إرواء الغليل
محمد ناصر الألباني ج 5

[ 1 ]
إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل تأليف محمد ناصر الدين الالباني باشراف محمد زهير الشاويش الجزء الخامس المكتب الاسلامي
[ 2 ]
الطبعة الثانية 1405 ه‍ . 1985 م
[ 3 ]
بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الجهاد 1182 - (حديث أنس أن النبي (ص) ، قال : (لغدوة أو روحة في سبيل الله خيرمن الدنيا وما فيها " متنق عليه) ص 282 صحيح . وله عن أنس الاولى : عن حميد عنه . أخرجه البخاري (2 / 2 0 0 ، 2 0 1) وابن ماجه (2757) واللفظ له وابن حبان (2629 -) وأ حمد (3 / 1 4 1 ، 1 57 ، 263 ، 26 3 - 264) من طرق عن حميد به ، وصرح بالسماع منه في رواية للبخاري وأحمد . والاخرى : عن ثابت عنه . أخرجه مسلم (6 / 36) وأحمد (3 / 1 2 2 ، 153 ، 207) وفي الباب عن سهل بن سعد الساعدي ، وأبي هريرة ، وأبي أيوب الانصاري ، وعبد الله بن عباس ، ومعاوية بن حديج ، وأبي أمامة . أما حديث سهل ، فأخرجه البخاري (2 / 200 ، 4 / 211) ومسلم والنسائي (2 / 56) والترمذي (1 / 310) والدارمي (2 / 202) وابن ماجه (2756) والبيهقي (9 / 1 58) وأ حمد (3 / 433 ، 5 / 335 ، 337 333) وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح . وأما حديث أبي هريرة ، فأخرجه مسلم والترمذي وابن ماجه (2755) وأحمد (2 / 532 ، 533) من ثلاث طرق عنه ، أحمد من طريقين ، واللذان قبله عن أحدهما ، ومسلم من الطريق الثالثة .
[ 4 ]
وأما حديث أبى أيوب ، فأخرجه مسلم والنسائي وأحمد (5 / 422) بلفظ " خير مما طلعت عليه الشمس وغربت " . وأما حديث ابن عباس ، فأخرجه الترمذي والطيالسي (2699) وأحمد (1 / 256) من طريق الحجاج عن الحكم عن مقسم عنه . وقال الترمذي : " حديث حسن غريب " . وأما حديث معاوية بن حديج ، فأخرجه أحمد (6 / 401) من طريق ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أو عن سويد بن قيس عنه به . وأما حديث أبي أمامة ، فأخرجه أحمد أيضا (5 / 266) عن علي بن يزيد عن القاسم عنه . قلت : وإسناده ضعيف ، وكذا الذي قبله ، ولكنه لا بأس به في الشواهد . وقد استوعب طرق الحديث أبو بكر ابن أبي عاصم في " الجهاد " (1 / 7 / 2 - 8 / 1) . 1183 - (وعن أبي عبس الحارثي مرفوعا : من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار " رواه أحمد والبخاري ص 282 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 230 ، 2 / 205) وكذا النسائي (2 / 56) والترمذي (1 / 3 07) وابن أبي عاصم (83 / 2) والبيهقي (9 / 1 6 2) وأحمد (3 / 479) من طريق عباية بن رفاعة قال : " أدركني أبو عبس ، وأنا أذهب إلى الجمعة ، فقال : فذكره بهذا اللفظ الذي في الكتاب ، ولفظ أحمد : " حرمهما الله عزوجل على النار " . وله شاهدان أحدهما من حديث مالك بن عبد الله الخثعمي ، والآخر من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري . أما الأول ، فله عنه ثلاث طرق :
[ 5 ]
الأولى : عن أبي المصبح الأوزاعي قال : " بينا نسير في درب قلمتة ، إذ نادى الأمير مالك بن عبد الله الخثعمي رجل يقود فرسه في عراض الجبل : يا أبا عبد الله ألا تركب ؟ قال : إني سمعت رسول الله (ص) ، يقول : فذكره . وزاد : " . . . ساعة من نهار فهما حرام على النار " . أخرجه أحمد (5 / 225 - 226) ، ثنا الوليد بن مسلم ثنا ابن جابر أن أبا المصبح الاوزاعي حدثهم به . قلت : وهذا سند متصل صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي المصبح وهو ثقة . وقد توبع ، وهي الطريق الاتية ، وأخرجه ابن حبان (1588) من طريق آخر عنه . الثانية : عن عبد الله بن سليمان أن مالك بن عبد الله مر على حبيب بن مسلمة ، أو حبيب مر على مالك ، وهو يقود فرسا ، وهو يمشي ، فقال : ألا ركب حملك الله ؟ فقال : فذكره بدون الزيادة وبلفظ البخاري . أخرجه الدارمي (2 / 202) . قلت : ورجاله ثقات غير عبد الله بن سليمان هذا فلم أعرفه وكذا قال الهيثمي (5 / 286) وقد ذكره من رواية الطبراني وسماه عبد الله بن سليمان ابن أبي ربيب . الثالثة : عن ليث بن المتوكل عن مالك بن عبد الله الخثعمي مرفوعا به . أخرجه أحمد (226 / 5) بسند حسن . وأما حديث جابر ، فيرويه عتبة بن أبي حكيم عن حصين بن حرملة المهري : حدثني أبو المصبح المقرائي عنه قال : " بينا نحن نسير بأرض الروم في طائفة عليها مالك بن عبد الله الخثعمي إذ مر مالك بجابر بن عبد الله ، وهو يمشي ، يقود بغلا له ، فقال له مالك : أي أبا
[ 6 ]
عبد الله إركب فقد حملك الله ، فقال جابر : أصلح دابتي ، واستغني عن قومي ، وسمعت رسول الله (ص) يقول : من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار ، فسار حتى إذا كان حيث يسمعه الصوت ناداه بأعلى صوته يا أبا عبد الله إركب فقد حملك الله ، فعرف جابر الذي يريد ، فرفع صوته فقال : أصلح دابتي ، وأستغني عن قومي ، وسمعت رسول الله (ص) يقول : (فذكره) فتواثب الناس عن دوابهم ، فما رأيت يوما أكثر ماشيا منه " . أخرجه ابن حبان في صحيحه " (1588) والطيالسي (1772) وأحمد (3 / 367) المرفوع منه فقط وكذا أبو يعلى (من 1 1 6 / 1) وابن أبي عاصم (83 / 1) قلت : وهذا إسناد ضيف ، عتبة بن أبي حكيم ضعيف لكثرة خطئه . لكن الظاهر أنه لم ينفرد به فقد قال المنذري في " الترغيب " (2 / 168) بعد ما عزاه لابن حبان : " رواه أبو يعلى بإسناد جيد ، إلا أنه قال عن سليمان بن موسى قال : بينا نحن نسير ، فذكر نحوه " . وقد ساق لفظه الهيثمي في " مجمع الزوائد " (5 / 286) وهو نحو رواية عبد الله بن سليمان في الطريق الثانية ليس فيه ذكر جابر ، وقال : رواه أبو يعلى ، ورجاله ثقات " وفي الباب أيضا عن أبي بكر وعثمان بن عفان عند إبن أبي عاصم (84 / 1 - 2) . 1184 - (وعن ابن أبي أوفى مرفوعا : " إن الجنة تحت ظلال السيوف " . رواه أحمد والبخاري) . ص 282 صحيح . أخرجه البخاري (2 / 2 0 6 ، 239 - . 24 ، 253) وأحمد (4 / 353 - 35 4) وكذا أبو داود (2631) وابن أبي عاصم في الجهاد " (75 / 1) والحكم (2 / 78) عن عبد الله بن أبي أوفى :
[ 7 ]
أن رسول الله (ص) في بعض أيامه التي لقي فيها العدو انتظر حتى مالت الشمس ، ثم قام في الناس قال : أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو " وسلوا الله العافية ، فإذا لقيتموهم فاصبروا ، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف ثم قال : اللهم منزل الكتاب ، ومجري السحاب ، وهازم الاحزاب اهزمهم ، وانصرنا عليهم " . وقال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه ! ووافقه الذهبي ! وله شاهد من حديث أبي موسى الاشعري يرويه ابنه عبد الله قال : " سمعت أبي وهو بحضرة العدو يقول : قال رسول الله (ص) : إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف ، فقام رجل رث الهيئة ، فقال : با أبا موسى أأنت سمعت رسول (ص) " يقول هذا ؟ قال : نعم ، قال : فرجع إلى أصحابه فقال : أقرأ عليكم السلام ، ثم كسر جفن سيفه فألقاه ، ثم مشى بسيفه إلى العدو ، فضرب به حتى قتل " . أ خرجه مسلم (6 / 45) والترمذي (1 / 312) وابن أبي عاصم ، وابن عدي في " الكامل " (55 / 2) والحاكم (2 / 7 0) وأحمد (4 / 396 ، 4 1 1) وابو نعيم (317 / 2) وقال الترمذي : " حديث صحيح غريب " . وقال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه " ! . ووافقه الذهبي وقالى أبو نعيم : " حديث صحيح ثابت " . 1185 - (حديث عائشة : قلت : يا رسول الله ، هل على النساء جهاد ؟ قال : جهاد لا قتال فيه : الحج والعمرة " وفي لفظ " لكن أفضل الجهاد حج مبرور " . رواه أحمد والبخاري) . ص 282 صحيح . واللفظ للاول لاحمد فقط ، وللبخاري اللفظ الاخر ، أخرجه
[ 8 ]
في أ ول الجهاد " (2 / 1 98) ، وله لفظ آخر ذكرته في أ ول " الحج " (981) . 1186 - (عن ابن عمر قال : " عرضت على رسول الله (ص) يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني " . متفق عليه) . ص 283 وفي لفظ : وعرضت عليه يوم الخندق فأجازني . صحيح . أخرجه البخاري (2 / 158 و 3 / 93) ومسلم (6 / 3 0) وكذا أ بو داود (4 4 0 6) والترمذي (1 / 31 9) وابن ماجه (25 43) والطحاوي في " شح معاني الاثار) (2 / 125) وأحمد (2 / 17) من طرق عن عبيد الله عن نافع عنه به . بتمامه ، وقول المصنف " وفي لفظ " يوهم أن هذا اللفظ ليس هو تمام اللفظ الاول ، وليس كذلك ، كما يوهم أنه بهذا اللفظ عند الشيخين ، وليس كذلك أيضا فانما هو لفظ ابن ماجه والطحاوي ، وزاد هذا بعد قوله : " فلم يجزني " و " فأجازني " : (في المقاتلة) . ولفظ الشيخين والسياق لمسلم : (عرضني رسول الله (ص) يوم أحد في القتال ، وأنا ابن أربع عشرة سنة ، فلم يجزني ، وعرضني يوم الخندق ، وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني . قال نافع : فقدمت على عمر بن عبد العزيز وهو يومئذ خليفة ، فحدثته هذا الحديث ، فقال : ان هذا لحد بين الصغير والكبير ، فكتب إلى عماله أن يفرضوا لمن كان ابن خمس عشرة سنة ، ومن كان دون ذلك فاجعلوه في العيال " . 1187 - (قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا استنفرتكم فانفروا " . متفق عليه) . ص 284 صحيح . أخرجه البخاري (2 / 1 98 و 2 08 و 267 و 3 0 1) ومسلم (6 / 28) وأبو داود (248 0) والنسائي (2 / 1 83) والترمذي (1 / 0 1 3) وللدارمي (2 / 239) وابن الجارود (1 03 0) وأحمد (2 26 و 1 / 266 و 315 - 31 6 و 34 4) والطبراني في " الكبير " (3 / 1 03 / 2) من طريق منصور عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس أن النبي (ص) قال يوم الفتح : " لا هجرة بعد الفتح ، ولكن جهاد ونية ، وإذا استنفرتم فانفروا " .
[ 9 ]
وليس عند مسلم وغيره (بعد الفتح) وهو رواية للبخاري ، وهي عند الترمذي وقال : " حديث حسن صحيح " . ورواه عبد الله بن صالح : حدثني ابن كاسب : حدثني سفيان عن عمرو ابن دينار وإبراهيم بن ميسرة عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " قيل لصفوان بن أمية وهو بأعلى مكة : إنه لا دين لمن لم يهاجر ، فقال : لا أصل إلى بيتي حتى أقدم المدينة ، فقدم المدينة ، فنزل على العباس بن عبد المطلب ، ثم أتى النبي (ص) ، فقال : ما جاء بك يا أبا وهب ؟ قال : قيل : إنه لا دين لمن لم يهاجر ، فقال النبي (ص) : ارجع أبا وهب إلى أباطح مكة ، فقروا على ملتكم ، فقد انقطعت الهجرة ، ولكن جهاد ونية ، وإن استنفرتم فانفر وا " . أخرجه البيهقي (9 / 1 6 - 1 7) وابن أبي عاصم (97 / 1) ثنا ابن كاسب به مختصرا . قلت : وهذا إسناد جيد ، وابن كاسب هو يعقوب بن حميد ، وعبد الله بن صالح هو أبو صالح العجلي . وكلاهما ثقة وفي ابن كاسب كلام يسير ، ولما رواه شاهد من طريق عبد الله بن طاوس عن أبيه عن صفوان بن أمية قال : " قلت : يا رسول الله إنهم يقولون : إن الجنة لا يدخلها إلا مهاجر قال : لا هجرة بعد فتح مكة . . الحديث " . أخرجه النسائي وأحمد (3 / 401) . قلت : وإسناده صحيح . ورواه الزهري عن صفوان بن عبد الله بن صفوان عن أبيه أن صفوان بن أمية بن خلف قيل له : هلك من لم يهاجر ، قال : فقلت : لا أصل إلى أهلي حتى آتي رسول الله (ص) ، فركبت راحلتي ، فأتيت رسول الله (ص) فقلت : با رسول الله زعموا أنه هلك من لم يهاجر ، قال : كلا أبا وهب ، فارجع إلى
[ 10 ]
أباطح مكة . أخرجه أحمد (3 / 4 0 1 و 6 / 465) . قلت : وإسناده صحيح على شرط مسلم . وللحديث شواهد من حديث عائشة وأبي سعيد الخدري ومجاشع بن مسعود . أما حديث عائشة ، فيرويه عطاء عنها قالت : " سئل رسول الله (ص) عن الهجرة ؟ فقال . . " فذكره بتمامه . أخرجه مسلم (6 / 28) وأبو يعلى في (مسنده) (ق 237 / 2) . ورواه البخاري (3 / 146) من طريق آخر عن عطاء بن أبي رباح قال : " زرت عائشة مع عبيد بن عمير ، فسألها عن الهجرة . فقالت : لا هجرة اليوم ، كان المؤمن يفر أحدهم بدينه إلى الله وإلى رسوله مخافة أن يفتن عليه ، فأما اليوم ، فقد أظهر الله الإسلام ، فالمؤمن يعبد ربه حيث شاء ، ولكن جهاد ونية " . وهكذا أخرجه البيهقي (9 / 17) . وأما حديث أبي سعيد الخدري ، فيرويه أبو البختري الطائي عن أبي سعيد الخدري أنه قال : " لما نزلت هذه السورة (إذا جاء نصر الله والفتح ، ورأيت الناس) قرأها رسول الله (ص) حتى ختمها ، وقال : الناس حيز ، وأنا وأصحابي حيز وقال : لا هجرة بعد الفتح ، ولكن جهاد ونية . فقال له مروان : كذبت ، وعنده رافع بن خديج وزيد بن ثابت ، وهما قاعدان معه على السرير ، فقال أبو سعيد : لو شاء هذان لحدثاك ، ولكن هذا يخاف أن تنزعه عن عرافة قومه ، وهذا يخشى أن تنزعه عن الصدقة ، فسكتا ، فرفع مروان عليه الدرة ليضربه ، فلما رأيا ذلك ، قالا : صدق " .
[ 11 ]
أخرجه الطيالسي (601 و 967 و 2205) وأحمد (3 / 22 و 5 / 187) . قلت : وإسناده صحيح على شرط الشيخين . وأما حديث مجاشع ، فيرويه يحيى بن اسحاق عنه : " أنه أتى النبي (ص) بابن أخ له يبايعه على الهجرة ، فقال رسول الله (ص) : لا ، بل يبايع على الإسلام ، فإنه لا هجرة بعد الفتح ، ويكون من التابعين بإحسان " . أخرجه أحمد (3 / 468 و 469) من طريق يحيى ابن أبي كثير عن - يحيى بن إسحاق . قلت : وإسناده صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير يحيى بن إسحاق وهو ثقة كما قال ابن معين وابن حبان وابن حجر . وله عن ابن عباس طريق أخرى ، يرويه الأعمش عن أبي صالح عنه مرفوعا . أخرجه ابن أبي عاصم (97 / 1) بسند رجاله ثقات . 1188 - (حديث " أن عليا رضي الله عنه ، شيع النبي (ص) ، في غزوة تبوك) . ص 284 . صحيح . أخرجه أحمد في " المسند " (1 / 170) : ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ثنا سليمان بن بلال ثنا الجعيد بن عبد الرحمن عن عائشة بنت سعد عن أبيها : (أن عليا رضي الله عنه خرج مع النبي (ص) حتى جاء ثنية الوداع ، وعلي رضي الله عنه يبكي ، يقول : تخلفني مع الخوالف ؟ فقال : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة ؟ " . قلت : وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري . وقد أخرجه هو (8 / 86 - فتح) ومسلم (7 / 120) وغيرهما من طريق مصعب بن سعد بن أبي وقاص
[ 12 ]
عن أبيه : " أن رسول الله (ص) خرج إلى تبوك ، واستخلف عليا ، فقال : اتخلفني في الصبيان والنساء ؟ قال . . . " فذكره ليس فيه التشييع إلى الثنية ، وهي فائدة عزيزة تفرد بها مسند أحمد رحمه الله تعالى ، وذكر المصنف تبعا لابن قدامة (8 / 353) أن أحمد احتج به . 1189 - (" عن سهل بن معاذ عن أبيه عن النبي (ص) ، أنه قال (لأن أشيع غازيا ، فأكنفه على رحله (1) غدوة أو روحة أحب إلي من الدنيا وما فيها " . رواه أحمد وابن ماجه) . ص 284 ضعيف . أخرجه أحمد (3 / 44 0) وابن ماجه (2824) والحاكم (2 / 98) وعنه البيهقي (9 / 173) من طريق زبان بن فائد عن سهل بن معاذ به . وقال الحاكم : " صحيح الإسناد " . ووافقه الذهبي . كذا قالا ، وزبان بتشديد الباء الموحدة أورده الذهبي نفسه في (الضعفاء) وقال : " قال أبرحاتم : صالح الحديث ، على ضعفه " . وقال الحافظ في " التقريب " : " ضعيف الحديث ، مع صلاحه وعبادته " . (تنبيه) : قوله " فأكنفه على رحله " موافق للفظ الحديث في " البيهقي " ، وكذا أحمد ، إلا أنه وقع عنده " راحلة " ، بدل " رحله " ورواية ابن ماجه والحاكم موافقة لرواية البيهقي في هذا الحرف ، ولكنها تخالفها في الحرف الأول (فأكنفه) ففيها (فأكفه) ، وعلى ذلك جرى أبو الحسن السندي في شرحها (1) الأصل (فأكفيه في رحله) . وعلى هامشه : في الأصل (فأكنفه على) وما أثبتناه هو الصحيح " . كذا ولا وجه لهذا التصحيح البتة ، لأنه مع مخالفته للأصل أيضا لما وقع في " أحمد وابن ماجه " كما بينته في الأعلى .
[ 13 ]
فقال : " من الكفاية ، قال الدميري : هو أن يحرس له متاعه ، والكفاة " الأصل : الكفاية " الخدم الذين يقومون بالخدمة ، جمع كاف " . قلت : والراجح عندي اللفظ الأول " فأكنفه " أي أكون إلى جانبه وهو على رحله وراحلته ، من (الكنف) وهو الجانب . 1190 - (وعن أبي بكر الصديق : " أنه شيع يزيد بن أبي سفيان حين بعثه إلى الشام . . . . الخبر وفيه : إني أحتسب خطاي هذه في سبيل الله ") . لم أقف على سنده . وقد أورده ابن قدامة في " المغني " (8 / 353) دون أن يعزوه لأحد ، فقال : " وروي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، أنه شيع يزيد بن أبي سفيان حين بعثه إلى الشام ، ويزيد راكب ، وأبو بكر رضي الله عنه يمشي ، فقال له يزيد : يا خليفة رسول الله (ص) إما أن تركب ، وإما أن أنزل أنا فأمشي معك ، قال : لا أركب ، ولا تنزل ، إني أحتسب خطاي هذه في سبيل الله " . ثم وجدته عند مالك (2 / 447 / 10) عن يحيى بن سعيد أن أبا بكر الصديق . . . فذكره . قلت : وهذا إسناد معضل . نعم أخرجه الحاكم (3 / 80) من طريق سعيد بن المسيب رضي الله عنه : " أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه بعث الجيوش نحو الشام : يزيد بن أبي سفيان وعمرو بن العاص وشرحبيل بن حسنة ، مشى معهم ، حتى بلغ ثنية الوداع فقالوا : يا خليفة رسول الله تمشي ونحن ركبان ؟ " . وقال : (صحيح على شرط الشيخين) . وتعقبه الذهبي بقوله : " قلت : مرسل " .
[ 14 ]
يعني أن ابن المسيب لم يسمع من أبي بكر . وأخرج البيهقي (9 / 173) من طريق أبي الفيض رجل من أهل الشام قال : سمعت سعيد بن جابر الرعيني يحدث عن أبيه : " أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه شيع جيشا فمشى معهم . فقال : الحمد لله الذي أغبرت أقدامنا في سبيل الله ، فقيل له : وكيف أغبرت ، وأنما شيعناهم ؟ فقال : إنا جهزناهم ، وشيعناهم ، ودعونا لهم " . قلت : وسعيد بن جابر الرعيني ، شامي أورده ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا (2 / 1 / 10) ، وأما ابن حبان فذكره في (الثقات) (2 / 100) وأما أبو الفيض فهو موسى بن أيوب ويقال ابن أبي أيوب المهري الحمصي ، ثقة مشهور بكنيته . وأخرج ابن أبي شيبة في " المصنف " (7 / 157 / 2) عن قيس أو غيره قال : وبعث أبو بكر حينئذ جيشا إلى الشام ، فخرج يشيعهم على رجليه " ، فقالوا : " يا خليفة رسول الله لو ركبت ؟ قال : إني أحتسب خطاي في سبيل الله " . قلت : وإسناده صحيح رجاله رجال الشيخين ، وقيس هو ابن أبي حازم . 1191 - (حديث : " أن النبي (ص) " شيع النفر الذين وجههم إلى كعب بن الأشرف إلى بقيع الغرقد " . رواه أحمد . حسن . أخرجه أحمد (1 / 266) وكذا ابن هشام في " السيرة النبوية " (3 / 59) والحاكم (2 / 98) عن ابن إسحاق : حدثني ثور بن يزيد عن عكرمة عن ابن عباس قال :
[ 15 ]
" مشى معهم رسول الله (ص) إلى بقيع الغرقد ، ثم وجههم ، وقال : انطلقوا على اسم الله ، وقال : اللهم أعنهم . يعني النفر الذين وجههم إلى كعب بن الأشرف " . هذا سياق أحمد وليس عند الآخرين قوله " يعني النفر . . . " فالظاهر أنه تفسير منه وقال الحاكم : " صحيح غريب " . ووافقه الذهبي . قلت : ابن اسحاق فيه ضعف يسير ، فهو حسن الحديث . وقد ذكره الهيثمي في " المجمع " (6 / 196) وقال : " رواه أحمد والبزار إلا أنه قال : إن النبي (ص) لما وجه محمد بن مسلمة وأصحابه إلى كعب بن الأشرف ليقتلوه ، والباقي نحوه . رواه الطبراني وزاد : ثم رجع رسول الله (ص) إلى بيته . وفيه ابن إسحاق وهو مدلس ، وبقية رجاله رجال الصحيح " بالتحديث قلت : كأنه خفي تصريح إبن اسحاق بالتحديث عند الإمام إحمد ، وبذلك زالت شبهة تدليسه . ووقع تصريحه تحديث في " السيرة " أيضا . وأما الطبراني فقد أخرجه عنه في " الكبير " (3 / 126 / 2) معنعنا . 1192 - (حديث السائب بن يزيد قال " لما قدم رسول الله (ص) من غزوة تبوك خرج الناس يتلقونه من ثنية الوداع . قال السائب : فخرجت مع الناس وأنا غلام " . رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه ، وللبخاري نحوه) . ص 284 صحيح . أخرجه البخاري (3 / 184) وأحمد (3 / 449) وأبو داود (2779) والترمذي (1 / 321) وكذا البيهقي (9 / 175) من طرق عن سفيان بن عيينه عن الزهري عن السائب به . واللفظ للترمذي ، وقال : " حديث حسن صحيح " . ولفظ البخاري : " أذكر أني خرجت مع الغلمان إلى ثنية الوداع ، نتلقى رسول الله (ص) " .
[ 16 ]
زاد في رواية : " مقدمه من غزوة تبوك " . 1193 - (عن أبي سعيد الخدري قال : " قيل : يا رسول الله ، أي الناس أفضل ؟ قال : مؤمن يجاهد في سبيل الله بنفسه وماله " متفق عليه) . ص 284 - 285 صحيح . وتمامه : " قالوا : ثم من ؟ قال : مؤمن في شعب من الشعاب ، يتقي الله (وفي رواية : يعبد الله) ويدع الناس من شره " . أخرجه البخاري (2 / 199 و 4 / 229) ومسلم (6 / 39) وكذا أبو داود (2485) والنسائي (2 / 55) والترمذي (1 / 312) وابن ماجه (3978) والبيهقي (9 / 159) وأحمد (3 / 16 و 37 و 56 و 88) من حديث الزهري عن عطاء بن يزيد عنه . وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . وأخرج ابن أبي عاصم في " كتاب الجهاد " (87 / 1 - 2) الشطر الأول منه . 1194 - (حديث أم حرام مرفوعا : " المائد في البحر (1) - الذي يصيبه القئ - له أجر شهيد ، والغرق له أجر شهيدين " . رواه أبو داود) . ص 285 . حسن . أخرجه أبو داود (2493) والحميدي في " مسنده " (349) وكذا ابن أبي عاصم في " كتاب الجهاد) (ق 98 / 2) وابن عبد البر في " التمهيد " (1 / 239 - طبع المغرب) من طرق عن مروان بن معاوية أخبرنا هلال بن ميمون الرملي عن يعلى بن شداد عنها . قلت : وهذا إسناد حسن رجاله ثقات غير أن أبا حاتم قد قال في هلال هذا " ليس بقوي ، يكتب حديثه " . ووثقه ابن معين والنسائي وابن حبان ، (1) هنا في الأصل " أي " وليس لها أصل عند أبي داود . ولا غيره ولا داعي لها . (*)
[ 17 ]
وقال الحافظ في " التقريب " : " صدوق " . 1195 - (وعن أبي أمامة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " شهيد البحر مثل شهيدي البر ، والمائد في البحر كالمتشحط في دمه في البر وما بين الموجتين كقاطع الدنيا في طاعة الله وأن الله وكل ملك الموت بقبض الأرواح ، إلا شهداء البحر فإنه يتولى قبض أرواحهم ، ويغفر لشهيد البر الذنوب كلها إلا الدين ، ويغفر لشهيد البحر الذنوب والدين " . رواه ابن ماجه) . ص 285 . ضعيف جدا . أخرجه ابن ماجه (2778) وكذا الطبراني كلاهما من طريق قيس بن محمد الكندي : ثنا عفير بن معدان الشامي عن سليم بن عامر قال : سمعت أبا أمامة يقول : فذكره . قلت : وهذا إسناد فيه علتان : " الأولى : عفير بن معدان ، قال ابن أبي حاتم (3 / 2 / 36) عن أبيه : " ضعيف الحديث ، يكثر الرواية عن سليم بن عامر عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم بالمناكير ، ما لا أصل له ، لا يشتغل بروايته . " وأورده الذهبي في . " الضعفاء " وقال : " مجمع على ضعفه ، قال أبو حاتم لا يشتغل به " . قلت : وبه أعله البوصيري في " الزوائد " (ق 173 / 1) ، وخفيت عليه العلة التالية : والأخرى : قيس بن محمد الكندي لم يوثقه أحد سوى ابن حبان ، ومع ذلك فقد أشار إلى أنه لا يحتج به لا سيما في روايته عن عفير فقال : " يعتبر حديثه من غير روايته عن عفير بن معدان " . 1196 - (حديث عبد الله بن عمرو (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " يغفر الله للشهيد كل ذنب إلا الدين " . رواه مسلم) . ص 285 . (1) الامل " عمر " وهو خطأ . (*)
[ 18 ]
صحيح . أخرجه مسلم (6 / 38) وكذا البيهقي (9 / 25) وأحمد (2 / 220) عن عباس بن عباس عن عبد الله بن يزيد أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله ابن عمرو بن العاص مرفوعا به . 1197 - (حديث أبي قتادة وفيه : " أرأيت إن قتلت في سبيل الله تكفر عني خطاياي ؟ فقال صلى الله عليه وسلم ، نعم وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر ، إلا الدين فإن جبريل قال لي ذلك " . رواه أحمد ومسلم) . ص 285 صحيح . أخرجه أحمد (5 / 297 و 308) ومسلم (6 / 37 - 38) وكذا النسائي (2 / 62) والدارمي (2 / 207) ومالك أيضا (2 / 461 / 31) والبيهقي (9 / 25) من طريق عبد الله بن أبي قتادة عن أبي قتادة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قام فيهم ، فذكر لهم أن الجهاد في سبيل الله والايمان بالله أفضل الأعمال ، فقام رجل ، فقال : يا رسول الله أرأيت ان قتلت في سبيل الله تكفر عني خطاياي ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم إن قتلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب ، مقبل غير مدبر ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كيف قلت ؟ قال : أرأيت إن قتلت في سبيل الله أتكفر عني خطاياي ؟ فقال رسول صلى الله عليه وسلم : نعم ، وأنت صابر محتسب . . . " الحديث . " وله شاهد من حديث أبي هريرة . وله عنه طريقان : الأولى : عن محمد بن عجلان ، عن سعيد المقبري عنه . أخرجه النسائي (2 / 61) . قلت : وإسناده جيد . والأخرى عن عبد الحميد بن جعغر عن عياض بن عبد الله ابن أبي سرح عنه . أخرجه أحمد (2 / 308 و 300) . وله شاهد ثان مختصر عن محمد بن عبد الله بن جحش - وكانت له صحبة -
[ 19 ]
" أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ما لي يارسول الله إن قتلت في سبيل الله ؟ قال : الجنة ، قال : فلما ولى ، قال : إلا الدين ، سارني به جبريل عليه السلام آنفا " . أخرجه أحمد (4 / 350) وابن أبي عاصم في " الجهاد " (ق 94 / 2) من طريق محمد بن عمرو أنا أبو كثير مولى الليثيين عنه . قلت : وهذا سند جيد . 1198 - (حديث ابن مسعود " سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي العمل أحب إلى الله ؟ قال : الصلاة على وقتها ، قلت : ثم أي ؟ قال : بر الوالدين . قلت : ثم أي ؟ قال : الجهاد في سبيل الله " . متفق عليه) . ص 286 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 143) ومسلم (1 / 63) وكذا النسائي (1 / 100) والترمذي (1 / 36) والدارمي (1 / 278) وأحمد (1 / 409 - 410 و 439 و 442 و 451) من طريق سعد بن إياس أبي عمرو الشيباني عن عبد الله ابن مسعود به . وقال الترمذي : " حديث س حسن صحيح " . قلت : وله في " المسند " (1 / 421 و 444 و 448) طريقان آخران ، زاد أحدهما في آخره . " ولو استزدته لزادني " . وإسناده صحيح على مسلم ، وهي عنده من الطريق الأولى . 1199 - (وعن ابن عمرو (1) قال " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فاستأذنه في الجهاد ، فقال : أحي والداك ؟ قال : نعم . قال ففيهما فجاهد " . رواه البخاري والنسائي وأبو داود والترمذي وصححه) . ص 286 (1) الأصل " ابن عمر " . (*)
[ 20 ]
صحيح . وله عنه طريقان : الأولى : عن حبيب بن أبي ثابت قال : سمعت أبا العباس الشاعر - وكان لا يتهم في حديثه - قال : سمعت عبد الله بن عمرو يقول : فذكره . أخرجه البخاري (2 / 248 و 4 / 180 - 109) ومسلم (8 / 3) وأبو داود (رقم 2529) والنسائي (2 / 54) والبيهقي (9 / 25) والطيالسي (2254) وأحمد (2 / 165 و 188 و 193 و 197 و 221) من طرق عن حبيب به . الثانية : عن يزيد بن أبي حبيب أن ناعما مولى أم سلمة حدثه أن عبد الله ابن عمرو بن العاص أخبره به نحوه وقال : " فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما " . أخرجه مسلم والبيهقي (9 / 76) . الثالثة : عن سفيان ثنا عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمر وقال : " جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : جئت أبايعك على الهجرة ، وتركت أبوي يبكيان ، فقال : إرجع عليهما فأضحكهما كما أبكيتهما " . أخرجه أبو داود (2528) والنسائي في " الكبرى " (ق 49 / 2) والبيهقي والحاكم (4 / 152) وقال : " صحيح الإسناد " . ووافقه الذهبي . قلت : وهو كما قالا فإن سفيان وهو الثوري سمع من عطاء قبل اختلاطه . والرابعة : عن شعبة بن يعلى بن عطاء عن أبيه قال : أظنه عن عبد الله بن عمرو قال : شعبة شك - : فذكره نحوه إلا أنه قال : " نعم ، قال : أمي ، قال : انطلق فبرها . قال : فانطلق يتخلل الركاب " .
[ 21 ]
أخرجه أحمد (2 / 197) . قلت : وهذا إسناد حسن في الشواهد والمتابعات رجاله ثقات رجال مسلم غير عطاء والد يعلى وهو العامري فإنه مجهول . وللحديث شواهد من حديث معاوية بن جاهمة وأبي سعيد الخدري . أما حديث معاوية ، فيرويه ابن جريج ، قال : أخبرني محمد بن طلحة وهو ابن عبد الله بن عبد الرحمن 286 عن أبيه طلحة عنه بلفظ : " أن جاهمة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أردت أن أغزو ، وقد جئت استشيرك ؟ فقال : هل لك من أم ؟ قال : نعم ، قال : فالزمها ، فإن الجنة تحت رجليها) . أخرجه النسائي والحاكم (2 / 104 و 4 / 151) وأحمد (3 / 429) وابن أبي شيبة أيضا في " مسنده " (2 / 7 / 2) وقال الحاكم : " صحيح الإسناد " . ووافقه الذهبي . قلت : كذا قالا ، وطلحة بن عبد الله لم يوثقه غير ابن حبان ، لكن روى عنه جماعة ، فهو حسن الحديث إن شاء الله وفي " التقريب " : " مقبول " . وتابعه محمد بن إسحاق بن طلحة به . أخرجه ابن ماجه (2781) . وأما حديث أبي سعيد ، فيرويه دراج أبو السمح ، عن أبي الهيثم عنه . " أن رجلا هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن ، فقال : هل لك أحد باليمن ؟ قال : أبواي ، قال : أذنا لك ؟ قال : لا ، قال : ارجع إليهما فاستأذنهما ، فإن آذنا لك فجاهد ، وإلا فبرهما " . أخرجه أبو داود (3530) والحاكم (2 / 103 - 104) وكذا ابن الجارود (1035) وابن حبان (1622) وأحمد (3 / 75 - 76) وقال الحاكم : " صحيح الإسناد " . ورده الذهبي بقوله : " قلت : دراج واه " فأصاب . لكن الحديث بمجموع طرقه صحيح .
[ 22 ]
والله أعلم . 1200 - (لحديث سلمان مرفوعا " رباط ليلة في سبيل الله خير من صيام شهر ، وقيامه ، فإن مات أجرى عليه عمله الذي كان يعمله ، وأجرى عليه رزقه ، وأمن الفتان " رواه مسلم) . ص 286 صحيح . أخرجه مسلم (6 / 51) وكذا النسائي (2 / 63) والترمذي (1 / 312) والطحاوي في " مشكل الآثار " (3 / 102) وإبن أبي عاصم في " الجهاد " (100 / 2 ، 101 / 1) والحاكم (2 / 80) والبيهقي (9 / 38) وأحمد (5 / 440) عن شرحبيل بن السمط عنه به والسياق لمسلم ، إلا أنه قال : " رباط يوم وليلة خير . . . " فزاد " يوم " وليس عنده " في سبيل الله " وهي عند النسائي وغيره كالترمذي وقال : " حديث حسن " . وقال الحاكم : " صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه " . ووافقه الذهبي . قلت : وقد وهما في إستدراكه على مسلم ، وقصرا في تصحيحه مطلقا ، وهو عنده بإسناده مسلم نفسه ! وصححه أبو زرعة كما في " العلل " (1 / 340) . وللحديث طريقان آخران عن سلمان : أحدهما عن القاسم أبي عبد الرحمن قال : " زارنا سلمان الفارسي . . . . فقال سلمان سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم . . . " فذكره نحوه ، وقال : " صيام شهرين " . ولم يقل : " وقيامه " . أخرجه إبن أبي عاصم (100 / 1 - 2) . قلت : ورجاله موثقون .
[ 23 ]
والآخر : عن كعب بن عجرة أنه مر بسلمان وهو مرابط في بعض قرى فارس ، فقال له : مالك ههنا ؟ قال أرابط ، قال : ألا أخبرك بأمر سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول : " فذكره دون قوله " وأجري عليه رزقه) أخرجه ابن أبي عاصم (101 / 1 - 2) قلت : ورجاله ثقات ، ولولا عنعنة الوليد بن مسلم في إسناده لقطعت بصحته . 1201 - (ويروى عن النبي (صلى الله عليه وسلم) " أنه قال : " تمام الرباط أربعون يوما " أخرجه أبو الشيخ في كتاب الثواب . ويروى عن إبن عمر وأبي هريرة) . ص 286 ضعيف . أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (7 / 153 / 2) عن داود بن قيس عن عمرو بن عبد الرحمن العسقلاني عن أبي هريرة موقوفا عليه . قلت : وهذا سند ضعيف ، العسقلاني هذا قال إبن أبي حاتم (3 / 245 / 1) عن أبيه : " مجهول " . ثم أخرجه هو وأبو حزم بن يعقوب الحنبلي في " الفروسية " (1 / 8 / 2) من طريق معاوية بن يحيى الصدفي عن يحيى بن الحارث الذماري عن مكحول مرفوعا به . قلت : وهذا مع إرساله ضيف السند ، من أجل الصدفي ، قال الذهبي في " الضعفاء " . " ضعفوه " . وقال الحافظ في " التقريب " . " ضعيف ، وما حدث بالشام أحسن مما حدث بالري " . وأما شيخه يحيى بن الحارث الذماري بكسر المعجمة فهو ثقة . وقد خالفه أبو سعيد الشامي فقال : عن مكحول عن واثلة مرفوعا . فوصله بذكر واثلة فيه .
[ 24 ]
أخرجه المخلص في " الفوائد المنتقاة " (7 / 19 / 2) من طريق أبي يحيى الحماني ثنا أبو سعيد الشامي به . قلت : وإسناده ضعيف أيضا ، أبو سعيد هذا مجهول كما قال الدارقطني على ما في " الميزان " وكذلك قال الحافظ في " التقريب " ، وبيض له في " التهذيب " ! وأبو يحيى الحماني إسمه عبد الحميد بن عبد الرحمن قال الحافظ : " صدوق يخطئ " . وقد روي من حديث أبي أمامة مرفوعا بزيادة : " ومن رابط أربعين يوما لم يبع ، ولم يشتر ، ولم يحدث حدثا ، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه " . قال الهيثمي في " المجمع " (5 / 290) : " رواه الطبراني ، وفيه أيوب بن مدرك وهو متروك " قلت : وهذه الزيادة هي عند المخلص من حديث واثلة بإسناده المتقدم مفصولة عن الجملة الأولى من الحديث بلفظ : " من رابط وراء بيضة المسلمين ، وأهل ذمتهم أربعين يوما رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه " . وبالجملة فالحديث ضعيف بهذه الطرق ، ولم أره الآن من حديث إبن عمر وأبي هريرة 1202 - (" وعن النبي (صلى الله عليه وسلم) " : " الفرار من الزحف من الكبائر ") . ص 287 صحيح . وقد جاء ذلك في أحاديث كثيرة أذكر ما تيسر منها : الأول : عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال :
[ 25 ]
" إجتنبوا السبع الموبقات ، قالوا : يا رسول الله وما هن ؟ قال : الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتولي يوم الزحف " . أخرجه البخاري (2 / 193 ، 4 / 363) ومسلم (1 / 64) وأبو داود (2874) والنسائي (2 / 131) وإبن أبي عاصم في " كتاب الجهاد " (1 / 98 / 1) والبيهقي في " السنن " (9 / 76) . الثاني : عن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله (صلى الله وعليه وسلم) قال : " من جاء يعبد الله ، ولا يشرك به شيئأ ، ويقيم الصلاة ، ويؤتي الزكاة ، ويجتنب الكبائر ، كان له الجنة ، فسألوه عن الكبائر ؟ فقال : الإشراك بالله ، وقتل النفس المسلمة ، والفرار يوم الزحف " . أخرجه النسائي (2 / 165) وإبن أبي عاصم (1 / 97 / 2) وأحمد (5 / 413 ، 413 - 314) من طريق بقية قال : حدثني بحير بن سعد عن خالد بن معدان أن أبارهم السمين حدثهم أن أبا أيوب الأنصاري حدثه . قلت : وهذا إسناد جيد صرح فيه بقية بالتحديث . بحير بن سعد ثقة ثبت ، وتابعه محمد بن إسماعيل عن أبيه عن ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن أبي رهم به . أخرجه إبن أبي عاصم . الثالث : عن عبيد بن عمير أنه حدثه أبوه - وكان من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) : " أن رجلا قال : يا رسول الله ما الكبائر ؟ قال : هن : تسع ، أعظمهن إشراك بالله ، وقتل النفس بغير حق ، وفرار يوم الزحف " مختصر . أخرجه أبو داود (2875) والنسائي والحاكم (1 / 59) بتمامه من طريق عبد الحميد بن سنان عنه وقال : " إحتجا برواة هذا الحديث غير عبد الحميد بن سنان " . قال الذهبي : " قلت لجهالته ، ووثقة إبن حبان " .
[ 26 ]
قلت : وقال في " الميزان " : " قال البخاري : في حديثه نظر " . يعني هذا . الرابع : عن سهل بن أبي حثمة أن النبي (صلى الله وعليه وسلم) قال : " الكبائر سبع . . . . " . قلت : فذكرهن كما في الحديث الأول ، دون السحر والربا ، وذكر بديلهما : " والثوب بعد الهجرة " ، فهن ست ! أخرجه إبن أبي عاصم (98 / 1) من طريق إبن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن محمد بن سهل بن أبي حثمة عن أبيه . قلت : وهذا سند ضعيف من أجل إبن لهيعة . ومحمد بن سهل أورده أن أبي حاتم (3 / 2 / 277) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا . الخامس : عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " خمس ليس لهن كفارة : الشرك بالله عزوجل ، وقتل النفس بغير حق ، أو نهب مؤمن ، أو الفرار من الزحف ، أو يمين صابرة يقتطع بها مالا بغير حق " . أخرجه أحمد (2 / 361 - 362) حدثنا زكريا بن عدي نابقية عن بحير ابن سعد عن خالد بن معدان عن أبي المتوكل عنه . وأخرجه إبن أبي عاصم فقال (98 / 1) : حدثنا إبن مصفى وعمرو بن عثمان ، قالا : ثنابقية : ثنا بحير بن سعد به ، وأخرجه إبن أبي حاتم عن هشام ابن عمار حدثنا بقية به . قلت : وهذا إسناد جيد قد صرح بقية فيه بالتحديث . وقال إبن أبي حاتم (1 / 339) عن أبي زرعة : " أبو المتوكل أصح " . قلت : ولعله يعني أنه مرسل . والله أعلم . والحديث رواه أبو الشيخ أيضا في " التوبيخ " والديلمي في " سند
[ 27 ]
الفردوس " كما في " فيض القدير " للمناوي وبيض له ! 1203 - (حديث ابن عمر ، وفيه " فلما خرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، قبل صلاة الفجر قمنا فقلنا له : نحن الفرارون ؟ فقال : لا بل أنتم العكارون . أنا فئة كل مسلم " رواه الترمذي) . ص 287 ضعيف . أخرجه الترمذي (1 / 320) وكذا البخاري في " الأدب المفرد " (رقم 972) أبو داود (2647) والسياق له ، والشافعي (1156) وإبن الجارود (1050) والبيهقي (9 / 76 ، 77) وأحمد (2 / 70 ، 86 ، 100 ، 111) وأبو يعلى (267 / 2 ، 276 / 1) كلهم من طريق يزيد بن أبي زياد أن عبد الرحمن بن أبي ليلى حدثه أن عبد الله بن عمر حدثه : " أنه كان في سرية من سرايا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، قال : فحاص الناس حيصة ، فكنت فيمن حاص ، قال : فلما برزنا ، قلنا : كيف نصنع ، وقد فررنا من الزحف ، وبؤنا بالغضب ؟ فقلنا : ندخل المدينة فنثبت فيها ، ونذهب ولا يرانا أحد ، قال : فدخلنا ، فقلنا : لو عرضنا أنفسنا على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فإن كانت لنا توبة أقمنا ، وإن كان غيرذلك ذهبنا ، قال : فجلسنا لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) قبل صلاة الفجر ، فلما خرج قمنا إليه ، فقلنا : نحن الفرارون ! فأقبل إلينا ، فقال : لا بل أنتم العكارون ، قال : فدنونا ، فقبلنا يده ، فقال : أنا فئة المسلمين " . قلت : هذا سياق أبي داود وهو أقربهم سياقا إلى سياق المصنف ، ولفظ أحمد في رواية له : " وأنا فئة كل مسلم " ، فلو أن المصنف عزاه لأبي داود وأحمد كان أولى . وقال الترمذي عقبه : " حديث حسن ، ولا نعرفه إلا من حديث يزيد بن أبي زياد " . قلت : وهو الهاشمي مولاهم الكوفي وهو ضعيف ، قال الحافظ في " التقريب " : " ضعيف ، كبر فتغير ، صار يتلقن " .
[ 28 ]
1204 - (وعن عمر قال : " أنا فئة كل مسلم ") . ص 287 ضعيف . أخرجه البيهقي (9 / 77) من طريق الشافعي : أنبأ ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أن عمر بن الخطاب قال : فذكره . قلت : وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين ، غير أن مجاهدا لم يسمع من عمر ، فإنه ولد في خلافته سنة إحدى وعشرين ، أي قبل موت عمر بسنتين ، ولهذا قال أبو زرعة وغيره " مجاهد عن علي مرسل " . 1205 - (وعن عمر أيضا . قال " لو أن أبا عبيدة تحيز إلي ، لكنت له فئة وكان أبو عبيدة في العراق " رواه سعيد) . ص 287 صحيح . وإن كنت لم أقف على إسناد سعيد وهو إبن منصور الحافظ صاحب " السنن " (1) ، فقد أخرجه البيهقي (9 / 77) عن شعبة عن سماك سمع سويدا ، سمع عمر بن الخطاب يقول لما هزم أبو عبيدة : " لو أتوني كنت فئتهم " . قلت : وهذا سند صحيح على شرط مسلم . 1206 - (وقال إبن عباس : " من فر من إثنين فقد فر ، ومن فر من ثلاثة فما فر ") ص 287 صحيح . أخرجه البيهقي (9 / 76) من طريق إبن أبي نجيح عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " إن فر رجل من اثنين فقد فر ، وإن فر من ثلاثة لم يفر " . ورواه الشافعي (1155) بلفظ الكتاب لكن لم يقع في سنده " عن (هامش) (1) لقد علمت منذ اسابيع من فاضل زارني في المكتبة سائلا عن " المصنف " لعبد الرزاق ، انهم وجدوا جزءا من " سنن سعيد بن منصور " أظنه الرابع ، وان بعض المشتغلين بالحديث في صدد تحقيقه لطبعه ، كما انهم ساعون لطبع " المصنف " يسر الله لهم ذلك ، وجزاهم عن المسلمين خيرا ، 27 / 3 / 1385 . (*)
[ 29 ]
عطاء " والظاهر أنه خطأ مطبعي قلت : وإسناده صحيح ، وهو وإن كان موقوفا ، فله حكم المرفوع ، بدليل القرآن وسبب النزول الذي حفظه لنا إبن عباس أيضا رضي الله عنه ، وله عنه طريقان . الأولى : عن عمرو بن دينار عنه قال : " لما نزلت هذه الآية (إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين) ، فكتب عليهم أن لا يفر العشرون من المائتين ، فأنزل الله (الآن خفف الله عنكم ، وعلم أن فيكم ضعفا ، فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين) فخفف عنهم وكتب عليهم أن لا يفر مائة من مائتين " . أخرجه الإمام الشافعي (1154) : أخبرنا سفيان عن عمرو به . ورواه البخاري (3 / 247) وإبن الجارود (1049) والبيهقي (9 / 76) والطبراني (3 / 113 / 2) من طرق أخرى عن سفيان به نحوه . والأخرى : عن الزبير بن خريت عن عكرمة عنه به نحوه إلا أنه قال . عقب الآية الأولى : " شق ذلك على المسلمين حين فرض عليهم أن لا يفر واحد من عشرة فجاء التخفيف فقال . . . " فذكر الآية الأخرى ، وقال عقبها : " فلما خفف الله عنهم من العدة نقص من الصبر بقدر ما خفف عنهم " أخرجه البخاري (3 / 248) وأبو داود (2646) والبيهقي . ثم وجدت له طريقا ثالثة : عن محمد بن إسحاق عن ابن أبي نجيح عن عطاء عنه مختصرا نحوه أخرجه الطبراني (3 / 120 / 2) . 1207 - (" أنا برئ من [ كل ] مسلم [ يقيم ] ، بين أظهر المشركين ، لا تراءى نارهما " رواه داود والترمذي)
[ 30 ]
صحيح . أخرجه أبو داود (2645) والترمذي (1 / 303) والطبراني في " المعجم الكبير " (1 / 109 / 1) وإبن الأعرابي في " معجمه " (من 84 / 1 - 2) من طريق أبي معاوية عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد الله قال : " بعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سرية إلى خثعم ، فاعتصم ناس منهم بالسجود ، فأسرع فيهم الفشل ، قال : فبلغ ذلك النبي (صلى الله عليه وسلم) ، فأمر لهم بنصف العقل ، وقال " . فذكره . قلت : وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين ، لكنهم أعلوه بالإرسال ، فقال أبو داود عقبه : رواه هشيم ومعمر وخالد الواسطي وجماعة لم يذكروا جريرا " . قلت . . . أخرجه أبو عبيد في " الغريب " (من 75 / 2) عن هشيم ، والترمذي من طريق عبدة ، والنسائي (2 / 245) من طريق أبي خالد ، كلاهما عن إسماعيل بن أبي خالد بن أبي حازم مرسلا . وقال الترمذي : " وهذا أصح ، وأكثر أصحاب إسماعيل قالوا : عن إسماعيل عن قيس ، لم يذكروا فيه جريرا ، ورواه حماد بن سلمة عن الحجاج بن أرطاة عن إسماعيل عن قيس عن جرير مثل حديث أبي معاوية . وسمعت محمدا (يعني البخاري) يقول : الصحيح حديث قيس عن النبي (صلى الله عليه وسلم) ، مرسل " . قلت : ورواية إبن أرطاة وصلها البيهقي (9 / 12 - 13) مختصرا بلفظ : " من أقام مع المشركين ، فقد برئت منه الذمة) . وذكره إبن أبي حاتم (1 / 315) وقال عن أبيه : " الكوفيون سوى حجاج لا يسندونه " . قلت : والحجاج مدلس ، وقد عنعنه ، فلا فائدة من متابعته . وتابعه صالح بن عمر وهو ثقة ، لكن الراوي عنه إبراهيم بن محمد بن ميمون شيعي ليس بثقة . أخرجه الطبراني . نعم قد تابعه من هو خير منه حفص بن غياث ، ولكنه خالفهما جميعا في
[ 31 ]
إسناده ، فقال : عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن خالد بن الوليد : " أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " بعث خالد بن الوليد إلى ناس من خثعم ، فاعتصموا بالسجود . . . " الحديث . أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (1 / 191 / 2) : حدثنا أبو الزنباع روح بن الفرج وعمر بن عبد العزيز بن مقلاص : نا يوسف بن عدي نا حفص ابن غياث به . وهذا سند رجاله ثقات رجال البخاري إلا أن إبن غياث كان تغير حفظه قليلا كما في " التقريب " . وقد وجدت له طريقا أخرى عن جرير بنحوه ، رواه أبو وائل عن أبي نجيلة البجلي عنه قال : " أتيت النبي (صلى الله عليه وسلم) " وهو يبايع ، فقلت : يا رسول الله ابسط يدك حتى أبايعك ، واشترط علي فأنت أعلم ، قال : أبايعك على أن تعبد الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتناصح المسلمين ، وتفارق المشرك " . أخرجه النسائي (2 / 183) والبيهقي (9 / 13) وأحمد (4 / 365) عن منصور عن أبي وائل به . وتابعه الأعمش عن أبي وائل به . أخرجه النسائي من طريق أبي الأحوص عنه . وخالفه شعبة فقال : عنه عن أبي وائل عن جرير . أسقط منه أبا نجيلة . أخرجه النسائي . وتابع شعبة أبو شهاب وأبو ربعي فقالا : عن الأعمش عن أبي وائل عن جرير . أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (1 / 1111 / 1)
[ 32 ]
ولعل رواية أبي الأحوص عنه أرجح لموافقتها لرواية منصور التى لم يختلف عليه فيها . وإسناده صحيح ، وأبو نخيلة بالخاء المعجمة مصغرا ، وقيل بالمهملة ، وبه جزم إبراهيم الحربي وقال : " هو رجل صالح " . وجزم غير واحد بصحبته كما بينه الحافظ بن حجر في " الإصابة " . وله شاهد عن أعرابي معه كتاب كتبه له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيه : " إنكم إن شهدتم أن لا إله إلا الله ، وأقمتم الصلاة ، وآتيتم الزكاة وفارقتم المشركين ، وأعطيتم من الغنائم الخمس ، وسهم النبي (صلى الله عليه وسلم) والصفي وربما قال : وصفيه - فأنتم آمنون بأمان الله وأمان رسوله " . أخرجه البيهقي (6 / 303 ، 9 / 13) وأحمد (5 / 78) بسند صحيح عنه ، وجهالة الصحابي لا تضر . وشاهد آخر من رواية بهز بن حكيم عن أبيه عن جده مرفوعا بلفظ : " كل مسلم على مسلم محرم ، أخوان نصيران ، لا يقبل الله عزوجل من مشرك بعد ما أسلم عملا أو يفارق المشركين إلى المسلمن " . أخرجه النسائي (1 / 358) وإبن ماجه (2536) شطره الثاني . قلت : وإسناده حسن . وفي الباب عن سمرة بن جندب مرفوعا بلفظ : " من جامع المشرك وسكن معه ، فإنه مثله " . أخرجه أبو داود (2787) قلت : وسنده ضعيف . وله عنه طريق أخرى أشد ضعفا منها ، أخرجه الحاكم (2 / 141 - 142) وقال " صحيح على شرط البخاري " ! ووافقه الذهبي في " التلخيص " ، لكن وقع فيه " صحيح على شرط البخاري ومسلم " !
