، ثم إنه ليس صريحا في أن تلك الصلاة كانت صلاة جمعة ، بل يحتمل أنها كانت إحدى الصلوات الخمس ، وحينئذ فلا تعارض بينه وبين ما قبله . ومثله ما أخرج ابن أبي شيبة قال (1 / 165 / 1) : " فيما يكتب للرجل من التضعيف إذا أراد الصلاة " : نا شريك عن عامر بن شفيق عن أبي وائل قال : قال عبد الله : من أدرك التشهد ، فقد أدرك الصلاة " . قلت : يعني أجر الجماعة كما قال قتادة ، على أن هذا ضعيف الإسناد ، فإن شريكا وهو ابن عبد الله القاضي وشيخه شفيق كلاهما ضعيف ، فلا تغتر بسكون ابن
[ 83 ]
التركماني " الجوهر النقي " (3 / 304) عنه ، انتصارا لمذهبه ! وأما عن ابن عمر فقال ابن أبي شيبة : حدثنا هشيم عن يحيى بن سعيد عن نافع عنه قال : " من أدرك من الجمعة ركعة فليضف إليها أخرى " . وأخرجه البيهقي من طريق جعفر بن عون : أنبأ يحيى بن سعيد به بلفظ : " . . . فقد أدركها إلا أنه يقضي ما فاته " . قلت : وهذا سند صحيح على شرط الشيخين . ثم رواه . البيهقي من طريق الأشعث عن نافع به بلفط : " إذا أدركت من الجمعة ركعة . فأضف إليها أخرى ، وإن أدركتهم جلوسا فصل أربعا " . وقال : " تابعه أيوب عن نافع " . قلت : ولعله من أجل هذه المتابعة سكت عن المتابع وهو الأشعث وهو ابن سوار ، وتغاضى عنها ابن التركماني فقال : " قال الذهبي : ضعفه جماعة . . . " . قلت : لاشك أنه ضعيف كما جزم به الحافط في " التقريب " لكنه لم يتفرد به كما ذكر البيهقي ، فحديثه قوي بهذه المتابعة والله أعلم . (فائدة) روى ابن أبي شيبة (1 / 206) عن عبد الرحمن بن أبي ذؤيب قال : " خرجت مع الزبير مخرجا يوم الجمعة ، فصلى الجمعة أربعا " . وسنده صحيح إلى عبد الرحمن هذا ، وأما هو فلم أعرفه والله أعلم . وفي الباب عن أبي هريرة موقوفا عليه مثل حديث ابن مسعود وقد روي مرفوعا ، ويأتي تحقيق الكلام عليه بعده ، إن شاء الله تعالى .
[ 84 ]
622 - (عن أبي هريرة مرفوعا : " من أدرك ركعة من الجمعة فقد أدرك الصلاة) . رواه الأثرم ورواه ابن ماجه ولفظه " فليضف إليها أخرى)) . ص 147 صحيح . واقتصار المؤلف في العزو على الأثرم وابن ماجه يوهم أنه لم يروه من هو أشهر منهما وأعلى كعبا ، وليس كذلك ، فقد رواه النسائي (1 / 210) : أخبرنا قتيبة ومحمد بن منصور واللفظ له (1) عن سفيان عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ الأثرم ، إلا أنه لم يقل " الصلاة " . قلت : وهذا سند صحيح ، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير محمد ابن منصور وهو إما الخزاعي أو الطوسي وكلاهما ثقة يروي عن سفيان بن عيينة ، وعنهما النسائي . لكن قوله " الجمعة " شاذ ، والمحفوظ " الصلاة " كما سيأتي تحقيقه إن شاء الله تعالى . وأخرجه الحاكم (1 / 291) من طريق الوليد بن مسلم عن الأوزاعي به ، ولفظه كلفظ الأثرم سواء . ثم روى الحاكم ومن طريقه البيهقي (3 / 203) والدارقطني (167) عن أسامة بن زيد الليثي عن ابن شهاب به بلفظ : " فليصل إليها أخرى " . وقال الحاكم في الإسنادين ، " صحيح " . ووافقه الذهبي . قلت : الأول كما قال لولا أن الوليد بن مسلم مدلس وقد عنعنه . والثاني حسنه . (1) وأما لفط قتيبة فهو بلفظ " الجمعة " بدل الصلاة . رواه . الطحاوي عن النسائي ، كما تأتي الإشارة إليه .
[ 85 ]
ثم أخرجه الدارقطني والحاكم والبيهقي والمخلص في " العاشر من حديثه) (209 - 210) من طريق صالح بن أبي الأخضر عن الزهري به مثل لفظ أسامة ، وزادوا إلا الحاكم : " فإن أدركهم جلوسا صلى أربعا) . وفيها عندهم يحيى بن المتوكل الباهلي وهو صدوق يخطئ كما في " التقريب " . وصالح بن أبي الأخضر عن الزهري ضعيف يعتبر به . ومع ذلك فقد صححه الحاكم ووافقه الذهبي ! ! وأخرجه ابن ماجه (1121) من طريق عمر بن حبيب عن ابن أبي ذئب إن الزهري به إلا أنه قرن مع أبي سلمة سعيد بن المسيب بلفظ : " فليصل " لا " فليضف " كما وقع في الكتاب . وعمر بن حبيب ضعيف كما في (التقريب) ، وفي " التلخيص " (127) : " متروك " ، وهو الأقرب إلى الصواب . ورواه ياسين الزيات عن الزهري عن سعيد وأبي سلمة معا به . وفيه الزيادة المتقدمة . أخرجه الدارقطني (167) ، وفي رواية له : عن سعيد أو عنه أبي سلمة ، على الشك ، وفي أخرى : عن سعيد وحده . وكذلك رواه الخطيب في تاريخه (11 / 257) ثم قال الدارقطني : (ياسين ضعيف " . وقد تابعه عبد الرزاق بن عمر الدمشقي وهو متروك الحديث عن الزهري ، لين في غيره ، والحجاج وهو ابن أرطاة وهو مدلس وقد عنعنه ، وعمر ابن قيس وهو المكي متروك ، وسليمان بن أبي داود الحراني وهو متروك أيضا ، كلهم رووه عن الزهري عن سعيد وحده غير عمر بن قيس فقرن به أبا سلمة ، وليس عندهم الزيادة إلا الحراني .
[ 86 ]
أخرجه الدارقطني من طريقهم جميعا . وله طريق أخرى عن سعيد بن المسيب به . رواه يحيى بن راشد البراء عن داود بن أبي هند عن سعيد به بلفظ الكتاب الثاني . أخرجه الدارقطني ، ويحيى هذا قال الحافظ : (وهو ضعيف ، وقال الدارقطني في " العلل " : حديثه غير محفوظ " . ثم قال : " وأحسن طرق هذا الحديث رواية الأوزاعي على ما فيها من تدليس الوليد ، وقد قال ابن حبان في صحيحه : إنها كلها معلولة ، وقال ابن أبي حاتم في " العلل " عن أبيه : لا أصل لهذا الحديث ، إنما المتن من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدركها ، وذكر الدارقطني الاختلاف فيه في علله ، وقال : الصحيح من أدرك من الصلاة ركعة . وكذا قال العقيلي والله أعلم " . قلت : بل أحسن طرقه رواية سفيان بن عيينة عند النسائي فإنه لا علة فيها لن سلم من الشذوذ . وقد فاته الحافظ فلم يذكرها ، فلعل هذا هو السبب في ترجيحه رواية الأوزاعي عليها . على أن هذا الترجيح وذلك إنما هو شكلي لا يعطي الحديث حجة مع إعلال الأئمة له وترجيحهم للفظ الآخر عليه ، وهو الذي ليس فيه ذكر الجمعة ، وهو الذي تطمئن إليه نفس الباحث في طرقه فإن جميعها ضعيفة بينة الضعف ، كما تقدم ، غير ثلاث : الأولى : طريق ابن عيينه . والثانية : طريق الأوزاعي . والثالثة : طريق أسامة بن زيد . فهذه ظاهرة الصحة ، غير الثانية فقد أعلها الحافظ بالتدليس كما تقدم ، والثالثة فيها مجال لإعلالها بأسامة هذا فإنه متكلم فيه من قبل حفظه ولذلك اقتصرنا على تحسين إسناده ، فمثله عند الاختلاف لا يحتج به ، وأما الطريق
[ 87 ]
الأولى فلا علة فيها سوى الشذوذ من قبل محمد بن منصور ، فقد تابعه الإمام أحمد فقال (2 / 241) : ثنا سفيان عن الزهري به بلفظ : " صلاة " بدل " الجمعة " . وكذلك أخرجه مسلم (2 / 107) والترمذي (2 / 403) والدارمي (1 / 277) وابن ماجه (1122) والطحاوي في " المشكل " (3 / 105) والبيهقي (3 / 202) من طرق عديدة عن سفيان به . وكذلك أخرجه مسلم والنسائي والدارمي والبيهقي عن الأوزاعي عن الزهري به . وتابعهما عليه مالك عند البخاري (1 / 154) ومسلم وأى داود (1121) والنسائي والبيهقي وكذا الشافعي (1 / 51) والطحاوي في " مشكل الآثار " (3 / 105) . ومعمر عند مسلم والبيهقي وأحمد (2 / 270 - 271 و 280) . وعبيد الله بن عمر عند مسلم والنسائي وأحمد (2 / 375) . ويونس بن عبيد عند مسلم والبيهقي ، وزاد " مع الإمام) وسيذكرها المؤلف بعد الحديث . وابن عبد الله عند الطحاوي . وشعيب عند البيهقي . ورواه عراك بن مالك عن أبي هريرة به . أخرجه أحمد (2 / 265) ورجاله ثقات . قلت : فهؤلاء جماعة من المقات الإثبات رووه عن سفيان والأوزاعي بلفظ " الصلاة " خلافا لمن روى عنهما اللفظ الآخر " الجمعة " فدل ذلك على شذوذ هذا اللفظ عنهما ، وأيد ذلك رواية مالك ومن معه بلفظ " الصلاة " ، وزاده تأييدا الطريق الأخرى عن أبي هريرة ، وزيادة معمر في رواية البيهقي عقب
[ 88 ]
الحديث : " قال الزهري : والجمعة من الصلاة) . فهذا يؤكد أن ذكر لفظ " الجمعة " في الحديث عن الزهري خطأ عليه ، إذ لو كان هذا اللفظ محفوظا عنده لم يكن بحاجة إلى هذا القول والاستنباط من الحديث كما هو ظاهر ، ولذلك قال البيهقي عقبه : (هذا هو الصحيح ، وهو رواية الجماعة عن الزهري ، وفي رواية معمر دلالة على أن لفظ الحديث في الصلاة مطلق ، وأنها بعمومها تتناول الجمعة كما نتناول غيرها من الصلوات) . قلت : ولهذا قال الترمذي عقب الحديث : " هذا حديث حسن صحيح ، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم ، قالوا : من أدرك ركعة من الجمعة صلى إليها أخرى ، ومن أدركهم جلوسا صلى أربعا ، وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد واسحاق " . لكن الحديث له شاهد من حديث ابن عمر مرفوعا بلفظ : (من أدرك ركعة من يوم الجمعة فقد أدركها ، وليضف إليها أخرى " أخرجه الدارقطني (127 - 128) : حدثنا أبو حامد محمد بن هارون الحضرمي ثنا يعيش بن الجهم ثنا عبد الله بن نمير عن يحيى بن سعيد ح وحدثنا عيسى بن إبراهيم ثنا عبد العزيز بن مسلم عن يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر به . وهذا لفظ عبد العزيز وقال ابن نمير : من أدرك من الجمعة ركعة فليصل إليها أخرى . وأخرجه الطبراني في " الصغير " (116) و " الأوسط " (1 / 52 / 2) من طريق إبراهيم بن سليمان الدباس ثنا عبد العزيز بن مسلم القسملي عن يحيى بن سعيد به . وقال : " لم يروه عن يحيى إلا عبد العزيز تفرد به إبراهيم " .
[ 89 ]
قلت : وما سقناه عن الدارقطني يرد عليه في الأمرين معا ، فقد تابعه عيسى بن إبراهيم - وهو الشعيري عن عبد العزيز بن مسلم ، وتابع هذا عبد الله ابن نمير وهما ثقتان حجتان ، فالحديث عندي صحيح مرفوعا ، وإن ذكر الدارقطني في " العلل " الإختلاف فيه وصوب وقفه كما في " التلخيص " ، فإن زيادة الثقة مقبولة ، فكيف وهي من ثقتين ، ومجيئه موقوفا كما رواه البيهقي وغيره كما ذكرنا في الحديث الذي قبله لا ينافي الرفع ، لأن الراوي قد يوقف الحديث أحيانا ، ويرفعه أحيانا ، والكل صحيح . ويؤيد الرفع أنه ورد من طريق سالم عن ابن عمر مرفوعا بلفظ : " من أدرك ركعة من صلاة الجمعة أو غيرها فقد أدرك الصلاة " . أخرجه النسائي وابن ماجه (1123) والدارقطني من طريق بقية بن الوليد ثنا يونس بن يزيد الأيلي عن الزهري عن سالم به . وقال الدارقطني : " قال لنا ابن أبي داود : لم يروه عن يونس إلا بقية) . وفي " التلخيص " : " وقال ابن أبي حاتم في (العلل) عن أبيه : هذا خطأ في المتن والإسناد ، وإنما هو عن الزهري عن أبي سلمة عنه أبي هريرة مرفوعا : من أدرك من صلاة ركعة فقد أدركها ، وأما قوله : من صلاة الجمعة فوهم . قلت : إن سلم من وهم بقية ففيه تدليسه تدليس التسوية ، لأنه عنعن لشيخه ، وله طريق أخرى أخرجها ابن حبان في " الضعفاء " من حديث أبراهيم بن عطية المقفي عن يحيى ابن سعيد عن الزهري به . قال : وإبراهيم منكر الحديث جدا ، وكان هشيم يدلس عنه أخبارا لا أصل لها ، وهو حديث خطا) . قلت : قد خالف بقية سليمان بن بلال فقال : " عن يونس عن ابن شهاب عن سالم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من أدرك ركعة من صلاة من الصلوات فقد أدركها ، إلا أنه يقضي ما فاته " . أخرجه النسائي عن أبي بكر عنه . وأبو بكر هذا هو عبد الحميد بن عبد الله بن عبد الله بن أويس الأصبحي وهو ثقة ، وكذلك سائر الرجال ، فالسند
[ 90 ]
صحيح مرسل . وهو يدلنا على أمور : الأول : خطأ بقية في وصله وفي ذكر الجمعة فيه . الثاني : أن له أصلا من رواية الزهري عن سالم ، خلافا لما يشعر به كلام أبي ، حاتم . الثالث : أنه شاهد جيد لرواية نافع عن ابن عمر المتقدمة ، فإن قوله (صلاة من الصلوات " يعم الجمعة أيضا . والله أعلم . وجملة القول أن الحديث بذكر الجمعة صحيح من حديث ابن عمر مرفوعا وموقوفا ، لا من حديث أبي هريرة . والله تعالى ولي التوفيق . 623 - (وعنه مرفوقا : " من أدرك ركعة من الصلاة مع الإمام فقد أدرك الصلاة " متفق عليه) . ص 147 صحيح . وهو متفق عليه كما قال ، لكن دون قوله " مع الإمام) فإن هذه الزيادة تفرد بها مسلم عن البخاري ، وهي من رواية يونس بنه عبيد عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عنه مرفوعا ، وقد رواه جماعة من الثقات كما لك وغيره ممن سبق ذكرهم في الحديث قبله لم يذكر أحد منهم هذه الزيادة ، ولذلك فإني أخاف أن تكون شاذة . والله أعلم . ومثلها في الشذوذ ، رواية عبد الوهاب بن أبي بكر عن ابن شهاب به بلفظ (. . . فقد أدرك الصلاة وفضلها) . فهذه الزيادة " وفضلها " شاذة ، لم يروها أحد من الجماعة ، وعبد الوهاب مقبول الرواية كما قال الطحاوي ، ووثقه غيره . والله أعلم . 624 - (حديث) أنه صلى الله عليه وسلم : كان يصلي بعد الجمعة ركعتين " . متفق عليه) . ص 148 صحيح . أخرجه مسلم (3 / 17) والنسائي (1 / 210) والترمذي
[ 91 ]
(2 / 399) والدارمي (1 / 369) وابن ماجه (1131) والبيهقي (2 / 239) من طريق سالم عن ابن عمر به . وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . وأخرجه البخاري (1 / 294) في حديث له من هذا الوجه . وأخرجه مالك (1 / 166 / 69) عن نافع عن ابن عمر : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الظهر ركعتين ، وبعدها ركعتين ، وبعد المغرب ركعتين في بيته ، وبعد صلاة العشاء ركعتين ، وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيركع ركعتين " . ومن طريق مالك أخرجه البخاري (1 / 238) ومسلم (2 / 162) والنسائي والدارمي ، بعضهم كاملا ، وبعضهم مقتصرا على ركعتي الجمعة . وقد تابعه الليث عن نافع عن عبد الله : " أنه كان إذا صلى الجمعة انصرف فسجد سجدتين في بيته ، ثم قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك " . أخرجه مسلم وابن ماجه (1130) . وتابعه أيوب عن نافع به نحوه وقال : " يطيل فيهما " . أخرجه النسائي عن شعبة عنه . وسنده صحيح . لكن خالفه وهيب فقال : ثنا أيوب به بلفظ : " كان يغدو إلى المسجد يوم الجمعة فيصلي ركعات يطيل فيهن القيام ، فإذا انصرف الإمام رجع إلى بيته فصلى ركعتين ، وقال : هكذا كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجه أحمد (2 / 103) وسنده صحيح على شرطهما .
[ 92 ]
ووجه المخالفة أنه وصف بإطالة الصلاة قبل الجمعة لا الركعتين ، وهذا هو الصواب فقد تابعه على ذلك إسماعيل وهو ابن علية عند أبي داود (1128) . رواه ابن أبي ذئب عن نافع به مختصرا بلفظ : " كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يصلي الركعتين بعد الجمعة ولا الركعتين بعد المغرب إلا في أهله) . أخرجه الطيالسي (1836) والطحاوي (1 / 199) لكن لم يذكر ركعتي المغرب . وإسنادهما صحيح . ورواه حماد بن زيد : ثنا أيوب به ولفظه : " أن ابن عمر رأى رجلا يصلي ركعتين يوم الجمعة في مقامه ، فدفعه وقال : أتصلي الجمعة أربعا ، وكان عبد الله يصلي يوم الجمعة ركعتين في بيته ، ويقول : هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم . أخرجه أبو داود (1127) والطحاوي بإسناد صحيح . 625 - (حديث أبي هريرة مرفوعا : " إذا صلى أدكم الجمعة فليصل بعدها أربع ركعات) . رواه الجماعة إلا البخاري) . ص 148 صحيح . أخرجه مسلم (3 / 16 و 17) وأبو داود (1131) والنسائي (210) والترمذي (2 / 400) والدارمي (1 / 370) وابن ماجه (1132) وكذا الطحاوي (1 / 199) والبيهقي (3 / 239) وأحمد (2 / 249 و 443 و 499) من طرق عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عنه به ، واللفظ لأحمد وكذا مسلم والنسائي إلا أنهما لم يذكرا " ركعات " ، وفي رواية لمسلم بلفظ : " من كان منكم مصليا بعد الجمعة فليصل أربعا " . وهو لفظ أبي داود والترمذي والدارمي والطحاوي ، وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " .
[ 93 ]
ولفظ ابن ماجه : (إذا صليتم بعد الجمعة فصلوا أربعا " . وهو رواية لمسلم وأبي داود وأحمد وزادوا : " فإن عجل بك شئ فصل ركعتين في المسجد وركعتين إذا رجعت " . وجعلها مسلم من قول سهيل ، وأبو داود من قول أبيه ، وأما أحمد فقال : " قال ابن أدريس (هو عبد الله راويه عن سهيل) : لا أدري هذا من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أم لا " . قلت : الأرجح ، أنه ليس هذا من الحديث بل هو من كلام أبي صالح كما صرحت به رواية أبي داود . والله أعلم . 626 - (حديث أبي سعيد في قراءة سورة الكهف في يوم الجمعة . رواه البيهقي) . ص 148 صحيح . أخرجه البيهقي (3 / 249) من طريق الحاكم وهذا في (المستدرك) (2 / 368) من طريق نعيم بن حماد ثنا هشيم أنبأ أبو هاشم عن أبي مجلز عن قيس بن عباد عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين) . وقال الحاكم : " صحيح الإسناد " ! ورده الذهبي بقوله : (قلت : نعيم ذو مناكير) . قلت : لكنه لم يتفرد به ، فقد قال البيهقي : " ورواه يزيد بن مخلد بن يزيد عن هشيم ، وقال في متنه : أضاء له من النور ما بينه وبين البيت العتيق . ورواه سعيد بن منصور عن هشيم فوقفه على أبي سعيد ، وقال : ما بينه وبن البيت العتيق " . وبمعناه رواه الثوري عن أبي هاشم موقوفا ورواه يحيى بن كثير عن شعبة عن أبي هاشم بإسناده أن النبي صلى الله عليه وسلم
[ 94 ]
قال : من قرأ سورة الكهف كما أنزلت كانت له نورا يوم القيامة قلت : ورواية هشيم الموقوفة رواها الدارمي أيضا (2 / 454) حدثنا أبو النعمان ثنا هشيم ثنا أبو هاشم به . قلت : وهذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين ، وأبو النعمان وإن كان تغير في آخره فقد تابعه سعيد بن منصورك كما تقدم ، ثم هو وإن كان موقوفا ، فله حكم المرفوع . لإنه مما لا يقال بالرأي كما هو ظاهر ، ويؤيده رواية يحيى بن كثير الى علقها البيهقى فانها صريحة في الرفع ، وقد وصلها الحاكم (1 / 564) من طريق أبي قلابة عبد الملك بن محمد ثنا يحيى بن كثير ثنا شعبة به . وقال : " صحيح على شرط مسلم " . ووافقه الذهبي . وقد تابعه يحيى بن محمد بن السكن ثنا علي بن كثير العنبري به مرفوعا ولفظهما : " من قرأ سورة الكهف كما نزلت كانت له نورا يوم القيامة من مقامه إلى مكة ، ومن قرأ عشر آيات من آخرها ، ثم خرج الدجال لم يسلط عليه ، ومن توضأ ثم قال : سبحانك اللهم وبحمدك ، لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب (إليك ، كتب في رق ثم طبع بطابع فلم يكسر إلى يوم القيامة " . وقال الطبراني : " لم يروه عن شعبة إلا يحيى " . قلت : وليس كما قال فقد رواه عن شعبة مرفوعا روح بن القاسم كما نقله الشوكاني في (تحفة الذاكرين " (93) عن الحافظ ، فهذا السند صحيح أيضا ، ولا يخدج في الحديث أنه لم يرد فيه بهذا السند ذكر الجمعة ، ما دام أنها وردت في السند السابق ، وقد تبين من قوله في هذا اللفظ " كانت له نورا يوم القيامة لا أن النور المذكور في اللفظ السابق " ما بينه وبين البيت العتيق " أن ذلك يوم القيامة فلا اختلاف بين اللفظين . والله أعلم .
[ 95 ]
وللحديث شاهد عن ابن عمر نحوه ، رواه ابن مردويه في تفسيره بإسناد لا بأس به كما في (الترغيب) (1 / 261) . 627 - (حديث : " أنه عليه السلام كان يقرأ في فجرها (ألم السجدة ، وفي الثانية هل أتى) متفق عليه) . ص 148 صحيح . أخرجه البخاري (2 / 227) ومسلم (3 / 16) وكذا النسائي (1 / 151) والدارمي (1 / 362) وابن ماجه (823) والبيهقي (3 / 201) والطيالسي (2379) وأحمد (2 / 430 و 472) عن سعد بن إبراهيم عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة قال : " كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الفجر يوم الجمعة (ألم تنزيل) [ في الركعة الأولى ، وفي الثانية ] ، و (هل أتى على الإنسان) " . والزيادة لمسلم . وقد تابعه محمد بن زياد قال : سمعت أبا هريرة به . أخرجه أحمد (2 / 430) وسنده صحيح على شرط الستة . وله شاهد من حديث ابن عباس ، وابن مسعود . أما حديث ابن عباس فأخرجه مسلم وأبو داود (1074) والنسائي (1 / 152 و 209 و 210) والترمذي (2 / 398) وقال (حسن صحيح) وابن ماجه (821) والطحاوي (1 / 241) والبيهقي والطيالسي (2634) وأحمد (1 / 307 و 316 و 328 و 334 و 340 و 354) عن سعيد بن جبير عنه به . وزاد مسلم وغيره : " وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الجمعة سورة الجمعة والمنافقين " . وأما حديث ابن مسعود فأخرجه ابن ماجه (824) والطبراني في " الصغير " (184 و 206) وفي " الكبير " من طريقين عن أبي الأحوص عنه . وقال البوصيري في (الزوائد) (ق 54 / 2) :
[ 96 ]
" هذا إسناد صحيح رجاله ثقات " . ورواه البيهقي عن أبي وائل عن ابن مسعود به . قلت : وإسناده حسن . وزاد الطبراني في " الصغير " : (يديم ذلك " . قال الحافظ في (الفتح) (2 / 314) : " ورجاله ثقات ، لكن صوب أبو حاتم إرساله " . وفي الباب عن سعيد وعلي وقد تكلمت عليهما في (تخريج صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم باب صلاة العيدين 628 - (حديث : " أن النبي صلى الله عليه وسلم داوم على صلاة العيدين ") ص 149 لا أعلم له أصلا في شئ من كتب السنة ، والمصنف تبع في ذلك غيره ، فقد ذكره الرافعي في شرحه على الوجيز مثل هذا ، فقال الحافظ في " تخريجه " (ص 142) " كأنه مأخوذ من الاستقراء " . 629 - (قال عبد الله بن السائب : " شهدت العيد مع النبي صلى الله عليه وسلم قضى الصلاة قال : إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ومن أحب أن يذهب فليذهب ، . رواه أبو داود) . ص 149 صحيح . أخرجه أبو داود (1155) (وكذا النسائي (1 / 233) وابن ماجه (1290) وابن الجارود في " المنتقى ، (139) والدارقطني (182) والحاكم (1 / 295) والبيهقي (3 / 301) من طريق الفضل بن موسى السيناني ثنا ابن
[ 97 ]
جريج عن عطاء عن عبد الله بن السائب ، وقال أبو داود : (هذا مرسل ، عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم . يعني أن الفضل هذا أخطأ في وصله بذكر عبد الله بن السائب في سنده ، فقد رواه قبيصة عن سفيان عن ابن جريج عن عطاء مرسلا . رواه البيهقي . ورده ابن التركماني بقوله : " قلت : الفضل بن موسى ثقة جليل ، روى له الجماعة ، وقال أبو نعيم : هو أثبت من ابن المبارك ، وقد زاد ذكر ابن السائب فوجب أن تقبل زيادته ، والرواية المرسلة في سندها قبيصة عن سفيان ، وقبيصة وإن كان ثقة إلا أن ابن معين وابن حنبل وغيرهما ضعفوا روايته عن سفيان ، وعلى تقدير صحة هذه الرواية لا تعلل بها رواية الفضل ، لأنه زاد في الإسناد وهو ثقة " . قلت : وهذا كلام متين ونقد مبين ، ولولا أن ابن جريج مدلس وقد عنعنه لجزمت بصحته كما صنع الحاكم حيث قال : " صحيح على شرط الشيخين " ! ووافقه الذهبي ! مع أنه قد أورد ابن جريج في ميزانه ووصفه بإنه يدلس وهو في نفسه مجمع على ثقته . نعم قد روى أبو بكر بن أبي خيثمة بسند صحيح عن ابن جريج قال : إذا قلت : قال عطاء فأنا سمعته منه ، وإن لم أقل سمعت . فهذا نص منه أن عدم تصريحه بالسماع من عطاء ليس معناه أنه قد دلسه عنه ، ولكن هل ذلك خاص بقوله " قال عطاء " أم لا فرق بينه وبين ما لو قال " عن عطاء " كما في هذا الحديث وغيره ؟ الذي يظهر لي الثاني ، وعلى هذا فكل روايات ابن جريج عن عطاء محمولة على السماع . إلا ما تبين تدليسه فيه . والله أعلم . هذا وقد رواه بشر بن عبد الوهاب الكوفي قال : وكيع بن الجراح في يوم عيد فطر أو أضحى بين الصلاة والخطبة قال : نا سفيان الثوري في يوم . . . قال : حدثني ابن جريج في يوم . . . قال : حدثني عطاء بن أبي رباح يوم عيد . . . حدثني ابن عباس يوم عيد . . . فذكره مرفوعا هكذا مسلسلا . أخرجه
[ 98 ]
السلفي في " الأحاديث العيدية المسلسلة " (ق 133 - 145) وأبو القاسم الشحامي في " تحفة عيد الفطر " (ق 198 / 1 - 2) . وبشر هذا اتهمه الذهبي بوضع هذا الحديث ، قال : والمنفرد به عنه وهو أبو عبيد الله أحمد بن محمد بن قرنس بن الهيثم الفراسي البصري الخطيب ابن أخت سليمان بن حرب . 630 - (حديث أبي سعيد : " كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج في الفطر والأضحى إلى المصلى) . متفق عليه) . ص 149 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 243) ومسلم (3 / 20) والنسائي (1 / 233) والبيهقي (3 / 280) وأحمد (3 / 36 و 54) عنه قال : " كان صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى ، فأول شئ يبدأ به الصلاة ، ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس ، والناس جلوس على صفوفهم فيعظهم ويوصيهم ، ويأمرهم ، فإن كان يريد أن يقطع بعثا قطعه ، أو يأمر بشئ أمر به ، ثم ينصرف ، فقال أبو سعيد : فلم يزل الناس على ذلك حتى خرجت مع مروان وهو أمير المدينة في أضحى أو فطر ، فلما أتينا المصلى إذا منبر بناه كثير بن الصلت ، فإذا مروان يريد أن يرتقيه قبل أن يصلي ، فجبذت بثوبه ، فجبذني فارتفع ، فخطب قبل الصلاة ، فقلت له : غيرتم والله ، فقال : يا أبا سعيد ! قد ذهب ما تعلم ، فقلت : ما أعلم والله خير مما لا أعلم ، فقال : إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة فجعلتها قبل الصلاة " . والسياق للبخاري . 631 - (حديث ابن عباس : " أن النبي صلى الله عليه خرج يوم الفطر فصلى ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما " . متفق عليه) . ص 149 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 251 و 4 / 93 و 93 - 94) ومسلم (3 / 21) وأبو داود (1159) والنسائي (1 / 235) والترمذي (2 / 418) والدارمي (1 / 376) وابن ماجه (1291) وابن أبي شيبة (2 / 11 / 2) وابن
[ 99 ]
الجارود (261) والطيالسي (2637) وأحمد (1 / 355) والبيهقي (3 / 302) والسياق له وزاد هو والشيخان وغيرهما : " ثم أتى النساء ، ومعه بلال ، فأمرهن بالصدقة ، فجعلت المرأة تلقي خرصها ، وتلقي سخابها " . وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . وفي الباب عن ابن عمر . وابن عمرو ، وجابر . أما حديث ابن عمر ، فيرويه عنه أبو بكر بن حفص بن عمر بن سعد ابن أبي وقاص . " أنه خرج في يوم عيد ، فلم يصل قبلها ولا بعدها ، وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم أما يفعله " . أخرجه الترمذي والحاكم (1 / 295) والبيهقي بسند حسن ، وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " وقال الحاكم : " صحيح الإسناد " . ووافقه الذهبي . وأما حديث ابن عمرو فهو من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده . " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج فصلى بهم العيد ، لم يصل قبلها ولا بعدها " . أخرجه ابن ماجه (1292) وأحمد (6688) بسند حسن . وأما حديث جابر فهو من رواية عطاء عنه قال : (بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة قبل الخطبة في العيدين بغير أذان ولا إقامة ، قال : ثم خطب الرجال وهو متكئ على قوس ، قال : ثم أتى النساء فخطبهن وحثهن على الصدقة ، قال : فجعلن يطرحن القرطة والخواتيم والحلي إلى بلال ، قال : ولم يصل قبل الصلاة ولا بعدها " . أخرجه الإمام أحمد (3 / 314) بسند صحيح على شرط مسلم ، وقد
[ 100 ]
أخرجه في صحيحه (3 / 19) نحوه دون الجملة الأخيرة منه ، وقال : (بلال) بدل " قوس " ، وأخرج الدارقطني (181) الجملة الأخيرة منه ، والمحاملي في " صلاة العيدين " (2 / 131 / 1) . وفي الباب عن أبي سعيد الخدري بلفظ : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي قبل العيد شيئا . فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين " . أخرجه ابن ماجه (1293) وأحمد (3 / 28 و 40) نحوه ، والحاكم (1 / 297) وعنه البيهقي الشطر الثاني منه وقال الحاكم : " صحيح الإسناد " . ووافقه الذهبي . قلت : إنما هو حسن فقط فإن ابن عقيل فيه كلام من قبل حفظه . ولذلك قال الحافظ في " بلوغ المرام " والبوصيري في " الزوائد " (ق 80 / 2) : (هذا إسناد حسن) . والتوفيق بين هذا الحديث وبن الأحاديث المتقدمة النافية للصلاة بعد العيد ، بأن النفي إنما وقع على الصلاة في المصلى ، كما أفاد الحافظ في " التلخيص " (ص 144) . والله أعلم . 632 - (حديث : " أنه صلى الله عليه وسلم وخلفاءه كانوا يصلونها بعد ارتفاع الشمس ،) . ص 149 لا أعرفه . ولعل المصنف أخذ ذلك من الاستقراء ، ولما قال صاحب الهداية من الحنفية : " روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي العيد والشمس على قيد رمح أو رمحين " قال الزيلعي (2 / 211) : " غريب " . يعنى : لا أصل له . وقد روى البيهقي (3 / 282) من طريق الشافعي وهذا في " الأم " (1 / 205) : أخبرني الثقة أن الحسن قال : " إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغدو إلى العيدين : الأضحى والفطر حين تطلع الشمس
[ 101 ]
إرواء الغليل ج 3 من ص 101 إلى ص 200 فيتتام طلوعها " . وقال البيهقي : " هذا مرسل ، وشاهده عمل المسلمين بذلك ، أو بما يقرب منه مؤخرا عنه) . قلت : وأقرب منه إلى عمل المسلمين ما في كتاب الأضاحي للحسن بن أحمد البنا من طريق وكيع عن المعلى بن هلال عن الأسود ابن قيس عن جندب (كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلى بنا يوم الفطر والشمس على قيد رمحين ، والأضحى على قيد رمح " كما في " التلخيص " (144) لكن المعلى هذا اتفق النقاد تكذيبه كما قال الحافظ في " التقريب " . وفي الباب عن عبد الله بن بسر صاحب النبي صلى الله عليه وسلم من رواية يزيد بن خمير الرحبي عنه ، قال : " خرج عبد الله بن بسر صاحب النبي صلى الله عليه وسلم مع الناس في يوم عيد فطر أو أضحى ، فأنكر إبطاء الإمام وقال : إنا كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم قد فرغنا ساعتنا هذه وذلك حين التسبيح " . رواه البخاري (1 / 246) تعليقا مجزوما به ، وأبو داود (1135) وابن ماجه (1317) والفريابي في " أحكام العيدين " (ق 128 / 1) والحاكم (1 / 295) وعنه البيهقي (3 / 282) وقال الحاكم : " صحيح على شرط البخاري) ووافقه الذهبي ، وقال النوري في (الخلاصة) : " إسنده صحيح على شرط مسلم " كما في " نصب الراية " (2 / 211) وأقره ، وهذا هو الصواب أنه على شرط مسلم وحده ، وإن ابن خمير هذا إنما روى له البخاري تعليقا . (تنبيه) أخرج أبو داود والحاكم هذا الحديث من طريق أحمد ، وقد عزاه إليه الحافظ في " الفتح " (2 / 380) ولم أره في مسنده . واللة أعلم . 633 - (روى الشافعي مرسلا : " أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى عمرو بن
[ 102 ]
حزم وهو بنجران : أن عجل الأضحى وأخر الفطر وذكر الناس ") . ص 150 ضعيف جدا . قال الشافعي رحمه الله في " الأم " (1 / 205) : " أخبرنا إبراهيم قال : حدثني أبو الحويرث أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب . . . الحديث . ومن طريق الشافعي أخرجه البيهقي (3 / 282) ثم قال : " هذا مرسل ، وقد طلبته في سائر الروايات لكتابه إلى عمرو بن حزم فلم أجده " . قلت : هو مع إرساله ضعيف جدا ، وآفته إبراهيم هذا وهو ابن محمد بن أبي يحيى الأسلمي فإنه متروك كما في " التقريب " . 634 - (حديث أبي عمير بن أنس عن عمومة له من الأنصار قالوا : (غم علينا هلال شوال فأصبحنا صياما ، فجاء ركب من آخر النهار ، فشهدوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم رأوا الهلال بلأمس فأمر الناس أن يفطروا من يومهم ، وأن يخرجوا لعيدهم من الغد " . رواه الخمسة إلا الترمذي وصححه إسحاق والخطابي) . ص 150 صحيح . رواه أبو داود (1157) والنسائي (1 / 231) وابن ماجه (1653) وابن الجارود في (المنتقى) (139 - 140) وأحمد (5 / 58) وكذا ابن أ بي شيبة (2 / 169 / 1) والطحاوي (1 / 226) والدارقطني (233) والبيهقي (3 / 316) وقال : " هذا إسناد صحيح " وتبعه الحافظ في " بلوغ المرام " . وقال الدارقطني " إسناد حسن ثابت " . قلت : وصححه ابن المنذر أيضا وابن السكن وابن حزم ، كما ذكر الحافظ في " التلخيص " (146) ، قال : (وعلق الشافعي القول به على صحة الحديث فقال ابن عبد البر : أبو
[ 103 ]
عمير مجهول ، كذا قال ، وقد عرفه من صحح له " . قلت : وكذا عرفه من وثقه ، مثل ابن سعد وابن حبان ، وبهذا يتم الجواب عن تجهيل من جهله . 635 - (حديث أبي سعيد : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى ، فأول شئ يبدأ به ، الصلاة " . رواه مسلم) ص 150 صحيح . والصواب أن يقال : رواه البخاري ، فإن هذا لفظه كما تقدم (630) ، وأما مسلم فرواه بنحوه . 636 - (قال علي رضى الله عنه : " إن من السنة أن تأتي العيد ماشيا " . حسنه الترمذي) . ص 150 أخرجه الترمذي (2 / 410) وابن ماجه (1296) والبيهقي (3 / 281) من طريق أبي إسحاق عن الحارث عنه وقال الترمذي : (حديث حسن) . قلت : وإسناده ضعيف جدا من أجل الحارث هذا فهو الأعور فقد كذبه الشعبي وأبو إسحاق وابن المديني وضعفه الجمهور . ولعل الترمذي إنما حسن حديثه لإن له شواهد كثيرة أخرجها ابن ماجه من حديث سعد القرظ وابن عمر وأبي رافع وهي وإن كانت مفرداتها ضعيفة فمجموعها يدل على أن للحديث أصلا . سيما وقد وجدت له شاهدا مرسلا عن الزهري : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يركب في جنازة قط ، ولا في خروج أضحى ولا فطر . أخرجه الفريابي في " أحكام العيدين " (127 / 2) : ثنا عبد الله بن عبد الجبار الحمصي ثنا محمد بن حرب ثنا الزبيدي عنه .
[ 104 ]
. قلت : وهذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات ، ولكنه مرسل (1) . ثم روى الفريابي (127 / 1 و 2) عن سعيد بن المسيب أنه قال : (سنة الفطر ثلاث : المشي إلى المصلى ، والأكل قبل الخروج ، والاغتسال " . وإسناده صحيح . 637 - (حديث جابر : " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج إلى المصلى خالف الطريق) . رواه البخاري ، ورواه مسلم عن أبي هريرة) . ص 150 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 251 - 252) من طريق أبى تميلة يحيى بن واضح عن فليح بن سليمان عن سعيد بن الحارث عن جابر بن عبد الله قال : " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق) . وقال : " تابعه يونس بن محمد عن فليح عن سعيد عن أبي هريرة رضى الله عنه ، وحديث جابر أصح " . قلت : رواية يونس هذه وصلها أحمد (2 / 338) : ثنا محمد بن يونس به عن أبي هريرة . وأخرجه البيهقي وكذا الحاكم (1 / 296) . وقد تابعه محمد بن الصلت ثنا فليح به عن أبي هريرة . أخرجه الترمذي (2 / 424) والدارمي (1 / 378) والبيهقي ، وقال الترمذي : " حديث حسن غريب " . وتابعه أبو تميلة أيضا عن فليح عن سعيد عن أبي هريرة . أخرجه البيهقي وابن ماجه (1301) . (1) وكأن الحافظ ابن حجر لم يقف عليه فقال في التلخيص) (144) : " إنه لا أصل له " ، مع أنه قال في الجمعة " (139) : " رواه سعيد بن منصور عن الزهري مرسلا " .
[ 105 ]
ولذلك ففي قول البخاري إن حديث جابر أصح ، نظر ، لأن أبا تميلة الذي رواه عن جابر ، قد رواه أيضا عن أبي هريرة وتابعه على هذه يونس بن محمد ومحمد بن الصلت ، فترجح هذه أولى من تلك ، وهو الذي رجحه البيهقي وأبو مسعود في " الأطراف " ، وابن التركماني ، وتوقف في ذلك الحافظ في (الفتح) (2 / 294) إلا أنه قال : " والذي يغلب على الظن أن الاختلاف فيه من فليح " . قلت : وهذا هو الأرجح لإن فليحا فيه كلام ، فقال الحافظ (2 / 392) : " وهو مضعف عند ابن معين والنسائي وإبي داود ، ووثقه آخرون ، فحديثه من قبيل الحسن " . قلت : ولعله من أجل ذلك اقتصر الترمذي على تحسينه . والله أعلم . وللحديث شواهد يرتقي بها إلى درجة الصحيح عن ابن عمر عند أبي داود (1156) وعند ابن ماجه (1299) والحاكم والبيهقي وأحمد (2 / 109) ، وعن سعد القرظ وأبي رافع وغيرهما عند ابن ماجه والبيهقي ، وبعضها يعضد بعضا كما قال الحافظ . (تنبيه) عزا المصنف حديث أبي هريرة لمسلم ، وهو وهم ، تبع فيه المجد ابن تيمية في " المنتقى " وقد نبه على وهمه فيه الشوكاني في " نيل الأوطار " (3 / 173) . 638 - (قال عمر : " صلاة العيد والأضحى ركعتان ركعتان ، تمام غير قصر على لسان نبيكم ، وقد خاب من افترى " رواه أحمد) . ص 151 صحيح . أخرجه أحمد (1 / 37) : ثنا وكيع ثنا سفيان ، وعبد الرحمن عن سفيان عن زبيد الأيامي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عمر رضى الله عنه " صلاة السفر ركعتان ، وصلاة الأضحى ركعتان ، وصلاة الفطر ركعتان ، وصلاة الجمعة ركعتان ، تمام غير قصر ، على لسان محمد " . صلى الله عليه وسلم
[ 106 ]
قلت : وهذا سند صحيح على شرط الشيخين ، فإن ابن أبي ليلى قد سمع عمر رضى الله عنه على الأصح (1) ، بل صرح بسماعه منه لهذا الحديث في رواية يزيد بن هاون ، كما ذكره أحمد عقب الحديث . وأخرجه النسائي (1 / 232) والطحاوي (1 / 245) والبيهقي (3 / 200) والطيالسي (136) من طرق عن سفيان به . وفي رواية للطحاوي من هذا الوجه : " عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الثقة عن عمر به وقد تابعه محمد بن طلحة بن مصرف وشريك عن زبيد به ، ليس فيه : عن الثقة . بل قال ابن طلحة في رواية عنه " خطبنا عمر " . أخرجه الطحاوي . فتبين أن هذه الرواية شاذة لمخالفتها لرواية الجماعة عن سفيان " ولرواية المتابعين المذكورين عن زبيد . وقد خالفهم يزيد بن زياد بن أبي الجعد عن زبيد ، فقال : عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة عن عمر . أخرجه ابن ماجه (1064) والبيهقي . قلت : وابن أبي الجعد هذا صدوق كما في " التقريب " ، لكن مثله لا ينهض لمعارضة ما اتفق عليه الثقات عن زبيد فروايته شاذة أيضا . ويمكن أن يقال : إنها من المزيد فيما اتصل من الأسانيد ، وان ابن أبي ليلى ، سمعه مرة عن كعب بن عجرة عن عمر ، ومرة عن عمر مباشرة ، فكان تارة يحدث بهذا ، وتارة بهذا ، والكل صحيح . والله أعلم . 639 - (حديث عائشة مرفوعا (التكبير في الفطر والأضحى : في (1) أنظر " نصب الرايه (2 / 189 - 190) مع التعليق عليه .
[ 107 ]
الأولى سبع تكبيرات ، وفي الثانية خمس تكبيرات سوى تكبيرتي الركوع " رواه أبو داود . وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده نحوه) . ص 151 صحيح . أخرجه أبو داود (1149) والفريابي في " أحكام العيدين) (134 / 1) والحاكم (1 / 298) والبيهقي (3 / 286) من طريقين عن ابن لهيعة عن عقيل عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة بلفظ : " أن رسول صلى الله عليه وسلم كان يكبر في الفطر والأضحى : في الأولى سبع تكبيرات ، وفي الثانية خمسا " . وقال الحاكم : " تفرد به ابن لهيعة ، وقد استشهد به مسلم في معرضين " . قلت : وهو ضعيف من قبل حفظه ، لكن قد رواه عبد الله بن وهب عنه عن خالد بن يزيد عن ابن شهاب به ، وزاد : " سوى تكبيرتي الركوع " . أخرجه أبو داود (1150) وابن ماجه (1280) والطحاوي في " شرح معاني الآثار " (2 / 399) والدارقطني (180) والبيهقي (3 / 287) وأحمد (6 / 70) . وتابعه اسحاق بن عيسى وعمرو بن خالد وغيرهما عن ابن لهيعة به . أخرجه الدارقطني (180) والحاكم والطحاوي والبيهقي . ورواه الطحاوي عن سعيد بن كثير بن عفير : أخبرنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة به . وروي عن ابن لهيعة على وجوه أخرى ، ولذلك أعله الطحاوي والدارقطني بالاضطراب من ابن لهيعة . قلت : لكن الأرجح عندي روايته عن خالد بن يزيد عن ابن شهاب ،
[ 108 ]
لأنها رواية ابن وهب عنه ، وهي صحيحة ، قال عبد الغني سعيد الأزدي : إذا روى العبادلة عن ابن لهيعة فهو صحيح : ابن المبارك وابن وهب والمقري " . وذكر الساجي وغيره مثله ، كما في " تهذيب التهذيب " ، وقد أشار إلى ما رجحناه ، البيهقي حيث قال عقب هذه الرواية : " قال محمد بن يحيى (الذهلي) : هذا هو المحفوظ ، لأن ابن وهب قديم السماع من ابن لهيعة " . فالإسناد صحيح ، وقد صرح الدارقطني بتحديث ابن لهيعة وسماعه إياه من خالد بن يزيد . والله أعلم . وقد قال الترمذي في " علله الكبرى " : سألت محمد عن هذا الحديث لفضه ، وقال : لا أعلم رواه غير ابن لهيعة " . " نصب الراية " (2 / 216) . قلت : وهذا التفرد لا يضير رواية ابن وهب عنه . والله أعلم . وأما حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، فهو عند أبي داود (1151) بلفظ : " التكبير في الفطر سبع في الأولى ، وخمس في الآخرة ، والقراءة بعدهما " . ومن ذلك يتبين أن المؤلف رحمه الله وهم فيما عزاه لابي داود من اللفظين ، فإنه جعل لفظ حديث عائشة من قوله صلى الله عليه وآله وسلم ، وهو عنده من فعله ، وعكس ذلك في حديث عمرو بن شعيب حيث قال فيه نحوه . أي معناه ، وهو عند أبي داود من قوله عليه الصلاة والسلام لا من فعله ، ثم هو مغاير أيضا للفظ الذي عزاه لعائشة ! والحديث عند أبي داود من طريق عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي عن عمرو به . ثم أخرجه هو (1152) وابن ماجه (1278) والطحاوي وابن الجارود في " المنتقى " (138) والدارقطني البيهقي وابن ابي شيبة (2 / 4 / 2) والفريابي
[ 109 ]
(13 / 1) وأحمد (2 / 180) من هذا الوجه من فعله صلى الله عليه وسلم بلفظ : " كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة العيد سبعا في الأولى ، ثم قرأ ، ثم كبر فركع ، ثم سجد ، ثم قام فكبر خمسا ، ثم قرأ ، ثم كبر فركع ثم سجد) واللفظ للفريابي . وقال أحمد عقبه : " وأنا أذهب إلى هذا " . وقد أعله الطحاوي بقوله : " الطائفي ليس بالذي يحتج بروابته " . وفي " التقريب " : " صدوق يخطئ ويهم " ، ومع ذلك فقد قال في " التلخيص " (144) : " وصححه أحمد وعلي والبخاري ، فيما حكاه الترمذي " . قلت : ولعل ذلك من أجل شواهده التي منها حديث عائشة المتقدم . ومنها حديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده عمرو ابن عوف . " أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر في العيدين : في الأولى سبعا قبل القراءة ، وفي الآخرى خمسا قبل القراءة) . الترمذي (2 / 416) وابن ماجه (1279) والطحاوي والدارقطني والبيهقي وابن عيسى (273 / 2) وقال الترمذي : " حديث حسن ، وهو أحسن شئ روي في هذا الباب عن النبي عليه السلام " . كذا قال ! وقد أنكر جماعة تحسينه إياه كما في " التلخيص " . لأن كثير بن عبد الله واه ؟ جدا ، حتى قال الشافعي : " هو ركن من أركان الكذب " . وقال ابن عدي عقب الحديث : (كثير هذا عامة أحاديثه لا يتابع عليه " .
[ 110 ]
وأحسن أحاديث الباب عيسى حديث عائشة وعبد الله بن عمرو فإن الضعف الذي في سندهما يسير ، بحيث يصلح أن يتقوى أحدهما بالآخر . ومنها عن عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثني أبي عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر في العيدين ، في الأولى سبعا قبل القراءة ، وفي الآخرة خمسا قبل القراءة . أخرجه ابن ماجه (1277) والحاكم (3 / 607) والبيهقي (3 / 288) وكذا الدارمي (1 / 376) وفي سنده ضعف واختلاف . ومنها عن ابن عمر عند الطحاوي والدارقطني وفيه الفرج بن فضالة وهو ضعيف . وله طريق أخرى ، رواه الخطيب (10 / 264) وابن عساكر (165 / 2) . ومنها عن علي . رواه الضياء في " المنتقى من مسموعاته بمرو " (124 / 2) وبالجملة فالحديث بهذه الطرق صحيح ، ويؤيده عمل الصحابة به ، فمنهم أبو هريرة ، فيما رواه نافع مولى ابن عمر قال : " شهدت الأضحى والفطر مع أبي هريرة ، فكبر في الركعة الأولى سبع تكبيرات قبل القراءة ، وفي الأخرة تكبيرات قبل القراءة) . أخرجه مالك (1 / 180 / 9) ومن طريقه الفريابي (134 / 2) والبيهقي (3 / 288) . ثم أخرجاه وكذا ابن شيبة (2 / 5 / 1) من طرق أخرى عن نافع به . وزاد البيهقي : " وهي السنة " . وزاد هو والفريابي في أوله : " استخلف مروان إياه على المدينة) . وله عند الفريابي (135 / 1) طريق أخرى عن أبي هريرة . ومنهم عبد الله بن عمر مثل حديثه المرفوع المتقدم . أخرجه الطحاوي (2 / 399) وسنده صحيح .
[ 111 ]
ومنهم عبد الله بن عباس . " أنه كان يكبر في العيد في الأولى سبع تكبيرات بتكبيرة الافتتاح ، وفي الأخرة ستا بتكبير الركعة كلهن قبل القراءة " . رواه ابن أبي شيبة (2 / 5 / 1) عن ابن جريج عن عطاء عنه وهذا سند صحيح على شرط الشيخين ، فقد أخرجه الفريابي (136 / 1) من طريق أخرى عن ابن جريج ثنا عطاء به نحوه . فصرح ابن جريج بالتحديث ، فأمنا بذلك تدليسه . على أنه لم يتفرد به ، فقد تابعه عمرو بن دينار عند الطحاوي والفريابي . وعبد الملك بن أبي سليمان عندهما وكذا البيهقي وقال : " هذا إسناد صحيح " . وتابعه عن ابن عباس عمار بن أبي عمار بلفظ : " أن ابن عباس كبر في عيد ثنتي عشرة تكبيرة ، سبعا في الأولى وخمسا في الآخرة) . أخرجه ابن أبي شيبة (2 / 6 / 1) والبيهقي (3 / 289) ، وسنده صحيح على شرط مسلم . وخالفهما في متنهما عبد الله بن الحارث فقال : (صلى بنا ابن عباس يوم عيد ، فكبر تسع تكبيرات ، خمسا في الأولى ، وأربعا في الآخره ووالى بين القراءتين " . أخرجه ابن أبي شيبة (2 / 5 / 2) والطحاوي (2 / 401) ، وعبد الله هذا هو الأنصاري أبو الوليد البصري وهو ثقة من رجال الشيخين ، وكذلك سائر الرواة ، فالسند صحيح . وخالفهم عكرمة فنقل عنه أنه قال :
[ 112 ]
(من شاء كبر سبعا ، ومن شاء كبر تسعا ، وبإحدى عشرة ، وثلاث عشرة " . أخرجه الطحاوي (2 / 401) وعكرمة ثقة احتج به البخاري ، وسائر رجاله ثقات ، فالإسناد صحيح . والرواية الأولى أصح عندي لجلالة عطاه وحفظه ومتابعة عمار له ، لكن يمكن أن يقال : ان الروايات كلها صحيحة عن ابن عباس ، وإنه كان يرى التوسعة في الأمر ، وإنه يجيز كل ما صح عنه مما ذكرنا والله أعلم . 640 - " إن عمر رضي الله عنه كان يرفع يديه مع كل تكبيرة في الجنازة وفي العيد " . " وعن زيد كذلك) رواهما الأثرم) . ص 151 ضعيف ، عن عمر ، أخرجه البيهقي (3 / 293) من طريق أبي زكريا أنبأ ابن لهيعة عن بكر بن سوادة أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه كان يرفع يديه مع كل تكبيرة في الجنازة والعيدين . وقال : " وهذا منقطع ، ورواه الوليد بن مسلم عن ابن لهيعة عن بكير بن سوادة عن أبي زرعة اللخمي أن عمر فذكره في صلاة العيدين " . قلت : وابن لهيعة ضعيف . وأما الرواية عن زيد بذلك فلم أقف على إسنادها . وفي " التلخيص " (145) : " واحتج ابن المنذر والبيهقي بحديث روياه من طريق بقية عن الزبيدي عن الزهري عن سالم عن أبيه في الرفع عند الإحرام والركوع والرفع منه ، وفي آخره : ويرفعهما في كل تكبيرة يكبرها قبل الركوع " . قلت : وبقية مدلس وقد عنعنه ، وبه أعله ابن التركماني في " الجوهر النقي " ، لكن قد صرح بالتحديث عند أبي داود (722) والدارقطني (ص 108) فزالت شبهة تدليسه .
[ 113 ]
ثم إنه لم يتفرد به كما ظن ابن التركماني ، فقال الإمام أحمد (2 / 133 - 134) : ثنا يعقوب ثنا ابن أخي بن شهاب عن عمه حدثني سالم به . ولفظه : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه ، حتى إذا كانتا حذو منكبيه كبر ، ثم إذا أراد أن يركع رفعهما حتى يكونا حذو منكبيه ، كبروهما كذلك ، ركع ، ثم إذا أراد أن يرفع صلبه رفعهما حتى يكونا حذو منكبيه قال : سمع الله لمن حمده ، ثم يسجد ، ولا يرفع يديه في السجود ، ويرفعهما في كل ركعة وتكبيرة كبرها قبل الركوع حتى تنقضي صلاته) . قلت : وهذا سند صحيح على شرط الشيخين ، وابن أخي الزهري اسمه محمد بن عبد الله بن مسلم . لكن الاستدلال بهذه الجملة التي في آخر الحديث على ما ذهب إليه ابن المنذر والبيهقي ، لا يخلو من بعد ، ذلك لأن سياق الحديث في وصف الرفع في الصلاة المكتوبة التي ليس فيها تكبيرات الزوائد الخاصة بصلاة العيد ، والقول بأن ابن عمر أردها في هذا الحديث مما لا يساعد عليه السياق . والله أعلم . ومثله الحديث الآتي عقبه . وقد روى الفريابي (136 / 2) بسند صحيح عن الوليد - هو ابن مسلم - قال : (سألت مالك بن أنس عن ذلك (يعني الرفع في تكبيرات الزوائد) فقال : نعم ، ارفع يديك مع كل تكبيرة ، ولم أسمع فيه شيئا " . 641 - (وفي حديث وائل بن حجر أنه صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه مع التكبير ") . ص 151 حسن . أخرجه أحمد (4 / 316) : ثنا وكيع ثنا شعبة عن عمرو بن مرة . عن أبي البختري عن عبد الرحمن بن اليحصبي عنه قال : " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يده مع التكبير " .
[ 114 ]
قلت : وهذا سند حسن ، رجاله ثقات كلهم من رجال الستة غير اليحصبي هذا ، وقد روى عنه ثقتان ، ووثقه ابن حبان . وأخرجه الطيالسي (1021) : حدثنا شعبة به بلفظ : " أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فكان يكبر إذا خفض ، وإذا رفع يديه عند التكبير ، ويسلم عن يمينه وعن يساره " . ورواه الدارمي (1 / 285) . (التنبيه) : قال المؤلف عقب الحديث : " قال أحمد : فأرى أن يدخل فيه هذا كله " . قلت : والكلام في هذا الحديث كالكلام في حديث ابن عمر الذي قبله من حيث عدم دلالته على رفع اليدين في تكبيرات الزوائد . والله أعلم . 642 - (قال عقبة بن عامر : " سألت ابن مسعود عما يقوله بعد تكبيرات العيد قال " يحمد الله ، ويثني عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم . رواه الأثرم وحرب واحتج به أحمد) . ص 151 صحيح . وأخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (2 / 37 / 3) عن حماد بن سلمة عن إبراهيم : " أن الوليد بن عقبة دخل المسجد ، وابن مسعود وحذيفة وأبو موسى في عرصة المسجد ، فقال الوليد : إن العيد قد حضر فكيف أصنع ؟ فقال ابن مسعود : يقول : الله أكبر ، ويحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو الله ، ثم يكبر ويحمد الله ، ويثني عليه ، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو الله ، ثم يكبر ويحمد الله ويثني عليه ، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو الله ، ثم يكبر ويحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم كبر واقرأ بفاتحة الكتاب وسورة ، ثمء كبر واركع واسجد ، ثم قم ، فاقرأ بفاتحة الكتاب وسورة ثم كبر واحمد الله وأثن عليه ، وصل على النبي صلى الله عليه وسلم ، وادع ، ثم كبر واحمد الله ، وأثن عليه ، وصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، واركع واسجد ، قال : فقال حذيفة وأبو موسى : أصاب " .
[ 115 ]
قال الهيثمي (2 / 205) : (وإبراهيم لم يدرك واحدا من هؤلاء الصحابة وهو مرسل ، ورجاله (ثقات) . قلت : وقد وصله الطبراني (3 / 38 / 1) من طريق ابن جريج أخبرني عبد الكريم عن إبراهيم النخعي عن علقمة والأسود عن ابن مسعود قال : " إن بين كل تكبيرتين قدر كلمة " . ووصله أيضا المحاملي في " صلاة العيدين " (2 / 121) من طريق هشام عن حماد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال في صلاة العيد : " بين كل تكبيرتين حمد الله عز وجل ، وثناء على الله " . وهذا إسناد جيد ، وقد أخرجه البيهقي (3 / 291) عن هشام ثنا حماد به بطوله ، وقال : " وهذا من قول عبد الله بن مسعود رضى الله عنه موقوف عليه ، فنتابعه في الوقوف بين كل تكبيرتين للذكر ، إذا لم يرد خلافه عن غيره ، ونخالفه في عدد التكبيرات وتقديمهن على القراءة في الركعتين جميعا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم فعل أهل الحرمين ، وعمل المسلمين إلى يومنا هذا . وبالله التوفيق 643 - (قال ابن عمر : " كان النبي ، صلى الله عليه وسلم ، يجهر بالقراءة في العيدين والاستسقاء) . رواه الدارقطني) . ضعيف . الدارقطني (189) عن محمد بن عمر ثنا عبد الله بن نافع عن أبيه عن ابن عمر به . قلت : وهذا سند واه ؟ جدا ، عبد الله ضعيف ، ومحمد بن عمر وهو الواقدي متروك متهم بالكذب . وفي الباب عن علي رضى الله عنه قال :
[ 116 ]
(الجهر في صلاة العيدين من السنة ، والخروج في العيدين إلى الجبانة من السنة . أخرجه الطبراني في (الأوسط) (1 / 54 / 1) والبيهقي (3 / 295) بتمامه ، والمحاملي (122 / 2) الشطر الأول منه . قلت : وإسناده ضعيف فيه الحارث وهو الأعور ضعفوه . وفي الباب عن ابن عباس أيضا . أخرجه البيهقي (3 / 348) بسند واه . وبالجملة ، فذه الأحاديث شديدة الضعف ، لا يجبر بعضها بعضا . ولكن يغني عنها أحاديث الصحابة الذين رووا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيدين (بالغاشية) (وسبح اسم) ، فإن الظاهر منها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجهر بهما ، ولذلك عرفوا أنه قرأ بهما ، والحديث يأتي عقب هذا . والله أعلم . 644 - (قال سمرة : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين : (سبح إسم ربك الأعلى) و (هل أتاك حديث الغاشية) " . رواه أحمد . ولابن ماجه عن ابن عباس والنعمان بن بشير مرفوعا مثله . وروي عن عمر وأنس) . ص 152 صحيح . أخرجه أحمد (5 / 7) وكذا ابن أبى شيبة (2 / 6 / 2) والمحاملي (121 / 2) والبيهقي (3 / 294) والطبراني أيضا في " الكبير) كما في " المجمع " (2 / 204) من طريق معبد بن خالد عن زيد بن عقبة عن سمرة ابن جندب به . قلت : وإسناده صحيح . وأما حديث ابن عباس فأخرجه ابن ماجه (1283) وكذا ابن أبي شيبة (2 / 6 / 2) والمحاملي (2 / 121 / 2) من طريق موسى بن عبيدة عن محمد بن عمرو بن عطاء عنه مرفوعا مثل حديث سمرة .
[ 117 ]
وهذا سند ضعيف ، موسى بن عبيدة ضعيف . وله طريق أخرى بلفظ : " صلى رسول الله صلى الله وسلم العيد ركعتين ، لا يقرأ فيهما إلا بأم الكتاب لم يزد عليها شيئا " . أخرجه أحمد (1 / 243) عن شهر بن حوشب عنه . وشهر ضعيف أيضا . وأما حديث النعمان بن بشير فهو بلفظ سمرة . أخرجه ابن ماجه (1281) وكذا مسلم (3 / 15) والترمذي (5 / 413) والنسائي (1 / 232) الدارمي (1 / 377) وابن أبي شيبة وابن الجارود (152) والمحاملي (2 / 122 / 1 و 2) وأحمد (4 / 271 و 273 و 276 و 277) عن حبيب بن سالم عنه به . وزاد ابن أبي شيبة والآخرون : " . . . في العيدين والجمعة . . . وإذا اجتمع العيدان في يوم قرأ بهما فيهما ، . وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . قلت : وإسناده جيد ، رجاله كلهم ثقات غير حبيب وهو لا بأس به كما في " التقريب " ، وقد قيل عنه عن أبيه عن النعمان بن بشير ، وهو وهم قال عبد الله ابن الإمام أحمد : " حبيب بن سالم سمعه من النعمان ، وكان كاتبه ، وسفيان يخطئ فيه فيقول : حبيب بن سالم عن أبيه ، وهو سمعه من النعمان " . وأما حديث أنس ، فيرويه عمارة بن زاذان قال : " سألت شيخا من آل أنس عن القراءة في العيدين ؟ فقال : كنت ردفا لأنس ، قال : فخرج فصلى بهم العيد فقرأ بهم : (هل أتاك حديث الغاشية) و (سبح اسم ربك الأعلى) ، وقال أنس : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بهاتين السورتين " .
[ 118 ]
ورواه ابن أبي شيبة (2 / 6 / 2) من هذا الوجه نحوه . وأخرجه الطيالسي في مسنده (2046) : حدثنا عمارة بن زاذان به إلا أنه قال : " والليل إذا يغشى " بدل " وسبح اسم ربك الأعلى) . وعمارة هذا ضعيف من قبل حفظه ، وشيخه من آل أنس لم يسم . وأما حديث عمر ، فلم أجده مرفوعا ، وإنما أخرجه ابن أبي شيبة من طريق عبد الملك بن عمير قال : " حدثت عن عمر أنه كان يقرأ في العيد سبح اسم ربك الأعلى وهل أتاك حديث الغاشية) " . ورجاله ثقات ولكنه منقطع بين ابن عمير وعمر . والصحيح عنه ما عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أني واقد الليثي قال : " سألني عمر بن الخطاب عما قرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم العيد ؟ فقلت : (اقتربت الساعة) و (ق والقرآن المجيد) . أخرجه مسلم (3 / 21) والمحاملي (2 / 121 / 1 - 2) . ورواه مالك (1 / 180 / 8) ومسلم أيضا وأبو داود (1154) والنسائي والترمذي وابن ماجه (1282) وابن أبي شيبة (2 / 6 / 1 - 2) والمحاملي أيضا والفريابي (136 / 2) والبيهقي وأحمد (5 / 217 - 218) عن عبيد الله أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد الليثي . . . الحديث وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . 645 - (قال ابن عمر : " كان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان يصلون العيدين قبل الخطبة " . متفق عليه) . ص 152 صحيح . رواه البخاري (1 / 245) ومسلم (3 / 20) والترمذي (2 / 411) والنسائي (1 / 232) وابن ماجه (1276) وابن أبي شيبة (3 / 2 / 2) والفريابي (130 / 1) والبيهقي (3 / 296) وأحمد (2 / 12 و 38) من طريق نافع
[ 119 ]
عنه به دون قوله : " وعثمان " . وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . وأخرجه البخاري ومسلم (3 / 18) وأحمد (1 / 133 و 346) من حديث ابن عباس مثله وفيه ذكر عثمان ، فلو عزاه المصنف إليهم من حديث ابن عباس كان قد أصاب . وفي الباب عن جماعة آخرين من الصحابة منهم جابر بن عبد الله الأنصاري وهو الآتي بعده . 646 - (حديث جابر " . . . ثم قام متوكئا على بلال ، فأمر بتقوى الله وحث على طاعته ووعظ الناس وذكرهم إلى أخره " رواه مسلم) . ص 152 صحيح . أخرجه مسلم (3 / 19) وكذا النسائي (1 / 233) والدارمي (1 / 377 - 378) والبيهقي (3 / 296) والمحاملي (135 / 2) وأحمد (3 / 318) من طريق عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال : (شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة يوم العيد ، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة ، ثم قام متوكئا على بلال ، فأمر بتقوى الله ، وحث على طاعته ، ووعظ الناس وذكرهم ، ثم مضى حتى أتى النساء ، فوعظهن وذكرهن ، فقال : تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم ، فقامت امرأة من وسط النساء سفعاء الخدين ، فقالت : لم يارسول الله ؟ قال : لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير ، قال : فجعلن يتصدقن من حليهن ، يلقين في ثوب بلال من أقراطهن وخواتمهن " . 647 - (قال سعد المؤذن : (كان النبي صلى الله عليه وسلم يكبر بين أضعاف الخطبة ، يكثر التكبير في خطبة العيدين " رواه ابن ماجه) . ص 152
[ 120 ]
ضعيف . أخرجه ابن ماجه (1287) والحاكم (3 / 607) والبيهقي (3 / 299) عن عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد المؤذن : حدثني أبي عن أبيه عن جده به . قلت : وهذا سند ضعيف ، عبد الرحمن بن سعد ضعيف ، وأبوه وجده لا يعرف حالهم . 648 - (روي عن أنس أنه إذا لم يشهدها (أي صلاة العيد) جمع أهله ومواليه ثم قام عبد الله بن (أبي) (1) عتبة مولاه فصلى بهم ركعتين يكبر فيهما . ضعيف . رواه البيهفي (3 / 105) تعليقا فقال : " ويذكر عن أنس بن مالك أنه كان إذا كان بمنزله بالزاوية ، فلم يشهد العيد بالبصرة ، جمع مواليه وولده ، ثم يأمر مولاه عبد الله بن أبي عتبة فيصلي بهم كصلاة أهل المصر ركعتين ، ويكبر بهم كتكبيرهم) . ورواه موصولا من طريق نعيم بن حماد ثنا هشيم عن عبيد الله بن أبي بكر ابن أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كان أنس إذا فاتته صلاة العيد مع الإمام جمع أهله فصلى بهم مثل صلاة الإمام في العيد " . قلت : وهذا سند ضعيف فإن نعيم بن حماد ضعيف لكثرة خطئه . ورواه ابن أبي شيبة (2 / 9 / 1) من طريق يونس قال : حدثني بعض آل أنس : " أن أنسا كان ربما جمع أهله وحشمه يوم العيد فصلى بهم عبد الله بن أبي عتبة ركعتين " . (1) سقطت من الأصل ، واستدركناها من " المصنف " و " السنن الكبرى " .
[ 121 ]
ورجاله ثقات غير البعض المذكور فلم أعرفه ، ويحتمل أن يكون هو عبيد الله بن أبي بكر بن مالك بن أنس ، كما في رواية نعيم بن حماد ولكنه لا يحتج به لما عرفت . وقد روي عن ابن مسعود خلاف ذلك ، فقال الشعبي : قال عبد الله بن مسعود : " من فاته العيد فليصل أربعا " . أخرجه ابن أبي شيبة (2 / 9 / 1) والمحاملي (2 / 137 / 2) والطبراني في " الكبير " كما في (المجمع) (2 / 205) وقال : " ورجاله ثقات " . قلت ولكنه منقطع لإن الشعبي لم يسمع من ابن مسعود كما قال الدارقطني والحاكم . . 649 - (عن علي رضي الله عنه أنه كان يكبر حتى يسمع أهل الطريق ") . ص 153 لم أقف عليه . وروى ابن أبي شيبة (2 / 1 / 2) عن رجل من المسلمين عن حنش بن المعتمر أن عليا يوم أضحى كبر حتى انتهى إلى العيد . وسنده حسن لولا الرجل الذي لم يسم ، وقد سماه الدارقطني (179) في روايته : " سعيد بن أشوع " ولم أجد له ترجمة . وروى الفريابي (129 / 2) عن ابن لهيعة عن زهرة بن معبد عن عبد الله ابن هشام . " أنه كان يسمع تكبير عمر بن الخطاب وهو يمر في زقاق ، وعمر يمر في زقاق آخر يوم العيد " . وهذا سند ضعيف . وروى ابن أبي شيبة بسند صحيح عن الزهري قال : " كان الناس يكبرون في العيد حين يخرجون من منازلهم حتى يأتوا المصلى وحتى يخرج الإمام ، فإذا خرج الإمام سكتوا ، فإذا كبر كبروا " .
[ 122 ]
ثم رواه عن الزهري مرسلا مرفوعا . ويأتي بعد حديث . 650 - (وروى الدارقطني : " أن ابن عمر كان إذا غدا يوم الفطر ، ويوم الأضحى يجهر بالتكبير حتى يأتي المصلى ، ثم يكبر حتى يأتي الإمام) . ص 153 صحيح . أخرجه الدارقطني (180) من طريق ابن عجلان عن نافع عنه . ومن هذا الوجه أخرجه ابن أبي شيبة (2 / 1 / 1) والفريابي (128 / 2) والبيهقي (3 / 279) . وهذا إسناد جيد . وتابعه عن نافع موسى بن عقبة ، وعبيد الله بن عمر وأسامة معا ، وزادا في آخر الحديث : " فيكبر بتكبيره " . أخرجه الفريابي (128 / 1 و 2 / 129 / 1) بسند صحيح . ثم روى بسند صحيح عن الوليد (وهو ابن مسلم) قال : " سألت الأوزاعي ومالك بن أبي عن إظهار التكبير في العيدين ؟ قالا : نعم ، كان عبد الله بن عمر يظهره في يوم الفطر حتى يخرج الإمام " . ثم روى بسند صحيح أيضا عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : " كانوا في الفطر أشد منهم في الأضحى . قال وكيع : يعني في التكبر " . وأخرجه الدارقطني أيضا دون قول وكيع وكذا الحاكم (1 / 298) . (تنييه) قد روى حديث ابن عمر مرفوعا ، ولكنه لا يصح . أخرجه الدارقطني والحاكم والبيهقي (3 / 279) ونصر المقدسي في (جزء من الأمالي) (ق 176 / 2) عن موسى بن محمد بن عطاء ثنا الوليد بن محمد ثنا الزهري : أخبرني سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر أخبره .
