إرواء الغليل
محمد ناصر الألباني ج 8
[ 1 ]
إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل تأليف محمد ناصر الدين الالباني بإشراف زهير الشاويش الجزء الثامن المكتب الاسلامي
[ 2 ]
حقوق الطبع محفوظة للمكتب الاسلامي لصاحبه زهير الشاويش الطبعة الثانية 1405 ه - 1985 م المكتب الاسلامي بيروت: ص. ب 3771 / 11 - هاتف 450638 - برقيا: اسلاميا دمشق: ص. ب 800 - هاتف 111637 - برقيا: اسلامي
[ 3 ]
باب حد الزنا 2337 - (عن عبد الله بن مسعود قال: " سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم اي الذنب اعظم، قال: أن تجعل لله ندا وهو خلقك، قلت: ثم اي ؟ قال: أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك. قلت: ثم اي ؟ قال: أن تزاني بحليلة جارك لا متفق عليه). (1) صحيح. اخرجه البخاري (3 / 195، 302، 4 / 115، 305، 314، 488) ومسلم (1 / 63) وأبو داود أيضا (2310) والنسائي (2 / 165) والترمذي (2 / 305) وأحمد (1 / 434) من طرق عن أبي وائل عن عمرو بن شرحبيل عن عبد الله به. وفي رواية للبخاري والترمذي وأحمد (1 / 380 (431، 462) عن أبي وائل عن عبد الله لم يذكر بينهما عمرو بن شرحبيل، وقال الترمذي: " والاول أصح ". وقال: " هذا حديث حسن صحيح ". 2338 - (حديث عمر قال: " إن الله بعث محمدا (صلى الله عليه وسلم) بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان فيما أنزل عليه آية الرجم فقرأتها وعقلتها ووعيتها. ورجم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ورجمنا بعده. فأخشى إن طال (1) هذا الجزء يبدأ من الصفحة 365 من الجزء الاثني من " منار السبيل " ولم نلتزم يوصع ارقام الصفحات (زهير) (*)
[ 4 ]
بالناس زمان أن يقول قائل: ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة انزلها الله تعالى. فالرجم حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت به البينة أو كان الحبل أو الاعتراف وقد قرأتها " الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم " متفق عليه). صحيح. أخرجه البخاري (4 / 304، 305) ومسلم (5 / 116) وأبو داود (4418) والترمذي (1 / 269) والدارمى (2 / 179) وابن ماجه (2553) وابن أبى شيبة (11 / 82 / 1) وابن الجارود (812) والبيهقي (8 / 211) وأحمد (1 / 29، 40، 47، 50، 55) عن الزهري: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أنه سمع عبد الله بن عباس يقول: قال عمر بن الخطاب... وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وتابعه علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس به نحوه. أخرجه أحمد (1 / 23) وابن أبي شيبة (11 / 82 / 2) وتابعه سعيد بن المسيب عن عمر به. أخرجه مالك (2 / 824 / 10) وابن أبي شيبة، وأحمد (1 / 36، 43) مختصرا. 2339 - (حديث " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) رجم ماعزا والغامدية، ورجم الخلفاء بعده "). صحيح. أما رجم ماعز، فقد سبق ذكر أحاديث رجمه تحت رقم (2322). وأما رجم الخلفاء بعده، فهو في حديث عمر الذي قبله: " ورجم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ورجمنا بعده ".
[ 5 ]
ولفظ ابن أبى شيبة من رواية سعيد عن عمر: " رجم رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ورجم أبو بكر، ورجمت ". ثم أخرجه من طريق نجيح أبي على عن النبي - عليه السلام - قال: " رجم رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ورجم أبو بكر وعمر، وأمرهما سنة ". وإسناده مرسل رجاله ثقات غير نجيح أبى على أورده ابن أ بي حاتم (4 / 1 / 493) وقال: " روى عن أنس، روى عنه أبو هلال الراسبي ". ولم يزد. وكذا قال ابن حبان في " الثقات " (1 / 243) ! وأخرج ابن أبي شيبة (11 / 83 / 1) عن الشعبي: " أن عليا جلد ورجم ". وإسناده صحيح. وعن ابن سيرين قال: " كان عمر يرجم ويجلد، وكان علي يرجم ويجلد ". أخرجه من طريق أشعث عنه. وإسناده صحيح أيضا، وأشعث هو ابن عبد الملك الحمراني. 2340 - (عن علي رضيى الله عنه " أنه ضرب شراحة (1) يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة وقال: جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رواه أحمد والبخاري) صحيح. وهومن رواية الشعبى عن على، وله عنه طرق: (1) بضم الشين المعجمة وتخفيف الراء ثم حاء مهملة. (*)
[ 6 ]
الاولى: عن سلمة بن كهيل عن الشعبي به. إلا أنه قال: " جلد " بدل " ضرب ". أخرجه أحمد (1 / 107): ثنا محمد بن جعفرثنا شعبة عن سلمة بن كهيل. وأخرجه البخاري في " الحدود " (4 / 300): حدثنا آدم حدثنا شعبة به مختصرا، لم يذكر الجلد. وأخرجه الطحاوي (2 / 81) عن العقدي ثنا شعبة به كاملا. وتابعه حماد بن سلمة أنبأنا سلمة بن كهيل به ولفظه: " أن عليا رضى الله عنه قال لشراحة:. لعلك استكرهت، لعل زوجك أتاك، لعل، قالت: لا، قال: فلما وضعت ما في بطنها جلدها، ثم رجمها، فقيل له: جلدتها ثم رجمتها ؟ قال: جلدتها بكتاب الله، ورجمتها بسنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أخرجه أحمد (1 / 141، 153) قلت: وإسناده صحيح على شرط مسلم. الثانية: عن إسماعبل بن سالم عن الشعبي به نحو رواية شعبة. أخرجه أحمد (1 / 116) والدار قطني (340) الثالثة: عن حصين بن عبد الرحمن عنه بلفظ: " أتي على بمولاة لسعيد بن قيس محصنة قد فجرت، فضربها مائة، ثم رجمها، ثم قال... ". أخرجه أحمد والدار قطني. قلت: وإسناده صحيح، وكذا الذي قبله.
[ 7 ]
الرابعة: عن أبى حصين عن الشعبي قال: (أتي علي رضى الله عنه بشراحة الهمدانية قد فجرت، فردها حتى ولدت، فلما ولدت قال ائتونى بأقرب النساء منها، فأعطاها ولدها، ثم جلدها ورجمها، ثم قال: جلدتها بكتاب الله، ورجمتها بالسنة، ثم قال: أيما امرأة نعى عليها ولدها أو كان اعتراف، فالامام أول من يرجم، ثم الناس، فان نعاها الشهود، فالشهود أول من يرجم ثم الامام ثم الناس ". أخرجه الدارقطني والبيهقي (8 / 220). قلت: وإسناده صحيح على شرط مسلم. الخامسة: عن الاجلح عن الشعبي قال: " جئ بشراحة الهمدانية إلى على رضى الله عنه، فقال لها: ويلك لعل رجلا وقع عليك وأنت نائمة، قالت: لا، قال: لعلك استكرهت، قالت: لا، قال: لعل زوجك من عدونا هذا أتاك فانت تكرهين أن تدلي عليه، يلقنها لعلها تقول: نعم، قال: فأمر بها فحبست، فلما وضعت ما في بطنها، أخرجها يوم الخميس فضربها مائة، وحفر لها يوم الجمعة في الرحبة، وأحاط الناس بها، وأخذوا الحجارة، فقال: ليس هكذا الرجم، إذا يصيب بعضكم بعضا، صفوا كصف الصلاة صفا خلف صف، ثم قال: أيها الناس أيما امرأة جئ بها وبها حبل يعني أو اعترفت، فالامام أول من يرجم ثم الناس، وأيما امرأة أو رجل زان فشهد عليه أربعة بالزنا فالشهود أول من يرجم، ثم الامام، ثم الناس، ثم رجمها، ثم أمرهم فرجم صف ثم صف، ثم قال: افعلوا بها ما تفعلون بموتاكم ". أخرجه ابن أبي شيبة (11 / 84 / 1) مختصرا، والبيهقي والسياق له. قلت: وإسناده جيد رجاله ثقات رجال الصحيح غير الاجلح وهو ابن عبد الله الكوفي وهو صدوق. السادسة: عن مجالد: ثنا عامر قال:
[ 8 ]
" كان لشراحة زوج غائب بالشام، وإنها حملت، فجاء بها مولاها إلى على ابن ابي طالب رضى الله عنه فقال: إن هذه زنت فاعترفت، فجلدها يرم الخميس مائة، ورجمها يوم الجمعة، وحفر لها إلى السرة وأنا شاهد، ثم قال: إن الرجم سنة سنها رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ولو كان شهد على هذه أحد لكان أول من يرمى الشاهد، يشهد ثم يتبع شهادته حجره، ولكنها أقرت، فأنا أول من رماها، فرماها بحجر، ثم رمى الناس وأنا فيهم، قال: فكنت والله فيمن قتلها ". أخرجه ابن أبى شيبة (11 / 83 / 2) مختصرا جدا، وأحمد (1 / 121) والسياق له. قلت: ورجاله ثقات رجال المشيخين غير مجالد وهو ابن سعيد وهو ضعيف. السابعة: عن إسماعيل بن أبي خالد قال: سمعت الشعبى وسئل: هل رأيت أمير المؤمنين علي بن أبى طالب رضى الله عنه ؟ قال: " رأيته أبيض الرأس واللحية، قيل: هل تذكر عنه شيئا ؟ قال: نعم أذكر أنه جلد شراحة يوم الخميس... " فذكره. أخرجه الحاكم (4 / 365) وقال: " وهذا إسناد صحيح ". قلت: ووافقه الذهبي، وهو كما قالا. وهو نص في سماع الشعبي لهذا الحديث من على رضى الله عنه، ففيه رد لبعض الروايات التي وقع فيها واسطة بين الشعبي وعلى، ولذلك جزم الدارقطني بأنها وهم وبأن الشعبي سمع هذا الحديث من على، قال: ولم يسمع عنه غيره كما ذكره الحافظ في " الفتح " (12 / 105) ولم يذكر الحجة على ذلك، فاستفدها من هنا، والموفق الله تعالى. وللحديث طرق أخرى عن علي رضى الله عنه.
[ 9 ]
الاولى: عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن عبد الله قال: (ما رأيت رجلا قط أشد رمية من على بن أبي طالب رضى الله عنه، أتي بامرأة من همدان يقال لها شراحة، فجلدها مائة، ثم أمر برجمها، فأخذ آجرة فرماها بها، فما أخطأ أصل أذنها، فصرعها فرجمها الناس حتى قتلوها، ثم قال: جلدتها بكتاب الله، ورجمتها بالسنة ". أخرجه الحاكم (4 / 364) وقال: (صحيح الاسناد، وإن كان في سماع عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود من أبيه خلاف ". قلت: والراجح عندنا أنه سمع منه كما بينته في الجزء الثاني من " سلسلة الاحاديث الصحيحة ". الثانية: عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: " جاءت امرأة من همدان يقال لها شراحة إلى على... " أخرجه الطحاوي (2 / 80) عن أبى الاحوص عن سماك عنه. وهذا إسناد على شرط مسلم. الثالثة: عن الرضراص قال: " شهدت عليا رضى الله عنه جلد شراحة ثم رجمها ". أخرجه الطحاوي بسند ضعيف. الرابعة: عن حبة العرني (الاصل: العوني) عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: " أتته شراحة فأقرت عنده أنها زنت... " الحديث وفيه: " ثم دفنها في الرحبة إلى منكبها، ثم رماها هو أول الناس... ". أخرجه الطحاوي بسند ضعيف أيضا.
[ 10 ]
2341 - (حديث عبادة " والثيب بالثيب جلد مئة والرجم " رواه مسلم وغيره) صحيح. أخرجه مسلم (5 / 115) وأبو داود (4415، 4416) والدارمي (2 / 181) والطحاوي (2 / 79) وابن الجارود (810) والبيهقي (8 / 210، 222) وابن أبي شيبة (11 / 83 / 1) والطيالسي (584) وأحمد (5 / 313، 317، 318، 320، 320 - 321) من طرق عن الحسن عن حطان بن عبد الله الرقاشى عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول (صلى الله عليه وسلم): " خذوا عني خذوا عن، قد جعل الله لهن سبيلا، البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم ". وأخرجه ابن ماجه (2550) من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن يونس بن جبير عن حطان بن عبد الله به. وهو عند مسلم وأبي داود وأحمد وغيرهم من طرق عن سعيد عن قتادة عن الحسن عن حطان. وهذا هو الصواب أنه من رواية قتادة عن الحسن. ورواية ابن ماجه عنه عن يونس بن جبير وهم أظنه من شيخ ابن ماجه بكر بن خلف أبي بشر والله أعلم. وأخرجه الطيالسي وعبد الله بن أحمد (5 / 327) من طريق جرير بن حازم ثنا الحسن قال: قال عبادة بن الصامت به. والحسن وهو البصري مدلس، فكأنه أسقط في هذه الرواية حطان بن عبد الله. والله أعلم. وخالف الجماعة الفضل بن دلهم فقال: عن الحسن عن قبيصة بن حريث عن سلمة بن المحبق قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): فذكره. أخرجه أحمد (3 / 476). قلت: والفضل هذا لين فلا يعتد بمخالفته.
[ 11 ]
2342 - (أن النبي (صلى الله عليه وسلم) رجم ماعزا والغامدية ولم يجلدهما، وقال لانيس فإن اعترفت فارجمها ") وعمر رجم ولم يجلد). صحيح. أما رجم ماعز، فمضى ذكر أحاديثه تحت رقم (2322). وأما الغامدية، فتقدم حديثها هناك. وأما حديث أنيس، فقد مضى برقم (1464). وأما رجم عمر، فتقدم قبل حديثين. 2343 - (روى ابن عمر " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أمر برجم اليهوديين الزانيين فرجما " متفق عليه). صحيح. وقد مضى تخريجه برقم (1253). 2344 - (روى الترمذي عن ابن عمر أن النبي (صلى الله عليه وسلم) ضرب وغرب " وأن أبا بكر ضرب وغرب وأن عمر ضرب وغرب). صحيح. أخرجه الترمذي (1 / 271) وكذا البيهقي (8 / 223) من طرق عن عبد الله بن إدريس عن عبيدالله عن نافع عن ابن عمر به. وقال الترمذي: " حديث غريب، رواه غير واحد عن عبد الله بن إدريس فرفعوه، وروى بعضهم عن عبد الله بن إدريس هذا الحديث عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن أبا بكر ضرب وغرب، وأن عمر ضرب وغرب ". ثم ساقه هو والبيهقي من طريق أبى سعيد الاشج عن عبد الله بن ادريس به. ثم قال الترمذي: " وهكذا روي الحديث من غير رواية ابن إدريس عن عبيد الله بن عمر نحو هذا، وهكذا رواه محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر، لم يذكر فيه " عن النبي (صلى الله عليه وسلم)، وقد صح عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) النفي ".
[ 12 ]
قلت: الحديث مع غرابته، فهو صحيح الاسناد، لان عبد الله بن إدريس وهو أبو محمد الاودي ثقة محتج به في " الصحيحين " وقد رواه عنه الجماعة مرفوعا، ومن رواه عنه موقوفا، فلم يخالف رواية الجماعة، فان فيها ما رواه وزيادة والزيادة مقبولة لاسيما إذا كانت من الجماعة. ويشهد للمرفرع حديث عبادة المتقدم قبل حديثين. 2345 - (عن عبد الله بن عياش المخزومي قال: " أمرني عمر ابن الخطاب في فتية من قريش فجلدنا ولائد من ولائد الامارة خمسين خمسين في الزنى " رواه مالك). حسن. أخرجه مالك (2 / 827 / 16) وعنه البيهقى (8 / 242) عن يحيى بن سعيد أن سليمان بن يسار أخبره أن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي قال: فذكره. قلت وهذا إسناد حسن رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن عياش وقد ذكره ابن أبي حاتم (2 / 2 / 125) من روايته عن عمر، وقال: " روى عنه ابنه الحارث بن عبد الله بن عياش ونافع ". ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وأورده ابن حبان في " الثقات " وقال (1 / 116): " يروي عن عمر بن الخطلب، روى عنه سليمان بن يسار ومحمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة، وهو الذى يقول: مربي أبو الدرداء وأنا أصلى، فقال: ان الارض لا تمسح إلا مسحة، وليس هذا بعبدالله بن الحارث بن عياش ابن أبي ربيعة، ذاك من أتباع التابعين، روى عنه أهل المدينة ". قلت: فقد روى عنه جماعة من الثقات، وهو إلى كونه تابعيا فالقلب يطمئن للاحتجاج به. والله أعلم. 2346 - (حديث أن النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يأمر بتعذيب الامة إذا زنت
[ 13 ]
في حديث أبي هريرة وزيد بن خالد "). صحيح. وقد مضى برقم (2323). 2347 - (حديث أبي هريرة وزيد بن خالد في رجلين اختصما إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وكان ابن أحدهما عسيفا عند الآخر فزنى بامرأته وفيه: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): وعلى ابنكن جلد مئة وتغريب عام واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها. قال: فغدا عليها فاعترفت فرجمها. رواه الجماعة). صحيح. وقد مضى برقم (1464). 2348 - (عن ابن عباس مرفوعا " من وقع على بهيمة فاقتلوه واقتلوها " رواه أحمد وأبو داود والترمذي وضعفه الطحاوي). صحيح. أخرجه أحمد (1 / 269) وأبو داود (4464) والترمذي (1 / 275) وكذا الدارقطني (ص 341 - 342) والحاكم (4 / 355) والبيهقي (8 / 233) وأبو الشيخ في " مجلس من حديثه " (ق 62 / 2) من طرق عن عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس به. وزاد أبو داود والترمذي وغيرهما: " فقيل لابن عباس: ما شأن البهيمة ؟ قال: ما سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في ذلك شيئا، ولكن أرى رسول الله كره أن " يؤكل من لحمها أو ينتفع بها، وقد عمل بها ذلك العمل ". وقال الترمذي: " هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث عمرو بن أبى عمرو عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وسلم)، وقد روى سفيان الثوري عن عاصم عن أبى رزين عن ابن عباس أنه قال: " من أتى بهيمة فلا حد عليه ". ثم ساق إسناده بذلك إلى الثوري. ورواه أبو داود (4465) من طريق
[ 14 ]
جماعة آخرين عن عاصم به. وقال الترمذي: " وهذا أصح من الاول " ! وقال أبو داود: " حديث عاصم يضعف حديث عمرو بن أبي عمرو " ! وتعقبه البيهقي فقال وأجاد: " وقد رويناه من غير وجه عن عكرمة، ولا أرى عمرو بن أبى عمرو يقصر عن عاصم بن بهدلة في الحفظ، كيف وقد تابعه على روايته جماعة، وعكرمة عند أكثر الائمة من الثقات الاثبات ". قلت: وهذا هو التحقيق، فان عمرو بن أبي عمر وهو كما قال: لا يقصر عن عاصم بن بهدلة، بل لعله خير منه في الحديث، يبين لك ذلك ترجمتهما في " التقريب " فقال في عمرو وهو ابن أبي عمرو مولى المطلب المدني: " ثقة ربما وهم ". وقال في عاصم: " صدوق له أوهام ". وقال الذهبي فيه: " صدوق يهم، روى له خ. م. مقرونا ". وقال في عمرو: " صدوق حديثه مخرج في " الصحيحين " في الاصول ". فتبين أنه أقوى من عاصم فحديثه أرجح عند التعارض، زد على ذلك أن حديثه مرفرع، وحديث عاصم موقوف، فتضعيفه بالموقوف ليس جاريا على قواعد أهل الحديث في ترجيح الرواية على الرأي، خلافا للحنفية. ويزداد حديث عمرو قوة بالمتابعات التي، أشار إليها البيهقى رحمه الله، وقد وقفت على اثنتين منها: الاولى: داود بن الحصي ن عن عكرمة به. أخرجه ابن ماجه (2564) والدار قطني والبيهقي (8 / 234) وأحمد (1 / 300) من طرق عن ابراهيم بن إسماعيل الاشهلى عن داود به، وزاد في أوله " من وقع على ذات محرم فاقتلوه، ومن وقع على بهيمة... " وتأتي في الكتاب (2410)
[ 15 ]
قلت: والاشهلي ضعيف، وكذا ابن الحصين في عكرمة. والاخرى: عباد بن منصور عن عكرمة به. أخرجه أبو الشيخ (ق 63 / 1) والحاكم والبيهقي وابن عساكر في " تحريم الابنة، (ق 165 / 2) قلت: وعباد بن منصور صدوق، وكان يدلس وتغير بأخرة، كما في " التقريب " وقال في " التلخيص " (4 / 55): " ويقال إن أحاديث عباد بن منصور عن عكرمة إنما سمعها من إبراهيم بن أبى يحيى عن داود عن عكرمة، فكان يدلسها باسقاط رجلين. وإبراهيم ضعيف عندهم، وإن كان الشافعي يقوي أمره ". وذكر أن عبد الرزاق أخرجه عن إبراهيم بن محمد عن داود بن الحصين عن عكرمة. والله أعلم. ثم إن للحديث شاهدا من حديث أبي هريرة مرفوعا به. أخرجه أبو يعلى في " مسنده " (ق 283 / 1): ثنا عبد الغفار بن عبد الله ابن الزبير ثنا على بن مسهر عن محمد بن عمرو عن أبى سلمة عنه. قلت: وهذا إسناد جيد رجاله كلهم ثقات معروفون غير عبد الغفار هذا، وقد أورده ابن أبي حاتم (3 / 1 / 54) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، ويغلب على الظن أن ابن حبان ذكره في " الثقات "، فقد قال الهيثمى في (مجمع الزوائد " (6 / 273) بعد عزوه لابي يعلى: " وفيه محمد بن عمرو بن علقمة وحديثه حسن، وبقية رجاله ثقات ". لكن قال الحافظ في " التلخيص " (4 / 56): " ورواه ابن عدى عن أبى يعلى، ثم قال: قال لنا أبو يعلى: بلغنا أن عبد الغفار رجع عنه، وقال ابن عدي: إنهم كانوا لقنوه ". وقد ورد الحديث عن ابن عباس بلفظ آخر يأتي بعد حديث.
[ 16 ]
2349 - (حديث أبي موسى مرفوعا " إذا أتى الرجل الرجل فهما زانيان "). ضعيف. أخرجه البيهقي (8 / 233) من طريق أبي بدر: ثنا محمد ابن عبد الرحمن عن خالد الحذاء عن ابن سيرين عن أبي موسى قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): فذكره وتمامه: (... وإذا أتت المرأة المرأة فهما زانيتان ". وقال: " ومحمد بن عبد الرحمن هذا لا أعرفه، وهو منكر بهذا الاسناد ". وتعقبه ابن التركماني فقال: (قلت: هو معروف يقال له المقدسي القشيري، روى عن جعفر بن حميد، وحميد الطويل وخالد الحذاء وعبيدالله بن عمر وفطر بن خليفة. روى عنه أبو ضمرة، وبقية، وأبو بدر، وسليمان بن شرحبيل، ذكره ابن أبي حاتم في كتابه وقال: ذكره البخاري. قال: وسألت أبى عنه ؟ فقال: متروك الحديث، كان يكذب، ويفتعل الحديث ". وقال الحافظ في " التلخيص " (4 / 55) بعد أن عزاه للبيهقي: " وفيه محمد بن عبد الرحمن القشيري كذبه أبو حاتم، ورواه أبو الفتح الازدي في " الضعفاء "، والطبراني في (الكبير " من وجه آخر عن أبي موسى، وفيه بشر بن الفضل البجلي وهو مجهول، وقد أخرجه أبو داود الطيالسي في " مسنده " عنه ". قلت: لم أره في " مسنده " المطبوع، ولا في " ترتيبه " للشيخ الساعاتي البنا (1) والله أعلم. 2350 - (وعن ابن عباس مرفوعا " من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به " رواه الخمسة الا النسائي). (1) " منحة المعبود في ترتيب مسند الطيالسي أبو داود للعلامة الشيخ احمد عبد الرحمن البنا الساعاتي - رحمه الله - وقد نطبعه قريبا - ان شاء الله - زهير. (*)
[ 17 ]
صحيح. أخرجه أبو داود (4462) والترمذي (1 / 275) وابن ماجه (2561) وابن الجارود (820) والدار قطني (341) والحاكم (4 / 355) وأحمد (1 / 300) وأبو الشيخ (ق 62 / 2) كلهم من طريق عبد العزيز بن محمد غير الحاكم فمن طريق سليمان بن بلال كلاهما عن عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس به. وقال الترمذي: " وإنما يعرف هذا الحديث عن ابن عباس عن النبي (صلى الله عليه وسلم) من هذا الوجه ". وقال الحاكم: " صحيح الاسناد "، ووافقه الذهبي. قلت: وهو كما قال، وراجع الكلام على عمرو بن أبي عمرو قبل حديث. وقد تابعه عباد بن منصور عن عكرمة به. أخرجه أحمد (1 / 300) وأبو محمد الدوري في " كتاب ذم اللواط " (ق 159 / 2) والبيهقي من طرق عن عباد به. وله شاهد ذكره الحاكم من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر العمري عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا به. وتعقبه الذهبي بقوله: " قلت: عبد الرحمن ساقط ". قلت: الظاهر أنه لم يتفرد به، فقد قال الترمذي عقب حديث ابن عباس: (وقد روي هذا الحديث عن عاصم بن عمر عن سهيل بن أبى صالح عن أبيه عن أبي هريرة... ". وقال: " هذا حديث في إسناده مقال، ولا نعرف أحدا رواه عن سهيل بن أبي صالح غير عاصم بن عمر العمري، وعاصم يضعف في الحديث من قبل حفظه ".
[ 18 ]
قلت: وقد وصله أبو الشيخ (ق 63 / 2) وابن عساكر في " جزء تحريم الابنة " (ق 166 / 1) من طريق عبد الله بن نافع ثنا عاصم بن عمر به ولفظه: " الذى يعمل عمل قوم لوط فارجم الاعلى والاسفل، ارجمهما جميعا ". وله شاهد آخر عن على قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " يكون في آخر الزمان رجال لهم أرحام منكوسة، ينكحون كما تنكح النساء، فاقتلوا الفاعل والمفعول به ". أخرجه أبو محمد الدوري في " كتاب ذم اللواط " (ق 159 / 2) من طريق عيسى بن شعيب ثنا رباب الدارمي عن عبد الله عن على. قلت: وهذا إسناد ضعيف، رباب الدارمي لم أعرفه، ولعله الذى في " الجرح والتعديل " (1 / 2 / 521): " رباب بن حدير (وليس في " تاريخ البخاري ": ابن حدير) روى عن ابن عباس، روى عنه تميم بن حدير ". وعيسى بن شعيب وهو ابن إبراهيم النحوي قال الحافظ: " صدوق له أوهام ". ثم أخرج من طريق عباد بن كثير عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر ابن عبد الله قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " من عمل عمل قوم لوط فاقتلوه ". وعباد هذا هو الثقفي البصري: متروك. 2351 - " روى البراء قال ؟ " لقيت عمي ومعه الراية فقلت: أين تريد ؟ قال: بعثني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى رجل تزوج امرأة أبيه بعده أن أضرب عنقه وأخذ ماله " حسنه الترمذي). صحيح. أخرجه الترمذي (1 / 255) وابن ماجه (2607) أيضا
[ 19 ]
والطحاوي (2 / 85) وابن أبي شيبة (11 / 87 / 1) والدار قطني (370) والبيهقي (8 / 237) وأحمد (4 / 292) من طريق أشعث بن سوار عن عدى ابن ثابت عن البراء قال: " مر خالي أبو بردة بن نيار، ومعه لواء، فقلت: أين تريد ؟ قال. بعثنى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى رجل تزوج امرأة أبيه أن آتيه برأسه ". هذا هو لفظ الترمذي، ولفظ الاخرين نحوه دون قوله: " وآخذ ماله ". إلا أن البيهقى خالف في السند والمتن فقال: " عن أشعث بن سوار عن عدي بن ثابت عن يزيد بن البراء عن البراء عن خاله. " أن رجلا تزوج امرأة أبيه أو ابنه - كذا قال أبو خالد - فأرسل إليه النبي (صلى الله عليه وسلم) فقتله ". وأشعث بن سوار هذا ضعيف، فهذا الاختلاف والاضطراب في إسناده إنما هو منه، وهو من الادلة على ضعفه، قال الترمذي عقبه: " حديث غريب، وقد روى محمد بن إسحاق هذا الحديث عن عدى بن ثابت عن عبد الله بن يزيد عن البراء. وقد روي هذا الحديث عن أشعث عن عدى عن يزيد بن البراء عن أبيه، وروي عن أشعث عن عدي عن يزيد بن البراء عن خاله عن النبي (صلى الله عليه وسلم) ". قلت: فهذا اضطراب شديد من سوار، لكن قد توبع على الوجه الاول منه، رواه الحسن بن صالح عن السدي عن عدي بن ثابت عن البراء قال: (لقيت خالي ومعه الراية، فقلت: أين تريد... " فذكره مثل رواية الكتاب دون قوله " وآخذ ماله ". أخرجه النسائي (2 / 85) وابن أبي شيبة وعنه ابن حبان (1516)
[ 20 ]
والحاكم (2 / 191) وقال: " صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبي. وقد تابعه ربيع بن ركين قال: سمعت عدي بن ثابت عن البراء بن عازب قال: مربى عمى الحارث بن عمرو، ومعه لواء عقده له النبي (صلى الله عليه وسلم) فقلت له: أي عم أين بعثك النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: بعثنى إلى رجل تزوج امرأة أبيه، فأمرني أن أضرب عنقه ". أخرجه أحمد (4 / 292): ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن ربيع بن ركين. وهذا على شرط مسلم، غير ربيع بن ركين، وهو الربيع بن سهل بن الركين نسب إلى جده، ضعفه النسائي وغيره، ووثقه ابن حبان. وخالفهما زيد بن أبى أنيسة فقال: عن عدى بن ثابت عن يزيد بن البراء عن أبيه قال: " لقيت عمى ومعه راية... " الحديث كما في الكتاب تماما. أخرجه أبو داود (4457) والنسائي (2 / 85) والدارمى (2 / 153) والحاكم (4 / 357) عن عبيدالله بن عمرو عن زيد به. فقد زاد زيد بين عدي والبراء يزيد بن البراء. وزيد ثقة من رجال الشيخين، وزيادة الثقة مقبولة، وسائر رجال الاسناد ثقات رجال الشيخين أيضا غير يزيد بن البراء وهو صدوق، ولعل عدي بن ثابت تلقاه عنه عن البراء، في مبدأ الامر، ثم لقى البراء فسمعه منه، فحدث به تارة هكذا، وتارة هكذا، وكل حدث عنه بما سمع منه. وكل ثقة من زيد بن أبى أنيسة الذى أثبت فيه يزيد بن البراء، والسدي واسمه إسماعيل الذي لم يذكر يزيد فيه، مع متابعة الربيع بن الركين له على ضعفه. وبهذا يزول الاضطراب الذي أعل الحديث به ابن التركماني، لانه أمكن
[ 21 ]
التوفيق بين الوجوه المضطربة منه الثابتة عن رواتها. وأما الوجوه الاخرى التى أشار إليها الترمذي فهى غير ثابتة لان مدار أكثرها على أشعث وهو ضعيف كما عرفت. وأحدها من طريق ابن إسحاق وهو مدلس، ولو صرح بالتحديث فليس بحجة عند المخالفة. ويؤيد صحة الحديث أن له طريقا أخرى، وشاهدا. أما الطريق، فيرويه أبو الجهم عن البراء بن عازب قال: " بينا أنا أطوف على إبل لي قد ضلت إذ أقبل ركب، أو فوارس معهم لواء، فجعل الاعراب يطيفون بي لمنزلتي من النبي (صلى الله عليه وسلم)، إذ أتوا قبة، فاستخرجوا منها رجلا، فضربوا عنقه، فسألت عنه، فذكروا أنه أعرس بامرأة أبيه ". أخرجه أبو داود (4456) والطحاوي (2 / 85) والدار قطني (371) والحاكم وعنهما البيهقي وعن غيرهما (8 / 208) وأحمد (4 / 295) من طريق مطرف بن طريف الحارثى ثنا أبو الجهم به. قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الشيحين غير أبى الجهم واسمه سليمان بن جهم بن أبى الجهم الانصاري مولى البراء وهو ثقة. وأما الشاهد فيرويه معاوية بن قرة المزني عن أبيه قال: " بعثنى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى رجل تزوج امرأة أبيه أن أضرب عنقه، وأصفى ماله ". أخرجه ابن ماجه (2608): حدثنا محمد بن عبد الرحمن ابن أخي الحسين الجعفي ثنا يوسف بن منازل التميمي ثنا عبد الله بن إدريس عن خالد بن أبي كريمة عن معاوية بن قرة به. قال البوصيري في " الزوائد " (ق 161 / 2): " هذا إسناد صحيح، رواه النسائي في " كتاب الرجم " عن العباس بن محمد عن يوسف بن منازل به. ورواه الدارقطني في " سننه " من طريق معاوية
[ 22 ]
ابن قرة أيضا، ورواه الحاكم في " المستدرك " من طريق محمد بن إسحاق الصنعاني عن يوسف بن منازل، فذكره، ورواه البيهقى في (الكبرى " عن الحاكم بالاسناد والمتن ". قلت: وأخرجه البيهقى (8 / 208) من طريق أخرى غير الحاكم والطحاوي (2 / 86) عن يوسف به. 2352 - (روى ابن ماجه باسناده مرفوعا " من وقع على ذات محرم فاقتلوه "). ضعيف. أخرجه الترمذي (1 / 276) وابن ماجه (2564) وكذا الدارقطني (341) والحاكم (4 / 356) والبيهقي (8 / 237) وأحمد (1 / 300) من طريق إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة حدثنى داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): فذكره. وقال الحاكم: " صحيح الاسناد ". ورده الذهبي بقوله: " قلت: لا ". قلت: والعلة من اسماعيل وداود، وقد مضى الكلام عليها قريبا تحت الحديث (2345) وقال الترمذي: لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وإبراهيم بن إسماعيل يضعف في الحديث ". وقال البيهقى عقبه: " وقد رويناه من حديث عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا ". قلت: قد أخرجه ابن أبي شيبة (11 / 87 / 1) عنه موقوفا، فقال: نا يزيد بن هارون عن عباد بن منصور عن عكرمة به موقوفا. قلت: وعباد ضعيف كما سبق. ثم رأيت في " العلل " لابن أبي حاتم، قال (1 / 455):
[ 23 ]
" سألت أبي عن حديث... (فذكر هذا) قال أبي: هذا حديث منكر، لم يروه غير [ ابن ] أبي حبيبة ". 2353 - (حديث ابن مسعود أن رجلا جاء إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: إني وجدت امرأة في البستان فأصبت منها كل شئ غير أني لم أنكحها فافعل بي ما شئت، فقرأ عليه النبي (صلى الله عليه وسلم) " وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات " رواه النسائي). صحيح. ولم أره عند النسائي في " الصغرى "، وهو المراد عند إطلاق العزو إليه، وقد عزاه الحافظ في " الفتح " (8 / 268) لمسلم وأصحاب السنن من طريق سماك بن حرب عن إبراهيم النخعي عن علقمة والاسود عن ابن مسعود: " جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا رسول الله إنى وجدت امرأة في بستان، ففعلت بها كل شئ غير أني لم أجامعها، قبلتها ولزمتها، فافعل بي ما شئت الحديث ". قلت: فالظاهر أنه عند النسائي في " الكبرى " له، ومن الدليل على ذلك أن النابلسي أورده في موضعين من " الذخائر " (1 / 197، 204)، ولم يعزه للنسائي. وهو عند مسلم (8 / 102) وأبي داود (4468) والترمذي (2 / 188 - 189) وكذا أحمد (1 / 445 / 449) من طرق عن سماك به، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وزادوا في آخره: " فقال رجل من القوم: يا نبي الله هذا له خاصة ؟ قال: بل للناس كافة ". وقد رواه أبو عثمان النهدي عن ابن مسعود به مختصرا. أخرجه البخاري (3 / 261) ومسلم وابن ماجه (1398، 4254)
[ 24 ]
وأحمد (1 / 386، 430) عن سليمان التيمي عن أبي عثمان به. وفي آخره: " فقال الرجل: ألي هذه يارسول الله ؟ قال: لمن عمل بها من أمتى ". وسيذكره المصنف بلفظ آخر معزوا للمتفق عليه، وسنبين ما فيه هناك. 2354 - (وعن أبي هريرة في حديث الاسلمي " فأقبل عليه في الخامسة قال: أنكتها ؟ قال: نعم. قال: كما يغيب المرود في المكحلة، والرشاء في البئر ؟ قال: نعم. وفي آخره: فأمر به فرجم " رواه أبو داود والدار قطني). ضعيف. أخرجه أبو داود (4428) والدار قطني (371) وابن الجارود أيضا (814) وابن حبان (1513) والبيهقي (8 / 227) من طريق أبى الزبير أن عبد الرحمن بن الصامت ابن عم أبي هريرة أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول: " جاء الاسلمي نبي الله (صلى الله عليه وسلم)، فشهد على نفسه أنه أصاب امرأة حراما أربع مرات، كل ذلك يعرض عنه النبي (صلى الله عليه وسلم)، فأقبل في الخامسة فقال: أنكتها ؟ قال: نعم، قال: حتى غاب ذلك منك في ذلك منها ؟ قال: نعم، قال: كما يغيب المرود في المكحلة والرشاء في البئر ؟ قال: نعم، قال: فهل تدري ما الزنا ؟ قال: نعم أتيت منها حراما، ما يأتي الرجل من امرأته حلالا. قال: فما تريد بهذا القول ؟ قال: أريد أن تطهرني، وأمر به فرجم، فسمع النبي (صلى الله عليه وسلم) رجلين من أصحابه يقول أحدهما لصاحبه: انظر إلى هذا الذي ستر الله عليه فلم تدعه نفسه حتى رجم رجم الكلب ! فسكت عنهما، ثم سار ساعة حتى مر بجيفة حمار شائل برجله، فقال: أين فلان وفلان ؟ فقالا: نحن ذان يارسول الله، قال: انزلا فكلا من جيفة هذا الحمار ! فقالا: يا نبى الله من يأكل من هذا ؟ قال: فما نلتما من عرض أخيكما آنفا أشد من أكل منه، والذي نفسي بيده إنه الآن لفى أنهار الجنة. ينغمس فيها ". قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير عبد الرحمن بن الصامت وهو مجهول، وإن ذكره ابن حبان في " الثقات ".
[ 25 ]
2355 - (حديث عائشة مرفوعا " ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله فإن الامام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة " رواه الترمذي). ضعيف. أخرجه الترمذي (1 / 267) والدار قطني (323) والحاكم (4 / 384) والبيهقي (8 / 238) من طريقين عن يزيد بن زياد الدمشقي عن الزهري عن عروة عنها به. وقال الترمذي: " لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث يزيد بن زياد الدمشقي، ورواه عن يزيد ابن زياد نحوه، ولم يرفعه، ورواية وكيع أصح ". ثم أخرجه هو وابن أبى شيبة (11 / 71 / 1) عن وكيع به. قلت: هو ضعيف مرفوعا وموقوفا، فإن مداره على يزيد بن زياد الدمشقي وهو متروك كما في " التقريب ". ولذلك لما قال الحاكم عقبه. " صحيح الاسناد " ! رده الذهبي بقوله: " قلت: قال النسائي: يزيد بن زياد شامي متروك ". وقال البيهقى: " ورواه رشدين بن سعد عن عقيل عن الزهري مرفوعا. ورشدين ضعيف ". ثم أخرجه من طريق مختار التمار عن أبي مطر عن علي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: " ادرؤوا الحدود بالشبهات ". وقال: " في هذا الاسناد ضعف ". قلت: علته مختار التمار وهو ضعيف كما في " التقريب "، وهو المختار بن نافع. قال البخاري: منكر الحديث. ثم رواه عنه بإسناد آخر له عن علي به وزاد:
[ 26 ]
" ولا ينبغي للامام أن يعطل الحدود ". وفي الباب عن أبي هريرة ويأتي في الكتاب بعده. وقد صح موقوفا على ابن مسعود بلفظ: " ادرؤوا الجلد والقتل عن المسلمين ما استطعتم ". أخرجه ابن أبي شيبة (11 / 70 / 2) والبيهقي وقال: " هذا موصول ". قلت: وهو حسن الاسناد. وللحديث شاهد مرسل بسند ضعيف وقد مضى تخريجه برقم (2212). 2356 - (عن أبى هريرة مرفوعا " ادفعوا الحدود ما وجدتم لها مدفعا " رواه ابن ماجه). ضعيف. أخرجه ابن ماجه (2545) من طريق إبراهيم بن الفضل عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة به. ومن هذا الوجه رواه أبو يعلى في (مسنده " كما في " الزيلعى " (4 / 309) وقال البوصيري في " الزوائد " (ق 158 / 1): " هذا إسناد ضعيف، إبراهيم بن الفضل المخزومي ضعفه أحمد وابن معين والبخاري والنسائي والازدي والدار قطني ". 2357 - (حديث " أن ماعز بن مالك اعترف عند النبي (صلى الله عليه وسلم) الاولى والثانية والثالثة فرده فقيل له: إنك إن اعترفت الرابعة رجمك فاعترف الرابعة فحبسه، ثم سأل عنه فقالوا: لا نعلم إلا خيرا فأمر به فرجم ". روي من طرق عن ابن عباس وجابر وبريدة وأبي بكر الصديق). ضعيف بهذا السياق. أخرجه الطحاوي (2 / 81) وابن أبى شيبة (8 / 81 / 2) وأحمد (1 / 8) واللفظ له عن طريق إسرائيل عن جابر عن عامر
[ 27 ]
عن عبد الرحمن بن أبزى عن أبى بكر قال: " كنت عند النبي (صلى الله عليه وسلم) جالسا، فجاء ماعز بن مالك، فاعترف عنده مرة، فرده، ثم جاء فاعترف عنده الثانية فرده، ثم جاء فاعترف الثالثة فرده، فقلت له: إنك إن اعترفت... ". وقال الهيثمى في " المجمع " (6 / 266): " رواه أحمد وأبو يعلى والبزار... والطبراني في الاوسط... وفي أسانيدهم كلها جابر بن يزيد الجعفي وهو ضعيف ". وأما الطرق التي أشار إليها المصنف عن ابن عباس وجابر وبريدة، فقد سبق تخريجها تحت الحديث (2322) وليس في شئ منها قول أبي بكر (إنك إن اعترفت... ". 2358 - (حديث " أن الغامدية أقرت عنده بذلك في مجالس " رواه مسلم). صحيح. وتقدم لفظ حديثها تحت الحديث (2322). 2359 - (قول بريدة (" كنا أصحاب محمد (صلى الله عليه وسلم) نتحدث أن الغامدية وماعزا لو رجعا بعد اعترافهما أو قال: لو لم يرجعا بعد اعترافهما لم يطلبهما، وإنما رجمهما بعد الرابعة " رواه أبو داود). ضعيف. أخرجه أبو داود (4434) من طريق أبي أحمد (وهو الزبيري) ثنا بشير بن المهاجر: حدثنى عبد الله بن بريدة عن أبيه به. قلت: وهذا على شرط مسلم وأصله عنده مطولا (5 / 120) من طريق أخرى عن بشير بن المهاجر، وقد مضى لفظه برقم (2322)، وليس فيه هذا الذي رواه أبو أحمد (1) عن بشير، وكذلك رواه سليمان بن بريدة عن أبيه. وقد سقت لفظه تحت الحديث (2322) رقم (6). (1) وقد تابعه أبو نعيم عن بشير به. أخرجه الطحاوي 2 / 82. (*)
[ 28 ]
وبشير بن المهاجر وإن أخرج له مسلم فهو لين الحديث كما في " التقريب "، فلا يحتج به لا سيما عند التفرد كما هنا. والله أعلم. 2360 - (في حديث أبي هريرة " فذكروا ذلك لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) أي أن ماعزا فر حين وجد مس الحجارة ومس الموت، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هلا " تركتموه ؟ " رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وحسنه). صحيح. وقد مضى تخريجه تحت الحديث (2322) رقم (1). 2361 - (أثر " أن عمر رضى الله عنه لما شهد عنده أبو بكرة، ونافع وشبل بن معبد، على المغيرة بن شعبة بالزنى حدهم حد القذف، لما تخلف الرابع زياد فلم يشهد ". صحيح. أخرجه الطحاوي (2 / 286 - 287) من طريق السري بن يحيى قال: ثنا عبد الكريم بن رشيد عن أبى عثمان النهدي قال: " جاء رجل إلى عمر بن الخطاب، رضى الله عنه فشهد على المغيرة بن شعبة فتغير لون عمر، ثم جاء آخر. فشهد فتغير لون عمر، ثم جاء آخر فشهد، فتغير لون عمر، حتى عرفنا ذلك فيه، وأنكر لذلك، وجاء آخر يحرك بيديه، فقال: ما عندك يا سلخ العقاب، وصاح أبو عثمان صيحة تشبهها صيحة عمر، حتى كربت أن يغشى على، قال: رأيت أمرا قبيحا، قال الحمد لله الذي لم يشمت الشيطان بأمة محمد (صلى الله عليه وسلم)، فأمر بأولئك النفر فجلدوا ". قلت: وإسناده صحيح، ورجاله ثقات غير ابن رشيد وهو صدوق. وقد توبع، فقال ابن أبى شيبة (11 / 85 / 1): نا ابن علية عن التيمى عن أبى عثمان قال: " لما شهد أبو بكرة وصاحباه على المغيرة جاء زياد، فقال له عمر: رجل لن يشهد إن شاء الله إلا بحق، قال: رأيت انبهارا، ومجلسا سيئا، فقال
[ 29 ]
عمر: هل رأيت المرود دخل المكحلة ؟ قال: لا، قال: فأمر بهم فجلدوا ". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وله طرق أخرى، منها عن قسامة بن زهير قال: " لما كان من شأن أبي بكرة والمغيرة الذي كان - وذكر الحديث - قال: فدعا الشهود، فشهد أبو بكرة، وشبل بن معبد، وأبو عبد الله نافع، فقال عمر حين شهد هؤلاء الثلاثة: شق على عمر شأنه، فلما قدم زياد قال: إن تشهد إن شاء الله إلا بحق، قال زياد: أما الزنا فلا أشهد به، ولكن قد رأيت أمرا قبيحا، قال عمر: الله أكبر، حدوهم، فجلدوهم، قال: فقال أبو بكرة بعدما ضربه: أشهد أنه زان، فهم عمر رضى الله عنه أن يعيد عليه الجلد، فنهاه على رضى الله عنه وقال: إن جلدته فارجم صاحبك، فتركه ولم يجلده ". أخرجه ابن أبي شيبة وعنه البيهقى (8 / 334 - 335). قلت: وإسناده صحيح. ثم أخرج من طريق عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبى بكرة، فذكر قصة المغيرة قال: " فقدمنا على عمر رضى الله عنه، فشهد أبو بكرة ونافع، وشبل بن معبد، فلما دعا زيادا قال: رأيت منكرا، فكبر عمر رضى الله عنه ودعا بأبي بكرة، وصاحبيه، فضربهم، قال: فقال أبو بكرة يعنى بعدما حده: والله إني لصادق، وهو فعل ما شهد به، فهم بضربه، فقال على: لئن ضربت هذا فارجم هذا ". وإسناده صحيح أيضا. وعيينة بن عبد الرحمن هو ابن جوشن الغطفاني وهو ثقة كأبيه. ثم ذكره معلقا عن علي بن زيد عن عبد الرحمن بن أبى بكرة أن أبا بكرة و... فذكره نحوه وفي آخره: " فقال على: إن كانت شهادة أبى بكرة شهادة رجلين فارجم صاحبك وإلا
[ 30 ]
فقد جلدتموه. يعني لا يجلد ثانيا بإعادته القذف ". وله طريق أخرى عن عبد العزيز بن أبي بكرة فذكر القصة نجو ما تقدم وفيها زيادات غريبة. أخرجه الحاكم (3 / 448 - 449) وسكت عليه هو والذهبي. قلت: وفي إسناده محمد بن نافع الكرابيسى البصري قال ابن أبي حاتم:. " ضعيف ". 2362 - (أثر " إن عمر رضى الله عنه أتي بامرأة ليس لها زوج قد حملت فسألها عمر فقالت: إنى امرأة ثقيلة الرأس وقع علي رجل وأنا نائمة فما استيقظت حتى فرغ فدرأ عنها الحد " رواه سعيد). صحيح. أخرجه البيهقي (8 / 235) من طريق سعيد بن منصور ثنا عبد الرحمن بن زياد ثنا شعبة عن عاصم بن كليب عن أبيه عن أبي موسى قال: " أتي عمر بن الخطاب بامرأة من أهل اليمن، قالوا: بغت ! قالت: إني كنت نائمة، فلم أستيقظ إلا برجل رمي في مثل الشهاب، فقال عمر رضى الله عنه: يمانية نؤومة شابة، فخلى عنها ومتعها " وأخرجه ابن أبى شيبة (11 / 71 / 1) عن ابن إدريس عن عاصم بن كليب به نحوه. قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات وله طريق أخرى، يرويه النزال بن سبرة قال: " إنا لبمكة إذ نحن بامرأة اجتمع عليها الناس حتى كاد أن يقتلوها وهم يقولون: زنت زنت، فأتى بها عمر بن الخطاب رضى الله عنه وهى حبلى، وجاء معها قومها، فأثنوا عليها بخير، فقال عمر: أخبريني عن أمرك، قالت: يا أمير المؤمنين كنت امرأة أصيب من هذا الليل، فصليت ذات ليلة، ثم نمت وقمت ورجل بين رجلى، فقذف في مثل الشهاب، ثم ذهب، فقال عمر رضى
[ 31 ]
الله عنه: لو قتل هذه من بين الجبلين أو قال: الاخشبين - شك أبو خالد - لعذبهم الله، فخلى سبيلها، وكتب إلى الافاق أن لا تقتلوا أحدا إلا بإذني ". أخرجه ابن أبي شيبة والبيهقي. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري. 2363 - (وعن علي وابن عباس " إذا كان في الحد لعل وعسى فهو معطل "). 2364 - (قول [ عمر ] " أو كان الحبل أو الاعتراف "). صحيح. أخرجه مالك (2 / 823 / 8) وعنه البيهقى (8 / 212) عن ابن شهاب عن عبيدالله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس أنه قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: " الرجم في كتاب الله حق على من زنى من الرجال والنساء، إذا أحصن إذا قامت البينة، أو كان الحبل، أو الاعتراف ". وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه في أثناء خطبة لعمر تقدم ذكرها في الكتاب برقم (2338).
[ 32 ]
باب حد القذف 2365 - (قوله (صلى الله عليه وسلم): " اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: وما هن يا رسول الله ؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات " متفق عليه) صحيح. أخرجه البخاري (2 / 193 و 4 / 67 و 313) ومسلم (1 / 64) وكذا أبو عوانة في " صحيحه " (1 / 54 - 55) وأبو داود (2874) والبيهقي (8 / 249) من طريق سليمان بن بلال عن ثور بن زيد عن أبى الغيث عن أبي هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: فذكره. فصل 2366 - (روي عنه (صلى الله عليه وسلم) " أنه قال: " أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم كان إذا أصبح يقول: تصدقت بعرضي " رواه ابن السنى). ضعيف أخرجه أبن السنى في " عمل اليوم والليلة " (62) من طريق مهلب بن العلاء حدثنا شعيب بن بيان (1) حدثنا عمران القطان عن قتادة عن أنس رضى الله عنه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: فذكره إلا أنه قال: (1) الاصل: سعيد بن سنان، وأشار في التعليق عليه: أن في نسخة شعيب مكان سعيد، والتصويب من " الاصابة " وكتب الرجال. (*)
[ 33 ]
" قالوا: من أبو ضمضم يا رسول الله ؟ قال: كان إذا أصبح قال: اللهم إني قد وهبت نفسي وعرضي لك، فلا يشتم من شتمه، ولا يظلم من ظلمه، ولا يضرب من ضربه ". قلت: وهذا إسناد ضعيف، شعيب هذا قال العقيلى في " الضعفاء " (180): " يحدث عن الثقات بالمناكير، وكاد أن يغلب على حديثه الوهم ". وقال الجوزجابي: " له مناكير ". وأورده الذهبي في " الضعفاء " بقول الجوزجاني هذا، وأما في " الميزان " فقال: " صدوق... " ثم ذكر القول المذكور مع قول العقيلى !. وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق يخطئ ". ومهلب بن العلاء لم أجد له ترجمة. والمحفوظ عن قتادة ما رواه معمر عنه قال: فذكره موقوفا عليه مختصرا بلفظ: "... مثل أبى ضمضم أوضمضم - شك ابن عبيد - كان إذا أصبح قال. اللهم إني تصدقت بعرضي على عبادك ". أخرجه أبو داود (4886). وإسناده صحيح إلى قتادة. وله طريق أخرى عن أنس، أخرجه العقيلى في " الضعفاء " (386) من طريق محمد بن عبد الله العمى حدثنا ثابت عن أنس به مرفوعا نحو حديث القطان إلا أنه قال: "... رجل فيمن كان قبلنا إذا أصبح يقول اللهم إني أتصدق اليوم بعرضي على من ظلمني ".
[ 34 ]
ذكره في ترجمة العمى هذا وقال. " لا يقيم الحديث ". وقال الدارقطني: " يخطئ كثيرا ". قلت: والمحفوظ عن ثابت ما روى حماد عنه عن عبد الرحمن بن عجلان عن النبي (صلى الله عليه وسلم) نحوه. أخرجه أبو داود (4887) والعقيلي وقال: " هذا أولى من حديث العمى ". وقال أبو داود: " هو أصح ". قلت: ورجاله ثقات، غير أن عبد الرحمن بن عجلان تابعي مجهول الحال، فهو مرسل ضعيف. 2367 - (حديث " أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم، ليست من الله في شئ، ولن يدخلها الله جنته، وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه وفضحه على رؤوس الاولين والآخرين " رواه أبو داود). ضعيف. أخرجه أبو داود (2263) والنسائي (2 / 107) والدارمي (2 / 153) وابن حبان (1235) والحاكم (2 / 202 - 203) والبيهقي (7 / 403) من طريق عبد الله بن يونس عن سعيد المقبري عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله (صلى الله عليه وسلم).. قلت: وهذا إسناد ضعيف علته عبد الله بن يونس قال الذهبي: " ما روى عنه سوى يزيد بن الهاد ". وقال الحافظ ابن حجر: " مجهول الحال، مقبول ". قلت: (يعنى أنه مقبول عند المتابعة، وقد توبع، رواه موسى بن عبيدة
[ 35 ]
حدثني يحيى بن حرب عن سعيد المقبرى به. أخرجه ابن ماجه (2742). قلت: ولكن هذه المتابعة مع ضععفها لم تثبت، قال البوصيري في " الزوائد " (ق 170 / 1): " هذا إسناد ضعيف، يحيى بن حرب مجهول، قاله الذهبي في " الكاشف "، وموسى بن عبيدة الربذي ضعفوه ". والحديث قال الحافظ في " التلخيص " (3 / 226): " صححه الدارقطني في " العلل " مع اعترافه بتفرد عبد الله بن يونس عن سعيد المقبري وأنه لايعرف إلا بهذا الحديث ! وفى الباب عن ابن عمر في " مسند البزار " وفيه إبراهيم بن سعيد الخوزي وهو ضعيف ". قلت: وأغرب من ذلك تصحيح الحاكم، فإنه قال: " صحيح على شرط مسلم " فإن ابن يونس هذا لم يخرجه مسلم، وأغرب منه موافقة الذهبي إياه !. فصل 2368 - (حديث الاشعث بن قيس مرفوعا: " لا أوتى برجل يقول: إن كنانة ليست من قريش إلا جلدته "). موقوف. أخرجه ابن ماجه (2612) وأحمد (5 / 211) من طريق حماد بن سلمة عن عقيل بن طلحة السلمى عن مسلم بن هيضم عن الاشعث بن قيس قال: " أتيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في وفد كندة، ولا يروني إلا أفضلهم، فقلت: يا رسول الله ألستم منا ؟ فقال: نحن بنو النضر بن كنانة، لا نقفو، أمنا، ولا ننتفى من أبينا. قال: فكان الاشعث بن قيس يقول: لا أوتى برجل نفى رجلا من قريش من النضر بن كنانة إلا جلدته الحد ".
[ 36 ]
لفظ ابن ماجه وقال أحمد: "... نفى قريشا من النضر... ". قلت: وهذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى، رجاله ثقات رجال مسلم غير عقيل بن طلحة السلمى، وهو ثقة كما في " التقريب ". ومسلم بن هيضم لم يوثقه غير ابن حبان لكن روى عنه ثلاثة من الثقات، ثم هو تابعي، فهو حسن الحديث إن شاء الله تعالى. وقال البوصيري في " الزوائد " (162 / 1): " هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات ". كذا في نسختنا منها، وزاد أبو الحسن السندي فيما نقله عنه في حاشيته على ابن ماجه: "... لان عقيل بن طلحة وثقه ابن معين والنسائي، وذكره ابن حبان في الثقات، وباقي رجال الاسناد على شرط مسلم ". قلت: ومن سياق الحديث يتبين ان القدر الذي أورده المصنف إنما هو موقوف، وليس بمرفوع. والله أعلم. 2369 - (وروي عن ابن مسعود أنه قال: " لاحد إلا في اثنتين: قذف محصنة، أو نفي رجل عن أبيه "). ضعيف. أخرجه البيهقى (8 / 252) عن سفيان عن المسعودي عن القاسم بن عبد الرحمن قال: قال عبد الله بن مسعود: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه بين القاسم بن عبد الرحمن وجده عبد الله بن مسعود. 2370 - (حديث " العينان تزنيان وزناهما النظر، واليدان تزنيان وزناهما البطش، والرجلان تزنيان وزناهما المشى، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه ").
[ 37 ]
صحيح. وهو من حديث أبى هريرة رضي الله عنه، وله عنه طرق: الاولى: عن ابن عباس قال: ما رأيت شيئا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة ان النبي (صلى الله عليه وسلم). قال: " إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنى أدرك ذلك لا محالة، فزنى العينين النظر، وزنى اللسان النطق، والنفس تمنى وتشتهى، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه ". أخرجه البخاري (4 / 170 و 255) ومسلم (8 / 52) وكذا أبو داود (2152) وأحمد (2 / 276). الثانية: عن سهيل بن أبى صالح عن أبيه عنه مرفوعا بلفظ: " كتب على ابن آدم نصيبه من الزنى مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر.. " الحديث نحوه. أخرجه مسلم وأبو داود (2153) وأحمد (2 / 372 و 536) وزاد في آخره في رواية: " وحلق عشرة، ثم أدخل أصبعه السبابة فيها يشهد على ذلك أبو هريرة لحمه ودمه ". وإسناده صحيح على شرط مسلم. وتابعه القعقاع بن حكيم عن أبي صالح به نحوه، دون الزيادة. أخرجه أبو داود (2154) وأحمد (2 / 379). الثالثة: عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:... فذكر أحاديث كثيرة هذا أحدها. أخرجه أحمد (2 / 317). وإسناده صحيح على شرط الشيخين. الرابعة: عن أبي رافع عنه به مختصرا.
[ 38 ]
أخرجه أحمد (2 / 344 و 528 و 535). وإسناده صحيح على شرط مسلم. الخامسة: عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عنه به. أخرجه أحمد (2 / 411). قلت: وإسناده صحيح لغيره. السادسة. عن أبي سلمة عنه مختصرا جدا. أخرجه أحمد (2 / 431). وإسناده حسن. السابعة.. عن الحسن عنه. أخرجه أحمد (2 / 329) عن المبارك عنه. وفي سنده ضعيف. وللحديث شاهدان مختصران: الاول: عن ابن مسعود عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: " العينان تزنيا ن، واليدان تزنيان، والرجلان تزنيان، والفرج يزنى ". أخرجه أحمد (1 / 412) وأبو نعيم (2 / 98) عن عاصم بن بهدلة عن ابن مسعود. قلت: وهذا إسناد جيد. والآخر: عن أبى موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كل عين زانية ". أخرجه الترمذي (2 / 129) وأحمد (4 / 418) من طريق ثابت بن عمارة الحنفي عن غنيم بن قيس عنه به. وزاد الترمذي.
[ 39 ]
" والمرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهى كذا وكذا، يعنى زانية ". وهذه الزيادة عند أحمد مفصولة عن المزيد عليها، وكذلك هي عند النسائي (2 / 283) ووهم المناوي فإن السيوطي أورد الحديث بتمامه من رواية أحمد والترمذي فقال المناوي متعقبا عليه: " وظاهر صنيع المصنف تفرد الترمذي من بين الستة، وهو ذهول فقد رواه أيضا النسائي في " الزينة " باللفظ المذكور " ! كذا قال: وليس عند النسائي " كل عين زانية " كما ذكرنا. 2371 - (روى سالم عن أبيه أن رجلا قال: " ما أنا بزان ولا أمي بزانية، فجلده عمر الحد "). صحيح. أخرجه مالك (2 / 829 / 19) عن أبى الرجال محمد بن عبد الرحمن بن حارثة بن النعمان الانصاري عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن: " أن رجلين استبا في زمان عمر بن الخطاب، فقال أحدهما للآخر: والله ما أبى بزان، ولا أمي بزانية، فاستشار في ذلك عمر بن الخطاب، فقال قائل: مدح أباه وأمه، وقال آخرون: قد كان لابيه وأمه مدح غير هذا، نرى أن تجلده الحد، فجلده عمر الحد ثمانين ". وأخرجه الدارقطني (376) من طريق يحيى بن سعيد عن أبي الرجال به. قلت: وهذا إسناد صحيح. 2372 - (روى الاثرم أن عثمان جلد رجلا قال لآخر: " يا ابن شامة الوذر: يعرض بزنى أمه "). ضعيف. أخرجه الدارقطني (376) من طريق خالد بن أيوب عن معاوية بن قرة أن رجلا قال لرجل يا ابن شامة الوذر، فاستعدى عليه عثمان بن عفان، فقال: إنما عنيت به كذا وكذا، فأمر به عثمان بن عفان فجلد الحد ".
[ 40 ]
قلت: وهذا إسناد واه خالد هذا هو بصري قال ابن معين لا شئ، يعني ليس بثقة. وقال أبو حاتم: هو مجهول منكر الحديث. باب حد المسكر 2373 - (عن ابن عمر مرفوعا " كل مسكر خمر وكل خمر حرام " رواه مسلم). صحيح. وله عن ابن عمر طرق. الاولى: عن نافع عنه به. أخرجه مسلم (6 / 100 و 101) وكذا أبو داود (3679) والنسائي (2 / 325) والترمذي (1 / 341) والطحاوي (2 / 325) وابن الجارود (857) والدار قطني (530) والبيهقي (8 / 293) وأحمد (2 / 29 و 134 و 137) وفي " كتاب الاشربة " (ق 7 / 1 و 11 / 2 و 23 / 1) وابن أبى الدنيا في " ذم المسكر " (ق 5 / 2) عن طرق من نافع به، واللفظ لمسلم وغيره، وفي رواية له: "... وكل مسكر حرام ". وقال النسائي: " قال أحمد: وهذا حديث صحيح ". وهو لفظ أبي داود والترمذي وزادوا: " ومن شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها لم يتب، لم يشربها في الآخرة ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ".