[ 33 ]
وذلك من أوهامهما فإن فيه إسحاق بن إدريس وهو متهم بالكذب ، وقد ترجمه الذهبي نفسه في " الميزان " أسوأ ترجمة . ووجدت له شاهدا آخر من حديث كعب بن عمرو وقال : " أتيت النبي (صلى الله عليه وسلم) ، وهو يبايع الناس ، فقلت : يا رسول الله : أبسط يدك حتى أبايعك ، واشترط علي فأنت أعلم بالشرط ، قال أبايعك على أن تعبد الله . . . . " الحديث بلفظ أبي نخيلة المتقدم . أخرجه الحاكم (3 / 505) ، وفيه بريدة بن سفيان الأسلمي وليس بالقوي . 1208 - (وعن معاوية وغيره مرفوعا " لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها " رواه أبو داود) ص 288 صحيح . أخرجه أبو داود (2479) وكذا الدارمي (2 / 239 - 240) والنسائي في " السنن الكبرى " (50 / 2) والبيهقي (9 / 17) وأحمد (4 / 99) عن عبد الرحمن إبن أبي عوف عن أبي هند البجلي عن معاوية قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فذكره . قلت : ورجال إسناده ثقات غير أبي هند فهو مجهول ، لكنه لم يتفرد به فأخرجه الإمام أحمد (1 / 192) من طريق إسماعيل بن عياش عن ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد يرده إلى مالك بن يخامر عن إبن السعدي أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : " لا تنقطع الهجرة ما دام العدو يقاتل " . فقال معاوية وعبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن عمرو بن العاص : إن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : " ان الهجرة خصلتان : إحداهما أن تهجر السيئات ، والأخرى أن تهاجر ارواء - 5 - 3
[ 34 ]
إلى الله ورسوله ، ولا تنقطع الهجرة ما تقبلت التوبة ، ولا تزال التوبة مقبولة حتى تطلع الشمس من الغرب ، فإذا طلعت طبع على كل قلب بما فيه ، وكفى الناس العمل " . قلت : وهذا إسناد شامي حسن ، رجاله كلهم ثقات ، وفي ضمضم بن زرعة كلام يسير . وإبن السعدي إسمه عبد الله وإسم أبيه وقدان صحابي معروف ، ولحديثه طريق أخرى عنه أخرجها النسائي ، وبعضها إبن حبان (1579) والبيهقي وأحمد (5 / 270) . وله عنده (4 / 62 ، 5 / 363 ، 375) طريقان آخران عن رجل من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) ، والظاهر أنه إبن السعدي نفسه . وأحدهما إسناده صحيح . 1209 - (حديث : " لا هجرة بعد الفتح ") صحيح . وقد مضى تخريجه برقم (1187) . 1210 - حديث " نهى عن قتل النساء والصبيان " رواه الجماعة إلا النسائي . صحيح . أخرجه البخاري (2 / 251) ومسلم (5 / 144) وأبو داود (2668) والترمذي (1 / 297) وإبن ماجه (2841) ، فهؤلاء هم الجماعة إلا النسائي ولكن هذا أخرجه في " السنن الكبرى " (من 42 / 1) ، ومالك أيضا (1 / 447 / 9) وعنه إبن حبان (1657) والدارمي (2 / 222 - 223) والطحاوي في " شرح معاني الآثار " (2 / 126) وإبن الجارود (1043) والبيهقي (9 / 77) وأحمد (2 / 22 ، 23 ، 76 ، 91) من طرق عن نافع أن عبد الله بن عمر أخبره : " أن إمرأة وجدت في بعض مغازي النبي (صلى الله عليه وسلم) مقتولة ، فأنكر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قتل النساء والصبيان " . وفي رواية " فنهى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن قتل . . . " .
[ 35 ]
وهما للشيخين ، والآخرون روى بعضهم هذه ، وبعضهم الأخرى . وجمع بينهما أحمد في رواية فقال : " فأنكر ذلك ونهى عن . . . " . قلت : وإسناده صحيح على شرط الشيخين . وفي الباب عن رباح بن الربيع قال : كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في غزوة ، فراى الناس مجتمعين على شئ ، فبعث رجلا ، فقال : انظر علام إجتمع هؤلاء ، فجاء ، فقال : على إمرأة قتيل ، فقال : ما كانت هذه لتقاتل ، قال : وعلى المقدمة خالد بن الوليد ، فبعث رجلا ، فقال : قل لخالد : لا يقتلن إمرأة ولا عسيفا " . أخرجه أبو داود (2669) والنسائي (44 / 1 - 2) والطحاوي (2 / 127) والحاكم (2 / 122) وأحمد (3 / 488) من طرق عن المرقع بن صيفي عن جده رباح بن الربيع ، وقال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " ! ووافقه الذهبي ! قلت : حسبه أن يكون حسنا ، فإن المرقع هذا لم يخرج له الشيخان شيئا ، ولم يوثقه غير إبن حبان ، لكن روى عنه جماعة من الثقات ، وقال الحافظ في " ا لتقريب " : " صدوق " . وعن الأسود بن سربع قال : " خرجنا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في غزاة ، فظفرنا بالمشركين ، فأسرع الناس في القتل ، حتى قتلوا الذرية ، فبلغ ذلك النبي (صلى الله عليه وسلم) ، فقال : ما بال أقوام ذهب بهم القتل ، حتى قتلوا الذرية ؟ ! ألا لا تقتلوا ذرية ، ثلاثا " أخرجه النسائي (ق 44 / 1) والدارمي (2 / 223) وإبن حبان (1658) والحاكم (2 / 123) وأحمد (3 / 435 ، 4 / 24) من طرق عن الحسن عنه . وقال الحاكم :
[ 36 ]
" صحيح على شرط الشيخين " . ووافقه الذهبي . قلت : وهو كما قالا ، فقد صرح الحسن وهو البصري بالتحديث عند النسائي وهو رواية للحاكم . 1211 - (حديث " سبي هوازن " . رواه أحمد والبخاري) . ص 288 صحيح . وهومن رواية الزهري عن عروة أن مروان بن الحكم والمسور ابن محرمة أخبراه : " أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قام حين جاءه وفد هوازن مسلمين ، فسألوه أن يرد إليهم أموالهم وسبيهم ، فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : أحب الحديث إلى أصدقه ، فاختاروا إحدى الطائفتين : إما السبي ، وإما المال ، فقد كنت أستأنيت بهم - وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) انتظرهم بضع عشرة ليلة ، حين قفل من الطائف ، فلما تبين لهم أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) غير راد إليهم إلا إحدى الطائفتين ، قالوا : فإنا نختار سبينا ، فقام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في المسلمين ، فأثنى على الله بما هو أهله ، ثم قال : أما بعد فإن إخوانكم هؤلاء قد جاؤنا تائبين ، وإني قد رأيت أن أرد إليهم سبيهم ، فمن أحب فعلم أن يطيب بذلك فليفعل ، ومن أحب أن يكون منكم على حظه حتى نعطيه إياه من أول ما يفئ الله علينا فليفعل ، فقال الناس : قد طيبنا ذلك لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : إنا لا ندري من أذن منكم في ذلك ممن لم يأذن ، فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم ، فرجع الناس ، فكلمهم عرفاؤهم ، ثم رجعوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فأخبروه أنهم قد طيبوا وأذنوا " . أخرجه البخاري (2 / 62 - 63 و 122 و 134 و 139 - 140 و 283 و 287 - 288 و 3 / 148 و 4 / 365) وأحمد (4 - 326 - 327) وكذا أبو داود (2693) والبيهقي (9 / 64) . وله شاهد من حديث محمد بن اسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده نحوه .
[ 37 ]
أخرجه أبو داود (2694) والنسائي (2 / 133) وأحمد (2 / 184 و 218) وصرح في روايته ابن اسحاق بالتحديث . قلت : وهذا إسناد حسن . وقال ابن اسحاق أيضا : حدثني نافع مولى عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر قال : " أعطى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عمر بن الخطاب جارية من سبي هوازن ، فوهبها لي فبعثت بها إلى أخوالي من بني جمح ليصلحوا لي منها ، حتى أطوف بالبيت ، ثم آتيهم ، وأنا أريد أن أصيبها إذا رجعت إليها ، قال : فخرجت من المسجد حين فرغت ، فإذا الناس يشتدون ، فقلت : ما شأنكم ؟ قالوا : رد علينا رسول الله (صلى الله وعليه سلم) أبناءنا ونساءنا ، قال : قلت : تلك صاحبتكم في بني جمح فاذهبوا فخذوها ، فذهبوا فأخذوها " . أخرجه أحمد (2 / 69) . قلت : وإسناده حسن أيضا . 1212 - (حديث " عائشة في سبايا بني المصطلق " رواه أحمد) . أخرجه أحمد (6 / 277) من طريق ابن إسحاق قال : حدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين قالت : " لما قسم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سبايا بني المصطلق ، وقعت جويرية بنت الحارث في السهم لثابت بن قيس بن الشماس ، أو لابن عم له ، وكاتبته على نفسها ، وكانت امرأة حلوة ملاحة ، لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه ، فأتت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تستعينه في كتابتها ، قالت : فوالله ما هو إلا أن رأيتها على باب حجرتي ، فكرهتها ، وعرفته أنه سيرى منها ما رأيت ، فدخلت عليه ، فقالت : يا رسول الله أنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيد قومه ، وقد أصابني ما لم يخف عليك ، فوقعت في السهم لثابت بن قيس بن الشماس ، أو
[ 38 ]
لابن عم له ، فكاتبته على نفسي ، فجئتك أستعينك على كتابتي ، قال : فهل لك في خيرمن ذلك ؟ قالت : وما هو يا رسول الله ؟ قال : أقضى كتابتك وأتزوجك ، قالت : نعم يارسول الله ، قال : قد فعلت . قالت : وخرج الخبر إلى الناس أن رسول الله (صل الله عليه والسلم) تزوج جويرية بنت الحارث ، فقال الناس أصهار رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فأرسلوا ما بأيديهم ، قالت : فلقد أعتق بتزويجه إياها مائة أهل بيت من بنئ المصطلق ، فما أعلم امرأة أعظم بركة على قومها منها " . قلت : وهذا اسناد حسن " وأخرجه الحاكم (4 / 26) من هذا الوجه وسكت عليه هو والذهبي دون قوله : " قالت : فو الله ما هو إلا . . . " . ثم روى من طريق مجاهد قال : قالت جويرية بنت الحارث لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) : " إن أزواجك يفخرن علي يقلن : لم يتزوجك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، انما أنت ملك يمين ! فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ألم أعظم صداقك ؟ ألم أعتق أربعين رقبة من قومك ؟ ") . قلت : واسناده مرسل صحيح . 1213 - (حديث قتل النبي (صلى الله عليه وسلم) ، رجالا من بني قريظة وهم بين الست مائة والسبع مائة) صحيح بغير هذا العدد . وهو من حديث جابر بن عبد الله قال : " رمي يوم الاحزاب سعد بن معاذ ، فقطعوا اكحله ، فحسمه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالنار ، فانتفخت يده ، فحسمه أخرى ، فانتفخت يده ، فنزفه . فلما رأى ذلك ، قال : اللهم لا تخرج نفسي حتى تقرعيني من بني قريظة ، فاستمسك عرقه ، فما قطر قطرة ، حتى نزلوا على حكم سعد ، فأرسل إليه ، فحكم أن تقتل رجالهم ، ويستحى نساؤهم وذراريهم ، ليستعين بهم المسلمون ، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : أصبت حكم الله فيهم ، وكانوا أربعمائة ، فلما فرغ من قتلهم ، إنفتق عرقه فمات " .
[ 39 ]
أخرجه النسائي في " الكبرى " (48 / 2) والترمذي (1 / 300) والدارمي (2 / 238) وأحمد (3 / 35 0) من طريق الليث بن سعد عن أبي الزبير عنه وقال الترمذي : وهذا حديث حسن صحيح " . قلت : وهو على شرط مسلم . وقد أخرج أوله (7 / 22) وكذا أحمد (3 / 312 ، 386) من طريق أبي خيثمة عن أبي الزبير به إلى قوله " فحسمه " المرة الثانية . وزاد " بيده بمشقص " وأما العدد الذي ذكره المصنف ، فإنما أورده ابن هشام في " السيرة " (3 / 251 - 252) عن ابن اسحاق معضلا فقال : " وهم ست مائة ، أو سبع مائة ، والمكثر لهم يقول : كانوا بين الثمان مائة ، والتسع مائة " . 1214 - (حديث أنه (صلى الله عليه وسلم) قتل يوم بدر النضر بن الحارث ، وعقبة بن أبي معيط صبرا ") ضعيف . رواه البيهقي (9 / 64) عن الشافعي : أنبأ عدد من أهل العلم من قريش وغيرهم من أهل العلم بالمغازي أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أسر النضر ابن الحارث العبدي يوم بدر ، وقتله بالبادية أو الاثيل صبرا ، وأسر عقبة بن أبي معيط فقتله صبرا " . قلت وهذا معضل كما ترى . وقال ابن اسحاق في سياق قصة بدر : ثم أقبل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قافلا إلى المدينة ، ومعه الأسرى من المشركين ، وفيهم عقبة بن أبي معيط ، والنفر بن الحارث . . . حتى إذا كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالصفراء ، قتله علي بن أبي طالب كما أخبرني بعض أهل العلم من أهل مكة . ثم خرج ، حتى إذا كان عرق الظبية قتل عقبة بن أبي معيط ، فقال عقبة حين أمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بقتله : فمن للصبية يا محمد ! قال : النار ، فقتله عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح الانصاري أخو بني عمرو بن عوف ، كما حدثني
[ 40 ]
أبو عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر . ذكره ابن هشام في " السيرة " (2 / 297 - 298) ثم قال : " ويقال قتله علي بن أبي طالب ، فيما ذكر لي ابن شهاب الزهري وغيره من أهل العلم " . وفي " البداية " للحافظ ابن كثير (3 / 305 - 306) : " وقال حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن الشعبي قال : " لما أمرالني (صلى الله عليه وسلم) بقتل عقبة ، قال : أتقتلني يا محمد من بين قريش ؟ قال : نعم ، أتدرون ما صنع هذا بي ؟ جاء وأنا ساجد خلف المقام ، فوضع رجله على عنقي ، وغمزها ، فما رفعها حتى ظننت أن عيني ستندران ، وجاء مرة أخرى بسلاشاة فألقاه على رأسي ، وأنا ساجد ، فجاءت فاطمة فغسلته عن رأسي " . قلت : وهذا مرسل . وجملة القول إني لم اجد لهذه القصة اسنادا تقوم به الحجة ، على شهرتها في كتب السيرة وما كل ما يذكر فيها ، ويساق مساق المسلمات ، يكون على نهج أهل الحديث من الامور الثابتات . نعم قد وجدت لقصة عقبة خاصة أصلا ، فيما رواه عمرو بن مرة عن ابراهيم ، قال : أراد الضحاك بن قيس ، أن يستعمل مسروقا . فقال له عمارة ابن عقبة : أتستعمل رجلا من بقايا قتلة عثمان ؟ ! فقال له مسروق : حدثنا عبد الله بن مسعود - وكان في أنفسنا موثوق الحديث - أن النبي (صلى الله عليه وسلم) لما أراد قتل أبيك ، قال : من للصبية ؟ قال النار ، فقد رضيت لك ما رضي لك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) . أخرجه أبو داود (2686) والبيهقي (9 / 65) من طريق عبد الله بن جعغر الرقي ، قال : أخبرني عبد الله بن عمرو بن زيد بن أبي أنيسة عن عمرو ابن مرة . قلت : وهذا إسناد جيد ، رجاله ثقات كلهم رجال الشيخين .
[ 41 ]
وله شاهد من حديث عبد الله بن عباس يأتي ذكره في تخريج الحديث (6 ، 12) . 1215 - (حديث " أنه (صلى الله عليه وسلم) قتل يوم أحد أبا عزة الجمحي ") ص 288 . ضعيف . ذكره ابن اسحاق بدون إسناد ، قال : " وكان رسول الله (ص) أسر ببدر ، تم من عليه ، فقال : يا رسول الله أقلني ، فقال رسول الله (ص) : " والله لا تمسح عارضيك بمكة بعدها ، وتقول خدعت محمدا مرتين ، اضرب عنقه يا زبير ، فضرب عنقه " ذكره ابن هشام في " السيرة " (3 / 110) ثم قال : " وبلغني عن سعيد بن المسيب أنه قال : قال له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : إن المؤمن لا يلدغ من حجر مرتين ، اضرب عنقه يا عاصم بن ثابت ، فضرب عنقه " . قلت : وهذا مع بلاغه مرسل ، وقد وصله البيهقي (9 / 65) من طريق عمد بن عمر ، حدثني محمد بن عبد الله عن الزهري عن سعيد بن المسيب به مطولا . قلت : وإسناده واه جدا ، من اجل محمد بن عمر وهو الواقدي وهو متروك . وأما حديث " لا يلاغ المؤمن من حجر مرتين " فصحيح اتفق الشيخان على إخراجه ، وأما سببه المذكور فلا يصح ، وإن جزم به العسكري ، ونقله عنه المناوي في " فيض القدير " ساكتا عليه ، غير مبين لعلة ! وتبع العسكري آخرون كابن بطال والتوربشني كما نقله الحافظ في " الفتح " (10 / 440) ، وأشار إلى ضعفه فراجعه ان شئت . 1216 - (حديث " أنه (صلى الله عليه وسلم) ، من على ثمامة بن أثال ") . صحيح . أخرجه البخاري (3 / 165) ومسلم (5 / 158 - 159) وأبو داود (2679) وأحمد (2 / 452) من طريق الليث قال : حدثني سعيد أبن أبي سعيد أنه سمع أبا هريرة قال :
[ 42 ]
" بعث النبي (ص) ، خيلا قبل نجد ، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له : ثمامة بن أثال ، فربطوه بسارية من سواري المسجد ، فخرج إليه النبي (ص) ، فقال : ما عندك يا ثمامة ؟ فقال : عندي خير يا محمد ، إن تقتلني تقتل ذا دم ، وإن تنعم تنعم على شاكر ، وإن كنت تريد المال فسل منه ما شئت ، فترك حتى كان الغد ، ثم قال له : ما عندك يا ثمامة ؟ قال : ما قلت لك : إن تنعم تنعم على شاكر ، فتركه حتى كان بعد الغد ، فقال : ما عندك يا ثمامة ؟ قال : عندي ما قلت لك ، قال : أطلقوا ثمامة ، فانطلق إلى نخل قريب من المسجد ، فاغتسل ، ثم دخل المسجد ، فقال : أشهد أن لا اله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، يا محمد والله ما كان على الارض وجه أبغض الي من وجهك ، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلي ، والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك ، فأصبح دينك أحب الدين إلي ، والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك فأصبح بلدك أحب البلاد إلي ، وإن خيلك أخذتني ، وأنا أريد العمرة ، فماذا ترى ، فبشره النبي (ص) ، وأمره أن يعتمر ، فلما قدم مكة ، قال له قائل ، صبوت ؟ قال : لا ، ولكن أسلمت مع محمد رسول الله (ص) ، ولا والله لا تأتيكم من اليمامة حبة حنطة ، حتى يأذن فيها النبي (ص) " . - ثم أخرج مسلم (5 / 1 59) وللبيهقي (9 / 65 - 66) عن عبد الحميد بن جعفر وهذا عن ابن إسحاق ، وأحمد (2 / 246) عن ابن عجلان ثلاثتهم عن سعيد المقبري به مطولا ومختصرا . وفي حديث الاخرين زيادة واللفظ لأولهما : " وانصرف إلى بلده ، ومنع الحمل إلى مكة ، حتى جهدت قريش ، فكتبوا إلى رسول الله (ص) " يسألونه بأرحامهم أن يكتب إلى ثمامة يخلي إليهم حمل الطعام ، ففعل رسول الله (ص) " . وزاد ابن عجلان قبلها : " حتى قال عمر : لقد كان والله في عيني أصغر من الخنزير ، وإنه في عيني ، أعظم من الجبل " . . وإسناد هاتين الزيادتين حسن . 1216 / 1 - (حديث : " أنه (ص) " من على أبي عزة الشاعر ") . ص 289 .
[ 43 ]
ضعيف . وقد سبق تخريجه قبل حسيث . 2 / 1216 - (حديث " أنه (ص) " من على أبي العاص بن الربيع ") . ص 289 حسن . أخرجه ابن إسحاق في " السيرة " (2 / 307 - 308) ومن طريقه أبو داود (2692) وابن الجارود (1090) والحاكم (3 / 236) وأحمد (6 / 276) قال : وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عائشة قالت : " لما بعث أهل مكة في فداء أسراهم ، بعثت زينب بنت رسول الله (ص) في فداء أبي العاص بن الربيع بمال ، وبعثت فيه بقلادة لها كانت خديجة أدخلتها بها على أبي العاص حين بنى عليها ، قالت : فلما رآها رسول الله (ص) ، رق لها رقة شديدة ، وقال : ان رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها ، وتردوا عليها مالها ، فافعلوا ، فقالوا : نعم يارسول الله ، فأطلقوه ، وردوا عليها النبي لها " . قلت : . سكت عليه الحاكم ثم الذهبي وإسناده حسن . 1217 - (حديث " أنه (ص) " ، فدى رجلين من أصحابه برجل من المشركين من بني عقيل " رواه أحمد والترمذي وصححه) . صحيح . أخرجه أحمد (4 / 426 ، 432) والترمذي (1 / 297) وكذا النسائي في " الكبرى " (ق 47 / 2) والدارمي (2 / 223) من طريق أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين به ، وليس عند للترمذي : " من بني عقيل " وقال : " هذا حديث حسن صحيح ، . قلت : وهو على شرط مسلم ، وقد أخرجه في " صحيحه " (5 / 78) في قصته وهو رواية للدارمي (2 / 236 - 237) وكذا النسائي (39 / 1) وأحمد (4 / 43 0 ، 433 - 434) . وهو عند الطحاوي (2 / 152 - 153) والبيهقي (9 / 62) مختصرا ومطولا .
[ 44 ]
1218 - (حديث " أنه في (ص) فدى أهل بدر بمال " . رواه أبو داود) . صحيح . أ خرجه أبو داود (2691) والنسائي في " الكبرى " (47 / 1) والحكم (3 / 140) والبيهقي (9 / 68) عن شعبة عن أبي العنبس عن أبي الشعثاء عن ابن عباس قال : " جل رسول الله (ص) في فداء الأسارى أهل الجاهلية أربعمائة " . واللفظ للبيهقي وزاد أبو داود : " يوم بدر " . وهي عند النسائي أيضا وقال الحكم : صحيح الإسناد " ! ووافقه الذهبي . قلت : بل إسناده ضعيف ، لان أبا العنبس هذا لا يعرف ، ولم يوثقه أحد ، قال ابن أبي حاتم (4 / 2 / 419) : " سمعت أبي لا يسمى ، فقلت : ما حاله ؟ قال : شيخ . وكذا قال أبو زرعة : لا يعرف اسمه . وكذا قال ابن معين " . وقال الحافظ في " التقريب " : " مقبول " . يعني عند المتابعة ، ولم أعرف له متابعا فيما رواه من العدد ، بل قد خولف فيه من بعض الثقات عن ابن عباس نفسه ، فقال الطبراني في " المعجم الكبير " (3 / 149 / 2) : حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري عن عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال : وأخبرنيه عثمان الجزري عن مقسم عن ابن عباس قال : " فادى النبي أسارى بدر ، وكان فداء كل واحد منهم أربعة آلاف ، وقتل عقبة بن أبي معيط قبل الغداء ، قام إليه علي بن أبي طالب فقتله صبرا ، فقال : من للصبية يا محمد ؟ قال النار " . قلت : وهذا اسناد لا بأس به في الشواهد ، وقول الهيثمي في " المجمع "
[ 45 ]
(6 / 89) بعدما عزاه الأوسط الطبراني أيضا : " ورجاله رجال الصحيح " . ليس بصحيح ، لأن عثمان الجزري وهو ابن عمرو بن ساج ليس منهم وفيه ضعف كما في " التقريب " . وأما أصل القصة ، فله شواهد كثيرة أذكر بعضها : الأول : عن عمر بن الخطاب قال : " لما كان يوم بدر ، نظر رسول الله (ص) إلى المشركين ، وهم ألف ، وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلا ، فاستقبل نبي الله (ص) القبلة ، ثم مد يديه ، فجعل يهتف بربه : اللهم أنجز لي ما وعدتني ، اللهم آت ما وعدتني ، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام ، لا تعبد في الأرض ، فما زال يهتف بربه مادا يديه يديه مستقبل القبلة ، حتى سقط رداؤه عن منكبيه ، فأتاه أبو بكر ، فاخذ رداءه ، فألقاه على منكبيه ، ثم التزمه من ورائه ، وقال يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك ، فإنه سينجز لك ما وعدك ، فأنزل الله عزوجل (إذ تستغيثون ربكم ، فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين) قال أبو زميل : فحدثني ابن عباس قال : بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه ، إذ سمع ضربة بالسوط فوقه ، وصوت الفارس يقول : أقدم حيزوم ، فنظر إلى المشرك أمامه ، فخر مستلقيا ، فنظر إليه فإذا هو قد خطم أنفه ، وشق وجهه كضربة السوط ، فاخضر ذلك أجمع فجاء الأنصاري ، فحدث بذلك رسول الله (ص) ، فقال : صدقت ، ذلك من مدد السماء الثالثة . فقتلوا يومنذ سبعين ، وأسروا سبعين ، قال أبو زميل قال ابن عباس : فلما أسروا الاسارى ، قال رسول الله (ص) لأبي بكر وعمر : ما ترون في هؤلاء الأسارى ؟ فقال أبو بكر : يا نبي الله هم بنو العم والعشرة ، وأرى أن نأخذ منهم فدية ، فتكون لنا قوة على الكفار ، فعسى الله أن يهديهم للإسلام فقال رسول الله (ص) : ما ترى يا ابن الخطاب ؟ قلت : لا والله يا رسول الله ما أرى الذي رأى أبو بكر ، ولكني أرى أن تمكنا فنضرب أعناقهم ، فتمكن عليا
[ 46 ]
من عقيل فيضرب عنقه ، وتمكني من فلان (نسيبا لعمر) فأضرب عنقه ، فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها ، فهوى رسول الله (ص) ما قال أبو بكر ، ولم يهو ما قلت ، فلما كان من الغد جئت ، فإذا رسول الله (ص) وأبو بكر قاعدين يبكيان ، قلت : يا رسول الله أخبرني من أي شئ تبكي أنت وصاحبك ؟ فإن وجدت بكاء بكيت ، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما ، فقال رسول الله (ص) : أبكي للذي عرض علي أصحابك من أخذهم الفداء ، لقد عرض على عذابهم أدنى من هذه الشجرة - شجرة قريبة من نبي الله (ص) ، وأنزل الله عزوجل (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض) إلى قوله (فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا) ، فأحل الله الغنيمة لهم " . زاد في رواية : " فلما كان يوم أحد من العام المقبل عوقبوا بما صنعوا يوم بدر ، من اخذهم الفداء ، فقتل منهم سبعون ، وفر أصحاب النبي (ص) عن النبي (ص) ، وكسرت رباعيته ، وهشمت البيضة على رأسه ، وسال الدم على وجهه ، وأنزل الله تعالى : (أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها) الاية ، بأخذكم الفداء " . أخرجه مسلم (5 / 1 56 - 1 58) . والسياق له ، والبيهقي (9 / 67 - 68) وأحمد (1 / 3 0 - 31 و 32 - 33) والزيادة له من طريق عكرمة بن عمار : حدثني أبو زميل سماك الحنفي : حدثني عبد الله بن عباس ، قال : حدثني عمر بن الخطاب . قلت : وعكرمة بن عمار ، وإن احتج به مسلم ، ففيه كلام كثير ، تجده في الميزان " و " التهذيب " ، وقد لخص ذلك الحافظ بقوله في " التقريب " : " صدوق يغلط ، وفي روايته عن يحيى بن أبي كثير اضطراب ، ولم يكن له كتاب " . وأورده الذهبي في " الضعفاء " وقال : " وثقة ابن معين ، وضعفه أحمد " والحديث عزاه الحافظ في " التلخيص " (4 / 109) لأحمد والحاكم فقط ! الثاني : عن ابن عمر قال : ولبعضه طريق أخرى عن ابن عباس عند الطبراني في الكبير " (3 / 142 / 1) . (*) .
[ 47 ]
" استشار رسول الله (ص) في الأسارى أبا بكر ؟ فقال : قومك وعشيرتك ، فخل سبيلهم ، فاستشار عمر ، فقال : اقتلهم ، قال : ففداهم رسول الله (ص) ، فأنزل الله عزوجل (ماكان لنبي أن يكون له أسرى . . .) ، قال : فلقي النبي (ص) عمر قال : كاد أن يصيبنا في خلافك بلاء " . أخرجه الحاكم (2 / 329) وقال : " صحيح الإسناد " . ووافقه الذهبي وزاد عليه فقال : " قلت على شرط مسلم " . وهو كما قال لولا أن فيه إبراهيم بن مهاجر ، قال الحافظ : " صدوق لين الحفظ " . الثالث : عن أنس والحسن قال : " استشار رسول الله (ص) الناس في الأسارى يوم بدر ، فقال : إن الله قد أمكنكم منهم ، فقام عمر بن الخطاب ، فقال : يا رسول الله اضرب ، أعناقهم ، فأعرض عنه النبي (ص) ، قال : ثم عاد النبي (ص) فقال للناس مثل ذلك ، فقام أبو بكر ، فقال : يا رسول الله نرى أن تعفو عنهم ، وتقبل منهم الفداء ، قال : فذهب عن وجه رسول الله (ص) ما كان فيه من الغم ، قال : فعفا عنهم ، وقبل منهم الفداء ، قال : وأنزل الله عزوجل (لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم) إلى آخر الاية " . اخرجه أحمد (3 / 243) : ثنا علي بن عاصم عن حميد عن أنس وذكر رجلا عن الحسن . قلت : وعلي هذا ضعيف لكثرة خطئه وإصراره عليه إذا بين له الصواب . الرابع : عن عبد الله وهو ابن مسعود قال : لما كان يوم بدر قال لهم : ما تقولون في هؤلاء الأسارى ؟ فقال عبد الله ابن رواحة : إيت في واد كثير الحطب ، فاضرم نارا ، ثم ألقهم فيها ، فقال العباس رض الله عنه : قطع الله رحمك ، فقال عمر : (فذكر ما تقدم عنه وكذا
[ 48 ]
قول أبي بكر بنحو ذلك) فقالت طائفة : القول ما قال عمر : فخرج رسول الله (ص) ، فقال : ما تقولون في هؤلاء : إن مثل هؤلاء كمثل أخوة لهم كانوا من قبل ، (قال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا) وقال موسى (ربنا أطمس على أموالهم وأشدد على قلوبهم) الاية . وقال إبراهيم (فمن تبعني ، فإنه مني ، ومن عصاني فإنك غفور رحيم) وقال عيسى (إن تعذبهم ، فإنهم عبادك ، وإن تغفر لهم ، فإنك أنت العزيز الحكيم) وأنتم قوم فيكم غيلة ، فلا ينقلبن أحد منكم إلا بفداء ، أو بضرب عنق ، قال عبد الله : فقلت إلا سهيل ابن بيضاء ، فإنه لا يقتل ، وقد سمعته يتكلم بالإسلام ، فسكت ، فما كان يوم أخوف عندي أن يلقى علي حجارة من السماء يومي ذلك حتى قال رسول الله (ص) إلا سهيل بن بيضاء " . أخرجه الحاكم (3 / 21 - 22) وأحمد (1 / 383 - 384) وأبو يعلى (251 / 2) عن أبي عبيدة بن عبد الله عن أبيه . وقال الحاكم : " صحيح الاسنلد " . ووافقه الذهبي . قلت : بل منقطع ، أبو عبيدة ، لم يسمع من أبيه كما قال الهيثمي (6 / 87) وغيره . الخامس : عن أنس أيضا . " أن رجالا من الأنصار استأذنوا رسول الله (ص) ، فقالوا : يا رسول الله ائذن فلنترك لابن أختنا عباس فداءه ، فقال : لا تدعون منه درهما " . أ خرجه البخاري (2 / 260) . السادس : عن علي قال : " جاء جبريل إلى النمى (ص) يوم بدر ، فقال : خير أصحابك في الاسارى ، إن شاؤوا القتل ، وإن شاؤوا الفدى ، على أن عاما قابل يقتل مثلهم منهم ، فقالوا : الفداء ويقتل منا " . أ خرجه النسائي في " الكبرى " (ق 47 / 1) والترمذي (1 / 297) وابن
[ 49 ]
حبان (1694) من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن شعبان عن هشام عن ابن سيرين عن عبيدة عنه . وقال الترمذي : " حديث حسن غريب ، لا نعرفه إلا من حديث ابن أبي زائدة " . قلت : هو ثقة متقن من رجال الشيخين ، وكذا سائر الرواة فالسند صحيح ، ولا أدري لم اقتصر الترمذي على تحسينه ؟ على أنه لم يتفرد به ، فقد تابعه أزهر عن ابن عون عن محمد به . وزلد في آخره : " فكان آخر السبعين ثابت بن قيس قتل يوم اليمامة " . أخرجه البيهقي (9 / 68) والحاكم (3 / 140) وقال : " صحيح على شرط الشيخين " ووافقه الذهبي . قلت : لكن ذكر الترمذي أن ابن عون رواه عن ابن سيرين عن عبيدة عن النبي (ص) مرسلا . فكأنه اختلف عليه في إسناده ، فرواه عنه أزهر وهو ابن سعد السمان وهو ثقة هكذا موصولا ، ورواه عنه غيره مرسلا . على ما ذكر الترمذي . والله أعلم . 1219 - (روى " أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، كتب إلى أمراء الأنصار ينهاهم عنه ، يعني بيع المسترق الكافر لكافر ") ص 289 لم أقف على سنده الآن . وقد ذكر البيهقي في الباب أحاديث على خلاف هذا الأثر ، ونقل عن الإمام الشافعي تأييدها بالنظر ، فليراجعها من شاء (9 / 128 - 129) . 1220 - (حديث " كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه ، أو . ينصرانه ، أو يمجسانه " . رواه مسلم ص 289 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 341 و 348 و 3 / 308) ومسلم (8 / 53) والطيالسي (2359) وأحمد (2 / 393) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (ص) : فذكره واللفظ للبخاري والطيالسي وزادا واللفظ لهذا :
[ 50 ]
" ألم تروا إلى البهيمة ، تنتج البهيمة ، فما ترون فيها من جدعاء " . طريق ثانية عنه : عن همام بن منبه عنه مرفوعا بلفظ : " ما من مولود إلا يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه ، وينصرانه كما تنتجون البهيمة ، هل تجدون فيها من جدعاء ، حتى تكونوا أنتم تجدعونها ، قالوا : يا رسول الله ، أفرأيت من يموت ، وهو صغير ، قال الله أعلم بما كانوا عاملين " . أخرجه البخاري (4 / 252) واللفظ له ، ومسلم . طريق ثالثة : عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ : " ما من مولود إلا يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه وينصرانه ويشركانه ، فقال رجل يارسول الله (ص) : أرأيت . . . " الحديث . أخرجه مسلم والترمذي (2 / 2 0) والطيالسي (2433) وأحمد (2 / 410 و 481) وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . طريق رابعة : عن سعيد بن المسيب عنه مرفوعا بلفظ : " ما من مولود . . . " الحديث مثل رواية أبي صالح إلا أنه قال : " . . . ويمجسانه ، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء ، هل تحسون فيها من جدعاء ، ثم يقول أبو هريرة : واقرؤوا إن شئتم (فطرة الله التي فطر الناس عليها ، لا تبديل لخلق الله) الاية " . أخرجه مسلم وأحمد (2 / 333 و 275) . طريق خامسة : عن العلاء عن أبيه عنه مرفوعا بلفظ : " كل إنسان تلده أمه على الفطرة ، وأبواه بعد يهودانه ، وينصرانه ويمجسانه ، فإن كانا مسلمين ، فمسلم . كل إنسان تلده أمه يلكزه الشيطان في
[ 51 ]
حضنيه إلا مريم وابنها " . أخرجه مسلم (8 / 53 - 54) . طريق سادسة : عن الأعرج عنه مرفوعا مثل لفظ الطريق الثانية . أخرجه مالك (1 / 241 / 52) وعنه أبو داود (4714) . قلت : وإسناده صحيح على شرط الشيخين . وله شاهدان : أحدهما : عن الأسود بن سريع أن رسول الله (ص) قال : " والذي نفس محمد بيده ما من نسمة تولد ، إلا على الفطرة ، حتى يعرب عنها بلسانها " . أخرجه ابن حبان (1658) وأحمد (3 / 435) والبيهقي (9 / 13 0) عن الحسن عنه . والآخر : وعن أي جعفر عن الربيع بن أنس عن الحسن عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله (ص) مثل الذي قبله ، وزاد : " إما شاكرا ، وإما كفورا " . أخرجه أحمد (3 / 353) . (فصل) 1221 - (حديث : إن الرسول (ص) - قال يوم حنين : من قتل رجلا فله سلبه . فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلا وأخذ أسلابهم " . رواه أحمد وأبو داود) . ص 290 صحيح . أخرجه أبو داود (2718) وكذا الدارمي (2 / 229) وابن
[ 52 ]
حبان (1671) والطحاو ي (2 / 130) وا لحاكم (3 / 130 و 3 / 353) والطيالسي (2079) وأحمد (3 / 114 و 123 و 190 و 279) من طريق حماد بن سلمة عن اسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك به . ولفظ أبي داود والدارمي " كافرا " بدل " رجلا " وهو رواية لأحمد . قلت : هذا إسناد صحيح على شرط مسلم ، كما قال الحاكم ، ووافقه الذهبي . وتابعه أبو أيوب الأفريقي عن اسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة بلفظ : " من تفرد بدم رجل فقتله ، فله سلبه . قال : فجاء أبو طلحة بسلب أحد وعشرين رجلا " . أخرجه أحمد (3 / 198) . قلت : وأبو أيوب اسمه عبد الله بن علي وهو صدوق يخطئ ، فالعمدة على رواية حماد بن سلمة . وله شاهد من حديث أبي قتادة بن ربعي قال : " خرجنا مع رسول الله (ص) عام حنين ، فلما التقينا ، كانت للمسلمين جولة قال : فرأيت رجلا من المشركين ، قد علا رجلا من المسلمين ، قال : فاستدرت له حتى أتيته من ورائه فضربته بالسيف على حبل عاتقه ، فأقبل علي ، فضمني ضمة ، وجدت منها ريح الموت ، ثم أدركه الموت ، فأرسلني ، قال : فلقيت عمر بن الخطاب ، فقلت : ما بال الناس ؟ فقال : أمر الله ، ثم إن الناس رجعوا ، فقال رسول الله (ص) : " من قتل قتيلا له عليه بينة ، فله سلبه " قال : فقمت ، ثم قلت : من يشهد لي ، ثم جلست ، ثم قال ذلك الثالثة ، فقمت ، فقال رسول الله (ص) : مالك يا أبا قتادة ؟ قال : فاقتصصت عليه القصة ، فقال رجل من القوم ، صدق ، يارسول الله ، وسلب ذلك القتيل عندي ، فأرضه عنه يا رسول الله ، فقال أبو بكر : لا ، هاء الله ، إذا لا يعمد إلى أسد من أسد الله ، يقاتل عن الله ورسوله فيعطيك سلبه ، فقال رسول الله (ص) : صدق ، فأعطه إياه ، فأعطانيه ، فبعت الدرع ، فاشتريت به مخرفا في بني سلمة ، فإنه
[ 53 ]
لأول مال تأثلته في الإسلام " . أخرجه مالك (2 / 454 / 18) وعنه البخاري (2 / 287) ومسلم (5 / 148) وأبو داود (2717) وصححه والطحاوي (1 / 130) وابن الجارود (1076) والبيهقي (9 / 50) عن يحيى بن سعيد عن عمر بن كثير بن أفلح عن أبي محمد مولى أبي قتادة عنه . وتابعه سفيان بن عينية عن يحيى بن سعيد به مختصرا جدا . أخرجه الدارمي (2 / 229) وابن ماجه (2837) . وله طريق آخر عن أبي قتادة به مختصرا ، وزاد : " . . . سلبه ودرعه ، فباعه بخمس أواق " . أخرجه أحمد (5 / 307) من طريق ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر عن عبد الرحمن الأعرج عنه . قلت : وابن لهيعة سئ الحفظ ، فلا يحتج بزيادته . ثم رأيته عند الطحاوي من طريق عبد الله بن المبارك عن ابن لهيعة . وحديثه عنه صحيح . والله أعلم . وله طريق أخرى عنه نحو الطريق الأولى يرويهما ابن اسحاق بلفظ : " رأيت رجلين يقتتلان : مسلم ومشرك ، وإذا رجل من المشركين يريد أن يعين صاحبه المشرك على المسلم ، فأتيته فضربت يده فقطعتها ، واعتنقني بيده الأخرى ، فوالله ما أرسلني حتى وجدت ريح الموت ، فلولا أن الدم نزفه لقتلني ، فسقط فضربته فقتلته ، وأجهضني عنه القتال ، ومر به رجل من أهل مكة فسلبه ، فلما فرغنا ووضعت الحرب أوزارها ، قال رسول الله (ص) : من قتل قتيلا فسلبه له . . . الحديث . أخرجه أحمد (5 / 306) . قلت : وإسناده حسن .
[ 54 ]
وعلقه البخاري (3 / 149) من طريق الليث : حدثني يحيى بن سعيد عن عمر بن كثير بن أفلح عن أبي محمد مولى أبي قتادة به نحو حديث ابن اسحاق ، وزاد : " وانهزم المسلمون ، وانهزمت معهم ، فإذا بعمر بن الخطاب في الناس ، فقلت له : ما شأن الناس ؟ قال : أمر الله . . . " الحديث . 1222 - (حديث سلمة بن الأكوع وفيه " قال : ثم تقدمت حتى أخذت بخطام الجمل فأنخته ، فضربت رأس الرجل فندر ثم جئت بالجمل أقوده عليه رحله وسلاحه ، فاستقبلني رسول الله (ص) والناس معه فقال : من قتل الرجل ؟ فقالوا : ابن الأكوع . قال : له سلبه أجمع " . متفق عليه) . صحيح . أخرجه مسلم (5 / 150) وكذا أبو داود (2654) والطحاوي (2 / 13 0 - 131) وأحمد (4 / 49 و 51) من طريق عكرمة بن عمار قال : ثنا إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه قال : " غزونا مع رسول الله (ص) هوازن وغطفان ، فبينما نحن كذلك إذ جاء رجل على جمل أحمر ، فانتزع شيئا من حقب البعير ، فقيد به البعير ، ثم جاء يمشي حتى قعد معنا يتغدى ، قال : فنظر في القوم ، فإذا ظهرهم فيه قلة ، وأكثرهم مشاة ، فلما نظر إلى القوم خرج يعدو ، فأتى بعيره ، فقعد عليه ، قال : فخرج يركضه ، وهو طليعة للكفار فاتبعه رجل منا من أسلم على ناقة له ورقاء ، قال إياس : قال أبي : فاتبعته أعدو على رجلي ، قال : (فأدركته) ، ورأس الناقة عند ورك الجمل ، قال : ولحقته فكنت عند ورك الناقة ، وتقدمت حتى كنت عند ورك الجمل ، ثم تقدمت حتى أخذت بخطام الجمل ، فقلت له ، أخ ، فلما وضع الجمل ركبتيه إلى الأرض اخترطت سيفي ، فضربت رأسه ، فندر ، ثم جئت براحلته أقودها ، فاستقبلني رسول الله (ص) مع الناس ، قال : من قتل الرجل ؟ فقالوا : " الحديث وسياقه لأحمد ، فكان اللائق بالمصنف أن يعزوه
[ 55 ]
إليه . وأما لفظ البخاري ، فهو أبعد عن هذا بكثير ، لأنه عنده (2 / 360) من طريق أبي العميس عن إياس بن سلمة به بلفظ : " أتى النبي (ص) عين من المشركين ، وهو في سفر ، فجلس عند أصحابه ، يحدث ، ثم انفتل ، فقال النبي (ص) : أطلبوه واقتلوه ، فقتله ، فنفله سلبه " . وأخرجه أبو داود (2653) والنسائي في " الكبرى " (35 / 1) والطحاوي (2 / 131) والبيهقي (9 / 147) وأحمد (4 / 50 - 51) . وأخرجه ابن ماجه (2836) من الطريقين معا عن إياس به مختصرا بلفظ : " بارزت رجلا ، فقتلته ، فنفلني رسول الله سلبه " . وأورده البوصيري في " زوائد سنن ابن ماجه " (ق 176 / 1) وقال : " هذا إسناد صحيح رجاله ثقات ، واسم أبي العميس عتبة بن عبد الله " ! فخفي عليه أنه على شرط كل من الشيخين ، وأنهما أخرجاه بأتم منه ! ولولا ذاك لما أورده . 1223 - (روى عوف بن مالك وخالد بن الوليد أن رسول الله (ص) قضى بالسلب للقاتل ولم يخمس السلب) رواه . أبو داود . صحيح . أخرجه أبو داود (2721) والطحاوي (2 / 130) عن إسماعيل بن عياش عن صفوان بن عمرو عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عنهما به . قلت : وهذا إسناد صحيح شامي ، وقد تابعه أبو المغيرة قال : ثنا صفوان ابن عمرو به . اخرجه ابن الجارود (1077) ، وأخرجه أحمد (26 / 6) : ثنا أبو المغيرة به مطولا ، ولفظه عنده عن عوف بن مالك الاشجعي قال :
[ 56 ]
" غزونا غزوة إلى طرف الشام ، فأمر علينا خالد بن الوليد ، قال : فانضم إلينا رجل من أمداد حمير ، فأوى إلى رحلنا ليس معه شئ ، إلا سيف ، ليس معه سلاح غيره ، فنحر رجل من المسلمين جزورا ، فلم يزل يحتل ، حتى أخذ من جلده كهيئة المجن ، حتى بسطه على الأرض ، ثم وقد عليه حتى جف ، فجعل له ممسكا ، كهيئة الترس ، فقضى أن لقينا عدونا ، فيهم أخلاط من الروم والعرب من قضاعة ، فقاتلونا قتالا شديدا ، وفي القوم رجل من الروم على فرس له أشقر ، وسرج مذهب ، ومنطقة ملطخة ذهبا ، وسيف مثل ذلك فجعل يحمل على القوم ، ويغري بهم ، فلم يزل ذلك المددي يحتال لذلك الرومي حتى مر به ، فاستقفاه فضرب عرقوب فرسه بالسيف فوقع ، ثم أتبعه ضربا بالسيف حتى قتله ، فلما فتح الله الفتح ، أقبل يسأل للسلب ، وقد شهد له الناس بأنه قاتله ، فأعطاه خالد بعض سلبه ، وأمسك سائره ، فلما رجع إلى رحل عوف ، ذكره ، فقال له عوف : إرجع إليه فليعطك ما بقي فرجع إليه ، فأبى عليه ، فمشى عوف حتى أتى خالدا ، فقال : أما تعلم أن رسول الله (ص) قضى بالسلب للقاتل ؟ قال : بلى ، قال : فما يمنعك أن تدفع إليه سلب قتيله ؟ قال خالد : استكثرته له ، قال عوف : لئن رأيت وجه رسول الله (ص) ، لأذكرن ذلك له ، فلما قدم المدينة ، بعثه عوف ، فاستعدى إلى النبي (ص) ، فدعا خالدا ، وعوف قاعد ، فقال رسول الله (ص) : ما يمنعك يا خالد أن تدفع إلى هذا سلب قتيله ؟ قال : استكثرته له يارسول الله ، فقال : إدفعه إليه ، قال : فمر بعوف ، فجر عوف بردائه ، فقال : ليجزي لك ما ذكرت من رسول الله (ص) ، فسمعه رسول الله (ص) فاستغضب ، فقال : لا تعطه يا خالد ! هل أنتم تاركي امرائي ؟ إنما مثلكم ومثلهم ، كمثل رجل اشترى إبلا وغنما ، فدعاها ، ثم تخير سقيها ، فأوردها حوضا ، فشرعت فيه ، فشربت صفوة الماء ، وتركت كدره ، فصفوة أمرهم لكم ، وكدره عليهم " . وقد توبع على هذا السياق والتمام ، فقال أحمد (6 / 27 - 28) : ثنا الوليد ابن مسلم قال : حدثني صفوان بن مسلم به . قال الوليد : سألت ثورا عن هذا الحديث ؟ فحدثني عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير عن عوف بن مالك الأشجعي نحوه .
[ 57 ]
وأخرجه أبو داود (2719) من طريق أحمد ، وعنه البيهقي (6 / 310) وأخرجه مسلم (5 / 149) من طريق أخرى عن الوليد به ، وفيه : " قال عوف : فقلت يا خالد أما علمت أن رسول الله (ص) قضى بالسلب للقاتل ؟ قال : بلى ، ولكني استكثرته " . وليس عنده : " قال الوليد : سألت ثورا . . . " . وأخرجه أيضا من طريق معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير به ، أخصر منه . (تنبيه) : مما نقلته عن مسلم يتبين صواب قول الحافظ في " التلخيص " (3 / 105) بعد أن عزى حديث الكتاب لأحمد وأبي داود وابن حبان والطبراني : " وهوثابت في " صحيح مسلم " في حديث طويل ، فيه قصة لعوف بن مالك مع خالد بن الوليد " . وأن رد الشوكاني عليه بأنه ليس في صحيح مسلم خطأ منه ، وإن أقره عليه المعلق على " المنتقى " لابن الجارود . 1224 - (وبارز البراء مرزبان الزارة فقتله فبلغ سواره ومنطقته ثلاثين ألفا فخمسه عمر ودفعه إليه ، رواه سعيد) . صحيح . أخرجه الطحاوي في " شرح المعاني " (2 / 132) : حدثنا يونس قال : ثنا سفيان عن أيوب عن ابن سيرين عن أنس بن مالك . " أن البراء بن مالك أخا أنس بن مالك بارز مرزبان الزارة (1) فطعنه (1) الأصل " الضرارة " ، وعلى الهامش " نسخة : الغزارة " والصواب ما أثبتنا ففي " معجم البلدان " : والزارة بلدة كبيرة بالبحرين ، ومنها مرزبان الزارة ، وله ذكر في الفتوح ، وفتحت الزارة في سنة (12) في أيام أبي بكر الصديق رضي الله عنه وصالحوا " . .