[ 123 ]
" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر يوم الفطر من حين يخرج من بيته حتى يأتي المصلى " . وقال الحاكم : (غريب الإسناد والمتن ، غير أن الشيخين لم يحتجا بالوليد ولا بموسى بن عطاء البلقادي " . وقال الذهبي : قلت هما متروكان وقال البيهقي : " موسى منكر الحديث ضعيف ، والوليد ضعيف ، لا يحتج برواية أمثالهما ، والحديث المحفوظ عن ابن عمر من قوله " . قلت : وقد صح عن الزهري مرسلا مرفوعا ، فقال ابن أبي شيبة (2 / 1 / 2) : حدثنا يزيد بن هارون عن ابن أبي ذئب عن الزهري : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج يوم الفطر فيكبر حتى يأتي المصلى ، وحتى يقضي الصلاة ، فإذا قضى الصلاة قطع التكبير " . وهذا سند صحيح مرسلا ، ومن هذا الوجه أخرجه المحاملي (142 / 2) . وقد روي من وجه آخر عن ابن عمر مرفوعا . أخرجه البيهقي (3 / 279) من طريق عبد الله بن عمر عن نافع عن عبد الله ابن عمر : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج في العيدين مع الفضل بن عباس وعبد الله والعباس وعلي وجعفر والحسن والحسين وأسامة بن زيد ، وزيد بن حارثة وأيمن ابن أم أيمن رضى الله عنهم رافعا صوته بالتهليل والتكبير ، فيأخذ طريق الحذائين حتى يأتي المصلى ، وإذا فرغ رجع على الحذائين حتى يأتي منزله " ، وقال البيهقي : " هذا أمثل من الوجه المتقدم " . قلت : ورجاله ثقات رجال مسلم غير عبد الله بن عمر وهو العمري المكبر ، قال الذهبي : " صدوق في حفظه شئ " . ورمز له هو وغيره بأنه من رجال مسلم ، فمثله يستشهد به ، فهو شاهد صالح لمرسل الزهري فالحديث صحيح عندي موقوفا ومرفوعا والله أعلم . -
[ 124 ]
651 - (قال البخاري : (كان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما ") . ص 153 صحيح . فقد ذكره البخاري في صحيحه (1 / 246) معلقا مجزوما به ، كما ترى . ووصله عبد بن حميد من طريق عمرو بن دينار عنه كما في " فتح الباري " (2 / 381) . 652 - (قال ابن مسعود : " إنما التكبير على من صلى في جماعة ، رواه ابن المنذر) . ص 154 لم أقف على إسناده . 653 - حديث جابر : " إن النبي في صلى الله عليه وسلم) الصبح يوم عرفة ثم أقبل علينا فقال : الله أكبر ومد التكبير إلى آخر أيام التشريق ، . رواه الدارقطني بمعناه . ص 154 ضعيف جدا . رواه الدارقطني (182) والخطيب في " التاريخ " (10 / 238) من طريق عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر وعبد الرحمن بن سابط عن جابر بن عبد الله قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح من غداة عرفة يقبل على أصحابه فيقول : على مكانكم ، ويقول : الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر الله أكبر ، ولله الحمد ، فيكبر من غداة عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق " . قلت : وهذا سند واه جدا ، في " نصب الراية ، (2 / 224) : " قال ابن القطان : جابر الجعفي سئ الحال ، وعمرو بن شمر أسوأ حالا منه بل هو من الهالكين قال السعدي : عمرو بن شمر زائع كذاب ، وقال الفلاس : واه ، قال البخاري وأبو حاتم : منكر الحديث . . . . فلا ينبغي أن يعل الحديث إلا بعمر وبن شمر ، مع أنه قد اختلف
[ 125 ]
عليه فيه . . . ثم ذكر الاختلاف المشار إليه ، ورواه البيهقي (3 / 315) مختصرا وقال : " عمرو بن شمر وجابر الجعفي لا يحتج بهما وقد صح عن علي رض الله عنه : " أنه كان يكبر بعد صلاة الفجر يوم عرفة ، إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق ، ويكبر بعد العصر " . رواه ابن أبي شيبة (2 / 1 / 2) من طريقين ، أحدهما جيد . ومن هذا الوجه رواه البيهقي (3 / 314) . ثم روى مثله عن ابن عباس . وسنده صحيح . وروى الحاكم (1 / 300) عنه ، وعن ابن مسعود مثله . 654 - (حديث جابر : " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح من غداة عرفة أقبل على أصحابه ويقول : على مكانكم ويقول : الله أكبر الله أكبر . لا إله إلا الله ، والله أكبر الله أكبر ، ولله الحمد (رواه الدارقطني) . ص 154 ضعيف جدا ، وتقدم تخريجه آنفا ، والمصنف ساقه مرة أخرى مستدلا به على أن صفة التكبير شفع (الله أكبر ، الله أكبر) . وكذلك نقله عن الدارقطني في " نصب الراية " (2 / 224) ، والذي في نسختنا الطبوعة من الدارقطني : " الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر " بتثليث التكبير كما تقدم ، فلا أدري أهذا من اختلاف النسخ ، أم وهم في النقل عنه . والله أعلم . وقد ثبت تشفيع التكبير عن ابن مسعود رضى الله عنه : " أنه كان يكبر أيام التشريق : الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ، الله اكبر ، ولله الحمد " . أخرجه ابن أبي شيبة (2 / 2 / 2) وإسناده صحيح . ولكنه ذكره في مكان آخر بالسند نفسه بتثليث التكبير ، وكذلك رواه البيهقي (3 / 315) عن يحيى بن سعيد عن الحكم (وهو ابن فروح أبو بكار) عن عكرمة عن ابن عباس بتثليث التكبير . وسنده صحيح أيضا ، لكن رواه ابن أبي شيبة (2 / 2 / 2 و 2 / 3 / 1)
[ 126 ]
من هذا الوجه بلفظ : " الله أكبر كبيرا ، الله أكبر كبيرا ، الله أكبر وأجل ، الله أكبر ولله الحمد " . ورواه المحاملي في " صلاة العيدين " (2 / 143 / 1) من طريق أخرى عن عكرمة به ، لكنه قال : الله أكبر وأجل ، الله أكبر على ما هدانا " فأخر ، وزاد ، وسنده صحيح . وروى أ ثر ابن مسعود من الوجه المتقدم بتشفيع التكبير ، وهو المعروف عنه . والله أعلم . باب صلاة ا لكسوف 655 - (حديث : فعله صلى الله عليه وسلم لصلاة الكسوف ، وأمره بها) . ص 156 . صحيح . وفي كل من الفعل ، والأمر أحاديث سيأتي بعضها . 656 - (قال صلى الله عليه وسلم : فإذا رأيتم شيئا من ذلك فصلوا حتى ينجلي " رواه مسلم) . ص 156 . صحيح . وهو من حيث جابر قال : " انكسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الناس : إنما انكسفت لموت إبراهيم ، فقام النبي ، صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس ست ركعات بأربع سجدات ، بدأ فكبر ، ثم قرأ ، فأطال القراءة ثم ركع نحوا مما قام ، ثم رفع رأسه من الركوع ، فقرأ قراءة دون القراءة الأولى ، ثم ركع نحوا مما قام ، ثم رفع رأسه من الركوع ، فقرأ) قراءة دون القراءة الثانية ، ثم ركع نحوا مما قام ثم رفع رأسه من الركوع ، ثم انحدر
[ 127 ]
بالسجود ، فسجد سجدتين ، ثم قام فركع أيضا ثلاث ركعات ليس فيها ركعة إلا التى قبلها أطول من التي بعدها ، وركوعه نحوا من سجوده ، ثم تأخر ، وتأخرت الصفوف خلفه ، حتى انتهينا (وفي لفظ : حتى انتهى) إلى النساء ، ثم تقدم ، وتقدم الناس معه ، حتى قام في مقامه ، فانصرف حين انصرف وقد آضت الشمس ، فقال : يا أيها الناس ! إنما الشمس والقمر آيتان من آيات الله ، وإنهما لا ينكسفان لموت أحد من الناس (وفي لفظ : لموت بشر) ، فإذا رأيتم شيئا من ذلك فصلوا حتى تنجلي ، ما من شئ توعدونه إلا قد رأيته في صلاتي هذه ، لقد جئ بالنار ، وذلكم حين رأيتموني تأخرت مخافة أن يصيبني من لفحها ، وحتى رأيت فيها صاحب المحجن يجر قصبه في النار ، كان يسرق الحاج بمحجنه ، فإذا فطن له قال : إنما تعلق بمحجني ! وإن غفل عنه ذهب به ! وحتى رأيت فيها صاحبة الهرة التي ربطتها ، فلم تطعمها ، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت جوعا ، ثم جئ بالجنة ، وذلكم حين رأيتموني تقدمت ، حتى قمت في مقامي ، ولقد مددت يدي وأنا أريد أن أتناول من ثمرها لتنظروا إليه ، ثم بدا لي أن لا أفعل ، فما من شئ توعدونه إلا قد رأيته في صلاتي هذه " . أخرجه مسلم (3 / 31 - 32) وأبو عوانة (2 / 371 - 372) وأبو داود (1178) والبيهقي (3 / 325 - 326) وأحمد ! 3 / 317 - 318) إلى قوله " حتى تنجلي " كلهم من طريق عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء - وهو ابن أبي رباح عنه . وعبد الملك هذا فيه كلام من قبل حفظه ، وقد رواه هشام الدستوائي عن أبي الزبير عن جابر نحوه وفيه فكانت (أربع ركعات وأربع سجدات " فخالفه في قوله : " ست ركعات " وهو الصواب . أخرج مسلم وأبو عوانة في صحيحيهما . وقد اختلفت الأحاديث في عدد ركوعات صلاة الكسوف اختلافا كثيرا ، فأقل ماروى ركوع واحد في كل ركعة من ركعتين ، وأكثر ما قيل خمسة ركوعات ، والصواب أنه ركوعان في كل ركعة كما في حديث أبي الزبير عن
[ 128 ]
جابر ، وهو الثابت في الصحيحين وغيرهما من حديث عائشة وغيرها من الصحابة رضى الله عنهم . وقد حققت القول في ذلك ، وجمعت الأحاديث الواردة فيه وخرجتها ثم لخصت ماصح منها في جزء عندي . 657 - (قول جابر : " كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم شديد الحر ، فصلى بأصحابه فأطال القيام حتى جعلو ! يخرون ، ثم ركع فأطال ، ثم رفع فأطال ، ثم ركع فأطال ثم سجد سجدتين ثم قام فصنع نحو ذلك فكانت أربع ركعات ، وأربع سجدات " - رواه أحمد ومسلم وأبو داود) ص 156 صحيح . أخرجه مسلم (3 / 30 - 31) وكذا أبو عوانة (2 / 372 - 373) وأبو داود (1179) والنسائي (1 / 217) والطيالسي (1754) وعنه البيهقي (3 / 324) وأحمد (3 / 374 و 382) من طريق هشام الدستوائي عن أبي الزبير عنه به . وزاد الصحيحان وغيرهما : " ثم قال : " إنه عرض على كل شئ تولجونه ، فعرضت علي الجنة ، حتى لو تناولت منها قطفا أخذته ، أو قال تناولت منها قطفا ، فقصرت يدي عنه ، وعرضت علي النار ، فرأيت فيها امرأة من بني إسرائيل ، تعذب في هرة لها ربطتها ، فلم تطعمها ، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض ، ورأيت أبا ثمامة عمرو بن مالك يجر قصبه في النار ، وإنهم كانوا يقولون : إن الشمس والقمر لا يخسفان إلا لموت عظيم ، وإنهما آيتان من آيات الله يريكموهما ، فإذا خسفا فصلوا حتى تنجلي " . وأبو الزبير وإن كان مدلسا وقد عنعنه ، فالحديث صحيح لإن له طريقا أخرى تقدمت قبله . وذكرت هناك ما بينهما من الخلاف ، والصواب منه . 658 - (عن عائشة قالت : خسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث مناديا فنادى : " الصلاة جامعة وخرج إلى المسجد
[ 129 ]
فصف الناس وراءه ، وصلى أربع ركعات في ركعتين وأربع سجدات متفق عليه .) . ص 156 - 157 صحيح . رواه البخاري (1 / 272) تعليقا ومسلم (3 / 29) موصولا واللفظ له . وقد أخرجاه وكذا أصحاب السنن وغيرهم بنحوه أتم منه ، وله عنها أربع طرق ، خرجتها في الرسالة المشار إليها سابقا . 659 - (حديث جابر " أن النبي صلى الله عيله وسلم لما كسفت الشمس صلى ست ركعات بأربع سجدات " رواه أحمد ومسلم وأبو داود) - ص 157 صحيح . لكن ذكر الست ركعات (يعني ركوعات) شاذ ، والصواب : " أربع ركوعات " كما في حديث عائشة الذي قبله ، ورواية عن جابر تقدمت قبله . 660 - (حديث ابن عباس : " أن النبي صلى الله عليه وسلم في كسوف ثماني ركعات ، في أربع سجدات ، . رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي) . ص 157 ضعيف . وإن أخرجه مسلم ومن ذكر معه وغيرهم ، فإنه من طريق حبيب عن طاوس عن ابن عباس به . وعلته حبيب هذا وهو ابن أبي ثابت ، وهو وإن كان ثقة فإنه مدلس ، وكذلك قال ابن حبان قي " صحيحه " : " هذا الحديث ليس بصحيح ، لإنه من رواية حبيب بن أبي ثابت عن طاووس ، ولم يسمعه منه " . وقال البيهقي : " وحبيب وإن كان من الثقات ، فقد كان يدلس ، ولم أجده ذكر سماعه في هذا الحديث عن طاووس ، ويحتمل أن يكون حمله عن غير موثوق به عن طاووس " . وفيه علة أخرى وهي الشذوذ ، فقد خرجت الحديث ثلاث طرق أخرى عن ابن عباس ، وفيها كلها " أربع ركعات وأربع سجدات " . وفي هذه الطريق المعلة : (ثماني ركعات . . . " فهذا خطأ قطعا .
[ 130 ]
661 - (قول أبي بن كعب) كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بهم فقرأ بسورة من الطوال ، وركع خمس ركعات وسجدتين ، ثم قام إلى الثانية ، فقرأ بسورة من الطوال ، وركع خمس ركعات وسجدتين) . رواه أبو داود ، وعبد الله بن أحمد في المسند) . ص 157 ضعيف . رواه أبو داود (1182) وعبد الله بن أحد في زوائد (مسند) أبيه " (5 / 134) وكذا الحاكم (1 / 333) والبيهقي (3 / 329 من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب به . وقال الحاكم : " رواته موثقون " . وتعقبه الذهبي بقوله : " خبر منكر ، وعبد الله بن أبي جعفر ليس بشئ ، وأبوه لين " . قلت : الحمل فيه على الأب ، فإن ابنه قد توبع عليه عند غير الحكم ، وضعفه البيهقي بقوله : " وهذا إسناد لم يحتج بمثله صاحبا الصحيح) . قلت : وذلك لضعف أبي جعفر الرازي قال في " التقريب " : " صدوق ، سئ الحفظ ، خصوصا عن مغيرة " . 662 - (روي من غير وجه بأسانيد حسان من حديث سمرة والنعمان بن بشير وعبد الله بن عمرو أنه صلى الله عليه وسلم صلاها ركعتين ، كل ركعة بركوع ، رواها أحمد والنسائي) . ص 157 ضعيف ، لا يصح منها شئ ، إما لعلة أو شذوذ . 1 - أما حديث سمرة ، فأخرج أحمد (5 / 11) والنسائي (1 / 218 - 219) وكنا أبو داود (1184) والحاكم (1 / 329 - 330) وعنه البيهقي (3 / 339) من طريق ثعلبة بن عباد العبدي أنه شهد خطبة لسمرة بن جندب قال : قال سمرة . الحديث بطوله ، وفيه ما . ذكره المؤلف . وقال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين) ووافقه الذهبي .
[ 131 ]
وهذا من أوهامهما ، لأن ثعلبة لم يخرج له الشيخان في صحيحيهما ، ثم إنه مجهول كما قال ابن حزم في " المحلى " (5 / 94) وتبعه ابن القطان وغيره . ثم رأيت الحاكم روى من الحديث بعضه في مكان آخر (1 / 334) وصححه أيضا كما تقدم ، فتعقبه الذهبي بقوله : " قلت : ثعلبة مجهول ، وما أخرجا له شيئا " . 2 - وأما حديث النعمان بن بشير فإنه مضطرب الإسناد والمتن . أما الإسناد ، فإنه من طريق أبي قلابة عن النعمان ، وأبو قلابة مدلس ، وقد عنعنه في كل الطرق عنه ، وفي بعضها عنه عن النعمان ، وفي بعضها عنه عن رجل عن النعمان . وفي بعضها عنه عن قبيصة بن مخارق الهلالي قال : فذكر الحديث . وفي بعضها : عنه عن هلال بن عامر أن قبيصة الهلالي حدثه . وأما الاضطراب في المتن ، ففي رواية أنه لم يزل يصلي حتى انجلت . وأنه خطب بعد الصلاة فكان مما قال : " فإذا رأيتم ذلك فصلوا كأحدث صلاة صليتموها من المكتوبة) . وفي رواية لم يذكر فيها القول المذكور . وفي أخرى بلفظ : (صلى مثل صلاتنا يركع ويسجد مرتين) . وفي أخرى : " فجعل يصلي ركعتين ركعتين ، ويسأل عنها) . وفي أخرى : " ويسلم " بدل " ويسأل عنها " . وجمع بينهما في رواية فقال : فجعل يصلي ركعتين ويسلم ويسأل . فهذا الاضطراب الشديد في السند والمتن مما يمنع القول بصحة الحديث والإستدلال به على الركوع الواحد ، كما هو ظاهر . وهذا خلاصة ما حققته في الجزء الخاص بصلاة الكسوف حول هذا الحديث .
[ 132 ]
3 - أما حديث ابن عمرو ، فقد أخرجه أبو داود والنسائي والطحاوي والحاكم والبيهقي وأحمد وغيرهم من طرق بعضها عن الثوري عن عطاء بن السائب عن أبيه عنه به ، الحديث بطوله . ولم يذكر فيه إلا ركوعين في الركعتين . وهذا سند صحيح ، لكن من الواضح فقد تتبع الطرق أن بعض رواته قصر في الاقتصار على الركوعين ، فقد جاء الحديث عن ابن عمر ومن ثلاث طرق أخرى كلهم ذكروا عنه ركوعين في كل من الركعتين . وهذه زيادة من ثقة بل من ثقات فهي مقبولة ، وذلك مما يجعل الرواية الأولى شاذة مرجوحة . وخلاصة القول في صلاة الكسوف أن الصحيح الثابت فيها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هو ركوعان في كل ركعة من الركعتين جاء ذلك عن جماعة من الصحابة في أصح الكتب والطرق والروايات ، وما سوى ذلك إما ضعيف أو شاذ لا يحتج به ، وقد فصل القول في ذلك ، وانتهى تحقيقه إلى ما ذكرنا خلاصته هنا العلامة المحقق ابن قيم الجوزية في " زاد المعاد في هدي خير العباد " فليراجعه من شاء الزيد من التحقيق . 663 - (قول قتادة : (انكسفت الشمس بعد العصر ونحن بمكه ، فقاموا يدعون قياما ، فسألت عن ذلك عطاء ؟ فقال : هكذا كانوا يصنعون) . رواه الأثرم) . ص 157 لم أقف على سنده ، ورواه ابن أبي شيبة (2 / 119 / 1) بنحوه ، ولفظه : " عن عطاء قال : إذا كان الكسوف بعد العصر ، وبعد الصبح قاموا يذكرون ربهم ، ولا يصلون " . وإسناده صحيح إلى عطاء إن كان سعيد وهو ابن أبي عروبة قد حفظه فإنه كان اختلط .
[ 133 ]
باب صلاة الاستسقاء 664 - (قول عبد الله بن زيد : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يستسقي ، فتوجه إلى القبلة يدعو وحول رداءه ، وصلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة " متفق عليه) . ص 158 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 261) ومسلم (3 / 23) وكذا أبو داود (1161) والنسائي (1 / 224 و 226) والترمذي (2 / 442) والدارمي (1 / 360 و 361) وابن ماجه (1267) والدارقطني (189) والبيهقي (3 / 347) وأحمد (4 / 39 و 40 و 41) ، وليس عند مسلم الجهر بالقراءة ، وهي رواية ابن ماجه ، وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . 665 - (قال ابن عباس : " صلى النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين ، كما يصلي في العيدين " . صححه الترمذي) . ص 158 حسن . أخرجه أبو داود (1165) والترمذي (2 / 445) والنسائي (1 / 226) والطحاوي (1 / 191 - 192) والدارقطني (189) الحاكم (1 / 326) والبيهقي (3 / 347) وابن أبي شيبة (2 / 119 / 2) وأحمد (1 / 269) و 355) من طريق هشام بن اسحاق (وهو ابن عبد الله ابن كنانة) عن أبيه قال " أرسلني الوليد بن عقبة - وهو أمير المدينة - إلى ابن عباس أسأله عن استسقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته ، فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج متبذلا متواضعا متضرعا ، حتى أتى المصلى ، فلم يخطب خطبتكم هذه ، ولكن لم يزل في الدعاء والتضرع والتكبير ، وصلى ركعتين ، كما كان يصلى في العيدين " .
[ 134 ]
واللفظ للترمذي وقال : " هذا حديث حسن صحيح " . قلت : وإسناده حسن ، ورجاله ثقات غير هشام بن اسحاق ، قال أبو حاتم : " شيخ " ، وذكره ابن حبان في (الثقات) ، وروى عنه جماعة من الثقات . وله طريق أخرى ، يرويه محمد بن عبد العزيز عن أبيه عن طلحة قال : " أرسلني مروان إلى ابن عباس أسأله عن سنة الاستسقاء ؟ فقال : سنة الاستسقاء سنة الصلاة في العيدين ، إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم) قلب رداءه فجعل يمينه على يساره ، ويساره على يمينه ، وصلى ركعتين وكبر في الأولى سبع تكبيرات ، وقرأ (سبح اسم ربك الأعلى) وقرأ في الثانية (هل أتاك حديث الغاشية) وكبر فيها خمس تكبيرات " . أخرجه الدارقطني والحاكم والبيهقي (3 / 348) وقال : " محمد بن عبد العزيز هذا غير قوي ، وهو بما قبله من الشواهد يقوى " . قلت : هو ضعيف جدا لإن محمدا هذا هو ابن عبد العزيز ابن عمر الزهري وسمى الحاكم جده عبد الملك وهو خطأ لعله من الناسخ ، قال فيه البخاري والنسائي : منكر الحديث . وقال النسائي مرة : " متروك " فلا يقوى حديثه بالشواهد لشدة ضعفه لاسيما وهي مجملة وهذا مفصل . ولا يصلح الاستشهاد بالمجمل على المفصل كما هو ظاهر . وأبوه عبد العزيز بن عمر قال ابن القطان : " مجهول الحال " ومنه يتبين أن قول الحاكم عقب الحديث : " صحيح الإسناد " بعيد عن جادة الصواب ، وقد تعقبه الذهبي بقوله : " قلت : ضعف عبد العزيز " . قلت : ولعله أراد أن يكتب : عمر بن عبد العزيز . فسبقه القلم فكتب
[ 135 ]
" عبد العزيز " وإلا فإن عبد العزيز لم يضعف وإنما هو مجهول ، والمضعف ابنه كما عرفت . 666 - (عن جعفر بن محمد عن أبيه " أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يصلون صلاة الاستسقاء يكبرون فيها سبعا وخمسا " رواه الشافعي) . ص 158 667 - (وعن ابن عباس نحوه وزاد فيه (وقرأ في الأولى بسبح ، وفي الثانية بالغاشية ") . ص 158 ضعيف . أخرجه الشافعي في " الأم " (1 / 221) : " أخبرني من لا أتهم عن جعفر بن محمد أن النبي صلى الله عليه وسلم الحديث ، هكذا وقع فيه " جعفر ابن محمد) . ليس فيه " عن أبيه " فهو معضل مع جهالة شيخ الشافعي الذي يسم ، وقد أسنده من وجه واه فقال : " أخبرنا إبراهيم بن محمد قال : أخبرني جعفر بن محمد عن أبيه عن علي رضى الله عنه مثله " . قلت : وإبراهيم هذا هو الأسلمي وهو متهم ، ثم إنه منقطع بين محمد والد جعفر ، وهو محمد بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب وبن جده علي رضى الله عنه . 668 - (وقالت عائشة : " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بدا حاجب الشمس " رواه أبو داود) . ص 158 حسن . رواه أبو داود (1173) والطحاوي (1 / 192) والبيهقي (3 / 349) والحاكم أيضا (1 / 328) من طريق خالد بن نزار حدثني القاسم بن مبرور عن يونس بن يزيد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضى الله عنها قالت : " شكى الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحوط المطر ، فأمر بمنبر فوضع له في
[ 136 ]
المصلى ، ووعد الناس يوما يخرجون فيه ، قالت عائشة : فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم حين بدا حاجب الشمس ، فقعد على المنبر ، فكبر صلى الله عليه وسلم وحمد الله عز وجل ثم قال : إنكم شكوتم جدب دياركم واستئخار المطر عن إبان زمانه عنكم ، وقد أمركم الله عز وجل أن تدعوه ، ووعدكم أن يستجيب لكم . ثم قال : الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم . مالك يوم الدين . لا إله إلا الله يفعل ما يريد ، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الغني ونحن الفقراء ، أنزل علينا الغيث ، واجعل ما انزلت لنا قوة وبلاغا إلى حين ثم رفع يديه ، فلم يزل في الرفع حتى بدا بياض إبطيه ، ثم حول إلى الناس ظهره ، وقلب أو حول رداءه وهو رافع يديه ، ثم أقبل على الناس ، ونزل ، فصلى ركعتين ، فأنشأ الله سحابة فرعدت وبرقت ، ثم أمطرت بإذن الله فلم يأت مسجده ، حتى سالت السيول ، فلما رأى سرعتهم إلى الكن ، ضحك صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه فقال : أشهد أن الله على كل قدير ، وأني عبد الله ورسوله " . والسياق لأبي داود وقال " هذا حديث غريب ، إسناده جيد ، أهل المدينة يقرؤن (ملك يوم الدين) ، وإن هذا الحديث حجة لهم " . قلت : وإسناده حسن ، وأما قول الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " ، ووافقه الذهبي ، فمن أوهامهما ، فإن خالدا وشيخه القاسم ، لم يخرج لهما الشيخان شيئا ، وفي الأول منهما كلام يسير ، لا ينزل حديثه عن درجة إلحسن ، وقد رواه ابن حبان أيضا في (صحيحة) كما في (نصب الراية) (2 / 242) 669 - (قال ابن عباس : (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم للاستسقاء متذللا متواضعا متخشعا متضرعا ،) ص 159 حسن . وقد مضى برقم (658) ، واللفظ للترمذي ، إلا أنه قال " متبذلا " بدل " متذللا " ، وكذلك هو عند جميع من أخرج الحديث ممن سبق ذكرهم ، إلا رواية للدارقطني ، فإنه قال فيها " متذللا " ، وجمع الحاكم بين اللفظين ، فقال : (متذللا متبذلا) ! وقوله " متخشعا) في رواية الحاكم ،
[ 137 ]
والترمذي في رواية . 670 - (روى الطبراني في معجمه بإسناده عن الزهري " أن سليمان عليه السلام ، خرج هو وأصحابه يستسقون فرأى نملة قائمة رافعة قوائمها تستسقي ، فقال لإصحابه : إرجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم " . وروى الطحاوي وأحمد نحوه عن أبي الصديق الناجي . وعن أبي هريرة مرفوعا : " خرج نبي من الأنبياء يستسقي . وذكر نحوه . رواه الدارقطني) . ضعيف . أخرجه الدارقطني (188) والحاكم (1 / 325 - 326) من طريق عبد العزيز بن أبي سلمة العمري ثنا محمد بن عون مولى أم يحيى بنت الحكم عن أبيه قال : ثنا محمد بن مسلم بن شهاب ، أخبرني أبو سلمة عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " خرج نبي الأنبياء يستسقي ، فإذا هو بنملة رافعة بعض قوائمها إلى السماء ، فقال : ارجعوا فقد استجيب لكم من أجل شأن هذه النملة " . وقال الحاكم : " صحيح الإسناد " . ووافقه الذهبي . قلت : وفي ذلك نظر عندي ، فإن محمد بن عون وأباه لم أجد . من ترجمهما ، والغالب في مثلهما الجهالة . والله أعلم . نعم قد روي الحديث من غير طريقهما ، فقال الطحاوي في " مشكل الآثار) (1 / 373) : " حدثنا محمد بن عزيز : حدثنا سلامة بن روح عن عقيل عن ابن شهاب ومن هذا الوجه أخرجه الخطيب في (تاريخ بغداد) (12 / 65) وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (7 / 297 / 2) .
[ 138 ]
قلت : وهذا سند ضعيف ، وله علتان : الأولى : سلامة هذا قال الحافظ في " التقريب " : صدوق ، له أوهام ، وقيل : لم يسمع من عمه عقيل بن خالد ، وإنما يحدث من كتبه " . الثانية : محمد بن عزيز ، قال الحافظ : " فيه ضعيف ، وقد تكلموا في صحة سماعه من عمه سلامة " . وأما رواية الطبراني عن الزهري ، والطحاوي وأحمد عن أبي سعيد الناجي ، فلم أقف عليهما ، مع كونهما مقطوعتين . وقد أورد الحديث الحافظ في " التلخيص " (150) من رواية الدارقطني والحكم ، ثم قال : " وفي لفظ لأحمد : خرج سليمان عليه الصلاة والسلام يستسقي . الحديث) . فهذا بظاهره يدل على أن الحديث مرفوع عند أحمد ، وأنه في مسنده كما يشعر به إطلاق العزو إليه . وما أظن ذلك صوابا ، فلم يورده الهيثمي في (الجمع) ، ولا عزاه إليه السيوطي في " الجامع الكبير " ، وقد ذكره (1 / 20 / 1) من رواية الحاكم وأبي الشيخ في " العظمة " والخطيب وابن عساكر عن أبي هريرة . فلعل الحديث في بعض كتب أحمد الأخرى ، ككتاب الزهد مثلا ، وقد رجعت إلى ترجمة سليمان بن داود عليهما السلام منه فلم أر الحديث فيها ، مع العلم بإن الكتاب طبع مشوش الترتيب بحيث تداخلت بعض تراجمه في تراجم أخرى ، فعسى الله تبارك وتعالى أن يقيض له رجلا صالحا ، يقوم بطبعه على نسخة جيدة إن شاء الله تعالى . 671 - (قول ابن عباس : (صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء كما صنع في العيد ") . ص 159 حسن . وتقدم برقم (665) . 672 - (توسل عمر بالعباس (رضي الله عنهما) ، ومعاوية بيزيد
[ 139 ]
ابن الأسود الجرشي ، واستسقى به الضحاك بن قيس مرة أخرى) . ص 159 صحيح . أما توسل عمر ، فأخرجه البخاري (1 / 256 و 2 / 436 - 437) وابن سعد في " الطبقات الكبرى " (4 / 28 - 29) وأبو مسلم الكشي في " جزء الأنصاري " (5 / 2) والبيهقي (3 / 352) وابن عساكر (8 / 474 / 1) عن أنس . " أن عمر بن الخطاب كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب فقال : اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا صلى الله عليه وسلم فتسقينا ، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا ، قال : فيسقون " . ورواه ابن خزيمة أيضا وأبو عوانة وابن حبان والطبراني في " الكبير " كما في " الجامع الكبير " (3 / 171 / 2) ، وصححه الحافظ الذهبي . وأما ما أخرجه الحاكم (3 / 334) من طريق داود بن عطاء المدني عن زيد ابن أسلم عن ابن عمر أنه قال : " استسقى عمر بن الخطاب عام الرمادة بالعباس بن عبد المطلب فقال : اللهم هذا عم نبيك العباس ، نتوجه إليك به فاسقنا ، فما برحوا حتى سقاهم الله ، قال : فخطب عمر الناس فقال : يا أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرى للعباس ما يرى الولد لوالده يعظمه ويفخمه ويبر قسمه ، فاقتدوا أيها الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم في عمه العباس ، واتخذوه وسيلة إلى الله عز وجل فيما نزل بكم " . فهو واه جدا ، فلا جرم سكت عنه الحاكم ولم يصححه ! وأما الذهبي فوهاه بقوله : " داود متروك " . وقال الحافظ : " سنده ضعيف " . وأما توسل معاوية ، فأخرجه أبو زرعة الدمشقي في " تاريخ دمشق)
[ 140 ]
(ق 113 / 2) : حدثنا الحكم بن نافع عن صفوان بن عمرو عن سليم بن عامر : " أن الناس قحطوا بدمشق ، فخرج معاوية يستسقط بيزيد بن الأسود " . وهذا سند صحيح كما قال الحافظ في " التلخيص " (151) . قال : " ورواه أبو القاسم اللالكائي في " السنة " في " كرامات الأولياء " منه " . وأما توسل الضحاك ، فأخرجه أبو زرعة أيضا : وحدثنا أبو مسهر قال : حدثنا سعيد بن عبد العزيز : " أن الضحاك بن قيس خرج يستسقي ، فقال ليزيد بن الأسود : قم يا بكاء) . ورجاله ثقات ، لكنه منقطع بين سعيد والضحاك . لكن له طريق أخرى فقال الحافظ : " وروى ابن بشكوال من طريق ضمره عن ابن أبي حملة قال : أصاب الناس قحط بدمشق فخرج الضحاك بن قيس يستسقي ، فقال : ابن يزيد بن الأسود ، فقام وعليه برنس ، ثم حمد الله ، وأثنى عليه ثم قال : أي رب ! إن عبادك تقربوا بي إليك فاسقهم ، فما انصرفوا إلا وهم يخوضون في الماء " . قلت : وابن أبي حملة هذا لم أعرفه ، وسكت عليه الحافظ ، وروى الأمام أحمد في " الزهد " (392) في ترجمة أبي مسلم الخولاني عن محمد بن شعيب وسعيد بن عبد العزيز قال : " قحط الناس على عهد معاوية رحمه الله ، فخرج يستسقي بهم ، فلما نظروا إلى المصلى ، قال معاوية لأبي مسلم : ترى ما داخل الناس ، فادع الله ، قال : فقال : أفعل على تقصيري ، فقام وعليه برنس ، فكشف البرنس عن رأسه ، ثم رفع يديه فقال : اللهم إنا بك نستمطر ، وقد جئت بذنوبي إليك فلا تخيبني ، قال : فما انصرفوا حتى سقوا ، قال : فقال أبو مسلم : اللهم إن
[ 141 ]
معاوية أقامني مقام سمعة ، فإن كان لي عندك خير فاقبضني إليك ، قال : وكان ذلك يوم الخميس ، فمات أبو مسلم رحمه الله يوم الخميس المقبل " . قلت : وسنده منقطع أيضا . 673 - (قال الشعبي : خرج عمر يستسقي ، فلم يزد على الأستغفار . فقالوا : ما رأيناك استسقيت ! فقال : لقد طلبت الغيث بمجاديح السماء الذي يستنزل به المطر ، ثم قرأ استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا . . .) الآية . و " استغفروا ربكم ثم توبوا إليه . . .) الآية ، رواه سعيد في سننه) . ص 159 - 160 ضعيف . أخرجه البيهقى (3 / 351 - 352 و 352) من روايتين إحداهما من طريق سعيد بن منصور وابن أبي شيبة (2 / 119 - 120) من إحداهما ورجالهما ثقات ، غير أن الشعبي عن عمر مرسل كما في " التهذيب " . ورواه ابن أبي شيبة من طريق أخرى مختصرا عن عطاء بن أبي مروان الأسلمي عن أبيه قال : " خرجنا مع عمر بن الخطاب يستسقي ، فما زاد على الأستغفار ، ورجاله ثقات غير أبي مروان الأسلمي وثقه العجلي وابن حبان ، وقال النسائي : " غير معروف " ، وقد قيل أن له صحبة ، ولم يثبت . 674 - (قول أنس : " كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يرفع يديه في شئ في دعائه إلا في الأستسقاء فإنه كان يرفع حتى يرى بياض إبطيه " متفق عليه) ولمسلم " أن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى فأشار بظهر كفه إلى السماء " . ص 160 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 262) ومسلم (3 / 24) وكذا أبو داود (1170) والنسائي (1 / 224) والدارمي (1 / 361) والبيهقي (3 / 357) وأحمد
[ 142 ]
(3 / 181 و 282) من طريق قتادة عن أنس . ثم أخرج مسلم وكذا أبو داود (1171) والبيهقي وأحمد (153 / 3 و 241) من طريق ثابت عن أنس بالرواية الثانية رواية مسلم ، ولفظ أبي داود : " كان يستسقي هكذا ، يعني ومد يديه ، وجعل بطونهما مما يلي الأرض ، حتى رأيت بياض إبطيه) . وإسناده صحيح . 675 - (حديث : (أنه صلى الله عليه وسلم حول إلى الناس ظهره ، واستقبل القبلة يدعو ، ثم حول رداءه " متفق عليه) . ص 160 صحيح . وعدم (664) . 676 - (قول عبد الله بن زيد " رأيت النبي صلى الله عليه وسلم حين استسقى أطال الدعاء وأكثر المسألة . قال : ثم تحول إلى القبلة ، وحول رداءه ، فقلبه ظهرا لبطن وتحول الناس معه " رواه أحمد) . حسن . رواه أحمد (4 / 41) من طريق ابن اسحاق قال : حدثني عبد الله بن أبي بكر عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد الأنصاري به . قلت : وهذا سند حسن ، رجاله رجال الشيخين غير ابن اسحاق وهو حسن الحديث إذا صرح بالتحديث وقد فعل . ثم رواه أحمد من طريق عمارة بن غزية عن عباد بن تميم به بلفظ : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استسقى ، وعليه خميصة سوداء فأراد أن يأخذ بأسفلها فيجعله أعلاها ، فثقلت عليه ، فقلبها عليه : الأيمن على الأيسر ، والأيسر على الأيمن " . وسنده صحيح .
[ 143 ]
677 - (حديث : " إن الله يحب الملحين في الدعاء ") . ص 161 موضوع . رواه العقيلي في " الضعفاء " (467) وأبو عبد الله الفلاكي " في الفوائد " (89 / 2) من طريق بقية حدثنا يوسف بن السفر عن الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعا به . قلت : وهذا سند واه جدا ، بل موضوع ، آفته يوسف بن السفر فإنه كذاب ، بل قال البيهقي : (هو في عداد من يضع الحديث) . وقد دلسه بقية مرة وأسقطه من الأسناد ، ورواه عن الأوزاعي مباشرة بصيغة العنعنة ، ولذلك اتهم بقية بأنه كان يدلس عن الضعفاء والمتروكين ، وهذه الرواية من الشواهد على ذلك . أخرجها العقيلي أيضا وأبو عروبة الحراني في " جزء من حديثه " (ق 2 / 100) وعبد الغني المقدسي في " اسكاء " (ق 145 / 2) . ثم روى العقيلي من طريق عيسى بن يونس عن الأوزاعي قال : " كان يقال : أفضل الدعاء الألحاح على الله تبارك وتعالى والتضرع إليه " . وقال العقيلي : " حديث عيسى بن يونس أولى ، ولعل بقية أخذه عن يوسف بن السفر " . قلت : والرواية الأولى تشهد لكون بقية إنما أخذه عن ابن السفر هذا الكذاب . 678 - حديث أنس " أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مطر فحسر ثوبه حتى أصابه من المطر فقلنا : لم صنعت هذا ؟ قال : لأنه حديث عهد بربه " رواه مسلم وأبو داود . ضعيف . أخرجه البيهقي (3 / 359) عن يزيد بن الهاد أن النبي صلى الله عليه وسلم
[ 144 ]
كان إذا سال السيل قال : فذكره إلا أنه قال : " فنتطهر منه ، ونحمد الله عليه " . وقال البيهقي : " هذا منقطع " . 679 - وروي أنه عليه السلام كان يقول إذا سال الوادي " أخرجوا بنا إلى هذا الذي جعله الله طهورا فنتطهر به " صحيح . رواه مسلم (3 / 26) وأبو داود (5100) وكذا البيهقي (3 / 359) وأحمد (3 / 133 و 267) . 680 - (حديث الصحيحين عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (اللهم حوالينا ، ولا علينا ، اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر ") ص 161 صحيح . وهو في الصحيحن كما قال ، وقد سبق تخريجه رقم (416) . 681 - (في الصحيحين عن زيد بن خالد الجهني " صلى بنا رسول الله صلى الله وسلم صلاة الصبح بالحديبية على أثر سماء كانت من الليل فلما انصرف أقبل على الناس فقال : هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : قال : أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر ، فأما من قال : مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب . وأما من قال : مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب)) . صحيح . أخرجه مالك (1 / 192 / 4) وعنه البخاري (1 / 217) وكذا مسلم (1 / 59) وأبو عوانة (1 / 26) وأبو داود (3906) والبيهقي (3 / 357) وأحمد (4 / 117) كلهم من طريق مالك عن صالح بن كيسان عن عبيد الله بن عبد الله عن زيد بن خالد الجهني . ثم أخرجه البخاري (3 / 110) وأبو عوانة والنسائي (227) .
[ 145 ]
كتاب الجنائر 682 - (قوله صلى الله عليه وسلم (أكثروا من ذكر هادم اللذات " رواه البخاري) . ص 163 صحيح . أخرجه النسائي (1 / 258) والترمذي (2 / 50) وابن ماجه (2 / 4258) وابن حبان (2559 - 2562) والحاكم (4 / 321) وابن شاذان الأزجي في (الفوائد المنتقاة " (2 / 103 / 2) والخطيب (1 / 384 و 9 / 740) وابن عساكر (9 / 391 / 1 و 14 / 64 / 2) والضياء المقدسي في " المنتقى من مسموعاته بمرو " (ق 46 / 2) من طرق عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا به . وقال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " ! ووافقه الذهبي ! قلت : بل هو سند حسن ، وقال الترمذي : (حديث حسن غريب) . قلت : بل هو حديث صحيح . فإن له شواهد كثيرة كما يأتي ، وزاد المقدسي : (قيل : وما هادم اللذات ؟ قال : الموت " . وسندها ضعيف . وزاد الأزجي : " فما ذكره أحد في سعة إلا ضيقها عليه ، ولا في ضيق إلا وسعه عليه " . وإسنادها واه جدا فيه محمد بن يونس الكديمي وهو متهم بالوضع ، لكن رواه ابن حبان من طريق أخرى عن محمد بن عمرو به . فإسنادها حسن أيضا . وللحديث شاهد من حديث ابن عمر .
[ 146 ]
أخرجه أبو بكر الشافعي في " مجلسان " (2 / 1) والقاسم بن الحافظ ابن عساكر في (تعزية المسلم) (ق 215 / 1 - 2) من طريق أبي عامر القاسم بن محمد الأسدي نا عبيد الله عن نافع عنه مرفوعا به . وفيه الزيادة الثانية . ورجاله موثقون غير القاسم هذا فأورده ابن أبي حاتم (3 / 2 / 119) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا . وله شاهد آخر من حديث أنس مرفوعا به . أخرجه أبو نعيم في (الحلية) (9 / 252) والخطيب (12 / 72 - 73) والضياء المقدسي في (الأحاديث المختارة " (1 / 521) من طريق الطبراني من طريقين عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس دون الزيادة . قلت : وهذا سند صحيح على شرط مسلم . وعن عمر بن الخطاب مرفرعا به مثل رواية المقدسي عن أبي هريرة . أخرجه أبو نعيم (6 / 355) من طريق عبد الملك بن يزيد ثنا مالك بن أنس عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عنه . ورجاله ثقات غير عبد الملك بن يزيد قال الذهبي : " لا يدرى من هو . " . 683 - (حديث : " لا يتمنين أحدكم الموت لضر أصابه) الحديث . متفق عليه) . ص 163 . صحيح . أخرجه البخاري (4 / 48 و 196) ومسلم (8 / 64) وأبو داود (3108 و 3109) والنسائي (1 / 258) والترمذي (1 / 182) وابن ماجه (4265) والبيهقي (3 / 377) وأحمد (3 / 101 و 104 و 171 و 195 و 208) و 247 و 281) من طرق عن أنس مرفوعا به ، وتمامه :
[ 147 ]
" فإن كان لابد فاعلا فليقل : اللهم أحيني ما كانت الحيلة خيرا لي ، وتوفنى ما كانت الوفاة خيرا لي " . وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . 684 - (حديث : " وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون ") . ص 163 صحيح . رواه الأمام أحمد (1 / 368) : ثنا عبد الرزاق : أنا معمر عن أيوب عن أبي قلابة غن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم) قال : " أتاني ربي عز وجل الليلة في أحسن صورة - أحسبه يعني في النوم - فقال : يا محمد ! هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ قال : قلت : لا ، قال النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده بين كتفي حتى وجدت بردها بين ثديي أو قال نحري فعلمت ما في السماوات وما في الأرض ، ثم قال : يا محمد ! أتدري فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ قال : قلت : نعم ، يختصمون في الكفارات والدرجات قال وما الكفارات والدجات ؟ قال : المكث في المساجد ، والمشي على الأقدام إلى الجمعات ، وإبلاغ الوضوء في المكاره ، ومن فعل ذلك عاش بخير ، ومات بخير ، وكان من خطيئته كيوم ولدته أمه ، وقل يا محمد إذا صليت : اللهم أسالك الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين ، وإذا أردت بعبادك فتنة أن تقبضني إليك غير مفتون ، قال : والدرجات بذل الطعام ، وإفشاء السلام ، والصلاة بالليل والناس نيام " . وأخرجه الترمذي (2 / 214 - 215) من هذا الوجه وقال : " قد ذكروا بين أبي قلابة وبين ابن عباس رجلا " . ثم ساقه من طريق معاذ بن هشام : حدثني أبي عن أبي قلابة عن خالد ابن اللجلاج عن ابن عباس به نحوه ، دون قوله : " وقل يا محمد . . . " وقال :
[ 148 ]
" هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه " . قلت : وهو مضطرب كما بينه البيهقي في (الأسماء والصفات) (298 - 301) وزاده بيانا ابن خزيمة في (التوحيد) (140 - 145) وقال : إنه خبر يتوهم كثير من طلاب العلم أنه خبر صحيح ، وليس كذلك عند علماء الحديث " . وقال ابن نصر في " قيام الليل " (ص 18) : (هذا حديث اضطرب الرواة في إسناده ، وليس يثبت عند أهل المعرفة بالحديث " وقال البيهقي في خاتمة الكلام عليه : " وفي ثبوت هذا الحديث نظر ، . والله أعلم . لكن له شاهد من حديث معاذ بن جبل قال : " احتبس علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات غداة عن صلاة الصبح ، حتى كدنا نتراءى قرن الشمس ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم سريعا ، فثوب بالصلاة وصلى ، وتجوز في صلاته فلما سلم قال : كما أنتم على مصافكم ، ثم اقبل علينا ، فقال : إني سأحدثكم ما حبسني عنكم الغداة ، إني قمت من الليل ، فصليت ما قدر لي ، فنعست في صلاتي حتى استيقظت ، فإذا أنا بربي عز وجل في أحسن صورة ، فقال : يا محمد ! أتدري فيم يختصم المأ الأعلى . الحديث نحوه دون قوله : " ومن فعل ذلك . . . ولدته أمه " . أخرجه أحمد (5 / 243) والترمذي وقال : " حسن صحيح ، سألت محمد بن إسماعيل - يعني البخاري - عن هذا الحديث فقال : حسن صحيح " . 685 - (حديث البراء : " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم باتباع الجنائز وعيادة المرضى) متفق عليه) . ص 163 صحيح . أخرجه البخاري (3 / 313 و 2 و 99 و 3 / 438 / 4 و 38 / 42 و 87 و 89 - 90 و 164 و 168) ومسلم (6 / 135) والنسائي (1 / 275) والترمذي (2 / 132) والبيهقي (3 / 379) وا لطيالسي (746) وأحمد (4 / 284)
[ 149 ]
287 و 299) عن البراء بن عازب قال : (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ، ونهانا عن سبع ، أمرنا باتباع الجنائز ، وعيادة المريض ، وإجابة الداعي ، ونصر المظلوم ، وإبرار القسم ، ورد السلام (وفي رواية : وإفشاء السلام) وتشميت العاطس ، ونهانا عن آنية الفضة [ وعن المياثر ] وخاتم الذهب ، والحرير ، والديباج ، والقسي والاستبرق) . والسياق للبخاري ، والرواية الأخرى لمسلم ، وهى رواية للبخاري . (تنبيه) استدل المصنف بالحديث على أنه يسن عيادة المريض المسلم ، وهو مع كونه مطلقا غير مقيد بالمسلم فقد صح أنه صلى الله عليه وسلم عاد غلاما من ؟ اليهود كان يخدمه صلى الله عليه وسلم ، فدعاه إلى الإسلام ، وسيأتي في " الجهاد " رقم (1259) ، فعيادتهم لهذه الغاية مشروعة . والله أعلم . 686 - (قوله صلى الله عليه وسلم : (لقنوا موتاكم لا إله إلا الله ") . ص 163 . صحيح . مسلم (3 / 37) وأبو داود (3117) والنسائي (1 / 259 والترمذي (1 / 182) وابن ماجه (1445) والبيهقي (3 / 383) وأحمد (3 / 3) وابن أبى شيبة (4 / 75) من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا ، وقال الترمذي : " حديث حسن غريب صحيح " . ومسلم وابن ماجه (1444) وابن الجارود (256) والبيهقي وابن حبان في صحيحه (719 - موارد) من حديث أبي هريرة . والنسائي (1 / 259) وسنده صحيح . وابن أبي الدنيا في " المحتضرين " (1 / 2) عن حذيفة بن اليمان . وابن منده في " معرفة الصحابة " (2 / 102 / 2) عنه عن عروة بن مسعود الثقفي . 687 - (قوله صلى الله عليه وسلم : " من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة) . رواه أبو داود) . ص 163 حسن . أبو داود (3116) والحاكم (1 / 351) وابن منده في
[ 150 ]
(التوحيد) (ق 48 / 2) وأحمد (5 / 233) من طريق صالح بن أبي عريب عن كثير بن مرة عن معاذ بن جبل مرفوعا به . وقال الحاكم : (صحيح الإسناد) ووافقه الذهبي . قلت : ورجاله ثقات كلهم ، غير صالح بن أبي عريب قال ابن منده : (مصري مشهور) . وقال ابن القطان : (لا يعرف حاله ، ولا يعرف من روى عنه غير عبد الحميد بن جعفر " قال الذهبي : " قلت : بلى ، روى عنه حيوة بن شريح والليث وابن لهيعة ، وغيرهم ، له أحاديث ، وثقه ابن حبان " قلت : فهو حسن الحديث إن شاء الله تعالى . وقد وجدت له شاهدا من حديث أبي هريرة ، أخرجه ابن حبان في صحيحه (719 - موارد) من طريق محمد بن اسماعيل الفارسي حدثنا الثوري عن منصور عن هلال بن يساف عن الأغر عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ : (لقنوا موتكم لا إله إلا الله ، من كان آخر كلامه لا إله إلا الله عند الموت دخل الجنة يوما من الدهر ، وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه " . قلت : ورجاله كلهم ثقات معروفون غير محمد بن اسماعيل هذا ، وقد ذكره ابن حبان في الثقات وقال : " يغرب " كما في " اللسان ، وقال صلى الله عليه وسلم " وهذه الزيادة (يعني من كان آخر . . .) أخرجها البزار من وجه آخر وليس عنده التقييد بالآخرية " . 688 - (عن معقل بن يسار : " اقرؤوا ياسين على موتاكم) رواه أبو داود) . ص 163 ضعيف . أخرجه أبو داود (3121) وابن أبي شيبة (4 / 74) طبع (الهند) وابن ماجه (1448) والحاكم (1 / 565) والبيهقي (3 / 383) والطيالسي (931) وأحمد (5 / 26 و 27) والضياء المقدسي في " عواليه " (ق 13 - 14)
[ 151 ]
من طريق سليمان التيمي عن أبي عثمان - وليس بالنهدي - عن أبيه عن معقل بن يساربه . وقال الحاكم : " أوقفه يحيى بن سعيد وغيره عن سليمان التيمى ، والقول فيه قول ابن المبارك ، إذ الزيادة من الثقة مقبولة " . ووافقه الذهبي . قلت : هو كما قالا : أن القول فيه قول ابن المبارك ، ولكن للحديث علة أخرى قادحة أفصح عنها الذهبي نفسه في " الميزان " فقال في ترجمة أبي عثمان هذا : (عن أبيه عن أنس ، لايعرف ، قال ابن المديني : لم يرو عنه غير سليمان التيمي . قلت : أما النهدي فثقة إمام " . قلت : وتمام كلام ابن المديني : " وهو مجهول " . وأما ابن حبان فذكره في " الثقات " (2 / 326) على قاعدته في تعديل المجهولين ! ثم إن في الحديث علة أخرى وهي الاضطراب ، فبعض الرواة يقول : " عن أبي عثمان عن أبيه عن معقل " وبعضهم : " عن أبي عثمان عن معقل لا يقول : " عن أبيه " ، وأبوه غير معروف أيضا ! فهذه ثلاث علل : 1 - جهالة أبي عثمان . 2 - جهالة أبيه . 3 - الاضطراب . وقد أعله بذلك ابن القطان كما في " التلخيص " (153) وقال : " ونقل أبو بكر بن العربي عن الدارقطني أنه قال : هذا حديث ضعيف الإسناد مجهول المتن ، ولا يصح في الباب حديث " . وأما ما في (المسند) (4 / 105) من طريق صفوان : حدثني المشيخة أنهم حضروا غضيف بن الحارث الثمالي حين اشتد سوقه ، فقال : هل منكم من أحد يقرأ (يس) ، قال : فقرأها صالح بن شريح السكوني ، فلما بلغ أربعين منها قبض ، قال : فكان المشيخة يقولون : إذا قرئت عند الميت خفف عنه بها ، قال صفوان : وقرأها عيسى بن المعتمر عند ابن معبد) .
[ 152 ]
قلت : فهذا سند صحيح إلى غضيف بن الحارث رضى الله عنه ، ورجاله ثقات غير المشيخة فإنهم لم يسموا ، فهم مجهولون ، لكن جهالتهم تنجبر بكثرتهم لا سيما وهم من التابعين . وصفوان هو ابن عمرو وقد وصله ورفعه عنه بعض الضعفاء بلفظ : " إذا قرئت . . .) فضعيف مقطوع . وقد وصله بعض المتروكين والمتهمين بلفظ : إما من ميت يموت فيقرأ عنده (يس) إلا هون الله عليه " . رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1 / 188) عن مروان بن سالم عن صفوان بن عمر وعن شريح عن أبي الدرداء مرفوعا به . ومروان هذا قال أحمد والنسائي : " ليس بثقة " وقال الساجي وأبو عروبة الحراني : " يضع الحديث " . ومن طريقه رواه الديلمي إلا أنه قال : " عن أبي الدرداء وأبي ذر قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . كما في " التلخيص " (153) . 689 - (قال حذيفة " وجهوني إلى القبلة ") . ص 165 لم أجده عن حذيفة ، وإنما روي عن البراء بن معرور ، من طريق نعيم ابن حماد ثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه : " أن النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة سأل عن البراء بن معرور ، فقالوا توفي ، وأوصى بثلثه لك يارسول الله ، وأوصى أن يوجه إلى القبلة لما احتضر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أصاب الفطرة ، وقد رددت ثلثه على ولده ، ثم ذهب فصلى عليه ، فقال : اللهم اغفر له ، وارحمه ، وأدخله جنتك قد فعلت " أخرجه الحاكم (1 / 353 - 354) وعنه البيهقي (3 / 384) وقال الحاكم : (هذا حديث صحيح ، فقد احتج البخاري بنعيم بن حماد ، واحتج
[ 153 ]
مسلم بالدراوردي ، ولا أعلم في توجه المحتضر إلى القبلة غير هذا الحديث " . ووافقه الذهبي . وليس كذلك ، فإن فيه علتين : الأولى : نعيم بن حماد فإنه ضعيف ، ولم يحتج به البخاري كما زعم الحاكم ! وإنما أخرج له مقرونا بغيره كما قال الذهبي نفسه في " الميزان " ! الثانية الإرسال ، فإن عبد الله بن أبي قتادة أبو يحيى ليس صحابيا بل هو تابعي ابن صحابي ، وقد وهم في هذا الإسناد جماعة توهموه متصلا ، أولهم الحاكم نفسه ثم الذهبي فإنهما لوتنبها لإرساله لما صححاه ، ثم الزيلعي ، فقد ساقه في (نصب الراية) (2 / 352) من طريق الحاكم عن نعيم بن حماد (1) به كما ذكرناه إلا أنه زاد في السند : (عن أبي قتادة " فصار السند بذلك متصلا ! ولا أصل لهذه الزيادة عند الحاكم أصلا . وقد يقال : لعلها وقعت في بعض نسخ المستدرك . فالجواب : أن ذلك أمر محتمل ، لكن يدفعه أن البيهقي قد رواه من طريق الحاكم بدونها كما تقدم . ثم جاء الحافظ ابن حجر فتبع الزيلعي على هذا الوهم في " الدراية) (140) ! ثم زاد عليه فقال في " التلخيص " (152) : " رواه الحاكم والبيهقي عن أبي قتادة) ! وتبعه على ذلك الشوكاني في " نيل الأوطار " ! (3 / 249) ثم أبو الطيب صديق حسن خان في " الروضة الندية " (1 / 160) ، وكذا الصنعاني فيما يتعلق بالحاكم (2 / 126) ! وأعجب من ذلك في الوهم وغلبة المتابعة عليه أن المعلق الفاضل على " نصب الراية " في هذا الموضع أشار في تعليقه إلى مكان إخراج الحاكم والبيهقي للحديث فذكر الجزء والصفحة على ما نقلته آنفا ! وليس في ذلك تلك الزيادة ! وأعجب من ذلك كله أن الشيخ أحمد شاكر رحمه الله نقل الحديث في تعليقه على " الروضة (1 / 161) عن المستدرك بالجزء والصفحة المتقدمين وساق (1) ووقع في " نصب الراية " : " وعن نعيم عن حماد بن عبد العزيز " . وهذا خطأ مطبعي فاحش .
[ 154 ]
سنده كما سقناه تماما ، ثم قال " إنه مرسل لأن يحيى رواه عن أبيه ، وأبوه تابعي " . فأصاب ، ثم استدرك فقال : " وبعد البحث تبين لي أن الخطأ إنما هو من الناسخين ، فقد وجدت الحديث في (السنن الكبرى) للبيهقي رواه الحاكم بإسناده وفيه " عن يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه " فالحديث إذن من حديث أبي قتادة وليس حديثا مرسلا ، والحمد لله " . قلت : وأنا أقول الحمد لله على كل حال ، غير أن ما نقله عن البيهقي هو عين ما نقله عن الحاكم وحكم بإرساله ، كما يبدو بأدنى تأمل ، فالحديث مرسل . وهذا الوهم الذي نقلته عن هؤلاء العلماء وكيف أنهم تتابعوا عليه من أغرب ما وقفت عليه حتى اليوم من الأوهام . وسبحان الله الذي لا يسهو ولا ينام ! وذلك من الحوافز القوية لي ولأمثالي على نبذ التقليد ، والأخذ بوسائل التحقق ما استطعنا إلى ذلك سبيلا ، والله تعالى هو الموفق والمعين ، لا إله إلا هو ولا معبود غيره . ثم روى البيهقي بسند صحيح عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك في قصة ذكرها قال : " وكان البراء بن معرور أول من استقبل القبلة حيا وميتا " . وقال البيهقي : " وهو مرسل جيد ، ويذكر عن الحسن قال : ذكر عمر الكعبة فقال : والله ماهي إلا أحجار نصبها الله قبلة لأحيائنا ، ونوجه إليها موتانا " . 690 - (قال صلى الله عليه وسلم عن البيت الحرام : " قبلتكم أحياء وأمواتا " . رواه أبو داود) . ص 165 حسن . رواه أ بو داود (2875) وكذا النسائي (2 / 165) والطحاوي في
[ 155 ]
" المشكل " (1 / 383) والحاكم (1 / 59 و 4 / 259) والبيهقي (3 / 408 - 409) من طريق عبد الحميد بن سنان عن عبيد بن عمير عن أبيه أنه حدثه - وكانت له صحبة - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع : " ألا إن أولياء الله المصلون من يقيم الصلوات الخمس التى كتبن عليه ، ويصوم رمضان يحتسب صومه ، يرى أنه عليه حق ، ويعطي زكاة ماله يحتسبها ، ويجتنب الكبائر التي نهى عنها . ثم إن رجلا سأله فقال : يا رسول الله ما الكبائر ؟ فقال : هن تسع : إشراك بالله ، وقتل نفس مؤمن بغير حق ، وفرار يوم الزحف ، وأكل مال اليتيم ، وأكل الربا ، وقذف المحصنة ، وعقوق الوالدين المسلمين ، واستحلال البيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتا " ثم قال : (لا يموت رجل لم يعمل هؤلاء الكبائر ، ويقيم الصلاة ، ويؤتي الزكاة إلا كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في دار أبوابها مصاريع من ذهب " . والسياق للبيهقي وقال : " سقط من كتابي أو من كتاب شيخي (يعني الحاكم) : السحر " . وقال الحاكم : " صحيح الإسناد " ووافقه الذهبي . كذا قالا وعبد الحميد هذا قال الذهبي نفسه في " الميزان " : " لا يعرف ، وقد وثقه بعضهم (يعني ابن حبان) قال البخاري : روى عن عبيد بن عمير ، في حديثه نظر . قلت : حديثه عن أبيه : الكبائر تسع . . . " . وله شاهد من حديث ابن عمر ، يرويه أيوب عن طيسلة بن علي قال : سألت ابن عمر - وهو في أصل الأراك يوم عرفة وهو ينضح على رأسه الماء ووجهه - فقلت له : يرحمك الله : حدثني عن الكبائر ، فقال : قال رسول الله : صلى الله عليه وسلم " الكبائر الإشراك بالله ، وقذف المحصنة ، فقلت : أقتل الدم ؟ قال : نعم ، ورغما ، وقتل النفس المؤمنة ، والفرار يوم الزحف ، وأكل مال اليتيم ، وعقوق الوالدين المسلمين ، وإلحاد بالبيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتا " .
[ 156 ]
أخرجه البيهقي . وأيوب بن عتبة قال الحافظ في (التلخيص) ص 152 : (وهو ضعيف ، وقد اختلف عليه فيه) . قلت : وضعف عتبة من قبل حفظه ، لا من أجل تهمة في نفسه ، فحديثه حسن في الشواهد ، وبقية رجاله ثقات كلهم غير طيسلة بن علي وقد ذكره ابن حبان في " الثقات ، (1 / 99) وروى عنه جماعة ، فالحديث حسن إن شاء الله تعالى . 691 - (روى البيهقي عن بكر بن عبد الله المزني ولفظه " وعلى ملة رسول الله ،) . ص 164 مقطوع . ولفظه بتمامه عن بكر بن عبد الله قال : " إذا غمضت الميت فقل : بسم الله ، وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإذا حملته ، فقل : بسم الله ، ثم سبح مادمت تحمله " . رواه البيهقي (3 / 385) بسند صحيح عنه . وهو مقطوع لأنه موقوف على التابعي وهو بكر بن عبد الله هذا ، ولا تثبت السنة بقول تابعي . وروى ابن أبي شيبة (4 / 76) الشطر الأول منه . قلت : والصحيح أن هذا الكلام يقال عند إنزال الميت في اللحد كما رواه عبد الله بن عمر مرفوعا ، ويأتي (747) . 692 - (حديث عائشة وابن عباس : (أن أبا بكر قبل النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته " . رواه البخاري والنسائي) . ص 164 . صحيح . البخاري (4 / 55) والنسائي (1 / 260) وابن ماجه (1457) وأحمد (6 / 55) وابن أبي شيبة (4 / 163) عن موسى بن أبي عائشة عن عبيد الله ابن عبد الله عن عائشة وابن عباس : " أن أبا بكر قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو ميت " .
[ 157 ]
وفي رواية : (ثم أكب عليه فقبله ثم بكى " . رواه البخاري (1 / 264 و 3 / 190) والنسائي وابن ماجه (1627) والبيهقي (3 / 406) وأحمد (6 / 117) وزاد ابن ماجه " بين عينيه " . وفي رواية لأحمد (6 / 219 - 220) بلفظ : " ثم أتاه من قبل رأسه ، فمد فاه وقبل جبهته ، ثم قال : وانبياه ، ثم رفع رأسه وحدر فاه ، وقبل جبهته ، ثم قال : واصفياه ، ثم رفع رأسه وحدر فاه وقبل جبهته ثم قال : واخليلاه ! مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنده صحيح على شرط مسلم . وفي أخرى له (6 / 31) : (فوضع فمه بين عينيه ، ووضع يديه على صدغيه ، وقال : وانبياه ، واخليلاه واصفياه ! " . وسنده صحيح أيضا . 693 - (قالت عائشة : " قبل النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن مظعون وهو ميت ، حتى رأيت الدموع تسيل على وجهه " . رواه أحمد والترمذي وصححه) . ص 164 ضعيف . أخرجه أحمد (6 / 43 و 55 و 206) والترمذي (1 / 184) وكذا أبو داود (3163) والحاكم (1 / 361) والبيهقي (3 / 361) والطيالسي (1415) من طريق عاصم بن عبيد الله عن القاسم بن محمد عنها . وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . وقال الحاكم : " هذا حديث متداول بين الأئمة ، إلا أن الشيخين لم يحتجا بعاصم بن عبيد الله " . وكذا قال الذهبي .
[ 158 ]
قلت : وعاصم هذا ضعيف كما في " التقريب " . 694 - (قوله صلى الله عليه وسلم في الذي وقصته ناقته " اغسلوه بماء وسدر ، وكفنوه في ثوبيه " متفق عليه) . ص 164 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 319 و 463) ومسلم (4 / 23 - 25) وأبو داود (3238 - 3241) والنسائي (2 / 28) والترمذي (1 / 178) والدارمي (2 / 50) والبيهقي (3 / 390 و 391) وأحمد (1 / 220 - 221) و 286 و 287 و 328 و 333 و 346) عن ابن عباس رضي الله عنهما . " أن رجلا كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرما فوقصته ناقته فمات ، فقال رسول الله صى الله عليه وآله وسلم : اغسلوه بماء وسدر ، وكفنوه في ثوبيه ، ولا تمسوه بطيب ، ولا تخروا رأسه ، فإنه يبعث يوم القيامة ملبدا " ، وفي ، رواية " ملبيا " . وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . 695 - (قال ابن عمر " لا يغسل موتاكم إلا المأمونون)) . ص 164 لم أجده 696 - (حديث " أن أبا بكر الصديق أوصى أن تغسله امرأته أسماء بنت عميس فقامت (1) بذلك ") . ضعيف . أخرجه البيهقي (3 / 397) من طريق محمد بن عمر ثنا محمد بن عبد الله بن أخي الزهري ، عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت : " توفي أبو بكر رضي الله عنه ليلة الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة ، (1) الأصل " فقدمت "
[ 159 ]
سنة ثلاث عشرة ، وأوصى أن تغسله أسماء بنت عميس امرأته ، وأنها ضعفت فاستعانت بعبد الرحمن " . قلت : وهذا سنده واه جدا " محمد بن عمر هو الواقدي وهو متروك ، وقد قال البيهقي عقبه : " وهذا الحديث الموصول وإن كان راويه الواقدي فليس بالقوي ، وله شواهد مراسيل عن ابن أبي مليكة ، وعن عطاء بن ابي رباح عن سعد بن إبراهيم أن أسماء بنت عميس غسلت زوجها أبا بكر رضى الله عنه . قلت : وبعض هذه المراسيل في ابن أبي شيبة (4 / 82) . 697 - (حديث : " أن أنسا أوصى أن يغسله محمد بن سيرين ، ففعل ") . ص 165 لم أقف على إسناده . 698 - (حديث علي (لا تبرز فخذك ، ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت " رواه أبو داود) . ص 165 ضعيف جدا . وقد سبق تخريجه في " شروط الصلاة " رقم (269) . 699 - (روي حديث " أن عليا غسل النبي صلى الله عليه وسلم وبيده خرقة يمسح بها ما تحت القميص " . ذكره المروزي عن أحمد . لم أقف كل سنده . وروى مالك (1 / 222 / 1) وعنه الشافعي (1 / 209) عن جعغر بن محمد عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غسل في قميص . قال ابن عبد البر : " أرسله رواة الموطأ ، إلا سعيد بن عفير فقال (عن عائشة " . ثم رأيت في " التلخيص " (154) ما نصه : " وروى الحاكم عن عبد الله بن الحارث قال : غسل النبي صلى الله عليه وسلم علي ، وعلى
[ 160 ]
يد علي خرقة يغسله ، فأدخل يده تحت القميص يغسله والقميص عليه " . وقد سكت على إسناده ، وما أظنه يصح ، ولم يتيسر لي الوقوف عليه الآن وقد راجعته في مظانه من " المستدرك " وقد ثبت من حديث عائشة أنهم كانوا يغسلونه يصبون الماء فوق القميص ويدلكونه كما يأتي بعد حديثين . ثم وجدته في ابن أبي شيبة (4 / 77) وسنن البيهقي (3 / 388) من طريق " يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث بن نوفل أن عليا رضى الله عنه غسل النبي صلى الله عليه وسلم ، وعلى النبي صلى الله عليه وسلم قميص وبيد علي رضى الله عنه خرقة يتبع بها تحت القميص . قلت : وعلته يزيد هذا وهو القرشي قال الحافظ في " التقريب " : " ضعيف كبر ، فتغير صار يتلقن " . 700 - (قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة : " لو مت قبلي لغسلتك وكفنتك " . رواه ابن ماجه) . ص 165 صحيح . رواه ابن ماجه (1465) من طريق أحمد ، وهو في (المسند) (6 / 228) وعنه الدارقطني (192) ، والدارمي (1 / 37 - 38) والبيهقي (3 / 396) وابن هشام في " السيرة " (4 / 292) عن محمد بن اسحاق عن يعقوب بن عتبة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن عائشة قالت : " رجع إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم من جنازة بالبقيع وأنا أجد صداعا في رأسي ، وأنا أقول : وارأساه ، قال : بل أنا وارأساه ، قال : ما ضرك لو مت قبلي فغسلتك وكفنتك ثم صليت عليك ودفنتك ؟ قلت : لكني أو لكأني بك والله لو فعلت ذلك لقد رجعت إلى بيتي ، فأعرست فيه ببعض نسائك ! قالت فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بدئ بوجعه الذي مات فيه " . ورواه ابن حبان أيضا في صحيحه كما في " التلخيص " (154) قال : " وأعله البيهقي بابن اسحاق " .
[ 161 ]
قلت : قد صرح بالتحديث في " السيرة " فأمنا بذلك تدليسه ، فالحديث حسن ، ثم قال الحافظ : " ولم يتفرد به ، بل تابعه عليه صالح بن كيسان عند أحمد والنسائي ، وأما ابن الجوزي فقال : لم يقل " غسلتك " إلا ابن اسحاق . وأصله في البخاري بلفظ : ذلك لو كان وأنا حي ، فأستغفر لك وأدعو لك " . قلت : رواية صالح في " المسند) (6 / 144) عنه عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت : (دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي بدئ فيه فقلت : وارأساه ، فقال : وددت أن ذلك كان وأنا حي ، فهيأتك ودفنتك ، قالت : فقلت - غيرى - : كأني بك في ذلك اليوم عروسا ببعض نسائك ! قال : وأنا وارأساه ، ادعوا لي أباك وأخاك ، حتى اكتب لأبي بكر كتابا فإني أخاف أن يقول قائل ، أو يتمنى متن : أنا أولى ، ويأبى الله عز وجل والمؤمنون إلا أبا بكر " . وهذا سند صحيح على شرط الشيخين . وهو في البخاري (4 / 46) من طريق القاسم بن محمد قال : " قالت عائشة : وارأساه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذلك لو كان وأنا حي ، فأستغفر لك ، وأدعو لك ، فقالت عائشة : واثكلياه ، والله إني لأظنك تحب موتي ! ولو كان ذلك لظللت آخر يومك معرسا ببعض أزواجك ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم بل أنا وارأساه وارأساه ! لقد هممت أو أردت أن أرسل إلى أبي بكر وابنه وأعهد ، أن يقول القائلون أو يتمنى المتمنون ، ثم قلت : يأبى الله ويدفع المؤمنون ، أو يدفع الله ، ويأبى المؤمنون " . قلت : فقول صالح بن كيسان في رواية : " فهيأتك " نص عام يشمل كل ما يلزم الميت قبل الدفن من الغسل والكفن والصلاة فهو بمعنى قول ابن اسحاق في روايته : " فغسلتك وكفنتك ثم صليت عليك) . فالحديث بهذه المتابعة صحيح . والله أعلم .
[ 162 ]
(تنبيه) : تبين من تخريج الحديث أن الغسل فيه بلفظ : " فغسلتك " والمصنف أورده تبعا للرافعي أو غيره بلفظ (لغسلتك) باللام وهو تحريف ، والصواب " فغسلتك " بالفاء ، والفرق بينهما أن الأولى شرطية ، الثانية للتمني . كما في " التلخيص " . 701 - (حديث " غسل علي فاطمة رضي الله عنها ") . ص 165 حسن . أخرجه الحاكم (3 / 163 - 164) وعنه البيهقي (3 / 396 - 397) من طريق محمد بن موسى عن عوف بن محمد بن علي وعمارة بن المهاجر عن أم جعفر زوجة محمد بن علي قالت : حدثتني اسماء بنت عميس قالت : " غسلت أنا وعلي فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت : ورجاله ثقات معروفون غير أم جعفر هذه ويقال لها أم عوف لم يرو عنها غير ابنها عوف وأم عيسى الجزار ويقال لها الخزاعية . ولم يوثقها أحد ، وفي (التقريب) : " مقبولة " . وقال الحافظ في " التلخيص " (170) بعدما عزاه البيهقي : " وإسناده حسن ، وقد احتج به أحمد وابن المنذر ، وفي جزمهما بذلك دليل على صحته عندهما) . 702 - حديث عائشة " لو استقبلنا من أمرنا ما استدبرنا ما غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نساؤه " رواه أحمد وأبو داود) . ص 165 - 166 حسن . اخرجه أبو داود (3141) وكذا الحاكم (3 / 59) والبيهقي (3 / 398) وأحمد (6 / 267) عن محمد بن اسحاق حدثني يحيى بن عباد عن أبيه عباد بن عبد الله بن الزبير قال . سمعت عائشة تقول : " لما أرادوا غسل النبي صلى الله عليه وسلم قالوا : والله ما ندري أنجرد رسول الله من ثيابه كما نجرد موتانا ؟ أم نغسله وعليه ثيابه ، فلما اختلفوا ألقى الله عليهم النوم حتى ما منهم رجل إلا وذقنه في صدره ، ثم كلمهم مكلم من ناحية البيت ، لا يدرون
[ 163 ]
من هو : أن اغسلوا النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثيابه ، فقاموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فغسلوه وعليه قميصه ، يصبون الماء فوق القميص ، ويدلكونه بالقميص دون أيديهم ، وكانت عائشة تقول : لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسله إلا نساؤه " . قلت : وإسناده حسن ، وأما الحكم فقال : " صحيح على شرط مسلم) وأقره الذهبي ! وابن اسحاق إنما أخرج له مسلم متابعة . 703 - (حديث " لما مات إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم غسله النساء ") ص 166 لم أقف عليه . 704 - (حديث ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها " رواه الجماعة) . صحيع . أخرجه البخاري (1 / 317 و 318 و 319) ومسلم (3 / 47 و 48) وغيرهما وقد تقدم في " الطهارة " (رقم 129) . 705 - (حديث " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ") . صحيع . وتقدم (314) . 706 - (حديث " اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك إن رأيتن بماء وسدر) . صحيح ، وهو رواية من حديث أم عطية المتقدم (129) . 707 - (حديث " أمر بدفن شهداء أسد في دمائهم ولم يغسلوا ولم يصل عليهم " . رواه البخاري من حديث جابر) . ص 167 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 337 و 337 - 338 - 338 و 339) عن جابر بن عبد الله قال : (كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد ثم يقول :
[ 164 ]
أيهما أكثر أخذا للقرآن ، فإذا أشير له إلى أحدهما قدمه في اللحد ، وقال : أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة ، وأمر بدفنهم في دمائهم ، ولم يغسلوا ، ولم يصل عليهم " . وأخرجه أبو داود (3138 و 3139) والنسائي (1 / 277 - 278) وابن ماجه (1514) والبيهقي (4 / 34) وكذا ابن الجارود (270) . ورواه أحمد (3 / 299) من طريق الزهري عن ابن جابر عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم إنه قال في قتلى أحد : " لا تغسلوهم ، فإن كل جرح أو كل دم يفوح مسكا يوم القيامة " ولم يصل عليهم . قلت : وهذا سند صحيح على شرط الشيخين ، وعبد ربه هو عبد ربه بن سعيد كما جاء في الجزء الثالث من " الأمالي " للمحاملي رواية الأصبهانيين وهو ثقة مشهور كما قال في " التعجيل " . 708 - (حديث سعيد بن زيد مرفوعا : " من قتل دون دينه فهو شهيد ، ومن قتل دون دمه فهو شهيد ، ومن قتل دون ماله فهو شهيد ، ومن قتل دون أهله فهو شهيد " . رواه أبو داود والترمذي وصححه) . ص 167 صحيح . أخرجه أبو داود (4772) والترمذي (1 / 266) وكذا النسائي (2 / 173) والبيهقي (8 / 187) وأحمد (1 / 190) من طريق أبي عبيدة ابن محمد بن عمار بن ياسر عن طلحة بن عبد الله بن عوف عن سعيد بن زيد به . وأخرج الطيالسي (234) الجملة الثانية والثالثة منه ، وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . قلت : وسنده صحيح ، ثم أخرج هو والنسائي وابن ماجه (2580) والطيالسي (240) وأحمد (1 / 187 و 188 و 189) من طريق أخرى عن زيد مرفوعا ، الجملة الثانية فقط .
[ 165 ]
وإسنادها صحيح أيضا ، وقد جاء الحديث مفرقا من طرق كثيرة عن جماعة من الصحابة وقد سقت أحاديثهم وخرجتها في كتابي " أحكام الجنائز " . 709 - (حديث " أمره صلى الله عليه وسلم بدفن شهداء أحد بدمائهم ،) . ص 167 - صحيح ، وتقدم قبل حديث . 710 - (حديث ابن عباس " أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتلى أحد أن ينزع عنهم الحديد والجلود وأن يدفنوا [ في ] (1) ثيابهم بدمائهم ، رواه أبو داود وابن ماجه) . ص 167 ضعيف . أخرجه أبو داود (3134) وابن ماجه (1515) وكذا البيهقي (4 / 14) وأحمد (1 / 247) كلهم من طريق علي بن عاصم عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به . قلت : وهذا سند ضعيف ، عطاء بن السائب كان اختلط ، وعلي بن عاصم صدوق ، لكنه كان يخطئ ويصر كما قال الحافظ . 711 - (حديث أن صفية : " أرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثوبين ليكفن حمزة فيهما فكفنه بأحدهما وكفن في الآخر رجلا آخر " . قال يعقوب بن شيبة : هو صالح الإسناد) . ص 167 صحيح . أخرجه أحمد (1 / 165) عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام عن عروة قال : أخبرني أبى الزبير رضى الله عنه : " أنه لما كان يوم أحد أقبلت امرأة تسعى حتى إذا كادت أن تشرف على القتلى ، قال : فكره النبي صلى الله عليه وسلم أن تراهم ، فقال : المرأة المرأة ، قال الزبير رضى الله عنه : فتوسمت أنها أمي صفية ، قال : فخرجت أسعى إليها فأدركتها قبل أن تنهي إلى القتلى ، قال : فلومت في صدري ، وكانت امرأة جلدة ، قالت : (1) سقطت من الأصل ، واستدركتها من ابن ماجه .