[ 41 ]
الثانية: عن أبى سلمة عنه باللفظ الثاني. أخرجه النسائي وابن ماجه (3390) وابن الجارود (859) الطحاوي والدار قطني وأحمد (2 / 16 و 21) وفي " الاشربة " (ق 5 / 1 وابن أبي الدنيا (5 / 2) من طريق محمد بن عمرو به. قلت: وإسناده جيد. الثالثة: عن أبي حازم عنه بلفظ: " كل مسكر حرام، وما أسكر كثيره فقليله حرام ". أخرجه ابن ماجه (3392) من طريق زكريا بن منظور عنه. وزكريا هذا ضعيف. الرابعة: عن سالم بن عبد الله عن أبيه بلفظ الذي قبله أخرجه أحمد (2 / 91) وفي " الاشربة " (11 / 1 - 2) والبيهقي (8 / 296) من طريق أبى معشر عن موسى بن عقبة عنه. وتابعه يحيى بن الحارث الذماري سمعت سالم بن عبد الله به دون قوله " وما أسكر... ". أخرجه ابن ماجه (3387). وللحديث شاهد من حديث عائشة رضى الله عنها قالت: " سئل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن البشع ؟ فقال: كل شراب أسكر فهو حرام ". أخرجه البخاري (4 / 28) ومسلم (6 / 99) وأبو داود (3682) والنسائي (2 / 326) والترمذي (1 / 342) وابن ماجه (3386) والطحاوي والدار قطني والبيهقي وأحمد (6 / 36 و 96 و 190 و 225 - 226) وابن أبي الدنيا (6 / 1). وله عنها طريق أخرى تأتي برقم (2376). 2374 - (قال عمر: " نزل تحريم الخمر وهي من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير. والخمرة ما خامر العقل " متفق عليه). صحيح. أخرجه البخاري (3 / 236 و 4 / 29 و 30) ومسلم
[ 42 ]
(8 / 245) وكذا أبو داود (3669) والنسائي (2 / 325) والترمذي (1 / 343) والطحاوي (2 / 323) وابن الجارود (852) والدار قطني (532) والبيهقي (8 / 288 - 289) وأحمد في " الاشربة " (ق 22 / 1) وابن أبي الدنيا في " ذم المسكر " (7 / 2) من طريق ابن عمر عن عمر قال: " نزل تحريم الخمر يوم نزل، وهى من خمسة أشياء: من العنب والتمر والعسل والحنطة، والشعير، والخمر ما خامر العقل ". 2375 - (عن ابن عمر مرفوعا " ما أسكر كثيره فقليله حرام " رواه أحمد وابن ماجه والدار قطني). صحيح. وله عنه طرق وشواهد كثيرة: الطريق الاولى: عن سالم بن عبد الله عن أبيه مرفوعا به. أخرجه أحمد في كتابيه والبيهقي عن أبى معشر عن موسى بن عقبة عنه (1). وتقدم قبل حديث. الثانية: عن نافع عنه. أخرجه البيهقى (8 / 296) من طريق أبي معشر أيضا عن نافع به. وأبو معشر ضعيف، لكن تابعه زيد بن أسلم عن نافع به. أخرجه ابن أبى الدنيا في " ذم المسكر " (5 / 2) من طريق محمد بن القاسم الاسدي قال: حدثنى مطيع أبويحيى الانصاري الاعور عن أبى الزناد عن زيد بن أسلم. قلت: وابن القاسم هذا قال الحافظ: (1) ومن هذا الوجه رواه إسحاق بن راهويه في " مسنده " كما في " نصب الراية " (4 / 304) وذكر أن الطبراني أخرجه في " معجمه " يعني الكبير: حدثنا على بن سعيد الرازي، ثنا أبو مصعب ثنا المغيرة ابن عبد الرحمن عن موسى بن عقبة به، ثم رأيته فيه (3 / 201 / 1). (*)
[ 43 ]
" كذبوه ". (1). الثالثة: عن أبى حازم عن عبد الله بن عمر به. أخرجه ابن ماجه (3392) عن زكريا بن منظور عن أبى حازم عن عبد الله به. وإسناده ضعيف كما تقدم قبل حديث. وأما الشواهد. الاول: عن جابر بن عبد الله مرفوعا به. أخرجه أبو داود (3681) والترمذي (1 / 342) وابن ماجه (3393) والطحاوي (2 / 325 - 326) وابن الجارود (860) والبيهقي في " شعب الايمان " (1 / 147 / 2) وأحمد (3 / 343) وفي " الاشربة " (18 / 1) وابن أبى الدنيا في " ذم المسكر " (6 / 1) من طرق عن داود بن بكر بن أبي الفرات عن ابن المنكدر. وقال الترمذي: " حديث حسن غريب من حديث جابر ". قلت: وإسناده حسن، فإن رجاله ثقات رجال الشيخين غير داود هذا وهو صدوق كما في " التقريب "، ووقع في " زوائد ابن حبان " مكانه " موسى بن عقبة " وهو ثقة من رجال الستة، ولكني أظنه خطأ من الناسح أو الطابع أو الراوي (2). الثاني: عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا به. (1) لكن رواه الطبراني في " الاوسط " من طريق مالك عن نافع، ومن طريق ابن إسحاق عن نافع به كما في " نصب الراية ". (2) ويترجح الاخير أن الزيلعي نقله في " نصب الراية " (4 / 302) عن صحيح عن ابن حبان كما نقلته من " الزوائد " والله أعلم، فيمكن أن يقال: إنها متابعة قوية لداود بن بكر بن موسى بن عقبة، ويرجح هذا أن لفظه مخالف للفظ داود، فإنه " قليل ما أسكر كثيره حرام ". (* *
[ 44 ]
أخرجه النسائي (2 / 327) وابن ماجه (3394) والطحاوي (2 / 325) والدار قطني (533) والبيهقي (8 / 296) وأحمد (2 / 167 و 179) من طرق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. قلت: وهذا إسناد حسن. الثالث: عن سعد بن أبي وقاص عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: " أنهاكم عن قليل ما أسكر كثيره ". أخرجه النسائي والدارمى (2 / 113) وابن الجارود (862) وابن حبان (1386) والبيهقي من طريق الضحاك بن عثمان عن بكير بن عبد الله بن الاشج عن عامر بن سعد عن أبيه. قلت: وهذا إسناد جيد على شرط مسلم. وقال النسائي عقبه: " وفي هذا دليل على تحريم السكر قليله وكثيره، وليس كما يقول المخادعون لانفسهم بتحريمهم آخر الشربة، وتحليلهم ما تقدمها الذي يشرب في الفرق قبلها، ولا خلاف بين أهل العلم أن السكر بكليته لا يحدث على الشربة الآخرة، دون الاولى والثانية بعدها ". ونقله الزيلعى الحنفي في " نصب الراية " (4 / 327) ملخصا، وأقره، ونقل عن المنذري أنه قال في " مختصره ": " أجود أحاديث هذا الباب حديث سعد ". (تنبيه) قد رأيت أن المصنف عزا حديث ابن عمر هذا للدارقطني أيضا، ولم أره عنده من حديثه، وإنما من حديث ابن عمرو وغيره كما سبق. 2376 - (عن عائشة مرفوعا " ما أسكر الفرق منه فملء الكف منه حرام "). رواه أبو داود. صحيح. أخرجه أبو داود (3687) وكذا الترمذي (1 / 342) والطحاوي (2 / 324) وابن الجارود (861) وابن حبان (1388)
[ 45 ]
والدار قطني (533) والبيهقي (8 / 296) وأحمد (6 / 71 و 131) وفي " الاشربة " (5 / 1 و 9 / 1 و 13 / 1 - 2) وابن عرفة في " جزئه " (102 / 2) وابن أبي الدنيا في " ذم المسكر " (6 / 1) من طرق عن أبي عثمان الانصاري عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " كل مسكر حرام، ما أسكر... ". وقال الترمذي: " حديث حسن ". قلت: ورجاله ثقات معروفون غير أبي عثمان هذا واسمه عمرو، ويقال عمر ابن سالم وقد وثقه أبو داود وابن حبان وروى عنه جماعة فالسند عندي صحيح. ويشهد له حديث ابن عمر قبله. 2377 - (حديث: " أن عمر استشار الناس في حد الخمر فقال عبد الرحمن: اجعله كأخف الحدود، ثمانين، فضرب عمر ثمانين، وكتب به إلى خالد وأبي عبيدة بالشام ". رواه أحمد ومسلم). صحيح. أخرجه أحمد (3 / 115 و 176 و 180 و 272 - 273) ومسلم (5 / 125) وكذا أبو داود (4479) والترمذي (1 / 272) والدارمي (2 / 175) والطحاوي (2 / 90) وابن الجارود (829) والبيهقي (8 / 319) من طرق عن قتادة عن أنس وعند مسلم وغيره في رواية: سمعت أنسا يقول: فذكره ولفظه: " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أتى برجل قد شرب الخمر، فجلده بجريدتين نحو أربعين، قال: وفعله أبو بكر، فلما كان عمر استشار الناس، فقال عبد الرحمن: أخف الحدود ثمانون، فأمر به عمر ". والسياق لمسلم، وليس عندهم جميعا " وكتب به... ". وفي رواية لاحمد (3 / 247) من طريقين عن همام: ثنا قتادة عن أنس.
[ 46 ]
" أن رجلا رفع إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) قد سكر، فأمر قريبا من عشرين رجلا، فجلده كل رجل جلدتين بالجريد والنعال ". قلت: وإسناده صحيح على شرط مسلم. والحديث أخرجه البخاري (4 / 292 - 293) مختصرا دون قصة الاستشارة. 2378 - (عن علي أنه قال في المشورة: " إذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، فحدوه حد المفتري "). رواه الجوزجانى والدار قطني. ضعيف. أخرجه الدارقطني (354) وكذا الطحاوي (2 / 88) والحاكم (4 / 375) والبيهقي (8 / 320) من طريق أسامة بن زيد عن الزهري: أخبرني حميد بن عبد الرحمن عن وبرة (وقال بعضهم: ابن وبرة) الكلبي قال: " أرسلني خالد بن الوليد إلى عمر، فأتيته ومعه عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وعلى وطلحة والزبير وهم معه متكئون في المسجد، فقلت: ان خالد بن الوليد أرسلني إليك، وهو يقرأ عليك السلام، ويقول: إن الناس قد انهمكوا في الخمر، وتحاقروا العقوبة فيه، فقال عمر: هؤلاء عندك فسلهم فقال علي: نراه إذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، وعلى المفتري ثمانون، فقال عمر: أبلغ صاحبك ما قال، قال: فجلد خالد ثمانين جلدة، وجلد عمر ثمانين، قال: وكان عمر إذا أتى بالرجل الضعيف الذي كانت منه الزلة ضرب أربعين، قال: وجلد عثمان أيضا ثمانين وأربعين ". وقال الحاكم: " صحيح الاسناد ". ووافقه الذهبي. كذا قالا، وابن وبرة، أو وبرة لم أجد من وثقه، وقد أورده الحافظ في " اللسان " باسم وبرة مشيرا إلى هذه الرواية وقال:
[ 47 ]
" قال ابن حزم في " الانصاف ": مجهول. قلت: ذكر له ترجمة في " تهذيب التهذيب "، لانه وقعت له رواية عند النسائي في (الكبرى) ". قلت: لم أره في " التهذيب "، لا في الاسماء، ولا في الابناء ! نعم لم يتفرد به، فقد أخرجه الحاكم والبيهقي من طريق يحيى بن فليح عن ثور بن زيد عن عكرمة عن ابن عباس به نحوه. ورجاله ثقات غير يحيى هذا، قال الحافظ في " اللسان ": " قال ابن حزم: مجهول. وقال مرة: ليس بالقوي. قلت: حديثه في (الكبرى) للنسائي، وأغفله في (التهذيب) ". ومع ذلك قال الحاكم أيضا: " صحيح الاسناد " ! ووافقه الذهبي ! ومع جهالة يحيى بن فليح، فقد خالفه الامام مالك، فأخرجه في " الموطأ " (2 / 842 / 2) عن ثور بن زيد الديلي أن عمر بن الخطاب استشار في الخمر... نحوه. هكذا رواه مالك عنه معضلا، وهو الصواب، قال الحافظ في " التلخيص " (4 / 75): " ورواه عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن عكرمة لم يذكر ابن عباس. وفي صحته نظر لما ثبت في " الصحيحين " عن أنس (قلت: فذكر الحديث الذي قبله، وفيه أن عبد الرحمن بن عوف هو الذي أشار ليس عليا) ولا يقال: يحتمل أن يكون عبد الرحمن وعلى أشارا بذلك جميعا، لما ثبت في (صحيح مسلم " عن على في جلد الوليد بن عقبة أنه جلده أربعين، وقال: جلد رسول الله أربعين، وأبو بكر أربعين، وعمر ثمانين وكل سنة، وهذا أحب إلي. فلو كان هو المشير بالثمانين ما أضافها إلى عمر ولم يعمل بها (1). لكن يمكن أن يقال: إنه قال لعمر باجتهاده ثم تغير اجتهاده ". (1) كذا الاصل، والصواب " لعمل بها " كما يقتضيه السياق. (*)
[ 48 ]
(تنبيه) عزو الحديث من الحافظ إلى " الصحيحين " بهذا التمام فيه قصة عبد الرحمن سهو قلد فيه غيره، ومن العجيب أنه هو نفسه قد نبه على ذلك في شرحه لهذا لحديث أنس المذكور قبل، فقال في " الفتح " (12 / 55): " وقد نسب صاحب العمدة قصة عبد الرحمن هذه إلى تخريج " الصحيحين "، ولم يخرج البخاري منها شيئا، وبذلك جزم عبد الحق في (الجمع) ثم المنذري ". 2379 - (روي عن ابن شهاب أنه سئل عن حد العبد في الخمر فقال: بلغني أن عليه نصف حد الحر في الخمر وأن عمر وعثمان وعبد الله ابن عمر قد جلدوا عبيدهم نصف الحد في الخمر ". رواه مالك في " الموطأ "). ضعيف. أخرجه مالك (2 / 842 / 3) عن ابن شهاب به. وهو ضعيف الاسناد لان ابن شهاب لم يدرك المذكورين من الصحابة. 2380 - (روى حصين بن المنذر أن عليا جلد الوليد بن عقبة في الخمر أربعين ثم قال: جلد النبي (صلى الله عليه وسلم) أربعين وأبو بكر أربعين وعمر ثمانين وكل سنة وهذا أحب إلي ". رواه مسلم). صحيح. أخرجه مسلم (5 / 126) وكذا أبو داود (4480) والدارمي (2 / 175) - مختصرا - وابن ماجه (2571) والطحا وي (2 / 87 و 88) والبيهقي (8 / 318) وأحمد (1 / 144 - 145) عن حصين بن المنذر قال: " شهدت عثمان بن عفان، وأتى بالوليد قد صلى الصبح ركعتين ثم قال: أزيدكم ؟ فشهد عليه رجلان أحدهما حمران أنه شرب الخمر، وشهد آخر أنه رآه يتقيأ، فقال عثمان: إنه لم يتقيأ حتى شربها، فقال: يا علي قم فاجلده، فقال علي: قم يا حسن فاجلده، فقال الحسن: ول حارها من تولى قارها، فكأنه وجد عليه، فقال: يا عبد الله بن جعفر قم فاجلده، فجلده وعلي يعد حتى بلغ
[ 49 ]
أربعين، فقال: أمسك ثم قال: جلد النبي... (صلى الله عليه وسلم) " الحديث. والسياق لمسلم. 2381 - (عن علي قال: ماكنت لاقيم حدا على أحد فيموت وأجد في نفسي منه شيئا إلا صاحب الخمر فإنه لو مات وديته وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسنه " متفق عليه). صحيح. أ خرجه البخاري (4 / 293) ومسلم (5 / 126) وكذا البيهقي (8 / 321) وأحمد (1 / 125 و 130) من طريق سفيان الثوري عن أبي حصين عن عمير بن سعيد عن على به دون لفظ " شيئا " وكأن المصنف ذكرها من عنده تفسيرا. وتابعه شريك عن أبى حصين به نحوه. أخرجه الطحاوي (2 / 88) وابن ماجه (2569). وتابعه مطرف عن عمير بن سعيد النخعي قال: قال على: " من شرب الخمر فجلدناه فمات، وديناه، لانه شئ صنعناه ". قلت: وإسناده صحيح. 2382 - (حديث (عفي لامتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه "). صحيح. وقد مضى. 2383 - (ثبت عن عمر أنه قال: " لاحد إلا على من علمه "). ضعيف. وتقدم (2314) بيان علته هناك، وتثبيت المصنف إياه مما لا وجه له. 2384 - (حديث " من تشبه بقوم فهو منهم "). صحيح.
[ 50 ]
2385 - (حديث ابن عمر مرفوعا " لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه ". رواه أبو داود). صحيح. وقد مضى تخريجه برقم (1529). 2386 - (حديث: اشربوا العصير ثلاثا ما لم يغل " رواه الشالنجي). لم أقف على إسناده مرفوعا. وأخرج النسائي (2 / 336) من طريق حماد ابن سلمة عن داود عن الشعبي قال: " اشربه ثلاثة أيام إلا أن يغلى ". قلت: وإسناده إلى الشعبى صحيح. 2387 - (عن ابن عمر في العصير: " اشربه ما لم يأخذه شيطان. قيل: وفي كم يأخذه شيطانه ؟ قال: ثلالة " حكاه أحمد وغيره). لم أقف عليه عن ابن عمر، وفي معناه ما أخرجه النسائي (2 / 335) والبيهقي (8 / 301) من طريق هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن عبد الله بن يزيد الخطمى قال: " كتب إلينا عمر بن الخطاب رضى الله عنه: أما بعد فاطبخوا شرابكم حتى يذهب منه نصيب الشيطان، فإن له اثنين، ولكم واحد ". قلت.: وهذا إسناد صحيح، وصححه الحافظ في " الفتح " (10 / 55). 2388 - (عن ابن عباس أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان ينبذ له الزبيب
[ 51 ]
فيشربه اليوم والغد وبعد الغد إلى مساء الثالثة ثم يأمر به فيهراق أو يسقى الخدم " رواه أحمد ومسلم. صحيح. أخرجه أحمد (1 / 232، 240) ومسلم (6 / 102) وكذا أبو داود (3713) والنسائي (2 / 336) والبيهقي (8 / 300) من طريق أبي عمر يحيى البهراني عن ابن عباس به، والسياق لابي داود بالحرف إلا أنه قال: " فيسقى الخدم أو يهراق ". وكذلك هو عند مسلم، لكن بدون لفظ " الخدم "، وهو ثابت عند أحمد. وله عنده (1 / 287) طريق أخرى من رواية حسين بن عبد الله عن عكرمة: " أن رجلا سأل ابن عباس عن نبيذ رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فقال: كان يشرب بالنهار ما صنع بالليل، وبشرب بالليل ما صنع بالنهار ". لكن الحسين هذا - وهو الهاشمي المدني - ضعيف. 2389 - (عن أبي هريرة قال علمت [ أن ] رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يصوم فتحينت فطره بنبيذ صنعته في دباء ثم أتيته فإذا هو ينش فقال: اضرب بهذا الحائط، فإن هذا شراب من لم يؤمن بالله واليوم الاخر ". رواه أبو داود والنسائي. صحيح. أخرجه أبو داود (3716) والنسائي (22 / 327، 334) والبيهقي (8 / 303) وأحمد في " الاشربة " (18 / 2) عن جماعة عن زيد بن واقد عن خالد بن عبد الله بن حسين عن أبي هريرة. وخالفهم يحيى بن حمزة فقال: عن زيد بن واقد قال: حدثني قزعة حدثني أبو هريرة به.
[ 52 ]
أخرجه الدارقطني (531 - 532) من طريقين عن منصور بن أبي مزاحم نا يحيى به. قلت: ويحيى بن حمزة ثقة من رجال الشيخين ومثله زيد بن واقد، فلعل له عن أبي هريرة شيخين: خالد بن عبد الله، وقزعة وهو ابن يحيى أبو الغادية البصري وهو ثقة من رجال الشيخين أيضا، ومنصور بن أبى مزاحم ثقة من رجال مسلم فإسناده صحيح، وإسناد الجماعة حسن لان خالد بن عبد الله وهو الاموي مولاهم الدمشقي وثقه ابن حبان وحده، وقال أبو داود: كان أعقل أهل زمانه. وروى عنه جماعة. وله شاهد من حديث أبي موسى الاشعري نحوه. أخرجه البيهقى من طريق محمد بن أبي موسى أنه سمع القاسم بن مخيمرة يخبر أن أبا موسى الاشعري رضى الله عنه أتى النبي (صلى الله عليه وسلم)... الحديث. ومحمد هذا مجهول كما قال أبو حاتم، وظاهره أنه مرسل. 2390 - (أثر " إن أبا موسى كان يشرب من الطلاء (1) ما ذهب ثلثاه وبقي ثلثه ". رواه النسائي). صحيح. أخرجه النسائي (2 / 335) من طريق قيس بن حازم عن أبي موسى الاشعري به. قلت: وإسناده صحيح. وفي الباب عن جماعة آخرين من الصحابة، فراجع " الفتح " (10 / 55)، وقد علقها البخاري كما يأتي في الكتاب. 2391 - (وله مثله عن عمر وأبي الدرداء). صحيح. أما أثر عمر، فتقدم قريبا (2387). (1) هو الدبس كما في " الفتح ". (*)
[ 53 ]
وأما أثر أبي الدرداء، فهو عند النسائي (2 / 335) من طريق سعيد بن المسيب عنه مثله. وإسناده صحيح. 2392 - (" قال البخاري: رأى عمر وأبو عبيدة ومعاذ شرب الطلاء على الثلث، وشرب البراء وأبو جحيفة على النصف "). صحيح. أما أثر عمر فتقدم قبل (2387). وأما أثر أبى عبيدة وهو ابن الجراح، ومعاذ وهو ابن جبل، فأخرجه أبو مسلم الكجى وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة من طريق قتادة عن أنس. " أن أبا عبيدة ومعاذ بن جبل وأبا طلحة كانوا يشربون من الطلاء ما طبخ على الثلث، وذهب ثلثاه ". وأما أثر البراء، فأخرجه إبن أبى شيبة من رواية عدى بن ثابت عنه أنه كان يشرب الكلاء على النصف. أي إذا طبخ فصار على النصف. وأما أثر أبى جحيفة، فأخرجه ابن أبى شيبة أيضا من طريق حصين بن عبد الرحمن قال: " رأيت أبا جحيفة.. " فذكر مثله. كذا في " الفتح " (10 / 55 - 56).
[ 54 ]
باب التعزير 2393 - (روي عن علي رضى الله عنه أنه سئل عن قول الرجل للرجل: يا فاسق، يا خبيث ؟ قال: " هن فواحش فيهن تعزير وليس فيهن حد "). حسن. أخرجه البيهقى (8 / 253) من طريق سعيد بن منصور ثنا أبو عوانة عن عبد الملك بن عمير عن أصحابه عن علي رضى الله عنه في الرجل يقول للرجل: يا خبيث ! يا فاسق ! قال: ليس عليه حد معلوم، يعرز الوالي بما رأى ". ومن طريق عبيد الله القواريري ثنا أبو عوانة عن عبد الملك بن عمير عن شيخ من أهل الكوفة قال: سمعت عليا رضى الله عنه يقول: " إنكم سألتموني عن الرجل يقول للرجل: يا كافر ! يا فاسق ! يا حمار ! وليس فيه حد، وإنما فيه عقوبة من السلطان، فلا تعودوا فتقولوا ". قلت: سكت عليه الحافظ في " التلخيص " (4 / 81)، وهو عندي جيد الاسناد من الطريق الاولى، لان رجاله ثقات معروفون، غير أصحاب عبد الملك بن عمير، وهم جمع تنجبر به جهالتهم، كما قال ذلك الحافظ السخاوي في حديث آخر في " المقاصد " (رقم 1044). وهذا الاثر أورده الرافعى في شرحه بلفظ المؤلف وكأنه سلفه فيه، والحافظ
[ 55 ]
في تخريجه لم يزد على عزوه للبيهقي ثم لسعيد بن منصور. 2394 - (روى ابن مسعود أن رجلا أتى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: إني لقيت امرأة فأصبت منها ما دون أن أطأها. فقال: أصليت معنا قال: نعم. فتلا عليه: إن الحسنات يذهبن السيئات. متفق عليه) صحيح. وقد مضى تخريجه تحت الحديث (2353)، وهو من حديث أبى عثمان النهدي عن إبن مسعود نحو المذكور هنا، لكن ليس فيه: " فقال: أصليت معنا ؟ قال: نعم ". وإنما جاءت هذه الزيادة من حديث أنس بن مالك وأبي أمامة عند مسلم (8 / 103). 2395 - (حديث: " أنت ومالك لابيك "). صحيح. وقد مضى برقم (1625) 2396 - حديث أبي بردة مرفوعا " لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله لا متفق عليه) صحيح. وسبق برقم (2180). 2397 - (حديث " أنه (صلى الله عليه وسلم) حبس رجلا في تهمة ثم خلى عنه ". رواه أحمد وأبو داود). أخرجه أحمد (5 / 2) وأبو داود (3630) وكذا النسائي (2 / 255) والترمذي (1 / 266) والحاكم (4 / 102) والبيهقي (6 / 53) من طريق معمر عن بهز بن حكيم بن معاوية عن أبيه عن جده به. وقال الترمذي: " حديث حسن، وقد روى إسماعيل بن إبراهيم عن بهز بن حكيم هذا
[ 56 ]
الحديث أتم من هذا وأطول ". وقال الحاكم: " صحيح الاسناد ". ووافقه الذهبي. قلت: وإنما هو حسن فقط للخلاف المعروف في بهز بن حكيم. ولفظ أحمد أعم وأكمل وهو: " أخذ النبي (صلى الله عليه وسلم) ناسا من قومي في تهمة فحبسهم، فجاء رجل من قومي إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) وهو يخطب فقال: يا محمد علام تحبس جيرتي ؟ فصمت النبي (صلى الله عليه وسلم) عنه، فقال: إن ناسا ليقولون: إنك تنهى عن الشر وتستخلي به ! فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): ما يقول ؟ قال: فجعلت أعرض بينهما بالكلام مخافة أن يسمعها فيدعو على قومي دعوة لا يفلحون بعدها أبدا، فلم يزل النبي (صلى الله عليه وسلم) به حتى فهمها، فقال: قد قالوها أو قائلها منهم، والله لو فعلت لكان علي وما كان عليهم، خلوا له عن جيرانه ". وتابعه إسماعيل بن إبراهيم أنا بهز بن حكيم به. أخرجه أحمد (5 / 4). وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة. أخرجه الحاكم وتعقبه الذهبي بأن في إسناده إبراهيم بن خثيم متروك. 2398 - (روى سعيد بن المسيب عن عمر في أمة بين رجلين وطئها أحدهما يجلد الحد إلا سوطا. رواه الاثرم واحتج به أحمد). لم أقف على إسناده. وقد روى ابن أبى شيبة (11 / 71 / 2) من طريق داود عن سعيد بن المسيب في جارية كانت بين رجلين فوقع عليها أحدهما ؟ قال: يضرب تسعة وتسعين سوطا ". وإسناده صحيح.
[ 57 ]
ثم أخرج من طريق جعفر بن برقان قال: بلغنا أن عمر بن عبد العزيز أتى بجارية كانت بين رجلين فوطئها أحدهما، فاستشار فيها سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وعروة بن الزبير ؟ فقالوا: نرى أن يجلد دون الحد، ويقيمونه قيمة، فيدفع إلى شريكه نصف القيمة ". وأخرج من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن عمير بن نمير قال: " سئل ابن عمر عن جارية كانت بين رجلين فوقع عليها أحدهما ؟ قال: ليس عليه حد، هو خائن، يقوم عليه قيمة ويأخذها ". ورجاله ثقات رجال الشيخين غير عمير بن نمير، أورده إبن حبان في " الثقات " (1 / 172) وقال: "... أبو وبرة الهمداني، من أهل الكوفة، يروي عن ابن عمر، روى عنه إسماعيل بن خالد وموسى الصغير ". 2399 - (روى أحمد " أن عليا رضى الله عنه أتي بالنجاشى وقد شرب خمرا في رمضان فجلده الحد وعشرين سوطا لفطره في رمضان "). حسن. لم أره في " المسند " وقد أخرجه الطحاوي (2 / 88) من طريق عطاء بن أبى مروان عن أبيه قال: " أتى على بالنجاشى قد شرب الخمر في رمضان، فضربه ثمانين، ثم أمر به إلى السجن، ثم أخرجه من الغد فضربه عشرين، ثم قال: إنما جلدتك هذه العشرين لافطارك في رمضان، وجرأتك على الله ". قلت: وإسناده حسن أو قريب من ذلك رجاله كلهم ثقات معروفون غير أبي مروان والد عطاء، وثقه ابن حبان والعجلي، وقال النسائي: " غير معروف ". قلت: لكن روى عنه جماعة، وقيل: له صحبة.
[ 58 ]
2400 - (عن عمر في شاهد الزور يضرب ظهره ويحلق رأسه ويسخم وجهه ويطاف به ويطال حبسه "). ضعيف. أخرجه ابن أبى شيبة (11 / 79 / 1) عن حجاج عن مكحول والوليد بن أبي مالك قالا: " كتب عمر بن الخطاب في شاهد الزور: يضرب أربعين سوطا.... " قلت: وهذا إسناد ضعيف من أجل الحجاج هذا، فإنه مدلس وقد عنعنه. 2401 - (حديث رواه الحسن بن عرفة في " جزئه " (1) في تحريم الاستمناء باليد). قال ابن عرفة في " الجزء له المذكور (ق 5 / 1 حدثني علي بن ثابت الجزري عن مسلمة بن جعفر عن حسان بن حميد عن أنس بن مالك عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: " سبعة لا ينظر الله عزوجل إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم، ولا يجمعهم مع العالمين، ويدخلهم النار أول داخلين، إلا أن يتوبوا، إلا أن يتوبوا، إلا أن يتوبوا، فمن تاب تاب الله عليه: الناكح يده، والفاعل والمفعول به، ومدمن الخمر، والضارب أبويه حتى يستغيثا، والمؤذي جيرانه حتى يلعنونه، والناكح حليلة جاره ". قلت: وهذا سند ضعيف علته مسلمة هذا، قال الذهبي: " يجهل هو وشيخه. وقال الازدي ضعيف ". وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعا به إلا أنه ذكر: " ناكح البهيمة، والجامع بين المرأة وابنتها، والناكح للمرأة في دبرها ". بدل: " مدمن الخمر، والضارب أبويه حتى يستغيثا، والناكح حليلة جاره " * (هامش) (1) مصورة المكتب الاسلامي. (*)
[ 59 ]
أخرجه أبو الشيخ في " مجلس من حديثه " (62 / 1 - 2) وابن بشران في " الامالي " (86 / 1 - 2) من طرق عن عبد الرحمن بن زياد الافريقي عن أبى عبد الرحمن الحبلي عنه. ثم أخرجه أبو الشيخ (64 / 1) من طريق رشدين بن سعد عن ابن أبي أنعم عن أبى عبد الرحمن الحبلى به إلا أنه قال: " ستة... " ثم ذكرها ما عدا الزاني بحليلة جاره، والمؤذي جاره ". قلت: وهذا إسناد ضعيف من أجل عبد الرحمن وهو ابن زياد بن أنعم الافريقى، وهو ضعيف لسوء حفظه. والطريق الاخرى فيها رشدين بن سعد وهو ضعيف أيضا، ولعل قوله في " السند " " ابن أبي أنعم لا خطأ منه، أو من الناسخ، والصواب ما ذكرته آنفا: " ابن أنعم ".
[ 60 ]
باب القطع في السرقة 2402 - (عن عائشة مرفوعا " تقطع اليد في ربع دينار فصاعدا ". متفق عليه). صحيح. أخرجه البخاري (4 / 296) ومسلم (5 / 112) وأبو داود (4384) والنسائي (2 / 258) والترمذي (1 / 273) والدارمي (2 / 172) وابن ماجه (2585) وابن الجارود (824) والطحاوي (2 / 94) وابن أبى شيبة (11 / 55 / 2) والدار قطني (368) والبيهقي (8 / 256) والطيالسي (1582) وأحمد (6 / 36 ج 163، 249، 22) من طرق عن عمرة عن عائشة به. واللفظ للبخاري وغيره. ولفظ مسلم: " لا تقطع اليد إلا في... ". وهو لفظ ابن ماجه، ورواية لاحمد وغيره. وفي لفظ آخر لمسلم: " كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقطع السارق في... ". وهو لفظ الترمذي وابن الجارود، ورواية لابي داود (4383) وأحمد وغيرهما وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح، وقد روي من غير وجه عن عمرة عن عائشة مرفوعا، ورواه بعضهم عن عمرة عن عائشة موقوفا ".
[ 61 ]
قلت: وكل صحيح، ولا منافاة، لان الموقوف في حكم المرفوع لانه لا يقال بمجرد الرأي، لاسيما وقد ورد عن عائشة من غير طريق عمرة، فقد تابعها عروة عن عائشة مرفوعا باللفظ الثاني. أخرجه مسلم والنسائي والطحاوي قرنوه مع عمرة. وهو عند البخاري ومسلم من طريق أخرى عن هشام بن عروة عن أبيه عنها قالت: " لم تقطع يد سارق في عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في أقل من ثمن المحجن جحفة أو ترس، وكلاهما ذو ثمن ". وتابعها أبو بكر بن حزم عن عائشة مرفوعا به. أخرجه أحمد (6 / 104) من طريق أبى سعيد ثنا عبد الله بن جعفر قال: ثنا يزيد بن عبد الله عن أبي بكر بن حزم. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم إن كان أبو بكر وهو ابن محمد ابن عمرو بن حزم سمعه من عائشة، بل الظاهر أن بينهما عمرة، فقد أخرج أحمد أيضا (6 / 80) وكذا البيهقى (8 / 255) من طريق محمد بن رشد عن يحيى بن يحيى الغساني قال: قدمت المدينة، فلقيت أبا بكر بن محمد بن عمرو ابن حزم وهو عامل على المدينة قال: " أتيت بسارق فأرسلت إلى خالتي عمرة بنت عبد الرحمن أن لا تعجل في أمر هذا الرجل حتى آتيك فأخبرك ما سمعت من عائشة في أمر السارق، قال: فأتتنى، وأخبرتني أنها سمعت عائشة تقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " اقطعوا في ربع الدينار، ولا تقطعوا فيما هو أدنى من ذلك، وكان ربع الدينار يومئذ ثلاثة دراهم، والدينار اثنى عشر درهما، قال: وكانت سرقته دون ربع الدينار فلم أقطعه ". لكن محمد بن راشد هذا وهو المكحولي فيه ضعف من قبل حفظه، ثم رأيت الحديث عند الدارقطني (367 - 368) من طريق خالد بن مخلد نا
[ 62 ]
عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن المسود عن يزيد بن الهاد عن أبى بكر بن حزم عن عروة عن عائشة به مرفوعا نحوه. فزاد في السند " عروة " (1). فهو الصحيح. وبذلك اتصل السند وصح. ثم إن للحديث شاهدا من حديث ابن عمر: " أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قطع سارقا في مجن قيمته ثلاثة دراهم ". أخرجه الشيخان وغيرهما وسيأتي بعد تسعة أحاديث. 2403 - (حديث جابر مرفوعا: " ليس على المنتهب قطع "). رواه أبو داود). أخرجه أبو داود (4391) والنسائي (2 / 262) والترمذي (1 / 273) والدارمى (2 / 175) وابن ماجه (2591) والطحاوي (2 / 98) وابن حبان (1502، 1504) والدار قطني (362) والبيهقي (8 / 279) من طريق الحسن بن عرفة، وهذا في " جزئه " (ق 95 / 1) وابن أبى شيبة (11 / 77 / 1) وأحمد (3 / 380) والخطيب أيضا (11 / 153) عن ابن عرفة، كلهم عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر به، وزاد أبو داود: (ومن انتهب نهبة مشهورة فليس منا ". وله بهذا الاسناد مرفوعا: " ليس على الخائن قطع ". ولفظ الترمذي وغيره: " ليس على المنتهب، ولا على المختلس، ولا على الخائن قطع ". وقال: (1) وأخرجه الطحاوي 2 / 95 من طريق أبي عامر عن عبد الله بن جعفر ومن طريق محمد بن إسحاق عن أبي بكر عن عمرة به، وكذا عن طريق عبد العزيز بن أبى حازم عن ابن الهاد به. (*)
[ 63 ]
" حديث حسن صحيح ". لكن أعله أبو داود والنسائي وغيرهما بأن ابن جريج لم يسمعه من أبي الزبير. زاد الاول: " وبلغني عن أحمد بن حنبل أنه قال: إنما سمعه ابن جريج من ياسين الزيات. قال أبو داود: وقد رواه المغيرة بن مسلم عن أبي الزبير عن جابر عن النبي (صلى الله عليه وسلم) ". قلت: وقال ابن أبي حاتم في " العلل " (1 / 450): " سألت أبى وأبا زرعة عن حديث إبن جريج.... (فذكره) فقالا: لم يسمع ابن جريج هذا الحديث من أبي الزبير، يقال: إنه سمعه من ياسين: أنا حدثت به ابن جريج عن أبي الزبير. فقلت لهما: ما حال ياسين ؟ فقالا: ليس بقوي ". قلت: ياسين الزيات متهم، فلا يصدق في قوله أنه هو الذي حدث به ابن جريج. على أنه لو صدق في ذلك، فهو لا ينافي أن يكون إبن جريج سمعه بعد ذلك من أبى الزبير، ولولا أن ابن جريج معروف بالتدليس لم نقبل هذا الجزم بعدم سماعه هذا الحديث من أبي الزبير، ولكن القطع برد هذا، يحتاج إلى رواية فيها التصريح بسماعه من ابن الزبير، وقد وجدتها - والحمد لله - وذلك من طريقين: الاولى: قال الدارمي: أخبرنا أبو عاصم عن ابن جريج قال: أنا أبو الزبير: قال جابر. والاخرى: قال الحافظ في " التلخيص " (4 / 65): " ورواه (النسائي) (1) عن سويد بن نصر عن ابن المبارك عن ابن جريج: أخبرني أبو الزبير ". (1) لم أر هذه الرواية عند النسائي في " السنن الصغرى " له فالظاهر أنها في " الكبرى " له. (*)
[ 64 ]
قلت فهذان إسنادان صحيحان إلى ابن جريج بتصريحه بالتحديث، فزالت شبهة تدليس، وطاح بذلك الجزم بأنه لم يسمعه من أبي الزبير. على أنه لم يتفرد به ابن جريج، فقد تابعه سفيان الثوري عن أبن الزبير به. أخرجه النسائي (2 / 261) وابن حبان (1503) والخطيب (9 / 135) من طريق عنه به. لكن قال النسائي عقبه: " لم يسمعه سفيان من أبي الزبير ". ثم ساق من طريق أبي داود الحفري عن سفيان عن ابن جريج عن أبي الزبير.... ! قلت: الرواية الاولى عن سفيان أصح عندي، لانه اتفق عليها الجماعة، وهم مخلد، وهو ابن يزيد الحرانى عند النسائي، ومؤمل بن إسماعيل، عند ابن حبان، وخالد بن يزيد عند الخطيب، والاول ثقة من رجال الشيخين، والثانى صدوق سئ الحفظ، والثالث مقبول عند الحافظ، فالقلب إلى ما اجتمع عليه هؤلاء الثلاثة أميل. والله أعلم. وتابعه أيضا المغيرة بن مسلم كما سبق عند أبى داود معلقا، وقد وصله النسائي والطحاوي والبيهقي من طريق شبابة بن سوار قال: ثنا المغيرة بن مسلم عن أبى الزبير عن جابر. قلت: والمغيرة بن مسلم صدوق قاله ابن معين وغيره، كما في " نصب الراية " (3 / 364) وجزم به الحافظ في " التقريب ". فقد صح بما تقدم السند إلى أبي الزبير، وبقى النظر في عنعنته أيضا، فإنه مدلس، وبذلك أعله إبن القطان. وتعقبه الحافظ بقوله: " وهو غير قادح، فقد أخرجه عبد الرزاق في " مصنفه " عن ابن جريج، وفيه التصريح بسماع أبي الزبير له من جابر ".
[ 65 ]
قلت: وجواب آخر، وهو أن أبا الزبير قد توبع، فإن ابن حبان قد قرن معه عمرو بن دينار، من طريق مؤمل بن إهاب حدثنا عبد الرزاق عن ابن جريج عن أبى الزبير وعمرو بن دينار - عن جابر. وهذا إسناد جيد، وبه يزول آخر ما أعل به هذا الحديث، وتثبت صحته. والله ولي التوفيق. ولبعضه شاهد من حديث عبد الرحمن بن عوف مرفوعا بلفظ: " ليس علما المختلس قطع ". أخرجه ابن ماجه (2592) قلت: وإسناده صحيح كما قال الحافظ، ورجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن عاصم بن جعفر المصري، وهو ثقة. وله شاهد آخر تام من حديث أنس بن مالك مرفوعا به مثل لفظ الترمذي المتقدم. سأخرجه الطبراني في " الاوسط ": حدثنا أحمد بن القاسم بن المساور ثنا أبو معمر إسماعيل بن إبراهيم قال: أملى على عبد الله بن وهب من حفظه عن يونس عن الزهري عن أنس به وقال: " لم يروه عن الزهري إلا يونس، ولا عن يونس إلا ابن وهب تفرد به أبو معمر ". كذا في " نصب الراية ". قلت: وهو ثقة من رجال الشيخين، وكذلك من فوقه، وابن المساور ثقة، فالسند صحيح. وسكت الحافظ عنه. 2404 - (حديث " ليس على الخائن والمختلس قطع " رواه أبو داود والترمذي. 2405 - (حديث ابن عمر " كانت مخزومية تستعير المتاع وتجحده
[ 66 ]
فأمر النبي (صلى الله عليه وسلم) بقطع يدها " رواه أحمد وأبو داود والنسائي مطولا). صحيح. أخرجه أحمد (2 / 151) وأبو داود (4395) والنسائي (2 / 256) من طريق عبد الرزاق ثنا معمر عن أيوب عن نافع عنه. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وله شاهد من حديث عائشة به، وزاد: " فأتى أهلها أسامة بن زيد فكلموه، فكلم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيها... ". أخرجه مسلم (5 / 115) وأبو داود (4397) وابن الجارود (804) وغيرهم من طرق عن عبد الرزاق أيضا عن معمر عن الزهري عن عروة عنها. وتابعه أيوب بن موسى عن الزهري به. أخرجه النسائي (2 / 256). وإسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه من طرق أخرى عن الزهري به بلفظ آخر وقد مضى في أول " الحدود " (2319). وقد تابعه عبيد الله عن نافع عن ابن عمر بلفظ: " أن امرأة كانت تستعير الحلى في زمان رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فاستعارت من ذلك حليا، فجمعته ثم أمسكته فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): لتتب هذه المرأة وتصدى ما عندها، مرارا، فلم تفعل، فأمر بها فقطعت ". وفي رواية: " ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): قم يا بلال فخذ بيدها فاقطعها ". أخرجه النسائي. وإسناده صحيح. وله عنده شاهد آخر عن سعيد بن المسيب مرسلا.
[ 67 ]
2406 - (قول عمر " لاحد إلا على من علمه ") ضعيف. وقد مضى تخريجه (2314) و (2383). 2407 - (حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة " أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أتي برجل يسرق الصبيان ثم يخرج بهم فيبيعهم في أرض أخرى فأمر بيده فقطعت " رواه الدارقطني). موضوع. أخرجه الدارقطني (373) وكذا ابن عدي في " الكامل " (ق 216 / 2) والبيهقي (8 / 268) من طريق عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة حدثنى هشام بن عروة به. وقال ابن عدي: " حديث غير محفوظ إلا من رواية عبد الله بن محمد بن يحيى، وأحاديثه عامتها لا يتابعه الثقات عليها ". وقال الدارقطني: " تفرد به عبد الله بن محمد... وهو كثير الخطأ على هشام، وهو ضعيف الحديث ". قلت: وقال ابن حبان: " يروي الموضوعات عن الثقات ". وقال أبو حاتم: " متروك الحديث ". قلت: وهو راوي حديث: " من لم يجد صدقة فليلعن اليهود " ! وقد عده الذهبي من بلاياه ! 2408 - (حديث عائشة مرفوعا: " لا تقطع اليد إلا في ربع دينار فصاعدا " رواه أحمد ومسلم والنسائي وإبن ماجه).
[ 68 ]
صحيح. وقد مضى برقم (2402). 2409 - (وعن عائشة مرفوعا " اقطعوا في ربع دينار ولا تقطعوا فيما هو أدنى من ذلك. وكان ربع الدينار يومئذ ثلاثة دراهم والدينار اثنا عشر درهما " رواه أحمد) ضعيف بهذا اللفظ. فيه محمد بن راشد المكحولي كما تقدم بيانه تحت الحديث (2402). 2410 - (حديث أبي هريرة " لعن الله السارق يسرق الحبل فتقطع يده ويسرق البيضة فتقطع يده " متفق عليه). صحيح. أخرجه البخاري (4 / 394، 397) ومسلم (5 / 113) وكذا النسائي (2 / 254) وابن ماجه (2583) وابن أبي شيبة (56 / 1) والبيهقي (8 / 253) وأحمد (2 / 253) من طرق عن الاعمش عن أبي صالح عن أبى هريرة به. وصرح البخاري في روايتيه بتحديث الاعمش عن أبي صالح. واستدركه الحاكم (4 / 378) على الشيخين فوهم. ولم يتنبه لذلك الذهبي رحمهما الله تعالى. 2411 - (حديث ابن عمر أن النبي (صلى الله عليه وسلم) " قطع يد سارق سرق ترسا (1) من صنعة النساء ثمنه ثلاثة دراهم " رواه أحمد وأبو داود والنسائي). صحيح. ويأتى تخريجه في الذي بعده. (1) الاصل المحظوظ " لمنار السبيل " برنسا: والتصحيح من مصادر الحديث المذكورة. زهير (*)
[ 69 ]
2412 - وعنه أيضا مرفوعا " قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم " رواه الجماعة. صحيح. أخرجه البخاري (4 / 396) ومسلم (5 / 113) ومالك (2 / 381 / 1) وأبو داود (4386) والنسائي (2 / 258) والترمذي (1 / 273) والدارمي (2 / 173) وابن ماجه (2584) والطحاوي (2 / 93) وابن الجارود (825) والدار قطني (368) والبيهقي (8 / 256) والطيالسيى (1847) وأحمد (2 / 6، 54، 64، 80، 82، 143، 145) من طرق كثيرة عن نافع عنه به. وزاد أحمد وعنه أبو داود (4386) وهو رواية للنسائي " قطع يد رجل سرق ترسا من صنعة النساء... " وإسناده صحيح على شرط الشيخين. 2413 - (حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده " أن رجلا من مزينة سأل النبي (صلى الله عليه وسلم) عن الثمار فقال: ما أخذ قي أكمامه (1). واحتمل ففيه قيمته ومثله معه وما أخذ من أجرانه ففيه القطع إذا بلغ ثمن المجن (2) رواه أبو داود وإبن ماجه - وفي لفظ " ومن سرق منه شيئا بعد أن يؤويه الجرين فبلغ ثمن المجن فعليه القطع " رواه النسائي وزاد: " وما لم يبلغ ثمن المجن ففيه غرامة مثليه وجلدات نكال "). حسن. وله عن عمرو بن شعيب طرق: الاولى: عن الوليد بن كثير عنه باللفظ الاول وزيادة: " وإن أكل ولم يأخذ فليس عليه، قال: الشاة الحريشة منهن يا رسول الله ؟ قال: ثمنها ومثله معه والنكال، وما كان في المراح، ففيه القطع إذا كان ما يؤخذ منه ثمن المجن ". أخرجه ابن ماجه (2596). (1) الجرين: الموضع الذي يجفف فيه التمر والذي في اكمامه. يقطع من الشجر، وقبل ان ينقل للتجفيف. (2) الاصل من غير أكمامه. (*)
[ 70 ]
الثانية: عن ابن عجلان عنه بلفظ: " أنه سئل عن الثمر المعلق ؟ فقال. من أصاب بفيه من ذى حاجة غير متخذ خبنة فلا شئ عليه، ومن خرج بشئ منه فعليه غرامة مثليه والعقوبة ومن سرق منه شيئا بعد أن يؤويه الجرين، فبلغ ثمن المجن فعليه القطع ". أخرجه أبو داود (1710، 4390) والنسائي (2 / 260) وللترمذي (1 / 242 - 243) منه أوله دون قوله " ومن خرج... " وحسنه. الثالثة: عن عمر بن الحارث عنه نحو الطريق الاولى بتقديم وتأخير وفيه الزيادة التي في الكتاب. أخرجه النسائي (2 / 261) وابن الجارود (827) والدار قطني (25) وكذا الحاكم (4 / 380) والبيهقي (8 / 278) إلا أنه وقع عنده: " غرامة مثله ". وقال: " هذه سنة تفرد بها عمرو بن شعيب بن محمد عن جده عبد الله بن عمرو ابن العاص، إذا كان الراوي عن عمرو بن شعيب ثقة فهو كأيوب عن نافع عن ابن عمر ". ووافقة الذهبي. وفيه مبالغة لا تخفى، والحق انه حسن الحديث، ولذلك قال الترمذي في حديثه هذا: " حديث حسن ". كما سبقت الاشارة إليه. الرابعة: عن هشام بن سعد مقرونا مع الذي قبله عمرو بن الحارث. أخرجه النسائي وابن الجارود والدار قطني. الخامسة: عن عبيد الله بن الاخنس عن عمرو بن شعيب به مختصرا بلفظ: " سئل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في كم تقطع اليد ؟ قال: لا تقطع اليد في ثمر معلق فإذا ضمه الجرين قطعت في ثمن المجن، ولا تقطع في حريشة الجبل، فإذا
[ 71 ]
آوى المراح قطعت في ثمن المجن ". أخرجه النسائي والبيهقي (8 / 263). السادسة: عن عبد الرحمن بن الحارث أخبرني عمرو بن شعيب به مختصرا مقتصرا على اللفظ الاول الذي في الكتاب، وفيه فقرات أخرى في ضالة الابل والكنز. أخرجه أحمد (2 / 186) السابعة: عن محمد بن إسحاق عنه مثل الطريقة الثانية. أخرجه أحمد (2 / 180، 203، 207) ولابن أبي شيبة (11 / 55 / 2) منه: " القطع في ثمن المجن ". الثامنة: عن سفيان بن حسين الواسطي، عن عمرو بن شعيب به نحوه إلا أنه قال "... فإذا كان من الجرين فبلغ ثمن المجن وهو الدينار... ". أخرجه الدارقطني (370) من طريق سويد بن عبد العزيز عن سفيان بن حسين به. قلت: وهذا إسناد ضعيف إلى عمرو، من أجل سويد بن عبد العزيز، فإنه لين الحديث. وأما سائر الطرق فكلها صحيحة إلى عمرو بن شعيب. ويشهد له ما أخرجه مالك (2 / 831 / 22) عن عبد الله بن عبد الرحمن ابن أبى حسين المكى أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: " لا قطع في ثمر معلق، ولا في حريشة جبل، فإذا آواه المراح أو الجرين، فالقطع فيما يبلغ ثمن المجن ".
[ 72 ]
وهذا سند مرسل صحيح، فإن عبد الله هذا ثقة، محتج به في " الصحيحين " وهو تابعي صغير، روي عن أبي الطفيل الصحابي، وعن التابعين. 2414 - (عن رافع بن خديج مرفوعا " لا قطع في ثمر ولا كثر " رواه الخمسة). صحيح. أخرجه أحمد (3 / 463، 464، 5 / 140، 142) وأبو داود (4388) والنسائي (2 / 261) ومالك (2 / 839 / 32) وعنه الشافعي (1516، 1518) والدارمي (2 / 174) والطحاوي (2 / 77) وابن أبى شبيبة (11 / 74 / 1) وأبو عبيد في " غريب الحديث " (ق 50 / 1) والطبراني (1 / 218 - 219) والبيهقي (8 / 262) من طرق عن يحيى بن سعيد عن محمد ابن يحيى بن حبان عن رافع به. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات، لكنه منقطع بين ابن حبان ورافع، إلا أنه قد جاء موصولا، فقال الدارمي: حدثنا الحسين بن منصور ثنا أبو أسامة عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن رجل من قومه عن رافع بن خديج به. فوصله بذكر الرجل من قومه لم يسمه، وقد سماه بعضهم، فقال عبد العزيز بن محمد عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن أبي ميمون عن رافع به. أخرجه الدارمي والنسائي وقال: " هذا خطأ، أبو ميمون لا أعرفه ". وقال الدارمي: " القول ما قال أسامة ". قلت: قد سمى من وجه قوي، بل من وجوه قوية، فقال سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان عن رافع
[ 73 ]
به أخرجه الحميدي (407) والنسائي والطحاوي وابن الجارود (826) وابن حبان (1505) والبيهقي (8 / 263) من طرق عن سفيان به. وواسع ابن حبان صحابي. فاتصل السند، والحمد لله. وتابعه الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد به. أخرجه الترمذي (1 / 273) وقال: " هكذا روى بعضهم عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان عن رافع بن خديج عن النبي (صلى الله عليه وسلم) نحو رواية الليث بن سعد. وروى مالك بن أنس وغير واحد هذا الحديث عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن رافع بن خديج عن النبي (صلى الله عليه وسلم)، ولم يذكروا فيه: عن واسع بن حبان ". قلت: ابن عيينة والليث ثقتان حجتان، وقد وصلاه، والوصل زيادة، فيجب قبولها. وشذ عن الجماعة الحسن بن صالح فقال: عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد بن أبي بكر عن رافع بن خديج به. أخرجه النسائي، والطبراني كما في " نصب الراية " (3 / 362)، ولم يفسره للنسائي ! وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعا به. أخرجه ابن ماجه (2594) من طريق سعد بن سعيد المقبري عن أخيه عن أبيه عنه. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، سعد هذا ضعيف، وأخوه واسمه عبد الله أشد ضعفا منه، اتهموه. وقد عزاه الحافظ في " التلخيص " (4 / 65) لاحمد أيضا من هذا الوجه، وقال " وفيه سعد بن سعيد المقبري وهو ضعيف ". قلت: واعلاله بأخيه عبد الله أولى لما ذكرنا. ثم قال الحافظ:
[ 74 ]
" وقال اطحاوي: هذا الحديث تلقت العلماء متنه بالقبول ". 2415 - (أن صفوان بن أمية نام في المسجد وتوسد رداءه فأخذ من تحت رأسه، فأمر النبي (صلى الله عليه وسلم) أن يقطع سارقه " الحديث رواه الخمسة إلا الترمذي). صحيح. ومضى برقم (2317). 2416 - (قول عائشة رضي الله عنها: " سارق أمواتنا كسارق أحيائنا "). لم أقف عليه. وقد أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (11 / 75 / 2) عن الحجاج عن الحكم عن ابراهيم والشعبى قالا: " يقطع سارق أمواتنا كما يقطع سارق أحيائنا ". ورجاله ثقات إلا أن حجاجا وهو ابن أرطاة مدلس وقد عنعنه. لكنه لم يتفرد به. فقد أخرجه البيهقى (8 / 269) من طريق عمر بن أيوب عن عامر الشعبى أنه قال: فذكره. ومن طريق شريك عن الشيباني عن الشعبى قال: " النباش سارق " ومن طريقه عن مغيرة عن إبراهيم مثله. ثم رأيت الحافظ ابن حجر قد عزا قول عائشة الذي في الكتاب إلى الدارقطني من حديث عمرة عنها. ولم يتكلم على إسناده بشئ، وقد بحثت عنه في " الحدود " ولا الاقضية والاحكام " من " سنن الدارقطني " وهي المرادة عند إطلاق العزو إليه فلم أجده. والله أعلم. 2317 - (روي عن ابن الزبير " أنه قطع نباشا ")
[ 75 ]
ضعيف. علقه البخاري في " التاريخ " قال: قال: هشيم ثنا سهيل قال: " شهدت ابن الزبير قطع نباشا ". ذكره البيهقى (8 / 270) بإسناده إلى البخاري وقال: " قال البخاري: وقال عباد بن العوام: كنا نتهمه بالكذب يعنى سهيلا وهو سهيل بن ذكوان أبو السندي المكى ". 2418 - (حديث " أنت ومالك لابيك ") صحيح. وقد مر (1625) 2419 - (روى مالك أن عبد الله بن عمرو الحضرمي قال لعمر: إن عبدي سرق مرآة إمرأتي ثمنها ستون درهما فقال: أرسله لاقطع عليه غلامك أخذ متاعكم ". 2420 - (أثر " لا يقطع أحد الزوجين بسرقته من مال الآخر " رواه سعيد عن عمر بإسناد جيد). لم أقف على إسناده لانظر فيه. صحيح. أخرجه مالك (2 / 839 / 33) عن ابن شهاب عن السائب ابن يزيد " أن عبد الله بن عمرو بن الحضرمي جاء بغلام له إلى عمر بن الخطاب فقال له: اقطع يد غلامي هذا فإنه سرق، فقال له عمر: ماذا سرق ؟ فقال: سرق مرآة لامرأتي ثمنها ستون درهما. فقال له عمر: أرسله فليس عليه قطع، خادمكم سرق متاعكم ". ومن طريق مالك أخرجه الشافعي (1511) والبيهقي (8 / 281 - 282). وأخرجه ابن أبي شيبة (11 / 83 / 2) والدار قطني (367) من طريق
[ 76 ]
سفيان ابن عيينة عن الزهري به. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. 2421 - (وقال ابن مسعود: " لا قطع. مالك سرق مالك ") صحيح. أخرجه ابن أبى شيبة (11 / 73 / 2) والبيهقي (8 / 281) عن عمرو بن شرحبيل قال: " جاء معقل المزني إلى عبد الله فقال: غلامي سرق قبائى فأقطعه قال عبد الله: لا، مالك بعضه في بعض ". ولفظ البيهقي: " مالك سرق بعضه بعضا لا قطع عليه ". قلت: وإسناده صحيح. وقال البيهقى: " وهو قول ابن عباس ". 2422 - (قال عمر وابن مسعود: " من سرق من بيت المال فلا قطع ما من أحد إلا وله في هذا المال حق ") ضعيف. أخرجه ابن أبي شيبة (11 / 73 / 2): نا وكيع عن المسعودي عن القاسم: " أن رجلا سرق من بيت المال، فكتب فيه سعد إلى عمر، فكتب عمر إلى سعد: ليس عليه قطع، له فيه نصيب ". وهذا إسناد منقطع ضعيف. وفي الباب حديث مرفوع يأتي في الكتاب بعد حديث. " أن عبدا من رقيق الخمس سرق من الخمس، فرفع ذلك إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فلم يقطعه، وقال: مال الله عزوجل سرق بعضه بعضا ". 2423 - (روى سعيد عن علي " ليس على من سرق من بيت
[ 77 ]
المال قطع "). ضعيف. أخرجه البيهقى (8 / 282) من طريق سعيد بن منصور: ثنا هشيم ثنا مغيرة عن الشعبى عن علي به. قلت: ورجاله ثقات لكنه منقطع بين الشعبى وعلي. لكن له طريق أخرى، فقال سعيد أيضا: ثنا أبو الاحوص ثنا سماك بن حرب عن ابن عبيد بن الابرص قال: " شهدت عليا رضي الله عنه في الرحبة، وهو يقسم خمسا بين الناس، فسرق رجل من حضرموت مغفر حديد من المتاع، فأتى به علي رضي الله عنه فقال: ليس عليه قطع، هو خائن وله نصيب ". أخرجه البيهقى أيضا. وأخرجه ابن أبي شيبة (11 / 83 / 2): نا شريك عن سماك به. ثم قال البيهقى: " ورواه الثوري عن سماك عن دثار بن يزيد بن عبيد بن الابرص قال: أتى علي رضى الله عنه برجل... فذكره ". قلت: ودثار هذا أورده ابن أبي حاتم (1 / 2 / 43) بروايته عن علي وعنه سماك. ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا. وغالب الظن أنه الذي في " اللسان ": " دبار بن يزيد. مجهول. كذا في " المحلى " لابن حزم ". كذا وقع فيه " دبار " بالباء الموحدة، ولعله تصحيف من ابن حزم أو من الناسخ. 2424 - (روى ابن ماجه عن ابن عباس: " أن عبدا من رقيق الخمس سرق من الخمس فرفع إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فلم يقطعه وقال: مال الله سرق بعضه بعضا ".)
[ 78 ]
ضعيف. أخرجه إبن ماجه (2590) والبيهقي (8 / 282) وقال الحافظ في " التلخيص " (4 / 69): " إسناده ضعيف ". قلت: وعلته جبارة وحجاج، فإنهما ضعيفان كما في " التقريب " وقد رواه أبو يوسف صاحب أبي حنيفة فقال: أخبرنا بعض أشياخنا عن ميمون بن مهران عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أن عبدا... هكذا مرسلا رواه البيهقى من طريق الشافعي قال: قال أبو يوسف. 2425 - (عن القاسم بن عبد الرحمن أن عليا رضى الله عنه أتاه رجل فقال: إني سرقت فطرده ثم عاد مرة أخرى فقال: إني سرقت فأمر به أن يقطع " رواه الجوزجاني وفي لفظ " لا يقطع السارق حتى يشهد على نفسه مرتين " حكاه أحمد في رواية مهنا). صحيح. أخرجه ابن أبي شيبة (11 / 59 / 1، 92 / 2) والطحاوي 2 / 97) والبيهقي (8 / 275) من طرق عن الاعمشن عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه به، وزادوا: " وعلقها في عنقه ". وتابعه المسعودي عن القاسم به مختصرا. أخرجه البيهقى. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وأما اللفظ الثاني فلم أقف على إسناده. 2426 - (حديث أبي أمية المخزومي أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أتى بلص قد اعترف فقال: ما إخالك سرقت. قال: بلى فأعاد عليه مرتين أو
[ 79 ]
ثلاثا، قال: بلى فأمر به فقطع " رواه أحمد وأبو داود). ضعيف. أخرجه أحمد (5 / 293) وأبو داود (4380) وكذا النسائي (2 / 255) والدارمي (2 / 173) وابن ماجه (2597) والطحاوى (2 / 97) والبيهقي (8 / 276) من طريق أبي المنذر مولى أبي ذر عن أبى أمية المخزومي. قلت: وهذا إسناد ضعيف من أجل أبي المنذر هذا فإنه لا يعرف كما قال الذهبي في " الميزان ". وله شاهد من حديث أبى هريرة بنحوه، لكن ليس فيه الاعتراف، وسيأتى بعد أربعة أحاديث. 2427 - (روي عن عمر رضى الله عنه أنه أتي برجل فقال: أسرقت ؟، قل: لا، فقال: لا، فتركه "). أخرجه ابن أبي شيبة (11 / 74 / 1) عن ابن جريج عن عكرمة بن خالد: " أتى عمر بسارق قد اعترف، فقال عمر: لارى يرجل ما هي بيد سارق، قال الرجل: والله ما أنا بسارق، فأرسله عمر ولم يقطعه ". قلت: وإسناده ضعيف للانقطاع بين عكرمة وعمر فإنه لم يسمع منه كما قال أحمد. وقال أبو زرعة: عكرمة بن خالد عن عثمان مرسل. وأخرج أيضا من طريق عطاء قال: " كان من مضى يؤتى بالسارق، فيقول: أسرقت ؟ ولا أعلمه إلا سمى أبا بكر وعمر ". وإسناده إلى عطاء صحيح. وأخرج هو والبيهقي (8 / 276) من طريق يزيد بن أبي كبشة الانماري
[ 80 ]
عن أبي الدرداء. " أنه أتى بجارية سوداء سرقت، فقال لها: سرقت ؟ قولي: لا، فقالت: لا، فخلى سبيلها ". قلت: وإسناده جيد رجاله ثقات رجال الصحيح غير يزيد هذا، فذكره ابن حبان في " الثقات له، وروي عنه جماعة. ويتلخص مما تقدم أن أثر عمر بلفظ الكتاب، لم نعثر عليه، وقد عزاه الرافعى لابي بكر الصديق، فقال الحافظ في (تخريجه) (4 / 71): " لم أجده هكذا... وهو في البيهقي عن أبي الدرداء ". 2428 - (قول عمر رضى الله عنه " لا قطع في عام سنة "). ضعيف. أخرجه ابن أبى شيبة (11 / 74 / 2) عن هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن حسان بن زاهر عن حصين بن حدير قال: سمعت عمر وهو يقول: " لا قطع في غدق، ولا في عام سنة ". عزاه الحافظ في " التلخيص " (4 / 70) لابراهيم بن يعقوب الجوزجاني في " جامعه " عن أحمد بن حنبل عن هارون بن إسماعيل عن علي بن المبارك عن يحيى ابن أبي كثير به. وزاد: " قال: فسألت أحمد بن حنبل عنه ؟ فقال: الغدق النخلة، وعام سنة عام المجاعة، فقلت لاحمد: تقول به ؟ فقال: إي لعمري ". قلت: وسكت عن إسناده وفيه جهالة، فإن حسان بن زاهر وحصين بن حدير فيهما جهالة، فقد أوردهما ابن أبي حاتم (1 / 2 / 236، 191) ولم يذكر فيها جرحا ولا تعديلا، وأما ابن حبان فأوردهما على قاعدته في " الثقات " ! (1 / 23، 2 / 63).
[ 81 ]
2429 - (في قراءة عبد الله بن مسعود " فاقطعوا أيمانهما ") ضعيف. أخرجه البيهقي (8 / 270) من طريق مسلم عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قراءة... فذكره. وقال: " وكذلك رواه سفيان بن عيينة عن ابن أبى نجيح، وهذا منقطع، وكذلك قاله إبراهيم النخعي، إلا أنه قال: في قراءتنا (والسارقون والسارقات تقطع أيمانهم) ". وذكره الحافظ (4 / 71) من رواية البيهقى عن مجاهد وقال: " وفيه انقطاع ". وفي الباب عن الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة. " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أتى بسارق فقطع يمينه... " وفيه قصة. أخرجه البغوي وأبو نعيم في " معرفة الصحابة ". وفي إسناده عبد الكريم بن أبي المخارق، وهو ضعيف كما في " التلخيص " (4 / 68) و " التقريب ". 2430 - (روي عن أبي بكر وعمر رضى الله عنهما أنهما قالا: " إذا سرق السارق فاقطعوا يمينه من مفصل الكوع "). قال الحافظ في " التلخيص " (4 / 71): " لم أجده عنهما، وفي " كتاب الحدود " لابي الشيخ من طريق نافع عن ابن عمر: أن النبي (صلى الله عليه وسلم) وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يقطعون من المفصل ". قلت: وله شواهد. فمنها عن عبد الله بن عمر وقال: " قطع النبي (صلى الله عليه وسلم) سارقا من المفصل ".