[ 58 ]
طعنة ، فكسر القربوس (1) وخلصت إليه ، فقتله ، فقوم سلبه ثلاثين ألفا ، فلما صلينا الصبح ، غدا علينا عمر ، فقال لأبي طلحة : إنا كنا لا نخمس الأسلاب ، وإن سلب البراء قد بلغ مالا ، ولا أرانا إلا خامسيه ، فقومناه ثلاثين ألفا ، فدفعنا إلى عمر ستة آلاف " . قلت : وهذا سند صحيح . وأخرجه البيهقي (6 / 311) من طريق حماد بن زيد عن أيوب به . إلا أنه قال : " فدق صلبه ، وأخذ سواريه ، وأخذ منطقته . . " وفيه : " فقيل لمحمد : فخمسه ؟ فقال : لا أدري " . وأخرجه من طريق هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عنه بلفظ : " أن أول سلب خمس في الإسلام سلب البراء بن مالك ، كان حمل على المرزبان فطعنه ، فقتله ، وتفرق عنه أصحابه ، فنزل إليه ، فأخذ منطقته وسواريه ، فلما قدم ، مشى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، حتى أتى أبا طلحة الأنصاري . . . " فذكره مثل رواية الطحاوي ، دون قوله في آخرها : " فدفعنا إلى عمر ستة آلاف " . وسنده صحيح أيضا . ثم رواه من طريق قتادة عن أنس به نحوه وفيه : " فنفله السلاح ، وقوم المنطقة ثلاثين ألفا ، فخمسها ، وقال : إنها مال " . وإسناده لا بأس به . 1225 - (أن النبي (ص) قسم الغنائم كذلك " يعني فأعطى الغانمين أربعة أخماسها ") ص 291 (1) هو حنو السرج وهو قسمه المقوس المرتفع من قدام المقعد ، ومن مؤخرة " . .
[ 59 ]
صحيح مشهور . وفيه أحاديث . الأول : عن ابن عمر قال : رأيت المغانم تجزأ خمسة أجزاء ، ثم يسهم عليها ، فما كان لرسول الله (ص) ، فهو له يتخير . أخرجه الطحاوي (2 / 165) وأحمد (2 / 71) عن ابن لهيعة ثنا عببد الله ابن أبي جعفر عن نافع عنه . قلت : وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد ، فإن رجاله كلهم ثقات ، لولا ما في ابن لهيعة من الكلام بسبب سوء حفظه ، ومع ذلك ، فبعضهم يحسن حديثه ، قال الهيثمي في " المجمع " (5 / 340) : " رواه أحمد ، وفيه ابن لهيعة ، وفيه ضعف ، وحديثه حسن ، وبقية رجاله ثقات " . قلت : وقد رواه نعيم بن حماد قال : ثنا ابن المبارك قال أخبرنا ابن لهيعة به وعبد الله بن المبارك قديم السماع من ابن لهيعة ، ولذلك صحح بعض الأئمة حديثه وسائر العبادة المعروفة عنه ، فإذا كان نعيم قد حفظه عن ابن المبارك فالسند صحيح . والله أعلم . الثاني : عن ابن عباس قال : " كانت الغنيمة تقسم على خمسة أخماس ، فأربعة منها لمن قاتل عليها ، وخمس واحد يقسم على أربعة ، فربع لله ولرسوله ولذي القربى ، يعني قرابة النبي (ص) ، فما كان لله وللرسول ، فهو لقرابة النبي (ص) ، ولم يأخذ النبي (ص) من الخمس شيئا ، والربع الثاني لليتامى ، والربع الثالث للمساكين ، والربع الرابع لابن السبيل ، وهو الضعيف الفقير الذي ينزل بالمسلمين " . أخرجه الطحاوي (2 / 162) عن عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عنه علي ابن أبي طلحة عنه . ومن هذا الوجه أخرجه البيهقي في " سننه " (6 / 693) بأتم منه ، وسيأتي لفظه قريبا بعد حديث .
[ 60 ]
قلت : وهذا سند ضعيف : عبد الله بن صالح فيه ضعف ، وعلي بن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس . الثالث : عن رجل من بلقين قال : " أتيت النبي (ص) ، وهو بوادي القرى ، فقلت : يا رسول الله لمن المغنم ؟ فقال : لله سهم ، ولهؤلاء أربعة أسهم ، قلت : فهل أحد أحق بشئ . من المغنم من أحد ؟ قال : لا حتى السهم يأخذه أحدكم من حينه ، فليس بأحق به من أخيه " أخرجه الطحاوي (2 / 177) . قلت : وإسناده صحيح . 1226 - (عن ابن عمر " أن رسول الله (ص) أسهم يوم خيبر للفارس ثلاثة أسهم ، سهمان لفرسه وسهم له " متفق عليه) . ص 291 صحيح . أخرجه أحمد (2 / 2 ، 41) فقال : ثنا أبو معاوية ثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله (ص) أسهم للرجل وفرسه ثلاثة أسهم : سهما له ، وسهمين لفرسه . ومن طريق أحمد أخرجه أبو داود (2733) . وأخرجه الدارمي (2 / 225) وابن ماجه (2854) وابن الجارود (1084) والدارقطني (468) والبيهقي (6 / 325) من طرق أخرى عن أبي معاوية به . ولفظ الدارمي : " أن رسول الله (ص) أسهم يوم خيبر للفارس ثلاثة أسهم ، وللراجل سهما " . وتابعه أبو أسامة عن عبيد الله به بلفظ : " أسهم رسول الله (ص) للفرس سهمين ، ولصاحبه سهما " . أخرجه البخاري (2 / 216) والدارقطني (467) والبيهقي (9 / 324 - 325) .
[ 61 ]
وخالفهما سليم بن أخضر عن عبيد الله فقال : " قسم في النفل ، للفرس سهمين ، وللرجل سهما " . 72) أخرجه مسلم (5 / 1 56) والترمذي (1 / 293) وأحمد (2 / 6 2 ، وتابعه ابن نمير : حدثنا عبيد الله به . أخرجه مسلم وأحمد (2 / 143) وتابعه سفيان الثوري عنه . أخرجه أحمد (2 / 80 ، 152) : ثنا عبد الرزاق : أنا سفيان به . لكن رواه أبو حنيفة فقال : ثنا سفيان به ، فخالفه في اللفظ فقال : " . . . للرجل سهم ، وللفرس سهمان " . أخرجه البيهقي ، ولم يسق رواية عبد الرزاق ، فكأنه لم تقع له ، ثم قال عقب رواية آبي معاوية وأبي أسامة عن عبيد الله : " والصحيح رواية الجماعة عنهما وعن غيرهما عن عبيد الله كما ذكرنا " . قلت : ويؤيد ذلك رواية زائدة عن عبيد الله به بلفظ : " قسم رسول الله (ص) " يوم خيبر للفرس سهمين ، وللرجال سهما . قال : فسره نافع فقال : إذا كان مع الرجل فرس فله ثلاثة أسهم ، فإن لم يكن له فرس فله سهم " . أخرجه البخاري (3 / 114) وأخرجه الدارقطني (468 - 470) من طرق أخرى عن عبيد الله به على الخلاف المذكور ، ورجح ما رجحه البيهقي . وتابعه عبد الله بن عمر المكبر أخو عبيد الله ، واختلف عليه في لفظه أيضا كما اختلف على أخيه . أخرجه أحمد (2 / 2) والدارقطني والبيهقي . وما رجحاه من اللفظ هو المتعين ، لأن له شواهد كثيرة عن جماعة من الصحابة ، أذكر بعضهم .
[ 62 ]
الأول : عن عبد الله بن الزبير أنه كان يقول : " ضرب رسول الله (ص) عام خيبر للزبير بن العوام أربعة أسهم : سهما للزبير ، وسهما لذي القربى لصفية بنت عبد المطلب أم الزبير ، وسهمين للفرس " . أ خرجه النسائي (2 / 122) والطحاوي (2 / 167) والدارقطني (471) والبيهقي (6 / 326) عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن جده . قلت : وهذا سند صحيح . الثاني : عن الزبير نفسه . " أن النبي (ص) " أعطى الزبير سهما وأمه سهما ، وفرسه سهمين ، أخرجه أحمد (1 / 166) . وإسناده حسن في المتابعات والشواهد . الثالث : عن أبي عمرة عن أبيه قال : " أتينا رسول الله (ص) ونحن أربعة نفر ، ومعنا فرس ، فأعطى كل انسان منا سهما ، وأعطى الفرس سهمين " . أخرجه أحمد (4 / 138) وعنه أبو داود (2734) من طريق المسعودي عنه . قلت : وهذا سند ضعيف ، أبو عمرة هذا مجهول ، والمسعودي كان اختلط . وفي رواية عنه عن رجل من آل أبي عمرة عن أبي عمرة بمعناه إلا أنه قال : " ثلانة نفر " . زاد : " فكان للفارس ثلاثة أسهم " .
[ 63 ]
أخرجه أبو داود (2735) . الرابع : عن ابن عباس . وهو الاتى في الكتاب بعده . (تنبيه) : تبين من تخريجنا لهذا الحديث ، أنه ليس عند مسلم باللفظ الذي أورده المصنف ، ولا بمعناه ، وإنما هو عند البخاري وحده ، فعزوه للمتفق عليه لا يخفي ما فيه ، وقد سبقه إلى مثله الحافظ في " التلخيص " (3 / 106) . 1227 - (عن ابن عباس " أن النبي (ص) أعطى الفارس ثلاثة أسهم وأعطى الراجل سهما " رواه الأثرم) . صحيح . أخرجه البيهقي (6 / 293) عن عبد الله بن صالح حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في سورة الأنفال قوله (يسألونك عن الأنفال ، قل الأنفال لله والرسول) ، قال : الأنفال المغانم ، كانت لرسول الله (ص) خاصة ليس لأحد منها شئ ، ما أصاب سرايا المسلمين ، أتوا به ، فمن حبس منه إبرة أو سلكا فهو غلول ، فسألوا رسول الله (ص) " أن يعطيهم منها ، قال الله تبارك وتعالى : (يسألونك عن الأنفال ، قل الانفال) لي جعلتها لرسولي ، ليس لكم منها شئ (فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم) إلى قوله (إن كنتم مؤمنين) ثم أنزل الله عزوجل (واعلموا أنما غنمتم من شئ ، فأن لله خمسه وللرسول) ثم قسم ذلك الخمس لرسول الله ولذي القربى ، يعني قرابة النبي (ص) واليتامى والمساكين والمجاهدين في سبيل الله ، وجعل أ ربعة أخماس الغنيمة بين الناس ، الناس فيه سواء " للفرس سهمان ، ولصاحبه سهم ، وللراجل سهم . كذا وقع في الكتاب " والمجاهدين " وهو غلط ، إنما هو ابن السبيل " . قلت : وهذا سند ضعيف فيه علتان ، سبق بيانهما قبل حديث . وأورده الهيثمي في " المجمع " . (5 / 340) بنحوه وفي سياقه غرابة ، وقال : " رواه الطبراني ، وفيه نهشل بن سعيد وهو متروك " . قلت : لكن المقدار الذي اورده المصنف منه صحيح ، لأنه يشهد له حديث ابن عمر الذي قبله ، وما سقنا في تخريجه من الشواهد .
[ 64 ]
ثم وجدت له طريقا أخرى بلفظ : " أن رسول الله (ص) أعطى يوم بدر الفرس سهمين والرجل سهما) . قال الهيثمى (5 / 341) : " رواه أبو يعلى ، وفيه محمد بن أبي ليلى وهو سئ الحفظ ويتقوى بالمتابعات " . 1228 - (حديث ابن الأقمر (1) قال : " أغارت الخيل على الشام فأدركت العراب من يومها وأدركت الكودان ضحى الغد ، وعلى الخيل رجل من همدان يقال له : المنذر بن أبي حميضة (2) فقال : لا أجعل التي أدركت من يومها مثل التي لم تدرك ففصل الخيل فقال عمر : هبلت الوداعي أمه أمضوها على ما قال ! . رواه سعيد) . ضعيف . أخرجه البيهقي (6 / 328) من طريق الأسود بن قيس عن ابن الأقمر قال : فذكره . وقال : " قال الشافعي : هذا خبر مرسل ، لم يشهد (يعني بن الأقمر) ما حدث به " . قلت : ابن الأقمر " هذا لم أعرفه ، ثم عرفنا من كلام الشافعي الاتي ذكره في الذي بعده أن اسمه كلثوم ابن الأقمر ، وقد ذكره ابن أبي حاتم (3 / 2 / 163 / 925) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا . وفي الميزان : " قال ابن المديني : مجهول " وأما ابن حبان ، فأورده في " الثقات " (1 / 195) وقال : " أخو علي بن الأقمر ، يروي عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ، يروي عنه أهل الكوفة " . (1) الأصل " أبي الأقمر " وهو خطأ صححته من كتب الرجال . (2) كذا الأصل ، وفي " البيهقي " ابن ابي حمصة " وهلى هامشه : " هامش ، صوابه : " ابن حمصة " .
[ 65 ]
وله شاهد من حديث ابن عباس : " أن النبي (ص) لم يعط الكودن شيئا ، وأعطاه دون سهم العراب في القوة والجودة ، والكودن البرذون البطئ " . قال الهيثمي في " المجمع " (5 / 341) : " رواه الطبراني ، وفيه أ بو بلال الأشعري وهو ضعيف " . 1229 - (عن مكحول أن النبي (ص) أعطى الفرس العربي سهمين وأعطى الهجين سهما . أخرجه سعيد) . ضعيف . قال الشافعي رحمه الله : " وقد ذكر عن النبي (ص) أنه فضل العربي على الهجين ، وأن عمر فعل ذلك . قال : ولم يرو ذلك إلا مكحول مرسلا ، والمرسل لا تقوم بمثله عندنا حجة ، وكذلك حديث عمر رضي الله عنه ، وهو عن كلثوم بن الأقمر مرسل . أنا حماد بن خالد عن معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن مكحول ، أن النبي (ص) عرب العربي ، وهجن الهجين " . ذكره البيهقي (6 / 328) ، ثم رواه هو بسنده عن حماد بن خالد به مرسلا وقال : " هذا هو المحفوظ ، مرسل ، وقد رواه أحمد بن محمد الجرجاني - سكن حمص - عن حماد بن خالد عن معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن مكحول ، عن زياد بن جارية عن حبيب بن مسلمة موصولا " . ثم رواه بسنده عن ابن عدي عن محمد بن عوف ثنا أحمد بن محمد الجرجاني به فذكره وزاد في متنه : " للفرس سهمان ، وللهجين سهم " وقال ابن عدي : " هذا لا يوصله غير أحمد ، وأحاديثه ليست بمستقيمة ، كأنه يغلط فيها " .
[ 66 ]
قلت : ورواه محمد بن يزيد بن عبد الصمد في " حديثه عن أبي محمد الجرجاني " (ق 163 - 164) حدثنا أحمد (يعني ابن أبي أحمد الجرجاني) به . وكذا رواه أبو القاسم السهمي في " تاريخ جرجان " (25 / 10) عن شيخه ابن عدي بأسناد آخر له عن أحمد بن أبي أحمد الجرجاني به دون الزيادة . وابن أبي أحمد ، هو نفس ابن محمد الجرجاني كما نص عليه الذهبي ، وضعفه . يقول ابن عدي المتقدم : " ليس حديثه بمستقيم " . ثم روى البيهقي من طريق أبي داود في " المراسيل " عن أحمد بن حنبل عن وكيع عن محمد بن عبد الله الشعيثي عن خالد بن معدان : " أسهم رسول الله (ص) للعراب سهمين ، وللهجين سهما " . وقال البيهقي : " وهو منقطع ، لا تقوم به حجة " . 1230 - (روى الأوزاعي أن رسول الله (ص) كان يسهم للخيل وكان لا يسهم للرجل فوق فرسين وإن كان معه عشرة أفراس) . ص 291 - 292 ضعيف . رواه سعيد بن منصور عن إسماعيل بن عياش عن الأوزاعي . ذكره الحافظ في " التلخيص " (4 / 107) وقال : " وهو معضل " . ويعارضه ما في " سنن البيهقي " (6 / 328 - 329) : " وذكر عبد الوهاب الخفاف عن العمري عن أخيه أ ن الزبير وافى بأفراس
[ 67 ]
يوم خيبر ، فلم يسهم له إلا لفرس واحد " . وهو ضعيف أيضا ومنقطع . 1231 - (عن أزهر بن عبد الله (1) أن عمر كتب إلى أبي عبيدة بن الجراح أن أسهم للفرس سهمين وللفرسين أربعة أسهم ولصاحبهما سهما فذلك خمسة أسهم . رواه سعيد) . ص 292 ضعيف . أزهر بن عبد الله وهو الحرازي الحمصي ، تابعي صدوق ، تكلموا فيه للنصب كما في " التقريب " ، وفي " التهذيب " أنه روى عن تميم الداري مرسلا . قلت : فهو عن عمر منقطع بلا ريب . 1232 - (روى الدارقطني عن بشير بن عمرو بن محصن قال : أسهم لي رسول الله (ص) لفرسي أربعة أسهم ولي سهما فأخذت خمسة أسهم ") ص 292 ضعيف . أخرجه الدارقطني سننه (268) : نا إبراهيم بن حماد نا علي بن حرب : حدثني أبي حرب بن محمد : نا محمد بن الحسن عن محمد بن صالح عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن أبيه عن جده بشير بن عمرو ابن محصن به . قلت : وهذا إسناد ضعيف مظلم ، فيه جماعة من المجاهيل : 1 - عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عمرة ، أورده ابن أبي حاتم (2 / 2 / 96) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا . 2 و 3 - محمد بن صالح ومحمد بن الحسن ، لم أعرفهما . (1) الأصل " عبيد الله " مصغرا ، والتصويب في " المغنى " (8 / 407 - 408) وكتب الرجال ، ووقع في " للتلخيص " (3 / 107) " الزهري " بدل " ازهر بن عبد الله " !
[ 68 ]
4 - حرب بن محمد ، والد علي بن حرب ، أورده ابن أبي حاتم (1 / 2 / 252) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا . وأما ابن حبان فذكره في " الثقات " ! 1233 - (قال تميم بن فرع المهري : كنت في الجيش الذي فتحوا الاسكندرية في المرة الآخرة فلم يقسم لي عمرو شيئا وقال : غلام لم يحتلم ، فسألوا أبا بصرة الغفاري ، وعقبة بن عامر فقالا : أنظروا فإن كان قد أشعر فاقسموا له ، فنظر إلي بعض القوم فإذا أنا قد أنبت فقسم لي ، قال الجوزجاني ، هذا من مشاهير حديث مصر وجيده) . ص 292 لم أقف على إسناده . وقد عزاه ابن قدامة في " المغني " (8 / 413) للجوزجاني بإسناده . ولم يسقه ابن قدامة - على عادته - لننظر فيه . وإنما ذكر عنه ما نقله المصنف عنه ، والله أعلم . 1234 - (عن عمير مولى أبي اللحم قال : " شهدت خيبرا مع سادتي فكلموا في رسول الله (ص) فأخبر أني مملرك فأمر لي (بشئ) من خرثي المتاع " رواه أبو داود) ص 293 صحيح . أخرجه أحمد (5 / 223) وعنه أبو داود (2730) والترمذي (1 / 394) والدارمي (2 / 226) وابن ماجه (2855) وابن الجارود (1087) وابن حبان (1669) والحاكم (2 / 131) والبيهقي (6 / 332) عن محمد بن زيد ابن مهاجر بن قنفذ قال : حدثني عمير مولى أبي اللحم قال : فذكره . وقال أبو داود عقبه : " معناه أنه لم يسهم له " . قلت : وجاء ذلك صريحا في رواية ابن ماجه بلفظ : " فلم يقسم لي من الغنيمة " . وإسناده حسن ، وإسناد الأولين صحيح ، وقال الترمذي :
[ 69 ]
" حديث حسن صحيح " . وقال الحاكم : " صحيح الإسناد . ووافقه الذهبي . وقال البيهقي : " أخرج مسلم بهذا الإسناد حديثا آخر في الزكاة ، وهذا المتن أيضا صحيح على شرطه " . وهو كما قال البيهقي رحمه الله ، وهو مما فات شيخه الحاكم ثم الذهبي رحمهما الله تعالى . 1235 - (حديث الأسود بن يزيد " أسهم لهم يوم القادسية " يعني العبيد) . ص 293 لم أقف على إسناده ، وقد ذكره ابن قدامة (8 / 410 - 411) مصدرا إياه بقوله : " روى عن الأسود بن يزيد . . . " . 1236 - حديث ابن عباس " كان رسول الله (ص) يغزو بالنساء فيداوين الجرحى ويحذين من الغنيمة ، فأما بسهم فلم يضرب لهن " رواه أحمد ومسلم . صحيح . أخرجه مسلم (5 / 137) وأحمد (1 / 248 - 249 و 294 و 308 و 352) وكذا أبو داود (2727 و 2728) والترمذي (1 / 294) وابن الجارود (1085 و 1086) والبيهقي (6 / 332) من طرق عن يزيد بن هرمز عنه . وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . وله طريق أخرى ، يرويه الحجاج عن عطاء عن ابن عباس به نحوه وزاد : " وأما العبد فليس له من المغنم نصيب ، ولكنهم قد كان يرضخ لهم " .
[ 70 ]
أخرجه أحمد (1 / 224) . قلت : وإسناده ضعيف من أجل الحجاج وهو ابن أرطاة ، وهو مدلس . لكن هذه الزيادة صحيحة ، فقد روى معناها مسلم وغيره في بعض الروايات من الطريق الأولى . وللحديث طريق ثالث . يرويه ابن أبي ذئب ، وقد اختلف عليه في إسناده ، فقال أبو النضر عن القاسم ابن عباس عن ابن عباس قال : " كان رسول الله (ص) يعطي المرأة والمملوك من الغنائم ما يصيب الجيش " . أخرجه أحمد (1 / 319) : ثنا أبو النضر به . وقال حسين وهو ابن محمد بن بهرام المروزي : أنا ابن أبي ذئب عن رجل عن ابن عباس . " أن النبي (ص) كان يعطي العبد والمرأة من الغنائم " . أخرجه أحمد أيضا ، حدثناه . حسين به . وقال يزيد وهو ابن هارون : (عن ابن أبي ذئب) عمن سمع ابن عباس وقال : دون ما يصيب الجيش " . أخرجه أحمد أيضا . قلت : وهذا إسناد ضعيف لاضطرابه ، ولجهالة الراوي عن ابن عباس فإن كان هو القاسم بن عباس كما قال أبو النضر ، فهو منقطع لأن القاسم بن عباس وهو ابن محمد بن معنب المدني لم يرو عن أحد من الصحابة ، وجل روايته عن التابعين أمثال نافع بن جبير بن مطعم وعبد الله بن عمير مولى ابن عباس وغيرهما . 1237 - (وعنه " كان رسول الله (ص) يعطي المرأة والمملوك من الغنائم دون ما يصيب الجيش " رواه أحمد) .
[ 71 ]
ضعيف بهذا اللفظ ، وهو في معنى الذي قبله ، أخرجه أحمد بإسناد فيه اضطراب وانقطاع ، كما سبق بيانه آنفا . 1238 - (حديث حشرج بن زياد عن جدته " أن النبي (ص) أسهم لهن يوم خيبر " رواه أحمد وأبو داود) . ضعيف . أخرجه أبو داود (2729) وأحمد (5 / 271 و 6 / 371) وكذا البيهقي (6 / 333) عن أبي داود من طريق رافع بن سلمة بن زياد : حدثني حشرج بن زياد عن جدته أم أبيه أنها خرجت مع رسول الله (ص) في غزوة خيبر سادس ست نسوة ، فبلغ رسول الله (ص) ، فبعث إلينا ، فجئنا ، فرأينا فيه الغضب ، فقال : مع من خرجتن ، وبإذن من خرجتن ؟ ! فقلنا : يا رسول الله خرجنا نغزل الشعر ، ونعين به في سبيل الله ، ومعنا دواء الجرحى ، نناول السهام ، ونسقي السويق ، فقال : " قمن " حتى إذا فتح الله عليه خيبر ، أسهم لنا كما أسهم للرجال ، قال : فقلت لها : يا جدة وما كان ذلك ؟ قالت : تمرا " . قلت : وهذا إسناد ضعيف رافع بن سلمة ، وحشرج بن زياد لا يعرفان كما قال الذهبي وغيره ، ووثقهما ابن حبان . وروى سعيد بإسناده عن ابن سنبل " أن النبي (ص) ضرب لسهلة بنت عاصم يوم حنين بسهم ، فقال رجل من القوم ، أعطيت سهلة مثل سهمي " . كذا في " المغني " (8 / 411) وسكت عنه ! وقد رواه ابن منده من طريق عبد العزيز بن عمران عن سعيد ابن زياد عن حفص بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف عن جدته سهلة بنت عاصم قالت : " ولدت يوم خيبر ، فسماني رسول الله (ص) سهلة ، وقال : سهل الله أمركم ، فضرب لي بسهم ، وتزوجني عبد الرحمن بن عوف يوم ولدت " . ذكره في " الإصابة " . قلت : وإسناده ضعيف جدا مسلسل بالعلل :
[ 72 ]
1 - حفص بن عمر هذا ، لم أجد له ترجمة ، وقد ذكر في شيوخ سعيد بن زياد . 2 - سعيد بن زياد ، هو المكتب المؤذن المدني مولى جهينة ، لم يوثقه غير ابن حبان . 3 - عبد العزيز بن عمران هو المعروف ب‍ (ابن أبي ثابت) من أحفاد عبد الرحمن بن عوف ، قال الحافظ في " التقريب " : " متروك ، احترقت كتبه ، فحدث من حفظه ، فاشتد غلطه ، وكان عارفا بالأنساب " . وقد وجدت له طريقا أخرى بلفظ آخر ، فقال الطبراني في " الكبر " (1 / 69 / 1) : حدثنا علي بن عبد العزيز عن الحسن بن الربيع الكوفي عن ابن المبارك عن ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد الحضرمي عن ثابت بن الحارث الأنصاري قال : " قسم رسول الله (ص) يوم خيبر لسهلة بنت عاصم بن عدي ، ولابنة لها ولدت " . قلت : وهذا سند صحيح ، رجاله كلهم ثقات ، وابن لهيعة إنما يخشى من سوء حفظه إذا روى عنه غير العبادلة الثلاثة ، وهذا من رواية أحدكم ، وهو عبد الله بن المبارك الإمام الحجة . وخفي هذا على الهيثمي فقال (6 / 7) : " رواه الطبراني ، وفيه ابن لهيعة ، وفيه ضعف ، وحديثه حسن " ! ثم قال : " وعن زينب امرأة عبد الله الثقفية أن النبي (ص) أعطاها بخيبر خمسين وسقا تمرا ، وعشرين وسقا شعيرا بالمدينة . رواه الطبراني ، ورجاله رجال الصحيح " . 1239 - (خبر : " أسهم أبو موسى يوم غزوة تستر لنسوة معه " على
[ 73 ]
الرضخ) . ص 293 لم أقف على سنده . وأورده ابن قدامة أيضا (8 / 411) كما أورده المؤلف دون تخريج . 1240 - (حديث جبير بن مطعم : " أن النبي (ص) تناول بيده وبرة من بعير ثم قال : والذي نفسي بيده مالي مما أفاء الله إلا الخمس ، والخمس مردود عليكم " . وعن عمرو بن عبسة وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده نحوه رواهما أحمد وأبو داود) . ص 294 صحيح . وقد ورد عن جماعة من أصحاب النبي (ص) ، منهم عمرو بن عبسة ، وعبد الله ابن عمر وابن العاص ، وعبادة بن الصامت ، والعرباض بن سارية ، وخارجة بن عمرو ، وجبير بن مطعم فيما ذكر المصنف ! 1 - أما حديث عمرو بن عبسة ، فقال : " صلى بنا رسول الله (ص) إلى بعير من المغنم ، فلما سلم ، أخذ وبرة من جنب البعير ثم قال : ولا يحل لي من غنائمكم مثل هذا إلا الخمس ، والخمس مردود عليكم " . أخرجه أبو داود (2755) وعنه البيهقي (6 / 339) والحاكم (3 / 616) . قلت : وإسناده صحيح . 2 - وأما حديث ابن عمرو ، فهو من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا : " أن رسول الله (ص) أتى بعيرا ، فأخذ من سنامه وبرة بين أصبعيه ثم قال : إنه ليس لي من الفئ شئ ، ولا هذه إلا الخمس ، والخمس مردود عليكم " .
[ 74 ]
أخرجه أبو داود (2694) والنسائي (2 / 178) والسياق له ، وإبن الجارود (1080) وأحمد (2 / 184) من طريق محمد بن إسحاق عن عمرو ، وقال إبن الجارود : ثنى عمرو بن شعيب به . وكذا رواه البيهقي (6 / 336 - 337) . قلت : وهذا سند حسن . وقد خالفه عبد الرحمن بن سعيد فقال : عن عمرو بن شعيب أن رسول الله (ص) فأرسله بل أعضله . أخرجه مالك (2 / 457 / 22) عن عبد الرحمن به . وعبد الرحمن بن سعيد هذا لم أجد من ترجمه ، لكن شيوخ مالك كلهم ثقات كما هو معلوم لدى العلماء بالرجال . 3 - وأما حديث عبادة بن الصامت ، فله عنه طرق : الاولى : عن عبد الرحمن بن عباس عن سليمان بن موسى عن مكحول عن أبي سلام عن أبي أمامة الباهلي عنه به مثل حديث إبن عبسة . أخرجه النسائي والحاكم (3 / 49) والبيهقي (6 / 303 ، 315) وأحمد (5 / 318 ، 319) والمخلص في " الفوائد المنتقاة " (7 / 21 / 1) . قلت : وسكت عليه الحاكم والذهبي ، وإسناده حسن عندي ، وفي عبد الرحمن وسليمان كلام لا ينزل به حديثهما عن المرتبة التي ذكرنا . الثانية : عن يعلى بن شداد عن عبادة قال : " صلى بنا رسول الله (ص) يوم حنين ، إلى جنب بعير من المقاسم ، ثم تناول شيئا من البعير ، فأخذ منه قردة ، يعني وبرة ، فجعل بين أصبعيه ثم قال : يا أيها الناس إن هذا من غنائمكم ، أدو الخيط والمخيط ، فما فوق ذلك ، فما دون ذلك ، فإن الغلول عار على أهله يوم القيامة ، وشنار ، ونار " . أخرجه ابن ماجه (2850) عن أبي سنان عيسى بن سنان عن يعلى . قال البوصيري في " الزوائد " (177 / 1) :
[ 75 ]
" هذا إسناد حسن عيسى بن سنان القسملي مختلف فيه " . الثالثة : عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم عن أبي سلام الأعرج عن المقدام بن معدي كرب الكندي أنه جلس مع عبادة بن الصامت وأبي الدرداء والحارث بن معاوية الكندي ، فتذاكروا حديث رسول الله (ص) ، فقال أبو الدرداء لعبادة : يا عبادة كلمات رسول الله (ص) في غزوة كذا وكذا في شأن الأخماس ، فقال عبادة : " إن رسول الله (ص) صلى بهم في غزوهم إلى بعير من المقسم ، فلما سلم قام رسول الله (ص) فتناول وبرة بين أنملتيه ، فقال : إن هذه من غنائمكم وإنه ليس لي فيها إلا نصيبي معكم ، إلا الخمس ، والخمس مردود عليكم ، فأدوا الخيط والمخيط ، وأكبر من ذلك وأصغر ، ولا تغلوا . . . " . الحديث . أخرجه الإمام أحمد (5 / 316) قلت : وهذا إسناد جيد في المتابعات أبو سلام الأعرج هو ممطور الحبشي الدمشقي وهو ثقة من رجال مسلم . وابن أبي مريم ضعيف لاختلاطه ، لكن تابعه أبو يزيد غيلان وهو مقبول كما في " التقريب " . أخرجه الدولابي في " الكنى " (2 / 163) ووقع في سنده بياض وتحريف . 4 - وأما حديث العرباض فحدثت به أم حبيبة بنت العرباض عن أبيها : " أن رسول الله (ص) كان يأخذ الوبرة من قصة من فئ الله عزوجل ، فيقول : مالي من هذا إلا مثل ما لأحدكم إلا الخمس ، وهو مردود فيكم ، فأدوا الخيط والمخيط ، فما فوقهما ، وإياكم والغلول فإنه عار وشنار على صاحبه يوم القيامة " أخرجه أحمد (4 / 127 - 128) وكذا البزار والطبراني كما في " المجمع "
[ 76 ]
(5 / 337) وقال : " وفيه أم حبيبة بنت العرباض ، ولم أجد من وثقها ولا جرحها ، وبقية رجاله ثقات " . 5 - وأما حديث خارجة بن عمرو : فأخرجه الطبراني مختصرا ، وفيه شهر بن حوشب وهو ضعيف كما في " المجمع " (5 / 339) ووقع فيه : " خارجة بن عمر " بضم العين وهو خطأ ، والتصحيح من " الإصابة " . وقد قيل أنه مقلوب ، وأن الصواب : " عمرو بن خارجة " . 6 - وأما حديث جبير بن مطعم الذي ذكره المصنف ، فلم أقف عليه حتى هذه الساعة . 1241 - (حديث إذا أطعم الله نبيا طعمة ثم قبضه فهو للذي يقوم بها من بعده . رواه أبو بكر عنه) . حسن . أخرجه الإمام أحمد (1 / 4) في " مسنده " وكذا إبنه عبد الله في زوائده عليه ، وأبو يعلى في " مسنده " (316 / 1) من طريق الوليد بن جميع عن أبي الطفيل قال : " لما قبض رسول الله (ص) ، أرسلت فاطمة إلى أبي بكر : أنت ورثت رسول الله (ص) أم أهله ؟ قال : فقال : بل أهله ، قالت : فأين سهم رسول الله (ص) ؟ قال : فقال أبو بكر إني سمعت رسول الله (ص) يقول : " إن الله إذا أطعم نبيا طعمة ثم قبضه ، جعله للذي يقوم من بعده " . " فرأيت أن أرده على المسلمين ، فقالت : فأنت وما سمعت من رسول الله (ص) " . قلت : وهذا إسناد حسن ، رجاله ثقات رجال مسلم ، غير أن ابن جميع وهو عبد الله إبن الوليد بن جميع ضعفه بعضهم من قبل حفظه حتى قال الحكم -
[ 77 ]
على تساهله - " لو لم يذكره مسلم في " صحيحه " لكان أولى " . وقال الحافظ في " التقريب " . " صدوق ، يهم ، ورمي بالتشيع " . والحديث أخرجه أبو داود (2973) من هذا الوجه . وقال الحافظ ابن كثير في " تاريخه " (5 / 289) بعد أن عزاه إليه وإلى أحمد : " ففي لفظ هذا الحديث غرابة ونكارة ، ولعله روي بمعنى ما فهم بعض الرواة ، وفيهم من فيه تشيع فليعلم ذلك ، وأحسن ما فيه قولها : أنت وما سمعت من رسول الله (ص) ، وهذا هو الصواب ، والمظنون بها ، واللائق بأمرها وسيادتها وعلمها ودينها رضي الله عنها ، وكأنها سألته بعد هذا أن يجعل زوجها ناظرا على هذه الصدقة ، فلم يجبها إلى ذلك لما قدمناه ، فعتبت عليه بسبب ذلك ، وهي إمرأة من بنات آدم ، تأسف كما يأسفون وليست بواجبة العصمة ، مع وجود نص رسول الله (ص) ومخالفة أبي بكر الصديق رضي الله عنها . وقد روينا عن أبي بكر رضي الله عنه أنه ترضى فاطمة وتلاينها قبل موتها ، فرضيت ، رضي الله عنها " . قلت : وقد وجدت للحديث شاهدا من رواية سعد بن تميم - وكانت له صحبة قال : قلت : " يارسول الله ! ما للخليفة من بعدك ؟ قال : مثل الذي لي ، إذا عدل في الحكم ، وقسط في القسط ، ورحم ذا الرحم ، فخفف ، فمن فعل غير ذلك فليس مني ، ولست منه . يريد الطاعة في الطاعة ، والمعصية في المعصية " . أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " (2 / 2 / 37) وتمام في " الفوائد " (ق 175 / 1) والسهمي في " تاريخ جرجان " (ص 450 - 451) وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (3 / 238 / 1 و 10 / 24 / 2 و 11 / 37 / 2) من طرق عن سليمان بن عبد الرحمن ثنا الوليد بن مسلم ثنا عبد الله بن العلاء بن زبر وغيره أنهما سمعا بلال بن سعد يحدث عن أبيه سعد به . والسياق لتمام . قلت : وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات .
[ 78 ]
والحديث أورده الهيثمي في " باب فيما للإمام من بيت المال " من " المجمع " (5 / 231 - 232) دون قوله : " فخفف . . . " وهى رواية البخاري ، ثم قال : " رواه الطبراني ورجاله ثقات " . ثم وجدت له شاهدا آخر قريبا من اللفظ الأول ، ولكنه واه ، رواه حماد بن سلمة عن محمد بن السائب الكلبي عن أبي صالح عن أم هاني : (أن فاطمة رضي الله عنها قالت : يا أبا بكر من يرثك إذا مت ؟ قال : ولدي وأهلي ، قالت : فما لك ترث النبي (ص) دوني ؟ قال : يا إبنة رسول الله (ص) ما ورثت أباك دارا ولا ذهبا ولا غلاما ، قالت : ولا سهم الله عزوجل الذي جعله لنا وصافيتنا التي بيدك ؟ فقال : سمعت رسول الله (ص) يقول : إنما هي طعمة أطعمينها الله عزوجل ، فإذا مت كانت بين المسلمين " . أ خرجه الطحاوي (2 / 182 ، 183) . قلت : وهذا إسناد ضعيف جدا آفته الكلبي فإنه كذاب . 1242 - (حديث جبير بن مطعم " لما كان يوم خيبر قسم رسول الله (ص) سهم ذوي القربى بين بني هاشم وبني المطلب ، فأتيت أنا وعثمان ابن عفان فقلنا : يا رسول الله : أما بنو هاشم فلا ننكر فضلهم لمكانك الذي وضعك الله به منهم ، فما بال إخواننا من بني المطلب أعطيتهم وتركتنا وإنما نحن وهم بمنزلة واحدة ؟ ! فقال : إنهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام ، وإنما بنو هاشم وبنو المطلب شئ واحد وشبك أصابعه ، رواه أحمد والبخاري) : ص 294 صحيح . أخرجه البخاري (2 / 286 / 382 - 383 ، 3 / 128) وأحمد (4 / 81 ، 83 ، 85) وكذا الشافعي (1160) وأبو داود (2978 - 2980) والنسائي (2 / 178) وابن ماجه (2881) وأ بو عبيد في " الأموال "
[ 79 ]
(842) والطحاوي (2 / 166) وا لطبراني (1 / 79 / 2) والبيهقي (6 / 341) من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب عنه . واللفظ لرواية ابن إسحاق أخبرني الزهري به مع اختلاف يسير عند البيهقي وأبي داود والطبراني . ورواه إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع عن الزهري عنه محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه نحوه مختصرا أخرجه الطبراني (1 / 77 / 1) وإبراهيم هذا ضعيف . 1243 - (وكان (ص) يعطي منه العباس - وهو غني - ويعطي صفية) . ص 294 صحيح . وهو مركب من حديثين أحدهما في صفية ، والاخر في العباس : الأول : من حديث عبد الله بن الزبير : " ضرب رسول الله (ص) عام خيبر للزبير بن العوام أربعة أسهم : سهما للزبير ، وسهما لذي القربى لصفية بنت عبد المطلب . . . " الحديث وإسناده صحيح ، ومضى تخريجه برقم (1214) . وأما حديث العباس ، فلا يحضرني الآن سوى حديث جبير بن مطعم الذي قبله . والعباس رضي الله عنه كان موسرا في الجاهلية والإسلام ، كما جزم بذلك غير ما واحد من الحفاظ منهم أبو جعفر الطحاوي رحمه الله تعالى (2 / 174) . 1244 - (حديث " لا يتم بعد احتلام ") . ص 295 صحيح . وهو من حديث علي رضي الله عنه ، وله عنه طرق ثلاث :
[ 80 ]
الأولى : يرويه يحيى بن محمد المديني ثنا عبد الله بن خالد بن سعيد بن أبى مريم عن أبيه عن سعيد بن عبد الرحمن بن يزيد بن رقيس أنه سمع شيوخا من بني عمرو بن عوف ، ومن خاله عبد الله بن أبي أحمد قال : قال علي بن أبي طالب : " حفظت عن رسول الله (ص) . . . فذكره وزاد : " ولا صمات يوم إلى الليل " . وفي رواية : " لا طلاق إلا من بعد نكاح ، ولا عتاق إلا من بعد ملك ، ولا يتم بعد احتلام ، ولا وفاء لنذر في معصية ، ولا صمت يوم إلى الليل ، ولا وصال في الصيام " . أخرجه أبو داود (2873) وعنه ابن عسكر في " تاريخ حمشق " (9 / 257 / 2) والطحاوي في " مشكل الآثار " (1 / 280) بالرواية الثانية وكذا الطبراني في " الصغير " (ص 53) وقال الهيثمي في " المجمع " (4 / 334) : " ورجاله ثقلف " ! وأقول : هذا إسناد ضعيف ، فيه ثلاث علل : 1 و 2 - عبد الله بن خالد بن سعيد وأبوه لا يعرفان . 3 - يحيى بن محمد المديني وهو الجاري قال الحافظ : " صدوق يخطئ " . الثانية : عن أيوب بن سويد : أخبرني سفيان عن جويبر عن الضحاك عن النزال عن علي مرفوعا مثل رواية الطحاوي إلا أنه جل مكان النذر قوله : " ولا رضاع بعد فطام " . أخرجه الثقفى في " الثقفيات " (3 / 9 / 2) . قلت : وهذا سند ضعيف جدا : جويبر متروك ، وأيوب بن سويد ضعيف ، وخولف في إسناده ، فرواه عبد الله بن بكر عن سعيد عن جويبر موقوفا
[ 81 ]
على علي رضي الله عنه مقتصرا على الفقرة الأولى منه : " لا طلاق إلا بعد نكاح " . أخرجه البيهقي (7 / 320 ، 461) وقال في الموضع الثاني منهما : " هذا موقوف ، وقد روي مرفوعا " . ثم ساق من طريق عبد الرزاق : أنا معمر عن جويبر به مرفوعا دون موضع الشاهد منه : " لا يتم بعد إحتلام " . وقد خالفه في إسناده مطرف بن مازن فقال : عن معمر عن عبد الكريم عن الضحاك بن مزاحم به ، وفيه الشاهد . أ خرجه الطبراني في " المعجم الأوسط " (1 / 172 / 2) . قلت : ومطرف هذا ضعيف كما قال الهيثمي في المجمع " (4 / 262) ، فلا اعتداد بمخالفته . الطريق الثالثة : يرويه محمد بن عبيد بن ميمون التبان المديني : ثنى أبي عن محمد بن جعفر بن أبي كثير عن موسى بن عقبة عنه أبان بن تغلب عن إبراهيم النخعي عن علقمة بن قيس عن علي كرم الله تعالى وجهه ، قال : قال رسول الله (ص) : " لا رضاع بعد فصال ، ولا يتم بعد إحتلام " . أخرجه الطبراني في " المعجم الصغير " (ص 198) ومن طريقه الخطيب في " تاريخ بغداد " (5 / 299) وقال : " تفرد به محمد بن عبيد " . قلت : وهو ثقة ، لكن أبوه عبيد مجهول كما قال أبو حاتم ، وأما إبن حبان فذكره في " الثقات " ! وهو عمدة الهيثمي في قوله (4 / 334) : " رواه الطبراني في " الصغير " ، ورجاله ثقات " ! وقد وجدت للحديث طريقا رابعة من رواية إبن عباس عن على رضي الله
[ 82 ]
عنهما ، لكن ليس فيه موضع الشاهد ، ولذلك لم أورده هنا ، وسأذكره في " باب تعليق الطلاق " ان شاء الله تعالى تحت رقم (2130) . وقد صح عن إبن عباس موقوفا ، وله عنه طريقان . الأولى : عن الحجاج عن عطاء عنه قال : " كتب نجدة (الأصل : نجوة) الحروري إلى ابن عباس يسأله عن قتل الصبيان ، وعن الخمس لمن هو ؟ وعن الصبي متى ينقطع عنه اليتم ؟ و . . . قال : فكتب إليه ابن عباس . . . وأما الصبي فينقطع عنه اليتم إذا احتلم . " أخرجه أحمد (1 / 224) . قلت : ورجاله ثقات ، لكن الحجاج وهو ابن أرطاة مدلس وقد عنعنه ، لكن يقويه الطريق الآتية . الثانية : عن قيس بن سعد عن يزيد بن هرمز أن نجدة كتب إلى ابن عباس يسأله . . . فذكره بنحوه بلفظ : " إذا احتلم ، أو أونس منه خير " . أخرجه أحمد (1 / 294) قلت : وإسناده صحيح على شرط مسلم وقد أخرجه (5 / 198) بنحوه . وقد مضى بعضه في الكتاب برقم (1223) . وفي رواية له (1 / 308) من طريق جعفر عن أبيه يزيد به ولفظه : " ولعمري إن الرجل تنبت لحيته ، وهو ضعيف الأخذ لنفسه ، فإذا كان يأخذ لنفسه من صالح ما يأخذ الناس ، فقد ذهب اليتم " . قلت : وإسناده حسن . ووجدت له شاهدا من حديث جابر أن رسول الله (ص) قال : " لا رضاع بعد فصال ، ولا يتم بعد إحتلام ، ولا عتق إلا بعد ملك ، ولا طلاق إلا بعد النكاح ، ولا يمين في قطيعة ، ولا . . . "
[ 83 ]
أخرجه الطيالسي في " مسنده " (1667) : " حدثنا اليمان أبو حذيفة وخارجة بن مصعب ، فأما خارجة فحدثنا عن حرام بن عثمان عن أبي عتيق عن جابر ، وأما اليمان فحدثنا عن أبي عيسى عن جابر . . . " . قلت : وهذان إسنادان ضعيفان عن جابر ، وأولهما أشد ضعفا من الآخر ، فإن خارجة بن مصعب متروك ، ومثله شيخه حرام بن عثمان . وأما اليمان أبو حذيفة فضعيف كما في " التقريب " . وخلاصة القول أن الحديث بهذه الطرق والشواهد صحيح عندي ، وقد حسن إسناده النووي في " الرياض " . 1245 - (قال عمر رضي الله عنه : " ما من أحد من المسلمين إلا له في هذا المال نصيب إلا العبيد فليس لهم فيه شئ " وقرأ : (ما أفاء الله . . . .) حتى بلغ (والذين جاؤوا من بعدهم) . فقال : " هذه استوعبت المسلمين ولئن عشت ليأتين الراعي بسرو حمير نصيبه منها لم يعرق فيها جبينه ") . ص 295 صحيح موقوف . وقد وجدته مفرقا من طريقين عن عمر : الأولى : عن الزهري عن مالك بن أوس أن عمر رضي الله عنه قال : " ما من أحد إلا وله في هذا المال حق ، أعطيه أو منعه ، إلا ما ملكت أيمانكم " . أخرجه الشافعي (1159) وعنه البيهقي (6 / 347) وقال : " هذا هو المعروف عن عمر رفيى الله عنه " . قلت : وإسناده صحيح . ثم أخرجه البيهقي (6 / 352) من طريق عكرمة بن خالد عن مالك بن
[ 84 ]
أوس بن الحدثان عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قصة ذكرها قال : " ثم تلا (إنما الصدقات للفقراء والمساكين) إلى آخر الآية ، فقال : هذه لهؤلاء ، ثم تلا (واعلموا أنما غنتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول) إلى آخر الآية ، ثم قال : هذا لهؤلاء ، ثم تلا (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى) إلى آخر الآية ، ثم قرأ (للفقراء المهاجرين) إلى آخر الآية ، ثم قال : هؤلاء المهاجرون ، ثم تلا (والذين تبؤوا الدار والإيمان من قبلهم) إلى آخر الآية ، فقال : هؤلاء الأنصار ، قال : وقال (والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ، ولاخواننا الذين سبقونا بالإيمان) إلى آخر الآية ، قال : فهذه إستوعبت الناس ، ولم يبق أحد من المسلمين ، إلا وله في هذا المال حق ، إلا ما تملكون من رقيقكم ، فإن أعش إن شاء الله ، لم يبق أحد من المسلمين ، إلا سيأتيه حقه حتى الراعي ب‍ (سرو حمير) يأتيه حقه ، ولم يعرق فيه جبينه " . قلت : وإسناده صحيح أيضا . وروى من طريق هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه أسلم قال : سمعت عمر رضي الله عنه يقول : " اجتمعوا لهذا المال ، فانظروا لمن ترونه ؟ ثم قال لهم : إني أمرتكم أن تجتمعوا لهذا المال ، فتنظروا لمن ترونه ، وإني قد قرأت آيات من كتاب الله سمعت الله يقول : (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وإبن السبيل كيلا يكون دولة بين الأغنياء منكم ، وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ، واتقوا الله إن الله شديد العقاب . للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يتبتغون فضلا من الله ورضوانا ، وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون) والله ما هو لهؤلاء وحدهم (والذين تبؤوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم) الآية ، والله ما هو لهؤلاء وحدهم ، (والذين جاؤوا من بعدهم) الآية ، والله ما من أحد من المسلمين إلا وله حق في هذا المال ، أعطي منه أو منع حتى راع ب‍ (عدن) " .
[ 85 ]
قلت : وإسناده حسن . باب عقد الذمة 1246 - (قول المغيرة : " أمرنا نبينا أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله وحده أو تؤدوا الجزية " رواه البخاري) . ص 297 صحيح . أخرجه البخاري (2 / 292 - 293) وكذا البيهقي (9 / 191 - 192) عن بكر بن عبد الله المزني وزياد بن جبير عن جبير بن حبة قال : " بعث عمر الناس في أفناء الأمصار ، يقاتلون المشركين ، فأسلم الهرمزان ، فقال : إني مستشيرك في مغازي هذه ، قال : نعم ، مثلها ومثل من فيها من الناس من عدو المسلمين مثل طائر له رأس ، وله جناحان ، وله رجلان ، فإن كسر أحد الجناحين نهضت الرجلان بجناح والرأس ، وإن كسر الجناح الآخر ، نهضت الرجلان والرأس ، فإن شرخ الرأس ذهب الرجلان والجناحان والرأس ، والرأس كسرى ، والجناح قيصر ، والجناح الآخر فارس ، فمر المسلمين فلينفروا إلى كسرى . قال : فندبنا عمر ، واستعمل علينا النعمان ابن مقرن ، حتى إذا كنا بأرض العدو خرج علينا عامل كسرى في أربعين ألفا ، فقام ترجمان فقال : ليكلمني رجل منكم ، فقال المغيرة : سل عم شئت ، فقال : ما أنتم ؟ قال نحن أناس من العرب كنا في شقاء شديد ، وبلاء شديد ، نمص الجلد والنوى من الجوع ، ونلبس الوبر والشعر ، ونعبد الشجر والحجر ، فبينما نحن كذلك ، إذ بعث رب السماوات ورب الأرضين إلينا نبيا من أنفسنا نعرف أباه وأمه ، فأمرنا نبينا (ص) رسول ربنا أن نقاتلكم حتى تعبدو الله وحده ، أو تؤدوا الجزية ، وأخبرنا نبينا عن رسالة ربنا أنه من قتل منا صار إلى الجنة في نعيم لم ير مثلها قط ، ومن بقي منا ملك رقابكم (1) . فقال النعمان : ربما أشهدك الله مثلها مع النبي (ص) ، فلم يندمك ولم يخزك ، ولكني شهدت القتال مع رسول الله (ص) ، كان إذا لم يقاتل في أول النهار ، انتظر حتى تهب الأرواح ، وتحضر الصلوات " . (1) هنا اختصار يدل عليه السباق والسياق ، فيستدرك من " البيهقي " (*) .