[ 166 ]
إليك لا أرض لك ، قال : فقلت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عزم عليك ، قال : فوقفت وأخرجت ثوبين معها ، فقالت : هذان ثوبان جئت بهما لأخي حمزة ، فقد بلغني مقتله ، فكفنوه فيهما ، قال : فجئنا بالثوبين لنكفن فيهما حمزة ، فإذا إلى جنبه رجل من الأنصار قتيل ، قد فعل به كما فعل بحمزة ، قال : فوجدنا غضاضة وحياء أن نكفن حمزة في ثوبين ، والأنصاري لا كفن له ، فقلنا لحمزة ثوب ، وللأنصاري ثوب ، فقدرناهما فكان أحدهما أكبر من الآخر ، فأقرعنا بينهما ، فكفنا كل واحد منهما في الثوب الذي صار له . قلت : وهذا سند حسن رجاله كلهم ثقات غير أن ابن أبي الزناد تغير حفظه ، لكن تابعه يحيى بن زكريا بن أبي زائدة قال : أنبأنا هشام بن عروة به نحوه . أخرجه البيهقي (3 / 401) وسنده صحيح . 712 - (حديث " أن النبي صلى الله عليه وسلم غسل سعد بن معاذ وصلى عليه وكان شهيدا ") . ص 167 لم أجده بهذا السياق ، وروى أحمد (3 / 360) من طريق محمود بن عبد الرحمن بن عمرو بن الجموح عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : " خرجنا مع رسول الله يوما إلى سعد بن معاذ حين توفي ، قال : فلما صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضع في قبره ، وسوي عليه ، صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسبحنا طويلا ، ثم كبر فكبرنا ، فقيل : يا رسول الله لم سبحت ثم كبرت ؟ قال : لقد تضايق على هذا العبد الصالح قبره حتى فرجه الله عز وجل عنه " . ورجاله ثقات غير محمود هذا ، فقال الحسيني : " فيه نظر ، . وقال الحافظ في " التعجيل " : لم يذكره البخاري ولا من تبعه . وأخرج مسلم (7 / 150) والترمذي (2 / 317) وأحمد (3 / 296 و 349) من طريق أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : قال رسول الله وجنازة سعد بن معاذ بين أيديهم : " اهتز لها عرش الرحمن " . وقال الترمذي :
[ 167 ]
" حديث حسن صحيح " . وقد أخرجه البخاري (3 / 10) وابن ماجه (158) من طريق أبي سفيان عن جابر نحوه ، دون موضع الشاهد منه " وجنازة سعد بن معاذ بين أيديهم " . وهو وإن لم يكن صريحا في الصلاة عليه ، فهو قريب من ذلك لإن وضعها بين أيديهم إنما هو للصلاة عليها كما هو ظاهر بداهة . 713 - (حديث " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم أحد : ما بال حنظلة بن الراهب ! ؟ إني رأيت الملائكة تغسله . قالوا : انه سمع الهائعة فخرج وهو جنب ولم يغتسل) . رواه الطيالسي) . ص 167 - 168 صحيح . أخرجه الحاكم (3 / 204) وعنه البيهقي (4 / 15) وابن حبان في صحيحه كما في " التلخيص " (159) من طريق ابن اسحاق حدثني ابن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن جده رضى الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عن قتل حنظلة بن أبي عامر بعد أن التقى هو وأبو سفيان بن الحارث حين علاه شداد بن الأسود بالسيف فقتله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن صاحبكم تغسله الملائكة ، . فسألوا صاحبته فقالت : إنه خرج لما سمع الهائعة وهو جنب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لذلك غسلته الملائكة ، . وقال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " . وسكت عنه الذهبي ، وإنما هو حسن فقط ، للخلاف المعروف في ابن اسحاق ، ومسلم إنما أخرج له في المتابعات ، لكن قال الحافظ : (وظاهره أن الضمير في قوله : " عن جده " يعني جد عباد ، فيكون الحديث من مسند الزببر ، لأنه هو الذي يمكنه أن يسمع النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الحال . قلت : وحينئذ ففي السند انقطاع ، لأن عبادا لم يسمع من جده الزبير . والله أعلم . إلا أن للحديث شواهد يقوى بها ، فقال الحافظ عقب كلامه السابق :
[ 168 ]
" ورواه الحاكم في (الأكليل) من حديث أبي أسيد ، وفي إسناده ضعف ، ورواه ثابت السرقسطي في غريبه من طريق الزهري عن عروة مرسلا ، ورواه الحاكم في " المستدرك " والطبراني والبيهقي من حديث ابن عباس ، وفي إسناد البيهقي أبو شيبة الواسطي وهو ضعيف جدا . وفي إسناد الحاكم معلى بن عبد الرحمن وهو متروك ، وفي إسناد الطبراني حجاج وهو مدلس ، رواه الثلاثة عن الحاكم عن مقدم عن ابن عباس " . قلت : وله شاهد آخر من حديث أنس قال : " افتخر الحيان من الأوس والخزرج ، فقال الأوس : منا غسيل الملائكة حنظلة بن الراهب ، ومنا من اهتز له عرش الرحمن ، ومنا من حمته الدبر عاصم ابن ثابت ، قال : فقال الخزرجيون : منا أربعة جمعوا القرآن لم يجمعه أحد غيرهم : زيد بن ثابت ، وأبو زيد ، وأبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل) . أخرجه ابن عساكر (2 / 296 / 1) وقال : " هذا حديث حسن صحيح " . وهو كما قال . (تنبيه) عزا المصنف الحديث للطيالسي ، وقد راجعت فيه مسند الزبير وابنه عبد الله ومسند عبد الله بن عباس وأبي أسيد وغيرهم فلم أجده ، ولم يورده مرتبه الشيخ البنا في كتاب الجنائز ولا في ترجمة حنظلة من " الفضائل " ، فالله أعلم . 714 - (حديث " ادفنوهم بكلومهم ") . ص 168 صحيح . وفيه حديثان من رواية جابر وابن عباس ، وقد مضيا (707) و (710) ، وفي رواية من طريق معمر عن الزهري عن ابن أبي صغير ، عن جابر قال : " لما كان يوم أحد أشرف النبي صلى الله عليه وسلم على الشهداء الذين قتلوا يومئذ فقال : زملوهم بدمائهم ، فأني قد شهدت عليهم " . أخرجه أحمد (5 / 431) بإسناد صحيح ، وأخرجه النسائي (1 / 282) من
[ 169 ]
هذا الوجه ، لكن لم يذكر جابرا في سنده ، ولا قوله : " فإني . . . " وكذلك رواه الشافعي (1 / 210) من طريق سفيان عن الزهري ولفظه : " شهدت على هؤلاء ، فزملوهم ، بدمائهم وكلومهم " . وهو رواية لأحمد . 715 - (خبر أنه صلى أبو أيوب على رجل ؟ وصلى عمر على عظام بالشام ؟ وصلى أبو عبيدة على رؤوس بالشام " روى ذلك عبد الله ابن أحمد) . ص 168 موقوفات ضعيفة . أما عن أبي عبيدة فقال الشافعي في " الأم " (1 / 338) " قال بعض أصحابنا عن ثور بن يزيد (الأصل زيد) عن خالد بن معدان أن أبا عبيدة صلى على رؤوس . وهذا منقطع لأن خالدا ليس له سماع من أبي عبيدة ، على أنه معلق ، وقد وصله ابن أبي شيبة (4 / 147) . حدثنا عيسى بن يونس عن ثور عمن حدثه أن أبا عبيدة . . . ثم قال : حدثنا وكيع عن عمر عن ثور عن خالد بن معدان عن أبي عبيدة مثله . وعمر هذا هو ابن هارون كما في " التلخيص " (170) وهو متروك كما في " التقر يب " . وأما عن عمر ، فأخرجه ابن أبي شيبة أيضا من طريق جابر عن عامر أن عمر فذكره . وهذا واه ؟ أيضا فإنه مع انقطاعه فيه جابر وهو ابن زيد الجعفي وهو متهم . وأما عن أبي أيوب . فأخرجه ابن أبي شيبة أيضا ، وفيه رجل لم يسم . 716 - (حديث المغيرة " السقط يصلى عليه " رواه أبو داود والترمذي وصححه) . ص 168 صحيح . أخرجه أبو داود (3180) والترمذي (1 / 192) والحاكم (1 / 363) والبيهقي (4 / 8) والطيالسي (701 و 702) وأحمد (5 / 247)
[ 170 ]
و 248 - 249 ر 249 و 252) وابن أبي شيبة (4 / 124 و 101) من طرق عن زياد بن جبير عن أبيه عن المغيرة بن شعبة مرفوعا به . ولفظ أبي داود وغيره : " الراكب يسير خلف الجنازة ، والماشي يمشي خلفها وأمامها ، وعن يمينها وعن يسارها قريبا منها ، والسقط يصلى عليه ، ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة " . وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . وقال الحاكم : " صحيح على شرط البخاري " . ووافقه الذهبي . وهو كما قالا . قال الحافظ في " التلخيص " (157) : " وصححه ابن حبان أيضا ، لكن رواه الطبراني موقوفا على المغيرة وقال لم يرفعه سفيان . ورجح الدارقطني في العلل الموقوف) . قلت : قد رفعه جماعة من الثقات عن زياد بن جبير كما تقدم ، والرفع زيادة من ثقة فيجب قبولها ، ولا مبرر لردها . 717 (حديث علي أنه قال النبي صلى الله عليه وسلم إن عمك الشيخ الضال قد مات . قال : اذهب فواره " رواه أبو داود والنسائي) . صحيح . رواه أبو داود (3214) والنسائي (1 / 282 - 283) وابن أبي شيبة (4 / 95 و 142) والبيهقي (3 / 398) وأحمد (1 / 97 و 131) من طرق عن أبي اسحاق عن ناجية بن كعب عنه به . وتمامه : " ثم لا تحدثن شيئا حتى تأتيني ، فذهبت فواريته ، وجئته فأمرني فاغتسلت ودعا لي " وزاد ابن أبي شيبة ومن بعده : " بدعوات ما يسرني أن لي بهن ما على الأرض من شئ " . قلت : وهذا سند صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير ناجية بن كعب وهو ثقة كما في " التقريب " ، وقال في " التلخيص " (157) : " ومدار كلام البيهقي على) أنه ضعيف ، ولا يتبين وجه ضعفه وقد قال
[ 171 ]
الرافعي إنه حديث ثابت مشهور . قال ذلك في أماليه) . قلت : ولعل وجه ضعفه عند البيهقي أنه من رواية أبي اسحاق وهو السبيعي وكان اختلط ، والجواب أنه قد رواه عنه جماعة كما أشرنا إليه وفيهم سفيان الثوري وهو من أثبت الناس فيه ، لأنه روى عنه قديما قبل الاختلاط ، فزال الإشكال . على أن للحديث طريقا آخر أخرجه أحمد (1 / 103) . وابنه في زوائده عليه (1 / 129 - 130) من طريق الحسن بن يزيد الأصم قال : سمعت السدي اسماعيل يذكره عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي به . وزاد في آخره : " وكان علي رضى الله عنه إذا غسل الميت اغتسل " . قلت : وهذا سند حسن رجاله رجال مسلم غير الحسن هذا فإنه صدوق يهم كما في " التقريب " ، وعزاه في " التلخيص " لأبي يعلى فقط ! وله طريق من مرسل الشعبي قال : " لما مات) أبو طالب جاء علي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن عمك الشيخ الكافر قد مات فما ترى فيه ؟ قال : أرى أن تغسله وتحنطه ، وأمره بالغسل " . أخرجه ابن أبي شيبة عن الأجلح عنه . وهنا مع إرساله ، فيه ضعف من قبل الأجلح ففيه كلام . وقوله " أرى أن تغسله ، منكر مخالف للطريقين السابقين . والله أعلم . 718 - " حديث : " كفنوه في ثوبيه " - متفق عليه) . صحيح . وتقدم بتمامه رقم (694) . 719 - (" حديث أم عطية " فلما فرغنا ألقى إلينا حقوة فقال : (أشعرنها إياه " لم يزد على ذلك . رواه البخاري) . صحيع . وتقدم في " الطهارة " (129)
[ 172 ]
720 - حديث (ولا تخمروا رأسه) . صحيح وهو قطعة من الحديث المشار إليه أنفا (694) . 721 - حديث " أوصى أبو بكر الصديق أن يكفن في ثوبين كان يمرض فيهما " رواه البخاري . صحيح . أخرجه البخاري (1 / 349) من طريق عائشة قالت : " دخلت على أبي بكر ، فقال : في كم كفنتم النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : قلت : في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة ، وقال لها : في أي يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : يوم الأثنين ، قال : وأي يوم هذا ؟ قالت : يوم الأثنين ، قال : أرجو فيما بيني وبين الليلة ، فنظر إلى ثوب عليه كان يمرض فيه ، به ردع من زعفران ، فقال : اغسلوا ثوبي هذا ، وزيدوا عليه ثوبين ، فكفنوني فيهما . قلت : إن هذا خلق ، قال : إن الحي أحق بالتجديد من الميت ، إنما هو للمهملة ، فلم يتوف حتى أمسى من ليلة الثلاثاء ، ودفن قبل أن يصبح) . وأخرجه البيهقي (3 / 399) وأحمد (6 / 45 و 132) وأخرج بعضه مسلم وغيره وهو الآتي بعده . 722 - (حديث عائشة : " كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيض سحولية جدد يمانية ، ليس فيها قميص ولا عمامة ، أدرج فيها إدراجا) . متفق عليه) . ص 169 صحيح . ولم يخرجاه بهذا التمام وإنما أخرجه أحمد (6 / 118) فقط بسند حسن . وأخرجه البخاري في الحديث الذي قبله دون قوله : " أدرج . . . " وقوله " جدد يمانية " وكذا أخرجه مسلم (3 / 49) وأبو داود (3151 و 3152) والنسلائي (1 / 268) والترمذي (1 / 186) وابن ماجه (1469) والبيهقي (3 / 399) والطيالسي (1453) وأ حمد أيضا (6 / 214) وعند مسلم والترمذي وابن ماجه " يمانية " وزاد مسلم وأبو داود والنسائي وأحمد " من
[ 173 ]
كرسف " . وزاد مسلم وأبو داود وغيرهما : (قال : فذكر لعائشة قوله :) في ثوبين وبرد حبرة " ، فقالت : " قد أتي بالبرد ، ولكنهم ردوه ولم يكفنوه فيه " . زاد مسلم : " فأخذها عبد الله بن أبي بكر فقال : لأحبسنها حتى أكفن فيها نفسي ، ثم قال : " لو رضيها الله عز وجل لنبيه لكفنه فيها ! فباعها وتصدق بثمنها " . وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح) . 723 - (حديث ليلى بنت قائف الثقفية قالت : " كنت فيمن غسل أم كلثوم ابنة النبي صلى الله عليه وسلم عند وفاتها فكان أول ما أعطانا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحقا ثم الدرع ثم الخمار ثم الملحفة ثم أدرجت بعد ذلك في الثوب الآخر " رواه . أبو داود) . ص 170 ضعيف . رواه أبو داود (3157) وأحمد (6 / 380) من طريق نوح ابن حكيم الثقفي - وكان قارئا للقرآن - عن رجل من بني عروة بن مسعود يقال له داود قد ولدته أم حبيبة بنت أبي سفيان زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن ليلى بنت قائف الثقفية به قلت : وهذا سند ضعيف ، نوح هذا مجهول كما في (التقريب) 724 - (حديث " أنه صلى الله عليه وسلم أمر بنزع الجلود عن الشهداء)) . ص 170 ضعيف . وقد مضى قريبا (710) . فصل 725 - (حديث : صلوا على أطفالكم فإنهم [ من ] (1) أفراطكم) . ص 171 (1) سقطت من الأصل واستدركتها من ابن ماجه .
[ 174 ]
ضعيف جدا . رواه ابن ماجه (1509) من طريق البختري بن عبيد عن أبيه عن أبي هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : وهذا سند ضعيف جدا ، قال البوصيري في " الزرائد " (ق 94 / 1) " هذا إسناد ضعيف ، البختري بن عبيد ضعفه أبو حاتم وابن عدي وابن حبان والدارقطني ، وكذبه الأزدي ، وقال فيه أبو نعيم الأصبهاني والحاكم النقاش : روى عن أبيه موضوعات " . قلت : وقال في " التقريب " . " ضعيف متروك ، وأبوه مجهول) . وقال في التلخيص " (157) : " إسناده ضعيف) . 726 قوله صلى الله عليه وسلم في الغال : " صلوا على صاحبكم ") . ص 171 ضعيف . أخرج أبو داود (12710) والنسائي (1 / 278) وابن ماجه (2848) والحاكم (2 / 127) والبيهقي (9 / 101) وأحمد (5 / 192) من طرق عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان أبي عمرة زيد بن خالد الجهني . " أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم توفي يوم خيبر ، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : صلوا على صاحبكم ، فتغيرت وجوه الناس لذلك ، فقال : إن صاحبكم غل في سبيل الله ، ففتشنا متاعه ، فوجدنا خرزا من خرز يهود لا يساوي درهمين " . وقال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين ، ، وأظنهما لم يخرجاه " . ووافقه الذهبي . قلت : أما أنهما لم يخرجاه ، فهو كذلك يقينا ، وأما أنه على شرطهما
[ 175 ]
فليس كذلك لأن أبا عمرة هذا هو مولى زيد بن خالد الجهني ، قال الذهبي : " ما روى عنه سوى محمد بن يحيى بن حبان " . قلت : فهو مجهول العين . وهناك أبو عمرة آخر يروي عن زيد بن خالد أيضا والصواب فيه ابن أبي عمرة واسمه عبد الرحمن ، فهذا قد أخرج له مسلم ، فلعل الحاكم ظن أنه هذا ، أو ظن أنهما واحد ، وقد فرقوا بينهما . والله أعلم . (تنبيه) وأما قوله صلى الله عليه وسلم في الغلام اليهودي حين مات مسلما : (صلوا على صاحبكم ، فصحيح ، وسيأتي قبيل " كتاب الأطعمة) . 727 - (حديث) إن صاحبكم النجاشي قد مات فقوموا فصلوا عليه ") . ص 171 صحيح . وقد ورد من حديث جابر بن عبد الله ، وعمران بن حصين ، ومجمع بن جارية ، وحذيفة بن أسيد ، وأبي هريرة . أما حديث جابر ، فله عنه ثلاث طرق : الأول عن أبي الزبير عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أخا لكم قد مات فقوموا فصلوا عليه " . قال : فقمنا فصففنا صفين . أخرجه مسلم (3 / 55) والنسائي (1 / 280) ، ولأحمد (3 / 355) الفعل منه الثاني : عن عطاء بن أبي رباح أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : قال الني صلى الله عليه وسلم : (قد توفي اليوم رجل صالح من الحبش ، فهلموا فصلوا عليه ، فصففنا ، صلى النبي صلى الله عليه وسلم عليه ، ونحن صفوف " . أخرجه البخاري (1 / 332) ومسلم والنسائي (1 / 280) والبيهقي (4 / 50) وأحمد (3 / 295 - 319 و 369 و 400) واللفظ له . وسنده صحيح
[ 176 ]
على شرط الشيخين ، ولفظ النسائي قبل رواية أ بي الزبير إلا أنه قال : " فصف بنا كما يصف على الجنازة ، وصلى عليه " . وفي رواية لأحمد : " صلوا على أخ لكم مات بغير بلادكم " . قال : فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه قال جابر : فكنت في الصف الثاني أو الثالث ، قال : وكان اسمه أصحمة . وسنده صحيح أيضا . وهو عند البخاري (1 / 331) دون طرفه الأول . وروى الطيالسي (1681) صلاته صلى الله عليه وسلم وقول جابر : كنت في الصف الثاني . الثالث : عن سعيد بن ميناء عن جابر : (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على أصحمة النجاشي ، فكبر عليه أربعا " . أخرجه البخاري (1 / 335) ومسلم وابن أبي شيبة (4 / 151) أحمد (3 / 361 و 363) . وأما حديث عمران بن حصين ، فيرويه أبو المهلب عنه مثل حديث أبي الزبير عن جابر . أخرجه مسلم والنسائي وابن ماجه (1535) والبيهقي والطيالسي (749) وأحمد (4 / 431 و 433 و 439 و 441 و 446) وزاد في رواية : " وما نحسب الجنازة إلا موضوعة بين يديه " . وإسناده صحيح متصل . وأما حديث مجمع بن جارية ، فيرويه حمران بن أعين عن أبي الطفيل عنه مثل حديث أبي الزبير . أخرجه ابن ماجه (1536) وابن أبي شيبة وأحمد (5 / 376) بسند صحيح . وأما حديث حذيفة بن أسيد ، فيرويه قتادة عن أبي الطفيل عنه مرفرعا بلفظ :
[ 177 ]
" صلوا على أخ لكم مات بغير أرضكم " ، قالوا من هو ؟ قال النجاشي ، فكبر أربعا . أخرجه ابن ماجه (1537) والطيالسي (1068) وأحمد (4 / 7 و 64) بسند صحيح . وأما حديث أبي هريرة ، فيرويه زمعة عن الزهري عن سعيد عنه قال : " كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ان أخاكم النجاشي قد مات فقوموا فصلوا عليه ، قال : فنهض ونهضنا حتى انتهى إلى البقيع ، فتقدم وصففنا خلفه ، فكبر عليه أربعا " . أخرجه الطيالسي (2300) : حدثنا زمعة به . وأخرجه أحمد (2 / 279) من طريق وكيع عن زمعة به مختصرا " صلى اصحابه على النجاشي فكبر أربعا " . وهو في الصحيحين وغيرهما من طرق أخرى عن الزهري به مختصرا وسيأتي بعد حديث . وزمعة سئ الحفظ . 728 - [ حديث (صلوا على من قال لا إله إلا الله) ] . ص 171 ضعيف . وروي من حيث عبد الله بن عمر ، وعبد الله بن مسعود ، وأبي الدرداء وأبي أمامة وواثلة بن الأسقع ، وتقدم تخريجها برقم (527) . 729 - (حديث " أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر على النجاشي أربعا " متفق عليه) . ص 171 صحيح . وهو من حديث أبي هريرة . (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي للناس في اليوم الذي مات فيه ، وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم ، وكبر أربع تكبيرات " . أخرجه البخاري (1 / 331 و 333 - 334 و 334 - 335) ومسلم
[ 178 ]
(3 / 54) ومالك (1 / 226 / 14) والسياق له وعنه أبو داود (3204) وكذا النسائي (1 / 280) والترمذي (1 / 190) مختصرا وابن ماجه (1534) وابن أبي شيبه (4 / 114 و 151) والبيهقي (4 / 35 و 49) وأحمد (2 / 281 و 289 و 348 و 438 و 439 و 529) من طرق عن الزهري عن سعيد بن السيب عن أبي هريرة . وقرن أحمد مع سعيد أبا سلمة بن عبد الرحمن وزاد : " فقام فصلى بهم كما يصلى على الجنائز) . وفي الباب عن جابر بن عبد الله ، وحذيفة بن أسيد وتقدما قبل حديث . 730 - (حديث " لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن ") . ص 172 صحيح . وتقدم (332) . 731 - (حديث أن ابن عباس صلى على جنازة فقرأ بأم القرآن وقال : " لأنه من السنة أو من تمام السنة " . رواه . البخاري) ص 172 صحيح أخرجه البخاري (1 / 335) ، وأبو داود (3198) والنسائي (1 / 281) والترمذي (1 / 191) وابن الجارود (263) والحاكم (1 / 358) والشافعي (1 / 215) والبيهقي (4 / 38) من طرق عن سعد بن إبراهيم عن طلحة بن عبد الله بن عوف أن ابن عباس صلى على جنازة ، فقرأ بفاتحة الكتاب ، فقلت له ؟ فقال : إنه من السنة أو من تمام السنة . هذا لفظ الترمذي وهو الموافق للفظ الكتاب ، ولفظ البخاري : " فقرأ بفاتحة الكتاب ، فقال : لتعلموا أنها سنة " . فكان الأولى على المصنف أن يعزوه إلى الترمذي أيضا وينص أن اللفظ له ، وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . وقال البيهقي : قلت ، وهذا سند صحيح ، فإن الهيثم هذا ثقة كما قال النسائي وغيره ، وبقية رجاله رجال البخاري ، وتابعه على ذكر السورة جماعة عند ابن الجارود (264)
[ 179 ]
وللحديث طريق أخرى : عن سعيد بن أبي سعيد قال : " سمعت ابن عباس يجهر بفاتحة الكتاب على الجنازة ويقول : إنما فعلت لتعلموا أنها سنة " . أخرجه الشافعي وابن أبي شيبة (4 / 113) والحاكم والبيهقي وقال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " ووافقه الذهبي) وفيه نظر لأن محمد بن اسحاق راويه عن سعيد إنما أخرج له مسلم متابعة . وله شاهد من حديث رجل من الصحابة يأتي في الكتاب بعد حديثين . وقال البيهقي " ورواه إبراهيم بن حمزة عن إبراهيم بن سعد وقال : في الحديث : فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة . وذكر السورة فيه غير محفوظ " . وتعقبه ابن التركماني بقوله : " بل هو محفوظ ، رواه النسائي عن الهيثم بن أيوب عن إبراهيم بن سعد بسنده " . قلت : قال النسائي : أخبرنا الهيثم بن أيوب قال : حدثنا إبراهيم وهو ابن سعد قال : حدثنا أبي عن طلحة بن عبد الله قال : صليت خلف ابن عباس على جنازة ، فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة ، وجهر حتى أسمعنا ، فلما فرغ أخذت بيده ، فسألته ؟ فقال : سنة وحق . 732 - (حديث " إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء " رواه أبو داود) . ص 172 حسن . رواه أبو داود (3199) وابن ماجه (1497) والبيهقي (4 / 40) من طريق محمد بن سلمة عن محمد بن اسحاق عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره .
[ 180 ]
قلت : وهذا سند حسن ، رجاله كلهم ثقات ، لولا أن ابن اسحاق مدلس ، وقد عنعنه . لكن قال الحافظ في " التلخيص " (161) : " أخرجه ابن حبان من طريق أخرى عنه مصرحا بالسماع " . فاتصل الإسناد وصح الحديث والحمد لله . 733 - (حديث (تحليلها التسليم ") . ص 172 صحيح ، وتقدم (301) . 734 - (حديث إن السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الأمام ، ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى ويقرأ في نفسه ، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويخلص الدعاء للجنازة في التكبيرتين ولا يقرأ في شئ منهن ثم يسلم سرا في نفسه " رواه الشافعي في مسنده والأثرم وزاد : " السنة يفعل من وراء الإمام مثل ما يفعل إمامهم ") . ص 172 صحيح . قال الشافعي (1 / 214 - 215) : أخبرنا مطرف بن مازن عن معمر عن الزهري : أخبرنا أبو أمامة بن سهل أنه أخبره رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : " أن السنة في الصلاة على الجنازة . . . " . قلت : وهذا سند رجاله كلهم ثقات غير مطرف هذا فقد كذبه ابن معين ، وقال النسائي : ليس بثقة . وقال الحافظ في " التلخيص " (161) : (وضعفت رواية الشافعي بمطرف ، لكن قواها البيهقي بما رواه في المعرفة من طريق عبيد الله بن أبي زياد الرصافي عن الزهري بمعنى رواية مطرف) . قلت : وعبيد الله هذا صدوق كما في " التقريب " . ومما يقويه أيضا أن معمرا رواه عن الزهري قال : سمعت أبا أمامة ابن سهل بن حنيف يحدث ابن المسيب قال :
[ 181 ]
(السنة في الصلاة على الجنازة أن تكبر ، ثم تقرأ بأم القرآن ، ثم تصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم تخلص الدعاء للميت ، ولا تقرأ إلا في التكبيرة الأولى ، ثم تسلم في نفسك عن يمينك) . أخرجه ابن أبي شيبة (4 / 111) وابن الجارود (265) واسماعيل القاضي في " فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم " (ق 96 - 97) . قلت : وهذا سند صحيح رجاله رجال الشيخين ، وإن كان صورته صورة المرسل ، فقد بينت الرواية الأولى أن أبا أمامة تلقاه عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وكذلك رواه الحاكم (1 / 360) وعنه البيهقي (4 / 40) من طريق يونس عن ابن شهاب قال أخبرني أبو أمامة بن سهل بن حنيف - وكان من كبراء الأنصار وعلمائهم ، وأبناء الذين شهدوا بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الصلاة على الجنازة . . . فذكره غير أنه لم يذكر القراءة بأم القرآن وزاد في آخره الزيادة التي عند الأثرم ثم قال : " قال الزهري : حدثني بذلك أبو أمامة وابن المسيب يسمع ، فلم ينكر ذلك عليه ، قال ابن شهاب فذكرت الذي أخبرني أبو أمامة من السنة في الصلاة على الميت لمحمد بن سويد ، فقال : وأنا سمعت الضحاك بن قيس يحدث عن حبيب بن سلمة في صلاة صلاها على الميت مثل الذي حدثنا أبو أمامة " . وقال الحاكم : " هذا صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه " ووافقه الذهبي . ثم رأيت الحديث في (شرح المعاني " للطحاوي (1 / 288) من طريق شعيب عن الزهري به مثل رواية الحاكم دون الزيادة ، لكنه ذكر القراءة بأم القرآن ، فتيقنا ثبوتها في الحديث والحمد لله . 735 - (حديث زيد بن أرقم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر على الجنازة أربعا ثم يقول : ما شاء الله ثم ينصرف . رواه الجوزجاني) . ص 172
[ 182 ]
ضعيف . ولم أقف عليه من حديث زيد ، والمعروف حديث عبد الله بن أبي أوفى ، يرويه عنه إبراهيم الهجري قال : " ماتت ابنة له ، فخرج في جنازتها على بغلة خلف الجنازة ، فجعل النساء يرثين ، فقال عبد الله بن أبي أوفى ، لا ترثين ، فإن رسول الله نهى عن المراثي ، ولكن لتفض إحداكن من عبرتها ما شاءت ، قال : ثم صلى عليها فكبر أربعا ، فقام بعد التكبيرة الرابعة بقدر ما بين التكبيرتين يستغفر لها ويدعو ، ثم قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع هكذا " . أخرجه ابن أبي شيبة (115) وأحمد (4 / 356 و 383) والبيهقي (4 / 42 - 43) . قلت : وإبراهيم هذا لين الحديث ، كما في " التقريب " . والحديث سكت عليه الحافظ في " التلخيص " (162) ، بعد أن ذكره من رواية أحمد فقط مختصرا ثم قال : " ورواه أبو بكر الشافعي في " القبلانيات " من هذا الوجه ، وزاد : ثم سلم عن يمينه وشماله ، ثم قال : لا أزيد عل ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع " . 736 - (روى الخلال وحرب عن علي : " أنه صلى على زيد المكفف (1) فسلم واحدة عن يمينه : السلام عليكم ") . ص 173 ضعيف . أخرجه ابن أبي شيبة (4 / 118) والبيهقي (4 / 43) عن الحجاج بن أرطاة عن عمير بن سعيد قال : فذكره . وعمير هذا ثقة حجة لكن الحجاج مدلس وقد عنعنه . ثم روى ابن أبي شيبة عن الحارث قال : (صليت خلف علي على جنازة ، فسلم عن يمينه حين فرغ : السلام عليكم " . والحارث هو الأعور وهو ضعيف ، بل متهم (1) الأصل (الملفق) والتصويب من مخرج الحديث
[ 183 ]
736 / 1 - (قال أحمد : ومن يشك في الصلاة على القبر ؟ " يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من ستة وجوه . كلها حسان ") . ص 173 صحيح متواتر . ورد من حديث ابن عباس ، وأبي هريرة ، وأبي بن مالك ، ونريد بن ثابت أخي زيد بن ثابت ، وعامر بن ربيعة ، وجابر بن عبد الله ، وبريدة بن الحصيب ، وأبي سعيد الخدري ، وأبي أمامة بن سهل . 1 - أما حديث ابن عباس فيرويه الشعبي عنه . " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على قبره بعدما دفن ، فكبر عليه أربعا) . أخرجه البخاري (1 / 333 ، 335) ومسلم (3 / 55) والترمذي (1 / 193) والنسائي (1 / 284) وابن ماجه (1530) وابن أبي شيبة (4 / 149) وابن الجارود (266) والدارقطني (193) والبيهقي (4 / 45) وأحمد (1 / 224 ، 283) ، واللفظ لمسلم ، ولفظ البخاري : " مر النبي صلى الله عليه وسلم على قبر منبوذ ، فأمهم وصلوا خلفه) . وفي رواية له : " أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبرا ، فقالوا : هذا دفن ، أو دفنت البارحة ، قل ابن عباس : فصففنا خلفه ثم صلى عليها " . ولفظ ابن ماجه وابن الجارود : " مات رجل ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده ، فدفنوه بالليل ، فلما أصبح أعلموه ، فقال : ما منعكم أن تعلموني ؟ قالوا : كان الليل ، وكانت الظلمة ، فكرهنا أن نشق عليك ، فأتى قبره ، فصلى عليه) . وفي رواية الدارقطني أن الصلاة كانت بعد ثلاث ، وفي أخرى " بعد شهر " . قال الحافظ في " الفتح " : " وهذه روايات شاذة ، وسياق الطرق الصحيحة يدل عل أنه صلى الله عليه وسلم صلى عليه في صبيحة دفنه " . والحديث طريق أخرى عن ابن عباس مختصرا .
[ 184 ]
أخرجه ابن أبي شيبة وفيه سهل بن أبي سنان ولم أعرفه . 2 - وأما حديث أبي هريرة ، فيرويه أبو رافع عنه : " أن امرأة سواء كانت تقم المسجد ، أو شابا ، ففقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسأل عنها ، أو عنه ، فقالوا : مات ، قال : أفلا آذنتموني ؟ قال : فكأنهم صغروا أمرها ، أو أمره ، فقال : دلوني على قبره ، فدلوه ، فصلى عليها ، ثم قال : إن هذه القبور مملؤة ظلمة على أهلها ، وإن الله عز وجل ينورها بصلاتي عليهم " . أخرجه البخاري (1 / 335) ومسلم (3 / 56) وأبو داود (3203) وابن ماجه (1527) والبيهقي (4 / 47) وأحمد (2 / 388) ، وليس عند البخاري وأبي داود وابن ماجه قوله : " إن هذه القبور . . . " . 3 - وأما حديث أنس فيرويه عنه ثابت وعنه حبيب بن الشهيد بلفظ : " أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر بعدما دفن " . رواه مسلم وابن ماجه (1531) والدارقطني والبيهقي وأحمد (3 / 130) وفي روايته " أن الميت امرأة " . وتابعه حماد بن زيد عن ثابت به ، أتم منه نحو حديث أبي هريرة قبله ، وفيه الزيادة . أخرجه البيهقي من طريق خالد بن خداش عن حماد به . وهذا سند جيد ، وهو على شرط مسلم ، وفي خالد كلام يسير . وتابعه صالح بن رستم أبو عامر الخراز عن ثابت به . مثل رواية حماد . أخرجه الدارقطني وأحمد (3 / 150) وهو على شرط مسلم أيضا إلا أن صالحا هذا كثير الخطأ كما في " التقريب " . 4 - وأما حديث يزيد بن ثابت فيرويه خارجة بن زيد بن ثابت عن " يزيد بن ثابت - وكان أكبر من زيد - قال :
[ 185 ]
(خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما ورد البقيع ، فإذا هو بقبر جديد ، فسأل عنه ، فقالوا : فلانة ، قال : فعرفها ، وقال : ألا آذنتموني بها ؟ قالوا : كنت قائلا صائما لما ، فكرهنا أن نؤذيك ، قال : فلا تفعلوا ، لا أعرفن ما مات منكم ميت ، ما كنت بين أظهركم ، إلا آذنتموني به فإن صلاتي عليه له رحمة ، ثم أتى القبر ، فصففنا خلفه ، فكبر عليه أربعا " . أخرجه النسائي (1 / 284) وابن ماجه (1528) وابن أبي شيبة (4 / 149) والبيهقي (4 / 48) وأحمد (4 / 388) بسند صحيح . 5 - وأما حديث عامر بن ربيعة فيرويه ابنه عبد الله عنه قال : " مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبر ، فقال : ما هذا القبر ؟ قالوا : قبر فلانة ، قال : أفلا آذنتموني ؟ قالوا : كنت نائما ، فكرهنا أن نوقظك ، قال : فلا تفعلوا ، فادعوني الجنائزكم ، فصف عليها فصلى " . أخرجه ابن ماجه (1529) وأحمد (3 / 444 - 445) وابن أبي شيبة (4 / 150) بسند صحيح على شرط مسلم . 6 - وأما حديث جابر ، فيرويه حبيب بن أبي مرزوق عنه . (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر امرأة بعدما دفنت) . أخرجه النسائي (1 / 284) بسند صحيح . ولعل الأمام أحمد يعني بالوجوه الستة ، هذه الطرق الست ، فإنها أصح الطرق ، وثمة طرق أخرى أشير إليها باختصار : 7 - وأما حديث بريدة . فأخرجه ابن ماجه (1532) مختصرا والبيهقي مطولا ، وفيه ضعف . 8 - وأما حديث أبي سعيد ، فأخرجه ابن ماجه (1533) وفيه ابن لهيعة . 9 - وأما حديث أبي أمامة بن سهل ، فأخرجه مالك (1 / 227 / 15)
[ 186 ]
والنسائي (1 / 270 ، 280 ، 280 - 281) وابن أبي شيبة (4 / 150) والبيهقي (4 / 48) واسناده صحيح ، وفيه ارسال لا يضر . وفي الباب عن سعيد بن المسيب مرسلا وهو الآتي بعد . 710 - (حديث " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) صلى على أم سعد بن عبادة بعد شهر ") . ص 173 ضعيف . رواه الترمذي (1 / 193) والبيهقي (4 / 48) وابن أبي شيبة (4 / 149) من طريقين عن قتادة عن سعيد بن المسيب : " أن أم سعد ماتت ، والنبي (صلى الله عليه وسلم) " غائب ، فلما قدم صلى عليها ، وقد مضى لذلك شهر " . ولفظ ابن أبي شيبة : " فلما قدم ، أتى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال : يا رسول الله إني أحب أن تصلى على أم سعد ، فأتى النبي (صلى الله عليه وسلم) . قبرها فصلى عليها وقال البيهقي : " وهو مرسل صحيح) . قال : " ورواه سويد بن سعيد عن يزيد بن زريع عن شعبة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس موصولا . وحكى أبو داود عن أحمد أنه قال : لا تحدث بهذا " . قلت : وسويد ضعيف فلا يحتج به إذا تفرد ، لا سيما إذا خالف . 738 - (حديث صلاته (صلى الله عليه وسلم) على النجاشي) . ص 173 صحيح . وتقدم (727) . فصل 739 - (حديث ابن عمر : " رأيت النبي (صلى الله عليه وسلم) وأبا بكر يمشون
[ 187 ]
أمام الجنازة " رواه أبو داود) . ص 174 . صحيح . أخرجه أبو داود (3179) وكذا النسائي (1 / 275) والترمذي (1 / 175) وابن ماجه (1482) وابن أبي شيبة (4 / 100) والطحاوي (277) والدارقطني (190) والبيهقي (4 / 23) والطيالسي (1817) وأحمد (8 / 2) من طرق عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن ابيه به . وقال الترمذي : " هكذا رواه ابن عيينة ، ولذلك رواه ابن جريج وزباد بن سعد وغير واحد عن الزهري عن اسلم عن ابيه . وروى معمر ويونس بن يزبد ومالك وغير واحد من الحافظ عن الزهري : أن النبي هذه كان يمشي أمام الجنازة قال الزهري : وأخبرني سالم أن أباه كان يمشي أمام الجنازة . وأهل الحديث كأنهم يرون أن الحديث المرسل في ذلك أصح ، قال ابن المبارك : حديث الزهري هذا مرسل أصح من حديث ابن عيينة ، قال : وأرى ابن جريج أخذه من ابن عيينة) . قال الترمذي : " وروى همام بن يحيى هذا الحديث عن زياد وهو ابن سعد ومنصور وبكر وسفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه ، وإنما هو سفيان بن عيينة روى عنه همام " . قلت : توهيم ابن عيينة في إسناد هذا الحديث ، مما لا وجه له عندي البتة ، وهو من أعجب ما رأيت من التوهيم بدون حجة ، بل خلافا للحجة ! فإن ابن عيينة مع كونه ثقة حافظا حجة ، لم يتفرد بإسناده ، كما يشير إلى ذلك كلام الترمذي نفسه ، وها أنا أذكر من وقفت عليه ممن تابعه منه الثقات . 1 ، 2 ، 3 - منصور بن المعتمر وزياد بن سعد وبكر بن وائل ، رواه همام عنهم ثلاثتهم مقرونا مع سفيان كلهم ذكروا أنهم سمعوا من الزهري يحدث أن سالما أخبر . أن أباه أخبره : (أنه رأى النبي (صلى الله عليه وسلم) وأبا بكر وعمر وعثمان يمشون بين يدي الجنازة) بكر وحده لم يذكر عثمان .
[ 188 ]
أخرجه النسائي والترمذي والبيهقي وقال : (تفرد به همام وهو ثقة " . وأما النسائي فقال : " هذا خطأ ، والصواب مرسل " ! قلت : كأنه يعني أن الخطأ من همام ، ولكن أين الحجة في تخطئته وهو ثقة كما قال البيهقي واحتج به الشيخان ، ولم يخالف أحدا ممن هو أوثق منه مخالفة تستلزم الحكم عليه بالخطأ ، بل إنه قد توبع في روايته عن زياد ، فقال الإمام أحمد (2 / 37 ، 140) : ثنا حجاج قال : قرأت على ابن جريج : حدثني زياد يعني ابن سعد عن ابن شهاب به مثله . يعني مثل حديث قبله رواه من طريقين عن ابن جريج قال : قال ابن شهاب : حدثني سالم بن عبد الله : " أن عبد الله بن عمر كان يمشي بين يدي الجنازة ، وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، وأبو بكر ، وعمر ، وعثمان يمشون أمامها وهذا ظاهره أن قوله " وقد كان . . . " إنما هو من قول سالم فيكون مرسلا ، لكن قد رواه الطبراني في " الكبير " (3 / 191 / 1) من طريق أحمد ثنا حجاج به وساقه بلفظ : " . . . عن ابن عمر أنه كان يمشي . . . " . فهذا يحتمل الاتصال . فالله أعلم . وزاد الطبراني في آخره : " قال أحمد : هذا الحديث : " وأن رسول الله صلى الله عليه " إنما هو عن الزهري مرسل ، وحديث سالم فعل ابن عمر ، وحديث ابن عيينة وهم " . 4 - ابن أخي الزهري واسمه محمد بن عبد الله بن مسلم ، قال أحمد (2 / 122) : ثنا سليمان بن داود الهاشمي : أنا إبراهيم بن سعد حدثني بن أخي ابن شهاب . عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه قال : " كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " وأبو بكر وعمر وعثمان يمشون أمام الجنازة "
[ 189 ]
وقلت : وهذا سند صحيح على شرط مسلم ، وهو صريح في الرفع لا يحتمل التفصيل الذي ذكره الترمذي عن مالك وغيره من الحفاظ ، لأنه ليس للحديث الموقوف فيه ذكر حتى يدرج فيه المرفوع كما ادعاه الحافظ في " التلخيص " (156) في حديث ابن عيينة ! 5 - يونس بن عبيد قال الطحاوي : " حدثنا يونس قال : أنا ابن وهب قال : أخبرني يونس عن ابن شهاب عن سالم : " أن عبد الله بن عمر كان يمشي أمام الجنازة ، قال : وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " يفعل ذلك وأبو بكر وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان " . 6 - عقيل بن خالد قال : حدثني ابن شهاب أن سالما أخبره . ثم ذكر مثله . يعني مثل رواية يونس . أخرجه الطحاوي وأحمد (2 / 140) . وهاتان المتابعتان تحتملان الاتصال والارسال ، لأن قوله : (قال : وكان رسول الله . . . " يحتمل أن فاعل " قال " هو ابن عمر فعليه فهو موصول ، ويحتمل أنه سالم بن عبد الله بن عمر ، فهو مرسل ، ويرجح الأول أن الطبراني رواه (3 / 191 / 2) من طريق ابن لهيعة عن عقيل ويونس معا عن ابن شهاب عن سالم عن ابيه قال : " رأيت النبي (صلى الله عليه وسلم) " وأبا بكر وعمر يمشون أمام الجنازة) . وابن لهيعة لا بأس به في المتابعات والشواهد . وقد تابعه عن عقيل يحيى بن أيوب وهو ثقة من رجال الشيخين . رواه الطحاوي . 7 - العباس بن الحسن عن الزهري عن سالم عن أبيه : " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) " وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة " . أخرجه الطبراني (3 / 191 / 2) ، والعباس هذا ضعيف ، وذكره ابن حبان في " الثقات " (2 / 228) وقال : " من أهل حران ، يروي عن الزهري
[ 190 ]
نسخة ، أكثرها مستقيمة " . 8 و 9 - عبد الرحمن بن عبد الله بن ابي عتيق عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ، وموسى بن عتبة كلاهما معا عن ابن شهاب عن سالم : " أن عبد الله بن عمر كان يمشي أمام الجنازة ، وقال : قد كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يمشي بين يديها ، وأبو بكر ، وعمر وعثمان " . رواه الطبراني : حدثنا عبيد الله بن محمد العمري نا اسماعيل بن أبي أويس حدثني أخي عن سليمان بن بلال عن ابن أبي عتيق وموسى بن عقبة . وعبد الرحمن وموسى بن عقبة ثقتان ومن دونهما من رجال الشيخين غير العمري هذا فلم أجد من ترجمه . 10 - شعيب بن أبي حمزة عن الزهري عن سالم عن أبيه به ، بلفظ السنن ، وزاد فيه ذكر عثمان ، وقال في آخره : قال الزهري : وكذلك السنة . رواه . ابن حبان في " صحيحه كما في " نصب الراية ، (2 / 295) ، وقوله " بلفظ السنن " صريح في أن لفظه مرفرع ، وصنيع الحافظ في " التلخيص " يشعر بخلاف ذلك ، فقد ذكره من طريق ابن حبان من الوجه المذكور عن سالم أن عبد الله بن عمر كان يمشي بين يديها وأبا بكر وعمر وعثمان ، قال الزهري : وكذلك السنة . فلم يذكر فيه الرسول عليه السلام إطلاقا ، فلا أدري ممن الوهم أمن الحافظ أم الزيلعي ، والأقرب الأول . والله أعلم . قلت : فتبين من هذا التخريج أنه أتفق على رواية الحديث مسندا مرفوعا جماعة من الثقات هم : سفيان بن عيينة ، ومنصور بن المعتمر ، وزياد بن سعد ، وبكر ابن وائل وابن أخي الزهري وعقيل بن خالد هؤلاء كلهم صرحوا بالرفع وصحت الأسانيد بذلك إليهم ، وسائر العشرة منهم من لم يصرح بالرفع كيونس ، ومنهم من لم يثبت السند بذلك إليه ، فإذا تركنا هؤلاء ، ورجعنا إلى الستة الأولين كان فيهم ما يدفع قول أبي قائل في توهيم رواية سفيان المسندة المرفومة لأن اتفاقهم
[ 191 ]
على ذلك خطأ مما لا يكاد يقع ، لاسيما وإمامهم في ذلك أعني ابن عيينة ، كان يرويه رواية العارف المتثبت فيما يروي ، حينما روجع في ذلك ، فقد روى البيهقي عن علي بن المديني قال : قلت لابن عيينة : يا أبا محمد إن معمرا وابن جريج يخالفانك في هذا ، يعني أنهما يرسلان الحديث عن النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال : استقر الزهري حدثنيه (1) ، سمعته من فيه يعيده ويبديه ، عن سالم عن أبيه " . فتوهيم الزهري والحالة هذه أقرب من توهيم هؤلاء الجماعة عنه ، ولكن لا مبرر للتوهيم إطلاقا ، فكل ثقة ، وكل صادق فيما روى ، والراوي قد يسند الحديث أحيانا وقد يرسله ، فكل روى ما سمع ، والحجة مع من معه زيادة علم ، وهو هؤلاء الذين اسندوا الحديث إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) " ، وهذا هو الذي اختاره البيهقي أن الحديث موصول ، وجزم بصحته ابن المنذر وابن حزم كما في (التلخيص) وأشار إلى تصحيحه العلامة ابن دقيق العيد حين أورده في كتابه " الإلمام بالحديث الأحكام " (ق 56 / 1) الذي شرط فيه أن لا يورد فيه إلا ما كان صحيحا ، بل أشار إلى تضعيف قول من أعله بالارسال فقال بعد أن ذكره من رواية الأربعة : " وقيل رواه جماعة من الحفاظ عن الزهري عن النبي (صلى الله عليه وسلم) والمرسل أصح " . وللحديث شاهد من رواية أنس بن مالك قال : " كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأبو بكر وعمر وعثمان يمشون أمام الجنازة) . أ خرجه الترمذي (1 / 188) وابن ماجه (1483) والطحاوي (1 / 278) من طريق محمد بن بكر البرساني أنبأنا يونس بن يزيد الأيلي عن الزهري عن أنس . وقال الترمذي : " سألت محمدا عن هذا الحديث ؟ فقال : هذا خطأ ، أخطأ فيه محمد بن بكر ، وإنما يروي هذا الحديث عن يونس عن الزهري أن النى (صلى الله عليه وسلم) وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة " . قلت : محمد بن بكر مع أنه ثقة محتج به في " الصحيحين " فانه لم يتفرد به ، (1) كذا في البيهقي وفي " التلخيص " عنه (أستيقن الزهري حدثني مرارا لست أحصيه)
[ 192 ]
بل تابعه أبو زرعة قال : أنا يونس بن يزيد ، ؟ لكنه زاد في آخره : (وخلفها) . أخرجه الطحاوي بسند صحيح ، ولا علة له عندي ، إلا أن يكون الزهري لم يسمعه من أنس . والله أعلم . 740 - (حديث المغيرة بن شعبة : " الراكب خلف الجنازة والماشي حديث شاء منها " . صححه الترمذي) . ص 174 صحيح . وتقدم تخريجه (716) . 741 - (حديث علي " قام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " ثم قعد " رواه مسلم) . ص 174 صحيح . من حديث علي رضى الله عنه وله عنه ثلاث طرق : الأولى : عن مسعود بن الحاكم الأنصاري أنه سمع علي بن أبي طالب يقول في شأن الجنائز : " إن رسول الله هذه قام ثم قعد) . أخرجه مسلم (3 / 58) ومالك (1 / 232 / 33) وعنه أبو داود (3175) والترمذي (1 / 194) وابن ماجه (1544) وابن أبي شيبة (4 / 148) والطحاوي (1 / 282) وابن الجارود (262) والبيهقي (4 / 27) والطيالسي (150) وأحمد (1 / 82 و 83) ولفظه : " كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أمرنا بالقيام في الجنازة ، ثم جلس بعد ذلك وأمرنا بالجلوس " . وهو رواية للطحاوي ، واسنادها جيد . الثانية : عن أبي معمر قال :
[ 193 ]
" كنا عند علي ، فمرت به جنازة ، فقاموا لها ، فقال علي : ما هذا ؟ قالوا : أمر أبي موسي ، فقال : إنما قام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لجنازة يهودية ، ولم يعد بعد ذلك " . أخرجه النسائي (1 / 272) وابن أبي شيبة بسند صحيح . ورواه الطيالسي (162) وأحمد (1 / 141 - 142) بلفظ : " إنما فعل ذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " مرة ، فكان يتشبه بأهل الكتاب ، فلما نهى انتهى " . وفيه عندهما ليث بن أبي سليم ، وكان اختلط . الثالثة : عن قيس بن مسعود عن أبيه : " أنه شهد مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه بالكوفة ، فرأى علي بن أبي طالب رضى الله عنه الناس قياما ينتظرون الجنازة أن توضع ، فأشار إليهم بدرة معه أو سوط أن اجلسوا ، فإن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " قد جلس بعدما كان يقوم " . أخرجه البيهقي (4 / 28) وقيس هذا مجهول كما في " التقريب) . وللحديث شاهد من رواية ابن عباس ، من طريق ابن سيرين قال : " مر بجنازة على الحسن بن علي ، وابن عباس ، فقام الحسن ، ولم يقم ابن عباس ، فقال الحسن لأبن عباس : أما قام لها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ؟ عباس : قام لها ثم قعد " . رواه النسائي وابن أبي شيبة والبيهقي وكذا الطحاوي وأحمد (1 / 200 - 201 ، 201) واسناده صحيح . 742 - (حديث : " لا تتبع الجنازة بصوت ولا نار " . رواه أبو داود) . ص 174 . ضعيف . رواه أبو داود (3171) وكذا أحمد (28 / 528 ، 531 - 532) من طريق حرب ثنا يحيى أنا باب بن عمير الحنفي حدثني رجل من أهل
[ 194 ]
المدينة أن أباه حدثه عن أبي هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : فذكره ، وزاد : " ولا يمشي بين يديها بنار " . وخالف هشام الدستوائي فقال : " عن يحيى عن رجل عن أبي هريرة به دون الزيادة . أخرجه أحمد (2 / 427) . وخالفه شيبان فقال : " عن يحيى بن أبي كثير عن رجل عن أبي سعيد مرفوعا به " وفيه الزيادة . رواه ابن أبي شيبة (4 / 96) . والحديث ضعيف لاضطرابه وجهالة رواته . 743 - حديث " احفروا وأوسعوا وأعمقوا " رواه أبو داود والترمذي وصححه . صحيح . وهو من حديث هشام بن عامر قال : " لما كان يوم أحد شكوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) القرح ، فقالوا : يا رسول الله علينا الحفر لكل إنسان ، قال [ احفروا ] أعمقوا ، وأحسنوا ، وادفنوا الاثنين والثلاثة في قبر ، فقالوا : يا رسول الله فمن نقدم ؟ قال : أكثرهم قرآنا ، قال : فدفن أبي ثالث ثلاثة في قبر " . أخرجه النسائي (1 / 283) والبيهقي (4 / 34) وأحمد (4 / 19) عن سفيان بن عيينة عن أيوب السختياني عن حميد بن هلال عن هشام به . وهذا سند صحيح . وقد تابعه عن أيوب اسماعيل وهو ابن علية ومعمر ، وقال : هذا عن حميد بن هلال قال : أنا هشام بن عامر . فصرح بسماع حميد إياه من هشام . أخرجهما أحمد . وتابعه الثوري عن أيوب عن حميد عن هشام به وزاد " وأعمقوا " .
[ 195 ]
رواه أبو داود (3216) وخالفهم عبد الوارث بن سعيد فقال : ثنا أيوب عن حميد عن أبي الدهماء عن هشام بن عامر به ، وقال : " وأوسعوا " بدل : " وأعمقوا " . فأدخل أبا الدهماء بين حميد وهشام . أخرجه أحمد والنسائي والترمذي (1 / 320) وقال : " حسن صحيح " . وابن ماجه (1560) والبيهقي . وخالفهم جميعا حماد بن زيد فقال : عن أيوب عن حميد بن هلال عن سعد ابن هشام بن عامر عن أبيه مثل رواية ابي الدهماء ، فادخل بينهما سعدا أخرجه أبو داود (3217) والنسائي والبيهقي . وتابع أيوبا على هذا الوجه جرير بن حازم فقال : سمعت حميد بن هلال يحدث عن سعد بن هشام به . وزاد في رواية : " وأعمقوا " . رواه أحمد والنسائي . وتابعهما سليمان بن المغيرة عن حميد عن هشام ، لم يدخل بينهما أحدا . أخرجه أبو داود (3215) والنسائي وأحمد . وهذه الروايات كلها صحيحة عن حميد ، وليست مضطربة ، فقد سمعه من سعد بن هشام عن أبيه ، وسمعه من أبي الدهماء - واسمه قرفة بن بهيس - عنه ، ثم سمعه هو من هشام بدون واسطة كما في رواية معمر عن أيوب ، ويؤيده أنه جاء في ترجمة حميد من " التهذيب " أنه روى عن هشام بن عامر الأنصاري وابنه سعد . والله أعلم . والحديث شاهد من رواية رجل من الأنصار وهو الآتي بعده . 744 - (قوله (صلى الله عليه وسلم) " للحافر : " أوسع من قبل الرأس وأوسع من
[ 196 ]
قبل الرجلين ، رواه أحمد وأبو داود) . ص 174 صحيح . أخرجه أبو داود . (3335) وعنه البيهقي (5 / 335) من طريق عاصم بن كليب عن أبيه عن رجل من الأنصار قال : " خرجنا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " في جنازة ، فرأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو على القبر يوصي الحافر : أوسع من قبل رجليه ، أوسع من قبل رأسه ، فلما رجع استقبله داعي امرأة فجاء ، وجئ بالطعام ، فوضع يده ثم وضع القوم فأكلوا ، فنظر آباؤنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " يلوك لقمة في فمه ، ثم قال : أجد لحم شاة أخذت بغير اذن أهلها ، فأرسلت المرأة : يا رسول الله إنى أرسلت إلى البقيع يشتري لي شاة ، فلم أجد ، فأرسلت إلى امرأته ، فأرسلت إلي بها ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : اطعميه الأسارى " . وهذا سند صحيح كما قال الحافظ في " التلخيص " (163) وعزاه لأحمد أيضا بادئا به واتبعه المصنف وكل ذلك غير جيد ، فان الحديث بطوله عند أحمد (93 / 293 - 294) دون قصة القبر وقؤله " أوسع . . . " . 745 - (عن ابن عباس أنه كره أن يلقى تحت الميت في القبر شئ " ذكره الترمذي) . ص 175 ضعيف . قلت : ذكره الترمذي (1 / 195) تعليقا بدون إسناد ، كذلك علقه البيهقي (3 / 408) مشيرا إلى تضعيفه ، وأما حديث ابن عباس " جعل في قبر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " قطيفة حمراء " . أخرجه مسلم (3 / 61) والنسائي (1 / 283) والترمذي أيضا وابن أبي شيبة (4 / 135) وابن الجارود (269) . . فقد بينت رواية أخرى للترمذي من هو الجاعل ، فأخرج من طريق عثمان بن فرقد قال : سمعت جعفر بن محمد عن أبيه قال :
[ 197 ]
" الذي ألحد قبر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أبو طلحة ، والذي ألقى القطيفة تحته شقران مولى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، قال جعفر : وأخبرني عبيد الله بن أبي رافع قال : سمعت شقران مولى رسول الله (صلى الله عيله وسلم) يقول : أنا والله طرحت القطيف تحت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقال الترمذي : " حديث حسن غريب " . قلت : ورجاله كلهم ثقات رجال الصحيح ، ورواه ابن أبي شيبة من طريق حفص عن جعفر عن أبيه قال : " ألحد لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) " ، وألقى شقران في قبره قطيفة ، كان يركب بها في حياته " . قلت : وهذا مرسل صحيح . 746 - (خبر أبي موسى : لا تجعلوا بيني وبن الأرض شيئا) . ص 175 لم أقف على سنده . 747 - (حديث : بسم الله وعلى ملة رسول الله . رواه أحمد والترمذي) . ص 175 صحيح . أخرجه الترمذي (1 / 195) وابن ماجه (1550) وكذا ابن أبي شيبة (4 / 131) وابن السني (577) من طريق الحجاج عن نافع عن ابن عمر قال : " كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا وضع الميت في القبر قال : بسم الله ، وبالله ، وعلى سنة رسول الله " . وقال الترمذي : وقال مرة : " وعلى ملة رسول الله " . وقال الترمذي : " حديث حسن غريب من هذا الوجه ، وقد روي من غير هذا الوجه ، عن ابن عمر عن النبي (صلى الله عليه وسلم) ، ورواه أبو الصديق الناجي عن ابن عمر عن
[ 198 ]
النبي (صلى الله عليه وسلم) ، وقد روي عن أبي الصديق الناجي عن ابن عمر موقوفا أيضا " . قلت : الحجاج هو ابن أرطأة وهو مدلس وقد عبد هذه ، وقد تابعه ليث بن أبي سليم عن نافع عند ابن ماجه ، وليث ضعيف لاختلاطه . لكن يقويه الطريق الأخرى التي أشار إليها الترمذي ، رواها همام بن يحيى عن قتادة عن أبي الصديق عن ابن عمر . " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان إذا وضع الميت في القبر قال : بسم الله ، وعلى سنة رسول الله " . رواه أبو داود (3213) من طريق مسلم بن ابراهيم عن همام ، وهذا سند صحيح . لكن مسلما خولف في لفظه ، فأخرجه أحمد (2 / 27 / 40 - 41 ، 59 ، 127 - 128) من طريق وكيع وعبد الواحد الحداد وعفان ثلاثتهم عن همام به بلفظ : " قال رسول الله هذه : إذا وضعتم موتاكم في قبورهم فقولوا : بسم الله ، وعلى سنة رسول الله " فجعلوه من قوله (صلى الله عليه وسلم) أخرجه ابن أبي شيبة (4 / 131) وابن الجارود (268 - 269) والحاكم (1 / 366) والبيهقي (4 / 55) من طريق وكيع به . ورواه الحاكم من طريق عبد الله بن رجاء عن همام به . وقال : " صحيح على شرط الشيخين ، وهمام ثبت مأمون ، إذا أسند مثل هذا الحديث لا يعلل إذا أوقفه شعبة " . وقال البيهقي : " تفرد برفعه همام بهذا الإسناد ، وهو ثقة ، إلا أن شعبة وهشاما الدستوائي روياه عن قتادة موقرفا على ابنه عمر " . ثم ساق اسناده اليهما عن قتادة به موقوفا على ابن عمر من فعله ، وكذلك أخرجه ابن أبي شيبة والحاكم عن شعبة وحده . قلت : ولم يتفرد همام برفعه كما ادعى البيهقي فقد رواه ابن حبان من طريق سعيد عن قتادة مرفوعا . كما في " التلخيص " (164) فالصواب أن
[ 199 ]
الحديث صحيح مرفوعا وموقوفا . وقد ذكر له الحاكم شاهدا من حديث البياضي - وهو مشهور في الصحابة - عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه قال : " إذا وضع الميت في قبره ، فليقل الذين يضعونه حين يوضع في اللحد : باسم الله ، وبالله ، وعلى ملة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قلت : وسكت عليه هو والذهبي ، وسنده صحيح . 748 - (قوله (صلى الله عليه وسلم) " في الكعبة : " قبلتكم أحياء وأمواتا ") . ص 175 حسن . وتقدم (690) . 749 - الحديث أن النبي (صلى الله عليه وسلم) : كان يدفن كل ميت في قبر ") . ص 175 لا أعرفه ، وإن كان معناه صحيحا معلوما بالتتبع والاستقراء ، والمؤلف أخذ ذلك من قول الرافعي : " الاختيار أن يدفن كل ميت في قبر ، كذلك فعل (صلى الله عليه وسلم) " . فقال الحافظ في تخريجه (167) : " لم أره هكذا ، لكنه معروف بالاستقراء " . ومما يدل لصحة معناه حديث هشام بن عامر : " لما كان يوم أحد ، شكوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) القرح ، فقالوا : يا رسول الله يشتد علينا الحفر لكل انسان ، قال : احفروا وأعمقوا واحسنوا وادفنوا الاثنن والثلاثة في قبر . . . .) الحديث وهو صحيح كما تقدم (743) ومثله الحديث الآتي .
[ 200 ]
750 - (حديث " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) " لما كثر القتلى يوم أحد كان يجمع بين الرجلين في القبر الواحد ويسأل : أيهم أكثر أخذا للقرآن فيقدمه في اللحد " حديث صحيح) ص 175 . صحيح . وتقدم لفظه وتخريجه (707) . 751 - (حديث أبي هريرة : " فحثى عليه من قبل رأسه ثلاثا " رواه ابن ماجه) . ص 175 صحيح . أخرجه ابن ماجه (1565) وعبد الغني المقدسي في " السنن " (1 / 123 / 2) من طريق يحيى بن صالح ثنا سلمة بن كلثوم ثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة . (أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة ، ثم أتى قبر الميت ، فحثا عليه من قبل رأسه ثلاثا " . قلت : وهذا سند صحيح ، رجاله ثقات ، كما قال البوصيري في " الزوائد " (ق 97 / 2) وقال الحافظ في " التلخيص " (165) : " اسناده ظاهره الصحة ، ورجاله ثقات ، وقد رواه ابن أبي داود في " كتاب التفرد " له من هذا الوجه وزاد في (المتن) : أنه كبر عليه أربعا (1) وقال بعده : ليس يروى في حديث صحيح أنه (صلى الله عليه وسلم) كبر على جنازة أربعا إلا هذا ، فهذا حكم فيه بالصحة على هذا الحديث . لكن قال أبو حاتم في " العلل " : " هذا حديث باطل " وهو إمام لم يحكم عليه بالبطلان إلا بعد أن تبين له ، وأظن العلة فيه عنعنة الأوزاعي وعنعة شيخه . وهذا كله إن كان يحيى بن صالح هو الوحاظي شيخ البخاري . والله أعلم) . (1) قلت : وهي عند المقدسي أيضا .
[ 201 ]
إرواء الغليل ج 3 من ص 201 إلى ص 300 قلت : أما أن يحيى هذا هو الوحاظي ، فهو مما لا شك فيه ، ولا يحتمل غيره . وأما أن العلة العنعنة المذكورة ، فكلا ، فقد احتج الشيخان بها في غير ما حديث . وإذا كان الاسناد ظاهر الصحة ، فلا يجوز الخروج عن هذا الظاهر إلا لعلة ظاهرة قادحة ، وقول أبي حاتم " حديث باطل " جرح غير مفسر كما يشعر بذلك قول الحافظ نفسه " لم يحكم عليه إلا بعد أن تبين له " ، والجرح الذي لم يفسر حري بأن لا يقبل ، ولو من إمام كأبي حاتم ، لا سيما وهو معروف بتشدده في ذلك ، وخاصة وقد خولف في ذلك من ابن أبي داود كما رأيت . على أنني لم أجد قول أبي حاتم المذكور في " الجنائز " من " العلل " ، وإنما وجدت فيه الزيادة التي عند ابن أبي داود فقط ، أوردها ابنه (1 / 348) من طريق الأوزاعي به وقال عن أبيه وأبي زرعة : " لا يوصلونه ، يقولون : عن أبي سلمة أن النبي (صلى الله عليه وسلم) . مرسل . إلا اسماعيل بن عياش وأبو المغيرة فانهما رويا عن الأوزاعي كذلك " . فهذا يدل على أن علة الحديث عند أبي حاتم ليست هي العنعنة كما ظن الحافظ ابن حجر ، وإنما الارسال ، ويدل أيضا على أن أبا حاتم لم يقف على رواية سلمة بن كلثوم هذه عن الأوزاعي ، وإلا لذكرها مع رواية ابن عياش وأبي المغيرة . واتفاق هؤلاء الثلائة على وصل الحديث دليل على صحته ، وعلى ضعف اعلال أبي حاتم إياه بالارسال . والله أعلم . ثم رأيت الحديث في (تاريخ ابن عساكر) (17 / 275 / 2) أخرجه من طريق محمد بن كثير المصيصي الأوزاعي حدثني يحيى بن أبي كثير حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن به . وفيه الزيادة . وهذا سند ، ظاهره الجودة ، لكنه في الطريق إليه أبو علي محمد بن هارون بن شعيب الأنصاري وهو متهم . وللحديث شاهدان : أحدهما عن عامر بن ربيعة ويأتي في الكتاب بعده . والآخر عن جعفر بن محمد عن أبيه .
[ 202 ]
" أن النبي (صلى الله عليه وسلم) حثا على الميت ثلاث حثيات بيديه جميعا " . أخرجه الشافعي (1 / 218) : أخبرنا ابراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد به . وهذا مع إرساله فإن إبراهيم هذا ضعيف جدا . وقال موسى بن عبيدة : عن يعقوب عن زيد : " أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حثا في قبر " . رواه ابن أبي شيبة (4 / 132) وهو مرسل ضعيف . ثم روى هو والبيهقي عن عمير بن سعيد " أن عليا حثا في قبر ابن المكفف " . وسنده صحيح . 752 - (والدارقطني معناه من حديث عامر بن ربيعة وزاد " وهو قائم ") . ص 175 ضعيف . رواه الدارقطني (192) والبيهقي (3 / 410) عن القاسم ابن عبد الله العمري عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن ابيه قال : " رأيت النبي (صلى الله عليه وسلم) حين دفن عثمان بن مظعون صلى عليه ، وكبر عليه أربعا ، (وحثا على قبره بيده ثلاث حثيات من التراب ، وهو قائم عند رأسه) وقال البيهقي : " إسناده ضعيف ، إلا أن له شاهدا من جهة جعفر بن محمد عن أبيه عن النبي (صلى الله عليه وسلم) مرسلا ، ويروى عن أبي هريرة مرفوعا " . قلت : حديث أبي هريرة وجعفر بن محمد تقدما في الذي قبله ، والعمدة في هذا الباب إنما هو حديث أبي هريرة لصحه سنده كما سبق بيانه ، وأما حديث جعفر فواه جدا كما تقدم أيضا .
[ 203 ]
وأما هذا فمثله ، ولقد ألان البيهقي القول فيه ، وإلا فهو أشد ضعفا مما ذكر ، لأن القاسم هذا متروك رماه أحمد بالكذب كما في " التقريب " فمثله لا يشهد له ، ولا يستشهد به . (تنبيه) سبق في حديث أبي هريرة من كلام ابن أبي داود أنه " ليس يروي في حديث صحيح أنه (صلى الله عليه وسلم) كبر على جنازة أربعا إلا هذا " . وهذا عجب منه ، فقد ثبت التكبير أربعا من حديث جابر أيضا عند البخاري ، وحذيفة بن أسيد عند الطيالسي بسند صحيح كما تقدم برقم (726) . 753 - (حديث أبي أمامة في التلقين . رواه أبو بكر عبد العزيز في " الشافي ") ص 175 . ضعيف . أخرجه الطبراني في " الكبير " عن سعيد بن عبد الله الأودي قال : " شهدت أبا أمامة الباهلي وهو في النزع ، فقال : إذا أنا مت فاصنعوا بي كما أمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال : أذا مات أحد من إخوانكم فسويتم التراب عليه ، فليقم أحدكم على رأس قبره ثم ليقل : يا فلان بن فلان بن فلانة فإنه يسمع ولا يجيب ، ثم يقول : يا فلان بن فلانة ، فإنه يستوي قاعدا ثم يقول : يا فلان بن فلانة فانه يقول : أرشدنا رحمك الله ، ولكن لا تشعرون ، فليقل : اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة : أن لا اله الا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأنك رضيت بالله ربا ، وبالاسلام دينا ، وبمحمد نبيا ، وبالقرآن إماما ، فان منكرا ونكيرا يأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه ويقول : انطلق بنا ما نقعد عند من لقن حجته ، فيكون الله حجيجه دونهما ، قال رجل : يا رسول الله فإن لم يعرف أمه ؟ قال : فينسبه إلى حواء : يا فلان بن حواء " . قال الهيثمي (2 / 324) : " وفيه من لم أعرفه جماعة " . وأما الحافظ فقال في " التلخيص "
[ 204 ]
(167) بعد أن عزاه للطبراني : " وإسناده صالح ، وقد قواه الضياء في أحكامه ، وأخرجه عبد العزيز في " الشافي " ، والراوي عن أبي أمامة سعيد الأزدي (1) بيض له ابن أبي حاتم ، ولكن له شواهد ، منها ما رواه سعيد بن منصور من طريق راشد بن سعد وضمرة ابن حبيب وغيرهما قالوا : إذا سوي على الميت قبره ، وانصرف الناس عنه ، كانوا يستحبون أن يقال للميت عند قبره : يا فلان قل لا اله إلا الله ، قل أشهد أن لا إله إلا الله ثلاث مرات ، قل ربي الله ، وديني الأسلام ونبيي محمد ثم ينصرف . . . .) . قلت : وفي كلام الحافظ هذا ملاحظات : أولا : كيف يكون إسناده صالحه ، وفيه ذلك الأزدي أو الأودي ، ولم يوثقه أحد ، بل بيض له ابن أبي حاتم كما ذكر الحافظ نفسه ، ومعنى ذلك أنه مجهول لديه لم يقف على حاله ؟ ! ثانيا : إنه يوهم أن ليس فيه غير ذلك الأزدي ، وكلام شيخه الهيثمي صريح بأن فيه جماعة لا يعرفون ، وقد وقفت على إسناده عند الضياء المقدسي في " المنتقى من مسموعاته له بمرو " (ق 5 / 2) رواه من طريق علي بن حجر ثنا حماد ابن عمرو عن عبد الله بن محمد القرشي عن يحيى ابن أبي كثير عن سعيد الأودي قال : " شهدت أبا أمامة الباهلي . .) ورواه ابن عساكر (8 / 151 / 2) من طريق اسماعيل بن عياش نا عبد الله بن محمد به . قلت : وعبد الله هذا لم أعرفه ، والظاهر أنه أحد الجماعة الذين لم يعرفهم الهيثمي . ثالثا : أن قوله " له شواهد " فيه تسامح كثير ! فان كل ما ذكره من ذلك لا يصلح شاهدا لانها كلها ليس فيها من معنى التلقين شئ اطلاقا إذ كلها تدور (1) كذا الأصل (الأزدي) وكذلك هو في " الجرح والتعديل) (2 / 1 / 76) . وفي (المجمع) (الأودي) . وكذلك هو في (المنتقى) للضياء فالله أعلم .
[ 205 ]
حول الدعاء للميت ! ولذلك لم أسقها في جملة كلامه الذي ذكرته ، اللهم إلا ما رواه سعيد بن منصور ، فإنه صريح في التلقين ، ولكنه مع ذلك فهو شاهد قاصر ، إذ الحديث اشمل منه وأكثر مادة إذ مما فيه " أن منكرا ونكيرا يقولان : ما نقعد عند من لقن حجته ؟ " فاين هذا في الشاهد ؟ ! ومع هذا فانه لا يصلح شاهدا ، لأنه موقوف بل مقطوع ، ولا أدري كيف يخفى مثل هذا على الحافظ عفا الله عنا وعنه . ثم قال : " وقال الأثرم : قلت : لأحمد : هذا الذي يصنعونه إذا دفن الميت يقف الرجل ويقول : يا فلان بن فلانة ؟ قال : ما رأيت أحدا يفعله إلا أهل الشام حين مات أبو المغيرة ، يروى فيه عن أبي بكر بن أبي مريم عن أشياخهم أنهم كانوا يفعلونه ، وكان إسماعيل بن عياش يرويه ، يشير إلى حديث أبي أمامة " . وليت شعري كيف يمكن أن يكون مثل هذا الحديث صالحا ثابتا ، ولا أحد من السلف الأول يعمل به ؟ ! وقد قال النووي في " المجموع " (5 / 304) والعراقي في " تخريج الإحياء " (4 / 420) : " إسناده ضعيف " . وقال ابن القيم في " زاد المعاد " (1 / 206) : " حديث لا يصح " . 754 - (حديث " لقنوا موتاكم لا إله إلا الله ") . ص 175 صحيح . وقد مضى (686) . 755 - (حديث " رش على قبر ابنه ماء ووضع عليه حصباء " رواه الشافعي) . ضعيف . قال الشافعي (1 / 218) : أخبرنا إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد عنه أبيه : " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) رش على قبر ابراهيم ابنه ، ووضع عليه حصباء " . قلت : وهذا مع ارساله ضعيف جدا من أجل إبراهيم هذا فإنه متهم .
[ 206 ]
ومن طريق الشافعي رواه البيهقي (3 / 411) . ثم أخرج هو وأبو داود في " المراسيل ، من طريق الدراوردي عن عبد الله بن محمد بن محمد عن أبيه : " أن رسول الله (وصلى الله عليه وسلم) ، رش على قبر ابراهيم ، وانه أول قبر رش عليه ، وأنه قال حين دفن وفرغ منه : سلام عليكم ، ولا أعلمه إلا قال : حثا عليه بيديه " . ورجاله ثقات مع إعضاله ، وقوله في " التلخيص " (165) : " مع ارساله " يوهم أنه مرسل تابعي وليس كذلك ، فإن محمدا هذا هو ابن عمر بن على بن أبي طالب من أتباع التابعين ، روى عن جده مرسلا وعن ابيه وعمه محمد بن الحنفية وغيرهم . رواه البيهقي من طريق أخرى عن عبد العزيز - وهو الدراوردي - عن جعفر بن محمد عن أبيه : " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) رش على قبره الماء ، ووضع عليه حصباء من حصباء العرصة ، ورفع قبره قدر شبر " . وقال " وهذا مرسل " . قلت : وهو صحيح الإسناد . ثم روى من طريق أخرى عن جعفر بن محمد عن أبيه : " أن الرش على القبر كان على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " وهذا سند صحيح مرسل . وعن محمد بن عمر الواقدي عن عبد الله بن جعفر عن ابن أبي عون عن أبي عتيق عن جابر بن عبد الله قال : (رش على قبر النبي (صلى الله عليه وسلم) الماء رشا . قال : وكان الذي رش الماء على قبره بلال بن ربع بقربة ، بدأ من قبل رأسه من شقه الأيمن حتى انتهى إلى رجليه ، ثم ضرب بالماء إلى الجدار ، لم يقدر أن يدور على الجدار " . والواقدي متهم .