[ 82 ]
أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 119 / 1) وعنه البيهقى (8 / 271) من طريق خالد بن عبد الرحمن المروزي الخراساني، ثنا مالك بن مغول عن ليث عن مجاهد عنه. وقال ابن عدي. " وهذا الحديث عن مالك لا أعرفه إلا من رواية خالد عنه، وخالد ليس بذاك ". قلت: قد وثقه ابن معين، وقال أبو حاتم: لا بأس به، وفوقه ليث، وهو ابن أبى سليم، وهو ضعيف الحفظ، فالحمل عليه أولى. ومنها عن رجاء بن حيوة. " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قطع رجلا من المفصل ". أخرجه ابن أبي شيبة (11 / 75 / 1): نا وكيع عن مسرة بن معبد اللخمى قال. سمعت عدي بن عدي يحدث عن رجاء بن حيوة. قلت: وهذا إسناد مرسل جيد، رجاله كلهم ثقات من رجال " التهذيب " غير مسرة هذا قال ابن أبي حاتم (4 / 1 / 423) عن أبيه: " شيخ ما به بأس ". وقد وصله بعضهم، فأخرجه البيهقى (8 / 270 - 271) من طريق أحمد ابن محمد بن أبى رجاء ثنا وكيع ثنا مسرة بن معبد قال: سمعت إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر يحدث عن رجاء بن حيوة عن عدي أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قطع.... قال: وحدثنا وكيع ثنا سفيان عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر مثله. قلت: وابن أبى رجاء هذا من شيوخ النسائي، ووثقه هو وابن حبان وبقية رجال الاسناد ثقات كلهم فهو صحيح موصول إن كان ابن رجاء قد حفظه، فقد خالف ابن أبي شيبة في موضعين منه كما هو ظاهر. وليس هو في وزن ابن أبى شيبة حفظا وضبطا. والله أعلم. وعلى كل حال فهو شاهد قوي لحديث ابن عمر عند أبي الشيخ، ومثله
[ 83 ]
حديث جابر من طريق ابن أبي رجاء، فإنه على شرط مسلم، فهو صحيح لولا أن ابن جريج وأبا الزبير مدلسان وقد عنعنا. ثم أخرج ابن أبى شيبة من طريق عمرو بن دينار عن عكرمة. " أن عمر قطع اليد من المفصل ". وأخرجه ابن أبى شيبة (11 / 74 / 2) والبيهقي عن عمرو قال: " كان عمر بن الخطاب رضى الله عنه يقطع السارق من المفصل، وكان علي رضى الله عنه يقطعها من شطر القدم ". وكلاهما منقطع. وأخرج ابن أبي شيبة عن سمرة أبي عبد الرحمن قال: " رأيت أبا بحيرة مقطوعا من المفصل، فقلت: من قطعك ؟ قال: قطعني الرجل الصالح علي، أما إنه لم يظلمني ". وسمرة هذا لم أعرفه وكذا شيخه أبو بحيرة، وكذا هو في الاصل بالاهمال. 2431 - (حديث " إقطعوه واحسموه " رواه الدارقطني وقال ابن المنذر: في إسناده مقال). ضعيف. أخرجه الطحاوي (2 / 96) والدار قطني (331) وكذا الحاكم (4 / 381) والبيهقي (8 / 275 - 276) من طرق ثلاث عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي: أخبرني يزيد إبن خصيفة عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة رضى الله عنه: " أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أتى بسارق سرق شملة، فقالوا: يا رسول الله إن هذا قد سرق، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): اذهبوا به فاقطعوه، ثم احسموه، ثم ائتوني به، فقطع، فأتى به، فقال: تب إلى الله، فقال: قد تبت إلى الله، قال: تاب الله عليك ".
[ 84 ]
وقال الحاكم. " صحيح على شرط مسلم ". قلت: وهو كما قال: وأقره الذهبي. لكن أعله الدارقطني بقوله: " ورواه الثوري عن يزيد بن خصيفة مرسلا ". ثم ساق إسناده إليه بذلك. وكذلك رواه الطحاوي من طريق أخرى عن سفيان به (1). ثم أخرجه من طريق ابن إسحاق وابن جريج كلاهما عن يزيد بن خصيفة به. فهذا يؤكد أن المرسل هو الصواب، وأن وصله وهم من الدراوردي، فإنه وإن كان ثقة في نفسه، ففى حفظه شئ، قال الحافظ: " صدوق، كان يحدث من كتب غيره فيخطئ، قال النسائي: حديثه عن عبيد الله العمري منكر ". وقال الذهبي في " الميزان ": " صدوق، غيره أقوى منه، قال أحمد. إذا حدث من حفظه يهم، ليس هو بشئ، وإذا حدث من كتابه فنعم، وإذا حدث جاء ببواطيل، وأما ابن المديني فقال: ثقة ثبت، وقال أبو حاتم: لا يحتج به... ". 2432 - (حديث فضالة بن عبيد " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أتي بسارق فقطعت يده ثم أمر بها فعلقت في عنقه " رواه الخمسة إلا أحمد. وفي إسناده الحجاج بن أرطاة، وهو ضعيف. ضعيف. أخرجه أبو داود (4411) والنسائي (2 / 263) والترمذي (1) ورواه ابن أبى شيبة (11 / 75 / 1) مختصرا. (*)
[ 85 ]
(1 / 273) وابن ماجه (2587) وكذا أحمد (6 / 19) خلافا لقول المصنف وابن أبي شيبة (11 / 92 / 2) كلهم من طريق الحجاج عن مكحول عن عبد الرحمن بن محيريز قال: " سألنا فضالة بن عبيد عن تعليق اليد في العنق للسارق أمن السنة هو ؟ قال " فذكره. وقال النسائي: " الحجاج بن أرطاة ضعيف، ولا يحتج بحديثه ". قال الزيلعى (4 / 270): " وزاد ابن القطان جهالة حال ابن محيريز. قال: لم يذكره البخاري ولا ابن أبي حاتم ". وأما الترمذي فقال: " هذا حديث حسن غريب " ! 2433 - (أثر " أن عليا رضى الله عنه فعل ذلك بالذي قطعه "). أخرج ابن أبي شيبة (11 / 75 / 1) والدار قطني (377) والبيهقي (8 / 271) من طريق حجية بن عدي: " أن عليا رضى الله عنه قطع أيديهم من المفصل، وحسمها، فكأني أنظر إلى أيديهم كأنها أيور الحمر ". ورجاله ثقات غير حجية هذا قال الحافظ في " التقريب ": " صدوق يخطئ ". 2434 - (حديث أبي هريرة مرفوعا في السارق " إن سرق
[ 86 ]
فاقطعوا يده ثم إن سرق فاقطعوا رجله "). صحيح. أخرجه الدارقطني (364) من طريق الواقدي عن ابن أبي ذئب عن خالد بن سلمة - أراه - عن أ بي سلمة عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: " إذا سرق السارق فاقطعوا يده، فإن عاد فاقطعوا رجله، فإن عاد فاقطعوا يده، فإن عاد فاقطعوا رجله ". وقال: " كذا قال: " خالد بن سلمة " وقال غيره: عن خاله الحارث عن أبي سلمة عن أبي هريرة ". قلت: والواقدي متروك، لكن ظاهر كلام الدارقطني المذكور أنه قد توبع ولكني لم أقف عليه مسمى. والله أعلم. نعم رواه الشافعي عن بعض أصحابه عن ابن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن (1) عن أبي سلمة به. ذكره الحافظ في " التلخيص " (4 / 68) وقال: " وفي الباب عن عصمة بن مالك، رواه الطبراني والدار قطني، وإسناده ضعيف ". قلت: وله شاهد من حديث جابر بن عبد الله، يرويه مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير عن محمد ابن المنكدر عنه قال: " جئ بسارق إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: اقتلوه، فقالوا: يا رسول الله إنما سرق، فقال: اقطعوه، قال: فقطع، ثم جئ به الثانية، فقال: اقتلوه، فقالوا: يا رسول الله إنما سرق، قال: اقطعوه،... فأتى به الخامسة فقال: اقتلوه، قال جابر: فانطلقنا به فقتلناه، ثم اجتررناه فألقيناه في بئر، ورمينا عليه الحجارة ". (1) قلت: وهو خالد بن أبي ذئب. (*)
[ 87 ]
أحرجه أبو داود (4410) والنسائي (2 / 262) والبيهقي (8 / 272) وقال النسائي: " وهذا حديث منكر، ومصعب بن ثابت، ليس بالقوي في الحديث. والله أعلم ". قلت: ولكنه لم يتفرد به، بل تابعه هشام بن عروة، وله عنه ثلاث طرق: الاولى: عن محمد بن يزيد بن سنان نا أبي عنه. قلت: ومحمد بن يزيد وأبوه ضعيفان. الثانية: عن عائذ بن حبيب عنه. قلت: وعائذ هذا صدوق كما في " التقريب ". الثالثة: عن سعيد بن يحيى نا هشام بن عروة به مثله. قلت: وسعيد هذا هو ابن يحيى بن صالح اللخمي كما في " نصب الراية " (3 / 372) وقال: " وفيه مقال ". قلت: هو يسير لا يمنع من الاحتجاج بحديثه، وفي " التقريب ". " صدوق وسط، ماله في البخاري سوى حديث واحد ". أخرج هذه الطرق الدارقطني في " السنن " (364)، وهي وإن كانت لا تخلو مفرداتها من ضعف، ولكنه ضعف يسير، فبعصها يقوي، بعضا، كما هو مقرر في " المصطلح " فإذا انضم إليها طريق مصعب ازداد الحديث بذلك قوة، لاسيما وله شاهد من حديث الحارث بن حاطب مع شئ من المغايرة فإن لفظه: " وأن النبي (صلى الله عليه وسلم) أتي بلص، فقال: اقتلوه، فقالوا: يا رسول الله إنما سرق، فقال: اقتلوه، قالوا: يا رسول الله إنما سرق، قال: اقطعوا يده، قال: ثم
[ 88 ]
سرق، فقطعت رجله، ثم سرق على عهد أبي بكر رضي الله عنه حتى قطعت قوائمه كلها، ثم سرق أيضا الخامسة، فقال أبو بكر رضي الله عنه: كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أعلم بهذا حين قال: " اقتلوه " ثم دفعه إلى فتية من قريش ليقتلوه منهم عبد الله بن الزبير، وكان يحب الامارة، فقال: أمروني عليكم، فأمروه، فكان إذا ضرب ضربوه حتى قتلوه ". أخرجه النسائي (2 / 262) والحاكم (4 / 382) والبيهقي (8 / 272 - 273) والطبراني في " المعجم الكبير " (1 / 166 / 2) من طريق حماد بن سلمة قال: أنبأنا يوسف بن سعد عنه. وقال الحاكم: " صحيح الاسناد ". قلت: " بل منكر ". وأقول: كذا قال، لم يبين وجه نكارته، ولعلها من جهة متنه لمخالفته لحديث جابر من طريقين، لا سيما وقد خولف حماد في إسناده، فقال خالد الحذاء عن يوسف بن يعقوب عن محمد بن حاطب أن الحارث بن حاطب... فذكر نحوه. أخرجه الطبراني. ويوسف بن يعقوب هذا لم أعرفه، بخلاف يوسف بن سعد فقد وثقه ابن معين وابن حبان، وقد ذكروا قي الرواة عنه خالد الحذاء، فلعل قوله في روايته في " المعجم " "... ابن يعقوب " تحريف. والله أعلم. والخلاصة أن الحديث من رواية جابر ثابت بمجموع طريقيه، وهو في المعنى مثل حديث أبي هريرة فهو على هذا صحيح إن شاء الله تعالى (1). ثم وجدت له شاهدا آخر عن عبد ربه بن أبي أمية أن الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة وابن سابط الاحول حدثاه أن النبي (صلى الله عليه وسلم): أتي بعبد... الحديث مثل حديث جابر دون قوله: فأتى به الخامسة... (1) وقد أشار إلى تصحيحه الامام الثافعى بقوله: منسوخ. ذكره البيهقي عنه 8 / 275. (*)
[ 89 ]
أخرجه ابن أبي شيبة (11 / 61 - 62) والبيهقي (8 / 273) وقال: " وهو مرسل حسن بإسناد صحيح " كذا قال ! وابن أبي أمية لم يوثقه أحد. وفي " التقريب ": " مجهول ". 2435 - (روي عن علي أنه كان يقطع من شطر القدم ويترك له عقبا يمشي عليه). حسن. تقدم تحت الحديث (2433)، وله طريق أخرى عن النعمان بن مرة الزرقي: " أن عليا قطع سارقا من الخصر خصر القدم ". أخرجه ابن أبي شيبة (11 / 74 / 2) عن محمد بن إسحاق عن حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف عنه. قلت: فهو إسناد حسن لولا عنعنة ابن إسحاق، لكنه يتقوى بالطريق المتقدمة. 2436 - (أثر " أتي عمر رضى الله عنه برجل أقطع الزند والرجل قد سرق فأمر به عمر أن تقطع رجله فقال علي: إنما قال الله تعالى (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله...) الآية. وقد قطعت يد هذا ورجله فلا ينبغي أن تقطع رجله فتدعه ليس له قائمة يمشى عليها. إما أن تعزره وإما أن تستودعه السجن فاستودعه السجن ". رواه سعيد). حسن. أخرجه البيهقى (8 / 274) من طريق سعيد بن منصور ثنا أبو الاحوص ثنا سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن عائذ قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد حسن رجاله ثقات رجال مسلم، غير عبد الرحمن بن عائذ، وهو ثقة. وفي سماك كلام يسير لا يضر.
[ 90 ]
2437 - (عن سعيد المقبري قال: " حضرت علي بن أبي طالب أتي برجل مقطوع اليد والرجل قد سرق فقال لاصحابه: ما ترون في هذا ؟ قالوا: اقطعه يا أمير المؤمنين قال: قتلته إذا وما عليه القتل، بأي شئ يأكل الطعام بأي شئ يتوضأ للصلاة بأي شئ يغتسل من جنابته ؟ بأي شئ يقوم لحاجته ؟ فرده إلى السجن أياما ثم أخرجه فاستشار أصحابه فقالوا مثل قولهم الاول، وقال لهم مثل ما قال أولا فجلده جلدا شديدا ثم أرسله " رواه سعيد) لم أقف على سنده إلى المقبري، وقد توبع، فقال عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة: " أن عليا رضى الله عنه أتي بسارق فقطع يده، ثم أتي به فقطع رجله، ثم أتى به، فقال: أقطع يده ؟ بأي شئ يتمسح، وبأي شئ يأكل ؟ ثم قال: اقطع رجله ؟ على أي شئ يمشى ؟ إنى لاستحيى الله، قال: ثم ضربه وخلده السجن ". أخرجه الدارقطني (364) والبيهقي (8 / 275) وابن أبى شيبة (11 / 62 / 1) من طرق عن عمرو به. ورجاله ثقات إلا أن عبد الله بن سلمة كان تغير حفظه. وقد تابعه الشعبى عند الدارقطني وابن أبي شيبة. لكنه لم يسمع منه فيجوز أن يكون تلقاه من عبد الله هذا. وتابعه أيضا محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، ولم يسمع من جده أيضا. أخرجه ابن أبي شيبة. 2438 - (حديث أبي هريرة " من سرق فاقطعوا يده ثم إن سرق فاقطعوا رجله ")
[ 91 ]
صحيح. وتقدم قبل ثلاثة أحاديث. 2439 - (أثر " أن أبا بكر وعمر قطعا اليد اليسرى في المرة الثالثة ") صحيح. أخرج ابن أبي شيبة (11 / 61 / 6) والبيهقي (8 / 273 - 274) من طريق عبد الرحمن ابن القاسم عن أبيه أن أبا بكر أراد أن يقطع الرجل بعد اليد والرجل، فقال له عمر: السنة اليد. قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين غير أن القاسم، وهو ابن محمد بن أبي بكر الصديق لم يسمع من جده أبي بكر. لكن يقويه أن له طريقا أخرى عن نافع عن صفية بنت أبي عبيد: " أن رجلا سرق على عهد أبي بكر رضى الله عنه مقطوعة يده ورجله، فأراد أبو بكر رضى الله عنه أن يقطع رجله ويدع يده يستطيب بها، ويتطهر بها، وينتفع بها، فقال عمر: لا والذي نفسي بيده، لتقطعن يده الاخرى، فأمر به أبو بكر رضى الله عنه فقطعت يده ". أخرجه البيهقى من طريق سعيد بن منصور ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن موسى بن عقبة عن نافع. قلت: وهذا إسناد حسن. وأخرج هو والدار قطني (364) وابن أبي شيبة عن عكرمة عن ابن عباس قال: " رأيت عمر بن الخطاب قطع يد رجل بعد يده ورجله ". وإسناده صحيح على شرط البخاري.
[ 92 ]
باب حد قطاع الطريق 2440 - (قال ابن عباس نزلت " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون.... " في قطاع الطريق من المسلمين " وحكي: في المرتدين. وقال أنس: نزلت في العرنيين الذين استاقوا إبل الصدقة وارتدوا. لم أره هكذا في شئ من كتب السنة التى عندي، حتى ولا في " الدر المنثور "، وإنما أخرج الشافعي (1531) وعنه البيهقى (8 / 283) من طريق إبراهيم عن صالح مولى التوأمة عن ابن عباس في قطاع الطريق إذا قتلوا وأخذوا المال قتلوا وصلبوا، وإذا قتلوا ولم يأخذوا المال قتلوا ولم يصلبوا وإذا أخذوا المال ولم يقتلوا قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف، وإذا أخافوا السبيل ولم يأخذوا مالا نفوا من الارض ". قلت: وهذا إسناد واه جدا، صالح مولى التوأمة ضعيف، وإبراهيم وهو ابن أبى يحيى الاسلمي وهو متروك. وأخرجه ابن جرير (6 / 136) والبيهقي (8 / 283) من طريق محمد بن سعد: قال: ثني أبي قال: ثني عمى قال ثنى أبي عن أبيه عن ابن عباس قوله: (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله...) إذا حارب فقتل فعليه القتل إذا ظهر عليه قبل توبته، وإذا حارب وأخذ المال، وقتل فعليه الصلب إن ظهر عليه قبل توبته، وإذا حارب وأخذ ولم يقتل فعليه قطع اليد والرجل من خلاف
[ 93 ]
إن ظهر عليه قبل توبته، وإذا حارب وأخاف السبل فإنما عليه النفى " زاد البيهقي " ونفيه أن يطلب ". وهذا سند ضعيف قلت: فالروايتان مع ضعف إسنادهما ليس، فيهما أن الآية نزلت في قطاع الطريق.. وإنما فيهما أن ابن عباس فسرها بذلك، وفرق ظاهر بين الامرين كما لا يخفى. لا سيما وقد جاء عن ابن عباس خلافه قال: " نزلت هذه الاية في المشركين، فمن تاب منهم قبل أن يقدر عليه لم يمنعه ذلك أن يقام فيه الحد الذي أصابه ". أخرجه أبو داود (4372) والنسائي (2 / 169) من طريق على بن حسين عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عنه. وهذا إسناد جيد، وقال الحافظ في " التلخيص " (4 / 72): " إسناده حسن ". قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن عبيدالله، وهو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب. قال أبو حاتم: لا أعرفه. والحديث صحيح عن أنس كما يأتي في الذي بعده. 2441 - (وحكي عن ابن عمر أنها نزلت في المرتدين). لم أقف على سنده. وقد ذكر الحافظ في " التلخيص " (4 / 72) أن ابن المنذر نقله عن الحسن وعطاء وعبد الكريم. والمعروف عن ابن عمر أنها نزلت في العرنيين، كما أخرج أبو داود (4369) والنسائي (2 / 168) من طريق سعيد بن أبى هلال عن أبي الزناد عن عبد الله بن عبيد الله عنه: " أن ناسا أغاروا على إبل النبي (صلى الله عليه وسلم) فاستاقوها، وارتدوا عن الاسلام
[ 94 ]
وقتلوا راعي رسول الله مؤمنا، فبعث في آثارهم، فأخذوا، فقطع أيديهم وارجلهم، وسمل أعينهم، قال: ونزلت فيهم آية المحاربة، وهم الذين أخبر عنهم أنس بن مالك الحجاج حين سأله ". 2442 - (وقال أنس: نزلت في العرنيين الذين استاقوا إبل الصدقة وارتدوا "). صحيح. وهو متفق عليه من طرق عن أنس، وقد ذكرت لفظه بتمامه في " الطهارة " رقم (177). 2443 - (روى الشافعي بإسناده عن ابن عباس " إذا قتلوا وأخذوا المال: قتلوا وصلبوا. وإذا قتلوا ولم يأخذوا المال. قتلوا ولم يصلبوا. وإذا أخذوا المال ولم يقتلوا: قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف، وإذا أخافوا السبيل ولم يأخذوا مالا: نفوا من الارض "). ضعيف جدا. وسبق إسناده قريبا (2440). 2444 - (روى أبو داود بإسناده عن ابن عباس قال " وادع رسول الله أبا برزة الاسلمي فجاء ناس يريدون الاسلام فقطع عليهم أصحابه فنزل جبريل عليه السلام بالحد، فيهم أن من قتل وأخذ المال قتل وصلب، ومن قتل ولم يأخذ المال قتل. ومن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف "). لم أقف عليه لا في أبي داود ولا في غيره وليس له ذكر في " الدر " ولا في غيره. 2445 - (قال ابن عباس: " نفيهم إذا هربوا أن يطلبوا حتى يؤخذوا فتقام عليهم الحدود "). لم أره بهذا اللفظ، ومعناه في حديثه المتقدم تحت رقم (2442).
[ 95 ]
فصل في دفع الاذى 2446 - (حديث أبي هريره " جاء رجل فقال: يا رسول الله ! أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي ؟ قال: فلا تعطه قال: أرأيت إن قاتلني قال: قاتله. قال: أرأيت إن قتلني ؟ قال: فأنت شهيد. قال: أرأيت إن قتلته ؟ قال: هو قي النار " رواه أحمد ومسلم. وفي لفظ لاحمد: " أنه قال له أولا: أنشده الله. قال: فإن أبى ؟ قال: قاتله "). صحيح. أخرجه مسلم (1 / 87) وأبو عوانة أيضا (1 / 43 - 44) من طريق العلاء ابن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة به. وأخرجه النسائي (2 / 173) وأحمد (2 / 239، 360) من طريق عمرو بن قهيد بن مطرف الغفاري عن أبى هريرة قال: " جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فقال: يا رسول الله أرأيت إن عدى على مالي ؟ قال: فأنشد الله، قال: فإن أبوا علي ؟ قال: أنشد الله، قال: فإن أبوا علي، قال: فأنشد الله، قال: فإن أبو علي ؟ قال: فقاتل فإن قتلت ففى الجنة، وإن قتلت ففي النار ". قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين غير عمرو بن قهيد بن مطرف، قال الحافظ: صوابه عمرو عن قهيد. وعمرو هو ابن أبي عمرو مولى المطلب. وقال في ترجمة قهيد:
[ 96 ]
" قيل: له صحبة ". وللحديث شاهد من رواية قابوس بن مخارق عن أبيه قال: " جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: الرجل يأتيني فيريد مالي ؟ قال: ذكره بالله، قال: فإن لم يذكرة فاستق عليه من حولك من المسلمين، قال: فإن لم يكن حولي أحد من المسلمين ؟ قال: فاستق عليه السلطان، قال. فإن نأى السلطان عنى ؟ قال: قاتل دون مالك حتى تكون من شهداء الآخرة، أو تمنع مالك ". أخرجه النسائي بسند حسن. 2447 - (وعن ابن عمر مرفوعا: " من أريد ماله بغير حق فقاتل فقتل فهو شهيد " رواه الخلال بإسناده). صحيح. وقد مضى تخريجه برقم (1528). 2448 - (قول أنس " فزع أهل المدينة ذات ليلة فانطلق أناس قبل الصوت فتلقاهم النبي (صلى الله عليه وسلم) راجعا وقد سبقهم إلى الصوت وهو على فرس لابي طلحة عري في عنقه السيف وهو يقول لم تراعوا لم تراعوا متفق عليه). صحيح. أخرجه البخاري (2 / 226، 257، 4 / 121) ومسلم (7 / 72) وكذا الترمذي (1 / 316) وابن ماجه (2772) وأحمد (3 / 147، 185، ء - ء من ئرق عن حماد بن زيد عن ثابت عن أنس به. وزاد أحمد: " قال أنس: وكان الفرس قبل ذلك يبطأ، قال: ما سبق بعد ذلك ". قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ".
[ 97 ]
وأخرخه البخاري (2 / 241) وأحمد (3 / 261) من طريق محمد بن سيرين عن أنس به نحوه، وفيه الزيادة بلفظ: " قال: فوالله ما سبق بعد ذلك اليوم ". وأخرجه مسلم والترمذي من طريق قتادة عن أنس به نحوه، ة صرح قتادة بالسماع من ينس في رواية لمسلم. 2449 - (حديث " انصر أخاك ظالما أو مظلوما "). صحيح. وهو من حديث أنس بن مالك، وجابر بن عبد الله، وعبد الله ابن عمر. 1 - أما حديث أنس فله عنه طرق: الاولى: عن حميد عنه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: فذكره وتمامه: " قيل يا رسول الله هذا ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما، قال: تمنعه من الظلم ". أخرجه البخاري (2 / 98) والترمذي (2 / 41 - 42) وأحمد (3 / 201) واللفظ له، وقال البخاري: " تأخذ فوق يديه ". وقال الترمذي: " تكفه عن الظلم، فذاك نصرك إياه ". وقال: " هذا حديث حسن صحيح ". الثانية: عن عبيد الله بن أبي بكر بن أنس عنه نحوه وفيه: (تحجزه، أو تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره ". أخرجه البخاري (2 / 98، 4 / 338) وأحمد (3 / 99).
[ 98 ]
2 - حديث جابر. يرويه أبو الزبير عنه قال: " القتتل غلامان غلام من المهاجرين، وغلام من الانصار، فنادى المهاجر أو المهاجرون: بالمهاجرين، ونادى الانصاري: يا للانصار فخرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: ما هذا ؟ ! دعوى أهل الجاهلية ؟ ! قالوا: لا يا رسول الله إلا أن غلامين اقتتلا، فكسع أحدهما الاخر، قال: فلا بأس، ولينصر الرجل أخاه ظالما أو مظلوما إن كان ظالما فلينهه، فإنه له نصر، وإن كان مظلوما فلينصره ". أخرجه مسلم (8 / 19) والسياق له، والدارمى (2 / 311) وأحمد (3 / 323) من طريق زهير عن أبي الزبير به. وصرح أبو الزبير بالتحديث عند أحمد فزالت بذلك شبهة تدليسه. 3 - حديث ابن عمر: يرويه عاصم بن محمد بن زيد العمري عنه مرفوعا مثل حديث أنس. أخرجه ابن عمر. يرويه عاصم بن محمد بن زيد العمري عنه مرفوعا مثل حديث أنس. أخرجه إبن حبان (1847) من طريق محفوظ بن أبى توبة حدثنا على بن عياش حدثنا أبو إسحاق الفزاري عن عاصم بن محمد بن زيد. 2450 - (روى أحمد وغيره " النهي عن خذلان المسلم والامر بنصر المظلوم "). صحيح. أما الامر بنصر المظلوم فتقدم في الحديث الذي قبله. وأما النهى عن خذلان المسلم، فورد من حديث عبد الله بن عمر، وأبى هريرة وشيخ من بنى سليط. 1 - أما حديث ابن عمر، فله طريقان:
[ 99 ]
الاولى. عن سالم عنه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: " المسلبم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ". أخرجه البخاري (4 / 338). الثانية: عن نافع عنه به إلا أنه قال: " لا يظلمه ولا يخذله، ويقول: والذي نفس محمد بيده ما تواد اثنان ففرق بينهما إلا بذنب يحدثه أحدهما وكان يقول: للمرء المسلم على أخيه من المعروف ست: يشمته إذا عطس، ويعوده إذا مرض، وينصحه إذا غاب، ويشهده، ويسلم عليه إذا لقيه، ويجيبه إذا دعاه ويتبعه إذا مات، ونهى عن هجرة المسلم أخاه فوق ثلاث ". أخرجه أحمد (2 / 68) من طريق ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن نافع. قلت: وابن لهيعة ضعيف لسوء حفظه، لكن حديثه هذا صحيح لان له شواهد في عدة أحاديث. 2 - أما حديث أبى هريرة فله عنه طريقان: الاولى: عن أبي سعيد مولى عامر بن كريز عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم... " مثل حديث ابن لهيعة إلا أنه زاد: "... ولا يحقره، التقوى ههنا، ويشير إلى صدره ثلاث مرات، بحسب إمرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه ".
[ 100 ]
أخرجه مسلم (8 / 11) وأحمد (2 / 277، 311، 360) الاخرى: عن أبي صالح عن أبي هريرة به مثل الطريق الاولى مع اختصار بعض الفقرات. أخرجه الترمذي (1 / 350) من طريق هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبى صالح. وقال: " حديث حسن غريب ". 3 - حديث شيخ بنى سليط، يرويه الحسن البصري أنه أخبره قال: " أتيت النبي (صلى الله عليه وسلم) أكلمه في سبى أصيب لنا في الجاهلية، فإذا هو قاعد، وعليه حلقة قد أطافت به، وهو يحدث القوم عليه إزار قطر له غليظ، قال سمعته يقول وهو يشير بأصبعه: " المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، التقوى ههنا، التقوى ههنا، يقول: أي في القلب ". أخرجه أحمد (4 / 66، 5 / 71، 379) عن المبارك بن فضالة ثنا الحسن به. قلت: وهذا إسناد حسن، فإن المبارك إنما يخشى منه التدليس، وقد صرح بالتحديث بينه وبين الحسن وبين هذا والشيخ السليطي. وقد تابعه عباد بن راشد عن الحسن به. أخرجه أحمد (4 / 69، 5 / 24، 381). 2451 - (روي عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال في الفتنة: " إجلس في بيتك فإن خفت أن يبهرك شعاع السيف فغط وجهك "). وفي لفظ " فكن كخير ابني آدم " وفي لفظ " فكن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل ").
[ 101 ]
صحيح. وهو من أحاديث جمع من الصحابة رضى الله عنهم: الاول: عن أبى ذر قال: قال لي رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " يا أبا ذر، قلت لبيك يا رسول الله وسعديك، فذكر الحديث، قال فيه: كيف أنت إذا أصاب الناس موت يكون البيت فيه بالوصيف ؟ قلت: الله ورسوله أعلم، أو قال: ما خار الله لي ورسوله، قال: عليك بالصبر أو قال: تصبر ثم قال لي: يا أبا ذر ! قلت لبيك وسعديك، قال: كيف أنت إذا رأيت أحجار الزيت قد غرقت بالدم، قلت: ما خار الله لي ورسوله، قال عليك بمن أنت منه، قلت: يا رسول الله أفلا آخذ سيفى وأضعه علما عاتقي قال: شاركت القوم إذن، قلت: فما تأمرني ؟ [ قال ]: تلزم بيتك، قلت: فإن دخل على بيتي، قال: فإن خشيت أن يبهرك شعاع السيف، فألق ثوبك على وجهك يبوء بإثمك وإثمه ". أخرجه أبو داود (4261) وابن ماجه (3958) والحاكم (4 / 424) والبيهقي (8 / 191) عن حماد بن زيد عن أبى عمران الجونى عن المشعث بن طريف عن عبد الله بن الصامت عن أبى ذر. وقال أبو داود: " لم يذكر المشعث في هذا الحديث غير حماد بن زيد ". قال الحافظ في " التهذيب ": " وقد رواه جعفر بن سليمان وغير واحد عن أبى عمران عن عبد الله بن الصامت نفسه. فالله تعالى أعلم ". قلت: أخرجه ابن حبان (1862) عن مرحوم بن عبد العزيز، والحاكم (4 / 423) وابن حبان أيضا (1863) عن حماد بن سلمة، وأحمد (5 / 163) عن عبد العزيز بن عبد الصمد العمى، ثلاثتهم قالوا: ثنا عبد الله ابن الصامت به. قلت: فهؤلاء ثلاثة ثقات ورابعهم جعفر بن سليمان (1) كلهم لم يذكروا (1) ثم وجدت له متابعا، وهو شعبة، أخرجه البيهقى.
[ 102 ]
في الاسناد المشعث بن طريف، فهم أحفظ من حماد بن زيد، وعليه فالسند صحيح، وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين " ! ووافقه الذهبي ! قلت: وحماد بن سلمة إنما احتج به مسلم وحده، ومثله عبد الله بن الصامت. الثاني: عن أبي موسى قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " إن بين يدي الساعة فتنا كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمنا، ويمسي كافرا، ويمسي مؤمنا، ويصبح كافرا، القاعد فيها خير من القائم، والماشي فيها خير من الساعي، فكسروا قسيكم، وقطعوا أوتاركم واضربوا سيوفكم بالحجارة، فإن دخل بغي على أحد منكم فليكن كخير ابني آدم ". أخرجه أبو داود (4259) وابن حبان (1869) والبيهقي عن عبد الوارث بن سعيد عن محمد بن جحادة عن عبد الرحمن بن ثروان عن هزيل بن شرحبيل عنه. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري. وله شاهد من حديث حذيفة، يرويه ربعى بن حراش عنه قال: " قيل: يا أبا عبد الله ما تأمرنا إذا اقتتل المصلون ؟ قال: آمرك أن تنظر أقصى بيت من دارك فتلج فيه، فإن دخل عليك فتقول: ها بؤ بإثمي وإثمك، فتكون كابن آدم ". أخرجه الحاكم (4 / 444 - 445) من طريق الحسين بن حفص ثنا سفيان عن منصور عن ربعى بن حراش. وقال: " حديث صحيح على شرط الشيخين ". قلت: الحسين بن حفص لم يخرج له البخاري، فهو على شرط مسلم وحده.
[ 103 ]
وله طريق أخرى عن حذيفة قال: " إياك والفتن لا يشخص لها أحد، فوالله ما شخص منها أحد إلا نسفته كما ينسف السيل الدمن، إنها مشبهة مقبلة حتى يقول الجاهل هذه تشبه مقبلة، وتتبين مدبرة، فإذا رأيتموها فاجتمعوا في بيوتكم واكسروا قسيكم، واقطعوا أوتاركم، وغطوا وجوهكم ". أخرجه الحاكم (4 / 448) من طريق أبي إسحاق عن عمارة بن عبد عنه وقال: " صحيح الاسناد ". ووافقه الذهبي. قلت: عمارة بن عبد قال الذهبي في " الميزان ": " مجهول لا يحتج به. قاله أبو حاتم، وقال أحمد: مستقيم الحديث، لا يروي عنه غير أبي إسحاق ". قلت: وهو بهذا اللفظ شاهد للحديث الاول كما هو ظاهر، وهو شاهد جيد إن شاء الله تعالى. الثالث: عن خباب بن ألارت أن النبي (صلى الله عليه وسلم) ذكر فتنة فقال، فذكر مثل حديث أبي موسى إلا أنه قال: " والماشي خير من الساعي، فإن أدركتك فكن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل ". أخرجه أحمد (5 / 110) والاجري في " الشريعة " (ص 42 - 43) والطبراني في " المعجم الكبير " (1 / 188 / 1) عن حميد بن هلال عن رجل من عبد القيس كان مع الخوارج ثم فارقهم عن عبد الله بن خباب عن أبيه. وفيه قصة. ورجاله ثقات غير الرجل الذي لم يسم. لكن يشهد له حديث جندب بن سفيان قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
[ 104 ]
فذكره نحو حديث أبي موسى مختصرا وفيه: " فقال رجل من المسلمين: فكيف نصنع عند ذلك يا رسول الله ؟ قال: ادخلوا بيوتكم، واخملوا ذكركم، فقال رجل: أرأيت إن دخل على أحدنا بيته ؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): لتمسك بيده، ولتكن عبد الله المقتول، ولا تكن عبد الله القاتل، فإن الرجل يكون في فئة الاسلام فيأكل مال أخيه، ويسفك دمه، ويعصى ربه، ويكفر بخالقه، وتجب له النار ". أخرجه الطبراني (1 / 86 / 2) عن عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب عنه. قلت: وهذا إسناد جيد بالذي قبله، فإن شهرا إنما نخشى منه سوء الحفظ، ومتابعة ذلك الرجل القيسي إياه دليل على أنه قد حفظ. والله أعلم. الرابع: عن سعد بن أبي وقاص نحو حديث أبي موسى وفيه: " أفرأيت إن دخل علي بيتى فبسط يده إلي ليقتلني ؟ قال: كن كابن آدم ". أخرجه أحمد (1 / 185) بسند صحيح على شرط مسلم. الخامس عن خالد بن عرفطة قال: قال لي رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " يا خالد إنها ستكون بعدي أحداث وفتن واختلاف، فإن استطعت أن تكون عبد الله المقتول لا القاتل فافعل " أخرجه أحمد (5 / 292) والحاكم (3 / 281) من طريق علي بن زيد عن أبي عثمان النهدي عنه. سكت عنه الحاكم والذهبي، وعلي بن زيد هو ابن جدعان، سئ الحفظ، لكن الاحاديث التى قبله تشهد له.
[ 105 ]
باب قتال البغاة 2452 - (حديث: " من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم ويفرق جماعتكم فاقتلوه ") صحيح. أخرجه مسلم (6 / 23) والبيهقي (8 / 169) عن يونس بن أبى يعفور عن أبيه عن عرفجة قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: فذكره. ثم أخرجه هو وأحمد (4 / 261) وكذا أبو داود (4762) والنسائي (2 / 166) والبيهقي (8 / 168) من طريق زياد بن علاقة قال: سمعت عرفجة فذكره بلفظ: " إنه ستكون هنات وهنات، فمن أراد أن يفرق يمر أمر هذه الامة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان ". 2453 - (عن ابن عباس مرفوعا: " من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر عليه فإنه من فارق الجماعة شبرا فميتته جاهلية ". متفق عليه). صحيح. أخرجه البخاري (4 / 367، 385) ومسلم (6 / 21) وكذا الدارمي (2 / 241) وأحمد (1 / 275، 297، 310) من طريق أبي رجاء العطاردي قال: سمعت ابن عباس يرويه عن النبي (صلى الله عليه وسلم)
[ 106 ]
2454 - (قال الشيخ تقي الدين: " قد أوجب النبي (صلى الله عليه وسلم) تأمير الواحد في الاجتماع القليل العارض في السفر، وهو تنبيه على أنواع الاجتماع " (1). قلت: يشير إلى حديث. " إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم ". أخرجه أبو داود (2608)، حدثنا علي بن بحر بن بري ثنا حاتم بن إسماعيل ثنا محمد بن عجلان عن نافع عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: فذكره. ثم ساق بهذا الاسناد عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: " إذا كان ثلاثة في سفر... " قال نافع: فقلنا لابي سلمة: فأنت أميرنا ". قلت: ورجاله ثقات، إلا أن محمد بن عجلان مع ثقته، قد تكلم في حديثه عن سعيد المقبري، وعن نافع، فقد روى العقيلي في ترجمته من " الضعفاء " (394) عن أبي بكر بن خلاد قال: سمعت يحيى يقول: كان ابن عجلان مضطرب الحديث في حديث نافع، ولم يكن له تلك القيمة عنده ". قلت: وهذا الحديث كأنه مما اضطرب فيه ابن عجلان، فقال مرة: عن نافع عن أبى سلمة عن أبى سعيد. ومرة: عن أبي سلمة عن أبي هريرة. ولكن هذا الاضطراب مما لا يؤثر في صحة الحديث، لانه انتقال من صحابي إلى آخر، وكل حجة. فالحديث صحيح إن شاء الله تعالى. وله شاهد من حديث ابن عمر مرفوعا مثل رواية أبي هريرة. أخرجه البزار في حديث ورجاله رجال الصحيح خلا عنبس بن مرحوم وهو ثقة كما في " المجمع " (5 / 255). (1) - يقصد شيخ الاسلام احمد بن عبد الحليم ابن تيمية رحمه الله تعالى (*)
[ 107 ]
وأخرجه عن عمر بن الخطاب قال: فذكره موقوفا لكنه زاد في آخره: " ذاك أمير أمره رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ". ورجاله رجال الصحيح خلا عمار بن خالد وهو ثقة. 2455 - (قوله (صلى الله عليه وسلم) في حديث العرباض وغيره: " والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد.. " الحديث). صحيح. أخرجه أبو داود (4607) والترمذي (2 / 112 - 113) والدارمي (1 / 44 - 45) وابن ماجه (43 و 44) وابن نصر في " السنة " (ص 21) وابن حبان في " صحيحه " (1 / 4 / 4 - الفارسي) والآجري في " الشريعة " (ص 46 و 47) وأحمد (4 / 126) والحاكم (1 / 95 - 97) واللالكائى في " شرح أصول اعتقاد أهل السنة " (ق 228 / 1) والهروي في " ذم الكلام " (69 / 1 - 2) وابن عبد البر في " جامع بيان العلم " (2 / 181 - 182) وابن عساكر في " تاريخ دمشق " (11 / 265 / 1 - 266 / 1) من طريق عبد الرحمن ابن عمرو السلمى، وحجر بن حجر قالا: " أتينا العرباض بن سارية وهو ممن نزل فيه: (ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت: لا أجد ما أحملكم عليه) فسلمنا وقلنا: أتيناك زائرين وعائدين ومقتبسين، فقال العرباضن: صلى بنا رسول (صلى الله عليه وسلم) ذات يوم، ثم أقبل علينا، فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا ؟ فقال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن عبدا حبشيا، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتى وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الامور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة ". والسياق لابي داود، ولم يذكر الترمذي وغيره في سنده " حجر بن حجر "
[ 108 ]
وقال: " حديث حسن صحيح ". وقال الهروي. " وهذا من أجود حديث في أهل الشام ". وقال البزار: " حديث ثابت صحيح ". وقال ابن عبد البر: " حديث ثابت ". وقال الحاكم: " صحيح ليس له علة ". وصححه أيضا الضياء المقدسي في جزء " اتباع السنن واجتناب البدع " (ق 79 / 1). (1) وله طريق ثالثة يرويه عبد الله بن العلاء بن زيد عن يحيى بن أبي المطاع قال: سمعت العرباض بن سارية السلمي يقول: فذكره بنحوه دون قوله: " وإن عبدا حبشيا ". أخرجه ابن نصر (22) والحاكم (1 / 97). قلت: ورجاله ثقات، إلا أن دحيما أنكر أن يكون يحيى هذا سمع العرباض !. وله طريق رابع، قال الحارث بن أبي أسامة في " المسند " (19 - من زوائده) حدثنا سعيد بن عامر عن عوف عن رجل سماه أحسبه قال: سعيد بن خثيم عن رجل من الانصار من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الذين وقعوا إلى الشام قال: وعظنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)... الحديث نحوه. قلت: وهذا إسناد حسن رجاله ثقات رجال مسلم غير سعيد بن خثيم، وهو صدوق كما في " التقريب ". (1) وإن من أعظم كتب الضياء المقدسي وأنفعها " المختارة " - وكنت قد استنسختها قديما - ويقوم استاذنا المؤلف الشيح محمد ناصر الدين الالباني حفظه الله على تحقيقها، وإعدادها للطبع، وقد قارب على الانتهاء من الفصل الخاص بفضائل العشرة المبشرين بالجنة، نرجو الله أن ييسر إخراجه إلى عالم المطبوعات ليكون فيه النفع العام (زهير)
[ 109 ]
(تنبيه): لم أر في جميع هذه الطرق اللفظ الذي في الكتاب: " وإن تأمر ". وكلهم قالوا: " وإن عبدا حبشيا ". وله شاهد من حديث أنس مرفوعا: " اسمعوا وأطيعوا، وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة " أخرجه البخاري (4 / 385). 2456 - (حديث " ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " رواه البخاري). صحيح. أخرجه البخاري (3 / 184 و 4 / 376) وكذا النسائي (2 / 305) والترمذي (2 / 43) والحاكم (3 / 118 - 119) وأحمد (5 / 43 و 47 و 51) عن طرق عن الحسن عن أبي بكرة قال: " لقد نفعني الله بكلمة سمعتها من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أيام الجمل بعد ما كدت أن ألحق بأصحاب الجمل فأقاتل معهم، قال: لما بلغ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن أهل فارس قد ملكوا عليهم بنت كسرى قال: " لن يفلح قوم... ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". قلت: والحسن هو البصري، وهو مدلس، وقد عنعنه في جميع الطرق المشار إليها. لكن للحديث طريق أخرى عن أبي بكرة، أخرجه أحمد (5 / 38 و 47) من طريق عيينة: حدثنى أبي عن أبي بكرة بلفظ: " لن يفلح قوم أسندوا أمرهم امرأة ". قلت: وإسناده جيد، وعيينة هو ابن عبد الرحمن بن جوشن، وهو ثقة وكذلك أبوه.
[ 110 ]
2457 - (حديث " إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان "). صحيح. أخرجه البخاري (4 / 367) ومسلم (6 / 17) وأحمد (5 / 314 و 321) عن طريق جنادة بن أبي أمية قال: " دخلنا على عبادة بن الصامت وهو مريض، فقلنا: أصلحك الله حدث بحديث ينفعك الله به سمعته من النبي (صلى الله عليه وسلم)، قال: " دعانا النبي (صلى الله عليه وسلم) فبايعنا، فقال فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا، وأن لا ننازع الامر أهله، إلا أن تروا كفرا... ". 2458 - (أن عليا رضى الله عنه راسل أهل البصرة يوم الجمل قبل الوقعة، وأمر أصحابه أن لا يبدؤوهم بقتال وقال: إن هذا يوم من فلح فيه فلح يوم القيامة ". ضعيف. أخرجه البيهقي (8 / 108 - 181) من طريق يحيى بن سعيد قال: حدثنى عمى أو عم لي قال: " لما توافقنا يوم الجمل، وقد كان على رضى الله عنه حين صفنا نادى في الناس: لا يرمين رجل بسهم، ولا يطعن برمح، ولا يضرب بسيف، ولا تبدؤا القوم بالقتال، وكلموهم بألطف الكلام، وأظنه قال: فإن هذا مقام من فلج فيه، فلج يوم القيامة، فلم نزل وقوفا حتى تعالى النهار، حتى نادى القوم بأجمعهم: يا ثارات عثمان رضي الله عنه، فنادى علي رضى الله عنه محمد بن الحنفية وهو إمامنا ومعه اللواء، فقال: " يا ابن الحنفية ما يقولون ؟ فأقبل محمد ابن الحنفية، فقال: يا أمير المؤمنين، يا ثارات عثمان، فرفع على رضى الله عنه يديه فقال: اللهم كب اليوم قتلة عثمان لوجوههم ". قلت: وإسناده ضعيف لجهالة عم يحيى بن سعيد.
[ 111 ]
2459 - (روى عبد الله بن شداد " أن عليا رضى الله عنه لما اعتزله الحرورية بعث إليهم عبد الله بن عباس فواضعوه كتاب الله ثلاثة أيام فرجع منهم أربعة آلاف "). صحيح. أخرجه الحاكم (2 / 152 - 154) وعنه البيهقي (8 / 179 - 180) وأحمد (1 / 86 - 87) عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن عبد الله بن شداد بن الهاد قال: " قدمت عائشة رضي الله عنها، فبينا نحن جلوس عندها مرجعها من العراق ليالي قوتل علي رضي الله عنه إذ قالت لي: يا عبد الله بن شداد هل أنت صادقي عما أسألك عنه ؟ حدثنى عن هؤلاء القوم الذين قتلهم على، قلت: ومالي لا أصدقك، قالت: فحدثني عن قصتهم، قلت: إن عليا لما أن كاتب معاوية وحكم الحكمين خرج عليه ثمانية آلاف من قراء الناس، فنزلوا أرضا من جانب الكوفة يقال لها: حروراء، وإنهم أنكروا عليه، فقالوا: انسلخت من قميص ألبسكه الله وأسماك به، ثم انطلقت فحكمت في دين الله، ولا حكم إلا لله، فلما أن بلغ عليا ما عتبوا عليه وفارقوه، أمر فأذن مؤذن: لا يدخل على أمير المؤمنين إلا رجل قد حمل القرآن، فلما أن امتلا من قراء الناس الدار، دعا بمصحف عظيم فوضعه على رضى الله عنه بين يديه فطفق يصكه بيده ويقول: أيها المصحف حدث الناس، فناداه الناس، فقالوا: يا أمير المؤمنين ما تسأله عنه، إنما هو ورق ومداد، ونحن نتكلم بما روينا منه فماذا تريد ؟ قال: أصحابكم الذين خرجوا بينى وبينهم كتاب الله تعالى، يقول الله عزوجل في امرأة ورجل: (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله) فأمة محمد (صلى الله عليه وسلم) أعظم حرمة من امرأة ورجل، ونقموا علي أني كاتبت معاوية وكتبت علي بن أبي طالب، وقد جاء سهيل بن عمرو ونحن مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالحديبية حين صالح قومه قريشا، فكتب رسول الله (صلى الله عليه وسلم): بسم الله الرحمن الرحيم، فقال سهيل لا تكتب بسم الله الرحمن الرحيم، قلت: فكيف أكتب ؟ قال: اكتب باسمك اللهم، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): اكتبه، ثم قال. اكتب من محمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فقال: لو نعلم أنك رسول الله لم نخالفك، فكتب: هذا ما صالح
[ 112 ]
عليه محمد بن عبد الله قريشا، يقول الله في كتابه، (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر)، فبعث إليهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه عبد الله بن عباس، فخرجت معه حتى إذا توسطنا عسكرهم قام ابن الكواء فخطب الناس، فقال: يا حملة القرآن إن هذا عبد الله بن عباس فمن لم يكن يعرفه، فأنا أعرفه من كتاب الله هذا، من نزل فيه وفي قومه (بل هم قوم خصمون)، فردوه إلى صاحبه ولا تواضعوه كتاب الله عزوجل، قال: فقام خطباؤهم فقالوا: والله لنواضعنه كتاب الله، فإذا جاءنا بحق نعرفه اتبعناه، ولئن جاءنا بالباطل لنبكتنه بباطله، ولنردنه إلى صاحبه، فواضعوه على كتاب الله ثلاثة أيام، فرجع منهم أربعة آلاف كلهم تائب، فأقبل بهم ابن الكواء حتى أدخلهم على على رضي الله عنه، فبعث علي إلى بقيتهم فقال: قد كان من أمرنا وأمر الناس ما قد رأيتم، قفوا حيث شئتم حتى تجتمع أمة محمد (صلى الله عليه وسلم) وتنزلوا فيها حيث شئتم، بيننا وبينكم أن نقيكم رماحنا ما لم تقطعوا سبيلا وتطلبوا دما، فإنكم إن فعلتم ذلك، فقد نبذنا إليكم الحرب على سواء، إن الله لا يحب الخائنين، فقالت عائشة رضي الله عنها: يا ابن شداد فقد قتلهم، فقال: والله ما بعث إليهم حتى قطعوا السبيل، وسفكوا الدماء وقتلوا ابن خباب، واستحلوا أهل الذمة، فقالت: آلله ؟ قلت: الله الذي لا إله إلا هو لقد كان، قالت: فما شئ بلغني عن أهل العراق يتحدثون به يقولون: ذو الثدي ذو الثدي ؟ قلت: قد رأيته ووقفت عليه مع علي رضى الله عنه في القتلى، فدعا الناس فقال: هل تعرفون هذا ؟ فما أكثر من جاء يقول: قد رأيته في مسجد بني فلان يصلى، ورأيته في مسجد بني فلان يصلي، فلم يأتوا بثبت يعرف إلا ذلك، قالت: فما قول علي حين قام عليه كما يزعم أهل العراق ؟ قلت: سمعته يقول: صدق الله ورسوله، قالت: فهل سمعت أنت منه قال غير ذلك ؟ قلت: اللهم لا، قالت: أجل صدق الله ورسوله، يرحم الله عليا، إنه من كلامه كان لا يرى شيئا يعجبه إلا قال: صدق الله ورسوله ". وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبي.
[ 113 ]
وأقول: وإنما هو على شرط مسلم وحده، فإن ابن خثيم إنما أخرج له البخاري تعليقا. وقال الحافظ ابن كثير في " البداية " (7 / 280): " تفرد به أحمد، وإسناده صحيح، واختاره الضياء ". 2460 - (أثر: أن عليا رضى الله عنه قال: " إياكم وصاحب البرنس " يعني محمد بن طلحة السجاد). 2461 - (قول مروان " صرخ صارخ لعلي يوم الجمل: لا يقتلن مدبر، ولا يذفف على جريح، ولا يهتك ستر، ومن أغلق بابه فهو آمن ومن ألقى السلاح فهو آمن " رواه سعيد. وعن عمار نحوه). ضعيف. أخرج البيهقي (8 / 181) من طريق الشافعي وأظنه عن ابراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي بن الحسين قال. " دخلت على مروان بن الحكم فقال: ما رأيت احدا أكرم غلبة من أبيك، ما هو إلا أن ولينا يوم الجمل فنادى مناديه: لا يقتل مدبر ولا يذفف على جريح ". قال الشافعي رحمه الله: ذكرت هذا الحديث للدراوردي: فقال: ما أحفظه، تعجب لحفظه هكذا، ذكره جعفر بهذا الاسناد، قال الدراوردي: أخبرنا جعفر، عن أبيه أن عليا رضي الله عنه كان لا يأخذ سلبا، وأنه كان يباشر القتال بنفسه، وأنه كان لا يذفف على جريح، ولا يقتل مدبرا ". قلت: إسناده ضعيف من الوجهين، الاول موصول فيه إبراهيم بن محمد وهو ابن أبي يحيى الاسلمي متروك. والاخر مرسل رجاله ثقات. وأخرج الحاكم (2 / 155) من طريق شريك عن السدي عن يزيد بن ضبيعة العبسي قال: " نادى منادي عمار يوم الجمل وقد ولى الناس: ألا لا يذاف على جريح
[ 114 ]
ولا يقتل مول، ومن ألقى السلاح فهو آمن، فشق ذلك علينا ". ذكره شاهدا لحديث أبي أمامة الآتي بعد حديث، وصححه ووافقه الذهبي ! !. قلت: وشريك سئ الحفظ، ويزيد بن ضبيعة كذا في " المستدرك " وفي " تلخيصه " "... ابن ربيعة " ولم أعرفه. 2462 - (روى ابن مسعود أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: يا ابن أم عبد ما حكم من بغى على أمتي ؟ فقلت: الله ورسوله أعلم، فقال: لا يقتل مدبرهم ولا يجاز على جريحهم، ولا يقتل أسيرهم، ولا يقسم فيئهم "). ضعيف. أخرجه الحاكم (2 / 155) والبيهقي (8 / 182) من طريق كوثر ابن حكيم عن نافع عن ابن عمر رضى الله عنهما قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لعبدالله بن مسعود: فذكره.. سكت عنه الحاكم وتعقبه الذهبي بقوله: " قلت: كوثر متروك ". وأما البيهقي فقال: " تفرد به كوثر بن حكيم وهو ضعيف ". 2463 - (عن أبي أمامة قال: " شهدت صفين، فكانوا لا يجيزون على جريح، ولا يطلبون موليا، ولا يسلبون قتيلا "). صحيح. أخرجه الحاكم (2 / 155) وعنه البيهقي (8 / 182) من طريق الحارث بن أبي أسامة أن كثير بن هشام حدثهم ثنا جعفر بن برقان ثنا ميمون بن مهران عن أبي أمامة. وقال الحاكم: " صحيح الاسناد ". ووافقه الذهبي. وهو كما قالا.
[ 115 ]
2464 - (عن علي أنه قال يوم الجمل: " من عرف شيئا من ماله مع أحد فليأخذه فعرف بعضهم قدرا مع أصحاب علي وهو يطبخ فيها فسأله إمهاله حتى ينطبخ الطبيخ، فأبى وكبه وأخذها "). ضعيف. أخرجه البيهقى (8 / 182 - 183) عن أبي شهاب عن أبي إسحاق الشيباني عن عرفجة عن أبيه قال: " " لما قتل على رضى الله عنه أهل النهر جال في عسكرهم فمن كان يعرف شيئا أخذه حتى بقيت قدر، ثم رأيتها أخذت بعد ". وقال: " ورواه سفيان عن الشيباني عن عرفجة عن أبيه: أن عليا رضى الله عنه أتي برثة أهل النهر فعرفها، وكان من عرف شيئا أخذه حتى بقيت قدر لم تعرف ". قلت: ورجاله ثقات غير عرفجة وهو ابن عبد الواحد، فأورده ابن حبان في " ثقات التابعين " (1 / 177) وذكر أنه هو عرفجة بن عبد الله الثقفي، ورجح الحافظ أنهما اثنان، وقال في كل منهما " مقبول ". وأما أبوه عبد الواحد فلم أر من ذكره. وفي " البداية " للحافظ ابن كثير (7 / 288 - 289): " وقال الهيثم بن عدي في " كتاب الخوارج ": وحدثنا محمد بن قيس الاسدي ومنصور بن دينار عن عبد الملك بن ميسرة عن النزال بن سيرة. " أن عليا لم يخمس ما أصاب من الخوارج يوم النهروان، ولكن رده إلى أهله كله، حتى كان آخر ذلك مرجل أتى به فرده ". وقال في موضع آخر منه (7 / 306) وقد أشار إلى كتاب الهيثم هذا: " وهو من أحسن ما صنف في ذلك ". قلت: وكأنه لم يستحضر حال الهيثم هذا، فإنه متهم، قال البخاري: " ليس بثقة، كان يكذب ". وقال أبو داود:
[ 116 ]
" كذاب ". وترجمته في " الميزان " و " اللسان ". ثم أخرج البيهقي (8 / 181) من طريق أبي ميمونة عن أبي بشير الشيباني في قصة حرب الجمل قال: " فاجتمعوا بالبصرة فقال علي رضي الله عنه... قال أبو بشير: فرد عليهم ما كان في العسكر حتى القدر ". قلت: وأبو ميمونة هذا وشيخه أبو بشير لم أعرفهما. 2465 - (قال الزهري: " هاجت الفتنة وأصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) متوافرون، وفيهم البدريون فأجمعوا أنه لا يقاد أحد، ولا يؤخذ مال على تأويل القرآن إلا ما وجد بعينه " ذكره أحمد في رواية الاثرم). ضعيف. أخرجه البيهقي (8 / 174 - 175) بسند صحيح عن الزهري قال: " قد هاجت الفتنة الاولى، وأدركت - يعني الفتنة - رجالا ذوي عدد من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ممن شهد معه بدرا، وبلغنا أنهم كانوا يرون أن يهدر أمر الفتنة، ولا يقام فيها على رجل قاتل في تأويل القرآن قصاص فيمن قتل، ولاحد في سباء امرأة سبيت، ولا يرى عليها حد، ولا بينها وبين زوجها ملاعنة، ولا يرى أن يقفوها أحد إلا جلد، ويرى أن ترد إلى زوجها الاول بعد أن تعتد فتقضى عدتها من زوجها الاخر، ويرى أن يرثها زوجها الاول ". ثم أخرجه بإسناد آخر صحيح أيضا عنه نحو،، وفيه: " ولا مال استحله بتأويل القرآن، إلا أن يوجد شئ بعينه ". والزهري لم يدرك الفتنة المشار إليها، وهما وقعة صفين. 2466 - (أثر " أن ابن عمر وسلمة بن الاكوع [ كان ] يأتيهم ساعي نجدة الحروري فيدفعون إليه زكاتهم ").
[ 117 ]
لم أقف عليه. وقد أخرج أبو عبيد في " الاموال " (575 / 1828): حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث عن يونس عن ابن شهاب في رجل زكت الحرورية ماله هل عليه حرج ؟ فقال: " كان ابن عمر يرى أن ذلك يقضي عنه. والله أعلم ". وقال أبو عبيد: " ليس يثبت عنه، إنما كان ابن شهاب يرسله عنه ". قلت: وأيضا فإن عبد الله بن صالح فيه ضعف. 2467 - (أثر " أن عليا سمع رجلا يقول: " لا حكم إلا لله تعريضا بالرد عليه في التحكيم فقال علي: كلمة حق أريد بها باطل، ثم قال: لكم علينا ثلاث: لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسم الله، ولا نمنعكم الفئ ما دامت أيديكم معنا ولا نبدؤكم بقتال "). ضعيف. ذكره ابن جرير الطبري في " تاريخه " (4 / 53) معلقا قال: قال أبو مخنف: حدثنى الاجلح بن عبد الله عن سلمة بن كهيل عن كثير بن بهز (1) الحضرمي قال: " قام علي في الناس يخطبهم ذات يوم، فقال رجل من جانب المسجد: لا حكم إلا لله، فقام آخر، فقال مثل ذلك، ثم توالى عدة رجال يحكمون، فقال علي: الله أكبر كلمة حق يلتمس بها باطل، أما إن لكم عندنا ثلاثا ما صحبتمونا ". فذكرها. قلت: ورجاله ثقات غير أبي مخنف، واسمه لوط بن يحيى وهو أخباري هالك ولكنه قد توبع فأخرجه البيهقى (8 / 184) من طريق ابن نمير عن الاجلح به. ولم يتفرد به الاجلح، فقال أبو عبيد في " الاموال " (232 / 565): حدثنا الاشجعى عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن كثير بن نمر قال: (1) كذا الاصل، والصواب نمر، كما يأتي. (*)
[ 118 ]
" جاء رجل - لرجل من الخوارج - إلى علي، فقال: يا أمير المؤمنين إنى وجدت هذا يسبك، قال: فسبه كما سبنى، قال: ويتوعدك، فقال: لا أقتل من يقتلنى، قال: ثم قال علي، لهم علينا - قال أبو عبيد: حسبته قال: - ثلاث... ". قلت: فذكرها. قلت: وكثير بن نمر إنما وثقه ابن حبان فقط أورده في " الثقات " وقال (1 / 193): " يروي عن علي، روى عنه سلمة بن كهيل ". وكذا قال ابن أبى حاتم عن أبيه (3 / 2 / 157) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، فهو في حكم المجهولين. والله أعلم. وأخرج النسائي في " خصائص علي رضى الله عنه " (ص 32) عن عبد الله بن أبي رافع: " أن الحرورية لما خرجت وهم مع علي بن أبي طالب رضى الله عنه، فقالوا: لا حكم إلا لله، قال علي رضي الله عنه: كلمة حق أريد بها باطل، إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وصف ناسا، إني لاعرف صفتهم في هؤلاء يقولون الحق بألسنتهم، لا يجاوز هذا منهم وأشار إلى حلقه، من أبغض خلق الله إليه فيهم أسود كأن إحدى يديه طبى شاة، أو حلمة ثدي، فلما قاتلهم علي رضي الله عنه ققال: انظروا، فنظروا، فلم يجلدوا شيئا، قال: ارجعوا فوالله ما كذبت ولا كذبت مرتين أو ثلاثا، ثم وجدوه في خربة، فأتوا به حتى وضعوه بين يديه، قال عبد الله: أنا حاضر ذلك من أمرهم وقول علي رضى الله عنه ". قلت: وهذا إسناد صحيح. 2468 - (روي أن عليا كان في صلاة الفجر فناداه رجل من الخوارج (لئن أشركت ليحبطن عملك) فأجابه علي رضى الله عنه (فاصبر إن وعد الله حق) ولم يعزره. صحيح. أخرجه ابن جرير في " تاريخه " (4 / 54): حدثنا أبو
[ 119 ]
كريب قال: حدثنا ابن إدريس قال: سمعت إسماعيل بن سميع الحنفي عن أبى رزين قال: " لما وقع التحكيم، ورجع علي من صفين، رجعوا مباينين له، فلما انتهوا إلى النهر أقاموا به، فدخل علي في الناس الكوفة، ونزلوا بحروراء فبعث إليهم عبد الله بن عباس، فرجع ولم يصنع شيئا فخرج إليهم علي، فكلمهم حتى وقع الرضا بينه وبينهم فدخلوا الكوفة، فأتاه رجل فقال: إن الناس قد تحدثوا أنك رجعت لهم عن كفرك، فخطب الناس في صلاة الظهر، فذكر أمرهم فعابه، فوثبوا من نواحى المسجد يقولون: لا حكم إلا لله، واستقبله رجل منهم واضع أصبعيه في أذنيه فقال: (ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك، ولتكونن من الخاسرين) فقال علي: (فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون) ". قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال مسلم غير أبي رزين قال الحافظ: صوابه أبو زرير وهو عبد الله بن زرير، وهو ثقة، رمى بالتشيع. قلت: ومن الغرائب رواية ابن سميع عنه وكان يرى رأي الخوارج، والرواية في رد علي على بعضم، وهذا مما يؤكد ثقة مثل هذا الخارجي في الرواية، فلا جرم أن مسلما أخرج له. وأخرج الطرف الاخير منه الحاكم (3 / 146) من طريق أخرى عن أبي يحيى قال: " نادى رجل من الغالين عليا وهو في الصلاة: صلاة الفجر، فقال: (ولقد أوحى إليك)... الخ ". وفيه أن جواب علي كان وهو في الصلاة. وقال الحاكم: " صحيح الاسناد " ! 2469 - (أن عليا قال في الحرورية " لا تبدؤوهم بقتال "). حسن. وقد مضى قبل حديث من طريق، وله طريق أخرى سبقت برقم (2458).