[ 86 ]
واللفظ للبخاري ، وسياق البيهقي أتم ، وقال عقبه : " وفيه دلالة على أخذ الجزية من المجوس - والله أعلم - فقد كان كسرى وأصحابه مجوسا " . قلت : ومثله في الدلالة حديث بريدة الآتي بعده فإن فيه : " وإذا لقيت عدوك من المشركين ، فادعهم إلى ثلاث خصال . . . . فإن هم أبوا فسلهم الجزية ، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم . . " بل هو أعم في الدلالة فان لفظ " المشركين " يعم الكفار جميعا ، سواء كان لهم شبهة كتاب كالمجوس ، أو ليس لهم الشبهة كعباد الأوثان ، فتأمل . 1247 - (حديث بريدة : " ادعهم إلى أحد خصال ثلاث : ادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ، فإن أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ، فإن أبوا فاستعن بالله وقاتلهم ، رواه مسلم) . ص 297 - 298 . صحيح . أخرجه مسلم (5 / 139 - 140) وكذا الشافعي (1139) وأبو داود (2162 و 2613) والنسائي في " السنن الكبرى " (ق 30 / 1) والترمذي (1 / 305) والدارمي (2 / 216 - 217) وأبو عبيد في " كتاب الأموال " (رقم 60) وابن ماجه (2858) والطحاوي في " شرح المعاني " (2 / 118) وابن الجارود (1042) والبيهقي (9 / 184) وأحمد (5 / 352 و 358) من طريق سفيان عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال : " كان رسول الله (ص) إذا أمر أميرا على جيش أو سرية ، أوصاه في خاصته بتقوى الله ، ومن معه من المسلمين خيرا ، ثم قال : اغزوا باسم الله ، في سبيل الله ، قاتلوا من كفر بالله ، اغزوا ولا تغلوا ، ولا تغدروا ، ولا تمثلوا ، ولا تقتلوا وليدا ، وإذا لقيت عدوك من المشركين ، فادعهم إلى ثلاث خصال ، أو خلال ، فأيتهن ما أجابوك ، فاقبل منهم ، وكف عنهم ، ثم ادعهم إلى
[ 87 ]
الإسلام ، فإن أجابوك ، فاقبل منهم وكف عنهم ، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم ، إلى دار المهاجرين ، وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك ، فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين ، فإن أبوا أن يتحولوا منها ، فأخبرهم أنهم يكونوا كأعراب المسلمين ، يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين ، ولا يكون لهم في الغنيمة والفئ شئ ، إلا أن يجاهدوا مع المسلمين فإن هم أبوا ، فسلهم الجزية ، فان هم أجابوك ، فاقبل منهم ، وكف عنهم ، فإن هم أبوا ، فاستعن بالله ، وقاتلهم ، وإذا حاصرت أهل حصن ، فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه ، فلا تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه ، ولكن اجعل لهم ذمتك ، وذمة أصحابك ، فإنكم أن تخفروا ذممكم ، وذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله ، وإذا حاصرت أهل حصن ، فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله ، فلا تنزلهم على حكم الله ، ولكن أنزلهم على حكمك ، فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا ؟ " . وزادوا في آخره جميعا سوى النسائي والترمذي وابن الجارود وأحمد : " قال (يعني علقمة) فذكرت هذا الحديث لمقاتل بن حيان ، فقال : حدثني مسلم بن هيصم عن النعمان بن مقرن عن النبي (ص) نحوه " . وتابعه شعبة : حدثني علقمة بن مرثد به بمعنى حديث سفيان . أخرجه مسلم والطحاوي . وللحديث شاهد من حديث سلمان الفارسي يرويه عطاء بن السائب عن أبي البختري عن سلمان : " أنه انتهى إلى حصن أو مدينة (وفي رواية : حاصر قصرا من قصور فارس) فقال لأصحابه : دعوني أدعوهم كما رأيت رسول الله (ص) يدعوهم ، فقال : إنما كنت رجلا منكم ، فهداني الله للإسلام ، فإن أسلمتم ، فلكم ما لنا ، وعليكم ما علينا ، وإن أنتم أبيتم ، فأدوا الجزية ، وأ نتم صاغرون ، فإن أبيتم نابذناكم على سواء ، إن الله لا يحب الخائنين ، يفعل ذلك بهم ثلاثة أيام ، فلما كان اليوم الرابع ، غدا الناس إليها ، ففتحوها " .
[ 88 ]
أخرجه الترمذي (1 / 292) وأبو عبيد في " كتاب الأموال " (رقم 61) وأحمد (5 / 440 و 441 و 444) وقال الترمذي : " حديث حسن ، ولا نعرفه إلا من حديث عطاء بن السائب ، وسمعت محمدا (يعني البخاري) يقول : أبوالبختري لم يدرك سلمان ، لأنه لم يدرك عليا ، وسلمان مات قبل علي " . قلت : وعطاء بن السائب ثقة ، لكنه كان اختلط . 1248 - (حديث عبد الرحمن بن عوف : " سنوا بهم سنة أهل الكتاب " ! رواه الشافعي) . ص 298 ضعيف . أخرجه مالك في " الموطأ " (2 / 278 / 42) ومن طريقه الشافعي (1182) وكذا البيهقي (9 / 189) عن جعفر بن محمد بن علي عن أبيه . " أن عمر بن الخطاب ذكر المجوس ، فقال : ما أدري كيف أصنع في أمرهم ؟ فقال عبد الرحمن بن عوف : أشهد لسمعت رسول الله (ص) يقول . . . " فذكره . وأخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (2 / 227 / 2) : حاتم بن إسماعيل عن جعفر عن أبيه قال : " قال عمر : وهو في مجلس بين القبر والمنبر : ما أدري كيف أصنع بالمجوس وليسوا بأهل كتاب ؟ فقال عبد الرحمن . . . " . وأخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (15 / 351 / 1) من طريق أخرى عن محمد بن علي بن الحسن أبي جعفر به ، وقال : " هذا منقطع ، محمد لم يدرك عمر " . قلت : فهو ضعيف بهذا اللفظ ، ويغني عنه الحديث الآتي بعده . ثم وجدت له شاهدا ، ولكنه ضعيف ، وهو من حديث السائب بن يزيد
[ 89 ]
قال : " شهدت رسول الله (ص) فيما عهد إلى العلاء حين وجهه إلى اليمن ، قال : ولا يحل لأحد جهل الفرض والسنن ، ويحل له ما سوى ذلك ، وكتب للعلاء : أن سنوا بالمجوس سنة أهل الكتاب " . قال الهيثمي في " المجمع " (6 / 13) : " رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه " . والحديث قال ابن كثير في " تفسيره " (3 / 80) : " لم يثبت بهذا اللفظ " . 1249 - (حديث أخذ الجزية من مجوس هجر (1) . رواه البخاري) . ص 298 صحيح . أخرجه البخاري (2 / 291) وكذا الشافعي (1184) وأبو داود (3043) والنسائي في " الكبرى " (54 / 1) والترمذي (1 / 300) والدارمي (2 / 234) وابن الجارود (1105) والبيهقي (9 / 189) وأحمد (1 / 190 و 194) عن بجالة ابن عبدة قال : " لم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس ، حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله (ص) أخذها من مجوس هجر " ! وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . قلت : ويشهد له ما أورده البخاري في الباب عن عمرو بن عوف الأنصاري . " أن رسول الله (ص) بعث أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين (2) يأتي (1) بالتحريك اسم بلد معروف ب‍ (البحرين) . (2) أقليم بين البصرة وعمان . (*) .
[ 90 ]
بجزيتها وكان رسول الله (ص) هو صالح أهل البحرين ، وأمر عليهم العلاء بن الحضرمي ، فقدم أبو عبيدة بمال من البحرين ، فسمعت الأنصار بقدوم أبي عبيدة ، فوافت صلاة الصبح مع النبي (ص) ، فلما صلى بهم الفجر ، انصرف ، فتعرضوا له ، فتبسم رسول الله (ص) حين رآهم ، وقال : أظنكم قد سمعتم أن أبا عبيدة قد جاء بشئ ؟ قالوا : أجل يا رسول الله ، قال : فابشروا وأملوا ما يسركم ، والله لا الفقر أخشى عليكم ، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم ، فتنافسوها كما تنافسوها ، وتهلككم كما أهلكتهم " . أ خرجه البخاري (2 / 292) ومسلم (8 / 212) والنسائي في " الكبرى " (54 / 1) والترمذي (2 / 76) وابن ماجه (3997) والبيهقي (9 / 190 - 191) وأحمد (4 / 137) وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . وفي الباب عن السائب بن يزيد قال : " أخذ رسول الله الجزية من مجوس البحرين ، وأخذها عمر من فارس ، وأخذها عثمان من البربر " . أخرجه الترمذي (1 / 300) من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن مالك عن الزهري عن السائب به . وقال : " وسالت محمدا عن هذا ؟ فقال : هو مالك عن الزهري عن النبي (ص) " . قلت : يعني أن الصواب مرسل ليس فيه السائب . وهو كذلك في " الموطأ " (1 / 278 / 41) . وروى البيهقي (9 / 192) عن الحسن بن محمد بن علي قال : " كتب رسول الله (ص) إلى مجوس هجر يعرض عليهم الإسلام ، فمن أسلم قبل منه ، ومن أبى ضربت عليه الجزية ، على أن لا تؤكل لهم ذبيحة ، ولا تنكح لهم امرأة " . وقال :
[ 91 ]
هذا مرسل ، وإجماع أكثر المسلمين عليه " يؤكده ، ولا يصح ما روى عن حذيفة في نكاح مجوسية " . قلت : ورجال إسناده ثقات . 1250 - (حديث : (لاضرر ولا ضرار ") . ص 298 . تقدم برقم (896) 1251 - (روي " أنه قيل لابن عمر أن راهبا يشتم رسول الله (ص) فقال : لو سمعته لقتلته ، إنا لم نعط الأمان على هذا) . ص 298 لم أقف على سنده . ويغني عنه حديث على رضي الله عنه : " أن يهودية كانت تشتم النبي (ص) ، وتقع فيه ، فخنقها رجل حتى ماتت ، فأبطل رسول الله (ص) دمها " . أخرجه أبو داود (4362) وعنه البيهقي (9 / 200) . قلت : وإسناده صحيح على شرط الشيخين . ويشهد له حديث ابن عباس : " أن أعمى كانت له أم ولد ، تشثم النبي (ص) وتقع فيه ، فينهاها فلا تنتهي ، ويزجرها ، فلا تنزجر ، قال : فلما كانت ذات ليلة ، جعلت تقع في النبي (ص) وتشتمه ، فأخذ المغول (سيف قصير) فوضعه في بطنها ، واتكأ عليها فقتلها ، فوقع بين رجليها طفل ، فلطخت ما هناك بالدم ، فلما أصبح ، ذكر ذلك لرسول الله (ص) ، فجمع الناس فقال : أنشد الله رجلا فعل ما فعل لي عليه حق إلا قام ، فقام الأعمى يتخطى رقاب الناس ، وهو يتزلزل ، حتى قعد بين يدي النبي (ص) ، فقال : يا رسول الله ! أنا صاحبها ، كانت تشتمك وتقع فيك فأنهاها ، فلا تنتهي ، وأزجرها ، فلا تنزجر ، ولي منها ابنان مثل اللؤلؤتين ، وكانت بي رفيقة ، فلما كانت البارحة ، جعلت تشتمك ، وتقع فيك ، فأخذت
[ 92 ]
المغول فوضعته في بطنها ، واتكأت عليها حتى قتلتها ، فقال النبي (ص) : ألا اشهدوا أن دمها هدر " . أ خرجه أبو داود (4361) والنسائي (2 / 171) . قلت : وإسناده صحيح على شرط مسلم . 1252 - (حديث أنس : " أن يهوديا قتل جارية على أوضاح لا فقتله رسول الله (ص) " . متفق عليه) . ص 299 صحيح . وله عنه طرق : الأولى : عن قتادة عنه : " أن يهوديا رض رأس جارية بين حجرين ، قيل : من فعل هذا بك ؟ أفلان أفلان ؟ ؟ ؟ حتى سمي اليهؤي ، فأومأت برأسها ، فأخذ اليهودي ، فاعترف ، فأمر النبي (ص) به فرض رأسه بين حجرين " . أخرجه البخاري (2 / 89 و 186 و 4 / 319) ومسلم (5 / 104) وأبو داود (4527) والنسائي (2 / 241) والدارمي (2 / 190) وابن ماجه (2665) والطحاوي (2 / 102) والبيهقي (8 / 28) والطيالسي (1986) وأحمد (3 / 183 و 193 و 262 و 269) من طرق عن قتادة ، وصرح بسماعه من أنس عند البخاري وأحمد في رواية . وشذ الطيالسي فقال : " أن امرأة أخذت جارية . . . " فجعل القاتل امرأة ! الثانية : عن هشام بن زيد عنه قال : " عدا يهودي في عهد رسول الله (ص) على جارية ، فأخذ أوضاحا كانت عليها ، ورضخ رأسها ، فأتى بها أهلها رسول الله (ص) ، وهى في آخر رمق ، وقد أصمتت ، فقال لها رسول الله (ص) : من قتلك ، فلان ؟ لغير الذي قتلها ، فأشارت برأسها أن لا ، قال : فقال : فلان ، لرجل آخر غير الذي قتلها ، فأشارت أن
[ 93 ]
لا ، قال : فقال : ففلان ؟ لقاتلها ، فأشارت أن نعم ، فأمر به رسول الله (ص) فرضخ رأسه بين حجرين " . أخرجه البخاري (3 / 471 و 4 / 367 و 367 - 368) ومسلم (5 / 103 - 104) وأبو داود (4529) وابن ماجه (2666) والطحاوي (2 / 23) والبيهقي (8 / 42) وأحمد (3 / 171 و 203) من طرق عن شعبة عن هشام به . الثالثة : عن أبي قلابة عنه : " أن رجلا من اليهود ، قتل جارية من الأنصار ، على حلي لها ، ثم ألقاها في القليب ، ورضخ رأسها بالحجارة ، فأخذ ، فأتى به رسول الله (ص) فأمر به أن يرجم حتى يموت ، فرجم حتى مات " . أخرجه مسلم وأبو داود (4528) والنسائي (2 / 169) . 1253 - (حديث ابن عمر : " أن النبي (ص) أتي بيهوديين قد فجرا بعد إحصانهما فرجمهما ") . صحيح . وهو من رواية نافع عنه أنه أخبره : " أن رسول الله (ص) أتي بيهودي ويهودية قد زنيا ، فانطلق رسول الله (ص) حتى جاء يهود ، فقال : ما تجدون في التوراة على من زنى ؟ قالوا نسود وجوههما ونحملهما ، ونخالف بين وجوههما ، ويطاف بهما ، قال : فأتوا بالتوراة إن كنتم صادقين ، فجاءوا بها ، فقرؤوها ، حتى إذا مروا بآية الرجم ، وضع الفتى الذي يقرأ ، يده على آية الرجم ، وقرأ مابين يديها ، وما وراءها . فقال له عبد الله بن سلام ، وهو مع رسول الله (ص) : مره فليرفع يده ، فرفعها ، فإذا تحتها آية الرجم ، فأمر بهما رسول الله (ص) فرجما . قال عبد الله : كنت فيمن رجمهما ، فلقد رأيته يقيها من الحجارة بنفسه " . أخرجه البخاري (4 / 495) ومسلم (5 / 122) والسياق له وهو أتم ، ومالك (2 / 819 / 1) وعنه أبو داود (4446) والدارمي (2 / 178) والبيهقي (8 / 246) ، وزاد الدارمي :
[ 94 ]
" فرجما قريبا من حيث توضع الجنائز عند المسجد " . وهي عند البخاري (1 / 334 و 4 / 434) في رواية أخرى مختصرا . وهي عند الترمذي (1 / 271) وابن ماجه (2556) وابن الجارود (822) وأحمد (1 / 5 و 7 و 17 و 62 و 63 و 76 و 126) دون الزيادة . وكذلك رواه مختصرا سالم عن ابن عمر قال : " شهدت رسول الله (ص) حين امر برجمهما ، فلما رجما ، رأيته يجانئ بيديه عنها ليقيها الحجارة " . أخرجه أحمد (2 / 151) بسند صحيح على شرطهما . وله طريق ثالثة ، يرويه هشام بن سعد أن زيد بن أسلم حدثه عن ابن عمر قال : " أتى نفر من يهود ، فدعوا رسول الله (ص) إلى (القف) ، فأتاهم في بيت المدراس (1) ، فقالوا يا أبا القاسم إن رجلا منا زنى بامرأة فاحكم ، فوضعوا لرسول الله (ص) وسادة ، فجلس عليها ، ثم قال : ائتوني بالتوراة ، فأتى بها ، فنزع الوسادة من تحته ، فوضع التوراة عليها ، ثم قال : آمنت بك ، وبمن أنزلك ، ثم قال : ائتوني بأعلمكم ، فأتى بفتى شاب ، ثم ذكر قصة الرجم نحو حديث مالك عن نافع " . كذا أخرجه أبو داود (4449) . قلت : وإسناده حسن . وله شاهد من حديث إبن عباس رضي الله عنه قال : " أتى رسول الله (ص) بيهودي ويهودية ، قد زنيا ، وقد أحصنا فسألوه أن يحكم فيهما ، فحكم فيهما بالرجم ، فرجمهما في قبل المسجد في بني غنم ، فلما وجد مس الحجارة ، قام إلى صاحبته فحنى عليها ، ليقيها مس الحجارة ، وكان (1) هو المكان الذي يدرسون فيه . و (القف) واد في المدينة . (*)
[ 95 ]
مما صنع الله لرسوله قيامه إليها ليقيها الحجارة " . أخرجه الحاكم (4 / 365) من طريق محمد بن اسحاق قال : حدثني محمد ابن طلحة بن يزيد بن ركانة عن إسماعيل بن إبراهيم الشيباني عنه . وقال : " هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، ولعل متوهما من غير أهل الصنعة يتوهم أن إسماعيل الشيباني هذا مجهول ، وليس كذلك ، فقد روى عنه عمرو ابن دينار والأثرم " . وقال الذهبي : " إسماعيل معروف " . قلت : ولكنه ليس على شرط مسلم ، وأورده ابن أبي حاتم (1 / 1 / 155) وذكر أنه روى عنه يعقوب ابن خالد وابن ركانة هذا . له شاهد آخر من حديث أبي هريرة مطولا . أخرجه أبو داود (4450) والبيهقي (8 / 246 - 247) من طريق الزهري سمعت رجلا من مزينة ممن يتبع العلم ويعيه ونحن عند سعيد بن المسيب فحدثنا عن أبي هريرة به . ورجاله ثقات غير الرجل المزني فإنه لم يسم . 1254 - (حديث معاذ : خذ من كل حالم دينارا أو عدله معافري . رواه الشافعي في مسنده) . ص 299 صحيح . وقد أخرجه أصحاب السنن أيضا وغيرهم ، وقد سبق تخريجه في " الزكاة " تحت الحديث (787) . 1255 - (خبر أسلم : أن عمر رضي الله عنه كتب إلى أمراء الأجناد : لا تضربوا الجزية على النساء والصبيان ولا تضربوها إلا على من جرت عليه المواسي . رواه سعيد) . ص 299 صحيح . أخرجه أبو عبيد في " كتاب الأموال " (رقم 93) : حدثنا
[ 96 ]
إسماعيل بن إبراهيم حدثنا أيوب السختياني عن نافع عن أسلم به ولفظه : " كتب إلى أمراء الأجناد : أن يقاتلوا في سبيل الله ، ولا يقاتلوا إلا من قاتلهم ، ولا يقتلوا النساء والصبيان ، ولا يقتلوا إلا من جرت عليه الموسى ، وكتب إلى أمراء الأجناد : أن يضربوا الجزية ، ولا يضربوها على النساء والصبيان ، ولا يضربوها إلا على من جرت عليه الموسى " . وأخرجه البيهقي (9 / 195 و 198) من طريقين آخرين عن نافع به . قلت : وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين . ثم قال أبو عبيد : " وهذا الحديث هو الأصل فيمن تجب عليه الجزية ، ومن لا تجب عليه ، ألا تراه إنما جعلها على الذكور المدركين ، دون الإناث والأطفال ، وذلك أن الحكم كان عليهم القتل لو لم يؤدوها ، وأسقطها عمن لا يستحق القتل ، وهم الذرية " . قال وذكر حديث معاذ الذي قبله : " وقد جاء في كتاب النبي (ص) إلى معاذ باليمن - الذي ذكرنا - " أن على كل حالم دينارا " ما فيه تقوية لقول عمر : ألا ترى أنه (ص) خص الحالم دون المرأة والصبي . إلا أن في بعض ما ذكرناه من كتبه : " الحالم والحالمة " . فترى - والله أعلم - أن المحفوظ من ذلك هو الحديث الذي لا ذكر للحالمة فيه ، لأنه الأمر الذي عليه المسلمون " . 1256 - (حديث عمر من قوله : " لاجزية على مملوك ") . لا أصل له . وقد ذكره ابن قدامة في " المغني " (8 / 510) مرفوعا إلى النبي (ص) . وليس له أصل أيضا ، قال الحافظ في " التلخيص " (4 / 123) : " روي مرفوعا ، وروي موقوفا على عمر . ليس له أصل ، بل المروي عنهما خلافه " . ثم ذكر ما أخرجه أبو عبيد (رقم 66) قلت : والبيهقي (9 / 194) من طريق عبد الله بن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير قال :
[ 97 ]
" كتب رسول الله (ص) إلى أهل اليمن : أنه من كان على يهودية أو نصرانية فإنه لا يفتن عنها ، وعليه الجزية ، على كل حالم : ذكر أو أنثى ، عبد أو أمة دينار واف ، أو قيمته من المعافر ، فمن أدى ذلك إلى رسلي ، فإن له ذمة الله ، وذمة رسوله ومن منعه منكم ، فإنه عدو لله ولرسوله وللمؤمنين " . ورواه ابن زنجويه في " الأموال " عن النضر بن شميل عن عوف عن الحسن قال : " كتب رسول الله (ص) . . . فذكره . وهذان مرسلان يقوي أحدهما الآخر " . قلت : وأخرج أبو عبيد أيضا (65) والبيهقي عن جرير عن منصور عن الحكم قال : " كتب رسول الله (ص) . . . " نحو حديث عروة وفيه : " وفي الحالم أو الحالمة دينارا ، أو عدله من المعافر . . . " . ثم أخرج البيهقي من طريق ابن إسحاق قال : حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال : " هذا كتاب رسول الله (ص) عندنا الذي كتبه لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن . . .) فذكره ، وفي آخره ، نحو حديث عروة ، وفيه : " وعلى كل حالم ذكر أو أنثى ، حر أو عبد ، دينار . . . " . وقال البيهقي فيه وفي الذي قبله : " وهذا منقطع " . ثم روى أبو عبيد (194) والبيهقي (9 / 140) من طريق قتادة عن سفيان العقيلي عن أبي عياض عن عمر قال : " لا تشتروا رقيق أهل الذمة ، فإنهم أهل خراج ، وأرضوهم فلا تبتاعوها ولا يقرن أحدكم بالصغار بعد إذ نجاه الله منه " .
[ 98 ]
قلت : وهذا إسناد متصل ، لكن سفيان العقيلي لم أر من وثقه ، وقد أورده - ابن أبي حاتم (2 / 1 / 222) فقال : " روى عن أبي عياض وعمر بن عبد العزيز ، روى عنه قتادة وأيوب " . نعم ذكره ابن حبان في التابعين من " ثقاته " (1 / 74) ، وقال : " يروي عن عمر . روى عنه قتادة " . وأما أبو عياض ، فهو عمرو بن الأسود القيسي . قال ابن أبي حاتم (3 / 1 / 1222) : " روى عن عمر بن الخطاب وابن مسعود وعبادة بن الصامت . روى عنه مجاهد وخالد بن معدان ويونس بن سيف و . . . و . . . . " . وأورده ابن حبان في " الثقات " (1 / 151) وقال : " من عباد أهل الشام وزهادهم ، وكان يقسم على الله فيبره ، يروي عن عمر ومعاوية ، روى عنه خالد بن معدان والشاميون ، وكان إذا خرج من بيته وضع يمينه على شماله مخافة الخيلاء " . فالسند صحيح على شرط ابن حبان . (فائدة) : قال الشيخ ابن قدامة بعد أثر عمر هذا : " قال أحمد : أراد أن يوفر الجزية ، لأن المسلم إذا اشترطاه سقط عنه اداء ما يؤخذ منه ، والذمي يؤدي عنه وعن مملوكه خراج جماجمهم . وروي عن على مثل حديث عمر " . (تنبيه) تصحف اسم سفيان العقيلي في " التلخيص " لابن حجر (4 / 123) إلى " شقيق العقيلي " . وكذلك وقع في الطبعة الهندية منه (ص 378) وكأنه اغتر به مصحح " كتاب الأموال " والقائم على طبعة الشيخ حامد الفقي رحمه الله ، فقد وقع في طبعته " شقيق " أيضا ، مع أن الأصل كان على الصواب ، فقد كتب على الهامش : " كانت في الأصلين (سفيان ، وهو خطأ " !
[ 99 ]
عفا الله عنا وعنه . 1257 - (حديث ابن عباس : " ليس على المسلم جزية " . رواه أحمد وأبو داود) . ص 300 ضعيف . أخرجه أحمد (23 / 223 و 285) وعنه أبو نعيم في " الحلية " (9 / 232) وأبو داود (3053) وكذا الترمذي (1 / 123) وابن أبي شيبة في " المصنف " (2 / 217 / 1) وأبو عبيد في " الأموال " (121) والطحاوي في " المشكل " (4 / 19) وابن عدي في " الكامل " (ق 272 / 1) والدارقطني (290) والبيهقي (9 / 199) والضياء المقدسي في " المختارة " (58 / 191 / 1) من طريق قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن ابن عباس قال : قال رسول الله (ص) : فذكره . وقال الترمذي : " حديث ابن عباس ، قد روي عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن النبي (ص) مرسل " . قلت : وهو رواية أبي عبيد . وقال ابن عدي : " وقابوس أحاديثه متقاربة ، وأرجو أنه لا بأس به " . وقال الحافظ في " التقريب " : " فيه لين " . وأورده الذهبي في " الضعفاء " وقال : " قال النسائي وغيره : ليس بالقوي " . 1258 - (حديث عمر من قوله : " إن أخذها في كفه ثم أسلم ردها (عليه) " . لم أقف عليه . وقد ذكره ابن قدامة في " المغني " (8 / 511) عن أحمد هكذا : " قال أحمد : وقد روي عن عمر أنه قال . . . " . فذكره . 1259 - (وروى أبو عبيد أن يهوديا أسلم ، فطولب بالجزية ،
[ 100 ]
وقيل أنما أسلمت تعوذا ، قال : " إن في الإسلام معاذا ، وكتب أن لا تؤخذ منه الجزية ") . حسن . أخرجه أبو عبيد في " الأموال " (122) وعنه البيهقي (/ 9 / 199) من طريق حماد بن سلمة عن عبيد الله بن رواحة قال : " كنت مع مسروق بالسلسلة ، فحدثني أن رجلا من الشعوب أسلم ، فكانت تؤخذ منه الجزية ، فأتى عمر بن الخطاب ، فقال : يا أمير المؤمنين إني أسلمت ، والجزية تؤخذ مني ، قال : لعلك أسلمت متعوذا ؟ فقال : أما في الاسلام ما يعيذني ؟ قال : بلى ، قال : فكتب عمر : أن لا تؤخذ منه الجزية " . قال أبو عبيد : الشعوب : الأعاجم . قلت : ورجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير عبيد الله بن رواحة أورده ابن حبان في " ثقات التابعين " فقال (1 / 119) : (يروي عن أنس ، عداده في المصريين (كذا ، ولعله : البصريين) روى عنه اسماعيل بن أبي خالد وحماد بن سلمة " . قلت : وروى عنه أيضا أبان بن خالد كما في " الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم (2 / 2 / 314) ، فالإسناد عندي حسن أو قريب منه . والله أعلم . وله شاهد عن الزبير بن عدي قال : " أسلم لهقان على عهد علي ، فقال له علي : إن أقمت في أرضك رفعنا عنك جزية رأسك ، وأخذناها من أرضك ، وإن تحولت عنها ، فنحن أحق بها " . أخرجه أبو عبيد (123) بإسناد رجاله ثقات من رجال الستة لكنه منقطع فإن الزبير بن عدي لم يدرك عليا ، بين وفاتيهما نحو تسعين عاما . 1260 - (خبر ابن أبي نجيح : قلت لمجاهد : ما شأن أهل الشام
[ 101 ]
عليهم أربعة دنانير ، وأهل اليمن عليهم دينار ؟ قال : جعل ذلك من قبيل اليسار . رواه البخاري) . صحيح . أخرجه البخاري (2 / 291) معلقا ، فقال : وقال ابن عينية عن ابن أبي نجيح به . قال الحافظ في " الفتح " (6 / 184) : " وصله عبد الرزاق عنه به ، وزاد بعد قوله " أهل الشام " : (من أهل الكتاب تؤخذ منهم الجزية) الخ " . قلت : وهذا إسناد صحيح . ورواه أبو عبيد (107) : بلغني عن سفيان بن عيينة به . 1261 - (خبر أن عمر زاد على ما فرض رسول الله (ص) ولم ينقص) . صحيح . أخرجه مالك (1 / 279 / 43) عن نافع عن أسلم مولى عمر ابن الخطاب : " أن عمر بن الخطاب ضرب الجزية على أهل الذهب أربعة دنانير ، وعلى أهل الورق أربعين درهما ، ومع ذلك ارزاق المسلمين ، وضيافة ثلاثة أيام " . ومن طريق مالك أخرجه أبو عبيد (100) . وأخرجه البيهقي (9 / 195) من طريق آخر عن نافع به أتم منه . قلت : وإسناده صحيح غاية . وقال ابن قدامة في " المغني " (8 / 503) : " حديث عمر رضي الله عنه لا شك في صحته ، وشهرته بين الصحابة رضي الله عنهم وغيرهم لم ينكره منكر ، ولا خلاف فيه ، وعمل به من بعده من الخلفاء رضي الله عنهم ، فصار إجماعا لا يجوز الخطأ عليه " . وله عنه طريق أخرى يرويه شعبة أخبرني الحكم قال : سمعت عمرو ابن ميمون يحدث عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فذكره ، قال :
[ 102 ]
" ثم أتاه عثمان بن حنيف فجعل يكلمه من وراء الفسطاط ، يقول : والله لئن وضعت على كل جريب من أرض درهما وقفيزا من طعام ، وزدت على كل رأس درهمين ، لا يشق ذلك عليهم ولا يجهدهم ، قال : نعم ، فكان ثمانية وأربعين ، فجعلها خمسين " . أخرجه أبو عبيد (105) والبيهقي (9 / 196) والسياق له . قلت : وإسناده صحيح أيضا على شرطهما . 1262 - (خبر الأحنف بن قيس : أن عمر شرط على أهل الذمة ضيافة يوم وليلة ، وأن يصلحوا القناطر وإن قتل رجل من المسلمين بأرضهم فعليهم ديته . رواه أحمد) . ص 300 حسن . ولم أره في " المسند " للإمام أحمد ، وهو المراد عند إطلاق العزو لأحمد ، وقد عزاه إليه ابن قدامة أيضا (8 / 505) . وقد أخرجه البيهقي في " سننه " (9 / 196) من طريق قتادة عن الحسن عن الأحنف بن قيس به . ورجاله ثقلت غير أن قتادة والحسن وهو البصري يدلسان . وقد روى أسلم عن عمر أنه ضرب عليهم ضيافة ثلاثة أيام . كما تقدم في الأثر قبل هذا . وقال البيهقي : " وحديث أسلم أشبه ، لأن رسول الله (ص) جعل الضيافة ثلاثا ، وقد يجوز أن يكون جعلها على قوم ثلاثا ، وعلى قوم يوما وليلة ، ولم يجعل على آخرين ضيافة ، كما يختلف صلحه لهم ، فلا يرد بعض الحديث بعضا " . قلت : وهذا هو الوجه . وقد توبع الأحنف على اليوم والليلة ، فقال الشافعي : أنبا سفيان بن عيينة عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب أن عمر بن الخطاب فرض على أهل السواد ضيافة يوم وليلة ، فمن حبسه مرض أو مطر ، أنفق من ماله . أخرجه البيهقي (9 / 196) .
[ 103 ]
قلت : ورجاله ثقات إلا أن أبا إسحاق وهو السبيعي مدلس وكان اختلط . 1263 - (خبر أسلم : إن أهل الجزية من أهل الشام أتوا عمر رضي الله عنه فقالوا : إن المسلمين إذا مروا بنا كلفونا ذبح الغنم والدجاج في ضيافتهم ، فقال : أطعموهم مما تأكلون ولا تزيدوهم على ذلك) . ص 300 فصل 1264 - (روي عن علي رضي الله عنه أنه قال : " إنما بذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا ، وأموالم كأموالنا ") . لم أقف عليه . ثم رأيت الحديث في " الهداية ، من كتب الحنفية . فقال الحافظ الزيلعي في " تخريجه " (3 / 381) : " قلت : غريب " . قلت : يعني أنه لا أصل له . 1265 - (خبر إسماعيل بن عياش عن غير واحد من أهل العلم قالوا : كتب أهل الجزيرة إلى عبد الرحمن بن غنم : إنا شرطنا على أنفسنا أن لا نتشبه بالمسلمين في لبس قلنسوة ولا عمامة . . . الخ رواه الخلال) . ص 301 - 302 . لم أره من طريق اسماعيل بن عياش ، وإنما أخرجه البيهقي (9 / 202) من طريق يحيى بن عقبة بن أبي البزار عن سفيان الثوري والوليد بن نوح ، والسري بن مصرف يذكرون عن طلحة بن مصرف عن مسروق عن عبد الرحمن بن غنم قال :
[ 104 ]
" كتبت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه حين صالح أهل الشام : بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا كتاب لعبد الله بن عمر أمير المؤمنين من نصارى مدينة كذا وكذا : إنكم لما قدمتم علينا سألناكم الأمان لأنفسنا وذرارينا وأموالنا وأهل ملتنا ، وشرطنا لكم على أنفسنا أن لا نحدث في مدينتنا ولا فيما حولها ديرا ولا كنيسة . . . . وفيه ، ولا نتشبه بهم في شئ من لباسهم من قلنسوة ولا عمامة ولا فرق شعر ، ولانتكلم بكلامهم ، ولانتكنى بكناهم ، ولا نركب السروج . . . ولا نبيع الخمور ، وأن نجر مقاديم رؤوسنا ، وأن لا نظهر صلبنا وكتبنا في شئ من طريق المسلمين ولا أسواقهم ، وأن لا نظهر الصليب على كنائسنا ، وأن لا نضرب بناقوس في كنائسنا بين حضرة المسلمين ، وأن لا نخرج سعانينا ولا باعوثا ، ولا نرفع أصواتنا مع أمواتنا ، ولا نظهر النيران معهم في شئ من طريق المسلمين ، ولا نجاوزهم موتانا ، ولا نتخذ من الرقيق ما جرى عليه سهام المسلمين ، وأن نرشد المسلمين ، ولا نطلع عليهم في منازلهم ، فلما أتيت عمر رضي الله عنه بالكتاب زاد فيه : وأن لا نضرب أحدا من المسلمين ، شرطنا لهم ذلك على أنفسنا وأهل ملتنا ، وقبلنا منهم الأمان ، فإن نحن خالفنا شيئا مما شرطناه لكم فضمناه على أنفسنا فلا ذمة لنا ، وقد حل لكم ما يحل لكم من أهل المعاندة والشقاوة " . قلت : وإسناده ضعيف جدا ، من أجل يحيى بن عقبة ، فقد قال ابن معين : ليس بشئ . وفي رواية : كذاب خبيث عدو الله . وقال البخاري : منكر الحديث . وقال أبو حاتم : يفتعل الحديث . ثم روى البيهقي عن أسلم قال : " كتب عمر بن الخطاب إلى أمراء الأجناد أن اختموا رقاب أهل الجزية في أعناقهم " . قلت : وإسناده صحيح . وأخرج (9 / 201) عن حرام بن معاوية قال : " كتب إلينا عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أن أدبوا الخيل ، ولا يرفعن
[ 105 ]
بين ظهرانيكم الصليب ، ولا يجاورنكم الخنازير " . قلت : ورجاله ثقات غير حرام بن معاوية ذكره ابن حبان في " الثقات " (1 / 21) ، وأورده إبن أبي حاتم (1 / 2 / 282) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا . 1266 - (وعن ابن عباس من قوله : " أيما مصر مصرته العرب فليس للعجم أن يبنوا فيه بيعة ولا يضربوا فيه ناقوسا ولا يشربوا فيه خمرا ولا يتخذوا فيه خنزيرا " رواه أحمد) . ص 302 ضعيف . ولم أره في " مسند أحمد " فالظاهر أنه في بعض كتبه الأخرى ، وقد أخرجه أبو عبيد في " الأموال " (269) والبيهقي (9 / 201 ، 202) من طريق أبي علي الرحبي : حنش عن عكرمة عن ابن عباس ، قال : فذكره موقوفا عليه . قلت : وحنش هذا اسمه الحسن بن قيس وهو متروك . 1267 - (خبر أن عمر : " أمر بجز نواصي أهل الذمة وأن يشدوا المناطق وأن يركبوا الأكف بالعرض " رواه الخلال) . ص 302 لم أقف على سنده . وتد تقدم بعضه قبل حديث بمعناه دون قوله : " وأن يركبوا الأكف بالعرض " . وقد أخرجه أبو عبيد (137) عن عبد الله بن عمر عن نافع عن أسلم : " أن عمر أمر أهل الذمة ، أن تجز نواصيهم ، وأن يركبوا على الأكف ، وأن يركبوا عرضا ، وأن لا يركبوا كما يركب المسلمون ، وأن يوثقوا المناطق . قال أبو عبيد : يعني الزنانير " . قلت : وعبد الله بن عمر وهو العمري المكبر وهو سئ الحفظ . وأخرج (138) عن عبد الرحمن بن إسحاق عن خليفة بن قيس قال :
[ 106 ]
قال عمر : " يابرقأ أكتب إلى أهل الأمصار في أهل الكتاب أن تجز نواصيهم وأن يربطوا الكستيجان (خيط غليظ يشده الذمي فوق ثيابه) في أوسطهم ليعرف زيهم من زي أهل الإسلام " . قلت : وهذا سند ضعيف : خليفة بن قيس هو مولى خالد بن عرفطة ، قال ابن أبي حاتم (1 / 2 / 376) عن أبيه : " ليس بالمعروف " وعبد الرحمن بن إسحاق هو أبو شيبة الواسطي ضعيف جدا . 1268 - (حديث " الإسلام يعلو ولا يعلى ") . ص 303 حسن . روي من حديث عائد بن عمرو المزني ، وعمر بن الخطاب ، ومعاذ بن جبل مرفوعا ، وعبد الله بن عباس مرفوعا . 1 - أما حديث عائذ ، فيرويه حشرج بن عبد الله بن حشرج حدثني أبي عن جدي عنه أنه جاء يوم الفتح مع أبي سفيان بن حرب ، ورسول الله (ص) حوله أصحابه ، فقالوا : هذا أبو سفيان وعائذ بن عمرو ، فقال رسول الله (ص) : " هذا عائذ بن عمرو ، وأبو سفيان ، الإسلام أعز من فلك ، الإسلام يعلو ، ولا يعلى " . أخرجه الدارقطني في سننه (395) والبيهقي (6 / 205) والسياق له وكذا الروياني في " مسنده " (26 / 153 / 2) ، والضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة " (ق 60 / 1) وقال : " وحشرج بن عبد الله ، ذكره ابن أبي حاتم ، ولم يذكر فيه جرحا " . قلت : ذكره (1 / 2 / 296) برواية جماعة من الثقات عنه ، وقال عن أبيه :
[ 107 ]
" شيخ " . وعلة الحديث عندي أبوه عبد الله بن حشرج وجده ، فقد أوردهما إبن أبي حاتم أيضا (2 / 2 / 40 ، 5 / 2 / 295 - 296) وقال في كل منهما عن أبيه : " لا يعرف " . وأقره الحافظ في " اللسان " ، ونقل الزيلعي في " نصب الراية " (3 / 213) عن الدارقطني أنه قال فيهما : " مجهولان " . وقال الذهبي في " الأول " منهما : " لا يدرى من ذا ؟ " . ومما سبق تعلم أن قول الحافظ في " الفتح " (3 / 175) بعد أن عزاه للروياني والدارقطني و " فوائد أبي يعلى الخليلي " . " بسند حسن " . وهم ظاهر ، فلا يتبع عليه . نعم يمكن أن يحسن لغيره لحديث معاذ الآتي . 2 - وأما حديث عمر بن الخطاب ، فيرويه محمد بن علي بن الوليد البصري : ثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ثنا معتمر بن سليمان ثنا كهمس بن الحسن ثنا داود بن أبي هند عن الشعبي عن عبد الله بن عمر عن ابيه عمر بن الخطاب بحديث الضب : " أن رسول الله (ص) كان في محفل من أصحابه إذ جاء أعرابي من بني سليم قد صاد ضبا . . . " . الحديث . وفيه تكلم الضب ، وشهادته له (ص) بالنبوة والرسالة ، ثم إسلام الأعرابي ، وقوله (ص) له : " الحمد لله الذي هداك إلى هذا الدين ، الذي يعلو ولا يعلى . . . " . أخرجه الطبراني في " المعجم الصغير " (ص 196 - 197) والبيهقي في
[ 108 ]
" دلائل النبوة " كما ذكر الذهبي في ترجمة محمد بن علي هذا ، وإسناده نظيف سواه ، وقال البيهقي : " الحمل فيه عليه " . قال الذهبي : " قلت : صدق والله البيهقي فإنه خبر باطل " . وأقره الحافظ في " اللسان " ونقل عنه أنه قال فيه : " بصري منكر الحديث " قلت : فالعجب منه كيف سكت عليه في " الدراية " (ص 224) تبعا لأصله " نصب الراية " ! 3 - وأما حديث معاذ فرواه نهشل في " تاريخ واسط " : حدثنا اسماعيل ابن عيسى ثنا عمران بن أبان ثنا شعبة عن عمرو بن أبي حكيم عن عبد الله بن بريدة عن يحيى بن يعمر عن أبي الأسود الديلي عنه قال : قال رسول الله (ص) " : " الإيمان يعلو ولا يعلى " . قلت : ذكره الزيلعي وسكت عليه وتبعه الحافظ ، وإسناده ضعيف من أجل عمران بن أبان وهو أبو موسى الطحان الواسطي قال الحافظ في " التقريب " : " ضعيف " . قلت : وبقية رجاله ثقات معروفون غير إسماعيل بن عيسى وهو بغدادي واسطي وثقه الخطيب وغيره . 4 - وأما حديث عبد الله بن عباس ، فيرويه حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة عنه في اليهودية والنصرانية تكون تحت النصراني أو اليهودي فتسلم هي . قال : " يفرق بينهما ، الإسلام يعلو ولا يعلى ، .
[ 109 ]
أخرجه الطحاوي (2 / 150) قلت : وإسناده موقوف صحيح . وعلقه البخاري في " الجنائز " . وجملة القول أن الحديث حسن مرفوعا بمجموع طريقي عائذ ومعاذ ، وصحيح موقوفا . والله أعلم . 1 269 - (حديث : (من تشبه بقوم فهو منهم ") . ص 303 صحيح . أخرجه أحمد (2 / 50 و 92) وعبد بن حميد في " المنتخب من المسند " (ق 92 / 2) وابن أبي شيبة في " المصنف " (7 / 150 / 1) وأبو سعيد ابن الأعرابي في " المعجم " (ق 110 / 2) والهروي في " ذم الكلام " (ق 54 / 2) عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان ثنا حسان بن عطية عن أبي منيب الجرشي عن ابن عمر قال : قال رسول الله (ص) : " بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له ، وجعل رزقي تحت ظل رمحي ، وجعل الذل والصغار على من خالف أمري ، ومن تشبه بقوم فهو منهم " . قلت : وهذا إسناد حسن رجاله كلهم ثقات غير ابن ثوبان هذا ، ففيه خلاف وقال الحافظ في " التقريب " . " صدوق ، يخطئ ، وتغير بآخره " . وقد علق البخاري في " صحيحه " (6 / 72) الجملة التي قبل الأخيرة ، والتي قبلها ، ولأبي داود منه (4031) الجملة الأخيرة . ولم يتفرد به ابن ثوبان ، فقال الطحاوي في " مشكل الآثار " . (1 / 88) : حدثنا أبو أمية حدثنا محمد بن وهب بن عطية ثنا الوليد بن مسلم ثنا الأوزاعي عن حسان بن عطية به . قلت : وهذا إسناد رجاله ثقات غير أبي أمية واسمه محمد بن ابراهيم الطرسوسي قال الحافظ في " التقريب " :
[ 110 ]
" صدوق ، صاحب حديث ، يهم " . والوليد بن مسلم ثقة محتج به في الصحيحين ، ولكنه كان يدلس تدليس التسوية ، فإن كان محفوظا عنه ، فيخشى أن يكون سواه ! وقد خالفه في إسناده صدقة فقال : عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي (ص) " به . أخرجه الهروي (ق 54 / 1) من طريق عمر وابن أبي سلمة حدثنا صدقة به . وصدقة هذا هو ابن عبد الله السمين الدمشقي وهو ضعيف . وخالفهما عيسى بن يونس فقال : عن الأوزاعي عن سعيد بن جبلة عن طاوس أن النبي (ص) قال : فذكره . أخرجه ابن أبي شيبة (7 / 152 / 1) . قلت : وهذا مرسل ، وقد ذكره الحافظ في " الفتح " (6 / 72) من رواية ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبلة مرسلا ، لم يذكر فيه طاوسا وقال : " إسناد حسن " . كذا قال ، ورجاله ثقات رجال الشيخين غير سعيد بن جبلة ، وقد أورده إبن أبي حاتم (2 / 1 / 10) من رواية الأوزاعي عنه وقال عن أبيه : " هو شامي " . ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ، وهو على شرط ابن عساكر في " تاريخه " ولم يورده فيه . ثم أخرجه الهروي (54 / 1 - 2) وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " (1 / 129) من طريق بشر بن الحسن الأصبهاني ثنا الزبير بن عيسى عن أنس ابن مالك مرفوعا به . قلت : وبشر هذا متروك متهم فلا يفرح بحديثه .
[ 111 ]
وقد روي من حديث ابن عمرو بنحوه ، وهو المذكور في الكتاب بعده . 1270 - (حديث " ليس منا من تشبه بغيرنا ") . ص 303 ضعيف بهذا اللفظ . أخرجه الترمذي (2 / 116) والقضاعي في " مسند الشهاب " (ق 98 / 1) عن قتيبة بن سعيد : حدثنا ابن لهيعة عن عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله (ص) قال : فذكره . وزاد : " لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى ، فإن تسليم اليهود الإشارة بالأصابع ، وتسليم النصارى الإشارة بالكف " . وقال الترمذي : " إسناده ضعيف ، وروى ابن المبارك هذا الحديث عن ابن لهيعة فلم يرفعه " . قلت : والموقوف أصح إسنادا . لأن حديث ابن المبارك عن ابن لهيعة صحيح ، لأنه قديم السماع منه وكذلك عبد الله بن وهب وعبد الله بن يزيد المقري . وفي معناه حديث ابن عمر الذي سبق تخريجه قبله . 1271 - (حديث أبي هريرة : " لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام وإذا لقيتم أحدهم في الطريق فاضطروه إلى أضيقها " رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي) . صحيح . أخرجه أحمد (2 / 263 ، 266 ، 346 ، 444 ، 459 ، 525) ومسلم (7 / 5) والبخاري في " الأدب المفرد " (1103 ، 1111) وأبو داود (5205) والترمذي (2 / 117) وكذا البخاري في " الأدب المفرد " (1103 ، 1111) والطحاوي (2 / 397) والطيالسي (2424) والبيهقي (9 / 203) من طرق عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا به . وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " .
[ 112 ]
ولفظ أبي داود وهو رواية لأحمد عن سهيل قال : " خرجت مع أبي إلى الشام ، فجعلوا يمرون بصوامع فيها نصارى فيسلمون عليهم ، قال أبي : لا تبدؤوهم بالسلام ، فإن أبا هريرة حدثنا . . . " . وللحديث شواهد من رواية ابن عمر ، وأبي بصرة الغفاري وقيل أبي عبد الرحمن الجهني . أما حديث ابن عمر ، فهو من طريق عبد الله بن دينار عنه مرفوعا بلفظ : " إنكم لاقون اليهود غدا ، فلا تبدؤوهم بالسلام ، فإن سلموا عليكم فقولوا : وعليك " . أخرجه البيهقي (9 / 203) بإسناد صحيح على شرط الشيخين ، وقد عزاه إليهما البيهقي عقبه ، ويعني أصل الحديث لعادته ، وإلا فليس عندهما " فلا تبدؤوهم بالسلام " . وكذلك رواه أحمد (2 / 1909 ، 58 ، 113) . وأما حديث أبي عبد الرحمن الجهني ، فيرويه محمد بن إسحاق عن يزيد ابن أبي حبيب عن مرثد بن عبد الله اليزني عنه مرفوعا بلفظ : " إني راكب غدا إلى اليهود ، فلا تبدؤوهم بالسلام ، فإذا سلموا عليكم ، فقولوا : وعليكم " . أ خرجه ابن ماجه (3699) والطحاوي وأحمد (4 / 233) وكذا أبو بكر ابن أبي شيبة في " مسنده " كما في " الزوائد " للحافظ البوصيري (ق 223 / 1) وقال : " وإسناده ضعيف لتدليس ابن إسحاق " . قلت : قد صرح بالتحديث عند الإمام أحمد في إحدى روايتيه عنه ، فزالت شبهة تدليسه ، وإنما علته الإختلاف عليه ، ومخالفته لغيره ، فقد رواه جماعة عنه كما تقدم ، وخالفهم أحمد بن خالد ويحيى بن واضح وعبيد الله بن عمرو فقالوا : عنه عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد بن عبد الله اليزني عن أبي
[ 113 ]
بصرة الفغاري به . أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (1102) . وتابعه عليه عبد الله بن لهيعة وعبد الحميد بن جعفر عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد عن أبي بصرة به ، ويأتي لفظه في الكتاب بعد ثلاثة أحاديث . أخرجه الطحاوي وأحمد (6 / 398) . قلت : وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات إلى أبي بصرة ، وهو صحابي معروف ، بخلاف أبي عبد الرحمن الجهني فإنه مختلف في صحبته ، وذكره في هذا الحديث شاذ لتفرد ابن إسحاق به ، ومخالفته لعبد الله وعبد الحميد ، لا سيما وهو قد وافقهما في الرواية الأخرى عنه فهي المحفوظة كما جزم بذلك الحافظي في " الفتح " (11 / 37) . 1272 - (حديث : أن النبي (ص) " عاد صبيا كان يخدمه وعرض عليه الإسلام فأسلم ") . صحيح . أخرجه البخاري في " صحيحه " (1 / 34 0 ، 4 / 44) وفي " الأدب المفرد " (524) وأبو داود (3095) وعنه البيهقي (3 / 383) والنسائي في " السنن الكبرى " (ق 38 / 2 - سير) وأحمد " 3 / 280) من حديث ثابت عن أنس قال : " كان غلام يهودي يخدم النبي (ص) ، فمرض ، فأتاه النبي (ص) يعوده فقعد عند رأسه ، فقال له : أسلم ، فنظر إلى أبيه وهو عنده ، فقال : أطع أبا القاسم ، فأسلم ، فخرج النبي (ص) وهو يقول : الحمد لله الذي أنقذه من النار " . ورواه شريك عن عبد الله بن عيسى عن عبد الله بن جبير عن أنس به نحوه إلا أنه قال : " صلوا عليه ، وصلى عليه النبي (ص) " . مكان قوله : " الحمد لله . . . " أخرجه الحاكم (4 / 291) وسكت عليه هو والذهبي وكأنه لضعف
[ 114 ]
شريك . 1273 - (حديث : " أنه (ص) " عاد أبا طالب ، وعرض عليه الإسلام فلم يسلم ") . ص 303 صحيح . أخرجه البخاري (1 / 341 - 342 ، 2 / 29 - 3 0 ، 255 ، 305 - 306) ومسلم (1 / 40) والنسائي (1 / 286) وأحمد (5 / 433) وابن سعد في " الطبقات " (1 / 1 / 77 - 78) من طريق سعيد ابن المسيب عن أبيه قال : " لما حضرت أبا طالب الوفاة ، جاءه رسول الله (ص) ، فوجد عنده أبا جهل ، وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة ، فقال رسول الله (ص) : يا عم ! قل (لا إله إلا الله) كلمة أشهد لك بها عند الله ، فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية : يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ ! فلم يزل رسول الله (ص) يعرضها عليه . ويعيد له تلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم : هو على ملة عبد المطلب ، وأبى أن يقول : لا إله إلا الله ، فقال رسول الله (ص) : أما والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك ، فأنزل الله عزوجل (ما كان للنبي والذي آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم) ، وأنزل الله تعالى في أبي طالب ، فقال لرسول الله (ص) : (إنك لا تهدي من أحببت ، ولكن الله يهدي من يشاء ، وهو أعلم بالمهتدين) " . وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله (ص) لعمه : " قل لا إله إلا الله ، أشهد لك بها يوم القيامة ، فقال : لولا أن تعيرني قريش أن ما يحمله عليه الجزع لأقررت بها عينك ، فأنزل الله عزوجل " أنك لا تهدي من أحببت ، ولكن الله يهدي من يشاء " . أخرجه الترمذي (2 / 306) وأبو يعلى في " مسنده " (290 / 1) وقال الترمذي : " حديث حسن غريب " .