[ 207 ]
756 - (حديث جابر " أن النبي (صلى الله عيله وسلم) " رفع قبره عن الأرض قدر شبر (رواه الشافعي) . ص 176 رواه البيهقي (3 / 410) من طريق الفضيل بن سليمان عن جعفر بن محمد عن ابيه عن جابر : " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) ألحد له لحدا ، ونصب عليه اللبن نصبا ، وذكر الحديث قال : رفع قبره من الأرض نحوا من شبر " . وقال البيهقي : " كذا وجدته " . يعني موصولا بذكر جابر فيه . ثم رواه من طريق عبد العزيز عن جعفر بن محمد عن أبيه به مرسلا نحوه وقد تقدم لفظه في الذي قبله . وكأن البيهقي يشير إلى ترجيح هذا المرسل ، وهو الظاهر فإن الذي وصله وهو الفضيل بن سليمان لا يحتج بمخالفته لمن هو أوثق منه ، وهو وإن احتج به الشيخان فقد قال الحافظ في " التقريب ، : " صدوق ، له خطأ كثير " . نعم رواه . ابن حبان أيضا في صحيحه عن جعفر بن محمد به موصولا كما في " نصب الراية) (2 / 303) و (التلخيص) (165) ، ولم يذكرا - مع الأسف - الراوي عن جعفر ، فان كان هو الفضيل هذا ، فقد عرفت حاله ، وإن كان غيره فالحديث صحيح . والله أعلم . 757 - (حديث جابر : " نهى النبي (صلى الله عليه وسلم " ان يجصص القبر وأن يبنى عليه ، وأن يقعد عليه " رواه مسلم زاد الترمذي : وأن يكتب عليها) . صحيح . رواه مسلم (3 / 62) وكذا إبو داود (3225) والنسائي (1 / 285) والترمذي (1 / 196) والحاكم (1 / 370) والبيهقي (4 / 4) وأحمد (3 / 295 ، 332) وابن أبي شيبة (4 / 134 ، 136 ، 137) من طرق عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : سمعت النبي (صلى الله عليه وسلم) فذكره . والزيادة التي عند الترمذي هي عند الحكم أيضا من هذا الوجه . ولابن
[ 208 ]
ماجه (1562) منه النهي عن التجصيص . ثم أخرج أبو داود (3226) والنسائي (1 / 284 - 285) وابن ماجه (1563) من طريق سليمان بن موسى عن جابر الزيادة فقط . وهذا سند صحيح أيضا ، أيضا زيادة صحيحة ، إلا أن الحاكم أعلها بعلة عجيبة فقال : " إنها لفظة صحيحة غريبة ، وليس العمل عليها ، فإن أئمة المسلمين من الشرق إلى الغرب مكتوب على قبورهم ، وهو عمل أخذ به الخلف عن السلف " . وتعقبه الذهبي بقوله : " قلت : ما قلت طائلا ، ولا نعلم صحابيا فعل ذلك ، وإنما هو شئ أحدثه بعض التابعين فمن بعدهم ، ولم يبلغهم النهي " . قلت : ومما يرد كلام الحاكم ثبوت كراهة الكتابة ونحوها عن السلف فروى ابن أبي شيبة بسند صحيح عن محمد (وهو ابن سيرين) أنه كره أن يعلم القبر . وعن ابراهيم قال : كانوا يكرهون أن يعلم الرجل قبره . وعن فهد عن القاسم أنه أوصى قال : يا بني لا تكتب على قبري ، ولا تشرفنه إلا قدر - الأصل قبر - ما يرد عني الماء . وفهد هذا لم أعرفه ، والقاسم هو ابن محمد بن أبي بكر الصديق . 758 - (روى أحمد " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) رأى رجلا قد اتكأ على قبر ، فقال : لاتؤذه ") . ص 176 ضعيف . ولا أدري اين أخرجه أحمد ؟ فقد أوراه الهيثمي في " المجمع " (3 / 61) ولم يعزه لأحمد ، ولا عزاه إليه أحد غيره ، فقال : " وعن عمارة بن حزم قال : رآني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) جالسا على قبر ، فقال : يا صاحب القبر ! انزل من على القبر ، لاتؤذ صاحب القبر ، ولا يؤذك . رواه الطبراني في الكبر وفيه ابن لهيعة ، وفيه كلام ، وقد وثق " .
[ 209 ]
759 - (قوله (صلى الله عليه وسلم) " لعلي : " لا تدع تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته ، رواه مسلم) . ص 176 صحيح . رواه مسلم (3 / 61) وأبو نعيم في (المستخرج) (15 / 33 / 2) وأبو داود (3218) والنسائي (1 / 285) والترمذي (1 / 195) والبيهقي (4 / 3) والطيالسي (155) وأحمد (1 / 96 ، 124) من طريق حبيب بن أبي ثابت عن أبي وائل عن أبي الهياج الأسدي قال : " قال لي علي بن أبى طالب : ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ؟ أن لا تدع . . " الحديث . ورواه الحاكم أيضا (1 / 369) مستدركا على الشيخين فوهم في استدراكه على مسلم ، وصححه على شرط الشيخين ، وأبو الهياج لم يرو له البخاري ، وقال الترمذي : " حديث حسن " . قلت : وفي هذا الإسناد علة وهي عنعنة حبيب فقد كان مدلسا ولم يصرح بالتحديث في شئ من هذه الطرق إليه ، لكن الحديث صحيح فان له طرقا أخرى يتقوى بها : 1 - قال الطيالسي (96) : حدثنا شعبة عن الحكم عن رجل من أهل البصرة - ويكنيه أهل البصرة أبو المودع ، وأهل الكوفة يكنونه بأبي محمد ، وكان من هذيل - عن علي بن أبي طالب قال : " كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في جنازة ، فقال : أيكم يأتي بالمدينة فلا يدع فيها وثنا إلا كسره ولا صورة إلا لطخها ولا قبرا إلا سواه ؟ فقام رجل من القوم فقال : يارسول الله أنا ، فانطلق الرجل ، فكأنه هاب أهل المدينة فرجع ، فانطلق علي ، فرجع فقال : ما أتيتك يارسول الله حتى لم أدع فيها وثنا إلا كسرته ، ولا قبرا إلا سويته ، ولا صورة إلا لطختها ، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) من عاد لصنعة شئ منها ، فقال فيه قولا شديدا ، وقال لعلي : لا تكن فتانا ولا مختالا ، ولا تاجرا إلا تاجر خير ، فان أولئك المسبوقون في العمل " .
[ 210 ]
وكذا رواه أحمد (1 / 87 ، 138) من طرق عن شعبة به ، وفيه " من عاد لصنعة شئ من هذا فقد كفر بما أنزل على محمد " . ورجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي المودع أو أبي محمد فهو مجهول كما قال في " التقريب " وغيره . 2 - عن أشعث بن سوار عن ابن أشوع عن حنش بن المعتمر : " أن عليا رضى الله عنه بعث صاحب شرطته فقال : أبعثك كما بعثني له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : لا تدع قبرا إلا سويته ، ولا تمثالا إلا وضعته " . أخرجه ابن أبي شيبة (4 / 139) وأحمد (1 / 145 ، 150) ، وابن أشوع اسمه سعيد بن عمرو ، وهو ثقة من رجال الشيخين ، وابن سوار مختلف فيه ، وروى له مسلم متابعة ، فهو إسناد لا بأس به في الشواهد . 3 - عن يونس بن خباب عن جرير بن حبان عن أبيه : " أن عليا رضى الله عنه قال لأبيه : لأبعثنك فيما بعثني فيه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : أن أسوي كل قبر وأن أطمس كل صنم " . رواه أحمد (1 / 111) وإسناده ضعيف . 4 - عن الفضل بن صدقة عن أبي اسحاق عن أبي الهياج الأسدي به مثل حديث ابن أبي ثابت . رواه الطبراني في " الصغير " (ص 29) والمفضل هذا ضعيف . وبالجملة فهذه أربع طرق للحديث لا يشك كل من وقف عليها في صحته لاسيما وله شاهد من حديث ثمامة بن شفي قال : " كنا مع فضالة بن عبيد بأرض الروم ب (رودس) فتوفي صاحب لنا فأمر فضالة بن عبيد بقبره فسوي ، ثم قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يأمر بتسويتها " . أخرجه مسلم وأبو نعيم في " المستخرج " وأبو داود (3219) والنسائي
[ 211 ]
والبيهقي وأحمد (6 / 18) . 760 - (حديث بسير بن الخصاصية قال : " بينما أنا أمشي مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " ، إذا رجل يمشي في القبور ، عليه نعلان ، فقال يا : صاحب السبتيتين ألق سبتيتيك (1) ، فنظر الرجل ، فلما عرف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، خلعهما ، فرمى بهما " رواه أبو داود . قال أحمد : إسناده جيد) . ص 177 البخاري في " الأدب المفرد " (775 ، 829) وأبو داود (3230) والحاكم (1 / 373) وعنه البيهقي (4 / 80) وأحمد (5 / 224) وابن أبي شيبة (4 / 170) وابن حبان (790) والطبراني في " الكبير " (1 / 62 / 1) عن خالد بن سمير عن بشير بن نهيك عن بشير بن الخصاصية به . وقال الحاكم : " صحيح الإسناد " . ووافقه الذهبي . قلت : وهو كما قالا . ورواه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (394) من حديث عصمة بن مالك الخطمي ، مختصرا نحوه ، وفيه الفضل بن المختار ، وهو ضعيف . (فائدة) (بسير) كذا وقع عند الجميع بالسين المهملة حاشا ابن أبي شيبة فبالشين المعجمة ، وكذلك ضبطه في " الخلاصة " خلافا للذهبي في " المشتبه " وإبن ناصر الدين الدمشقي في " توضيحه " (2 / 107 / 2) فإنهما أورداه بالسين المهملة ، لعله الصواب . 761 - (قول ابن عباس : " لعن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " زائرات القبور (1) الأصل (سبتيك) . والتصويب من أبي داود .
[ 212 ]
والمتخذين عليها المساجد والسرج) رواه أبو داود والنسائي) . ص 177 ضعيف . أخرجه أبو داود (3236) والنسائي (1 / 287) والترمذي (2 / 136 - طبع شاكر) وابن أبي شيبة في " المصنف " (4 / 140) والحاكم (1 / 374) والبيهقي (4 / 78) والطيالسي (1 / 171) وأحمد (1 / 229 ، 287 ، 324 ، 337) والبنوي في " حديث علي بن الجعد " (7 / 70 / 1) والطبراني في " الكبير) " (3 / 174 / 2) وأبو عبد الله القطان في (حديثه) (ق 54 / 1) من طريق محمد بن جحادة قال : سمعت أبا صالح (زاد أحمد وغيره : بعد ماكبر) عن ابن عباس قال : فذكره . وقال الحاكم وتبعه الذهبي : " أبو صالح باذان ، ولم يحتجا به " . قلت : وذلك لضعفه ، وأما الترمذي فقال : (حديث حسن ، وأبو صالح هذا هو مولى أم هانئ بنت أبي طالب واسمه باذان ، ويقال : باذام أيضا " . قلت : وقد ضعفه جمهور العلماء ، ولم يوثقه أحد إلا العجلي وحده كما قال الحافظ في " التهذيب " ، بل كذبه اسماعيل أبي خالد والأزدي ، ووصمه بعضهم بالتدليس ، وقال الحافظ في " التقريب " : " ضعيف مدلس " . وكأنه لهذا قال ابن الملقن في " خلاصة البدر المنير " (ق 59 / 1) بعد أن حكى تحسين الترمذي للحديث : " قلت : فيه وقفة لنكتة ذكرتها في الأصل (يعني البدر المنير) ، ولم أقف عليه ، لنقف على بيان هذه النكتة ، ولا يبعد أن يعني بها ضعف أبي صالح المذكور ، وبه أعله عبد الحق الأشبيلي في " أحكامه الكبرى " (80 / 1) فقال : (وهو عندهم ضعيف جدا) ومن ذلك تعلم ما في تحسين الترمذي للحديث من تساهل ، وإن تبعه عليه
[ 213 ]
العلامة أحمد شاكر رحمه الله تعالى ، فإنه - عندي - من المتساهلن في التوثيق والتصحيح . فإن قيل : لعل الترمذي إنما حسنه لشواهده ، لا لذاته ؟ . قلت : ذلك محتمل ، والواقع أن الحديث له شواهد كثيرة في جملتيه الأوليين ، وأما (السرج) فليس لها شاهد البتة ، فيما علمت ، ولذا لا يمكن القول بتحسين الحديث بتمامه ، بل باستثناء السرج ، وقد ذكرت الشواهد المشار إليها في كتابي " تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد " وباختصار في " الأحاديث الضعيفة " (رقم 223) فليرجع إليهما من شاء . 762 - (حديث : " أنه (صلى الله عليه وسلم) " كان يدفن أصحابه بالبقيع) . ص 177 لا أعرفه بهذا اللفظ ، وإن كان معناه ثابتا في أحاديث كثيرة منها حديث عائشة قالت : " كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول : السلام عليكم دار قوم مؤمنين . . . " الحديث . رواه مسلم وغيره ، وسيأتي برقم (776) . والحديث أورده الرافعي بلفظ " كان يدفن أصحابه في المقابر ، . فقال الحافظ في تخريجه (163) : " لم أجده هكذا ، لكن في الصحيح أنه أتى المقبرة فقال : السلام عليكم دار قوم مؤمنين . وفي هذا الباب عدة أحاديث " . 763 - (حديث عائشة مرفوعا : " كسر عظم الميت ككسر عظم الحي " رواه أبو داود ، ورواه ابن ماجه عن أم سلمة وزاد " في الإثم ") . ص 177
[ 214 ]
صحيح . أخرجه أبو داود (3207) وابن ماجه (1616) والطحاوي في (مشكل الآثار) (2 / 108) وابن عدي في " الكامل " (ق 173 / 2) وعنه أبو نعيم في أخبار اصبهان " (2 / 186) والدارقطني (367) والبيهقي (4 / 58) وأحمد (6 / 58 ، 168 - 169 ، 200 ، 364) من طرق عن سعد بن سعيد - أخي يحيى بن سعيد - عن عمرة عن عائشة به . وزاد الدارقطني وحده : " في الإثم " وفي رواية : " يعني في الإثم " ، فهي تفسير من بعض الرواة . وقال ابن عدي : " مداره على سعد بن سعيد ، قال أحمد : ضعيف الحديث ، وقال النسائي : ليس بالقوي " . قلت : هو سئ الحفظ ، ولكنه لم يتفرد به ، بل تابعه جماعة ، فمن الغريب أن يخفى ذلك على مثل ابن عدي ، فهاك رواياتهم : 1 - يحيى بن سعيد أخو سعد بن سعيد ! . أخرجه البيهقي والضياء المقدسي في (المنتقى من مسموعاته بمرو) (ق 28 / 2) من طريق أبي أحمد الزبيري ثنا سفيان به . وقال الضياء : " قال الحبابي : عجيب عن سفيان " . قلت : ورجاله كلهم ثقات رجال الشيخين فهو صحيح الاسناد مع غرابته . 2 - أبو الرجال محمد بن أبي الرجال عن عمرة به . أخرجه أحمد (6 / 105) والخطيب (12 / 106) وكذا أبو نعيم في (الحلية) (7 / 95) واسناده صحيح على شرط الشيخين . وفي رواية لأحمد (6 / 100) عن محمد بن عبد الرحمن الأنصاري قال : قالت لي عمرة : اعطني قطعة من أرضك أدفن فيها ، فاني سمعت عائشة
[ 215 ]
تقول : كسر عظم الميت مثل كسر عظم الحي . قال محمد : وكان مولى من أهل المدينة يحدثه عن عائشة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) . وسنده صحيح ، وظاهره أن محمد بن عبد الرحمن الأنصاري (وهو أبو الرجال) لا يعرف عن عمرة مرفوعا ، وإلا لم يحتج إلى ذكر رواية المولى المرفوعة ، فهذه الرواية لعل الرواية الأولى ، وتبين أن رفع الحديث عن أبي الرجال وهم من بعض الرواة عنه ، والله أعلم . لكن الحديث صحيح رفعه من الطرق الأخرى . 3 - محمد بن عمارة عن عمرة به مرفوعا . أخرجه الطحاوي . وابن عمارة هذا سئ الحفظ أيضا ، فلا بأس به في الشوهد . 4 - حارثة بن محمد عن عمرة . أخرجه الطحاوي الخطيب (13 / 120) ، وحارثة ضعيف . والحديث طريق أخرى عن عائشة ، يرويه زهير بن محمد عن اسماعيل ابن أبي حكيم عن القاسم عنها . أخرجه الدارقطني . ورجاله كلهم ثقات غير أن زهير بن محمد وهو أبو المنذر الخراساني فيه ضعف . وأما حديث أم سلمة الذي فيه الزيادة ، فهو من طريق عبد الله بن زياد : أخبرني أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة عن أمه عن أم سلمة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : " كسر عظم الميت ككسر عظم الحي في الإثم " . أخرجه ابن ماجه (1617) ، قال البوصيري في " الزوائد " (ق (103 / 1) : " فيه عبد الله بن زياد مجهول ، ولعله عبد الله بن زياد بن سمعان المدني
[ 216 ]
أحد المتروكين فإنه في طبقته ، وله شاهد من حديث عائشة رواه أبو داود وابن ماجه وابن حبان " . 764 (حديث عمرو بن حزم مرفوعا (ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله عز وجل من حلل الجنة " رواه ابن ماجه) . ص 178 ضعيف . أخرجه ابن ماجه (1601) والبيهقي (4 / 59) من طريق قيس أبي عمارة مولى الأنصار قال : سمعت عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم يحدث عن أبيه عن جده عن النبي (صلى عليه وسلم) أنه قال فذكره إلا أنه قال : " من حلل الكرامة يوم القيامة) . قلت : وهذا سند ضعيف ، قال البوصيري في " الزوائد " (ق (101 / 2) : هذا إسناد فيه مقال ، قيس أبو عمارة ، ذكره ابن حبان في (الثقات) ، وقال الذهبي في " الكاشف " : " ثقة " ، وقال البخاري : " فيه نظر " . قلت : وباقي رجال الإسناد على شرط مسلم ، رواه ابن أبي شيبة في مسنده هكذا ، ورواه عبد بن حميد " . قلت : وأنا متعجب من قول الذهبي فيه " ثقة " مع أنه لم يوثقه أحد غير ابن حبان ، وعهدي بالذهبي أنه لا يقيد بتوثيقه ، ولا سيما خالف فيه لا الأئمة البخاري فقد جرحه أشد الجرح بألين عبارة ، وهو قوله : (فيه نظر) . وقد نقله الذهبي في " الميزان " . ولم يزد عليه شيئا . وأورده العقيلي في " الضعفاء " (258) وساق له حديثين آخرين (1) ثم قال : " لا يتابع عليهما) ثم إن في الحديث إرسالا لم أر من نبه عليه ، فانه من رواية عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن ابيه عن جده ، فجده إنما هو محمد بن (1) وقول الحافظ في (التهذيب) احدهما الذي أخرجه ابن ماجه في " التعزية بالميت) وهم منه ، فليس هذا الحديث احدهما .
[ 217 ]
عمرو بن حزم ، قال الحافظ في " التقريب " : (له رؤية ، وليس له سماع إلا من الصحابة " . فجعل المصنف الحديث من مسند عمرو بن حزم وهم منه . الحديث سكت عليه الحافظ في (التلخيص) (168) وقد وجدت له شاهدا بلفظ : (من عزى أخاه المؤمن في مصيبة كساه الله حلة خضرا يحبر بها . قيل : ما يحبر بها ؟ قال : يغبط بها " . أخرجه الخطيب (7 / 397) وابن عساكر (15 / 91 / 1) عن قدامه بن محمد حدثنا أبي عن بكير بن عبد الله الأشج عن ابن شهاب عن أنس مرفوعا . وهذا سند رجاله ثقات غير محمد والد قدامة وهو الاشجعي . فلم أجد له ترجمة . وقد رواه ابن أبي شيبة (4 / 164) عن أبي مودود عن طلحة بن عبيد الله بن كريز قال : فذكره موقوفا عليه . قلت : وهذا سند رجاله كلهم ثقات ، وأبو مودود هذا اسمه عبد العزيز ابن أبي سليمان ، وابن كريز تابعي ، فالحديث مرسل جيد ، وهو وإن كان موقوفا عليه ، فانه في حكم المرفوع فانه مما لا يقال من قبل الرأي ، لا سيما ، وقد روي مرفوعا عن أنس كما رأيت ، فالحديث بمجموع الطريقين حسن عندي . والله أعلم . وروى الترمذي (1 / 200) من طريق أم الأسود عن منية بنت عبيد بن أبي برزة عن جدها أبي برزة قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " من عزى ثكلى كسي بردا في الجنة " . وقال : " حديث غريب ، وليس إسناده بالقوي " . 765 - (عن ابن مسعود مرفوعا : " من عزى مصابا فله مثل أجره ، رواه ابن ماجه والترمذي وقال : غريب) . ضعيف . رواه الترمذي (1 / 199) وابن ماجه (1602) والبيهقي
[ 218 ]
(4 / 59) والخطيب (4 / 25 ، 450 - 451) من طرق عن علي بن عاصم ثنا محمد بن سوقة عن ابراهيم عن الأسود عن عبد الله بن مسعود به . وقال الترمذي : (حديث) غريب ، لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث علي بن عاصم ، وروى بعضهم عن محمد بن سوقة بهذا الإسناد مثله موقوفا ولم يرفعه . ويقال : أكثر ما ابتلى به علي بن عاصم بهذا الحديث ، نقموا عليه " . وقال البيهقي : " تفرد به علي بن عاصم ، وهو أحد ما أنكر عليه ، وقد روي عن غيره . والله أ علم " . وذكر الخطيب نحوه ثم قال (11 / 453 - 454) : " قلت : وقد روى حديث ابن سوقة عبد الحكيم بن منصور مثل ما رواه علي بن عاصم ، وروي كذلك عن سفيان الثوري وشعبة واسرائيل ومحمد بن الفضل بن عطية وعبد الرحمن بن مالك بن مغول والحارث بن عمران الجعفري . كلهم عن ابن سوقة ، وقد ذكرنا أحاديثهم في مجموعنا لحديث محمد بن سوقة ، وليس شئ منها ثابتا " . قلت : وحديث الثوري أخرجه تمام في " الفوائد " (ق 191 / 2) والعقيلي في (الضعفاء) (299) وأبو نعيم (5 / 9) من طريق حماد بن الوليد الكوفي عنه . وقال أبو نعيم : (تفرد به عنه حماد " . قال الحافظ " التلخيص " (168) : " وهو ضعيف جدا ، وكل المتابعين لعلي بن عاصم أضعف منه بكثير " . وحديث شعبة أخرجه تمام والعقيلي وابن الأعرابي في " المعجم " (83 / 1) وأبو نعيم (5 / 9 ، 7 / 164) من طريق نصر بن حماد ثنا شعبة به . وقال أبو نعيم : " فرد به عنه نصر " . قلت : وهو واه جدا ، قال ابن معين : كذاب ، وقال النسائي : " ليس
[ 219 ]
بثقة " . وحديث عبد الحكيم بن منصور أخرجه تمام وابن الأعرابي (37 / 1) و 38 / 2 و 191 / 2) . وعبد الحكيم متروك ، كذيه ابن معين كما في " التقريب) . وحديث اسرائيل أخرجه الخطيب (11 / 451) من طريقين عن أبي بكر الشافعي : حدثنا محمد بن عبد الله بن مهران الدينوري حدثنا ابراهيم بن مسلم الخوارزمي (وفي رواية : الوكيعي) قال : حضرت وكيعا وعنده أحمد بن حنبل ، وخلف المخرمي ، فذكوا علي بن عاصم ، فقال خلف : إنه غلط في أحاديث ، فقال وكيع : وما هي ؟ قال : حديث محمد بن سوقة عن ابراهيم عن الأسود عن عبد الله قل : قال النبي : (صلى الله عليه وسلم) " من عزى مصابا فله مثل أجره " فقال وكيع : حدثنا قيس بن الرببع عن محمد بن سوقة عن ابراهيم عن الأسود عن عبد الله . قال وكيع : حدثنا إسرائيل بن يونس عن محمد بن سوقة عن ابراهيم عن الأسود عن عبد الله عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قلت : وهذه متابعة قوية إذا صح السند إليها فإن اسرائيل بن يونس ثقة من رجال الشيخين ، وقيس بن الربيع صدوق سئ الحفظ ، وبقية الرجال ثقات معروفون ، إلا الدينوري فهو مترجم في (تاريخ بغداد) (5 / 432) وقال : " حدث أحاديث مستقيمة ، وذكره الدارقطني فقال : صدوق " . وإلا ابراهيم ابن مسلم الخوارزمي فأورده الحافظ في " اللسان " وقال : " يغرب ، قاله ابن حبان " وبقية المتابعات التى ذكرها الخطيب أخرج بعضها تمام والعقيلي وقال : " لم يتابع علي بن عاصم عليه ثقة " . ولذلك قال الحافظ بعد أن ذكرها : (وليس فيها رواية يمكن التعلق بها إلا طريق إسرائيل ، فقد ذكرها صاحب الكمال من طريق وكيع عنه ، ولم أقف على إسنادها بعد " . قلت : قد وقفنا على إسنادها والحمد لله ، وقد عرفت أن راويها عن وكيع
[ 220 ]
لم يوثقه أحد غير ابن حبان مع قوله فيه " يغرب " فمثله لا يحتج به . والله أعلم . وللحديث شاهد من رواية علي بن يزيد الصدائي عن محمد بن عبيد الله عن أبي الزبير عن جابر رفعه . أخرجه ابن عدي (ق 281 / 2) وقال : " لا أعلم رواه عن محمد بن عبيد الله غير علي بن يزيد ، . قلت : وهذا ضعيف ، والذي قبله وهو العرزمي متروك فلا يعتد بهذا الشاهد . وجملة القول : أن الحديث ضعيف ، ليس في شئ من طرقه ما يمكن أن يعتمد عليه في تقويته ، ولكنه لا يبلغ أن يكون موضوعا كما زعم ابن الجوزي ، وقد رد عليه العلماء المحققون ذلك . وذكر أقوالهم للسيوطي في " اللآلئ المصنوعة " (2 / 421 - 425) وأطال في ذلك . وانتهى إلى ما قاله الحافظ صلاح الدين العلائي مما خلاصته : " إن الحديث بطرقه يخرج عن أن يكون ضعيفا واهيا ، فضلا عن أن يكون موضوعا " . والله أعلم . 766 - (روى حرب عن زرارة بن أبي أوفى قال : " عزى النبي (صلى الله عيله وسلم) رجلا على ولده فقال : آجرك الله ، وأعظم لك الأجر)) . ضعيف ، لأن زرارة بن أبي أوفى تابعي ، فالحديث مرسل ، ولا أدري إذا كان السند إليه صحيحا ، فإني لم أقف عليه . وروى ابن أبي شيبة (4 / 164) عن حسين بن أبي عائشة عن أبي خالد الوالبي . أن النبي (صلى الله عليه وسلم) عزى رجلا : يرحمه الله ، ويأجرك) .
[ 221 ]
وهذا مرسل أيضا ، أبو خالد هذا اسمه هرمز يروي عن ابن عباس وغيره . وابن أبي عائشة أورده ابن أبي حاتم (1 / 2 / 62) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ، وأما ابن حبان فاورده في " الثقات " (2 / 59) . 767 - (قوله (صلى الله عليه وسلم) إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ولكن يعذب بهذا - وأشار إلى لسانه - أو يرحم " متفق عليه) . ص 178 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 328 - 329) ومسلم (3 / 40) وأبو نعيم في مستخرجه (15 / 21 / 1) والبيهقي (4 / 69) عن عبد الله بن عمر قال : " اشتكى سعد بن عبادة شكوى له ، فأتى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يعوده مع عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود ، فلما دخل عليه ، وجده في غشية ، فقال : أقد قضى ؟ قالوا : لا يا رسول الله ! فبكى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فلما رأى القوم بكاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بكوا ، فقال : ألا تسمعون ؟ إن الله لا يعذب . . . " . 768 - (قالت أم عطية : " أخذ علينا النبي (صلى الله عليه وسلم) في البيعة أن لا ننوح ") . ص 179 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 329) ومسلم (3 / 46) وأبو نعيم في مستخرجه (5 / 23 / 2) وأبو داود (3127) والنسائي (2 / 184) والبيهقي (4 / 62) وأحمد (6 / 408) عن أم عطية به وزادوا : " قالت : فما وفت منا امرأة إلا خمس : أم سليم ، وأم العلاء ، وابنة أبي سبرة امرأة معاذ ، أو ابنة أبي سبرة ، وامرأة معاذ ، [ وامرأة أخرى ] " . وفي رواية عنها قالت : " لما نزلت هذه الآية آية النساء (يبايعنك على أن لا يشركن بالله
[ 222 ]
شيئا ، . . . . . ولا يعصينك في معروف) كان فيه النياحة " . رواه مسلم وأبو نعيم وابن أبي شيبة (4 / 166) وأحمد والبيهقي . 769 - (وفي صحيح مسلم : " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) " لعن النائحة والمستمعة ") . ضعيف . وعزوه لصحيح مسلم وهم لا أدري ما وجهه ، وقد روي من حديث أبي سعيد الخدري وابن عمر وابن عباس وأبي هريرة . 1 - أما حديث أبي سعيد فيرويه محمد بن الحسن بن عطية عن أبيه عن جده عنه به . أخرجه أبو داود (3128) وعنه البيهقي (4 / 63) وأحمد (3 / 65) وهذا سند ضعيف مسلسل بالضعفاء : عطية وهو العوفي وابنه وحفيده . 2 - وأما حديث ابن عمر فيرويه بقية بن الوليد ثنا أبو عائذ وهو عفير بن معدان ثنا عطاء بن أبي رباح أنه كان عند ابن عمر وهو يقول : فذكره مرفوعا . أخرجه البيهقي . وعفير هذا ضعيف جدا . وقد رواه الطبراني في " الكبير " من حديث ابن عمر أيضا على ما في " المجمع " (3 / 14) وقال : (وفيه الحسن بن عطية ضعيف) . قلت : سبق أن ذكرنا آنفا حديثه عن أبيه عن أبي سعيد ، فالظاهر أنه كان يرويه تارة عنه ، وتارة عن ابن عمر ، وذلك مما يدل على ضعفه . 3 - وأما حديث ابن عباس : فرواه البزار والطبراني في (الكبير) وفيه المصباح أبو عبد الله ، قال الهيثمي : " ولم أجد من ذكره " . 4 - وأما حديث أبي هريرة فيرويه عمر بن يزيد المدائني قال : سمعت
[ 223 ]
الحسن بن أبي حسن السري حدث عن أبي هريرة مرفوعا به . أخرجه ابن عدي (ق 243 / 2) وقال : (حديث غير محفوظ ، وعمر منكر الحديث " . 770 - (حديث ابن مسعود مرفوعا : " ليس منا من ضرب الخدود ، وشق الجيوب ، ودعا بدعوى الجاهلية " . متفق عليه) . ص 179 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 326 ، 327) ومسلم (1 / 70) والنسائي (1 / 263) والترمذي (1 / 186) وابن ماجه (1584) وابن أبي شيبة (4 / 107) وابن الجارود (257) والبيهقي (4 / 64) وأحمد (1 / 386 ، 432 ، 442 ، 456 ، 465) وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " 771 - (عن أبي موسى : " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) " برئ من الصالقة والحالقة ، والشاقة " . متفق عليه) . ص 179 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 326) ومسلم (1 / 70) وأبو عوانة (1 / 57) وأبو داود (3130) والنسائي (1 / 263) وابن ماجه (1586) وابن أبي شيبة (4 / 107) والبيهقي (4 / 64) وأحمد (4 / 396 ، 397 ، 404 ، 405 ، 411 ، 416) . وفي رواية لمسلم وغيره : (أنا برئ ممن حلق ، وسلق ، وخرق " . 772 - (قوله (صلى الله عليه وسلم) " كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ، فإنها تذكركم الموت " رواه مسلم ، وللترمذي : " فإنها تذكر الآخرة ") . ص 179
[ 224 ]
صيح أخرجه مسلم (3 / 65) وأبو نعيم في " مستخرجه " (5 / 37 / 1) والنسائي (1 / 286) وابن ماجه (1572) وابن أبي شيبة (4 / 139) والبيهقي (4 / 76) وأحمد (2 / 441) من حديث أبي هريرة قال : " زار النبي (صلى الله عليه وسلم) ، قبر أمه فبكى ، وأبكى من حوله ، فقال : استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يأذن لي ، واستاذنته في أن أزور قبرها فأذن لي ، فزورا القبور فإنها تذكر الموت " . وأما الترمذي فأخرجه (1 / 196) من حديث سليمان بن بريدة عن أبيه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " قد كنت نهيتكم عن زيارة القبور ، فقد أذن لمحمد في زيارة قبر أمه ، فزوروها فإنها تذكركم الآخرة " . ورواه البيهقي أتم منه بلفظ قال : (خرجنا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في سفر ، فنزلنا منزلا ، ونحن معه قريبا من الف راكب ، فقام فصلى ركعتين ثم أقبل علينا وعيناه تذرفان ، فقام إليه عمر رضى الله عنه ، ففداه بالأب والأم ، وقال له : مالك يا رسول الله ! قال : قال إني استأذنت ربي في استغفاري لأمي ، فلم يأذن لي ، فبكيت لها رحمة لها من النار ، وإنى كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ، ولتزدكم زيارتها خيرا " . وكذا رواه أحمد (5 / 355) من طريق زهير عن زبيد بن الحارث اليامي عن محارب بن دثار عن ابن بريدة عن أبيه به والزيادة لأحمد وكذا البيهقي في رواية وإسناده صحيح على شرط مسلم وقد أخرجه في صحيحه (3 / 65 ، 5 / 82) ، إلا أ نه لم يسق لفظه ، وإنما أحال على لفظ آخر مختصر قبله من طريق أبي سنان وهو ضرار بن مرة عن محارب بن دثار به . وهكذا رواه النسائي (1 / 285) وأحمد أيضا (5 / 350) بلفظ : " نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها " . وفي رواية لأحمد (5 / 356 - 357) من طريق أيوب بن جابر عن سماك
[ 225 ]
عن القاسم بن عبد الرحمن عن ابن بريدة عن أبيه قال : " خرجت مع النبي (صلى الله عليه وسلم) حتى إذا كنا بودان قال : مكانكم حتى آتيكم ، فانطلق ثم جاءنا وهو سقيم ، فقال : إني أتيت قبر أم محمد . . . " الحديث نحوه . وأيوب هذا ضعيف ، لكن تابعه سفيان (وهو الثوري) عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال : " لما فتح رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " مكة ، أتى حرم قبر فجلس إليه ، فجلس (الأصل : فجعل) كهيئة المخاطب وجلس الناس حوله ، فقام وهو يبكى ، فتلقاه عمر - وكان من أجرأ الناس عليه ، فقال : بأبي أنت وأمي يارسول الله ما الذي أبكاك ؟ قال : هذا قبر أمي ، سألت ربي الزيارة فأذن لي ، وسألته الاستغفار فلم يأذن لي ، فذكرتها فذرفت نفسي فبكيت ، قال : فلم ير يوما كان أكثر باكيا منه يومئذ " . أخرجه ابن أبي شيبة (4 / 139) : حدثنا محمد بن عبد الله الاسدي عن سفيان به . قلت : وهذا سند صحيح على شرط مسلم أيضا إلا الاسدي هذا ، هو ثقة كما قال ابن معين وأبو داود وغيرهما ، ولم يتفرد به ، فقد أخرجه أحمد (5 / 359 ، 361) من طريق أبي جناب عن سليمان بن بريدة عن أبيه : أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، غزا غزوة الفتح ، فخرج يمشي إلى القبور ، حتى إذا أتى إلى أدناها جلس إليه كأنه يكلم انسانا . . . " الحديث نحوه . ورجاله ثقات غير أن أبا جناب هذا ، واسمه يحيى بن أبي حية ، قال الحافظ في " التقريب " : " ضعفوه لكثرة تدليسه " . وسليمان بن بريدة ، قد تابعه أخوه عبد الله ، وعنه سلمة بن كهيل بلفظ : " كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ، فإن في زيارتها عظة وعبرة " .
[ 226 ]
أخرجه أحمد (5 / 356) من طريق محمد بن إسحاق عن سلمة به . ورجاله ثقات لو لا عنعنة ابن اسحاق . لكنه لم يتفرد به ، فقد أخرجه النسائي (1 / 286) من طريق أخرى عن المغيرة بن سبيع حدثني عبد الله بن بريدة به بلفظ : " . . . فمن أراد أن يزور فليزر ، ولا تقولوا هجرا " . والمغيرة هذا ثقة ، وكذلك بقية الرجال فالسند صحيح . وفي الباب أحاديث أخرى في الحض على الزيارة قد ذكرتها في كتابي " أحكام الجنائز وبدعها " (1) المبحث (108) . 773 - (حديث " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد . . . ") . ص 179 صحيح متواتر . ورد عن جماعة من الصحابة ، منهم أبو هريرة ، وأبو سعيد الخدري ، وأبو بصرة الغفاري ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن عمرو ، وأبي الجعد الضمري ، وعلي . 1 - أما حديث أبي هريرة فله عنه طرق : الأولى : عن سعيد بن المسيب عنه أن رسول (صلى الله عليه وسلم) " قال : " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد : المسجد الحرام ، ومسجد الرسول ومسجد الأقصى أخرجه البخاري (1 / 299) ومسلم (4 / 126) وأبو نعيم في " مستخرجه " (21 / 187 / 1) وأبو داود (2033) والنسائي (1 / 114) وابن ماجه (1409) والطحاوي في (المشكل) (1 / 244) والبيهقي (5 / 244) وأحمد (2 / 234 ، 238 ، 278) والخطيب في " تاريخه " (9 / 222) كلهم عن الزهري عنه . (1) وهو من طبع المكتب الإسلامي .
[ 227 ]
الثانية : عن سلمان الأغر أنه سمع أبا هريرة يخبر أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : " إنما يسافر إلى ثلاثة مساجد : مسجد الكعبة ، ومسجدي ، ومسجد إيلياء) . رواه مسلم وأبو نعيم في (المستخرج) والبيهقي . الثالثة : عن أبي سلمة عنه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " لا تشد الرحال . . . " الحديث . أخرجه الدارمي (1 / 330) والطحاوي (1 / 245) وأحمد (2 / 151) من طريق محمد بن عمرو عنه . قلت : وهذا سند حسن ، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أن محمد بن عمرو هذا أنما أخرجا له متابعة ، لكن تابعه يحيى بن أبي كثير حدثني أبو سلمة ، حدثني أبو هريرة قال : " لقيت أبا بصرة صاحب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال لي : من أين أقبلت ؟ قلت : من الطور حيث كلم الله موسى ، فقال : لو لقيتك قبل أن تذهب أخبرتك : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول : " الحديث . أخرجه الطحاوي (1 / 244) بسند جيد . وتابعه الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن مقتصرا على المرفوع فقط . أخرجه الطحاوي بسند صحيح على شرط الشيخين . وتابعه محمد بن ابراهيم بن الحارث التيمي عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال : (أتيت الطور فوجدت ثم كعبا ، فمكثت أنا وهو يوما أحدثه عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، ويحدثني عن التوراة ، فقلت له : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة ، فيه خلق آدم ، وفيه أهبط ، وفيه تبب عليه وفيه قبض ، وفيه تقوم الساعة ، ما على الأرض من دابة إلا وهي تصبح يوم
[ 228 ]
الجمعة مصيخة حتى تطلع الشمس ، شفقا من الساعة ، إلا ابن آدم ، وفيه ساعة لا يصادفها مؤمن وهو في الصلاة يسأل الله فيها شيئا إلا أعطاه إياه ، فقال كعب ذلك يوم في كل سنة ، فقلت : بل هي في كل جمعة ، فقرأ كعب التوراة ثم قال : صدق رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هو في كل جمعة ، فخرجت ، فلقيت بصرة ابن أبي بصرة الغفاري ، فقال : من أين جئت ؟ قلت : من الطور ، قال : لو لقيتك من قبل أن تأتيه لم تأته ، قلت له : ولم ؟ قال : إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول : لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد . . .) الحديث . أخرجه مالك (1 / 108 - 109 / 16) والنسائي (1 / 210) بسند صحيح وكذا أحمد (6 / 7) ، وروى الطحاوي (1 / 242) موضع الشاهد المرفوع . وتابعه عمر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي أن أبا بصرة لقي أبا هريرة وهو جار ، فقال : من أين أقبلت ؟ قال : أقبلت من الطور صليت فيه ، قال : أما إني لو أدركتك لم تذهب ، إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول : " لا تشد الرحال . . . " . الحديث . أخرجه الطيالسي (1348 ، 2506) وأحمد (7 / 6) بسند صحيح . الرابعة : عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة أنه قال : " أتيت الطور ، فصليت فيه ، فلقيت جميل بن بصرة الغفاري فقال : من أين جئت ؟ فأخبرته ، فقال : لو لقيتك قبل أن تأتيه ما جئته ، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول : لا تضرب المطايا إلا إلى ثلاثة مساجد . . . " الحديث . أخرجه الطحاوي (1 / 242 - 243 ، 243) وسنده صحيح . ورواه الطبراني في " الأوسط " (1 / 114 / 2) من هذا الوجه لكنه قال : " عن سعيد بن أبي سعيد المقبري أن أبا بصرة جميل بن بصرة لقي أبا
[ 229 ]
هريرة ، وهو مقبل من الطور . . . " . فجعله من مسند أبي بصرة فيما يظهر ، وقد جاء من طريق أخرى عنه من مسنده صراحة كما يأتي عند الكلام على حديثه إن شاء الله تعالى . الخامسة : عن خثيم بن مروان عن أبي هريرة مرفوعا به إلا أنه قال : " مسجد الخيف " ، بدل " مسجد الرسول " . وقال : (لم يذكر مسجد الخيف إلا في هذا) . قلت : وهو منكر ، لمخالفته لسائر الطرق والأحاديث ، وتفرد خثيم به . وهو ضعيف كما قال الأزدي ، وذكره العقيلي في " الضعفاء " (124) . (تنبيه) : تقدم في رواية التيمي تسمية أبي بصرة ب " بصرة بن أبي بصرة " وهو وهم . والصواب إنه " جميل بن بصرة " كما في رواية المقبري ، وكنيته " أبو بصرة " كما في رواية الآخرين ، وقد جمعت بينها وبين تسميته على الصواب رواية الطبراني عن سعيد المقبري . 2 - وأما حديث أبي سعيد فله عنه أربع طرق : الأولى : عن قزعة عنه بلفظ حديث أبي هريرة الأول . أخرجه البخاري (1 / 301 ، 466 ، 497) ومسلم (4 / 102) وأبو نعيم في مستخرجه (20 / 176 / 1) والترمذي (2 / 148 - شاكر) وابن ماجه (1410) والطحاوي وأحمد (3 / 7 ، 34 ، 45 ، 51 - 52 ، 77) والخطيب (11 / 195) كلهم عنه باللفظ المشار إليه إلا مسلما فإنه قال : " لا تشدوا . . . " . وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . الثانية : عن مجالد : حدثني أبو الوداك عن أبي سعيد به . أحمد (3 / 53) وهذا سند جيد في المتابعات . الثالثة : عن عكرمة مولى زياد قال : سمعت أبا سعيد الخدري به .
[ 230 ]
أخرجه أحمد (3 / 71) ورجاله ثقات رجال الشيخين غير عكرمة هذا فلم أعرفه ، ولم يورده الحافظ في (التعجيل) . 4 - عن شهر قال : لقينا أبا سعيد ونحن نريد الطور ، فقال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول : (لا تشد المطي إلا إلى ثلاثة مساجد . . . " الحديث . أخرجه أحمد (3 / 93) : ثنا أبو معاوية ثنا ليث عن شهر . وهذا سند لا بأس به في المتابعات والشواهد . ورواه عبد الحميد حدثني شهر به إلا أنه زاد في المتن زيادة منكرة . فقال : " لا ينبغي للمطي أن تشد رحاله إلى مسجد ينبغي فيه الصلاة غير المسجد الحرام . . . " . أخرجه أحمد (3 / 64) ، فقوله : " إلى مسجد " زيادة في الحديث ، لا أصل لها في شئ من طرق الحديث عن أبي سعيد ولا عن غيره ، فهي منكرة ، بل باطلة ، والآفة إما من شهر فإنه سئ الحفظ ، وإما من عبد الحميد ، وهو ابن بهرام ، فإن فيه كلاما ، وهذا هو الأقرب عندي ، فقد رواه ليث عن شهر بدون الزيادة كما سبق . 3 - وأما حديث أبي بصرة ، فيرويه عنه أبو هريرة كما تقدم في الطريق الثالثة عن أبي هريرة . وقد وجدت له عنه طريقا أخرى يرويه مرثد بن عبد الله اليزني عن أبي بصرة الغفاري قال : " لقيت أبا هريرة وهو يسير إلى مسجد الطور ليصلى فيه ، قال : فقلت له : لو أدركتك قبل أن ترتحل ما ارتحلت ، قال : فقال : ولم ؟ قال : فقلت : إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول : " لا تشد الرحال . . .) .
[ 231 ]
أخرجه أحمد (6 / 398) وسنده حسن . 4 - وأما حديت ابن عمر فله عنه طريقان : الأولى عن قزعة أيضا قال : " أردت الخروج إلى الطور ، فسألت ابن عمرة فقال : أما علمت أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : فذكر الحديث ؟ وقال : ودع عنك الطور فلا تأته " . أخرجه الأزرقي في " أخبار مكة " (ص 304) باسناد صحيح ، ورجاله رجال الصحيح . الثانية : عن نافع عنه ، المرفوع فقط . أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1 / 114 / 1) من طريق علي بن سيابة ثنا علي بن يونس البلخي ثنا هشام بن الغاز عن نافع عن ابن عمر به . وقال : " تفرد به علما بن سيابة " . قلت : ولم أجد له ترجمة ، ولعله في ثقات ابن حبان ، فقد عزاه الهيثمي (4 / 4) الطبراني في " الكبير " أيضا وقال : ورجاله ثقات " . على أنه لم يتفرد به ، فقد أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (301) من طريق الفضل بن سهل قال : ثنا علما بن يونس البلخي به . ذكره في ترجمة البلخي هذا ، وقال : " ولا يتابع عليه ، وهو معروف بغير هذا الأسناد " . قلت : والبلخي هذا ، أورده ابن أبي حاتم (3 / 1 / 209) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا . وأما ابن حبان فذكره في " الثقات " كما يشعر به قول الهيثمي المتقدم ، وصرح بذلك في " اللسان " . 5 - وأما حديث عبد الله بن عمرو ، فيرويه قزعة أيضا قرنه بإبي سعيد الخدري .
[ 232 ]
أخرجه ابن ماجه (1410) ورجاله ثقات . 6 - وأما حديث أبي الجعد . فيرويه عنه عبيدة بن سفيان (1) الحضرمي . أخرجه الطحاوي (1 / 244) بسند حسن ورواه الطبراني أيضا في " الأوسط " (1 / 114 / 1) 7 - وأما حديث علي فيرويه عنه حجية بن عدي مرفوعا . أخرجه الطبراني في " الصغير " (ص 98) و (الأوسط) (1 / 114 / 1) وقال : " تفرد به اسماعيل بن يحيى " . قلت : وهو متروك ، وأبوه يحيى ضعيف اتفاقا ، وحجية بن عدي ، قال أبو حاتم : " شيخ لا يحتج بحديثه شبه المجهول " . 8 و 9 - وأما حديث المقدام وأبي أمامة فيرويه عنهما شريح ابن عبيد . أخرجه أبو نعيم في (الحلية) (9 / 308) من طريق الطبراني ثنا موسى ثنا محمد بن المبارك ثنا اسماعيل بن عياش عن زيد بن زرعة عنه . قلت : وهذا سند رجاله ثقات غير موسى وهو ابن عيسى بن المنذر الحمصى ، قال النسائي : " لا أحدث عنه شيئا ، ليس هوشيئا " . 774 - (حديث ابن عباس مرفوعا : " ولعن الله زوارات القبور " . رواه أصحاب السن) . صحيح . وقد روي عن ابن عباس ، وأبي هريرة وحسان بن ثابت . 1 - أما حديث ابن عباس ، فمقدم الكلام عليه (رقم 761) . 2 - وأما حديث أبي هريرة ، فقال أبو داود الطيالسي (2358) " حدثنا (1) الأصل (شفيق) وهو تصحيف .
[ 233 ]
أبو عوانة عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عنه مرفوعا به " . وكذا أخرجه الترمذي (1 / 196) وابن ماجه (1576) والبيهقي (4 / 78) وأحمد (2 / 337) من طرق عن أبي عوانة به إلا أنهم قالوا - غير البيهقي - (أن رسول اللة (صلى الله عليه وسلم) لعن زوارات القبور " . وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . قلت : ورجاله ثقات رجال الشيخين غير عمر هذا ، وهو ابن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال في " التقريب " : " صدوق يخطئ " . ومن طريقه رواه ابن حبان أيضا في " صحيحه " كما في " الترغيب " (4 / 181) . وأما حديث حسان ، فيرويه سفيان الثوري عن عبد الله بن عثمان بن خيثم عن عبد الرحمن بن بهمان عن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت عن أبيه قال : " لعن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) زوارات القبور " . رواه ابن ماجه (1574) وابن أبي شيبة (4 / 141) والحاكم (4 / 374) والبيهقي وأحمد (3 / 442) وسكت عليه الحاكم والذهبي . وقال البوصيري في (الزوائد) (ق 98 / 2) : " هذا إسناد صحيح ، رجال ثقات ، . قلت : ابن بهمان لم يرو عنه غير ابن خيثم هذا ، ولذلك قال ابن الديني " لا تعرفه " ، وأما ابن حبان فذكره في (الثقات) على قاعدته ، ووافقه العجلي ، وقال الحافظ في " التقريب " : " مقبول) يعني عند المتابعة ، فالحديث صحيح لغيره . والله أعلم . 775 - (حديث " أن عائشة زارت قبر أخيها عبد الرحمن رضي الله عنهما " . رواه الأثرم) . ص 180 صحيح . أخرجه الحاكم (1 / 376) وعنه البيهقي (4 / 78) من طريق بسطام ابن مسلم عن أبي التياح يزيد بن حميد عن عبد الله بن أبي
[ 234 ]
" أن عائشة أقبلت ذات يوم من المقابر ، فقلت لها : يا أم المؤمنين من أين أقبلت ؟ قالت : من قبر أخي عبد الرحمن بن أبي بكر ، فقلت لها : أليس كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نهى عن زيارة القبور ؟ قالت : نعم ، ثم أمر بزيارتها " . سكت عليه الحاكم ، وقال البيهقي : " تفرد به بسطام بن مسلم البصري " . قلت : وهو ثقة اتفاقا . فالحديث صحيح ، وكذلك قال النسائي . والحديث عزاه المؤلف للأثرم ، وتبع في ذلك مجد الدين في " المنتقى " . وقال الحافظ للعراقي في " تخريج الإحياء " (4 / 418) : (رواه ابن أبي الدنيا في " القبور " باسناد جيد " . قلت : ورواه ابن ماجه (1570) من هذا الوجه عنها مختصرا بلفظ : " أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رخص في زيارة القبور " . وقال البوصيري في " الزوائد " (ق 98 / 1) : (هذا إسناد صحيح رجاله ثقات " . قلت : وتابعه ابن جريج عن عبد الله بن أبي مليكة ؟ قال : " توفي عبد الرحمن بن أبي بكر ب (حبشي) [ قال ابن جريج : الحبشي على اثني عشر ميلا من مكة ] ، قال : فحمل إلى مكة ، فدفن ، فلما قدمت عائشة أتت قبر عبد الرحمن بن أبي بكر فقالت : وكنا كندماني جذيمة حقبة منه الدهر حتى قيل لن نتصدعا فلما تفرقنا كأني ومالكا لطول اجتاع لم نبت ليلة معا ثم قالت : " والله لو حضرتك ما دفنتك إلا حيث مت ، ولو شهدتك ما زرتك " .
[ 235 ]
أخرجه ابن أبي شيبة (4 / 140) والزيادة له والترمذي (1 / 196) وسكت عليه ، ولا أدري السبب ، فان رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين ، فهو على طريقته صحيح ، ولو لا أن ابن جريج مدلس وقد عنعنه ، لحكمت عليه بالصحة . والله أعلم . ومما يشهد للحديث ما سيأتي في الحديث الذي يليه عن عائشة انها سألت النبي (صلى الله عليه وسلم) إذا هي زارت القبور كيف تقول ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : " قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين . . . " فهي إذن كانت تزور القبور في حياته عليه الصلاة والسلام وباقراره بل وتعليمه فلو أن ذلك كان قبل النهي لما في ذلك عليها . ولم يحتج بالأمر بزيارتها ، لو أنه كان قبل النهي . والله أعلم . 776 - (الأخبار الواردة بما يقول زائر القبور ، عن أبي هريرة ، وبريدة ، وغيرهما . رواها أحمد ومسلم) . ص 180 صحيح . أما حديث أبي هريرة فلفظه : " أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أتى المقبرة فقال : السلام عليكم دار قوم مؤمنين ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون " . . أخرجه مسلم (1 / 150) ومالك (1 / 28 / 28) وأبو داود (3237) من طريقه وكذا النسائي (1 / 35) وابن السني (189) وأحمد (2 / 300 ، 375 ، 408) من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عنه . وله عند ابن السني طريق أخرى عنه " لكن فيها يزيد بن عياض وهو متروك فلذلك أعرضت عن ذكر لفظه . وأما حديث بريدة فلفظه : (كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر : يقول : السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمن . وإنا إن شاء الله بكم للاحقون ، أنتم لنا فرط ، ونحن لكم تبع ، فنسأل الله لنا ولكم العافية " .
[ 236 ]
أخرجه مسلم (3 / 64 - 65) والنسائي (1 / 287) وابن ماجه (1547) وابن أبي شيبة (4 / 138) وابن السني (582) وأحمد (5 / 353 ، 359 - 360) والسياق له وهو أتم . وإسناده صحيح على شرط مسلم . 3 - وفي الباب عن عائشة قالت : (كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كلما كان ليلتها من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول : السلام عليكم دار قوم مؤمنن ، وأتاكم ما توعدون غدا مؤجلون ، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، اللهم اغفر لأهل بقيع الفرقد " . أخرجه مسلم (3 / 63) واللفظ له ، والنسائي وابن السني وأحمد (6 / 180) إلا أنهم قالوا : " وإنا وإياكم وما توعدون غدا مؤجلون " . ولفظ النسائي : (وإنا وإياكم متواعدون غدا مؤجلون " ، ولفظ ابن السني وأحمد " وأحمد (وإنا وإياكم وما توعدون غدا مؤجلون " وهذا الاختلاف إنما هو في نقدي من راويه شريك بن أبي نمر ، فإن فيه ضعفا ، وهو الذي ذكر في حديث المعراج أنه كان مناما ، وزاد فيه غير ذلك مما لا يتابع عليه كما حققته في التعليق على (شرح العقيدة الطحاوية " ، وزاد ابن السني آخره : (يستنفر لهم مرتين أو ثلاثا) . وفي رواية عنها ، في حديث لها قالت : " قلت : كيف أقول لهم يا رسول الله ؟ قال : قولي : السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين ، وإنما إن شاء الله بكم الاحقون) . أخرجه مسلم (3 / 64) والنسائي (1 / 286 - 287) وأحمد وله طريق أخرى (6 / 221) عنها نحوه وزيادة :
[ 237 ]
(اللهم لا تحرمنا أجرهم ، ولا تفتنا بعدهم) . رواه ابن ماجه (1546) والطيالسي (رقم 1429) وأحمد (6 / 76 ، 71 ، 111) وابن السني وفيه شريك القاضي وهو سئ الحفظ وقد اضطرب في سنده كما بينته في " التعليقات الجياد على زاد المعاد " . 777 - (حديث : " افشوا السلام ") . ص 180 صحيح متواتر . وقد جاء من حديث أبي هريرة ، والزبير ، وابنه عبد الله ، وعبد الله بن سلام ، وعبد الله بن عمرو ، والبراء بن عازب ، وعبد الله ابن عمر ، وجابر بن عبد الله ، وأبي الدرداء ، وعبد الله بن عباس ، وعبد الله ابن مسعود . 1 - أما حديث أبي هريرة فيرويه أبو صالح عنه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا حتى تحابوا ، أولا أدلكم على شئ إذا فعلتموه تحاببتم ، افشوا السلام بينكم " . رواه مسلم (1 / 53) وأبو عوانة (1 / 30) وأبو داود (5193) وابن ماجه (3692) وأحمد (2 / 391 ، 442 ، 477 ، 495 ، 512) وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . وتابعه عبد الرحمن بن يعقوب الجهني عن أبي هريرة به . أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " رقم (980) وإسناده صحيح . وله حديث آخر ، يرويه عنه أبو ميمونة عنه قال : " قلت : يا رسول الله ! إني إذا رأيتك طابت نفسي ، وقرت عيني ، فأنبئني عن كل شئ ، فقال : كل شئ خلق من ماء ، قال : قلت : يا رسول الله انبئني عن أمر إذا أخذت به دخلت الجنة ، قال : أفش السلام ، وأطعم الطعام ، وصل الأرحام ، وقم بالليل والناس نيام ، ثم أدخل الجنة بسلام) .
[ 238 ]
أخرجه أحمد (2 / 295 ، 323 - 324 ، 324 ، 493) والحاكم (4 / 129) من طريق قتادة عن أبي ميمونة . قلت : وإسناده صحيح رجاله رجال الشيخين غير أبي ميمونة وهو ثقة كما في " التقريب " وقال الحاكم : (صحيح الإسناد) . ووافقه الذهبي . وحديث ثالث له ، يرويه محمد بن زياد عنه عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : (أفشوا السلام ، وأطعموا الطعام ، واضربوا الهام تورثوا الجنان " . أخرجه الترمذي (1 / 340) وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . قلت : كذا قال ، وفيه عثمان بن عبد الرحمن الجمحي وقد قال البخاري فيه " مجهول " ، وقال أبو حاتم : " ليس بالقوي ، يكتب حديثه ، ولا يحتج به 2 - وأما حديث الزبير ، فيرويه يحيى بن أبي كثير أن يعيش بن الوليد حدثه ، أن مولى لآل الزبير حدثه ، أن الزبير بن العوام رضى الله عنه حدثه ، أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : " دب إليكم داء الأمم قبلكم : الحسد والبغضاء ، والبغضاء هي الحالقة ، لا أقول تحلق الشعر ، ولكن تحلق الدين ، والذي نفسي بيده ، لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا حتى تحابوا ، أفلا أنبئكم بما يثبت ذلك لكم ؟ أفشوا السلام بينكم أخرجه الترمذي (2 / 83) وأحمد (1 / 165 ، 167) ورجاله ثقات غير مولى الزبير فلم أعرفه ، وأشار ابن أبي حاتم إلى إعلاله به ، نقلا عن أبي زرعة ، فراجع كتاب " علل الحديث " له (4 / 327) . 3 - وأما حديث ابن الزبير فلفظه مثل حديث ابيه المتقدم .
[ 239 ]
رواه البزار باسناد جيد كما في " الترغيب " (3 / 266) . 4 - وأما حديث عبد الله بن سلام فهو من رواية زرارة بن أوفى عنه قال : " لما قدم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " المدينة انجفل الناس إليه وقيل : " قدم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " ، فجئت في الناس لأنظر إليه ، فلما استثبت وجه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب ، وكان أول شئ تكلم به أن قال : ايها الناس افشوا السلام ، وأطعموا الطعام ، وصلوا والناس نيام ، تدخلون الجنة بسلام " . أخرجه الترمذي (2 / 79) والدارمي (2 / 275) وابن ماجه (1334 ، 3251) وأحمد (5 / 451) وابن السني (211) بسند صحيح وقال الترمذي . " حديث حسن صحيح " . 5 - وأما حديث عبد الله بن عمرو فيرويه عطاء بن السائب عن أبيه عنه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " اعبدوا الرحمن ، واطعموا الطعام ، وأفشوا السلام ، تدخلوا الجنة بسلام " . أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (981) والترمذي (1 / 340) وابن ماجه (3694) وابن حبان في صحيحه كما في " الترغيب " (3 / 266) وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . قلت : وعطاء بن السائب ثقة لكنه كان اختلط . 6 - وأما حديث البراء فيرويه قنان بن عبد الله النهمي عن عبد الرحمن عوسجة عنه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " أفشوا السلام تسلموا " . رواه البخاري في " الأدب المفرد (787 ، 979 ، 1266) وأحمد
[ 240 ]
(4 / 286) والعتقلي (365) وأبو حامد بن بلال النيسابوري في (أحاديثه) (ق 15 / 1) وعبد الرحيم الشرابي في " أحاديث أبي اليمان وغيره " (ق 83 / 1) وأبو نعيم في " أخبار اصبهان " (1 / 277) والقضاعي (ق 61 / 1) والضياء المقدسي في (المنتقى من مسموعاته بمرو) (ق 71 / 1) . قلت : وهذا سند حسن رجال ثقات غير قنان ، فقد وثقه ابن معين وابن حبان ، وقال النسائي : " ليس بالقوي " . 7 - وأما حديث عبد الله بن عمر فيرويه ابن جريج عن سليمان بن موسى حدثنا نافع عن ابن عمر مرفوعا : " أفشوا السلام ، واطعموا الطعام ، وكونوا إخوانا كما أمركم الله عز وجل " . أخرجه النسائي في " القضاء " من " السنن الكبرى " (4 / 4 / 2) وابن ماجه (3252) وابن عدي (ق 157 / 1) وأبو الحسن الحربي في " حديثه " المعروف ب (الحربيات) (1 / 18 / 1) وقال البوصيري في (الزوائد) : " إسناده صحيح رجاله ثقات إن كان ابن جريج سمعه من سليمان بن موسى " . قلت : في رواية للنسائي : " قال سليمان بن موسى أخبرني عن نافع . . .) . فهذا قد يؤخذ منه أنه سمعه منه على اعتبار أن قول " أخبرني " هو من قول ابن جريج نفسه لكن الظاهر أنه من قول سليمان ، لكن يشكل عليه قوله " عن " فهذا يؤيد الأول ، فلعل قوله (أخبرني) تحريف من بعض النساخ والصواب " أخبرت " بالبناء للمجهول . ويؤيده أن في رواية ابن ماجه " قال سليمان بن موسى : " حدثنا عن نافع " ، وحينئذ فالاسناد منقطع في موضعين بين ابن جريج وسليمان ، وبين هذا ونافع ، وعليه فلا يصح كلام البوصيري المتقدم كما هو ظاهر . والله تعالى أعلم .
[ 241 ]
وقال : والحديث طريق أخرى بلفظ : " أفشوا السلام فإنه الله رضا " . رواه ابن عيسى (ق 172 / 1) عن سالم بن عبد الأعلى عن نافع به . (سالم معروف بحديث :) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) ربط في أصبعه خيطا) . وقد أنكره عليه ابن معين وغيره ، وحدث عن عطاء أيضا بأشياء أنكروها عليه " . قلت : وقد اتهمه غير واحد بالوضع ، فانظر شيئا من أقوالهم فيه في حديث الخيط المشار إليه في " الأحاديث الضعيفة والموضوعة ، (رقم 264) . 8 - وأما حديث جابر ، فيرويه محمد بنه ثابت ثنا محمد بن المنكر عنه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم : " الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ، قالوا : يا بني الله ما الحج المبرور ؟ قال : إطعام الطعام ، وإفشاء السلام " . رواه أحمد (3 / 325 ، 334) . ومحمد بن ثابت هو العبدي ، قال الحافظ : " صدوق لين الحديث " . 9 - وأما حديث أبي الدرداء قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (أفشوا السلام كي تعلموا) . رواه الطبراني باسناد حسن كما في " الترغيب " (3 / 267) . 10 - وأما حديث البراء بن عازب ، فقد تقدم برقم (685) وفيه " أمرنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بسبع . . . وإفشاء السلام " . 11 - وأما حديث ابن عباس فتقدم أيضا برقم (684) وفيه : " والدرجات : بذل الطعام ، . إفشاء " السلام ، والصلاة بالليل والناس نيام " . 12 - وأما حديث ابن مسعود ، فيرويه مجاعة بن الزبير عن اسماعيل بن
[ 242 ]
عبد العزيز عن الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الله بن مسعود مرفوعا : " أفشوا السلام بينكم ، فإنه تحية أهل الجنة ، وإذا مر رجل على ملأ فسلم عليهم ، كان له عليهم فضل درجة ، إن ردوا ، فإن لم يردوا ، رد عليه من هو خير منهم : الملائكة " . أخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 297) . قلت : وهذا سند ضعيف ، جماعة هذا قال أحمد : " لم يكن به بأس " . وضعفه الدارقطني وقال ابن عدي : " هو ممن يحتمل ، ويكتب حديثه " . 778 - (حديث علي مرفوعا : " يجزئ عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم ، ويجزئ عن الجلوس أن يرد أحدهم " رواه أبو داود) . ص 180 حسن . رواه أبو داود (5210) والمحاملي في " الأمالي " (5 / 62 / 2) وأبو بكر الشافعي في (الفوائد) (7 / 89 / 1) وأبو يعلى في " مسنده " (31 / 2) وأبو سعيد النيسابوري في " الأربعين ، الحديث الرابع ، وابن السني (220) والضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة ، (1 / 214 - 215) من طريق سعيد بن خالد الخزاعي قال : حدثني عبد الله بن الفضل ثنا عبيد الله ابن أبي رافع عن علي بن أبي طالب مرفوعا . وقال النيسابوري : (هذا حديث حسن) . قلت : ولعله يعني : حسن لغيره ، وإلا فقد قال الضياء عقبه : " سعيد بن خالد ضعفه أبو زرعة وأبو حاتم ، وقال الدارقطني ، والحديث غير ثابت ، تفرد به سعيد . بن خالد ، وليس بالقوي " . قلت : وفي (التقريب) : " ضعيف " . قلت : وقد وجدت له شاهدين ، أحدهما عن أبي سعيد ، والآخر عن ابن عباس ، وثالث من حديث الحسن بن علي .
[ 243 ]
أما حديث أبي سعيد ، فقال أبو سهل القطان في " حديثه " (4 / 246 / 2) : حدثنا أبو سهل الأهوازي ثنا كثير بن يحيى ثنا حفص بن عمر بن رزين الرقاشي ثنا عبد الله بن حسن بن حسين بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده قال : ثنا زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار عنه قال : " قيل يا رسول الله الله القوم يأتون الدار فيسلم رجل منهم ، ويستأذنون أيجزئ عنهم جميعا ؟ قال : نعم ، قال : فيرد رجل منهم من أهل الدار أيجزي ذلك عنهم ؟ قال : نعم ، قال : فالقوم يمرون فيسلم رجل على رجل أيجزئ ذلك عنهم جميعا ؟ قال : نعم ، قال : فالقوم يسلم عليهم فيرد رجل من القوم أيجزئ ذلك عنهم جميعا ؟ قال : نعم) . قلت : وهذا سند رجال ثقات غير أبي سهل الأهوازي فلم أعرفه ، وحفص بن عمر بن رزين (1) ، كذا في الأصل وأظنه هو ابن ربال الرقاشي تصحف على الناسخ (ربال) إلى (رزين) فإن كان كذلك فهو ثقة ، . وإن كان غيره فلم أعرفه . وكثير بن يحيى مترجم في (الجرح) (واللسان) . ثم رأيت ابن السني رواه (230) من طريق أخرى عن حفص بن عمرو بن زريق القرشي المدني به فالظاهر أنه غير الربالي . والله أعلم . وأما حديث ابن عباس ، فأخرجه أبو محمد الجوهري في " حديث ابن حيويه ، (3 / 127 / 1) من طريق عباد بن كثير عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار عنه به نحوه . وعباد هذا متروك . وأما حديث الحسن بن علي ، فعزاه الهيثمي (8 / 35) للطبراني وقال : " وفيه كثير بن يحيى وهو ضعيف " . ولم أجده في الطبراني الكبير لا في مسند الحسن ولا في مسند الحسين . والله أعلم . (1) كذا في الأصل أيضا . وهو كذلك في (التقريب) وفي " الجرح (والتهذيب) (عمرو) بفتح العين ، والله أعلم .
[ 244 ]
ولعل الحديث بهذه الطرق يتقوى فيصير حسنا ، بل هذا هو الظاهر والله أعلم . 779 - (حديث أبي هريرة مرفوعا : " إذا عطس أحدكم فحمد الله فحق على كل مسلم سمعه أن يقول له : يرحمك الله ") ص 181 صحيح . أخرجه البخاري (4 / 165) وفي " الأدب المفرد لا رقم 919 ، 928) والترمذي (2 / 124 - 125) وأحمد (2 / 428) من طريق المقبري عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : " إن الله يحب العطاس ، ويكره التثاؤب ، فإذا عطس فحمد الله فحق على كل مسلم سمعه أن يشمته ، وأما التثاؤب فانما هو من الشيطان ، فليره ما استطاع ، فإذا قال : ها ، ضحك منه الشيطان) . وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . واستدركه الحاكم (4 / 263 - 264) وصححه ووافقه الذهبي فوهم في استدراكه على البخاري . 780 - (وعنه أيضا : " إذا عطس أحد كم فليقل : الحمد لله على كل حال ، وليقل أخوه أو صاحبه : يرحمك الله ، ويقول هو : يهديكم الله ويصلح بالكم " . رواه أبو داود) . ص 181 صحيح . رواه أبو داود (5033) : حدثنا موسى بن اسماعيل : ثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة عن عبد الله بن دينار ، عن أبي صالح عن أبي هريرة به . قلت : وهذا سند صحيح على شرط الشيخين ، لكن قولة " على كل حال " شاذ هذا الحديث ، فقد أخرجه البخاري في صحيحه (4 / 165) وفي
[ 245 ]
" الأدب المفرد " (927) بدونها فقال : حدثنا مالك بن اسماعيل حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة به . بل أخرجه في " الأدب المفرد " (921) بسند أبي داود بدونها فقال : حدثنا موسى بن اسماعيل به . وكذلك أخرجه أحمد (2 / 353) وابن السني (249) من طريق النسائي والاسماعلي وأبو نعيم في " المستخرج " من طرق أخرى عن عبد العزيز بن أبي سلمة به دون الزيادة أيضا ، فهي شاذة قطعا ، وقد أشار إلى ذلك الحافظ في " الفتح " (10 / 502) وأخرجه الخطيب (8 / 34) من طريق حبيب كاتب مالك بن أنس : حدثنا عبد الله بن عامر عن عبد الله بن دينار به . لكن حبيب هذا قال ابن أبي حاتم (1 / 2 / 100) : قال أبي : " متروك الحديث " روى عن ابن أخي الزهري أحاديث موضوعة " . بيد أن هذه . الزيادة صحيحة لورودها في أحاديث أخرى من رواية ابن عمر ، وعلي بن أبي طالب أو أبي أيوب الأنصاري ، وسالم بن عبيد . أما حديث ابن عمر ، فيرويه نافع أن رجلا عطس إلى جنب ابن عمر ، فقال : الحمد لله : والسلام على رسول الله قال ابن عمر : وأنا أقول : " الحمد لله والسلام على رسول الله ، وليس هكذا علمنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) . علمنا أن نقول : الحمد لله عل كل حال " . أخرجه الترمذي (2 / 123) والحارث بن أبي أسامة في مسنده ص 200 من زوائده) والحاكم (4 / 265 - 266) وقال : " صحيح الإسناد ، غريب " . وقال الترمذي : " غريب ، لا نعرفه إلا من حديث زياد بن الربيع " . قلت : وهو ثقة من رجال البخاري ، وبقية الرجال ثقات ، فالإسناد صحيح . وأما حديث علي ، فيرويه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أخيه
[ 246 ]
عيسى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " : " إذا عطس أحدكم فليقل : الحمد لله على كل حال ، وليقل له من عنده : يرحمك الله ، ويرد عليهم : يهديكم الله ويصلح بالكم " . أخرجه الترمذي (2 / 124) والحاكم (4 / 266) وأحمد (1 / 120 ، 122) وأبو نعيم في (الحلية) (8 / 390) . وهذا سند رجاله ثقات لكن ابن أبي ليلى سئ الحفظ ، وقد كان يضطرب في إسناده ، فتارة يجعله من مسند علي ، كما في هذه الرواية ، وتارة يجعله من مسند أبي أيوب الأنصاري . رواه كذلك الترمذي والدارقطني (2 / 283) وابن ماجه (3715) والحاكم وأحمد (5 / 419 ، 422) وفي " المسائل " لا بنه عبد الله (ص 34) وابن السني (ص 85) وأبو نعيم (7 / 163) ، وفي رواية لأحمد (1 / 122) من طريق يحيى عن ابن أبي ليلى به عن علي . وزاد في آخره : " فقلت له : عن أبي أيوب ؟ قال : علي رضى الله عنه) . وأما حديث سالم بن عبيد فيرويه عنه رجل من آل خالد بن عرفطة عن آخر قال : " كنت مع سالم بن عبيد في سفر فعطس رجل ، فقال : السلام عليكم ، فقال : عليك وعلى أمك ، ثم سار ، فقال : لعلك وجدت في نفسك قال : ما أردت أن تذكر أمي ، قال : لم أستطع إلا أن أقولها ، كنت مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في سفر ، فعطس رجل ، فقال : السلام عليك ، فقال : عليك وعلى أمك ، ثم قال : إذا عطس أحدكم فليقل : الحمد لله على كل حال أو الحمد لله رب العالمين ، وليقل له : يرحمكم الله ، أو يرحمك الله - شك يحيى - وليقل : يغفر الله لي ولكم) . أخرجه أحمد (6 / 7 - 8) عن هلال بن يساف عن الرجل . ورواه أبو
[ 247 ]
داود (5031) والترمذي (2 / 123) والحاكم (4 / 267) وابن السني (265) عنه أعني هلالا عن سالم ، باسقاط الرجلين ، وبعضهم اسقط أحدهما . وذكر الحاكم أن هلالا لم يدرك سالما فالإسناد ضعيف لانقطاعه ، أو لجهالة الواسطة بينهما .
[ 248 ]
كتاب الزكاة 781 - حديث " بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وايتاء الزكاة وصوم رمضان ، وحج البيت) متفق عليه . صحيح . وقد ورد من حديث عبد الله بن عمر ، وجرير بن عبد الله البجلي ، وعبد الله بن عباس . 1 - أما حديث ابن عمر فله عنه طرق : الأولى : عن عكرمة بن خالد أن رجلا قال لعبد الله بن عمر : ألا تغزو ؟ فقال : إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " يقول : فذكره . أخرجه البخاري (1 / 10) ومسلم (1 / 35) والنسائي (2 / 268) والترمذي (2 / 101) وأحمد (2 / 143) وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . الثانية : عن سعد بن عبيدة عنه مرفوعا به ، إلا أنه قال : " على أن يعبد الله ويكفر بما دونه " . بدل الشهادة ، والباقي مثله سواء . أخرجه مسلم والبيهقي (4 / 199) . الثالثة : عن عاصم بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن ابن عمر مرفوعا به . أخرجه مسلم وأحمد (2 / 120) . الرابعة : عن نافع أن رجلا أتى ابن عمر فقال : يا أبا عبد الرحمن ما
[ 249 ]
حملك على أن تحج عاما وتعتمر عاما وتترك الجهاد في سبيل الله ، قد علمت ما رغب الله فيه ؟ قال : يا ابن أخي ! بني الاسلام على خمس . الحديث . أخرجه البخاري (3 / 204) ، هكذا موقوفا عليه ، وهو في حكم المرفوع ، وإنما يصرح برفعه اكتفاء بشهرته عند السامع . الخامسة : عن حبيب بن أبي ثابت عنه مرفوعا به . أخرجه الترمذي (2 / 100 - 101) وقال : " حديث حسن صحيح) . الخامسة : عن يزيد بن بشر عنه به . وزاد في آخره : " قال : فقال له رجل : والجهاد في سبيل الله ؟ قال ابن عمر : الجهاد حسن ، هكذا حدثنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) . أخرجه أحمد (2 / 26) ، ورجاله ثقات غير يزيد هذا فانه مجهول كما قال أبو حاتم ، وأما ابن حبان فذكره في " الثقات " . السادسة : عن أبي سويد العبدي عنه مرفوعا به . وزاد أيضا : " قلت : يا أبا عبد الرحمن ما تقول في الجهاد ؟ قال : من جاهد فانما يجاهد لنفسه " . أخرجه أحمد (2 / 93) وأبو سويد هذا مجهول ، وكذلك الراوي عنه بركة بن يعلى التيمي . 2 - وأما حديث جرير ، فيرويه الشعبي عنه مرفوعا به . أخرجه أحمد (4 / 363) والطبراني في (الكبير) (1 / 113) من طريق جابر عن الشعبي به . قلت : ورجاله ثقات غير جابر هذا وهو الجعفي وقد ضعف بل اتهم . لكن تابعه داود بن يزيد الأودي وهو ضعيف أيضا .
[ 250 ]
أخرجه الطبراني في " الكبير " (1 / 113 / 1) . وتابعه عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت أيضا . أخرجه في " الكبير " عن سورة بن الحكم . وفي " الصغير " (ص 161) عن أشعب بن عطاف كلاهما عن عبد الله به . وهذا سند حسن سورة بن الحكم ترجم له ابن أبي حاتم (2 / 1 / 327) والخطيب (9 / 228 - 229) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا وقد روى عنه جماعة . وأشعث بن عطاف قال ابن عدي : " لا بأس به " . وأما عبد الله بن حبيب فثقة احتج به مسلم . 3 - وأما حديث ابن عباس ، فيرويه عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء عن ابن عباس " ولا أعلم إلا رفعه إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : " بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا (له إلا الله ، والصلاة ، وصيام رمضان ، فمن ترك واحدة منهن كان كافرا حلال (الدم) . أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ، (3 / 177 / 2) من طريق مؤمل ابن اسماعيل عن حماد بن زيد عن عمرو به . قلت : وهذا سند ضعيف ، عمرو بن مالك هذا هو أبو مالك النكري أورده ابن أبي حاتم (3 / 1 / 259) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ، وأما ابن حبان ، فذكره في " الثقات " (2 / 212) ولكنه قال : " يعتبر بحديثه " . قلت : والاعتبار والاستشهاد بمعنى واحد تقريبا ، ففيه إشارة إلى أنه لا يحتج به إذا تفرد ، وذلك لسوء حفظه ، والذي يدلك على ذلك من نفس هذا الحديث ، أنه نقص منه ، وزاد فيه ، أما النقص ، فهو أنه لم يذكر الزكاة والحج ! وليس ذلك من سقط النساخ ، فقد ذكر الحديث هكذا غير واحد من الحفاظ منهم السيوطي في " الجامع الكبير " (1 / 392 / 1) .