[ 120 ]
2470 - (حديث أبي سعيد مرفوعا وفيه: "... يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة " رواه البخاري. وفي لفظ: " لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، لئن أدركتهم لاقتلنهم قتل عاد "). صحيح. أخرجه البخاري (2 / 406 و 3 / 409 و 4 / 331) وكذا مسلم (3 / 114) وأبو داود (4767) والنسائي (2 / 174) والبيهقي (8 / 170) وأحمد (1 / 81 و 113 و 131) من طرق عن الاعمش حدثنا خيثمة حدثنا سويد بن غفلة قال على رضي الله عنه: " إذا حدثتكم عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حديثا فوالله لان أخر من السماء أحب إلي من أن أكذب عليه، وإذا حدثتكم فيما بينى وبينكم، فإن الحرب خدعة، وإنى سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: فذكره باللفظ الاول ونصه بتمامه: " سيخرج قوم في آخر الزمان حداث الاسنان، سفهاء الاحلام يقولون من خير قول البرية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة ". (تنبيه) قد روى هذا الحديث عن الاعمش جماعة من الثقات، وقفت على عدد منهم: سفيان الثوري، ووكيع، وأبو معاوية، وحفص بن غياث، وعلي بن هاشم، وجرير، والطنافسي، وقد اختلف على الثلاثة الاولين في جملة منه، وهي قوله: " من خير قول البرية ". أما الاخرون فمنهم من رواه عن الاعمش بهذا اللفظ، ومنهم من لم يتبين لنا لفظه، وإليك البيان: الاول: قال البخاري: أخبرنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن الاعمش به. وخالفه أبو داود فقال: حدثنا محمد بن كثير به، لكنه قال:
[ 121 ]
" من قول خير البرية ". ومما يرجح الاول أن النسائي أخرجه من طريق عبد الرحمن بن مهدي قال: ثنا سفيان به. ومن هذا الوجه أخرجه مسلم إلا أنه لم يسق لفظه، وإنما أحال على لفظ وكيع عن الاعمش، وهو باللفظ الاول. الثاني: قال مسلم: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير وعبد الله بن سعيد الاشج جميعا عن وكيع: حدثنا الاعمش باللفظ الاول. وخالفهما أحمد فقال: ثنا وكيع به باللفظ الاخر. الثالث: قال الحسن بن محمد الزعفراني: ثنا أبو معاوية عن الاعمش باللفظ الاول. أخرجه البيهقى. وقال مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبى شيبة وأبو كريب وزهر بن حرب قالوا: حدثنا أبو معاوية به. لكنه لم يسق لفظه، بل أحال به على لفظ وكيع المتقدم من روايته. وخالفهم أحمد فقال: ثنا أبو معاوية به باللفظ الاخر. الرابع: قال البخاري: حدثنا عمر بن حفص بن غياث: حدثنا أبي حدثنا الاعمش باللفظ الاول. الخامس: قال النسائي في " خصائص علي " (ص 32): أخبرنا أحمد ابن شعيب قال: أخبرنا محمد بن معاوية بن زيد قال: أخبرنا علي بن هاشم (الاصل: هشام) عن الاعمش باللفظ الاول. قلت: وهذا إسناد جيد رجاله ثقات رجال مسلم غير محمد بن معاوية بن يزيد، وهو أبو جعفر البغدادي قال الحافظ: " صدوق ربما وهم ". السادس: قال مسلم: حدثنا عثمان بن أبى شيبة حدثنا جرير عن
[ 122 ]
الاعمش به، ولكنه لم يسق لفظه، وإنما أحال به على لفظ ابن مهدي، وهو باللفظ الاول كما تقدم. السابع: قال الزعفراني: ثنا محمد بن عبيد الطنافسى، ثنا الاعمش به فذكره بإسناده ومعناه. هكذا أخرجه البيهقي عقب رواية الزعفراني عن أبي معاوية. وهي باللفظ الاول كما تقدم. ولا يعكر على هذا قول الطيالسي في " مسنده " (168): حدثنا قيس بن الربيع عن شمر بن عطية عن سويد بن غفلة به فذكره باللفظ الاخر. أقول: لا يعكر عليه لان قيس بن الربيع سئ الحفظ، فلا يحتج به لا سيما عند المخالفة. ومن هذا التخريج يتبين أن اللفظ الاول هو الذي ينبغي أن يحكم له بالصواب لاتفاق حفص بن غياث وعلي بن هاشم في روايتهما له عن الاعمش، ولموافقتها لرواية الاكثرين عن سفيان ووكيع وأبى معاوية كلهم عن الاعمش، وقد أشار الشيخان إلى أنه هو المحفوظ بإخراجهما إياه دون اللفظ الاخر. ومن الغرائب أن اللفظ الاول مع وروده عند البخاري في المواضع الثلاثة منه فقد شرحه الحافظ في موضعين منها، على أنه باللفظ الآخر ! فقال (6 / 456): " وقوله: (يقولون من قول خير البرية) أي من القرآن كما في حديث أبى سعيد الخدري (يعنى الاتى بعد هذا): يقرؤون القرآن. ". وقال (9 / 86): " وقوله: (يقولون من قول خير البرية) هو من المقلوب، والمراد من قول خير البرية، أي من قول الله، وهو المناسب للترجمة ". فتأمل كيف جعل التفسير هو عين المفسر ! " من قول خير البرية "، والصواب قوله في الموضع الثالث (12 / 254):
[ 123 ]
" قوله. (يقولون من خير قول البرية) تقدم في علامات النبوة، وفي آخر فضائل القرآن قول من قال إنه مقلوب وأن المراد من قول خير البيرية وهو القرآن. قلت. ويحتمل أن يكون على ظاهره والمراد القول الحسن في الظاهر، وباطنه على خلاف ذلك، كقولهم لا حكم إلا لله في جواب علي ". هذا وقد كنت قرأت قديما في بعض الشروح مما لا أذكره الآن أن بعضهم استدل باللفظ الاخر: " يقولون من قول خير البرية " على أنه (صلى الله عليه وسلم) أفضل الخلق بناء على أنه هو المراد بقوله " خير البرية "، وإذ قد علمت أن اللفظ المذكور شاذ غير محفوظ، فلا يصح الاستدلال به علي ما ذكر. والله سبحانه وتعالى أعلم. وأما اللفظ الآحر الذى في الكتاب فهو الذى رواه أبو سعيد الخدرى بخلاف اللفظ الاول فإنه من حديث علي كما تقدم، يرويه عبد الرحمن أبي نعم عنه قال. " بعث على رضى الله عنه وهو باليمن بذهيبة في تربتها إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقسمها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بين أربعة نفر: الاقرع بن حابس الحنظلي، وعيينة بن بدر الفزاري، وعلقمة بن علاثة العامري، ثم أحد بنى كلاب وزيد الخير الطائى، ثم أحد بنى نبهان، قال: فغضبت قريش فقالوا: أيعطي صناديد نجد ويدعنا، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): إني إنما فعلت ذلك لا تألفهم، فجاء رجل كث اللحية، مشرف الوجنتين غائر العينين ناتئ الجبين محلوق الرأس، فقال: اتق الله يا محمد ! قال: فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): فمن يطع الله إن عصيته ؟ ! أيأمنني على أهل الارض، ولا تأمنوني، قال. ثم أدبر الرجل، فأستأذن رجل من القوم في قتله (يرون أنه خالد بن الوليد) فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " إن من ضئضى هذا قوما يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يقتلون أهل الاسلام، ويدعون أهل الاوثان، يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية، لئن أدركتهم لاقتلنهم قتل عاد ". أخرجه البخاري (2 / 337 و 3 / 158 - 159 و 4 / 459 - 460) ومسلم (3 / 110) وأبو داود (4764) والنسائي (2 / 174) والبيهقي
[ 124 ]
(8 / 169) وأحمد (3 / 68 و 73). وللحديث عن كل من علي وأبي سعيد طرق كثيرة، وشواهد عديدة عن جماعة من الصحابة بألفاظ مختلفة، خرجها الحافظ ابن كثير في " البداية " (7 / 289 - 305). باب حكم المرتد 2471 - (حديث ابن عباس مرفوعا " من بدل دينه فاقتلوه " رواه الجماعة إلا مسلما.) صحيح. من حديث ابن عباس، وله عنه طريقان. الاولى. عن عكرمة: " أن عليا عليه السلام أحرق ناسا ارتدوا عن الاسلام، فبلغ ذلك ابن عباس، فقال: لم أكن لاحرقهم بالنار إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: لا تعذبوا بعذاب الله، وكنت قاتلهم بقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فإن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (فذكر الحديث) فبلغ ذلك عليا عليه السلام، فقال. ويح ابن عباس ". أخرجه البخاري (2 / 251 و 4 / 329) وأبو داود (4351) والسياق له والنسائي (2 / 170) الترمذي (1 / 275 - 276) وابن ماجه (2535) والدار قطني (336) والبيهقي (8 / 195) وأحمد (1 / 282 و 282 - 283) من طرق عن أيوب عنه. وقال الترمذي. " حديث حسن صحيح ". والاخرى: عن أنس: " أن عليا أتى بناس من الزط يعبدون وثنا فأحرقهم، قال ابن عباس: إنما قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): من بدل دينه فاقتلوه ".
[ 125 ]
أخرجه النسائي وأحمد (1 / 322 - 323) والطبراني في " الكبير " (3 / 90 / 2) والبيهقي (8 / 202). قلت. وإسناده صحيح على شرط الشيخين. وللحديث شاهد من مرسل الحسن البصري مرفوعا. أخرجه النسائي والحارث بن أبي أسامة في " مسنده " (ص 132) من " زوائده ". ومن حديث معاوية بن حيدة. أخرجه أبو حفص الكتاني في " جزء من حديثه " (ق 141 / 2) والطبراني في " المعجم الكبير " ورجال هذا ثقات كما قال الهيثمي في مجمع الزوائد " (6 / 261). وص حديث أبي هريرة. أخرجه الطبراني في " الاوسط " وإسناده حسن. ومن حديث عائشة عنده، وفيه أبو بكر الهذلى، وهو ضعيف. وص حديث معاذ بن جبل، يرويه أبو بردة قال. " قدم علي أبي موسى معاذ بن جبل باليمن، فإذا رجل عنده، قال: ما هذا ؟ قال رجل كان يهوديا فأسلم، ثم تهود، ونحن نريده على الاسلام منذ - قال أحسبه - شهرين، فقال: والله لا أقعد حثى تضربوا عنقه، فضربت عنقه، فقال: قضى الله ورسوله، أن من رجع عن دينه فاقتلوه. أو قال. من بدل دينه فاقتلوه ". أحرجه أحمد (5 / 231). قلت: وإسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو عندهما بنحوه، لكن دون قوله: " أن من رجع... ". وكذلك أخرجه البيهقي. 2472 - (روى الدارقطني: " أن امرأة يقال لها أم مروان ارتدت
[ 126 ]
عن الاسلام فبلغ أمرها إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فأمر أن تستتاب فإن تابت وإلا قتلت "). ضعيف. أخرجه الدارقطني (338) وعنه البيهقى (8 / 203) من طريقين عن معمر بن بكار السعدي: نا إبراهيم بن سعد عن الزهري عن محمد ابن المنكدر عن جابر " أن امرأة يقال لها... ". قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الستة غير السعدي هذا فأورده ابن أبي حاتم (4 / 1 / 259) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وذكره العقيلى في " الضعفاء "، وقال (ص 419): (في حديثه وهم، ولا يتابع على أكثره ". وقال الذهبي في " الميزان ". " صويلح ". وأقره الحافظ في " اللسان " وقال: " وذكره ابن حبان في " الثقات ". قلت: وقد توبع، فأخرجه الدارقطني من طريق الحسين بن نصرنا خالد ابن عيسى عن حصين عن ابن أخي الزهري عن عمه به. قلت: وابن أخي الزهري هو محمد بن عبد الله بن مسلم بن عبيدالله بن شهاب الزهري، وهو صدوق له أوهام، وقد أخرج له مسلم، لكن من دونه لم أعرفهم. وله طريق أخرى عن ابن المنكدر، أخرجه الدارقطني عن طريق عبد الله ابن أذينة، عن هشام بن الغاز عنه به نحوه وزاد: " فعرض عليها، فأبت ان تسلم فقتلت،. لكن عبد الله بن أذينة هذا متروك كما قال الدارقطني على ما في " الزيلعى " 3 / 458 وقال الحافظ بن حجر في " التلخيص " (4 / 49) وقد ذكره من الطريقين يعنى عن ابن المنكدر:
[ 127 ]
" وإسنادهما ضعيفان ". 2473 - (حديث: " لا نبي بعدي ") 2 / 404. صحيح. متواتر. ورد من حديث جمع من الصحابة منهم: الاول: أبو هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " كانت بنو إسرائيل تسوسهم الانبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا ني بعدي، وستكون خلفاء فتكثر: قالوا: فما تأمرنا ؟ قال: فوا ببيعة الاول فالاول، وأعطوهم حقهم، فإن الله سائلهم عما استرعاهم ". أخرجه البخاري (2 / 371) ومسلم (17 6) وابن ماجه (2871) وأحمد (2 / 297). الثاني: عن سعد بن أبي وقاص قال. " خلف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) علي بن أبى طالب في غزوة تبوك. فقال: يا رسول الله تخلفني في النساء والصبيان، فقال أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبى بعدي " أخرجه البخاري (2 / 436 و 3 / 177) ومسلم (7 / 120) والنسائي في " الخصائص " (3) والترمذي (2 / 300) والطيالسي (205 و 209) وأحمد (1 / 184 و 185) الثالث: عن جابر مثل حديث سعد. أخرجه أحمد (3 / 338) عن شريك عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر قلت: وهذا سند جيد في الشواهد. الرابع عن أبي سعيد الخدري مثله. أخرجه أحمد (3 / 32) عن فضيل بن مرزوق عن عطية العوفي عنه. الخامس: عن أسماء بنت عميس أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال لعلي... فذكره. أخرجه أحمد (6 / 369 و 438).
[ 128 ]
قلت: وإسناده صحيح. السادس. أم سلمة به. أخرجه ابن حبان (2201) وأبو يعلي والطبراني كما في " المجمع " (9 / 109)، وذكر له شواهد كثيرة عن جمع آخر من الصحابة منهم ابن عباس وحبشي بن جنادة وابن عمر وعلي نفسه وجابر بن سمرة وغيرهم. السابع: عبداللع بن عمرو قال: " خرج علينا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوما كالمودع فقال: أنا محمد النبي الامي، قاله ثلاث مرات، ولا نبى بعدي، أوتيت فواتح الكلم وخواتمه وجوامعه وعلمت كم خزنة النار وحملة العرش وتجوز بي، وعوفيت، وعوفيت أمتي، فاسمعوا وأطيعوا ما دمت فيكم فإذا ذهب بى فعليكم بكتاب الله أحلوا حلاله، وحرموا حرامه ". أخرجه أحمد (2 / 172 و 212) من طريق ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة عن عبد الله بن مريح الخولاني قال: سمعت أبا قيس مولى عمرو بن العاصي يقول: سمعت عبد الله بن عمرو يقول: قلت: وهذا سند ضعيف من أجل الن لهيعة. الثامن: أنس بن مالك قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " إن الرسالة والنبوة قد انقطعت فلا رسول بعدي ولا نبى، قال: فشق ذلك على الناس فقال: لكن المبشرات، قالوا: يا رسول الله وما المبشرات ؟ قال رؤيا المسلم وهي جزء من اجزاء النبوة ". أخرجه أحمد (3 / 267) والترمذي (2 / 44) وقال: " حديث حسن صحيح " والحاكم (4 / 391) وقال: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي وهو كما قالا. التاسع: أبو هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
[ 129 ]
" لم يبق من النبوة إلا المبشرات ؟ قالوا: وما المبشرات، قال: الرؤيا الصالحة ". أخرجه البخاري (4 / 349). وله طريق أخرى، خرجتها في " الاحاديث الصحيحة " (468). العاشر: أم كرز الكعبة قالت: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم): يقول: " ذهبت النبوة، وبقيت المبشرات ". أخرجه الدارمي (2 / 123) وابن ماجه (3896) وأحمد (6 / 381) والحميدي (348) عن طريق عبيدالله بن أبى يزيد عن أبيه عن سباع بن ثابت عنها. قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين غير أبى زيد وهو المكى لم يوثقه غير ابن حبان ولم يرو عنه غير ابن هذا، ومع ذلك قال البوصيري في " زوائد ابن ماجه " (235 / 2): " هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات " ! الحادى عشر. عائشة أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال. فذكره مثل حديث أبى هريرة وزاد في آخره: " يراها الرجل أو ترى له ". أخرجه أحمد وابنه عبد الله في " زوائد المسند " (6 / 129) من طريق سعيد ابن عبد الرحمن الجمحى، عن هشام بن عروة عن أبيه عنها. قلت: وهذا إسناد جيد على شرط مسلم. الثاني عشر: أبو الطفيل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا نبوة بعدي إلا المبشرات، قال: قيل: وما المبشرات يا رسول الله ؟ قال: الرؤيا الحسنة، أو قال: الرؤيا الصالحة ". أخرجه أحمد (5 / 454) عن عثمان بن عبيد الراسبي عنه.
[ 130 ]
قلت: وإسناده صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير الراسبى هذا، ووقع في " التعجيل ": (الدارس) وهو خطأ، قال ابن معين: ثقة. وقال أبو حاتم: مستقيم الامر. الثالث عشر: عبد الله بن عباس قال: " كشف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الستارة والناس صفوف خلف أبي بكر، فقال: أيها الناس إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له... ". أخرجه مسلم (2 / 48) وأبو داود (876) والنسائي (1 / 160 و 128) والدارمي (1 / 304) وابن ماجه (3899) وأحمد (1 / 219) وابن سعد في " الطبقات " (2 / 18). 2474 - (روى مالك والشافعي " أنه قدم على عمر رجل من قبل أبي موسى فقال له عمر: هل كان من مغربة خبر ؟ قال: نعم رجل كفر بعد إسلامه فقال: ما فعلتم به ؟ قال: قربناه فضربنا عنقه. قال عمر: فهلا حبستموه ثلاثا وأطعمتموه كل يوم رغيفا واستبتموه لعله يتوب أو يراجع أمر الله ؟ ! اللهم إني لم أحضر ولم أرض إذ بلغني ". أخرجه مالك في " الموطأ " (2 / 737 / 16) وعنه الشافعي (1484) والطحاوي (2 / 120) والبيهقي في " السنن " (8 / 206) عن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن عبدالقاري عن أبيه أنه قال: " قدم على عمر بن الحظاب رجل... ". هكذا وقع عندهم جميعا عن مالك عن عبد الرحمن عن أبيه، إلا الطحاوي فزاد فيه من طريق ابن وهب عن مالك... " عن جده ". وبذلك اتصل الاسناد، وبدونه يعتبر منقطعا. لان محمد بن عبد الله والد عبد الرحمن من أتباع التابعين، أورده ابن أبي حاتم (3 / 2 / 300) فقال:
[ 131 ]
" وهو جد يعقوب بن عبد الرحمن المديني الاسكندراني، روى عن أبيه عن عمر وأبي طلحة، روى عنه الزهري وابنه عبد الرحمن ". وهكذا ذكر ابن حبان في " أتباع التابعين " من " الثقات " (2 / 259). لكن يؤيد القطع، أنه رواه يعقوب بن عبد الرحمن الزهري فقال: عن أبيه عن جده قال: " لما افتتح سعد وأبو موسى (تستر) (1) أرسل أبو موسى رسولا إلى عمر، فذكر حديثا طويلا، قال: ثم أقبل عمر على الرسول فقال: هل كانت عندكم مغربة خبر ؟... " أخرجه الطحاوي. قلت: ويعقوب ثقة محتج به في الصحيحين، فاتفاق روايته مع رواية الجماعة عن مالك يرجح أن ذكر " عن جده " في إسناد مالك شاذ، وأن الوصل غير محفوظ. لكن قال ابن التركماني: " أخرج هذا الاثر عبد الرزاق عن معمر، وأخرجه ابن أبي شيبة عن ابن عيينة كلاهما عن محمد بن عبد الرحمن (!) بن عبدالقاري عن أبيه، فعلى هذا هو متصل، لان عبد الرحمن (!) بن عبد سمع عمر ". هكذا وقع عنده " عبد الرحمن " في الموضعين والصواب " عبد الله " كما وقع في " الموطأ " وغيره. وعلى كل، فإنه ولو فرض ثبوت اتصال الاسناد، فإنه معلول بمحمد ابن عبد الله، فإنه لم يوثقه غير ابن حبان، فهو في حكم مجهول الحال. 2475 - (عن أنس مرفوعا " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالم إلا بحقها ". (1) معجم البلدان، 2، 29. بالضم ثم السكون وفتح التاء الاخرى وراء: أعظم مدينة بخوزستان (عربستان) في إيران. (*)
[ 132 ]
2476 - (حديث " إن الله كتب الاحسان على كل شئ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة "). صحيح. وقد مضى برقم (2231). 2477 - (حديث " من بدل دينه فاقتلوه، ولا تعذبوا بعذاب الله " رواه البخاري وأبو داود). صحيح. وتقدم قبل خمسة أحاديث. 2478 - (حديث " أن عليا رضي الله عنه أسلم وهو ابن ثمان سنين " رواه البخاري في " تاريخه "). لم أقف على إسناده، لكن قال الحافظ في " الفتح " (7 / 57): " وروى يعقوب بن سفيان بإسناد صحيح عن عروة قال: " أسلم على وهو ابن ثمان سنين. وقال ابن إسحاق: عشر سنين. وهذا أرجحها، وقيل غيرذلك ". قلت: ولا أستبعد أن يكون عند البخاري من طريق عروة، وعروة عن علي مرسل، كما قال ابن أبي حاتم عن أبيه: وقول ابن إسحاق المذكور، أخرجه الحاكم في " المستدرك " (3 / 111). ثم روى بسند صحيح عن الحسن قال: أسلم على وهو ابن خمس عشرة أو ابن ست عشرة سنة. قلت: وهو منقطع أيضا، وقال الحاكم عقبه: " هذا الاسناد أولى من الاول، وإنما قدمت ذلك لاني علوت فيه ". وروى ابن سعد في " الطبقات " (3 / 13) عن الحسن بن زيد بن الحسن ابن الحسن بن على بن أبي طالب: (أن علي بن أبي طالب حين دعاه النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى الاسلام كان ابن تسع سنين، قال الحسن بن زيد: ويقال: دون التسع سنين، ولم يعبد الاوثان قط
[ 133 ]
لصغره ". قلت: وهذا منقطع أيضا. وفي " التهذيب " من طريق فرات بن السائب عن ميمون بن مهران عن ابن عمر: " أسلم على، وهو ابن ثلاث عشرة ". قال ابن عبد البر: " هذا أصح ما قيل في ذلك ". كذا قال، وهذا عندي أضعف ما قيل لان فرات بن السائب متروك كما قال الدارقطني، وقال البخاري: منكر الحديث. والاصح عندي قول الحسن بن زيد المتقدم، وذلك لامرين: الاول: أنه من أهل البيت، وأهل البيت أدرى بما فيه ! والاخر: أنه يشهد له قول ابن عباس: " أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) دفع الراية إلى علي يوم بدر، وهو ابن عشرين سنة ". أخرجه الحاكم (3 / 111) عن طريق القاسم بن الحاكم العرني ثنا مسعر عن الحكم بن عتيبة عن مقسم عن ابن عباس رضى الله عنهما. وقال: " صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي وقال: " قلت: هذا نص في أنه أسلم وله أقل من عشر سنين، بل نص في أنه أسلم وهو ابن سبع سنين أو ثمان، وهو قول عروة ". لكن تصحيح الحديث، وعلى شرط الشيخين، ليس بصواب، لان القاسم بن الحاكم العرني ليس من رجال الشيخين، ثم هو فيه كلام، أورده الذهبي نفسه في " الميزان " وقال: " وثقه غير واحد، وقال أبو زرعة: صدوق، وقال أبو حاتم: لا يحتج
[ 134 ]
قلت: فمثله حسن الحديث إن شاء الله تعالى إلا عند المخالفة. 2479 - (حديث ابن مسعود أن النبي (صلى الله عليه وسلم) دخل الكنيسة فإذا هو بيهودي يقرأ عليهم التوراة فقرأ حتى إذا أتى على صفة النبي (صلى الله عليه وسلم وأمته فقال: هذه صفتك وصفة أمتك، أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): لوا أخاكم " رواه أحمد). ضعيف. أخرجه أحمد (1 / 416) من طريق حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن أبى عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه ابن مسعود قال: " إن الله عزوجل ابتعث نبيه (صلى الله عليه وسلم) لادخال رجال إلى الجنة، فدخل الكنيسة، فإذا هو بيهود، وإذا بيهودي يقرأ عليهم التوراة، فلما أتوا على صفة النبي (صلى الله عليه وسلم) أمسكوا، وفي ناحيتها رجل مريض، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) مالكم أمسكتم ؟ قال المريض: إنهم أتوا على صفة نبي، فأمسكوا، ثم جاء المريض يحبو، حتى أخذ التوراة، فقرأ حتى أتى على صفة النبي (صلى الله عليه وسلم) وأمته فقال: هذه صفتك وصفة أمتك، أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، ثم مات، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) لاصحابه: لوا أخاكم ". قلت: وهذا إسناد ضعيف وله علتان: الاولى: الانقطاع بين أبي عبيدة وأبيه ابن مسعود، فإنه لم يسمع منه باعترافه. والاخرى: اختلاط عطاء بن السائب، وبه أعله الهيثمي، فقال في " المجمع " (8 / 231): " رواه أحمد والطبراني، وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط ". وتعقبه العلامة أحمد شاكر في تعليقه على المسند (6 / 23 / 3951) فقال:
[ 135 ]
" فترك علته: الانقطاع، وأعله بما لا يصلح، لان حماد بن سلمة سمع من عطاء قبل اختلاطه على الراجح ". قلت: لكن قد سمع منه بعد الاختلاط أيضا كما بينه الحافظ في " التهذيب "، ولذلك فلا يصلح الاحتجاج بروايته عنه إلا إذا ثبت أنه سمعه منه قبل الاختلاط. وهذه حقيقة فأتت الشيخ أحمد رحمه الله، فتراه يصحح كل ما يرويه حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب !. 2480 - (عن أنس أن يهوديا قال للنبي (صلى الله عليه وسلم): " أشهد أنك رسول الله، ثم مات فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): صلوا على صاحبكم "). صحيح. أخرجه البخاري (1 / 340 - 341 و 4 / 44) وأبو داود (3095) وعنه البيهقى (3 / 383) وأحمد (3 / 227 و 280) من طريق ثابت عن أنس قال: " كان غلام يهودي يخدم النبي (صلى الله عليه وسلم) فمرض، فأتاه النبي (صلى الله عليه وسلم) يعوده فقعد عند رأسه، فقال له: أسلم، فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال: أطع أبا القاسم، فأسلم، فخرج النبي (صلى الله عليه وسلم) وهو يقول: الحمد لله الذي أنقذه من النار ". وفي " الفتح " (3 / 176) أن النسائي أخرجه من هذا الوجه فقال مكان قوله: فأسلم، " فقال: أشهد أن لا إله إلا الله ". وهو عند أحمد (3 / 260) في رواية أخرى من طريق شريك عن عبد الله ابن عيسى عن عبد الله بن جبر عن أنس قال: " عاد النبي (صلى الله عليه وسلم) غلاما كان يخدمه يهوديا، فقال له: قل لا إله إلا الله، فجعل ينظر إلى أبيه، قال: فقال له: قل ما يقول لك، قال: فقالها، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لاصحابه: صلوا على أخيكم، وقال غير أسود: أشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، قال: فقال له: قل ما يقول لك محمد ". 2481 - (حديث عن المقداد أنه قال: " يا رسول الله أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فقاتلني فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها ثم لاذمني
[ 136 ]
بشجرة فقال: أسلمت، أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها ؟ قال: لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله، وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قالها ". رواه مسلم). صحيح. أخرجه مسلم (1 / 66 - 67) وكذا البخاري (3 / 69) وأبو داود (2644) والبيهقي (8 / 195) وأحمد (6 / 4 و 5) عن طريق ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن عبيدالله بن عدي بن الخيار عن المقداد بن الاسود أنه أخبره به. والسياق لمسلم إلا أنه زاد بعد قوله: " لا تقتله ": " قال: فقلت يا رسول الله إنه قد قطع يدي، ثم قال ذلك بعد أن قطعها أفنقتله ؟ قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): لا تقتله ". 2482 - (عن عمران بن حصين قال: " أصاب المسلمون رجلا من بني عقيل فأتوا به النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا محمد إني مسلم، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): لو كنت قلت وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح " رواه مسلم). صحيح. أخرجه مسلم (5 / 78) وكذا أبو داود (3316) وأحمد (4 / 430 و 433 - 434) من طريق أبي المهلب عن عمران بن حصين.
[ 137 ]
كتاب الاطعمة 2483 - (قوله (صلى الله عليه وسلم) في الحمر: " أكفؤوها فإنها رجس ") 2 / 410. صحيح. أخرجه البخاري (3 / 122 و 4 / 16 - 17) ومسلم (6 / 65) والنسائي (2 / 200) والدارمي (2 / 86 - 87) وابن ماجه (3196) والطحاوي (2 / 319) والبيهقي (9 / 331) وأحمد (3 / 111 و 115 و 121 و 164) عن طريق محمد بن سيرين عن أنس بن مالك رضي الله عنه. " أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) جاءه جاء، فقال: أكلت الحمر، ثم جاء جاء فقال: أفنيت الحمر، ثم جاء جاء فقال: أفنيت الحمر، فأمر مناديا فنادى في الناس: إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الاهلية، فإنها رجس، فأكفئت القدور، وإنها لتفور باللحم ". وزاد مسلم وأحمد في رواية بعد قوله " رجس ": " من عمل الشيطان ". 2484 - (حديث جابر: " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) نهي يوم خيبرعن لحوم الحمر الاهلية، وأذن في لهوم الخيل ". متفق عليه). صحيح. أخرجه البخاري (4 / 16) ومسلم (6 / 66) وأبو داود
[ 138 ]
(3788) والنسائي (2 / 199) والدارمي (2 / 87) والطحاوي (2 / 318) والبيهقي (9 / 326 - 327) وأحمد (3 / 361) من طرق عن حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن محمد بن علي عن جابر به، إلا أن البخاري قال: " رخص " مكان " أذن ". وأخرجه الدارقطني (547) من طرق أخرى عن عمرو بن دينار عن جابر ! وأخرجه مسلم وابن ماجه (3191) عن طريق ابن جريج، أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: " أكلنا زمن خيبر الخيل وحمر الوحش، ونهانا النبي (صلى الله عليه وسلم) عن الحمار الاهلي ". وتابعه حماد بن سلمة أنا أبو الزبير عن جابر قال: " ذبحنا يوم خيبر الخيل والبغال والحمير، فنهانا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن البغال والحمير، ولم ينهنا عن الخيل ". أخرجه أبو داود (3789) وأحمد (3 / 356) والدار قطني (546) وهذا على شرط مسلم، مع أن أبا الزبير مدلس وقد عنعنه. وقد أخرجه الترمذي (1 / 279) وأحمد (3 / 323) عن طريق عكرمة ابن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن أبى سلمة بن عبد الرحمن عن جابر به نحوه دون قوله " ولم ينهنا عن الخيل ". قلت: وعكرمة بن عمار قال الحافظ: " صدوق يغلط وفي روايته عن يحيى بن أبي كثير اضطراب ". 2485 - (حديث أبي ثعلبة الخشني " نهي رسول (صلى الله عليه وسلم) عن أكل كل ذي ناب من السباع " متفق عليه).
[ 139 ]
صحيح. أخرجه البخاري (4 / 17) ومسلم (6 / 60) وأبو داود (3802) والنسائي (2 / 199) والترمذي (1 / 279) والدارمي (2 / 85) وابن ماجه (3232) وكذا مالك ((2 / 496 / 13) وعنه الشافعي (1743) والطحاوي (2 / 319) والبيهقي (9 / 331) وأحمد (4 / 193 و 194) عن أبى إدريس الخولاني عن أبي ثعلبة. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". قلت: وله شواهد كثيرة منها حديث عبد الله بن عباس الاتي بعد حديثين، وحديث أبي هريرة بعده مباشرة. وله طريق أخرى، عن مسلم بن مشكم كاتب أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت أبا ثعلبة الخشني يقول: " أتيت النبي (صلى الله عليه وسلم) فقلت: يا رسول حدثني ما يحل لي مما يحرم على، فقال: لا تأكل الحمار الاهلى، ولا كل ذي ناب من السباع ". أخرجه الطحاوي (2 / 320). قلت: وإسناده صحيح. 2486 - (عن أبي هريرة (1) مرفوعا " كل ذي ناب حرام " رواه مسلم). صحيح. وله عنه طريقان: الاولى: عن عبيدة بن سفيان عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: " كل ذي ناب من السباع فأكله حرام ". أخرجه مسلم (6 / 60) ومالك (2 / 496 / 14) وعنه الشافعي (1744) وكذا أحمد (2 / 236) والطحاوي في " المشكل " (4 / 375) عن (1) في الاصل: أبي ذر، وهو خطأ. (*)
[ 140 ]
إسماعيل بن أبي حكيم عنه. الثانية: عن أبي سلمة عنه: " أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حرم يوم خيبر كل ذي ناب من السباع، والمجثمة، والحمار الانسى ". أخرجه الطحاوي وكذا الترمذي (1 / 321 - 322). أحمد (2 / 366 و 418) والبيهقي (9 / 331) عن طريق محمد بن عمرو الليثي عنه. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". قلت: وهذا إسناد حسن، وفي الليثي كلام لا يضر. ونقل الحافظ في " التلخيص " (4 / 151) أن ابن عبد البر قال في هذا الحديث: " مجمع على صحته ". 2487 - " حديث " نهيه (صلى الله عليه وسلم) عن أكل الهر وأكل ثمنها " رواه أبو داود وابن ماجه). ضعيف. أخرجه الترمذي (1 / 241) وابن ماجه (3250) والحاكم (2 / 34) والبيهقي (9 / 317) عن طريق عمر بن زيد، عن أبي الزبير، عن جابر به ومن هذا الوجه أخرجه أبو داود (3480) وأحمد (3 / 297) مختصرا، فلفظ أبي داود: " نهى عن الهرة ". وأحمد: " نهى عن ثمن الهر ". وسكت عليه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: " قلت: فيه عمر بن زيد وهو واه ".
[ 141 ]
قلت: وقال الحافظ في " التقريب ": " ضعيف ". ولهذا قال الترمذي. " حديث غريب ". 2488 - (حديث ابن عباس " نهي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن أكل كل ذى ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير " رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي). صحيح. أخرجه مسلم (6 / 60) وأ بوداود والدارمي (2 / 85) وابن الجارود (892) والبيهقي (9 / 315) وأحمد (1 / 244 و 289 و 302 و 373) من طريق الحكم وأبي بشر عن ميمون بن مهران عن ابن عباس به. وخالفهما علي بن الحكم فقال: عن ميمون بن مهران عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، فأدخل بينهما سعيدا. أخرجه أبو داود (1 / 339) والنسائي (2 / 201) وابن ماجه (3234) وابن الجارود (893) والبيهقي وأحمد (1 / 339) عن سعيد بن أبي عروبة عنه. ولذلك قال ابن القطان: " لم يسمعه ميمون عن ابن عباس، بل بينهما فيه سعيد بن جبير. كذلك رواه أبو داود والبزار ". قال الحافظ في " التلخيص " (4 / 152): " وقد خالف الخطيب هذا الكلام، فقال: الصحيح عن ميمون ليس بينهما أحد ". قلت: ويؤيده اتفاق الحكم وأ بي بشر عليه، واثنان أحفظ من واحد، مع احتمال صحة الامرين، فيكون من المزيد فيما اتصل من الاسانيد. والله تعالى أعلم.
[ 142 ]
2489 - (حديث " أنه (صلى الله عليه وسلم) أمر بقتل الفأرة في الحرم) صحيح. وتقدم برقم (1036). 2490 - (حديث ابن عباس " نهى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن قتل أربع من الدواب: النملة والنحلة والهدهد والصرد " رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه). (1) أخرجه أحمد (1 / 332 و 347) عنه وأبو داود (5267) وابن ماجه (3224) وكذا الدارمي (2 / 88 - 89) والطحاوي في " مشكل الآثار " (1 / 370 - 371) وابن حبان (1078) وعبد بن حميد في " المنتخب من المسند " (ق 73 / 1) والبيهقي (9 / 317) من طرق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس به. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وقال ابن دقيق العيد في " الالمام " (308 / 782): " أخرجه أبو داود عن رجال الصحيح ". ولفظ البيهقي عن طريق ابن جريج عن ابن أبي لبيد عن الزهري: " أربعة من الدواب لا يقتلن... " فذكرهن. وإسناده صحيح. وله طريق أخرى، أخرجه ابن عدي (ق 74 / 2) عن حماد بن عبيد الكوفي حدثنا جابر عن عكرمة عنه به دون ذكر النملة والهدهد. وقال: " لا أعلم لحماد بن عبيد غير هذا الحديث، وقال البخاري: لم يصح ". وله شاهد من حديث سهل بن سعد الساعدي، يرويه علي بن بحر القطان، أنبأ عبد المهيمن بن عباس بن سهل الساعدي قال: قال: سمعت أبي يذكر عن جدي عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه نهى عن قتل الخمسة فذكرها وزاد: (1) لم يذكر استاذا درجة الحديث، وتعذر الاتصال به، وهو صحيح كما يفهم من تخريجه، وانه على شرط الشيخين البخاري ومسلم. واظنه من النوع الذي اشار إليه في اخر مقدمته. زهير (*)
[ 143 ]
" والضفدع ". أخرجه أبو نعيم في " أحبار أصبهان " (2 / 291) والبيهقي وقال: " تفرد به عبد المهيمن بن عباس وهو ضعيف، وحديث عبيدالله بن عبد الله عن ابن عباس أقوى ما ورد في الباب ". وله شاهد آخر، يرويه عباد بن كثير عن عثمان الاعرج عن الحسن عن عمران بن حصين، وجابر بن عبد الله وأبي هريرة قالوا: فذكره، وزاد: " وأن يمحى اسم الله بالبصاق ". أخرجه أبو نعيم (2 / 160) وقال: " غريب... لم نكتبه إلا من حديث عباد بن كثير ". قلت: وهو البصري، وهو متروك. وقد روي الحديث عن الزهري بإسناد آخر لا يصح عنه، أخرجه الخطيب في " التاريخ " (9 / 120) من طريق سهل بن يحيى السقطي: حدثنا الحسن بن على الحلواني حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي صالح عن أبي هريرة به. وذكر عن الدارقطني أنه قال: " وهم فيه سهل هذا، وإنما رواه الزهري عن عبيدالله بن عبد الله عن ابن عباس ". قلت: وسهل هذا لم أجد من ترجمه. وللحديث طريق أخرى عن أبي هريرة، يرويه إبراهيم بن الفضل عن سعيد المقبري عنه مرفوعا به إلا أنه ذكر الضفدع بدل النحلة. أخرجه ابن ماجه (3223). وهذا إسناد ضعيف إبراهيم هذا وهو المخزومي ضعيف جدا، قال الحافظ: " متروك ".
[ 144 ]
2491 - (حديث " نهى (صلى الله عليه وسلم) عن قتل الخطاطيف " رواه البيهقي مرسلا). ضعيف. أخرجه البيهقي (9 / 318) عنه عبد الرحمن بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن معاوية أبي الحويرث المرادي عن النبي (صلى الله عليه وسلم) به وزاد: " وقال: لا تقتلوا هذه العوذ، إنها تعوذ بكم من غيركم " وقال: " ورواه إبراهيم بن طهمان عن عباد بن إسحاق عن أبيه قال: " نهى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن الخطاطيف عوذ البيوت ". وقال: " وكلاهما منقطع " وقد روى حمزة النصيبي فيه حديثا مسندا، إلا أنه كان يرمى بالوضع ". قلت: عبد الرحمن بن معاوية ضعيف، لكن تابعه إسحاق والد عباد، فإن اسم عبد الرحمن بن إسحاق بن عبد الله بن الحارث بن كنانة العامري، وهو الذي رواه عن عبد الرحمن بن معاوية. وهو ثقة وكذلك أبوه. 2492 - (حديث أبي هريرة " ذكر القنفذ لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: هو خبيثة من الخبائث " رواه أبو داود). ضعيف. أخرجه أبو داود (3799) وعنه البيهقي (9 / 326) وأحمد (2 / 381) عن طريق عيسى بن نميلة عن أبيه قال: " كنت عند ابن عمر، فسئل عن أكل القنفذ، فتلا (قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما) الاية، قال: قال شيخ عنده: سمعت أبا هريرة يقول ذكر عند النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: فذكره، فقال ابن عمر: إن كان. قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هذا، فهو كما قال ". وقال البيهقي: " هذا حديث لم يرو إلا بهذا الاسناد، وهو إسناد فيه ضعف ". قلت: وعلته عيسى بن نميلة وأبوه فأنهما مجهولان.
[ 145 ]
والشيخ الذي سمعه من أبي هريرة لم يسم، فهو مجهول أيضا. ولهذا قال الخطابي: " ليس إسناده بذاك ". وأقره الحافظ في " التلخيص " (4 / 156). فصل 2493 - (قالت أسماء " نحرنا فرسا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأكلناه ونحن بالمدينة " متفق عليه). صحيح. أخرجه البخاري (4 / 14 و 15 - 16) ومسلم (6 / 66) وكذا ابن ماجه (3190) والطحاوي (2 / 322) وابن الجارود (886) والدار قطني (547) والبيهقي (9 / 327) وأحمد (6 / 345 و 346 و 353) من طريق هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر. (فائدة) وأما حديث تحريم الخيل والبغال، فلا يصح إسناده، أخرجه أحمد (4 / 89) وأبو داود (3790 و 3806) من طريق صالح بن يحيى بن المقدام عن جده المقدام بن معدي كرب قال: غزونا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) غزوة خيبر... الحديث. وفيه مرفوعا: أيها الناس إنكم قد أسرعتم في حظائر يهود، ألا لا تحل أموال المعاهدين إلا بحقها، وحرام عليكم لحوم الحمر الاهلية وخيلها وبغالها، وكل ذي ناب من السباع، وكل ذى مخلب من الطير. وصالح هذا قال فيه الحافظ: " لين ". 2494 - (حديث " قال عبد الرحمن: قلت لجابر: الضبع صيدهي ؟ قال: نعم. قلت: أكلها ؟ قال: نعم. قلت: أقاله رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ؟ قال: نعم " رواه الخمسة، وصححه الترمذي). صحيح. وقد مضى في " الحج " (1050).
[ 146 ]
2495 - (قال أنس " أنفجنا أرنبا فسعى القوم فلغبوا فأخذتها، فجئت إلى أبي طلحة فذبحها وبعث بوركها أو قال: فخذها إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقبله ". متفق عليه). صحيح. أخرجه البخاري (4 / 8 و 18) ومسلم (6 / 71) وكذا أبو داود (3791) والنسائي (2 / 198) والترمذي (1 / 330) والدارمى (2 / 92) وابن ماجه (3243) والبيهقي (9 / 320) والطيالسي (2066) وأحمد (3 / 118 و 171 و 291) من طريق هشام بن زيد عن أنس بن مالك به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وله طريق أخرى. قال أحمد (3 / 232): ثنا على، ثنا عبيدالله بن أبي بكر قال: سمعت أنس بن مالك يقول: فذكره بنحوه. وهذا إسناد ثلاثي، لكن على وهو ابن عاصم صدوق يخطئ ويصر. 2496 - (عن محمد بن صفوان أنه صاد أرنبين فذبحهما بمروة (1)، فأتى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأمره بأكلهما " رواه أحمد والنسائي وأبن ماجه). صحيح. أخرجه أحمد (3 / 471) وأبو داود (2822) والنسائي (2 / 198) وأبن ماجه (3244) وكذا الدارمي (2 / 92) وابن حبان (1069) والبيهقي (9 / 320) والطيالسي (1182) من طريق عاصم الاحول وداود بن أبى هند عن الشعبى عنه. وزاد: " فلم يجد حديدة يذبحهما بها، فذبحهما بمروة ". وخالفهما قتادة فقال: عن الشعبى عن جابر بن عبد الله. " أن رجلا من قومه صاد أرنبا أو اثنين فذبحهما بمروة.. " الحديث نحوه. (1) الاصل: بمروتين، والتصحيح من المسند وغيره. (*)
[ 147 ]
فلعل للشعبى فيه إسنادين، وإلا فرواية عاصم وداود عنه أصح، والسند صحيح. 2497 - (حديث أبي سعيد " كنا معشر أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لان يهدى إلى أحدنا ضب أحب إليه من دجاجة ". لم أقف عليه. 2498 - (حديث: " أن خالد بن الوليد أكل الضب ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) ينظر " متفق عليه). صحيح: أخرجه البخاري (4 / 18) ومسلم (6 / 67) كلاهما عن مالك وهو في " الموطأ " (2 / 968 / 10) وعنه أبو داود وأيضا (3794) والشافعي (1730) والبيهقي (9 / 323) وأحمد (4 / 88 - 89) كلهم عن مالك عن ابن شهاب عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عبد الله بن عباس عن خالد بن الوليد بن المغيرة: " أنه دخل مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بيت ميمونة زوج النبي (صلى الله عليه وسلم)، فأتي بضب محنوذ، فأهوى إليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بيده، فقال بعض النسوة الاتي في بيت ميمونة: أخبروا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بما يريد أن يأكل منه. فقيل: هو ضب يا رسول الله، فرفع يده، فقلت: أحرام هو يا رسول الله ؟ فقال: لا، ولكنه لم يكن بأرض قومي، فأجدني أعافه. قال خالد: فاجتررته فأكلته، ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) ينظر ". هكذا قالوا جميعا عن مالك... عن خالد بن الوليد. سوى مسلم فإنه قال: " عن عبد الله بن عباس قال: دخلت أنا وخالد بن الوليد ". وإلا أحمد فإنه قال: " عن عبد الله بن عباس وخالد بن الوليد أنهما دخلا ".
[ 148 ]
ولعل الاصح رواية الجماعة، فقد رواه يونس عند مسلم والزبيدي عند ابن ماجه (3241)، وصالح بن كيسان عند أحمد (4 / 88) كلهم عن الزهري عن أبى أمامة مثل رواية الجماعة عن مالك. وقال البيهقى: " وهو الصحيح ". 2499 - (قول أبي موسى: " رأيت النبي (صلى الله عليه وسلم) يأكل الدجاج " متفق عليه). صحيح. أخرجه البخاري (3 / 169 و 4 / 15) ومسلم (5 / 83) والدارمى (2 / 102 و 103) والبيهقي (9 / 333 - 334) وأحمد (4 / 394 و 397 و 401 و 406) عن زهدم قال: " كنا عند أبي موسى فدعا بمائدته، وعليها لحم دجاج، فدخل رجل من بني تيم الله أحمر شبيه بالموالي، فقال له: هلم، فتلكأ، فقال: هلم فإني قد رأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يأكل منه، فقال الرجل: إنى رأيته يأكل شيئا فقذر به، فحلفت أن لا أطعمه، فقال: هلم أحدثك عن ذلك... " الحديث. 2500 - (وعن سفينة قال: " أكلت مع رسول الله لحم حبارى " رواه أبو داود). ضعيف. أخرجه أبو داود (3797) والترمذي (1 / 336) والعقيلي في " الضعفاء " (61) وابن عدي في " الكامل " (41 / 1) والبيهقي (9 / 322) من طريق بريه بن عمر بن سفينة عن أبيه عن جده. وقال الترمذي: " حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ". قلت: وعلته بريه، وهو تصغير إبراهيم، قال الحافظ: " مستور ". وقد قال العقيلى: " لا يتابع على حديثه ". ثم ساق له هذا. وقال ابن عدي:
[ 149 ]
" أحاديثه لا يتابعه عليها الثقات، وأرجو أنه لا بأس به ". وقال الحافظ في " التلخيص " (4 / 154): " وإسناده ضعيف، ضعفه العقيلى وابن حبان ". 2501 - (قوله (صلى الله عليه وسلم) في البحر: " هو الطهور ماؤه الحل ميتة "). صحيح. وقد مضى برقم (9). (1) 2502 - (روى البخاري " أن الحسن بن علي ركب على سرج من جلود كلاب الماء "). ذكره البخاري (4 / 9) معلقا مجزوما بغير إسناد: " وركب الحسن عليه السلام... ". كذا وقع فيه " الحسن " غير منسوب. فقال الحافظ (9 / 530): " قيل: إنه ابن على، وقيل: البصري، ويؤيد الاول أنه وقع في رواية: وركب الحسن عليه السلام ". ثم لم يذكر من وصل هذا الاثر. والله أعلم. 2503 - (حديث ابن عمر " نهى النبي (صلى الله عليه وسلم) عن أكل الجلالة وألبانها ". رواه أحمد وأبو داود. وفي رواية له " نهي عن ركوب جلالة الابل "). صحيح. أخرجه أبو داود (3785) وكذا الترمذي (1 / 336) وابن ماجه (3189) والبيهقي (9 / 332) وأبو إسحاق الحربى في " غريب الحديث " (5 / 24 / 1). من طريق محمد بن إسحاق عن ابن أبى نجيح عن ابن مجاهد عنه بالرواية الاولى. قلت: ورجاله ثقات إلا أن ابن إسحاق مدلس وقد عنعنه. وقد خولف في إسناده، فقال الترمذي: (1) في الجزء الاول الصفحة 42. (*)
[ 150 ]
" حديث حسن غريب. وروي الثوري عن ابن أبى نجيح عن مجاهد عن النبي (صلى الله عليه وسلم) مرسلا ". قلت: ولعل تحسين الترمذي إياه من أجل طرقه وشواهده، فقد أخرجه أبو داود (3787) والبيهقي عن طريق عمرو بن أبى قيس عن أيوب السختياني عن نافع عن ابن عمر بالرواية الثانية بلفظ: " نهى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن الجلالة في الابل: أن يركب عليها، أو يشرب من ألبانها ". قلت: وهذا إسناد حسن وله طريق أخرى، يرويه هشام بن عمار، نا إسماعيل بن عياش عن عمر بن محمد عن سالم عن ابن عمر أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نهى عن الجلالة وألبانها وظهرها. أخرجه الطبراني في " الكبير " (3 / 193 / 1). وهذا إسناد لا بأس به في الشواهد. وللحديث شواهد من حديث ابن عباس وابن عمرو: قلت: وهذا إسناد على شرط البخاري. 1 - حديث ابن عمرو. يرويه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: " نهى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن لحوم الحمر الاهلية، وعن الجلالة، وعن ركوبها وأكل لحومها ". أخرجه أحمد (2 / 219): ثنا مؤمل ثنا وهيب ثنا ابن طاوس عنه به. قلت: وهذا إسناد حسن إن كان جده فيه عبد الله بن عمرو، كما هي الجادة، فقد أخرجه النسائي (2 / 210) من طريق سهل بن بكار قال: حدثنا وهيب بن خالد عن ابن طاوس عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن أبيه محمد بن عبد الله بن عمرو، قال مرة: عن أبيه، وقال مرة: عن جده. وسهل بن بكار أحفظ من مؤمل وهو ابن إسماعيل، فالظاهر أن عمرو بن
[ 151 ]
شعيب كان يضطرب في إسناده، فإذا كان عن جده فهو موصول، لان جده هو عبد الله بن عمرو، وإذا كان عن أبيه، أو عن أبيه عن أبيه فهو مرسل. والله أعلم. ثم رأيت الحديث في سنن أبي داود (3811): حدثنا سهل بن بكار به مثل رواية مؤمل، فهذا أرجح، ويؤيده أنه تابعهما أحمد بن إسحاق الحضرمي ثنا وهيب مثل روايته بل زاد في البيان فقال: " عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو ". أخرجه البيهقى (9 / 333). فاتصل الاسناد وثبت. والحمد لله. وقد حسنه الحافظ (9 / 558). وأما حديث ابن عباس فهو الآتي بعده. 2504 - (حديث ابن عباس " نهى النبي (صلى الله عليه وسلم) عن شرب لبن الجلالة " رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه). صحيح. أخرجه أبو داود (3786) والنسائي (2 / 210) والترمذي (1 / 336) وابن الجارود (887) وأبن حبان (1363) وأحمد (1 / 226 و 321 و 339) وأبو إسحاق الحربي في " غريب الحديث " (5 / 23 / 2) من طرق عن قتادة عنه. دون قوله: " شرب ". 2505 - (أثر ابن عمر " كان إذا أراد أكل الجلالة حبسها ثلاثا "). صحيح. أخرجه ابن أبي شيبة بسند صحيح عنه. " أنه كان يحبس الدجاجة الجلالة ثلاثا ". كذا في " الفتح " (9 / 558). 2506 - (حديث عبد الله بن عمرو بن العاص " نهي رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
[ 152 ]
عن الابل الجلالة ألا يؤكل لحمها ولا يشرب لبنها ولا يحمل عليها إلا الادم، ولا يركبها الناس حتى تعلف أربعين ليلة " سطره الخلال). ضعيف. أخرجه الدارقطني (544) والبيهقي (9 / 333) من طريق إسماعيل بن إبراهيم ابن مهاجر قال: سمعت أبي يحدث عن عبد الله ابن باباه عن عبد الله بن عمرو به. قلت: وهذا إسناد ضعيف من أجل إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر، فإنه ضعيف، وكذا أبوه، ولكنه أحسن حالا من ابنه. وقال الحافظ في " الفتح " (9 / 558) " أخرجه البيهقى بسند فيه نظر " ! 2507 - (عن ابن عباس قال: " كنا نكري أراضي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ونشترط عليهم أن لا يدملوها (1) بعذرة الناس "). أخرجه البيهقى (6 / 139) عن طريق الحجاج بن حسان عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات غير حسان والد الحجاج، فلم أجد له ترجمة، وقد ذكروا في ترجمة ابنه الحجاج أنه روى عن عكرمة، ولم يذكروا له رواية عن أبيه. والله أعلم. 2508 - (حديث أن النبي (صلى الله عليه وسلم) " كره أكل الغدة " (2). 2509 - (نقل أبو طالب " نهي النبي (صلى الله عليه وسلم) عن أذن القلب "). منكر. أخرجه أبن عدي في " الكامل له (ق 221) في ترجمة عبد الله بن يحيى بن أبي كثير، فقال: ثنا عبد الله بن جعفر بن أعين ثنا إسحاق بن أبي (1) الاصل: يدحلوها والتصويب من البيهقى والمعنى. يصلحوها ويعالجوها. (2) الغدة: لحم يحدث بين الجلد واللحم من مرص وغالبا ما يحمل الخبث، والطاعون. وفي الحديث الذى وصف به الطاعون: عدة كغدة البعير. (المصحح). (*)
[ 153 ]
إسرائيل، ثنا عبد الله بن يحيى بن أبى كثير - وكان من خيار الناس وأهل الورع والدين، ما رأيت باليمامة خيرا منه - عن أبيه عن رجل من الانصار: " أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نهى عن أكل أذنى القلب ". حدثنا محمد بن أحمد بن بخيت حدثنا إبراهيم بن جابر ثنا، يحيى بن إسحاق البجلى، ثنا عبد الله بن يحيى بن أبي كثير عن أبيه عن أبي سلمة عن أبي هريرة به، وذكر له أحاديث أخرى ثم قال: " ولا أعلم له عن أبيه غير ما ذكرت، ولا أعرف في هذه الاحاديث شيئا أنكره إلا نهي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن أكل أذني القلب، ولم أجد من المتقدمين فيه كلاما، وقد أثنى عليه إسحاق بن أبي إسرائيل، وأرجو أنه لا بأس به ". وقال الذهبي في " الميزان " عقب قول ابن عدي هذا: " قلت: هو صدوق، قاله أبو حاتم، ووثقه أحمد، قد خرج له صاحبا " الصحيحين "، تبارد ابن عدي بذكره ". قلت: لا بأس على ابن عدي من ذكره له، ما دام أنه مشاه بقوله: " أرجو أنه لا بأس به ". لا سيما وأنه لم يستنكر شيئا من حديثه سوى هذا الحديث، وليس ذلك منه، وإنما ممن دونه، أو فوقه، فإنه في الطريق الاولى عنه قال: عن أبيه عن رجل من الانصار... وهذا الرجل مجهول، فيحتمل أن يكون صحابيا، ويحتمل أن يكون غير صحابي، وعلى هذا فهو مجهول، وإن كان الاول فالصحابة كلهم عدول، لكن في الطريق عبد الله بن جعفر بن أعين، ولم أجد له ترجمة. وفي الطريق الاخرى إبراهيم بن جابر، أورده ابن أبي حاتم (1 / 1 / 92) ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، لكنه قال: " روى عنه أبي وأبو زرعة رحمهم الله ". لكن قال الحافظ في قول ابن القطان في داود بن حماد بن فرافصة البلخي: حاله مجهول: " قلت: بل هو ثقة، فمن عادة أبى زرعة أن لا يحدث إلا عن ثقة ".
[ 154 ]
لكن الراوي عنه محمد بن أحمد بن بخيت لم أجد له ترجمة أيضا. والله أعلم. 2510 - (عن جابر مرفوعا " من أكل الثوم والبصل والكراث فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم " متفق عليه). صحيح. وهو متفق عليه كما قال، لكن البخاري ليس عنده " الكراث " ولا قوله: " فإن الملائكة.. ". وقد سبق بيان ذلك في " الصلاة " (540). 2511 - (حديث أبي أيوب في الطعام الذي فيه الثوم قال فيه: أحرام هو يا رسول الله ؟ قال: لا ولكنني أكرهه من أجل ريحه " حسنه الترمذي). صحيح. أخرجه مسلم (6 / 126) وأحمد (5 / 416) عن طريق محمد بن شعبة، وأحمد (5 / 417) عن طريق يحيى بن سعيد كلاهما عن شعبة عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة عن أبي أيوب قال: " كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا أتي بطعام أكل منه، وبعث بفضله إلي، وإنه بعث إلي يوما بفضلة لم يأكل منها، لان فيها ثوما، فسألته: أحرام هو ؟ قال: لا، ولكني أكرهه من أجل ريحه، قال: فإني أكره ما كرهت.. وخالفهما الطيالسي فقال (589): حدثنا شعبة به إلا أنه قال: " عن سماك بن حرب قال، سمعت جابر بن سمرة يقول: نزل رسول الله (صلى الله عليه وسلم)... ". قلت: فجعله من مسند جابر. ومن طريق الطيالسي أخرجه الترمذي (1 / 333 - 334) وقال: " حديث حسن صحيح ". وكذلك خالفهما معاذ بن معاذ فقال: حدثنا شعبة به مثل رواية
[ 155 ]
الطيالسي. أخرجه ابن حبان (1362). ويرجح رواية الطيالسي أن حماد بن سلمة رواه عن سماك بن حرب به مثل روايته عن شعبة. أخرجه ابن حبان أيضا (320). وله طريق أخرى عن أبى أيوب به نحوه. أخرجه مسلم (6 / 127) عن أفلح مولى أبي أيوب عنه. 2512 - (عن علي رضى الله عنه مرفوعا وموقوفا " النهي عن أكل الثوم إلا مطبوخا " رواه الترمذي). صحيح. وهو عند الترمذي (1 / 334) وكذا أبى داود (3828) من طريق الجراح بن مليح والد وكيع عن أبي إسحاق عن شريك بن حنبل عن على أنه قال: " نهى عن أكل الثوم إلا مطبوخا ". وفي رواية له من هذا الوجه عن على قال: " لا يصلح أكل الثوم إلا مطبوخا ". وقال الترمذي: " هذا الحديث ليس إسناده بذلك القوي، وقد روي هذا عن علي قوله، وروي عن شريك بن حنبل عن النبي (صلى الله عليه وسلم) مرسلا. قال محمد: الجراح بن مليح صدوق. والجراح بن الضحاك مقارب الحديث ". قلت: وأبو إسحاق هو السبيعى، وكان اختلط على أنه مدلس. لكن للحديث شاهد من حديث قرة المزني قال: " نهى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن هاتين الشجرتين الخبيثتين، وقال: من أكلهما فلا يقربن مسجدنا، وقال: إن كنتم لا بد آكليه فأميتموهما طبخا. قال: يعنى
[ 156 ]
البصل والثوم ". أخرجه أبو داود (3827) وأحمد (4 / 19) بسند جيد. وهو في " صحيح مسلم " (2 / 81) عن عمر موقوفا عليه، ويأتي في الكتاب بعد حديث. 2513 - (عن عائشة قالت: " إن آخر طعام أكله رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيه بصل " رواه أبو داود). ضعيف. أخرجه أبو داود (3829) وكذا أحمد (6 / 89) من طريق خالد بن معدان عن أبى زياد خيار بن سلمة أنه سأل عائشة عن البصل، فقالت: فذكره. قلت: وهذا إسناد ضعيف، خيار هذا، لم يرو عنه غير خالد بن معدان كما في " الميزان " وغيره. 2514 - (قال عمر في خطبته في البصل والثوم " فمن أكلهما فليمتهما طبخا " رواه مسلم والنسائي وابن ماجه). صحيح. أخرجه مسلم (2 / 81 - 82) والنسائي (1 / 116) وابن ماجه (3363) وأحمد (1 / 15 و 28 و 49) من طريق معدان بن أبى طلحة أن عمر بن الخطاب قال: " إنكم أيها الناس تأكلون من شجرتين ما أراهما إلا خبيثتين، هذا البصل والثوم، ولقد رأيت نبى الله (صلى الله عليه وسلم) وجد ريحهما من الرجل أمر به فأخرج إلى البقيع، فمن أكلهما فليمتهما طبخا ". 2515 - (حديث عبد الله بن حذافة " أن ملك الروم حبسه ومعه لحم خنزير مشوي وماء ممزوج بخمر ثلاثة أيام فأبي أن يأكله وقال: لقد أحله الله لي، ولكن لم أكن لاشمتك بدين الاسلام ".) ضعيف. أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (9 / 59 / 2) من
[ 157 ]
طريق هشام بن عمار نا يزيد بن سمرة نا سليمان بن حبيب أنه سمع الزهري قال: " ما اختبر من رجل من المسلمين ما اختبر من عبد الله بن حذافة السهمى، وكان قد شكا إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه صاحب مزاح وباطل، فقال: اتركوه فإن له بطانة يحب الله ورسوله، وكان رمى على قيسارية نوقدوه (كذا) فأفاق وهو في أيديهم، فبعثوا به إلى طاغيتهم بالقسطنطينية، فقال: تنصر وأنكحك ابنتي، وأشركك في ملكى، فأبى، قال: إذا أقتلك قال: فضحك، فأتي بأسارى فضرب أغاقهم، ومد عنقه قال: اضرب، ثم أتي بآخرين، فرموا حتى ماتوا، ونصبوه فقال: ارموا، ثم أتي بنقرة نحاس، قد صارت جمرة، فعلق رجلا ببكرة فألقي فيها، ثم حرك بسفود فخرج عظامه من دبرها، فعلقوا رجلين قبله، ثم علقوه، فقال: ألقوا، ألقوا، فقال: اتركوه، واجعلوه في بيت ومعه لحم خنزير مشوي وخمر ممزوج، فلم يأكل ولم يشرب، وأشفقوا أن يموت، فقال: أما إن الله عزوجل قد كان أحله لي، ولكن لم أكن لاشمتك بالاسلام، قال: قبل رأسي وأعتقك، قال: معاذ الله، قال: وأعتقك ومن في يدي من المسلمين، قال: أما هذه فنعم، فقبل رأسه فأعتقهم، فكان بعد ذلك، فيخبر الخبر ". قلت: وهذا إسناد ضعيف، لانقطاعه بين الزهري وعبد الله بن حذافة، ويزيد بن سمرة: قال ابن حبان في " الثقات ": " ربما أخطأ " وهشام بن عمار فيه ضعف. ولقصة نقرة النحاس طريقان آخران عند ابن عساكر، ولكنهما واهيان، في الاولى ضرار بن عمرو وهو ضعيف جدا، وفي الاخرى عبد الله بن محمد بن ربيعة القدامي نا عمر بن المغيرة عن عطاء بن عجلان، وثلاثتهم متروكون ! فالعجب من إيراد الحافظ لهذه القصة في ترجمة عبد الله بن حذافة من " التهذيب " بعبارة تشعر بثبوتها ! 2516 - (قول أبي زينب التميمي: " سافرت مع أنس بن مالك
[ 158 ]
وعبد الرحمن بن سمرة وأبي برزة فكانوا يمرون بالثمار فيأكلون في أفواههم "). لم أقف عليه ولا عرفت أبا زينب هذا. 2517 - (قال عمر " يأكل ولا يتخذ خبنة "). صحيح. أخرجه البيهقى (9 / 359) من طريق أبى عياض أن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قال: " من مر منكم بحائط فليأكل في بطنه، ولا يتخذ خبنة ". ثم أخرجه عن طريق زيد بن وهب قال. قال عمر: " إذا كنتم ثلاثة فأمروا عليكم واحدا منكم، وإذا مررتم براعى الابل فنادوا يا راعى الابل، فإن أجابكم فاستسقوه، وإن لم يجبكم فأتوها فحلوها، واشربوا، ثم صروها ". ثم قال: " هذا عن عمر رضي الله عنه صحيح بإسناديه جميعا ". 2518 - (عن رافع " أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: لا ترم وكل ما وقع، أشبعك الله وأرواك " صححه الترمذي). ضعيف. أخرجه الترمذي (1 / 242) والبيهقي (10 / 2) عن صالح بن أبى جبيرة عن أبيه عن رافع بن عمرو قال: " كنت أرمي نخل الانصار، فأخذوني، فذهبوا بى إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا رافع لم ترمى نخلهم ؟ قال: قلت: يا رسول الله الجوع، قال: فذكره. وقال: " حديث حسن غريب ".