[ 115 ]
1274 - (خبر ابن عمر أنه مر على رجل فسلم عليه فقيل له : إنه كافر ، فقال : رد علي ما سلمت عليك ، فقال : أكثر الله مالك وولدك . ثم إلتفت إلى أصحابه فقال : أكثر للجزية) . لم أقف عليه بهذا التمام . وقد أورده الشيخ ابن قدامة (8 / 536) بدون عزو ، وقد أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (1115) مختصرا من طريق أبي جعفر الفراء عن عبد الرحمن قال : " مر إبن عمر بنصراني ، فسلم عليه ، فرد عليه ، فأخبر أنه نصراني ، فلما علم رجع ، فقال : رد علي سلامي " . قلت : ورجاله ثقات غير عبد الرحمن وهو ابن محمد بن زيد بن جدعان قال ابن أبي حاتم (2 / 2 / 280 - 281) : " روى عن عائشة ، روى عنه عبد الرحمن بن أبي الضحاك " . قلت : وقد روى عنه أبو جعفر الفراء أيضا هذا الأثر ، فهو مجهول الحال . وله شاهد عن عقبة بن عامر الجهني : " أنه مر برجل هيئته هيئة رجل مسلم ، فسلم فرد عليه عقبة : وعليك ورحمة الله وبركاته ، فقال له الغلام : أتدري على من رددت ؟ قال : أليس برجل مسلم ؟ فقالوا : لا ، ولكنه نصراني ، فقام عقبة فتبعه حتى أدركه ، فقال : إن رحمة الله وبركاته على المؤمنين ، لكن أطال الله حياتك ، وأكثر مالك " . أخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (1112) والبيهقي (9 / 203) من طريق ابن وهب حدثني عاصم عن يحيى بن أبي عمرو السيباني عن أبيه عنه . قلت : وهذا إسناد حسن .
[ 116 ]
1275 - (حديث أبي بصرة قال : قال رسول الله (ص) : " إنا غادون (إلى يهود) فلا تبدؤوهم بالسلام فإن سلموا عليكم فقولوا : وعليكم ") ص 304 صحيح . وسبق تخريجه تحت الحديث (1271) . 1276 - (حديث أنس : " نهينا ، أو : أمرنا أن لا نزيد أهل الذمة على : وعليكم ") رواه أحمد . ص 304 لم أجده في " المسند " الآن ، وقد عزاه إليه ابن قدامة في " المغني " (8 / 536) والهيثمي في " المجمع " (8 / 41) والحافظ في ا الفتح " (11 / 38) وقال : " سنده جيد " . وقال الهيثمي : " ورجاله رجال الصحيح " . وهو من رواية حميد بن زاذويه (1) وهو غير حميد الطويل في الأصح عن انس ، كما قال الحافظ . قلت : وحينئذ فقوله في سنده : " جيد " غير جيد ، لأن حميدا هذا مجهول كما صرح بذلك هو نفسه في " التقريب " ، فأني لإسناده الجودة ؟ ! ومنه تعلم خطأ قول الهيثمي أيضا " رجاله رجال الصحيح " فليس هو منهم ، وقد ذكره الحاظ تمييزا وذكر أن الحافظ المزي خلطه ب‍ " حميد الطويل " ، فالظاهر أن الهيثمي تبعه في ذلك ، فإن حميدا الطويل من رجال الصحيح . والله أعلم . ثم رأيته في " المسند " (3 / 113) : ثنا إسماعيل بن علية ، أنا ابن عون ، عن حميد بن ذويه به . (1) بالزاي والذال المعجمتين ، ووقع في " الفتح " بالدال المهملة ورواه ابن أنس في " عمل اليوم والليلة " 239 عن شريك عن حميد عن أنس ، ولم ينسبه وشريك ضعيف ، فهل هو عند أحمد من طريقه أيضا . (*) .
[ 117 ]
نعم الحديث صحيح عن أنس ، ولكن بغير هذا اللفظ ، وله عنه طرق : الأولى : عن قتادة عنه قال : " إن يهوديا مر على رسول الله (ص) وأصحابه ، فقال : " السلام عليكم " ؟ فقال نبي الله (ص) : أتدرون ما قال هذا ؟ قالوا : سلم يا رسول الله ، قال : لا ، ولكنه قال : كذا وكذا ، ثم قال : ردوه علي ، فردوه عليه ، فقال : قلت : السام عليكم ، قال : نعم ، فقال نبي الله (ص) عند ذلك : إذا سلم عليكم أهل الكتاب ، فقولوا : وعليك ما قلت . وفي رواية : وعليكم أي ما قلت " . أخرجه مسلم (7 / 4) والبخاري في " الأدب المفرد " (1105) وأبو داود (5207) وابن حبان (1941) وأحمد (3 / 214 ، 234 ، 262 ، 289) والروايتان له من طرق عن قتادة به . قلت : وإسناده صحيح على شرطهما . وأخرجه ابن حبان من طريق سعيد بن ابي عروبة عن قتادة به إلا أنه قال : " قال : لا ، إنما قال : السام عليكم ، أي : تسأمون دينكم ، فإذا سلم عليكم رجل من أهل الكتاب ، فقولوا وعليك " . أخرجه ابن حبان (1941) وكذا البزار وبقي بن مخلد في " تفسيره " كما في " الفتح " وقال (11 / 35) : " قلت : يحتمل أن يكون قوله " أي تسأمون دينكم ، تفسير قتادة كما بينته رواية عبد الوارث بن سعيد عن سعيد بن أبي عروبة قال : كان قتادة يقول في تفسير " السام عليكم " تسأمون دينكم . ذكره الخطابي " . قلت : وهذا هو الأشبه أنه من تفسير قتادة . والله أعلم . الثانية : عن عبيد الله بن أبي بكر قال : سمعت أنسا يقول : قال رسول الله (ص) " :
[ 118 ]
" إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا : وعليكم " . أخرجه مسلم (7 / 3) . الثالثة : عن هشام بن زيد بن أنس بن مالك قال : سمعت أنس بن مالك يحدث : " أن يهوديا مر على رسول الله (ص) : السام عليك ! فقال رسول الله (ص) : وعليك ، أتدرون ما قال ؟ قال : السام عليكم ، فقالوا : ألا نقتله ؟ (وفي رواية : فقال عمر : ألا (1) اضرب عنقه ؟) فقال : لا ، ولكن إذا سلم عليكم أهل الكتاب ، فقولوا : وعليكم " . أخرجه البخاري (4 / 33 0) والطيالسي (2069) وعنه أحمد (3 / 210) والزيادة له . وأحمد أيضا (3 / 218) والسياق له من طريق شعبة عنه . الرابعة : عن ثابت عن أنس : " أن اليهود دخلوا على النبي (ص) ، فقالوا : السام عليك ، فقال النبي (ص) : السام عليكم ، فقالت عائشة : السام عليكم يا إخوان القردة والخنازير ، ولعنة الله وغضبه ! فقال : يا عائشة مه ! فقالت : يا رسول الله أما سمعت ما قالوا ؟ قال : أو ما سمعت ما رددت عليهم ؟ يا عائشة ! لم يدخل الرفق في شئ إلا زانه ، ولم ينزع من شئ إلا شانه " . أخرجه أحمد (3 / 241) : ثنا مؤمل ثنا حماد ثنا ثابت به . قلت : وهذا إسناد رجاله ثقات على شرط مسلم غير مؤمل ، وهو ابن اسماعيل البصري : صدوق سئ الحفظ . ثم رأيت الحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " بلفظ : " لا تزيدوا أهل الكتاب على (وعليكم) " . وقال : (1) في الأصل : أنا أضرب ، والتصوب من مسند أحمد . (*) .
[ 119 ]
" رواه أبو عوانة عن أنس " . قلت : وغالب الظن إنه من الطريق الأولى . فإن كان كذلك ، فلا يصلح شاهدا كما هو ظاهر . 1277 - (حديث أبي موسى أن اليهود كانوا يتعاطسون عند النبي (ص) رجاء أن يقول لهم : يرحمكم الله ، فكان يقول لهم : يهديكم الله ويصلح بالكم " رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وصححه) . ص 304 صحيح . أخرجه أحمد (4 / 400 ، 411) وأبو داود (38 . 5) والترمذي (2 / 132) وكذا البخاري في " الأدب المفرد " (940) وابن السني في " عمل اليوم والليلة " (456) والحاكم (4 / 268) من طريق حكيم بن الديلم عن أبي بردة عن أبي موسى به . وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . وقال الحاكم : " هذا حديث متصل الإسناد " . وأقره الذهبي . قلت : وهو صحيح ، رجاله ثقات . 1278 - (روي عن عمر أنه رفع إليه رجل أراد استكراه امرأة مسلمة على الزنى فقال : ما على هذا صالحناكم فأمر به فصلب في بيت المقدس .) ص 304 " حسن . أخرجه ابن أبي شيبة (11 / 85 / 2) مختصرا ، والبيهقي (9 / 201) والسياق له عن مجالد عن عامر الشعبي عن سويد بن غفلة قال : " كنا مع عمر بن الخطاب - وهو أمير المؤمنين - بالشام ، فأتاه نبطي
[ 120 ]
مضروب مشجج مستعدي ، فغضب غضبا شديدا ، فقال لصهيب : انظر من صاحب هذا ؟ فانطلق صهيب ، فإذا هو عوف بن مالك الأشجعي ، فقال له : إن أمير المؤمنين قد غضب غضبا شديدا ، فلو أتيت معاذ بن جبل ، فمشى معك إلى أمير المؤمنين فاني أخاف عليك بادرته ، فجاء معه معاذ ، فلما انصرف عمر من الصلاة ، قال : أين صهيب ؟ فقال : أنا هذا يا أمير المؤمنين ، قال : أ جئت بالرجل الذي ضربه ؟ قال : نعم ، فقام إليه معاذ بن جبل ، فقال : يا أمير المؤمنين إنه عوف بن مالك ، فاسمع منه ، ولا تعجل عليه ، فقال له عمر : مالك ولهذا ؟ قال : يا أمير المؤمنين رأيته يسوق بامرأة مسلمة ، فنخس الحمار ليصرعها ، فلم تصرع ، ثم دفعها ، فخرت عن الحمار ، ثم تغشاها ، ففعلت ما ترى ، قال : ائتني بالمرأة لنصدقك ، فأتى عوف المرأة ، فذكر الذي قال له عمر رضي الله عنه ، قال أبوها وزوجها : ما أردت بصاحبتنا ؟ فضحتها ! فقالت المرأة : والله لأذهبن معه إلى أمير المؤمنين ، فلما أجمعت على ذلك ، قال أبوها وزوجها : نحن نبلغ عنك أمير المؤمنين ، فأتيا فصدقا عوف بن مالك بما قال ، قال : فقال عمر لليهودي : والله ما على هذا عاهدناكم ، فأمر به فصلب ، ثم قال : يا أيها الناص فوا بذمة محمد (ص) ، فمن فعل منهم هذا ، فلا ذمة له . قال سويد بن غفلة : وإنه لأول مصلوب رأيته " . قلت : ورجال إسناده ثقات غير مجالد ، وهو ابن سعيد الهمداني الكوفي . قال الحافظ في " التقريب " . " ليس بالقوي ، وقد تغير في آخر عمره " . قلت : لكنه لم يتفرد به ، فقد قال البيهقي عقبه : " تابعه ابن أشوع عن الشعبي عن عوف بن مالك " . قلت : فهو بهذه المتابعة حسن إن شاء الله تعالى . وأخرج ابن أبي شيبة عن زياد بن عثمان . " أن رجلا من النصارى استكره امرأة مسلمة على نفسها ، فرفع إلى أبي عبيدة بن الجراح ، فقال : ما على هذا صالحناكم ، فضرب عنقه "
[ 121 ]
ورجاله ثقات رجال الشيخين غير زياد هذا أورده ابن أبي حاتم (1 / 2 / 539) وقال : " روى عن عباد بن زياد عن النبي (ص) " مرسل ، روى عنه حجاج بن حجاج " . وذكره ابن حبان في " الثقات " . 1279 - (روي أنه قيل لابن عمر : إن راهبا يشتم النبي (ص) فقال : لو سمعته لقتلته ، إنا لم نعط الأمان على هذا .) . ص 304 لم أقف عليه ، كما ذكرت فيما تقدم (1251) وأوردت هناك ما يغني عنه في المرفوع فراجعه . 1280 - (حديث " الإسلام يجب ما قبله ") . ص 305 صحيح . وهو من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه ، وله عنه ثلاث طرق : : الأولى : عن يزيد بن أبي حبيب عن ابن شماسة أن عمرو بن العاص : قال " لما ألقى الله عزوجل في قلبي الإسلام ، قال : أتيت النبي (ص) ، ليبايعني فبسط يده إلي ، فقلت : لا أبايعك يا رسول الله حتى تغفر لي ما تقدم من ذنبي قال : فقال لي رسول الله (ص) : يا عمرو أما علمت أن الهجرة تجب ما قبلها من الذنوب ، يا عمرو أما علمت أن الإسلام يجب ما كان قبله من الذنوب ؟ " . أخرجه أحمد (4 / 205) : ثنا يحيى بن إسحاق أنا ليث بن سعد عن يزيد به . قلت : وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير ابن شماسة واسمه عبد الرحمن فهو على شرط مسلم وحده . وقد
[ 122 ]
أخرجه في " صحيحه " (1 / 78) وكذا أبو عوانة في " صحيحه " (1 / 70) من طريق حيوة بن شريح قال : حدثني - يزيد بن أبي حبيب به إلا أنه قال : " يهدم " بدل " يجب " في الموضعين ، وزاد : " وأن الحج يهدم ما كان قبله " . وللحديث عندهما تتمة ، فيها وصية عمرو عندما حضره الموت : " فلا تصحبني نائحة ، ولا نار . . . " . وتابعهما ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب به نحوه . أخرجه أبو عوانة (1 / 71) وكذا أحمد (4 / 199) وليس عنده موضع الشاهد منه . الثانية : عن قيس بن شفي أن عمرو بن العاص قال : " قلت : يا رسول الله أبايعك على أن تغفر لي ما تقدم من ذنبي ، فقال رسول الله (ص) : إن الإسلام يجب ما كان قبله " وإن الهجرة تجب ما كان قبلها ، قال عمرو : فوالله إن كنت لأشد الناس حياء من رسول الله (ص) ، فما ملأت عيني من رسول الله (ص) ولا راجعته بما أريد حتى لحق بالله عزوجل ، حياء منه " . أخرجه أحمد (4 / 204) : ثنا حسن قال : ثنا ابن لهيعة قال : ثنا يزيد ابن أبي حبيب قال : أخبرني سويد بن قيس عن قيس بن شفي به . قلت : ورجاله موثقون غير ابن لهيعة سئ الحفظ إلا في رواية العبادلة عنه ، وهذه ليست منها ، بخلاف التي قبلها ، فهي من رواية عبد الله بن المبارك وعبد الله بن وهب فهي الصحيحة عنه . الثالثة : عن ابن اسحاق قال : حدثني يزيد بن أبي حبيب عن راشد مولى حبيب بن أبي أوس الثقفي عن حبيب بن أبي أوس قال : حدثني عمرو بن العاص من فيه قال : " لما انصرفنا من الأحزاب عن الخندق ، جمعت رجالا من قريش ، كانوا
[ 123 ]
يرون مكاني ، ويسمعون مني . . . " . قلت : فذكر الحديث بطوله ، وفيه هجرته إلى الحبشة ، وهو كافر ، ودخوله على النجاشي بهدية ، وطلبه منه أن يعطيه عمرو بن أمية الضمري مبعوث النبي (ص) إلى النجاشي ليقتله ، فغضب النجاشي عليه ، وأمره بأن يتبع النبي (ص) . وفيه قال عمرو : " قلت : بايعني له على الإسلام ، قال : نعم ، فبسط يده ، وبايعته على الإسلام ، ثم خرجت إلى أصحابي ، وقد حال رأيي عما كان عليه ، وكتمت أصحابي إسلامي ، ثم خرجت عامدا لرسول الله (ص) لأسلم ، فلقيت خالد ابن الوليد ، وذلك قبيل الفتح ، وهو مقبل من مكة ، فقلت : أين أبا سليمان ، قال : والله لقد استقام المنسم ، ان الرجل لنبي ، أذهب والله أسلم ، فحتى متى ؟ قال : قلت : والله ما جئت إلا لأسلم " قال : فقدمنا على رسول الله (ص) ، فتقدم خالد بن الوليد فأسلم وبايع ، ثم دنوت فقلت : يارسول الله أبايعك على أن تغفر لي ما تقدم من ذنبي ، ولا أذكر : وما تأخر ، قال : فقال رسول الله (ص) : يا عمرو بايع فإن الإسلام يجب ماكان قبله ، وإن الهجرة تجب ما كان قبلها ، قال : فبايعته . ثم انصرفت . أخرجه أحمد (4 / 198 - 199) والحاكم (3 / 454) دون قوله : " فقلت : يارسول الله . . . " . قلت : وإسناده حسن أو قريب منه رجاله ثقاة غير حبيب بن أبي أوس ، ذكره ابن يونس فيمن شهد فتح مصر ، ووثقه ابن حبان ، وقال الحافظ : " مقبول ، شهد فتح مصر وسكنها ، من الثانية " . والحديث أورده السيوطي في " الجامع الصغير " بلفظ الكتاب بزيادة " كان " كما هو في الروايات المتقدمة وقال : " رواه ابن سعد عن الزبير وعن جبير بن مطعم " . فتعقبه المناوي بقوله :
[ 124 ]
" قضية صنيع المصنف أنه لم يره مخرجا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز ، مع أن الطبراني خرجه باللفظ المذكور " ! وفاته كما فات السيوطي أنه عند أحمد باللفظ المذكور ، ومسلم بلفظ " يهدم " . كتاب البيع 1281 - (حديث : " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا " . متفق عليه) . ص 306 صحيح . أخرجه البخاري (2 / 11 ، 12 ، 12 ، 18 ، 19) ومسلم (5 / 1 0) وكذا أبو داود (3459) والنسائي (2 / 212) والترمذي (1 / 235) والدارمي (2 / 250) والشافعي (1259) والطحاوي (2 / 202) والبيهقي (5 / 269) والطيالسي (1339) وأحمد (3 / 402 ، 4 03 ، 434) وللطبراني في " المعجم الكبير " (1 / 152 / 2 ، 153 / 1) وابن حزم في " المحلى " (8 / 352 ، 366) كلهم من حديث حكيم بن حزام مرفوعا به وزاد : " فإن صدقا وبينا ، بورك لهما في بيعهما ، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما " . وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . (تنبيه) أورد الحديث الحافظ المنذري في " الترغيب والترهيب " (3 / 28 / 4) بزيادة : " اليمن الفاجرة منفقة للسلعة ، ممحقة للكسب " . وعزاه للستة سوى ابن ماجه ! وكذلك أورده ابن الأثير في " جامع الأصول " (241) بهذه الزيادة ، ولا أصل لها في هذا الحديث عند هؤلاء ، ولا عند غيرهم ممن ذكرنا ، وإنما هي في حديث آخر عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ :
[ 125 ]
" الحلف منفقة للسلعة ممحقة للكسب " . أخرجه الشيخان وأبو داود وغيرهم . 1282 - (حديث " . . . وإنما لكل امرئ ما نوى . . . ") . صحيح . وتقدم . 1283 - (حديث " إنما البيع عن تراض " . رواه ابن حبان) . ص 307 صحيح . أخرجه ابن ماجه (2185) وأبو محمد بن أبي شريح الأنصاري في " الأحاديث المائة " (ق 119 / 2) والمخلص في " الفوائد المنتقاة " (1 / 18 / 2) وعنه أبو صالح الحرمي في " الفوائد الغوالي " (ق 176 / 1) من طرق عن عبد العزيز بن محمد عن داود بن صالح المدني عن أبيه قال : سمعت أبا سعيد الخدري يقول : قال رسول الله (ص) " فذكره . ومن هذا الوجه رواه البيهقي (6 / 17) بلفظ : " لألقين الله عزوجل من قبل أن أعطى من مال أحد شيئا بغير طيب نفسه ، إنما البيع عن تراض " . قلت : وإسناده صحيح رجاله كلهم ثقات . وكذا قال البوصيري في " الزوائد " (135 / 1) وزاد أنه رواه ابن حبان في " صحيحه " . قلت : ولم يورده الهيثمي في " البيوع " من " موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان " . وللحديث شاهدان من حديث أبي هريرة وعبد الله بن أبي أوفى . أما الأول : فيرويه أبو زرعة قال : بايعت رجلا في دابة ، ثم قال : خيرني ، فخيره الرجل ثلاثا ، يقول أبو زرعة : قد خيرت ، ثم مر فقال له الرجل : اختر ، فقال له أبو زرعة : حدثني أبو هريرة أن رسول الله (ص) " قال : " هكذا البيع عن تراض " .
[ 126 ]
أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 352 / 1) وأبو أحمد الحاكم في " الفوائد " (11 / 68 / 1) عن محمد جابر عن طلق بن معاوية عن أبي زرعة به . قلت : وهذا سند ضعيف من أجل محمد بن جابر ، وهو الكوفي اليمامي ، وقد ضعفه جماعة ، وقال ابن عدي في آخر ترجمته : " يكتب حديثه " . قلت : فحديثه حسن أو صحيح ، لأنه غير متهم ، وقد توبع ، فرواه يحيى بن أيوب البجلي الكوفي قال : كان أبو زرعة إذا بايع رجلا خيره ، قال : ثم يقول : خيرني ، ويقول : سمعت أبا هريرة يقول : قال رسول الله (ص) " : " لا يفترقن اثنان إلا عن تراض " . أخرجه أبو داود (3458) والترمذي (1 / 236) وأحمد (2 / 536) ، وقال الترمذي : " هذا حديث غريب " . قلت : لم يظهر لي وجه الغرابة ، فقد رواه اثنان عن أبي زرعة ، أحدهما طلق بن معاوية كما تقدم من رواية محمد بن جابر ، والآخر البجلي هذا ، وهو لا بأس به كما في " التقريب " . فحديثه حسن لذاته ، صحيح بمتابعة ابن جابر عن طلق . والله أعلم . وأما حديث ابن أبي أوفى ، فيرويه عبد السلام بن سالم بن أبي سلم عن عبد الله بن سلمان الجعفي عنه . اخرجه الدولابي في " الكنى " (2 / 112) . 1284 - (حديث " إن أبا الدرداء اشترى من صبي عصفورا فأرسله " . ذكره ابن أبي موسى وغيره) . ص 307 . 1285 - (حديث " أن النبي (ص) اشترى من جابر بعيرا) ص 307 .
[ 127 ]
صحيح . وسيأتي بلفظ أتم مع تخريجه برقم (1304) . 1286 - (حديث " أن النبي (ص) ، اشترى من أعرابي فرسا ") . ص 307 صحيح . أخرجه أبو داود (3607) والنسائي (2 / 229) والحاكم (2 / 17 - 18) وأحمد (5 / 215) من طريق عمارة بن خزيمة أن عمه حدثه - وهومن أصحاب النبي (ص) - : " أن النبي (ص) ابتاع فرسا من أعرابي فاستتبعه النبي (ص) ليقضيه ثمن فرسه ، فأسرع رسول الله (ص) المشي ، وأبطأ الأعرابي ، فطفق رجال يعترضون الأعرابي فيساومونه بالفرس ، ولا يشعرون أن النبي (ص) ابتاعه ، فنادى الأعرابي رسول الله (ص) ، فقال : إن كنت مبتاعا هذا الفرس وإلا بعته ، فقام النبي (ص) " حين سمع نداء الأعرابي ، فقال : أو ليس قد ابتعته منك ؟ فقل الأعرابي : لا والله ما بعتكه ، فقال النبي (ص) : بل قد ابتعته منك ، فقال الأعرابي يقول : هلم شهيدا ، فقال خزيمة بن ثابت : أنا أشهد أنك قد ابتعته ، فأقبل النبي (ص) على خزيمة فقال : بم تشهد ؟ فقال : بتصديقك يا رسول الله ، فجعل رسول الله (ص) شهادة خزيمة بشهادة رجلين " . وزاد أحمد في روايته بعد قوله : " بلى قد ابتعته منك " : " فطفق الناس يلوذون بالنبي (ص) والأعرابي ، وهما يتراجعان ، فطفق الأعرابي يقول : هلم شهيدا يشهد أني بايعتك ، فمن جاء من المسلمين قال للاعرابي : ويلك ! النبي (ص) لم يكن ليقول إلا حقا ، حتى جاء خزيمة فاستمع لمراجعة النبي (ص) ، ومراجعة الإعرابي ، فطفق الإعرابي يقول : هلم شهيدا ، يشهد أني بايعتك " . وإسناده صحيح . وكذا قال الحاكم ، ووافقه الذهبي . 1287 - (حديث " أنه (ص) وكل عروة في شراء شاة ") . ص 307
[ 128 ]
صحيح . أخرجه البخاري (2 / 414) وأبو داود (3384) وابن ماجه (2402) والشافعي (1333) والبيهقي (6 / 112) وأحمد (4 / 375) وابن حزم في " المحلى " (8 / 436 ، 437) من طريق شبيب بن غرقدة قال : سمعت الحي يتحدثون (وفي رواية : سمع قومه يحدثون) عن عروة البارقي . " أن النبي (ص) أعطاه دينارا ليشتري به شاة أو أضحية ، فاشترى له شاتين ، فباع إحداهما بدينار ، وأتاه بشاة ودينار ، فدعا له رسول الله (ص) في بيعه بالبركة ، فكان لو اشترى ترابا لربح فيه " . وليس عند ابن ماجه الواسطة بين شبيب وعروة . وأعله ابن حزم بالإرسال ، وحكاه الحافظ في " التلخيص " (3 / 5) عن غير واحد ، قالوا : لأن شبيبا لم يسمعه من عروة ، إنما سمعه من " الحي " . قال الحافظ : " والصواب أنه متصل ، في إسناده مبهم " . قلت : وتمام هذا التصويب عندي أن يقال : " وهذا لا يضر ، لأن المبهم جماعة من أهل الحي أو من قومه كما في الرواية الأخرى . وهي للبيهقي ، فهم عدد تنجبر به جهالتهم ، وكأنه لذلك استساغ البخاري إخراجه في صحيحه ، وبمثل هذا التعليل قوى الحافظ السخاوي في " المقاصد الحسنة " حديث " من آذى ذميا فأنا خصمه " فراجعه . على أنه قد جاء الحديث من طريق أخرى معروفة عن عروة ، فأخرجه الترمذي (1 / 237) وابن ماجه (2402) والدارقطني (ص 293) والبيهقي (6 / 112) وأحمد (4 / 376) والسياق له من طريق سعيد بن زيد ثنا الزبير بن الخريت ثنا أبو لبيد عن عروة بن أبي الجعد الباقي قال : " عرض للني (ص) جلب ، فأعطاني دينارا ، وقال : أي عروة ائت الجلب ، فاشتر لنا شاة ، فأتيت الجلب ، فساومت صاحبه فاشتريت منه شاتين بدينار فجئت أسوقهما ، أو قال : أقودهما ، فلقيني رجل ، فساومني فأبيعه شاة بدينار ، فجئت بالدينار ، وجئت بالشاة ، فقلت : يا رسول الله هذا ديناركم ، وهذه شاتكم ، قال : وصنعت كيف ؟ قال : فحدثته الحديث فقال : اللهم
[ 129 ]
بارك له في صفقة يمينه ، فلقد رأيتني أقف بكناسة الكوفه ، فأربح أربعين ألفا قبل أن أصل إلى أهلي ، وكان يشتري الجواري ويبيع " . وأعله البيهقي بقوله : " سعيد بن زيد - وهو أخو حماد بن زيد - ليس بالقوي " . وقال الحافظ : " هو مختلف فيه ، عن أبي لبيد لمازة بن زبار ، وقد قيل : إنه مجهول ، لكن وثقه ابن سعد ، وقال حرب : سمعت أحمد أثنى عليه ، وقال المنذري والنووي : إسناده حسن صحيح لمجيئه من وجهين . . " . ثم ذكر الحافظ رواية الحي من رواية البخاري ، وفاته أن سعيد بن زيد لم يتفرد به ، فقال الترمذي : حدثنا أحمد بن سعيد الدارمي : حدثنا حبان وهو ابن هلال أبو حبيب البصري ، حدثنا هارون الأعور المقري ، وهو ابن موسى القاري ، حدثنا الزبير بن الخريت به مختصرا ، ولفظه : " دفع إلي رسول الله (ص) دينارا لأشتري له شاة ، فاشتريت له شاتين ، فبعت إحداهما بدينار ، وجئت بالشاة والدينار إلى النبي (ص) ، فذكر له ماكان من أمره ، فقال له : بارك الله لك في صفقة يمينك . فكان يخرج بعد ذلك إلى كناسة الكوفة ، فيربح الربح العظيم ، فكان من أكثر أهل الكوفة مالا " . قلت : وهذا إسناد صحيح ، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير لمازة بكسر اللام وتخفيف الميم - بن زبار بفتح الزاي وتشديد الموحدة ، وقد عرفت من كلام الحافظ أنه ثقة عند ابن سعد وأحمد ، فلا عبرة بقول من جهله لا سيما وقد روى عنه جماعة من الثقات . 1288 - (حديث " أنه (ص) باع مدبرا ") . ص 307 صحيح . أخرجه البخاري (2 / 121 ، 4 / 279 ، 337 ، 397) ومسلم (5 / 97) وأبو داود (3955) والترمذي (1 / 230) والدارمي (2 / 257) وابن ماجه (2513) والطيالسي (1701) وأحمد (3 / 294 ،
[ 130 ]
368 - 369 ، 370 ، 371) وإبن أبي شيبة في " المصنف " (8 / 201 / 1 - 2) من طرق عن جابر بن عبد الله الأنصاري مختصرا ومطولا ، وقد استوعبت ألفاظه في كتابي : " أحاديث البيوع وآثاره " . 1289 - (حديث " أنه (ص) باع حلسا وقدحا ") . ص 307 . ضعيف 10 خرجه أبو داود (1641) والنسائي (2 / 217) والترمذي (1 / 229) وابن ماجه (2198) وابن أبي شيبة (8 / 183 / 2) وابن الجارود (569) والطيالسي (1326) وأحمد (3 / 100 ، 114) من طريق أبي بكر عبد الله الحنفي عن أنس . " أن رسول الله (ص) باع حلسا وقدحا ، وقال : من يشتري هذا الحلس والقدح ؟ فقال رجل : أخذتهما بدرهم ، فقال النبي (ص) : من يزيد على درهم ، فأعطاه رجل درهمين ، فباعهما منه " . رواه بعضهم مطولا ، وبعضهم أخصر من هذا ، وسياقه للترمذي وقال : " هذا حديث حسن " . ووقع في بعض النسخ " حسن صحيح " . والأول هو الأقرب إلى الصواب ، وهو الذي نقله الحافظ المنذري في " الترغيب " (3 / 3) عن الترمذي ، وإسناده . ضعيف من أجل أبي بكر الحنفي ، قال الذهبي والعسقلاني : " لا يعرف " زاد الثاني : " حاله " . وقال في " التلخيص " (3 / 15) : " وأعله ابن القطان بجهل حال أبي بكر الحنفي ، ونقل عن البخاري أنه قال : " لا يصح حديثه " . 1290 - (حديث جابر أنه سمع النبي (ص) " يقول : " إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام . . . " الحديث رراه الجماعة) ص 307 .
[ 131 ]
صحيح . أخرجه البخاري (2 / 43) ومسلم (5 / 41) وأبو داود (3486) والنسائي (2 / 231) والترمذي (1 / 244) وابن ماجه (2219) وكذا ابن الجارود (578) والبيهقي (6 / 12) وأحمد (3 / 324 ، 426) من طريق عطاء بن أبي رباح عنه أنه سمع رسول الله (ص) يقول عام الفتح وهو بمكة فذكره بلفظ : " إن الله ورسوله حرم . . . " والباقي مثله ، وتمامه : " فقيل يا رسول الله أرايت شحوم الميتة ، فانه يطلى بها السنن ، ويدهن بها الجلود ، ويستصبح بها الناس ؟ فقال : لا هو حرام ، ثم قال رسول الله (ص) عند ذلك : قاتل الله اليهود إن الله لما حرم شحومها ، أجملوه ، ثم باعوه ، فأكلوا ثمنه " . وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح ، . وقوله في آخر الحديث : " قاتل الله اليهود . . . . " له شاهد من حديث أنس بن مالك مرفوعا . أخرجه ابن حبان (1119) . 1291 - (حديث أبي مسعود قال : " نهى النبي (ص) عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن " رواه الجماعة) ص 308 . صحيح . أخرجه البخاري (2 / 43 ، 54 ، 3 / 483) ومسلم (5 / 35) وأبو داود (3428) والنسائي (2 / 196 ، 231) والترمذي (241) وابن ماجه (2159) وكذا الشافعي (1224) وابن الجارود (581) والطحاوي (2 / 225) وأحمد (4 / 118 - 120) وابن حزم في " المحلى " (9 / 10) من طريق أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أنه سمع أبا مسعود عقبة قال : فذكره . وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " .
[ 132 ]
1292 - (قوله (ص) لحكيم بن حزام : " لا تبع ما ليس عندك " رواه الخمسة) ص 308 . صحيح . أخرجه أبو داود (3503) والنسائي (2 / 225) والترمذي (1 / 232) وابن ماجه (2187) وكذا الشافعي (1249) وابن الجارود (602) والدارقطني (292) والبيهقي (5 / 267 ، 317 ، 339) وأحمد (3 / 401 ، 403) والطبراني في " المعجم الكبير " (1 / 152 / 1) وابن حزم (8 / 519) من طرق عن حكيم بن حزام بألفاظ متقاربة هذا أحدها وأوله : " أتيت رسول الله (ص) ، فقلت : يأتيني الرجل يسألني من البيع ما ليس عندي أبتاع له من السوق ثم أبيعه ؟ قال . . . " فذكره والسياق للترمذي ، وقال : " حديث حسن " . قلت : وإسناده صحيح ، وصححه ابن حزم . وقد استوعبت ألفاظه في كتابي " أحاديث البيوع وآثاره " . 1293 - (حديث أبي سعيد " أن النبي (ص) نهى عن شراء ، العبد وهو آبق " . رواه أحمد) . ص 308 . ضعيف . أخرجه أحمد (3 / 42) وكذا ابن ماجه (2196) والبيهقي (5 / 338) من طريق جهضم ابن عبد الله اليماني ، عن محمد بن إبراهيم الباهلي ، عن محمد بن زيد العبدي ، عن شهر بن حوشب ، عن أبي سعيد الخدري قال : " نهى رسول الله (ص) عن شراء ما في بطون الأنعام حتى تضع ، وعما في ضروعها إلا بكيل ، وعن شراء العبد وهو آبق ، ووعن شراء المغانم حتى تقسم ، وعن شراء الصدقات حتى تقبض ، وعن شراء ضربة القانص " . ورواه الدارقطني (295) دون قضية العبد الآبق ، وروى الترمذي (1 / 296) النهي عن شراء الغنائم ، وقال :
[ 133 ]
" غريب " . يعني ضعيف ، وقد بين وجهه ابن حزم في " المحلى " فقال (8 / 390) : " جهضم ، ومحمد بن إبراهيم . ومحمد بن زيد العبدي مجهولون ، وشهر متروك " . وأعله ابن أبي حاتم في " العلل ، (1 / 373 / 1108) عن أبيه بابن ابراهيم هذا ، فقال : " شيخ مجهول " . وقال البيهقي : " وهذه المناهي وإن كانت في هذا الحديث بإسناد غير قوي ، فهي داخلة في بيع الغرر الذي نهى عنه في الحديث الثابت عن رسول الله (ص) " . يعني الحديث الآتي بعده . وقال الحافظ في " بلوغ المرام " : " إسناده ضعيف " . 1294 - (لمسلم عن أبي هريرة : " أن النبي (ص) نهى عن بيع الغرر ") ص 308 . صحيح . أخرجه مسلم (5 / 3) وكذا أبو داود (3376) والنسائي (2 / 217) والترمذي (1 / 231) والدارمي (2 / 251 ، 254) وابن أبي شيبة في " المصنف " (8 / 194 / 2) وابن ماجه (2194) وابن الجارود (590) والدارقطني (295) والبيهقي (5 / 266 ، 302 ، 338 ، 342) وأحمد (376 / 2 ، 436 ، 439 ، 496) من طرق عن عبيد الله بن عمر قال : أخبرني أ بو الزناد عن الأعرج عن أ بي هريرة مرفوعا به ، وزادوا جميعا سوى ابن أبي شيبة : " وعن بيع الحصاة " .
[ 134 ]
وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . وللشطر الأول منه شاهد من حديث ابن عمر . يرويه المعتمر بن سليمان عن أبيه عن نافع عنه . أ خرجه ابن حبان (1115) والبيهقي (5 / 302) . قلت : وإسناده صحيح على شرطهما ، وحسنه الحافظ في " التلخيص " (3 / 6) فقصر . لكن في بعض النسخ " حسن صحيح " ! وله طريق ثانية عن نافع عند البيهقي (5 / 338) . وله طريق أخرى عن ابن عمر . أخرجه ابن أي شيبة . ثم أخرجاه الأول عن سعيد بن المسيب ، والآخر عن الشعبي مرسلا . وله شواهد أخرى أخرجها الحافظ في " التلخيص " ، وجلها عند الطبراني في " الأوسط " (1 / 140 / 1 - زوائده) . فصل 1295 - (حديث " إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا : لا أربح الله تجارتك ") . ص 315 . صحيح . أخرجه الترمذي (1 / 248) والدارمي (1 / 326) وابن حزيمة في " صحيحه " (1 / 141 / 1) وعنه ابن حبان في " صحيحه " (312) وابن الجارود (562) وابن السني (151) والحاكم (2 / 56) والبيهقي (2 / 447) من طرق عن عبد العزيز بن محمد أخبرنا يزيد بن خصيفة عن محمد ابن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة أن رسول الله (ص) ، قال : فذكره . وزادوا الا ابني حبان والسني :
[ 135 ]
" وإذا رأيتم من ينشد فيه الضالة ، فقولوا : لا رد الله عليك " . وقال الترمذي : " حديث حسن غريب " . وقال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " . ووافقه الذهبي . وهو كما قالا . وصححه عبد الحق الاشبيلي في " الأحكام " (823) وعزاه للنسائي ، فالظاهر أنه يعني " السنن الكبرى " له ، أو " عمل اليوم والليلة " . 1296 - (حديث " نهى (ص) عن بيع السلاح في الفتنة " قاله أحمد) . ص 310 . ضعيف . أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (ص 401) وابن عدي في " الكامل " (ق 39 / 1) وأبو عمرو الداني في " الفتن " (152 / 1) والبيهقي (5 / 327) عن بحر بن كنيز عن عبد الله اللقيطي عن أبي رجاء عن عمران بن حصين قال : فذكره . قلت : وهذا إسناد ضعيف من أجل بحر بن كنيز هذا ، وفي ترجمته ساقه ابن عدي ، وحكى أقوال أئمة الجرح فيه ، ثم ختمها بقوله : " والضعف على حديثه بين ، وهو إلى الضعف منه أقرب إلى غيره " . وقال البيهقي عقبه : " وبحر السقا ضعيف لا يحتج به " . ومن طريقه رواه البزار والطبراني في " الكبير " كما في " المجمع " (4 / 87 ، 108) وقال : " وفيه بحر بن كنيز السقا ، وهو متروك " . قلت : لكنه لم يتفرد به ، فقد رواه محمد بن مصعب أنا أبو الأشهب عن أبي رجاء عن عمران بن حصين به .
[ 136 ]
أخرجه ابن عدي (372 / 2) وعنه البيهقي وقال : " رفعه وهم ، والموقوف أصح " . قلت : وعلقه العقيلي وقال : " ولا يصح إلا عن أبي رجاء " . . قلت : وعلته محمد بن مصعب هذا وهو القرقسائي قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق ، كثير الغلط " . ولذلك جزم الحافظ في " التلخيص " بضعف الحديث ، فقال (3 / 18) : " وهو ضعيف ، والصواب وقفه ، وكذلك ذكره البخاري تعليقا " . قلت : قال الحافظ في " الفتح " (4 / 270 - 271) : (وهذا وصله ابن عدي في " الكامل " من طريق أبي الأشهب عن أبي رجاء عن عمران . ورواه الطبراني في " الكبير " من وجه آخر عن أبي رجاء عن عمران مرفوعا . وإسناده ضعيف " . 1297 - (حديث " لايبع بعضكم على بيع بعض ") . ص 311 صحيح . أخرجه البخاري (2 / 29) و (5 / 3) ومالك (2 / 683 / 95) وعنه محمد بن الحسن في " الموطأ " (340) وأبو داود (1436) والنسائي (2 / 71) وابن ماجه (2171) والشافعي (1243) والبيهقي (5 / 344) وأحمد (2 / 7 ، 63 ، 108 ، 124 ، 126 ، 130 ، 142 ، 153 ، 177) من طرق عن نافع عن عبد الله بن عمر به . 1298 - (حديث أبي هريرة " لا يسوم الرجل على سوم أخيه " رواه مسلم) . ص 311
[ 137 ]
صحيح . أخرجه مسلم (4 / 138 - 139 ، 5 / 4) والنسائي (2 / 216) وابن ماجه (2172) والبيهقي (5 / 344) وأحمد (2 / 487) من طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا به . واللفظ لابن ماجه . ولفظ مسلم " يسم " . وقد أخرجه البخاري (2 / 175) من طريق أبي حازم عن أبي هريرة به بلفظ : " نهى رسول الله (ص) عن التلقي . . وأن يستام الرجل على سوم أخيه " . وله في مسلم والسنن طرق أخرى عن أبي هريرة . 1298 / 1 - (حديث " أن النبي (ص) باع فيمن يزيد ") ضعيف . وقد مضى برقم (1289) . 1299 - (قال ابن عمر في المصاحف : " وددت أن الأيدي تقطع في بيعها ") . ص 311 . ضعيف . أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (8 / 184 / 1) من طريق ليث عن أبي محمد عن سعيد بن جبير عن ابن عمر به . قلت : وهذا إسناد ضعيف ، ليث هو ابن أبي سليم وهو ضعيف . وأبو محمد فلم أعرفه . لكنه لم يتفرد به ، فقد قال ابن أبي شيبة بعد : نا وكيع عن سفيان عن سالم عن سعيد بن جبير به . قلت : وهذا سند صحيح على شرط الشيخين . ثم استدركت فقلت : إنه منقطع بين سفيان وسالم ، بينتهه رواية البيهقي (6 / 16) من طريق عبد الله ثنا سفيان عن جابر عن سالم به . وجابر هذا هو الجعفي متروك . ثم روى من طريق قتادة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : " اشترها ، ولا تبعها " . وإسناده صحيح أيضا عل شرطهما . وفي الباب عنده آثار أخرى
[ 138 ]
متضاربة . ويعجبني منها ما رواه عن الشعبي قال : " إنهم ليسوا يبيعون كتاب الله ، إنما يبيعون الورق وعمل أيديهم " وإسناده صحيح على شرط مسلم . وأحسن منه ما روى جعفر بن أحمد بن سنان ثنا محمد بن عبيد الله بن بريع ثنا الفضل ابن العلاء ثنا جعفر بن محمد بن علي عن أبيه عن علي بن الحسين عن ابن عباس قال : " كانت المصاحف لا تباع ، كان الرجل يأتي بورقة عند النبي (ص) " فيقوم الرجل فيحتسب فيكتب ، ثم يقوم آخر فيكتب حتى يفرغ من المصحف " . أخرجه البيهقي لكني لم أعرف جعفر بن أحمد وشيخه محمد بن عبيد الله . 1300 - (حديث " ان النبي (ص) (كان) ، ينهى أن يسافر بالقرأن إلى أرض العدو مخافة أن تناله أيديهم ") . رواه مسلم . ص 312 . صحيح . أخرجه مسلم (6 / 30) وكذا ابن ماجه (2880) من طريق الليث عن نافع عن عبد الله ابن عمر به . ثم أخرجه مسلم وأحمد (2 / 6 ، 10) من طريق أيوب عن نافع به بلفظ : " لا تسافروا بالقرآن فاني أخاف أن يناله العدو " . ثم أخرجه مسلم عن الضحاك بن عثمان ، وأحمد (2 / 55) عن عبيد الله كلاهما عن نافع به مثل رواية الليث بن سعد . وتابعه ابن اسحاق عن نافع به دون الشطر الثاني . أخرجه أحمد (2 / 76) وعلقه البخاري . وتابعهم مالك عن نافع به ، إلا أنه جعل الشطر الثاني منه من قوله ، فقال : " قال مالك : وإنما ذلك مخافة أن يناله العدو " .
[ 139 ]
أخرجه هكذا في " الموطأ " (2 / 446 / 7) وعنه البخاري (2 / 245) ومسلم وأبو داود (2610) وابن ماجه (2879) وأحمد (2 / 7 ، 63) كلهم عن مالك به إلا أنهم اختلفوا عليه ، فالشيخان لم يذكرا الشطر الثاني منه أصلا . وأبو داود جعله من كلام مالك ، وابن ماجه وأحمد جعلاه من تمام الحديث ، وهو الصواب الذي صححه الحافظ في " فتح الباري " (6 / 93) أنه مرفوع وليس بمدرج . قال : " ولعل مالكا كان يجزم به ، ثم صار يشك في رفعه ، فجعله من تفسير نفسه " . لكن الحافظ وهم في نسبته هذه الزيادة لرواية ابن اسحاق عند أحمد ، وليس كذلك كما تقدم ذكره . ويؤيد ما صوبنا ، أن للحديث طريقا أخرى عن ابن عمر ، فقال الامام أحمد (2 / 128) : ثنا عبيد بن أبي قرة ثنا سليمان يعني ابن بلال عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال : " نهى رسول الله (ص) أن يسافر بالقرأن إلى أرض العدو ، مخافة أن يناله العدو " . قلت : وهذا إسناد صحيح ، رجاله كلهم ثقات رجال للشيخن غير عبيد هذا ، فقال ابن معين : ما به بأس . وقال يعقوب بن شيبة : ثقة صدوق . وقال البخاري : لا يتابع في حديثه . ويعني حديثا خاصا في قصة العباس . فلا يضره ذلك إن شاء الله تعالى . 1301 - (حديث (أن عمر أنكر على عبد الرحمن بن عوف حين باع جارية له كان يطؤها قبل استبرائها وقال : ماكنت لذلك بخليق " . وفيه قصة . رواه عبد الله بن عبيد بن عمير) صى 312 . 1302 - (حديث أبي سعيد " أن النبي (ص) نهى عام أوطاس أن توطأ حامل حتى تضع ولا غير حامل حتى تحيض حيضة " رواه أحمد
[ 140 ]
وأبو داود) . ص 312 . صحيح . أخرجه أحمد (3 / 28 ، 62 ، 87) وأبو داود (2157) وكذا الدارمي (2 / 171) والدارقطني (472) والحاكم (2 / 195) والبيهقي (5 / 329) من طريق شريك عن قيس بن وهب (زاد أحمد : وأبي إسحاق) عن أبي الوداك عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله (ص) " قال في سبي أوطاس : " لا توطأ حامل . . . " . الحديث . وقال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " . ووافقه الذهبي . قلت : وفيه نظر ، فإن شريكا ، وهو إبن عبد الله القاضي سئ الحفظ ، ولم يخرج له مسلم إلا متابعة . وله شاهد من حديث جابر أن النبي (ص) نهى أن توطأ النساء الحبالى من السبي . أخرجه الطيالسي في " مسنده " (1679) : حدثنا رباح عن عطاء عنه . قلت : وهذا سند جيد على شرط مسلم ، وعطاء هو ابن أبي رباح ، ورباح هو ابن أبي معروف . ومن حديث العرباض بن سارية : " أن رسول الله (ص) نهى أن توطأ السبايا حتى يضعن ما في بطونهن " . أخرجه الترمذي (1 / 296) من طريق أم حبيبة بنت العرباض . بن سارية أن أباها أخبرها به . وقال : " حديث غريب " . وأخرجه الحاكم (2 / 135) وقال : " صحيح " ! ووافقه الذهبي ! كذا قالا ، وأم حبيبة مجهولة . وعن رويفع بن ثابت الأنصاري أنه قام فيهم خطيبا فقال : أما إني لا
[ 141 ]
أقول لكم إلا ما سمعت رسول الله (ص) " يقول يوم حنين ، قال : (لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماءه زرع غيره ، يعني إتيان الحبالى ، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقع على إمرأة من السبي حتى يستبرئها ، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيع مغنما حتى يقسم " . أخرجه أبو داود (2158) وأحمد (4 / 108 - 109) من طريق ابن إسحاق حدثني يزيد بن أبي حبيب عن أبي مرزوق عن حنش الصنعاني عنه . قلت : وهذا إسناد حسن ، رجاله كلهم ثقات ، وصححه ابن حبان والبزار كما ذكر الحافظ في " بلوغ المرام " . وعن ابن عباس رضي الله عنه قال : " نهى رسول الله (ص) يوم خيبر عن بيع المغانم حتى تقسم ، وعن الحبالى أن يوطأن حتى يضعن ما في بطونهن ، وقال : أتسقي زرع غيرك ، وعن أكل لحوم الحمر الأنسية ، وعن لحم كل ذي ناب من السباع " . أخرجه الحاكم (2 / 137) وقال : " صحيح الإسناد " . ووافقه الذهبي وهو كما قالا . وفي رواية له : " وعن بيع الخمس حتى يقسم " . مكان قوله " وعن لحم . . . " . وقال : " صحيح على شرط الشيخين " ووافقه الذهبي وهو كما قالا . وعن أبي هريرة مرفوعا بلفظ : " لا يقعن رجل على امرأة ، وحملها لغيره " . أخرجه أحمد (2 / 368) عن رشدين عن عمرو عن بكير عن سليمان بن يسار عنه . قلت : وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال البخاري غير رشدين ، وهو
[ 142 ]
ابن سعد ، وهو ضعيف لسوء حفظه . لكن يقويه أنه جاء من طريق أخرى ، يرويه إسماعيل بن عياش عن الحجاج بن أرطاة عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن أبي هريرة عن النبي (ص) : " أنه نهى في وقعة أوطاس أن يقع الرجل على حامل حتى تضع " . أخرجه الطبراني في " المعجم الصغير " (ص 52) وفي " الأوسط " كما في " المجمع " (5 / 4) والدارقطني في " الأفراد " (2 / 10 / 1) وقالا : " تفرد به إسماعيل بن عياش " . قلت : وهو ضعيف في روايته عن غير الشاميين ، وهذه منها ، فإن الحجاج ابن أرطاة كوفي ، وهو مدلس وقد عنعنه . وقد اضطرب إسماعيل عليه ، فرواه مرة هكذا ، ومرة قال : عن الحجاج بن أرطاة عن الزهري عن أنس بن مالك عن النبي (ص) أنه قال : " لا تطؤوا السبايا حتى يحضن ، ولا الحوامل حتى يضعن ، ولا تولهوا والدا عن ولده " . أخرجه الدارقطني في " الأفراد " أيضا . وجملة القول أن الحديث بهذه الشواهد صحيح بلا ريب . باب الشروط في البيع 1303 - (حديث " المسلمون على شروطهم ") . ص 313 صحيح . وقد روي من حديث أبي هريرة ، وعائشة ، وأنس بن مالك ، وعمرو بن عوف ، ورافع ابن خديج ، وعبد الله بن عمر . 1 - أما حديث ابي هريرة ، فيرويه كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة مرفرعا بزيادة : " والصلح جائز بين المسلمين " .