[ 251 ]
وأما الزيادة فهى قوله : " فمن ترك واحدة منهن كان كافرا حلال للدم " . فهي زيادة منكرة لتفرد هذا الضعيف بها ، وعدم ورودها في شئ من طرق الأحاديث المتقدمة الصحيحة . على أنني لا أستطيع القطع بالصاق الوهم بعمرو هذا فان في الطريق إليه مؤمل بن اسماعيل وهو صدوق سئ الحفظ كما في " التقريب " . فالله أعلم . 782 - (حديث معاذ (إنك تأتي قوما من أهل الكتاب . فليكن أول ما تدعوهم إليه : شهادة أن لا إله إلا الله ، فان هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم صدقة تؤخذ من اغنيائهم ، فترد على فقرائهم " متفق عليه) . ص 182 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 352 ، 369 ، 380) ومسلم (1 / 37 - 38) وكذا أبو داود (1584) والنسائي (1 / 348) والترمذي (1 / 122) والدارمي (1 / 379) وابن ماجه (1783) وابن أبي شيبة (4 / 5) والدارقطني (218) والبيهقي (4 / 96 ، 101) عن ابن عباس قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : فذكره وزاد في آخره : " فإن هم أطاعوك لذلك ، فاياك وكرائم أموالهم ، واتق دعوة المظلوم فانه ليس بينها وبن الله حجاب " . 783 - (حديث جابر مرفوعا : ليس في مال المكاتب زكاة حتى يعتق " . رواه الدارقطني) . ص 182 ضعيف . أخرجه الدارقطني سننه (206) من طريق عبد الله بن بزيع عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : فذكره . قلت : وهذا سند ضعيف لابن بزيع هذا قال الذهبي :
[ 252 ]
(قال الدارقطني : ليس بمتروك ، وقال ابن عدي ليس بحجة . ومن مناكيره . . . ، فذكر هذا الحديث . وعلقه البيهقي (4 / 109) وقال : " وهو ضعيف ، والصحيح موقوف " . قلت : والموقوف أخرجه ابن أبي شيبة (4 / 30) وعنه البيهقي عن محمد ابنه بكر عن ابن جريج به موقوفا . ورجاله ثقات لولا أن فيه عنعنة أبي الزبير فإنه مدلس . لكن رواه أبو عبيد في " الأموال " (457 / 1336) : حدثنا حجاج عن ابن جريح قال : أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله به موقوفا . وهذا سند صحيح . ثم روى من طريق عبد الله بن عمر العمري عن نافع عن ابن عمر قال : " ليس في مال المكاتب ولا العبد زكاة " . والعمري ضعيف ، لكن تابعه عليه أخوه عبيد الله بن عمر بلفظ : " ليس في مال العبد (وفي رواية : مملوك) زكاة حتى يعتق " . أخرجه البيهقي (4 / 108) وإسناده صحيح . ثم روى ابن أبي شيبة عن كيسان بن أبي سعيد المقبري قال : " أتيت عمر بزكاة مالي مائتي درهم ، وأنا مكاتب ، فقال : هل عتقت ؟ قلت : نعم ، قال : اذهب فاقسمها " . قلت : وإسناده جيد على شرط مسلم . 784 - (عن عائشة : " ليس في الدين زكاة ،) ص 183 حسن . رواه ابن أبي شيبة (4 / 32) : حماد بن خالد عن العمري عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عنها به . قلت : وهذا سند ضعيف ، العمري هو عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب وهو ضعيف كما في (التقريب) .
[ 253 ]
ثم رواه من طريق أخرى عن عبد الله بن المؤمل عن ابن أبي مليكة عنها قالت : " ليس فيه زكاة حتى يقبضه " . قلت : وعبد الله بن المؤمل ضعيف أيضا ، ولكنه يتقوى بالطريق الأولى ، فهو حسن إن شاء الله تعالى . 785 - (قول علي في الدين الظنون (1) : " إن كان صادقا فليتركه إذا قبضه ، لما مضى) رواه أبو عبيد) . ص 183 صحيح . رواه أبو عبيد (431 / 1220) وعنه البيهقي (4 / 150) : حدثنا يزيد بن هارون عن هشام عن ابن سيرين عن عبيدة عن علي رضى الله عنه . قلت : وهذا سند صحيح ، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين وقد أخرجه ابن أبي شيبة (4 / 32) عن يزيد بن هارون به . وقد تابعه ابن عون عن محمد وهو ابن سيرين إلا أنه قال : " نبئت أن عليا قال : فذكره " . (فائدة) قال أبو عبيد : (قوله (الظنون) هو الذي لا يدري صاحبه أيقضيه الذي عليه الدين أم لا كأنه لا يرجوه " . 786 - (وعن ابن عباس نحوه . رواه أبو عبيد) . ص 183 ضعيف . قال أبو عبيد : حدثنا سعيد بن عفير عن يحيى بن أيوب عن عبد الله بن سليمان - أو ابن أبي سليمان - عن سعيد بنه أبي هلال عن أبي النضر عن ابن عباس قال في الدين : (1) الأصل (المظنون) ، والتصويب من البيهقي و (نهاية ابن الأثير)
[ 254 ]
(إذا لم ترج أخذه فلا تزكه : حتى تأخذه ، فإذا أخذته فزك عنه ما عليه " . قلت : وهذا سند ضعيف ، سعيد بن أبي هلال قال أحمد " يخلط في الأحاديث " ووثقه الجمهور . وعبد الله بن سليمان أو ابن أبي سليمان لم أجد له ترجمة . وأخرج ابن أبي شيبة (4 / 31) والبيهقي (150) عن موسى بن عبيدة عن نافع (وقال البيهقي : عن عبد الله بن دينار) عن ابن عمر قال : " زكوا زكاة أموالكم حولا إلى حول ، وما كان من دين ثقة فزكه ، وإن كان من دين مظنون فلا زكاة فيه حتى يقضيه صاحبه " . وموسى بن عبيدة ضعيف . 787 - (حديث ابن وأن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : " لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول " رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه) . ص 184 صحيح . وله عن ابن عمر طريقان : الأولى : عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : (من استفاد مالا فلا زكاة عليه حتى يحول عليه الحول عند ربه " . أخرجه الترمذي (1 / 123) والدارقطني (198) والبيهقي (4 / 104) وقال : (وعبد الرحمن ضعيف لا يحتج به " . وذكر الترمذي نحوه . الثانية : عن بقية عن إسماعيل عن عبيد الله عن نافع عنه مرفوعا بلفظ : " لا زكاة في مال امرئ حتى يحول عليه الحول " . أخرجه الدارقطني وقال :
[ 255 ]
" رواه معتمر وغيره عن عبيد الله مرقوفا " . ثم اسنده (199) من طريق معتمر عن عبيد الله به موقوفا . ثم رواه هو والترمذي والبيهقي وكذلك مالك (1 / 246 / 6) وابن أبي شيبة (4 / 30) من طرق عن نافع به موقوفا . وقال البيهقي وغيره : " هذا هو الصحيح : موقوف " . قلت : وفي طريق المرفوع بقية وهو مدلس وقد عنعنه ، وإسماعيل وهو ابن عباس ضعيف في روايته عن المدنيين ، وهذه منها . فلا يحتج بها ، وخصوصا وقد خالفه الثقات فرووه موقوفا . وقد روي الحديث عن عائشة وأنس وعلي . أما حديث عائشة ، فيرويه حارثة بن محمد عن عمرة عنها قالت : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول : " لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول " . أخرجه ابن ماجه (1793) وأبو عبيد في " كتاب الأموال " (ص 413) والدارقطني (199) والبيهقي (4 / 95 ، 103) من طرق عنه به . وقال البيهقي : " ورواه الثوري عن حارثة موقوفا على عائشة ، وحارثة لا يحتج بخبره " . قلت : وكذلك رواه أبو أسامة عن حارثة به موقوفا . أخرجه ابن أبي شيبة (4 / 30) ، وقد علقه العقيلي مرفوعا في ترجمة حارثة (ص 103) وقال : " لم يتابعه عليه إلا من هو دونه " . يعني أنه توبع عليه ممن هو أشد ضعفا منه في غير هذا السند ، وأما في
[ 256 ]
هذا ، فلم يتابعه أحد ، فهو يشير إلى ضعف جميع أحاديث الباب وأنها أشد ضعفا من هذا وأما حديث أنس ، فيرويه حسان بن سياه عن ثابت عن أنس أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : " ليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول " . قلت : وهذا سند ضعيف ، حسان هذا ، قال الحافظ في " التلخيص " (ص 175) : " وهو ضعيف ، وقد تفرد به عن ثابت " . أخرجه ابن عدي (98 / 1 - 2) والدارقطني (199) . وأما حديث علي فيرويه جرير بن حازم عن أبي اسحاق عن عاصم بن ضمرة والحارث الأعور عن علي عن النبي (صلى الله عليه وسلم) : " ليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول " . أخرجه أ بو داود (1573) والبيهقي (4 / 95) وقال الحافظ في " التلخيص " (ص 175) : " لا بأس باسناده ، والآثار تعضده ، فيصلح للحجة " . كذا قال ، وهو مقبول لو لا أن الثقات الحفاظ خالفوا جريرا فرووه عن أبي اسحاق به موقوفا على علي رضي الله عنه . أخرجه ابن أبي شيبة (4 / 30) من طريق سفيان وشريك والدارقطني (199) عن زكريا بن أبي زائدة ثلاثتهم عن أبي إسحاق به . ومن طريق بن أبي شيبة عن شريك رواه عبد الله بن أحمد في زوائد مسند أبيه (1 / 148) . ثم رواه ابن أبي شيبة من طريق جعفر (وهو ابن محمد بن علي ابن الحسين) عن ابيه عن علي به . ورجاله ثقات رجال مسلم لكنه منقطع بين محمد بن علي بن الحسن وجده علي ، ولكنه عل كل حال شاهد جيد لرواية الثقات إياه . موقوفا ، فذلك يدل على وهم جرير في رفعه . إياه ، وقد ذكر الحافظ في " التقريب " : " أن له أوهاما إذا
[ 257 ]
حدث - من حفظه " قلت : والوهم إنما يظهر بمثل هذه المخالفة للحفاظ ، كما هو ظاهر ، ومع ذلك فلم أجد من نبه على هذه العلة في الحديث ، بل قواه الحافظ كما رأيت ، وكذلك غيره ، وقد بين بعض المحققين وجه العلة فيه ، فقال الحافظ الزيلعي في " نصب الراية " (2 / 328) بعد أن ذكر خلاف الأئمة في عاصم : (فالحديث حسن ، قال النووي رحمه الله في " الخلاصة) : وهو حديث صحيح أو حسن . انتهى . ولا يقدح فيه ضعف الحارث لمتابعة عاصم له . وقال عبد الحق في " أحكامه " : هذا حديث رواه جرير بن حازم عن أبي إسحاق عن عاصم والحارث عن علي ، فقرن أ بو اسحاق فيه بين عاصم والحارث ، والحارث كتاب ، وكثير من الشيوخ يجوز عليه مثل هذا ، وهو أن الحارث أسنده ، وعاصم لم يسنده ، فجمعهما جرير ، وأدخل حديث أحدهما في الآخر ، وكل ثقة رواه موقوفا ، فلو أن جريرا أسنده عن عاصم وبين ذلك أخذنا به " وقال غيره : هذا لا يلزم ، لأن جريرا ثقة ، وقد أسند عنهما . انتهى " . قلت : قد كان يكون غير لازم ، لو أن جريرا لم يخالف برواية الحديث مرفوعا من طريق عاصم ، أما وقد خالفه في رفعه من سبق ذكره من الثقات فما أورده عبد الحق لازم وحق . وكان البيهقي رحمه الله أشار إلى إعلال الحديث يقوله بعد أن ساقه وحديث عائشة : " وحارثة لا يحتج بخبره ، والأعتماد في ذلك على الآثار الصحيحة فيه عن أبي بكر الصديق وفي الله عنه وعثمان بن عفان وعبد الله بن عمر وغيرهم رضى الله عنهم " . (تنبيه) تبين من تخريجنا للحديث أن عزو المصنف الحديث من رواية ابن عمر إلى الترمذي وأبي داود وابن ماجه فيه تساهل كبير ، لأن الأخيرين لم يخرجاه عن ابن عمر ، بل رواه الأول منهما عن علي والآخر عن عائشة . وفي الباب عن أم سعد الأنصارية مرفوعا نحو حديث أنس . قال في " المجمع " (3 / 79) : أخرجه الطبراني في " الكبير " وفيه عنبسة بن عبد الرحمن وهو ضعيف ، قلت : بل هو متهم .
[ 258 ]
ثم استدركت فقلت : إن جرير ألم يتفرد برفعه ، بل تابعه زهير فقال : ثنا أبو اسحاق عن عاصم بن ضمرة وعن الحارث الأعور عن كل به . أخرجه أبو داود أيضا إلا إنه قال : " قال زهير : أحسبه عن النبي (صلى الله عليه وسلم) . ولعل العلماء لم يذكروا هذه المتابعة لشك زهير هذا . . ثم وجدت للحديث طريقا أخرى بسند صحيح عن علي رضى الله عنه خرجته في " صحيح أبي داود " (1403) فصح الحديث والحمد لله . 788 - - (قوله (صلى الله عيله وسلم) : " ابتغوا في أموال اليتامى كيلا تأكله الزكاة " رواه الترمذي . وروي موقوفا على عمر) . ضعيف . أخرجه الترمذي (1 / 125) والدارقطني (ص 206) والبيهقي (4 / 107) من طريق المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده . أن النبي (صلى الله عليه وسلم) خطب الناس فقال : " ألا من ولي يتيما له مال فليتجر فيه ولا يتركه حتى تأكله الصدقة " . وقال الترمذي : " في إسناده . مقال ، لأن المثني بن الصباح يضعف في الحديث " . قلت : وقد تابعه محمد بن عبيد الله عن عمرو به . أخرجه الدارقطني (207) ، ومحمد بن عبيد الله هو العزرمي ، وهو متروك كما في " التقريب " و " التلخيص " (ص 176) . وتابعه أيضا عبد الله بن علي أبو أيوب الأفريقي . أخرجه الجرجاني في " تاريج جرجان " (126 - 127 ، 445) وكذا ابن عدي كما في (التلخيص) وقال : (وهو ضععف) . وتابعه أبو اسحاق الشيباني وهو ثقة ، لكن الراوي عنه مندل .
[ 259 ]
أخرجه الدارقطني . ومندل هو ابن علي العنزي وهو ضعيف أيضا . وخالفهم جميعا حسين المعلم فقال : عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قال : " ابتغوا بأموال اليتامى لا تأكلها الصدقة " . أخرجه الدارقطني والبيهقي وقال : (هذا إسناد صحيح ، وله شواهد عن عمر رضى الله عنه ، . قلت : ورواه ابن أبي شيبة (4 / 25) من طريق الزهري ومكحول عن عمر . والشافعي (1 / 235) عن يوسف بن ماهك أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : " ابتغوا في مال اليتيم أو في مال اليتامى لا تذهبها أو لا تستأصلها الصدقة " . وهذا مرسل ، ورجاله ثقات لو لا أن فيه عنعنة ابن جريج . وفي الباب عن أنس بن مالك يرويه الطبراني في (المعجم الأوسط) (1 / 85 / 2) : حدثنا علي بن سعيد ثنا الفرات بن محمد القيرواني ثنا شجرة بن عيسى المعافري عن عبد الملك بن أبي كريمة عن عمارة بن غزية عن يحيى بن سعيد عنه مرفوعا بلفظ : " اتجروا في مال اليتامى لا تأكلها الزكاة " . وقال الطبراني : " لا " يروى عن أنس إلا بهذا الإسناد " . قلت : وهو واه جدا آفته الفرات هذا اورده الحافظ في (اللسان) وقال : " قال ابن حارث كان يغلب عليه الرواية والجمع ومعرفة الأخبار ، وكان ضعيفا متهما بالكذب) .
[ 260 ]
ومن ذلك تعلم ما في قول الهيثمي (3 / 67) : " وأخبرني سيدي وشيخي : أن إسناده صحيح " . من البعد عن الحقيقة . ولعل شيخه (وهو الحافظ العراقي) لم يستحضر حال هذا الرجل ، أو توهم أنه غيره . 789 - (قال عثمان بمحضر من الصحابة : " هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليؤده حتى تخرجوا زكاة أموالكم " رواه أبو عبيد) . ص 184 صحيح . أخرجه مالك (1 / 253 / 17) : عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد أن عثمان بن عفان كان يقول : فذكره إلا أنه قال : " حتى تحصل أموالكم فتؤدون منه الزكاة " . وهذا سند صحيح . ومن طريق مالك رواه الشافعي (1 / 237) والبيهقي (4 / 148) عنه . ورواه ابن أبي شيبة (4 / 48) عن ابن عيينة عن الزهري به إلا أنه قال : " فليقضه . وزكوا بقية أموالكم " . ورواه البيهقي (4 / 148) من طريق شعيب عن الزهري قال أخبرني السائب بن يزيد أنه سمع عثمان بن عفان رضى الله عنه خطيبا على منبر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول : هذا شهر زكاتكم - ولم يسم لي السائب الشهر ولم أسأله عنه - قال : فقال عثمان : فمن كان عليه دين فليقض دينه حتى تخلص أموالكم فؤدوا منها الزكاة " . وقال : " رواه البخاري في الصحيح " . قلت : ولم أره فيه .
[ 261 ]
790 - (حديث (. . . فدين الله أحق بالوفاء . . . ") . ص 185 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 464 و 4 / 431) والبيهقي (4 / 335) عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : " أن امرأة جاءت إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقالت : إن أمي نذرت أن تحج فماتت قبل أن تحج ، أفأحج عنها ؟ قال : نعم فحجي عنها ، أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته ؟ قالت : نعم قال : أقضوا الله ، فإن الله أحق بالوفاء) . وأخرجه النسائي (2 / 4) والدارمي (2 / 24) أحمد (1 / 239 - 240) إلا أنهما قالا : " أن امرأة نذرت أن تحج فماتت ، فأتى أخوها النبي (صلى الله عليه وسلم) فسأل عن ذلك مما فقال : أرأيت . . " . وفي أخرى لأحمد (1 / 345) : " جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال : إن أختي نذرت أن تحج وقد ماتت . . . " . وهو رواية للبخاري (4 / 275) وابن الجارود (250) . وفي رواية أخرى عن سعيد بن جبير عنه : " إن امرأة أتت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقالت : إن أمي ماتت وعليها صوم شهر ، فقال : أرأيت لو كان عليها دين أكنت تقضينه ؟ قالت : نعم ، قال : فدين الله أحق بالقضاء " . أخرجه مسلم (3 / 155 و 156) وأحمد (1 / 224 و 227 و 258 و 362) . ورواه ابن ماجه (1758) عن سعيد بن جبير وعطاء ومجاهد عن ابن عباس به إلا أنه قال :
[ 262 ]
" وعليها صيام شهرين متتابعين " . وليس الحديث مضطربا بهما يبدو لأول وهلة من الاختلاف في النذر هل هو الحج أو الصوم ، فإن الواقع أنهما قضيتان سألت عنهما المرأة ، فروى بعض الرواة إحداهما ، وبعضهم الأخرى ، بدليل حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه رضى الله عنه قال : " بينا أنا جالس عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذ أتته امرأة ، فقالت : إني تصدقت على أمي بجارية ، وإنها ماتت ، قال : فقال : وجب أجرك ، وردها عليك الميراث ، قالت يا رسول الله إنه كان عليها صوم شهر (وفي رواية : شهرين) أفأصوم عنها ؟ قال : صومي عنها ، قالت : إنها لم تحج قط أفأحج عنها ؟ قال : حجي عنها " . أخرجه مسلم (3 / 156 و 157) وأحمد (5 / 349 و 351 و 359) . وهذه المرأة السائلة ، هي غير الخثعمية التي سألت عن أبيها صبح يوم النحر ، وقد روى قصتها ابن عباس أيضا ، وعنه سليمان بن يسار قال : " كان الفضل بن عباس رديف رسول الله (صلى الله عليه سلم) فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه ، فجاء الفضل ينظر إليه ، وتنظر إليه ، فجعل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر ، قالت : يا رسول الله ! إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا ، لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه ؟ قال : نعم ، وذلك في حجة الوداع " . أخرجه البخاري (1 / 464 و 4 / 172 : ومسلم (4 / 101) ومالك (1 / 359 / 97) والشافعي (1 / 287) وأبو داود (1809) والنسائي (1 / 4 و 5) والترمذي (1 / 174) وابن ماجه (2909) والدارمي (2 / 39 - 40 و 41) والبيهقي (4 / 328) وأحمد (1 / 212 و 359) وزاد هو والدارقطني وابن ماجه : (نعم فإنه لو كان على أبيك دين قضيته " . وإسناده . صحيح . وزاد النسائي وابن الجارود :
[ 263 ]
" غداة النحر " . وسندها صحيح أيضا . ورواه نافع بن جبير عن عبد الله بن عباس : (أن امرأة من خثعم جاءت النبي (صلى الله عليه وسلم) فقالت : يارسول الله إن أبي شيخ كبير قد أفند ، وأدركته فريضة الله على عباده في الحج ، ولا يستطيع أداءها ، فهل يجزئ عنه أن أؤديها عنه ؟ قال رسول (صلى الله عليه وسلم) : نعم ، . أخرجه ابن ماجه (2907) وسنده حسن . وثم قصة ثالثة يرويها موسى بن سلمة عن ابن عباس قال : " (امرت امرأة سلمان بن عبد الله الجهني أن يسأل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن أمها توفيت ولم تحجج ، أيجزي عنها أن تحج عنها ؟ فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) : أرأيت لو كان على أمها دين فقضته عنها أكان يجزئ عن أمها ؟ قال : فلتحجج عن أمها ، وسأله عن ماء البحر ؟ فقال : ماء البحر طهور " . أخرجه أحمد (1 / 279) بسند صحيح . باب زكاة السائمة 791 - (حديث ذكر بن حكيم عن أبيه عن جده مرفوعا " في كل إبل سائمة في كل أربعين ابنة لبون " رواه أحمد وأبو داود والنسائي) . حسن . أخرجه أبو داود (1575) والنسائي (1 / 335 - 336 و 339) وفي " الكبرى ، (2 / 2 و 3 / 1) والدارمي (1 / 396) وابن أبي شيبة (4 / 10) وابن الجارود (174) والحاكم (1 / 398) والبيهقي (4 / 105) وأحمد (4 / 2 و 4) من طرق عن بهز به ، وتمامه :
[ 264 ]
" لا يفرق إبل عن حسابها ، من أعطاها مؤتجرا فله أجرها ، ومن أبى فإنا آخذوها وشطر ماله ، عزمة من عزمات ربنا ، لا يحل لآل محمد (صلى الله عليه وسلم) منها شيثا " . وقال الحاكم : " صحيح الإسناد " . ووافقه الذهبي . قلت : وإنما هو حسن للخلاف المعروف في بهز بن حكيم . 792 - (حديث الصديق مرفوعا : " وفي الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين ففيها شاة " . الحديث) . ص 185 صحيح . أخرجه أبو داود (1567) والنسائي (1 / 336 - 338) والدارقطني (209) والحاكم (1 / 390 - 392) والبيهقي (4 / 86) وأحمد (1 / 11 - 12) عن حماد بن سلمة قال : " أخذت هذا الكتاب من ثمامة بن عبد الله بن أنس عن أنس بن مالك أن أبا بكر رضى الله عنه كتب لهم : إن هذه فرائض الصدقة التي فرض رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على المسلمين التي أمر الله عز وجل بها ، رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فمن سئلها من المسلمين على وجهها فليعطها ومن سئل فوق ذلك فلا يعطه فيما دون خمس وعشرين من الإبل ، ففي كل خمس ذود شاة ، فإذا بلغت خمسا وعشرين ففيها ابنة مخاض (إلى خمس وثلاثين ، فإن لم تكن ابنة مخاض ، فابن لبون ، ذكر ، فإذا بلغت ستة وثلاثين ففيها ابنة لبون إلى خمس وأربعين ، فإذا بلغت ستة وأربعين ففيها حقة طروقة الفحل إلى ستين . فإذا بلغت إحدى وستين ففيها جذعة إلى خمس وسبعين ، فإذا بلغت ستة وسبعين ، ففيها بنتا لبون إلى تسعين ، فإذا بلغت إحدى وتسعين ففيها حقتان طروقتا الفحل إلى عشرين ومائة ، فإن زادت على عشر بن ومائة ففي كل أربعين ابنة لبون ، وفي كل خمسين حقة ، فإذا تباين أسنان الإبل في فرائض الصدقات ، فمن بلغت عنده صدقة الجذعة ، وليست عنده جذعة وعنده حقة فإنها تقبل منه ، ويجعل معها شاتين إن استيسرتاه له أو عشرين درهما ، ومن بلغت عنده صدقة الحقة
[ 265 ]
وليست عنده إلا جذعة فإنها تقبل منه ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين ، ومن بلغت عنده صدقة الحقة ، وليست عنده بنت لبون فإنها تقبل منه ، ويجعل منها شاتين إن استيسرتا له أو عشرين درهما ، ومن بلغت عنده صدقة ابنة لبون وليس عنده إلا حقة فإنها تقبل منه ، ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين ، ومن بلغت عنده صدقة ابنة لبون ، وليست عنده ابنة لبون وعنده ابنة مخاض ، فإنها تقبل منه ، ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له أو عشرين درهما ومن بلغت عنده صدقة بنت مخاض وليس عنده إلا ابن لبون ذكر ، فإنه يقبل منه ، وليس معه شئ ، ومن لم يكن عنده إلا أربع من الإبل فليس فيها شئ إلا أن يشاء ربها ، وفي صدقة الغنم في سائمتها ، إذا كانت أربعين ففيها شاة إلى عشرين ومائة ، فإن زادت ففيها شاتان إلى مائتين ، فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث شياه إلى ثلاثمائة ، فإذا زادت ففي كل مائة شاة . ولا تؤخذ في الصدقة هرمة ، ولا ذات عوار ولا تيس إلا أن يشاء المتصدق ، ولا يجمع بين متفرق ، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة ، وما كان من خليطين ، فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية ، وإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة واحدة فليس فيها شئ إلا أن يشاء ربها ، وفي الرقة ربع العشر فإذا لم يكن المال إلا تسعين ومائة درهم فليس فيها شئ إلا أن يشاء ربها " ، وقال الحاكم : " حديث صحيح على شرط مسلم " . ووافقه الذهبي . وقال الدارقطني : (إسناد صحيح ، وكلهم ثقات " . وأقره البيهقي . وقد تابعه أيوب قال : رأيت عند ثمامة بن عبد الله بن أنس كتابا كتبه أبو بكر الصديق رضى الله عنه لأنس بن مالك رضى الله عنه حين بعثه على صدقة البحرين ، عليه خاتم النبي (صلى الله عليه وسلم) (محمد رسول الله) فيه مثل هذا القول " . أخرجه البيهقي . وتابعه محمد بن عبد الله بن المثنى الأنصاري قال : حدثني أبي قال : حدثني ثمامة بن عبد الله بن أنس أن أنسا حدثه أن أبا بكر كتب له هذا الكتاب
[ 266 ]
لما وجه إلى البحرين ، بسم الله الرحمن الرحيم . هذه فريضة صدقة الصدقة التي فرض رسول الله على المسلمن . . . الحديث نحوه . أخرجه البخاري (1 / 368 و 2 / 110) وابن ماجه (1800) وابن الجارود (174 - 178) والبيهقي (40 / 85) ، وأشار إليه الحاكم وقال : " وحديث حماد بن سلمة أصح وأشفى وأتم من حديث الأنصاري . قلت : ولأكثر فقرات الحديث أو كثير منها شاهد من حديث ابن عمر رضى الله عنه . قال : " كتب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كتاب الصدقة فلم يخرجه إلى عماله حتى قبض ، فقرن بسيفه فعمل به أبو بكر حتى قبض ، ثم عمل به عمر حتى قبض ، فكان فيه : " في خمس من الإبل شاة . . . " الحديث بطوله . أخرجه أصحاب السنن والدارمي (1 / 381) وابن أبي شيبة (3 / 121) والحاكم (1 / 392 - 394) والبيهقي (4 / 88) وأحمد (2 / 14 و 15) من طريق سفيان بن حسين عن الزهري عن سالم عنه . وقال الحاكم : " وتصحيحه على شرط الشيخين حديث عبد الله بن المبارك عن يونس بن يزيد عن الزهري ، وإن كان فيه أدنى إرسال فإنه شاهد صحيح لحديث سفيان بن حسين " . ثم ساقه هو والدارقطني (ص 209) عنه عن ابن شهاب قال : " هذه نسخة كتاب لرسول الله التي كتب الصدقة ، وهي عند آل عمر ابن الخطاب قال ابن شهاب : أقرأنيها سالم بن عبد الله بن عمر فوعيتها على وجهها ، وهي التي انتسخ عمر بن عبد العزيز من عبد الله بن عمر ، وسالم بن عبد الله حين أمر على المدينة ، فأمر عماله بالعمل بها ، وكتب بها إلى الوليد فأمر الوليد عماله بالعمل بها ، ثم لم يل الخلفاء يأمرون بذلك بعده ، ثم أمر بها
[ 267 ]
هشام ، فنسخها إلى كل عامل من المسلمين ، وأمرهم بالعمل بما فيها ، ولا ينقدونها ، وهذا كتاب يفسر " . لا يؤخذ في شئ من الإبل الصدقة حتى تبلغ خمس ذود ، فإذا بلغت خمسا فيها شاة . . . " الحديث بطوله . وقد تابعه سليمان بن كثير عن الزهري عن سالم عن اببه به . أخرجه البيهقي وروى عن البخاري أنه قال : " الحديث أرجو أن يكون محفوظا ، وسفيان بن حسين صدوق " . 793 - (وفي آخر : " إذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة شاة واحدة فليس فيها شيئ إلا أن يشاء ربها ") . ص 185 صحيح . وهو قطعة من حديث أنس عن أبي بكر الذي قبله ، خلافا لما أوهم المؤلف بقوله آخر) . وسيذكرها المؤلف نفسه عن أنس (797) . ولهذا القدر منه شاهد من حديث عمرو بن شعيب عن أببه عن جده عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : " ليس في أقل من أربعين شئ " . أخرجه ابن أبي شيبة (4 / 16) بسند ضعيف إلى عمرو . 794 - (حديث أنس أن أبا بكر الصديق كتب له حين وجهه إلى البحرين : بسم الله الرحمن الرحيم . " هذه . فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله على المسلمين التي أمر الله بها رسوله ، فمن سئلها من المسلمين على وجهها فليعطها ومن سئل فوقها فلا يعطها ، في أربع وعشرين من الإبل فما دونها من الغنم في كل خمس شاة ، فإذا بلغت خمسا وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض ، فإن لم يكن بنت مخاض
[ 268 ]
فابن لبون ذكر ، فإذا بلغت ستة وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبون أنثى ، فإذا بلغت ستة وأربعين ففيها حقة طروقة الفحل ، فإذا بلغت إحدى وستين إلى خمس وسبعين ففيها جذعة ، فإذا بلغت ستا وسبعين إلى تسعين ففيها ابنتا لبون ، فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حقتان طروقتا الفحل ، فإذا زادت على عشرين ومائة ، ففي كل أربعين بنت لبون ، وفي كل خمسين حقة " . رواه أحمد وأبو داود والنسائي والبخاري وقطعه في مواضع) . ص 186 صحيح . وتقدم قريبا بتمامه ، ويأتي بعضه (797) . 795 - (قول معاذ " بعثني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أصدق أهل اليمن فأمرني أن آخذ من البقر من كل ثلاثين تبيعا ومن كل أربعين مسنة " . الحديث رواه أحمد) . ص 186 صحيح . أخرجه أحمد (5 / 240) من طريق سلمة بن أسامة عن يحيى بن الحكم أن معاذا قال : " بعثني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أصدق أهل اليمن ، وأمرني أن آخذ من البقر من كل ثلاثين تبيعا - قال هارون بن معروف : والتبيع الجذع أو الجذعة ، ومن كل أربعين مسنة ، قال : " فعرضرا علي أن آخذ ما بين الأربعين أو الخمسين ، وبين الستين والسبعين ، وما بين الثمانين والتسعين فأبيت ذاك وقلت لهم ، حتى أسأل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن ذلك ، فتقدمت ، فأخبرت النبي (صلى الله عليه وسلم) ، فأمرني أن آخذ من كل ثلاثين تبيعا . ومن كل أربعين مسنة ، ومن الستين تبيعين ، ومن السبعين مسنة وتبيعا ، ومن الثمانين مسنتين ، ومن التسعين ثلاثة أتباع ، ومن المائة مسنة وتبيعين ومن العشرة والمائة مسنتين وتبيعا ، ومن العشرين ومائة ثلاث مسنات أو أربعة أتباع ، قال : وأمرني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن لا آخذ فيما بين ذلك شيئا إلا أن يبلغ مسنة أو جذعا ، وزعم أن الأوقاص لا فريضة فيها " . قلت : وهذا سند ضعيف لانقطاعه بين يحيى بن الحكم ومعاذ كما ذكر
[ 269 ]
الحافظ في " التعجيل " . ثم هو غير معروف الحال وكذا الراوي عنه سلمة ، فإنه لم يوثقهما أحد ، وقول الحافظ أنهما معروفان كأنه يعني أنهما غير مجهولي العين ، لأنه لم يوثقهما ولا حكى ذلك عن أحد من الأئمة . لكن القسم الأول منه له طرق أخرى ، فقال الأعمش : عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ بن جبل قال : " بعثني النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى اليمن ، فأمره أن يأخذ من كل ثلاثين بقرة تبيعا أو تبيعة ، ومن كل أربعين مسنة ، ومن كل حالم دينارا ، أو عدله معاقر " . أخرجه أبو داود (1578) والترمذي (1 / 122) والنسائي (1 / 333) والدارمي (1 / 382) وابن ماجه (1 / 576 / 1803) وابن أبي شيبة (4 / 12) وابنه حبان (794) وابن الجارود (178) والدارقطني (203) والحاكم (1 / 398) والبيهقي (4 / 98 و 9 / 193) وقال الترمذي : (حديث حسن " . وقال الحاكم : (صحيح على شرط الشيخين) ووافقه الذهبي . قلت : وهو كما قالا ، وقد قيل أن مسروقا لم يسمع من معاذ فهو منقطع ، ولا حجة على ذلك ، وقد قال ابن عبد البر : " والحديث ثابت متصل " . وقد رواه الأعمش عن إبراهيم أيضا عن مسروق به . أخرجه أبو داود (1577) والنسائي والدارمي وابن أبي شيبة والدارقطني والبيهقي . وتابعه عاصم وهو ابن أبي النجود عن أبي وائل به . أخرجه الدارمي عن أبي بكر بن عياش عنه " قلت : وهذا سند حسن . ومن هذا الوجه أخرجه أحمد (5 / 233) لكنه لم يذكر في إسناده مسروقا . ثم أخرجه (5 / 247) كذلك من طريق شريك
[ 270 ]
عن عاصم به . قلت : وشريك هو ابن عبد الله القاضي وهو سئ الحفظ . وللحديث طريق أخرى ، فقال مالك (1 / 259 / 24) عن حميد بن قيس المكي عن طاس اليماني " أن معاذ بن جبل الأنصاري أخذ من ثلاثين بقرة ، تبيعا ، ومن أربعين بقرة مسنة ، وأتي بما دون ذلك فأبى أن يأخذ منه شيئا ، وقال : لم أسمع من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيه شيئا حتى ألقاه فأسأله ، فتوفي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قبل أن يقدم معاذ بن جبل " . ومن طريق مالك رواه الشافعي (1 / 229) والبيهقي . ورواه أحمد (5 / 230 و 231) من عمرو بن دينار أن طاوسا أخبره به نحوه . هذا سند رجاله كلهم ثقات إلا أنه منقطع بين طاوس ومعاذ لكن قال الحافظ في " التلخيص " (ص 174) : (قد قال الشافعي : طاوس عالم بأمر معاذ وإن لم يلقه لكثرة من لقيه ممن أدرك معاذا ، وهذا مما لا أعلم من أحد فيه خلافا " . قلت : وقد روي موصولا ، فقال بقية : حدثني المسعودي عن الحكم عن طاس عن ابن عباس قال : " لما بعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) معاذا إلى اليمن أمره أن يأخذ من كل ثلاثين من البقر تبيعا أو تبيعة جذعا أو جذعة . ومن كل أربعين بقرة مسنة . فقالوا : فلأوقاص ؟ قال : ما أمرني فيها بشئ ، وسأسأل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أذا قدمت عليه ، فلما قدم على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سأله عن الأوقاص ، فقال : ليس فيها شئ (قال المسعودي : والأوقاص ما دون الثلاثين وما بين الأربعين إلى الستين) فإذا كانت ستين ففيها تبيعان فإذا كانت سبعون ففيها مسنة أو تبيع . فإذا كانت
[ 271 ]
ثمانون ففيها مسنتان ، فإذا كانت تسعون ففيها ثلاث تبايع " . أخرجه الدارقطني (202) وعنه البيهقي (99) . قال الحافظ في " التلخيص " (ص 174) : " وهذا موصول ، لكن المسعودي اختلط ، وتفرد بوصله عنه بقية بن الوليد ، وقد رواه الحسن بن عمارة عن الحكم أيضا ، لكن الحسن ضعيف ، ويدل كل ضعفه قوله فيه : أن معاذا قدم على النبي (صلى الله عليه وسلم) من اليمن فسأله ، ومعاذ لما قدم عل النبي (صلى الله عليه وسلم) كان قد مات) . ثم ذكر رواية مالك المتقدمة وفيها التصريح بوفاته (صلى الله عليه وسلم) قبل قدوم معاذ . لكن قد علمت أنه منقطع . فلا يصلح أن يستدل به على ضعف رواية المسعودي ، واستدل الزيلعي بدليل آخر وهو حديث جابر في قصة دينه وعجزه عن الوفاء وإرسال النبي (صلى الله عليه وسلم) إياه إلى اليمن ، وفيه " فلم يزل بها حتى توفي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) . ولو صح هذا لكان دليلا واضحا ، ولكنه من رواية محمد بن عمر وهو الواقدي وهو متروك . فلا حجة فيه ، على أن الزيلعي ساقه ملفقا من عدة أحاديث على أنه حديث واحد ، كما نبه على ذلك المعلق الفاضل عليه . ثم إن للحديث شاهدا من حديث عبد الله بن مسعود يرويه خصيف عن أبي عبيدة عنه أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : " في ثلاثين من البقر تبيع أو تبيعة ، وفي أربعين مسنة " . أخرجه الترمذي (1 / 121) وابن ماجه (1804) وابن الجارود (179) والبيهقي (4 / 99) وقال الترمذي : " وأبو عبيدة بن عبد الله لم يسمع من عبد الله قلت : وخصيف سئ الحفظ . وبالجملة فالحديث بطريقه وهذا الشاهد صحيح بلا ريب . 796 - (قول سعد بن ديسم : أتاني رجلان على بعير فقالا : إنا
[ 272 ]
رسولا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لتؤدي صدقة غنمك . قلت : فأي شئ تأخذان ؟ قالا : عناق جدعة أو ثنية " . رواه أبو داود) . ص 187 ضعيف . رواه أبو داود (1581) والنسائي (1 / 341) وأحمد (3 / 414) عن مسلم بن ثفنة اليشكري قال : " استعمل نافع بن علقمة أبي علي عرافة قومه فأمره أن يصدقهم ، قال : فبعثني أبي في طائفة منهم ، فأتيت شيخا كبيرا يقال له سعد بن ديسم ، فقلت : إن أبي بعثني إليك - يعني لأصدقك - قال : ابن أخي ، وأي نحو تأخذون ؟ قلت : نختار حتى إنا نتبين ضروع الغنم ، قال . ابن أخي ، فإني أحدثك أني كنت في شعب من هذه الشعاب على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في غنم لي ، فجاءني رجلان على بعير ، فقالا لي : إنا رسولا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إليك لتؤدي صدقة غنمك ، فقلت : ما علي فيها ؟ فقالا : شاة ، فأعمد إلى شاة قد عرفت مكانها ممتلئة مخضا وشحما فأخرجتها إليهما ، فقالا : هذه شاة الشافع وقد نهانا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن نأخذ شافعا ، قلت : فأي شئ تأخذان ؟ قالا : عناقا جذعة أو ثنية ، قال : فأعمد إلى عناق معتاط ، والمعتاط : التي لم تلد ولدا ، وقد حان ولادها فأخرجتها إليهما ، فقالا : ناولناها ، فجعلاها معهما على بعيرهما ، ثم انطلقا ، . قلت : وهذا سند ضعيف مسلم بن ثفنة ، قال الذهبي " أخطأ فيه وكيع وصوابه ابن شعبة . لا يعرف " . قلت : وعلى الصواب رواه النسائي في رواية له . 797 - (حديث أنس في كتاب الصدقات : " وفي سائمة الغنم إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة فإذا زادت على عشرين ومائة ففيها شاتان ، فإذا زادت على مائتين إلى ثلاث ففيها ثلاث شياه ، فإذا زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاة ، فليس فيها صدقة ، إلا أن يشاء ربها " . رواه أحمد وأبو داود) . ص 187 . صحيح . وتقدم تخريجه (792) مع سوقنا إياه بتمامه .
[ 273 ]
فصل في الخلطة 798 - روى أنس في كتاب الصدقات : " ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة ، وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بالسوية " رواه أحمد وأبو داود والنسائي صحيح . وتقدم تخريجه (792) . باب باب زكاة الخارج من الأرض 799 - حديث " فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا (1) العشر ، وفيما سقي بالنضح نصف العشر " رواه . البخاري . صحيح أخرجه البخاري (1 / 377) وأبو داود (1596) والنسائي (1 / 344) والترمذي (1 / 125) وابن ماجه (1817) والطحاوي (1 / 315) وابن الجارود (180) والدارقطني (215) والبيهقي (4 / 130) والطبراني في " الصغير " (225) من طريق ابن شهاب عن سالم بن عبد الله بن أبيه مرفوعا . وله طريق أخرى ، يرويه ابن جريج : أخبرني نافع عن ابن عمر قال : " كتب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى أهل اليمن إلى إلى الحارث بن عبد كلال ومن معه من اليمن من معافر وهمدان : أن على المؤمنين صدقة العقار عشر ما سقت العين وسقت السماء ، وعلى ما سقى الغرب نصف العشر " . أخرجه ابن أبي شيبة (4 / 22) الدارقطني والبيهقي بسند صحيح . وورد الحديث عن جابر بن عبد الله ، وأبي هريرة ومعاذ بن جبل ، وعبد الله بن عمرو وعمرو بن حزم . أما حديث جابر ، فيرويه أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يذكر أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : فذكره نحوه . (1) الأصل (عشريا) والتصويب من البخاري .
[ 274 ]
أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي والطحاوي وابن الجارود والدارقطني والبيهقي وأحمد (3 / 353) وقال البيهقي : " إسناده صحيح " . وأما حديث أبي هريرة فيرويه الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذياب عن سليمان بن يسار وبسر بن سعيد عن أبي هريرة به . أخرجه ابن ماجه والترمذي وقال : " وقد روي هذا الحديث عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن سليمان بن يسار وبسر بن سعيد عن النبي (صلى الله عليه وسلم) مرسلا ، وكأن هذا أصح . وقد صح حديث ابن عمر عن النبي (صلى الله عليه وسلم) في هذا الباب " . وأما حديث معاذ بن جبل فيرويه عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عنه . أخرجه النسائي والدارمي (1 / 393) وابن ماجه (1818) والطحاوي والدارقطني وأحمد (5 / 233) ، وأدخل بعضهم بينه وبين أبي وائل مسروقا . والسند حسن . وأما حديث عبد الله بن عمرو فيرويه ابن أبي ليلى عن عبد الكريم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا . أخرجه ابن أبي شيبة ، وسنده ضعيف . وأما حديث عمرو بن حزم ، فيرويه أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كتب إلى أهل اليمن بكتاب فيه الفرائض والسنن ، وكتب فيه : " ما سقت السماء أو كان سيحا أو بعلا فيه العشر إذا بلغ خمسة أوسق ، وما سقى بالرشاء أو بالدالية ففيه نصف العشر إذا بلغ خمسة أوسق " . أخرجه الطحاوي (1 / 315) والحاكم (1 / 395 - 397) وصححه
[ 275 ]
ووافقه الذهبي وفي " فيض الباري " للشيخ الكشميري الحنفي (3 / 46) : " وإسناده قوي " وفي ذلك نظر بينه الحافظ في " التهذيب " وفيه زيادة عزيزة ليست في شئ من الطرق الأخرى ، ولكن لها شواهد تقويه . ويأتي بعضها قريبا . 800 - (حديث " ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة " متفق عليه) . ص 189 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 355) ومسلم (3 / 66) ومالك (1 / 344 / 2) وأبو نعيم في " المستخرج " (16 / 37 / 2) وأبو داود (1558) والنسائي (1 / 342) والترمذي (1 / 122) والدارمي (1 / 384 - 385) وابن ماجه (1793) وأبو عبيد (424 / 1175 و 1176) والطحاوي (1 / 314) وابن أبى شيبة (4 / 7 و 10 - 11 و 18) وابن الجارود (173 و 181) والدارقطني (215) والبيهقي (4 / 120) والطيالسي (2197) وأحمد (3 / 6 و 30 و 45 و 59 و 60 و 74 و 79 و 86 و 97) من طرق عن أبي سعيد الخدري قال : قال النبي (صلى الله عليه وسلم) : (ليس فيما دون خمس أواق صدقة ، ولا فيما دون خمس أوسق صدقة ، وليس فيما دون خمسة أوسق صدقة " . وفي رواية لمسلم " ليس في حب ولا تمر صدقة حتى يبلغ خمسة أوسق) . وسيذكرها المؤلف قريبا . وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . وزاد أحمد في رواية من طريق أبي البختري عن أبي سعيد : " والوسق ستون مختوما " . وهي عند ابن ماجه (1832) وأبي عبيد (517 و 1589) وأبي داود
[ 276 ]
أيضا (1559) وأعله بقوله : (أبو البختري لم يسمع من أبي سعيد " . قلت : وكذا قال أبو حاتم . لكن الدارقطني أخرجها من طريق أخرى . إلا أن فيها عبد الله بن صالح وأبو بكر بن عياش وفيهما ضعف ويأتي (803) لها شاهد من حديث جابر . وللحديث شاهد من حديث جابر . أخرجه مسلم وأبو نعيم وابن ماجه (1794) والطحاوي والطيالسي (1702) وأحمد (3 / 296) وسيأتي لفظه (رقم 816) . وآخر من حديث ابن عمر . أخرجه الطحاوي والبيهقي وأحمد (2 / 92) عن ليث عن نافع عنه . وليث هو ابن أبي سليم وهو ضعيف ، وليس هو ابن سعد الثقة الإمام وإن كان يروي أيضا عن نافع . 800 / 1 - (حديث : " لا زكاة في حب ولا ثمر حتى يبلغ خمسة أوسق " . رواه مسلم) . ص 189 صحيح وهو راوية لمسلم من حديث أبي سعيد المتقدم قبله ، لكنه بل بلفظ : " ليس في حب ولا تمر (وفي رواية : ثمر) صدقة حتى . . . ورواه البيهقي (4 / 128) وابن الجارود . 801 - (روى موسى بن طلحة : أن معاذا لم يأخذ من الخضراوات صدقة) . ص 190 صحيح . رواه ابن أبي شيبة (4 / 19) عن وكيع عن عمرو بن عثمان عن موسى بن طلحة أن معاذا لما قدم اليمن لم يأخذ الزكاة إلا في الحنطة والشعير
[ 277 ]
والتمر والزبيب . ورجاله ثقات لو لا أنه منقطع بين موسى ومعاذ . لكن أخرجه الدارقطني (201) والحاكم (1 / 401) وعنه البيهقي (4 / 128 - 129) عن عبد الرحمن بن مهدي ثنا سفيان عن عمرو بن عثمان عن موسى بن طلحة قال : (عندنا كتاب معاذ عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه إنما أخذ الصدقة من الحنطة والشعير والزبيب والتمر " . وقال الحاكم : " هذا حديث قد احتجا بجميع رواته ، وموسى بن طلحة تابعي كبير ، لا ينكر أن يدرك أيام معاذ " . ووافقه الذهبي فقال : " على شرطهما " . وقد تعقبه صاحب التنقيح بالانقطاع الذي أشرنا إليه فقال : " قال أبو زرعة موسى بن طلحة بن عبيد الله عن عمر مرسل ، ومعاذ توفي في خلافة عمر ، فرواية موسى بن طلحة عنه أولى بالإرسال " . ذكره في " نصب الراية " (2 / 386) وأقول : لا وجه عندي لإعلال هذا السند بالإرسال ، لإن موسى إنما يرويه عن كتاب معاذ ، ويصرح بأنه كان عنده فهي رواية من طريق الوجادة وهي حجة على الراجح من أقوال علماء أصول الحديث ، ولا قائل باشتراط اللقاء مع صاحب الكتاب . وإنما يشترط الثقة بالكتاب وأنه غير مدخول . فإذا كان موسى ثقة ويقول : " عندنا كتاب معاذ " بذلك ، فهي وجادة من أقوى الوجادات لقرب العهد بصاحب الكتاب . واللة أعلم . ويشهد له ما روى أبو حنيفة ثنا سفيان عن طلحة بن يحيى عن أبي بردة عن أبي موسى ومعاذ بن جبل حين بعثهما رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى اليمن يعلمان الناس أمر دينهم :
[ 278 ]
" لا تأخذوا الصدقة إلا من هذه الأربعة : الشعير ، والحنطة ، والزبيب ، والتمر " . أخرجه الدارقطني والحاكم وقال : " إسناد صحيح " . ووافقه الذهبي . وأقره الزيلعي في " نصب الراية " (2 / 389) ، إلا أنه قال : " قال الشيخ في " الإمام " : وهذا غير صريح في الرفع " . قلت : لكنه ظاهر في ذلك إن لم يكن مريحا ، فإن الحديث لا يحتمل ، إلا أحد أمرين ، إما أن يكون من قوله (صلى الله عليه وسلم) أو من قول أبي موسى ومعاذ ، والثاني ممنوع ، لأنه لا يعقل أن يخاطب الصحابيان به النبي (صلى الله عليه وسلم) والقول بأنهما خاطبا به أصحابهما يبطله أن ذلك إنما قيل في زمن بعث النبي (صلى الله وسلم) إياهما إلى اليمن ، فتعين أنه هو الذي خاطبهم بذلك ، وثبت أنه مرفوع قطعا . ومما يؤيد أن أصل الحديث مرفوع أن أبا عبيد أخرجه في " الأموال " (1174 و 1175) من طرق عن عمرو بن عثمان بن عبد الله بن موهب - مولى آل طلحة - قال : سمعت موسى بن طلحة يقول : " أمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) معاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن أن يأخذ الدقة من الحنطة والشعير والنخل ، والعنب " . وهذا سند صحيح مرسل ، وهو صريح في الرفع ، ولا يضر إرساله لأمرين : الأول : أنه صح موصولا عن معاذ كما تقدم من رواية ابن مهدي عن سفيان عن عمرو بن عثمان . الثاني : أن عبد الله بن الوليد العدني - وهو ثقة - رواه عن سفيان به وزاد فيه : " قال : بعث الحجاج بموسى بن المغيرة على الخضر والسواد ، فأراد أن
[ 279 ]
يأخذ من الخضر الرطاب والبقول ، فقال موسى بن طلحة عندنا كتاب معاذ عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه أمره أن يأخذ من الحنطة والشعير والتمر والزبيب . قال : فكتب إلى الحجاج في ذلك ، فقال : صدق . رواه البيهقي (4 / 129) . ثم روى من طريق عطاء بن السائب قال : " أراد موسى بن المغيرة أن يأخذ من خضر أرض موسى بن طلحة فقال له موسى بن طلحة : أنه ليس في الخضر شئ . ورواه عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : فكتبوا بذلك إلى الحجاج ، فكتب الحجاج أن موسى بن طلحة أعلم من موسى ابن المغيرة " . ومن هذا الوجه عزاه في (المنتقى) (4 / 29) للأثرم في سننه ، ثم قال : " وهو من أقوى المراسيل ، لاحتجاج من أرسله به) . قلت : فلولا أن الحديث صحيح عند موسى بن طلحة لما احتج به إن شاء الله تعالى . وللحديث طرق أخرى متصلة ومرسلة ، وقد اقتصرت هنا على أقواها ، فمن أراد الإطلاع على سائرها فليراجع " نصب الراية " و " التلخيص " ، و " نيل الأوطار " للشوكاني ، وقد ذهب فيه إلى تقوية الحديث بطرقه ونقله عن للبيهقي وهو الحق . 802 - (وروى الأثرم بإسناده عن سفيان بن عبد الله الثقفي أنه كتب إلى عمر - وكان عاملا له على الطائف - أن قبله حيطانا فيها من الفرسك (1) والرمان ما هو أكثر غلة من الكروم أضعافا ، فكتب يستأمر في العشر ، فكتب إليه عمر : أن ليس عليها عشر ، هي من العضاه كلها ، فليس عليها عشر) . ص 190 لم أقف على إسناده . (1) قال المؤلف هو الخوخ .
[ 280 ]
803 - (خبر " الوسق ستون صاعا " . رواه أحمد وابن ماجه) . ص 190 ضعيف . وهو من حديث أبي سعيد الخدري في رواية عنه وقد سبق ذكر علتها في الحديث (800) ، لكن له طريق أخرى ، كما تقدم هناك . وله شاهد يرويه محمد بن عبيد الله عن عطاء بن أبي رباح وأبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فذكره . وقال البوصيري في " الزوائد " (115 / 2) : " هذا اسناد ضعيف ، فيه محمد بن عبيد الله العرزمي ، وهو متروك . الحديث ، وله شاهد من حديث أبي سعيد الخدري ، رواه الشيخان وغيرهما وروي ذلك عن سعيد بن المسيب وعطاء والحسن البصري والنخعي وغيرهم " . قلت : حديث أبي سعيد الخدري عند الشيخين ليس فيه هذا الخبر ، وإنما هو زيادة عند أحمد وابن ماجه في حديثه المتقدم هناك ، والآثار المشار إليها أخرجها ابن أبي شيبة في " المصنف " (4 / 18) ، وروى فيه خبر أبي سعيد أيضا ولكنه أوقفه . 804 حديث أبي سعيد مرفوعا : " ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة " . رواه الجماعة) . صحيح . وقد تقدم قريبا (800) . 805 - حديث عائشة أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يبعث عبد الله بن رواحة إلى يهود فيخرص عليهم النخل حين يطيب قبل أن يؤكل منه) . رواه أبو داود . أخرجه أبو داود (1606) وأبو عبيد (483 / 1438) والبيهقي (4 / 123) وأحمد (6 / 163) من طريق ابن جريج قال : أخبرت عن ابن شهاب عن عروة عنها .
[ 281 ]
قلت : ورجاله ثقات كلهم غير أنه منقطع بين ابن جريج وابن شهاب . وله شاهد من حديث جابر قال : " أفاء الله عز وجل خيبر على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأمرهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كما كانوا ، وجعلها بينه وبينهم ، فبعث عبد الله بن رواحة فخرصها عليهم ، ثم قال لهم : يا معشر اليهود أنتم أبغض الخلق إلي ، قتلتم أنبياء الله عز وجل ، وكذبتم على الله ، وليس يحملني بغضي إياكم على أن أحيف عليكم ، قد خرصت عشرين ألف وسق من تمر ، فإن شئتم فلكم ، وإن أبيتم فلي ، فقالوا : بهذا قامت السماوات والأرض ، قد أخذنا ، فاخرجوا عنا " . أخرجه البيهقي وأحمد (3 / 367) والطحاوي (1 / 317) . قلت : وهذا إسناد رجاله ثقات لولا أن أبا الزبير مدلس وقد عنعنه ، لكنه قد صرح بالتحديث في رواية لأحمد (3 / 296) من طريق ابن جريج : أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : " خرصها ابن رواحة أربعين ألف وسق ، وزعم أن اليهود لما خيرهم ابن رواحة أخذوا التمر وعليهم عشرون ألف وسق) . قلت : وهذا سند صحيح على شرط مسلم . ورواه ابن أبي شيبة (4 / 49) معنعنا . وله شاهد آخر من حديث ابن عمر : (أن النبي (صلى الله عليه وسلم) بعث ابن رواحة إلى خيبر يخرص عليهم ، ثم خبرهم أن يأخذوا أو يردوا ، فقالوا : هذا هو الحق ، بهذا قامت السماوات والأرض " . أخرجه أحمد (2 / 24) ورجاله ثقات غير العمري وهو عبد الله بن عمر العمري المكبر وهو سئ الحفظ ، لكن تابعه عبد الله بن نافع ، عند الطحاري (1 / 316) وهو ضعيف أيضا ، غير أن أحدهما يقوي الآخر . وعن عتاب بن أسيد أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يبعث على الناس من يخرص عليهم كرومهم وثمارهم) .
[ 282 ]
أخرجه أ بو داود (1603) والترمذي (1 / 125) والبيهقي (4 / 122) وقال الترمذي " حديث حسن " من طريقين عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن عتاب به . وأخرجه مالك (2 / 703) عن ابن شهاب عن سعيد . بن المسيب مرسلا نحوه . قلت : وهذا أصح . وعن ابن عباس : " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) حين افتتح خيبر اشترط عليهم أن له الأرض ، وكل صفراء وبيضاء . يعني الذهب والفضة وقال له أهل خيبر : نحن أعلم بالأرض ، فأعطناها على أن نعملها ويكون لنا نصف الثمرة ، ولكم نصفها ، فزعم أنه أعطاهم على ذلك . فلما كان حين يصرم النخل ، بعث إليهم ابن رواحة فحزر النخل وهو الذي يدعونه أهل المدينة ، الخرص ، فقال : في ذا : كذا وكذا ، فقالوا : هذا الحق ، وبه تقوم السماء والأرض فقالوا : قد رضينا أن نأخذ بالذي قلت " . رواه ابن مباجه (1820) وإسناده جبد . فصل 806 - (حديث ابن عمر " فيما سقت السماء العشر وفيما سقي بالنضح نصف العشر " رواه أحمد والبخاري والنسائي وأبي داود وابن ماجه فيما سقت السماء والأنهار والعيون ، أو كان بعلا : العشر وفيما سقي بالسواقي والنضح : نصف العشر ") . صحيح . وقد تقدم برقم (799) . 807 - روى الدارقطني عن عتاب بن أسيد : أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أمره أن يخرص العنب زبيبا كما يخرص التمر .
[ 283 ]
ضعيف . أخرجه الدارقطني (217) وكذا الترمذي (1 / 125) وأبو داود (1603) والبيهقي (4 / 122) من طريق محمد بن صالح التمار عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن عتاب به . وزاد الترمذي : " ثم تؤدى زكاته زبيبا كما تؤدى زكاة النخل تمرا " . وقال : " حديث حسن غريب " . قلت : ورجاله ثقات غير التمار هذا فقال الحافظ في " التقريب " : " صدوق يخطئ " لكن تابعه عبد الرحمن بن اسحاق عند أبي داود والدارقطني . وقال أبو داود : " وسعيد لم يسمع من عتاب شيئا " . وأعله الدارقطني بالأرسال فقال : " رواه صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة ، وأرسله مالك ومعمر وعقيل عن الزهري عن النبي (صلى الله عليه وسلم) مرسلا . قلت : ورواية مالك هذه . تقدم تخريجها قبل حديث ، وليس فيه ما في رواية التمار هذه . من خرص العنب من أجل الزكاة " فكأن الدارقطني يعني أصل الحديث . وعبد الرحمن بن اسحاق المتابع للآثار هو العامري القرشي وهو حسن الحديث كما تقدم مرارا ، وفي حفظه ضعف كالتمار ، فوصلهما للإسناد مع إرسال أولئك الثقات له ، مما لا تطمئن النفس لقبوله والله سبحانه وتعالى أعلم . 808 - (حديث ابن عمر " القبالات ربا ") . ص 192 لم أقف عل سنده . 809 - (عن ابن عباس " إياكم والربا : ألا وهي القبالات . ألا وهي الذل والصغار ") . ص 192
[ 284 ]
لم أجده . وقد أورده ابن الأثير في مادة " قبل " وقال : " القبالات : هو أن يتقبل بخراج أو جباية أكثر مما أعطى فذلك الفضل ربا ، فإن تقبل وزرع فلا بأس " 810 - (حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يؤخذ في زمانه من قرب العسل من كل عشر قرب قربة من أوسطها " رواه أبو عبيد والأثرم وابن ماجه) . ص 192 صحيح . قال أبو عبيد في " الأموال " (497 / 1489) : حدثنا أبو الأسود عن ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر عن عمرو بن شعيب به إلا أنه قال : (من عشر قربات) . وهذا سند رجاله ثقات غير أن ابن لهيعة سئ الحفظ ، لكنه لم يتفرد به كما يأتي فالحديث صحيح . فقد أخرجه ابن ماجه (1824) منه طريق نعيم بن حمال ثنا ابن المبارك ثنا أسامة بن زيد عن عمرو بن شعيب به مختصرا بلفظ : " أنه (صلى الله عليه وسلم) ، أخذ من العسل العشر " . قلت : ونعيم ضعيف . لكن أخرجه أبو داود (1600) والنسائي (1 / 346) من طريق عمر وبن الحارث المصري عن عمرو بن شعيب به بلفظ : " جاء هلال أحد بني متعان إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعشور نحل له ، وكان سأله أن يحمي له واديا يقال له سلبة فحمى له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، ذلك الوادي ، فلما ولي عمر بن الخطاب رضى الله عنه كتب سفيان بن وهب إلى عمر بن الخطاب يسأله عن ذلك ، فكتب عمر رضى الله عنه : إن إدى إليك ماكان يؤدي إلى رسول (صلى الله عليه وسلم) من عشور نحله فاحم له سلبته ، وإلا فإنما هو ذباب غيث يأكله من يشاء " . قلت : وهذا سند صحيح ، فإن عمرو بن الحارث المصري ثقة فقيه حافظ
[ 285 ]
كما في " التقريب " . ثم أخرجه أبو داود (1601) من طريق المغيرة ونسبه إلى عبد الرحمن بن الحارث المخزومي قال : حدثني أبي عن عمرو بن شعيب فذكر ذكره قال : " من كل عشر قرب قربة . وقال سفيان بن عبد الله الثقفي قال : وكان يحمي لهم واديين . زاد : فأدوا إليه ما كانوا يؤدون إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وحمى لهم وادييهم " . وأخرجه البيهقي (4 / 126 - 127) عن أبي داود بالسندين ، ثم قال : " ورواه أيضا أسامة بن زيد عن عمرو نحو ذلك ، . قلت : وصله عن أسامة ، ابن ماجه بسند ضعيف كما تقدم ، لكن وصله أبو داود (1602) من طريق ابن وهب : أخبرني أسامة بن زيد به بلفظ : " أن بطنا من فهم ، بمعنى المغيرة ، قال : من عشر قرب قربة ، وقال : واديين لهم " . قلت : وهذا سند حسن إلى عمرو بن شعيب ، وكذا الذي قبله فهذه . طرق إلى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده متصلا ، وبعضها صحيح بذلك إليه كما تقدم . وعليه فلا يضره ما رواه ابن أبي شيبة (4 / 20) عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب : (أن أمير الطائف كتب إلى عمر بن الخطاب : إن أهل العسل منعونا ما كانوا يعطون من كان قبلنا ، قال : فكتب إليه : إن أعطوك ما كانوا يعطون رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فاحم لهم ، وإلا فلا تحم لهم ، قال : وزعم عمرو بن شعيب أنهم كانوا يعطون من كل عشر قرب قربة " . قلت : فهذا مرسل ، ولكن لا تعارض بينه وبين من وصله لجواز أن عمرا كان يرسله تارة ، ويوصله تارة ، فروى كل ما سمع ، والكل صحيح . وقال الحافظ في (التلخيص) " ص 180) :
[ 286 ]
" قال الدارقطني يروى عن عبد الرحمن بن الحارث وابن لهيعة عن عمرو ابن شعيب مسندا ، ورواه يحيى بن سعيد الأنصاري عن عمرو بن شعيب عن عمر مرسلا . قلت : فهذه علته ، وعبد الرحمن وابن لهيعة ليسا من أهل الإتقان . لكن تابعها عمرو بن الحارث أحد الثقات ، وتابعهما أسامة بن زيد عن عمرو بن شعيب عند ابن ماجه وغيره كما مضى " . قلت : فاتصل الإسناد وثبت الحديث . والحمد لله . وله شاهد من حديث ابن عمر قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " في العسل في كل عشرة أزق زق) ، . أخرجه الترمذي (1 / 123) والطبراني في " الأوسط " (1 / 87) إلا أن لفظه : " في العسل العشر ، في كل قربة قربة ، وليس فيما دون ذلك شئ " . وأخرجه البيهقي (4 / 126) بلفظ الترمذي . ثلاثتهم من طريق صدقة ابن عبد الله عن موسى بن يسار عن نافع عنه ، وقال البيهقي (تفرد به صدقة بن عبد الله السمين وهو ضعيف ، قد ضعفه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وغيرهما ، وقال أبو عيسى الترمذي : سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث ؟ فقال : هو عن نافع عن النبي (صلى الله عليه وسلم) ، مرسل) . وقال الترمذي : " في إسناده مقال ، ولا يصح عن النبي (صلى الله عليه وسلم) في هذا الباب كبير شئ ، وصدقة بن عبد الله ليس بحافظ ، وقد خولف صدقة بن عبد الله في رواية هذا الحديث عن نافع " . ثم روى بسنده الصيح عن عبيد الله بن عمر عن نافع قال : " سألني عمر بن عبد العزيز عن صدقة العسل ، قال : قلت : ما عندنا
[ 287 ]
عسل نتصدق منه ، ولكن أخبرنا المغيرة بن حكيم أنه قال : ليس في العسل صدقة فقال عمر : عدل مرضي ، فكتب إلى الناس أن توضع . يعني عنهم " . ورواه ابن أبي شيبة ايضا (4 / 21) . قلت : والمغيرة بن حكيم تابعي ثقة ، وما ذكره من النفي لم يرفعه إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) هذه ، فهو مقطوع ، ولو رفعه لكان مرسلا فليس يعارض بمثله حديث عمرو بن شعيب بعد أن ثبت عنه ، لا سيما وهو مثبت ، وله ذلك الشاهد عن نافع عن ابن عمر . هو وإن كان ضعيف السند ، فمثله لا بأس به في الشواهد . لا سيما وقد أثبت له البخاري أصلا من حديث نافع مرسلا والله أعلم . وفي الباب شواهد أخرى منها عن أبي هريرة مختصرا مرفوعا بلفظ : " في العسل العشر " . رواه العقيلي في " الضعفاء " (224) وضعفه . وراجع بقية الشواهد في " نصب الراية " (2 / 390 - 391) . 811 - (روى الجوزجاني عن عمر : أن اناسا سألوه فقالوا : إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، أقطع لنا واديا باليمن فيه خلايا من نحل ، وإنا نجد ناسا يسرقونها . فقال عمر : إذا أديتم صدقتها من كل عشرة أفراق فرقا حميناها لكم) . ص 192 . لم أقف على سنده . 812 - (حديث أبي هريرة مرفوعا : " وفي الركاز الخمس " رواه (الجماعة) ص 193 . صحيح . رواه البخاري (1 / 381 - 382) ومسلم (3 / 127)
[ 288 ]
128) وأبو داود (3085) والنسائي (1 / 345) والترمذي (1 / 259) والدارمي (1 / 393) وابن ماجه (2509) ومالك أيضا (1 / 249 / 9) وابن الجارود (191) والبيهقي (4 / 155) والطيالسي (2305) وأحمد (2 / 239 ، 254 ، 274 ، 285 ، 415 ، 475 ، 495 ، 501) من طريق سعيد بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، قال : " العجماء جرحها جبار ، والبئر جبار ، والمعدن جبار ، وفي الركاز الخمس " وليس عند مالك وابن ماجه إلا الجملة الأخيرة منه . وكذلك رواه أبو عبيد (336 / 857) وكذا ابن أبي شيبة (4 / 67) ولكنه لم يذكر في سنده أبا سلمة وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . وقد رواه عن أبي سلمة وحده بتمامه مسلم وأبو عبيد (856) . وهو رواية لأحمد . وله عند البخاري (2 / 76) ومسلم والنسائي وابن أبي شيبة وأحمد (2 / 228 ، 319 ، 382 ، 386 ، 406 ، 411 ، 415 ، 454 ، 456 ، 467 ، 482 ، 493 ، 499 ، 507) وابن أبي شيبة (66) والقاسم السرقسطي في " غريب الحديث " (2 / 157 / 2) والطبراني في " الصغير " (ص 67 ، 153) طرق كثيرة عن أبي هريرة . وله شواهد في السنن وغيرها ، وقد كنت ذكرتها - فيما أظن - في رسالتي " أحكام الركاز " ، ولم تطبع . 812 / 1 - (روى أبو عبيد بإسناده عن الشعبي " أن رجلا وجد ألف دينار مدفونة خارج المدينة فأتي بها عمر بن الحطاب ، فأخذ منها مائتي دينار ، ودفع إلى الرجل بقيتها ، وجعل عمر يقسم المائتين بين من حضره من المسلمين إلى أن فضل منها فضلة ، فقال : أين صاحب الدنانير ؟ فقام إليه ، فقال عمر : خذ هذه الدنانير فهي لك ") . ص 193
[ 289 ]
ضعيف . رواه أبو عبيد (342 / 874) من طريق مجالد عن الشعبي . قلت : وهذا سند ضعيف . لأن مجالدا فيه ضعف ، والشعبي لم يسمع من عمر باب زكاة الأثمان 813 - (حديث عائشة وابن عمر " كان يأخذ من كل عشرين مثقالا نصف مثقال " . رواه ابن ماجه) . صحيح . رواه ابن ماجه (1791) عن إبراهيم بن إسماعيل عن عبد الله بن واقد عن ابن عمر وعائشة : " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يإخذ من كل عشرين دينارا فصاعدا نصف دينار . ومن الأربعين دينارا دينارا " . هذا لفظه ، وكذلك أخرجه الدارقطني (199) من هذا الوجه ، وقال البوصيري في " الزوائد " (113 / 1) : " إبراهيم بن إسماعيل ضعيف ، . قلت : وكذا في " التقريب " وهو ابن مجمع كما في رواية الدارقطني . لكن للحديث شواهد يتقوى بها . فلا بد من ذكرها . 1 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : " ليس في أقل من عشرين مثقالا من الذهب ، ولا في أقل من مائتي درهم صدقة " . رواه أبو عبيد (409 / 1113) والدارقطني (199) عن ابن أبي ليلى عن عبد الكريم عن عمرو بن شعيب به .
[ 290 ]
قلت : وهذا سند ضعيف . عبد الكريم هذا هو ابن أبي المخارق . وابن أبي ليلى اسمه محمد بن عبد الرحمن وكلاهما في ضعيف . 2 - عن محمد بن عبد الرحمن الأنصاري : " أن في كتاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وفي كتاب عمر في الصدقة أن الذهب لا يؤخذ منه شئ حتى يبلغ عشرين دينارا ، فإذه بلغ عشرين دينارا ففيه نصف دينار ، والورق لا يؤخذ منه شئ حتى يبلغ مائتي درهم ، فإذا بلغ مائتي درهم ففيها خمسة دراهم " . أخرجه أبو عبيد (408 / 1106) : حدثنا يزيد عن حبيب بن أبي حبيب عن عمرو بن هرم عن محمد بن عبد الرحمن الأنصاري . قلت : وهذا سند صحيح مرسل ، فإن الأنصاري هذا تابعي ثقة ولكنه في حكم المسند لأن الأنصاري أخذه عن كتاب النبي (صلى الله عليه وسلم) " وكتاب عمر رضى الله عنه . ففي رواية لأبي عبيد (358 / 933) بهذا السند عن الأنصاري : " لما استخلف عمر بن عبد العزيز أرسل إلى المدينة يلتمس كتاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في الصدقات ، وكتاب عمر بن الخطاب ، فوجد عند آل عمرو بن حزم كتاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى عمرو بن حزم في الصدقات ، ووجد عند آل عمر كتاب عمر في الصدقات مثل كتاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : فنسخنا له ، قال : فحدثني عمرو بن هرم أنه طلب إلى محمد بن عبد الرحمن أن ينسخه ما في ذينك الكتابين " فنسخ له ما في هذا الكتاب من صدقة الابل والبقر والغنم والذهب والورق والتمر أو التمر والحب والزبيب : أن الإبل . . . . " الحديث بطوله . فالحديث صحيح من هذا) الوجه لأن التابعي نقله عنه كتاب النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى عمرو بن حزم المحفوظ عند آل عمرو ، فهي وجادة من أقوى الوجادات وهي حجة كما سبقت الإشارة إليه في مكان آخر . 3 - وله شاهد موقوف عن علي قال :
[ 291 ]
" ليس في أقل من عشرين دينارا شئ ، وفي عشرين دينارا نصف دينار ، وفي أربعين دينارا دينار ، فما زاد فبالحساب " . أخرجه ابن أبي شيبة (4 / 8) وكذا أبو داود (1573) وأبو عبيد (1107) والبيهقي من طرق عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي . وهذا سند جيد موقوف ، وزاد أبو داود في سنده الحارث الأعور قرنه مع عاصم بن ضمرة زاد في آخره : " قال : فلا أدري أعلي يقول : " فبحساب ذلك " أو رفعه إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) . قال الحافظ في " التلخيص ، (ص 82) : " وقال ابن حزم هو عن الحارث عن علي مرفوع ، وعنه عاصم بن ضمرة عن علي ، موقوف ، كذا رواه . شعبة وسفيان ومعمر عن أبي اسحاق عن عاصم موقوفا . قال : وكذا كل ثقة رواه . عن عاصم . قلت : قد رواه . الترمذي من حديث أبي عوانة عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي مرفرعا " . قلت : لكن ليس عند الترمذي (1 / 121) في حديث علي ، نصاب الذهب بل الفضة ، وكذلك رواه . مرفوعا من طرق أخرى عن أبي إسحاق ابن أبي شيبة (4 / 7) . 4 - عن محمد بن عبد الله بن جحش من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " أنه أمر معاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن أن يأخذ من كل أربعين دينارا دينارا ، ومن كل مائتي درهم خمسة دراهم وليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ، ولا فيما دون خمس ذود صدقة ، وليس في الخضروات صدقة " . أخرجه الدارقطني (200) من طريق عبد الله بن شبيب حدثني عبد الجبار بن سعيد حدثني حاتم بن إسماعيل عن محمد بن أبي يحيى عن أبي كثير مولى بني جحش عن محمد بن عبد الله بن جحش .