[ 159 ]
كذا في النسخة " حسن " ولم يصححه، والمصنف نقل عنه التصحيح، ولعل ذلك في بعض النسخ (1)، وهو بعيد عن الصواب، فإن أبا جبيرة مجهول. ونحوه ولده صالح، قال الذهبي في ترجمته من " الميزان ": " غمزه ابن القطان لكون أن أحدا ما وثقه، وهذا شيخ محله الصدق، وأبوه فلا يعرف... روى الترمذي حديثه (هذا) وحسنه مع التقريب. قال ابن القطان: لا ينبغى أن يحسن، بل هو ضعيف للجهل بحال صالح وأبيه، قال أبو حاتم: مجهول ". وللحديث طريق آخر، يرويه معتمر بن سليمان قال: سمعت ابن أبي حكم الغفاري قال: حدثتني جدتي عن عم أبيها رافع بن عمرو الغفاري قال: " كنت وأنا غلام أرمى نخلنا، أو قال: نخل الانصار، فأتي بي النبي (صلى الله عليه وسلم)، فقال: يا غلام لم ترمي النخل ؟ قال: قلت: آكل، قال: فلا ترم النخل، وكل ما يسقط في أسافلها، قال: ثم مسح رأسي وقال: اللهم أشبع بطنه ". أخرجه أبو داود (2622) وابن ماجه (2299) والبيهقي (10 / 2 - 3) وأحمد (5 / 31). قلت: وهذا إسناد ضعيف أيضا، ابن أبي الحكم قال فيه الذهبي: " لا يكاد يعرف ". وقال الحافظ: " مستور ". 2519 - (حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) سئل عن الثمر المعلق فقال: ما أصاب منه من ذي حاجة غير متخذ خبنة فلا شئ عليه، ومن أخذ منه من غير حاجة فعليه غرامة مثليه (1) ثم رأيت ما يؤيد ذلك، ففى " التهذيب " عن الترمذي أنه صححه. (*)
[ 160 ]
والعقوبة "). حسن. وسبق تخريجه تحت الحديث (2413). 2520 - (قال ابن عباس: " إن كان عليها حائط فهو حريم فلا تأكل "). لم أقف على سنده. 2521 - (حديث سمرة في الماشية صححه الترمذي). صحيح. أخرجه الترمذي (1 / 243 - 244) وكذا أبو داود (2619) عنه والبيهقي (9 / 359) عن طريق الحسن عن سمرة بن جندب أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: " إذا أتى أحدكم على ماشية، فإن كان فيها صاحبها فليستأذنه، فإن أذن له فليتحلب وليشرب ولا يحمل، وإن لم يكن فيها أحد فليصوت ثلاثا فإن أجابه أحد فليستأذنه، فإن لم يجبه أحد فليتحلب وليشرب ولا يحمل ". وقال الترمذي: " حديث حسن غريب ". وقال البيهقي: " أحاديث الحسن عن سمرة لا يثبتها بعض الحفاظ، ويزعم أنها من كتاب، غير حديث العقيقة الذي قد ذكر فيه السماع ". قلت: له شاهد من حديث أبى سعيد الخدري مرفوعا بلفظ: " إذا أتيت على راع، فناده ثلاث مرار، فإن أجابك وإلا فاشرب في غير أن تفسد، وإذا أتيت على حائط بستان فناد صاحب البستان ثلاث مرات، فإن أجابك، وإلا فكل غير أن لا تفسد ". أخرجه ابن ماجه (2300) وإبن حبان (1143) والبيهقي (9 / 359 - 360) وأبو نعيم (3 / 99) عن طريق يزيد بن هارون، أنبأنا الجريري عن أبي نضرة عنه وقال البيهقي:
[ 161 ]
" تفرد به سعيد بن إياس الجريري، وهو من الثقات، إلا أنه اختلط في آخر عمره، وسماع يزيد بن هارون عنه بعد اختلاطه. ورواه أيضا حماد بن سلمة عن الجريري، وليس بالقوي ". قلت: إن كان يعني أن السند إلى حماد بن سلمة بذلك ليس بالقوي، فممكن، وإن كان يعنى أن حمادا نفسه ليس بالقوي أو أنه روي عنه في الاختلاط، فليس بصحيح، لان حمادا ثقة، وفيه كلام لا يضر، وقد روى عن الجريري قبل الاختلاط، قال العجلي: " بصري ثقة، اختلط بآخره، روى عنه في الاختلاط يزيد بن هارون وابن المبارك وابن أبي عدي، وكلما روى عنه مثل هؤلاء الصغار فهو مختلط، إنما الصحيح عنه حماد بن سلمة والثوري وشعبة... ". علما أن اختلاط الجريري لم يكن فاحشا كما قال يحيى بن سعيد القطان. وقال الامام أحمد (3 / 85): ثنا علي بن عاصم ثنا سعيد بن إياس الجريري عن أبي نضرة به. قلت: وعلي بن عاصم قال في " التقريب ": " صدوق يخطئ، ويصر ". 2522 - (حديث ابن عمر " لا يحلب أحد ماشية أحد إلا بإذنه " متفق عليه). صحيح. أخرجه البخاري (2 / 95) ومسلم (5 / 137) وأبو داود (2623) والبيهقي (9 / 358) كلهم عن مالك، وهو في " الموطأ " (2 / 971 / 17) عن نافع عن ابن عمر مرفوعا: " لا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه، أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته، فتكسر خزانته، فينقل طعامه، إنما تخزن لهم ضروع مواشيهم أطعمتهم، فلا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه ".
[ 162 ]
وأخرجه أحمد (2 / 6) عن أيوب عن نافع به. ثم أخرجه (2 / 57) عن عبيدالله عن نافع به مختصرا بلفظ: " نهى أن تحتلب المواشى من غير إذن أهلها ". 2523 - (حديث " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته، قالوا: وما جائزته يا رسول الله ؟ قال: يومه وليلته والضيافة ثلانة أيام، وما زاد على ذلك فهو صدقة، ولا يحل له أن يثوي عنده حتى يؤثمه: قيل يا رسول الله كيف يؤثمه ؟ قال: يقيم عنده وليس عنده ما يقريه "). صحيح. أخرجه البخاري (4 / 143) ومسلم (5 / 137 - 138) ومالك (2 / 929 / 22) وأبو داود (3748) والترمذي (1 / 365) وابن ماجه (3675) والبيهقي (9 / 197) وأحمد (4 / 31 و 6 / 385) من طريق سعيد ابن أبي سعيد عن أبي شريح العدوي أنه قال: سمعت أذناي وأبصرت عيناي حين تكلم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: فذكره دون قوله: " قيل يا رسول الله... ". فهى في رواية لمسلم وأحمد وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". 2524 - (عن عقبة بن عامر " قلت للنبي (صلى الله عليه وسلم): إنك تبعثنا فننزل بقوم لا يقروننا فما ترى ؟ فقال: إن (1) نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا، وإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم (2) " متفق عليه). صحيح. أخرجه البخاري (2 / 102 و 4 / 144) ومسلم (5 / 138) (1) الاصل: إذا. (2) الاصل: له، والتصويب من الصحيحين. (*)
[ 163 ]
وأبو داود (3752) وابن ماجه (3776) والبيهقي (9 / 197) وأحمد (4 / 149) من طريق الليث بن سعد عن يزيد بن أبى حبيب أي الخير عن عقبة بن عامر به. وخالفه ابن لهيعة فقال: عن يزيد أبي حبيب به بلفظ: " قلت: يا رسول الله إنا نمر بقوم، فلا هم يضيفونا، ولاهم يؤدون ما لنا عليهم من الحق، ولا نأخذ منهم، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): إن أبوا إلا أن تأخذوا كرها فخذوا ". أخرجه الترمذي (1 / 301)، وقال: " حديث حسن، وقد روى الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب أيضا. وإنما معنى الحديث أنهم كانوا يخرجون في الغزو، فيمرون بقوم، ولا يجدون من الطعام ما يشترون بالثمن، وقال النبي (صلى الله عليه وسلم): إن أبوا أن يبيعوا إلا أن تأخذوا كرها فخذوا ". قلت: ابن لهيهة سئ الحفظ، فحديثه ضعيف، لا سيما وقد خالف في سياقه الليث بن سعد، وهو ثقة حافظ. والمعنى الذي ذكره للحديث، إنما يتمشى مع ظاهر سياقه عنه، وأما سياق الليث فيأباه كما هو ظاهر، ولذلك قال أبو داود عقبه: " وهذه حجة للرجل يأخذ الشئ إذا كان حقا له ". 2525 - (قوله (صلى الله عليه وسلم) " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه "). صحيح. وقد مضى قبل حديث من رواية أبي شريح العدوي. وفي الباب عن أبي هريرة مرفوعا به. أخرجه البخاري (4 / 144).
[ 164 ]
باب الزكاة 2526 - (حديث ابن عمر مرفوعا: " أحل لنا ميتتان ودمان فأما الميتتان فالحوت والجراد، وأما الدمان فالكبد والطحال " رواه أحمد وابن ماجه والدار قطني). صحيح. وقد مضى في " الطهارة ". 2527 - (حديث كعب بن مالك (1) " أنه كانت له غنم ترعى بسلع (2) فأبصرت جارية لنا بشاة من غنمها موتاء، فكسرت حجرا فذبحتها به، فقال لهم: لا تأكلوا حتى أسأل النبي أو أرسل إليه من يسأله وإنه سأل النبي (صلى الله عليه وسلم) عن ذلك أو أرسل إليه، فأمر بأكلها " رواه أحمد البخاري). صحيح. أخرجه البخاري (2 / 62 و 4 / 11 - 12 و 12) وأحمد (6 / 386) والبيهقي (9 / 281) من طريق بن نافع أنه سمع ابن كعب بن مالك يحدث عن أبيه به. 2528 - (قال البخاري: قال ابن عباس: " طعامهم (1) في الاصل: كعب بن مالك عن أبيه: وهو خطأ، فإن الحديث من رواية ابن كعب عنه، كما تراه في التخريج. (2) جبل بجوار مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم. (*)
[ 165 ]
ذبائحهم ". ومعناه عن ابن مسعود. رواه سعيد). صحيح. هذا معلق عند البخاري (4 / 13)، ووصله البيهقى (9 / 282) من طريق عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن على بن أبى طلحة عن ابن عباس. قلت: وهذا سند ضعيف لانقطاعه بين علي بن أبي طلحة وابن عباس. وعبد الله بن صالح، وهو كاتب الليث فيه ضعف. لكن له طريق أخرى عن ابن عباس بمعناه، وقد مضى. وأخرجه البيهقى. 2522 - (عن رافع بن خديج مرفوعا " ما أنهر الدم فكل، ليس السن والظفر " متفق عليه). صحيح. أخرجه البخاري (2 / 110 - 111 و 114 - 115 و 2 / 266 - 267 و 4 / 10 - 11 و 12 و 13 و 19 و 20) ومسلم (6 / 78 و 78 - 79) وكذا أبو داود (2821) والنسائي (2 / 206 - 207 و 207) والترمذي (1 / 281) وابن ماجه (3178 و 3183) وابن الجارود (895) والبيهقي (9 / 246 و 247 و 281) وأحمد (4 / 140 و 142) عن عباية بن رفاعة عن جده رافع بن خديج قال: " كنا مع النبي (صلى الله عليه وسلم) بذي الحليفة، فأصاب الناس جوع، وأصبنا إبلا وغنما، وكان النبي (صلى الله عليه وسلم) في أخريات الناس، فعجلوا فنصبوا القدور، فأمر بالقدور فأكفئت، ثم قسم، فعدل عشرة من الغنم ببعير، فند منها بعير، وفي القوم خيل يسيرة، فطلبوه فأعياهم، فأهوى إليه رجل بسهم فحبسه الله، فقال: هذه البهائم لها أوابد كأوابد الوحش، فما ند عليكم فاصنعوا به هكذا، فقال جدى: إنا نرجو أو نخاف أن نلقى العدو غدا وليس معنا مدى أفنذبح بالقصب ؟ فقال: ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل، ليس السن والظفر، وسأحدثكم عن ذلك، أما السن فعظم، وأما الظفر فمدى الحبشة ".
[ 166 ]
والسياق للبخاري، وليس عند النسائي قصة القدور والقسمة، وكذا عند الترمذي وابن ماجه... وللحديث شاهد من حديث مري بن قطري عن عدى بن حاتم قال: " قلت: يا رسول الله إني أرسل كلبى فآخذ الصيد، فلا أجد ما أذكيه به فأذبحه بالمروة والعصا ؟ قال: أنهر الدم بما شئت واذكر اسم الله عزوجل ". أخرجه أبو داود (2824) والنسائي (2 / 206) وابن ماجه (3177) والحاكم (4 / 240) وقال: " صحيح على شرط مسلم ". وهذا من أوهامه التي لم ينبه عليها الذهبي، فإن مري بن قطري لم يخرج له مسلم شيئا، ثم هو لا يعرف كما قال الذهبي. 2530 - (عن عمر أنه نادى " إن النحر في اللبة أو الحلق لمن قدر " أخرجه سعيد ورواه الدارقطني مرفوعا بنحوه). 2531 - (حديث أبي هريرة قال: " نهى النبي (صلى الله عليه وسلم) عن شريطة الشيطان وهي التي تذبح فيقطع الجلد ولا تفرى الاوداج ثم تترك حتى تموت " رواه أبو داود). ضعيف. أخرجه أبو داود (2826) وكذا ابن حبان في " صحيحه " (1074) والحاكم (4 / 113) وأحمد (1 / 289) من طرق عن عبد الله بن المبارك عن معمر عن عمرو بن عبد الله عن عكرمة عن أبي هريرة وابن عباس (وليس عند ابن حبان: ابن عباس) به. وليس عند غير أبي داود: " وهي التي... ". وعند ابن حبان: " قال عكرمة: كانوا يقطعون منها الشئ اليسير ثم يدعونها حتى تموت، ولا يقطعون الودج، فنهى عن ذلك ". وعند الحاكم: " قال ابن المبارك: والشريطة أن يخرج الروح منه بشرط من غير قطع الحلقوم ".
[ 167 ]
قلت: والظاهر أن هذا التفسير ليس مرفوعا، وإنما أدرج في رواية أبي داود إدراجا. ثم قال الحاكم: " صحيح الاسناد ". ووافقه الذهبي. قلت: وليس كما قالا، فإن عمرو بن عبد الله هذا هو ابن الاسوار اليماني، أورده الذهبي نفسه في " الضعفاء " وقال: " قال ابن معين: ليس بالقوي ". وقال الحافظ في " التقريب ": " صدوق لين ". 2532 - (قول علي رضى الله عنه فيمن ضرب وجه ثور بالسيف " تلك ذكاة "). لم أقف عليه. 2533 - (قال ابن عباس في ذئب عدا على شاة فوضع قصبها بالارض فأدركها فذبحها بحجر قال: يلقي ما أصاب الارض منها ويأكل سائرها). لم أقف عليه. 2534 - (حديث رافع بن خديج قال: " كنا مع النبي (صلى الله عليه وسلم) فند بعير، وكان في القوم خيل يسير فطلبوه فأعياهم فأهوى إليه رجل بسهم فحبسه الله، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش، فما غلبكم منها فاصنعوا به كذا. وفي لفظ: فما ند عليكم فاصنعوا به هكذا " متفق عليه). صحيح. وقد مضى تخريجه برقم (2596) وذكرناه هناك باللفظ الاخر، واللفظ الاول هو للبخاري أيضا. وهذا القدر رواه الدارمي أيضا (2 / 84).
[ 168 ]
2535 - (حديث أبي العشراء عن أبيه مرفوعا: " لو طعنت في فخذها لاجزأك " رواه الخمسة). ضعيف. أخرجه أبو داود (2825) والنسائي (2 / 207) والترمذي (1 / 280) وابن ماجه (3184) وأحمد (4 / 434) وكذا ابن الجارود (901) والبيهقي (9 / 246) وأبو نعيم (6 / 257 و 341) من طريق حماد بن سلمة عن أبى العشراء به. وقال ابن الجارود: " قال ابن مهدي (شيخ شيخه): هذا فيما لا يقدر عليه يشبه التردي ". وكذا قال أبو داود عقبه: " وهذا لا يصلح إلا في المتردية والمتوحش ". وقال الترمذي: " حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث حماد بن سلمة، ولا نعرف لابي العشراء عن أبيه غير هذا الحديث ". وقال الحافظ في " التقريب ": " أعرابي مجهول ". وقال في " التلخيص " (4 / 134): " ولا يعرف حاله ". وقال الذهبي في " الميزان ": " قلت: ولا يدرى من هو، ولا من أبوه، انفرد عنه حماد بن سلمة ". قلت: وأورده الهيثمى في " المجمع " (4 / 34) من حديث أنس به وقال: " رواه الطبراني في " الاوسط "، وفيه بكر بن الشرود، وهو ضعيف ". 2536 - (ثبت أنه (صلى الله عليه وسلم) كان إذا ذبح قال: بسم الله والله أكبر). صحيح. أخرجه البخاري (4 / 25 و 451) ومسلم (6 / 78) وابن ماجه (3120) والبيهقي (9 / 285) وأحمد (3 / 115 و 170 و 183 و 189 و 211 و 214 و 222 و 255 و 258 و 272 و 278 و 279) من طريق قتادة
[ 169 ]
عن أنس قال:. (ضحى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بكبشين أملحين أقرنين. قال: ورأيته يذبحهما ورأيته واضعا قدمه على صفاحهما، قال: وسمى وكبر ". ولفظ البيهقى: " ويقول: باسم الله والله أكبر ". وهو رواية لمسلم. وقد مضى الحديث في " باب الاضحية " رقم (1138)، ومضى له هناك شاهد من حديث جابر، وهو الذي بعده (1138). 2537 - (عن راشد بن سعد قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " ذبيحة المسلم حلال، وإن لم يسم إذا لم يتعمد " أخرجه سعيد). ضعيف. أخرجه الحارث بن أبي أسامة في " مسنده " (99 - زوائده) عن الاحوص بن حكيم عن راشد بن سعد مرفوعا وزاد: " والصيد كذلك ". قلت: وهذا مرسل، راشد بن سعد هو الحمصى تابعي كثير الارسال، ومع ذلك فالراوي عنه الاحوص بن حكيم ضعيف الحفظ. وأخرج الدارقطني (549) والبيهقي (9 / 240) من طريق مروان بن سالم عن الاوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: " سأل رجل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا رسول الله أرأيت الرجل منا يذبح وينسى أن يسمى الله، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): اسم الله على كل مسلم ". وقال الدارقطني: " مروان بن سالم ضعيف ". قلت: بل هو ضعيف جدا متهم، قال الحافظ في " التقريب ":
[ 170 ]
" متروك، ورماه الساجي وغيره بالوضع ". وقال البيهقى عقب الحديث: " مروان بن سالم الجزري ضعيف، ضعفه أحمد بن حنبل والبخاري وغيرهما، وهذا الحديث منكر بهذا الاسناد ". ثم روى عن طريق أبى داود في " المراسيل " عن عبد الله بن شداد عن ثور ابن يزيد عن الصلت قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " ذبيحة المسلم حلال، ذكر اسم الله أولم يذكر، إنه إن ذكر لم يذكر إلا اسم الله ". قلت: وهذا مرسل ضعيف أيضا، الصلت هذا تابعي روى عنه ثور بن يزيد وحده كما قال الذهبي فهو مجهول. وقال الحافظ في " التقريب ": (لين الحديث ". وأخرجه البيهقي من طريق معقل بن عبيدالله عن عمرو عن عكرمة عن ابن عباس رضى الله عنهما عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: " المسلم يكفيه اسمه، فإن نسي أن يسمي حين يذبح فليذكر اسم الله وليأكله !. وقال: " كذا رواه مرفوعا، ورواه غيره عن عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن عين عن ابن عباس فيمن ذبح ونسى التسمية، قال: " المسلم فيه اسم الله، وإن لم يذكر التسمية !. ثم رواه من طريقين عن سفيان عن عمرو به. زاد في أحدهما: " يعني ب (عين) عكرمة ". وسنده صحيح كما قال الحافظ في " الفتح " (9 / 537) وأما المرفوع فقال
[ 171 ]
في " التلخيص " (4 / 137): " وفي إسناده ضعف، وأعله ابن الجوزي بمعقل بن عبيدالله، فزعم أنه مجهول، فأخطأ، بل هو ثقة من رجال مسلم، لكنه قال البيهقي: الاصح وقفه على ابن عباس، وقد صححه ابن السكن ". قلت: وفي إطلاق قوله في معقل إنه ثقة نظر، فقد قال فيه في " التقريب ": (صدوق يخطئ ". قلت: فمثله قد ترد روايته بدون مخالفة للثقة، فكيف معها، فكيف إذا كان المخالف هو سفيان الثوري. 2538 - (حديث " عفي لامتي عن الخطأ والنسيان "). صحيح. وقد مضى. (1) في كتاب الطهارة الجزء الاول الصفحة 123 برقم 82. (*)
[ 172 ]
فصل 2539 - ((حديث جابر مرفوعا " ذكاة الجنين ذكاة أمه " رواه أبو داود بإسناد جيد، ورواه الدارقطني من حديث ابن عمر وأبي هريرة). صحيح. وروي من حديث أي سعيد أيضا. 1 - حديث جابر. يرويه أبو الزبير عنه به. أخرجه أبو داود (2828) والدارمى (2 / 84) وأبو نعيم في " الحلية " (7 / 92 و 9 / 236) والدار قطني (540) والحاكم (4 / 114) والبيهقي (9 / 334 - 335) من طرق عنه. وقال الحاكم: (صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبي. قلت: وهو كما قالا، لولا أن أبا الزبير مدلس وقد عنعنه في جميع الطرق عنه، وبها أعله ابن حزم في " المحلى " (7 / 419). 2 - حديث أبي سعيد. يرويه أبو الوداك عن أبي سعيد قال: (سألت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن الجنين ؟ فقال: كلوه إن شئتم ". وفي لفظ: " يا رسول الله ننحر الناقة، ونذبح البقرة والشاة، فنجد في بطنها الجنين، أنلقيه أم نأكله ؟ قال: كلوه إن شئتم. فإن ذكاته ذكاة أمه ". أخرجه أبو داود (2827) واللفظ الثاني له في رواية، والترمذي
[ 173 ]
(1 / 279) وابن ماجه (3199) والدار قطني والبيهقي وأحمد (3 / 31 و 53) من طريق مجالد بن سعيد عنه. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح، وقد روي من غير هذا الوجه عن أبى سعيد ". قلت: ومجالد ليس بالقوي، لكنه قد تابعه يونس بن أبي إسحاق عن أبى الوداك به. أخرجه ابن الجارود (900) وابن حبان (1077) والدار قطني (541) والبيهقي وأحمد (3 / 39). وقال الزيلعى في " نصب الراية " (4 / 189): " قال المنذري: إسناده حسن، ويونس وإن تكلم فيه فقد احتج به مسلم في (صحيحه) ". وللحديث طريق أخرى عن أبي سعيد أخرجه أحمد (3 / 45)، والطبراني في " المعجم الصغير " (ص 48 / 94) والخطيب في " التاريخ " (8 / 412) من طريقين ضعيفين عن عطية العوفي عنه. قلت: وعطية ضعيف. 3 - حديث ابن عمر، يرويه عن نافع، وله عنه ثلاث طرق: الاولى: يرويها وهب بن بقية ثنا محمد بن الحسن الواسطي (وفي رواية المزني) عن محمد بن إسحاق عنه. أخرجه الطبراني في " الاوسط " (1 / 131 / 1) والحاكم (4 / 114) وقال الطبراني: " لم يروه عن ابن إسحاق إلا محمد بن الحسن، تفرد به وهب بن بقية ". وقال الزيلعى (4 / 190): " ورجاله رجال الصحيح، وليس فيه غير ابن إسحاق، وهو مدلس، ولم يصرح بالسماع، فلا يحتج به، ومحمد بن الحسن الواسطي ذكره ابن حبان في
[ 174 ]
" الضعفاء "، وروى له هذا الحديث ". قلت: إنما علته العنعنة، وأما الواسطي فثقة اتفاقا، وابن حبان تناقض فيه، فأورده في " الضعفاء " كما ذكر الزيلعي وساق له هذا الحديث وقال: " إنما هذا قول ابن عمر موقوف ". كما في " التهذيب ". وأورده أيضا في " الثقات ". قال الذهبي في " الميزان ": (وهذا أصوب ". ولهذا جزم الحافظ في " التقريب " بأنه ثقة، وهو من رجال البخاري. الثانية: يرويها عبيدالله بن عمر عن نافع به. أخرجه الطبراني في " الصغير " من طريق عبد الله بن نصر الانطاكي، ثنا أبو أسامة عن عبيدالله، وقال: " لم يروه مرفوعا عن عبيدالله إلا أبو أسامة، تفرد به عبد الله بن نصر ". قلت: وهو - كما قال الذهبي - منكر الحديث. ولكن لم يتفرد به شيخه عن عبيدالله، فقد رواه عصام بن يوسف نا مبارك ابن مجاهد عن عبيدالله به. أخرجه الدارقطني (539) والبيهقي (9 / 335) وقال: " وروي من أوجه عن ابن عمر مرفوعا، ورفعه عنه ضعيف، والصحيح موقوف ". قلت: والمبارك بن مجاهد ضعفه غير واحد، فهو علة هذه الطريق. الثالثة: عن أيوب بن موسى عن نافع به. أخرجه الطبراني في " المعجم الصغير " (ص 221) عن طريق أحمد بن الفرات الرازي ثنا هشام بن بلال ثنا محمد بن مسلم الطائفي عن أيوب بن موسى
[ 175 ]
عن نافع وقال: " لم يروه عن أيوب بن موسى إلا محمد بن مسلم، ولا عن محمد إلا هشام، تفرد به أبو مسعود ". قلت: وهو ثقة وكذا سائر الرواة سوى شيخه هشام بن بلال ولم أجد له ترجمة. وبالجملة فهذه الطرق عن ابن عمر كلها معلولة، ولذلك جزم البيهمى فيما تقدم بأن رفعه ضعيف، وأن الصحيح موقوف. وقد أخرجه مالك في " الموطأ " (2 / 490 / 8) عن نافع عن عبد الله بن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول: " إذا نحرت الناقة فذكاة ما في بطنها في ذكاتها، إذا كان قد تم خلقه، ونبت شعره، فإذا خرج من بطن أمه ذبح حتى يخرج الدم من جوفه ". وقال ابن عدي: " اختلف في رفعه ووقفه على نافع، ورواه أيوب وجماعة عن نافع عن ابن عمر موقوفا وهو الصحيح ". وبقية الاحاديث عن غير من ذكرنا من الصحابة أسانيدها كلها معلولة ؟ وفيما ذكرنا كفاية، وتجد تخريجها في " نصب الراية " (4 / 189 - 192) و " التلخيص " (4 / 156 - 158) وذكر في أول تخريجه إياه: " قال عبد الحق: " يحتج بأسانيده كلها. وخالف الغزالي في " الاحياء "، فقال: " هو حديث صحيح ". وتبع في ذلك إمامه، فإنه قال في " الاساليب ": هو حديث صحيح، لا يتطرق احتمال إلى متنه، ولا ضعف إلى سنده، وفي هذا نظر، والحق أن فيها ما ينتهض به الحجة، وهي مجموع طرق حديث أبى سعيد، وطرق حديث جابر ". قلت: وصححه ابن دقيق العبد بإيراده إياه في " الالمام بأحاديث الاحكام " (ص 299).
[ 176 ]
2540 - (حديث " وإن ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته " رواه أحمد النسائي وابن ماجه). صحيح. وأخرجه مسلم أيضا كما تقدم برقم (2231). 2541 - (حديث أبي هريرة " بعث النبي (صلى الله عليه وسلم) بديل بن ورقاء الخزاعي على جمل أورق يصيح في فجاج منى بكلمات منها: لا تعجلوا الانفس أن تزهق، وأيام منى أيام أكل وشرب وبعال " رواه الدارقطني). ضعيف. أخرجه الدارقطني في " السنن " (ص 544) من طريق سعيد بن سلام العطار نا عبد الله بن بديل الخزاعى عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة به. إلا أنه زاد بعد قوله: " منى ": " ألا إن الذكاة في الحلق واللبة، ألا ولا تعجلوا... ". وهذا إسناد هالك، العطار هذا كذاب كما قال أحمد. وقال البخاري: يذكر بوضع الحديث. وأشار البيهقى إلى هذا الحديث، وقال (9 / 278). " ضعيف ليس بشئ ". 2542 - (قال عمر " لا تعجلوا الانفس حتى تزهق ".). أخرج البيهقى من طريق يحيى بن أبى كثير عن فرافصة الحنفي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: " الذكاة في الحلق واللبة، ولا تعجلوا الانفس أن تزهق ". قلت: وهذا إسناد يحتمل التحسين، رجاله ثقات غير فرافصة وهو ابن عمير الحنفي المدني، قال ابن أبى حاتم (3 / 2 / 92): " روى عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، روى عنه القاسم بن محمد
[ 177 ]
وعبد الله بن أبى بكر ". وأورده ابن حبان في " الثقات " (1 / 184)، وذكر أنه روى عن عمر أيضا، وعنه عبد الله بن محمد بن عقيل مكان عبد الله بن أبى بكر. وروى أيضا عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس قال: " الذكاة في الحلق واللبة ". قلت: وإسناده صحيح ". وعزاه الحافظ في " الفتح " (9 / 552) لسعيد بن منصور أيضا، وقال: " وهذا إسناد صحيح ". وعلقه البخاري في " صحيحه ". ثم قال: " وأخرجه سفيان الثوري في " جامعه " عن عمر مثله. وجاء مرفوعا من وجه واه ". يشير إلى أثر عمر هذا، وبالمرفوع إلى حديث أبي هريرة قبله. 2543 - (قال البخاري: قال ابن عمر وابن عباس " إذا قطع الرأس فلا بأس به ") ص 426. صحيح. هو عند البخاري معلق. وقد وصله أبو موسى الزمن من رواية أبي مجلز: سألت ابن عمر عن ذبيحة قطع رأسها ؟ فأمر ابن عمر بأكلها. وأما أثر ابن عباس فوصله ابن أبي شيبة بسند صحيح. " أن ابن عباس سئل عمن ذبح دجاجة فطير رأسها ؟ فقال: ذكاة وحية ". أي سريعة، وهي بفتح الواو وكسر الحاء المهملة بعدها تحتانية ثقيلة، منسوبة إلى الوحاء وهو الاسراع والعجلة ". كذا في " الفتح " (9 / 252 - 253).
[ 178 ]
2544 - (أثر ابن عمر " أنه كان يستحب أن يستقبل القبلة [ إذا ذبح ] "). أخرجه البيهقي (9 / 285) من طريق ابن جريج عن نافع عن ابن عمر به. قلت: ورجاله ثقات، لكن ابن جريج مدلس وقد عنعنه. وفي الباب: عن جابر قال: (ضحى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بكبشين في يوم العيد، فقال حين وجههما: إنى وجهت...). وقد مضى برقم (1137). قال البيهقي: " وفي رواية أخرى: " وجههما إلى القبلة حين ذبح ". وروي فيه حديث مرفوع عن غالب الجزري عن عطاء عن عائشة رضي الله عنهما، وإسناده ضعيف ". 2545 - (حديث أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال لعدي بن حاتم: " فإن وقعت في الماء فلا تأكل فإنك لا تدري الماء قتله أو سهمك " متفق عليه). ص 427. صحيح. أخرجه البخاري (4 / 7) ومسلم (6 / 58) وأبو داود (2850) والنسائي (2 / 197) والترمذي (1 / 278) وابن الجارود (920) والدار قطني (549) والبيهقي (9 / 242) وأحمد (4 / 379) من طريق عاصم الاحول عن الشعبى عن عدي بن حاتم قال: " سألت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن الصيد ؟ قال: " إذا رميت سهمك، فاذكر اسم الله فإن وجدته قد قتل، فكل، إلا أن تجده وقع في ماء، فإنك لا تدري... ". الخ. وليس عند البخاري وأبي داود:
[ 179 ]
" فإنك... ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". ولحديث عدي هذا ألفاظ وفوائد من طرق عن الشعبى وغيره عنه، يأتي بعضها في الكتاب، فانظر الارقام (2546 و 2548 و 2551).
[ 180 ]
كتاب الصيد والذبائح 2546 - (قوله (صلى الله عليه وسلم) " فإن أخذ الكلب ذكاة " متفق عليه). صحيح. أخرجه البخاري (4 / 4) ومسلم (6 / 57) وكذ ا النسائي (2 / 193) والدارمي (2 / 89) وابن الجارود (914) (والبيهقي (9 / 235 - 236) وأحمد (4 / 256) من طريق زكريا عن عامر عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: " سألت النبي (صلى الله عليه وسلم) عن صيد المعراض ؟ قال: ما أصاب بحده فكله، وما أصاب بعرضه فهو وقيذ، وسألته عن صيد الكلب، فقال: ما أمسك عليك فكل، فإن أخذ الكلب ذكاة، وإن وجدت مع كلبك أو كلابك كلبا غيره، فخشيت أن يكون أخذه معه، وقد قتله فلا تأكل، فإنما ذكرت اسم الله على كلبك، ولم تذكره على غيره ". وروى منه الترمذي (1 / 278) إلى قوله " وقيذ " ثم قال: " حديث حسن صحيح ". 2547 - (حديث " ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل "). صحيح. وقد مضى برقم (2529).
[ 181 ]
2548 - (حديث عدي بن حاتم " قلت: يا رسول الله إني أرمي بالمعراض الصيد فأصيب، فقال: إذا رميت بالمعراض فخزق فكله، وإن أصاب بعرضه فلا تأكله " متفق عليه). صحيح. أخرجه البخاري (4 / 5) ومسلم (6 / 56) وأبو داود (2847) والنسائي (2 / 193) والترمذي (1 / 277) والطيالسي (1031) وأحمد (4 / 377) من طريق منصور عن إبراهيم عن همام بن الحارث عن عدي ابن حاتم به. والسياق لمسلم وقال الترمذي: " حديث صحيح ". 2549 - (حديث " أمر الرسول (صلى الله عليه وسلم) بقتل الكلب الاسود وقال: إنه شيطان " متفق عليه). صحيح. أخرجه البخاري (2 / 329) ومسلم (5 / 35) ومالك (2 / 969 / 14) والنسائي (2 / 194) والدارمي (2 / 90) وابن ماجه (3202) وأحمد (2 / 22 - 23 و 113 و 146) من طرق عن نافع عن ابن عمر: (أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أمر بقتل الكلاب ". وزاد مسلم في رواية: (فأرسل في أقطار المدينة أن تقتل ". وأخرجه هو والنسائي من طريق عمرو بن دينار عن ابن عمر به، وزادا: " إلا كلب صيد أو كلب غنم أو ماشية " وزاد الاول: " فقيل لابن عمر: إن أبا هريرة يقول: أو كلب زرع، فقال ابن عمر: إن لابي هريرة زرعا ". وله طريق ثالثة، يرويه سالم بن عبد الله سمعت عبد الله بن عمر به.
[ 182 ]
أخرجه أحمد (2 / 133) والنسائي وزاد: " فكانت الكلاب تقتل إلا كلب صيد أو ماشية ". وللحديث شاهد من رواية جابر رضي الله عنه قال: " أمرنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بقتل الكلاب، حتى أن المرأة تقدم من البادية بكلبها فنقتله، ثم نهى النبي (صلى الله عليه وسلم) عن قتلها وقال: عليكم بالاسود البهيم ذى النقطتين فإنه شيطان ". أخرجه مسلم وأحمد (3 / 333). (تنبيه) من هذا التخريج يتبين أن الحديث على السياق الذي ذكره المصنف ليس له أصل في شئ من الكتب المعروفة، وأنه ليس عند البخاري وصف الكلب بأنه أسود شيطان. فإطلاق العزو إليه لا يخفى ما فيه. 2550 - (قال ابن عباس: هي الكلاب المعلمة وكل طير تعلم الصيد، والفهود والصقور وأشباهها "). أخرجه ابن جرير (6 / 58) والبيهقي (9 / 235) عن طريق عبد الله ابن صالح عن معاوية بن صالح عن على بن أبى طلحة عن ابن عباس. قلت: وهذا إسناد ضعيف منقطع. لكن له طريق أخرى عند ابن جرير قال: حدثنى محمد بن سعد قال: ثني أبي قال: ثنى عمى قال ثنى أبي عن أبيه عن ابن عباس قوله: (وما علمتم من الجوارح مكلبين) الجوارح الكلاب والصقور المعلمة ". وهذا إسناد ضعيف أيضا. 2551 - (حديث " فإن أكل فلا تأكل فإني أخاف أن يكون أمسك على نفسه " متفق عليه).
[ 183 ]
صحيح. أخرجه البخاري (4 / 6) ومسلم (6 / 56) وكذا أبو داود (2848) وابن ماجه (3208) وابن الجارود (915) والبيهقي (9 / 236 - 237) وأحمد (4 / 258) من طريق بيان عن الشعبى عن عدي بن حاتم قال: " سألت رسول الله (صلى الله عليه وسلم): قلت: إنا قوم نصيد بهذه الكلاب، فقال إذا أرسلت كلابك المعلمة، وذكرت اسم الله عليها فكل مما أمسكن عليك، وإن قتلن إلا أن يأكل الكلب، فإن أكل فلا تأكل، فإنى أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه، وإن خالطها كلاب من غيرها فلا تأكل ". وتابعه عبد الله بن أبى السفر عن الشعبى به. أخرجه البخاري (4 / 4 - 5 و 7) ومسلم (6 / 57) والنسائي (2 / 197) والبيهقي (9 / 236) والطيالسي (1030) وأحمد (4 / 258 و 380). وتابعه مجالد عن الشعبي. أخرجه الترمذي (1 / 238) وأحمد (4 / 257 و 377 و 379). 2552 - (قال ابن عباس " إذا أكل الكلب فلا تأكل فإن أكل الصقر فكل " رواه الخلال). وقال أيضا " لانك تستطيع أن تضرب الكلب ولا تستطيع أن تضرب الصقر ". علقه البيهقى (9 / 238) باللفظ الثاني فقال: " ويذكر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس به ". وأما اللفظ الاول فلم أقف عليه. 2553 - (حديث " ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل "). صحيح. وقد مر (2529).
[ 184 ]
2554 - (حديث " إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه فكل " متفق عليه). صحيح. وقد مضى قبل حديثين. 2555 - (حديث " فإن وجدت معه غيره فلا تأكل فإنك إنما سميت على كلبك ولم تسم على الاخر " متفق عليه). صحيح. وقد مضى (2546) وانظر رقم (2551). 2556 - (حديث عدي بن حاتم قال: " سألت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن الصيد فقال: إذا رميت سهمك فاذكر اسم الله فإن وجدته قتل فكل إلا أن تجده وقع في ماء فإنك لا تدري الماء قتله أو سهمك لما متفق عليه). صحيح. وقد مضى برقم (2545).
[ 185 ]
كتاب الايمان 2557 - (حديث " من كان حالفا فليحلف بألله أو ليصمت " متفق عليه). صحيح. وسيأتي بأتم منه بعد حديثين، فلنجعل تخريجه هناك. 2558 - (حديث " لا تسافروا بالقرأن إلى أرض العدو "). صحيح. وهو من حديث عبد الله بن عمر، يرويه عنه نافع، رواه أيوب عنه بهذا اللفظ إلا أنه لم يذكر (إلى أرض العدو "، وقال مكانها: " فإني أخاف أن يناله العدو ". أخرجه مسلم (6 / 30) وأحمد (2 / 6 و 10) وابن أبى داود في " المصاحف " (88 / 2) وقد تابعه مالك عن نافع به بلفظ: " نهى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو ". أخرجه في (الموطأ " (2 / 446 / 7) وعنه البخاري (2 / 245) ومسلم وأ بوداود (2610) وابن ماجه (2879) وأحمد (2 / 7 و 63) وابن أبى داود (88 / 1) وزاد هو واللذان قبله: " مخافة أن يناله العدو ". وهى في " الموطأ " من قول مالك. والصواب أنها من قوله (صلى الله عليه وسلم) كما في رواية
[ 186 ]
أيوب المتقدمة. وتابعه عبيدالله: أخبرني نافع به بلفظ: " نهى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو، مخافة أن يناله العدو ". أخرجه أحمد (2 / 55): ثنا يحيى عن عبيدالله، وابن أبى داود من طرق أخرى عن عبيدالله. وهذا إسناد على شرطهما. وتابعه الليث عن نافع به. أخرجه مسلم وابن أبي داود. وتابعه الضحاك بن عثمان عن نافع به. أخرجه مسلم وأبن أبى داود. وتابعه محمد بن إسحاق عن نافع به نحوه. أخرجه أحمد (2 / 76) وابن أبي داود. وتابعه جويرية عن نافع به. أخرجه الطيالسي (1855) وعنه ابن أبي داود (89 / 1). وله عن ابن عمر طريق أخرى، فقال أحمد (2 / 128): ثنا عبيد بن أبى قرة ثنا سليمان يعني بن بلال عن عبد الله بن دينار عنه به مثل لفظ عبيدالله. وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبيد هذا وهو مختلف فيه، فلا بأس به في الشواهد، لا سيما وقد رواه ابن أبي داود (89 / 2) من طريق عبد العزيز بن مسلم نا عبد الله بن دينار به. 2559 - (قالت عائشة " ما بين دفتي المصحف كلام الله "). لم أقف على إسناده الآن.
[ 187 ]
2560 - (حديث " إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت " متفق عليه). صحيح. أخرجه البخاري (2 / 161 و 4 / 137 و 262 - 263) ومسلم (5 / 81) وكذا مالك (2 / 480 / 1 4) وأبو داود (3249) والترمذي (1 / 289) والدارمي (2 / 185) وابن أبي شيبة (4 / 179) والبيهقي (10 / 28) وأحمد (2 / 11 و 17 و 142) من طرق عن نافع عن عبد الله بن عمر. " أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أدرك عمربن الخطاب وهو يسير في ركب، وهو يحلف بأبيه فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم). فذكره. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وله طريق أخرى، فقال الامام أحمد (2 / 7): ثنا عبد الاعلى عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه: (أن النبي (صلى الله عليه وسلم) سمع عمر وهو يقول: " وأبي "، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فذكره، وزاد: " قال عمر: فما حلفت بها بعد ذاكرا ولا آثرا ". ومن طريق أحمد أخرجه أبو داود (3250). قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجه البخاري (4 / 363) ومسلم (5 / 80) والنسائي (2 / 139) والترمذي وابن ماجه (2094) وابن أبى شيبة (4 / 179) وابن الجارود (922) والبيهقي وأحمد أيضا (2 / 8) من طرق أخرى عن الزهري به. إلا أنه ليس في حديثهم ". " فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ".
[ 188 ]
وأخرجه أحمد (2 / 48) من طريق أخرى فقال: ثنا إسماعيل ثنا يحيى ابن أبى كثير عن أبى إسحاق: حدثنى رجل من بنى غفار في مجلس سالم بن عبد الله: حدثني فلان أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أتي بطعام من خبز ولحم، فقال: ناولنى الذراع، فنوول ذراعا فأكلها - قال يحيى: ولا أعلمه إلا هكذا - ثم قال: ناولنى الذراع، فنوول ذراعا فأكلها، ثم قال ناولني الذراع، فقال: يا رسول الله إنما هما ذراعان ! فقال: وأبيك لو سكت ما زلت أناول منها ذراعا ما دعوت به. فقال سالم: أما هذه فلا، سمعت عبد الله بن عمر يقول. قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): فذكره مثل رواية الجماعة عن الزهري. قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي إسحاق فلم أعرفه الآن. ثم رأيت النسائي قد أخرجه في سننه (2 / 139) فقال: أخبرني زياد ابن أيوب قال: ثنا ابن علية قال: حدثنا يحيى بن أبي إسحاق قال: حدثنى رجل من بنى غفار... فذكره مختصرا. فرجعت إلى ترجمة يحيى بن أبي إسحاق من " التهذيب " فوجدت فيه: " ع - يحيى بن أبي إسحاق الحضرمي مولاهم البصري. روى عن أنس بن مالك وسالم بن عبد الله بن عمر... وعنه محمد بن سيرين وهو أكبر منه، ويحيى بن أبى كثير ومات قبله... ". قلت: فظننت أن الراوي لهذا الحديث عن سالم هو يحيى بن أبي إسحاق هذا الحضرمي، فإذا صح هذا فيكون في إسناد النسائي سقط، وكذا في إسناد أحمد، وصوابه: " ثنا يحيى بن أبى كثير عن يحيى بن أبي إسحاق ". والله أعلم. قلت: فإذا ثبت ما ذكرنا فالسند صحيح على شرط الشيخين. وله طريق ثالثة عن عبد الله بن دينار أنه سمع ابن عمر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله، وكانت قريش تحلف بآبائها، فقال:
[ 189 ]
لا تحلفوا بآبائكم ". أخرجه مسلم (5 / 81) والنسائي (2 / 139) وأحمد (2 / 76 و 98). 2561 - (عن ابن عمر مرفوعا " من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك ". حسنه الترمذي). صحيح. أخرجه الترمذي (1 / 290) وكذا أبو داود (3251) وابن حبان (1177) والحاكم (4 / 297) والبيهقي (10 / 29) والطيالسي (1896) وأحمد (2 / 34 و 67 و 69 و 86 و 125) من طرق عن سعد بن عبيدة. " أن ابن عمر سمع رجلا يقول. لا والكعبة، فقال ابن عمر: لا يحلف بغير الله فإنى سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول... " فذكره. وقال: " حديث حسن ". وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبي. قلت: وأعل بالانقطاع، فقال البيهقى: " وهذا مما لم يسمعه سعد بن عبيدة من ابن عمر ". ثم ساق من طريق الامام أحمد، وهو في المسند (2 / 125) من طريق شعبة عن منصور عن سعد بن عبيدة قال: " كنت جالسا عند عبد الله بن عمر، فجئت سعيد بن المسيب، وتركت عنده رجلا من كندة، فجاء الكندي مروعا، فقلت: ما وراءك ؟ قال: جاء رجل إلى عبد الله بن عمر آنفا فقال: أحلف بالكعبة ؟ فقال: احلف برب الكعبة، فإن عمر كان يحلف بأبيه، فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم): لا تحلف بأبيك، فإنه من حلف بغير الله فقد أشرك ". قلت: ومن الغريب قول الحافظ في " التلخيص " (4 / 168) بعد أن
[ 190 ]
نقل عبارة البيهقى السابقة في إعلاله إياه بالانقطاع: " قلت: قد رواه شعبة عن منصور عنه: قال: كنت عند ابن عمر ". فقد عرفت من سياق رواية شعبة أنه إنما كان حاضرا قبل تحديث ابن عمر بالحديث، وأنه إنما حدثه به عنه الكندي. وقد تابعه على هذا التفصيل شيبان وهو ابن عبد الرحمن التميمي أبو معاوية البصري المؤدب فقال: عن منصور عن سعد بن عبيدة قال: " جلست أنا ومحمد الكندي إلى عبد الله بن عمر، ثم قمت من عنده فجلست إلى سعيد بن المسيب... " فذكر مثله. أخرجه أحمد (2 / 69). ومحمد الكندي أورده ابن أبي حاتم (4 / 1 / 132) فقال: روى عن علي رضي الله عنه، مرسل. روى عنه عبد الله بن يحيى التوأم سمعت أبي يقول: هو مجهول ". لكن قد جاء ما يشهد لاتصاله، من غير رواية شعبة، فقال وكيع: ثنا الاعمش عن سعد بن عبيدة قال: " كنت مع ابن عمر في حلقة، فسمع رجلا في حلقة أخرى وهو يقول: لا وأبي، فرماه ابن عمر بالحص، وقال: إنها كانت يمين عمر، فنهاه النبي (صلى الله عليه وسلم) عنها، وقال: إنها شرك ". أخرجه ابن أبي شيبة (4 / 179) وأحمد (2 / 58 و 60). فهذا على خلاف رواية منصور عن سعد، لكن منصور وهو ابن المعتمر إذا اختلف مع الاعمش فهو أرجح، قال ابن أبى خيثمة: سمعت يحيى بن معين وأبي حاضر يقول: إذا اجتمع منصور والاعمش، فقدم منصورا، وقال ابن أبى حاتم: سألت أبي عن منصور فقال: ثقة. قال: وسئل أبي عن الاعمش ومنصور ؟ فقال: الاعمش حافظ يخلط ويدلس، ومنصور أتقن، لا يخلط ولا
[ 191 ]
يدلس ". (1). وقد خالف المذكورين في إسنادهما سعيد بن مسروق فقال: عن سعد بن عبيدة عن ابن عمر أنه قال: " وأبي، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " مه إنه من حلف بشئ دون الله فقد أشرك ". فجعله من مسند عمر في الظاهر. أخرجه أحمد (1 / 47): ثنا أبو سعيد ثنا إسرائيل ثنا سعيد بن مسروق به. قلت: وهذا إسناد صحيح إن سلم من الانقطاع. لكن يشهد له ما أخرجه أحمد (2 / 67): ثنا عتاب ثنا عبد الله أنا موسى بن عقبة عن سالم عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من حلف بغير الله، فقال فيه قولا شديدا. قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير عتاب وهو ابن زياد الخراساني وهو ثقة. فقوله: " فقال فيه قولا شديدا ". كأنه يثير إلى قوله " فقد أشرك ". والله أعلم. 2562 - (قال ابن مسعود " لان أحلف بالله كاذبا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقا ". صحيح. أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3 / 17 / 2) حدثنا علي بن عبد العزيز نا أبو نعيم ح وحدثنا أبو مسلم الكشي نا الحاكم بن مروان الضرير قالا: نا مسعر بن كدام عن وبرة بن عبد الرحمن قال: قال عبد الله... فذكره. (1) قلت: وذكر الحافظ في " التلخيص " 4 / 168: ورواه عن سعد عن أبى عبد الرحمن السلمي عن ابن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما. (*)
[ 192 ]
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وقال الهيثمي في " المجمع " (4 / 177): " رواه الطبراني في " الكبير " ورجاله رجال الصحيح ". وأخرجه ابن أبى شيبة في " المصنف " (4 / 179): وكيع عن مسعر عن عبد الملك بن ميسرة عن أبي وبرة قال: قال عبد الله... فذكره. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي وبرة فلم أعرفه، ويحتمل أن في سند النسخة شيئا من التحريف. والله أعلم. 2563 - (حديث " من حلف باللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله "). صحيح. أخرجه البخاري (4 / 137 و 364) ومسلم (5 / 81) وأبو داود (3247) والنسائي (2 / 140) والترمذي (1 / 291) وابن ماجه (2096) والبيهقي (10 / 30) وأحمد (2 / 309) عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبى هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " من حلف منكم فقال في حلفه باللات والعزى، فليقل: لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك فليتصدق ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وله شاهد من حديث سعد بن أبي وقاص قال: " حلفت باللات والعزى، فقال أصحابي: قلت: هجرا. فأتيت النبي (صلى الله عليه وسلم) فقلت: يا رسول الله إن العهد كان قريبا، وحلفت باللات والعزى، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): قل لا إله إلا الله وحده ثلاثا، ثم أتفل عن يسارك ثلاثا، وتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ولا تعد ". أخرجه النسائي (2 / 140) وابن ماجه (2097) وابن أبي شيبة (4 / 180) وابن حبان (1178) والسياق له وأحمد (1 / 183 و 186 -
[ 193 ]
(187) من طريق أبي إسحاق عن مصعب بن سعد عن أبيه. ورجاله ثقات رجال الشيخين، غير أن أبا إسحاق وهو السبيعى واسمه عمرو بن عبد الله كان اختلط، ثم هو مدلس وقد عنعنه. 2564 - (عن أبي هريرة مرفوعا " خمس ليس لها كفارة: الشرك بالله... " الحديث رواه أحمد). حسن. وقد مضى (1202).
[ 194 ]
فصل. 2565 - (حديث " رفع القلم عن ثلاثة "). صحيح. مضى برقم (297) 2566 - (حديث " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه "). صحيح. تقدم برقم (82) 2567 - (حديث عائشة مرفوعا " اللغو في اليمين كلام الرجل في بيته: لا والله وبلى والله. " رواه أبو داود ورواه البخاري وغيره موقوفا "). صحيح. أخرجه أبو داود (3254) وكذا ابن حبان (1187) من طريق حميد بن مسعدة، ثنا حسان بن إبراهيم ثنا إبراهيم الصائغ عن عطاء في " اللغو في اليمين " قال: قالت عائشة: " إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: هو كلام الرجل.. ". وقال أبو داود: " كان إبراهيم الصائغ رجلا صالحا، قتله أبو مسلم ب " مرندس " (1) قال: وكان إذا رفع المطرقة فسمع النداء سيبها ". قال أبو داود: (1) في " معجم البلدان ": وابو مسلم الخرساني داعية بني العباس احد السفاحين المشهورين مات سنة 137 ه. (*)
[ 195 ]
" روى هذا الحديث داود بن أبي الفرات عن إبراهيم الصائغ موقوفا على عائشة، وكذلك رواه الزهري وعبد الملك بن أبي سليمان ومالك بن مغول، وكلهم عن عطاء عن عائشة مرفوعا ". قلت: ورجال إسناده ثقات غير حسان بن إبراهيم، فإنه مع كونه من رجال الشيخين، تكلم فيه بعضهم من قبل حفظه، وفي " التقريب ": " صدوق يخطئ ". وقد خالفه داود بن أبي الفرات فأوقفه كما ذكر أبو داود. وهو ثقة من رجال البخاري. قال الحافظ في " التلخيص " (4 / 167): " وصحح الدارقطني الوقف ". ويؤيده ما أخرج الشافعي (1209) من طريق ابن جريج عن عطاء قال: " ذهبت أنا وعبيد بن عمير إلى عائشة وهى معتكفة في ثبير، فسألناها عن قول الله عزوجل: (لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم) قالت: هو: لا والله، وبلى والله ". ثم أخرج هو (1210) وعنه البيهقى من طريق مالك، وهذا في " الموطأ " (2 / 477 / 9) عن هشام بن عروة عن أبيه عنها أنها كانت تقول: " لغو اليمين قول الانسان: لا والله، وبلى والله ". وتابعه يحيى عن هشام به لكنه قال: " (لا يؤاخذكم الله باللغو) قال: قالت: أنزلت في قوله: لا والله، وبلى والله ". وأخرجه البخاري (4 / 366 - 367). وتابعه عيسى عن هشام به مثل لفظ يحيى، وهو ابن سعيد القطان. أخرجه ابن الجارود (925). قلت: اتفق يحيى وعيسى - وهو ابن يونس - على رفع الحديث من هذه
[ 196 ]
الطريق، فإن ذكر سبب النزول في حكم المرفوع كما هو معلوم، فهو شاهد قوي لرواية إبراهيم الصائغ المرفوعة. وفي متابعة عيسى هذه رد على قول ابن عبد البر: " تفرد يحيى القطان عن هشام بذكر السبب في نزول الآية ". ذكره الحافظ في " الفتح " (11 / 476) وعقب عليه بقوله: " قلت: قد صرح بعضهم برفعه عن عائشة. أخرجه أبو داود من رواية إبراهيم الصائغ عن... ". ولم يذكر هذه المتابعة القوية، فكأنه لم يقف عليها، والحمد لله على. توفيقه. 2568 - (حديث أبي هريرة مرفوعا " خمس ليس لهن كفارة: ذكر منهن الحلف على يمين فاجرة يقتطع بها مال امرئ مسلم "). ضعيف. وتقدم قبل ثلاثة أحاديث. 2569 - (قول عمر: " يا رسول الله ألم تخبرنا أنا سنأتي البيت ونطوف به ؟ قال: بل، أفأخبرتك أنك آتيه الان ؟ قال: لا. قال: فإنك آتيه ومطوف به "). صحيح. وهو قطعة عن حديث صلح الحديبية الطويل عند البخاري وغيره. وقد مضى برقم 20 في الجزء 1 الصفحة 58. 2570 - (حديث " من حلف فقال: إن شاء الله لم يحنث " رواه أحمد والترمذي). صحيح. أخرجه أحمد (2 / 309) والترمذي وكذا النسائي (2 / 146 - 147) وابن ماجه (2104) وابن حبان (1185) عن طريق عبد الرزاق ثنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه عنه به. وزاد أحمد:
[ 197 ]
" قال عبد الرزاق: وهو اختصره يعني معمرا ". واللفظ له وا بن حبان، وكذا الترمذي إلا أنه زاد: " على يمين ". وقال: سألت محمد بن اسماعيل عن هذا الحديث ؟ فقال: هذا حديث خطأ، أخطأ فيه عبد الرزاق، اختصره من حديث معمر عن أبن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وسلم)، أن سليمان بن داود قال: لاطوفن الليلة على سبعين امرأة، تلد كل امرأة غلاما، فطاف عليهن، فلم تلد امرأة منهن، إلا امرأة نصف غلام، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): لو قال: إن شاء الله لكان كما قال ". هكذا روي عن عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه هذا الحديث بطوله، وقال: سبعين امرأة، وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: قال سليمان بن داود. لاطوفن الليلة على مائة امرأة ". قلت: أخرجه الشيخان وغيرهما من طرق عن عبد الرزاق به بلفظ " سبعين ". وأخرجاه عن طريق الاعرج عن أبي هريرة بلفظ " مائة ". وقد نقل الحافظ ابن حجر في " الفتح "، وفي " التلخيص " (4 / 167) ما ذكره الترمذي عن البخاري من تخطئة عبد الرزاق، وكذلك الزيلعي في " نصب الراية " (3 / 234)، ولم يتعقبوه بشئ. والزيادة التى سبقت من رواية أحمد عن عبدالزاق أنه قال اختصره معمر. صريحة في أن عبد الرزاق لا مسؤولية عليه في ذلك وأن المخطئ إنما هو معمر، فخذها فائدة لا تجدها في غير هذا المكان، حفظها لنا مسند الامام أحمد رحمه الله تعالى (1). ويبدو أن الامام ابن دقيق العيد لم يلتفت إلى هذه التخطئة من البخاري (1) ثم رأيت الزيلعي قال عقب تخريج الحديث. " ورواه البزار في مسنده وقال: " أخطأ فيه معمر، واختصره من حديث سليمان... وهذا مخالف للكلام البخاري ". (*)
[ 198 ]
رحمه الله، فإنه أورده في " الالمام " (1174)، وكأن وجه ذلك أن من الجائز أن يكون لمعمر حديثان بهذا الاسناد الواحد، أحدهما هذا والآخر حديت سليمان عليه السلام، ومجرد ورود الاستثناء في كل منهما، ليس دليلا على أن أحدهما خطأ، لاسيما والحاكم مختلف. والله أعلم. 2571 - (عن ابن عمر مرفوعا " من حلف على يمين فقال ان شاء الله فلا حنث عليه " رواه الخمسة إلا أبا داود). صحيح. أخرجه أحمد (2 / 6 و 10 و 48 و 68 و 126 و 127 و 153) والترمذي (1 / 289) وكذا أبو داود (3261 و 3262) والنسائي (2 / 141) والدارمي (2 / 185) وابن ماجه (2105) وابن الجارود (928) وابن حبان (1183 و 1184) والبيهقي (10 / 46) وفي " الاسماء والصفات " (ص 169) عن طرق عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: " من حلف على يمين، فقال: إن شاء الله فقد استثني، فلا حنث عليه ". هذا لفظ الترمذي وقال: " حديث حسن، وقد رواه عبيدالله بن عمر وغيره عن نافع عن ابن عمر موقوفا. وهكذا روي عن سالم عن ابن عمر رضى الله عنهما موقوفا، ولا نعلم أحدا رفعه غيرر أيوب السختياني. وقال إسماعيل بن إبراهيم: كان أيوب أحيانا يرفعه وأحيانا لا يرفعه ". وقال البيهقي عقبه: " وقد روي عن موسى بن عقبة وعبد الله بن عمر وحسان بن عطية وكثير ابن فرقد عن نافع عن ابن عمر رضى الله عنهما عن النبي (صلى الله عليه وسلم)، ولا يكاد يصح رفعه إلا من جهة أيوب السختياني، وأيوب شك فيه أيضا. ورواية الجماعة من اوجه صحيحة عن نافع عن ابن عمر رضى الله عنهما عن قوله غير مرفوع. والله
[ 199 ]
أعلم ". قلت: وفي قوله: " لا يكاد يصح رفعه " نظر، فقد أخرجه ابن حبان في " الثقات " (2 / 251) والحاكم (4 / 303) عن طريقين عن ابن وهب ثنا عمرو بن الحارث أن كثير بن فرقد حدثه أن نافعا حدثهم به مرفوعا بلفظ: " من حلف على يمين ثم قال: إن شاء الله فإن له ثنياه ". وقال الحاكم: " صحيح الاسناد ". ووافقه الذهبي. وأقول: بل هو على شرط البخاري، فإن كثير بن فرقد من رجاله، وهو ثقة قال أبو حاتم: " كان من أقران الليث ". وبقية الرجال من رجال الشيخين. وتابعه حسان بن عطية عن نافع به نحوه. أخرجه أبو نعيم في " الحلية " (3 / 73) وقال: " تقرد برفعه عمرو بن هاشم البيروتي ". قلت: وهو صدوق يخطئ. والحديث صححه ابن دقيق العيد فأورده في " الالمام " (1175)، فكأنه أشار بدلك إلى عدم اعتداده بما أعل به من الوقف. وهو الذي يتجه هنا. والله أعلم. (تنبيه) قد عرفت أن أبا داود قد أخرج الحديث مع الخمسة فلا وجه لاستثنائه منهم كما فعل المصنف رحمه الله تعالى. 2572 - (حديث " إنما الاعمال بالنيات ". صحيح. وقد مضي برقم (22) الجزء الاول الصفحة 59
[ 200 ]
فصل. 2573 - (حديث " أنه عليه السلام قال: لن أعود إلى شرب العسل " متفق عليه). صحيح. أخرجه البخاري (3 / 358 و 462 و 4 / 273 - 274) ومسلم (4 / 184 - 185) وكذا أبو داود (3714) والنسائي (2 / 98 و 160) وأحمد (6 / 221) من حديث عبيد بن عمير أنه سمع عائشة تخبر. " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يمكن عند زينب بنت جحش، فيشرب عندها عسلا، قالت: فتواطأت أنا وحفصة أن أيتنا ما دخل عليها النبي (صلى الله عليه وسلم) فلتقل إني أجد منك ريح مغافير، أكلت مغافير، فدخل علما احداهما، فقالت ذلك له فقال: بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش، ولن أعود، فنزل (لم تحرم ما أحل الله لك ؟) إلى قوله (إن تتوبا) لعائشة وحفصة (وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا) لقوله: بل شربت عسلا ". 2574 - (عن ابن عباس وابن عمر " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) جعل تحريم الحلال يمينا). ضعيف، مرفوعا، ولم أره من حديث ابن عباس وابن عمر، وإنما من حديث عائشة أخرجه البيهقي (10 / 352) عن طريق مسلمة بن علقمة عن داود بن أبى هند عن عامر عن مسروق عنها رضى الله عنها قالت: " آلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن نسائه وحرم، فجعل الحرام حلالا، وجعل في اليمين كفارة ". قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات غير مسلمة بن علقمة ففيه ضعف،
[ 201 ]
وقال الامام أحمد: شيخ ضعيف، روى عن داود مناكير. قلت: وهذا الحديث من مناكير كما قال الذهبي في " الميزان ". وإنما صح موقوفا على ابن عباس قال: " إذا حرم امرأته ليس بشئ، وقال: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ". أخرجه البخاري (3 / 462) ومسلم (4 / 184) والبيهقي (10 / 350) ولفظهما: " إذا حرم الرجل عليه امرأته فهي يمين يكفرها، وقال: لقد كان... ". 2575 - (حديث ثابت بن الضحاك مرفوعا " من حلف على يمين بملة غير الاسلام كاذبا فهو كما قال " رواه الجماعة إلا أبا داود). صحيح. أخرجه البخاري (1 / 343 و 4 / 124 و 264) ومسلم (1 / 73) وأبو داود أيضا (3257) خلافا لما في الكتاب - والنسائي (2 / 139) والترمذي (1 / 291) وابن ماجه (2098) وابن الجارود (924) والبيهقي (10 / 30) وأحمد (4 / 33) عن طريق أبي قلابة عنه، وصرح بالتحديث عنه عند الشيخين وغيرهما، وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". 2576 - (عن بريدة مرفوعا " من قال: هو برئ من الاسلام فإن كان كاذبا فهو كما قال، وإن كان صادقا فهو لم يعد إلى الاسلام سالما " رواه أحمد والنسائي وابن ماجه). صحيح. أخرجه أحمد (5 / 335 و 356) والنسائي (2 / 140) وابن ماجه (2100) وكذا أبو داود (3258) من طريق أحمد والحاكم (4 / 298) وعنه البيهقي (10 / 30) من طريق الحسين بن واقد ثنا عبد الله بن
[ 202 ]
بريدة عن أبيه به. واللفظ لابن ماجه إلا أنه قال: " إني " مكان " هو ". وكذلك قال الآخرون. ليس عنده " فهو ". وقال الآخرون: " فلن يرجع ". وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين ".. ووافقه الذهبي. وأقول: الحسين بن واقد، إنما أخرج له البخاري تعليقا، فهو على شرط مسلم وحده. وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعا بنحوه. أخرجه أبو يعلى والحاكم عن طريق عبيس بن ميمون ثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عنه. وقال الحاكم: " صحيح الاسناد ". ورده الذهبي: " قلت: عنبس ضعفوه، والخبر منكر ". وقال الهيثمي (4 / 177): " رواه أبو يعلى وفيه عنبس بن ميمون وهو متروك ". كذا وقع فيه " عنبس " والصواب " عبيس ". 2577 - (حديث زيد بن ثابت أن النبي (صلى الله عليه وسلم) سئل عن الرجل يقول: هو يهودي أو نصراني أو مجوسي أو برئ من الاسلام في اليمين يحلف بها فيحنث في هذه الاشياء ؟ فقال: عليه كفارة يمين " رواه أبو بكر. لم أقف على إسناده، وما أراه يصح. ثم رأيته في " سنن البيهقى " أخرجه (10 / 30) من طريق محمد بن سليمان بن أبي داود حدثني أبي عن الزهري عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه به دون قوله: " أو مجوسي ".. وقوله: " في هذه الاشياء ". وقال: " لا أصل له من حديث الزهري ولا غيره، تفرد به سليمان بن أبي داود الحراني وهو منكر الحديث، ضعفه الائمة وتركوه ".