[ 143 ]
أ خرجه أ بو داود (3594) وابن الجارود (637 و 638) وابن حبان (1199) والدارقطني (300) والحاكم (2 / 49) والبيهقي (6 / 79) وابن عدي في " الكامل " (ق 276 / 1) وقال : " كثير بن زيد الأسلمي لم أر بحديثه بأسا ، وأرجو أنه لا بأس به " . وقال الحاكم : " رواة هذا الحديث مدنيون " . فلم يصنع شيئا ! ولهذا قال الذهبي : " قلت : لم يصححه ، وكثير ضعفه النسائي ، وقواه غيره " . قلت : فمثله حسن الحديث إن شاء الله تعالى ما لم يتبين خطؤه ، كيف وهو لم يتفرد به كما يأتي ، وقال فيه الحافظ في " التقريب " : " صدوق يخطئ " ، وصحح حديثه هذا عبد الحق في " أحكامه " (ق . 170 / 1) وزاد ابن الجارود بعد قوله : " شروطهم " : " ما وافق الحق منها " . وتأتي هذه الزيادة من حديث عائشة . وللزيادة الأولى : " الصلح جائز بين المسلمين " طريق أخرى عند الدارقطني والحاكم (2 / 50) من طريق عبد الله بن الحسين المصيصي نا عفان نا حماد بن زيد عن ثابت عن أبي رافع عنه به . وقال الحاكم : " صحيح عل شرط الشيخين ، وهو معروف بعبد الله بن الحسين المصيصي ، وهو ثقة " . قلت : وتعقبه الذهبي بقوله : " قلت : قال ابن حبان : يسرق الحديث " . 2 - وأما حديث عاثشة ، فيرويه عبد العزيز بن عبد الرحمن عن خصيف عن عروة عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا بزيادة : " ما وافق الحق " .
[ 144 ]
أخرجه الدارقطني والحاكم . قلت : وهذا إسناد ضعيف جدا عبد العزيز هذا وهو البالسي الجزري اتهمه الامام أحمد ، وقال النسائي وغيره : ليس بثقة . ولهذا قال الحافظ في " التلخيص " (3 / 23) : " وإسناده واه " . 3 - وأما حديث أنس ، فيرويه البالسي المذكور عن خصيف عن عطاء بن أبي رباح عنه . قلت : وإسناده ضعيف جدا لما سبق بيانه في الذي قبله . 4 - وأما حديث عمرو بن عوف فيرويه كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده مرفوعا بلفظ : " الصلح جائز بين المسلمين ، إلا صلحا حرم حلالا ، أو أحل حراما ، والمسلمون على شروطهم ، إلا شرطا حرم حلالا ، أو أحل حراما " . أخرجه الترمذي (1 / 253) بتمامه وابن ماجه (2353) دون " المسلمون على شروطهم " والدارقطني والبيهقي وابن عدي في " الكامل " (333 / 1) بالنصف الثاني منه وقال ابن عدي : " كثير هذا ، عامة أحاديثه لا يتابع عليه " . وأما الترمذي فقال : " حديث حسن صحيح " . كذا قال ! وكثير هذا ضعيف جدا ، أورده الذهبي في " الضعفاء " ، وقال : " قال الشافعي : من أركان الكذب ، وقال ابن حبان : له عن أبيه عن جده نسخة موضوعة ، وقال آخرون : ضعيف " . وقال في " الميزان " بعد أن ذكر قول الشافعي هذا وغيره :
[ 145 ]
" وأما الترمذي فروى من حديثه : " الصلح جائز بين المسلمين " . وصححه ، فلهذا لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي " . وقال الحافظ في " الفتح " (4 / 371) : " وكثير بن عبد الله ضعيف عند الأكثر ، لكن البخاري ومن تبعه كالترمذي وابن خزيمة يقوون أمره " . 5 - وأما حديث رافع بن خديج ، فيرويه جبابرة بن المغلس : ثنا قيس بن الربيع عن حكيم بن جبير عن عباية بن رفاعة عن رافع بن خديج رفعه بزيادة : " فيما أحل " . أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (1 / 222 / 1) وابن عدي في " الكامل " (329 / 1) وقال : " قيس بن الربيع عامة رواياته مستقيمة ، والقول فيه ما قال شعبة وأنه لا بأس به " . قلت : لكن جبابرة بن المغلس ضعيف كما جزم بذلك الحافظ في " التقريب " . 6 - وأما حديث ابن عمر ، فيرويه محمد بن الحارث : حدثني محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني عن أبيه عنه مرفوعا بزيادة : " ما وافق الحق " . أخرجه العقيلي في " الضعفاء (ص 375) وقال : " محمد بن الحارث ، قال ابن معين : ليس بشئ " ثم قال : " وهذا يروى بإسناد أصلح من هذا ، بخلاف هذا اللفظ " . قلت : كأنه يعني الحديث الأول عن أبي هريرة . وجملة القول : أن الحديث بمجموع هذه الطرق يرتقي إلى درجة الصحيح لغيره ، وهي وإن كان في بعضها ضعف شديد ، فسائرها ، مما يصلح الاستشهاد
[ 146 ]
به ، لا سيما وله شاهد مرسل جيد ، فقال ابن أبي شيبة : نا يحيى ابن أبي زائدة عن عبد الملك هو ابن أبي سليمان عن عطاء عن النبي (ص) " مرسلا . ذكره في " التلخيص " وسكت عليه ، وإسناده مرسل صحيح رجاله كلهم ثقات رجال مسلم . 1304 - (حديث جابر " أنه باع النبي (ص) " جملا واشترط ظهره إلى المدينة " متفق عليه) ص 313 . . (وفي رواية) : فقال : " أتراني ماكستك لآخذ جمه البخاري (2 / 173) ومسلم (5 / 53) وأحمد فهو مالك ودراهمك ، فهو لك " . والسياق للبخاري ، والرواية الثانية لأحمد ، وهي عند أبي داود (3505) والترمذي (1 / 236) مختصرا وقال : " حسن صحيح " . والثالثة لمسلم وكذا الرابعة . وله في الصحيحين والسنن وغيرها طرق وألفاظ كثيرة ، وقد استقصيت الألفاظ في " أحاديث البيوع وآثاره " . 1305 - (حديث ابن عمرو : " أن النبي (ص) نهى عن شرطين في البيع " . رواه أبو داود والترمذي وصححه) ص 313 . حسن . أخرجه أبو داود (3504) والترمذي (1 / 232) وكذا النسائي (2 / 225) والدارمي (2 / 253) وابن ماجه (2188) والطحاوي (2 / 222) وابن الجارود (601) والدارقطني (320) والحاكم (2 / 17)
[ 147 ]
والطيالسي (2257) وأحمد (2 / 174 ، 179 ، 205) من طرق عن عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا بلفظ : - " لا يحل سلف وبيع ، ولا شرطان في بيع ، ولا ربح ما لم يضمن ، ولا بيع ما ليس عندك " . لفظ أبي داود والترمذي وقال : " حديث حسن صحيح " . وأقره عبد الحق في " أحكامه " (ق 154 / 2) . وليس عند ابن ملجه الجملتان الأوليان منه ، وفي رواية لأحمد بدل الجملة الثانية : " ونهى عن بيعتين في بيعة " . أخرجها من طريقين عن عمرو به . وكذا أخرجه البيهقي (5 / 343) وابن خزيمة أيضا في " حديث علي ابن حجر السعدي " (ج 4 رقم 99 - نسختي) وأخرجه ابن حبان في " صحيحه " (1108 - موارد) من طريق الوليد عن ابن جريج انبأنا عطاء عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال : " يا رسول الله إنا نسمع منك أحاديث ، أفتأذن لنا أن نكتبها ؟ قال : نعم ، فكان أول ما كتب كتاب النبي (ص) إلى أهل مكة : لا يجوز شرطان في بيع واحد ، ولا بيع وسلف جميعا ، ولا بيع ما لم يضمن ، ومن كان مكاتبا على مائة درهم ، فقضاها إلا عشرة دراهم ، فهو عبد ، أو على مائة أوقية فقضاها إلا أوقية ، فهو عبد " . وعلق عليه الحافظ ابن حجر في هامش " الموارد " بقوله : " وقد قال النسائي في العتق بعد أن أخرجه : عطاء هو الخراساني ، ولم يسمع من عبد الله بن عمرو ، ولا أعلم أحدا ذكر له سماعا منه " . قلت : ويؤيده أن الحاكم أخرجه من طريق " يزيد بن زريع الرملي ثنا عطاء الخراساني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال : " قلت : يا رسول الله إني أسمع منك أشياء أخاف أن أنساها أفتأذن لي
[ 148 ]
أن أكتبها ؟ . . . " الحديث دون قضية المكاتب . فصل 1306 - (حديث " لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع ، صححه الترمذي) . ص 315 . حسن . وتقدم تخريجه آنفا . 1307 - (قال ابن مسعود : " صفقتان في صفقة ربا ") . صحيح . أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (8 / 192 / 2) : نا أبو الأحوص عن سماك عن أبي عبيدة أو عن عبد الرحمن بن عبد الله عن ابن مسعود قال : فذكره موقوفا عليه وزاد : " أ ن (1) يقول الرجل إن كان بنقد فبكذا ، وإن كان بنسيئة فبكذا " . نا وكيع قال : نا سفيان عن سماك عن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه بمثله . قلت : وهو بالسند الأول ضيف لتردد سماك وهو ابن حرب بين أبي عبيدة وعبد الرحمن ابني عبد الله بن مسعود ، وكان تغير بآخره ، وهو بالسند الآخر صحيح ، لأن رواية سفيان ، وهو الثوري عن سماك صحيحة ، قال يعقوب بن سفيان في ترجمته : " وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة ، وهو في غير عكرمة صالح ، وليس من المتثبتين ، ومن سمع منه قديما مثل شعبة وسفيان فحديثهم عنه صحيح مستقيم " . وقد رواه شعبة أيضا عن سماك به مثل رواية سفيان بلفظ : " لا تصلح سفقتان في سفقة " . (1) الأصل : إلا أن .
[ 149 ]
أخرجه أحمد (1 / 393) ، وأخرجه ابن حبان (1111 ، 1112) من طريق سفيان وشعبة . وأورده باللفظ الأول في " المجمع " (4 / 84 - 85) من رواية البزار والطبراني ، وسكت عليه . ورواه عبد الرزاق أيضا كما في " كنز العمال " (4904) . وقد خالفهم شريك عن سماك به فقال : " نهى رسول الله (ص) عن صفقتين في صفقة واحدة . قال سماك : الرجل يبيع البيع فيقول : هو بنساء بكذا وكذا ، وهو بنقد بكذا وكذا " . أخرجه أحمد (1 / 398) . قلت : وشريك هو ابن عبد الله القاضي وهو سئ الحفظ ، فلا يحتج به لا سيما مع مخالفته لسفيان وشعبة في رفعه . ومن ذلك تعلم ما في قول الهيثمي (4 / 84 - 85) : " رواه البزار وأحمد ، ورواه الطبراني في " الأوسط " ، ولفظه : قال : قال رسول الله (ص) : لا تحل صفقتان في صفقة . . . ورجال أحمد ثقات " ! وللحديث شواهد من حديث ابي هريرة وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن عمرو . أما حديث أبي هريرة ، فيرويه محمد بن عمرو عن أبي سلمة عنه قال : " نهى رسول الله (ص) عن بيعتين في بيعة " . أخرجه النسائي (2 / 227) والترمذي (1 / 232) وابن الجارود (600) وابن حبان (1109) والبيهقي (5 / 343) وأحمد (2 / 432 ، 475 ، 503) من طرق عن محمد بن عمرو به ، وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . قلت : وإسناده حسن ، وفي رواية بلفظ :
[ 150 ]
" من باع بيعتين في بيعة ، فله أوكسهما أو الربا " . أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (7 / 192 / 2) وعنه أبو داود (3460) وكذا ابن حبان (1110) والحاكم (2 / 45) وعنه البيهقي (5 / 343) وقال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " . ووافقه الذهبي ، وصححه ابن حزم أيضا في " المحلى " (9 / 16) وكذا صححه عبد الحق في أحكامه (155 / 1) باللفظ الأول . قلت : وإنما هو حسن فقط ، لأن محمد بن عمرو ، فيه كلام يسير في حفظه ، وقد ورى البخاري عنه مقرونا ، ومسلم متابعة ، وقال الحافظ في " التقريب " : " صدوق ، له أوهام " . وأما حديث عبد الله بن عمر ، فيرويه يونس بن عبيد عن نافع عنه مرفوعا بلفظ : " مطل الغني ظلم ، وإذا اتبع أحدكم على ملئ فليتبعه ، ولا تبع بيعتين في بيعة " . أخرجه الترمذي (1 / 246) - وابن الجارود (599) وأحمد (2 / 71) ، وأخرجه ابن ماجه (2404) والطحاوي في " مشكل الآثار " ، (4 / 8 - 9 ، 9) دون الجملة الأخيرة منه ، وأخرجها وحدها البزار كما في " المجمع " (4 / 85) وقال : " ورجال أحمد رجال الصحيح " . قلت : لكنه منقطع ، فقد قال البوصيري في " الزوائد " (ق 148 / 1) : " هذا الإسناد رجاله ثقات غير أنه منقطع ، وقال أحمد بن حنبل لم يسمع يونس بن عبيد عن نافع شيئا ، إنما سمع من ابن نافع عن أبيه ، وقال ابن معين
[ 151 ]
وأبو حاتم : لم يسمع من نافع شيئا " . قلت : نافع أولاده ثلاثة : عمر ، وعبد الله ، وأبو عمر ، كما في " التهذيب " وعمر ثقة من رجال الشيخين ، والثاني ضعيف ، والثالث لم أعرفه . فإن كان الذي روى عنه الأول فالسند صحيح وإلا فلا . ونقل أبو الحسن السندي في حاشيته على ابن ماجه عن صاحب " الزوائد " أنه قال عقب كلامه الذي نقلته عنه - آنفا : " قلت : وهشيم بن بشر ، مدلس ، وقد عنعنه " . قلت : وهذه الزيادة ليست في نسختنا من " الزوائد " . والإعلال المذكور سليم بالنظر إلى سند ابن ماجه ، ولكن الترمذي وأحمد وغيرهما قد صرحا بتحديث هشيم عن يونس . وأما حديث عبد الله بن عمرو ، فهو من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه من جده مرفوعا كما تقدم بيانه قبل هذا بحديث بلفظ حديث أبي هريرة الأول . أخرجه ابن خزيمة والبيهقي وأحمد في أثناء الحديث المتقدم . ورواه غيرهم بلفظ : " ولا شرطان في بيع " . ويظهر أن اللفظين بمعنى واحد ، رواه بعض الرواة عن عمرو بن شعيب بهذا ، وبعضهم بهذا ، ويؤيده قول ابن قتيبة في " غريب الحديث " (1 / 18) : " ومن البيوع المنهي عنها . . . شرطان في بيع ، وهوأن يشتري الرجل السلعة إلى شهرين بدينارين ، والى ثلاثة أشهر بثلاثة دنانير ، وهو بمعنى (بيعتين في بيعة) " . وقد مضى قريبا تفسيره بما ذكر عن سماك . وكذلك فسره عبد الوهاب بن عطاء فقال : " يعني يقول . هو لك بنقد بعشرة ، وبنسيئة بعشرين " .
[ 152 ]
رواه البيهقي . (فائدة) أخرج ابن أبي شيبة في الباب عن أشعث عن عكرمة عن ابن عباس قال : " لا بأس أن يقول للسلعة هي بنقد بكذا ، وبنسيئة بكذا ، ولكن لا يفترقا إلا عن رضى " . قلت : وهذا إسناد ضعيف من أجل أشعث هذا ، وهو ابن سوار الكندي ، وهو ضعيف كما في " التقريب " ، وإنما أخرج له مسلم متابعة . 1308 - (حديث " من اشترط شرطا ليس في كتاب الله ، فهو باطل وإن كان مائة شرط " متفق عليه) ص 315 . صحيح . أخرجه البخاري (2 / 27 ، 29 - 30 ، 176) ومسلم (4 / 213 ، 213 - 214) وكذا مالك (2 / 780 / 17) وأبو داود (39 29) والنسائي (2 / 102 - 103) وابن ماجه (2521) والطحاوي (2 / 220 - 221) وابن الجارود (981) والدارقطني (298) والبيهقي (5 / 336 ، 338) وأحمد (6 / 206 ، 213 ، 271 - 272) من طرق عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي (ص) : " أن بريرة أتتها وهي مكاتبة ، قد كاتبها أهلي على تسع أوراق ، فقالت لها : إن شاء أهلك عددت لهم عدة واحدة ، وكان الولاء لي ، قال : فأتت أهلها ، فذكرت ذلك لهم ، فأبوا إلا أن تشترط الولاء لهم ، فذكرت عائشة ذلك للنبي (ص) ، فقال : افعلي (وفي رواية : اشتريها واعتقيها ، واشترطي لهم الولاء ، فإن الولاء لمن اعتق) ، قال : فقام النبي (ص) فخطب الناس ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : ما بال رجال يشترطون شروطا ليست في كتاب الله ، كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ، وإن كان مائة شرط ، كتاب الله أحق وشرط الله أوثق ، والولاء لمن أعتق " . هذا لفظ ابن ماجه ، ولفظ الشيخين : " ماكان من شرط ليس في كتاب الله . . . " .
[ 153 ]
والرواية الثانية لمسلم في رواية ، وكذا البخاري . وللحديث شاهد من حديث ابن عباس مرفوعا بلفظ : " كل شرط ليس . . . " دون قوله : " كتاب الله أحق . . . " أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3 / 111 / 2) من طريق عمرو ابن يحيى بن غفرة البجلي (1) نا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن طاوس عنه . قلت : وهذا إسناد قال فيه الهيثمي (4 / 205) : " فيه عمرو بن يحيى بن عفرة ، ولم أجد من ترجمه ، وبقية رجاله ثقات " . 1309 - (حديث " أن النبي (ص) أبطل الشرط ولم يبطل العقد " وهو في حديث بريرة) . ص 315 . صحيح . وهو في حديث عائشة الذي سقت لفظه في الحديث السابق . 1310 - (حديث " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا " متفق عليه صفحة 316 . صحيح . وتقدم تخريجه برقم (1281) . 1310 / 1 - (حديث : " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ، أو يخير أحدهما صاحبه ، فان خير أحدهما صاحبه ، فتبايعا على ذلك ، فقد وجب البيع " . وفي لفظ : " المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا ، إلا أن يكون البيع كان عن خيار ، فان كان البيع عن خيار ، فقد وجب البيع " . متفق عليهما) . ص 316 صحيح . وهو من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ، وله عنه ثلاث طرق : الأولى : عن نافع عنه بلفظ . (1) كذا الأصل غفرة بالغين المعجمة ، ووقع في " المجمع " بالمهملة كما يأتي . (*) .
[ 154 ]
" البيعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم يتفرقا ، إلا بيع الخيار " . هكذا هو عند البخاري (2 / 18 ، 19) ومسلم (5 / 9) وكذا مالك (2 / 671 / 79) وأبو داود (3454) والنسائي (2 / 213) والطحاوي (2 / 202) والبيهقي (5 / 268) وأحمد (2 / 73) من طرق عن نافع به . وأما اللفظ الثاني الذي في الكتاب ، فهو من رواية النسائي فقط من طريق إسماعيل عن نافع به . وإنما أخرجه الشيخان من طريق الليث بن سعد عنه بلفظ : " إذا تبايع الرجلان ، فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا ، وكانا جميعا ، أو يخير أحدهما الآخر ، فان خير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع ، وإن تفرقا بعد أن تبايعا ، ولم يترك واحد منهما البيع ، فقد وجب البيع " . وهكذا أخرجه الشافعي (1258) والنسائي أيضا ، وابن ماجه (2181) وابن الجارود (618) والدارقطني (290 - 291) والبيهقي (5 / 269) وأحمد (2 / 119) كلهم عن الليث به . وتابعه ابن جريج قال : أملى علي نافع . . . فذكره نحوه وزاد في آخره : " قال نافع : فكان إذا بايع رجلا ، فأراد أن لا يقيله ، قام ، فمشى هنيهه ، ثم رجع إليه " . أخرجه مسلم والبيهقي . وتابعه على هذه الزيادة يحيى بن سعيد قال : قال نافع : " وكان ابن عمر إذا اشترى شيئا يعجبه فارق صاحبه " . أخرجه البخاري والنسائي والترمذي (1 / 235) والبيهقي ، ولفظ الترمذي :
[ 155 ]
" فكان ابن عمر إذا ابتاع بيعا ، وهو قاعد ، قام ليجب له البيع " . وقال : " حديث حسن صحيح " . الثانية : عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر بلفظ : " كل بيعين لا بيع بينهما حتى يتفرقا ، إلا بيع الخيار " . أخرجه البخاري (2 / 19) ومسلم (5 / 10) والنسائي (2 / 214) والبيهقي (5 / 269) ، الثالثة : عن سالم قال : قال ابن عمر : " كنا إذا تبايعنا كل واحد منا بالخيار ما لم يتفرق المتبايعان ، قال : فتبايعت أنا وعثمان ، فبعته مالي في الوادي ، بمال له بخيبر ، قال : فلما بعته طفقت أنكص القهقري خشية أن يرادني عثمان البيع قبل أن أفارقه " . أخرج الدارقطني (291) بسند صحيح والبيهقي (5 / 271) ، وعلقه البخاري (2 / 20) بصيغة الجزم . 1311 - (حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا وفيه : " ولا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله " . رواه النسائي والأثرم والترمذي وحسنه) . ص 317 . حسن . أخرجه النسائي (2 / 214) والترمذي (1 / 236) وكذا أبو داود (3456) وابن الجارود (620) والدارقطني (310) والبيهقي (5 / 271) وأحمد (2 / 183) من طرق عن عمرو بن شعيب به . وقال الترمذي : " حديث حسن " . قلت : وهو كما قال ، فقد استقر رأي جماهير المحدثين على الاحتجاج بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، بعد خلاف قديم فيه . وقد قال
[ 156 ]
الدارقطني عقبه : " حدثنا أبو بكر النيسابوري نا محمد بن علي الوراق قال : قلت لأحمد بن حنبل : عمرو بن شعيب سمع من أبيه شيئا ، قال : يقول : حدثني أبي ، قال : قلت : فأبوه سمع من عبد الله بن عمرو قال : نعم أراه قد سمع منه ، سمعت أبا بكر النيسابوري يقول : هو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص ، وقد صح سماع عمرو بن شعيب عن أبيه شعيب ، وصح سماع شعيب من جده عبد الله بن عمرو " . ثم روى حديثا باسناد صحيح فيه سماع شعيب من جده عبد الله . وعن البخاري أنه قال : سمع شعيب من عبد الله بن عمرو . وقال : رأيت علي بن المديني وأحمد بن حنبل والحميدي وإسحاق بن راهويه يحتجون به " . قيل له : فمن يتكلم فيه يقول ماذا ؟ قال : يقولون : إن عمرو بن شعيب أكثر ، أو نحو هذا . قلت : فلا يلتفت بعد هذا إلى قول ابن حزم في " المحلى " (8 / 360) عقب الحديث : " لا يصح " . فانه يعني من أجل أنه من رواية عمرو بن شعيب ! . 1312 - (أثر ابن عمر : " كان إذا اشترى شيئا يعجبه مشى خطوات ليلزم البيع ") . ص 317 . صحيح . أخرجه الشيخان وغيرهما بنحوه ، في حديثه المتقدم قبل حديث . (تنبيه) ذكر المصنف رحمه الله تعالى أن فعل ابن عمر هذا محمول على أنه لم يبلغه خبر النهي عنه في حديث ابن عمرو الذي قبله . وبه جزم الحافظ في " التلخيص " (3 / 20) ففيه دليل على أن الصحابي قد يخفى عليه حكم من أحكام الشريعة ، لعدم وصول الحديث إليه ، فينفي أو يجتهد برأيه فيخطئ ،
[ 157 ]
وهو مع ذلك مأجور غير موزور ، وإذا كان هذا شأن الصحابي ، فمثله الإمام من الأئمة المتبوعين ، قد يخفى عليه الحديث فينفي بخلافه ، فإذا بلغنا الحديث وجب علينا العمل به وترك رأيه ، وذلك مما وصانا به الأئمة أنفسهم جزاهم الله خيرا ، ولكن لم يفد تلك شيئا مع مقلديهم ، فإنهم يخالفون الأحاديث الصحيحة إلى آرائهم ، إلا من شاء الله ، وقليل ما هم . 1313 - (حديث " المسلمون على شروطهم ") . صحيح . وتقدم برقم (1303) . 1314 - (حديث " من باع عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع " رواه مسلم . صحيح . وهو من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، وله عنه طرق . الأولى : عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال : سمعت رسول الله (ص) يقول : " من ابتاع نخلا بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع الا أن يشترط المبتاع ، ومن ابتاع عبدا ، وله مال ، فماله للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع " . أخرجه البخاري (2 / 81) ومسلم (5 / 17) وأبو داود (3433) والنسائي (2 / 228) والترمذي (1 / 235) والدارمي (2 / 253) وابن ماجه (2211) والطحاوي (2 / 210) وابن الجارود (628 ، 629) والطيالسي (1806) وأحمد (2 / 9 ، 82 ، 105) من طرق عن الزهري عن سالم به . وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . الثانية : عن نافع عن ابن عمر مرفوعا بلفظ : " أيما رجل باع نخلا قد أبرت فثمرتها للأول ، وأيما رجل باع مملوكا ، وله مال ، فماله لربه الأول ، إلا أن يشترط المبتاع " .
[ 158 ]
أخرجه الإمام أحمد (2 / 78) : ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة سمعت عبد ربه بن سعيد يحدث عن نافع عن ابن عمر به . قال شعبة : فحدثته بحديث أيوب عن نافع أنه حدث بالنخل عن النبي (ص) ، والمملوك عن عمر ، قال عبد ربه : لا أعلمهما جميعا إلا عن النبي (ص) . ثم قال مرة أخرى : فحدث عن النبي (ص) ولم يشك " . وأخرجه ابن ماجه (2212) : حدثنا محمد بن الوليد ثنا محنمد بن جعفر به نحوه . قلت : وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ، وقد أخرجاه وأصحاب السنن وغيرهم من طرق عن نافع به دون الشطر الثاني منه . وللشطر الأول منه طريق ثالث ، عن عكرمة بن خالد المخزومي عن ابن عمر : " أن رجلا اشترى نخلا ، قد أبرها صاحبها ، فخاصمه الى النبي (ص) فقضى رسول الله (ص) أن الثمرة لصاحبها الذي أبرها ، إلا أن يشترط المشتري ، . أخرجه الطحاوي (2 / 210) والبيهقي (5 / 298) وأحمد (2 / 30) قلت : وإسناده صحيح عل شرط مسلم . وللحديث شاهد يرويه سليمان بن موسى عن نافع عن ابن عمر ، وعن عطاء عن جابر أن رسول الله (ص) قال : فذكره . أخرجه ابن حبان (1127) . 1315 - (حديث عائشة : " أن النبي (ص) قضى أن الخراج بالضمان " رواه الخمسة وصححه الترمذي) ص 317 . حسن . أخرجه أبو داود (3508) والنسائي (2 / 215) والترمذي (ش 1 / 242) وابن ماجه (2242) وأحمد (6 / 49 ، 161 ، 208 ، 237) ، فهؤلاء هم الخمسة ، ورواه أيضا الامام الشافعي (1266) وابن
[ 159 ]
الجارود (627) وابن حبان (1125) والدارقطني (311) والحاكم (2 / 15) والطيالسي (1464) كلهم من طريق ابن أبي ذئب عن مخلد بن خفاف عن عروة عنها به . وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح غريب " . قلت : ورجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير مخلد هذا ، وثقه ابن وضاح وابن حبان . وقال البخاري : " فيه نظر " . وقال الحافظ في " التقريب " : " مقبول " . قلت : يعني عند المتابعة ، وقد توبع في هذا الحديث ، فقال مسلم بن خالد الزنجي ثنا هشام بن عروة عن أبيه عنها : " أن رجلا ابتاع غلاما ، فأقام عنده ما شاء الله أن يقيم ، ثم وجد به عيبا ، فخاصمه إلى النبي (ص) ، فرده عليه ، فقال الرجل : يا رسول الله قد استغل غلامي ، فقال رسول الله (ص) " : الخراج بالضمان " . أخرجه أبو داود (3510) وابن ماجه (2243) والطحاوي (2 / 208) وابن الجارود (626) والحاكم (2 / 15) وقال : " صحيح الإسناد " . ووافقه الذهبي . قلت : وفيه نظر ، فان الزنجي ، وإن كان فقيها صدوقا ، فانه كثير الأوهام كما قال الحافظ في " التقريب " . والذهبي نفسه قد ترجمه في " الميزان " وساق له أحاديث مما أنكر عليه ثم ختم ذلك بقوله : " فهذه الأحاديث وأمثالها ترد بها قوة الرجل ويضعف " . قلت : وقد تابعه على المرفوع منه عمر بن علي المقدمي عنه هشام بن عروة به ، أخرجه البيهقي (5 / 322) . قلت ، والمقدمي هذا ثقة ، لكنه كان يدلس تدليسا سيئا كما هو مذكور في ترجمته ، فمن الجائز أن يكون تلقاه عن الزنجي ثم دلسه . فلا يتقوى الحديث
[ 160 ]
بمتابعته ، وإنما يتقوى بالطريق التي قبله ، لا سيما وقد تلقاه العلماء بالقبول ، كما فكر الإمام أبو جعفر الطحاوي . 1316 - (حديث " الثلث والثلث كثير ") . ص 318 . صحيح . وهو قطعة من حديث رواه سعد بن أبي وقاص ، أخرجه الشيخان وغيرهما ، ومضى تخريجه برقم (899) . 1317 - (حديث " لا تلقوا الجلب ، فمن تلقاه فاشترى منه فإذا أتى (سيده) السوق فهو بالخيار " رواه مسلم) . ص 318 . صحيح . أخرجه مسلم (5 / 5) وأبو داود (3437) والنسائي (2 / 216) والترمذي (1 / 230) والدارمي (2 / 255) وابن ماجه (2178) والطحاوي (2 / 200) وابن الجارود (571) والبيهقي (5 / 348) وأحمد (2 / 284 ، 403) من طرق عن ابن سيرين عنه . وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . وتابعه سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة به مختصرا بلفظ : " نهى النبي (ص) عن التلقي ، وأن يبيع حاضر لباد " . أخرجه البخاري (2 / 29) وأحمد (2 / 402) . 1318 - (حديث " نهى رسول الله (ص) عن النجش ") . متفق عليه . صحيح . وهو من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما . أخرجه البخاري (2 / 25) ومسلم (5 / 5) ومالك (2 / 684 / 97) والنسائي (2 / 216 - 217) والدارمي (2 / 255) وابن ماجه (2173) والشافعي (1241) والبيهقي (5 / 343) وأحمد (2 / 7 ، 63 ، 108) كلهم عن مالك عن نافع عنه . وفسره مالك بقوله :
[ 161 ]
" والنجش : آن تعطيه بسلعته أكثر من ثمنها ، وليس في نفسك اشتراؤها ، فيقتدي بك غيرك " . 1319 - (حديث " من غشنا فليس منا ") . ص 319 . صحيح . وهو من حديث أبي هريرة ، وعبد الله بن عمر . وأنس بن مالك ، وأبي بردة بن نيار ، والحارث بن سويد النخعي . أما حديث أبي هريرة ، فله عنه طريقان : الأولى : عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة : " أن رسول الله (ص) مر على صبرة طعام ، فأدخل يده فيها ، فنالت أصابعه بللا ، فقال : ماهذا يا صاحب الطعام ؟ قال : أصابته السماء يارسول الله ، قال : أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس ، من غش فليس مني . (وفي رواية : منا . وفي أخرى : ليس منا من غش . وفي رابعة : ليس منا من غشنا . وفي خامسة : ألا من غشنا فليس منا) . أخرجه مسلم (1 / 69) والسياق له وأبو عوانة في " صحيحه " (1 / 57) وأبو داود (3452) والرواية الثالثة له ، والترمذي (1 / 247) والثانية له ، وابن ماجه (2224) والطحاوي في " مشكل الآثار " (2 / 134) وابن الجارود (564) والرواية الرابعة له ، وكذا الحكام (2 / 8 - 9) وله الخامسة أيضا ، والبيهقي (5 / 320) وأحمد (2 / 242) وأبو يعلى في " مسنده " (ق 304 / 2) من طرق عن العلاء به . وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " وقال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه " فوهم في استدراكه على مسلم . الطريق الثانية : عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة به مختصرا مرفوعا بلفظ :
[ 162 ]
" من غشنا فليس منا " . أخرجه مسلم والطحاوي وأحمد (2 / 417) . وأما حديث عبد الله بن عمر ، فله أيضا طريقان : الأولى : عن أبي معشر عن نافع عنه به نحو حديث أبي هريرة من الطريق الأولى ، وقال : " فمن غشنا ، فليس منا " . أخرجه أحمد (2 / 50) والطبراني في " الأوسط " (137 / 2) وقال : " لم يروه عن نافع إلا أبو معشر " . قلت : وأبو معشر ضعيف من قبل حفظه ، لكن تقويه الطريق الآتية : والآخري : عن أبي عقيل بن يحيى بن المتوكل قال : أخبرني القاسم بن عبيد الله عن سالم عن ابن عمر به . أخرجه الدارمي (2 / 248) . قلت : وأبو عقيل هذا ، ضعيف ايضا . وأما حديث أنس ، فيرويه إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الله بن أبي ربيعة عن أنس بن مالك ، قال : فذكره . أخرجه الطبراني في " الأوسط " (1 / 137 / 2) وقال : " لا يروى عن أنس إلا بهذا الإسناد " . قلت : وقال المنذري في " الترغيب " (30 / 22) : " وهو إسناد جيد " . وقال الهيثمي (4 / 79) : " ورجاله ثقات " . قلت : وأنا أخشى أن يكون منقطعا ، فإنهم لم يذكروا لاسماعيل هذا رواية عن أحد من الصحابة ، وقد تناقض فيه ابن حبان ، فإنه أورده في " ثقات
[ 163 ]
التابعين " كما في " التهذيب " ، ثم أعاده في " ثقات أتباع التابعين " وقال (2 / 10) : مات في آخر ولاية المهدي سنة تسع وستين ومائة " . وكانت وفاة أنس سنة ثلاث وتسعين ، فبين وفاتيهما ست وستون سنة ، فيبعد في العادة أن يسمع من مثله ، والحالة هذه . وأما حديث أبي بردة ، فيرويه شريك عن عبد الله بن عيسى عن جميع بن عمير عن خاله أبي بردة به نحوه . أخرجه أحمد (3 / 466 و 4 / 45) وكذا الطبراني ني " الكبير " و " الأوسط " والبزار باختصار ، كما في " المجمع " (4 / 78) وقال : " وفيه جميع بن عمير ، وثقه أبو حاتم ، وضعفه البخاري وغيره " . قلت : وفي " التقريب " : " ضعيف رافضي " . قلت : وفي الطريق إليه شريك ، وهو ابن عبد الله القاضي ، وهو سئ الحفظ ، لكنه لم يتفرد به ، فقد قال الطبراني في " الأوسط " (1 / 137 / 2) : " ورواه شريك وقيس بن الربيع عن عبد الله بن عيسى . . . " . وقد خالفهما عمار بن رزيق ، وهو الضبي الكوفي الثقة ، فرواه عن عبد الله ابن عيسى " بإسناد آخر له ، وهذا أصح ، وهو : وأما حديث الحارث بن سويد ، فيرويه عمار بن رزيق ، ثنا عبد الله بن عيسى عن عمير بن سعيد ، عنه عمه قال : " خرج رسول الله (ص) إلى البقيع ، فرأى طعاما يباع في غرائر ، فأدخل يده ، فأخرج شيئا كرهه ، فقال : من غشنا فليس منا " . أخرجه الحاكم (2 / 9) وقال : هذا حديث صحيح ، وعم عمير بن سعيد ، هو الحارث بن سعيد النخعي " .
[ 164 ]
ووافقه الذهبي . وأما حديث ابن مسعود ، فيرويه الفضل بن الحباب ، حدثنا عثمان بن الهيثم المؤذن ، ثنا أبي عن عاصم عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود مرفوعا بلفظ : " من غشنا فليس منا ، والمكر والخديعة في النار " . أخرجه ابن حبان في " صحيحه " (1107) والطبراني في " الصغير " (ص 153) و " الكبير " أيضا كما في " المجمع " (4 / 79) وأبو نعيم في " الحلية " (4 / 188) والقضاعي في " مسند الشهاب " (ق 15 / 2) وقال الهيثمي : " ورجاله ثقات ، وفي عاصم بن بهدلة كلام لسوء حفظه " . قلت : والمتقرر فيه عند أهل العلم أنه حسن الحديث ، يحتج به لا سيما إذا وافق الثقات . ولهذا قال المنذري في " الترغيب " (3 / 22) : " إسناده جيد ، ورواه أبو داود في " مراسيله " عن الحسن مرسلا مختصرا قال : " المكر والخديعة والخيانة في النار " . وفي الباب عن جماعة آخرين من الأصحاب ، قد أخرج أحاديثهم الهيثمي في " المجمع " ، فمن شاء الوقوف عليها ، فليرجع إليه . 1320 - (حديث أبي هريرة مرفوعا : " لا تصروا الإبل والغنم ، فمن ابتاعها فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها ، إن شاء أمسكها وإن شاء ردها وصاعا من تمر " . متفق عليه) ص 319 . صحيح . أخرجه البخاري (2 / 26) ومسلم (4 / 5) وكذا الشافعي (1254) والبيهقي (5 / 318 و 320 - 321) وأحمد (2 / 242 و 465) من طريق الأعرج عن أبي هريرة به . وقد أخرجه الشيخان وأصحاب السنن وغيرهم من طرق أخرى بألفاظ أخرى ، وقد سقت الألفاظ مع تخريجها في " أحاحيث البيوع " .
[ 165 ]
1321 - (حديث عقبة بن عامر مرفوعا : " المسلم أخو المسلم ولا يحل لمسلم باع من أخيه بيعا فيه عيب إلا يبينه له " رواه أحمد وأبو داود والحاكم ص 319 . صحيح . أخرجه ابن ماجه (2246) والحاكم (2 / 8) ، وعنه البيهقي (5 / 320) من طريق وهب بن جرير : ثنا أبي ، سمعت يحيى بن أيوب يحدث عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن شماسة عن عقبة ابن عامر به . وقال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " . ووافقه الذهبي ، وأقره المنذري في " الترغيب " (3 / 24) . وأقول : إنما هو على شرط مسلم وحده ، فإن ابن شماسة لم يخرج له البخاري شيئا . ورواه عبد الله بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب به نحوه . أخرجه أحمد (4 / 158) والطبراني في " الأوسط " (138 / 1) وقال : (لا يروى عن عقبة إلا بهذا الإسناد " . قلت : وكأنه خفي عليه رواية يحيى بن أيوب ، وهو أوثق من ابن لهيعة . وقد تابعهما الليث ، فأخرجه مسلم (4 / 139) من طريق ابن وهب عن الليث وغيره عن يزيد بن أبي حبيب به بلفظ : " المؤمن أخو المؤمن ، فلا يحل للمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه ، ولا يخطب على خطبة أخيه حتى يذر " . ومن هذا الوجه أخرجه البيهقي أيضا (5 / 346) وسمى الغير ابن لهيعة . والله أعلم . (تنبيه) عزى المصنف الحديث لأبي داود كما ترى ، وهو وهم ، ولعله
[ 166 ]
خطأ من الناسخ أو الطابع . وعزاه الحافظ في " التلخيص " (3 / 22) إلى من ذكرنا وزاد : والدارقطني . ولم أره في " البيوع " من " سننه " . والله أعلم . 1322 - (حديث ابن مسعود : " إذا اختلف المتبايعان ، وليس بينهما بينة ، فالقول ما يقول صاحب السلعة أو يترادان " : رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه وزاد فيه : " والبيع قائم بعينه " ولأحمد في رواية " والسلعة كما هي " وفي لفظ : " تحالفا ") . صحيح . دون اللفظ الأخير . وله عنه ست طرق : الأولى : عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن عبد الله بن مسعود مرفوعا باللفظ الأول . أخرجه أحمد (1 / 466) وكذا الطيالسي (399) والدارقطني (ص 297) والبيهقي (5 / 333) ، والترمذي (1 / 240) معلقا ، وقال : " وهو مرسل " . يعنى أنه منقطع بين القاسم وجده ابن مسعود ، لكن قد جاء موصولا ، فرواه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى فقال : عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه به . وزاد : " والمبيع قائم بعينه " . أخرجه أبو داود (3512) والدارمي (2 / 250) وابن ماجه (2186) والدارقطني (298) والبيهقي أيضا ، وأعله بقوله : " خالف ابن أبي ليلى الجماعة في رواية هذا الحديث في إسناده ، حيث قال : " عن أبيه " ، وفي متنه حيث زاد : " والبيع قائم بعينه " . ورواه إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة ، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، وقال فيه : " والسلعة كما هي بعينها " ، وإسماعيل إذا روى عن أهل الحجاز لم يحتج به ،
[ 167 ]
ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، وإن كان في الفقه كبيرا ، فهو ضعيف في الرواية لسوء حفظه ، وكثرة خطئه في الأسانيد والمتون ، ومخالفته الحفاظ فيها . وقد تابعه في هذه الرواية عن القاسم الحسن بن عمارة ، وهو متروك ، لا يحتج به . قلت : أخرجه الدارقطني من طريق ابن عمارة ، وابن عباس ، وهما ضعيفان ، كما ذكر البيهقي ، فلا فائدة من متابعتهما . نعم قد تابعه على وصل الحديث من هو خير منهما ، وهو عمر بن قيس الماصر ، وهو ثقة احتج به مسلم ، وقال الحافظ في " التقريب " : " صدوق ربما وهم " . أخرجه ابن الجارود (624) والدارقطني من طريق محمد بن سعيد بن سابق ، نا عمرو بن أبي قيس ، عن عمر بن قيس الماصر عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه قال : " باع عبد الله بن مسعود سبيا من سبي الأمارة بعشرين ألفا ، يعني من الأشعث بن قيس ، فجاء بعشرة آلاف ، فقال : إنما بعتك بعشرين ألفا ، قال : إنما أخذتهم بعشرة آلاف ، وإنى أرضى في ذلك برأيك فقال ابن مسعود : إن شئت حدثتك عن رسول الله (ص) ؟ قال : أجل ، قال : قال رسول الله (ص) : " إذا تبايع المتبايعان بيعا ليس بينهما شهود ، فالقول ما قال البائع ، أو يترادان البيع " فقال الأشعث : قد رددت عليك . قلت : وهنا إسناد حسن متصل على الراجح ، فقال الحافظ في " التلخيص " (3 / 31) : " ورجاله ثقات ، إلا أن عبد الرحمن ، اختلف في سماعه من أبيه " . قلت : قد أثبت سماعه منه إمام الأئمة البخاري . والمثبت مقدم على النافي ، ومن علم حجة على من لم يعلم ، لا سيما إذا كان مثل البخاري ! وتابعه معن بن عبد الرحمن ، وهو ثقة أيضا من رجال الشيخين ، فقال
[ 168 ]
الطبراني في " المعجم الكبر " (3 / 75 / 1) : حدثنا محمد بن صالح النرسي ، نا علي بن حسان العطار نا عبد الرحمن بن مهدي ، نا سفيان عن معن ابن عبد الرحمن ، عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه مرفوعا بلفظ : " إذا اختلف المتبايعان ، والسلعة قائمة بعينها ، فالقول قول البائع ، أو يترادان " . قلت : ورجاله ثقات رجال الشيخين غير النرسي والعطار ، فلم أعرفهما . وتوبع القاسم عن أبيه ، رواه أبو سعد البقال عن الشعبي عن عبد الرحمن ابن عبد الله عن أبيه مرفوعا مختصرا بلفظ : " إذا اختلف البيعان فالقول قول البائع " . أخرجه الطبراني (3 / 75 / 2) . قلت : وأبو سعيد هذا ضعيف مدلس . الطريق الثانية : عن عون بن عبد الله عن ابن مسعود مرفوعا : " لذا اختلف البيعان (وفي لفظ : المتبايعان ، زاد في رواية : والسلعة كما هي) فالقول قول البائع ، والمبتاع بالخيار " . أخرجه الشافعي (1264) والترمذي (1 / 240) والبيهقي (5 / 332) وأحمد (1 / 466) والزيادة له ، وابن أبي شيبة في " المصنف ، (7 / 207 / 2) وقال البيهقي : " عوف بن عبد الله لم يدرك عبد الله بن مسعود ، وقال الشافعي في رواية الزعفراني والمزني عنه : هذا حديث منقطع ، لا أعلم أحدا يصله عن ابن مسعود ، وقد جاء من غير وجه " . قلت : بعضها متصل ، كما في بعض الروايات في الطريق الأولى ، ومثله الرابعة والخامسة والسادسة . وإحداها صحيح كما سيأتي بيانه . الطريق الثالثة : عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه نحوه .
[ 169 ]
أخرجه النسائي (2 / 230) ، والدارقطني (296 - 297) ، والحاكم (2 / 48) ، والبيهقي (5 / 332 - 333) ، وأحمد (1 / 466) وقال البيهقي : " وهذا مرسل أيضا ، أبو عبيدة لم يدرك أباه " . وغفل عن ذلك الحاكم فقال : " صحيح إن كان سعيد بن سالم حفظ في إسناده عبد الملك بن عمير " . ويشير بذلك إلى أن في سنده اختلافا ، وقد بينه الحافظ في " التلخيص " (3 / 31) ، فهي علة أخرى . الرابعة : عن عبد الرحمن بن قيس بن محمد بن الأشعث عن أبيه عن جده قال : " إشترى الأشعث رقيقا من رقيق الخمس من عبد الله بعشرين ألفا ، فأرسل عبد الله إليه في ثمنهم ، فقال : إنما أخذتهم بعشرة آلاف فقال عبد الله : فاختر رجلا يكون بيني وبينك ، قال الأشعث : أنت بيني وبين نفسك ! قال عبد الله : فإني سمعت رسول الله (ص) يقول : إذا اختلف البيعان ، وليس بينهما بينة ، فهو ما يقول رب السلعة ، أو يتتاركان " . أخرجه أبو داود (3511) والنسائي (2 / 229 - 230) - المرفوع منه فقط - وابن الجارود (625) والدارقطني (297) والحاكم (2 / 45) والبيهقي (5 / 332) وقال : " هذا إسناد حسن موصول ، وقد روي من أوجه بأسانيد مراسيل ، إذا جمع بينها صار الحديث بذلك قويا " . وقال شيخه الحاكم : " صحيح الإسناد " ! ووافقه الذهبي ! قلت : أما أن الحديث قوي بمجموع طرقه ، فذلك مما لا يرتاب فيه الباحث ، وأما أن إسناده هذا حسن أو صحيح ، ففيه نظر ، فقد أعله ابن القطان بالجهالة في عبد الرحمن وأبيه وجده ، كما نقله عنه الحافظ في " التلخيص " ، وضعفه ابن حزم في " المحلى " (8 / 467 - 468) .
[ 170 ]
الخامسة : عن علقمة عن عبد الله مرفوعا مختصرا بلفظ : " البيعان إذا اختلفا في البيع ترادا البيع " . أخرجه الطبراني في " الكبير " (3 / 59 / 2) : حدثنا محمد بن هشام المستملي ، نا عبد الرحمن بن صالح ، نا فضيل بن عياض عن منصور عن إبراهيم عن علقمة به . قلت : وهذا إسناد صحيح متصل ، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير شيخ الطبراني ، وهو ثقة ، وشيخ شيخه عبد الرحمن بن صالح ، وهو الأزدي الكوفي ، وهو ثقة أيضا على تشيعه . وأعله الحافظ بما لا يقدح فقال : " رواته ثقات ، لكن اختلف في عبد الرحمن بن صالح ، وما أظنه حفظه ، فقد جزم الشافعي أن طرق هذا الحديث عن ابن مسعود ليس فيها شئ موصول " . قلت : وما يدرينا أن الشافعي اطلع على هذه الطريق بالذات ، حتى يصح لنا أن نعلمها بكلامه هذا المجمل ! وعبد الرحمن بن صالح ثقة كما تقدم ، ولا خلاف فيه ، وإنما تكلم فيه بعضهم لتشيعه ، وهذا لا يقدح في الاحتجاج بحديثه ، وقد قال ابن عدي : " معروف مشهور في الكوفيين ، لم يذكر بالضعف في الحديث ، ولا اتهم فيه ، إلا أنه مخترق فيما كان فيه من التشيع " . والحافظ نفسه قد وثقه آنفا ، وقال في " التقريب " : " صدوق يتشيع " . فالظن بأنه لم يحفظه مع كونه ثقة ، لا يغني شيئا ! . السادسة : عن أبي وائل عنه قال : " إذا إختلف البيعان ، والمبيع مستهلك ، فالقول قول البائع " . ورفع الحديث إلى النبي (ص) في ذلك .
[ 171 ]
أخرجه الدارقطني (297) من طريق عصمة بن عبد الله ، نا إسرائيل عن الأعمش عن أبي وائل . قلت : وعصمة هذا هو عصمة بن عبد الله بن عصمة بن السرح يترجمه ابن أبي حاتم ، وإنما ذكره في ترجمة جده عصمة بن السرح بإسناده إليه من روايته عن أبيه عن جده . وجملة القول أن الحديث صحيح قطعا ، فإن بعض طرقه صحيحة ، وبعضها حسن ، والأخرى مما يعتضد به . (تنبيه) قد ذكر المؤلف رحمه الله في ألفاظ الحديث : " تحالفا " ولم أره في شئ من هذه الطرق ، والظاهر أنه مما لا أصل له . فقد ذكره الرافعي في جملة روايات للحديث ، بلفظ " إذا اختلف المتبايعان تحالفا " . فقال الحافظ في " تخريجه " : " وأما رواية التحالف ، فاعترف الرافعي في " التذنيب " أنه لا ذكر لها في شئ من كتب الحديث ، وإنما توجد في كتب الفقه ، وكأنه عنى الغزالي ، فإنه ذكرها في " الوسيط " ، وهو تبع إمامه في (الأساليب) . 1323 - (روي عن ابن مسعود " أنه باع الأشعث رقيقا من رقيق الإمارة فقال : بعتك بعشرين ألفا ، وقال الأشعث : اشتريت منك بعشرة ، فقال عبد الله : سمعت رسول الله (ص) يقول : " إذا اختلف المتبايعان وليس بينهما بينة ، والمبيع قائم بعينه فالقول قول البائع أو يترادان البيع " . قال : فإني أرد البيع " . رواه سعيد) ص 322 . صحيح . لمجموع طرقه ، وهي ست ، وقد خرجتها آنفا . وهذا اللفظ هو من رواية ابن أبي ليلى عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه : " أن عبد الله بن مسعود باع من الأشعث بن قيس رقيقا . . . " . وقد أخرجه أبو داود وابن ماجه وغيرهما كما سبق ذكره هناك ، فعزو المصنف إياه لسعيد - وهو إبن منصور - وحده قصور ظاهر .