[ 292 ]
قلت : وهذا سند رجاله كلهم ثقات غير عبد الله بن شبيب وهو واه ، كما في " الميزان " . وجملة القول فالحديث صحيح لا شك فيه عندي . 814 - (حديث أنس مرفوعا : " وفي الرقة ربع العشر " متفق عليه) . ص 194 . صحيح . أخرجه البخاري (1 / 368) في آخر حديث أنس بكتاب أبي بكر الصديق بما فرض رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على المسلمين قال فيه : " وفي الرقة ربع العشر ، فإن لم تكن إلا تسعين ومائة فليس فيها شئ إلا أن يشاء ربها) . وقد تقدم الحديث بطوله (رقم (792) من رواية أبي داود وغيره . وذكرنا هناك البخاري رواه بنحوه . وأما عزو المؤلف لهذا المقدار منه للمتفق عليه فمن أوهامه رحمه إلله تعالى . وهذا القدر رواه أبو عبيد أيضا (409 / 1112) . 815 - (حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا " ليس في أقل من عشرين مثقالا من الذهب ولا في أقل من مئتي درهم صدقة " رواه أبو عبيد) . ص 194 صحيح . وقد أخرجه الدارقطني أيضا ، وهو وإن كان سنده ضعيفا ، فهو صحيح باعتبار ما له من الشواهد ، وقد سبق ذكرها قبل حديث . 816 - حديث " ليس فيما دون خمس أوراق من الورق صدقة) ، رواه أحمد ومسلم عن جابر . صحيح . رواه مسلم (3 / 67) وأبو نعيم في " المستخرج " (16 / 37 / 2) والطحاوي (1 / 314) عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله عن
[ 293 ]
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه قال : فذكره وزاد : (وليس فيما دون خمس ذود من الأبل صدقة ، وليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة " . والطحاوي (1 / 315) منه الجملة الأخيرة فقط . ثم أخرج من طريق محمد بن مسلم قال : أنا عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله به مرفوعا بلفظ : " لا صدقة في شئ من الزرع أو الكرم حتى يكون خمسة أوسق ، ولا في الرقة حتى تبلغ مائتي درهم " . ومن هذا الوجه أخرجه ابن ماجه (1794) وأحمد (3 / 296) بلفظ : (ليس فيما دون خمس ذود صدقة ، وليس فيما دون خمس أوراق صدقة ، وليس فيما دون خمسة أوساق صدقة " . وقال البوصيري في " الزوائد " (ق 113 / 2) : " هذا إسناد حسن " ، وصححه الحاكم (1 / 400 ، 401 - 402) على شرط مسلم ووافقه الذهبي . قلت : ورجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن مسلم وهو الطائفي فمن رجال مسلم وحده وفيه ضعف ، وفي " التقريب " : (صدوق يخطئ " وقد تابعه عيسى بن ميمون المكي عن عمرو بن دينار به ، لكنه اقتصر على الجملة الوسطى فقط . أخرجه الطيالسي (1702) وإسناده صحيح . ورواه البيهقي (4 / 128 ، 134) من طريق الطائفي به ، وقرن في رواية له مع جابر أبا سعيد الخدري . ثم رواه . (4 / 120) من طريق نعيم بن حماد أبي عبد الله الفارضي المروزي ثنا محمد بن ثور عن معمر عن ابن أبي نجيح وأيوب وقتادة ويحيى بن أبي كثير عن ابني جابر عن جابر كلهم ذكروا عن النبي (صلى الله عليه وسلم) به مثل رواية الطائفي عند ابن ماجه .
[ 294 ]
قلت : ونعيم هذا ضعيف . 817 - (حديث جابر " ليس في الحلي زكاة " رواه . الطبراني) ص 195 . باطل . أخرجه ابن الجوزي في " التحقيق " (1 / 196 / 1 - 2) من طريق إبراهيم بن أيوب قال : حدثنا عافية بن أيوب عن ليث بن سعد عن أبي الزبير من جبر مرفوما به . وقال : " قالوا عافية ضعيف ، قلنا : ما عرفنا أحدا طعن فيه " . قلت : كذا قال ، ولا يخفى ما فيه من التسامح في النقد ، فإن للمخالف أن يقول له : (فهل علمت أحدا وثقه ، فإنه لا يلزم من عدم معرفة الراوي بطعن أنه ثقة ، فإن بين ذلك منزلة أخرى وهي الجهالة ؟ ! " وهذا ظاهر بين . وقد ذكر الزيلعي في " نصب الراية " (2 / 374) هذا الحديث من طريق ابن الجوزي ثم لم يذكر كلام ابن الجوزي المذكور ، مشيرا إلى أنه غير مرض عنده ، وأيد ذلك بقوله : " قال البيهقي في " المعرفة " : (قلت : فذكر الحديث من طريق عافية) فباطل لا (أصل له ، إنما يروى عن جابر من قوله ، وعافية بن أيوب مجهول ، فمن احتج به مرفرعا كان معزرا بذنبه ، وداخلا فيما نعيب به المخالفين من الاحتجاج برواية الكذابين . انتهى . وقال الشيخ في " الإمام " : ورأيت بخط شيخنا المنذري رحمه الله : وعافية بن أيوب لم يبلغني فيه ما يوجب تضعيفه . قال الشيخ : ويحتاج من يحتج به إلى ذكر ما يوجب تعديله . انتهى " . قلت : وكلام الشيخ - وهو ابن دقيق العيد - أعدل ما رأيت من الكلام فيه ، فلا بد لمن احتج به أن يثبت توثيق عافبة ، ويبدو أن ذلك من غير الممكن ، فقد جرى كل من وقفت على كلامه في هذا الحديث على أنه مجهول ، ولم يأت بما يثبت توثيقه . . ولكني رأيت ابن أبي حاتم قال في " الجرح والتعديل " (3 / 2 / 44) : " سئل أبو زرعة عن عافية بن أيوب ؟ فقال : هو مصري ليس
[ 295 ]
به بأس " . ولذلك قال الحافظ في (اللسان) عقب قول أبي زرعة هذا : " فليس هذا بمجهول " . وهذا هو الصواب ، وفيه رد على الذهبي في قوله : " تكلم فيه ، ما هو بحجة ، وفيه جهالة " . فكأنه لم يقف - كغيره - على توثيق أبي زرعة المذكور ، وهو إمام حجة ، لا مناص من التسليم لقوله . ولكن هل يصير الحديث بذلك صحيحا ؟ والجواب : لا فإن في سنده . علة أخرى فإنه من إبراهيم بن أيوب الراوي له عن عافية ، فقد ذكره أبو العرب في " الضعفاء " ، ونقل عن أبي الطاهر أحمد بن محمد بن عثمان المقدسي أنه قال : إبراهيم بن أيوب حوراني ضعيف . قال أبو العرب : وكان أبو الطاهر من أهل النقد والمعرفة بالحديث بمصر وقال أبو حاتم : لا أعرفه " . فهذا هي علة الحديث ، وإن الباحث المدقق ليعجب من ذهول كل من تكلم على الحديث عنها ، وانصرافهم إلى تعليله بما ليس بعلة قادحة . وذلك كله مصداق لقول القائل : " كم ترك الأول للآخر ، . وللحديث علة أخرى وهي الوقف ، فقال ابن أبي شيبة (4 / 47) : عبدة بن سليمان عن عبد الملك عنه أبي الزبير عن جابر قال : لا زكاة في الحلي . قلت : إنه يكون فيه ألف دينار ؟ قال : يعار ويلبس " . قلت : وهذا سند صحيح على شرط مسلم ، وأبو الزبير قد صرح بالسماع وقد تابعه عمرو بن دينار قال : " سمعت رجلا يسأل جابر بن عبد الله عنه الحلي : أفيه الزكاة ؟ فقال جابر : لا ، فقال : وإن كان يبلغ ألف دينار ؟ فقال جابر : كثير " . أخرجه الشافعي (1 / 239) وأبو عبيد (442 / 1275) وإسنادهما صحيح على شرط الشيخين . . وأخرجه الدارقطني (205) من طريق أبي حمزة عن الشعبي عن جابر قال : " ليس في الحلي زكاة " .
[ 296 ]
وبهذا السند عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : (في الحلي زكاة) . وقال الدارقطني : (أبو حمزة هذا ميمون ، ضعيف الحديث ، . قلت : فتبين مما تقدم أن الحديث رفعه خطأ ، وأن الصواب وفقه على جابر . وأن في الباب ما يخالفه وهو حديث فاطمة بنت قيس مرفوعا ، وهو وإن كان ضعيف الإسناد فقد جاءت له شواهد قوية تشهد له بالصحة ، أذكر بعضها : 1 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : " أتت امرأة من أهل اليمن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ومعها ابنة لها ، في يدها مسكتان من ذهب ، فقال : هل تعطين زكاة هذا ؟ قالت : لا ، قال : أيسرك أن يسورك الله بهما بسوارين من نار ؟ " . أخرجه أبو داود (1563) والنسائي (1 / 343) والترمذي (1 / 124) وأبو عبيد (439 / 1260) وابن أبي شيبة (4 / 27) والبيهقي (4 / 140) وأحمد (2 / 178 ، 204 ، 208) من طرق عن عمرو به . قلت : وإسناده إلى عمرو عند أبي داود والنسائي وأبي عبيد جيد ، وصححه ابن القطان كما في " نصب الراية " (2 / 370) . 2 - عن عبد الله بن شداد بن الهاد أنه قال : " دخلنا على عائشة زوج النبي (صلى الله عليه وسلم) فقالت : دخل على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فرأى في يدي فتخات من ورق ، فقال : ما هذا يا عائشة ؟ فقلت : صنعتهن أتزين لك يا رسول الله ، قال : أتؤدين زكاتهن ؟ قلت : لا ، أو ما شاء الله ، قال : هو حسبك من النار " . أخرجه أبو داود (1565) والدارقطني (205) والحاكم (1 / 389 - 390) والبيهقي (4 / 139) عن محمد بن عمرو بن عطاء عن عبد الله بن
[ 297 ]
شداد . وقال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " . ووافقه الذهبي وهو كما قالا . وكلام الشيخ ابن دقيق العيد في " الإمام) على ما نقله الزيلعي (2 / 371) يشعر أنه على شرط مسلم فقط ، فقد قال : " ويحيى بن أيوب (أحد رواته) أخرج له مسلم . . . والحديث على شرط مسلم " . ويحيى بن أيوب هو الغافقي أبو العباس المصري وقد أخرج له البخاري أيضا . هذا ومحمد بن عمرو بن عطاء ثقة أيضا محتج به في الصحيحين ، وقد وقع في سند الدارقطني (محمد بن عطاء) منسوبا إلى جده فقال فيه : " مجهول " وتبعه على ذلك ابن الجوزي في " التحقيق " (1 / 198 / 1) ، وهو ذهول منهما رده الأئمة من بعدهما كالزيلعي والعسقلاني وغيرهما . (تنبيه على أوهام) : 1 - عزا المؤلف حديث الباب إلى الطبراني وذلك وهم منه أو ممن نقله عنه ، فليس الحديث عند الطبراني ، ولم أجد أحدا غيره عزاه إليه ، ولا أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " . وقد سبق للمؤلف مثل هذا الوهم في الحديث (48) فراجعه إن شئت . 2 و 3 - عزاه السيوطي في " الجامع الكبير " (2 / 154 / 2) الدارقطني عن جابر وفاطمة بنت قيس . وفيه وهمان : الأول : أن حديث جابر ليس مرفوعا عند الدارقطني كما رأيت . الثاني : أن حديث فاطمة لفظه عنده " في الحلي زكاة " ليس فيه " ليس " فهو في إثبات الزكاة لا في نفيها ، وكذلك عزاه في " نصب الراية " (2 / 373) للدارقطني . فصل 818 - (حديث أنه (صلى الله عليه وسلم) اتخذ خاتما من ورق " متفق عليه) . ص 195 .
[ 298 ]
صحيح . أخرجه البخاري (4 / 92) ومسلم (6 / 150) وأبو داود (4220) والبيهقي (4 / 142) وأحمد (2 / 22) من طريق نافع عن ابن عمر قال : " اتخذ النبي (صلى الله عليه وسلم) خاتما من ورق ، فكان في يده ، ثم كان في يد أبي بكر ، ثم كان في يد عمر ، ثم كان في يد عثمان ، حتى وقع منه في بئر أريس ، نقشه : محمد رسول الله " . وزاد أبو داود : " وقال : لا ينقش أحد على نقش خاتمي هذا " . ورواه النسائي (2 / 295) وابن ماجه (3639) بهذه . الزيادة مختصرا ، وإسناده صحيح على شرط الشيخين . 819 - (قال الدارقطني وغيره : المحفوظ أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يختتم في يساره ") . ص 196 . صحيح . وفيه أحاديث : الأول : عن أنس قال : " كان خاتم النبي (صلى الله عليه وسلم) في هذه ، وأشار إلى الخنصر من يده اليسرى " . أخرجه مسلم (6 / 152) والنسائي (2 / 295) والبيهقي (4 / 142) وأحمد (3 / 267) عن حماد بن سلمة عن ثابت عنه . ورواه أبو الشيخ في " كتاب أخلاق النبي (صلى الله عليه وسلم) (ص 134) ، لكنه قال : " حماد بن زيد " بدل " حماد بن سلمة ، وما أظنه إلا خطأ من بعض النساخ أو الطابع ، فإنه رواه من الطريق التي رواها منها مسلم عن حماد بن سلمة . وتابعه قتادة عن أنس قال : " كان خاتم النبي (صلى الله عليه وسلم) في خنصره اليسرى " . أخرجه أبو الشيخ من طريق عمر بن أبي سلمة نا سعيد بن بشير عن قتادة
[ 299 ]
قلت : وهذا سند ضعيف من أجل سعيد بن بشير وهو الأزدي الشامي وهو ضعيف كما في (التقريب) . وأما عمر بن أبي سلمة ، فكذا هو في الكتاب ، والظاهر أنه خطأ والصواب " عمرو " وهو التنيسي وهو ثقة . لكن رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة من أنس بلفظ : " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يتختم في يمينه " . وإسناده صحيح كما يأتي بيانه في الكلام على الحديث الذي بعده ، وذكرت هناك وجه الترجيح أو التوفيق بين الروايتين . وقد نقل المؤلف عن الدارقطني وغيره أنه قال : " المحفوظ أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يختتم في يساره " . وأنا أظن أن هذا قاله في خصوص حديث معين . وإلا فالحديث تختمه (صلى الله عليه وسلم) في يمينه أصح وأكثر ، وبعضها في الصحيحين كما يأتي . وقد اختلف العلماء في التوفيق في هذه . الأحاديث على أقوال ذكرها الحافظ في " الفتح " (10 / 274 - 276) والراجح عندي جواز الأمرين ، والأفضل التختم باليمين . والله أعلم . 820 - (حديث " التختم باليمنى " . ضعفه أحمد في رواية الأثرم وغيره) . ص 196 صحيح . وقد ورد عن جماعة من الصحابة منهم عبد الله بن عمر ، وأنس بن مالك ، وعبد الله بن جعفر ، وعلي بن أبي طالب ، وعبد الله بن عباس . 1 - أما حديث ابن عمر ، فقال الإمام أحمد (2 / 153) : ثنا صفوان بن عيسى أنا أسامة بن زيد عن نافع عن عبد الله : " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) اتخذ خاتما من ذهب فجعله في يمينه ، وجعل فضه مما يلي باطن كفه ، فاتخذ الناس خواتيم الذهب ، قال : فصعد رسول الله (صلى الله عليه وسليم)
[ 300 ]
المنبر فألقاه ، ونهى عن التختم بالذهب) . قلت : وهذا سند صحيح على شرط مسلم . وقد أخرجه هو (6 / 150) والبخاري (4 / 92) والترمذي (1 / 324) من طريق موسى بن عقبة عن نافع به نحوه ، وكذلك أخرجه ابن سعد (1 / 2 / 161) من طريق أسامة نحوه . ولفظ الترمذي : " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) صنع خاتما من ذهب ، فتختم به في يمينه ثم جلس على المنبر فقال : إني كنت اتخذت هذا الخاتم في يميني ، ثم نبذه ونبذ الناس خواتيمهم " . وقال : " حديث حسن صحيح " . ورواه في كتابه " الشمائل " بإسناد السنن ذاته ، ليس فيه قوله : " في يمينه فأنا أظنها شاذة ، وأما الحافظ فجرى على أنها ثابتة فقال في " الفتح " (10 / 274) بعد أن عزاه لابن سعد أيضا (1) : " وهذا صريح من لفظه (صلى الله عليه وسلم) رافع للبس وموسى بن عقبة أحد الثقات الأثبات " . وقد تابعهما عن نافع عبيد الله بن عمر مختصرا بلفظ : " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) " لبس خاتما في يمينه " . أخرجه أبو الشيخ (ص 133) بسند صحيح رجاله كلهم ثقات غير شيخه أبي يحيى الرازي فلم أعرفه الآن ، وهو غير أبي يحيى الرازي العبدي المسمى اسحاق بن سليمان والذي أخرج له الستة ، فإن هذا أعلى طبقة من المترجم . وقد رواه أبو داود (4228) من طريق أخرى عن عبيد الله به إلا أنه أوقفه بلفظ : (1) وفي ذلك عندي نظر فإنه ليس عنده موضع الشاهد منه .
[ 301 ]
* ارواء الغليل ج 3 من ص 301 إلى ص 428 " أن ابن عمر كان يلبس خاتمه في يده اليسرى " . وسنده صحيح . وخالفهم عبد العزيز بن أبي رواد فقال : عن نافع به بلفظ : " كان يتختم في يساره " . أخرجه أبو الشيخ (135) وأبو داود (4227) : " قال ابن إسحاق وأسامة يعني ابن زيد عن نافع بإسناده : في يمينه " قلت : رواية أسامة تقدمت من رواية أحمد في أول البحث ، وأخرجها أبو الشيخ أيضا (133) مختصرا . وأما رواية ابن إسحاق فذكر الحافظ في " الفتح " أنها عند أبي الشيخ أيضا ، وأنا لم أجدها عنده إلا من روايته عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر به . أخرجها (132) من طريق أبي معشر عن محمد بن إسحاق . فلعل رواية ابن إسحاق عن نافع في مكان آخر عنده . ثم قال الحافظ : (ورواية أسامة أخرجها ابن سعد أيضا ، فظهر أن رواية اليسار في حديث نافع شاذة ، ومن رواها أقل عددا وألين حفظا ممن روى اليمين . وقد أخرج الطبراني في الأوسط بسند حسن عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال : " كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يتختم في يمينه " ، وأخرج أبو الشيخ (133) من رواية خالد بن أبي بكر عن سالم عن ابن عمر نحوه . فرجحت رواية اليمين في حديث ابن عمر أيضا " . 2 - وأما حديث أنس فرواه قتادة عنه . " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يتختم في يمينه " . أخرجه النسائي (2 / 295) والترمذي في (الشمائل) وأبو الشيخ (132) من طريق محمد بن عيسى بن الطباع عن عباد بن العوام عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به .
[ 302 ]
قلت : وهذا سند صحيح على شرط مسلم . لكن خالفه شعبة عن قتادة فرواه به بلفظ : " كأني أنظر إلى بياض خاتم النبي (صلى الله عليه وسلم) في أصبعه اليسرى " . أخرجه النسائي وسنده صحيح أيضا ، ورواه أبو الشيخ (132) من طريق أبي عبيد الحمصي نا شعبة وعمرو بن عامر عن قتادة به نحوه . لكن أبو عبيد هذا ضعيف واسمه محمد بن حفص الوصابي ضعغه ابن منده وغيره ، وذكره ابن حبان في (الثقات) وقال : يغرب . وخالفه سعيد بن بشير أيضا كما سبق في الحديث الذي قبله ، لكن سعيد ضعيف ، فما يعتد بمخالفته ، فقد اختلف شعبة وابن أبي عروبة على قتادة ، وكلاهما ثقة ، ولكل منهما ما يؤيده روايته ، أما رواية ابن أبي عروبة فيؤيدهما حديث ابن شهاب عن أنس : " أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لبس خاتم فضة في يمينه فيه فص حبشي ، كان يجعل فصه مما يلى كفه " . أخرجه مسلم (6 / 152) . وأما رواية شعبة فيؤيدها حديث ثابت عن أنس بلفظ : " يده اليسرى ، . وقد خرجناه في الحدبث الذي قبله . ومن ذلك يتبين أن لا مجال للترجيح بين الروايتين ، فلا بد من التوفيق بينهما ، ولعل ذلك يحمل كل رواية على حادثة غير الأخرى . ويكون أنس قد حدث بهذه تارة ، وبتلك أخرى ، وكذلك فعل قتادة ، ثم تلقى بعض الرواة عنه إحداهما والبعض الآخر الأخرى ، وإن لم يكن الأمر كذلك فالحديث مضطرب عندي ، والحجة في الحديث الذي قبله ، والأحاديث الآتية . (10) وفي ذلك عندي نظر ، فإنه ليس عنده موضع الشاهد عنه 3 - وأما حديث عبد الله بن جعفر ، فيرويه حماد بن سلمة قال : " رأيت ابن أبي رافع - هو عبيد الله بن أبي رافع مولى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يتختم في يمينه ،
[ 303 ]
فسألته عن ذلك ؟ فقال : رأيت عبد الله بن جعفر يتختم في يمينه ، وقال عبد الله بن جعفر : " كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يتختم في يمينه " . أخرجه النسائي (2 / 290) والترمذي (1 / 324) وفي (الشما ئل) (رقم 1 / 186) وأبو الشيخ (131) وأحمد (1 / 204 ، 205) وقال الترمذي : " قال محمد بن إسماعيل (يعني البخاري) : هذا أصح شئ روي في هذا الباب " . قلت : وإسناده صحيح . وله طريق أخرى : عن إبراهيم بن الفضل عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن عبد الله بن جعفر مرفوعا به . قلت : وإبراهيم بن الفضل وهو أبو إسحاق المدني متروك كما في " التقريب " . وتابعه يحيى بن العلاء وهو مثله . أخرجه عنهما أبو الشيخ وابن ماجه (3647) عن إبراهيم . 4 - وأما حديث علي ، فيرويه شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين عن أبيه عنه : " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يتختم في يمينه " . أخرجه أبو داود (4226) والنسائي (2 / 290) والترمذي في " الشمائل " (1 / 185) وأبو الشيخ (133) وصححه ابن حبان كما في " الفتح " (10 / 275) قلت : وإسناده صحيح على شرط الشيخين . 5 - وأما حديث عبد الله بن عباس ، فيرويه محمد بن إسحاق قال : " رأيت على الصلت بن عبد الله بن نوفل بن عبد المطلب خاتما في خنصره اليمنى ، فقلت : ما هذا ؟ قال : رأيت ابن عباس يلبس خاتمه هكذا ، وجعل
[ 304 ]
فصه على ظهرها ، قال : ولا إخال ابن عباس إلا قد كان يذكر أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يلبس خاتمه كذلك " . أخرجه أبو داود (4229) والترمذي (1 / 324) وفي " الشمائل " (رقم 18 5) وأبو الشيخ (131) وقال الترمذي : " قال محمد بن إسماعيل : حديث حسن صحيح " . قلت : وإسناده جيد . وله طريق أخرى عن أبي حازم عن ابن عباس مرفوعا : " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يتختم في يمينه " . وسنده ضعيف . وفي الباب عن جابر وعائشة وأبي أمامة وأبي سعيد ، وأبي جعفر الباقر وأبي سلمة بن عبد الرحمن عند أبي الشيخ إلا حديث أبي سلمة فهو عند النسائي (2 / 290) وهو مرسل صحيح ، وفي أسانيده هذه الأخرى ضعف ، وفيما خرجناه كفاية . (تنبيه) : عرفت مما سبق أن التختم باليمنى ثابت عن النبي (صلى الله عليه وسلم) بتلك الأحاديث الكثيرة ، فما نقله المؤلف عن الإمام أحمد من التضعيف محمول على أنه أراد حديثا معينا لخصوص علة فيه ، وإلا فإن تضعيف ذلك مع وروده في خمسة أحاديث صحيحة من طرق مختلفة مما يستبعد صدوره عن الإمام أحمد رضي الله عنه . وجملة القول أنه قد صح عنه (صلى الله عليه وسلم) التختم في اليمين ، وفي اليسار ، فيحمل اختلاف الأحاديث في ذلك على أنه (صلى الله عليه وسليم) كان يفعل هذا تارة وهذا تارة ، فهو من الاختلاف المباح الذي يخير فيه الإنسان . 821 - (وفي البخاري من حديث أنس " كان فصه منه " ولمسلم : " كان فصه حبشيا ") . ص 196
[ 305 ]
صحيح . أخرجه البخاري (4 / 91) والنسائي (1 / 295) والترمذي في " الشمائل " (رقم 107) وفي السنن (1 / 324) وصححه من طريق حميد عن أنس " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان خاتمه من فضة ، وكان فصه منه " . وأخرج مسلم (6 / 152) من طريق ابن شهاب ؟ حدثني أنس بن مالك قال : " كان خاتم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من ورق ، وكان فصه حبشيا " . وأخرجه النسائي (1 / 295) والترمذي (1 / 324) وصححه وابن ماجه (3646) وابن سعد (1 / 2 / 162) والبيهقي (4 / 142) وأحمد (3 / 209 ، 225) . 822 - (قال أنس : " كانت قبيعة سيف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فضة " رواه الأثرم) . ص 196 صحيح . أخرجه أبو داود (2583) والترمذي في " الشمائل " (رقم 186) وكذا النسائي (2 / 302) والدارمي (2 / 221) والطحاوي في " المشكل " (2 / 166) والبيهقي (4 / 143) من طريق جرير بن حازم ثنا قتادة عن أنس به . وقال الدارمي : " هشام الدستوائي خالفه قال : قتادة عن سعيد بن أبي الحسن عن النبي (صلى الله عليه وسلم) ، وزعم الناس أنه هو المحفوظ " . وقد أخرجه أبو داود (2584) والنسائي والترمذي والبيهقي من طرق عن هشام عن قتادة عن سعيد بن أبي الحسن به مرسلا . وبهذا أعله البيهقي حديث أنس فقال : " تفرد به جرير بن حازم " . قلت : وليس كما قال ، فقد رواه النسائي عن جرير وهمام قالا : حدثنا قتادة عن أنس به . ورواه الطحاوي عن همام وأبي عوانة عن قتادة به . فصح
[ 306 ]
الحديث واتصل إسناده . والحمد لله . على أن له طريقا أخرى وشواهد يزداد بها قوة . أما الطريق فهو عن عثمان بن سعد الكاتب عن أنس بن مالك به . أخرجه أبو داود (2585) والطحاوي والبيهقي . وعثمان هذا ضعيف ، وبقية رجاله ثقات . وأما الشواهد فهي : 1 - عن أبي أمامة بن سهل قال : " كانت قبيعة سيف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من فضة " . أخرج النسائي بإسناد صحيح عنه أبي أمامة وهو صحابي ولم يسمع من النبي (صلى الله عليه وسلم) . فهو مرسل صحابي وهو حجة ، على أنه يمكنه أن يكون رأى السيف ، وحينئذ فهو متصل . 2 - عن طالب بن حجير ، عن هود بن عبد الله بن سعد عن جده قال : (دخل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مكة يوم الفتح وعلى سيفه ذهب وفضة) . قال طالب : فسألته عن الفضة فقال : كانت قبيعة السيف فضة . أخرجه الترمذي (رقم 110) ورجاله ثقات غير هود فإنه مجهول كما قال ابن القطان . 3 - عن مرزوق الصيقل قال : " صقلت سيف النبي (صلى الله عليه وسلم) ذا الفقار ، فكان فيه قبيعة من فضة ، وبكرة في وسطه من فضة ، وحلق في قيده . من فضة " . رواه البيهقي وإسناده ضعيف . 823 - (حديث " إن عمر كان له سيف فيه سبائك من ذهب ") .
[ 307 ]
و - (حديث عثمان بن حنيف : " كان في سيفه مسمار من ذهب " . ذكرهما أحمد) ص 196 لم أقف على إسنادهما . والمعروف أن سيف عمر كان محلى بالفضة ، فقد روى الطحاوي من طريق مالك ابن أبي عن نافع من ابن عمر : " أنه كان يعتاد سيف عمر ، كان محلي " . قلت : وسنده صحيح . وروى البيهقي من طريق جويرية بن أسماء عن نافع قال : " أصيب عبيد الله بن عمر يوم صفين ، فاشترى معاوية سيفه ، فبعث به إلى عبد الله بن عمر ، قال : جورية : فقلت : وروى البيهقي من طريق جويرية بن أسماء عن نافع قال : " أصيب عبيد الله بن عمر يوم صفين ، فاشترى معاوية سيفه ، فبعث به إلى عبد الله عمر ، قال جويرية : فقلت : هو سيف عمر الذي كان ؟ قال : نعم . قلت : فما كانت حليته ؟ قال : وجدوا في نعله أربعين درها " . قلت : وسنده جيد رجاله كلهم ثقات معروفون غير إبراهيم بن سليمان شيخ أبي العباس الأصم والظاهر أنه التميمي العطار كوفي سمع منه أبو حاتم وقال فيه : (صدوق) . ثم روى الطحاري عن مالك بن مغول قال : " كان سيف عمر محلى بالفضة ، فقلت لنافع : عمر حلاه ؟ قال : لا أدري قد رأيت ابن عمر يتقلد ، . قلت : وسنده جيد . ثم روى الطحاوي عن قرة خالد حدثني أبي قال : بعث إلينا مصعب بن الزبير فأخرج إلينا سيفين أحدهما مرهف ، حلقته فضة . فقال : هذا سيف
[ 308 ]
الصديق . هذا سيف أبي بكر رضى الله عنه . قلت : ورجاله ثقات غير خالد والد قرة فلم أجد له ترجمة . وعن هشام بن عروة قال : " رأيت سيف الزبير بن العوام محلى بفضة " . وسنده جيد . 824 - (حديث " أمره (صلى الله عليه وسلم) " عرفجة بن أسعد لما قطع أنفه يوم الكلاب أن يتخذ أنفا من ذهب " رواه أبو داود والحكم) . ص 196 أبو داود (4233 ، 4234) والنسائي (2 / 286) والترمذي (1 / 328) والطحاوي في " شرح المعاني " (2 / 349) والبيهقي (2 / 425) وأحمد (5 / 25) عن أبي الأشهب عن عبد الرحمن بن طرفة عن عرفجة بن أسعد بن كرب - قال : وكان جده ، قال : حدثني أنه رأى جده - قال : " أصيب أنفه يوم الكلاب في الجاهلية ، قال : فاتخذ أنفا من فضة فأنتن عليه ، فأمره النبي (صلى الله عليه وسلم) أن يتخذه من ذهب " . وتابعه سلم بن زرير قال : حدثنا عبد الرحمن بن طرفة به . . أخرجه النسائي وأحمد ، وقال الترمذي : " حديث حسن غريب ، إنما نعرفه من حديث عبد الرحمن بن طرفة " . قلت : ولم يرد عنه غير هذين الراويين لحديثه ، وذكره ابن حبان في " الثقات) (1 / 126) ووثقه العجلي . ورواه ابن حبان في صحيحه عن أبي الأشهب عن عبد الرحمن بن طرفة بهما في (نصب الراية) (4 / 236) للزيلعي ، وقال : (وقال) ابن القطان في كتابه : وهذا حديث لا يصح ، فإنه من رواية أبي الأشهب ، واختلف عنه ، فالأكثر يقول : عنه عن عبد الرحمن بن طرفة بن
[ 309 ]
عرفجة عن جده ، وابن علية يقول : عنه عن عبد الرحمن بن طرفة عن أبيه عن عرفجة ، وعبد الرحمن بن طرفة لا يعرف بغير هذا الحديث ، ولا يعرف روى عنه غير أبي الأشهب ، وأبوه طرفة ليس بمعروف الحال " . قلت : وفيه ملاحظتان : الأولى : أن عبد الرحمن بن طرفة قد روى عنه سلم بن زرير كما تقدم . الثانية : أن قوله : " عن أبيه " شاذ عندي لمخالفته لرواية الأكثرين ، ولرواية سلم . أيضا ، وعبد الرحمن بن طرفة قد رأى جده عرفجة كما هو مصرح في الرواية ، فهي محمولة على الاتصال . فليس الحديث علة عندي إلا جهالة حال عبد الرحمن هذا ، وإن وثقه العجلي وابن حبان ، فإنهما معروفان بالتساهل في التوثيق ، ومع ذلك فإن بعض الحفاظ يحسنون حديث مثل هذا التابعي ولو كان مستورا غير معروف العدالة كالحافظ ابن كثير وابن رجب وغيرهما . والله أعلم . 825 - حديث " أحل الحرير والذهب لإناث أمتي " . صحيح . وقد تقدم برقم (277) . 826 - (حديث تختموا بالعقيق فإنه مبارك " . قال العقيلي : لا يثبت في هذا شئ ، وذكره ابن الجوزي في " الموضوعات ") . ص 197 . موضوع أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (466) والمحاملي في " الأمالي " (ج 2 رقم 41 - نسختي) وابن عدي (ق 356 / 1) والخطيب في " تايخ بغداد " (11 / 251) كلهم من طريق يعقوب بن الوليد المدني إلا ابن عيسى فمن طريق يعقوب بن إبراهيم الزهري كلاهما عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا . وقال ابن عدي : " يعقوب بن إبراهيم هذا ليس بالمعروف ، وقد سرقه منه يعقوب بن الوليد " .
[ 310 ]
قلت : ومن طريقه ذكره ابن الجوزي في " الموضوعات " وقال : " يعقوب كذاب يضع ، قال العقيلي : ولا يثبت في هذا عن النبي (صلى الله عليه وسلم) شئ . وقال الذهبي في ترجمة ابن الوليد هذا : " قال أحمد : كان من الكذابين الكبار ، يضع الحديث " . ثم ساق له هذا الحديث . وقد تعقب ابن الجوزي السيوطي بكلام لا طائل تحته ، كما بينته في " سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة " فراجعه رقم (224) . ومن الغرائب أن يستدل المصنف رحمه الله بمثل هذا الحديث على استحباب التختم بالعقيق ! باب في العوض 827 - (عن سمرة بن جندب " أمرنا النبي (صلى الله عليه وسلم) أن نخرج الصدقة مما نعده للبيع " رواه . أبو داود) . ص 198 ضعيف . أخرجه أبو داود (1562) وعنه البيهقي (4 / 146 - 147) عن سليمان بن موسى أبي داود ثنا جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب حدثني خبيب بن سليمان عن أبيه سليمان عن سمرة بن جندب قال : " أما بعد فإن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) . . . " ورواه الدارقطني (ص 214) والطبراني ، وعنه عبد الغني المقدسي في " السنن " (ق 133 / 2) عن جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب عن خبيب بن سليمان بن سمرة بن جندب عن أبيه عن سمرة بن جندب به بلفظ : " كان يأمر برقيق الرجل والمرأة الذين هم تلادة ، وهم في عمله ، لا يريد بيعهم ، وكان يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي يعد للبيع " . وقال المقدسي : " وهو إسناد حسن غريب " . وكذلك حسنه ابن عبد البر كما في الزيلعي (2 / 376) .
[ 311 ]
قلت : بل هو ضعيف ، جعفر بن سعد وخبيب بن سليمان وأبوه كلهم مجهولون ، وقال الذهبي : (هذا إسناد مظلم لا ينهض بحكم) . وقال الحافظ في " التلخيص " (2 / 179) . " وفي إسناده جهالة " . 828 - (قول عمر لحماس : " أد زكاة مالك ، فقال : مالي إلا جعاب وأدم ، فقال : قومها وأد زكاتها " رواه أحمد وسعيد وأبو عبيد وغيرهم وهو مشهور) . ص 198 ضعيف . رواه . أبو عبيد في " الأموال " (425 / 1179) عن عبد الله بن أبي سلمة عن أبي عمرو بن حماس عن أبيه قال : " مر بي عمر ، فقال : يا حماس أد زكاة مالك . فقلت : مالي مال إلا جعاب وأدم ، فقال : قومها قيمة ، ثم أد زكاتها " . قلت : وهذا سند ضعيف ، أبو عمرو بن حماس : " مجهول " كما قال الذهبي في " الميزان " . ومن طريقه أخرجه الشافعي أيضا (1 / 236) والدارقطني (213) والبيهقي (4 / 147) ، وكذا أحمد وابن أبي شيبة وعبد الرزاق وسعيد بن منصور عن أبي عمرو بن نحوه كما في " التلخيص " (185) . 829 - (حديث سمرة " . . . مما نعده للبيع " . رواه أبو داود) . ص 198 ضعيف . وقد تقدم قبل حديث . 830 - (روى الجوزجاني بإسناده عن بلال بن الحارث المزني " أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أخذ من معادن القبلية الصدقة ") . ص 199
[ 312 ]
ضعيف . رواه . مالك (1 / 248 / 8) عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن غير واحد : " أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، قطع لبلال بن الحارث المزني معادن القبلية وهي من ناحية . الفرع ، فتلك المعادن لا يؤخذ منها إلى اليوم إلا الزكاة) . ورواه عن مالك أبو داود (3061) وأبو عبيد (338 / 863) والبيهقي (4 / 152) وقال : " قال الشافعي ليس هذا مما يثبت أهل الحديث ، ولو ثبتوه لم تكن فيه رواية عن النبي (صلى الله عليه وسلم) إلا إقطاعه ، فأما الزكاة في المعادن دون الخمس فليست مروية عن النبي (صلى الله عليه وسلم) فيه) . قال البيهقي : " هو كما قال الشافعي في رواية مالك ، وقد روي عن عبد العزيز الدراوردي عن ربيعة موصولا " . قلت : ثم رواه من طريق الحاكم وهذا في " المستدرك " (1 / 404) من طريق نعيم بن حماد ثنا عبد العزيز بن محمد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن الحارث بن بلال بن الحارث عن أبيه : " أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، أخذ من المعادن القبلية الصدقة ، وأنه أقطع بلال بن الحارث العقيق أجمع ، فلما كان عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال لبلال : إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لم يقطعك إلا لتعمل . قال : فأقطع عمر بن الخطاب رضى الله عنه الناس العقيق " . وقال الحاكم : (هذا حديث صحيح) ، احتج البخاري بنعيم بن حماد ومسلم بالدراوردي " . ووافقه الذهبي . قلت : وهو ذهول منه عما أورده هو نفسه في ترجمة نعيم بن حماد أنه لين في حديثه . والبخاري إنما أخرج له مقرونا كما صرح بذلك المنذري في خاتمة
[ 313 ]
الترغيب (4 / 292) فلا يصح الحديث موصولا . ثم أخرجه الحاكم (3 / 517) والطبراني (1 / 57 / 1) عن حميد بن صالح عن الحارث وبلال (وقال الطبراني : عن عمارة وبلال) ابني يحيى بن بلال بن الحارث عن أبيهما عن جدهما بلال بن الحارث المزني قال : " إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أقطعه القطيعة وكتب له : هذا ما أعطى محمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بلال بن الحارث اعطاه معادن القبلية غوريها وجلسيها ، والجشمية وذات النصب ، وحيث يصلح الزرع من قدس إن كان صادقا . وكتب معاوية ، . قلت : وحميد هذا لم أجد له ترجمة ، ومثله يحيى بن بلال بن الحارث . ثم روى الطبراني من طريق محمد بن الحسن بن زبالة حدثني عبد العزيز بن محمد بسنده المتقدم عن بلال بن الحارث به مختصرا بلفظ : " أقطع له العقيق كله " وابن زبالة هذا بفتح الزاي قال الحافظ (كذبوه) . قلت : فلا خير في متابعته . لكن له شاهد من حديث عمرو بن عوف وابن عباس ، يرويه أبو أويس حدثني كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده أن النبي (صلى الله عليه وسلم) ، أقطع بلال بن الحارث المزني معادن القبلية . . الحديث مثل رواية حميد ليس فيه ذكر الزكاة . قال أبو أويس : حدثني ثور بن زيد عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي . (صلى الله عليه وسلم) مثله أخرجه أبو داود (3063) . وأبو أويس اسمه عبد الله بن عبد الله بن أويس وفيه ضعف وبقية رجال إسناده . الثاني ثقات رجال البخاري ، وأما إسناده الأول فواه جدا من أجل كثير ابن عبد الله فإنه متروك . وبالجملة فالحديث بمجموع طرقه ثابت في اقطاع ، لا في أخذ الزكاة من المعادن . والله أعلم .
[ 314 ]
باب زكاة الفطر 831 - (حديث ابن عمر " فرض رسول الله (صلى الله عليه وسلم) زكاة الفطر من رمضان ") . ص 200 صحيح . وهو طرف حديث " وقد ذكره المصنف عقبه بتمامه ، فلنخرجه ثم . 832 - (حديث ابن عمر فرض رسول (صلى الله عليه وسلم) " زكاة الفطر من رمضان صاعا من تمر أو صاعا من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين " رواه . الجماعة) . ص 200 صحيح . أخرجه مالك (1 / 284 / 52) وعنه البخاري (1 / 382 - 384) ومسلم (3 / 68) وأبو داود (1611) والنسائي (1 / 346) والترمذي (1 / 131) وصححه والدارمي (1 / 392) وابن ماجه (1826) والطحاوي في " شرح المعاني " (1 / 320) والبيهقي (4 / 161 - 162) وأحمد (2 / 63) كلهم عن مالك عن نافع عن ابن عمر به نحوه وفيه : " من المسلمين) . وتابعه عمر بن نافع عن أبيه عن ابن عمر به مثل لفظ الكتاب لكنه لم يقل " من رمضان . وزاد : " وأمر بها أن تؤدي قبل خروج الناس إلى الصلاة " . أخرجه البخاري (1 / 382) وأبو داود (1612) والنسائي والدارقطني (220) والبيهقي . وهذه الزيادة عند مسلم أيضا (3 / 70) من طريق الضحاك الآتية تابعه عليها موسى بن عقبة عنده . وتابعه الضحاك بن عثمان عن نافع به . أخرجه مسلم (3 / 69) .
[ 315 ]
وتابعه يونس بن يزيد أن نافعا أخبر به . أخرجه الطحاوي . وتابعه كثير بن فرقد . رواه . الدارقطني (220) والبيهقي . وعبيد الله بن عمر . رواه . أحمد (2 / 66 ، 137) والحاكم (1 / 410 - 411) وصححه هو والذهبي . وعبد الله بن عمر العمري . رواه . الدارقطني . 833 - (حديث " ابدأ بنفسك) رواه . مسلم) . ص 200 صحيح . رواه . مسلم (3 / 78 - 79 ، 5 / 97) وكذا النسائي (1 / 353 ، 2 / 230) والبيهقي (4 / 178) من طريق الليث عن أبي الزبير عن جابر قال : " أعتق رجل من بني عذرة عبد الله عن دبر ، فبلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فقال : ألك مال غيره ؟ فقال : لا ، فقال : من يشتريه مني فاشتراه نعيم بن عبد الله العدوي بثمانمائة درهم ، فجاء بها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فدفعها إليه ، ثم قال : ابدأ بنفسك فتصدق عليها ، فإن فضل شئ فلأهلك ، فإن فضل عن أهلك شئ فلذي قرابتك ، فإن فضل من ذي قرابتك شئ فهكذا ، وهكذا . يقول : فبين يديك ، وعن يمينك ، وعن شمالك " . وتابعه أيوب عن أبي الزبير به نحوه . ولفظه : " إذا كان أحدكم فقيرأ فليبدأ بنفسه ، فإن كان فيها فضل فعلى عياله . . .) . أخرجه مسلم ولم يسق لفظه وأبو داود (3957) وأحمد (3 / 305 ، 369) .
[ 316 ]
والنصف الأول منه أخرجه البخاري وغيره من طريق أخرى عن جابر ، وقد خرجته في " أحاديث بيوع الموسوعة الفقهية " . 834 - (وفي لفظ : " وابدأ بمن تعول " . رواه الترمذي) . ص 200 صحيح . وقد ورد من حديث أبي هريرة ، وحكيم بن حزام ، وأبي أمامة ، وجابر بن عبد الله ، وطارق المحاربي . أما حديث أبي هريرة فله عنه طرق : الأولى : عن قيس بن أبي حازم عنه قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول : " والله لأن يغدو أحدكم فيحتطب على ظهره فيبيعه ويستغني به ، ويتصدق منه خير له من أن يأتي رجلا فيسأله ، يؤتيه أو يمنعه وذلك أن اليد العليا خير من اليد السفلى ، وابدأ بمن تعول " أخرجه مسلم (3 / 96) وأحمد (2 / 475) والترمذي (1 / 132) وقال : " حديث حسن صحيح) . الثانية : عن سعيد بن المسيب أنه سمع أبا هريرة به مرفوعا : " خير الصدقة ، ما كان عن ظهر غنى ، وابدأ بمن تعول " . رواه البخاري (1 / 361) والنسائي (1 / 353) والبيهقي (4 / 180) وأحمد (2 / 402) . الثالثة : عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة . أخرجه النسائي (1 / 350 - 351) وأحمد . الرابعة : عن أبي صالح عنه . أخرجه البخاري (4 / 485) وأبو داود (1676) والدارقطني (415) وأحمد (2 / 476 ، 480 ، 524 ، 527) وزادا في رواية : " فقيل : من أعول يا رسول الله ؟ قال : امرأتك ممن تعول ، تقول : أطعمني وإلا فارقني ، وجاريتك تقول : أطعمني واستعملني ، وولدك
[ 317 ]
يقول : إلى من تتركني " . وإسنادها جيد . لكن في البخاري أن أبا هريرة سئل عن هذه الزياد هل هي من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ؟ قال : لا ، هذا من كيس أبي هريرة . الخامسة : عن الأعرج عن أبي هريرة به موقوفا . أخرجه أحمد (2 / 245) . السادسة : عن محمد بن سيربن عنه مرفوعا به . أخرجه أحمد (2 / 278) . السابعة : عن محمد بن زياد عنه به . أخرجه أحمد (2 / 288) . الثامنة : عن همام عنه به . أخرجه أحمد (2 / 318) . التاسعة : عن عطاء عنه . أخرجه أحمد (2 / 394 ، 434) العاشرة عن أبي سلمة عنه . أخرجه أحمد (2 / 501) الحادية عشرة عن يحيى بن جعدة عنه أنه قال : " يارسول الله أي الصدقة أفضل ؟ قال : جهد المقل ، وابدأ بمن تعول " . رواه أبو داود (1677) والحاكم (1 / 414) وأحمد (2 / 358) وإسناده صحيح الثانية عشرة : عن القاسم مولى يزيد قال : حدثني أبو هريرة أنه سمع النبي (صلى الله عليه وسلم) " قال : " إن الله عز وجل يقول : يا ابن آدم إن تعط الفضل فهو خير لك ، وإن
[ 318 ]
تمسكه فهو شر لك ، وابدأ بمن تعول ، ولا يلوم الله على الكفاف ، واليد العليا خير من اليد السفلى " . أخرجه أحمد (2 / 362) بسند حسن . ويشهد له حديث أبي أمامة الآتي . الثالثة عشرة عن هشام بن عروة عن أبي هريرة به نحو حديث سعيد بن المسيب . أخرجه الدارمي (1 / 389) ، وهو منقطع بين هشام وأبي هريرة . وأما حديث حكيم بن حزام ، فله عنه طرق أيضا : الأولى : عن هشام بن عروة عن أبيه عنه عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : " اليد العليا خير من اليد السفلى ، وابدأ بمن تعول ، وخير الصدقة عن ظهر غنى " . رواه البخاري (1 / 361) وأحمد (3 / 403 ، 434) . الثانية : عن موسى بن طلحة عنه أنه حدثه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : (أفضل الصدقة ما كان عن ظهر غنى) . واليد العليا خير من اليد السفلى ، وابدأ بمن تعول " . رواه مسلم (3 / 94) والنسائي (1 / 353) والدارمي (1 / 389) والبيهقي (4 / 180) وأحمد (3 / 402 ، 434) . وأما حديث أبي أمامة ، فيرويه شداد بن عبد الله قال : سمعت أبا أمامة قال : قال رسول (صلى الله عليه وسلم) : " يا ابن آدم إنك أن تبذل الفضل خير لك ، وأن تمسكه شر لك ، ولا تلام كل كفاف ، وابدأ بمن تعول ، واليد العليا خير من اليد السفلى) . رواه مسلم (3 / 94) والترمذي (2 / 55) والبيهقي (4 / 182) وأحمد (5 / 262) وقال الترمذي :
[ 319 ]
" حديث حسن صحيح " . وأما حديث جابر فيرويه أبو الزبير أنه سمعه يقول : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " أفضل الصدقة عن ظهر غنى ، وابدأ بمن تعول ، واليد العليا خير من اليد السفلى " . رواه أحمد (3 / 330 ، 346) وسنده صحيح على شرط مسلم ، وكذا رواه ابن حبان في " صحيحه ، (826) والبغوي في " حديث أبي الجهم العلاء بن موسى ، (2 / 2) . وأما حديث طارق المحاربي فهو بلفظ : " يد المعطي العليا " وابدأ بمن تعول : أمك وأباك وأختك وأخاك أدناك أدناك) . أخرج النسائي (1 / 350) وابن حبان (810) بسند جيد . وأما حديث ابن عمر فله عنه طريقان : الأولى : عن القعقاع بن حكيم عنه بلفظ : إن اليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول " . أخرجه أحمد (2 / 4 ، 152) بسند جيد . الثانية : عن اسحاق بن سعيد عن أبيه عنه مرفوعا بلفظ : " المسألة كدوح في وجه صاحبها يوم القيامة ، فمن شاء فليستبق على وجهه ، وأهون المسألة مسألة ذي الرحم تسأله في . حاجته ، وخير المسألة المسألة عن ظهر غنى وابدأ بمن تعول " . أخرجه أحمد (2 / 93 - 94) بسند صحيح على شرط الشيخين . 835 - حديث ابن عمر " أمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بصدقة الفطر عن الصغير والكبير ، والحر والعبد ممن تمونون " رواه . الدارقطني ص 200 .
[ 320 ]
حسن . الدارقطني (220) ومن طريقه البيهقي (4 / 161) من طريق القاسم بن عبد الله بن عامر بن زرارة حدثنا عمير بن عمار الهمداني ثنا الأبيض بن الأغر حدثني الضحاك بن عثمان عن نافع عن ابن عمر به . وقال البيهقي : " إسناده غير قوي " . وبين وجهه الدارقطني فقال : " رفعه القاسم وليس بقوي ، والصواب موقوف " . ثم ساق من طريق حفص بن غياث قال : سمعت عدة منهم الضحاك بن عثمان عن نافع عن ابن عمر : " أنه كان يعطي صدقة الفطر عن جميع أهله صغيرهم وكبيرهم ، عمن يعول وعن رقيقه ، ورقيق نسائه ورواه " . ابن أبي شيبة أيضا (4 / 37) . قلت : وهذا سنده صحيح موقوف . وروي مرفوعا عن علي . أخرجه الدارقطني طريق إسماعيل بن همام حدثني علي بن موسى الرضا عن أبيه عن جده عن آبائه : " أن النبي فرض زكاة الفطر على الصغير والكبير والذكر والأنثى ممن تمونون " . وهذا سند ضعيف كما قال الحافظ في " التلخيص " (ص 186) وإسماعيل بن همام شيعي أورده في " اللسان " ولم يحك توثيقه عن أحد . ورواه . البيهقى (4 / 161) من طريق حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن جعفر بن محمد عن أبيه عن أبيه عن علي رضي الله عنه قال : " فرض رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على كل صغيرا وكبير ، حر أو عبد ممن يمونون صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو صاعا من زبيب ، عن كل إنسان " . وقال : (وهو مرسل) . قلت : ورجاله ثقات ، فإذا ضم إليه الطريق التي قبله مع حديث ابن
[ 321 ]
عمر أخذ قوة وارتقى إلى درجة الحسن إن شاء الله تعالى . 836 - (حديث " ابدأ بنفسك ثم بمن تعول ") . ص 201 صحيح . وهو مركب من حديثين ، تقدم تخريجهما قريبا 833 - 834) . 837 - (قوله (صلى الله عليه وسلم) للأعرابي حين قال : من أبر ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أباك ") . ص 201 صحيح . وقد ورد من حديث أبي هريرة ، ومعاوية بن حيدة . وأبي رمثة ، وجد كليب بن منفعة وخواش أبي سلامة . أما حديث أبي هريرة فيرويه أبو زرعة عنه قال : " جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فقال : يا رسول الله من أحق بحسن صحابتي (وفي رواية : من أبر ؟) قال : أمك . . . " الحديث مثله . أخرجه البخاري (4 / 108) وفي " الأدب المفرد " (رقم 5 ، 6) ومسلم (7 / 2 ، 3) وأحمد (2 / 327 ، 391) وابن ماجه (3658) . وأما حديث معاوية بن حيدة فيرويه بهز بن حكيم عن أبيه عن جده : " قلت : يا رسول الله ! من أبر ؟ قال : أمك . . . " الحديث وزاد في آخره : (ثم الأقرب فالأقرب " . أخرجه البخاري في " الأدب المفر (3) وأبو داود (1539) والترمذي (1 / 346) والحاكم (3 / 642 ، 4 / 150) وأحمد (5 / 3 ، 5) وقال الترمذي " حديث حسن " . وقال الحاكم :
[ 322 ]
" صحيح الاسناد " . ووافقه الذهبي . وأما حديث أبي رمثة فيرويه إياد بن لقيط عنه قال : " انتهيت إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فسمعته يقول : بر أمك ، وأباك ، وأختك ، وأخاك ، ثم أدناك أدناك) . أخرجه الحاكم وأحمد (2 / 226) وسنده صحيح . وأما حديث كليب بن منفعة عن جده . فلفظه : (أنه أتى النبي (صلى الله عليه وسلم) : يا رسول الله ! من أبر ؟ قال : أمك ، وأباك وأختك ، وأخاك ، ومولاك الذي يلي ، ذاك حق واجب ، ورحم موصولة " . أخرجه البخاري في " الأدب المفرد (47) وأبو داود (5140) ورجاله ثقات غير كليب هذا ، فلم يوثقه غير ابن حبان ، وفي " التقريب ، أنه مقبول . وأما حديث خداش أبي سلامة فيرويه عنه عبيد بن علي عنه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " : " أوصي الرجل بأمه ، أوصي الرجل بأمه ، أوصي الرجل بأمه ، أوصي الرجل بأبيه ، أوصي الرجل بأبيه ، أوصي الرجل بمولاه الذي يليه ، وإن كان عليه فيه أذى يؤذيه " . أخرجه الحاكم وأحمد (4 / 311) ورجاله ثقات غير عبيد ويقال له عبيد الله بن علي بن عرفطة ، قال الحافظ : " مجهول " . وقد روي من طريق أخرى لكنه معلول ، فقال ابن أبي حاتم (2 / 163) : " سألت أبي عن حديث رواه . قبيصة عن الثوري عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو وقال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : أوصي امرءا بأمه . قال أبي :
[ 323 ]
هذا خطأ . يعني أنه غلط في المتن ، يريد جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال : جئت أبايعك على الهجرة وأبواي يبكيان . وإنما روى ذلك الحديث : " أوصي امرءا بأمه ، سفيان عن منصور عن عبيد بن علي عن خداش أبي سلامة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) . قال أبي : فهذا الذي أراد قبيصة ، دخل له حديث في حديث " . 838 - (حديث : " أنت ومالك لابيك) . ص 201 صحيح . وقد ورد من حديث جابر بن عبد الله ، وعبد الله بن عمرو ، وعبد الله ابن مسعود وعائشة) . وسمرة بن جندب ، وعبد الله بن عمر ، وأبي بكر الصديق وأنس بن مالك ، وعمر بن الخطاب رضي الله عنهم جميعا . 1 - أما حديث جابر فيرويه : محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله : " أن رجلا قال : يا رسول الله إن لي مالا وولدا ، وإن أبي يريد أن يجتاح مالي ، فقال : " فذكره . أخرجه ابن ماجه (2291) والطحاري في " مشكل الآثار) (2 / 230) والطبراني في (الأوسط) (1 / 141 / 1) والمخلص في " حديثه ، (12 / 69 / 2 من المنتقى منه) عن عيسى بن يونس ثنا يوصف بن إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي عن محمد بن المنكدر به . قلت : وهذا سند صحيح رجاله ثقات على شرط البخاري كما قال البوصيري في " الزوائد " (ق 141 / 2) . ولم يتفرد بوصله يوسف هذا ، بل تابعه عمرو بن أبي قيس عن محمد بن المنكدر به . أخرجه الخطيب في " الموضح " (2 / 74) . وفي " خلاصة البدر المنير " (ق 123 / 2) عن البزار أنه صحيح . وقال المنذري : إسناده ثقات . وصححه عبد الحق الإشبيلى في " الأحكام الكبرى " (ق 170 / 2) .
[ 324 ]
وتابعه أيضا المنكدر بن محمد بن المنكدر عن أبيه . أخرجه أبو الشيخ في " عوالي حديثه " (1 / 22 / 1) والطبراني في " المعجم الصغير " (ص 195) والمعافي بن زكريا في " جزء من حديثه " (ق 2 / 1) ولفظه : قال : " جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال : يارسول الله إن أبي أخذ مالي ، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) " للرجل : اذهب فأتني بأبيك ، فنزل جبريل علبه السلام ، على النبي (صلى الله عليه وسلم) ، : فقال : إن الله يقرئك السلام ، ويقول : إذا جاءك الشيخ فسله عن شئ قاله في نفسه ما سمعته أذناه ، فلما جاء الشيخ قال له النبي (صلى الله عليه وسلم) : ما بال ابنك يشكوك ، أتريد أن تأخذ ماله ؟ فقال : سله يا رسول الله هل أنفقه إلا على عماته أو خالاته أو على نفسي ؟ فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) : إيه دعنا من هذا ، أخبرنا عن شئ قلته في نفسك ما سمعته أذناك . فقال الشيخ : والله يا رسول الله ما يزال الله بزيدنا بك يقينا ، لقد قلت في نفسي شيئا ما سمعته أذناي ، فقال قل ، وأنا أسمع . قال : قلت : غذوتك مولودا ومنتك يافعا تعل بما أجني عليك وتنهل إذا ليلة ضافتك بالسقم لم أبت لسقمك إلا ساهرا أتململ كأني أنا المطروق دونك بالذي طرقت به دوني فعيناي تهمل تخاف الردى نفسي عليك وإنها لتعلم أن الموت وقت مؤجل فلما بلغت السن والغاية التي إليها مدى ما فيك كنت أؤمل جعلت جزائي غلظة وفظاظة كأنك أنت المنعم المتفضل فليتك إذ لم ترع حق أبوتي فعلت كما الجار المجاور يفعل تراه معدا للخلاف كأنه برد على أهل الصواب موكل قال : فحينئذ أخذ النبي (صلى الله عليه وسلم) بتلابيب ابنه وقال : أنت ومالك لأبيك " . وقال الطبراني : " لا يروى عن محمد بن المنكدر بهذا التمام والشعر إلا بهذا الإسناد تفرد به عبيد بن خلصة " .
[ 325 ]
قلت : ولم أجد من ترجمه ، والمنكدر بن محمد بن المنكدر لين الحديث كما في (التقريب) . 2 - وأما حديث عبد الله بن عمرو ، فيرويه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : " أن أعرابيا أتى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال : إن لي مالا وولدا ، وإن والدي يريد أن يجتاح مالي ، قال : فذكر الحديث وزاد : إن أولادكم من أطيب كسبكم ، فكلوا من كسب أولادكم " . أخرجه أبو داود (3530) وابن ماجه (2292) وابن الجارود (995) وأحمد (2 / 214) والمخلص في " بعض الخامس من الفوائد " (ق 252 / 2) من طرق عن عمرو به . قلت : وهذا سند حسن . ورواه . مختصرا أبو بكر الشافعي في " حديثه ، (2 / 22) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (2 / 22) وابن النقور في " القراءة على الوزير (2 / 20 / 2) وأبو بكر الأبهري في " جزء من الفرائد " (2 / 1) والخطيب في (تاريخ بغداد) (12 / 49) والسلفي في " الطيوريات " (ق 115 / 1) من طرق أخرى عن عمرو به مقتصرين على قوله : (أنت ومالك لأبيك) . 3 - وأما حديث ابن مسعود ، فيرويه إبراهيم عن علقمة عنه مرفوعا به . أخرجه الطبراني في " الكبير ، (3 / 60 / 2) وفي " الأوسط " (1 / 141 / 1) و (الصغير " (ص 2) والمعافى بن زكريا في " جزء من حديثه " (2 / 1) وأبو القاسم الفضل بن جعفر المؤذن في " نسخة أبي مسهر . . . " (ق 63 / 2) وابن عساكر (7 / 226 / 2) عن معاوية بن يحيى أبو مطيع الأطرابلسي ثنا إبراهيم بن عبد الحميد ابن ذي حماية عن غيلان بن جامع عن حماد ابن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي به . وقال الطبراني : " لا يروى عن ابن مسعود إلا بهذا الإسناد ، تفرد به ابن ذي حماية وكان
[ 326 ]
من ثقات المسلمين) . قلت : وهذه فائدة عزيزة وهي توثيق الطبراني لابن ذي حماية فإنهم أغفلوه ولم يترجموه ، وقد خفيت على الهيثمي ، فقد قال في " المجمع " (4 / 154) : " رواه الطبراني في الثلاثة ، وفيه إلراهيم بن عبد الحميد بن ذي حماية (الأصل : حماد) ولم أجد من ترجمه وبقية رجاله ثقات) . قلت : على ضعف في بعضهم . 4 - وأما حديث عائشة ، فله عنها طريقان : الأولى : عنه عثمان بن الأسود عنه أبيه عنها قالت : " جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) يشكو أباه ، فقال . . . " فذكره . أخرجه أبو القاسم الحامض في (حديثه) كما في " المنتقى منه " (2 / 8 / 1) ، حدثنا إبراهيم بن راشد ثنا أبو عاصم عن عثمان بن الأسود . قلت : وإبراهيم بن راشد هو الأدمي قال ابن أبي حاتم (1 / 1 / 99) : " كتبتا عنه ببغداد ، وهو صدوق) . قلت وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير ابن الأسود وهو ابن موسى بن باذان المكي لم أجد له ترجمة ، وقد ذكره في (التهذيب) في جملة من روى عنهم ابنه عثمان . الثانية : عن عبد الله بن كيسان عن عطاء عنها : " أن رجلا أتى النبي (صلى الله عليه وسلم) يخاصم أباه في دين له عليه ، فقال له عليه السلام . . . " . فذكره . رواه . ابن حبان في " صحيحه " في النوع الثاني والأربعين من القسم الثالث كما في " نصب الراية " (3 / 338) . وعبد الله بن كيسان هو المروزي وكنيته أبو مجاهد ؟ أو مولى طلحة بن
[ 327 ]
عبيد الله ، وكلاهما اوردهما ابن حبان في " الثقات " (2 / 154 ، 158 - 159) ، وفي الأول ضعف ، وفي الآخر جهالة . والحديث صححه عبد الحق) أيضا كما في " خلاصة البدر المنير " (ق 123 / 2) لابن الملقن ، وقال : (له سبعة طرق أخر موضحة في الأصل ، وأصحها هذا ، وطريق جابر) . ولعائشة حديث آخر في الباب سيأتي في الكتاب برقم (1625) . 5 - وأما حديث سمرة بن جندب فيرويه جرير بن حازم عنه مرفوعا به . رواه الطبراني في " الأوسط " (1 / 141 / 1) والعقيلي (ص 197) من طريق عبد الله بن إسماعيل أبي مالك الجوداني جرير بن حازم به . وقال الطبراني : " تفرد به أبو مالك " . قال العقيلي : " هو منكر الحديث ، لا يتابع على شئ من حديثه . وفي هذا الباب أحاديث من غير هذا الوجه ، وفيها لين ، وبعضها) حسن من بعض " . قلت : تابعه عبد الله بن حرمان الجهضمي : أنبا جرير به . أخرج ابن بشران في " الأمالي " (ق 56 / 1) عن محمد بن غالب عنه . لكني أعرف الجهضمي هذا . 6 - وأما حديث عبد الله بن عمر ، فله عنه طريقان : الأولى : عن أبي حريز عن أبي اسحاق أنه حدثه أن عبد الله بن عمر حدثه : " أن رجلا أتى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال : يا رسول الله والدي أكل مالي ، فقضى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : إنك ومالك لأبيك " .
[ 328 ]
رواه يحيى بن معين في (التاريخ والعلل) (8 / 110 / 2) : انبأ معتمر بن سليمان التميمي : قال : وفيما قرأت على الفضيل : أبو حريز به . ورواه أبو يعلى في مسنده من طريق أخرى عن المعتمر به كما في " نصب الراية " (3 / 339) . قلت : وهذا سند حسن في المتابعات ، رجاله كلهم ثقات غير أبي حريز ، واسمه عبد الله بن حسين ، قال الحافظ في " التقريب " : (صدوق يخطئ) . الثانية : عن عمر بن محمد بن زيد عن أبيه عن ابن عمر به . أخرجه البزار في مسنده ، وقال : " لا نعلمه يروى عن ابن عمر إلا بهذا الإسناد ، وعمر بن محمد فيه لين " . ذكره في " نصب الراية " (3 / 339) . وقد خفي على البزار أن له إسنادين آخرين ، تقدم أحدهما ، والآخر هو : الثالثة : عن محمد بن أبي بلال التميمي ثنا خلف بن خليفة عن محارب بن دثار عنه مرفوعا بلفظ : " الولد من كسب الوالد " . أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1 / 141 / 2) ، وابن أبي بلال هذا لم أعرفه وأما حديث أبي بكر ، فيرويه المنذر بن زياد الطائي عن إسماعيل بن أبي خالد قيس بن أبي حازم قال : " حضرت أبا بكر الصديق أتاه رجل ، فقال : يا خليفة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (هذا يريد أن يأخذ ما لي كله فيجتاحه ، فقال له أبو بكر : ما تقول ؟ قال : نعم ، فقال أبو بكر : إنما لك من ماله ما يكفيك ، فقال : يا خليفة
[ 329 ]
رسول الله أما قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : أنت ومالك لأبيك ؟ فقال أبو بكر : أرضى بما رضي الله عز وجل) . أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1 / 141 / 2) وقال : " لم يروه عن إسماعيل إلا المنذر " . قلت : وهو متروك كما قال الدارقطني واتهمه غيره بالوضع . 7 - وأما حديث أنس ، فيرويه الحباب بن فضالة ، قال سألت أنس بن مالك : ما يحل لي من مال أبي ؟ قال : ما طابت به نفسه ، قلت : فما يحل لأبي من مالي ؟ قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : يقول : فذكره . أخرجه أبو بكر الشافعي في " الرباعيات " (1 / 106) : حدثنا جعفر بن محمد بن كزال ثنا إبراهيم بن بشير المكي ثنا الحباب بن فضالة . قلت : هذا سند ضعيف ، الحباب هذا ، قال الأزدي : ليس حديثه بشئ . وقال ابن ماكولا : ليس بالقوي . إبراهيم بن بشير المكي لم أجد من ترجمه . 8 - وأما حديث عمر ، فيرويه سعيد بن بشير عن مطر الوراق عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب عنه مرفوعا . أخرجه البزار وقال : " لا نعلمه يروى عن عمر إلا من هذا الوجه " وأعله ابن عدي في " الكامل " بسعيد بن بشير ، وضعفه عن البخاري والنسائي . وابن معين ، ووثقه عن شعبة . كذا في " نصب الراية " (3 / 338 - 339) . 9 - ولعائشة في الباب حديث آخر بلفظ : " إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه ، وإن ولده من كسبه " . أبو داود (3528 ، 3529) والنسائي (2 / 211) والترمذي
[ 330 ]
(1 / 254) والدارمي (2 / 247) وابن ماجه (2137 ، 2290) والحاكم (2 / 45 ، 46) والطيالسي (1580) وأحمد (6 / 31 ، 41 ، 127 ، 162 ، 193 ، 201 ، 202 - 203) ومحمد بن العباس بن نجيح البزار في " حديثه " (ق 108 / 2) كلهم عن عمارة بن عمير عن عمته عنها . وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) وقال الحاكم : (صحيح الإسناد) ووافقه الذهبي . قلت : ورجاله ثقات رجال الشيخين غير عمة عمارة ، فلم أعرفها . لكن تابعها الأسود عن عائشة . أخرجه النسائي وأحمد (6 / 42 ، 220) والرامهرمزي في " المحدث الفاصل " (ص 76) وإسناده . صحيح . 839 - (حديث : " أدوا صدقة الفطر عمن تمونون ") . ص 201 حسن . وقد مضى تخريجه (835) 840 - (روى أبو بكر عن علي رضي الله عنه : " زكاة الفطر عمن جرت عليه نفقتك ") ص 201 . ضعيف . رواه أبو بكر بن أبي شيبة في " المصنف " (4 / 37) عن سفيان عن عبد الأعلى عن أبي عبد الرحمن عن علي قال : فذكره . ورواه الدارقطني (225) والبيهقي (4 / 161) من هذا الوجه نحوه ، وقال البيهقي : " وهذا موقوف ، وعبد الأعلى غير قوي " . 841 - (حديث عثمان في تصدقه عن الجنين) . ص 201
[ 331 ]
ضعيف . أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (4 / 63) : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن حميد أن عثمان كان يعطي صدقة الفطر عن الحبل . وأخرجه الإمام أحمد في " المسائل " رواية ابن عبد الله عنه (ص 151) من طريق سليمان التيمي عن حميد بن بكر وقتادة أن عثمان كان يعطي صدقة الفطر عن الصغير والكبير والحمل . قلت وهذا إسناد صحيح لو لا أنه منقطع بين قتادة وعثمان ، وبين هذا وبين حميد والظاهر من إطلاقه في إسناد ابن أبي شيبة أنه حميد بن أبي حميد الطويل ، ويؤيده أنه من رواية إسماعيل بن إبراهيم - وهو ابن علية - عنه وقد سمع منه . ويعكر عليه أنه جاء منسوبا في رواية أحمد : " حميد بن بكر " وليس في (الحميديين) من الرواة بهذه النسبة (ابن بكر) إلا رجلا واحدا أورده ابن حبان في أتباع التابعين من " ثقاته ، " وقال (2 / 54) : " حميد بن بكر ، يروي عن محمد بن كعب القرظي ، روى عنه يزيد بن خصيفة ، يعتبر بحديثه إذا لم يكن في إسناده إنسان ضعيف " . فأرى أن المترجم ليس هو هذا الذي يروي عن القرظي لأنه متأخر الطبقة عن المترجم ، بل إنه في طبقة الراوي عنه التيمي وابن علية ، لذلك فإنه يغلب على ظني أن المترجم هو حميد الطويل كما استظهرت أولا . ولا ينافيه أنه نسب إلى تلك النسبة (ابن بكر) لأنه قد اختلف في اسم (أبي حميد) على نحو عشرة أقوال كما قال الحافظ في " التقريب " ، فيمكن) أن يكون هذا الأسم (بكر) قولا واحدا من تلك الأقوال ، أو قولا آخر زائدا عليها ! ثم إن هذا الأثر قد أورده الخرقي في " مختصره ، في الفقه الحنبلي دون عزو كما هي عادته ، ثم لم يخرجه الشيخ ابن قدامة في كتابه " المغني " (3 / 80) . 842 (حديث ابن عمر المتفق عليه : " . . . وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة) . صحيح . وهو متفق عليه كما ذكر المؤلف ، وقد جاء من طرق عن نافع
[ 332 ]
عن ابن عمر كما سبق بيانه عند الحديث (832) . 843 - حديث ابن عباس : " من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ؟ ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات " . حسن أخرجه أبو داود (1609) وابن ماجه (1827) والدارقطني (219) والحاكم (1 / 409) والبيهقي (4 / 163) من طريق مروان بن محمد : ثنا أبو يزيد الخولاني - وكان شيخ صدق ، وكان ابن وهب يروي عنه - ثنا سيار بن عبد الرحمن الصدفي عن عكرمة عن ابن عباس قال : " فرض رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث ، وطعمة للمساكين ، من أداها . . . " الخ . وقال الدارقطني : " ليس فيهم مجروح " . وقال الحاكم : " صحيح على شرط البخاري " . ووافقه الذهبي ، وأقره المنذري في " الترغيب " والحافظ في " بلوغ المرام " ، وفي ذلك نظر ، لأن من دون عكرمة لم يخرج لهم البخاري شيئا ، وهم صدوقون سوى مروان فثقة ، فالسند حسن ، وقد حسنه النووي في " المجموع " (6 / 126) ومن قبله ابن قدامة في " المغني " (3 / 56) . ثم رأيت العلامة ابن حقيق العيد في " الإلمام " (227 - 228) قد تعقب الحاكم بمثل ما تعقبته به ، ولكنه أشار إلى تقوية الحديث . والحمد لله على توفيقه . 844 - حديث : " أغنوهم عن الطلب في هذا اليوم " . رواه سعيد بن منصور ضعيف . قال سعيد بن منصور كما في " المغني " (3 / 67) : حدثنا أبو معشر عن نافع عن ابن عمر قال : " أمرنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن نخرج - وذكر الحديث - قال : فكان يؤمر
[ 333 ]
أن يخرج (!) قبل أن يصلي ، فإذا انصرف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قدمه بينهم وقال : " فذكره وأخرجه الدارقطني (225) والحاكم في " معرفة علوم الحديث " (131) والبيهقي (4 / 175) وكذا ابن زنجويه في " الأموال " (14 / 49 / 1) من طرق أخرى عن أبي معشر به ، ورواية البيهقي أتم ، وفيها ما اختصره في المغني من رواية سعيد ، ولفظه : " أمرنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن نخرج زكاة الفطر عن كل صغير وكبير ، وحر ومملوك ، صاعا من تمر أو شعير ، قال : وكان يؤتى إليهم بالزبيب والأقط فيقبلونه منهم ، وكنا نؤمر أن نخرجه قبل أن نخرج إلى الصلاة فامرهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يقسموه بينهم ، ويقول : " فذكره . ورواية الدارقطني وابن زنجويه مختصرة ، ولفظ الثاني : " كنا نؤمر أن نخرجها قبل أن نخرج إلى الصلاة ، ثم يقدمه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بين المساكين إذا انصرف ، وقال : " فذكره . وقال البيهقي عقبه : " أبو معشر هذا نجيح السندي المديني ، غيره أوثق منه " . وقال الحافظ في ترجمته من " التقريب " : " ضعيف " . وكذا قال ابن الملقن في " الخلاصة " (ق 66 / 2) ، وقال النووي في " المجموع " (6 / 126) والحافظ في (بلوغ المرام) : " إسناده ضعيف " . وذكر له الحافظ في " التلخيص " طريقا أخرى عن نافع فقال (186) : " قال ابن سعد في " الطبقات " : حدثنا محمد بن عمر ثنا عبد الله بن عبد الرحمن الجمحي عن الزهري عن عروة عن عائشة ، وعن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر وعن عبد العزيز بن محمد عن بريح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه عن جده ، قالوا :
[ 334 ]
" . فرض صوم رمضان بعدما حولت الكعبة بشهر على رأس ثمانية عشر شهرا من الهجرة ، وأمر في هذه السنة بزكاة الفطر ، وذلك قبل أن تفرض الزكاة في الأموال ، وأن تخرج عن الصغير والكبير ، والذكر والأنثى ، والحر والعبد ، صاعا من تمر أو صاعا من شعير أو صاعا من زبيب أو مدين من بر ، وأمر بإخراجها قبل الغدو إلى الصلاة ، وقال : اغنوهم - يعني المساكين - عن طواف هذا اليوم " . قلت : وسكت عليه الحافظ لوضوح علته ، فإن محمد بن عمر هذا هو الواقدي وهو متروك متهم بالكذب . ووجدت للحديث طريقا ثالثة عن نافع ، رواه أبو القاسم الشريف الحسيني في " الفرائد المنتخبة " (13 / 147 / 2) عن القاسم بن عبد الله عن يحيى بن سعيد وعبيد الله بن عمر عن نافع به بلفظ : " أمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " بإخراج صدقة الفطر قبل الصلاة . وقال : (أغنوهم عن السؤال " . وهذا سند ساقط ، لأن القاسم بن عبد الله وهو العمري المدني قال الحافظ : " متروك رماه أحمد بالكذب " . 845 - حديث : " كان عليه الصلاة والسلام يقسمها بين مستحقيها بعد الصلاة " ص 202 . ضعيف : رواه سعيد بن منصور وابن زنجويه بسند ضعيف ، وقد ذكرنا لفظ الحديث بتمامه مع الكلام على سنده في الذي قبله . (تنبيه) : سبق في أول الكلام على هذا الحديث أن نقلت عن " بلوغ المرام " أنه قال : " إسناده ضعيف " فقال الصنعاني في " سبل السلام " (2 / 187) في تعليل ذلك :
[ 335 ]
(لأن فيه محمد بن عمر الواقدي " . وهذا وهم منه فإن الواقدي إنما هو في إسناد ابن سعد ، ولم يعزه إليه الحافظ في " البلوغ ، فتنبه . 846 - حديث ابن عمر (كانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين) رواه البخاري . صحيح . أخرجه البخاري كما قال المؤلف (3 / 298 - فتح) من طريق أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : " فرض النبي (صلى الله عليه وسلم) صدقة الفطر أو قال رمضان على الذكر والأنثى والحر والمملوك ، صاعا من تمر ، أو صاعا من شعير ، فعدل الناس به نصف صاع من بر ، فكان ابن عمر يعطي التمر ، فأعوز أهل المدينة من التمر فأعطى شعيرا ، فكان ابن عمر يعطي عن الصغير والكبير ، حتى إنه كان يعطي عن بني ، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يعطيها للذين يقبلونها ، وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين) . وروى الجملة الأخيرة منه الدارقطني (225) والبيهقي (4 / 175) من طريق الضحاك بن عثمان عن نافع به بلفظ : " أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أمر بإخراج زكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة ، وأن عبد الله بن عمر كان . يؤديها قبل ذلك بيوم أو يومين) . وروى مالك (1 / 285 / 55) عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يبعث بزكاة الفطر إلى الذي تجمع عنده قبل الفطر بيومين أو ثلاثة . قلت : وهذا يبين أن قوله في رواية البخاري " للذين يقبلونها " ليس المراد به الفقراء ، بل الجباة الذين ينصبهم الإمام لجمع صدقة الفطر ، ويؤيد ذلك ما وقع في رواية ابن خزيمة من طريق عبد الوارث عن أيوب : " قلت : متى كان ابن عمر يعطي ؟ قال : إذا قعد العامل ، قلت : متى يقعد العامل ؟ قال : قبل الفطر بيوم أو يومين " .