[ 203 ]
فصل. 2578 - (قرأ أبي وابن مسمعود " (فصيام ثلاثة أيام متتابعات) "). صحيح. أخرجه ابن جرير (7 / 20): حدثنا ابن وكيع قال: ثنا يزيد بن هارون عن قزعة بن سويد عن سيف بن سليمان عن مجاهد قال: " في قراءة عبد الله (فصيام ثلاثة أيام متتابعات) ". قلت: وهذا إسناد ضعيف قزعة بن سويد ضعيف وكذا الراوي عنه ابن وكيع واسمه سفيان. لكن له طريق أخرى عن مجاهد. أخرجه البيهقي (10 / 60) من طريق سعيد بن منصور ثنا سفيان عن أبن أبي نجيح عن عطاء أو طاوس قال: إن شاء فرق. فقال له مجاهد: في قراءة عبد الله (متتابعة) قال: فهي متتابعة ". وقال البيهقى: " رواية ابن أبي نجيح في كتابي " عن عطاء، وهو في سائر الروايات: " عن طاوس ". ويذكر عن الاعمش أن ابن مسعود رضي الله عنه كان يقرأ (فصيام ثلاثة أيام متتابعات). وكل ذلك مراسيل عن عبد الله بن مسعود ". قلت: بين ولادة مجاهد ووفاة ا بن مسعود نحو عشر سنوات، فمن الممكن أن يكون سمع منه. والحديث قال السيوطي في " الدر المنثور " (2 / 314): " وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن الانباري وأبو الشيخ والبيهقي عن طرق عن أبن مسعود أنه كان يقرؤها
[ 204 ]
(فصيام ثلاثة أيام متتابعات). قال سفيان: ونظرت في مصحف ربيع بن خيثم فرأيت فيه (فمن لم يجد من نلك شيئا فصيام ثلاثة أيام متتابعات) ". قال: " وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود أنه كان يقرأ كل شئ في القرآن متتابعات ". وأخرج مالك (1 / 305 / 49) عن حميد بن قيس المكي أنه أخبر قال: " كنت مع مجاهد وهو يطوف بالبيت، فجاءه إنسان فسأله عن صيام أيام الكفارة أو متتابعات أم يقطعها ؟ قال حميد: فقلت له: نعم يقطعها إن شاء. قال مجاهد: لا يقطعها، فإن في قراءة أبي بن كعب (ثلاثة أيام متتابعات) ". قلت: وهذا إسناد صحيح إن كان مجاهد سمع أبي بن كعب أو رأي ذلك في مصحفه. فإن في وفاته اختلافا كثير، فقيل سنة تسع عشرة، وقيل سنة اثنتين وثلاثين. وقيل غير ذلك. وله طريق أخرى. عن أبي جعفر عن الربيع عن أبي العالية قال: " كان أبي يقرؤها (فصيام ثلاثة أيام متتابعات) ". أخرجه أبن أبي شيبة (4 / 185) والحاكم (2 / 276) وقال: " صحيح الاسناد ". ووافقه الذهبي. قلت: وأبو جعفر هو الرازي وفيه ضعف. وبالجملة فالحديث أو القراءة ثابت بمجموع هذه الطرق عن هؤلاء الصحابة: ابن مسعود وابن عباس وأبي. والله أعلم. 2579. - (حديث عبد الرحمن بن سمرة مرفوعا " إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير - وفي لفظ: " فائت الذي هو خير وكفر عن يمينك " متفق عليهما. صحيح. وقد مضى برقم (2084).
[ 205 ]
باب جامع الايمان 2580 - (حديث "... وإنما لكل أمرئ ما نوى... ") ص 440 / 2. صحيح. وقد مضى (برقم 22) الجزء الاول صفحة 59) فصل. 2581 - (وفي الحديث: " ثم يخرج إلى بيت من بيوت الله.... ") 2 / 442 (1). لم أعرفه. 2582 - (حديث " بئس البيت الحمام " رواه أبو داود وغيره). ضعيف بهذا اللفظ، وولم يخرجه أبو داود أو غيره من الستة، وإنما أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (3 / 103 / 1) وأبو حفص الكتاني في " جزء من حديثه " (ق 143 / 1) ويحيى بن منده في " أحاديثه " (89 / 1) من طريق يحيى بن عثمان التيمي نا عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس مرفوعا به وزاد: " فقال قائل:: إنه يتداوى فيه المريض، ويذهب فيه الوسخ، قال: فإن فعلتم فلا تفعلوا إلا وأنتم مستترون ". ولفظ الطبراني: " شر البيت الحمام، تعلو فيه الاصوات، وتكشف فيه العورات. فقال: (1) أي الحالف: أن لا يدخل بيتا. (*)
[ 206 ]
رجل: يارسول الله... ". قلت: ورجاله ثقات غير يحيى بن عثمان التيمى فإنه ضعيف كما قال الحافظ في التقريب ". قلت: ولكنه لم يتفرد به، فقد أخرجه الطبراني (3 / 103 / 1 - 2) وعنه الضياء المقدسي في (الاحاديث المختارة " (283 / 2) والحاكم (4 / 288) من طريق أبي الاصبع عبد العزيز بن يحيى الحراني: نا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن ابن طاوس به بلفظ: " اتقوا بيتا يقال له الحمام، قالوا: يا رسول الله إنه يذهب الدرن وينفع المريض، قال: فمن دخله فليستتر ". وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبي ! قلت: الحراني لم يخرج له مسلم أصلا، وهو صدوق ربما وهم، وابن إسحاق إنما أخرج له استشهادا، ثم هو مدلس وقد عنعنه، لكنه قد توبع، فأخرجه يحيى بن صاعد في " أحاديثه " (9 / 1) وعنه المخلص في " الفوائد المنتقاة، في " الثاني من السادس منها " (ق 187 / 2) وعن هذا الضياء في " المختارة " قال ابن صاعد: نا يوسف بن موسى نا يعلى بن عبيد نا سفيان عن ابن طاوس به. قلت: وهذا إسناد ثقات رجاله رجال البخاري، إلا أن يعلى بن عبيد مع ثقته وكونه من رجال الشيخين فإن فيه ضعفا في روايته عن سفيان وهو الثوري - خاصة. قال الحافظ: " ثقة إلا في حديثه عن الثوري، ففيه لين ". والحديث قال المنذري في " الترغيب " (1 / 89) والهيثمي في " المجمع " (1 / 288): " رواه البزار، وقال: رواه الناس عن طاوس مرسلا ". قالا: " ورواته
[ 207 ]
كلهم محتج بهم في الصحيح ". وقال الحافظ عبد الحق الاشبيلي في " الاحكام " رقم (623): " هذا أصح إسناد حديث في هذا الباب ". ثم ذكر قول البزار المتقدم دون أن يعزوه إليه. فصل. 2583 - (حديث: أحل لنا ميتتان ودمان "). صحيح. وقد مضى (2526). فصل. 2584 - (حديث: " ما بين دفتي المصحف كلام الله "). مضى برقم (2559).
[ 208 ]
باب النذر 2585 - (حديث ابن عمر " نهى النبي (صلى الله عليه وسلم) عن النذر وقال: إنه لايرد شيئا " وفي لفظ " لايأت بخير وإنما يستخرج به من البخيل " رواه الجماعة إلا الترمذي). صحيح. أخرجه البخاري (4 / 254 و 274) ومسلم (5 / 77) وأبو داود (3287) والنسائي (2 / 142) والدارمي (2 / 185) وابن ماجه (2122) والبيهقي (10 / 77) وأحمد (2 / 61) من طريق عبد الله بن مرة عن ابن عمر. وقد تابعه سعيد بن الحارث أنه سع ابن عمر به نحوه. أخرجه البخاري (4 / 274) وأحمد (2 / 118). وتابعه عبد الله بن دينار عنه. أخرجه مسلم. وله شاهد من حديث أبي هريرة، وله عنه طرق: الاولى: عن عبد الرحمن الاعرج عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن النذر لا يقرب من أبن آدم شيئا لم يكن الله قدره له، ولكن النذر يوافق القدر، فيخرج بذلك من البخيل ما لم يكن يريد أن يخرج ". أخرجه البخاري (4 / 274) ومسلم (5 / 77 - 78) وأبو داود (3288) والنسائي وابن ماجه (2123) وأحمد (2 / 242 و 373). وابن أبي عاصم في " السنة " (ق 24 / 2). الثانية: عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عنه به مختصرا بلفظ:
[ 209 ]
" لا تنذروا، فإن النذر لا يغني من القدر شيئا، وإنما يستخرج به من البخيل ". أخرجه مسلم والنسائي والترمذي (1 / 290) وأحمد (2 / 235 و 412 و 463) وقال الترمذي: الثالة: عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة رضي الله عنه عن محمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ": فذكره بلفظ: " قال الله: لا يأتي ابن آدم النذر بشئ لم أكن قدرته له، ولكنه يلقيه النذر بما قدرته له، يستخرج به من البخيل، يؤتينى عليه ما لم يكن أتانى عليه من قبل ". أخرجه ابن الجارود (932) وأحمد (2 / 314) والسياق له. وإسناده صحيح على شرط الشيخين. فهو على هذه الرواية حديث قدسي، وكذلك رواية الاعرج عند الامام أحمد، وقد سقت لفظه أناده في " الاحاديث الصحيحة " (472). 2586 - (حديث عقبة بن عامر مرفوعا " كفارة النذر إذا لم يسم كفارة يمين " رواه أبن ماجه والترمذي وقال: حسن صحيح غريب). ضعيف. أخرجه الترمذي (1 / 288) وكذا أبو داود (3323) وأحمد (4 / 144) من طريق أبي بكر بن عياش حدثنى محمد مولى المغيرة بن شعبة حدثنى كعب بن علقمة عن أبي الخير عن عقبة بن عامر به، إلا أن أحمد لم يذكر " لم يسم ". وقال الترمذي: " حديث حسن غريب ". كذا قال، ومحمد هذا هو ابن يزيد بن أبي زياد الثقفى الفلسطيني، وهو مجهول كما قال أبو حاتم وغيره.
[ 210 ]
وأخرجه ابن ماجه (2127) وابن أبي شيبة (4 / 173) والبيهقي (10 / 45) من طريق إسماعيل بن رافع عن خالد بن يزيد عن عقبة بن عامر به بلفظ: " من نذر نذرا ولم يسمه، فكفارته كفارة يمين ". قلت: وهذا إسناد ضعيف. من أجل إسماعيل بن رافع فإنه ضعيف الحفظ. والحديث صحيح بدون قوله: " إذا لم يسم ". كذا رواه عمرو بن الحارث عن كعب بن علقمة عن عبد الرحمن بن شماسة عن أبي الخير عن عقبة به. زاد في الاسناد عبد الرحمن بن شماسة. أخرجه مسلم (5 / 80) 2 / 145) والبيهقي (10 / 67) وتابعه يحيى بن أيوب حدثني كعب بن علقمة به. أخرجه أحمد (4 / 147) وأبو داود (3324). وعبد الله بن لهيعة قال: ثنا كعب بن علقمة به. أخرجه أحمد (4 / 146 و 149 و 156) عنه، وفي لفظ له: " إنما النذر يمين، كفارتها كفارة اليمين ". وابن لهيعة ضعيف لسوء حفظه. نعم للحديث شاهد من رواية ابن عباس مرفوعا بلفظ: " من نذر نذرا لم يسمه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذرا في معصية فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذرا لا يطيقه فكفارته كفارة يمين ". أخرجه أبو داود (3322) وعنه البيهقى (10 / 45) من طريق طلحة ابن يحيى الانصاري عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن بكير عن عبد الله بن الاشج عن كريب عنه. وقال أبو داود: " روى هذا الحديث وكيع وغيره عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند فوقفوه
[ 211 ]
على ابن عباس ". قلت: الموقوف أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (4 / 173) عن وكيع به. وهذا أصح، فإن طلحة بن يحيى الانصاري مع ثقته وإخراج الشيخين له، فإن فيه ضعفا، وفي " التقريب ": " صدوق يهم ". فمثله لا يحتج به مع مخالفة وكيع إياه وغيره كما قال أبو داود. فالصواب في الحديث وقفه على ابن عباس. والله أعلم. نعم قد تابعه خارجة بن مصعب عن بكير عن عبد الله بن الاشج به، إلا أنه لم يذكر نذر المعصية، وذكر مكانه: " ومن نذر نذرا أطاقه فليف به !. أخرجه ابن ماجه (2128) عن عبد الملك بن محمد الصنعاني عن خارجة. لكنها متابعة واهية جدا، فإن خارجة هذا متروك، وكان يدلس عن الكذابين، ويقال ان ابن معين كذبه كما في " التقريب ". والصنعاني لين الحديث. 2587 - (حديث عمران بن حصين " سمعت رسول (صلى الله عليه وسلم) يقول: لانذر في غضب وكفارته كفارة يمين " رواه سعيد في سننه). ضعيف. أخرجه أحمد (4 / 433): ثنا عبد الوهاب أنا محمد بن الزبير عن أبيه عن رجل عن عمران بن حصين به. ومن هذا الوجه أخرجه الطحاوي في " المشكل " (3 / 43). قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، محمد بن الزبير هذا متروك كما قال الحافظ في " التقريب ". قلت: وقد اضطربوا عليه في إسناده، فرواه عبد الوهاب وهو ابن عطاء عنه هكذا. ومن طريقه أخرجه الحاكم (4 / 305).
[ 212 ]
وتابعه عبد الوارث بن سعيد ثنا محمد بن الزبير الحنظلي به. أخرجه النسائي (2 / 146) والبيهقي (10 / 70) والطيالسي (839) وأحمد (4 / 440)، وتابعه عنده إسماعيل بن إبراهيم أيضا. وتابعه خالد بن عبد الله عن محمد بن الزبير به. أخرجه الطحاوي. وخالفه سعيد بن أبي عروبة عن محمد بن الزبير الحنظلي عن أبيه عن عمران به. فلم يقل: " عن رجل ". أخرجه البيهقي. وتابعه جرير بن حازم عن محمد بن الزبير به. أخرجه الطحاوي (3 / 42) وابن عدي (ق 361 / 1). وتابعه حماد بن زيد عنه به. أخرجه الطحاوي والخطيب (13 / 56) والبيهقي وقال: " وهذا منقطع: الزبير الحنظلي لم يسمع من عمران. وتابعه أيضا عباد بن العوام عند الطحاوي. وخالفهم محمد بن إسحاق فقال: عن محمد بن الزبير عن رجل صحبه عن عمران. أخرجه النسائي وابن عدي ومن طريقه البيهقي. وخالفهم سفيان فقال: عن محمد بن الزبير عن الحسن عن عمران. أخرجه أحمد (4 / 443) والنسائي والحاكم والبيهقي وأبو نعيم في " الحلية " (7 / 97). وتابعه أبو بكر النهشلي عن محمد بن الزبير به. أخرجه أحمد (439) والنسائي. وخالفهم جميعا يحيى بن أبي كثير فقال: حدثني رجل من بني حنظلة عن أبيه عن عمران به.
[ 213 ]
أخرجه ابن عدي وعنه البيهقى، وفي رواية له عن يحيى به إلا أنه لم يقل " عن أبيه ". وعلى الوجهين أخرجه النسائي (2 / 146) إلا أنه سمى الرجل فقال: محمد بن الزبير الحنظلي. قلت: وهذا اضطراب شديد يسقط الحديث بمثله لو كان من رواية ثقة لان الاضطراب في روايته يدل على أنه لم يحفظه، فكيف إذا كان الراوي واهيا وهو محمد بن الزبير هذا كما تقدم. وثمة اضطراب آخر في متن الحديث. فمرة قال: " في غضب " ومرة قال: " في معصية ". وأخرى قال: " في معصية الله عزوجل أو في غضب ". وهذه عند أحمد، وما قبلها عندهم جميعا. وقد تابعه شبيب بن شيبة قال: سمعت الحسن عن عمران به باللفظ الثاني: " في معصية ". أخرجه الخطيب (6 / 292 - 293). وشبيب هذا صدوق يهم في الحديث كما في " التقريب ". ولهذا اللفظ شاهد من حديث عائشة يأتي في الكتاب " 2590). 2588 - (روى أبو داود وسعيد به منصور " أن امرأة قالت: يا رسو ل الله إني نذرت أن أضرب على رأسك بالدف، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): أوف بنذرك "). صحيح. أخرجه أبو داود (3312) وعنه البيهقى (10 / 77) من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده به. وزاد: " قالت: إني نذرت أن أذبح بمكان كذا وكذا - مكان كان يذبح فيه أهل الجاهلية - قال: لصنم ؟ قالت: لا، قال: لوثن ؟ قالت: لا، قال: أوفي بنذرك ".
[ 214 ]
قلت: وهذا إسناد حسن على الخلاف المعروف في عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. وله شاهد من حديث بريدة قال: " خرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في بعض مغازيه، فلما انصرف جاءت جارية سوداء، فقالت: يا رسول الله إني كنت نذرت إن ردك الله سالما أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وسلم): إن كنت نذرت فاضربي، وإلا فلا، فجعلت، تضرب، فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل على وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، ثم دخل عمر، فألقت الدف تحت أستها ثم قعدت عليه، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): إن الشيطان ليخاف منك يا عمر، إني كنت جالسا وهي تضرب فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل علي وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، فلما دخلت أنت يا عمر ألقت الدف ". أخرجه الترمذي (2 / 293 - 294) وأبن حبان (1193 و 2186) والبيهقي (10 / 77) وأحمد (5 / 353 و 356) عن الحسن بن واقد حدثني عبد الله بن بريدة قال: سمعت بريدة. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح غريب ". قلت: وإسناده صحيح على شرط مسلم. 2589 - (حديث عائشة مرفوعا " من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصى الله فلا يعصه " رواه الجماعة إلا مسلما). صحيح. وقد مضى (967). 2590 - (حديث عائشة مرفوعا " لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين " رواه الخمسة واحتج به أحمد). صحيح. أخرجه أبو داود (3290) والنسائي (2 / 145) والترمذي (1 / 287) وابن ماجه (2125) والطحاوي (3 / 42) والبيهقي (10 / 69)
[ 215 ]
وأحمد (6 / 247) والخطيب (5 / 127) من طريق عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة به. وقال الترمذي: " هذا حديث لا يصح، لان الزهري لم يسمع هذا الحديث من أبي سلمة. سمعت محمدا (يعنى البخاري) يقول: روى غير واحد منهم موسى ابن عقبة وابن أبي عتيق عن الزهري عن سليمان بن أرقم عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عائشة عن النبي (صلى الله عليه وسلم). قال محمد: والحديث هو هذا ". وقال أبو داود عقب الحديث: " سمعت أحمد بن شبويه يقول: قال ابن المبارك - يعنى في هذا الحديث: " حدث أبو سلمة " فدل ذلك على أن الزهري لم يسمعه من أبي سلمة. وقال أحمد بن محمد: وتصديق ذلك ما حدثنا أيوب يعنى ابن سليمان " يعني ابن بلال. قال أبو داود: " سمعت أحمد بن حنبل يقول: أفسدوا علينا هذا الحديث، قيل له: وصح إفساده عندك ؟ وهل رواه غير ابن أبي أويس ؟ قال: أيوب كان أمثل منه، يعني أيوب بن سليمان بن بلال، وقد رواه أيوب ". قلت: رواية ابن أبي أويس أخرجها أبو داود والنسائي والترمذي والطحاوي قال: حدثني سليمان بن بلال عن محمد بن أبي عتيق وموسى بن عقبة عن ابن شهاب عن سليمان بن أرقم أن يحيى بن أبي كثير الذي كان يسكن اليمامة حدثه أنه سمع أبا سلمة يخبر عن عائشة به. والسباق للنسائي وقال: " سليمان بن أرقم متروك الحديث والله أعلم. وقد خالفه غير واحد من أصحاب يحيى بن أبي كثير في هذا الحديث ". ثم ساقه عن جماعة منهم علي بن المبارك عن يحيى عن محمد بن الزبير الحنظلي عن أبيه عن عمران بن حصين به. وقال: " محمد بن الزبير ضعيف لا يقوم بمثله حجة، وقد اختلف عليه في هذا الحديث ".
[ 216 ]
ثم ذكر الاختلاف عليه في ذلك، وقد سبق بيانه عند الحديث (2587) وقال أبو داود عقبه: " قال أحمد بن محمد المروزي: إنما الحديث حديث علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن الزبير... أراد أن سليمان بن أرقم وهم فيه، وحمله عنه الزهري، وأرسله عن أبي سلمة عن عائشة رحمها الله ". قلت: والذي يتلخص من كلامهم أن الزهري رحمه الله إنما رواه عن سليمان بن أرقم عن يحيى بن أبى كثير عن أبي سلمة عن عائشة، ثم دلسه عن أبي سلمة بأسقاط ابن أرقم ويحيى بينه وبين أبي سلمة ! وأن ابن أرقم وهم على يحيى في إسناده عن أبي سلمة، وأن الصواب عن يحيى إنما هو رواية على بن المبارك وغيره عنه عن محمد بن الزبير الحنظلي عن أبيه عن عمران بن حصين. ولم تطمئن نفسي لهذا الاعلان لامرين، أما الامر الاول، فلان الزهري إمام حافظ، فليس بكثير عليه أن يكون له إسنادان في هذا الحديث أحدهما عن أبي سلمة مباشرة عن عائشة، والاخر عن سليمان بن أرقم عن يحيى عن أبي سلمة. ويؤيد هذا أنه قد صرح بالتحديث في رواية له فقال النسائي: أخبرنا هارون بن موسى الغروي قال: حدثنا أبو ضمرة عن يونس عن ابن شهاب قال: حدثنا أبو سلمة... قلت. وهذا إسناد متصل صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير الغروي وهو ثقة. وكان النسائي اعتمد هذا الاسناد واعتبره صحيحا، فقال: " وقد قيل: إن الزهري لم يسمع هذا من أبي سلمة ". فأشار بقوله " قيل " إلى تضعيف هذا القول، وعدم تبنيه إياه. والله أعلم. وأما الامر الآخر، فلم يتفرد سليمان بن أرقم بروايته عن يحيى عن أبي سلمة عن عائشة. فقال الطيالسي في " مسنده " (1484): حدثنا حرب بن
[ 217 ]
شداد عن يحيى بن أبي كثير به. وهذا إسناد ظاهر الصحة، فإن رجاله ثقات رجال الشيخين، لكن أخرجه الطحاوي عن الطيالسي بوجه آخر فقال (3 / 43): حدثنا بكار بن قتيبة قال: ثنا أبو داود الطيالسي قال: ثنا حرب بن شداد (الاصل سوار !) قال: حدثني يحيى بن أبي كثير عن محمد بن أبان عن القاسم عن عائشة به مرفوعا بلفظ: " من نذر أن يعصى الله فلا يعصه ". وقال: " محمد بن أبان لا يعرف ". ثم أخرجه من طريق أبان بن يزيد قال: حدثني يحيى. ثم ذكر مثله. قلت هو بهذا اللفظ صحيح عن القاسم عن عائشة وقد مضى تخريجه (967) وقد رواه علي بن مبارك عن يحيى بن أبي كثير عن القاسم به. بإسقاط ابن أبان من بينهما. هكذا أخرجه أحمد (6 / 208). وهو بهذا اللفظ عن الطيالسي شاذ عندي لمخالفته للفظ الاول الثابت في " مسنده "، ولان بكار بن قتيبة، لم أر من صرح بتوثيقه والله أعلم. وللحديث طريق أخرى عن القاسم به وفيه زيادة. " يكفر عن يمينه ". وإسناده صحيح وقد ذكرنا تخريجه فيما تقدم رقم (949). وله شاهد من حديث ابن عباس مرفوعا بلفظ. " النذر نذران، فما كان لله فكفارته الوفاء، وما كان للشيطان فلا وفاء فيه، وعليه كفارة يمين ". أخرجه ابن الجارود بإسناد صحيح كما بينته في " الصحيحة " (479).
[ 218 ]
2591 - (حديث ابن عباس " بينما النبي (صلى الله عليه وسلم) يخطب إذ هو برجل قائم فسأل عنه فقالوا: أبو إسرائيل نذر أن يقوم في الشمس ولا يستظل ولا يتكلم ويصوم. فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): مروه فليجلس وليستظل وليتكلم وليتم صومه) رواه البخاري). صحيح. أخرجه البخاري (4 / 276) وكذا أبو داود (3300) والطحاوي في " المشكل " (3 / 44) والبيهقي (10 / 75) من طريق أيوب عن عكرمة عن ابن عباس به إلا قوله: " في الشمس " فإنها من افراد الطحاوي. وقد جاء الحديث عن أبي إسرائيل نفسه، فقال أحمد (4 / 168): ثنا عبد الرزاق ثنا ابن جريج، ومحمد بن بكر قال: أخبرني ابن جريج قال: أخبرني ابن طاوس عن أبيه عن أبي إسرائيل به نحوه. قلت: وإسناده صحيح. وأخرجه الشافعي (1220): أخبرنا ابن عيينة عن عمرو عن طاوس " أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بأبي إسرائيل... ". قلت: هذا إسناد مرسل صحيح. 2592 - (قول عقبة بن عامر " نذرت أختى أن تمشي إلى بيت الله حافية غير مختمرة فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله لا يصنع بشقاء أختك شيئا مرها فلتختمر ولتركب ولتصم ثلاثة أيام " رواه الخمسة). ضعيف. أخرجه أبو داود (3293) والنسائي (2 / 143) والترمذي (2 / 291) والدارمي (2 / 183) وابن ماجه (2134) والبيهقي (10 / 80) وأحمد (4 / 143 و 145 و 149 و 151) من طريق عبيدالله بن زحر عن أبي سعيد الرعيني عن عبد الله بن مالك عن عقبة بن عامر به. وقال الترمذي: " حديث حسن ".
[ 219 ]
كذا قال، وعبيدالله بن زحر ضعيف، نعم تابعه بكر بن سوادة عن أبي سعيد به ولفظه: " أن أخت عقبة نذرت في ابن لها لتحجن حافية بغير خمار، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: تحج راكبة مختمرة، ولتصم ". أخرجه أحمد (4 / 147): ثنا حسن ثنا أبن لهيعة ثنا بكر بن سوادة. لكن ابن لهيعة ضعيف أيضا، فلا تثبت هذه المتابعة. لا سيما وقد جاء الحديث من طريق أخرى عن عقبة به نحوه ليس فيه ذكر الصيام. أخرجه البخاري (1 / 466) و (5 / 79) وأبو داود (3299) والنسائي وابن الجارود (9377) وأحمد (4 / 152) من طريق يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عنه بلفظ: " لتمش ولتركب ". وله شاهد من حديث ابن عباس: " أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغه أن أخت عقبة بن عامر نذرت أن تحج ماشية قال: إن الله لغني عن نذرها، مرها فلتركب ". أخرجه أبو داود (3297 و 3298) من طريق هشام وسعيد عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس. وتابعهما همام عن قتادة به إلا أنه زاد: " وتهدي هديا ". أخرجه أبو داود (3296) والدارمي (2 / 183 - 184) وابن الجارود (936) والبيهقي من طريق أبي الوليد الطيالسي ثنا همام به. قال الحافظ في " التلخيص " (4 / 178):
[ 220 ]
" وإسناده صحيح ". وأخرجه أحمد (1 / 239 و 253 و 311) من طرق أخرى عن همام به إلا أنه قال " ولتهد بدنة ". وتابعه مطر عن عكرمة به. أخرجه أبو داود (2303) والبيهقي. قلت: ومطر هو الوراق، وفيه ضعف. وتابعه مطرف وهو ابن طريف إلا أنه لم يذكر في إسناده ابن عباس فقال: عن عكرمة عن عقبة بن عامر الجهني قال: " نذرت أختي ان تمشي إلى الكعبة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله لغني عن مشيها، لتركب ولتهد بدنة ". أخرجه أحمد (4 / 201): ثنا عفان قال: ثنا عبد العزيز بن مسلم قال: ثنا مطرف. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، ومطرف بن طريف ثقة فاضل، فلا تضره نحالفته لغيره، ولاحتمال أن يكون عكرمة حدث به على الوجهين مرة عن ابن عباس عن عقبة، وأخرى عن عقبة مباشرة قد ذكروا له رواية عنه. والله أعلم. ثم وجدت للحديث طريقا أخرى عن عقبة، أخرجه الطحاوي في (كتابيه) (2 / 75 و 3 / 38) من طريق ابن وهب قال: أخبرني يحيى بن عبد الله المعافري عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عقبة بن عامر به. قلت: ورجاله ثقات غير يحيى بن عبد الله المعافري فلم أعرفه، وقد أورده صاحب " كشف الاستار " فقال: " لم أر من ترجمه، وأظهر فيه وقوع التصحيف، فقد ذكر في " التهذيب " في شيوخ ابن وهب: حسين بن عبد الله المعافري فلعله هو، و (المعافري) لم أر له ترجمة أيضا فيما عندي ". قلت: الراجح عندي أنه تصحف في " الكتابين " وفي " التهذيب "
[ 221 ]
والصواب " حيي " بضم اوله ويائين من تحت الاولى مفتوحة، فإنه هو المعروف بالرواية عن الحبلي وعنه ابن وهب. ويؤيد ذلك أن ابن التركماني نقله في " الجوهر النقي " (10 / 72) عن " المشكل " هكذا على الصواب. وإذا عرف هذا فحيي صدوق يهم كما قال الحافظ في " التقريب ". وجملة القول أن ذكر الصيام في الحديث لم يأت من طريق تقوم به الحجة، لا سيما وفي الطرق الاخرى خلافه وهو قوله: " ولتهد بدنة ". فهذا هو المحفوظ. والله أعلم. 2593 - (أثر أن ابن عباس " أفتى في امرأة نذرت أن تمشى إلى قباء فماتت أن تمشي ابنتها عنها "). أخرجه مالك (2 / 472 / 2) عن عبد الله بن أبي بكر عن عمته أنها حدثته عن جدته: " انها كانت جعلت على نفسها مشيا إلى مسجد قباء، فماتت ولم تقضه، فأفتى عبد الله بن عباس ابنتها أن تمشي عنها ". وعلقه البخاري (4 / 275). قلت: عبد الله بن أبي بكر تابعي ثقة فقيه حافظ، لكني لم أعرف عمته ولا جدته، لكن يشهد له ما أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (4 / 201) من طريق أبي حصين عن سعيد بن جبير قال: مرة، عن ابن عباس: إذا مات وعليه نذر قضى عنه وليه. قلت،: وهذا إسناد صحيح كما قال الحافظ في " الفتح " (11 / 506) وهو على شرط الشيخين. ويأتي في الكتاب عقب هذا نحوه عن ابن عمر.
[ 222 ]
2594 - (قال البخاري في صحيحه " وأمر ابن عمر امرأة جعلت أمها على نفسها صلاة بقباء - يعني: ثم ماتت - فقال صلى الله عليه وسلم: صلي عنها "). علقه البخاري (4 / 275) هكذا كما ذكره المصنف بصيغة الجزم، ولم يخرجه الحافظ في " الفتح ". 2595 - (روى سعيد: " أن عائشة اعتكفت عن أخيها عبد الرحمن بعدما مات "). 2596 - (حديث " من نذر أن يطيع الله فليطعه "). صحيح. وقد مضى (967). 2597 - (حديث جابر فيمن نذر الصلاة في المسجد الاقصى، يجزئه في المسجد الحرام. رواه أحمد وأبو داود). صحيح. أخرجه أبو داود (3305) وكذا الدارمي (2 / 184 - 185) وابن الجارود (945) وأبو يعلى في " مسنده " (ق 117 / 2 و 122 / 1) عن طريق حماد بن سلمة أخبرنا حبيب المعلم عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله: " أن رجلا قام يوم الفتح فقال: يا رسول الله إني نذرت لله إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس ركعتين، قال: صل ههنا، ثم أعاد عليه، فقال: صل ههنا، ثم أعاد عليه، فقال: شأنك إذن ". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وصححه ايضا ابن دقيق العيد في " الاقتراح " كما في " التلخيص " وعزاه للحكم أيضا ولم أره في مستدركه، وكذلك لم أره عند أحمد وقد عزاه إليه المصنف. وأخرجه البيهقي (10 / 82) عن طريق قريش بن أنس وبكار بن الحصيب كلاهما عن حبيب بن الشهيد به.
[ 223 ]
كتاب القضاء 2598 - (حديث " إذا اجتهد الحاكم فأصاب، فله أجران وإن أخطأ فله أجر " متفق عليه). صحيح. أخرجه البخاري (4 ك / 438) ومسلم (5 / 131) وأبو داود (3574) وابن ماجه (2314) والدار قطني (514) والبيهقي (10 / 118 - 119) وأحمد (4 / 198 و 204) من طريق يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث عن بسر بن سعيد عن أبي قيس مولى عمرو ابن العاص عن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر ". قال يزيد: فحدثت بهذا الحديث أبا بكر بن عمرو بن حزم، فقال: هكذا حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة. وتابعه يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) به. أخرجه النسائي (2 / 304) والترمذي (1 / 249) وابن الجارود (996) والدار قطني (511) والبيهقي وابن عبد البر في " الجامع " (2 / 72) عن طريق عبد الرزاق أنبأ معمر عن الثوري عن يحيى بن سعيد. وقال الترمذي: " حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث عبد الرزاق عن معمر ". وقال ابن الجارود والبيهقي:
[ 224 ]
" ولا نعلم أحدا روى هذا الحديث عن الثوري غير معمر ". وقال ابن عبد البر: " لم يرو هذا الحديث عن معمر غير عبد الرزاق، وأخشى أن يكون وهم فيه. يعني في إسناده ". وله طريق أخرى عن أبي هريرة عند الدارقطني يرويه أبو مطيع معاوية ابن يحيى عن ابن لهيعة عن أبي المصعب المعافري عن محرز بن أبي هريرة عنه مرفوعا بلفظ. " إذا قضى القاضى فاجتهد فأصاب كانت له عشرة أجور، وإذا قضى فاجتهد فأخطأ كان له أجران ". وهذا إسناد ضعيف. وله شاهد من طريق أخرى عن عبد الله بن عمرو " أن رجلين اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لعمرو: اقض بينهما، فقال: أقضي بينهما وأنت حاضر يا رسول الله ؟ قال: نعم، على أنك إن أصبت فلك عشر أجور، وإن اجتهدت فأخطأت فلك أجر ". أخرجه الحاكم (4 / 88) عن فرج بن فضالة عن محمد بن عبد الاعلى عن أبيه وقال: " صحيح الاسناد ". ورده الذهبي بقوله: " قلت: فرج ضعفوه ". قلت: وقد اضطرب في إسناده، فرواه عامر بن إبراهيم الانباري عنه هكذا. ورواه أبو النضر فقال: ثنا محمد بن الاعلى عن أبيه عن عبد الله بن عمرو عن عمرو بن العاص. فجعله من مسند عمرو.
[ 225 ]
أخرجه أحمد (4 / 205). ورواه هاشم فقال: ثنا الفرج عن ربيعة بن يزيد عن عقبة بن عامر مثله أخرجه أحمد أيضا. وتابعه أبو عبد الله محمد بن الفرج بن فضالة: حدثني أبي الفرج بن فضالة به. أخرجه الدارقطني (511). قلت: فهذا الاضطراب من الفرج مما يؤكد ضعفه، لا سيما ولفظ حديثه مخالف للفظ " الصحيحين ". وله طريق أخرى عن عبد الله بن عمرو بن العاص ان خصمين اختصما إلى عمرو بن العاص.... " الحديث مثل رواية الحاكم عن فرج بن فضالة إلا أنه قال: " له أجر أو أجران ". أخرجه أحمد (2 / 187) من طريق ابن لهيعة ثنا الحارث بن يزيد عن سلمة بن أكسوم قال: سمعت ابن حجيرة يسأل القاسم بن البرجي كيف سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يخبر ؟ قال: سمعته يقول. " قلت: وهذا إسناد ضعيف، سلمة بن أكسوم مجهول كما قال الحسين، وابن لهيعة ضعيف. وقال الهثيمي (4 / 195). " رواه أحمد والطبراني في " الاوسط " وفيه سلمة بن أكسوم ولم أجد من ترجمه بعلم ". ثم قال: " وروى الامام أحمد بإسناد رجاله رجال الصحيح إلى عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: مثله... ". قلت: وهذا من أوهامه رحمه الله فإنه الذي تقدم من أحمد عن طريق هاشم ثنا الفرج... !.
[ 226 ]
2599 - (حديث " النبي (صلى الله عليه وسلم) حكم بين الناس ". صحيح. وهو مأخوذ من جملة أحاديث يأتي بعضها في الكتاب، فأنظر الاحاديث (2627 و 2632 و 2635 و 2638). 2500 - (حديث " أنه صلى الله عليه وسلم بعث عليا إلى اليمن للقضاء ".) صحيح. وله طرق عن علي رضي الله عنه. الاولى: عن حسن عنه قال: " بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قاضيا، فقلت: يا رسول الله ترسلني وأنا حديث السن، ولا علم لي بالقضاء، فقال: إن الله سيهدي قلبك، ويثبت لسانك، فإذا جلس بين يديك الخصمان فلا تقضين حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الاول، فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء. قال: فما زلت قاضيا، أوما شككت في قضاء بعد ". أخرجه أبو داود (3582) والنسائي في " خصائص علي " (ص 9) والبيهقي (10 / 86) وأحمد (1 / 111) وابنه عبد الله في " زوائده " (1 / 149) وابن سعد في " الطبقات " (2 / 2 / 100) وابن عدي في " الكامل " (109 / 2) وأبو نعيم في " كتاب القضاء " (ق 155 / 1 - 2) من طريق شريك عن سماك عن حنش به. ومن هذا الوجه أخرجه الترمذي (1 / 249) المرفوع منه فقط بلفظ: " إذا تقاضى إليك رجلان فلا تقض للاول حتى تسمع كلام الآخر فسوف تدري كيف تقضي. قال علي: فما زلت قاضيا بعد ". وقال الترمذي: " حديث حسن ". يعني لغيره، وإلا فالسند ضعيف لان حنشا وهو المعتمر الكوفي ضعفه جماعة، وسماك وهو ابن حرب فيه كلام. وشريك وهو ابن عبد الله القاضي سئ
[ 227 ]
الحفظ. ولكنه قد توبع فقال عبد الله بن الامام أحمد: ثنا محمد بن سليمان لوين: وثنا محمد بن جابر عن سماك به. قلت: ومحمد بن جابر هو الحنفي اليمامي وهو نحو شريك في الضعف فأحدهما يقوي الآخر، قال في " التقريب ": " صدوق، ذهبت كتبه فساء حفظه، وخلط كثيرا، وعمي فصار يلقن، ورجحه أبو حاتم على ابن لهيعة ". الثانية: عن أبي البختري عنه قال: " بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن، فقلت: إنك بعثتني إلى قوم أسن مني فكيف القضاء عنهم، فقال: إن الله سيهدي قلبك، ويثبت لسانك، قال علي: فما شككت في حكومة بعد ". أخرجه النسائي ص 8) وأبن ماجه (2310) والحاكم (3 / 135) والبيهقي وابن سعد أيضا وأحمد (1 / 83) وأبو نعيم في " القضاء " (ق 155 / 2) من طرق عن الاعمش عن عمرو بن مرة عن أبي البختري. وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي ! كذا قالا، وقد اعله النسائي بالانقطاع فقال عقبه: " أبو البختري لم يسمع من علي شيئا ". قلت: ويؤيد ذلك رواية شعبة عن عمرو بن مرة قال: سمعت أبا البختري الطائي قال: أخبرني من سمع عليا يقول: فذكره. أخرجه الطيالسي (98) وأحمد (1 / 136). وإسناده صحيح لولا هذا المبهم كما قال في " التلخيص " (4 / 182). الثالثة: عن حارثة بن مضرب عن علي به دون قول علي: فما... أخرجه النسائي (9) وأحمد (1 / 88 و 156) وابن سعد (2 / 2 / 101)
[ 228 ]
طريق أبي إسحاق عنه. وفي رواية للنسائي وابن سعد: " عن أبي إسحاق عن عمرو بن حبشي عن حارثة ". قلت: وعمرو بن حبشي لم يوثقه أحد غير ابن حبان. وأبو إسحاق هو السبيعي وهو ثقة لكنه مدلس وكان اختلط. وأما حارثة فثقة. ومن طريقه أخرجه البزار وقال: " وهذا أحسن أسانيده ". كما في " التلخيص ". وجملة القول أن الحديث بمجموع الطرق حسن على أقل الاحوال. والله أعلم. 2601 - (حديث " لا تسأل الامارة.. " الحديث متفق عليه). صحيح. أخرجه البخاري (4 / 258 و 281 و 386) ومسلم (6 / 5) وكذا أبو داود (2929) والنسائي (2 / 304) والترمذي (1 / 288) والدارمي (2 / 186) وابن الجارود (998) والبيهقي (10 / 100) وأحمد (5 / 62 و 63) من طريق الحسن عن (وقال بعضهم حدثنا) عبد الرحمن بن سمرة قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا عبد الرحمن لا تسأل الامارة فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". 2602 - (حديث " اميركم زيد فإن قتل فجعفر فإن قتل فعبدالله ابن رواحة " رواه البخاري). صحيح.
[ 229 ]
2603 - (أثر أن عمر رضي الله عنه بعث في كل مصر قاضيا وواليا "). لم أره بهذا العموم. وأخرج البيهقي (10 / 87) عن عامر: " أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعث ابن سوار على قضاء البصرة، وبعث شريحا على قضاء الكوفة ". ورجاله ثقات. إلا أنه منقطع بين عامر وهو الشعبي وعمر. وأخرج من طريق عامر بن شقيق أنه سمع أبا وائل يقول: " إن عمر استعمل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه على القضاء وبيت المال ". قلت: وعامر بن شقيق لين الحديث كما في " التقريب ". 2604 - (حديث أنه صلى الله عليه وسلم كتب لعمرو بن حزم حين بعثه لليمن "). وقد مضى. 2605 - (أثر أن عمر كتب إلى أهل الكوفة " أما بعد فإني قد بعثت إليكم عمارا أميرا وعبد الله قاضيا فاسمعوا لهما وأطيعوا "). أخرجه أبن سعد في " الطبقات " (3 / 1 / 182) والحاكم (3 / 288) عن طريق سفيان عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب قال: " كتب إلينا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إني قد بعثت إليكم عمار بن ياسر أميرا، وعبد الله بن مسعود معلما ووزيرا، وهما من النجباء من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، من أهل بدر، فاسمعوا، وقد جعلت ابن مسعود على بيت مالكم فاسمعوا، فتعلموا منهما، واقتدوا بهما، وقد آثرتكم بعبدالله على نفسي ". وقال الحاكم والسياق له: " صحيح على شرط الشيخين "، ووافقه الذهبي !
[ 230 ]
كذا قالا، وحارثة لم يخرج له الشيخان، وأبو إسحاق هو السبيعي، وكان قد اختلط، ثم هو مدلس، وقد تقدم له قبل أربعة أحاديث حديث آخر من رواية حارثة هذا، وأدخل بينه وبينه عمرو بن حبشي المجهول، ودلسه في رواية أخرى عنه كما سبق !. لكن لبعضه شاهد أخرجه ابن سعد (3 / 111) من طريق عامر: " أن مهاجر عبد الله بن مسعود كان بحمص، فحدره عمر إلى الكوفة، وكتب إليهم: إني والله الذي لا إله إلا هو آثرتكم به على نفسي فخذوا منه ". ورجاله ثقات رجال مسلم، لكن منقطع، فإن عامرا وهو الشعبي لم يدرك ابن مسعود وعمر. فصل. 2606 - (روي عن عمر رضي الله عن " أنه استعمل زيد بن ثابت على القضاء وفرض له رزقا ". أخرجه ابن سعد في " الطبقات " (2 / 115 - 116) من طريق الحجاج ابن أرطاة عن نافع قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد منقطع ضعيف، الحجاج بن أرطاة مدلس وقد عنعنه، ونافع لم يدرك عمر. ومن طريق محمد بن عمر نا عبد الحميد بن عمران بن أبي أنس عن أبيه عن سليمان بن يسار قال: " ما كان عمر ولا عثمان يقدمان على زيد بن ثابت أحدا في القضاء والفتوى والفرائض والقراءة ". قلت: وهذا مع انقطاعه أيضا بين سليمان وعمر ضعيف الاسناد
[ 231 ]
جدأ فإن محمد بن عمر وهو الواقدي متروك. 2607 - (روي عن عمر " أنه رزق شريحا في كل شهر مائة درهم "). لم أجده عن عمر (1). وروى ابن سعد (6 / 1 / 65) عن ابن أبي ليلى قال: " بلغني أو بلغنا أن عليا رزق شريحا خمسمائة "). وأخرج أيضا (6 / 1 / 9) عن الشابي قال: " ساوم عمر بن الخطاب بفرس فركبه ليشوره، فعطب، فقال للرجل: خذ فرسك، فقال الرجل: لا، قال: اجعل بيني وبينك حكما، قال الرجل: شريح، فتحاكما إليه، فقال شريح: يا أمير المؤمنين خذ ما ابتعت، أو رد كما أخذت، فقال عمر: وهل القضاء إلا هكذا ؟ سر إلى الكوفة، فبعثه قاضيا عليها، قال: وإنه لاول يوم عرف فيه ". ورجاله ثقات رجال الشيخين إلا أن الشعبي لم يدرك عمر. وشريح هذا هو ابن الحارث أبو أمية القاضي المشهور بحسن قضائه. 2608 - (روي أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه لما ولي الخلافة أخذ الذراع وخرج إلى السوق فقيل له: لا يسعك هذا، فقال: ما كنت لادع أهلي يضيعون، ففرضوا له كل يوم درهمين ". لم أقف على إسناده (2). وروى أبن سعد في " الطبقات " (3 / 131) (1) ثم رأيت ابن حجر قال في " التلخيص " (4 / 194): " لم أره هكذا ". (2) ثم رأيت الحافظ قال في " التلخيص " (4 / 194). " لم أره هكذا ". ثم ذكر رواته ابن سعد. (*)
[ 232 ]
من طريق عمرو بن ميمون عن أبيه قال: " لما استخلف أبو بكر جعلوا له ألفين، فقال: زيدوني فإن لي عيالا، وقد شغلتموني عن التجارة، قال: فزادوه خمسمائة. قال: إما أن تكون ألفين فزادوه خمسمائة، أو كانت ألفين وخمسمائة فزادوه خمسمائة ". ورجاله ثقات رجال الصحيح إلا أنه منقطع فإن ميمونا وهو ابن مهران الجزري لم يدرك خلافة أبي بكر. وأخرج أيضا عن عائشة قالت: " لما ولي أبو بكر قال: قد علم قومي أن حرفتي لم تكن لتعجز عن مؤنة أهلى، وقد شغلت بأمر المسلمن، وسأحترف للمسلمين في مالهم، وسيأكل آل أبي بكر من هذا المال ". قلت: وإسناد هذا صحيح على شرط الشيخين وقد أخرجه البخاري (2 / 10) والبيهقي (10 / 107). وعن حميد بن هلال قال: " لما ولي أبو بكر قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: افرضوا لخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يغنيه، قالوا: نعم برداه إذا أخلقهما وضعهما، وأخذ مثلهما، وظهره إذا سافر، ونفقته على أهله كما كان ينفق قبل أن يستخلف، قال أبو بكر: رضيت ". ورجاله ثقات رجال مسلم إلا أنه مرسل، حميد بن هلال لم يدرك أبا بكر. وعن عطاء بن السائب قال: " لما استخلف أبو بكر أصبح غاديا إلى السوق، وعلى رقبته أثواب يتجر بها، فلقيه عمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح فقالا له: أين تريد يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال: السوق، قالا: تصنع ماذا وقد وليت أمر المسلمين ؟ قال: فمن أين أطعم عيالي ؟ قالا: انطلق حتى نفرض لك شيئا، فانطلق معهما ففرضوا له كل يوم شطر شاة، وما كسوه في الرأس والبطن ! فقال
[ 233 ]
عمر: إلى القضاء. وقال أبو عبيدة: وإلي الفئ. قال عمر: فلقد كان يأتي على الشهر ما يختصم إلي فيه اثنان ". وهذا إسناد معضل ضعيف عطاء بن السائب تابعي صغير وكان اختلط. 2609 - (أثر " أن عمر بعث إلى الكوفة عمار بن ياسر واليا وأبن مسعود قاضيا، وعثمان بن حنيف ماسحا وفرض لهم كل يوم شاة نصفها لعمار والنصف الآخر بين عبد الله وعثمان). وكتب إلى معاذ بن جبل وأبي عبيدة حين بعثهما إلى الشام أن انظرا رجلا من صالحي من قبلكم فاستعملوهم على القضاء وارزقوهم وأوسعوا عليهم من مال الله تعالى "). أخرجه ابن سعد (3 / 182): أخبرنا وكيع بن الجراح عن سفيان عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب قال: " قرئ علينا كتاب عمر بن الخطاب: أما بعد فإني بعثت إليكم عمار بن ياسر أميرا، وابن مسعود معلما ووزيرا، وقد جعلت ابن مسعود على بيت مالكم، وإنهما لمن النجباء من أصحاب محمد من أهل بدر فاسمعوا لهما وأطيعوا، واقتدوا بهما، وقد آثرتكم بابن أم عبد علما نفسي، وبعثت عثمان بن حنيف على السواد، ورزقتهم كل يوم شاة، فأجل شطرها وبطنها لعمار، والشطر الثاني بين هؤلاء الثلاثة " ! وإسناده ضعيف كما تقدم بيانه قريبا (2605). ثم قال: أخبرنا قبيصة بن عقبة قال: أنا سفيان عن أبي سنان عن عبد الله بن أبي الهذيل " أن عمر رزق عمارا وابن مسعود وعثمان بن حنيف شاة، لعمار شطرها وبطنها، ولعبدالله ربعها، ولعثمان ربعها كل يوم ". قلت: وإسناده صحيح على شرط مسلم.
[ 234 ]
2610 - (أثر " أن عمر رضي الله عنه كتب إلى معاذ بن جبل، وأبي عبيدة حين بعثهما إلى الشام: أن انظرا رجالا من صالحي من قبلكم، فاستعملوهم على القضاء وارزقوهم، وأوسعوا عليهم من مال الله تعالى "). لم أقف عليه. 2611 - (قال عمر رضي الله عنه " لا عزلن أبا مريم - يعني: عن قضاء البصرة - وأولي رجلا إذا رآه الفاجر فرقه، فعزله وولى كعب بن سوار). لم أقف على إسناده. وأخرج ابن سعد (7 / 65) عن طريق الشعبي " عأن عمر بن الخطاب بعث كعب بن سود على قضاء البصرة ". ورجاله ثقات لكنه منقطع بين الشعبي وعمر. ثم رأيت البيهقي قد أخرج في " السنن " (10 / 108) من طريق محمد ابن سيرين. " أن عمر رضي الله عنه قال لابي موسى رضي الله عنه: انظر في قضاء أبي مريم، قال: لا أتهم أبا مريم، قال: ولا أنا أتهم، ولكن إذا رأيت من خصم ظلما فعاقبه ". ومن طريقه أيضا أن عمر قال: " لانزعن فلانا عن القضاء، ولاستعملن على القضاء رجلا إذا رآه الفاجر فرقه ". وابن سيرين لم يسمع من عمر. 2612 - (أثر، أن عليا ولى أبا الاسود ثم عزله فقال: لم عزلتني وما خنت وما جنيت به، قال: إني رأيتك يعلو كلامك على الخصمين "). لم أقف عليه.
[ 235 ]
فصل. 2613 - (حديث " ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " رواه البخاري). صحيح. وقد مضى. 2614 - (حديث " القضاة ثلاثة... " رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه). صحيح. وهو من حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه. وله عنه ثلاث طرق: الاولى: عن أبي هاشم عن ابن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " القضاة ثلاثة، واحد في الجنة، وأثنان في النار، فأما الذي في الجنة، فرجل عرف الحق فقضى به، ورجل عرف الحق فجار فهو في النار، ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار ". أخرجه أبو داود (3573) وا بن ماجه (2315) والبيهقي (10 / 116) من طريق خلف بن خليفة عنه. وقال أبو داود: " وهذا أصح شئ فيه. يعني حديث ابن بريدة: القضاة ثلاثة ". قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال مسلم غير أن خلف بن خليفة اختلط في الآخر، وادعى أنه رأى عمرو بن حريث الصحابي فأنكر عليه ذلك ابن عيينة وأحمد. كما قال الحافظ في " التقريب ". قلت: لكن لم يتفرد به كما يأتي، فذلك يدل أنه قد حفظ، فيكون من صحيح حديثه. الثانية: عن عبد الله بن بكير عن حكيم بن جبير عن عبد الله بن بريدة به. أخرجه الحاكم (4 / 90) وقال: " صحيح الاسناد ".
[ 236 ]
ورده الذهبي بقوله: " قلت: ابن بكير الغنوي منكر الحديث ". قلت: وشيخه حكيم بن جبير مثله أو شر منه، فقال فيه الدارقطني: متروك، ولم يوثقه أحد، بخلاف الغنوي فقد قال الساجي: " من أهل الصدق، وليس بقوي. وذكر له ابن عدي مناكر ". وهذا كل ما جرح به، وذكره ابن حبان في " الثقات ". فقول الذهبي: " منكر الحديث "، لا يخلو من مبالغة، وقد قال في " الضعفاء ": " ضعفوه، ولم يترك ". الثالثة: عن شريك عن الاعمش عن سهل بن عبيدة عن ابن بريدة به. أخرجه الترمذي (1 / 248) والحاكم والبيهقي وقال الحاكم: " صحيح على شرط مسلم ". ووافقه الذهبي. قلت: شريك سئ الحفظ، وأخرج له مسلم متابعة، فليس هو على شرط مسلم. لكن الحديث بمجموع هذا الطرق صحيح إن شاء الله تعالى. وقد قال الحافظ في " التلخيص " (4 / 185): " قال الحاكم في " علوم الحديث ": تفرد به الخراسانيون، ورواته مراوزة، قلت: له طرق غير هذه قد جمعتها في جزء مفرد ". (تنبيه). عزا الحافظ ثم السيوطي في " الجامع الصغير " هذا الحديث للسنن الاربعة. ولم أره عند النسائي في " الصغرى "، ولم يعزه إليه النابلسي في " الذخائر " (1 / 113) فيحتمل، أنه في " الكبرى " له، ولكني وقفت على " كتاب القضاء " منه، فلم أجده فيه. والله أعلم. ثم رأيت الحديث في " كبير الطبراني " (1 / 58 / 2) عن طريق قيس بن الربيع عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه به. وقيس ضعيف من قبل حفظه، فهو شاهد لا بأس به. وللحديث شاهد من حديث ابن عمر مرفوعا به نحوه.
[ 237 ]
أخرجه أبو يعلى (4 / 1375)، وفيه عبد الملك بن أبي جميلة، وهو مجهول كما في " التقريب "، لكن عزاه الهيثمي في " مجمع الزوائد " (4 / 193) للطبراني في " الكبير " ثم قال: " ورجاله ثقات ". ولم أره في " الكبير " بهذا التمام، وإنما هو عنده (3 / 197 / 2) من الطريق المتقدمة باختصار، وقال: " عبد الله بن وهب هذا هو عندي عبد الله بن وهب بن زمعة. والله أعلم ". قلت: وهو ثقة. 2615 - (حديث أبي شريح وفيه أنه قال: " يا رسول الله: إن قومي إذا اختلفوا في شئ أتوني فحكمت بينهم فرضي كلا الفريقين. قال: ما أحسن هذا ! " رواه النسائي). صحيح. أخرجه النسائي (2 / 305) وفي " الكبرى " له (ق 4 / 1) وكذا البخاري في " الادب المفرد " (811) وفي " الكبير " (4 / 2 / 227) وأبو داود (4955) وعنه البيهقي (10 / 145) عن طريق يزيد بن المقدام بن شريح عن أبيه شريح عن أبيه هانئ: " أنه لما وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعهم وهم يكنون هانئا أبا الحكم، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: إن الله هو الحكم، وإليه الحكم فلم تكنى أبا الحكم ؟ فقال: " إن قومي... " الحديث وزاد: " فمالك من الولد ؟ قال: لي شريح وعبد الله ومسلم، قال: فمن أكبرهم ؟ قال شريح، قال: فأنت أبو شريح، فدعا له ولولده ". قلت: وهذا إسناد جيد، رجاله ثقات رجال مسلم غير يزيد بن المقدام قال الحافظ في " التقريب ": " صدوق، أخطأ عبد الحق في تضعيفه ".
[ 238 ]
قلت: وقد تابعه على هذه الزيادة دون الدعاء قيس بن الربيع عن المقدام به. أخرجه الحاكم (4 / 279) وقال: " تفرد به قيس عن المقدام وليس من شرط الكتاب ". كذا قال: (تنبيه) قال السندي في حاشيته على " النسائي ": " وشريح هذا هو المشهور بالقضاء فيما بين التابعين " ! قلت: وهذا وهم، ذاك إنما هو شريح بن الحارث المتقدم في الكتاب (2603 و 2607) وأما هذا، فلم يكن قاضيا، وإنما كان على شرطة علي رضي الله عنه. 2616 - (أثر أن عمر وأبيا تحاكما إلى زيد بن ثابت وتحاكم عثمان وطلحه إلى جبير بن مطعم ولم يكن أحد منهما قاضيا "). أما التحاكم إلى زيد، فأخرجه البيهقي (10 / 145) عن طريق محمد ابن الجهم السمري (وفي نسخة: السهري) ثنا يعلى بن عبيد عن اسماعيل عن عامر قال: " كان بين عمر وأبي رضي الله عنهما خصومة في حائط، فقال عمر رضي الله عنه: بيني وبينك زيد بن ثابت، فانطلقا، فدق عمر الباب، فعرف زيد صوته، ففتح الباب، فقال: يا أمير المؤمنين ألا بعثت إلي حتى آتيك ؟ فقال: في بيته يؤتى الحكم. وذكر الحديث ". قلت: هذا مرسل، الشعبي لم يدرك الحادثة. ومحمد بن الجهم لم أعرفه. وفي " الجرح والتعديل " (3 / 2 / 224): " محمد بن جهم بن عثمان بن أبي جهمة، وكان جده على سياقة غنم خيبر يوم استفتحها رسول الله صلى الله عليه وسلم روى عن أبيه عن جده عن عمر بن الخطاب رضي
[ 239 ]
عنه حديث نصربن الحجاج. روى عنه محمد بن سعيد بن زياد الاثرم ". فلعله هذا فإنه من هذه الطبقة. وأما التحاكم إلى جبير بن مطعم، فلم أقف عليه. وقوله " ولم يكن أحد منهما قاضيا ". الظاهر أنه من عند المصنف، وليس مرويا، فإذا كان كذلك فهو مناف لما ذكره في الكتاب فيما تقدم. (2606). فصل في آداب القاضي 2617 - (قال علي رضي الله عنه: " لا ينبغي للقاضي أن يكون قاضيا حتى تكمل فيه خمس خصال: عفيف، حليم، عالم بما كان قبله، يستشير ذوي الالباب لا يخاف في الله لومة لائم ".) لم أره عن علي. وأخرج البيهقي (10 / 110) من طريق محمد بن يوسف قال: ذكر سفيان عن يحيى بن سعيد قال: سأل عمر بن عبد العزيز عن قاضي الكوفة، وقال: القاضي لا ينبغي أن يكون قاضيا حتى يكون فيه خمس خصال فذكرها، إلا أنه قال في الاخيرة: " لا يبالي بملامة الناس ". والمعنى واحد. ثم رواه (10 / 117) من طريق سعيد بن منصور ثنا سفيان به نحوه وزاد: " فإن أخطأته واحدة كانت فيه وصمة، وإن أخطأته اثنتان كانت فيه وصمتان " 2618 - (حديث أم سلمة " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ابتلي بالقضاء بين المسلمين فليعدل بينهم في لحظه وإشارته ومقعده، ولا
[ 240 ]
يرفعن صوته على أحد الخصمين مالا يرفعه على الآخر " رواه عمر بن أبي شيبة في كتاب قضاة البصرة). ضعيف. أخرجه الدارقطني (511) والبيهقي (10 / 135) من طريق عباد بن كثير عن أبي عجدالله عن عطاء بن يسار عنها به مفرقا في حديثين. قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا، وله علتان:، الاولى: أبو عبد الله هذا فإنه لا يعرف. كما في " الميزان ": وقال الحافظ في " التقريب ": " مجهول ". والاخرى: عباد بن كثير وهو هنا الثقفي البصري. قال الحافظ: " متروك، قال أحمد: روى أحاديث كذب ". وأما عباد بن كثير الرملي الفلسطيني فهو على ضعفه خير منه. ومن ذلك تعلم أن قول البيهقي عقبه: " هذا إسناد فيه ضعف " ! فيه تسامح لا يخفى. ومثله قول الحافظ الهيثمي في " المجمع " (4 / 197) وتبعه الحافظ ابن حجر في " التلخيص " (4 / 197) قالا وقد عزياه لابي يعلى والطبراني في " الكبير ": " وفيه عباد بن كثير الثقفي وهو ضعيف " ! قلت: لكن له طريق أخرى فاتت الحافظين المذكورين، ونبه عليها الحافظ الزيلعي في " نصب الراية " (4 / 73 - 74) فقال: " رواه إسحاق بن هارون في " مسنده " أخبرنا بقية بن الوليد عن اسماعيل ابن عياش حدثني أبو بكر التيمي عن عطاء بن يسار به. وبهذا الاسناد والمتن رواه الطبراني في (معجمه) ".