[ 172 ]
ولقصة ابن مسعود مع الأشعث طرق أخرى بعضها حسن ، فراجع إن شئت ما تقدم . 1324 - (حديث عبد الملك بن عبيدة مرفوعا : " إذا اختلف المتبايعان استحلف البائع ، ثم كان للمشتري الخيار إن شاء أخذ وإن شاء ترك " رواه سعيد) ص 322 . صحيح لغيره . وهو من رواية عبد الملك بن عبيدة ، عن ابن لعبد الله ابن مسعود ، عن ابن مسعود مرفوعا به . هكذا أخرجه الدارقطني (296) والبيهقي (5 / 333) من طريق سعيد ابن مسلمة ، نا إسماعيل بن أمية عن عبد الملك بن عبيدة . قلت : وسعيد بن مسلمة ضعيف كما في " التقريب " . لكن تابعه ابن جريح ، أخبرني إسماعيل بن أمية به نحوه . وسمى ابن عبد الله بن مسعود (أبا عبيدة) . أخرجه النسائي والدارقطني والبيهقي وأعله بالانقطاع كما سبق بيانه قبل حديث (الطريق الثالثة) . (تنبيه) صنيع المؤلف يوهم أن الحديث من مسند عبد الملك بن عبيدة ، وهو تابعي مجهول الحال . وقد عرفت أنه من روايته عن ابن عبد الله بن مسعود عن أبيه ، وقد خطر في البال أول الأمر أنه لعله سقط من الناسخ أو الطابع قوله : " عن ابن لعبد الله . . . " حتى رأيت الشيخ ابن قدامة قد أورده في " المغني " (4 / 193) كما أورده المصنف ، فعرفت أن السقط قديم ، وأن المؤلف تابع للمغني في إيراده كذلك ، ويحتمل أن يكون الحديث عند سعيد وهو ابن منصور كما ذكراه مفصلا " والله أعلم . وبالجملة فالحديث صحيح لأن له طرقا خمسا أخرى ، خرجتها قبل حديث . 1325 - (حديث ابن عمر : " مضت السنة أن ما أدركته الصفقة
[ 173 ]
حيا مجموعا ، فهو من مال المشتري " رواه البخاري) . ص 323 صحيح موقوفا . وهو عند البخاري (2 / 24) تعليقا مجزوما به : (وقال ابن عمر . . . " فذكره دون قوله : " مضت السنة " . والباقي مثله سواء ، إلا أنه قال : " فهو من المبتاع " بدل قوله " فهو من مال المشتري " ومعناهما واحد . وقد وصله الطحاوي (2 / 204) والدارقطني (311) من طريقين عن الزهري عن حمزة بن عبد الله بن عمر عن أبيه به . قلت : وإسناده صحيح على شرط الشيخين . وعلقه ابن حزم (8 / 375) مشيرا لصحته . وأورده ابن أبي حاتم في " العلل " (1 / 394 / 1182) من طريق حاتم ابن إسماعيل عن الأوزاعي عن الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي (ص) " : ما أدركت الصفقة . . . " الخ بلفظ الكتاب تماما وقال : " قال أبي : هذا خطأ ، إنما هو الزهري عن حمزة بن عبد الله عن أبيه " . قلت : وهكذا على الصواب رواه بشر بن بكر عند الطحاوي ، والوليد بن مسلم عند الدارقطني ، كلاهما عن الزهري به موقوفا . 1326 - (حديث ابن عمر : " كنا نبيع الإبل بالنقيع بالدراهم ، فنأخذ عنهما الدنانير وبالعكس ، فسألنا رسول الله (ص) فقال : لا بأس أن تأخذ بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما شئ " رواه الخمسة) ص 323 . ضعيف . أخرجه أبو داود (3354 و 3355) والنسائي (2 / 223 - 224) والترمذي (1 / 234) والدارمي أيضا (2 / 259) وابن ماجه (2262) والطحاوي في " مشكل الآثار " (2 / 96) وابن الجارود (655) والدارقطني (299) والحاكم (2 / 44) والبيهقي (5 / 284 و 315) والطيالسي (1868) وأحمد (2 / 33 و 83 - 84 و 139 \) من طرق عن حماد بن سلمة عن سماك بن حرب عن سعيد بن جبير عن ابن عمر قال :
[ 174 ]
" كنت أبيع الإبل بالبقيع ، فأبيع الدنانير وآخذ الدراهم ، وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير ، آخذ هذه من هذه ، وأعطي هذه من هذه ، فأتيت - رسول الله (ص) ، وهو في بيت حفصة ، فقلت : يا رسول الله رويدك أسالك ، إني أبيع الإبل بالبقيع ، وأبيع بالدنانير ، وآخذ الدراهم وأبيع بالدراهم ، وآخذ الدنانير ، آخذ هذه من هذه ، وأعطى هذه من هذه ، فقال رسول الله (ص) : لا بأس . . . " الحديث ، والسياق لأبي داود ، وضعفه الترمذي بقوله : " هذا حديث لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث سماك بن حرب عن سعيد بن جبير عن ابن عمر " . وأما الحاكم فقال : " صحيح على شرط مسلم " ! ووافقه الذهبي ! وقال البيهقي : " تفرد به سماك بن حرب عن سعيد بن جبير من بين أصحاب ابن عمر " . وأفصح عن علته ابن حزم فقال في " المحلى " (8 / 503 و 504) . " سماك بن حرب ضعيف يقبل التلقين ، شهد عليه بذلك شعبة " . وقال الحافظ في " التقريب " : " صدوق ، وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة ، وقد تغير بآخره ، فكان ربما يلقن " . وقال في " التلخيص " (3 / 26) : " وعلق الشافعي القول به على صحة الحديث . وروى البيهقي من طريق أبي داود الطيالسي قال : سئل شعبة عن حديث سماك هذا ؟ فقال : سمعت أيوب عن نافع عن ابن عمر ، ولم يرفعه . ونا قتادة عن سعيد ابن المسيب عن ابن عمر ، ولم يرفعه . ونا يحيى بن أبي اسحاق ، عن سالم عن ابن عمر ، ولم يرفعه . ورفعه لنا سماك بن حرب ، وأنا أفرقه " . قلت : ومما يقوي وقفه ، أن أبا هاشم - وهو الرماني الواسطي ، وهو ثقة - قد تابع سماكا عليه ، ولكنه خالفه في متنه ، فقال : عن سعيد بن جبير عن ابن عمر :
[ 175 ]
" أنه كان لا يرى بأسا (يعني) في قبض الدراهم من الدنانير ، والدنانير من الدراهم " . أخرجه النسائي (2 / 224) من طريق مؤمل قال : حدثنا سفيان عن أبي هاشم به . قلت : وهذا إسناد حسن . وقد تابع حمادا إسرائيل بن يونس عن سماك به . أخرجه الطحاوي وأحمد (2 / 101 و 154) . 1327 - (" وقال النبي (ص) في البكر ، هو لك يا عبد الله بن عمر فاصنع به ما شئت ") ص 323 . صحيح . أخرجه البخاري (2 / 19 - 20 و 140) والبيهقي (6 / 170 - 171) عن ابن عمر : " أنه كان مع النبي في سفر ، وكان على بكر صعب لعمر ، وكان يتقدم النبي (ص) ، فيقول أبوه . يا عبد الله لا يتقدم النبي (ص) أحد ، فقال له النبي (ص) : بعنيه ، قال عمر : هو لك ، فاشتراه ، ثم قال : هو لك . . . " . الحديث . 1327 / 1 - (حديث " الخراج بالضمان ") . صحيح . وتقدم تخريجه برقم (1315) . 1328 - (حديث " من ابتاع طعاما ، فلا يبعه حتى يستوفيه " متفق عليه) . ص 324 صحيح . وقد ورد عنه جماعة من أصحاب النبي (ص) ، منهم عبد الله ابن عمر ، وعبد الله ابن عباس ، وأبو هريرة ، وجابر بن عبد الله . 1 - أما حديث ابن عمر ، فله طرق : الأولى : عن نافع عنه مرفوعا به .
[ 176 ]
أخرجه مالك (2 / 640 / 40) وعنه البخاري (2 / 22) وكذا مسلم (5 / 7) وأبو داود (3492) والنسائي (2 / 224) والدارمي (2 / 252 - 253) وابن ماجه (2226) والشافعي (2 / 1246) والطحاوي (2 / 217) وفي " مشكل الآثار " أيضا (4 / 220 - 221) والبيهقي (5 / 312) وأحمد (2 / 63 - 64) كلهم عن مالك عن نافع به . وتابعه جماعة عن نافع به . أخرجه الطحاوي وأحمد (2 / 22) . الثانية : عن عبد الله بن دينار عنه به إلا أنه قال : " حتى يقبضه " . أخرجه مالك (2 / 640 / 41) والبخاري (2 / 23) ومسلم (5 / 8) والنسائي ، والشافعي (1247) والطحاوي ، والبيهقي ، والطيالسي (1887) وأحمد (2 / 46 ، 59 ، 73 ، 79 ، 108) من طرق عن ابن دينار به . الثالثة : عن القاسم بن محمد عن ابن عمر . " أن رسول الله (ص) نهى أن يبيع أحد طعاما اشتراه بكيل حتى يستوفيه " . أخرجه أبو داود (3495) وأخرجه النسائي (2 / 225) والطحاوي ، وأحمد (2 / 111) من طريقين عنه . وفي الأولى عند الأولين المنذر بن عبيد المدني ، قال ابن القطان : مجهول الحال . وفي الأخرى عند أحمد : ابن لهيعة وهو ضعيف . 2 - وأما حديث ابن عباس ، فيرويه طاوس عنه مرفوعا بلفظ ابن عمر الأول وزاد : " قال إبن عباس : وأحسب كل شئ مثله " . وفي رواية : " بمنزلة الطعام "
[ 177 ]
أخرجه مسلم (5 / 7) وأبو داود (3496) والنسائي (2 / 224) والترمذي (1 / 243) وإبن ماجه (2227) والبيهقي (5 / 312) وأحمد (1 / 221 ، 270 ، 356 ، 368 ، 369) والرواية الأخرى له ، وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . وفي رواية عنه قال : " أما الذي نهى عنه رسول الله (ص) ، فهو الطعام أن يباع حتى يقبض . قال إبن عباس : ولا أحسب كل شئ إلا مثله " . أخرجه البخاري (2 / 24) والشافعي (1252) والطحاوي (2 / 218) وابن الجارود (606) والطيالسي (2602) . 3 - وأما حديث أبي هريرة ، فيرويه سليمان بن يسار عنه مرفوعا بلفظ حديث ابن عمر الأول . وفي رواية : " حتى يكتاله " . أخرجه مسلم (5 / 8 - 9) بالرواية الثانية ، والطحاوي (2 / 217) وأحمد (2 / 337) . وفي رواية عنه : " أنه قال لمروان : أحللت بيع الربا ؟ ! فقال مروان : ما فعلت ، فقال أبو هريرة : أحللت بيع الصكاك ، وقد نهى رسول الله (ص) عن بيع الطعام حتى يستوفى . قال : فخطب مروان الناس ، فنهى عن بيعها . قال سليمان : فنظرت إلى حرس يأخذونها من أيدي الناس " . أخرجه مسلم وأحمد (2 / 329 ، 349) . 4 - وأما حديث جابر فيرويه أبو الزبير أنه سمعه يقول : كان رسول الله (ص) يقول : " إذا ابتعت طعاما ، فلا تبعه حتى تستوفيه " . ارواء - 5 - 12
[ 178 ]
أخرجه مسلم (5 / 9) والطحاوي (2 / 217) والبيهقي (5 / 312) وأحمد (3 / 392) . 1329 - (وقال ابن عمر : " رأيت الذين يشترون الطعام مجازفة على عهد رسول الله (ص) ينهون أن يبيعوه حتى يؤووه إلى رحالهم " متفق عليه) ص 324 . صحيح . وله عنه طريقان : الأولى : عن سالم بن عبد الله عنه قال : " لقد رأيت الناس في عهد رسول الله (ص) يبتاعون جزافا يعني الطعام ، يضربون أن يبيعون في مكانهم حتى يؤووه إلى رحالهم " . أخرجه البخاري (2 / 24 ، 4 / 312) ومسلم (5 / 8) وأبو داود (3498) والنسائي (2 / 225) والطحاوي في " المشكل " (4 / 218 ، 218 - 219) والبيهقي (5 / 314) وأحمد (2 / 7 ، 40 ، 53 ، 150 ، 157) من طريق ابن شهاب عنه . وزاد مسلم : " وحدثني عبيد الله بن عبد الله بن عمر : أن أباه كان يشتري الطعام جزافا " . الطريق الأخرى : عن نافع عنه قال : " كنا نشتري الطعام من الركبان جزافا ، فنهانا رسول الله (ص) أن نبيعه حتى ننقله من مكانه " . أخرجه مسلم والنسائي ، وإبن الجارود (607) والطحاوي (2 / 200) ، وفي " المشكل " (4 / 219) والبيهقي (5 / 314) وأحمد (2 / 15 ، 21 ، 142) . وفي رواية عنه قال : " كنا في زمان رسول الله (ص) نبتاع الطعام ، فيبعث علينا من يأمرنا
[ 179 ]
بانتقاله من المكان الذي ابتعناه فيه ، إلى مكان سواه ، قبل أن نبيعه " . أخرجه مالك (2 / 641 / 42) وعنه الشافعي (1250) والنسائي (2 / 225) والبيهقي (5 / 314) وأحمد (2 / 112 - 113) كلهم عن مالك به . وأخرجه البخاري (2 / 29) والطحاوي في " كتابيه " من طرق أخرى عن نافع به نحوه . 1330 - (حديث عثمان رضي الله عنه : أن رسول الله (ص) قال : " إذا بعت فكل وإذا ابتعت فاكتل " رواه أحمد ورواه البخاري تعليقا) . ص 324 - 325 صحيح . وله عنه طريقان : الأولى : عن أبي صالح حدثني يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن المغيرة عن منقذ مولى سراقة عن عثمان بن عفان به إلا أنه قدم الجملة الأخرى على الأولى . أخرجه الدارقطني (ص 292) وعنه البيهقي (5 / 315) . قلت : وهذا سند ضعيف ، فإن أبا صالح هو عبد الله بن صالح كاتب الليث ، وهو ضعيف . ومنقذ هذا أورده . ابن أبي حاتم (4 / 367 / 1) بهذا السند له وعنه ، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا ، وكذلك ذكره ابن حبان في " الثقات " (1 / 231) وقال الحافظ في " الفتح " (4 / 288) : " مجهول الحال " . وقال في " التقريب " : " مقبول " . يعني عند المتابعة . وقد توبع ، وهو الطريق الأخرى : عن عبد الله بن لهيعة ثنا موسى بن وردان قال : سمعت سعيد بن المسيب يقول : سمعت عثمان رضي الله عنه يخطب على المنبر وهو يقول : " كنت أبتاع التمر من بطن من اليهود ، يقال لهم بنو قينقاع ، فأبيعه
[ 180 ]
بربح ، فبلغ ذلك رسول الله (ص) فقال : " يا عثمان إذا اشتريت فاكتل ، وإذا بعت فكل " . هكذا أخرجه أحمد (1 / 62) : ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ثنا عبد الله ابن لهيعة . . . وقال الهيثمي في " المجمع " (4 / 98) : " رواه أحمد وإسناده حسن " . كذا قال ، وابن لهيعة ضعيف ، كما أشار إلى ذلك الحافظ في " الفتح " بيد أنه عقب عليه بما يشعر بتقوية الحديث فقال : " وفيه ابن لهيعة ، ولكنه من قديم حديثه ، لأن ابن عبد الحكم أورده في " فتوح مصر " من طريق الليث عنه " . قلت : ورواه عنه عبد الله بن يزيد أبو عبد الرحمن المقري ، وهو أيضا من الذين سمعوا منه قديما ، وصححوا حديثهم عنه ، ومنهم عبد الله بن المبارك وعبد الله بن وهب . أخرجه ابن ماجه (2230) بنحوه ، ويأتي لفظه في الذي بعده . ورواه سعيد بن أبي مريم أنا ابن لهيعة قال : حدثني موسى بن وردان أنه سمع سعيد بن المسيب يحدث أنه سمع عثمان بن عفان رضي الله عنه يقول على المنبر : " إني كنت أشتري التمر كيلا ، فأقدم به إلى المدينة ، أحمله أنا وغلمان ، وذلك من مكان قريب من المدينة بسوق قينقاع ، فأربح الصاع والصاعين ، فأكتال ربحي ، ثم أصب لهم ما بقي من التمر ، فحدث بذلك رسول الله (ص) ، ثم إنه سأل عثمان رضي الله عنه ؟ قال : نعم يا رسول الله ، فقال رسول الله (ص) . . . " فذكره مثل لفظ أحمد . أخرجه البيهقي (5 / 315) وأشار إلى تقويته بقوله : " رواه ابن المبارك والوليد بن مسلم وجماعة من الكبار عن عبد الله بن لهيعة "
[ 181 ]
والحديث علقه البخاري (2 / 22) بلفظ الكتاب . 1331 - (حديث " إذا سميت الكيل فكل " رواه الأثرم) . ص 325 صحيح . وهو رواية في حديث عثمان الذي قبله . أخرجها ابن ماجه (2230) من طريق عبد الله بن يزيد عن ابن لهيعة عن موسى بن وردان عن سعيد بن المسيب عن عثمان بن عفان قال : " كنت أبيع التمر في السوق فأقول : كلت في وسقي هذا كذا ، فأدفع أوساق التمر بكيله ، وآخذ شفي ، فدخلني من ذلك شئ ، فسألت رسول الله (ص) فقال : إذا سميت الكيل فكله " . قال البوصيري في " الزوائد " (138 / 1) : " هذا إسناد ضعيف ، لضعف ابن لهيعة ، رواه ابن أبي عمر في " مسنده " عن عبد الله بن يزيد المقري فذكره . ورواه ابن المبارك عن إبن لهيعة بلفظ : " إذا ابتعت فاكتل ، وإذا بعت فكل " . هكذا رواه عبد بن حميد عن ابن المبارك " . وأقول : جزمه بضعف إسناده ليس بصواب لما سبقت الإشارة إليه في الحديث المتقدم أن رواية عبد الله بن المبارك وأمثاله من القدماء عن ابن لهيعة صحيحة . وإليك بعض النصوص في ذلك ، فقال الحافظ عبد الغني ابن سعيد الأزدي : " إذا روى العبادلة عن ابن لهيعة فهو صحيح ، ابن المبارك ، وابن وهب ، والمقر ي " . وذكر الساجي وغيره مثله . ولذلك فنحن نرى أن الحديث صحيح ، لا سيما وله طريق أخرى ، تقدم ذكرها .
[ 182 ]
1332 - (حديث ابن عمر : " كنا نشتري الطعام من الركبان جزافا . فنهانا رسول الله (ص) أن نبيعه حتى ننقله من مكانه " رواه مسلم ص 325 . صحيح . وتقدم تخريجه قبل حديثين في (الطريق الأخرى) . 1333 - (حديث " إذا ابتعت فكتل ") . ص 325 صحيح . وتقدم تخريجه قبل حديثين . 1334 - (حديث أبي هريرة مرفوعا : (من أقال مسلما ، أقال الله عثرته يوم القيامة " . رواه ابن ماجه وابو داود ، وليس فيه ذكر يوم القيامة) ص 325 . صحيح . أخرجه إبن ماجه (2199) عن مالك ابن سعير ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة به . وزاد ابن حبان : " بيعته " . وأخرجه أبو داود (3460) وكذا ابن حبان (1103) والحاكم أيضا (2 / 45) وأحمد (2 / 152) وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (18 / 95 / 2) وابن البخاري في " المشيخة " (ق 61 / 2) من طريق يحيى ابن معين : ثنا حفص عن الأعمش به دون قوله " يوم القيامة " عند أبي داود والحاكم وقال : " صحيح على شرط الشيخين " . ووافقه الذهبي ، وأقرة المنذري في " الترغيب " (3 / 20) . وتابعه إسحاق بن محمد الفروي ثنا مالك بن أنس عن سمي عن أبي صالح به ولفظه : " من أقال نادما عثرته ، أقال الله عزوجل عثرته يوم القيامة " . أخرجه الطبراني في " مختصر مكارم الأخلاق " (1 / 115 / 1) وابن حبان في " صحيحه " (1104 - موارد) . قلت : ورجاله ثقات رجال البخاري غير أن الفروي هذا كان قد كف فساء حفظه ، فإن كان حفظه ، فهو على شرط البخاري .
[ 183 ]
باب الربا 1335 - (حديث أبي هريرة : " اجتنبوا السبع الموبقات قالوا : وما هي يا رسول الله ، قال . : الشرك بالله ، (والسحر) ، وقتل النفس ، التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات " متفق عليه) . . ص 326 . صحيح . أخرجه البخاري (2 / 193 ، 4 / 67 ، 313) ومسلم (1 / 64) وكذا أبو داود (2874) والنسائي (2 / 131) . 1336 - (حديث " لعن الله أكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه " متفق عليه) ص 326 . صحيح . وهو من حديث جابر بن عبد الله قال : " لعن رسول الله (ص) آكل الربا . . . " الحديث وزاد : " وقال : وهم سواء " . أخرجه مسلم (5 / 50) وابن الجارود (646) والبيهقي (5 / 275) وأحمد (3 / 304) من طريق أبي الزبير عنه به . ولم يذكر أحمد الزيادة ، ولم يخرجه البخاري أصلا ! قلت : وأبو الزبير مدلس ، وقد عنعنه . لكن للحديث شاهد من حديث أبي جحيفة وعبد الله بن مسعود . أما حديث أبي جحيفة فيرويه ابنه عوف بن أبي جحيفة عن أبيه أنه اشترى غلاما حجاما ، فأمر بمحاجمه فكسرت ، فقلت له : أتكسرها ؟ قال : نعم . " " إن رسول الله (ص) نهى عن ثمن الدم ، وثمن الكلب ، وكسب البغي ، ولعن آكل الربا ، ومؤكله ، والواشمة ، والمستوشمة ، ولعن المصور " .
[ 184 ]
أخرجه البخاري (2 / 13 و 43 و 3 / 383 و 4 / 103 و 106) والبيهقي (6 / 9) وأحمد (4 / 308 و 309) والطيالسي (1143) ، ولأبي داود (4383) والطحاوي (2 / 225 - 226) منه النهي عن ثمن الكلب . وعزاه المنذري في " الترغيب " (3 / 49) بتمامه للبخاري وأبي داود . 2 - وأما حديث ابن مسعود ، فله عنه طرق : الأولى : عن علقمة عنه قال : " لعن رسول الله (ص) آكل الربا ، ومؤكله " . أخرجه مسلم (5 / 50) والبيهقي (5 / 285) . وعزاه المنذري (3 / 49) للنسائي أيضا ، فلعله يعني في " السنن الكبرى " له . الثانية : عن هزيل عنه به . أخرجه الدارمي (2 / 246) وأحمد (1 / 448 و 462) والطبراني في " المعجم الكبير " (3 / 53 / 1) . قلت : وإسناده صحيح على شرط البخاري ، وهزيل بالزاي مصغرا ، ووقع في " الدارمي " : " هذيل ، بالذال وهو تصحيف ، وهو ابن شرحبيل الأودي . الثالثة : عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه به . وزاد : " وشاهده وكاتبه " . أخرجه أبو داود (3333) والترمذي (1 / 227 - 228) وابن ماجه (2277) والبيهقي (5 / 275) والطيالسي (343) وأحمد (1 / 393 و 394 و 402 و 453) وفي رواية له : " لعن الله " . وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . قلت : وأعله المنذري بقوله :
[ 185 ]
عبد الرحمن بن عبد الله لم يسمع من أبيه " . قلت : قد أثبت سماعه منه الإمام البخاري كما ذكرنا في تخريج الحديث (1322) ، وتصحيح الترمذي لحديثه يشعر بأنه متصل عنده ، فالإسناد صحيح . الرابعة : عن الحارث بن عبد الله أن ابن مسعود قال : " آكل الربا ، ومؤكله ، وكاتبه ، وشاهداه ، إذا علموا به ، والواشمة والمستوشمة للحسن ، ولاوي الصدقة ، والمرتد أعرابيا بعد هجرته ، ملعونون على لسان محمد (ص) يوم القيامة " . زاد في رواية : " قال عبد الله : آكل الربا ، ومؤكله سواء " . أخرجه النسائي (2 / 281) والطحاوي في " مشكل الآثار " (2 / 297) وابن حبان (1154) وأحمد (1 / 409 و 430 و 464 - 465) والزيادة له في رواية من طريق علقمة قال : فذكره . وإسنادهما صحيح . وأما أصل الحديث ، فهو من طريق الحارث ، وهو الأعور ، وهو ضعيف . لكن ذكر المنذري أن ابن خزيمة رواه من طريق مسروق عن ابن مسعود . قلت : أخشى أن تكون وهما من بعض الرواة ، فقد رأيتها في " المستدرك (1 / 387) من طريق يحيى بن عيسى الرملي عن الأعمش عن عبد الله ابن مرة عن مسروق به . وقال : " صحيح على شرط مسلم " . ووافقه الذهبي . قلت : الرملي هذا وإن احتج به مسلم ، ففي حفظه ضعف . قال الحافظ في " التقريب " : " صدوق ، يخطئ " .
[ 186 ]
وقد خالفه سفيان الثوري وشعبة وآخرون ، فرووه عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن الحارث بدل مسروق . وهو الصواب ، فمخالفة الرملي لهؤلاء ، الثقات الأثبات لا تحتمل . وروايتهم عند من ذكرناهم . وبالجملة فالحديث بهذه الطرق ثابت صحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه ، وهو شاهد قوي لحديث جابر ، بل هو حديث مشهور ، فقد أورده ابن جرير الطبري في " تفسيره " (6 / 12 / 6249) بلفظ الكتاب وزيادة : " إذا علموا به " . وقال : " تظاهرت به الأخبار عن رسول الله (ص) " . 1337 - (" روى في ربا الفضل عن ابن عباس ثم رجع " قاله الترمذي وغيره) ص 326 . صحيح . وله عنه طرق . الأولى : عن أبي نضرة قال : " سألت ابن عمر وابن عباس عن الصرف ؟ فلم يريا به بأسا ، فإني لقاعد عند أبي سعيد الخدري ، فسألته عن الصرف ؟ فقال : ما زاد فهو ربا ، فأنكرت ذلك لقولهما ، فقال : لا أحدثك إلا ما سمعت من رسول الله (ص) : جاءه صاحب نخلة بصاع من تمر طيب ، وكان تمر النبي (ص) هذا اللون (وفي رواية : هو الدون) ، فقال له النبي (ص) : أنى لك هذا ؟ قال : انطلقت بصاعين ، فاشتريت به هذا الصاع ، فإن سعر هذا في السوق كذا ، وسعر هذا كذا ، فقال رسول الله (ص) : ويلك أربيت ، إذا أردت ذلك فبع تمرك بسلعة ثم اشتر بسلعتك أي تمر شئت ، قال أبو سعيد : فالتمر بالتمر أحق أن يكون ربا ، أم الفضة بالفضة ؟ ! قال : فأتيت ابن عمر بعد فنهاني " ولم آت ابن عباس . قال : فحدثني أبو الصهباء ، أنه سأل ابن عباس عنه بمكة فكرهه " . أخرجه مسلم (5 / 49) والبيهقي (5 / 281) .
[ 187 ]
والطحاوي (2 / 236) منه عن أبي الصهباء : " ان ابن عباس نزع عن الصرف " . وإسناده صحيح . الثانية : عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد قال : " قلت لابن عباس : أرأيت الذي تقول : الدينارين بالدينار ، والدرهمين بالدرهم ، أشهد أني سمعت رسول الله (ص) قال : الدينار بالدينار ، والدرهم بالدرهم ، لا فضل بينهما ، فقال ابن عباس : أنت سمعت هذا من رسول الله (ص) ؟ فقلت : نعم ، قال : فإني لم أسمع هذا ، إنما أخبرنيه أسامة بن زيد (1) ، قال أبو سعيد : ونزع عنها ابن عباس " . أخرجه الطحاوي (2 / 231 - 232) . قلت : وإسناده صحيح على شرط مسلم . الثالثة : عن أبي الجوزاء قال : " سألت ابن عباس عن الصرف يدا بيد ، فقال : لا بأس بذلك اثنين بواحد ، أكثر من ذلك وأقل ، قال : ثم حججت مرة أخرى ، والشيخ حي ، فأتيت ، فسألته عن الصرف ؟ فقال : وزنا بوزن ، قال : فقلت : إنك قد أفتيتني اثنين بواحد ، فلم أزل أفتي به منذ أفتيتني ! فقال : إن ذلك كان عن رأي ، وهذا أبو سعيد الخدري يحدث عن رسول الله (ص) ، فتركت رأيي إلى حديث رسول الله (ص) " . أخرجه أحمد (3 / 51) وابن ماجه (2258) باختصار ، والبيهقي (5 / 282) . (1) يعني : حديث : " لا ربا إلا في نسيئة " . كما صرح بذلك في بعض الروايات الآتية في الحديث التالي . (*) .
[ 188 ]
قلت : والسياق لأحمد ، وإسناده صحيح . 1338 - (حديث : " لا ربا إلا في النسيئة ") . ص 326 صحيح . وهو من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه ، يرويه أبو صالح قال : سمعت أبا سعيد الخدري يقول : " الدينار بالدينار ، والدرهم بالدرهم ، مثلا بمثل ، من زاد أو ازداد ، فقد أربى ، فقلت له : إن ابن عباس يقول غير هذا ، فقال : لقد لقيت ابن عباس ، فقلت : أرأيت هذا الذي تقول ، أشئ سمعته من رسول الله (ص) ، أو وجدته في كتاب الله عزوجل ؟ فقال : لم أسمعه من رسول الله (ص) ، ولم أجده في كتاب الله ، ولكن حدثني أسامة بن زيد أن النبي (ص) قال : " فذكره . بلفظ " الربا في النسيئة " . وفي رواية بلفظ الكتاب . وفي أخرى : " إنما الربا في النسيئة " . أخرجه البخاري (2 / 31) ومسلم (5 / 49) والنسائي (2 / 223) وابن ماجه (2257) والطحاوي (2 / 232) والبيهقي (5 / : 28) وأحمد (5 / 200 و 209) والسياق لمسلم باللفظ الثاني ، وأما لفظ الكتاب ، فهو للبخاري ، والرواية الأخرى لمسلم في رواية ابن ماجه . ثم أخرجه مسلم والنسائي والدارمي (2 / 259) والشافعي (1303) والطحاوي ، والطيالسي (6 22) وأحمد (5 / 201 و 204 و 206 و 208) من طرق أخرى عن ابن عباس به . وفي لفظ لمسلم وأحمد : " لا ربا فيما كان يدا بيد " . 1339 - (حديث أبي سعيد : " الذهب بالذهب ، والفضة بالفضة والبر بالبر ، والشعير بالشعير ، والتمر بالتمر ، والملح بالملح مثلا بمثل ، يدا بيد ، فمن زاد أو استزاد فقد أربى ، الآخذ والمعطي سواء " رواه أحمد والبخاري) . ص 326 . صحيح . وله عنه طرق :
[ 189 ]
الأولى : عن أبي المتوكل الناجي عنه به . أخرجه مسلم (5 / 44) والسياق له ، والنسائي (2 / 222) وابن الجارود (648) والبيهقي (5 / 278) وأحمد (3 / 49 - 50 و 66 - 67 و 97) ، وعزوه للبخاري بهذا اللفظ وهم . وروى الطيالسي (2225) منه طرفه الأول ، وأخرج الدارقطني (299) والحاكم (2 / 49) من طريقه طرفه الآخر : " الآخذ والمعطي سواء في الربا " . وقال الحاكم : " صحيح الإسناد " . ووافقه الذهبي . وفاتهما أنه عند مسلم أتم ! الثانية : عن نافع عنه مرفوعا بلفظ : " لا تبيعوا الذهب بالذهب ، إلا مثلا بمثل ، ولا تشفوا بعضها على بعض ، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل ، ولا تشفوا بعضها على بعض ، ولا تبيعوا غائبا بناجز " . أخرجه البخاري (2 / 31) ومسلم (5 / 42) ومالك (2 / 632 / 30) والنسائي (2 / 222) والترمذي (1 / 234) والشافعي (1289) والطحاوي (2 / 233) وابن الجارود (649) والبيهقي (5 / 276) وأحمد (3 / 4 و 51 و 61) وزاد مسلم في رواية في آخره : " إلا يدا بيد " . وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . الثالثة : عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عنه مرفوعا باختصار . رواه مسلم والطحاوي . الرابعة : عن عبد الله بن حنين أن رجلا من أهل العراق قال لعبد الله بن عمر إن ابن عباس قال - وهو علينا أمير - : من أعطي بالدرهم مائة درهم فليأخذها ، فقال عبد الله بن عمر : سمعت عمر بن الخطاب يقول : قال رسول
[ 190 ]
الله (ص) : الذهب بالذهب وزنا بوزن ، فمن زاد فهو ربا ، قال ابن عمر : إن كنت في شك فسل أبا سعيد الخدري عن ذلك ، فسأله ، فأخبره أنه سمع ذلك من رسول الله (ص) ، فقيل لابن عباس ما قال ابن عمر رضي الله عنه ، فاستغفر ربه ، وقال : إنما هو رأي مني " . أخرجه الطحاوي (2 / 234) والطبراني في " المعجم الكبير " (1 / 5 / 1) عن ابن لهيعة قال : ثنا أبو النصر عن عبد الله بن حنين . قلت : وابن لهيعة سئ الحفظ ، لكن حديثه حسن في الشواهد . 1340 - (حديث " لا تفعل ، بع الجمع بالدراهم ، ثم ابتع بالدراهم جنيبا ، وقال في الميزان مثل ذلك " رواه البخاري) ص 327 . صحيح . أخرجه البخاري (2 / 35 و 61) وكذا مسلم (5 / 47 - 48) ومالك (2 / 623 / 21) والنسائي (2 / 222) والدارمي (2 / 258) والشافعي (1300) والطحاوي (2 / 233) وفي " المشكل " (2 / 122) والدارقطني (5 / 285 و 291 و 296) من طريق سعيد بن المسيب عن أبي سعيد وأبي هريرة : " أن رسول الله استعمل رجلا (وفي رواية : بعث سوادة بن غزية أخا بني عدي من الأنصار ، وأمره) على خيبر ، فجاءهم بتمر جنيب ، قال : أكل تمر خيبر هكذا ؟ قال : إنا لنأخذ الصاع بالصاعين ، والصاعين بالثلاثة ، فقال : لا تفعل . . . " الحديث . والرواية الأخرى للدارقطني ، وبعضها للدارمي . 1341 - (حديث معمر بن عبد الله : " أنه نهى عن بيع الطعام بالطعام وإلا مثلا بمثل " . رواه مسلم) . ص 327 صحيح . أخرجه مسلم (5 / 47) وكذا الطحاوي (2 / 197) والدارقطني (299) والبيهقي (5 / 283 و 285) وأحمد (6 / 400 - 401 و 401) من طريق بسر بن سعيد عن معمر بن عبد الله :
[ 191 ]
" أنه أرسل غلامه بصاع قمح ، فقال : بعه ، ثم اشتر به شعيرا ، فذهب الغلام فأخذ ملكا وزيادة بعض صاع ، فلما جاء سرا أخبره بذلك ، فقال له معمر : لم فعلت ذلك ؟ انطلق فرده ، ولا تأخذن إلا مثلا بمثل ، فإني كنت أسمع رسول الله (ص) يقول : الطعام بالطعام ، مثلا بمثل ، قال : وكان طعامنا يومئذ الشعير ، قيل له : فإنه ليس بمثله ، قال : إني أخاف أن يضارع " . هذا لفظه عند مسلم ، وكذلك هو عند الآخرين جميعا . 1342 - (حديث ابن عمر أن النبي (ص) قال : " المكيال مكيال أهل المدينة ، والوزن وزن أهل مكة " . رواه أبو داود والنسائي) . ص 328 صحيح . أخرجه أبو داود (3340) والنسائي (4 / 224) وكذا ابن الأعرابي في " معجمه " (ق 167 / 2) والطبراني في " المعجم الكبير " (3 / 202 / 1) والبيهقي (6 / 31) وأبو نعيم في " الحلية " (4 / 20) كلهم من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين عن سفيان عن حنظلة عن طاوس عنه به . وتابعه الفريابي : ثنا سفيان الثوري به . أخرجه الطحاوي في " المشكل " (2 / 99) وقال أبو نعيم : " حديث غريب من حديث طاوس وحنظلة ، ولا أعلم رواه عنه متصلا إلا الثوري " . قلت : وهو ثقة حافظ إمام ، وكذلك من فوقه كلهم ثقات أثبات من رجال الشيخين ، وحنظلة هو ابن أبي سفيان . فالسند صحيح غاية . وتابعهما أبو أحمد الزبيري عن سفيان ، إلا أنه خالفهما في إسناده فقال : " ابن عباس " ، بدل " ابن عمر " . وفي متنه فقال : " . . . مكيال أهل مكة ، و . . . ميزان أهل المدينة " .
[ 192 ]
أخرجه البيهقي ، وكذا البزار ، كما في " المجمع " (4 / 78) للهيثمي ، وقال : " ورجاله رجال الصحيح " . قلت : ولكنه شاذ للمخالفة في السند والمتن ، على أنه يبدو أنه كان يضطرب في متنه ، فتارة يرويه هكذا على القلب ، وتارة على الصواب موافقا لرواية أبي نعيم والفريابي ، فقال أبو داود عقبه : " وكذا رواه الفريابي وأبو أحمد عن سفيان ، وافقهما في المتن ، وقال أبو أحمد : " عن ابن عباس " ، مكان ابن عمر ، ورواه الوليد بن مسلم عن حنظلة ، قال : " وزن المدينة ، ومكيال مكة " ، واختلف في المتن في حديث مالك بن دينار عن عطاء عن النبي (ص) في هذا " . قلت : فالظاهر من كلام أبي داود هذا أن أبا أحمد وافق الفريابي وأبا نعيم على متن الحديث ، ورواية البيهقي صريحة في المخالفة فيه ، فلعله كان يضطرب فيه ، فتارة يوافق ، وتارة يخالف (1) ، ولا شك أن الرواية الموافقة أولى بالقبول ، وبه جزم البيهقي فقال : " هكذا رواه أبو أحمد الزبيري ، فقال : " عن ابن عباس " ، وخالف أبا نعيم في لفظ الحديث ، والصواب ما رواه أبو نعيم بالإسناد واللفظ " . وخالفه أبو حاتم فقال ابنه في " العلل " (1 / 375) بعد أن ساق الحديث بلفظ أبي نعيم ، من طريقه عن ابن عمر ، ومن طريق أبي الزبير عن ابن عباس : " سألت أبي أيهما أصح ؟ قال : أخطأ أبو نعيم في هذا الحديث ، والصحيح عن ابن عباس عن النبي في حدثني أبي قال : حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال : قال لي أبو أحمد : أخطأ أبو نعيم فيما قال : (عن ابن عمر) " . (1) ثم رأيت ابن حبان قد اخرجه (1155) على الموافقة . (*) .
[ 193 ]
قلت : الاحتجاج بقول أبي أحمد الذي هو أحد الفريقين المتخالفين على تخطئه الفريق الآخر مما لا يخفى فساده ، لأن أقل ما يقال فيه أنه ترجيح بدون مرجح ، هذا لو لم يكن مع مخالفه ما يرجح روايته عليه ، فكيف ومعه متابعة الفريابي له ! لا يقال : إن أبا الزبير قد تابعه أيضا الوليد بن مسلم ، كما تقدم عن أبي داود . لأننا نقول : إن الوليد كان يدلس تدليس التسوية ، على أن أبا داود علقها عنه ، ولم يسندها . وأما رواية عطاء المرسلة ، فقد ذكر أبو داود الاختلاف فيها أيضا ، وقد أخرجها عبد الرزاق باللفظ الأول كما في " الجامع الكبير " (1 / 377 / 2) . ومما يؤيد ما سبق من الترجيح أن المعروف أن أهل مكة أهل تجارة فهم بالموازين أخبر ، بخلاف أهل المدينة ، فهم أهل نخيل وتمر ، فهم للكيل أحوج وبه أعرف . والله أعلم . والحديث صححه ابن الملقن في " الخلاصة " (ق 64 - 65 - النسخة الأخرى) وصححه الدارقطني أيضا والنووي ، وابن دقيق العيد ، والعلائي كما في " فيض القدير " . 1343 - (حديث سعيد بن المسيب أن رسول الله (ص) قال : " لا ربا إلا فيما كيل أو وزن مما يؤكل أو يشرب " أخرجه الدارقطني وقال : (الصحيح أنه من قوله ومن رفعه فقد وهم ") . ضعيف مرفوعا . أخرجه الدارقطني في " سننه " (294) من طريق المبارك عن مجاهد عن مالك بن أنس عن أبي الزناد عن سعيد بن المسيب أن رسول الله (ص) قال : " لا ربا إلا في ذهب أو فضة ، أومما يكال أو يوزن ، ويؤكل ويشرب " وقال : " هذا مرسل ، ووهم المبارك على مالك برفعه إلى النبي (ص) ، وإنما هو من
[ 194 ]
قول سعيد بن المسيب " . وقال ابن القطان كما في " نصب الراية " (4 / 27) : " والمبارك ضعيف ، ومع ضعفه ، عن مالك يرفعه ، والناس رووه عنه موقوفا " . قلت : وهو في " الموطأ " (2 / 635 / 37) عن أبي الزناد به موقوفا . وعنه محمد بن الحسن الشيباني في " موطئه " (ص 353 - بشرحه) ، وكذلك رواه عبد الرزاق كما في " كنز العمال " (2 / 233 / 4994) . 1344 - (قال عمار " العبد خير من العبدين والثوب خير من الثوبين ، فما كان يدا بيد فلا بأس به ، إنما الربا في النسء إلا ما كيل أو وزن " . ص 328 . صحيح . أخرجه ابن حزم في " المحلى " (8 / 484) عن رباح بن الحارث أن عمار بن ياسر قال في المسجد الأكبر : فذكره . قلت : وإسناده صحيح . فصل 1345 - (حديث أبي سعيد : " لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ، ولا تبيعوا منها غائبا بناجز " متفق عليه) ص 329 صحيح . وتقدم تخريجه تحت الحديث (1339) الطريق الثانية . 1346 - (قوله (ص) في حديث عبادة : فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد " رواه أحمد ومسلم) ص 329 . صحيح . أخرجه مسلم (5 / 44) وأحمد (5 / 320) وكذا أبو داود (3350) وابن الجارود (650) والدارقطني (299) والبيهقي (5 / 278 و 284)
[ 195 ]
(من طريق أبي قلابة عن أبي الأشعث عن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله (ص) : " الذهب بالذهب ، والفضة بالفضة ، والبر بالبر ، والشعير بالشعير ، والتمر بالتمر ، والملح بالملح ، مثلا بمثل ، سواء بسواء ، يدا بيد ، فإذا اختلفت . . . " الخ . وصححه البيهقي . وتابعه مسلم بن يسار المكي عن أبي الأشعث الصنعاني به ، ولفظه : " الذهب بالذهب تبرها وعينها ، والفضة بالفضة تبرها وعينها ، والبر بالبر ، مدي بمدي ، والشعير بالشعير مدي بمدي ، والتمر بالتمر مدي بمدي ، والملح بالملح مدي بمدي ، فمن زاد أو ازداد ، فقد أربى ، ولا بأس ببيع الذهب بالفضة ، والفضة أكثرهما ، يدا بيد ، وأما نسيئة فلا ، ولا بأس ببيع البر بالشعير ، والشعير أكثرهما ، يدا بيد ، وأما نسيئة فلا " . أخرجه أبو داود (3349) والنسائي (2 / 222) والطحاوي (2 / 197) والبيهقي (5 / 277) . قلت : وإسناده صحيح ، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير مسلم بن يسار المكي ، وهو ثقة عابد . وفي رواية للطحاوي بنحوها وزاد : " وذكر الشعر بالشعير ، والتمر بالتمر ، والملح بالملح كيلا بكيل ، فمن زاد ، أو ازداد ، فقد أربى ، ولا بأس ببيع الشعير بالبر ، يدا بيد ، والشعير أكثرهما " . وسندها صحيح أيضا . 1347 - (حديث عمر مرفوعا : " الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء ، والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء " متفق عليه) ص 329 . صحيح . أخرجه البخاري (2 / 24) ومسلم (5 / 43) ومالك أيضا
[ 196 ]
(2 / 636 / 38) وأبو داود (3348) والنسائي (2 /) والترمذي (1 / 234) وابن ماجه (2253) والدارمي (2 / 258) والشافعي (1196) وابن الجارود (651) والبيهقي (5 / 283) وأحمد (1 / 24 و 35 و 45) من طريق مالك بن أوس أنه سمع عمر بن الخطاب به . والسياق لأحمد ، وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . وله طريق أخرى عن عمر مختصرا ، تقدم ذكرها في تخريج الحديث المتقدم (1339) . 1348 - (حديث " لا بأس ببيع البر بالشعير والشعير أكثرهما يدا بيد) رواه أبو داود) . ص 329 . صحيح . وهو قطعة من حديث عبادة بن الصامت الذي خرجناه قبل حديث . 1349 - (حديث " الذهب بالذهب وزنا بوزن ، والفضة بالفضة وزنا بوزن والبر بالبر كيلا بكيل ، والشعير بالشعير كيلا بكيل " رواه الأثرم) . ص 330 . صحيح . وهو رواية للطحاوي من حديث عبادة بن الصامت ، تقدمت عند تخريج حديثه برقم (1346) . 1350 - (حديث " نهى عن بيع الحي بالميت " ذكره أحمد واحتج به) ص 330 . حسن . أخرجه الشافعي (1306) ، أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن القاسم بن أبي بزة قال : " قدمت المدينة ، فوجدت جزورا قد نحرت ، فجزئت أجزاء ، كل جزء منها بعناق ، فأردت أن أبتاع منها جزءا ، فقال لي رجل من أهل المدينة : إن
[ 197 ]
رسول الله (ص) نهى أن يباع حي بميت ، قال : فسألت عن ذلك الرجل ، فأخبرت عنه خيرا " . قلت : ومن طريقه أخرجه البيهقي (6 / 295 - 297) . وإسناده ضعيف لعنعنة إبن جريح ، وضعف مسلم وهو ابن خالد الزنجي ، وجهالة الرجل الذي لم يسم ، ويحتمل أنه تابعي ، كما يحتمل أنه صحابي ، وهذا بعيد ، لأن قوله : " فأخبرت عنه خيرا " مما لا يقال عادة في الصحابة لأنهم كلهم عدول ، فالراجح أنه تابعي ، فهو مرسل . وقد جاء مرسلا من طريق أخرى عن سعيد بن المسيب : " نهى رسول الله (ص) أن يبتاع الحي بالميت " . أخرجه ابن حزم في " المحلى " (8 / 517) وأعله بالإرسال . ورجاله ثقات . ورواه مالك بنحوه كما يأتي بعد هذا . ثم روى الشافعي ، وعنه البيهقي من طريق أبي صالح مولى التوأمة عن ابن عباس عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه : " أنه كره بيع اللحم بالحيوان " . قلت : وأبو صالح هذا ضعيف . وله شاهد مسند ، يرويه الحسن البصري عن سمرة بن جندب : " أن النبي (ص) " نهى عن بيع الشاة باللحم " . أخرجه الحاكم (2 / 35) وعنه البيهقي (5 / 296) ، وقال شيخه : " صحيح الإسناد " . ووافقه الذهبي ! وقال البيهقي : " هذا إسناد صحيح ، ومن أثبت سماع الحسن من سمرة ، عده موصولا ، ومن لم يثبته فهو مرسل جيد ، يضم إلى مرسل سعيد بن المسيب والقاسم ابن أبي بزة ، وقول أبي بكر الصديق رضي الله عنه " .
[ 198 ]
وجملة القول أن الحديث بهذه الطرق حسن على أقل الدرجات ، وكأنه لذلك احتج به الإمام أحمد . والله أعلم . 1351 - (حديث سعيد بن المسيب مرفوعا : " نهى عن بيع اللحم بالحيوان " رواه مالك في الموطأ) ص 330 . حسن . أخرجه مالك (2 / 655 / 64 /) وعنه محمد بن الحسن في " موطئه " ص (339) وكذا الدارقطني (319) ، والحاكم (2 / 35) ، والبيهقي (5 / 296) وقال : " هذا هو الصحيح (يعني مرسلا) ، ورواه يزيد بن مروان الخلال عن مالك عن الزهري عن سهل بن سعد عن النبي (ص) ، وغلط فيه " . قلت : وذكر الحافظ في " التلخيص " مثله عن الدارقطني ، وقال : " وحكم بضعفه ، وصوب الرواية المرسلة التي في " الموطأ " ، وتبعه ابن الجوزي ، وله شاهد من حديث ابن عمر ، رواه البزار ، وفيه ثابت بن زهير وهو ضعيف ، وأخرجه من رواية أبي أمية بن يعلى عن نافع أيضا وأبو أمية ضعيف ، وله شاهد أقوى من رواية الحسن عن سمرة ، وقد اختلف في صحة سماعه منه . أخرجه الحاكم والبيهقي عن ابن خزيمة " . قلت : والراجح أنه سمع منه في الجملة ، لكن الحسن مدلس ، فلا يحتج بحديثه إلا ما صرح فيه بالسماع ، وأما هذا فقد عنعنه ، لكنه يتقوى بمرسل سعيد وغيره كما ذكرنا في الحديث الذي قبله . والله أعلم . وحديث مالك الموصول أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (6 / 334) من طريق يزيد بن عمرو بن البزاز ، ثنا يزيد بن مروان ، ثنا مالك بن أنس عن الزهري عن سهل بن سعد أن النبي (ص) نهى . . . الحديث . وقال : " غريب من حديث مالك عن الزهري عن سهل ، تفرد به يزيد بن عمرو عن يزيد " . تلت : وهو كذاب كما قال ابن معين ، وضعفه غيره .
[ 199 ]
1352 - (حديث سعد بن أبي وقاص : " أن النبي (ص) سئل عن بيع الرطب بالتمر ، فقال : أينقص الرطب إذا يبس ؟ قالوا : نعم ، فنهى عن ذلك " رواه مالك وأبو داود) . ص 331 صحيح . أخرجه مالك في " الموطأ " (2 / 624 / 22) وعنه أبو داود (3359) والنسائي (2 / 219) والترمذي (1 / 231) وابن ماجه (2264) والشافعي (1304) والطحاوي (2 / 199) وابن الجارود (657) والدارقطني (309) والحاكم (2 / 38) والبيهقي (5 / 294) والطيالسي (214) وأحمد (1 / 175) كلهم من طريق مالك عن عبد الله بن يزيد أن زيدا أبا عياش أخبره : " أنه سأل سعد بن أبي وقاص عن البيضاء بالسلت ، فقال له سعد : أيتهما أفضل ؟ قال : البيضاء ، فنهاه عن ذلك ، وقال سعد : سمعت رسول الله (ص) . يسأل عن اشتراء التمر بالرطب ؟ فقال . . . " فذكره . وتابع مالكا إسماعيل بن أمية عن عبد الله بن يزيد به دون الموقوف . أخرجه النسائي ، والدارقطني ، والحاكم ، والبيهقي ، وأحمد (1 / 179) . وتابعه أسامة بن زيد أيضا . رواه ابن الجارود والطحاوي . وتابعهم يحيى بن أبي كثير ، لكنه خالفهم في متنه فقال : " نهى رسول الله (ص) عن بيع الرطب بالتمر نسيئة " . فزاد فيه " نسيئة " . أخرجه أبو داود (3360) والطحاوي والدارقطني والبيهقي . وقال الطحاوي : " هذا أصل الحديث ، فيه ذكر النسيئة " . وقال الحاكم : " هذا حديث صحيح ، لإجماع أئمة النقل على إمامة مالك بن أنس ،
[ 200 ]
وأنه محكم في كل ما يرويه من الحديث ، إذ لم يوجد في رواياته إلا الصحيح ، خصوصا في حديث أهل المدينة ، ثم لمتابعة هؤلاء الأئمة إياه في روايته عن عبد الله بن يزيد ، والشيخان لم يخرجاه ، لما خشياه من جهالة زيد بن أبي عياش " . قلت : أما زيد ، فهو إبن عياش أبو زيد الزرقي ، فقد قيل فيه : مجهول ، لكن وثقه ابن حبان والدارقطني وقال الحافظ في " التقريب " : " صدوق " ، وصحح حديثه هذا الترمذي وإبن خزيمة وابن حبان والحاكم كما تقدم ووافقه الذهبي ، وصححه أيضا ابن المديني كما قال الحافظ في " بلوغ المرام " . فالحديث صحيح إن شاء الله تعالى ، غير أن الزيادة التي رواها يحيى : " نسيئة " ، لا تصح لتفرد بها دون من ذكرنا من الثقات . ويؤيده أن عمران بن أبي أنس قال : سمعت أبا عياش يقول : " سألت سعد بن أبي وقاص عن اشتراء السلت بالتمر (كذا ولعله بالبر) فقال سعد " فذكره مثل رواية مالك دون الزيادة . أخرجه الحاكم (2 / 43) وعنه البيهقي من طريق محرمة بن بكير عن أبيه عن عمران به . وقال : " صحيح الإسناد " . ووافقه الذهبي . قلت : لكن خالفه عمرو بن الحارث فقال : عن بكير بن عبد الله : عن عمران ابن أبي أنس أن مولى لبني مخزوم حدثه أنه سأل سعد بن أبي وقاص عن الرجل يسلف الرجل الرطب بالتمر إلى أجل ؟ فقال سعد : نهانا رسول الله (ص) عن هذا " . أخرجه الطحاوي . ورجاله ثقات كلهم ، وكذلك رجال الحاكم . لكن لعل روايته أرجح من رواية الطحاوي ، لأن مخرمة ابن بكير وهو ابن عبد الله بن الأشح أعرف بحديث أبيه من غيره من الثقات ، مع موافقتها لرواية عبد الله بن يزيد على ما رواه الجماعة عنه . وقد رجح روايتهم عنه الإمام الدارقطني ، وتبعه البيهقي فنقل عنه أنه قال عقب رواية يحيى الشاذة :
[ 201 ]
" خالفه مالك وإسماعيل بن أمية والضحاك بن عثمان وأسامة ابن زيد ، ولم يقولوا فيه " نسيئة " ، واجتماع هؤلاء الأربعة على خلاف ما رواه يحيى يدل على ضبطهم للحديث ، وفيهم إمام حافظ ، وهو مالك بن أنس " . قال البيهقي : " والعلة المنقولة في هذا الخبر تدل على خطأ هذه اللفظة ، وقد رواه عمران ابن أبي أنس عن أبي عياش نحو رواية الجماعة " . ثم ساقها . 1353 - (حديث أنس : " أن النبي (ص) نهى عن المحاقلة " رواه البخاري . وقال جابر : " المحاقلة بيع الزرع بمائة فرق من الحنطة ") ص 331 . صحيح . أخرجه البخاري (2 / 36) وكذا الطحاوي (2 / 209) والدارقطني (320 - 321) والحاكم (2 / 57) والبيهقي (5 / 298 - 299) من طريق عمر ابن يونس بن القاسم اليمامي قال : حدثني أبي قال : حدثنا إسحاق بن أبي طلحة الأنصاري عن أنس بن مالك به وزاد : " والمخاضرة ، والملامسة ، والمنابذة ، والمزابنة " . وزاد الطحاوي والدارقطني : " قال عمر : فسر لي أبي في المخاضرة قال : لا ينبغي أن يشترى شئ من النخل حتى يونع : يحمر أو يصفر " . وذكر الحاكم مثله عن الإستاذ أبي الوليد الفقيه ، وقال : " هذا حديث صحيح الإسناد ، تفرد بإخراجه البخاري " . ووافقه الذهبي . 1354 - (قال جابر : " المحاقلة بيع الزرع بمائة فرق من
[ 202 ]
الحنطة ") . ص 331 صحيح . أخرجه الشافعي (1274) : أخبرنا ابن عيينة عن ابن جريج عن عطاء عن جابر بن عبد الله : " أن رسول الله (ص) نهى عن المخابرة ، والمحاقلة ، والمزابنة ، والمحاقلة أن يبيع الرجل الزرع بمائة فرق حنطة ، والمزابنة أن يبيع الثمر في رؤوس النخل بمائة فرق ، والمخابرة كراء الأرض بالثلث والربع " . ومن طريق الشافعي رواه الطحاوي (2 / 214) والبيهقي (5 / 307) . قلت : وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين لولا أن ابن جريج قد عنعنه ، لكن قد روى ابن أبي خيثمة بإسناده الصحيح عن ابن جريج قال : " إذا قلت : قال عطاء ، فأنا سمعته منه ، وإن لم أقل : سمعت . قلت : وهذه فائدة عزيزة فاحفظها فإني كنت في غفلة منها زمنا طويلا ، ثم تنبهت لها ، فالحمد لله على توفيقه . وبها تبين السر في إخراج الشيخين لحديث ابن جريج عن عطاء معنعنا ، ومنه هذا الحديث ، فقد أخرجه البخاري في " صحيحه ، (2 / 81 - 82) ومسلم (5 / 17) من طرق عن سفيان بن عيينة به دون التفسير . وقد رواه مسلم من طريق أخرى عن ابن جريج : أخبرني عطاء به وزاد : " قال عطاء : فسر لنا جابر : أما المخابرة ، فالأرض البيضاء يدقها الرجل ، إلى الرجل فينفق فيها ، ثم يأخذ من الثمر . وزعم أن المزابنة بيع الرطب في النخل بالتمر كيلا ، والمحاقلة في الزرع على نحو ذلك ، يبيع الزرع القائم بالحب كيلا " . 1355 - (حديث ابن عمر مرفوعا : " نهى عن بيع الثمار حتى تزهو وعن بيع السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة " رواه مسلم) ص 331 .
[ 203 ]
صحيح . أخرجه مسلم (5 / 11) وكذا أبو داود (3368) والنسائي (2 / 220) والترمذي (1 / 231) وابن الجارود (605) والبيهقي (5 / 302 - 303) وأحمد (2 / 5) من طريق إسماعيل عن أيوب عن نافع عنه به وزاد " نهى البائع والمشتري " . وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . وأخرجه البخاري (2 / 34) ومسلم ومالك (2 / 618 / 10) وأبو داود (رقم 3367) والنسائي والدارمي (2 / 252) وابن ماجه (2214) والطحاوي (2 / 215) والطيالسي (1831) وأحمد (2 / 7 ، 62 - 63 ، 123) من طرق أخرى عن نافع به مختصرا بلفظ : " نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها ، نهى البائع والمبتاع " وفي لفظ : " لا تبتاعوا الثمر حتى يبدو صلاحه ، وتذهب عنه الآفة . قال : يبدو صلاحه : حمرته وصفرته " . أخرجه مسلم والبيهقي (5 / 299 - 300) . وله روايات وألفاظ أخرى ، ذكرتها في " أحاديث البيوع " . 1356 - (حديث فضالة قال : " أتى النبي (ص) بقلادة فيها ذهب وخرز ، اشتراها رجل بتسعة دنانير أو سبعة فقال (ص) : لا حتى تميز بينهما ، قال ، فرده حتى ميز بينهما " رواه أبو داود ، ولمسلم ، " أمر بالذهب الذي في القلادة فنزع وحده ثم قال الذهب بالذهب وزنا بوزن ") . ص 332 . صحيح . وله عنه طريقان : الأولى : عن حنش الصنعاني عنه قال : " أتى النبي (ص) عام خيبر ، بقلادة فيها ذهب وخرز (وفي رواية :
[ 204 ]
فيها خرز معلقة بذهب) ابتاعها رجل بتسعة دنانير أو سبعة دنانير ، فقال النبي (ص) : لا حتى " تميز بينه وبينه ، فقال : إنما أردت الحجارة ، فقال النبي (ص) : لا حتى تميز بينهما ، قال : فرده حتى ميز بينهما " هكذا أخرجه أبو داود (3351) والطحاوي (2 / 236) والدارقطني (ص 289 - 290) والبيهقي (5 / 293) من طرق عن عبد الله بن المبارك عن سعيد بن يزيد : حدثني خالد بن أبي عمران عن حنش به . ومن هذا الوجه رواه مسلم أيضا (5 / 46) ولكنه لم يسق لفظه ، بل أحال به على لفظ آخر ، ساقه من طريق الليث عن أبي شجاع سعيد بن " يزيد به ، ونصه : قال : " اشتريت يوم خيبر قلادة باثني عشر دينارا ، فيها ذهب ، وخرز ، ففصلتها ، فوجدت فيها أكثر من اثني عشر دينارا ، فذكرت ذلك للنبي (ص) ، فقال : لاتباع حتى تفصل " . وهو رواية لأبي داود (3352) والنسائي (2 / 223) والترمذي (1 / 237) والطحاوي والبيهقي (5 / 291) وأحمد (6 / 21) وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . الثانية : عن علي بن رباح اللخمي قال : سمعت فضالة بن عبيد الأنصاري يقول : " أتى رسول الله (ص) ، وهو بخيبر ، بقلادة فيها خرز ، وذهب ، من المغانم تباع ، فأمر رسول الله (ص) بالذهب . . . . " أخرجه مسلم (5 / 46) وابن الجارود (654) والطحاوي (2 / 237) وفي " المشكل " (4 / 243 - 244) والدارقطني (290) والبيهقي (5 / 292) . 1357 - (حديث " فإذا اختلفت هذه الأصناف ، فبيعوا كيف شئتم يدا بيد ") . صحيح . ومضى برقم (1346) .
[ 205 ]
1358 - (حديث عبد الله بن عمرو : " أن النبي (ص) أمره أن يجهز جيشا فكان يأخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة " . رواه أحمد وأبو داود والدارقطني وصححه) . صى 333 حسن . وله طريقان : الأولى : عن حماد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن مسلم بن جبير عن أبي سفيان عن عمرو بن حريش عنه : " أن رسول الله (ص) أمره أن يجهز جيشا ، فنفدت الإبل ، فأمره أن يأخذ في قلاص الصدقة ، فكان يأخذ البعير . . . " الخ . هكذا أخرجه أبو داود (3357) وكذا الطحاوي (2 / 229) والدارقطني (318) ، والحاكم (2 / 56 - 57) والبيهقي (5 / 277) وقال : " اختلفوا على محمد بن إسحاق في إسناده ، وحماد بن سلمة أحسنهم سياقة له " قلت : وإسناده ضعيف ، فيه عنعنة ابن إسحاق . ومسلم بن جبير ، وعمرو بن حريش مجهولان كما في " التقريب " . وقال ابن القطان : " هذا حديث ضعيف ، مضطرب الإسناد " . ثم فصل القول في ذلك ، وبين جهالة الرجلين ، فراجع كلامه في " نصب الراية " (4 / 47) ، وأورده ابن أبي حاتم في " العلل " (1 / 390) وتكلم عليه بما لا يشفي . ومن وجوه اضطرابه ، رواية جرير بن حازم عن محمد بن إسحاق عن أبي سفيان عن مسلم بن جبير عن عمرو بن الحريش قال : " سألت عبد الله بن عمرو بن العاص فقلت : إنا بأرض ليس بها دينار ولا درهم ، وإنما نبايع بالإبل والغنم إلى أجل ، فما ترى في ذلك ؟ قال : على الخبير سقطت ، جهز رسول الله (ص) جيشا على إبل من إبل الصدقة حتى
[ 206 ]
نفدت ، وبقي ناس ، فقال رسول الله (ص) : اشتر لنا إبلا من قلائص من إبل الصدقة إذا جاءت حتى نؤديها إليهم ، فاشتريت البعير بالاثنين والثلاث قلائص حتى فرغت ، فأدى ذلك رسول الله (ص) من إبل الصدقة " . أخرجه الدارقطني وأحمد (2 / 171) . ووجه المخالفة فيه ظاهر ، فإنه جعل الراوي عن ابن الحريش مسلم بن جبير ، بدل أبي سفيان في رواية حماد ، والاضطراب من الراوي - وهو إبن إسحاق هنا - في الرواية مما يدل على أنه لم يضبطها ولم يحفظها ، فهو ضعف آخر في السند علاوة على جهالة الرجلين . ومما سبق تعلم ما في قول الحاكم : " هذا حديث صحيح على شرط مسلم " ! من البعد عن الصواب . ومن العجيب أن الذهبي وافقه على ذلك مع أنه قال في ترجمة مسلم بن جبير : " لا يدري من هو ، تفرد عنه يزيد بن أبي حبيب " . وفي ترجمة عمرو بن الحريش : " ما روى عنه سوى أبي سفيان ، ولا يدري من أبو سفيان أيضا " . الطريق الأخرى : عن ابن جريج أن عمرو بن شعيب . أخبره عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص : " أن رسول الله (ص) أمره أن يجهز جيشا ، قال عبد الله بن عمرو : وليس عندنا ظهر ، قال : فأمره النبي (ص) أن يبتاع ظهرا إلى خروج المصدق ، فابتاع عبد الله بن عمرو البعير بالبعيرين ، وبأبعرة ، إلى خروج المصدق بأمر رسول الله (ص) " . أخرجه البيهقي والدارقطني وعنه (5 / 287 - 288) ثاهدا للطريق الأولى وذكر أنه " شاهد صحيج " . وأقره ابن التركماني في " الجوهر النقي " بل
[ 207 ]
تأوله ، ولم يتعقبه بشئ . كما هي عادته ! وأقره الحافظ في " التلخيص " وصرح في " الدراية " (ص 288) بأن إسناده قوي . قلت : وهو حسن الإسناد ، للخلاف المعروف في رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده . (تنبيهان) : الأول : لم يورد الزيلعي في كتابه هذه الطريق ، فأوهم أن الحديث ضعيف لم يأت إلا من الطريق الأولى الضعيفة ! الثاني : ذكر المصنف رحمه الله أن الدارقطني صححه ، ولم أر ذلك في سننه ولا ذكره أحد غيره فيما علمت ، وإنما صححه البيهقي كما تقدم ، فلعله سقط من الناسخ قوله : " والبيهقي " . قبل قوله : " صححه " . والله أعلم . 1359 - (حديث ابن عمر قال " أتيت النبي (ص) فقلت : إني أبيع الإبل بالنقيع ، فأبيع بالدنانير ، وآخذ الدراهم ، وأبيع بالدراهم فآخذ الدنانير فقال : لا بأس أن تأخذ بسعر يومها ما لم تفرقا وبينكما شئ " رواه الخمسة وفي لفظ بعضهم : " أبيع بالدنانير وآخذ مكانها الورق ، وأبيع بالورق وآخذ مكانها الدنانير ") . ص 334 ضعيف . سبق تخريجه وبيان علته برقم (1326) ، واللفظ الثاني هنا للترمذي ، واستغربه كما تقدم هناك . باب بيع الأصول والثمار 1360 - (حديث " المسلمون عند شروطهم ") . صحيح . وتقدم برقم (1303) . فصل 1361 - (حديث " ومن باع نخلا بعد أن تؤبر فثمرتها للذي
[ 208 ]
باعها إلا أن يشترطها المبتاع " متفق عليه) . ص 336 صحيح . وهو من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، وله عنه ثلاث طرق سبق ذكرها وتخريجها عند تخريج الحديث (1314) وهو الشطر الثاني لهذا . 1362 - (حديث ابن عمر " أن النبي (ص) نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها . نهى البائع والمبتاع " متفق عليه) . ص 337 صحيح . وسبق تخريجه تحت الحديث (1355) 1363 - (حديث ابن عمر : " أن النبي (ص) نهى عن بيع النخل حتى يزهو وعن بيع السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة ، نهى البائع والمشتري " رواه مسلم) ص 337 . صحيح . وتقدم برقم (1355) . 1364 - (حديث أنس " أرأيت إذا (1) منع الله الثمرة بم يأخذ أحدكم مال أخيه ؟ " رواه البخاري ص 338 . صحيح . أخرجه البخاري (2 / 34 ، 35) وكذا مسلم (5 / 29) ومالك (2 / 618 / 11) والنسائي (2 / 218) والشافعي (1269) والطحاوي (2 / 209) والحاكم (2 / 36) والبيهقي (5 / 300 ، 305) وأحمد (3 / 115) من طرق عن حميد عنه : " أن رسول الله (ص) نهى عن بيع الثمار حتى تزهي ، فقيل له : وما تزهي ؟ قال : حتى تحمر ، فقال رسول الله (ص) . . . " فذكره . وليس عند أحمد منه إلا ما في الكتاب . وفي رواية لمسلم والطحاوي : (1) في الأصل : إن والتصحيح من الصحيحين . (*)
[ 209 ]
" فقلت لأنس . . . " . وزادا بعد قوله : " تحمر " : " وتصفر " . وهذه الزيادة عند البخاري في رواية بلفظ : " تحمار وتصفار " . وأخرجه ابن الجارود (604) بلفظ : " لا يصلح بيع النخل حتى يبدو صلاحه ، قالوا : وما صلاحه ؟ قال : تحمر وتصفر " . وهذا ظاهر كالرواية الأولى أن تفسير الصلاح مرفوع ، والصواب أنه من قول أنس كما بينته رواية مسلم والطحاوي ، وبذلك جزم ابن أبي حاتم في " العلل " (1 / 378 / 1129) وتبعه الحافظ في " التلخيص " . ورواه حماد بن سلمة عن حميد بزيادة فيه بلفظ : " نهى عن بيع الثمرة حتى تزهو ، وعن بيع العنب حتى يسود ، وعن بيع الحب حتى يشتد " . وفي لفظ : " حتى يفرك " . أخرجه أبو داود (3371) والترمذي (1 / 231) وابن ماجه (2217) والسياق له والطحاوي (2 / 209) والدارقطني (309) والحاكم (2 / 19) والبيهقي (5 / 301) وأحمد (3 / 221 ، 250) من طرق عن حماد به ، وليس عند أبي داود والترمذي والدارقطني الجملة الأولى في أوله ، وقال الترمذي : " حديث حسن " . وقال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " . ووافقه الذهبي . وأشار البيهقي إلى إعلاله بقوله : " تفرد به حماد بن سلمة عن حميد ، من بين أصحاب حميد ، فقد رواه في التمر مالك بن أنس . إسماعيل بن جعفر ، وهشيم بن بشير ، وعبد الله بن المبارك ، وجماعة يكثر تعدادهم عن حميد عن أنس دون ذلك " . ارواء - 5 - 14
[ 210 ]
قلت : حماد بن سلمة ثقة محتج به في " صحيح مسلم " ، وقد وجدت لبعض حديثه طريقا أخرى ، فقال الإمام أحمد (3 / 161) : ثنا عبد الرزاق : أنا سفيان : عن شيخ لنا عن أنس قال : " نهى النبي (ص) عن بيع النخل حتى يزهو ، والحب حتى يفرك ، وعن الثمار حتى تطعم " . وهذا إسناد رجاله ثقات غير الشيخ الذي لم يسمه ، ويحتمل أن يكون هو حميد نفسه ، أو حماد بن سلمة ، فإن كلا منهما روى عنه سفيان ، وهو الثوري ، لكن يرجح الأول ، أن حمادا أصغر من الثوري ، فيبعد أن يعنيه بقوله : " شيخ لنا " ، فالأقرب أنه عنى حميدا الطويل أو غيره ممن هو في طبقته ، فإن صح هذا ، فهو شاهد لا بأس به لحديث حماد . والله أعلم . وقوله في هذه الرواية : " يفرك " . هو لفظ في حديث حماد بن سلمة أيضا عند البيهقي ورجح أنه بكسر الراء على إضافة الإفراك إلى الحب ، وهو بمعنى روايته : " يشتد " . 1365 - (حديث " أن النبي (ص) نهى عن بيع الثمرة حتى تزهو . قيل لأنس : وما زهوها ؟ قال : تحمار وتصفار ") أخرجاه ص 338 . صحيح . واللفظ للبخاري ، وهو بتمامه : " نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها ، وعن النخيل حتى تزهو ، قيل : وما تزهو ؟ قال : تحمار أو تصفار " . ولفظ مسلم : " نهى عن بيع ثمر النخل حتى تزهو ، فقلنا لأنس : ما زهوها ، قال : تحمر وتصفر ، أرأيتك إن منع الله الثمرة بم تستحل مال أخيك " . ومنه تعلم أن سياق المؤلف مركب من رواية البخاري ومسلم ، فعزوه اليهما بهذا السياق لا يخلو من شئ . وتقدم تخريج الحديث في الذي قبله .
[ 211 ]
1366 - (حديث أنس مرفوعا : " نهى عن بيع العنب حتى يسود وعن بيع الحب حتى يشتد " رواه الخمسة إلا النسائي) . ص 339 صحيح . وتقدم تخريجه تحت الحديث (1364) . 1367 - (حديث جابر : " أن النبي (ص) نهى عن بيع الثمرة حتى تطيب . وفي رواية : حتى تطعم " متفق عليه) ص 339 . صحيح . وله طرق : الأولى والثانية : عن ابن جريج عن عطاء وأبي الزبير عن جابر قال : " نهى النبي (ص) عن بيع الثمر حتى يطيب ، ولا يباع شئ منه إلا بالدينار والدرهم ، إلا العرايا " . أخرجه البخاري (2 / 33) ومسلم (5 / 17) ولم يسق لفظه والبيهقي (5 / 309) وأحمد (3 / 360 ، 392) ، وكذا أبو داود (3373) إلا أنه لم يذكر فيه " وأبي الزبير " وقال : " حتى يبدو صلاحه " . وهو رواية لمسلم والنسائي (2 / 218) وكذلك رواه ابن ماجه (2216) والشافعي (1270) لكن ليس عندهما : " ولا يباع . . . " . وفي رواية أخرى للنسائي : " وبيع الثمر حتى يطعم " . وفي لفظ له (2 / 220) : " قبل أن يطعم " . وأخرجه مسلم (5 / 12) وأحمد (3 / 312 ، 323) من طريق زهير حدثنا أبو الزبير عن جابر قال : " نهى رسول الله (ص) عن بيع الثمر حتى يطيب " .
[ 212 ]
ولفظ أحمد مثل لفظ الكتاب تماما . ثم رواه (3 / 356 ، 372) من طريق هشام عن أبي الزبير بلفظ : " نهى رسول الله (ص) عن بيع النخل حتى يطعم " . ثم أخرجه (3 / 395) من طريق خالد بن زيد أنه سمع عطاء أن ابن الزبير باع ثمر أرض له ثلاث سنين ، فسمع بذلك جابر بن عبد الله الأنصاري فخرج إلى المسجد في ناس ، فقال في المسجد : " منعنا رسول الله (ص) أن نبيع الثمرة حتى تطيب " . قلت : وإسناده صحيح على شرط الشيخين . الثالثة : عن سعيد بن ميناء قال : سمعت جابر بن عبد الله قال : " نهى النبي (ص) أن تباع الثمرة قبل ما تشقح ، قال : تحمار وتصفار ويؤكل منها " . أخرجه البخاري (2 / 34) ومسلم (5 / 18) والطحاوي (2 / 209) وقال : " فقيل لجابر " . 1368 - (حديث جابر : " أن النبي (ص) أمر بوضع الجوائح ، وفي لفظ قال : إن بعت من أخيك ثمرا فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه (1) شيئا ، بم تأخذ مال أخيك بغير حق ؟ " رواهما مسلم) ص 339 . صحيح . وهما حديثان من طريقين مختلفين عنه : الأول : عن سليمان بن عتيق عنه باللفظ الأول . وزاد : " ونهى عن بيع السنين " . أخرجه مسلم (5 / 20 ، 29) وأبو داود (3374) والنسائي (2 / 218 - 219 ، 219) والطحاوي (2 / 215) وابن الجارود (597 ، (1) الأصل من ثمنه ، والتصويب من مسلم .
[ 213 ]
640) والدارقطني (302) والحاكم (2 / 40) والبيهقي (5 / 306) وأحمد (3 / 309) ، وليس عند الحاكم الزيادة ، وهي عند الآخرين ، لكن بعضهم رواها منفردة عن الأصل كمسلم وغيره . الثاني : عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : قال رسول الله (ص) ، فذكره باللفظ الثاني . أخرجه مسلم وأبو داود أيضا (3470) والنسائي والطحاوي وابن الجارود (639) والدارقطني والحاكم (2 / 36) والبيهقي وأحمد (3 / 394) . باب السلم 1369 - (قال ابن عباس : أشهد أن السلف المضمون إلى أجل مسمى قد أحله الله في كتابه وأذن فيه ، ثم قرأ : " يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه . . " الآية . رواه سعيد) . ص 340 صحيح . أخرجه الشافعي (1314) والحاكم (2 / 286) والبيهقي (6 / 18) من طريق سفيان عن أيوب عن قتادة عن أبي حسان الأعرج عن ابن عباس به . وقال الحاكم : " صحيح على شرط الشيخين " . وتعقبه الذهبي بقوله : " أبراهيم ذو زوائد عن ابن عيينة " . قلت : تابعه جماعة منهم الشافعي : أخبرنا سفيان ، فالسند صحيح ، غير أنه على شرط مسلم وحده ، فان أبا حسان لم يخرج له البخاري . 1370 - (قول عبد الله بن أبي أوفى وعبد الرحمن بن أبزى : " كنا نصيب المغانم مع رسول الله (ص) فكان يأتينا أنباط من أنباط الشام ،
[ 214 ]
فنسلفهم في الحنطة والشعير والزبيب . فقيل : أكان لهم زرع أم لم يكن ؟ قال : ماكنا نسألهم عن ذلك " أخرجاه) ص 340 . صحيح . أخرجه البخاري (2 / 46) وأبو داود (3464) وكذا ابن ماجه (2282) وابن الجارود (616) والحاكم (2 / 45) والبيهقي (6 / 20) والطيالسي (815) وأحمد (4 / 354) عن محمد بن أبي المجالد قال : " أرسلني أبو بردة ، وعبد الله بن شداد إلى عبد الرحمن بن أبزى وعبد الله ابن أبي أوفى ، فسألتهما عن السلف فقالا . . . " . فذكره ، والسياق للبخاري ، ولم يخرجه مسلم أصلا . 1371 - (حديث أبي رافع : " استلف النبي (ص) من رجل بكرا " رواه مسلم) ص 341 صحيح . أخرجه مالك في " الموطأ " (2 / 680 / 89) وعنه مسلم (5 / 54) وكذا أبو داود (3346) والنسائي (2 / 226) والترمذي (1 / 247) والدارمي (2 / 254) والشافعي (1321) والطحاوي (2 / 229) والبيهقي (5 / 353) وأحمد (6 / 390) كلهم عن مالك عن زيد ابن أسلم عن عطاء ابن يسار عن أبي رافع مولى رسول الله (ص) أنه قال : فذكره وزاد : " فجاءته إبل من الصدقة ، قال أبو رافع فأمرني رسول الله (ص) أن أقضي الرجل بكره ، فقلت : لم أجد في الإبل إلا جملا خيارا رباعيا ، فقال رسول الله (ص) : أعطه إياه ، فان خيار الناس أحسنهم قضاء " . وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . وتابعه مسلم بن خالد : ثنا زيد بن أسلم به . أخرجه ابن ماجه (2285) .
[ 215 ]
(تنبيه) الحديث من أفراد مسلم دون البخاري كما رأيت . وقد تناقض فيه المصنف رحمه الله ، فعزاه هنا وفيما بعد (1381) لمسلم وحده على الصواب . وعزاه برقم (1379 ، 1388) للمتفق عليه . وهو وهم . . 1372 - (عن علي : " أنه باع جملا له يدعى عصيفيرا بعشرين بعيرا إلى أجل معلوم " . رواه مالك والشافعي) ص 341 . ضعيف . أخرجه مالك (2 / 652 / 59) وعنه الشافعي (1308) وكذا البيهقي (5 / 288) من طريق حسن بن محمد بن علي بن أبي طالب به دون قوله : معلوم . قلت : وهذا سند ضعيف لانقطاعه بين الحسن وجده علي رضي الله عنه . ويغني عنه من الأثر ما أخرجه مالك عقب هذا عن نافع : " أن عبد الله بن عمر اشترى راحلة بأربعة أبعرة مضمونة عليه ، يوفيها صاحبها بالربذة " . وسنده صحيح . 1373 - (قال ابن عمر : " إن من الربا أبوابا لا تخفى وإن منها السلم في السن) رواه الجوزجاني) . ص 341 . 1374 - (قال الشعبي : " إنما كره ابن مسعود السلف في الحيوان ، لأنهم اشترطوا إنتاج فحل بني فلان . فحل معلوم . " رواه سعيد ص 341 1375 - (حديث " من أسلف في شئ ، فلا يصرفه إلى غيره " رواه أبو داود وابن ماجه) ص 342 . ضعيف . أخرجه أبو داود (3468) وابن ماجه (2283) وكذا الدارقطني (308) والبيهقي (6 / 25) من طريق عطية بن سعد عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله (ص) فذكره . وفي لفظ للدارقطني :
[ 216 ]
" فلا يأخذ إلا ما أسلم فيه ، أو رأس ماله " . قال الزيلعي في " نصب الراية " (4 / 51) : " رواه الترمذي في " علله الكبير " ، وقال : " لا أعرفه مرفوعا ألا من هذا الوجه ، وهو حديث حسن " . قال عبد الحق في " أحكامه " : وعطية العوفي لا يحتج به ، وإن كان الجلة قد رووا عنه . انتهى . وقال في " التنقيح " : وعطية العوفي ، ضعفه أحمد وغيره ، والترمذي يحسن حديثه . وقال ابن عدي : هو مع ضعفه يكتب حديثه . انتهى " . وقال الحافظ في " التلخيص " : " وهو ضعيف ، وأعله أبو حاتم والبيهقي وعبد الحق وابن القطان بالضعف والإضطراب " . قلت : والذي في " العلل " لابن أبي حاتم إعلاله بالوقف ، فقال (1 / 287 / 1158) عن أبيه : " إنما هو عن عطية عن ابن عباس قوله " . 1376 - (حديث " من أسلف في شئ فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم " . متفق عليه) . ص 342 . صحيح . أخرجه البخاري (2 / 44 ، 46) ومسلم (5 / 55) وكذا أبو داود (3463) والنسائي (2 / 226) والترمذي (1 / 246) والشافعي (1312) وابن ماجه (2280) وابن الجارود (614 ، 615) والدارقطني (290) وأحمد (1 / 217 ، 222 ، 282 ، 358) عن أبي المنهال عن ابن عباس قال : " قدم النبي (ص) المدينة ، وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين فقال . . . " فذكره إلا أنه قال : " تمر " مكان " شئ " . والسياق لمسلم ، ولفظ البخاري :
[ 217 ]
" . . . بالتمر السنتين والثلاث ، فقال : من أسلف في شئ ففي كيل معلوم . . . " . وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . 1377 - (عن ابن عباس قال : " لا تبايعوا إلى الحصاد والدياس ولا تتبايعوا إلا إلى أجل معلوم ") . ص 343 صحيح موقوف . أخرجه الشافعي : أخبرنا سفيان بن عيينة عن عبد الكريم عن عكرمة عنه أنه قال : " لا تبايعوا إلى العطاء ، ولا إلى الأندر ، ولا إلى الدياس " . قلت : وهذا سند صحيح ، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري ، وعبد الكريم هو ابن مالك الجزري أبو سعيد ، وهو محتج به في " الصحيحين ، وكذلك ابن عيينة " . وأخرجه البيهقي في " المعرفة " من طريق الشافعي كما في " نصب الراية " (4 / 21) . 1378 - (عن ابن عمر رضي الله عنه : " انه كان يبايع إلى العطاء " . لم أقف عليه) ص 343 . 1379 - (روى الأثرم أن أنسا كاتب عبدا له على مال إلى أجل ، فجاءه به قبل الأجل ، فأبى أن يأخذه فأتى عمر بن الخطاب فأخذه منه وقال : اذهب فقد عتقت " . وروى سعيد نحوه عن عمر وعثمان) . ص 344 لم أقف على إسناده . وقال الحافظ في " التلخيص " (3 / 23) : " ذكره الشافعي في " الأم " بلا إسناد ، وقد رواه البيهقي من طريق أنس بن سيرين عن أبيه قال :
[ 218 ]
" كاتبني أنس على عشرين ألف درهم ، فكنت فيمن فتح " تستر " فاشتريت رقة (1) فربحت فيها ، فأتيت أنسا بكتابتي . . . فذكره " . قلت : وتمامه عند البيهقي (10 / 334) : " فأبى أن يقبلها مني إلا نجوما ، فأتيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فذكرت ذلك له ، فقال : أراد أنس الميراث ، وكتب الى أنس : أن اقبلها من الرجل ، فقبلها " . قلت : وإسناده صحيح . 1380 - (حديث " أنه (صلى الله عليه وسلم) قدم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين والثلاث فقال : من أسلم في شئ فليسلم في كيل معلوم ووزن معلوم الى أجل معلوم " أخرجاه) ص 344 . صحيح . وتقدم برقم (1376) . 1381 - (حديث " أنه أسلف إليه (صلى الله عليه وسلم) رجل من اليهود دنانير في تمر مسمى فقال اليهودي : من تمر حائط بني فلان . فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) أما من حائط بني فلان فلا ولكن كيل مسمى إلى أجل مسمى " رواه ابن ماجه وغيره . ورواه الجوزجاني في " المترجم " وابن المنذر) ص 344 - 345 ضعيف . أخرجه ابن ماجه فقال (2281) : حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب ثنا الوليد بن مسلم عن محمد بن حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه عن جده عبد الله بن سلام قال : " جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) ، فقال : إن بني فلان أسلموا (لقوم من اليهود) وإنهم قد جاعوا ، فأخاف أن يرتدوا ، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) : من عنده ؟ فقال رجل من اليهود : عندي كذا وكذا (لشئ قد سماه) ، أراه قال ثلاثمائة دينار - (1) كذا في الأصل ، وهي الفضة ، ووقع في سنن البيهقي " : رثة ، ولم أعرف معنى لها هنا . (*) .
[ 219 ]
بسعر كذا وكذا من حائط بني فلان ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : بسعر كذا وكذا ، إلى أجل كذا وكذا ، وليس من حائط بني فلان " . قلت : وهذا إسناد ضعيف ، وله علتان : الأولى : جهالة حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام ، فإنه لم يرو عنه غير ابنه محمد ، ولم يوثقه أحد سوى ابن حبان ، فذكره في " الثقات " (1 / 27) ، ولم يعرفه ابن أبي حاتم أصلا ، فلم يورده في " الجرح والتعديل " ! ولهذا ، قال الحافظ في ترجمته من " التقريب " : " مقبول " . يعني عند المتابعة . والأخرى عنعنة الوليد بن مسلم في إسناده ، فإنه كان يدلس تدليس التسوية ، وبهذا أعله البوصيري في " الزوائد " فقال (141 / 1) : " هذا إسناد ضعيف ، لتدليس الوليد بن مسلم " . وأقول : قد رواه محمد بن المتوكل بن أبي السري : حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا محمد بن حمزة بن يوسف ابن عبد الله بن سلام عن أبيه عن جده عن عبد الله بن سلام به مطولا ، وفيه : " أن زيد بن سعنة ، توفي في غزوة تبوك مقبلا غير مدبر " . أخرجه ابن حبان (2105) والحاكم (3 / 604 - 605) والطبراني في " المعجم الكبير " (ق 217 / 2 - 218 / 2) ولم يقع عنده " عن " بين " جده " و " عبد الله بن سلام " ، وقال الحاكم : " صحيح الإسناد ، وهو من غرر الحديث ، ومحمد بن أبي السري العسقلاني ثقة " . وتعقبه الذهبي بقوله : " ما أنكره ، وأركه ، لا سيما قوله " مقبلا غير مدبر " ، فإنه لم يكن في غزوة تبوك قتال " . قلت : وعلته ابن أبي السري هذا ، قال الحافظ في " التقريب " :
[ 220 ]
" صدوق عارف ، له أوهام كثيرة " . وقال في ترجمة زيد بن سعنة من " الإصابة ، وقد ذكر طرفا منه . . . " " ورجال الإسناد موثقون ، وقد صرح الوليد فيه بالتحديث ، ومداره على محمد بن أبي السري ، وثقه ابن معين ، ولينه أبو حاتم ، وقال ابن عدي : محمد كثير الغلط . والله أعلم ، ووجدت لقصته شاهدا من وجه آخر لكن لم يسم فيه (يعني زيد بن سعنة) ، قال ابن سعد : حدثنا يزيد ، حدثنا جرير بن حازم ، حدثني من سمع الزهري يحدث : أن يهوديا قال : ما كان بقي شئ من نعت محمد في التوراة إلا رأيته ، إلا الحلم ، فذكر القصة " . قلت : هي عند ابن سعد في " الطبقات " (1 / 2 / 87 - 88) ، وليس فيها القدر الذي أورده المصنف ، وهي مع إرسالها أو إعضالها فيه الذي لم يسم . ولذلك فهو ضعيف ، للتفرد ، وعدم وجود الشاهد المعتبر ، وأما سائر القصة وبالمقدار الذي ورد في حديث الزهري ، فيمكن القول بحسنه ، وهو ما جزم به الحافظ تبعا لأصله في ترجمة حمزة بن يوسف من " التهذيب " فقال : " له عند ابن ماجه حديث واحد في قصة إسلام زيد بن سعنة مختصرا ، وقد رواه الطبراني بتمامه ، وهو حديث حسن مشهور في دلائل النبوة " . 1382 - (حديث ابن عمر مرفوعا : " نهى عن بيع الكالئ بالكالئ " رواه الدارقطني) . ص 345 ضعيف . أخرجه الدارقطني (319) : ثنا علي بن محمد المصري : نا سليمان بن شعيب الكسائي ثنا الخصيب بن ناصح نا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر به . قلت : وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات معروفون ، غير أن له علة دقيقة يأتي بيانها ، وعلي بن محمد المصري ، له ترجمة جيدة في " تاريخ بغداد " (12 / 75 - 76) وقال : " وكان ثقة أمينا عارفا " .
[ 221 ]
وسليمان بن شعيب ، وثقه العقيلي كما في " اللسان " . وقد تابعه الربيع بن سليمان ثنا الخصيب بن ناصح به . أخرجه الحاكم (2 / 57) وقال : " صحيح على شرط مسلم " ! ووافقه الذهبي ! وأخرجه البيهقي (5 / 290) من طريق الحاكم به ، ومن طريق أبي الحسين بن بشران : نا أبو الحسن علي بن محمد المصري بإسناده المتقدم عند الدارقطني إلا أنه قال : " عن موسى " . ولم ينسبه . وقال البيهقي عقبه : " موسى هذا هو ابن عبيدة الزبيدي ، وشيخنا أبو عبد الله (يعني الحاكم) قال في روايته : " عن موسى بن عقبة " ، وهو خطأ ، والعجب من أبي الحسن الدارقطني شيخ عصره ، روى هذا الحديث في " كتاب السنن " عن أبي الحسن علي بن محمد المصري هذا ، فقال : " عن موسى بن عقبة " ، وشيخنا أبو الحسين ، رواه لنا عن أبي الحسن المصري في " الجزء الثالث من سنن المصري " ، فقال : " عن موسى " غير منسوب ، ثم أردفه المصري بما أخبرنا (ثم ساق إسناده عن عبد الأعلى بن حماد ثنا عبد العزيز بن محمد عن أبي عبد العزيز الربذي عن نافع به ، أبو عبد العزيز الربذي هو موسى بن عبيدة " . قلت : وقد أخرجه الطحاوي في " شرح المعاني " (2 / 208) وفي " مشكل الآثار " (1 / 346) وابن عدي في " الكامل " (383 / 1) والبيهقي من طرق أخرى عن موسى بن عبيدة عن نافع به . وقال ابن عدي : " وهذا معروف بموسى عن نافع " . وكذا قال الدارقطني في غير السنن ، فقال الحافظ في " التلخيص " : " وقد جزم الدارقطني في " العلل " بأن موسى بن عبيدة تفرد به . فهذا
[ 222 ]
يدل على أن الوهم في قوله : " موسى بن عقبة " من غيره " . قلت : وأنا أظن أن الوهم من ابن ناصح ، فهو الذي قال ذلك ، لأن توهيمه أولى من توهيم حافظين مشهورين الدارقطني والحاكم . والله أعلم . ثم ذكر الحافظ عن الشافعي أنه قال : " أهل الحديث يوهنون هذا الحديث " . وعن الإمام أحمد قال : " ليس في هذا حديث يصح ، لكن إجماع الناس على أنه لا يجوز بيع دين بدين " . وقال الحافظ في " بلوغ المرام " . " رواه إسحاق والبزار بإسناد ضعيف " . قلت : وعلته موسى بن عبيدة هذا فإنه ضعيف كما جزم الحافظ في " التقريب " . وقال الذهبي في " الضعفاء والمتروكين " : " ضعفوه ، وقال أحمد : لا تحل الرواية عنه " . قلت : وأما موسى بن عقبة فهو ثقة حجة ، من رجال الستة ، ولذلك فإن الذي جعله هو راوي هذا الحديث ، أخطأ خطأ فاحشا ، فإنه نقل الحديث من الضعيف إلى الصحيح . والله المستعان . 1383 - (حديث " من أسلف في شئ فليسلف " ص 345) . صحيح . وقد مضى بتمامه مع تخريجه (1376) . 1384 - (حديث " من أسلم في شئ فلا يصرفه إلى غيره ") . ص 346 ضعيف . وقد مضى بيانه برقم (1375) . 1385 - (حديث ابن عمر قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " من أسلف في
[ 223 ]
شئ فلا يأخذ إلا ما أسلف فيه ، أو رأس ماله " رواه الدارقطني) ص 346 . ضعيف . وعزوه لحديث ابن عمر ، فإنما هو عند الدارقطني من حديث أبي سعيد الخدري كما سبق بيانه برقم (1375) . نعم عنده حديث ابن عمر بلفظ : " من أسلف سلفا فلا يشترط على صاحبه غير قضائه " . أخرجه هو وابن عدي في " الكامل " (ق 281 / 1) من طريق لوذان بن سليمان ، نا هشام بن عروة عن نافع عنه . وقال ابن عدي : " لوذان بن سليمان مجهول ، وما رواه مناكير لا يتابع عليه " . وقد رواه مالك (2 / 682 / 93) عن نافع به موقوفا على ابن عمر . قلت : وهو الصواب ، وقد رواه البيهقي (2 / 350) عن مالك وقال : " وقد رفعه بعض الضعفاء عن نافع ، وليس بشئ " . 1386 - (حديث " أنه (صلى الله عليه وسلم) نهى عن بيع الطعام قبل قبضه وعن ربح ما لم يضمنه " صححه الترمذي) . حسن . وقد أخرجه الترمذي وسائر أصحاب السنن وغيرهم في أثناء حديث بلفظ : " لا يحل سلف وبيع . . . ولا ربح ما لم يضمن ، ولا بيع ما ليس عندك " . وقد مضى الحديث بتمامه وتخريجه تحت رقم (1305) . 1387 - (ثبت عن ابن عباس أنه قال : إذا أسلمت في شئ إلى أجل ، فإن أخذت ما أسلفت فيه وإلا فخذ عرضا أنقض منه ، ولا تربح مرتين) ، ص 347 رواه سعيد . لم أقف على سنده .
[ 224 ]
باب القرض 1388 - (حديث " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يستقرض ") ص 347 . صحيح المعنى . ولم يرد بهذا اللفظ ، وإنما أخذه المصنف - رحمه الله تعالى - من جملة أحاديث ، أذكر بعضها : الاول : عن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي قال : " استقرض مني النبي (صلى الله عليه وسلم) أربعين ألفا ، فجاءه مال فدفعه إلي ، وقال : إنما جزاء السلف الحمد والاداء " . أخرجه النسائي (2 / 533) وابن ماجه (2424) وأحمد (4 / 36) عن إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الله ابن أبى ربيعة ، عن أبيه عن جده . قلت : وهذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى ، رجاله ثقات معروفون غير والد إسماعيل ، وهو إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أيي ربيعة ، قال ابن أبى حاتم (1 / 1 / 111) : " روى عنه ابناه إسماعيل وموسى والزهري وسعيد بن مسلمة بن أبي الحسام " . ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا . وذكره ابن حبان في " الثقات ، . وقال ابن القطان : " لا يعرف له حال " . قلت : هو تابعي ، وقد رواه عنه الجماعة من الثقات ، ثم هو إلى ذلك من رجال البخاري ، فالنفس تطمئن لحديثه . والله أعلم . الثاني : عن العرباض بن سارية قال : " بعت من رسول الله (صلى الله عليه وسلم بكرا ، فأتيته أتقاضاه ، فقال : أجل ، لا أقضيكها إلا نجيبة ، فقضاني أحسن قضاء ، وجاء أعرابي يتقاضاه سنه ، فقال
[ 225 ]
رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : أعطوه سنا ، فأعطوه يومئذ جملا ، فقال : هذا خير من سني ، فقال : خيركم خيركم قضاء " . أخرجه النسائي (2 / 236) وابن ماجه (2286) - بالقصة الثانية فقط - والحاكم (2 / 30) والبيهقي (5 / 351) وأحمد (4 / 127) وقال الحاكم : " صحيح الاسناد " . ووافقه الذهبي ، وهو كما قالا . الثالث : عن أبى هريرة رضي الله عنه قال : " كان لرجل على النبي (صلى الله عليه وسلم) سن من الابل ، فجاء يتقاضاه [ فأغلظ له ، فهم به أصحابه ] ، فقال : أعطوه ، فلم يجدوا له إلا سنا فوق سنه ، فإعطوه ، فقال : أوفيتني أوفى الله لك ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : إن خياركم أحسنكم قضاء " . أخرجه البخاري (2 / 38 و 62 و 83 و 84 و 139) ومسلم (5 / 54) والزيادة له وهي رواية للبخاري والنسائي (2 / 236) والترمذي (1 / 247) وابن ماجه (2423) والشافعي (1322) والبيهقي (5 / 352) والطيالسي (2356) وأحمد (2 / 377 و 393 و 416 و 431 و 456 و 509) وقال الترمذي : " حديث حسن صحيح " . الرابع : عن أبي رافع : " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) استسلف من رجل بكرا . . .) الحديث وقد مضى برقم (1371) . 1389 - (حديث ابن مسعود مرفوعا : " ما من مسلم يقرض مسلما قرضا مرتين إلا كان كصدقتها (1) مرة " رواه ابن ماجه) . ص 347 (1) الاصل : " كصدقة " والتصويب من ابن ماجه .
[ 226 ]
حسن . أخرجه ابن ماجه (2430) من طريق سليمان بن يسير عن قيس ابن رومي قال : " كان سليمان بن أذنان يقرض علقمة ألف درهم إلى عطائه ، فلما خرج عطاؤه ، تقاضاها منه ، واشتد عليه ، فقضاه ، فكأن علقمة غضب ، فمكث أشهرا ، ثم أتاه فقال : أقرضني ألف درهم إلى عطائي ، قال : نعم وكرامة ، يا أم عتبة ! هلمي تلك الخريطة المختومة التي عندك ، فجاءت بها ، فقال : أما والله إنها لدراهمك التي قضيتني ، ما حركت منها درهما واحدا ، قال : فلله أبوك ، ما حملك على ما فعلت بي ؟ قال : ما سمعت منك ، قال : ما سمعت مني ؟ قال : سمعتك تذكر عن ابن مسعود أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : فذكره . قلت : قال البوصيري في " الزوائد " (ق 120 / 1) : " وهذا إسناد ضعيف ، قيس بن رومي مجهول ، وسليمان بن يسير ، ويقال : ابن قشير ، ويقال : ابن شتير ، ويقال : ابن سفيان ، وكله واحد ، متفق على ضعفه " . قلت : من هذا الوجه أخرج البيهقي (5 / 353) المرفوع منه فقط ، وقال : كذا رواه سليمان بن يسير النخعي أبو الصباح الكوفي ، قال البخاري : ليس بالقوي . ورواه الحكم وأبو إسحاق وإسرائيل وغيرهم عن سليمان بن أذنان عن علقمة عن عبد الله بن مسعود من قوله . ورواه دلهم بن صالح عن حميد بن عبد الله الكندي عن علقمة عن عبد الله . ورواه منصور عن إبراهيم عن علقمة ، كان يقول : وروى ذلك من وجه آخر عن ابن مسعود مرفوعا ، ورفعه ضعيف " . قلت : ثم ساق الوجه المشار إليه من طريق أبي حريز أن إبراهيم حدثه أن الاسود بن يزيد كان يستقرض من مولى للنخع تاجر ، فإذا خرج عطاؤه قضاه ، وأنه خرج عطاؤه ، فقال له الاسود : إن شئت أخرت عنا ، فإنه قد كانت علينا حقوق في هذا العطاء ، فقال له التاجر : لست فاعلا ، فنقده الاسود
[ 227 ]
خمسمائة درهم ، حتى إذا قبضها التاجر ، قال له التاجر : دونك فخذها ، فقال له الاسود : قد سألتك هذا فأبيت ، فقال له التاجر : إني سمعتك تحدث عن عبد الله بن مسعود أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يقول : " من أقرض شيئا مرتين ، كان له مثل أجر أحدهما لو تصدق به " . ومن هذا الوجه أخرجه ابن حبان في " صحيحه " (1155 - موارد) ، وقال البيهقي عقبه : " تفرد به عبد الله بن الحسين أبو حريز قاضي سجستان ، وليس بالقوي " . قلت : وقال الحافط في ترجمته من " التقريب " : " صدوق يخطئ " . قلت : وقد وقفت له على طريق أخرى عن ابن أذنان في " المسند " لاحمد ، قال (1 / 412) ثنا عفان ثنا حماد : أخبرنا عطاء بن السائب عن ابن أذنان قال : " أسلفت علقمة ألفى درهم ، فلما خرج عطاؤه . ، قلت له : اقضني قال : أخرني إلى قابل ، فأتيت عليه ، فأخذتها ، قال : فأتيته بعد ، قال : برحت بي ، وقد منعتني فقلت : نعم هو عملك ! قال : وما شأني قلت : إنك حدثتني عن ابن مسعود أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال : إن السلف يجري مجرى شطر الصدقة ، قال : نعم ، فهو كذلك ، قال : فخذ الان " . أخرجه البزار فقال : " عن محمد بن معمر عن عفان به ، إلا أنه سماه فقال : " عبد الرحمن بن أدبان . وقال : " لا نعلم روى عبد الرحمن بن أدبان عن علقمة عن عبد الله غير هذا الحديث ، ولا نعلم أسنده إلا حماد بن سلمة " .
[ 228 ]
نقلته من " التعجيل " (ص 531) ، وقد أورده في ترجمة " ابن أدبان " كذا وقع فيه " أدبان " بالدال المهملة ثم الباء الموحدة ، كأنه تثنية " أدب) ، والذي في " المسند " وابن ماجه والبيهقي 11 أذنان " بالذال المعجمة ثم النون تثنية " أذن " . وكذلك وقع في (الجرح والتعديل) (2 / 1 / 213) وسماه " سليم بن أدنان " وقال : " كوفي ، روى عن علقمة في القرض ، روى عنه أبو إسحاق وعبد الرحمن بن عابس " . ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا . وقد أورده ابن حبان في " ثقات أتباع التابعن ، (2 / 117) ، لكن وقع فيه " ابن أبان " ! وقد ذكر الخلاف في اسمه الحافظ ابن حجر ، وجزم بأنه سليم ، قال : ويقال : عبد الرحمن ، ومن سماه سليمان فقد صحف ، (قال) : فأما سليم فليس من شرط هذا الكتاب ، لان ابن ماجه أخرج له " . قلت : ابن ماجه إنما أخرجه عن سليمان بن أذنان ، كما تقدم ، ومن العجاثب أن سليمان هذا أغفلوه ، ولم يترجموه ، لا في " التهذيب " ولا " الخلاصة " ، ولا " التقريب " ، مع أنه عل شرطهم ، وكذلك ، لم يترجموا لسليم بن أذنان ، ولكنه على الجادة ، فإنه لم يقع له ذكر في شئ من الكتب الستة . وجملة القول أن ابن أذنان هذا مستور ، لان أحدا لم يوثقه غير ابن حبان ، فذا انضم إليه طريق أبى حريز المتقدمة ، أخذ حديثه بعض القوة ، وبضم طريق دلهم بن صالح إليهما ، فيزداد قوة ، ويرقى الحديث بمجموع ذلك إلى حرجة الحسن . والله أعلم . وقد أخرج الطريق الاخيرة الطبراني في " المعجم الكبير ، (3 / 27 / 2) : حدثنا علي بن عبد العزيز ، نا أبو نعيم نا دلهم بن صالح حدثني حميد بن عبد الله الثقفى أن علقمة بن قيس استقرض من عبد الله ألف درهم ، فأقرضه إياها ،
[ 229 ]
فلما خرج العطاء ، جاءه بألف درهم ، فقال : هذا مالك ، قال : هاته ، فأخذه ، فقال له عبد الله : لولا كراهية أن أخالفك لامسكت المال ، فقال عبد الله : نحن أحق به ، فجلس ، فتحدث ساعة ، ثم قام ، فانطلق علقمة ، فلما بلغ أصحاب التوابيت ، أرسل على أثره فرده ، فقال : محتاج أنت ؟ قال : فأخذه ، فقال له عبد الله : لولا كراهية أن أخالفك لامسكت المال ، فقال عبد الله : نحن أحق به ، فجلس ، فتحدث ساعة ، ثم قام ، فانطلق علقمة ، فلما بلغ أصحاب التوابيت ، أرسل على أثره فرده ، فقال : محتاج أنت ؟ قال : نعم ، قال : خذ المال ، فلما أخذه ، قال عبد الله : " لان أقرض مالا مرتين أحب إلي من أن أتصدق به مرة " . ثم وجدت للحديث شاهدا من رواية أنس بن مالك مرفوعا بلفظ : " قرض مرتين في عفاف خير من صدقة مرة " . أخرجه ابن بشران في " الامالي " (27 / 114 / 2) وأبو الفضل عيسى ابن موسى بن المتوكل في " نسخة الزبير بن عدي " (2 / 3 / 1) عن بشر بن الحسن ثنا الزبير بن عدي عنه . لكن بشرا هذا متهم بالكذب ، فلا يستشهد به . إلا أنه قد جاء من طريق أخرى ، فأخرجه البيهقي (5 / 354) من طريق تمتام : ثنا عبيدالله بن أبى عائشة ، ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس رفعه بلفظ : " قرض الشئ خير من صدقته ، . وقال عقبه : " قال الامام أحمد : وجدنه في المسند مرفوعا ، فهبته فقلت : رفعه " . قلت : وإسناده صحيح ، وقد ذكره السيوطي في " الجامع الصغير ! من رواية البيهقي وحده عن أنى . فقال المناوي في شرحه : " ورواه عنه أيضا النسائي وأبو نعيم والديلمي " . قلت : وليس هو في " السنن الصغرى : المجتبى ، للنسائي ، فالظاهر أنه يعني " الكبرى " له . والله أعلم . 1390 - (حديث " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) استلف بكرا " متفق عليه) .