[ 336 ]
847 - (حديث أبي سعيد : " كنا نخرج زكاة الفطر إذ كان فينا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) صاعا من طعام ، أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو صاعا من زبيب ، أو صاعا من أقط ، متفق عليه .) ص 203 . صحيح . وهو من رواية عياش بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح عن أبي سعيد الخدري ، وله عنه طرق : الأولى : عن زيد بن أسلم عن عياض به مع تقديم الجملة الأخيرة منه على ما قبلها ، ودون قوله (إذ كان فينا رسول الله (صلى الله عليه وسلم ، فإنه لم يرد في هذه الطريق ، وإنما في التي بعدها . أخرجه مالك في " الموطأ " (1 / 284 / 53) وعنه البخاري (3 / 294 - فتح) ومسلم (3 / 69) والطحاوي (1 / 318) والبيهقي (3 / 164) كلهم عن مالك عن زيد به ، وزاد في " الموطأ " في آخره : " وذلك بصاع النبي (صلى الله عليه وسلم) . وتابعه سفيان وهو الثوري عن زيد بن أسلم به ولفظه " كنا نعطيها في زمان النبي (صلى الله عليه وسلم) صاعا من طعام . . . " الحديث . أخرجه البخاري (3 / 294 ، 297 - 299) والنسائي (1 / 347) والترمذي (1 / 131) والطحاوي والبيهقي وأحمد (3 / 73) عن جمع من الثقات عنه به وزاد في آخره هو والبخاري والترمذي : (فلما جاء معاوية ، وجاءت السمراء قال : " أرى مدا من هذا يعدل مدين " . زاد الترمذي : من تمر . قال : فأخذ الناس بذلك ، قال أبو سعيد : فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه " . ليس عند البخاري " أو صاعا من أقط " ثم قال الترمذي : " هذا حديث حسن صحيح " . وتابعه أيضا أبو عمر وهو حفص بن ميسرة عن زيد به ولفظه :
[ 337 ]
" كنا نخرج في عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، يوم الفطر صاعا من طعام . وقال أبو سعيد : وكان طعامنا الشعير والزبيب والأقط والتمر " . أخرجه البخاري (3 / 297) . الطريق الثانية : عن داود بن قيس عن عياش بن عبد الله به ولفظه : " كنا نخرج إذ كان فينا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) زكاة الفطر عن كل صغير وكبير حر أو مملوك صاعا من طعام أو . . " الحديث مثل حديث مالك عن زيد وزاد في آخره : " فلم نزل نخرجه حتى قدم علينا معاوية بن أبي سفيان حاجا أو معتمرا . فكلم الناس على المنبر ، فكان فيما كلم به الناس أن قال : إني أرى أن مدين من سمراء الشام تعدل صاعا من تمر . فأخذ الناس بذلك ، قال أبو سعيد : فأما أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه أبدا ما عشت " . أخرجه مسلم (3 / 69) وأبو داود (1616) والنسائي (1 / 247 ، 248) وابن ماجه (1829) وابن الجارود في (المنتقى) (رقم 357 ، 358) والطحاوي والدارقطني (223) والبيهقي (3 / 160 ، 165) وأحمد (3 / 23 ، 98) . الطريق الثالثة : عن إسماعيل بن أمية قال : أخبرني عياش بن عبد الله به ولفظه : " كنا فخرج زكاة الفطر ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) فينا عن كل صغير . . . " الحديث مثل الذي قبله إلا أنه قال : " ثلاثة أصناف " فلم يذكر الزبيب ولا قال : " صاعا من طعام أو " أخرجه مسلم . الطريق الرابعة : عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذياب عن عياش
[ 338 ]
" كنا نخرج زكاة الفطر من ثلاثة أصناف : الأقط والتمر والشعير " . أخرجه مسلم (3 / 70) والنسائي (1 / 347) . الطريق الخامسة : عن ابن عجلان عنه ، ولفظه : " أن معاوية لما جل نصف الصاع من الحنطة عدل صاع من تمر أنكر ذلك أبو سعيد وقال : لا أخرج فيها إلا الذي كنت خرج في عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : صاعا من تمر ، أو صاعا من زبيب أو صاعا من شعير أو صاعا من أقط " . أخرجه مسلم وأبو داود (1618) وابن أبي شيبة في " المصنف " (4 / 37) والحميدي في " مسنده " (742) والبيهقي (3 / 172) من طرق عنه . وتابعهم سفيان بن عيينة عن ابن عجلان ، لكنه زاد عليهم فيه فقال : " أو صاعا من دقيق " . أخرجه أبو داود (1618) والنسائي (1 / 347) والدارقطني (223 ، والبيهقي وزاد النسائي في آخره : " ثم شك سفيان فقال : دقيق أو سلت " . وزاد الدارقطني في رواية : " فقال له علي بن المديني وهو معنا : يا أبا محمد (يعني بن عيينة) : أحد لا يذكر في هذا " الدقيق " ! قال : بلى هو فيه " . وزاد أبو داود : (قال حامد (يعني ابن يحيى وهو شيخه) : فأنكروا عليه فتركه سفيان " قال أبو داود : " فهذه الزيادة وهم من ابن عيينة " .
[ 339 ]
ووافقه البيهقي على ذلك . ولا يشك في وهمه من تتبع الطرق السابقة ، لا سيما وفي رواية النسائي أن سفيان شك في ذلك ، والشك لا يفيد علما . بل في رواية الحميدي عنه " أو صاعا من أقط " . وهو الصواب . الطريق السادسة : عن عبد الله بن عبد الله بن عثمان عن عياش بلفظ : " إنما كنا نخرج على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) صاعا من تمر ، أو صاعا من شعير ، أو صاع أقط ، لا نخرج غيره ، فلما كثر الطعام في زمن معاوية جعلوه مدين من حنطة " . أخرجه النسائي (1 / 348) والطحاوي (1 / 319) من طريق يزيد بن أبي حبيب عنه . وتابعه ابن اسحاق عن عبد الله بن عبد الله به ولفظه : " سمعت أبا سعيد وهو يسأل عن صدقة الفطر ؟ قال : لا أخرج إلا ما كنت أخرجه على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : صاعا من تمر ، أو صاعا من شعير أو صاعا من زبيب أو صاعا من أقط . فقال له رجل : أو مدين من قمح ، فقال : لا ، تلك قيمة معاوية لا أقبلها ولا أعمل بها " . أخرجه الطحاوي عن الوهبي قال : ثنا ابن اسحاق به . ورواه إسماعيل بن علية عن ابن إسحاق به ، فزاد فيه : " أو صاعا من حنطة " . أخرجه الدارقطني (222) والحاكم (1 / 411) والبيهقي (4 / 166) وسكت عليه ، وتعقبه التركماني بقوله : " الحفاظ يتوقون ما ينفرد به ابن إسحاق ، كذا قال البيهقي في باب قتل ماله روح ، وقد ذكر أبو داود هذا الحديث ثم قال : رواه ابن علية وعبدة وغيرهما عن ابن اسحاق عن عبد الله عن عياش عن أبي سعيد بمعناه ، وذكر رجل واحد فيه عن ابن علية : " أو صاعا من حنطة " وليس بمحفوظ ، ثنا مسدد ثنا إسماعيل ليس فيه ذكر الحنطة " . قلت : فتصحيح الحاكم إياه من تساهله ، ولا عجب منه ، وإنما العجب
[ 340 ]
من الذهبي حيث وافقه عليه ! وقد قال الحافظ في " الفتح " (3 / 296) : " قال ابن خزيمة : ذكر الحنطة في خبر أبي سعيد غير محفوظ ، ولا أدري ممن الوهم ، وقوله : " فقال رجل الخ " دال على أن ذكر الحنطة في أول القصة خطأ ، إذ لو كان أبو سعيد أخبر أنهم كانوا يخرجون منها في عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) صاعا لما كان الرجل يقول له : أو مدين من قمح " . قلت : وهذا هو التحقيق . 848 (زيادة تفرد بها ابن عيينة فيها في حديث أبى سعيد (المتقدم) " أو صاعا من دقيق " . قيل لابن عيينة : " إن أحدا لا يذكره فيه ، قال : بل هو فيه " رواه الدارقطني) . هذه الزيادة خطأ شذ فيه ابن عيينة عن الجماعة كما سبق تحقيقه قريبا . 849 - حديث عمر : " لا تشتره ولا تعد في صدقتك ، وإن اعطاكه بدرهم ، فإن العائد في صدقته كالعائد في قيئه " متفق عليه . صحيح . أخرجه البخاري (3 / 279) ومسلم (5 / 63) وكذا النسائي (1 / 367 - والبيهقي (3 / 151) وأحمد (1 / 40) كلهم عن مالك وهو في " الموطأ " (1 / 282 / 49) عن زيد بن أسلم عن أبيه إنه قال : سمعت عمر بن الخطاب يقول : " حملت عل فرس عتيق في سبيل الله ، وكان الرجل الذي هو عنده قد أضاعه (1) ، فأردت أن اشتريه منه ، وظننت أنه بائعه برخص ، فسألت عن ذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال : " لا تشتره . . . " الحديث (1) أي بترك القيام عليه بالخدمة والعلف ونحوهما
[ 341 ]
ثم أخرجه الشيخان وأبو داود (1593) والترمذي (1 / 130) وابن ماجه (2390) وابن الجارود (362) والبيهقي وأحمد (1 / 25 ، 37) من طرق أخرى عن زيد وبعضهم عن نافع وسالم عن ابن عمر عن عمر ، وبعضهم جعله من مسند ابن عمر . وانظر (الأحاديث المختارة " (208 - بتحقيقي) . (تنبيه) : وقعت رواية سفيان بن عيينة الشاذه المتقدمة معزوة للبخاري في كتاب " الإلمام بأحاديث الأحكام " (ص 227) وهو خطأ من ناسخ المخطوطة التي طبع الكتاب عليها ، وهناك في المكتبة الظاهرية نسختان أخريان وقع العزو فيهما على الصواب : " أخرجه أبو داود " ، وفات الأخ الأستاذ محمد سعيد المولوي الذي راجع الكتاب وعلق عليه ، أن يصحح منهما ذلك الخطأ ، وقد ترتب عليه خطأ آخر ، وهو عزو قول أبي داود في توهيم رواية ابن عيينة وقد تقدم أيضا إلى البخاري كذلك ، فعسى أن يصحح ذلك في طبعة أخرى للكتاب ، وتقابل بالنسختين المشار إليهما مقابلة دقيقة إن شاء الله . باب إخراج الزكاة 850 - (قال عثمان رضي الله عنه : " هذا شهر زكاتكم ، فمن كان عليه دين فليقضه ثم يزكي بقية ماله ") . صحيح . أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (4 / 48) : ابن عيينة عن الزهري عن السائب بن يزيد قال : سمعت عثمان يقول : فذكره بنص الكتاب ، غير أنه قال : " وزكوا بقية أموالكم " . وقد أخرجه أبو عبيد في " الأموال " (437 / 1247) : حدثنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب به إلا أنه قال : " . . . فليؤده حتى تخرجوا زكاة أموالكم ، ومن لم تكن عنده لم تطلب منه ، حتى يأتي بها تطوعا ، ومن أخذ منه لم يؤخذ منه حتى يأتي هذا الشهر من قابل ، قال إبراهيم : أراه يعني شهر رمضان " .
[ 342 ]
قلت : وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين . ثم قال أبو عبيد : " وقد جاءنا في بعض الأثر - ولا أدري عمن هو - أن هذا الشهر الذي أراده عثمان هو المحرم " . ورواه مالك (1 / 253 / 17) وعنه الشافعي (1 / 237) نحوه عن ابن شهاب وكذا البيهقي (4 / 148) وقال : " رواه البخاري في الصحيح " . قلت : ولم أره فيه ولا عزاه في " ذخائر المواريث إلا للموطأ ، ثم تبين أنه يعني أنه أصله في الصحيح) . فراجع " التلخيص " (178) (تنبيه) : استدل المصنف بهذا الأثر والذي بعده على أنه يسن أن يفرق الزكاة صاحبها ليتيقن وصولها إلى مستحقها ، وليس فيهما دلالة صريحة على ذلك ، فالأولى الإستدلال بما رواه البيهقي (4 / 114) في " باب الرجل يتولى تفرقة زكاة ماله الباطنة بنفسه ، عن أبي سعيد المقبري قال : " جئت عمر بن الخطاب رضي الله عنه بمائتي درهم ، قلت : يا أمير المؤمنين هذا زكاة مالي ، قال : وقد عتقت يا كيسان ؟ قال : قلت : نعم ، قال : اذهب بها أنت فاقسمها " . وكذا رواه أبو عبيد (1805) . قلت : . إسناده حسن . ويشهد لذلك الحديث المتفق عليه : " سبعة يظلهم الله تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله : إمام عادل . . . ورجل تصدق بيمينه حتى ما تعلم شماله ما أنفقت يمينه " . (تنبيه ثان) : أورد الرافعي هذا الأثر عن عثمان بلفظ : " قال في المحرم : هذا شهر زكاتكم . . . " فقال الحافظ في " التلخيص " : ومالك في المرطأ ، والشافعي عنه عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد عن عثمان به " . وفاته التنبيه أنه ليس فيه " في المحرم " . 851 - أمر علي رضي الله عنه واجد الركاز أن يتصدق بخمسه . ص . 205 . ضعيف . أخرجه البيهقي في " سننه " (4 / 157) وكذا سعيد بن منصور
[ 343 ]
عن عبد الله بن بشر الخثعمي عن رجل من قومه : " أن رجلا سقطت عليه جرة من دير بالكوفة ، فأتى بها عليا رضي الله عنه ، فقال : اقسمها أخماسا ، ثم قال : خذ منها أربعة أخماس ودع واحدا ، ثم قال : في حيك فقراء ومسكين ؟ قال : نعم . قال : فاقسمها فيهم " . قلت : وهذا سند صحيح لولا الرجل الذي لم يسمه . 852 - حديث أبي هريرة مرفوعا : " إذا أعطيتم الزكاة فلا تنسوا ثوابها أن تقولوا : اللهم اجعلها مغنما ولا تجعلها مغرما " رواه ابن ماجة ص 205 . موضوع . أخرجه ابن ماجه (1797) وأبو يعلى الموصلي في مسنده كما في " زوائد البوصيري ، (ق 113 / 2) وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (7 / 225 / 2) عن البختري بن عبيد عن أبيه عن أبي هريرة به . وقال البوصيري : (البختري متفق على تضعيفه ، والوليد مدلس) . وقال المناوي في " فيض القدير " : " قال في " الأصل " (يعني الجامع الكبير) وضعف ، وذلك لأن فيه سويد بن سعيد قال أحمد : متروك " . قلت : لقد ذهلوا جميعا عن علة الحديث الحقيقية ، فإنه عند ابن عساكر من طريق أخرى عن البختري ليس فيها الوليد ولا سويد فانتفت التهمة عنهما ، وانحصرت بمن دارت الطريقان عليه وهو البختري وهو الحري بذلك فإنه متهم بالكذب ، فقال أبو نعيم : (روى عن أبيه عن أبي هريرة موضوعات) . وكذا قال الحاكم - على تساهله - والنقاش . وقال ابن حبان :
[ 344 ]
(ضعيف ذاهب ، لا يحل الاحتجاج به إذا انفرد ، وليس بعدل ، فقد روى عن أبيه عن أبي هريرة نسخة فيها عجائب " . وقال الأزدي : " كذاب ساقط " . (تنبيه) ذكر البوصيري لهذا الحديث شاهدا الحديث الآتي في دعاء النبي (صلى الله عليه وسلم) لابن أبي أوفى حينما أتاه بصدقة : " اللهم صل على آل أبي أوفى " . ولست أدري كيف يكون هذا شاهدا لذلك ، وهو في الدعاء للمتصدق من غيره ، وذلك في دعاء المتصدق لنفسه مع اختلاف صيغة الدعاء فيهما ؟ ! 853 - قال عبد الله بن أبي أوفى : " كان النبي (صلى الله عليه وسلم) إذا أتاه قوم بصدقتهم قال : اللهم صل على آل فلان ، فأتاه أبي بصدقته فقال : اللهم صل على آل أبي أوفى " متفق عليه ص 205 . صحيح . أخرجه البخاري (3 / 286) ومسلم (3 / 121) وأبو داود (1590) والنسائي (1 / 341) وابن ماجه (1796) والبيهقي (4 / 157) والطيالسي (1 / 176 - ترتيبه) وعنه ابن الجارود في (المنتقى " (361) وأحمد (4 / 353 - 355 ، 381 ، 383) من طرق كثيرة عن شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن أبي أوفى به . وكلهم قالوا : " فأتاه أبي بصدقته " غير ابن ماجه فقال : " فأتيته بصدقة مالي " . وهو عنده من رواية وكيع عن شعبة ، وهي عند أحمد (4 / 353) في رواية له ، غير أنه قال : " فأتيته بصدقة مال أبي " . فلعل هذا هو أصل رواية وكيع عند ابن ماجه ، ثم تصحفت على بعض الرواة أو النساخ . وعلى هذا فلآتي حقيقة إليه (صلى الله عليه وسلم) هو عبد الله بن أبي أوفى ، وتحمل رواية الجماعة " فأتاه . أبي بصدقته " على أنه أمر بذلك ابنه .
[ 345 ]
وهذا يقال إذا كانت رواية وكيع محفوظة ، وما أراها كذلك . والله أعلم . (تنبيه) : عزا البوصيري في " الزوائد " (113 / 2) الحديث للستة ، ولم يروه منهم الترمذي كما يشعر بذلك تخريجنا إياه ، ولا عزاه إليه النابلسي في " الذخائر " ، فالعزو إلى " الستة " وهم أو تسامح . 854 - حديث " إنما الأعمال بالنيات " ص 205 . صحيح . وقد مضى . 855 - حديث معاذ " فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم " . ص 206 صحيح . أخرجه البخاري (3 / 207 ، 255 ، 282 - 285 8 / 51) ومسلم (1 / 37 - 38) وأبو داود (1574) والترمذي (1 / 122) والنسائي (1 / 330) وابن ماجه (1783) وأبو عبيد في " الأموال " (1084) والبيهقي (4 / 101) وأحمد (1 / 233) من طرق عن يحيى بن عبد الله بن صيفي عن أبي معبد عن ابن عباس : " أن معاذا قال : بعثني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى اليمن ، قال : إنك تأتي قوما من أهل الكتاب ، فادعهم إلى شهادة أن لا اله إلا الله ، وأني رسول الله ، فإن هم أطاعوا لذلك ، فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة ، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم ، فإن هم أطاعوا لذلك فإياك وكرائم أموالهم ، واتق دعاء المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب " . والسياق لمسلم مع الزيادة وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . 856 - (أن عمر أنكر على معاذ لما بعث إليه بثلث الصدقة ثم في بشطرها ثم بها ، وأجابه معاذ بأنه لم يبعث إليه شيئا ، وهو يجد أحدا يأخذه
[ 346 ]
منه " رواه أبو عبيد . ص 206 . ضعيف . أخرجه أبو عبيد في " الأموال " (1911) عن ابن جريج قال : أخبرني خلاد أن عمرو بن شعيب أخبره : " أن معاوية بن جبل لم يزل ب (الجند) إذ بعثه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى اليمن ، حتى مات النبي (صلى الله عليه وسلم) وأبو بكر ، ثم قدم على عمر فرده على ما كان عليه ، فبعث إليه معاوية بثلث صدقة الناس ، فأنكر ذلك عمر وقال : لم أبعثك جابيا ولا آخذ جزية ، ولكن بعثتك لتأخذ من أغنياء الناس فتردها على فقرائهم ، فقال معاذ : ما بعثت إليك بشئ وأنا أجد أحدا يأخذه مني ! فلما كان العام الثاني بعث إليه شطر الصدقة ، فتراجعا بمثل ذلك فلما كان العام الثالث بعث إليه بها كلها ، فراجعه عمر بمثل ما راجعه قبل ذلك ، فقال معاذ : ما وجدت أحدا يأخذ مني شيئا " . قلت : وهذا سند ضعيف ، وله علتان : الأولى : الانقطاع فإن عمرو بن شعيب لم يدرك زمان عمر . الثانية : جهالة خلاد وهو ابنه عطاء بن السمح أو الشيخ بكسر الشين المعجمة وسكون المثناة التحتية ، أورده أبن أبي حاتم (1 / 2 / 366) برواية ابن جريج وحده ، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ، وأما ابن حبان فأورده في " الثقات " (2 / 75) برواية ابن جريح وحده أيضا ، وذلك على ما عرف من تساهله في التوثيق عنده . (تنبيه) : " الجند " بفتح الجيم والنون بلدة مشهورة باليمن ، وضبط في " الأموال " بضم الجيم وسكون النون (الجند) وهو خطأ ظاهر . والله أعلم . 857 - روى أبو عبيد في الأموال عن علي " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) تعجل من العباس صدقته سنتين " .) ص 206 حسن . قال أبو عبيد في " الأموال " (1885) : وحدثونا عن إسماعيل
[ 347 ]
بن زكريا عن الحجاج بن دينار عن الحكم عن حجية بن عدي عن علي به . وأخرجه أبو داود (1624) والترمذي (1 / 131) والدارمي (1 / 385) وابن ماجه (1795) وابن الجارود في " المنتقى ، (360) وابن سعد في (الطبقات) (4 / 17) والدارقطني (212 - 213) والحاكم (3 / 332) والبيهقي (4 / 111) وأحمد (1 / 104) كلهم عن سعيد بن منصور ثنا إسماعيل بن زكريا به إلا أنه بلفظ : " أن العباس بن عبد المطلب سأل النبي (صلى الله عليه وسلم) ، في تعجيل صدقته قبل أن تحل ؟ فرخص له في ذلك ، . وقال ابن الجارود عقبه : " قال يحيى بن معين : إسماعيل بن زكريا الخلقاني ثقة ، والحجاج بن دينار الواسطي ثقة " . وقال الحاكم : " صحيح الإسناد " . ووافقه الذهبي . قلت : الحجاج بن دينار وحجية بن عيسى مختلف فيهما ، وغاية حديثهما أن يكون حسنا ، لكن قد اختلف فيه على الحكم على وجوه كثيرة هذا أحدها . الوجه الثاني : قال الترمذي : حدثنا إسحاق بن منصور عن إسرائيل عن الحجاج بن دينار عن الحكم بن حجل عن حجر ، العدني عن علي أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال لعمر : " إنا قد أخذنا زكاة العباس عام الإول للعام) . وقال : " لا أعرف حديث تعجيل الزكاة من حديث إسرائيل إلا من هذا الوجه ، وحديث إسماعيل بن زكريا عن الحجاج عندي أصح من حديث إسرائيل عن الحجاج بن دينار " . ومن هذا الوجه رواه الدارقطني أيضا (213) . الوجه الثالث : عن حجاج بن أرطأة عن الحكم بن عتيبة قال : " بعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عمر على الصدقة ، فأتى العباس يسأله صدقة
[ 348 ]
ماله ، فقال : قد عجلت لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) صدقة سنتين ، فرفعه عمر إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فقال : صدق عمي ، قد تعجلنا منه صدقة سنتين " . أخرجه ابن سعد وابن أبي شيبة (4 / 24) وأبو عبيد (1884) والسياق له . وهذا مع إعضاله فيه ابن أرطأة وهو مدلس ، وقد تابعه أبو إسرائيل واسمه إسماعيل بن خليفة وهو سئ الحفظ ولعل ابن أرطأة تلقاه عنه فدلسه ! أخرجه ابن سعد . الوجه الرابع : عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن موسى بن طلحة عن طلحة أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : يا عمر أما علمت أن عم الرجل صنو أبيه ؟ إنا كنا احتجنا إلى مال فتعجلنا من العباس صدقة ماله لسنتين . أخرجه الدارقطني ، وابن عمارة متروك كما قال الحافظ . الوجه الخامس : عن محمد بن عبيد الله عن الحكم عن مقدم عن ابن عباس نحو حديث ابن أرطأة . أخرجه الدارقطني ، ومحمد بن عبيد الله هو العرزمي متروك أيضا . الوجه السادس : رواه هشيم عن منصور بن زاذان عن الحكم عن الحسن ابن مسلم عن النبي (صلى الله عليه وسلم) . علقه أبو داود عقب الوجه الأول وقال هو والدارقطني والبيهقي : " وهذا هو الأصح من هذه الروايات " . قلت : والحسن بن مسلم هو ابن يناق ، تابعي ثقة فهو مرسل صحيح الإسناد ، وله شواهد تقويه : الأول : عن أبي البختري عن علي رضي الله عنه فذكر قصته ، وفيها : " أما علمت يا عمر أن عم الرجل صنو أبيه ؟ إنا كنا احتجنا فأسلفنا العباس صدقة عامين " .
[ 349 ]
أخرجه البيهقي وأعله بالإنقطاع بين أبي البختري ، ورجاله ثقات كما قال الحافظ . وهو في مسند أحمد (1 / 94) من هذا الوجه لكن ليس فيه موضع الشاهد . الثاني : عن شريك عن إسماعيل المكي عن سليمان الأحول عن أبي رافع مثل حديث ابن عمارة إلا أنه قال : أن العباس أسلفنا صدقة العام عام الأول أخرجه الدارقطني والطبراني في الأوسط " (1 / 88 / 1 - زوائد المعجمين) وقال : " لم يروه عن سليمان إلا (إسماعيل ولا عنه إلا شريك " . قلت : وهما ضعيفان . الثالث : عن محمد بن ذكر إن عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " إن عم الرجل صنو أبيه ، وأن النبي (صلى الله عليه وسلم) تعجل من العباس صدقة عامين في عام " . قلت : ومحمد بن ذكوان هذا هو الطاحي البصري ، قال الهيثمي في " المجمع " (3 / 79) : " فيه كلام ، وقد وثق " . وقال الحافظ في " الفتح " (3 / 264) و " التقريب " : " وهو ضعيف " . ثم قال الحافظ : " وليس ثبوت هذه القصة في تعجيل صدقة العباس ببعيد في النظر بمجموع هذه الطرق " . قلت : وهو الذي نجزم به لصحة سندها مرسلا وهذه شواهد لم يشتد ضعفها . . فهو يتقوى بها ويرتقي إلى درجة الحسن على أقل الأحوال . 858 - " ويعضده رواية مسلم : فهي علي ومثلها " . ص 206 .
[ 350 ]
شاذ بهذا اللفظ . وهو قطعة من حديث رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال : " بعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عمر على الصدقة ، فقيل : منع ابن جميل وخالد بن الوليد والعباس عم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيرا فأغناه الله وأما خالد ، فإنكم تظلمون خالدا ، قد احتبس أدراعه وأعتاده في سبيل الله ، وأما العباس فهي علي ومثلها معها ، ثم قال : يا عمر أما شعرت أن عم الرجل صنوا أبيه) . أخرجه مسلم (3 / 68) وأبو داود أيضا (1623) والدارقطني (212) والبيهقي (4 / 111) وأحمد (2 / 322) من طريق ورقاء عن أبي الزناد عن الأعرج عنه به . وروى الترمذي (2 / 305) منه الجملة الأخيرة منه : " العباس عم رسول الله ، وإن عم الرجل صنو أبيه " . وقال : " حديث حسن صحيح " . وقد تابعه ابن اسحاق عن أبي الزناد به بتمامه . أخرج الدارقطني . وخالفهما شعيب : حدثنا أبو الزناد به إلا أنه قال : " فهي عليه صدقة ، ومثلها معها " . دون قوله : " يا عمر أما شعرت . . . " أخرجه البخاري (3 / 262 - 263) والنسائي وقال البخاري : " تابعه ابن أبي الزناد عن أبيه " . قلت : وصله أبو عبيد في " الأموال " (1897) : حدثنا أبو أيوب عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه به . ثم قال البخاري : (وقال ابن إسحاق عن أبي الزناد : هي عليه ومثلها معها " . قلت : وصله الدارقطني كما سبق لكن وقع عنده باللفظ الأول :
[ 351 ]
" فهي علي ومثلها معها ، وزاد : " هي له " فلا أدري هل اختلفت الرواية فيه على ابن إسحاق ، أم هناك خطأ من بعض النساخ ، ومن الغريب أن الحافظ رحمه الله لم يذكر من وصل رواية ابن اسحاق هذه ، وقد علقها البيهقي كما علقها البخاري وبلفظه . ثم قال : " وكما رواه محمد بن إسحاق رواه أبو أويس المدني عن أبي الزناد ، وكذلك هو عندنا من حديث ابن أبي الزناد عن أبيه " . قلت : وثمة متابع آخر ، وهو موسى بن عقبة قال : حدثني أبو الزناد . أخرجه النسائي (1 / 342) عقب حديث شعيب . وأحال عليه في اللفظ بقوله : " مثله سواء " . ونستلخص مما تقدم : أن الرواة على أبي الزناد قد اختلفوا عليه في حرف واحد من حديثه ، فقال ورقاء وابن إسحاق في رواية الدارقطني " فهي علي ومثلها معها " . وقال شعيب وابن أبي الزناد وابن اسحاق في رواية البخاري والبيهقي وأبو أويس : " فهي عليه ومثلها معها . " . وإذا نحن أسقطنا رواية ابن إسحاق من الحساب لتضاربها عنه ، لا سيما وقد زاد في آخرها ما شذ به عن الجماعة : " هي له " ، بقيت رواية ورقاء وحيدة غريبة ، مخالفة لرواية الثلاثة شعيب وابن أبي الزناد وأبي أويس فهي لذلك شاذة ، ورواية الجمامة هي الصواب . ومع وضوح هذا ، فقد ذهب البيهقي إلى ترجيح الرواية الشاذة ، لا من جهة الرواية ، بل من حيث المعنى ، فإنه فهم من قوله في رواية شعيب " فهي عليه صدقة ، فهي له صدقة ، فقال : " يبعد أن يكون محفوظا ، لأن العباس كان رجلا من صليبة بني هاشم
[ 352 ]
تحرم عليه الصدقة ، فكيف يجعل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما عليه من صدقة عامين صدقة عليه ؟ ! " فأقول : ليس في الحديث ما يشعر بهذا المعنى البتة وهو خلاف المتبادر منه وما فسره به بعض العلماء المتقدمين عليه ، فقال أبو عبيد (ص 593) : " فقول النبي (صلى الله عليه وسلم) : " فأما العباس فصدقته عليه ، ومثلها معها " يبين لك أنه قد كان أخرها عنه ، ثم جعلها دينا عليه يأخذه منه . فهو في الحديث الأول قد تعجل زكاته منه ، وفي هذا أنه أخرها عنه ، ولعل الأمرين جميعا قد كانا . وقد روى بعضهم حديث العباس : أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : " وأما صدقة العباس فهي علي ومثلها معها) ، فإن كان هذا هو المحفوظ فهو مثل الحديث الأول الذي ذكرناه عن إسماعيل بن زكريا في تعجيلها قبل حلها ، وكلا الوجهين جائز " . فأشار بقوله : " فإن كان . . . ، إلى أن المحفوظ الأول ، وهو الصواب كما قلنا . وبذلك يتبين أن رواية مسلم هذه رواية شاذة فلا تصلح للاعتضاد بها خلافا لصنيع المؤلف تبعا للبيهقي رحمهما الله تعالى .
[ 353 ]
باب أهل الزكاة 859 - (حديث : " إن الله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات حتى حكم هو فيها ، فجزأها ثمانية أجزاء فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك " . رواه أبو داود) . ص 207 ضعيف . أخرجه أبو داود (رقم 1630) والدارقطني (218 - 219) والبيهقي (4 / 173 - 174) عن عبد الرحمن بن زياد أنه سمع زياد بن نعيم الحضرمي أنه سمع زياد بن الحارث الصدائي قال : (أتيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فبايعته - فذكر حديثا طويلا قال - فأتاه رجل فقال : أعطني الصدقة ، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، : " فذكره . قلت : وهذا سند ضعيف من أجل عبد الرحمن بن زياد وهو الأفريقي قال الحافظ في " التقريب " : " ضعيف في حفظه ، وكان رجلا صالحا " . وقال الذهبي في " المغني " . " مشهور جليل ، ضعفه ابن معين والنسائي ، وقال الدارقطني : ليس بالقوي ، ووهاه أحمد " . 860 - (حديث أن النبي (صلى الله عليه وسلم) استعاذ من الفقر) . ص 207 .
[ 354 ]
صحيح . وقد جاء عن جماعة من الصحابة منهم عائشة وأبو هريرة ، وأبو بكرة نفيع بن الحارث ، وأنس بن مالك وأبو سعيد الخدري وعبد الرحمن ابن أبي بكر . أما حديث عائشة ، فهو من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يدعو بهؤلاء الدعوات : " اللهم فإني أعوذ بك من فتنة النار ، وعذاب النار ، وفتنة القبر ، وعذاب القبر ، ومن شر فتنة الغنى ، ومن شر فتنة الفقر ، وأعوذ بك من شر فتنة المسيح الدجال ، اللهم اغسل خطاياي بماء الثلج والبرد ، نق قلبي من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس ، وباعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب ، اللهم فإني أعوذ بك من الكسل والهرم ، والمأثم والمغرم " . اخرجه البخاري (11 / 151 ، 154 - فتح) ومسلم (8 / 75) والسياق له ، والنسائي (2 / 315 ، 316) والترمذي (2 / 263) وابن ماجه (3838) والحاكم (1 / 541) والبيهقي (7 / 12) وأحمد (6 / 57 ، 207) وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . قلت : واستدركه الحاكم على الشيخين فوهم . وأما حديث أبي هريرة ، فيرويه حماد بن سلمة أخبرنا إسحاق بن عبد الله ابن أبي طلحة عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يقول : " اللهم إني أعوذ بك من الفقر ، وأعوذ بك من القلة والذلة ، وأعوذ بك أن أظلم أو أظلم " . أخرجه أبو داود (1544) والنسائي (2 / 315) وابن حبان في
[ 355 ]
" صحيحه " (2443) وأحمد (2 / 305 ، 325) والبيهقي (7 / 12) . قلت : وسنده صحيح ، وأشار النسائي إلى أن له علة فقال : (خالفه الأوزاعي) . ثم ساق من طريق الوليد عن أبي عمرو - هو الأوزاعي - قال : حدثني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة قال : حدثني جعفر بن عياش قال : حدثني أبو هريرة قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " تعوذوا بالله من الفقر والقلة والذلة ، وأن تظلم أو تظلم " . قلت : لكن الوليد وهو ابن مسلم الدمشقي وإن كان ثقة ، فإنه كثير التدليس والتسوية كما قال الحافظ في " التقريب " ، فأخشى أن يكون تلقاه . عن بعض الضعفاء رواه عن الأوزاعي ، ثم أسقطه الوليد ، فقد رأيت في مسند الإمام أحمد (2 / 540) : ثنا محمد بن مصعب ثنا الأوزاعي به . فابن مصعب هذا وهو القرقساني صدوق كثير الخطأ كما قال الحافظ أيضا ، فلا يحتج به أصلا فكيف عند مخالفته لمثل حماد بن سلمة ، ومن الجائز أن يكون هو الواسطة بين الوليد والأوزاعي ، ومن طريقه أخرجه ابن ماجه (3842) والحاكم (1 / 531) ولكنه قال : " صحيح الإسناد " ! ووافقه الذهبي ! نعم قد رواه ابن حبان بإسناد آخر عن الوليد صرح فيه بالتحديث من كل راو من رواته ، فقال في " صحيحه " (2442 - موارد) : أ خبرنا عبد الله بن محمد بن سلم - ببيت المقدس - حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم : حدثنا الوليد : حدثنا الأوزاعي : حدثني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة حدثني جعفر بن عياش : حدثني أبو هريرة قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : فذكره .
[ 356 ]
قلت : وهذه متابعة قوية ، فإن عبد الرحمن بن إبراهيم هو أبو سعيد الدمشقي الملقب ب " دحيم " . . وهو ثقة حافظ متقن كما في (التقريب) . لكن يبقى النظر في شيخ ابن حبان عبد الله بن محمد بن سلم ، ولم أقف له على ترجمة . وينبغي أن يكون في " تاريخ ابن عساكر " لكن نسخة المكتبة عندنا فيها خرم في العبادلة فالله أعلم . ومنهم أبو بكرة نفيع بن الحارث يرويه ابنه مسلم بن أبي بكرة قال : " كان أبي يقول في دبر الصلاة : اللهم إني أعوذ بك من الكفر ، والفقر ، وعذاب القبر ، فكنت أقولهن ، فقال أبي : اي بني عمن أخذت هذا ؟ قلت : عنك ، قال : إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يقولهن في دبر الصلاة " . أخرجه النسائي (1 / 198 ، 2 / 315) وأحمد (5 / 36 ، 39 ، 44) من طرق عن عثمان الشحام عنه . قلت : وهذا سند صحيح على شرط مسلم ، وقد أخرجه الترمذي (2 / 264) والحاكم (1 / 533) من طريق أبي عاصم النبيل ثنا عثمان الشحام به إلا أنه قال : (من الهم والكسل) . بدل " من الكفر والفقر " . وقال الترمذي : " حديت حسن صحيح " . وقال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " . ووافقه الذهبي . قلت : والرواية الأولى أصح لاتفاق جماعة من الثقات عليها كما سبقت الإشارة إليه ، فرواية أبي عاصم شاذة . ويؤيد ذلك أن له طريقا أخرى عن أبي بكرة ، يرويها جعفر بن ميمون حدثني عبد الرحمن بن أبي بكرة أنه قال
[ 357 ]
لأبيه : يا أبت إني أسمعك تدعو كل غداة : اللهم عافني في ديني ، اللهم عافني في سمعي ، اللهم عافني في بصري ، لا إله إلا أنت ، تعيدها ثلاثا ، حين تصبح ، وثلاثا حين تمسي ، وتقول : اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ، لا إله إلا أنت ، تعيدها حين تصبح ثلاثا ، وثلاثا حين تمسي . قال : نعم يا بني إني سمعت النبي (صلى الله عليه وسيلم) ، يدعو بهن ، فأحب أن أستن بسنته ، قال : وقال النبي (صلى الله عليه وسلم) : دعوات المكروب ، اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت . قلت : وهذا سند لا بأس به في الشواهد جعفر بن ميمون قال الحافظ : " صدوق يخطئ " . وأما حديث أنس ، فيرويه قتادة عنه قال : " كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول في دعائه : اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل ، والجبن والبخل ، والهرم والقسوة والغفلة ، والعيلة والذلة والمسكنة ، وأعوذ بك من الفقر والكفر ، والفسوق والشقاق والنفاق ، والسمعة والرياء ، أ عوذ بك من الصمم والبكم ، والجنون والجذام والبرص وسئ الأسقام " . أخرجه ابن حبان (2446) والحاكم (1 / 530) من طريقين عن قتادة به ، وقال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " . ووافقه الذهبي . قلت : إسناده عند الحاكم على شرط البخاري فقط ، فإن فيه آدم بن أبي أياس ولم يخرج له مسلم ، وفي إسناد ابن حبان كيسان وهو أبو عمر القصار وهو ضعيف وثقه ابن حبان ! والحديث رواه الطبراني في " المعجم الصغير " (ص) من طريق آدم ،
[ 358 ]
لكن لم يقع عنده الإستعاذة من الفقر والكفر . وفي الصحيحين منه " اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل " . وفي النسائي (1 / / 318) و " المسند " (3 / 192) الشطر الأخير منه : " اللهم إني أعوذ بك من البرص والجنون . . . " . وأما حديث أبي سعيد فيرويه سالم بن غيلان عن دراج أبي السمح عن أبي الهيثم عنه عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه كان يقول : " اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر ، فقال رجل : ويعدلان ؟ قال : نعم) . أخرجه النسائي (2 / 317) وابن حبان (2438) . ثم أخرجاه وكذا الحاكم (1 / 532) من طريق حيوة من شريح عن دراج به ، إلا أنه قال : (الدين ا بدل " الفقر ، . وقال الحاكم : (صحيح الإسناد " . ووافقه الذهبي . قلت : وفي ذلك نظر فإن دراجا قال في (التقريب) : (صدوق في حديثه عن أبي الهيثم ضعيف) . وهذا من حديثه عنه . وأما حديث عبد الرحمن بن أبي بكر فقال : سمعت النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول : " أعوذ بوجهك الكريم ، وباسمك الكريم من الكفر والفقر " . قال الهيثمي في " المجمع " (10 / 143) : " رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم " . 861 - (حديث : " اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين " رواه الترمذي) (ص 207) صحيح . روي من حديث أنس بن مالك وأبي سعيد الخدري وعبادة بن
[ 359 ]
الصامت وعبد الله بن عباس . أما حديث أنس فيرويه ثابت بن محمد الكوفي : حدثنا الحارث بن النعمان الليثي عنه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : فذكره وزاد : " يوم القيامة ، فقالت عائشة : لم يا رسول الله ؟ قال : إنهم يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بأربعين خريفا ، يا عائشة لا تردي المسكين ولو بشق تمرة يا عائشة أحبي المساكين وقربيهم ، فإن الله يقربك يوم القيامة " . أخرجه الترمذي (2 / 56 - 57) وأبو الحسن الحمامي في " الفوائد المنتقاة " (9 / 205 / 201) وأبو نعيم في " الفوائد " (5 / 217 / 1) والبيهقي في سننه (7 / 12) وقد الترمذي وغيره : " حديث غريب " . قلت : يعني ضعيف ، وعلته الحارث هذا ، قال البخاري : " منكر الحديث " وكذا قال الأزدي ، وقال أبو حاتم : (ليس بالقوي في الحديث) . وتناقض فيه ابن حبان فذكره في " الثقات " (1 / 17) ، وفي (الضعفاء) أيضا كما في " التهذيب " . وقال الحافظ في " التقريب " : " ضعيف " . وبه عله ابن الجوزي في " الموضوعات " وقال : " منكر الحديث " . وتعقبه السيوطي في " اللآلي " (2 / 325) بقوله : قلت : " هذا لا يقتضي الوضع " . وأقول : الظاهر أن ابن الجوزي حين قال فيه " منكر الحديث " نقله عن البخاري ، فإن هذا قوله كما علمت ، وذلك منه تضعيف شديد منه فقد ذكروا عنه أنه قال : " كل من قلت فيه منكر الحديث فلا تحل الرواية عنه " . وهذه صفة المتهمين والكذابين ، ولذلك فإني أرى أن التعقب المذكور ليس بالقوي .
[ 360 ]
وأما حديث أبي سعيد فيرويه يزيد بن سنان عن أبي المبارك عن عطاء عنه به دون الزيادة . أخرج ابن ماجه (4126) وعبد بن حميد في " المنتخب من المسند " (ق 110 / 1) وأبو عبد الرحمن السلمي في " الإربعين الصوفية " (ق 5 / 2) والخطيب في " تاريخ بغداد " (4 / 111) . قلت : وهذا سند ضعيف ، أبو المبارك مجهول كما قال الحافظ في " التقريب " . وقال الذهبي : " لا يدرى من هو " وقال مرة أخرى : " لا تقوم به حجة لجهالته " . قلت : وسلفهما في ذلك إمامان : الأول : الترمذي فقال في سننه (2 / 151) وقد روى له حديثا آخر متنه " ما آمن بالقرآن من استحل محارمه " : " وأبو المبارك رجل مجهول " . والآخر أبو حاتم الرازي فقال في كتاب ابنه (4 / 2 / 446) : " هو شبه مجهول " . وأما جواب البعض عن ذلك بقوله : " فقد عرفه ابن حبان وذكره في (الثقات) " ! فذهول منه عن قاعدة ابن حبان في التوثيق ، فإنه يوثق المجهولين عند غيره من المحدثين ، وهذا من الأمثلة الكثيرة على ذلك ، بل إنه ليصرح أحيانا في بعض من وثقهم : " لا أعرفه ، ولا أعرف أباه " . كما قد بينته في غير هذا الموضع . ويزيد بن سنان ضعفه الجمهور وقال البخاري : " مقارب الحديث " وفي رواية الترمذي عنه في المكان المشار إليه آنفا : " ليس بحديثه بأس ، إلا رواية ابنه محمد عنه فإنه يروي عنه مناكير " .
[ 361 ]
قلت : وهذا ليس من رواية ابنه عنه . على أنه لم يتفرد به ، فقد رواه خالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك الدمشقي عن أبيه عن عطاء بن أبي رباح به . وزاد : " وإن أشقى الأشقياء من اجتمع عليه فقر الدنيا وعذاب الآخرة " . أخرجه ابن بشران في (الآمالي) (ق 72 / 2) والحاكم (4 / 322) والبيهقي (7 / 13) وقال الحاكم : " صحيح الإسناد " ! ووافقه الذهبي ! ثم السيوطي ! وهذا عجيب منهم خاصة الذهبي ، فقد أورد يزيد بن خالد هذا في " الضعفاء " وقال : قال النسائي : " ليس بثقة " . وذكره في " الميزان " وساق أقوال الأئمة فيه وكلها تتفق على تضعيفه وساق له أحاديث مما أنكرت عليه هذا أحدها . وقال الحافظ في " التقريب " : " ضعيف مع كونه فقيها ، وقد اتهمه ابن معين ، . وأما حديث عبادة بن الصامت فيرويه بقية بن الوليد ثنا هقل بن زياد ثنا عبيد بن زياد والأوزاعي ثنا جنادة بن أبي أمية ثنا عبادة بن الصامت مرفوعا به . أخرجه تمام في " فوائده ، والضياء المقدس في " الأحاديث المختارة) (ق 65 / 1 - 2) من طريق الطبراني . قلت : وهذا سند رجاله ثقات معروفون غير عبيد بن زياد الأوزاعي ، فلم أجد له ترجمة في شئ من كتب الرجال التي وقفت عليها ، نعم قال السيوطي في " اللآلي " (2 / 325) بعد أن عزاه تمام : " أخرجه ابن عساكر في " تاريخه ، وقال : قال أبو سعيد علي بن موسى العسكري الحافظ النيسابوري : عبيد شامي غزير الحديث ، قيل : إنه ثقة . ووجد بخط أبي الحسين محمد بن عبد الله بن جعفر الحافظ حدثنا محمد بن يوسف بن بشر
[ 362 ]
الهروي أخبرني محمد بن عوف بن سفيان الطائي قال : عبيد بن زياد الأوزاعي الذي روى عنه الهقل بن زياد سألت عنه بدمشق فلم يعرفوه ، فالحديث الذي رواه هو منكر ؟ قال : لا ما هو منكر " . قلت : ولم أر هذه الترجمة في " باب من اسمه عبيد " من " تاربخ دمشق " من نسخة المكتبة الظاهرية ، وهي نسخة فيها خرم في كثير من المواطن ، فمن الجائز أن تكون سقطت من ناسخها ، أو أورد ذلك في باب آخر . وجملة القول أن عبيد بن زياد الأوزاعي ينبغي أن يعد في جملة المجهولين ، إذ أنه مع إغفالهم الترجمة في كتب الرجال ، فليس فيما سبق عن ابن عساكر ما يعتد به من التوثيق ، وقد قيل في اسمه : عبد الله أو عبيد الله بن زياد ، أخرجه البيهقي في سننه " (7 / 12) من طريق موسى بن محمد مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : ثنا هقل بن زياد أنبأ عبد الله (وفي نسخة : عبيد الله) بن زياد ثنا جنادة بن أبي أمية به . قلت : وسواء كان الصواب عبد الله أو عبيد الله فإني لم أعرفه أيضا ، وموسى بن محمد العثماني لم أجد له ترجمة ، ومن ذلك نعلم ما في قول ابن الملقن في " الخلاصة " (ص 126 / 1) بعد أن عزاه البيهقي : (ولا أعلم له علة) ! وأما حديث ابن عباس ، فيرويه طلحة بن عمر وعن عطاء عنه مرفوعا . أخرجه الشيرازي في " الألقاب " . لكن طلحة بن عمرو متروك . والخلاصة : أن جميع طرق هذا الحديث لا تخلو من مادح ، إلا أن مجموعها يدل على أن الحديث أصلا ، فإن بعضها ليس شديد الضعف ، كحديث أبي سعيد ، وحديث عبادة ، وقدموا الضياء كمن رأيت ، والحديث بمجموعهن أحسن ، وقد جزم العلائي بصحته ، ثم أن حجر الفقه في " أسمى المطالب في صلة الأقارب " (ق 24 / 2) .
[ 363 ]
فحكم ابن الجوزي بوضعه إسراف ، ولذلك تعقبه العلماء وردوه عليه كالحافظ ابن حجر ، وقد نقلت كلامه في " الصحيحة " (308) وابن غرموني في تنزيه الشريعة " (2 / 304 - 305) ومن قبله الحافظ السخاوي في " المقاصد " فقال بعد أن ساق طرقا ، وآخرها طريق عبادة : " ومع وجود هذه الطريقة وغيرها مما تقدم لا يحسن الحكم عليه بالوضع ، لا سيما وفي الباب عن أبي قتادة " . (تنبيه) كنت ذكرت في " الصحيحة " طريقا أخرى حديث أبي سعيد عن رواية عبد بن حميد حسنتها هناك وصححت الحديث بها مع بعض الشواهد المشار إليها ، ثم تبينت أن هذه . الطريق ليست لهذا الحديث ، وإنما لحديث آخر قبله في " المنتخب " ، انتقل بصري إليها ، عقب كتب المتن في المسودة ، وجل من لا يسهو ، ويعود الفضل في تنبيهي لذلك إلى بعض إخواننا المثقلين بهذا العلم الشريف ، في مقدمتهم فضيلة الشيخ عبد الرحيم صديق المكي ، جزاهم الله خيرا . ولكن يجب التنبيه أيضا إلى أن الحديث لم ينزل بذلك إلى مرتبة الضعف كما توهم بعضهم ، وإنما إلى مرتبة الحسن ، كما بينه آنفا . وإن مما ينبغي ذكره بهذه المناسبة أن الحديث الحسن لغيره ، وكذا الحسن لذاته من أدق علوم الحديث وأصعبها ، لأن مدارهما على من اختلف فيه العلماء من رواته ، ما بين موثق ومضعف ، فلا يتمكن من التوفيق بينها ، أو ترجيح قول على الأقوال الأخرى ، إلا من كان على علم بأصول الحديث وقواعده ، ومعرفة قوية بعلم الجرح والتعليل ومارس ذلك عمليا مدة طويلة من عمره ، مستفيدا من كتب التخريجات ونقد الأئمة النقاد عارفا بالمتشددين منهم والمتساهلين ، ومن هم وسط بينهم ، حتى لا يقع في الإفراط والتفريط ، وهذا أمر صعب قل من يصير له ، وينال ثمرته ، فلا جرم أن صار هذا العلم غريبا من العلماء والله يختص بفضله من يشاء . 862 - (حديث : " كان النبي (صلى عليه وسلم) يبعث على الصدقة سعاة ،
[ 364 ]
ويعطيهم عمالتهم ") ص 208 . صحيح . ورد عن جمع من الصحابة ، الأول : عن أبي هريرة قال : (بعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عمر على الصدقة . . . " الحديث وقد مضى بتمامه عند تخريج الحديث (858) وهو متفق عليه . الثاني : عن أبي حميد الساعدي قال : " استعمل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رجلا على صدقات بني سليم يدعى ابن اللتبية ، فلما جاء حاسبه ، قال : هذا مالكم ، وهذا هدية ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : فهلا جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقا ؟ ! ثم خطبنا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أما بعد فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله ، فيأتي فيقول : هذا مالكم " وهذا هدية أهديت لي ! أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته ؟ ! والله لا يأخذ أحد منكم شيئا بغير حقه إلا لقي الله يحمله يوم القيامة ، فلا أعرفن أحدا منكم لقي الله يحمل بعيرا له رغاء ، أو بقرة خوار ، أو شاة تيعر ، ثم رفع يديه حتى رؤي بياض إبطيه يقول : اللهم هل بلغت ؟ بصر عيناي وسمع أذني " . أخرج البخاري (4 / 346 ، 394 ، 400 - 401 - طبع أوربا) ومسلم (6 / 11) وأبو داود (2946) والدارمي (1 / 394 ، 2 / 232) والبيهقي (4 / 158 و - 159) وأحمد (5 / 423) . الثالث : عن عمر رضي الله عنه يرويه عبد الله بن السعدي ويقال الساعدي قال : " استعملني عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الصدقة . فلما فرغت منها وأديتها إليه أمر لي عمالة ، فقلت : إنما عملت لله ، وأجري على الله ، قال : خذ ما أعطيت ، فإني عملت على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فعملني ، فقلت مثل قولك ، فقال لي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : إذا أعطيت شيئا من غير أن تسأل
[ 365 ]
فكل وتصدق " . أخرجه البخاري (4 / 391 - طبع أوربا) ومسلم (3 / 98 - 99) واللفظ له وأبو داود (1647) والنسائي (1 / 364 - 365) والدارمي (1 / 388) وأحمد (1 / 17 ، 40) . ورواه ابن حبان من طريق أخرى بنحوه (رقم 856) وفيها أن عمالة السعدي ألف دينار ! الرابع عن أبي رافع رضي الله عنه : " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) ، بعث رجلا من بني مخزوم على الصدقة ، فقال لأبي رافع : اصحبني كيما تصيب منها ، فقال : لا حتى آتي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأسأله ، فانطلق إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) ، فسأله ، فقال : إن الصدقة لا تحل لنا ، وإن موالي القوم من أنفسهم " . أخرج أبو داود (1650) والترمذي (1 / 128) والنسائي (1 / 366) والطحاوي (2 / 166) وابن أبي شيبة (4 / 60) وأحمد (6 / 10) وقال الترمذي : (حديث حسن صحيح) . الخامس : عن أبي مسعود البدري قال : " بعثني النبي (صلى الله عليه وسلم) ساعيا ، ثم قال انطلق أبا مسعود ولا ألفينك يوم القيامة تجئ على ظهرك بعير من إبل الصدقة له رغاء قد غللته ، قال : إذا لا أنطلق ، قال : إذا لا أكرهك " . أخرج أبو داود (2947) بسند صحيح والطبراني في " الكبير " كما في (المجمع) (3 / 86) وقال : " ورجاله رجال الصحيح " وفاته أنه في " السنن " وإلا لما أورده . السادس : عن سعد بن عبادة رضي الله عنه عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال له :
[ 366 ]
(قم على صدقة بني فلان ، وانظر لا تأتي يوم القيامة ببكر تحمله على عاتقك أو على كاهلك له رغاء يوم القيامة . قال يا رسول الله : اصرفها عني ، فصرفها عنه " . أخرجه أحمد (5 / 285) بسند صحيح ، وابن حبان في " صحيحه " (804) من حديث ابن عمر أن النبي (صلى الله عليه وسلم) بعث سعد بن عبادة مصدقا فقال : فذكره بنحوه . ثم رأيت الهيثمي قال (3 / 85) بعدما عزاه لأحمد والبزار والطبراني في الكبير : " ورجاله ثقات إلا أن سعيد بن المسيب لم ير سعد بن عبادة " . قلت : فهو منقطع ، ولكنه يتقوى بحديث ابن عمر ، وإسناده جيد رجاله رجال الشيخين وقال الهيثمي (3 / 86) : " رواه البزار ورجاله رجال الصحيح " . السابع : عن عائشة رضي الله عنها : " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) بعث أبا جهم بن حذيفة مصدقا ، فلاخه رجل في صدقته فضربه أبو جهم فشجه ، فأتوا النبي (صلى الله عليه وسلم) ، فقالوا : القود يا رسول الله ، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) : لكم كذا وكذا ، فلم يرضوا ، قال : فلكم كذا وكذا ، فلم يرضوا ، قال : فلكم كذاوكذا فرضوا ، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) : إني خاطب على الناس ومخبرهم برضاكم ، قالوا : نعم ، فخطب النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال : إن هؤلاء الليثيين أتوني يريدون القود فعرضت عليهم كذا وكذا فرضوا ، رضيتم ؟ قالوا : لا ، فهم المهاجرون بهم ، فأمر النبي (صلى الله عليه وسلم) أن يكفوا ، فكفوا ، ثم دعاهم ، فزادهم ، وقال : أرضيتم قالوا : نعم ، قال : فإني خاطب على الناس ومخبرهم برضاكم ، قالوا : نعم ، فخطب النبي (صلى الله عليه وسلم) ثم قال : أرضيتم ؟ قالوا : نعم " . أخرجه أبو داود (4534) والنسائي (2 / 245) وأحمد (6 / 232) وإسناده صحيح على شرط الشيخين . وعزاه الحافظ " التلخيص " (ص 176)
[ 367 ]
لأحمد وحده وسكت عليه ! ! الثامن : عن عبادة بن الصامت ، يرويه طاوس عنه : " أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعثه على الصدقات فقال : يا أبا الوليد " . هكذا أخرجه الحاكم (3 / 354) وقال : " صحيح على شرط الشيخين " وتعقبه الذهبي بقوله : " قلت : منقطع " . وكأنه يعني أن طاوسا لم يسمع من عبادة ، ولم أر من صرح بذلك ، وقد ذكر في " التهذيب " جماعة من الصحابة روى ، عنهم ، فيهم سراقة بن مالك وقد مات سنة أربع وعشرين وأما عبادة فقد مات بعد ذلك بعشر سنين ، فهو قد أدركه حتما فبم ننفي سماعه منه ؟ والحديث رواه الطبراني في " الكبير ، بزيادة (كبير) وقال الهيثمي : " ورجاله رجال الصحيح " . وفي الباب عن قرة بن دعموص النميري في " المسند " (5 / 72) ، وعن رجل من أخوال حرب بن عبيد الله عند الطحاوي (1 / 313) . 863 - (حديث : " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أعطى صفوان بن أمية يوم حنين قبل إسلامه ترغيبا له في الإسلام ") . ص 208 . صحيح . يرويه رافع بن خديج قال : " أعطى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أبا سفيان بن حرب وصفوان بن أمية وعيينة بن حصن والأقرع بن حابس كل إنسان منهم مائة من الإبل ، وأعطى عباس بن مرداس دون ذلك ، فقال عباس بن مرداس : أتجعل نهبي ونهب العبي - د بين عيينة والأقرع فما كان بدر ولا حابس يفوقان مرداس في المجمع وما كنت دون امرئ منهما ومن يخفض اليوم لا يرفع
[ 368 ]
قال : فأتم له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أخرجه مسلم (3 / 108) وفي رواية له : " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) ، قسم غنائم حنين فأعطى أبا سفيان بن حرب مائة من الإبل " وساق الحديث بنحوه وزاد : وأعطى علقمة بن علاثة مائة . وأخرج البيهقي أيضا (7 / 17) الرواية الأولى . 864 - (عن أبي سعيد قال : بعث علي وهو باليمن بذهيبة فقسمها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بين أربعة نفر : الأقرع بن حابس الحنظلي وعيينة بن بدر الفزاري وعلقمة بن علاثة العامري ثم أحد بني كلاب وزيد الخير الطائي ، ثم أحد بني نبهان فغضبت قريش وقالوا : تعطي صناديد نجد وتدعنا ؟ ! فقال : إني إنما فعلت ذلك أتألفهم (1) متفق عليه) . ص 208 . صحيح . وله تتمة وهي : " فجاء رجل كث اللحية ، مشرف الوجنتين ، غائر العينين ، ناتئ الجبين ، محلوق الرأس ، فقال : أتق الله يا محمد ، قال : فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، : فمن يطع الله إن عصيته ؟ ! أيأمنني على أهل الأرض ولا تأمنوني ؟ ! قال : ثم أدبر الرجل ، فاستأذن رجل من القوم في قتله - يرون أنه خالد بن الوليد - فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : إن من ضئضئ هذا قوما يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم ، يقتلون أهل الإسلام ، ويدعون أهل الأوثان ، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد " . أخرجه البخاري (2 / 337 - طبع أوربا) معلقا و (4 / 460) موصولا ومسلم (3 / 110 - 111) وكذا أبو داود (4764) والنسائي (1 / 359) (1) كذا في الأصل ، والذي في (مسلم) : (لا تألفهم) .
[ 369 ]
والبيهقي (7 / 18) وأحمد (3 / 68 ، 72 ، 73) من طريق سعيد بن مسروق عن عبد الرحمن بن أبي نعم عن أبي سعيد الخدري به والسياق لمسلم . وزاد هو والبخاري (3 / 158 - 159) في رواية لهما وكذا أحمد (3 / 4 - 5) من طريق عمارة بن القعقاع حدثنا عبد الرحمن بن أبي نعم به إلا أنه قال : " ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء ، يأتيني خبر السماء صباحا ومساء ؟) . وزاد بعد قوله : " ثم أدبر الرجل " : " فقال خالد بن الوليد : يارسول الله ألا أضرب عنقه ؟ فقال : لا ، لعله أن يكون يصلي ، قال خالد : وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : إني لم أؤمر أن انقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم " . وفي رواية أخرى لمسلم من هذا الوجه : " وعلقمة بن علاثة ، ولم يذكر عامر بن الطفيل ، وقال : نأتئ الجبهة . وزاد : فقام إليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : يا رسول الله ألا أضرب عنقه ؟ قال : لا ، قال ثم أدبر ، فقام إليه خالد سيف الله فقال : يارسول الله ألا أضرب عنقه ؟ قال : لا " . 865 - (قول ابن عباس في المؤلفة قلوبهم : هم قوم كانوا يأتون رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يرضخ لهم من الصدقات فإذا أعطاهم من الصدقة قالوا : هذا دين صالح ؟ وإن كان غير ذلك عابوه رواه أبو بكر في التفسير) . (208) . لم أقف على سنده الآن . 866 - حديث : (إن أبا بكر رضي ألله عنه ، أعطى عدي بن حاتم والزبرقان بن بدر مع حسن نياتهما وإسلامهما رجاء إسلام نظرائهما) . (208) . لم أقف له على إسناده وقد ذكره الرافعي في شرحه على (الوجيز) مرفوعا : (أنه
[ 370 ]
(صلى الله عليه وسلم) أعطى عدي بن حاتم والزبرقان بن بدر " فقال ابن الملقن في " الخلاصة " (126 / 1) : (غريب) . أي لا أصل له ، ونحوه قول الحافظ في " التلخيص " (ص 276) : " هذا عده النووي من أغلاط " الوسيط " ولا يعرف ، ووهم ابن معن ، فزعم أنه في " الصحيحين " . ثم لم يذكروا أنه ورد موقوف ! على أبي بكر رضي الله عنه ، نعم ذكر بعضه الإمام الشافعي بدون إسناد : " أن عيسى بن حاتم جاء إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه أحسبه قال : بثلاثمائة من الإبل من صدقات قومه ،) فأعطاه . أبو بكر رضي الله عنه ثلاثين بعيرا ، وأمره أن يلحق بخالد بن الوليد بمن أطاعه من قومه ، فجاء بزهاء ألف رجل ، وأبلى بلاء حسنا " . رواه عنه البيهقي (7 / 19 - 20) والله أعلم . وقال الحافظ عقبه (277) : (وذكر أبو الربيع بن سالم في السيرة له أن عديا لما أسلم وأراد الرجوع إلى بلاده ، اعتذر إليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من الزاد . وقال : ولكن ترجع فيكون خير . فلذلك أعطاه الصديق ثلاثين من إبل الصدقة) . 867 - (وعن أنس مرفوعا : " إن المسألة لا تحل إلا لثلاثة : لذي فقر مدقع ، أو لذي غرم مفظع أو لذي دم موجع " . رواه أحمد وأبو داود) . (ص 209) . ضعيف . أخرجه أحمد (3 / 114) وأبو داود (1641) وابن ماجه أيضا (2198) والضياء المقدسي في (الأحاديث المختارة " (2 / 146) عن الأخضر بن عجلان حدثني أبو بكر الحنفي عن أنس بن مالك : " أن رجل من الأنصار أتى النبي (صلى الله عليه وسلم) فشكا إليه الحاجة ، فقال له النبي
[ 371 ]
(صلى الله عليه وسلم) ، : ما عندك شئ ؟ فأتاه بحلس وقدح ، وقال النبي (صلى الله عليه وسلم) ، : من يشتري هذا ؟ فقال رجل : أنا آخذهما بدرهم ، قال : من يزيد على درهم ؟ فسكت القوم ، فقال : من يزيد على درهم ؟ فقال رجل : أنا آخذهما بدرهمين ، قال : هما لك ، ثم قال : إن المسألة . . . " الحديث . والسياق لاحمد ولكن المصنف قام فيه وأخر ونقص فإن لفظه : " إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاث : ذي دم موجع ، أو غرم مفظع ، أو فقر مدقع " . ثم رأيت الإمام أحمد قد أخرجه (3 / 126 - 127) من طريق عبيد الله بن شميط قال : سمعت عبد الله الحنفي يحدث : أنه سمع أنس بن مالك عن النبي (صلى الله عليه وسلم) بلفظ المصنف سواء . قلت : هكذا في المسند : " عبيد الله بن شميط : سمعت عبد الله الحنفي " والظاهر أنه سقط من بينهما من الناسخ) والطابع الأخضر بن عجلان فإنهم لم يذكروا لابن شميط رواية عن الحنفي ، ويؤيده أن الترمذي قد روى (1 / 229) عن عبيد الله بن شميط بن عجلان : حدثنا الأخضر بن عجلان عن عبد الله الحنفي عن أنس بن مالك أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، باع حلسا . . . الحديث دون قوله : " إن المسألة . . . " وقال : (هذا حديث حسن ، لا نعرفه إلا من حديث الأخضر بن عجلان ، وعبد الله الحنفي هو أبو بكر الحنفي " . قلت : قال الحافظ في " التقريب " : " لا يعرف حاله ، وقال في " التلخيص " (237) : " وأعله ابن القطان بجهل حال أبي بكر الحنفي ونقل عن البخاري أنه قال : لا يصح حديثه " . 868 - حديث قبيصة بن مخارق الهلالي قال : تحملت حمالة ، فأتيت النبي (صلى الله عليه وسلم) ، أسأله فيها ، فقال : أتم حتى تأتينا الصدقة ، فنأمر لك بها ،
[ 372 ]
ثم قال : يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لاحد ثلاثة : رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ، ثم يمسك . الحديث . رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي . (ص 209) . صحيح ، وتمامه : " ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش قال : أو سدادا من عيش ، ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجا من قومه : لقد أصابت فلانا فاقة فحلت له المسألة ، حتى يصيب قواما من عيش ، أو قال : سدادا من عيش ، فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحتا يأكلها صاحبها سحتا " . أخرجه مسلم (3 / 97 - 98) وأبو داود (1640) والنسائي (1 / 360 - 363) والدارمي (1 / 396) وابن أبي شيبة في " المصنف ، (4 / 58) وأبو عبيد في " الأموال " (1720) وابن الجارود (367) والبيهقي (5 / 21 ، 23) وأحمد (3 / 477 ، 5 / 60) من طرق عن هارون بن رياب عن كنانة بن نعيم عن قبيصة وفي رواية لأبي عبيد (1721) من طريق الأوزاعي عن هارون بن رياب عن أبي بكر - هو كنانة بن نعيم - قال : " كنت عند قبيصة بن المخارق ، فأتاه نفر من قومه يسألونه في نكاح صاحب لهم ، فلم يعطهم شيئا ، فلما ذهبوا ، قلت : أتاك نفر من قومك يسألونك في نكاح صاحب لهم ، فلم تعطهم شيئا ، وأنت سيد قومك ؟ فقال : إن صاحبهم لو كان فعل كذا وكذا - لشئ قد ذكره - كان خيرا له من أن يسأل الناس ، إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، يقول " . فذكر الحديث . قلت : ورجاله ثقات غير محمد بن كثير وهو الصنعاني أبو يوسف وهو صدوق كثير الغلط . 869 - (حديث : (الحج والعمرة من (1) سبيل الله) . رواه أحمد) (ص 209) . (1) الأصل (في) والتصحيح من " المسند " وغيره .
[ 373 ]
صحيح . بدون ذكر العمرة ، وأما بها فشاذ ، وإليك البيان : أخرج الحديث أحمد (6 / 405 - 406) ومن طريقه الحاكم (1 / 482) والطيالسي في مسنده (1 / 202 - ترتيبه) عن شعبة عن ابراهيم بن مهاجر عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث قال : ارسل مروان إلى أم معقل الأسدية يسألها عن هذا الحديث ، فحدثته : " أن زوجها جعل بكرا لها في سبيل الله ، وإنها أرادت العمرة ، فسألت زوجها البكر فأبى ، فأتت النبي (صلى الله عليه وسلم) فذكرت ذلك له ، فأمره أن يعطيها ، وقال النبي (صلى الله عليه وسلم) : الحج والعمرة من سبيل الله ، وقال : عمرة في رمضان تعدل حجة ، أو تجزي حجة " . وقال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " . ووافقه الذهبي . قلت : وهو على شرط مسلم كما قالا ، إلا أن إبراهيم بن مهاجر في حفظه ضعف كما أشار إلى ذلك الذهبي نفسه بإيراده إياه في " الضعفاء " وقوله : " ثقة ، قال النسائي : ليس بالقوي " . وقال الحاظ في " التقريب " : " صدوق لين الحفظ " . قلت : ومما يؤيد ذلك روايته لهذا الحديث ، فإنه قد اضطرب في إسناده ومتنه اضطرابا كثيرا ، وخالف الثقات في ذكر العمرة فيه ، مما يدل على أنه لم يضبطه ولم يحفظه ، فهو في رواية شعبة هذه قال : عن أبي بكر بن عبد الرحمن ابن الحارث قال : فأرسله عن أبي بكر . وخالفه محمد بن أبي إسماعيل وهو ثقة فقال : عن إبراهيم بن مهاجر ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن القرشي عن معقل بن أبي معقل أن أمه أتت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : فذكر معناه " . أخرجه أحمد (6 / 406) .
[ 374 ]
فهو في هذه الرواية أدخل بين أبي بكر وبين أم معقل ابنها معقلا ، وجعله من مسنده ! مع أنه قد ثبت أن أبا بكر هذا قال : " كنت فيمن ركب مع مروان حين ركب إلى أم معقل ، قال : وكنت فيمن دخل عليها من الناس معه ، وسمعتها حين حدثت هذا الحديث " . أخرجه أحمد من طريق ابن إسحاق قال : ثنا يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن الحارث بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبيه . قلت : وهذا سند جيد ، قد صرح فيه ابن إسحاق بالسماع ، فهذا يصحح أن أبا بكر تلقاه عن أم معقل مباشرة ، ويؤيده رواية الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن امرأة من بني أسد بن خزيمة يقال لها أم معقل قالت : " أردت الحج ، فضل بعيري ، فسألت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال : اعتمري في شهر رمضان ، فإن عمرة في شهر رمضان تعدل حجة " . أخرجه أحمد ، وسنده صحيح على شرط الشيخين ، وهو خلاف قول إبراهيم بن مهاجر في روايته السابقة : " أرادت ، العمرة " ، فهي شاذة كما ذكرنا ، ويؤيده رواية أبي سلمة عن معقل بن أبي معقل الأسدي قال : " أرادت أمي الحج ، وكان جملها أعجف ، فذكر ذلك النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال : اعتمري في رمضان ، فإن عمرة في رمضان كحجة " . أخرجه أحمد (4 / 210) : ثنا يحيى بن سعيد عن هشام ، ثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة ، وذكره في مكان آخر (6 / 375) بهذا الإسناد إلا أنه زاد فيه " عن أم معقل الأسدية " ، وهي وهم ظاهر ثم قال أحمد (6 / 405) : ثنا روح ومحمد بن مصعب قالا : ثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن عن أم معقل أنها قالت : يا رسول الله إني أريد الحج ، وجملي أعجف فما تأمرني ؟ قال : اعتمري في رمضان فإن عمرة في رمضان تعدل
[ 375 ]
حجة . ورراه ابن سعد (8 / 295) عن ابن مصعب وحده . ثم قال أحمد (6 / 406) : ثنا عبد الملك بن عمرو قال : ثنا هشام عن يحيى عن أبي سلمة عن معقل بن أم معقل الأسدية قالت : " أردت الحج مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فذكرت ذلك للنبي (صلى الله عليه وسلم) فذكر نحو حديث الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير " . وهذه أسانيد صحيحة ، وإن اختلف فيها على يحيى هل هو من سند أم معقل أو ابنها معقل ، وسواء كان الصواب هذا أو ذاك ، فهو صحيح لأن معقلا صحابي أيضا . وقد اتفقت الروايات كلها في ذكر الحج دون العمرة . وهو رواية لإبراهيم بن مهاجر فقال الإمام أحمد (6 / 375) : ثنا عفان ، ثنا أبو عوانة قال : ثنا إبراهيم بن مهاجر عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال : أخبرني رسول مروان الذي أرسل إلى أم معقل قال : قالت : " جاء أبو معقل مع النبي (صلى الله عليه وسلم) حاجا ، فلما قدم أبو معقل ، قال : قالت أم معقل : قد علمت أن علي حجة ، وأن عندك بكرا ، فأعطني فلأحج عليه ، قال : فقال لها : إنك قد علمت إني فد جعلته في سبيل الله ، قالت : فاعطني صرام نخلك ، قال : قد علمت أنه قوت أهلي ، قالت : فإني مكلمة النبي (صلى الله عليه وسلم) وذاكرته له قال : فانطلقا يمشيان حتى دخلا عليه ، قال : فقلت له : يارسول الله إن علي حجة ، وإن لأبي معقل بكرا ، قال أبو معقل : صدقت ، جعلته في سبيل الله ، قال : أعطها فلتحج عليه ، فإنه في سبيل الله ، قال : فلما أعطاها البكر ، قالت : يا رسول الله إني امرأة قد كبرت وسقمت ، فهل من عمل يجزي عني عن حجتي ؟ قال : فقال : عمرة في رمضان تجزي لحجتك . قلت : ففي هذه الرواية عن إبراهيم بن مهاجر ما يوافق رواية الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن ، ورواية أبي سلمة عن معقل بن أبي معقل من أنها أرادت الحج ، وليس العمرة ، فهي الصواب قطعا . ونجد في هذه الرواية مخالفة أخرى للرواية السابقة وهي قوله (صلى الله عليه وسلم) فيها : " فلتحج عليه فإنه في سبيل الله " ، فلم يذكر العمرة مع الحج . وهذا هو
[ 376 ]
المحفوظ في مثل هذه القصة ، فإن لها شاهدا من حديث أبي . طليق حدثهم : فذكر قصته مع زوجه أم طليق ، تشبه هذه من بعض الوجوه وفيها : (فسألته أن يعطيها الجمل تحج عليه ، قال : ألم تعلمي أني حبسته في سبيل الله ، قالت : إن الحج في سبيل الله فأعطنيه يرحمك الله " وفيها " قال : فأتيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأقرأته منها السلام ، وأخبرته بالذي قالت أم طليق ، قال : صدقت أم طليق ، لو أعطيتها الجمل كان في سبيل الله . . . " . أخرجه الدولابي في " الكنى والأسماء " (1 / 41) بسند صحيح ، وقال الحافظ في " الإصابة " بعد أن ساقه من هذا الوجه : " وأخرجه ابن أبي شيبة ، وابن السكن ، وابن منده ، وسنده جيد " . وذكره بنحوه في " المجمع " (3 / 280) وقال : " رواه الطبراني في الكبير ، والبزار باختصار : ورجال البزار رجل الصحيح " . وقال المنذري في " الترغيب " (2 / 115) : " إسناد الطبراني جيد " . وله شاهد من حديث ابن عباس نحوه بلفظ : " أما إنك لو أحججتها عليه كان في سبيل الله ، . أخرجه أبو داود والطبراني والحاكم وصححه ، وإنما هو حسنة فقط كما بينته في " الحج الكبير " . وسأذكر لفظه والكلام عليه في " كتاب الوقف " إن شاء الله تعالى " رقم (1587) . (فائدة) : هذا الحديث الصحيح دليل صريح على أن الزكاة يجوز إعطاؤها للفقير على ما ترى ، قال : إدفعها إليه فأتيت ابن عمر وأبا هريرة وأبا سعيد رضي الله عنهم ، فقالوا مثل ذلك ليحج بها . وهو مذهب أحمد ، فقال ابنه عبد الله في " مسائله ، (ص 134) : " سمعت أبي يقول : يعطى من الزكاة في الحج لأنه من سبيل الله ، وقال ابن عمر : الحج من سبيل الله " .
[ 377 ]
وكذا روى إسحاق المروزي في " مسائله " (ق 35 / 1) عن الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه أنه يعطي الزكاة في الحج . وثبت مثل ذلك عن ابن عباس أيضا ، فروى ابن أبي شيبة (4 / 41) وأبو عبيد في (الأموال) (1784) عن حسان أبي الأشرس عن مجاهد عن ابن عباس ، أنه كان لا يرى بأسا أن يعطي الرجل من زكاة ماله في الحج وأن يعتق منه الرقبة . قلت : وإسناده جيد ، وعلقه البخاري . وأما أثر ابن عمر الذي علقه أحمد ، فوصله أبو عبيد (1976) بسند صحيح عنه ، ومع ذلك فقد قال أبو عبيد عقبه : (وليس الناس على هذا ، ولا أعلم أحدا أفتى به أن تصرف الزكاة إلى الحج " . قلت : في العيدين : ابن عباس وابن عمر خير قدوة ، لا سيما ولا يعلم لهما مخالف من الصحابة ، مع ما تقدمهما من الحديث . : 870 - (حديث أبي سعيد مرفوعا : " لا تحل الصدقة لغني ، إلا في سبيل الله ، أو ابن السبيل ، أو جار فقير يتصدق عليه ، فيهدي لك ، أو يدعوك رواه أبو داود . وفي لفظ : " لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة ، للعامل عليها أو رجل اشتراها بماله ، أو غارم أو غاز في سبيل الله ، أو مسكين تصدق عليه فأهدى منها لغني " . رواه أبو داود وابن ماجه) (ص 209 - 210 صحيح . أخرجه أبو داود (1 / 1635) وابن ماجه (1 / 564 - 565) وكذا ابن الجارود في " المنتقى " (365) والحاكم (1 / 407) والبيهقي (7 / 15) وأحمد (3 / 56) من طرق عن عبد الرزاق أخبرنا معمر عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري به باللفظ الثاني وسياقه لأحمد وليس لأبي داود
[ 378 ]
وابن ماجه ، إلا أنه قال : (لعامل) بالتنكير . وكذلك هو عند سائرهم . وكذلك رواه مالك في " الموطأ " (1 / 256 - 257) وعنه أبو داود والحاكم والبيهقي عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : فذكر . وقال أبو داود : " ورواه ابن عيينة عن زيد كما قال مالك . ورواه الثوري عن زيد قال : حدثني الثبت عن النبي (صلى الله عليه وسلم) ، . قلت : " وكأنه أشار بذلك إلى ترجيح المرسل ، لكن قد ذكر البيهقي مثل قول أبي داود هذا ولكنه زاد عليه أن الثوري قال تارة عن رجل من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) ، ورواه أبو الأزهر السليطي عن عبد الرزاق عن معمر والثوري عن زيد بن أسلم كما رواه معمر وحده " . ثم ساق إسناده إلى أبي الأزهر به . فكأنه أشار بذلك إلى ترجيح الموصول ، وجزم بذلك الحاكم فقال : (حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه لإرسال مالك إياه . عن زيد بن أسلم " ثم ساقه من طريق مالك ثم قال : " هو صحيح (يعني موصولا) فقد يرسل مالك الحديث ويصله ، أو يسنده ثقة ، والقول فيه قول الثقة الذي يصله ويسنده " . قلت : ووافقه الذهبي ، وهو الراجع عندي ، لعلم تفرد معمر بوصله ، كما تقدم في كلام البيهقي ، وقال ابن عبد البر : " قد وصل هذا الحديث جماعة من رواية زيد بن أسلم " . ذكر . المنذري في " مختصره " (2 / 235) عنه وأقره ، وذكر الحافظ في " التلخيص " (ص 276) بعد أن حكى الاختلاف فيه على زيد ، وعزا رواية معمر الموصولة للبزار أيضا : أنه صححه جماعة . قلت : وممن صححه ابن خزيمة ، فأخرجه في " صحيحه " (ق 242 / 2) . هذا ، وأما اللفظ الأول ، فلم يروه ابن ماجه ، ثم هو ضعيف . أخرجه أبو داود ، وكذا الطحاوي (1 / 306) وابن أبي شيبة (4 / 58) والبيهقي (7 / 22 ، 23) وأحمد (3 / 31 ، 40 ، 97) من طرق عن عطية عن أبي سعيد به .
[ 379 ]
قلت : وعطية ضعيف ، وقال البيهقي عقبه : (وحديث عطاء بن يسار عن أبي سعيد أصح وليس فيه ذكر ابن السبيل " . 871 - (حديث أن النبي (صلى الله عليه وسلم) ، بعث عمر ساعيا ولم يجعل له أجرة ، فلما جاء أعطاه . متفق عليه) . (ص . 210) . صحيح . رواه المصنف بالمعنى وقد ذكرنا لفظه وتخريجه فيما مضى (رقم 862) الحديث الثالث . قلت : قد جاء في حديث عطاء مرسلا ، فقال ابن أبي شيبة في " المصنف " (4 / 58) : وكيع عن سفيان عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار قال : قال رسول الله " : " لا تحل الصدقة إلا لخمسة : رجل اشتراها بماله ، أو رجل عمل عليها ، أو ابن السبيل أو في سبيل الله ، أو رجل كان له جار فتصدق عليه فأهدى له " . فأسقط الغارم وجعل مكانه " ابن السبيل " وهو شاذ . والله أعلم . ومما يؤيد ذلك أن أبا عبيد أخرجه في (الأموال) (1983) فقال : حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان به بلفظ " الغارم " بدل " ابن السبيل " كما رواه الجماعة . 872 - (حديث : أن ابن عمر كان يدفع زكاته إلى من جاءه من سعاة ابن الزبير أو نجدة الحروري) . ص 210 لم أقف على إسناده الآن ، وإنما أورده الشيخ ابن قدامة في " المغني " (2 / 642) هكذا كما أورده المصنف بدون تخريج . 873 - (حديث : أنه قيل لابن عمر : إنهم يقلدون بها الكلاب ، ويشربون بها الخمور ، قال : ادفعها إليهم قاله أحمد) . ص 210 لم أره بهذا اللفظ ، وقد روى أبو عبيد في " الأموال " (1797) من طريق قتادة قال : سمعت أبا الحكم يقول :
[ 380 ]
" أتى ابن عمر رجل فقال : أرأيت الزكاة إلى من أدفعها ؟ فقال : ادفعها إلى الأمراء ، وإن تمزعوا بها لحوم الكلاب على موائدهم " . قلت : وأبو الحكم هذا لم أعرفه ، وبقية رجاله ثقات . وروى ابن أبي شيبة (4 / 28) عن الأعرج قال : " سألت ابن عمر ؟ فقال : ادفعهم إليهم ، وإن أكلوا بها لحوم الكلاب ، فلما عادوا إليه قال : ادفعها إليهم " . وإسناده صحيح . ثم أخرج هو وأبو عبيد (1798) عن قزعة قال : " قلت لابن عمر : إن لي مالا ، فإلى من أدفع زكاته ؟ فقال : ادفعها إلى هؤلاء القوم . يعني الأمراء . قلت : إذا يتخذون بها ثيابا وطيبا ، فقال : وإن اتخذوا بها ثيابا وطيبا ، ولكن في مالك حق سوى الزكاة " . وسنده صحيح . 874 - (حديث سهيل بن أبي صالح [ عن أبيه ] قال : أتيت سعد بن أبي وقاص فقلت : عندي مال ، وأريد إخراج زكاته ، وهؤلاء القوم على ما ترى ؟ قال : ادفعها إليه ، فأتيت ابن عمر وأبا هريرة وأبا سعيد رضي الله عنهم فقالوا : مثل ذلك) . ص 210 صحيح . أخرجه ابن أبي شيبة (4 / 28) وأبو عبيد (1789) والبيهقي (4 / 115) من طريق عن سهيل به ، مع اختلاف في اللفظ ، ولفظ البيهقي أقرب إلى لفظ الكتاب . قلت : وهذا سند صحيح على شرط مسلم . (تنبيه) : ليس في رواية الكتاب [ عن أبيه ] والظاهر أنها كذلك في نسخة المؤلف لأني وجدت الحديث كذلك في " المغني " (2 / 643) وهو كثير النقل عنه بالحرف الواحد كما تقدم مرارا ، وهذه الزيادة [ عن أبيه ] لا بد من
[ 381 ]
إثباتها تصحيحا للرواية ، فإنها كذلك عند من ذكرنا ، والمعنى : فإن سهيلا لم يدرك أحدا من الصحابة ، وهو يقول : أتيت سعد بن أبي وقاص . . . فالقائل إنما هو أبوه ، ومن الغريب أن ابن قدامة أعاد الحديث مرة أخرى على الصواب فقال (2 / 644) : " قال أبو صالح : سألت سعد بن أبي وقاص . . . " . 875 - (لحديث معاذ : " تؤخذ من أغنيائهم فترد إلى فقرائهم)) متفق عليه ، وتقدم نصه بتمامه مع تخريجه برقم (855) . 876 - لقوله (صلى الله عليه وسلم) : لاحظ فيها لغني ، ولا لقوي مكتسب)) . صحيح . أخرجه أبو داود (1633) والنسائي (1 / 363 - 364) وابن أبي شيبة (4 / 56 - 57) وأبو عبيد (1725) والطحاوي (1 / 303 و 304) والدارقطني (211) والبيهقي (7 / 14) وأحمد (4 / 224) عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبيد الله بن عيسى بن الخيار قال : أخبرني رجلان : " أنهما أتيا النبي (صلى الله عليه وسلم) في حجة الوداع ، وهو يقسم الصدقة ، فسألاه منها ، فرفع فينا البصر وخفضه ، فرآنا جلدين ، فقال : إن شئتما أعطيتكما ، ولاحظ . . . " . قلت إسناد صحيح . وقال الزيلعي في (نصب الراية) (2 / 401) " قال صاحب " التنقيح " : حديث صحيح ، ورواته ثقات ، قال الإمام) أحمد رضي الله عنه : ما أجوده من حديث ، هو أحسنها إسنادا " . وفي معناه أحاديث أخرى يأتي ذكر أقواها في الذي بعده . 877 - (وقوله : " لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي " . رواهما أحمد وأبو داود) . صحيح . وقد ورد من حديث عبد الله بن عمرو ، وأبي هريرة ،
[ 382 ]
وحبشي بن جنادة ، ورجل من بني هلال . وغيرهم . أما حديث ابن عمرو ، فله عنه طريقان : الأول : عن سعد بن إبراهيم عن ريحان بن يزيد عن عبد الله بن عمر وعن النبي (صلى الله عليه وسلم) . أخرجه أبو داود (1634) والترمذي (1 / 127) والدارمي (1 / 386) وابن أبي شيبة (4 / 56) وأبو عبيد (1726) وابن الجارود في " المنتقى " (363) والطحاوي (1 / 303) والحاكم (1 / 407) والدارقطني (211) والبيهقي (7 / 13) وأبو داود الطيالسي (1 / 177) وقال الترمذي : " حديث حسن " . وقال صاحب " التنقيح " : " وريحان بن يزيد قال أبو حاتم : شيخ مجهول ، ووثقه ابن معين . وقال ابن حبان : كان أعرابيا صدوقا " . قلت : وفي " التقريب " : " مقبول " . قلت : يعني عند المتابعة ، وقد توبع في الطريق الآتي : الثاني : عن عطاء بن زهر العامري عن ابيه قال : قلت : لعبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما : أخبرني عن الصدقة أبي مال هي ؟ قال : هي شر مال ، إنما هي مال للعميان والعرجان والكسحان واليتامى وكل منقطع به ، فقلت : إن للعاملين عليها حقا ، وللمجاهدين " ، فقال : للعاملين عليها بقدر عمالتهم ، وللمجاهدين في سبيل الله قدر حاجتهم أو قال : حالهم ، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : إن الصدقة لا تحل . . . الحديث . أخرجه البيهقي . قلت : وهذا سند يتقوى بالذي قبله ، فإن عطاء هذا اورده ابن أبي حاتم (3 / 1 / 232) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا . ورواه ابن أبي شيبة من طريق ثالثة موقوفا . وسنده صحيح . وأما حديث أبي هريرة فله طريقان أيضا :
[ 383 ]
الأولى : عن سالم بن أبي الجعد عنه مرفوعا به أخرجه النسائي (1 / 363) وابن ماجه (1839) وابن أبي شيبة (4 / 56) وابن الجارود (364) وابن حبان في (صحيحه) (806) والطحاوي (1 / 303) والدارقطني (311) والبيهقي (7 / 14) وأحمد (2 / 377) كلهم عن أبي بكر بن عياش ، أنبأنا أبو حصين عن سالم به . وأخرجه الدارقطني والبزار من طريق إسرائيل عن منصور عن سالم به . قلت : وهذا إسناد ظاهره الصحة ، وقد أعله صاحب (التنقيح) بقوله : (رواته ثقات ، إلا أن أحمد بن حنبل قال : سالم بن أبي الجعد ، لم يسمع من أبي هريرة) . نقله الزيلعي (2 / 399) وقول أحمد هذا لم يذكر في ترجمة سالم من (التهذيب) ، وقد جاء فيه نقول كثيرة عن الأئمة ، تبين أسماء الصحابة الذين لم يلقهم سالم أو لم يسمع منهم ، وليس فيهم أبو هريرة ، بل جاء ذكره في جملة الصحابة الذين روى عنهم سالم ، ولم يعل بالإنقطاع . فالله أعلم . علما أن البيهقي قال عقب الحديث : (ورواه أبو بكر بن عياش مرة أخرى عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه) قلت : هذا رواية للطحاوي : حدثنا علي بن معبد قال : ثنا معلى بن منصور قال : ثنا أبو بكر بن عياش . . . به . قلت : وهذا سند صحيح إن كان أبو بكر بن عياش قد حفظه ، فإنه ساء حفظه لما كبر كما في (التقريب) الطريق الأخرى عن أبي حازم عن أبي هريرة يبلغ به . فذكره . أخرجه الحاكم (1 / 407) من طريق علي بن حرب ، ثنا سفيان عن
[ 384 ]
منصور عن أبي حازم . وقال : " على شرط الشيخين " . ووافقه الذهبي . وأخرجه البيهقي من طريق سعدان بن نصر ، ثنا سفيان به عن أبي هريرة . وزاد : " فقيل لسفيان : هو عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : لعله " . وقال البيهقي : " ورواه الحميدي عن سفيان بإسناده وقال عن أبي هريرة رضي الله عنه يبلغ به " . قلت : ومعنى يبلغ به . أي يرفعه إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) . والحديث مرفوع قطعا ، وإن شك فيه سفيان أحيانا كما في رواية سعدان ، بديله رفعه في الطرق الأخرى والشواهد . لكن قد أعل هذه الطريق عن أبي هريرة البزار فإنه رواه في مسنده من طريق إسرائيل عن منصور عن سالم بن أبي الجعد عن أبي هريرة . وقال : " رواه . ابن عيينة عن منصور عن أبي حازم عن أبي هريرة رضي الله عنه . والصواب حديث إسرائيل ، وقد تابع (إسرائيل على روايته أبي حصين ، فرواه عن سالم عن أبي هريرة " . ثم أخرجه كذلك ، وقد تقدم ، وهو الطريق الأولى . وأما حديث حبشي بن جنادة ، فيرويه مجالد عن الشعبي عنه بلفظ : (إن المسألة لا تحل لغني ، ولا لذي مرة سوي " . أخرجه الترمذي (1 / 127) وابن أبي شيبة (4 / 56) وأبو صالح الخرقي في (الفوائد) (975 / 1) وقال الترمذي : " حديث غريب " . قلت : ومجالد وهو ابن سعيد وليس بالقوي ، ولا بأس به في الشواهد . وأما حديث الرجل من بني هلال فيرويه عكرمة بن عمار اليمامي عن سماك أبي زميل عنه قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول :
[ 385 ]
" لا تصلح الصدقة لغني . . . ، . أخرجه الطحاوي (1 / 303) وأحمد (4 / 62 و 5 / 375) وسنده جيد . وفي الباب عن جماعة آخرين من الصحابة أعرضنا ، عن ذكرها لأن أسانيدها معلولة ، فمن شاء الوقوف عليها فليراجع " نصب الراية " (2 / 400 - 401 - 878 - (قوله (صلى الله عليه وسلم) لزينب امرأة ابن مسعود : " زوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم " . أخرجه البخاري) . ص 211 صحيح . أخرجه البخاري (3 / 257) وأبو عبيد أيضا في (الأمول) (1876) بسند واحد عن عياض بن عبد الله عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : " خرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في أضحى أو فطر إلى المصلى { فصلى ] ثم انصرف ، فوعظ الناس وأمرهم بالصدقة ، فقال : يا أيها الناس تصدقوا ، فمر على النساء ، فقال : يا معشر النساء تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار ، فقلن : وبم ذلك يا رسول الله ؟ قال : تكثرن اللعن وتكفرن العشير ، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحدكن يا معشر النساء ، ثم انصرف ، فلما صار إلى منزله جاءت زينب امرأة ابن مسعود تستإذن عليه ، فقيل : يا رسول الله هذه زينب ، فقال : أي الزيانب ؟ فقيل : امرأة ابن مسعود ، قال : نعم ، إئذنوا لها ، فأذن لها ، قالت : يا نبي الله إنك أمرت اليوم بالصدقة ، وكان عندي حلى لي ، فأردت أن أتصدق به ، فزعم ابن مسعود أنه وولده أحق من تصدقت به عليهم ، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) : صدق ابن مسعود ، زوجك وولدك . الحديث . وأخرجه البخاري ومسلم وغيرهما من طريق أخرى عن زينب امرأة ابن مسعود به نحوه بلفظ :
[ 386 ]
" لها أجران : أجر القرابة وأجرة الصدقة " . وسيأتي في الكتاب برقم (884) . 879 - (قوله (صلى الله عليه وسلم) : " إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد إنما هي أوساخ الناس " . رواه مسلم) . ص 212 صحيح . أخرجه مسلم (3 / 118 - 119) وكذا أبو داود (2985) والنسائي (1 / 365 - 366) وأبو عبيد (841) والطحاوي (1 / 299) والبيهقي (7 / 31) وأحمد (4 / 166) عن المطلب بن ربيعة بن الحارث قال : " اجتمع ربيعة بن الحارث والعباس بن عبد المطلب فقالا : والله لو . بعثنا هذين الغلامين (قالا لي وللفضل بن العباس) إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فكلماه ، فأمرهما على هذه الصدقات ، فأديا ما يؤدي الناس ، وأصابا مما يصيب الناس ، قال : فبينما هما في ذلك جاء علي بن أبي طالب ، فوقف عليهما ، فذكر له ذلك ، فقال علي بن أبي طالب : لا تفعلا فوالله ما هو بفاعل ، فانتحاه ربيعة بن عبد الرحمن فقال : والله ما تصنع هذا إلا نفاسة منك علينا ، فوالله لقد نلت صهر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فما نفسناه عليك ، قال علي : أرسلوهما ، فانطلقا ، واضطجع علي ، قال : فلما صلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الظهر ، سبقناه . إلى الحجرة ، فقمنا عندها حتى جاء فأخذ بآذاننا ثم قال : أخرجا ما تصدران ، ثم دخل ودخلنا عليه ، وهو يومنذ عند زينب بنت جحش ، قال : فتواكلنا الكلام ، ثم تكلم أحدنا ، فقال : يارسول الله أنت أبر الناس ، وأوصل الناس ، وقد بلغنا النكاح فجئنا لتؤمرنا على بعض هذه الصدقات ، فنؤدي إليك كما - يؤدي الناس ، ونصيب كما يصيبون ، قال : فسكت طويلا حتى أردنا أن نكلمه ، قال : وجعلت زينب تلمح علينا من وراء الحجاب أن لا تكلماه قال : ثم قال : إن الصدقة . . ادعوا لي (محمية) - وكان على الخمس - ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، قال : فجاآه فقال لمحمية : أنكح هذا الغلام ابنتك (للفضل بن العباس) فأنكحه ، وقال لنوفل بن الحارث : انكح هذا الغلام ابنتك (لي) فأنكحني وقال لمحمية : أصدق عنهما من الخمس كذا وكذا " .
[ 387 ]
880 - (حديث أبي رافع مرفوعا : " إنا لا تحل لنا الصدقة وإن موالي القوم منهم) . رواه أبو داود والنسائي والترمذي ، وصححه) ص 212 . صحيح ، وقد سقته مع تخريجه عند الكلام على الحديث (862) ، وهو الحديث الرابع هناك ولفظه عند أبي داود والنسائي وغيرهما : (إن الصدقة لا تحل لنا ، وإن موالي القوم من أنفسهم " . والجملة الأولى أخرجها أحمد (1 / 200) عن الحسن بن علي مرفوعا نحوه . وإسناده جيد . 881 - قوله (صلى الله عليه وسلم) للرجلين : " إن شئتما أعطيتكما منها ولاحظ فيها لغني لما) . صحيح . وتقدم قريبا (876) . 882 - (وقال للذى سأله من الصدقة : " إن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك)) . ضعيف . وتقدم لفظه وتخريجه (859) . 883 - (قوله (صلى الله عليه وسلم) : صدقتك على ذي الرحم صدقة وصلة)) . ص 212 حسن . أخرجه النسائي (1 / 361) والترمذي (1 / 128) وابن حبان (833) وابن أبي شيبة (4 / 47) وكذا الدارمي (1 / 397) وأبو عبيد (915 و 916) والحاكم (1 / 407) والبيهقي (7 / 27) وأحمد (4 / 17 و 18 و 214) من طريق الرباب عن عمها سلمان بن عامر يبلغ به النبي (صلى الله عليه وسلم) : " الصدقة على المسكين صدقة ، وعلى ذي الرحم ، ثنتان : صدقة وصلة " . وقال الترمذي :
[ 388 ]
" حديث حسن " . وقال الحكم : " إسناده وصحيح " ! ووافقه الذهبي . قلت : وفيه نظر فإن الرباب هذه وهي بنت صليع الضبية أم الرائح لم يرو عنها غير حفصة بنت سيرين ولم يوثقها غير ابن حبان ، وقال الحافظ : " مقبولة " . فحديثها حسن كما قال الترمذي ، يشهد له الحديث الذي بعده . 884 - (حديث زينب وفيه : (أتجزئ الصدقة عنهما على أزواجهما وعلى أيتام في حجورهما ؟ قال : " لهما أجران أجر القرابة وأجر الصدقة) . رواه البخاري) . ص 213 صحيح . أخرجه البخاري (3 / 259) وكذا مسلم (3 / 80) والطحاوي (1 / 308) والبيهقي (7 / 28 - 29) من طريق حفص بن غياث ، ومسلم أيضا عن أبي الأحوص ، والنسائي (1 / 361) والترمذي (1 / 124) والدارمي (1 / 389) ، وأحمد (3 / 502) عن شعبة ، وأحمد أيضا عن سفيان ، وابن ماجه (1834) عن أبي معاوية ، كلهم عن الأعمش قال : حدثني شفيق عن عمرو بن الحارث عن زينب امرأة عبد الله رضى الله عنهما قالت : (كنت في المسجد ، فرأيت النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال : تصدقن ولو من حليكن ، وكانت زينب تنفق علي عبد الله وأيتام في حجرها ، فقالت لعبد الله : سل رسول الله : أيجزئ عني أن أنفق عليك وعلى أيتام في حجري من الصدقة ، فقال : سلي أنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فانطلقت إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فوجدت امرأة من الأنصار على الباب ، حاجتها مثل حاجتي ، فمر علينا بلال فقلنا : سل النبي (صلى الله عليه وسلم) أيجزئ عني أن أنفق على زوجي وأيتام لي في حجري ، وقلنا : لا تخبر بنا ، فدخل فسأله ، فقال : من هما ؟ . قال : زينب ، قال : أي الزيانب ؟ قال : امرأة عبد الله ، قال : " نعم ولها أجران : أجر القرابة ، وأجر الصدقة " . هكذا قال البخاري : " ولها " . ورواية مسلم والنسائي وأحمد " لهما "
[ 389 ]
بالتثنية . ورواية ابن ماجه والطحاوي مثل البخاري ، ونحوها رواية البيهقي " لك " . ثم أخرجه الإمام أحمد (6 / 363) : ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش به ، إلا إنه قال : عن شقيق عن عمرو بن الحارث بن المصطلق عن ابن أخي زينب امرأة عبد الله عن زينب . قلت : فأدخل بينهما ابن أخي زينب . وكذلك أخرجه الترمذي : حدثنا هناد ، حدثنا أبو معاوية به . ثم ساق رواية شعبة المتقدمة ثم قال : " وهذا أصح من حديث أبي معاوية ، وأبو معاوية وهم في حديثه فقال : عن عمرو بن الحارث عن ابن أخي زينب ، والصحيح إنما عن عمرو بن الحارث ابن أخى زينب " . قلت : ويؤيده . أن أبا معاوية كان يضطرب فيه ، فتارة كان يرويه مثل رواية الجماعة كما أخرجه ابن ماجه عنه فيما سبقت الإشارة إليه ، وهو عنده من طريقين عنه . وتارة يخالفهم فيزيد في الإسناد ابن أخي زينب كما في رواية أحمد وهنا . ولا شك أن ما وافق فيه الثقات أولى بالترجيح مما خالفهم فيه . وبهذا يرد على ابن القطان الذي أعل هذا الإسناد بالانقطاع بين عمرو بن الحارث وزينب ، وذهب إلى أن بينهما ابن أخي زينب . وذلك يمنع من الحكم بصحة الإسناد لأن ابن أخي زينب لا يعرف حاله . فإنا نقول إن هذه الزيادة في الإسناد غير محفوظة لأن الذي جاء بها وهو أبو معاوية اضطرب فيها كما سبق بيانه حتى ولو وافقه شعبة وحفص بن غياث كما حكى ابن القطان ، فذلك مما لا يقويه ما دام أنهم اضطربوا فيها أيضا ، فتبقى رواية الآخرين بغير اضطراب وهم أبو الأحوص وسفيان ، فترجح هذه بأمرين : الأول : سلامتها من الاضطراب . الثاني : أن الأعمش قال في رواية الشيخين : (فذكرته لابراهيم ، فحدثني ابراهيم عن أبي عبيدة عن عمرو بن الحارث عن زينب امرأة عبد الله بمثله سواء " .
[ 390 ]
فهذه طريق أخرى ليس فيها ابن أخي زينب ، فثبت بذلك شذوذ هذه الزيادة ، وسلم الحديث من أي علة . وله طريق أخرى عن رائطة امرأة عبد الله بن مسعود وأم ولده ، وكانت امرأة صناع اليد ، قال : فكانت تنفق عليه وعلى ولده من صنعتها ، قالت : فقلت لعبد الله بن مسعود : لقد شغلتني أنت وولدك عن الصدقة ، فما أستطيع أن أتصدق معكم بشئ ، فقال لها عبد الله : والله ما أحب إن لم يكن في ذلك أجر أن تفعلي ، فأتت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فقالت : يا رسول الله : إني امرأة ذات صنعة أبيع منها ، وليس لي ولا لولدي ولا لزوجي نفقة غيرها ، وقد شغلوني عن الصدقة ، فما أستطيع أن أتصدق بشئ ، فهل لي من أجر فيما أنفقت ؟ قال : فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " أنفقي عليهم فإن لك في ذلك أجر ما أنفقت عليهم " . أخرجه الطحاوي (1 / 308) وأبو عبيد (1877) وابن حبان (831) وأحمد (3 / 503) من طرق عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عنها . قلت : وهذا سند صحيح على شرط الشيخين . وفي هذه الرواية نص على أن رائطة هذه زوجة ابن مسعود كانت أم أولاده ، ففيه رد على ما في (الفتح) (3 / 260) : (وقال ابن التيمي : قوله :) (وولدك) (يعني في الحديث المتقدم 878) محمول على أن الإضافة للتربية لا للولادة ، فكأنه ولده من غيرها " ! وسكت عليه الحافظ فكأنه لم يستحضر ما في هذا الحديث من التنصيص على خلاف قول ابن التيمي . 885 - وقال (صلى الله عليه وسلم) : " إن الصدقة لتطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء " . حسنه الترمذي) . ضعيف . رواه الترمذي (1 / 129) وابن حبان (816) والبغوي في
[ 391 ]
" شرح السنة " (1 / 186 / 1) والحافظ عبد الغني المقدسي في جزء من (الجواهر) (ق 236 / 2) وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (2 / 402 / 1 - 2) والضياء المقدسي في " المختارة " (ق 73 / 1) كلهم من طريق عبد الله بن عيسى الخزاز البصري عن يونس بن عبيد عن الحسن عن أنس بن مالك مرفوعا به وقال الترمذي : " حديث حسن غريب من هذا الوجه " . قلت : وليس في بعض النسخ من " الترمذي " قوله " حسن " ، وهو الأقرب إلى حد هذا إلاسناد فإن فيه علتين : الأولى : عنعنة الحسن البصري فإنه مدلس . والأخرى : ضعف الخزاز هذا ، فأورده الذهبي في " الضعفاء " وقال : " فيه ضعف " . وقال الحافظ في " التقريب " : " ضعيف " . قلت : وقد وجدت للحديث طريقين آخرين عن أنس : الأولى : عن عبد الرحيم بن سليمان الأنصاري قال : حدثني عبيد الله بن أنس قال : حدثني أبي مرفوعا بلفظ : " إن الصدقة ترد غضب الرب ، وتمنع من البلاء ، وتزيد في الحياة " . أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (ص 268) وقال : " عبيد الله وعبد الرحيم كلاهما مجهول بالنقل ، والحديث غير محفوظ " . وقال الذهبي في عبيد الله : " لا يعرف " . وفاته الراوي عنه عبد الرحيم بن سليمان الأنصاري ، فلم يورده في (ميزانه) ، ولا استدركه عليه الحافظ في (لسانه) ! والأخرى : عن أبي عمرو والمقدام بن داود الرعيني قال : نا عبد الله بن محمد بن المغيرة المخزومي قال : نا سفيان عن محرز عن يزيد الرقاشي عن أنس
[ 392 ]
مرفوعا بلفظ : (إن الله ليدرأ بالصدقة سبعين ميتة من السوء " . أخرجه القضاعي في " مسند الشهاب " (ق 91 / 1) . قلت : وهذا سند ضعيف جدا ، وفيه ثلاث علل : الأولى : يزيد الرقاش ضعيف . الثانية : عبد الله بن محمد بن المغيرة المخزومي ضعيف جدا ، قال أبو حاتم : " ليس بالقوي " . وقال ابن يونس : " منكر الحديث " . وقال ابن عدي : " عامة ما يرويه لا يتابع عليه " . وقال النسائي : " روى عن الثوري ومالك بن مغول أحاديث ، كانا أتقى لله من أن يحدثا بها " . وساق الذهبي أحاديث من طريق ابن مغول وغيره ثم قال : " وهذه موضوعات " . الثالثة : المقدام بن داود الرعيني قال النسائي : " ليس بثقة " وقال ابن يونس وغيره : " تكلموا فيه " . وقد روي الحديث عن أبي هريرة مختصرا بلفظ : " إن الصدقة تمنع ميتة السوء " . . أخرجه حمزة السهمي في " تاريخ جرجان " (453) من طريق يحيى بن عبيد الله قال : سمعت أبي يحدث عن أبي هريرة مرفوعا . قلت : وهذا سند ضعيف جدا ، آفته يحيى هذا قال في " التقريب " : " متروك ، وأفحش الحاكم فرماه بالوضع ، . قلت : وأبوه عبيد الله مجهول الحال . وبالجملة ، فليس في هذا الشاهد ولا . في الطريقين ما يمكن أن نشد به من عضد هذا الحديث لشدة الضعف في أسانيدها . أما الشطر الأول من الحديث فهو قوي لأن له شواهد كثيرة خرجتها في " الصحيحة " (1908) .
[ 393 ]
ثم وجدت للحديث طريقا أخرى عن أنس لكن بلفظ : " الصدقة تمنع سبعين نوعا من أنواع البلاء أهونها الجذام والبرص " . أخرجه الخطيب في " التاريخ " (8 / 208) من طريق إسحاق بن إبراهيم ابن أبي إسرائيل المروزي حدثنا الحارث بن النعمان بن سالم عنه . قلت : وهذا إسنار ضعيف ، أورده في ترجمة الحارث هذا ، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا . وإسحاق بن إبراهيم هو الإسرائيلي البصري ، قال الذهبي : " فيه نظر " . 886 - (وعن أبي هريرة مرفوعا : من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب - ولا يصعد إلى الله إلا الطيب - فإن الله تعالى يقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل " . متفق عليه) . ص 213 . صحيح . واللفظ للبخاري أخرجه (4 / 459 - طبع أوربا) معلقا فقال : وقال خالد بن مخلد حدثنا سليمان حدثني عبد الله بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : فذكره . قال الحافظ (3 / 222) : " وقد وصله أبو عوانة والجوزقي من طريق محمد بن معاذ بن يوسف عن خالد بن مخلد بهذا الإسناد " . قلت : ووصله البخاري (3 / 220 - فتح) من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن أبيه به نحوه . وقال : " ولا يقبل الله إلا الطيب " . ورواه مسلم (3 / 85) من طرق عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه . وكذلك رواه أحمد (2 / 419) . ثم أخرجه مسلم والنسائي (1 / 349) والترمذي (1 / 128) والدارمي (1 / 395) وابن ماجه (1842) وأحمد (2 / 331 و 418 و 431 و 538) من طرق عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة به . وعلقه البخاري في موضعين من
[ 394 ]
صحيحه ، وعلق الحافظ عليه في الموضع الأول منه : (ولم أقف عليها موصولة ، ثم قال : (تنبيه : وقفت عليها موصولة وقد ثبت ذلك في (كتاب التوحيد) " . قلت : وهو الموضع الثاني الذي أشرنا إليه ، وهو الذي علق فيه رواية أبي صالح ، ثم أتبعها برواية سعيد هذه وهي معلقة أيضا خلافا لما توهمه ابن حجر . وأخرجه مالك في " الموطأ " (2 / 995 / 1) عن سعيد بن يسار مرسلا : وله في " المسند " (2 / 268 و 404) والترمذي طريق أخرى عن القاسم بن محمد عن أبي هريرة به ، وزاد الترمذي : " وتصديق ذلك في ، كتاب الله عز وجل : " أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات . ويمحق الله الربى ويربي الصدقات " . وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . واغتر بذلك المنذري في " الترغيب " (2 / 19) فصحح هذه الرواية ، وهي عند الترمذي من طريق عباد بن منصور حدثنا القاسم به . وعباد هذا كان تغير بآخره كما في " التقريب " فلا يحتج به لا سيما مع المخالفة ، لا سيما وقد رواه أحمد من طريقه أيضا مقرونا مع عبد الواحد بن صبرة بدون هذه الزيادة ، وكذلك رواه من طريق أيوب عن القاسم . فهي زيادة منكرة قطعا ، وقد قال الحافظ (3 / 222) بعد أن ساقها من رواية الترمذي : " وفي رواية ابن جرير للتصريح بأن تلاوة الآية من كلام أبي هريرة " . قلت : وهذا هو الأشبه بهذه الزيادة إن صحت عن أبي وهريرة : أنها من كلامه وليست مرفوعة إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) . وللحديث طريق رابعة : عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا .
[ 395 ]
أخرجه أحمد (2 / 541) بسند حسن . وأخرجه ابن حبان (819) من طريق حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن القاسم بن محمد عن عائشة مرفوعا به مختصرا . 887 - (حديث " سبعة يظلهم الله في ظله . . . ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم . شماله ما تنفق يمينه) . ص 213 صحيح . أخرجه البخاري (2 / 119 - 124 ، و 3 / 232) ومسلم (3 / 93) والترمذي (2 / 63) وأحمد (2 / 439) كلهم عن يحيى بن سعيد عن عبيد الله قال : حدثني خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي (صلى الله عليه وسلم) : " سبعة يظلهم الله تعالى في ظله ، يوم لا ظل إلا ظله : إمام عادل ، وشاب نشأ في عبادة الله ، ورجل قلبه معلق في المسجد ، ورجلان تحابا في الله ، اجتمعا عليه وتفرقا عليه ، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال : إني أخاف الله ، ورجل تصدق . . . ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه " . والسياق للبخاري ، وانقلبت الفقرة السادسة منه على بعض . رواه مسلم قال : " حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله " ! ثم أخرجه البخاري (4 / 399) والنسائي (2 / 303) عن عبد الله وهو ابن المبارك ، عن عبيد الله به . وزاد بعد (يظلهم الله) " يوم القيامة " . ورواه مالك في " الموطأ " (2 / 952 / 14) وعنه مسلم والترمذي عن خبيب به ، إلا أنه شك في إسناده فقال : " عن أبي سعيد الخدري أو عن أبي هريرة " قال الحافظ : (2 / 120) : " ورواه أبو قرة عن مالك بواو العطف فجعله عنهما ، وتابعه . مصعب الزبيري ، وشذا في ذلك عن أصحاب مالك . والظاهر أن عبيد الله حفظه لكونه لم يشك فيه ، ولكونه لم من رواية خاله وجده " .
[ 396 ]
(تنبيه) : عزا رواية الشك هذه المنذري (2 / 30) للشيخين ، ولم أرها عند البخاري ، وظاهر كلام الحافظ يشعر بأنها ليست عنده ، والله أعلم . وللحديث شاهد من حديث سلمان بلفظ : " سبعة يظلهم الله في ظل عرشه . . . " فذكر الحديث . رواه سعيد بن منصور بإسناد حسن كما . في " الفتح " (2 / 121) . 888 - (حديث ابن عباس : " كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل " . الحديث متفق عليه) . ص 213 - 214 صحيح . وتمامه : (وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان ، فيدارسه القرآن ، فلرسول الله أجود بالخير من الريح المرسلة " . أخرجه البخاري (1 / 6 - 7 و 475 و 2 / 310 و 393 و 3 / 396 - طبع أوربا) ومسلم (7 / 73) وكذا النسائي (1 / 298) وأحمد (1 / 231 و 288 و 326 و 363 و 366 - 367 و 373) من طرق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس . وفي رواية لأحمد من طريق معمر عن الزهري به مختصر بلفظ : " كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أجود الناس ، فما هو إلا أن يدخل شهر رمضان فيدارسه جبريل (صلى الله عليه وسلم) فلهو أجود من الريح " . وفي أخرى له من طريق محمد بن إسحاق عن الزهري بلفظ : " كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يعرض الكتاب على جبريل عليه السلام في كل رمضان فإذا أصبح رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من الليلة التي يعرض ، فيها ما يعرض أصبح وهو أجود من الريح المرسلة ، لا يسئل عن شئ إلا أعطاه ، فلما كان في الشهر الذي هلك بعده عرض عليه عرضتين " . 889 - (عن أنس : سئل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أي الصدقة أفضل ؟
[ 397 ]
قال : (صدقة في رمضان) . رواه الترمذي) . ص 214 ضعيف . أخرجه الترمذي (1 / 129) وكذا أبو حامد الحضرمي في " حديثه " ومن طريقه الحافظ القاسم بن الحافظ ابن عساكر في " الأمالي " (مجلس 47 / 2 / 2) والضياء المقدسي في " المنتقى من المسموعات بمرو " (7 / 1) من طريق صدقة بن موسى عن ثابت عن أنس قال : " سئل النبي (صلى الله عليه وسلم) أي الصوم أفضل بعد رمضان ؟ فقال : " شعبان لتعظيم رمضان " ، قيل : فأي الصدقة أفضل ؟ قال : فذكره . وقال الترمذي : " هذا حديث غريب ، وصدقة بن موسى ليس عندهم بذاك القوي " . قلت : وأورده الذهبي في " الضعفاء " وقال : " ضعفوه " . وفي " التقريب " : " صدوق له (وهام) . قلت : وأشار المنذري في " الترغيب " (1 / 79) إلى تضعيف الحديث . 890 - (وعن ابن عباس مرفوعا : " ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام - يعني أيام العشر - قالوا : يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : " ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بماله ونفسه ، ثم لم يرجع من ذلك بشئ " . رواه البخاري) . صحيح . أخرجه البخاري (2 / 382 - 383 - فتح) وكذا أبو داود (2438) والترمذي وصححه (1 / 145) والدارمي (2 / 25) وابن ماجه (1727) والطحاوي في " مشكل الآثار " (4 / 114) والطيالسي في " مسنده " (رقم 2631) (1) وأحمد (1 / 346) والطبراني في " المعجم الكبير " والمخلص في " الفوائد المنتقاة " (11 / 239 - 240) والبيهقي (4 / 284) من طرق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ، واللفظ لأبي داود ، وكذا الترمذي وابن ماجه إلا أنهم قالوا : " بنفسه وماله " ، ولفظ البخاري : " ما العمل في أيام أفضل منها في هذه ، قالوا : ولا الجهاد ؟ قال : ولا الجهاد إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشئ " . (1) ولم أره في ترتيبه للشيخ البنا .
[ 398 ]
وفي رواية الدارقطني (2 / 26) بلفظ : (ما من عمل أزكى عند الله عز وجل ولا أعظم أجرا من خير يعمله في عشر الأضحى . . . " . والباقي مثله ، وزاد : (قال : وكان سعيد بن جبير إذا دخل أيام العشر اجتهد اجتهادا شديدا حتى ما يكاد يقدر عليه " . وإسناده حسن ، وعزاه المنذري في " الترغيب " (2 / 124) للبيهقي ، ولعله يعني " شعب الإيمان " . وللحديث طريقان آخران عن ابن عباس . الأولى : يرويه سفيان الثوري عن أبيه عن عكرمة عنه مرفوعا به . أخرجه أبو عثمان البحيري في " الفوائد " (ق 31 / 2) . والآخر : يرويه خالد عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعا بلفظ : " ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من أيام العشر ، فأكثروا فيهن من التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل " . أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3 / 110 / 1) وأبو طاهر الأنباري في " المشيخة " (ق 160 / 2 و 161 / 1) وقال المنذري : (2 / 124) : (وإسناده جيد " . قلت : يزيد بن أبي زياد ، وهو الكوفي الهاشمي فيه ضعف ، قال الحافظ في " التقريب " : " ضعيف ، كبر فتغير ، صار يتلقن " . قلت : وقد اضطرب في إسناده ، فرواه تارة عن مجاهد عن ابن عباس ، كما في رواية خالد هذه ، وتارة قال : عن مجاهد عن ابن عمر به . أخرجه الطحاوي وأحمد (2 / 75 و 131) وعبد بن حميد في (المنتخب من
[ 399 ]
المسند " (ق 88 / 1) والمخلص في " الفوائد المنتقاة " (11 / 240 / 1) من طرق عن زياد به . وهذا هو الصواب عن مجاهد عن ابن عمر ، فقد ذكر الحافظ (2 / 381 - 382) أنه رواه أبو عوانة من طريق موسى بن أبي عائشة عن مجاهد فقال : عن ابن عمر ، يعني مثل حديث ابن جبير عن ابن عباس . ولكني وجدت لحديث يزيد شاهدا عن أبي هريرة رفعه : " ما من أيام أحب إلى الله العمل فيهن من أيام العشر : التسبيح والتهليل والتكبير " . أخرجه أبو عثمان البحري في " الفوائد " (31 / 1 - 2) من طريق أحمد بن نيزك الطوسى ، ثنا الأسود ثنا الأسود بن عامر ثنا صالح بن عمر الواسطي عن محمد بن عمر وعن أبي سلمة عن أبي هريرة . قلت : وهذا سند حسن لولا أني لم أعرف ابن نيزك هذا . وللحديث شاهد من رواية عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، وله عنه طريقان : الأولى : عن زهير بن معاوية عن ابراهيم بن المهاجر عن عبد الله بن باباه عن عبد الله بن عمرو قال : " حضرت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وذكره عنده أيام العشر ، فقال . . . " . قلت : فذكره مثل حديث ابن جبير إلا أنه قال في آخره : " إلا رجل خرج بنفسه وماله ، فكان مهجته فيه " . أخرجه الطحاوي والطيالسي في مسنده (رقم 2283) وسنده حسن ، وهو على شرط مسلم . والأخرى : عن حبيب بن أبي ثابت ، حدثني أبو عبد الله مولى عبد الله بن عمرو ، ثنا عبد الله بن عمرو بن العاص به نحوه وقال : " حتى تهراق
[ 400 ]
مهجته " . أخرجه أحمد (2 / 161 - 162) . قلت : ورجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي عبد الله هذا ، وقد أورده الحافظ في " تعجيل المنفعة " ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا . وله شاهد آخر من حديث جابر نحوه . أخرجه ابن حبان (1006) عن محمد بن مروان العقيلي ، حدثنا هشام الدستوائي عن أبي الزبير والطحاوي عن مرزوق بن مرداسة قال : حدثني أبو الزبير عن جابر . قلت : وأبو الزبير مدلس ، وقد عنعنه من الطريقين ، ولو لا ذلك لقلنا بصحة إسناده ، وقد ذكره المنذري في " الترغيب " (2 / 125) فقال : (رواه البزار بإسناد حسن وأبو يعلى بإسناد صحيح وابن حبان في صحيحه " . وما أظن إلا أن الإسنادين مدارهما على أبي الزبير ، فهل صرح بالتحديث في أحدهما ؟ ذلك مما لا أعتقده . والله أعلم . 891 - (حديث : " ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه)) . متفق عليه . صحيح . وقد ورد من حديث عائشة ، وابن عمر ، وابن عمرو ، وأبي هريرة ، ورجل من الأنصار ، وأنس بن مالك ، وزيد بن ثابت ، وأبي أمامة . أما حديث عائشة ، فيرويه عنها عمرة بنت عبد الرحمن ، وعروة بن الزبير ، ومجاهد بن جبر ، فأما حديث عمرة ، فأخرجه البخاري (4 / 117 - طبع أوربا) وفي (الأدب المفرد) (رقم 101 و 106) ومسلم (8 / 36) وأبو داود (5151) والترمذي (1 / 352) وابن ماجه (3673) والطحاوي في " مشكل
[ 401 ]
الآثار " (4 / 26 - 27) وأحمد (6 / 52 و 238) والخرائطي في " مكارم الأخلاق) (ص 36) والبيهقي (7 / 27) من طرق عن عمرة به . وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . وزاد البيهقي في رواية له (8 / 11) من طريق ابن بكير عن الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة به : " وما زال يوصيني بالمملوك حتى ظننت أنه يضرب له أجلا أو وقتا إذا بلغه عتق) . وهي زيادة شاذة أو منكرة ، فقد رواه محمد بن رمح عن الليث به دونها . أخرجه ابن ماجه ، ورواه الجماعة عن يحيى بن سعيد به دونها أيضا . وكذلك لم ترد في حديث مجاهد عن عائشة ، ولا في شئ من طرق الصحابة الآخرين . وأما حديث عروة فيرويه عنه ابنه هشام . أخرجه مسلم (8 / 37) . وأما حديث مجاهد فيرويه جماعة عن زبيد عنه عن عائشة رضي الله عنها . أخرجه أحمد (6 / 91 و 125 و 187) والخرائطي وأبو نعيم في " حلية الأولياء " (3 / 307) والخطيب في (تاريخ بغداد) (4 / 187) . قلت : وإسناده صحيح ، ولمجاهد فيه أسانيد أخرى يأتي من حديث ابن عمرو وأبي هريرة . وأما حديث عبد الله بن عمر فيرويه عمر بن محمد عن أبيه عنه . أخرجه البخاري ومسلم والخرائطي (ص 37) والبيهقي وأحمد (2 / 85) . وأما حديث عبد الله بن عمرو ، فيرويه سفيان عن داود بن شابور وبشير أبي إسماعيل كلاهما عن مجاهد عنه به . أخرجه البخاري في (الأدب المفرد) (105) وأبو داود (5152) والترمذي (1 / 353) وأحمد (2 / 160) والخرائطي (37) وأبو نعيم (3 / 306) وقال الترمذي :
[ 402 ]
(حديث حسن غريب من هذا الوجه ، وقد روي هذا الحديث عن مجاهد عن عائشة وأبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أيضا) . قلت : وإسناد هذا صحيح على شرط مسلم . وتابعه عن بشير وحده إسماعيل بن عمر الواسطي عند الطحاوي وعثمان ابن عمر بن فارس عند الخرائطي أيضا . وتابعه محمد بن يوسف الفريابي : ثنا سفيان الثوري عن زبيد اليامي عن مجاهد به . أخرجه الخرائطي وأبو نعيم وإسنادهما صحيح . وأما حديث أبي هريرة فيرويه يونس بن أبي إساق عن مجاهد حدثني أبو هريرة به . أخرجه ابن ماجه (3674) وأخرجه أحمد (2 / 305 و 445) والخرائطي وأبو نعيم وكذا الطحاوي ، قلت : وسنده صحيح على شرط مسلم . وتابعه شعبة عن داود بن فراهيج عن أبي هريرة أخرجه الطحاوي (4 / 27) وابن حبان في " صحيحه) (2052) والخرائطي (37) وأحمد (2 / 259 و 458 و 514) . قلت : وهذا سند حسن بما قبله ، فإن داود هذا مختلف فيه ، وجزم الذهبي في " الميزان " بأنه ضعيف . ووثقه ابن حبان (1 / 41) وقال أبو حاتم : " تغير حين كبر ، وهو ثقة صدوق ، ، وقال النسائي : " ليس بالقوي) . وأما حديث الأنصاري ، فيرويه هشام عن حفصة بنت سيرين عن أبي العالية عن رجل من الأنصار قد : " خرجت من بيتي أريد " النبي (صلى الله عليه وسلم) ، فإذا به قائم ورجل معه ، كل واحد منهما مقبل على صاحبه : ظننت أن لهما حاجة ،
[ 403 ]
فوالله لقد قام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى جعلت أرثي له من طول القيام " فلما انصرف ، قلت : يا نبي الله لقد قام بك الرجل حتى جعلت أرثي لك من طول القيام ، قال : وقد رأيته ؟ قلت : نعم قال : وهل تدري من هذا ؟ قلت : لا ، قال : ذلك جبرئيل ، ما زال يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه ، ثم قال : اما إنك لو سلمت عليه ، لرد عليك " . أخرجه الطحاري (4 / 27) وأحمد (5 / 32 و 365) والخرائطي (35 - 36) . قلت : وإسناده صحيح . ثم أخرجه الخرائطي عن طريق فهير بن زياد عن الرببع بن صبيح ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس بن مالك قد : " مر رجل من ، أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) يناجي رجلا ، فمر ولم يسلم عليهما ، فمشى غير بعيد ، ثم قام . وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، وجبريل (صلى الله عليه وسلم) ، فقال له جبريل : يا محمد من هذا الرجل ؟ قال : هذا رجل من أصحابي ، قال : فما منعه أن يسلم علينا ؟ فإذا لقيته فأقره السلام ، وأخبره أنه لو سلم علينا لرددنا عليه ، فلما قضى حاجته من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال للرجل : ما منعك أن تسلم علينا حين مررت علينا ؟ قال : رأيتك يارسول الله تناجي الرجل ، فهبت أن أسلم عليكما ، فأقطع عليكما نجواكما ، قال : فهل تدري من هو ؟ قال : لا يا رسول الله ، قال : فإنه جبريل (صلى الله عليه وسلم) وإنه أرسل يقرئك السلام ويقول : لو سلم علينا لرددنا عليه قال : يا رسول الله لقد طال مناجاته إياك ، فبم كان يناجيك ؟ قال : كان يوصيني بالجار حتى ظننت ، أنه سيورثه) . قلت : وهذا سند ضعيف " الربيع ويزيد ضعيفان ، وفهير لم أعرفه . ورواه البزار سوى الجملة الأخيرة من طريق أخرى قال الهيثمي (8 / 165) . " وفيه محمد بن ثابت بن أسلم وهو ضعيف) . وأما حديث زيد بن ثابت فيرويه يعقوب بن عبد الرحمن عن عمرو ومولى المطلب عنه .
[ 404 ]
هكذا أخرجه الخرائطي (37) ورجاله ثقات لكنه منقطع بين عمرو ، وهو ابن أبي عمرو ميسرة مولى المطلب بن عبد الله بن حنطب المدني ، وزيد فإنه لم يسمع منه ، وأنا أظن أن بينهما مولاه المطلب نفسه ، فقد أورده الهيثمي من حديث زيد بن ثابت ثم قال : " رواه الطبراني في الكبير والأوسط ، وفيه المطلب بن عبد الله بن حنطب وهو ثقة ، وفيه ضعف ، وبقية رجاله رجال الصحيح " . وأما حديث أبي أمامة فيرويه بقية بن الوليد : حدثنا محمد بن زياد سمعت أبا أمامة يقول : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على ناقته الجدعاء في حجة الوداع يقول : " أوصيكم بالجار " حتى ظننت أنه سيورثه . أخرجه أحمد (5 / 267) والخرائطي (37) والسياق له . وسنده جيد . وقال الهيثمي : - " رواه الطبراني وإسناده جيد " . 892 - (حديث : " أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح " . رواه أحمد وغيره) ص 214 . صحيح ، وقد روي عن جماعة من الصحابة : حكيم بن حزام ، وأم كلثوم بنت عقبة ، وأبو هريرة ، ولا يصح إلا عن أم كلثوم رضي الله عنها . أما حديث حكيم فيرويه سفيان بن حسين الواسطي عن الزهري عن أيوب بن بشير الأنصاري عنه : " أن رجلا سأل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن الصدقات أيها أفضل ؟ قال : على ذي الرحم الكاشح " . أخرجه أحمد (3 / 402) . قلت : وهذا إسناد رجاله ثقات ، ظاهره الصحة ، وليس كذلك فقد
[ 405 ]
قال الحافظ : " سفيان بن حسين ثقة في غير الزهري باتفاقهم " . وذهل عن هذا المنذري فقال في (الترغيب) (2 / 32) : " رواه أحمد والطبراني وإسناد أحمد حسن " . وكذا قال الهيثمي في " المجمع " (3 / 116) إلا أنه أطلق التحسين ولم يقيده بإسناد أحمد ، ومع أن التحسين ، وهم على كل حال ، ففي التقييد فائدة لا نجدها في الإطلاق ، وهي أن إسناد الطبراني غير إسناد أحمد وأنه غير حسن ، وهو كذلك ، فقد أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (1 / 153 / 2) من طريق حجاج عن ابن شهاب به . وكذا أخرجه أحمد أيضا (5 / 416) : ثنا أبو معاوية ثنا الحجاج به . والحجاج هذا هو ابن أرطاة ، وهو مدلس ، وقد عنعنه ، وليس بعيدا أن يكون الواسطة بينه وبين الزهري هو سفيان بن حسين ، ثم أسقطه ! وعلى هذا ففي تخريج المنذري مؤاخذة حقيقة ، إذ كان عليه أن يقول : " وأحد إسنادي أحمد حسن " ! وأما حديث أم كلثوم ، فيرويه الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أمه أم كلثوم مرفوعا بلفظ الكتاب . أخرجه الحاكم (1 / 406) وعنه البيهقي (7 / 27) من طريق معمر وسفيان عن الزهري به . وقال الحاكم : (صحيح على شرط مسلم) ، ووافقه الذهبي ، وأقره المنذري (2 / 33) وهو كما قال ، ورواه ابن خزيمة أيضا في صحيحه (1 / 243 / 2) والطبراني في " المعجم الكبير " وقال المنذري ثم الهيثمي (3 / 116) : " ورجاله رجال الصحيح " . وأما حديث أبي هريرة ، فيرويه إبراهيم بن يزيد المكي عن الزهري عن (سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مثل حديث حكيم بن حزام .
[ 406 ]
أخرجه أبو عبيد (913) : حدثنا علي بن ثابت عن إبراهيم بن يزيد المكي به . وحدثنا عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد عن عقيل بن خالد عن ابن شهاب عن النبي (صلى الله عليه وسلم) مثل ذلك . ولم يسنده عقيل . قلت : قد أسنده معمر وسفيان عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أم كلثوم كما تقدم . هذا هو المحفوظ عن الزهري . وقد أخطأ عليه سفيان بن حسين فرواه بإسناد آخر عن ابن حزام ، كما أخطأ عليه إبراهيم بن يزيد المكي ، فرواه بسنده عن أبي هريرة . وإبراهيم هذا هو الخوزي وهو متروك . والحديث علقه ابن جرير الطبري في تفسيره (3 / 344 / 2532) تعليقا مجزوما به . 893 - (قوله (صلى الله عليه وسلم) : " وابدأ بمن تعول ، وخير الصدقة عن ظهر غنى لما . متفق عليه) . ص 214 صحيح . وهو من حديث حكيم بن حزام عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : " اليد العليا خير من اليد السفلى ، وابدأ . . . ومن يستغن يغنه الله ، ومن يستغن يغنه الله " . أخرجه البخاري (1 / 361 - 362) والسياق له ، وأحمد (3 / 434) من طريق هشام عن أبيه عنه . وزاد أحمد : " فقلت : ومنك يارسول الله ؟ قال : ومني ، قال حكيم : قلت : لا تكون يدي تحت يد رجل من العرب أبدا " . وسنده صحيح على شرط الشيخين ، لكن سقط من إسناده " عن أببه " . وله طريق أخرى عن حكيم بن حزام به دون قوله : " ومن يستعف . . . " . أخرجه مسلم وغيره وقد تقدم تخريجه هو وغيره . مما في معناه عند الحديث (834) فليراجعه من شاء الوقوف على طرقه . 894 - (حديث : " كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت " . رواه
[ 407 ]
مسلم) . صحيح بغير هذا النص . أخرجه مسلم (78 / 3) من طريق طلحة بن مصرف عن خيثمة قال : " كنا جلوسا مع عبد الله بن عمرو إذ جاءه قهرمان له ، فدخل ، فقال : أعطيت الرقيق قوتم ؟ قال : لا ، قال : فانطلق فأعطهم ، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوته " . هذا لفظ مسلم ، وكذا رواه أبو نعيم في (الحلية) (4 / 122 و 5 / 23 و 87) ، وأما اللفظ الذي عزاه المصنف إلى مسلم فليس هو عنده ، وإنما أخرجه أبو داود (1692) والطيالسي (2281) وعنه البيهقي (7 / 467) وأحمد (2 / 160 و 193 - 195) وأبو نعيم أيضا (7 / 135) والحميدي (599) والخرائطي في " المكارم " (ص 56) من طرق عن أبي اسحاق عن وهب بن جابر الخيواني عن عبد الله بن عمرو مرفوعا به . وفي رواية لأحمد عن وهب قال : " إن مولى لعبد الله بن عمرو قال له : إني أريد أن أقيم هذا الشهر ههنا ببيت المقدس ، فقال له : تركت لأهلك ما يقوتهم هذا الشهر ؟ قال : لا ، قال : فارجع إلى أهلك ، فاترك لهم ما يقوتهم ، فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول : فذكره . قلت : ورجاله ثقات غير وهب بن جابر فهو مجهول ، كما قال النسائي ، ولم يرو عنه غير أبي اسحاق ، وهو الهمداني . وقال الذهبي : " لا يكاد يعرف ، تفرد عنه أبو اسحاق " . قلت : ومن طريقه أخرجه الحاكم (1 / 415 و 4 / 500) وقال : " صحيح الإسناد " ، ووهب من كبار تابعي الكوفة ! ووافقه الذهبي في " تلخيصه " ! ثم وجدت له شاهدا من طريق إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر مرفوعا به . أخرجه الطبراني (3 / 21) ورجاله ثقات كلهم ، وابن عياش إنما يخشى من سوء حفظه في روايته عن المدنيين كهذه ، فهو صالح للاستشهاد به فالحديث حسن . والله أعلم .
[ 408 ]
895 - (عن أبي هريرة قال : أمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالصدقة فقام رجل فقال : يا رسول الله عندي دينار قال : تصدق به على نفسك ، قال : عندي آخر قال : تصدق به على ولدك قال : عندي آخر . قال : تصدق به على زوجتك ، قال : عندي آخر . قال : تصدق به على خادمك ، قال عندي آخر ، قال : أنت أبصر . رواه أبو داود) . حسن . أخرجه أبو داود (1691) والنسائي (1 / 351) وابن حبان (828 - 830) والحاكم (1 / 415) وأحمد (2 / 471) من طريق محمد بن عجلان عن المقبري عن أبي هريرة به . وقال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " . ووافقه الذهبي . قلت : وفي ذلك نظر ، فإن ابن عجلان إنما أخرج له مسلم في الشواهد كما نقله الذهبي نفسه في " الميزان " عن الحاكم ذاته ! ثم هو صدوق متوسط الحفظ كما قال الذهبي ، فهو حسن الحديث ، وقال الحافظ في (التقريب) : " صدوق ، إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة " . 896 - (وقال (صلى الله عليه وسلم) : لا ضرر ولا ضرار) . ص 215 صحيح . روي من حديث عبادة بن الصامت ، وعبد الله بن عباس ، وأبي سعيد الخدري ، وأبي هريرة ، وجابر بن عبد الله ، وعائشة بنت أبي بكر الصديق ، وثعلبة بن أبي مالك القرظي ، وأبي لبابة رضي الله عنهم . 1 - أما حديث عبادة ، فيرويه موسى بن عقبة ثنا إسحاق بن يحيى بن الوليد عنه مرفوعا به . أخرجه ابن ماجه (2340) وأحمد (5 / 326 - 327) وأبو نعيم في " أخبار أصفهان " (1 / 344) وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (8 / 44 / 2) . قلت : وهذا سند ضعيف ، قال الحافظ في (الدراية " (ص 373) : " وفيه انقطاع " . يعني بين إسحاق وعبادة كما يأتي ، وفيه علة أخرى ، وهي جهالة حال
[ 409 ]
إسحاق هذا ، قال الحافظ في " التقريب " : " مجهول الحال " . وقال البوصيري في " الزوائد " (ق 144 / 2) : " هذا إسناد رجاله ثقات ، إلا أنه منقطع " . وقال في مكان آخر (137 / 1) : (هذا إسناد ضعيف ، لضعف إسحاق بن يحيى بن الوليد ، وأيضا لم يدرك عبادة بن الصامت ، قاله البخاري وابن حبان وابن عدي " . قلت : إسحاق لم يضعفه أحد . ولا وثقه غير ابن حبان ، ولم يرو عنه غير موسى بن عقبة . فالصواب أنه مجهول . 2 - وأما حديث ابن عباس ، فيرويه عنه عكرمة ، وله ثلاث طرق عنه : الأولى : عن جابر عنه : أخرجه ابن ماجه (2341) وأحمد (1 / 313) والطبراني في " المعجم الكبير " (3 / 136 / 1) . قلت : وهذا سند واه ، جابر هو الجعفي قال البوصيري : " وقد اتهم " . الثانية : عن داود بن الحصين عن عكرمة به وزاد : (ولجارك أن يضع في جدارك خشبته " . أخرجه الدارقطني (522) والخطيب في " الموضح) (2 / 52 - 53) . ورواه الطبراني في " الكبير " (3 / 127) بدون الزيادة . قلت : وهذا سند لا بأس به في الشواهد ، فإن ابن الحصين هذا احتج به الشيخان ، لكنه قال الحافظ في " التقريب " : " ثقة إلا في عكرمة " . قلت : وإنما تكلم في روايته عنه من قبل حفظه ، وليس في صدقه ، فهو يتقوى بالطريق الآتية :
[ 410 ]
الثالثة : رواه ابن أبي شيبة : حدثنا معاوية بن عمرو ثنا زائدة عن سماك عن عكرمة به . ذكره في (نصب الراية) (4 / 384 - 385) وسكت عليه ورجاله ثقات رجال مسلم غير أن سماكا وهو ابن حرب ، شأنه في روايته عن عكرمة شأن داود بن الحصين تماما ، قال الحافظ في (التقريب) : (صدوق ، وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة ، وقد تغير بآخره : فكان ربما يلقن) . 3 - وأما حديث أبي سعيد الخدري ، فيرويه عثمان بن محمد بن عثمان بن ربيعة بن أبي عبد الرحمن الرأي ثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه عنه ، وزاد : (من ضار ضره الله ، ومن شاق شق الله عليه) . أخرجه الدارقطني (522) دون الزيادة ، والحاكم (2 / 57 - 58) والبيهقي (6 / 69) وقال : (تفرد به عثمان بن محمد) . قلت : وهو ضعيف كما قال الدارقطني ، وذكره في (اللسان) . وأما الحاكم فقال : (صحيح الاسناد على شرط مسلم) ! ووافقه الذهبي . قلت : وهذا وهم منهما معا فإن عثمان هذا مع ضعفه لم يخرج له مسلم أصلا ، وأورده الذهبي نفسه في (الميزان) وقال : (قال عبد الحق في أحكامه : الغالب على حديثه الوهم) نعم تابعه عبد الملك معاذ النصيبي عن الدراوردي به أخرجه ابن عبد البر في (التمهيد) كما في (نصب الراية) للزيلعي (4 / 385) وقال :
[ 411 ]
" قال ابن القطان في كتابه : وعبد الملك هذا لا يعرف له حال ، ولا يعرف من ذكره " . وقد رواه مالك في " الموطأ " (2 / 745 / 31) عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه مرفرعا . قلت : وهذا مرسل صحيح الإسناد ، وهذا هو الصواب من هذا الوجه . 4 - وأما حديث أبي هريرة فيرويه أبو بكر بن عياش قال : أراه قال : عن ابن عطاء عن أبيه عنه مرفوعا بلفظ : " لا ضرر ولا ضرورة ، ولا يمنعن أحدكم جاره أن يضع خشبته على جداره " . أخرجه الدارقطني (522) وقال الزيلعي (4 / 385) : " وأبو بكر بن عياش مختلف فيه " . قلت : هو حسن الحديث ، وقد احتج به البخاري ، وإنما علة هذا السند من شيخه ابن عطاء ، وهو يعقوب بن عطاء بن أبي رباح ، وهو ضعيف كما في " التقريب " . 5 - وأما حديث جابر ، فيروبه محمد بن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان عنه مرفوعا بلفظ : " لا ضرر ولا ضرار في الإسلام " . أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1 / 141 من زوائد المعجمين) وقال : " لم يروه عن محمد بن يحيى إلا ابن إسحاق " . قلت : وهو ثقة ولكنه مدلس وقد عنعنه . 6 - وأما حديث عائشة فله عنها طريقان : الأول : يرويه الواقدي ؟ نا خارجة بن عبد الله بن سليمان بن زيد بن ثابت عن أبي الرجال عن عمرة عنها . أخرجه الدارقطني (522) .
[ 412 ]
قلت : وسنده واه جدا من أجل الواقدي فإنه متروك . والطريق الأخرى يرويها نافع بن مالك أبي سهيل عن القاسم عنها ، وله عنه طريقان : الأولى : قال الطبراني في " المعجم الأوسط " (1 / 141 / 1) : حدثنا أحمد بن رشدين ثنا روح بن صلاح ثنا سعيد بن أبى أيوب عن أبي سهيل به . قلت : وهذا سند واه جدا ، روح بن الصلاح ضعيف ، وأحمد بن رشدين قال الهيثمي (4 / 110) : " هو أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين ، قال ابن عدي : كذبوه " . الثانية : قال الطبراني أيضا : حدثنا أحمد ثنا عمرو بن مالك الراسبي ثنا محمد بن سليمان بن مسعود عن أبي بكر بن أبي سبرة عن نافع بن مالك به . قلت : هكذا ساقه الهيثمي في " الجمع بين المعجمين " عقب الطريق الأولى . لم يسم أحمد ، شيخ الطبراني ، فأوهم أنه ابن رشدين ، وليس به . فقد ساقه الزيلعي (4 / 386) عقب الطربق الأولى ، فسماه أحمد بن داود المكي ، ثم لم يذكر الهيثمي كلام الطبراني عليه ولا على الأول ، وأما الزيلعي فقال : " سكت عن الأول ، وقال في هذا : لم يروه عن القاسم إلا نافع بن مالك " قلت : لكن الراوي عنه أبو بكر بن أبي سبرة ، رموه بالوضع كما في " التقريب " . وقد فاتت الهيثمي في " المجمع " هذه الطريق ، فلم يتكلم عليها البتة . 7 - وأما حديث ثعلبة فيرويه إسحاق بن ابراهيم مولى مزينة عن صفوان بن سليم عنه به مرفوعا . أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (1 / 70 / 1) : حدثنا محمد بن
[ 413 ]
علي الصائغ المكي ، نا يعقوب بن حميد بن كاسب نا إسحاق بن إبراهيم به . قلت : وهذا سند فيه ضعف ، إسحاق بن إبراهيم هو ابن سعيد الصواف قال الحافظ في " التقريب " : " لين الحديث " . 8 - وأما حديث أبي لبابة فيرويه واسع بن حبان عنه . أخرجه أبو داود في " المراسيل " كما في " الدراية " وقال : " وهو منقطع بين واسع وأبي لبابة " . قلت : فهذه طرق كثيرة لهذا الحديث قد جاوزت العشر ، وهي وإن كانت ضعيفة مفرداتها ، فإن كثيرا منها لم يشتد ضعفها ، فإذا ضم بعضها إلى بعض تقوى الحديث بها وارتقى إلى درجة الصحيح إن شاء الله تعالى ، وقال المناوي في " فيض القدير " : " والحديث حسنه النووي في " الأربعين " . قال : ورواه مالك مرسلا ، وله طرق يقوي بعضها بعضا . وقال العلائي . : للحديث شواهد ، ينتهي مجموعها إلى درجة الصحة أو الحسن المحتج به " . قلت : وقد احتج به الإمام مالك ، وجزم بنسبته إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال (2 / 805) من " الموطأ " : " وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : لاضرر ولاضرار " . وكذلك احتج به محمد بن الحسن الشيباني في مناظرة جرت بينه وبين الإمام الشافعي ، وأقره الإمام عليه . أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (9 / 76) . ثم إن للحديث شاهدا يرويه لؤلؤة عن أبي صرمة صاحب النبي (صلى الله عليه وسلم) عن النبي (صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من ضار أضر الله به ، ومن شاق شق الله عليه " .
[ 414 ]
أخرجه أبو داود (3635) والترمذي (1 / 352) وابن ماجه (2342) والبيهقي (6 / 70) وأحمد (3 / 453) وقال الترمذي : " حديث حسن غريب " . كذا قال ، ولؤلؤة ذكر الذهبي أنها تفرد عنها محمد بن يحيى بن حبان ، فهي مجهولة لا تعرف . وقال الحافظ في " التقريب " : " مقبولة " يعني عند المتابعة . وترجمها المناوي في " الفيض " على أنها رجل فقال : " فيه لؤلؤة ، وهو لا يعرف إلا فيه ، قال ابن القطان : وعندي أنه ضعيف . ثم أطال في بيانه " ! ! وليس في الرجال من الرواة من اسمه لؤلؤة ، وفي النساء أورده الذهبي والعسقلاني والخزرجي وغيرهم . 897 - (وقال (صلى الله عليه وسلم) : (أفضل الصدقة جهد من مقل إلى فقير في السر " . رواه أبو داود) . ص 215 لم أجده بهذا اللفظ ، لا عند أبي داود ولا عند غيره من أصحاب السنن والمسانيد والمعاجم وغيرها . والمصنف تبع صاحب " المغني " في إيراده بهذا اللفظ ، إلا أن هذا لم يعزه لأبي داود ولا لسواه ، وغالب الظن أنه سقط من " المغني " أو ممن نقله عنه حرف (أو) قبل (إلى) ، فإن الحديث بهذا المعنى له أصل من حديث أبي ذر ، ومن حديث أبي أمامة . أما حديث أبي ذر فيروبه المسعودي عن أبي عمرو الشامي عن عبيد بن الخشخاش عنه قال : (أتيت النبي (صلى الله عليه وسلم) وهو في المسجد ، فجلست إليه ، فقال : يا أبا ذر . . . أصليت ؟ قلت : لا ؟ قال : قم فصل ، فصليت ، ثم جلست . . . الحديث وفيه : قلت : فما الصدقة يا رسول الله قال : أضعاف مضاعفة ، وعند الله مزيد . قلت : فأيها أفضل ؟ قال : جهد من مقل ، إلى فقير في السر . . . " الحديث .
[ 415 ]
أخرجه الطيالسي في " مسنده " (رقم 478) وأحمد (5 / 178 و 179) ، قال الهيثمي (3 / 116) : " وفيه أبو عمرو الدمشقي وهو متروك " . قلت : والمسعودي ضعيف لإختلاطه . وأما حديث أبي أمامة ، فيرويه معان بن رفاعة حدثني علي بن يزيد عن القاسم أبي عبد الرحمن عنه مثل حديث أبي ذر إلا أنه قدم وأخر فقال : " سر إلى فقير ، وجهد من مقل " وقال الهيثمي : " وفيه علي بن زيد ، وفيه كلام " . كذا قال (زيد) والصواب (يزيد) وهو علي بن يزيد الألهاني ، وذلك علي ابن زيد بن جدعان ، وكلاهما ضعيف . ومعان بن رفاعة لين الحديث كما في " التقريب " . وقد جاء بعضه من حديث أبي هريرة بلفظ : " أي الصدقة أفضل ؟ قال : جهد المقل ، وابدأ بمن تعول " رواه أبو داود وغيره بسند صحيح كما تقدم تحت رقم (833) فلعل هذا هو سبب وهم المصنف في عزو والحديث إلى أبي داود بزيادة [ أو ] إلى فقير في السر " . وليست عنده . 898 - (وروى أبو داود عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : " يأتي (1) أحدكم بما يملك فيقول : هذه صدقة ثم يقعد يستكف الناس ؟ ! خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى ") . ص 215 ضعيف . أخرجه أبو داود (1673) والدارمي أيضا (1) الأصل (لا يأتي) وهو خطأ والتصحيح من (أبي داود) و (والمغني)
[ 416 ]
(1 / 391) وابن خزيمة (247 / 1) والحاكم (1 / 413) والبيهقي (4 / 181) من طرق عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : (كنا عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذ جاء رجل بمثل بيضة من ذهب ، فقال : يا رسول الله أصبت هذه من معدن فخذها ، فهي صدقة ، ما أملك غيرها ، فأعرض عنه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، ثم أتاه من قبل ركنه الأيمن ، فقال مثل ذلك ، فأعرض عنه ، ثم أتاه من قبل ركنه الأيسر ، فأعرض عنه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، ثم أتاه من خلفه ، فأخذها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فحذفه بها ، فلو أصابته لأوجعته ، أو لعقرته ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : يأتي أحدكم . . . " الحديث . وقال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " ووافقه الذهبي . قلت : وليس كذلك فإن ابن إسحاق إنما أخرج له مسلم مقرونا بآخر ، ثم هو مدلس ، وقد عنعنه فلا يحتج به . 899 - (وقال (صلى الله عليه وسلم) ، لسعد : " إنك أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس ، . متفق عليه) . ص 215 صحيح . وهو من رواية عامر بن سعد عن أبيه سعد بن أبي وقاص ، قال : " جاء النبي (صلى الله عليه وسلم) يعودني وأنا بمكة ، وهو يكره أن يموت بالأرض التى هاجر منها ، قال : يرحم الله ابن عفراء . قلت : يا رسول الله أوصي بمالي كله ؟ قال : لا ، قلت : فالشطر ، قال : لا ، قلت : فالثلث ؟ قال : الثلث ، والثلث كثير ، إنك أن تدع . . . . في أيديهم ، إنك مهما أنفقت من نفقة ، فإنها صدقة ، حتى اللقمة ترفعها إلى في امرأتك ، وعسى الله أن يرفعك . فينتفع بك ناس ، ويضر بك آخرون ، ولم يكن له يومئذ إلا ابنة) .
[ 417 ]
أخرجه البخاري والسياق له (2 / 185 ، 3 / 485) ومسلم (5 / 71) والنسائي (2 / 126) وأحمد (1 / 172) من طريق سعد بن ابراهيم عن عامر به . وليس عند النسائي ما بعد قوله : " في أيديهم " . وتابعه الزهري عن عامر بن سعد به نحوه . أخرجه البخاري (1 / 326 و 3 / 49 ، 175 ، 4 / 47 ، 201 ، 284 - 285) ومسلم وأبو داود (2864) والترمذي (2 / 15) وابن ماجه (2708) ومالك (2 / 763 / 4) وابن الجارود (947) والطحاوي (2 / 419) والبيهقي (6 / 268) والطيالسي في " مسنده " (195 و 196) وأحمد (1 / 176 و 179) وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . وتابعه بكير بن مسمار قال سمعت عامر بن سعد به دون قوله : " في أيديهم . . . . " . وزاد : " أوصي بمالي كله في سبيل الله " . أخرجه النسائي (2 / 127) بسند صحيح . وتابعه جرير بن زيد ، عند أحمد (1 / 184) بسند صحيح أيضا دون الزيادة . وله طريق أخرى عن سعد به نحوه بلفظ قال : أوص بالعشر ، فما زلت أنا قصه حتى قال : أوصي بالثلث والثلث كثير " . أخرجه الترمذي (1 / 182) بسند ضعيف فيه عطاء بن السائب وكان اختلط وله شاهد من حديث عائشة مثل حديث بكير دون الزيادة . أخرجه النسائي (2 / 127) بسند جيد . 900 - (حديث : " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ، ولا يزكيهم " حديث حسن صحيح " . وتابعه بكير بن مسمار قال سمعت عامر بن سعد به دون قوله : " في أيديهم . . . . " . وزاد : " أوصي بمالي كله في سبيل الله " . أخرجه النسائي (2 / 127) بسند صحيح . وتابعه جرير بن زيد ، عند أحمد (1 / 184) بسند صحيح أيضا دون الزيادة . وله طريق أخرى عن سعد به نحوه بلفظ قال : أوص بالعشر ، فما زلت أنا قصه حتى قال : أوصي بالثلث والثلث كثير " . أخرجه الترمذي (1 / 182) بسند ضعيف فيه عطاء بن السائب وكان اختلط وله شاهد من حديث عائشة مثل حديث بكير دون الزيادة . أخرجه النسائي (2 / 127) بسند جيد . 900 - (حديث : " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم : المسبل ، والمنان ، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب ") ص 215 .
[ 418 ]
صحيح : أخرجه مسلم (1 / 71) وأبو عوانة في " صحيحه " (1 / 39 - 40) وأبو داود (4087 و 4088) والنسائي (1 / 357 و 2 / 212 - 213 و 299) والترمذي (1 / 228) والدارمي (2 / 267) وابن ماجه (2208) والبيهقي (5 / 265) والطيالسي في مسنده (467) وأحمد (5 / 148 ، 158 ، 162 ، 168 ، 177) من طرق عن خرشنة بن الحر عن أبي ذر مرفوعا به . وفي رواية لمسلم وأبي عوانة وأبي داود والنسائي (المنان الذي لا يعطي شيئا إلا منة) .