[ 241 ]
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات لكن له علتان: الاولى: إسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن غير الشاميين وهذه منها، فإن أبا بكر هذا هو ابن المنكدر بن عبد الله بن الهدير التيمي المدني. والاخرى: بقية بن الوليد مدلس وقد عنعنه. 2619 - (أثر، أن عمر كتب إلى أبي موسى " واس بين الناس في وجهك ومجلسك وعدلك ولا يطمع شريف في حيفك "). صحيح. أخرجه الدارقطني (512) من طريق عبيدالله بن أبي حميد عن أبي المليح الهذلي قال: " كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الاشعري: أما بعد، فإن القضاء. فريضة محكمة، وسنة متبعة، فافهم إذا أدي إليك، فإنه " ينفع تكلم بحق لا نفادله واس بين الناس... ". الخ. قلت: وعبيدالله بن أبي حميد متروك الحديث كما في " التقريب ". وأما الزيلعي فقال في " نصب الراية " (4 / 81 - 82): " ضعيف " ! لكن أخرجه الدارقطني أيضا والبيهقي (10 / 135) من طريق سفيان ابن عيينة نا إدريس الاودي عن سعيد بن أبي بردة وأخرج الكتاب فقال: " هذا كتاب عمر، ثم قرئ على سفيان من ههنا: إلى أبي موسى الاشعري أما بعد... ". الخ. وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين، لكنه مرسل، لان سعيد بن أبي بردة تابعي صغير روايته عن عبد الله بن عمر مرسلة فكيف عن عمر. لكن قوله: " هذا كتاب عمر ". وجادة، وهي وجادة صحيحة من أصح الوجادات، وهي حجة. وقد أخرجه البيهقي في " المعرفة " من طريق أخرى كما في " الزيلعي "
[ 242 ]
عن معمر البصري عن أبي العوام البصري قال: " كتب عمر... فذكره ". قلت: وإسناده إلى أبي العوام صحيح. وأما أبو العوام البصري ففي الرواة ثلاثة كلهم يكنى بهذه الكنية، وكلهم بصريون وهم: 1 - فائد بن كيسان الجزار مولى باهلة. 2 - عبد العزيز بن الربيع الجاهلي. 3 - عمران بن داور القطان. ولم يتعين عندي أيهم المراد هنا، وثلاثتهم من أتباع التابعين، وكلهم ثقات إلا الاول، فلم يوثقه غير ابن حبان، ولم يذكر في ترجمة أحد منهم أنه روى عنه معمر. والله أعلم. وعلى كل حال فهذه الطريق معضلة، وفيما قبلها كفاية. وفي " التلخيص " (4 / 196) بعد أن عزاه للمصدرين السابقين: " وساقه ابن حزم من طريقين، وأعلهما بالانقطاع، لكن اختلاف المخرج فيهما مما يقوي أصل الرسالة، لا سيما وفي بعض طرقه أن راويه أخرج الرسالة مكتوبة ". 2620 - (روى إبراهيم التيمي أن عليا رضى الله عنه حاكم يهوديا إلى شريح فقام شريح من مجسمه وأجلس عليا فيه فقال علي رضى الله عنه: لو كان خصمي مسلما لجلست معه بين يديك ولكني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: " لا تساووهم في الجالس "). ضعيف. أخرجه أبو أحمد الحاكم في " الكنى لما في ترجمة أبي سمير عن الاعمش عن إبراهيم التيمي به مطولا وقال: " منكر ". وأورده ابن الجوزي في " العلل " من هذا الوجه، وقال:
[ 243 ]
" لا يصح، تفرد به أبو سمير ". كذا في " التلخيص " (4 / 193). قلت: وعلقه البيهقي في " السنن " (10 / 136) من هذا الوجه ولم يسق لفظه وقال: قلت: وله علتان: الاولى: الارسال فإن إبراهيم وهو ابن يزيد التيمي ثقة إلا أنه يرسل ويدلس. والاخرى: أبو سمير هذا واسمه حكيم بن حزم كما في " الكنى " للدولابي قال في " الميزان ": " قال أبو حاتم: متروك الحديث. وقال البخاري: منكر الحديث ". ثم ساق له هذا الحديث. وله طريق أخرى أخرجها البيهقي عن عمرو بن شمر عن جابر عن الشعبي به نحوه. قلت: وهذا إسناد واه جدا، عمرو وجابر وهو ابن يزيد الجعفي متروكان. وقال الحافظ: " وهما ضعيفان (!) " وقال أبن الصلاح في الكلام على أحاديث (الوسيط): لم أجد له إسناد يثبت. وقال ابن عساكر في الكلام على أحاديث (المهذب): " إسسناده مجهول ". 2620 - (حديث ابن عمر وقال: " لعن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الراشى والمرتشي " صححه الترمذي. ورواه أبو هريرة وزاد: " في الحكم " ورواه أبو بكر في " زاد المسافر " وزاد: " والرائش ").
[ 244 ]
صحيح باللفظ الاول. قال أبو داود الطيالسي في " مسنده " (2276): حدثنا ابن أبي ذئب قال: حدثني خالي الحارث بن عبد الرحمن عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو به. ومن طريق أبي داود أخرجه البيهقي (10 / 138 - 139).، وأخرجه الترمذي (1 / 250) وابن ماجه (2313) وأبو نعيم في " القضاء " (ق 152 / 1) والحاكم (4 / 102 - 103) وكذا البغوي في " حديث على بن الجعد " (12 / 128 / 1) وأحمد (2 / 164 و 190 و 194 و 212) من طرق أخرى عن ابن أبي ذئب به. وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وقال الحاكم: " صحيح الاسناد ". ووافقه الذهبي. قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين غير الحارث بن عبد الرحمن وهو خال ابن أبي ذئب، وهو صدوق. وقد خالفه في إسناده عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن فقال: عن أبيه عن أبي هريرة قال: فذكره، وفيه الزيادة الاولى. أخرجه الترمذي، وابن حبان (1196) والحاكم (4 / 103) وأحمد (2 / 387 - 388) وأبو نعيم (151 / 2) والخطيب في " تاريخ بغداد " (254) وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح، وقد روي هذا الحديث عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو عن النبي (صلى الله عليه وسلم). وروي عن أبي سلمة عن أبيه عن النبي (صلى الله عليه وسلم)، ولا يصح. وسمعت عبد الله بن عبد الرحمن (هو الدارمي صاحب " السنن ") يقول: حديث أبي سلمة عن عبد الله بن عمر وعن النبي (صلى الله عليه وسلم) أحسن شئ في هذا الباب وأصح ". قلت: وهذا نقد خبير بأحوال الرجال، فإن عمر بن أبي سلمة فيه ضعف
[ 245 ]
. من قبل حفظه قال الحافظ في " التقريب ": " صدوق يخطئ ". ولذلك فتصحيح الترمذي لحديثه يعد من تساهله، لاسيما وقد خالف في إسناده الحارث بن عبد الرحمن الصدوق. والحاكم مع تساهله إنما أخرجه شاهدا كما يأتي. وفي الباب عن ثوبان قال: فذكره وفيه الزيادة الاخرى. أخرجه أحمد (5 / 279) وأبو نعيم (152 / 1) والحاكم من طريق ليث عن أبي الخطاب عن أبي زرعة عنه. وقال الحاكم: " إنما ذكرت عمر بن أبي سلمة وليث بن أبي سليم في الشواهد لا في الاصول ". قلت: وليث كان اختلط، لكن شيخه أبو الخطاب مجهول. وعن عبد الرحمن بن عوف مرفوعا بلفظ: " لعن الله الاكل والمطعم. يعني المرتشي والرائش ". أخرجه أبو نعيم عن طريق عبد الجبار بن عمر عن أبي حرزة عن الحسن ابن أخي أبي سلمة عن أبي سلمة قال: سمعت أبي يقول. قلت: وهذا سند ضعيف. عبد الجبار بن عمر ضعيف كما في " التقريب ". وشيخه أبو حرزة لم أعرفه، ولم أره في " كنى الدولابي " ولا في " المشتبه " وغيرهما. وكذلك الحسن ابن أخي أبي سلمة. وعن عائشة مرفوعا باللفظ الاول. أخرجه أبو نعيم عن طريق إسحاق بن يحيى بن طلحة عن أبي بكر بن حزم عن عروة عن عائشة. قلت: وإسحاق هذا ضعيف كما في " التقريب ". وعن أم سلمة مرفوعا به.
[ 246 ]
أخرجه من طريق يحيى بن المقدام عن موسى بن يعقوب عن قريبة بنت. عبد الله عن أبيها عنها. وهذا ضعيف أيضا، قريبة ويحيى مجهولان، وموسى بن يعقوب هو الزمعي صدوق سئ الحفظ. ولم يقف الحافظ على تخريج الحديثين الاخرين عن عائشة وأم سلمة فقال: (4 / 189) " فينظر من أخرجهما " ! وعزا حديث عبد الرحمن بن عوف للحاكم. ولم أره في مستدركه. والله أعلم. 2622 - (حديث أبي حميد الساعدي مرفوعا " هدايا العمال غلول " رواه أحمد). صحيح. أخرجه أحمد (5 / 425): ثنا إسحاق بن عيسى ثنا إسماعيل ابن عياش عن يحيى بن سعيد عن عروة بن الزبير عن أبي حميد الساعدي أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: فذكره. وأخرجه ابن عدي (ق 11 / 1) وأبو القاسم التنوخي في " الفوائد العوالي " (5 / 8 / 1) والبيهقي (10 / 138) وأبو نعيم في " القضاء " (153 / 2) وأبو موسى المدينى في " اللطائف " (ق 63 / 2) من طريق عن إسماعيل بن عياش به. وقال التنوخى وابن عدي: " هذا حديث غريب، لا أعلمه حدث به عن يحيى غير إسماعيل بن عياش بهذا اللفظ ". قلت: وهو ثقة في الشاميين، ضعيف في غيرهم، وهذا منه، فإن يحيى ابن سعيد وهو ابن قيس أبو سعيد القاضى حجازي مدني. فالسند ضعيف، فقول ابن الملقن في " الخلاصة " (ق 176 / 1):
[ 247 ]
" رواه أحمد والبيهقي من رواية أبي حميد الساعدي بإسناد حسن " غير حسن، ولذلك قال الحافظ في " التلخيص " (4 / 189): " رواه البيهقى وابن عدي من حديث أبي حميد، وإسناده ضعيف ". وللحديث شواهد عن جابر وأبي هريرة وابن عباس. أما حديث جابر، فله عنه طرق: الاولى: عن عطاء عنه به مرفوعا. أخرجه أبو محمد جعفر الخلدي في " جزء من الفوائد " (ق 39 / 1) عن ليث عن عطاء به. قلت: وقد تابعه إسماعيل بن مسلم عن عطاء به. أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 8 / 2) والسهمي في " تاريخ جرجان " (256) وقال ابن عدي: " إسماعيل بن مسلم المكي أحاديثه غير محفوظة، إلا أنه ممن يكتب حديثه ". وتابعه أيضا خير بن نعيم عن عطاء به. أخرجه الطبراني في " الاوسط " (1 / 159 / 2) عن ابن لهيعة عن خير. وابن لهيعة ضعيف وقد خولف كما يأتي. والثانية: عن أبى الزبير عن جابر. أخرجه أبو القاسم الحلبي السراج في " حديث ابن السقاء " (ق 7 / 84 / 1) ثنا محمد ثنا عصام بن يوسف ثنا سفيان بن سعيد الثوري عنه. قلت: وهذا سند " بأس به في الشواهد، عصام بن يوسف قال ابن عدي: روى أحاديث لا يتابع عليها. وذكره ابن حبان في " الثقات " وقال: " كان صاحب حديث ثبتا في الرواية، ربما أخطأ ". وقال ابن سعد: كان عندهم ضعيفا في الحديث. وقال الخليلى: هو صدوق.
[ 248 ]
ومحمد الراوي عنه هو ابن عامر بن مرادس بن هارون السمرقندي كما في أول الجزء المشار إليه، ولكني لم أجد له الان ترجمة. الثالثة: عن أبان بن أبي عياش عن أبي نضرة عنه. أخرجه في " الحلية " (7 / 110). وأبان هذا متروك. وأما حديث أبى هريرة، فيرويه أحمد بن معاوية بن بكر الباهلي ثنا النضر ابن شميل عن ابن عون عن محمد بن سيرين عنه. أخرجه أبو نعيم وكذا الطبراني في " الاوسط " وقال: " لم يروه عن ابن عون إلا النضر، تفرد به أحمد ". قلت: قال ابن عدي فيه: " حدث بأباطيل، وكان يسرق الحديث ". ثم ساق له هذا الحديث. وأما حديث ابن عباس، فيرويه اليمان بن سعيد المصيصى ثنا محمد بن حميد عن خالد بن حميد المهري عن خير بن نعيم عن عطاء عنه مرفوعا. أخرجه الطبراني في " الاوسط " قال: " لم يروه عن خير إلا خالد تفرد به محمد ". قلت: وهو ثقة وذلك من فوقه، لكن الراوي عنه اليمان بن سعيد قال الذهبي: " ضعفه الدارقطني وغيره، ولم يترك ". قلت: فإن كان قد توبع كما يشعر به قول الطبراني: " تفرد به محمد " فالسند قوي، وإلا فهو صالح للاستشهاد به. لا سيما وله عن ابن عباس طريق أخرى، أخرجها ابن الجوزي في " التحقيق " (3 / 155 / - 2) عن محمد بن الحسن بن كوثر قال: نبأ إبراهيم الحربي قال: حدثنا محمد بن هارون
[ 249 ]
قال: ثنا يعقوب بن كعب عن محمد بن حميد به. فهذه متابعة قوية يعقوب بن كعب وهو أبو يوسف الحلبي ثقة. لكن أعله ابن عبد الهادي في " تنقيح التحتيق " (2 / 381) بقوله. " فيه محمد بن الحسن بن كوثر، شيخ تكلموا فيه، والله أعلم. لكن الحديث مروي من طرق ". قلت: هو أبو بحر البربهاري قال الذهبي: " معروف واه ". قلت: وقد نسب إلى الكذب فلا يستشهد به، وفيما تقدم من الطرق والشواهد السالمة من الضعف الشديد كفاية، ومجموعها يعطى أن الحديث صحيح، وهو الذي اطمأن إليه قلبي، وانشرح له صدري. وفي كلام ابن عبد الهادي إشارة إلى ذلك. والله أعلم. وفي حديث إبن اللتبية ما يشهد لمعنى هذا الحديث، وتقدم برقم (862). وفي الباب عن أبي سعيد الخدري مرفوعا وموقوفا به. أخرجه أبو نعيم. وإسناد الموقوف صحيح، وفي المرفوع أبان بن أبي عياش متروك. وأورده السيوطي في " الجامعين: " الصغير والكبير " من حديث حذيفة بلفظ: "... حرام كلها ". وذكر أنه رواه أبو يعلى. ولم يورده الهيثمى في " المجمع " (4 / 200، 5 / 249) وقد أورد فيه حديث أبي حميد وحده وقال: " رواه البزار من رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين وهي ضعيفة ".
[ 250 ]
هذا نصه في الموضع الاول، وقال في الموضع الآخر: " رواه الطبراني من رواية... " الخ. وفاتته رواية أحمد إياه. 2623 - (روى أبو الاسود المالكي عن أبيه عن جده مرفوعا " ما عدل وال اتجر في رعيته أبدا "). ضعيف. أخرجه أبو نعيم في " القضاء " (ق 153 - 154) من طريق بقية ثنا خالد بن حميد المهري عن أبى الاسود المالكي به. وهذا إسناد ضعيف علته أبو الاسود هذا أورده الذهبي في " الميزان " وساق له هذا الحديث قال: " قال أبو أحمد الحاكم: ليس حديثه بالقائم ". والحديث عزاه السيوطي في " الجامع الصغير " للحاكم في " الكنى " عن رجل من الصحابة. قال المناوي: " ورواه أيضا ابن منيع والديلمي ". ولم يتكلم على إسناده بشئ ! وفي رواية لابي نعيم بالاسناد المتقدم: " إن من أخون الخيانة تجارة الوالي في رعيته " ! 2624 - (وقال شريح " شرط علي عمر حين ولاني القضاء أن لا أبيع ولا أبتاع ولا أرتشى ولا أقضى وأنا غضبان ") لم أقف عليه الآن. 2625 - (روي عن علي رضى الله عنه " أنه نزل به رجل فقال: ألك خصم ؟ قال: نعم، قال: تحول عنا، فإني سمعت رسول (صلى الله عليه وسلم) يقول:
[ 251 ]
لا تضيفوا أحد الخصمين إلا ومعه خصمه "). ضعيف. أخرجه البيهقي (10 / 137) من طريق إسماعيل بن عبد الله بن بشر عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن قال: " نزل على علي رضي الله عنه رجل وهو بالكوفة، ثم قدم خصما له، فقال، له علي رضي الله عنه: أخصم أنت ؟ قال: نعم، قال: فتحول فإن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نهانا أن نضيف الخصم إلا وخصمه معه ". وهذا إسناد ضعيف منقطع كما قال الحافظ في " التلخيص " (4 / 193). وقد وصله البيهقي من طريق قيس بن الربيع عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن قال: حدثنا رجل نزل على علي رضى الله عنه بالكوفة... فذكره نحوه. قلت: ومداره من الوجهين على إسماعيل بن مسلم وهو المكي ضعيف. وقيس بن الربيع مثله. وله طريق أخرى عند أبن خزيمة في " صحيحه " كما في " التلخيص " وعنه البيهقي والطبراني في " الاوسط " (1 / 159 - 160) من طريق موسى بن سهل الرملي ثنا محمد بن عبد العزيز الواسطي الرملي ثنا الهيثم بن غصن عن داود ابن أبي هند عن أبي حرب بن أبي الاسود الديلي عن أبيه عن علي بن أبي طالب قال: " نهى النبي (صلى الله عليه وسلم) أن يضيف أحد الخصمين دون الآخر ". وقال الطبراني: " لم يروه عن داود إلا الهيثم، تفرد به محمد بن عبد العزيز ". قلت: وهو صدوق يهم من رجال البخاري، وبقية الرجال ثقات غير القاسم بن غصن فهو ضعيف وبه أعله الحافظ في " التلخيص ". ووقع عند الطبراني " الهيثم بن غصن " ولذلك لم يعرفه الهيثمى، فقال في " المجمع " (4 / 197):
[ 252 ]
" رواه الطبراني في " الاوسط " وفيه الهيثم بن غصن، ولم أجد من ذكره، وبقية رجاله ثقات ". قلت: وأنا أظن أنه وهم من بعض الرواة عند الطبراني وغالب الظن أنه من شيخه علي بن سعيد الرازي فقد قال الدارقطني فيه: " ليس بذاك، تفرد بأشياء ". والله أعلم. 2626 - (حديث أبي بكرة مرفوعا " لا يقضين حكم بين اثنين وهو غضبان " متفق عليه). صحيح. أخرجه البخاري (4 / 390) ومسلم (5 / 133) وكذا أبو داود (3588) والنسائي (2 / 308) والترمذي (1 / 250) وابن ماجه (2316) وابن الجارود (997) والبيهقي (10 / 105) والطيالسي (860) وأحمد (5 / 36 - 38، 46، 52) وأبو نعيم في " القضاء " (ق 155 / 2 - 156 / 2) من طرق عن عبد الملك بن عمير: سمعت عبد الرحمن بن أبي بكرة قال: " كتب أبو بكرة إلى ابنه - وكان بسجستان - بأن لا تقضى بين اثنين وأنت غضبان، فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول.... " فذكره. والسياق للبخاري، ولفظ مسلم: " لا يحكم أحد بين.... ". وقال الترمذي ولفظه: " لا يحكم الحاكم بين.... ": " حديث حسن صحيح ". ولفظ ابن ماجه وهو رواية لاحمد وأبي نعيم: " لا يقضيى القاضي بين... ". وتابعه جعفر بن إياس عن عبد الرحمن بن أبى بكرة -. وكان عاملا على سجستان - قال:
[ 253 ]
" كتب إلي أبو بكرة يقول: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: لا يقضى أحد في قضاء بقضاءين،. ولا يقضى أحد بين خصمين وهو غضبان ". أخرجه النسائي (2 / 311) من طريق مبشر بن عبد الله قال: حدثنا سفيان بن حسين عن جعفر بن إياس. قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الصحيح غير مبشر بن عبد الله وهو ثقة. 2627 - (حديث " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) حكم في حال غضبه في حديث مخاصمة الانصاري والزبير في شراج الحرة " رواه الجماعة). صحيح. 2628 - (حديث بريدة مرفوعا " القضاة ثلاثة: واحد في الجنة واثنان في النار، فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحق فقضى به، ورجل عرف الحق فجار في الحكم فهو في النار، ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار " رواه أبو داود وابن ماجه). صحيح. وقد مضى (2614). 2629 - (حديث " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) استكتب زيد بن ثابت ومعاوية بن أبي سفيان وغيرهما ". صحيح. أخرجه البيهقي (10 / 126) من طريق محمد بن حميد ثنا سلمة عن ابن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه " أن النبي استكتب عبد الله بن أرقم، فكان يكتب عبد الله بن أرقم، وكان يجيب عنه الملوك، فبلغ من أمانته أنه كان يأمره أن يكتب إلى بعض الملوك
[ 254 ]
فيكتب، ثم يأمره أن يكتب ويختم ولا يقرأه لامانته عنده، ثم استكتب أيضا زيد بن ثابت، فكان يكتب الوحي، ويكتب إلى الملوك أيضا، وكان عبد الله بن أرقم وزيد بن ثابت واحتاج أن يكتب إلى بعض أمراء الاجناد والملوك، أو يكتب لانسان كتابا يعطيه (وفي نسخة: بقطيعة) أمر جعفرا أن يكتب، وقد كتب له عمر، وعثمان، وكان زيد والمغيرة ومعاوية وخالد بن سعيد بن العاص، وغيرهم ممن سمي من العرب ". قلت: وهذا سند ضعيف من أجل ععنة ابن إسحاق فإنه مدلس. ومحمد بن حميد هو الرازي وهو ضعيف، لكن الظاهر أنه لم يتفرد به، فقد قال الحافظ في ترجمة الارقم من " الاصابة ": " وأخرج البغوي من طريق محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير... ". فذكره. والظن به أنه لو كان فيه محمد بن حميد عند البغوي أيضا لما سكت عنه. والله أعلم. وروى الحاكم (3 / 335) من طريق عبد الله بن صالح ثنا عبد العزيز ابن أبي سلمة الماجشون عن عبد الواحد بن أبى عون عن القاسم بن محمد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: " أتى النبي (صلى الله عليه وسلم) كتاب رجل، فقال لعبد الله بن الارقم: أجب عني، فكتب جوابه، ثم قرأه عليه، فقال: أصبت وأحسنت، اللهم وفقه، فلما ولي عمر كان يشاوره ". وقال الحاكم: " صحيح الاسناد " ! ووافقه الذهبي ! قلت: وعبد الله بن صالح وهو كاتب الليث فيه ضعف. وأخرج أحمد (5 / 184) من طريق قبيصة بن ذؤيب عن زيد بن ثابت قال:
[ 255 ]
" كنت أكتب لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: اكتب (لا يستوي القاعدون من المؤمنين...) فجاء عبد الله بن أم مكتوم... ". الحديث. وإسناده صحيح على شرط الشيخين. وفي " صحيح البخاري " (3 / 393) في قصة جمع القرآن: " قال زيد: قال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل، لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فتتبع القرآن... " وفي حديث أمر النبي (صلى الله عليه وسلم) إياه بتعلم كتاب اليهود قال زيد: " فلما تعلمته، كان إذا كتب إلى يهود، كتبت إليهم، وإذا كتبوا إليه قرأت له كتبهم ". أخرجه الترمذي وغيره وقال: " حديث حسن صحيح "، وهو مخرج في الجزء الثاني من " سلسلة الاحاديث الصحيحة " برقم (187)، وقد صدر بعد لاي، فالحمد لله. وأخرج الطيالسي عن ابن عباس (أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعث إلى معاوية ليكتب له... ". الحديث. وإسناده صحيح كما بينته في المصدر السابق (ج 1 رقم 82). 2630 - (قال عمر " لا تؤمنوهم وقد خونهم الله ولا تقربوهم وقد أبعدهم الله ولا تعزوهم وقد أذلهم الله "). صحيح. أخرجه البيهقي (10 / 127) من طريق شعبة عن سماك بن حرب قال: سمعت عياض الاشعري أن أبا موسى رضي الله عنه وقد إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ومعه كاتب نصراني، فأعجب عمر رضي الله عنه ما رأى من حفظه فقال: قل لكاتبك يقرأ لنا كتابا، قال: إنه نصراني لا يدخل المسجد فانتهره عمر رضى الله عنه، وهم به، وقال: لا تكرموهم إذ أهانهم الله، ولا تدنوهم، إذ أقصاهم الله ولا تأتمنوهم إذ خونهم الله عزوجل ".
[ 256 ]
قلت: وهذا إسناد صحيح. وفي رواية له من طريق أسباط عن سماك به ولفظه: " أن عمر رضي الله عنه أمره أن يرفع إليه ما أخذ وما أعطى في أديم واحد وكان لابي موسى كاتب نصراني يرفع إليه ذلك، فعجب عمر رضي الله عنه وقال: إن هذا لحافظ، وقال: إن لنا كتابا في المسجد، وكان جاء من الشام فادعه فليقرأ، قال أبو موسى، إنه لا يستطيع أن يدخل المسجد فقال عمر رضي الله عنه: أجنب هو ؟ قال: لا بل نصراني، قال: فانتهرني وضرب فخذي وقال: أخرجه وقرأ (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض، ومن يتولهم منكم فإنه منهم، إن الله لا يهدي القوم الظالمين)، قال أبو موسى: والله ما توليته، إنما كان يكتب، قال: أما وجدت في أ هل الاسلام من يكتب لك ؟ ! لا تدنهم إذ أقصاهم الله ولا تأمنهم إذ خانهم الله، ولا تعزهم بعد إذ أذلهم الله، فأخرجه ". قلت: وهذا إسناد حسن.
[ 257 ]
باب طريق الحكم وصفته 2631 - (حديث " إنما أقضي على نحو ما أسمع "). صحيح. وقد مضى من رواية أحمد وأبي داود برقم (1423). ويأتي بعد ثلاثة أحاديت. 2632 - (روى أن رجلين اختصما إلى النبي (صلى الله عليه وسلم): حضرمي وكندي فقال الحضرمي: يا رسول الله: إن هذا غلبني على أرض لي، فقال الكندي: هي أرضي وفي يدي ليس له فيها حق فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) للحضرمي: ألك بينة فقال: لا. قال يمينه " صححه الترمذي). صحيح. أخرجه مسلم (1 / 86) وأبو داود (3623) والنسائي في " الكبرى " (ق 6 / 2) والترمذي (1 / 251) وابن الجارود (1004) والدار قطني (514) والبيهقي (10 / 137، 144، 179، 254، 261) وأحمد (4 / 317) من طريق علقمة بن وائل بن حجر عن أبيه قال: " جاء رجل من حضرموت، ورجل من كندة، إلى النبي (صلى الله عليه وسلم)، فقال الحضرمي: يا رسول الله إن هذا قد غلبنى على أرض لي كانت لابي، فقال الكندي: هي أرضي في يدي أزرعها، ليس له فيها حق، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) للحضرمي: ألك بينة ؟ قال: لا، قال: فلك يمينه، قال: يارسول الله إن الرجل فاجر لا يبالي على ما حلف عليه، وليس يتورع من شئ، فقال: ليس لك منه إلا ذلك، فانطلق ليحلف، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لما أدبر: أما لئن حلف على ماله ليأكله ظلما ليلقين الله وهو عنه معرض ". والسياق لمسلم، وفي رواية له وهي رواية أحمد:
[ 258 ]
" كنت عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فأتاه رجلان يختصمان في أرض، فقال أحدهما.... " الحديث نحوه، وفي آخره: " فلما قام ليحلف قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " من اقتطع أرضا ظالما لقي الله وهو عليه غضبان ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وللحديث شاهدان يأتي ذكرهما في الحديث (2641) وفي أحدهما أن الحضرمي هو الاشعث بن قيس خلافا لقول الحافظ (4 / 208) إنه وائل بن حجر ! 2633 - (حديث " قبل النبي (صلى الله عليه وسلم) شهادة - الاعرابي برؤية الهلال ") ضعيف. وقد مضى في أول " الصيام " رقم (907) 2634 - (قول عمر رضي الله عنه: " المسلمون عدول بعضهم على بعضهم "). صحيح. وهو قطعة من كتاب عمر إلى أبى موسى الاشعري الذي مضى تخريجه برقم (2619)، وهذه القطعة منه عند البيهقى (10 / 155 - 156). 2624 - (قوله (صلى الله عليه وسلم): " إنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضى على نحو ما أسمع " رواه الجماعة). صحيح. أخرجه البخاري (2 / 161، 4 / 342، 392) ومسلم (5 / 129) وأبو داود (3583) والنسائي (2 / 307، 311) والترمذي (1 / 250 - 251) وابن ماجه (2317) ومالك / أيضا (2 / 719 / 1) وابن
[ 259 ]
الجارود (999) والدار قطني (527) والبيهقي (10 / 143، 149) وأحمد (6 / 203، 290) من طرق عن هشام بن عروة عن عروة عن زينب ابنة أم سلمة عن أم سلمة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: " إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، وأقضى له على نحو ما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذ فإنما أقطع له قطعة من النار ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وتابعه الزهري عن عروة به ولفظه: " سمع النبي (صلى الله عليه وسلم) جلبة خصام عند بابه، فخرج إليهم، فقال لهم.... " فذكره نحوه. " أخرجه البخاري (4 / 396) ومسلم والنسائي في " الكبرى " (ق 5 / 1) والدار قطني والبيهقي وأحمد (6 / 308). وتابعه عبد الله بن رافع عن أم سلمة به أتم منه، وقد ذكرت لفظه برقم (1423). وله شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعا به مثل لفظ هشام بن عروة. أخرجه ابن ماجه (2318) وابن حبان (1197) من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عنه. قلت: وهذا إسناد جيد، وقال البوصيري في " الزوائد " (143 / 1): " هذا إسناد صحيح " ! 2636 - (قول عمر في كتابه إلى أبي موسى الاشعري: " واجعل لمن ادعى حقا غائبا أمدا ينتهي إليه، فإن أحضر بينة أخذت له حقه وإلا
[ 260 ]
استحللت القضية عليه.، فإنه أنقى للشك وأجلى للغم "). صحيح. وهو قطعة مما كتب عمر إلى أبي موسى رضي الله عنهما، وقد مضى تخريجه (2619). 2637 - (روى سليمان بن حرب (1) قال " شهد رجل عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال له عمر: إني لست أعرفك ولا يضرك أني لا أعرفك فائتني بمن يعرفك، فقال رجل: أنا أعرفه يا أمير المؤمنين، قال: بأي شئ تعرفه ؟ فقال: بالعدالة ؟ قال: هو جارك الادنى تعرف ليله ونهاره ومدخله ومخرجه ؟ قال: لا. قال فعاملك بالدرهم والدينار الذي يستدل بهما على الورع ؟ قال: لا. قال: فصاحبك في السفر الذي يستدل به على مكارم الاخلاق ؟ قال: لا. قال: فلست تعرفه، ثم قال للرجل: ائتني بمن يعرفك ". صحيح. أخرجه العقيلي (354) والبيهقي (10 / 125) من طريق داود بن رشيد حدثنا الفضل بن زياد حدثنا شيبان عن الاعمش عن سليمان بن مسهر عن خرشة بن الحر قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال مسلم غير الفضل بن زياد، فقال العقيلي: " لا يعرف إلا بهذا، وفيه نظر ". كذا في نسختنا منه، وقال الحافظ في " التلخيص " (4 / 197): " قال العقيلي: الفضل مجهول، وما في هذا الكتاب حديث لمجهول أحسن من هذا، وصححه أبو على بن السكن ". قلت: وليس في نسختنا من " الضعفاء " للعقيلي قوله " وما في.... ". (1) - كذا الاصل، وأنا أظن ان الصواب " سليمان عن خرشة قال " كما يأتي في الاسناد. (*)
[ 261 ]
وأما قوله " مجهول "، فهو معنى قوله " لا يعرف إلا بهذا ". ثم إنه معروف غير مجهول، فقد ترجمه الخطيب في " تاريخ بغداد " (12 / 360): فقال " الفضل بن زياد أبو العباس الطشى حدث عن إسماعيل بن عياش وعن عباد بن العوام وعباد بن عباد وعلي بن هاشم بن البريد وخلف بن خليفة، روى عنه إسحاق بن الحسن الحربي وأبو بكر بن أبي الدنيا وموسى بن هارون وإبراهيم بن هاشم البغوي وجعفر بن أحمد بن محمد بن الصباح الجرجرائي وكان ثقة ". ثم ساق له حديثا صحيحا. وأورده ابن أبي حاتم (3 / 2 / 62) وقال: " روى عنه أبو زرعة، وسئل عنه فقال: كتبت عنه، كان يبيع الطساس، شيخ ثقة ". قلت: فبرواية أولئك الثقات عنه وتوثيق هذين الامامين إياه، تثبت عدالته، ويتبين ضبطه وحفظه، ولذلك، فتصحيح ابن السكن لهذا الاثر في محله. 2638 - (في حديث الحضرمي والكندي " شاهداك أو يمينه. فقال: إنه لا يتورع في شئ. قال: ليس لك إلا ذلك " رواه مسلم. صحيح. وقد مضى برقم (2632)، ولكن ليس فيه " شاهداك أو يمينه ". وإنما وردت هذه الزيادة في هذه القصة من رواية الحضرمي نفسه وهو الاشعث بن قيس الكندي قال: " كانت بيني وبين رجل خصومة في بئر، فاختصمنا إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): شاهداك أو يمينه، قلت: إنه إذن يحلف ولا يبالي فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): من حلف على يمين يستحق بها مالا، وهو فيها فاجر، لقي الله وهو عليه غضبان، فأنزل الله تصديق ذلك، ثم قرأ هذه الاية: (إن الذين
[ 262 ]
يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا)، إلى (ولهم عذاب أليم) ". أخرجه البخاري (2 / 116 - 117، 159) ومسلم (1 / 86) والنسائي في (الكبرى " (6 / 2) والبيهقي (10 / 261) وأحمد (5 / 211) من طريق منصور عن أبي وائل عنه. وتابعه الاعمش عن أبي وائل به إلا أنه خالفه في حرفين منه: الاول: في قوله " بئر حسن "، فقال: " أرض ". والآخر: في قوله " شاهداك أو يمينه "، فقال: مكانه: " هل لك بينة ". أخرجه البخاري (8 / 152) ومسلم (1 / 85 - 86) وأبو داود (3621) والنسائي (6 / 1) والبيهقي (10 / 179 - 180، 255) وأحمد وسيأتي لفظ الحديث في آخر الكتاب (2760) ومما يرجح رواية الاعمش، أن كردوسا تابع أبا وائل على مثل رواية الاعمش عنه نحوه. وزاد في آخره " فردها الكندي ". وفيه زيادة أخرى ستأتي في الكتاب (2689). أخرجه أبو داود (3622) وابن الجارود (1005) وابن حبان (1190) والبيهقي (10 / 180) من طريق الحارث بن سليمان الكندي عنه. إلا أن كردوسا هذا لم يوثقه أحد غير ابن حبان فأورده في " الثقات " (1 / 197) فقال: " كردوس بن العباس التغلبي. كوفي يروي عنه الاشعث بن قيس وخباب. روى عنه فضيل بن غزوان ". وروى ابن أبي حاتم (3 / 2 / 175) عن يحيى بن معين أنه قال: " كردوس التغلبي مشهور ". قلت: فمثله يستشهد به. والله أعلم.
[ 263 ]
ومما يرجح فلك أيضا أن له شاهدا من حديث عدي بن عميرة الكندي. " أن امرؤ القيس بن عباس الكندي خاصم إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رجلا من حضرموت في أرض، فسأل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الحضرمي البينة، فلم تكن له بينة، فقضى على امرئ القيس باليمين، فقال الحضرمي: إن أمكنته يا رسول الله من اليمين ذهبت والله أرضي، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) "، فذكره مثل رواية منصور. وزاد: " قال: فقال امرؤ القيس: يا رسول الله فماذا لمن تركها ؟ قال: له الجنة، قال: فإني أشهدك أني قد تركتها ". أخرجه أحمد (4 / 191 - 192) والبيهقي (10 / 254) من طريق جرير ابن حازم قال: سمعت عدي بن عدي الكندي يحدث في حلقة بمنى، قال: حدثني رجاء بن حيوة والعرس بن عميرة عن عدي بن عميرة الكندي. قلت: وهذا إسناد صحيح ورجاله كلهم ثقات. فثبت مما تقدم أن قوله في " الحديث ": شاهداك أو يمينه شاذ وأن المحفوظ " هل لك بينة ". والله أعلم. 2639 - (روي عن عمر أنه قال " البينة العادلة أحق من اليمين الفاجرة "). ضعيف. علقه البيهقى (10 / 182) هكذا كما في الكتاب. 2640 - (حديث إبن عمر أنه باع زيد بن ثابت عبدا فادعى عليه زيد أنه باعه إياه عالما بعيبه، فأنكره ابن عمر فتحاكما إلى عثمان فقال عثمان لابن عمر: احلف أنك ما علمت به عيبا، فأبى ابن عمران يحلف فرد عليه العبد " رواه أحمد). صحيح. ولم أره في " مسند أحمد "، ولا هو مظنة وجود مثل هذا الاثر فيه، فالظاهر أنه في غيره من كتب الامام.
[ 264 ]
وقد أخرجه البيهقى (5 / 328) من طريق ابن بكير ثنا مالك عن يحيى بن سعيد عن سالم بن عبد الله " أن عبد الله بن عمر باع غلاما بثمانمائة درهم، وباعه بالبراءة، فقال الذي ابتاعه لعبد الله بن عمر: بالغلام داء، لم يسمه، فاختصما إلى عثمان بن عفان، فقال الرجل: باعنى عبدا وبه داء، لم يسمه لي، فقال عبد الله بن عمر: بعته بالبراءة، فقضى عثمان بن عفان على عبد الله بن عمر باليمين أن يحلف له: لقد باعه الغلام وما به داء يعلمه، فأبى عبد الله أن يحلف له، وارتجع العبد، فباعه عبد الله بن عمر بعد ذلك بألف وخمسمائة درهم ". قلت: وإسناده صحيح. 2641 - (قول النبي (صلى الله عليه وسلم): " اليمين على المدعى عليه "). صحيح. وهو من حديث عبد الله بن عباس رضى الله عنهما أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: " لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه ". أخرجه البخاري (3 / 213 - 214) ومسلم (5 / 128) والبيهقي (10 / 252) من طريق إبن جريج عن ابن أبي مليكة عنه. وقد تابعه نافع بن عمر عن ابن أبي مليكة قال: كتب إلي ابن عباس أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: فذكره بتمامه. أخرجه النسائي (2 / 311) وأحمد (1 / 342 - 343، 351، 363) من طرق عن نافع به. وإسنادهما صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه مختصرا البخاري (2 / 116 و 159) ومسلم وكذا أبو داود (3619) والترمذي (1 / 251) والبيهقي أيضا من طرق أخرى عن نافع به بلفظ:
[ 265 ]
" أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قضى باليمن على المدعى عليه ". وقال الترمذي: " حديث حسن صحيح ". وقال البيهقي: " على هذا رواية الجمهور عن نافع بن عمر الجمحى، وقد أخبرنا.... ". ثم ساق من طريق أبي القاسم الطبراني عن الفريابي ثنا سفيان عن نافع.... بلفظ: " البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه ". وقال: " قال أبو القاسم: لم يروه عن سفيان إلا الفريابي ". قلت: واسمه محمد بن يوسف الضبي مولاهم الفريابي، وهو ثقة فاضل، يقال: أخطأ في شئ من حديث سفيان، وهو مقدم فيه مع ذلك عندهم على عبد الرزاق كما في " التقريب ". قلت: ولا شك في خطأ هذا اللفظ عند من تتبع رواية الجماعة عن نافع بن عمر الذين لم يذكروا هذه الزيادة ": " البينة على المدعي ". وقد أشار إلى ذلك البيهقي بقوله المتقدم: " على هذا... ". والخطأ من سفيان، وإلا فمن الفريابي. والله أ علم. لكن لهذه الزيادة طريق أخرى عن ابن أبي مليكة قال: " كنت قاضيا لابن الزبير على الطائف فذكر قصة المرأتين - قال: فكتبت إلى ابن عباس، فكتب ابن عباس أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال.... ".
[ 266 ]
فذكره بتمامه وفيه الزيادة. أخرجه البيهقي (10 / 252) من طريق الحسن بن سهل ثنا عبد الله بن إدريس ثنا ابن جريج وعثمان بن الاسود عن ابن أبي مليكة. قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين غير الحسن ابن سهل، وهو ثقة، فقد أورده ابن أبي حاتم (1 / 2 / 17) وقال: " روى عنه أبو زرعة ". ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، لكن رواية أبي زرعة عنه توثيق له فقد رد الحافظ ابن حجر في " اللسان " على ابن القطان قوله في داود بن حماد بن فرافصة البلخي: " حاله مجهول، بقوله (قلت: بل هو ثقة، فمن عادة أبي زرعة أن لا يحدث إلا عن ثقة ". وله شاهد من حديث ابن عمر مرفوعا بلفظ: " المدعى عليه أولى باليمين إلا أن تقوم بينة ". أخرجه الدارقطني (517) من طريق سنان بن الحارث بن مصرف عن طلحة بن مصرف عن مجاهد عنه. قلت: وهذا إسناد جيد في الشواهد رجاله ثقات كلهم غير سنان بن الحارث هذا، وقد أورده ابن أبي حاتم في كتابه (2 / 1 / 254)، ولم يذكر فيه جرحا ولا توثيقا، لكن قد روى عنه ثلاثة من الثقات، وذكره ابن حبان في كتابه " الثقات، فمثله إن لم يحتج به، فلا أقل من الاستشهاد به. والله سبحانه وتعالى أعلم. وقد قال الحافظ في " التلخيص ": " وفي الباب عن مجاهد عن ابن عمر لابن حبان في حديث ". فكأنه يشير إلى هذا. والله أعلم. وقد رويت هذه الزيادة من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا.
[ 267 ]
وله عنه طرق: الاولى: عن محمد بن عبيد الله عنه. أخرجه الترمذي (1 / 251) وقال: " هذا حديث في إسناده مقال، ومحمد بن عبيد الله العرزمى يضعف في الحديث من قبل حفظه، ضعفه ابن المبارك وغيره ". الثانية: عن الحجاج بن أرطاة عنه. أخرجه الدارقطني (517) والبيهقي (10 / 256) والحجاج مدلس وقد عنعنه. الثالثة: عن المثنى بن الصباح عنه. أخرجه البيهقي (10 / 256). قلت: والمثنى ضعيف. الرابعة: عن الزنجي بن خالد عن ابن جريج عنه بلفظ: " البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر إلا في القسامة ". أخرجه الدارقطني. والزنجى واسمه مسلم ضعيف، وابن جريج مدلس وقد عنعنه. وبالجملة فهذه الطرق واهية ليس فيها ما يمكن الاستشهاد به، ولذلك قال الحافظ في " التلخيص " (4 / 208): " رواه الترمذي والدار قطني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وإسناده ضعيف ". فالاعتماد فيها على طريق عثمان بن الاسود عن ابن عباس، وعلى حديث مجاهد عن إبن عمر. 2642 - (حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم " رد اليمين على طالب (1) الحق " رواه الدارقطني. (1) الاصل " صاحب " والتصويب من الدارقطني وعيره. (*)
[ 268 ]
ضعيف. أخرجه الدارقطني (515) وكذا الحاكم (4 / 100) والبيهقي (10 / 184) من طريق محمد بن مسروق عن إسحاق بن الفرات عن الليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر به. وقال الحاكم: " صحيح الاسناد ". ورده الذهبي بقوله: " قلت: لا أعرف محمدا، وأخشى أن يكون (1) الحديث باطلا ". وقال الحافظ في " التلخيص " (4 / 209): " رواه الدارقطني والحاكم والبيهقي وفيه محمد بن مسروق لا يعرف، وإسحاق بن الفرات مختلف فيه. ورواه تمام في " فوائده " من طريق أخرى عن نافع ". 2643 - (روي أن المقداد اقترض من عثمان مالا فتحاكما إلى عمر فقال عثمان: هو سبعة ألاف وقال المقداد: هو أربعة ألاف فقال المقداد لعثمان: احلف أنه سبعة آلاف فقال عمر: أنصفك. احلف أنها كما تقول وخذها " رواه أبو عبيد). ضعيف. أخرجه البيهقي (10 / 184) من طريق مسلمة بن علقمة عن داود عن الشعبي " أن المقداد استقرض من عثمان... " وقال: " هذا إسناد صحيح إلا أنه منقطع ". يعني أن الشعبي لم يدرك عمر. (1) الاصل: " لا يكون ". (*)
[ 269 ]
ثم إن مسلمة مع كونه من رجال مسلم ففيه كلام، وفي " التقريب ": " صدوق له أوهام ". 2633 - (قال علي: " إن رد اليمين له أصل في الكتاب والسنة أما الكتاب فقوله تعالى: (أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم) وأما السنة فحديث القسامة ") لم أقف عليه. فصل. 2645 - (حديث " فمن قضيت له بشئ من حق أخيه فلا يأخذ منه شيئا، فإنما أقطع له قطعة من النار " متفق عليه). صحيح. وقد مضى برقم (2635). فصل. 2646 - (حديث هند قالت: " يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني من النفقة ما يكفيني وولدي. فقال: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف " متفق عليه). صحيح. أخرجه البخاري (2 /، 489، 490، 4 / 395) ومسلم (5 / 129) والنسائي (2 / 311) والدارمي (2 / 159) وابن ماجه (2293) وابن الجارود (1025) والبيهقي (10 / 141) وأحمد (6 / 39، 50، 206) من طريق هشام بن عروة قال: أخبرني أبي عن عائشة به وزاد: " إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم ". وتابعه الزهري عن عروة به نحوه. أخرجه البخاري (2 / 102، 4 / 311 - 312، 389) ومسلم (5 / 130) وأبو داود (3533) وأحمد (6 / 225).
[ 270 ]
2647 - (حديث علي مرفوعا: " إذا تقاضى إليك رجلان فلا تقض للاول حتى تسمع كلام الآخر، فإنك إذا فعلت ذلك تبين لك القضاء " حسن الترمذي). صحيح. وقد مضى تخريجه برقم (2600)، وقوله " فإنك إذا فعلت.... " ليس عند الترمذي كما يتبين لك من مراجعة لفظه هنا، وإنما هو من رواية أحمد (1 / 111)، فلفظ الحديث في الكتاب ملفق من روايته ورواية الترمذي ! 2648 - (روي أن أبا بكر رضي الله عنه " كتب إلى المهاجر بن أبي أمية أن ابعث إلي بقيس بن المكشوح في وثاق، فأحلفه خمسين يمينا على منبر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه ما قتل والديه "). ضعيف. أخرجه البيهقي (10 / 176) من طريق الشافعي قال: أخبرنا عن الضحاك بن عثمان عن نوفل بن مساحق العاوي عن المهاجر بن أبي أمية قال: فذكره. وقال البيهقي: " ورواه في القديم فقال: أخبرنا من نثق به عن الضحاك بن عثمان عن المقبري عن نوفل بن مساحق. فذكره بمعناه وأتم منه ". والمهاجر هذا لم أعرفه. 2649 - (روى الضحاك بن سفيان قال: " كتب إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها " رواه أبو داود والترمذي). أخرجه أبو داود (2927) والترمذي (1 / 265) وكذا ابن ماجه (2642) والبيهقي (8 / 57، 134) وأحمد (3 / 452) من طريق سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد قال: " كان عمر بن الخطاب يقول الدية للعاقلة، ولا ترث المرأة من دية
[ 271 ]
زوجها شيئا، حتى قال له الضحاك بن سفيان ". فذكره والسياق لابي داود، والترمذي نحوه وقال: " حديث حسن صحيح ". وتابعه معمر عن الزهري به نحوه. أخرجه أبو داود وأحمد. وخالفهما مالك فرواه في " الموطأ " (2 / 866 / 9) عن ابن شهاب: " أن عمر بن الخطاب نشد الناس بمنى: من كان عنده علم من الدية أن يخبرني، فقام الضحاك بن سفيان الكلابي، فقال " فذكره. قلت: فهذا منقطع، وكذلك الذي قبله مرسل لان سعيد بن المسيب في سماعه من عمر خلاف. 2650 - (حديث أنه صلى الله عليه وسلم " كتب إلى ملوك الاطراف وإلى عماله وسعاته "). تقدم
[ 272 ]
باب القسمة 2651 - (حديث " إنما الشفعة فيما لم يقسم "). صحيح. وقد مضى برقم (1532 و 1536). 2652 - (حديث " قسم النبي (صلى الله عليه وسلم) الغنائم بين أصحابه "). صحيح. وقد مضى في أول (الجهاد) رقم (1225). 2653 - (حديث " لا ضرر ولا ضرار ". رواه أحمد ومالك في " الموطأ "). صحيح. وقد مضى (896)
[ 273 ]
باب الدعاوى والبينات 2654 - (حديث إبن عباس مرفوعا: " لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه " رواه أحمد ومسلم). صحيح. وأخرجه البخاري أيضا كما تقدم برقم (2641). 2655 - (حديث شاهداك أو يمينه ليس لك إلا ذلك "). صحيح. وقد مضى برقم (2608). 2656 - (حديث أبي موسى أن رجلين اختصما إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في دابة ليس لاحدهما بينة فجعلها بينهما نصفين " رواه الخمسة إلا الترمذي. ضعيف. أخرجه أبو داود (3613 - 3615) والنسائي (2 / 311) وابن ماجه (2329) والبيهقي (10 / 254، 257) من طرق عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن جده أبي موسى. وخالفه شعبة فقال: عن قتادة عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه أن رجلين.... أخرجه البيهقي (10 / 255) من طريق أحمد: ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن قتادة به. هكذا وقع عنده مرسلا، وليس خطأ مطبعيا، بل هكذا وقعت الرواية عنده، فقد صرح بذلك في مكان آخركما يأتي. ولكنه في " مسند أحمد " (4 / 402) بالسند المذكور موصولا هكذا: " ثنا محمد بن جعفر ثنا
[ 274 ]
شعبة عن قتادة عن سعيد بن أبي بردة، عن أبي بردة عن أبيه ". فالظاهر أنه سقط من رواية البيهقي منه قوله: " عن أبي بردة "، فعاد الضمير في قوله: " عن أبيه " إلى أبي بردة فصار مرسلا. ويؤيد أن الرواية عند أحمد موصولة، أنه أورده في مسند أبي موسى من " مسنده "، ولو كان عنده مرسلا يورده إن شاء الله تعالى، كما هي القاعدة عنده. ويؤيد أن الرواية عن شعبة موصولة أن سعيد بن عامر قال: ثنا شعبة عن قتادة عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن جده به نحوه. أخرجه البيهقي (10 / 275) وقال عقبه: " كذا قال: عن شعبة. وقد رويناه فيما مضى عن ابن أبي عروبة عن قتادة موصولا، وعن شعبة عن قتادة مرسلا ". ثم قال: " والحديث معلول عند أهل الحديث، مع الاختلاف في إسناده على قتادة ". قلت: ومن وجوه الاختلاف رواية حماد بن سلمة عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة " أن رجلين ادعيا دابة، فأقام كل واحد منهما شاهدين، فقضى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بينهما نصفين ". أخرجه ابن حبان (1201) والبيهقي (10 / 258). وفي رواية له من طريق حفص بن عمر ثنا حماد بن سلمة عن قتادة أخبرهم عن النضر بن أنس عن أبي بردة عن أبي موسى به نحوه. وقال البيهقي: " وكذلك رواه فيما بلغني إسحاق بن إبراهيم عن النضر بن شميل عن حماد
[ 275 ]
متصلا. فعاد الحديث إلى حديث أبي بردة، إلا أنه عن قتادة عن النضر بن أنس غريب. ورواه أبو الوليد عن حماد فأرسله، فقال: عن قتادة عن النضر بن أنس عن أبي بردة: أن رجلين ادعيا دابة... " ومن ذلك رواية سعيد بن أبي عروبة أيضا عن قتادة عن خلاس عن أبي رافع عن أبي هريرة به نحوه. بلفظ: " استهما على اليمين ما كان أحبا ذلك أو كرها ". أخرجه أبو داود (3616 و 3618) وعنه البيهقي (10 / 255) وابن ماجه (2329) والدار قطني (514 - 515) وأحمد (2 / 489، 524) من طرق عن سعيد به. ومنه رواية سعيد بن منصور: ثنا أبو عوانة عن سماك بن حرب عن تميم ابن طرفة قال: " أنبئت أن رجلين اختصما.... " فذكره مثل حديث أبي بردة عن أبي موسى. أخرجه البيهقي (10 / 258) وقال: " وكذلك رواه سفيان الثوري عن سماك ". ثم قال: " هذا مرسل. وقد بلغني عن أبي عيسى الترمذي أنه سأل محمد بن إسماعيل البخاري عن حديث سعيد بن أبي بردة عن أبيه في هذا الباب ؟ فقال: يرجع هذا الحديث إلى حديث سماك بن حرب عن تميم بن طرفة. قال البخاري: وقد روى حماد بن سلمة: قال سماك بن حرب: أنا حدثت أبا بردة بهذا الحديث ". قال البيهقي: " وإرسال شعبة هذا الحديث عن قتادة عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه في رواية غندر عنه كالدلالة على ذلك. والله أعلم ".
[ 276 ]
قلت: لكن المحفوظ عن شعبة وصله كما سبق. وفي " التلخيص " (4 / 210): " وقال الدارقطني والبيهقي والخطيب: الصحيح أنه عن سماك مرسلا ". قلت: ويتلخص مما سبق أن مدار طرق الحديث كلها - حاشا طريق سماك - على قتادة، وأنهم اختلفوا عليه في إسناده اختلافا كثيرا وكذلك في متنه اختلفوا عليه، ففي روايته عن سعيد بن أبي بردة " فجعلها بينهما نصفين ". وكذلك قال في روايته عن النضر بن أنس. وأما في روايته عن خلاس، فليس فيها جعل الدابة بينهما نصفين، وإنما قال: (استهما على اليمين ما كان، أحبا ذلك أو كرها ". كما تقدم. وقد جمع البيهقي بين الروايتين فقال عقب رواية خلاس: " فيحتمل أن تكون هذه القضية من تتمة القضية الاولى في حديث أبي بردة، فكأنه (صلى الله عليه وسلم) جعل ذلك بينهما نصفين بحكم اليد، فطلب كل واحد منهما يمين صاحبه في النصف الذي حصل له، فجعل عليهما اليمين، فتنازعا في البداية بأحدهما، فأمرهما أن يقترعا على اليمين ". قلت: وهذا جمع حسن لوثبتت الرواية الاولى، وقد علمت ما فيها من الاختلاف في إسنادها، وأن الصواب فيها الارسال. وأما الرواية الاخرى فلها شاهدان مرسلان أخرجهما البيهقي (10 / 259)، أحدهما من طريق سعيد بن المسيب قال: " اختصم رجلان إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في أمر، فجاء كل واحد منهما
[ 277 ]
بشهداء عدول على عدة واحدة، فأسهم بينهما (صلى الله عليه وسلم)، قال: اللهم أنت تقضي بينهم، للذي خرج له السهم ". وإسناده صحيح مرسل. وله شاهد ثالث موصول من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ: " إذا كره الاثنان اليمين أو استحباها فليستهما عليها ". أخرجه أبو داود (3617) والبيهقي (10 / 255) وأحمد (2 / 317) من طريق عبد الرزاق قال: ثنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) به. قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجه البخاري في " صحيحه " (2 / 160) من هذا الوجه عن أبي هريرة: " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) عرض على قوم اليمين، فأسرعوا، فمر أن يسهم بينهم في اليمين أيهم يحلف ". وهو رواية للبيهقي. واللفظ الاول هو الارجح، لان عليه أكثر الرواة عن عبد الرزاق، ولا سيما وهو كذلك في أصل إسحاق بن راهويه عن عبد الرزاق كما قال أبو نعيم، والبخاري إنما رواه باللفظ الاخر من طريق إسحاق ! نعم قد أحدى الحافظ في " الفتح " (5 / 211) احتمالا، أن يكون لفظ البخاري هذا في حديث آخر عند عبد الرزاق. وفيه بعد عندي. والله أعلم. 2657 - (حديث الحضرمي والكندي). صحيح. وقد مضى برقم (2632). 2658 - (حديث أبي موسى " أن رجلين ادعيا بعيرا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فبعث كل منهما بشاهدين، فقسمه النبي (صلى الله عليه وسلم) بينهما ". رواه أبو داود).
[ 278 ]
ضعيف. وهو لفظ لابي داود، والآخر باللفظ المذكور في الكتاب قبله، وسبق هناك تخريجه وبيان أن علته الارسال. 2659 - (حديث أبي هريرة " أن رجلين تداعيا عينا لم يكن لواحد منهما بينة فأمرهما رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يستهما على اليمين أحبا أم كرها " رواه أبو داود). صحيح. أخرجه أبو داود وغيره من طريق قتادة بإسناده عن أبي هريرة، وقد اختلف عليه في إسناده ومتنه كما سبق بيانه قبل حديثين، لكنه بهذا اللفظ صحيح لان له شاهدين مرسلين وآخر موصولا عن أبي هريرة أيضا بنحوه سبق ذكرهما هناك، وأحد الشاهدين هو الآتي بعد هذا. 2660 - (روى الشافعي عن ابن المسيب " أن رجلين اختصما إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في أمر فجاء كل واحد منهما بشهود عدول على عدة واحدة فأسهم النبي (صلى الله عليه وسلم) بينهما ". صحيح. أخرجه البيهقي (10 / 259) من طريق ابن أبي مريم ثنا الليث عن بكير بن عبد الله أنه سمع سعيد بن المسيب به. قلت: وإسناده مرسل صحيح. وقال عقبه: " أخرجه أبو داود في " المراسيل " عن قتيبة عن الليث. ولهذا شاهد آخر من وجه آخر ". ثم ساق من طريق ابن لهيعة عن أبي الاسود عن عروة وسليمان بن يسار (أن رجلين.... " ! الحديث. قلت: وفي معناه قوله (صلى الله عليه وسلم): " إذا كره الاثنان اليمين أو استحباها فليستهما عليها ". وسنده صحيح كما تقدم بيانه قبل ثلاثة أحاديث.
[ 279 ]
2661 - (حديث: " البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه " وفي لفظ " واليمين على من أنكر " رواه الترمذي) 30 / 479 صحيح. واللفظ الثاني ليس عند الترمذي وإنما هو للدارقطني، وهو من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. أخرجاه من طرق واهية عنه. لكن للحديث شاهد من حديث ابن عباس بإسناد صحيح، واخر من حديث ابن عمر بسند جيد، وقد سبق تخريجهما والكلام عليهما برقم 2662 - (حديث: " شاهداك أو يمينه "). 4 / 479. صحيح. وهو متفق عليه من حديث الاشعث بن قيس الكندي، وقد ذكرنا لفظه تحت الحديث (2638). 2663 - (عن ابن عباس " أن النبي، (صلى الله عليه وسلم)، قضى باليمين على المدعى عليه ". متفق عليه) 5 / 479. صحيح. وقد مر تخريجه برقم (2641).
[ 280 ]
كتاب الشهادات 2664 - (حديث " شاهداك أو يمينه ") 1 / 481. صحيح. وقد مضى (2638). 2665 - (عن أبي هريرة مرفوعا " يكون في أخر الزمان أمراء ظلمة، ووزراء فسقة، وقضاة خونة، وفقهاء كذبة، فمن أدرك منكم ذلك الزمان فلا يكونن لم كاتبا، ولا عريفا، ولا شرطيا ". رواه الطبراني). 2 / 482. أخرجه الطبراني في " المعجم الصغير " (ص 117) وفي " الاوسط " (1 / 197 - 198) وعنه الخطيب في " تاريخ بغداد " (12 / 63) من طريق معاوية بن الهيثم بن الريان الخراساني ثنا داود بن سليمان الخراساني ثنا عبد الله بن المبارك عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة به. وقال الطبراني: " لم يروه عن قتادة إلا ابن أبي عروبة، ولا عنه إلا ابن المبارك تفرد به داود بن سليمان وهو شيخ لا بأس به ". وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد " (233): " رواه الطبراني في " الصغير " و " الاوسط "، وفيه داود بن سليمان الخراساني، قال الطبراني: لا بأس به. وقال الازدي ضعيف جدا. ومعاوية ابن الهيثم لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات ". قلت: الظاهر من قول الطبراني " تفرد به داود " أن معاوية بن الهيثم لم
[ 281 ]
يتفرد به. وقد تأكد ذلك برواية الخطيب (10 / 284) من طريق عبد الرحمن بن محمد بن المغرة - جار ابن الاكفاني - قال الخطيب: وكان صدوقا - حدثنا عبد الله ابن أحمد بن شبوية المروزي أخبرنا داود بن سليمان المروزي حدثنا عبد الله بن المبارك به. وابن شبوية ترجمه الخطيب في " تاريخه " (9 / 371) وقال ما ملخصه: " من أئمة الحديث سمع أباه وجماعة، وكان رحل معه، ولقي عدة من شيوخه، قال أبو سعد الادريسي: " كان من أفاضل الناس، ممن له الرحلة في طلب العلم "، مات سنة خمس وسبعين ومائتين ". فانحصرت العلة في داود بن سليمان، وقد عرفت اختلاف قولي الطبراني والازدي فيه، والاول أوثق عندي من الآخر، ولكن تفرده بتوثيق هذا الرجل مما لا تطمئن له النفس، مع تضعيف الازدي له، وقد أورده الذهبي في " الضعفاء "، وقال: " مجهول ". والله أعلم. والحديث عزاه السيوطي في " الجامع الكبير " (3 / 102 / 1) للخطيب وحده ! ولبعضه شاهد واه من حديث أنس بن مالك مرفوعا بلفظ: " يكون في آخر الزمان عباد جهال، وعلماء فساق ". أخرجه الآجري كما في " الكواكب الدراري " (30 / 2) (1) عن يوسف ابن عطية عن ثابت عنه. ويوسف هذا ضعيف جدا، ومن طريقه أبو نعيم في " الحلية " والحاكم في " الرقاق " من " المستدرك " وقال: " صحيح " فشنع عليه الذهبي فقال: قلت: " يوسف هالك ! " وفي " الميزان " عن البخاري: منكر الحديث. وساق له هذا الخبر. اه ورواه البيهقي في " الشعب " من هذا الوجه، ثم قال: يوسف كثير المناكر. اه ومن ثم جزم الحافظ العراقي بضف الحديث في موضع من " المغني ". (1) ولعله في " أخلاق العلماء " للآجري أو " آداب حملة القرآن له " والاول مطبوع، والآخر منه عدة نسخ مخطوطة في الظاهرية. (*)
[ 282 ]
كذا في " فيض القدير " للمناوي. ولم أعثر عليه في " الرقاق، عن " المستدرك ". والله أعلم. 2666 - (حديث " لا ضرر ولا ضرار "). 2 / 482. صحيح. وقد مضى (896) 2667 - (قال ابن عباس: " سئل النبي (صلى الله عليه وسلم) عن الشهادة، فقال: ترى الشمس ؟ قال: على مثلها فاشهد، أو دع ". رواه الخلال) 1 / 483. أخرجه العقيلي في " الضعفاء " (380) وابن عدي في " الكامل " (361 / 2) وأبو إسحاق المزكي في " الفوائد المنتخبة " (ق 110 / 1) والحاكم (4 / 98 - 99) وعنه البيهقي (10 / 156) من طرق عن محمد بن سليمان بن مسمول ثنا عبيد الله بن سلمة بن وهرام عن طاوس اليماني عن ابن عباس به. وقال العقيلي وابن عدي: " لا يعرف إلا بابن مسمول، وكان الحميدي يتكلم فيه ". وأما الحاكم، فقال: (صحيح الاسناد ! " ورده الذهبي بقوله: (قلت: واه، فعمرو بن مالك البصري قال ابن عدي: كان يسرق الحديث. وإبن مسمول ضعفه غير واحد ". وقال البيهقي عقبه: " ابن مسمول، تكلم فيه الحميدي، ولم يرو من وجه يعتمد عليه ". وأقره الحافظ في " التلخيص " (4 / 198)، وقال في ابن مسمول: (وهو ضعيف ".
[ 283 ]
باب شروط من تقبل شهادته 2668 - (حديث جابر: " أنه (صلى الله عليه وسلم) أجاز شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض ". رواه ابن ماجه من رواية مجالد، وهو ضعيف). 1 / 486. ضعيف. أخرجه ابن ماجه (2374) وكذا البيهقي (10 / 165) من طريق أبي خالد الاحمر عن مجالد عن عامر عن جابر بن عبد الله. وقال البيهقي: (هكذا رواه أبو خالد الاحمر عن مجالد، وهو مما أخطأ فيه، وإنما رواه غيره عن مجالد عن الشعبي عن شريح من قوله وحكمه غير مرفوع ". ثم أخرجه من طريق الدارقطني، وهذا في " سننه " (529) من طريق عبد الواحد قال: سمعت مجالدا يذكر عن الشعبي قال: " كان شريح يجيز شهادة كل ملة على ملتها، ولا يجيز شهادة اليهودي على النصراني، ولا النصراني على اليهودي، إلا المسلمين فإنه كان يجيز شهادتهم على الملل كلها ". 2669 - (عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا: " لا تجوز شهادة خائن، ولا خائنة، ولا ذي غمر على أخيه ". رواه أحمد وأبو داود). 2 / 487. حسن. أخرجه أحمد (2 / 204، 225 - 226) وأبو داود (3600، 3601) وكذا الدارقطني (528) والبيهقي (10 / 200) وابن عساكر في
[ 284 ]
" تاريخ دمشق " (15 / 187 / 2) من طريق سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب به وزاد بين الفقرتين: " ولا زان ولا زانية ". قلت: وإسناده حسن. وقال الحافظ في " التلخيص " (4 / 198): " وسنده قوي ". وتابعه آدم بن فائد عن عمرو بن شعيب به بلفظ الكتاب إلا أنه قال: " ولا محدود في الإسلام، ولا محدودة ". بدل: " ولا زان ولا زانية ". أخرجه الدارقطني (529) والبيهقي (10 / 155) من طريق أبي جعفر الرازي من طريق آدم بن فائد. قلت:. وآدم هذا مجهول كما قال الذهبي تبعا لابن أبي حاتم (1 / 1 / 268). وأبو جعفر الرازي سئ الحفظ. وتابعه حجاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب به مثل لفظ آدم. أخرجه ابن ماجه (2366) والبيهقي وأحمد (2 / 208). والحجاج مدلس وقد عنعنه. وتابعه المثنى بن الصباح عن عمرو به. أخرجه البيهقي وقال: " آدم بن فائد والمثنى بن الصباح " يحتج بهما ". وللحديث شاهد من رواية عائشة يأتي بعد خمسة احاديث. 2670 - (حديث أبي موسى مرفوعا: " من لعب بالنردشير فقد عصى الله ورسوله " رواه أبو داود) 2 / 488.
[ 285 ]
حسن. أخرجه مالك في " الموطأ " (2 / 958 / 6) والبخاري في " الادب المفرد له (1269، 1272) وأبو داود (4938) وابن ماجه (3762) والحاكم (1 / 50) وابن أبي الدنيا في " ذم الملاهي " (161 / 2) والآجري في " تحريم النرد " (41 / 2، 42 / 1) وابن ماجه (3762) والبيهقي (10 / 514، 215) وأحمد (4 / 394، 397، 400) من طرق عن سعيد بن أبي هند عن أبي موسى به. وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين ". ووافقه الذهبي. قلت: له علة، وهي الانقطاع بين سعيد وأبي موسى، فقد ذكر أبو زرعة وغيره أن حديثه عنه مرسل. وقال الدارقطني في " العلل ": رواه أسامة ابن زيد الليثي عن سعيد بن أبي هند عن أبي مرة مولى أم هاني عن أبي موسى. قال الدارقطني بعد أن أخرجه: هذا أشبه بالصواب. قال الحافظ في " التهذيب ": " قلت: رواه كذلك من طريق عبد الله بن المبارك عن أسامة. لكن رواه ابن وهب عن أسامة، فلم يذكر فيه أبا مرة. وهذا هو الصواب عندي. أولا: لاتفاق ابن وهب ووكيع عليه. واثنان أحفظ من واحد. ثانيا: أن عبد الله بن المبارك قد قال في إسناده: ".... عن أبي مرة مولى عقيل - فيما أعلم ". فقوله " فيما أعلم " - والظاهر أنه من أسامة، يشعر أنه لا جزم عنده بذلك. ثالثا: أنه الموافق لرواية الجماعة عن سعيد بن أبي هند، فالاخذ به أولى، بل واجب لان الجمع أحفظ من الواحد، لا سيما إذا كان مثل أسامة فإن في حفظه شيئا من الضعف، يجعل حديثه في مرتبة الحسن، إذا لم يخالف، وأما مع المخالفة، فغيره أوثق منه، لا سيما إذا كانوا جماعة. ولا سيما إذا وافقهم في إحدى الروايتين عنه.
[ 286 ]
وبالجملة فعلة هذا الاسناد الانقطاع كما تقدم عن أبي زرعة، ويؤيده أن بين وفاتي أبي موسى وسعيد بن أبي هند ستة وستين سنة ! لكن للحديث طريق أخرى، يرويها يزيد بن خصيفة عن حميد بن بشير ابن المحرر عن محمد بن كعب عن أبي موسى الاشعري أنه سمع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: " لا يقلب كعباتها أحد ينتظر ما تأتي به إلا عصى الله ورسوله ". أخرجه أحمد (4 / 407) وأبو يعلى في " مسنده " (ق 346 / 1) وابن أبي الدنيا (161 / 1) وعنه البيهقي (10 / 215). قلت: ورجاله ثقات غير حميد بن بشير هذا، أورده الحسيني في رجال المسند، وقال: " وثقة ابن حبان ". وتعقبه الحافظ بما خلاصته أنه لم يره هكذا في " ثقات ابن حبان " وإنما في الطبقة الثالثة: " حميد بن بكر ". ثم ساق إسناد الحديث من " المسند " ثم قال: " فظهر أن الذي في نسختي من " الثقات " تحريف، والصواب: بشير ". قلت: الظاهر أن نسخ " كتاب الثقات " مختلفة، فإن في نسخة الظاهرية منه " حميد بن بكر " أيضا، وكذلك هو في " اللسان ". والله أعلم. وبالجملة، فالاسناد لا بأس به في الشواهد والمتابعات. والله أعلم. وفي الباب عن بريدة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: " من لعب بالنردشير فكأنما غمس يده في لحم خنزير ودمه " أخرجه مسلم (7 / 50) والبخاري في " الادب المفرد " (1271) وأبو داود (4939) وابن ماجه (3763) والآجري وأحمد (5 / 352، 361) من
[ 287 ]
طريق سفيان عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه. وأخرج الآجري والبيهقي عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: " النرد من الميسر ". وإسناده صحيح. 2671 - (عن واثلة بن الاسقع مرفوعا: " إن لله عزوجل في كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة، ليس لصاحب الشاه منها نصيب " رواه أبو بكر). 2 / 489. موضوع. قال الحافظ السخاوي في " عمدة المحتج في حكم الشطرنج " (11 / 2): " أخرجه ابن حبان في ترجمة محمد بن الحجاج من " الضعفاء " من طريق محمد بن صالح القتاد ثنا محمد بن الحجاج - هو المصغر - ثنا حدام بن يحيى عن مكحول عن واثلة به. وزاد: قال مكحول. يعني الشطرنج. ورواه ابن الجوزي في " العلل المتناهية " من طريق الدارقطني عن إبن حبان. والمصغر قال فيه الامام أحمد: تركت حديثه. وقال يحيى: ليس بثقة. وقال مسلم والنسائي والدار قطني: متروك. وهو عند ابن أبي الدنيا وأبي بكر الاثرم (1) من هذا الوجه، والمتهم به إبن الحجاج. وأخرجه المخلص في " فوائده " قال: ثنا أبو حامد محمد بن هارون ثنا محمد بن صالح بن يزيد الضبي ثنا محمد بن الحجاج به إلا أنه قال: ثنا أبو يحيى بدل حدام، فلعلها كنيته. وجاء من وجه آخر، أخبرنيه أبو الطيب المصري بقراءتي عليه بالسند الماضي في المقدمة إلى محمد بن جعفر الحافظ حدثنا عبد الله بن محمد بن أيوب المحزمي ثنا داود بن المحبر ثنا عيدام بن يحيى عن عبيد بن شهاب عن واثلة بن الاسقع قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): لله تبارك وتعالى لوح ينظر فيه في كل يوم ثلاثا وستين نظرة، يرحم بها عباده، ليس لاهل الشاه فيها نصيب. قلت: وفي رواته من اتهم بالوضع، مع أن في بعضهم من لم أعرفه. وفي ظني أن عبدام بن يحيى هو " حدام " تصحف. والله أعلم ". (1) قلت: وهو الذي عزاه المصنف إليه في اغلب الظن، فإن ابن أبي الدنيا كنيته أبو بكر أيضا، ولم أره في " ذم الملاهي " لان في النسحة خرما. (*)
[ 288 ]
2672 - (أثر " أن عليا رضي الله عنه مر على قوم يلعبون بالشطرنج. فقال: (ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون) ؟ ! "). أخرجه الآجري في " تحريم النرد " (ق 43 / 1): ثنا عمر ثنا محمد بن إسحاق أنا عبيد الله بن موسى ثنا فضيل بن مرزوق عن ميسرة لنهدي قال: فذكره. قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات معروفون من رجال " التهذيب " غير عمر وهو ابن محمد بن بكار، ترجمه الخطيب (11 / 222 - 223) وقال: " وكان ثقة. مات سنة ثمان وثلاثمائة ". قلت: لكنه منقطع، لان ميسرة هو ابن حبيب إنما يروي عن التابعين مثل أبي إسحاق السبيعي وغيره. وأخرجه ابن أبي الدنيا في " ذم الملاهي " (162 / 2): حدثنا زياد بن أيوب قال: حدثنا شبابة بن سوار عن فضيل بن مرزوق به. ومن طريقه أخرجه البيهقي (10 / 212) والسخاوي في " عمدة المحتج " (13 / 1) وقال: " ورجاله موثقون، فزياد أخرج له البخاري في " صحيحه "، و.... وميسرة أخرج له البخاري في " الادب المفرد " ووثقه أحمد وابن معين وو... لكن لم أقف على روايته عن علي، فعلى هذا فالحديث منقطع، وقد عجبت ممن صحح إسناده، وقال الامام أحمد: أصح ما في الشطرنج قول علي ". ثم أخرجه ابن أبي الدنيا وعنه السخاوي من طريق سعد بن طريف عن الاصبغ بن نباتة عن علي به وزاد: " لان يمس أحدكم جمرا حتى يطفى خير له من أن يمسها ". وقال السخاوي: " وهذا السند ضعيف، لضعف الاصبغ، والراوي عنه ".
[ 289 ]
قلت: بل هو ضعيف جدا، فإن سعدا وشيخه كلاهما متروكان رافضيان، والاول رماه ابن حبان بالوضع. وله طريق ثالث. أخرجه السخاوي من طريق أبي إسحاق يعني السبيعي قال: فذكره. وقال: " وسنده حسن، إلا أن أبا إسحاق قيل: إنه لم يسمع من علي، مع أنه رآه ". قلت: وهب أنه سمع منه، فلا يثبت الاتصال بذلك حتى يصرح بالسماع منه لانه معروف بالتدليس، ثم هو إلى ذلك كان اختلط. وجملة القول أن هذا الاثر لا يثبت عن علي، لان خير أسانيده هذا والاول، وكلاهما منقطع، ومن المحتمل أن يعود إلى تابعي كبير، وهو مجهول. بل من المحتمل أن يعود الاول إلى الآخر، فيصير طريقا واحدا، وذلك لان ميسرة من شيوخه أبو إسحاق السبيعي كما سبقت الاشارة إلى ذلك. والله أعلم. 2673 - (روى أبو مسعود البدري مرفوعا: " إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الاولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت " رواه البخاري). 2 / 489. صحيح. أخرجه البخاري (2 / 379، 4 / 140) وكذا أبو داود (4797) وابن ماجه (4183) وأحمد (4 / 121، 122، 5 / 273) عن منصور عن ربعي بن حراش حدثنا أبو مسعود به. فصل. 2674 - (حديث أبي هريرة مرفوعا: " لا تجوز شهادة بدوي على صاحب قرية "). 2 / 490.
[ 290 ]
صحيح. أخرجه أبو داود (3602) وابن ماجه (2367) وابن الجارود (1009) والحاكم (4 / 99) وأبو محمد المخلدي في " الفوائد " (257 / 2) من طريق ابن الهاد عن محمد بن عمرو بن عطاء عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة به وقال الحافظ ابن دقيق في " الإلمام بأحاديث الاحكام ": " ورجاله إلى منتهاه رجال الصحيح ". وسكت عنه الحاكم، فقال الذهبي: " لم يصححه المؤلف، وهو حديث منكر على نظافة سنده ". وقال المناوي في " فيض القدير ": " وقال ابن عبد الهادي: فيه أحمد بن سعيد الهمداني، قال النسائي: ليس بالقوي ". قلت: أحمد هذا إنما هو في سند أبي داود، وقد توبع عند الاخرين فلا وجه لاعلال الحديث به. والحق أن الحديث صحيح الاسناد، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين. رواه مسلم بن خالد ثنا العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ: " لا تجوز شهادة ذي الظنة، ولا ذي الحنة ". أخرجه الحاكم (4 / 99) والبيهقي (10 / 201). ومسلم بن خالد هو الزنجي وفيه ضعف من قبل حفظه. لكن له شاهد مرسل، يرويه ابن أبي ذئب عن الحاكم بن مسلم عن عبد الرحمن الاعرج (الاصل: أنبأ الاعرج) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم). فذكره. أخرجه البيهقي. قلت: والحكم بن مسلم، روى عنه سعيد بن أبي بلال أيضا، وذكره
[ 291 ]
ابن حبان في " الثقات "، فلا بأس به في الشواهد، وقد خالفه محمد بن عبد الرحمن فوصله عن الاعرج أحسبه عن أبي هريرة مرفوعا. أخرجه المخلص في " الفوائد المنتقاة " (4 / 173 - 174): حدثنا أحمد (يعني ابن عبد الله بن سيف) ثنا عمر (يعني ابن شيبة) ثنا عمر بن علي: ثنا محمد بن عبد الرحمن.... وهذا إسناد رجاله ثقات غير أحمد هذا، فلم أجد له ترجمة. وعلى كل حال فهذا اللفظ بمجموع طرقه حسن عندي علما أقل المراتب، وقد صححه الحاكم ووافقه الذهبي.
[ 292 ]
باب موانع الشهادة 2675 - (عن عائشة مرفوعا: " لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة، ولا ذي غمر على أخيه، ولا ظنين في قرابة ولا ولاء " ورواه الخلال بنحوه من حديث عمر وأبي هريرة، ورواه أحمد وأبو داود بنحوه من حديث عمرو بن شعيب). 2 / 491. ضعيف. أخرجه الترمذي (2 / 48) والدار قطني (529) والبيهقي (10 / 155) من طريق يزيد بن زياد الدمشقي عن الزهري عن عروة عنها. وقال الترمذي: " لا يصح عندي من قبل إسناده ". وقال الدارقطني: " ضعيف، لا يحتج به ". وقال البيهقي: " هذا ضعيف ". وكذلك قال الحافظ في " التلخيص " (4 / 198). وقال ابن أبا حاتم في " العلل " (1 / 476): "... فسمعت أبا زرعة يقول: هذا حديث منكر. ولم يقرأ علينا " وأما حديث عمر، فلم أقف على إسناده، ولا مرفوعا، وقد ذكره مالك في " الموطأ " (2 / 720 / 4) أنه بلغه أن عمر بن الخطاب قال: " لا تجوز شهادة خصم ولا ظنين ". وهذا موقوف معضل. وأما حديث أبي هريرة وعمرو بن شعيب فتقدما.
[ 293 ]
لكن ثبت في كتاب عمر إلى أبي موسى: " والمسلمون عدول، بعضهم على بعض إلا مجلودا في حد، أو مجربا في شهادة زور أو ظنينا في ولاء أو قربة ". أخرجه البيهقي وقال: " وهذا إنما أراد به قبل ان يتوب، فقد روينا عنه انه قال لابي بكرة رحمه الله: تب تقبل شهادتك، وهذا هو المراد بما عسى يصح فيه من الاخبار " وقال قبل ذلك: " لا يصح في هذا عن النبي (صلى الله عليه وسلم) شئ يعتمد عليه ". 2676 - (" فاطمة بضعة مني يريبني ما رابها ") 2 / 491). صحيح. أخرجه البخاري (3 / 453) ومسلم (7 / 141) والترمذي (2 / 319) وابن ماجه (1998) وأحمد (4 / 328) من طريق ابن أبي مكيلة عن المسور بن مخرمة قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول وهو على المنبر: " إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب، فلا آذن، ثم لا آذن، ثم لا آذن، إلا أن يريد ابن ابي طالب أن يطلق ابنتي، وينكح ابنتهم، فإنما هي بضعة مني، يريبني ما أرابها، ويؤذيني ما آذاها ". هذا لفظ البخاري وأحمد، ولفظ الآخرين: " مارابها ". وقال الترمذي: " " حديث حسن صحيح ". وفي رواية لمسلم:
[ 294 ]
" إنما فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها ". وفي أخرى له من طريق علي بن الحسين عنه قال: " إن علي بن أبي طالب خطب بنت أبي جهل على فاطمة، فسمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو يخطب الناس في ذلك على منبره هذا، وأنا يومئذ محتلم، فقال: إن فاطمة مني، وإني أتخوف أن تفتن في دينها... ". وفي رواية من طريق أبي حنظلة رجل من أهل مكة أن عليا خطب أبنة أبي جهل... " (الحديث نحوه باختصار) أخرجه الحاكم (3 / 159)، وذكر له شاهدا من حديث عبد الله بن الزبير أن عليا الخ بلفظ رواية مسلم وزاد في آخرها: " وينصبني ما أنصبها ". وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين ". وهو كما قال. ومن هذا الوجه أخرجه احمد (4 / 5) والترمذي (4 / 319) وقال: " حسن صحيح ". 2677 - (حديث (المكاتب عبد ما بقي عليه درهم ") 2 / 491. حسن. وقد مضى (1694). 2678 - (حديث: " ولا ذي غمر على أخيه "). 2 / 492. حسن. وقد مضى برقم (2669).
[ 295 ]
باب اقسام المشهود به 2679 - (أثر " أن أبا بكرة ونافع بن الحارث وشبل بن معبد شهدوا على المغيرة بن شعبة بالزنى عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ولما لم يصرح زياد بذلك بل قال: رأيت أمرا قبيحا، فرح عمر، وحمد الله، ولم يقم الحد عليه "). صحيح. وقد ذكرت ألفاظه ومخرج برقم (2361). 2680 - (قوله صلى الله عليه وسلم لهلال بن أمية: " أربعة شهداء، وإلا حد في ظهرك... " الحديث.. رواه النسائي). 2681 - (حديث قبيصة: ".. ورجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجى من قومه: لقد أصابت فلانا فاقة ". الحديث، رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي.). 2 / 494. صحيح. وقد مضى في " الزكاة ". 2682 - (روي عن الزهري قال: " جرت السنة من عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، أن لا تقبل شهادة النساء في الحدود " قاله في الكافي) 2 / 494. ضعيف. أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " (11 / 79 / 2) نا حفص وعباد بن العوام عن حجاج عن الزهري قال: " مضت السنة من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) والخليفتين من بعده ألا تجوز شهادة النساء في الحدود ".
[ 296 ]
قلت: وهذا مع إعضاله فيه الحجاج وهو ابن أبي شيبة: نا معن بن عيسى عن ابن أبي ذئب عن الزهري قال: " لا يجلد في شئ من الحدود إلا بشهادة رجلين ". قلت: وهذا إسناد صحيح، فهذا هو الصواب أنه من قول الزهري غير مرفوع. والحديث قال الحافظ في " التلخيص " (4 / 207): " روي عن مالك عن عقيل عن الزهري بهذا وزاد: ولا في النكاح ولا في الطلاق. ولا يصح عن مالك. ورواه أبو يوسف في " كتاب الخراج " عن الحجاج عن الزهري به ". 2683 - (حديث ابن عباس " أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قضى باليمين مع الشاهد ". رواه أحمد والترمذي وابن ماجه، ولاحمد في رواية: " إنما ذلك في الاموال " ورواه أيضا عن جابر مرفوعا). صحيح. أخرجه مسلم أيضا (5 / 128) وأبو داود (3608) والنسائي في " الكبرى " (ق 7 / 2) وابن ماجه (2370) والطحاوي (2 / 280) وابن الجارود (1006) والبيهقي (10 / 167) والشافعي (1402) وأحمد (1 / 248 و 315 و 323) وابن عدي في " الكامل " (187 / 2) عن طريقين عن سيف بن سليمان أخبرني قيس بن سعد عن عمرو بن دينار عن أبن عباس به واللفظ للنسائي والطحاوي والشافعي وأحمد في رواية وكذا البيهقي ولفظ مسلم والآخرين: ".. وشاهد ". والرواية الاخرى التي عزاها المصنف لاحمد هي عنده هكذا: " قال عمرو: إنما ذاك في الاموال ". وكذلك هي عند الشافعي، فهو من قول عمرو بن دينار، وليس من قول ابن عباس، كما أوهم المصنف.
[ 297 ]
ولم يخرجه الترمذي من حديث ابن عباس، وإنما من حديث غيره كما يأتي. وتابعه محمد بن مسلم عن عمرو بن دينار بإسناده ومعناه. أخرجه أبو داود (3609) وعنه البيهقي من طريقين عن عبد الرزاق أخبرنا محمد بن مسلم. وزاد في إحداهما: " قال عمر: في الحقوق ". وتابع عبد الرزاق عبد الله بن محمد بن ربيعة نا محمد بن مسلم به إلا أنه قال: عن عمرو بن دينار عن طاوس عن أبن عباس. فأدخل بينهما طاوسا. أخرجه الدارقطني (516) وقال: " خالفه عبد الرزاق، ولم يذكر طاوسا، وكذلك قال: سيف عن قيس ابن سعد عن عمرو بن دينار عن ابن عباس ". قلت: وابن ربيعة هذا هو القدامي المصيصي قال الذهبي: " أحد الضعفاء، أتى عن مالك بمصائب ". قلت: فلا يلتفت إليه أصلا فكيف إذا خالف، لا سيما وقد خالفه أيضا أبو حذيفة، فرواه مثل عبد الرزاق. أخرجه البيهقي (10 / 168) وقال: " وخالفهما من لا يحتج بروايتهم عن محمد بن مسلم، فزادوا في إسناده طاوسا، ورواه بعضهم من وجه آخر عن عمرو فزاد في إسناده جابر بن زيد، ورواية الثقات لا تعلل برواية الضعفاء ". قلت: ومحمد بن مسلم هو الطائفي واسم جده سوسن، وهو صدوق يخطئ كما في " التقريب "، فهو في المتابعات جيد. وأما سيف بن سليمان فهو ثقة بلا خلاف. بل قال الساجي: " أجمعوا على أنه صدوق ثقة، غير أنه اتهم بالقدر ".
[ 298 ]
وفي " التقريب ": " ثقة ثبت ". قلت: ومع ذلك فقد أوهم ابن التركماني أن بعضهم لينه، فقال: " وذكر الذهبي سيفا في كتابه في الضعفاء وقال: رمي بالقدر ". قلت: نص الذهبي في " الضعفاء: " ثقة رمي بالقدر ". فتأمل كيف أسقط ابن التركماني قوله " ثقة " ليتوهم القارئ لنقله عن الذهبي أن الذهبي ضعفه بإيراده إياه في " الضعفاء " الذي الاصل فيه أن كل من بورده ضعيف إلا من نص على توثيقه كهذا ! ولم يكتف ابن التركماني بهذا الايهام فقال عقب ما سبق: " وقال في " الميزان ": ذكره ابن عدي في " الكامل " وساق له هذا الحديث، وسأل عباس يحيى عن هذا [ الحديث قال: ليس بمحفوظ، وسيف قدري ] " (1). قلت: قوله " ليس محفوظ " هو كالجرح غير المفسر فلا يقبل لا سيما، ورجال الاسناد كلهم ثقات بلا خلاف، وقد عارضه الامام مسلم بإيراده إياه في " الصحيح ". ثم إن الذهبي لم يسكت عليه بل إنه أشار إلى رده فقال: " رواه أيضا عبد الرزاق عن محمد بن مسلم الطائفي - عن عمرو ". قلت: فهذان ثقتان قيس بن سعد والطائفي - على ما بينا من حاله - قد روياه عن عمرو بن دينار، فممن الوهم ؟ !. نعم قد قال الطحاوي: (1) قلت ما بين المعكوفتين سقطت من " ابن التركماني " استدركتها من " الميزان ". (*)
[ 299 ]
" حديث منكر، لان قيس بن سعد لا نعلمه يحدث عن عمرو بن دينار بشئ " ! قلت: وهذا الاعلال ليس بشئ، لانه جار على اشتراط ثبوت اللقاء في الاتصال كما هو مذهب البخاري، والمرجوح عند الجمهور، وقد رده الامام مسلم في مقدمة " صحيحة " وأثبت أن المعاصرة كافية في ذلك إذا كان الراوي غير مدلس، والامر كذلك هنا فإن قيس بن سعد عاصر عمرو بن دينار وشاركه في الرواية عن عطاء - وثلاثتهم مكيون - بل كان قد خلف عطاء في مجلسه، يعني في المسجد الحرام، ففي مثل هذا يكاد يقطع الناظر بثبوت التلاقي بينهما، فإذا لم يثبت، فالمعاصرة متحققة، ثم هو ليس يعرف بتدليس، فما ذا يضر أن الطحاوي وغيره لا يعلم أن قيسا حدث عن عمرو، وهو قد روى عنه هذا الحديث وغيره أيضا كما في " الكامل " مادام انه غير مدلس ؟ ! وظني أن الحديث لو كان غير مخالف للمذهب الحنفي لما تشبث الطحاوي في رده بهذه العلة الواهية، ولو أوهم ابن التركماني ما أوهم مما سبق بيانه. والله المستعان. وأما ما ذكره في " الجوهر النقي " عن البخاري أنه قال: " عمرو بن دينار لم يسمع عندي هذا الحديث من ابن عباس ". فالجواب عنه، كالجواب عن إعلال الطحاوي (1). لا سيما وعمرو بن دينار ثابت لقاؤه لابن عباس ومكثر من الرواية عنه. ومن الغرائب قول الزيلعي في " نصب الراية " (4 / 97) عقب قول البخاري المذكور: " ويدل على ذلك ما أخرجه الدارقطني عن عبد الله بن محمد بن ربيعة... ". فذكر ما تقدم أنه أدخل بين عمرو وابن عباس طاوسا. ولكن الزيلعي سرعان ما تبين له أنه لا وجه لهذا الاستدلال لضعف أبن ربيعة، فتدارك الامر بما نقله عن ابن القطان قال: " ولكن هذه الرواية لا تصح من جهة عبد الله بن محمد بن ربيعة وهو (1) وراجع له " التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الاباطيل، لشيخ عبد الرحمن اليماني رحمه الله فقد كفى وشفي. (*)
[ 300 ]
القدامي يروي عن مالك وهو متروك. قاله الدارقطني ". ثم قال الزيلعي: " وقال البيهقي في " المعرفة ": قال الطحاوي: " أعلم قيس بن سعد يحدث عن عمرو بن دينار بشئ. وهذا مدخول، فإن قيسا ثقة أخرج له الشيخان في " صحيحيهما ". وقال ابن المديني: هو ثبت. وإذا كان الراوي ثقة، وروى حديثا عن شيخ يحتمله سنه ولقبه، وكان غير معروف بالتدليس وجب قبوله، وقد روى قيس بن سعد عمن هو أكبر سنا، وأقدم موتا من عمرو ابن دينار كعطاء بن أبي رباح ومجاهد بن جبر، وقد روى عن عمرو بن دينار من كان في قرن قيس، وأقدم لقيا منه كأيوب السختياني، فأنه رأى أنس بن مالك، وروى عن سعيد بن جبير، ثم روى عن عمرو بن دينار، فكيف ينكر رواية قيس بن سعد عن عمرو بن دينار ؟ ! غير أنه روى ما يخالف مذهبه، ولم يجد له مطعنا سوى ذلك ". ثم ذكر البيهقي متابعة الطائفي، وذكر له طريقا أخرى عن ابن عباس أعرضت عن ذكرها لشدة ضعفها، وعدم الحاجة إلى التقوي بها، لا سيما وللحديث شواهد قوية بعضها صحيح، وبعضها جيد، وبعضها حسن. لغيره وقد قال أبن عبد البر كما قال الزيلعي (4 / 97): " هذا حديث صحيح، لا مطعن لاحد في إسناده، ولا خلاف بين أهل العلم في صحته، وقد روي القضاء باليمين والشاهد عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة، وعمر، وابن عمر، وعلي، وابن عباس، وزيد بن ثابت وجابر بن عبد الله، وسعد بن عبادة، وعبد الله بن عمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، وعمارة بن حزم، وسرق، بأسانيد حسان ". قلت: وإليك تخريج وتحقيق الكلام على أسانيد ما تيسر منها: الاول: عن أبي هريرة، يرويه سهيل بن أبي صالح عن أبيه عنه قال: " قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم باليمين مع الشاهد الواحد ".
[ 301 ]
أخرجه الترمذي (1 / 215) وأبو داود أيضا (3610) والشافعي (1406) وابن ماجه (2368) والطحاوي (2 / 281) من طريق عبد العزيز ابن محمد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عنه. وقال الترمذي: " حديث حسن غريب ". قلت: وإسناده على شرط مسلم. ولا يضره رواية سليمان بن بلال عن ربيعة به قال سليمان: " فلقيت سهيلا فسألته عن هذا الحديث، فقال: ما أعرفه، فقلت له: إن ربيعة أخبرني به عنك، قال: فإن كان ربيعة أخبرك عني فحدث به عن ربيعة عني ". أخرجه أبو داود (3611) والطحاوي وابن الجارود (1007) دون قول سليمان. وعند الشافعي نحوه من طريق عبد العزيز قال: " قال عبد العزيز، فذكرت ذلك لسهيل، قال: أخبرني ربيعة وهو عندي ثقة أني حدثته إياه، ولا أحفظه. قال عبد العزيز: وكان أصاب سهيلا علة أذهبت بعض حفظه ونسي بعض حديثه، وكان سهيل بعد يحدثه عن ربيعة عنه عن أبيه ". وأخرجه الطحاوي من طريق يحيى بن عبد الحميد يعني الحماني قال: ثنا سليمان بن بلال والدرا وردي، فذكر بإسناده مثله. قال عبد العزيز: فلقيت سهيلا فسألته عن هذا الحديث فلم يعرفه ". كذا رواه الحماني مختصرا من قول عبد العزيز، والحماني سئ الحفظ فلا يحتج بما تفرد به، فكيف إذا خالف. وفي " العلل لابن " لابن أبي حاتم (1 / 463): " قيل لابي: يصح حديث أبي هريرة في اليمين مع الشاهد ؟ فوقف وقفة فقال: ترى الدراوردي (يعني عبد العزيز بن محمد) ما يقول ؟ يعني ؟: قلت لسهيل فلم يعرفه. قلت: فليس نسيان سهيل دافعا لما حكى عنه ربيعة،
[ 302 ]
وربيعة ثقة، والرجل يحدث بالحديث وينسى، قال: أجل هكذا هو، ولكن لم نر أنه تبعه متابع على روايته، وقد روى عن سهيل جماعة كثيرة ليس عند أحد منهم هذا الحديث، قلت: إنه يقول (كذا ولعل الصواب إنك تقول) بخبر الواحد. قال: أجل غير أني لا أدري لهذا الحديث أصلا عن أبي هريرة، أعتبر به، وهذا أصل من الاصول لم يتابع عليه ربيعة ". قلت: لقد دلتنا هذه المحاورة الطريفة بين أبي حاتم وابنه، أن أباه لا يعتبر نسيان سهيل للحديث بعد أن حدث به علة تقدح في صحة الحديث، وإنما العلة عنده تفرد ربيعة به عن سهيل من بين جميع الذين رووا عنه، ولا يخفى أن ذلك ليس بعلة قادحة، إذا كان المتفرد ثقة ضابطا كما هو مقرر في " المصطلح " لا سيما إذا كان المتفرد مثل ربيعة بن أبي عبد الرحمن الفقيه الثقة المحتج به في " الصحيحين "، وكم من أحاديث تفرد بها بعض الثقات ومع ذلك فهي صحيحة بلا خلاف مثل حديث " إنما الاعمال بالنيات " كما هو مقرر في محله، ومن أجل ذلك راجعه ابنه ولكن بدون جدوى ظاهرة. لكن يبدو أن هذه المحاورة قد أثمرت ثمرتها في نفس أبي حاتم رحمه الله فقد روى عنه ابنه أيضا أنه ذهب أخيرا إلى صحة الحديث. فقال في " العلل " أيضا (1 / 469): " سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه ربيعة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بشاهد ويمين ؟ فقالا: هو صحيح. قلت: يعني أنه يروى عن ربيعة هكذا. قلت: فإن بعضهم يقول عن سهيل عن أبيه عن زيد بن ثابت ؟ قالا: وهذا أيضا صحيح، جميعا صحيحين ". وقد وجدنا له أصلا من طريق أخرى عن أبي هريرة، يرويه المغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد عن الاعرج عنه به. ولفظه: "... قضى باليمين مع الشاهد ". أخرجه ابن عدي في " الكامل " (ق 386 / 2) والبيهقي ورويا عن الامام أحمد أنه قال:
[ 303 ]
" ليس في هذا الباب حديث أصح من هذا ". قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وفي المغيرة بن عبد الرحمن وهو الحزامي كلام يسير ولا يضر، وقد قال الذهبي في " الميزان ": (وثقوه، وحديثه مخرج في " الصحاح "). وقال الحافظ في " التقريب ": " ثقة له غرائب ". لكن قال الذهبي في آخر ترجمته: " قلت: حديث قضى. رواه ابن عجلان وغيره عن أبي الزناد عن أبي صفية عن شريح قوله ". وأجاب بعض المحققين المعاصرين بأن هذا لا يوهن رواية المغيرة، إذ لا يمتنع أن يكون الحديث عند أبي الزناد من الوجهين، وإنما كان يكثر من ذكر المروي عن شريح لان شريحا عراقي... ". الثاني: عن جابر بن عبد الله مرفوعا به مثل لفظ أبي هريرة. أخرجه الترمذي وابن ماجه (2369) وابن الجارود (1008) والبيهقي (10 / 170) وأحمد (3 / 305) من طريق عبد الوهاب الثقفي عن جعفر بن محمد عن أبيه عنه. وقال عبد الله بن أحمد: " قال أبي: وقضى به علي بالعراق ". وقال: " كان أبي قد ضرب على هذا الحديث، قال: ولم يوافق أحد الثقفي عن جابر، فلم أزل به حتى قرأه علي، وكتب عليه هو: صح ". قلت: قد أخرجه مالك (2 / 721 / 5) وعنه الشافعي (1407) عن جعفر بن محمد عن أبيه مرسلا. وتابعه عليه جماعة من الثقات عند الترمذي والطحاوي والبيهقي وقال:
[ 304 ]
" هكذا رواه جماعة عن جعفر بن محمد مرسلا. ورواه عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي وهو من الثقات عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم موصولا ". قال: " وروي عن حميد بن الاسود وعبد الله العمري وهشام بن سعد وغيرهم عن جعفر بن محمد كذلك موصولا ". قلت: العمري ضعيف وهشام قريب منه وكذا ابن الاسود، فلا يعارض بمثلهم رواية مالك ومن معه من الثقات الذين أرسلوه. ولذلك قال الترمذي عقبه: " وهذا أصح، وهكذا روى سفيان الثوري عن جعفر بن محمد عن أبيه أن النبي... مرسل ". ومن الغير الذين أشار إليهم البيهقي ممن وصلوا الحديث عن جعفر بن محمد إبراهيم بن أبي حية عنده، وهو متروك. وقد كان رأي الامام أحمد ترجيح المرسل، ثم لا أدري ما الذي بدا له حتى صحح الموصول كما تقدم عن ابنه. والله أعلم. وعلى كل حال فهذا المرسل صحيح الاسناد، فمثله حجة بالاتفاق أما الحنفية فظاهر، أما الآخرون فلشواهده المرفوعة المتقدمة من حديث ابن عباس وأبي هريرة. ثم أستدركت فقلت: لعل عبد الله بن أحمد حين ذاكر أباه في هذا الحديث ذكره بمتابعة بعض الثقات لعبد الوهاب الثقفي، فوافقه على ذلك، وصحح الوصل. ويؤيد هذا ما قال الدارقطني في " كتاب العلل " كما في " نصب الراية " (4 / 100): " وكان جعفر بن محمد ربما أرسل هذا الحديث، وربما وصله عن جابر، لان جماعة من، الثقات حفظوه عن أبيه عن جابر، والقول قولهم، لانهم زادوا، وهم ثقات، وزيادة الثقة مقبولة ".
[ 305 ]
قلت: فإن كان يعني ب " الثقات " الذين أشار إليهم غير حميد بن الاسود وهشام بن سعد، ممن لا خلاف في ثقتهم، فالقول ما قال، وإلا فالمرسل هو الاصح كما تقدمه والله أعلم. الثالث: عن سرق: " أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة الرجل ويمين الطالب ". أخرجه ابن ماجه (2371) والبيهقي (10 / 172 - 173) عن عبد الله ابن يزيد مولى المنبعث عن رجل من أهل مصر عنه. قلت: ورجاله ثقات غير هذا الرجل فإنه لم يسم. الرابع: عن سعد بن عبادة. قال ربيعة بن أبي عبد الرحمن وأخبرني ابن لسعد بن عبادة قال: وجدنا في كتاب سعد... فذكره. أخرجه الترمذي (1 / 251) والدار قطني (516) والبيهقي (10 / 171) من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن ربيعة به. وخالفه سليمان بن بلال فقال: عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن اسماعيل بن عمرو بن قيس بن سعد بن عبادة عن أبيه أنهم وجدوا في كتب أو في كتاب سعد بن عبادة... ". أخرجه أحمد (5 / 285) والبيهقي (10 / 171). قال الحافظ ابن حجر في " التعجيل ": " فظهر من رواية سليمان هذه أن المبهم في رواية الدراوردى ابن جد سعد، وهو عمرو بن قيس، وهي فائدة جليلة، لكني لم أر في كتب الانساب لقيس بن سعد بن عبادة، ذكر ولد اسمه عمرو، ولا لولد، ابن اسمه إسماعيل، وإنما أعرف عمرو بن شرحبيل بن سعد، وهو من رجال (التهذيب) ". قلت: أخرجه من طريقه الشافعي فقال (1404): أخبرنا عبد العزيز
[ 306 ]
ابن محمد بن أبي عبيدة الدراوردي عن ربيعة بن عبد الرحمن عن سعيد بن عمرو ابن شرحبيل بن سعيد بن سعد بن عبادة عن أبيه عن جده قال: " وجدنا... ". وتابعه عمارة بن غزية عن سعيد بن عمرو بن شرحبيل بن سعد بن عبادة: " أنه وجد كتابا في كتب آبائه: هذا ما رفع أو ذكر عمرو بن حزم والمغيرة ابن شعبة قالا: " بينا نحن عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) دخل رجلان يختصمان مع أحدهما شاهد له على حقه، فجعل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يمين صاحب الحق مع شاهده، فاقتطع بذلك حقه ". أخرجه البيهقى (10 / 171) من طريق ابن لهيعة ونافع بن يزيد عن عمارة. قلت: ورجاله ثقات لكنه منقطع. 2684 - (عن حذيفة: " أن النبي، (صلى الله عليه وسلم)، أجاز شهادة القابلة وحدها " ذكره الفقهاء في كتبهم.) 2 / 496. ضعيف. أخرجه الدارقطني (524) والبيهقي (10 / 151) عن طريق محمد بن عبد الملك الواسطي عن الاعمش عن أبي وائل عن حذيفة به دون قوله: " وحدها ". وقالا: " محمد بن عبد الملك لم يسمعه من الاعمش بينهما رجل مجهول ". ثم أخرجه الدارقطني وعنه البيهقي من طريق الواسطي عن أبي عبد الرحمن المدائني عن الاعمش. فذكره بنحوه.
[ 307 ]
باب اليمين في الدعاوى 2685 - (" البينة على المدعي، واليمين على من أنكر " هذه قطعة من حديث خرجه النووي عن ابن عباس) 2 / 501. صحيح. وقد مضى تخريجه برقم (2641)، وأن بعض أسانيده صحيح وقد حسنه النووي في " الاربعين " له. 2686 - (" لو يعطى الناس بدعواهم لادعى قوم دماء رجال وأموالهم ") 1 / 502. صحيح. وقد خرجته تحت الحديث (2641). 2687 - (حديث ابن عباس: " أن النبي، (صلى الله عليه وسلم)، استحلف رجلا، فقال: قل: والله الذي لا إله إلا هو ماله عندي شئ ". رواه أبو داود) 2 / 502. ضعيف. أخرجه أبو داود (3620) وعنه البيهقي (10 / 180) عن طريق أبي الاحوص ثنا عطاء بن السائب عن أبي يحيى عن ابن عباس: " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: يعنى لرجل حلفه: أحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما له عندك شئ " يعني للمدعي ". وقال أبو داود: " أبو يحيى أسمه زياد كوفي ثقة ". وقد تابعه حماد أخبرنا عطاء بن السائب به بلفظ: " أن رجلين اختصما إلى النبي (صلى الله عليه وسلم)، فسأل النبي (صلى الله عليه وسلم) الطالب البينة فلم تكن
[ 308 ]
له بينة، فأستحلف المطلوب، فحلف بالله الذي لا إله إلا هو، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): بلى قد فعلت، ولكن قد غفر لك بإخلاص قول لا إله إلا الله ". قلت: وعطاء بن السائب كان اختلط، وحماد هو ابن سلمة وكان سمع منه قبل الاختلاط وبعد الاختلاط. 2688 - (حديث النسائي عن القاسم بن عبد الرحمن عن النبي (صلى الله عليه وسلم): " لا تضطروا الناس في أيمانهم أن يحلفوا على ما لا يعلمون " 2 / 502. ضعيف. أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " عن القاسم بن عبد الرحمن مرسلا. كما في الجامع الكبير " للسيوطي (2 / 348 / 2). وقوله في " الكتاب " النسائي ". خطأ من الناسخ، أو الطابع فيراجع الاصل، ويدل على ما ذكرت السياق في الكتاب فإنه قال: "... نص عليه أحمد، وذكر حديث النسائي... ". فكيف يعقل أن يذكر الامام أحمد المتوفى سنة (241) حديث النسائي المتوفي سنة (303) ؟ !. والذي يغلب على الظن أن لفظ " النسائي " محرف، وليس بعيدا أن يكون أصله " الشيباني " وهو أبو إسحاق فإنه من الرواة عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود المسعودي أبو عبد الرحمن الكوفي القاضى، وهو تابعي ثقة. والله أعلم. ثم تأكدت مما استقريته، فقد رجعت إلى " معجم الحديث " الذي كنت جمعته من مخطوطات المكتبة الظاهرية، وهو في نحو أربعين مجلدا، في كل مجلد نحو أربعمائة ورقة، وفي كل ورقة حديث واحد تذكر تحته مصادر الحديث من تلك المخطوطات، فوجدت فيه أن الحديث رواه المخلص في " الثاني من السادس " من " الفوائد المنتقاة " (ق 188 / 2) وابن شاهين في " الافراد " (3 / 1) عن عبد الجبار بن العلاء ثنا سفيان بن عيينة عن مسعر عن أبي إسحاق
[ 309 ]
الشيباني عن القاسم بن عبد الرحمن عن عبد الله بن مسعود مرفوعا به. وقال ابن شاهين: " هذا حديث غريب، تفرد به عبد الجبار، وفي إسناده إرسال ". قلت: يعني بين القاسم وجده عبد الله بن مسعود، فإن في سماء منه اختلاف، والراجح عندي أنه سمع منه كما حققته في " الأحاديث " رقم (199). فإن كان في الاسناد علة فهي تفرد عبد الجبار بروايته مسندا. وقد علمت أن عبد الرزاق رواه مرسلا لم يذكر في إسناده ابن مسعود، وهو أعلى طبقة من عبد الجبار، بل هو من طبقة ابن عيينة، وعبد الجبار ثقة بلا خلاف احتج به مسلم، فإن لم يخالف مخالفة فادحة فالسند عندي صحيح متصل. والله أعلم. 2689 - (وفي حديث الحضرمي: " ولكن أحلفه: والله ما يعلم أنها أرضى اغتصبنيها أبوه ". رواه أبو داود) 2 / 502. ضعيف. بهذه الزيادة. والحديث أخرجه الشيخان وغيرهما عن الاشعث بن قيس الكندي، لكن ليس فيه هذا الذي ذكره المصنف، وقد سقت لفظه فيما تقدم (2705)، وإنما أخرج هذه الزيادة أبو داود من طريق أخرى عن الاشعث فيها كردوس وهو مجهول الحال كما سبق هناك. فصل. 2690 - (" استحلف النبي (صلى الله عليه وسلم) ركانة بن عبد يزيد في الطلاق: والله ما أردت إلا واحدة ؟ فقال: والله ما أردت إلا واحدة "..) 2 / 503. ضعيف. وقد مضى تخريجه في " الطلاق " (2123). 2691 - (قال عثمان لابن عمر: تحلف بالله لقد بعته وما به داء تعلمه ").
[ 310 ]
مضى (2640) 2692 - (" فلك يمينه فقال: إنه رجل فاجر لا يبالي على ما حلف عليه، قال: ليس لك إلا ذلك "). 503 2. صحيح. وقد مضى برقم (2632). 2693 - (قال الاسثعث بن قيس: " كان بيني وبين رجل من اليهود أرض فجحدني، فقدمته إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال لي: هل لك بينة ؟ قلت: " لا قال لليهودي: احلف ثلاثا، قلت: إذا يحلف فيذهب بمالي. فأنزل الله تعالى: (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا...) إلى آخر الآية " رواه أبو داود). 2 / 504. صحيح. وقد أخرجه الشيخان أيضا كما تقدم برقم (2638). 2694 - (أثر " أن عمر حلف في حكومته لابي في النخل في مجلس زيد "). مضى 2616. 2695 - (حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) - يعني لليهود -: " نشدتكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى: ما تجدون في التوراة على من زنى ؟ " رواه أبو داود). 2 / 504. صحيح. أخرجه أبو داود (3624 و 4450) عن طريق الزهري ثنا رجل من مزينة ونحن عند سعيد بن المسيب عن أبي هريرة. وهذا سند مجهول لجهالة الرجل المزني. لكن الحديث له شاهد من حديث البراء بن عازب قال: " مر على النبي (صلى الله عليه وسلم) بيهودي محمما مجلودا، فدعاهم (صلى الله عليه وسلم)، فقال: هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم ؟ قالوا: نعم، فدعا رجلا من علمائهم، فقال:
[ 311 ]
أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم ؟ قال: لا ولولا أنك نشدتني بهذا لم أخبرك، نجده الرجم، ولكنه كثر في أشرافنا فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه، وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد، قلنا تعالوا فلنجتمع على شئ نقيمه على الشريف والوضيع، فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه، فأمر به فرجم، فأنزل الله عزوجل (يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر) إلى قوله (إن أوتينم هذا فخذوه) يقول: أئتوا محمدا (صلى الله عليه وسلم) فأن أمركم بالتحميم والجلد فخذوه، وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا، فأنزل الله (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)، (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون)، (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون) في الكفار كلها ". أخرجه مسلم (5 / 122 - 123) وأبو داود (4448). 2696 - (في سنن ابن ماجه مرفوعا: " هي (يعني صخرة القدس من الجنة ") 2 / 505. أخرجه ابن ماجه (3456) وكذا أحمد (5 / 31) وأبو نعيم (9 / 50) من طريق عبد الرحمن بن مهدي ثنا المشمعل بن إياس المزني حدثني عمرو بن سليم قال: سمعت رافع بن عمرو المزني قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: " العجوة والصخرة من الجنة ". زاد ابن ماجه: " قال عبد الرحمن: حفظت الصخرة من فيه ". قال البوصيري في " الزوائد " 209 / 2): " هذا اسناد صحيح رجاله ثقات... ". قلت: ورجاله ثقات رجال الشيخين غير المشمعل بن أياس، وهو ثقة بلا
[ 312 ]
خلاف أعلمه، ولكنه قد اضطرب في متنه، فقال ابن مهدي عنه. " الصخرة ". كما رأيت. وقال يحيى بن سعيد ثنا المشمعل به بلفظ: " والشجرة ". مكان " الصخرة ". أخرجه أحمد والحاكم (4 / 406) وقال: " صحيح الاسناد على شرط مسلم ". كذا قال ! وسكت عنه الذهبي والمشمعل لم يخرج له مسلم. وقال عبد الصمد وهو أبن عبد الوارث ثنا المشمعل به إلا أنه قال: " العجوة والصخرة، أو قال: العجوة والشجرة في الجنة، شك المشمعل " أخرجه أحمد. قلت: وكل هؤلاء الرواة عن المشمعل ثقات حفاظ، وقد اختلفوا عليه في هذه اللفظة، وذلك يدل على أنه لم يكن قد حفظها، فكان يضطرب فيها فتارة يقول " الصخرة " وتارة " الشجرة " وتارة يتردد بينهما ويشك. والاضطراب دليل ضعف الحديث كما هو مقرر في المصطلح. والله أعلم. على أنه ليس في الحديث بأن الصخرة هي صخرة بيت المقدس، فلا يصح استدلال المصنف به على فضيلة صخرة المقدس وتغليظ اليمين عندها. وأما حديث " الصخرة صخرة بيت المقدس على نخلة، والنخلة على نهر من أنهار الجنة... ". فهو كذب ظاهر كما قال الحافظ الذهبي، وهو مخرج في كتابي " سلسلة الاحاديث الضعيفة " 1252.
[ 313 ]
2697 - روى مالك والشافعي وأحمد: (عن جابر مرفوعا: " من حلف عل منبري هذا يمينا آثمة فليتبوأ مقعده من النار ") 2 / 505. صحيح. أخرجه مالك (2 / 727 / 10) وعنه الشافعي (1215) وكذا أحمد (3 / 344) والحاكم أيضا (4 / 296 - 297) والبيهقي (10 / 176) كلهم عن مالك عن هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص عن عبد الله بن نسطاس عنه. وتابعه جماعة عن هاشم به. أخرجه أبو داود (3246) وابن ماجه (2325) وابن حبان (1192) والحاكم أيضا والبيهقي من طرق عن هاشم به وزاد: " ولو على سواك أخضر ". وقال الحاكم: " صحيح الاسناد ". ووافقه الذهبي. قلت: وفيه نظر، فإن عبد الله بن نسطاس قال الذهبي في " الميزان ": " لا يعرف، تفرد عنه هاشم بن هاشم ". وللحديث طريق أخرى عند أحمد (3 / 375) منه طريق محمد بن عكرمة ابن علية: حدثني رجل من جهينة - ونحن مع أبي سلمة بن عبد الرحمن بن جابر - عن أبيه جابر بن عبد الله به نحوه. وهذا إسناد مجهول. لكن للحديث شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ: " لا يحلف عند هذا المنبر عبد ولا أمة على يمين آثمة، ولو على سواك رطب، إلا وجبت له النار ". أخرجه ابن ماجه (2326) والحاكم وأحمد (2 / 329 و 518) من طريق الحسن بن يزيد بن فروخ الضمري المدني قال: سمعت أبا سلمة يقول: أشهد سمعت أبا هريرة يقول: إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: فذكره وقال الحاكم: " صحيح على شرط الشيخين، فإن الحسن بن يزيد هذا هو أبو يونس
[ 314 ]
القوي العابد ". ووافقه الذهبي فقال: " صحيح ". قلت: وهذا هو الصواب أنه صحيح فقط، فأن أبا يونس هذا لم يخرج له من الستة سوى ابن ماجه، فليس على شرط الشيخين ! فالحديث بهذا الشاهد صحيح. 2698 - (حديث ابن عمر مرفوعا: " ومن حلف له بالله فليرض " رواه ابن ماجه.) 2 / 505. أخرجه أبن ماجه (2101): حدثنا محمد بن إسماعيل بن سمرة ثنا أسباط بن محمد عن محمد بن عجلان عن نافع عن ابن عمر قال: " سمع النبي (صلى الله عليه وسلم) رجلا يحلف بأبيه فقال: لا تحلفوا بآبائكم، من حلف بالله فليصدق، ومن حلف له بالله فليرض، ومن لم يرض بالله فليس من الله " قلت: وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات كما قال البوصيري في " الزوائد " (ق 130 / 2).
[ 315 ]
كتاب الاقرار 2699 - ((قوله (صلى الله عليه وسلم): " وأغد يا أنيس إلى امرأة هذا: فإن اعترفت فارجمها ") 2 / 505. صحيح. وقد مضى. 2700 - (حديث: " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) رجم ماعزا والغا مدية والجهنية بإقرارهم ") 2 / 505. صحيح. وقد مضى. 2701 - (" رفع القلم عن ثلاثة "). 2 / 506. صحيح. وسبق برقم (297) 2702 - (" عفي لامتي عن الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه " رواه سعيد) 20 / 506.
[ 316 ]
باب ما يحصل به الاقرار وما يغيره 2703 - (حديث عمرو بن عبسة ".. فدخلت عليه، فقلت: يا رسول الله: أتعرفني ؟ فقال: نعم أنت الذي لقيتني بمكة، فقال: فقلت: بلى ") 20 / 509. حسن. أخرجه مسلم (2 / 208 - 210) والبيهقي (2 / 454 - 455) وأحمد (4 / 112 - 113) من طريق عكرمة بن عمار حدثنا شداد بن عبد الله أبو عمار ويحيى بن أبي كثير عن أبي أمامة - قال عكرمة: ولقي شداد أبا أمامة وواثلة، وصحب أنسا إلى الشام، وأثنى عليه فضلا وخيرا - عن أبي أمامة قال: قال عمرو بن عبسة السلمي: " كنت وأنا في الجاهلية أظن أن الناس على ضلالة، وأنهم ليسوا على شئ، وهم يعبدون الاوثان، فسمعت برجل بمكة يخبر أخبارا، فصعدت على راحلتي، فقدمت عليه، فإذا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مستخفيا، جرءاء عليه قومه، فتلطفت حتى دخلت عليه بمكة، فقلت له: ما أنت ؟ قال: أنا نبي، فقلت: وما نبي ؟ قال: أرسلني الله، فقلت: وبأي شئ أرسلك ؟ قال: أرسلني بصلة الارحام، وكسر الاوثان، وأن يوحد الله لا يشرك به شئ، قلت له: فمن معك على هذا ؟ قال: حر وعبد (قال: ومعه يومئذ أبو بكر وبلال ممن آمن به) فقلت: إني متبعك، قال: إنك لا تستطيع ذلك يومك هذا، ألا ترى حالي وحال الناس ؟ ولكن ارجع إلى أهلك، فإذا سمعت بي قد ظهرت فأتني، قال: فذهبت إلى أهلي، وقدم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المدينة، وكنت في أهلي، فجعلت أتخبر الاخبار، وأسأل الناس حين قدم المدينة، حتى قدم علي نفر من أهل يثرب من أهل المدينة، فقلت: ما فعل هذا الرجل الذي قدم المدينة ؟
[ 317 ]
فقالوا: الناس إليه سراع، وقد أراد قومه قتله، فلم يستطيعوا ذلك، فقدمت المدينة، فدخلت عليه، فقلت: يا رسول الله أتعرفني ؟ قال: نعم أنت الذي لقيتني بمكة، قال: فقلت: بلى. فقلت: يا نبي الله أخبرني عما علمك الله وأجهله، أخبرني عن الصلاة، قال: صل صلاة الصبح، ثم أقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس حتى ترتفع فإنها تطلع حين تطلع بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار، ثم صل فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى يستقل الظل بالرمح، ثم أقصر عن الصلاة فإن حينئذ تسجر جهنم، فإذا أقبل الفئ فصل، فإن الصلاة، مشهودة محضورة حتى تصلى العصر، ثم أقصر عن الصلاة حتى تغرب الشمس فإنها تغرب بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار. قال: فقلت: يا نبي الله فالوضؤ ؟ حدثني عنه، قال: ما منكم رجل يقرب وضؤه فيتمضمض ويستنشق فيستنثر إلا خرت خطايا وجهه وفيه وخياشيمه، ثم إذا غسل وجهه كما أمره الله إلا خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء، ثم يغسل يديه إلى المرفقين إلا خرت خطايا يديه من أنامله مع الماء ثم يمسح رأسه إلا خرت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء، ثم يغسل قدمه إلى الكعبين إلا خرت خطايا رجليه من أنامله مع الماء، فإن هو قام فصلى، فحمد الله وأثنى عليه ومجده بالذي هو له أهل، وفرغ قلبه لله إلا انصرف من خطيئته لهيئته يوم ولدته أمه. فحدث عمرو بن عبسة بهذا الحديث أبا أمامة صاحب رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فقال له أبو أمامة: يا عمرو بن عبسة انظر ما تقول ؟ في مقام واحد يعطى هذا الرجل ؟ فقال: عمرو: يا أبا أمامة لقد كبرت سني ورق عظمي واقترب أجلي، وما بي حاجة أن أكذب على الله ولا على رسول الله، لو لم أسمعه من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلا مرة أو مرتين أو ثلاثا - حتى عد سبع مرات - ما حدثت به أبدا ولكني سمعته أكثر من ذلك ". قلت: وهذا الاسناد مع كونه في " الصحيح " فهو متكلم فيه، من أجل عكرمة بن عمار، فقد تكلم فيه بعض الائمة من قبل حفظه، وتجد ذكك في " الميزان " للذهبي. وأورده في " الضعفاء " فقال: " وثقه ابن معين وضعفه أحمد ".
[ 318 ]
ولخص الحافظ أقوال الائمة فيه على عادته في " التقريب " فقال: " صدوق يغلط، وفي روايته عن يحيى بن أبي كثير اضطراب، ولم يكن له كتاب ". قلت: وهذا الحديث من روايته عن يحيى، لكن قد قرن معه شداد بن عبد الله أبا عمار، فالقلب يميل إلى تحسين حديثه هذا، لا سيما ولاكثره طرق أخرى عن عمرو بن عبسة في " المسند "، لكن ليس فيها هذا القدر الذي ذكره المصنف. والله أعلم. 2704 - (" لان عليا، رضى الله عنه، أسلم وهو ابن ثمان سنين "). 2 / 251. وتقدم. 2705 - (" وقد صح عنه، (صلى الله عليه وسلم)، أنه عرض الاسلام على ابن صياد صغيرا " متفق عليه). 2 / 521. صحيح. أخرجه البخاري (2 / 340 و 3 / 261 و 4 / 153) ومسلم (8 / 192) وأبو داود (4329) والترمذي (2 / 40) وأحمد (2 / / 148 و 148 - 149) من طريق الزهري قال: أخبرني سالم بن عبد الله أن أبن عمر أخبره. " أن عمر أنطلق مع النبي (صلى الله عليه وسلم) في رهط وقيل ابن صياد حتى وجدوه يلعب مع الصبيان عند أطم بني فعالة، وقد قارب ابن صياد الحلم، فلم يشعر حتى ضرب النبي (صلى الله عليه وسلم) ظهره بيده، ثم قال لابن صياد: أتشهد أني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال ؟ للنبي (صلى الله عليه وسلم): أتشهد أني رسول الله ؟ فرفضه، وقال: آمنت بالله، وبرسله، فقال له: ماذا تر ؟ قال: ابن صياد: يأتيني صادق وكاذب. فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): خلط عليك الامر، ثم قال له النبي (صلى الله عليه وسلم): إني قد خبأت لك خبيئا، فقال ابن صياد: هو الدخ، فقال: إخسا، فلن تعدو قدرك، فقال عمر: دعني أضرب عنقه، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): إن يكنه فلا تسلط عليه، وإن لم يكنه، فلا خير لك في في قتله ". وقال
[ 319 ]
سالم: سمعت ابن عمر يقول. وله شاهد من حديث عبد الله (وهو ابن مسعود) قال. " كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فمررنا بصبيان فيهم ابن صياد، ففر الصبيان وجلس ابن صياد، فكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كره فلك، فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم): تريت يداك أتشهد أني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ؟ فقال: لا، بل تشهد أني رسول الله، (صلى الله عليه وسلم) فقال عمر بن الخطاب: ذرني يا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى أقتله، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): إن يكن الذي ترى فلن تستطيع قتله ". أخرجه مسلم (8 / 189) والسياق له وأحمد (1 / 380 و 457) وله شاهد آخر من حديث أبي سعيد الخدري نحوه. أخرجه مسلم والترمذي من طريق الجريري عن أبي نضرة عنه. وقال: " حديث حسن ". وأخرجه أحمد (3 / 82) من طريق أبي سعيد الخدري. 2706 - (في الصحيح: " أن النبي (صلى الله عليه وسلم)، عرض الاسلام على أبي طالب، وهو في النزع "). 2 / 521. صحيح. أخرجه البخاري (1 / 341 - 342 و 3 / 255) ومسلم (1 / 40) والنسائي (1 / 286)) وأحمد (5 / 433) وابن مسعد (1 / 77) من طريق سعيد بن المسيب عن أبيه قال: (لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فوجد عنده أبا جهل وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): يا عم قل لا إله إلا الله أشهد لك بها عند الله، فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ فلم يزل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يعرضها عليه ويعيد له تلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر آخر ما كلمهم: هو على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول: لا إله إلا الله، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): أما والله لاستغفرن لك ما لم أنه عنك، فأنزل الله عزوجل (ما كان للنبى والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين، ولو كانوا أولي قربي من بعدما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم). وأنزل الله تعالى
[ 320 ]
في أبي طالب فقال لرسول الله (صلى الله عليه وسلم).: (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء، وهو أعلم بالمهتدين). 2707 - (عن ابن مسعود: " أن النبي، (صلى الله عليه وسلم)، دخل الكنيسة، فإذا هو بيهود، وإذا يهودي يقرأ عليهم التوراة، فلما أتوا على صفة النبي، (صلى الله عليه وسلم)، أمسكوا، وفي ناحيتها رجل مريض، فقال النبي، (صلى الله عليه وسلم): مالكم أمسكتم ؟ فقال المريض: إنهم أتوا على صفة نبي فأمسكوا، ثم جاءه المريض يحبو، حتى أخذ التوراة فقرأ حتى أتى على صفة النبي، (صلى الله عليه وسلم)، وأمته فقال: هذه صفتك وصفة أمتك أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) لاصحابه: لوا أخاكم " رواه أحمد). 2 / 522. ضعيف. أخرجه أحمد في " المسند " (1 / 416) من طريق حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن أبى عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه ابن مسعود. قلت: وهذا إسناد ضعيف، وله علتان: الاولى: الانقطاع، فإن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه. والاخرى: اختلاط عطاء بن السائب، وبه أعله الهيثمى في " المجمع " فقال: " رواه أحمد والطبراني، وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط ". وتعقبه الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه على " المسند " (6 / 23) فقال: " فترك علته الانقطاع، وأعله بما لا يصلح، لان حماد بن سلمة سمع من عطاء قبل اختلاطه على الراجح ". وأقول: بل هو إعلال بما يصلح، فإن الراجح أن حمادا سمع من عطاء
[ 321 ]
قبل الاختلاط، وبعده، كما حققه الحافظ بن حجر في " تهذيب التهذيب "، نقلا عن بعض الائمة. وبهذا ينتهى تخريج " منار السبيل " الذي أسميته: " إرواء الغليل، في تخريج أحاديث منار السبيل "، وكان ذلك نهار الاحد، في السابع والعشرين من رمضان المبارك سنة ست وثمانين وثلاثمائة وألف. من هجرة نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.. و " سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك ".. دمشق - محمد ناصر الدين الالباني
[ 322 ]
خاتمة. إرواء الغلى في تخرج أحاديث منار السبيل الحمد لله الذي بنعمته تمت الصالحات، والصلاة والسلام على محمد الهادي لاقوم طريق، والخاتم لرسالات رب العالمين، وعلى آله وصحبه، وسلم تسليما كثيرا. أما بعد، فيطيب لي وقد يسر الله لنا طبع " إرواء الغليل "، أن أذكر في هذه الكلمات بعض الامور التي لا بد منها: - ذكر أستاذنا في مقدمته، أن أحاديث الكتاب هي ثلاثة آلاف حديث، أو زادت، جلها مرفوع للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، بينما يرى أن الكتاب يحمل رقم 2707، وسبب ذلك أننا قمنا بنسخ الاحاديث من الاصل على أوراق، وسلمت للاستاذ المؤلف، حيث كتب التخريج فيها، ثم جمعت دفاتر مع التخريج، بلغ عدوها خمسة وخمسين دفترا، ولما طال الزمن في التخريج وانتظار الطبع، وقيام الاستاذ بالزيادات (1) التي يجد فيها فائدة للحديث، وهي زيادات كثيرة جدا، كانت تستغرق بضع صفحات احيانا، فتداخلت الارقام وحدثت الزيادة ؟ وبعد انتهاء الطبع ظهر التفاوت ؟ وقد استدركنا كثيرا من الاحالات. كذلك، فإن ما يذكره استاذنا (ق:... /...)، يعني به ان
[ 323 ]
الكتاب مخطوط، والرقم الثاني هو للورقة، والرقم الثالث هو لوجهها الاول أو الثاني. وقد لا يذكر (ق)، غير أن وجود أرقام يحجز بينها بإشارة (ر)، دليل عل أن الكتاب مخطوط. وكثيرا ما نلاحظ أن مؤلف (منار السبيل "، قد دمج حديثين أو أكثر في سياق واحد، فكان لهذا رقم واحد. ولما قام مؤلف (إرواء الغليل "، بالتخريج، لم يعط للاحاديث التي دمجت في الحديث أرقاما جديدة، ولو فعل، لزادت الاعداد. كما أنه عند تكرار الحديث في اكثر من باب، ابقى الرقم وأحال في التخريج على المكان الاول، ولو الغي الرقم أو أعطي نفس الرقم لتغير ترتيب الكتاب، لتعذر الوصول إليه لكثرة ما يجري من تحوير بسيط في ألفاظ الحديث. ولذلك عزمت على وضع الفهرس الذي أشرت إليه في مقدمتي، فارجو أن ولذلك عزمت على وضع الفهرس الذي أشرت إليه في مقدمتي، فارجو أن يقدر الله الوقت لذلك. ولا بد من الاشارة إلى أن العدو هو للاحاديث الموجودة في كتاب " منار السبيل "، وأما الاحاديث التي استشهد فيها استاذنا في " إرواء الغليل "، وتكلم عليها، مع كلامه على طريق كل حديث من أحاديث (منار السبيل "، يجعل احاديث الكتاب اكثر من هذا بكثير جدا. - جرى إصلاح الاصول في ظروف صعبة جدا، فالكتاب صف في بيروت، وتعذر على المؤلف مراجعة التجارب، التي كانت ترسل لدمشق، فضلا عن التي صححت في بيروت ولم يتيسر إرسالها، ثم كانت الظروف الصعبة الجديدة، فحالت بيني وبين متابعة كل مراحل العمل، وهذا ولا شك، قد أدى إلى أن توجد أخطاء جديدة، نامل أن لا تكون كثيرة، ونرجو استدراكها في طبعة ثانية قريبة، إن شاء الله. ولا يخفى أننا ما كنا لنستطيع إخراج هذا الكتاب الكبير الصعب خلال هذه المدة السريعة، لولا التقدم الذي يسره الله لنا في طريقة صف الحروف،
[ 324 ]
والطباعة بعد ذلك، ولولا العدد الكبير من الاخوان المصححين المساعدين في المكتب الاسلامي بدمشق وبيروت، أحسن الله مثوبة الجميع. وأخيرا، فالله أرجو أن يطيل بعمر الشيخ محمد ناصر الدين الالباني، وأن يسدد خطاه، وأن يكون لنا عونا على القيام بما انتدبنا أنفسنا إليه. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. زهير تم والحمد لله الجزء الثامن من كتاب " إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل ".