الــصــحـيـــح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) ج11
العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي
المركز الإسلامي للدراسات

بسم الله الرحمن الرحيم
الفصل السابع:
معنويات الجيشين، والرعب والخوف أيام الحصار
الحالة المعنوية لجيش الأحزاب:
لقد حاصر المشركون المسلمين في المدينة مدة طويلة، سنتحدث عنها في الفصل التالي. ولا شك في أن جيش الشرك كان مطمئناً إلى أنه سوف يحقق في مسيره ذاك لحرب المسلمين نتائج طيبة ومثيرة وربما حاسمة، وذلك استناداً إلى ذلك الحشد الهائل الذي استطاع أن يوفره، والذي لم يسبق له مثيل.
ثم فوجئ بالخطة الدفاعية التي اعتمدها المسلمون في المواجهة، ولكنه لم يفقد الأمل، وحرص على متابعة الإعداد والاستعداد، بحمله بني قريظة على نقض العهد، وذلك على أمل أن يجد الوسيلة لتجاوز عقدة الخندق، للتوصل إلى المواجهة الحاسمة التي كان يأمل.
فكان من الطبيعي: أن نجد جيش الأحزاب يتظاهر بالأنفة والشموخ والعنجهية، والاستعلاء والفرح.
قال ابن شهرآشوب: "كان الكفار على الخمر، والغناء، والمدد، والشوكة"([1]).
وكيف لا يكونون كذلك، وهم يرون أنفسهم في موقع من يحاصر أعداءه، ويضيق عليهم الخناق. ويتسبب لهم بالمزيد من الألم والأذى والخوف والرعب، مع ما يعانون من جوع وحاجة، وشدة.
وإن كان فيما بعد ـ وبعد قتل علي لطليعة فرسانهم ـ انقلب السحر على الساحر كما سنرى.
وما يهمنا هنا هو بيان حالة المسلمين في مواجهة الأحزاب فنقول:
المسلمون في مواجهة الأحزاب:
قد تحدث القرآن عن حالة المسلمين بصورة عامة في يوم الأحزاب، وتحدث عن حالات المنافقين ومواقفهم وأساليبهم في هذه المناسبة، وذكر أيضاً حالة أهل الإيمان والإخلاص، وميَّزهم عن غيرهم.
ونحن نذكر هنا: الآيات التي تعرضت للفرقاء الثلاثة فنقول:
الحالة العامة:
لقد كان ثمة حالة من الخوف والرعب تهيمن على الأجواء العامة للمسلمين، الذين لم يستحكم الإيمان في نفوسهم وقلوبهم حتى زاغت الأبصار، وبلغت القلوب الحناجر، قال تعالى: ?أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الجَنَّةَ وَلمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الذِينَ خَلوْاْ مِن قَبْلكُم مَّسَّتْهُمُ البَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلزِلُواْ حَتَّى يَقُول الرَّسُولُ وَالذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ الله أَلا إِنَّ نَصْرَ الله قَرِيبٌ?([2]).
حيث يذكر المفسرون: أن هذه الآية قد نزلت يوم الأحزاب وقيل: نزلت في أحد([3]).
وقد زاد هذا الخوف والرعب باستمرار الحصار، وظهور بعض المناوشات. وقد أشار الله سبحانه إلى ذلك، فقال: ?يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَليْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلنَا عَليْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً?.
وقال تعالى: ?إِذْ جَاؤُوكُم مِن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَل مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الأَبْصَارُ وَبَلغَتِ القُلُوبُ الحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا، هُنَالكَ ابْتُليَ المُؤْمِنُونَ وَزُلزِلُوا زِلزَالاً شَدِيداً?([4]).
يقين أهل الإيمان:
أما عن خصوص الثلة المؤمنة الصابرة المجاهدة، فإنهم كانوا مطمئنين إلى نصر الله تعالى لهم على أعدائهم. دون أدنى شك أو ريبة منهم، فقد قال تعالى: ?وَلمَّا رَأَى المُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَاناً وَتَسْليماً، مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَليْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً، ليَجْزِيَ اللهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ المُنَافِقِينَ إِن شَاء أَوْ يَتُوبَ عَليْهِمْ إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً?([5]).
حالة المنافقين:
أما المنافقون: فإنهم ما زالوا منذ البداية يشككون في قدرة المسلمين على المواجهة، وقد تقدم أنهم حين حفر الخندق أظهروا نفاقهم الذي رافق جميع مراحل المواجهة وقد حكى الله تعالى ذلك عنهم، فقال:
?وَإِذْ يَقُولُ المُنَافِقُونَ وَالذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلا غُرُوراً، وَإِذْ قَالت طَائِفَةٌ مِنهُمْ يَا أَهْل يَثْرِبَ لا مُقَامَ لكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلا فِرَاراً، وَلوْ دُخِلتْ عَليْهِم مِن أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الفِتْنَةَ لآتَوْهَا وَمَا تَلبَّثُوا بِهَا إِلا يَسِيراً، وَلقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللهَ مِن قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللهِ مَسْؤُول
قُل لن يَنفَعَكُمُ الفِرَارُ إِن فَرَرْتُم مِن المَوْتِ أَوِ القَتْل وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلا قَليلاً
قُل مَن ذَا الذِي يَعْصِمُكُم مِن اللهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لهُم مِن دُونِ اللهِ وَليّاً وَلا نَصِير
قَدْ يَعْلمُ اللهُ المُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالقَائِلينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِليْنَا وَلا يَأْتُونَ البَأْسَ إِلا قَليلاً، أَشِحَّةً عَليْكُمْ فَإِذَا جَاء الخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِليْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالذِي يُغْشَى عَليْهِ مِنَ المَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الخَوْفُ سَلقُوكُم بِأَلسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلى الخَيْرِ أُوْلئِكَ لمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمَالهُمْ وَكَانَ ذَلكَ عَلى اللهِ يَسِير
يَحْسَبُونَ الأَحْزَابَ لمْ يَذْهَبُوا وَإِن يَأْتِ الأَحْزَابُ يَوَدُّوا لوْ أَنَّهُم بَادُونَ فِي الأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنبَائِكُمْ وَلوْ كَانُوا فِيكُم مَا قَاتَلُوا إِلا قَليلاً?([6]).
النصوص التاريخية:
قد ظهر من الآيات الشريفة: أن ما كان يثيره المنافقون من شائعات، وما كانوا يتخذونه من مواقف، قد أثَّر على الحالة العامة، وأسهم في إثارة مشاعر الخوف التي كانت متحفزة، بسبب ما يرونه من حشود هائلة، وبسبب الحصار الذي يعانون منه وترافق مع الحاجة الملحة، الأمر الذي بث روح الإنهزام، والتخاذل والتردد فيما بين ضعفاء النفوس، وقليلي التدبر.
وقد حملت لنا النصوص التاريخية بعض التفاصيل، التي يحسن الوقوف عندها، إلى جوانب أخرى يحسن الإلمام بها والإطلاق عليها، والإستفادة منها.
ونحن نذكر هنا: بعضاً من ذلك ولا نصرف النظر عن جميع ما لدينا من ملاحظات وتحفظات، بل نذكر بعضاً من ذلك، حسبما يقتضيه المقام، فنقول:
عن جابر بن عبد الله، قال: كان خوفنا على الذراري بالمدينة من بني قريظة أشد من خوفنا من قريش، حتى فرَّج الله ذلك([7]).
وعن أم سلمة، أنها قالت: إنها شهدت مع النبي "صلى الله عليه وآله" مشاهد فيها قتال وخوف: المريسيع، وخيبر، والحديبية، والفتح، وحنين، ولم يكن من ذلك أتعب لرسول الله "صلى الله عليه وآله" ولا أخوف عندنا من الخندق، وذلك أن المسلمين كانوا في مثل الحرجة، وأن قريظة لا نأمنها على الذراري الخ..([8]).
"وكانوا يبيتون بالخندق خائفين، فإذا أصبحوا أمنوا"([9]).
"واشتد البلاء والحصر على المسلمين، وشغلتهم أنفسهم، فلا يستريحون ليلاً، ولا نهاراً"([10]).
وقال ابن شهرآشوب: "وكان الكفار على الخمر، والغناء، والمدد، والشوكة، والمسلمون كأن على رؤوسهم الطير لمكان عمرو.
والنبي "صلى الله عليه وآله" جاث على ركبتيه، باسط يديه، باك عيناه، ينادي بأشجى صوت:
"يا صريخ المكروبين، يا مجيب دعوة المضطرين، اكشف همي، وكربي، فقد ترى حالي"([11]).
ويقولون: لما صح عند رسول الله "صلى الله عليه وآله" نقض بني قريظة للعهد ضاق ذرعاً، وخَشِيَ أن يفت ذلك في أعضاد المسلمين، فعظم البلاء، واشتد الخوف، وأتاهم عدوهم من فوقهم، ومن أسفل منهم، حتى ظن المؤمنون كل ظن، ونجم النفاق، وكثر الخوض.
وأقام رسول الله "صلى الله عليه وآله" وأصحابه فيما وصف من الخوف والشدة لتظاهر الأعداء عليهم، وإتيانهم من فوقهم ومن أسفل منهم حتى كان ما كان من كيد نعيم بن مسعود الخ..([12]).
وستأتي قصة نعيم، وما فيها من هنات وإشكال.
قال ابن الجوزي: "قال علماء السِيَر: كان اشتد الخوف يوم الخندق، وفشل الناس، وخيف على الذراري والأموال"([13]).
وفي نص آخر: "ولما فشا نقض بني قريظة، واشتد الخوف، وعظم عند ذلك البلاء، فبينما هم على ذلك إذ جاءتهم جنود ـ يعني الأحزاب ـ وهم قريش وغطفان، ويهود بني قريظة..
إلى أن قال: فجاء بنو أسد، وغطفان، وفزارة، واليهود من فوقهم، من جهة المدينة، وقائدهم حارث بن عوف، وعيينة بن حصن، وجاء قريش وكنانة من جانب أسفل الوادي، وقائدهم أبو سفيان بن حرب"([14]).
وقال ابن عباس: "كان الذين جاؤوهم من فوقهم بنو قريظة، ومن أسفل منهم قريش وغطفان، كذا في الوفاء. ومن هيبة كثرتهم، وشدة شوكتهم رعبت قلوب ضعفاء أهل الإسلام، وزاغت أبصارهم"([15]).
وقال القيرواني: "جاءت قريش من ها هنا، واليهود من ها هنا والمجد من ها هنا، يريد هوازن"([16]).
ومعنى ذلك هو: أن المسلمين كانوا محاصرين من جهات ثلاث
ويقول الطبرسي: "من فوقكم: من فوق الوادي، من قبل المشرق: قريظة والنضير، وغطفان ومن أسفل منكم: أي من قبل المغرب، من ناحية مكة: أبو سفيان في قريش ومن تبعه"([17]).
مواقف المنافقين:
وقال القمي: "لما طال على أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" الأمر واشتد عليهم الحصار، وكانوا في وقت برد شديد، وأصابتهم مجاعة وخافوا من اليهود خوفاً شديداً، وتكلم المنافقون بما حكى الله عنهم ولم يبق أحد من أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلا نافق، إلا القليل.
وقد كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" أخبر أصحابه: أن العرب تتحزب ويجيئون من فوق. وتغدر اليهود ونخافهم من أسفل، وإنه ليصيبهم جهد شديد، ولكن تكون العاقبة عليهم.
فلما جاءت قريش، وغدرت اليهود قال المنافقون: ?مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلا غُرُوراً?([18]).
وكان قوم لهم دور في أطراف المدينة، فقالوا: يا رسول الله تأذن لنا أن نرجع إلى دورنا، فإنها في أطراف المدينة، وهي عورة ونخاف اليهود أن يغيروا عليها.
وقال قوم: "هلموا فلنهرب، ونصير في البادية، ونستجير بالأعراب، فإن الذي كان يعدنا محمد كان باطلاً كله"([19]).
وقال البيهقي: إنه بعد حصار دام قريباً من عشرين ليلة، وبعد حصول قتال دام إلى الليل، شغل المسلمين عن صلاة العصر: "فلما اشتد البلاء على النبي "صلى الله عليه وآله" وأصحابه نافق ناس كثير، وتكلموا بكلام قبيح فلما رأى رسول الله ما فيه الناس من البلاء والكرب جعل يبشرهم ويقول: والذي نفسي بيده ليفرجن عنكم ما ترون من الشدة وإني لأرجو أن أطوف بالبيت العتيق آمناً، وأن يدفع الله عز وجل إليَّ مفاتيح الكعبة، وليهلكن الله كسرى وقيصر، ولتنفقن كنوزهما في سبيل الله عز وجل.
وقال رجل ممن معه لأصحابه: ألا تعجبون من محمد!! يعدنا أن نطوف بالبيت العتيق، وأن نقسم كنوز فارس والروم، ونحن ها هنا لا يأمن أحدنا أن يذهب إلى الغائط، والله ما يعدنا إلا غروراً.
وقال آخرون ممن معه: ائذن لنا، فإن بيوتنا عورة.
وقال آخرون: "يا أهل يثرب، لا مقام لكم فارجعوا"([20]).
ويقول نص آخر: "ونجم النفاق من بعض المنافقين، وقال معتب بن قشير: كان محمد يعدنا أن نأخذ كنوز كسرى وقيصر، وأن أموالهما تنفق في سبيل الله، واحدنا اليوم لا يأمن على نفسه أن يذهب إلى الغائط: ?مَّا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلا غُرُوراً?([21]).
وقال رجال ممن معه: "يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا"([22]).
من الذي قال: بيوتنا عورة؟!
تقدم في النصوص التي أوردناها: أن هناك من قال: بيوتنا عورة، من أجل الحصول على إذن من النبي "صلى الله عليه وآله" لهم بترك مواقعهم والرجوع إلى بيوتهم، فمن هم هؤلاء الذين قالوا ذلك ياترى؟
إن بعض النصوص التاريخية تقول: هم: "عبد الله بن أبي وأصحابه.
وقيل: هم بنو سالم من المنافقين.
وقيل: إن القائل لذلك أوس بن قبطي ومن وافقه على رأيه، عن يزيد بن رومان"([23]).
وقال ابن الكلبي: إن أبا مليل، سليك بن الأزعر ـ شهد بدراً ـ هو الذي قال يوم الخندق بيوتنا عورة([24]).
وقال الدياربكري: "وكان جماعة من المنافقين مثل أوس بن القيظي، ومتابعيه ينفرون جيش الإسلام، ويقولون: ارجعوا إلى منازلكم، واعتلوا بأن منازلكم عورة، خالية عن المحافظة، فإنها خارج المدينة، ونحن نخاف أن يظفر بها جيش العدو"([25]).
ويقول نص آخر: "عظم الأمر، وأحيط بالمسلمين من كل جهة وهمَّ بالفشل بنو حارثة، وبنو سلمة، معتذرين بأن بيوتهم عورة خارج المدينة، ثم ثبتهم الله"([26]).
لكن البعض قال: إن المستأذنين هم بعض بني حارثة لا كلهم، فراجع([27]).
ويروي لنا الواقدي هذه القضية بنحو أكثر تفصيلاً، فيقول:
إن بني حارثة بعثوا بأوس بن قيظي إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، يقولون: إن بيوتنا عورة، وليس دار من دور الأنصار مثل دارنا، ليس بيننا وبين غطفان أحد يرد عنا، فأذن لنا فلنرجع إلى دورنا فنمنع ذرارينا ونساءنا.
فأذن لهم "صلى الله عليه وآله" ففرحوا بذلك، وتهيأوا للانصراف.
فبلغ سعد بن معاذ ذلك، فقال: يا رسول الله، لا تأذن لهم، إنَّا والله، ما أصابنا وإياهم شدة قط إلا صنعوا هكذا، فردهم([28]).
من بقي مع النبي ' في المواجهة؟!
قال دحلان: "فجعل المنافقون يستأذنون، ويقولون: بيوتنا عورة، أي من العدو، لأنها خارج المدينة، وحيطانها قصيرة، يخشى عليها السرقة، فأذن لنا نرجع إلى نسائنا، وأبنائنا، وذرارينا؛ فيأذن "صلى الله عليه وآله" لهم.
قيل: ولم يبقَ معه تلك الليلة إلا ثلاث مئة"([29]).
وعن حذيفة: "أن الناس تفرقوا عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" ليلة الأحزاب، فلم يبقَ معه إلا اثنا عشر رجلاً"([30]).
وقال القاضي النعمان: "وتسلل عن رسول الله صلوات الله عليه وآله أكثر أهل المدينة، فدخلوا بيوتهم كالملقين بأيديهم"([31]).
وتقدم قول القمي: "ولم يبقَ أحد من أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلا نافق إلا القليل".
وهذا يؤيد ما سيأتي: من أن سبب النصر هو بطولات علي "عليه السلام"، وما جرى على المشركين من مكابدة ما تثيره الرياح والأعاصير من متاعب لهم، وما تزرعه من خوف ورعب في قلوبهم، بعد أن آتت النشاطات النبوية لزرع الشكوك فيما بينهم ثمارها، كما سنرى.
وقبل أن نمضي في الحديث عن سائر الوقائع نتوقف قليلاً للإشارة إلى الأمور التالية:
الحارث بن عوف:
ذكرت بعض الروايات المتقدمة: الحارث بن عوف في المشاركين في حصار المدينة، وقد تقدم: أن قومه ينكرون حضوره حرب الأحزاب، فراجع الفصل الأول من هذا الباب.
رهبة الليل:
وقد ذكرت بعض النصوص المتقدمة: أن الليل كان بالنسبة لكثير من المسلمين بمثابة كابوس مخيف لما يتوقعونه من مفاجئات لم يحسبوا لها حساباً، ونحن وإن كنا نصدق أن لليل رهبته، ولكن وجود الرسول "صلى الله عليه وآله" فيما بينهم، وهو الذي لم يزل يطمئنهم إلى نصر الله وعونه، كان ينبغي أن يطمئنهم، ويذهب حالة الخوف والرعب من نفوسهم لو كانوا راسخي القدم في الإيمان، والتسليم لله ولرسوله.
خوف الرسول ':
وقد تحدثت بعض كلمات المؤرخين: عن خوف النبي "صلى الله عليه وآله" في حرب الأحزاب.
ونحن لا نشك: في عدم صحة هذه النصوص، ولا أقل من أنها لم تتحر الدقة في نقل الوقائع والأحداث، فإن الرسول "صلى الله عليه وآله" كان يبشر المؤمنين بنصر الله وعونه، ابتداء من حفر الخندق، ثم حين نقض بني قريظة لعهدهم، وفي غير ذلك من مناسبات.
فلم يكن هو ليعاني من حالة الرعب والخوف، وهو الذي كان مصدر السكينة والأمن والطمأنينة للناس.
بل إننا إذا كنا نرى أن القرآن يتحدث عن المؤمنين بأنهم كانوا على درجة من التسليم والتصديق بوعد الله، وما زادهم مجيء الأحزاب، ورؤيتهم لهم إلا إيماناً وتسليماً؛ فإن النبي الأعظم "صلى الله عليه وآله" لن يكون أقل إيماناً منهم.
والذي نراه: هو أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد تعب كثيراً في إنجاز المهام حين صار أصحابه يتركونه، حتى بقي في قلة قليلة منهم.
بل إن بعضهم حتى طلحة وعمر قد تركوه، واختبأوا في حديقة هناك، وقد كشفت عائشة أمرهم، وأحرجتهم بصورة ظاهرة كما ذكرناه في موضعه فيمكن أن يكون بعض المؤرخين خلط بين التعب والمعاناة للنبي "صلى الله عليه وآله" وبين الخوف، فنسب إليه الخوف، مع أن الصحيح هو نسبة التعب كما قالته أم سلمة وغيرها فليلاحظ ذلك.
إتهام أحد البدريين بالنفاق:
وقد ذكرت النصوص المتقدمة: أن متعب بن قشير هو الذي قال: كان محمد يعدنا كنوز كسرى وقيصر الخ..
مع أن ابن هشام يقول: قيل: لم يكن متعب من المنافقين، وقد شهد بدراً([32]).
وقال العسقلاني: "ذكروه في من شهد العقبة. وقيل: إنه كان منافقاً، وأنه الذي قال يوم أحد: ?لوْ كَانَ لنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلنَا هَا هُنَا?([33]).
وقال: إنه تاب، وقد ذكره ابن إسحاق في من شهد بدراً"([34]).
وقال أبو عمر: "شهد بدراً وأحداً، وكان قد شهد العقبة.
ويقال: إنه الذي قال: ?لوْ كَانَ لنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلنَا هَا هُنَا?"([35]).
ولا نريد تتبع سائر المصادر التي أشارت إلى بدرية متعب بن قشير. فكيف نـوفـق بين وصـف القرآن لـه بالنفـاق، وبين بدريته، التي توجـب ـ حسبما يزعم هؤلاء ـ أن يغفر له كل ذنب، ويطهر من كل رجس، وقد تحدثنا عن هذا الأمر في غزوة بدر فراجع.
هيكل يخطئ في تصويراته وتصوراته:
قال محمد حسين هيكل: "لأهل يثرب أبلغ العذر إن كان بلغ منهم الفزع وزلزلت قلوبهم، ولمن قال منهم العذر في أن يقول: كان محمد يعدنا أن نأكل كنوز كسرى وقيصر، وأحدنا اليوم لا يأمن على نفسه أن يذهب إلى الغائط، وللذين بلغت قلوبهم الحناجر العذر في أن تبلغها. أليس هو الموت الذي يرون آتياً تقدح بالشرر عينه، مصورة في بريق هذه السيوف تلمع في أيدي قريش، وفي أيدي غطفان، وتدب إلى القلب مخافته، متسللة من منازل قريظة الغدرة الخائنين"؟([36]).
ونقول:
لقد اشتبه هيكل في تصوره وفي تصويره أيما اشتباه، وذلك لأمور:
الأول: أن الله سبحانه قد حكى طائفة مما ذكر آنفاً عن المنافقين، والذين في قلوبهم مرض، فقال: ?وَإِذْ يَقُولُ المُنَافِقُونَ وَالذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلا غُرُوراً، وَإِذْ قَالت طَّائِفَةٌ مِنهُمْ يَا أَهْل يَثْرِبَ لا مُقَامَ لكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلا فِرَاراً?([37]).
فهل كان المنافقون والذين في قلوبهم مرض على حق في قولهم هذا؟!
وقد صرح المؤرخون ـ حسبما تقدم وسيأتي أيضاً ـ : بأن المنافقين هم الذين قالوا: يعدنا محمد كنوز كسرى الخ..
الثاني: إن هذه الأقوال ـ كما تقدم ـ إنما صدرت بادئ الأمر من المنافقين قبل مجيء الأحزاب، وقبل نقض بني قريظة للعهد، إذ قد صرحت الروايات بأنهم قد قالوا ذلك حين حفر الخندق، توقعاً لمجيء قريش والأحزاب، ثم قالوا بعد اشتداد الحصار.
فلو سلمنا لهيكل قوله ذاك، نقول له: ما هو المبرر لرعبهم قبل مجيء الأحزاب ولم يكن ثمة ما يوجب الخوف إلى هذه الدرجة؟
الثالث: إننا لا نوافق أن من حقهم أن يقولوا ذلك، حتى لو كان القائلون هم المؤمنون، وذلك لأنهم قد رأوا من الآيات والخوارق والكرامات للنبي "صلى الله عليه وآله" وهم يحفرون الخندق الشيء الكثير. فكان من المفروض فيهم أن يتيقنوا بنصر الله سبحانه لهم، وبصدق ما أخبر به نبيهم الأكرم "صلى الله عليه وآله".
ولكن لم تكن تلك الكرامات تقتصر على مجرد التصور العقلي لهم. بل كانت تتعدى ذلك لتكون ممارسة حسية لكل فرد منهم، كما كان الحال بالنسبة لإطعام أهل الخندق جميعاً من وليمة جابر.
الرابع: إن مراجعة الآيات القرآنية تعطينا: أن الذين زاغت أبصارهم وبلغت قلوبهم حناجرهم، وظنوا بالله الظنون هم غير المؤمنين الذين كانوا ثابتين في حصون الإيمان. لكن هؤلاء المؤمنين قد تأثروا من حالة إخوانهم، فوقعوا في البلاء والزلزال، فقد قال تعالى مخاطباً المسلمين:
?إِذْ جَاؤُوكُم مِن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَل مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الأَبْصَارُ وَبَلغَتِ القُلُوبُ الحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا، هُنَالكَ ابْتُليَ المُؤْمِنُونَ وَزُلزِلُوا زِلزَالاً شَدِيداً?([38]).
فترى أنه تعالى قد تحدث عن المؤمنين بطريقة الحديث عن الغائبين، مع أنه لو كان المراد جميع المسلمين لكان السياق يقتضي أن يقول: "هنالك ابتليتم وزلزلتم".
أضف إلى ما تقدم: أنه لو كان الأمر كذلك لم يقل: "هنالك ابتلي" بل كان عليه أن يقول: وابتليتم. فكلمة "هنالك" تشير إلى أن الابتلاء للمؤمنين قد حصل حينما ظننتم بالله الظنون، وبلغت قلوبكم حناجركم.
على أن من الواضح: أن ظن الظنون بالله لا ينسجم مع الإيمان بل هو ينافيه. وقد تحدث تعالى عن المؤمنين فذكر أنهم لم يظنوا الظنون هنا، بل زاد إيمانهم عمقاً ورسوخاً.
فقال تعالى: ?وَلمَّا رَأَى المُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَاناً وَتَسْليماً، مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَليْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً?([39]).
بقي أن نشير هنا: إلى أن المراد بابتلاء المؤمنين هو أن مسؤولياتهم أصبحت أكبر وأخطر من ذي قبل، وأصبحت كل المصائب والآلام الناتجة عن هذا الحصار، من انهزام المسلمين روحياً، والخوف على الذراري والنساء، وما صاحب ذلك من تحمل مشقات وجهد وسهر ـ إن ذلك كله ـ قد انصب على رؤوس ثلة قليلة مجاهدة صابرة، قد لا يتجاوز عددها عدد أصابع اليدين أو حتى اليد الواحدة.
إذ إن من الغني عن البيان: أن تحقيق وعد الله ورسوله لهم بالنصر، لا يعني أن لا يتحملوا المشقات والمصاعب والآلام الكبيرة وأن لا يبتليهم بالمواجهات الخطيرة، التي تصل إلى درجة الاستشهاد بالنسبة إلى بعض الأفراد، لأن الوعد إنما هو للمجموع العام ولأهل هذه الدعوة بصفتهم العامة، وإن كان أفراد كثيرون يستشهدون، أو يمتحنون بالمصائب والبلايا والرزايا.
الفصل الثامن:
عقد عيينة.. مكذوب
العقد المزعوم مع عيينة بن حصن:
قال ابن المسيب: "حصر رسول الله "صلى الله عليه وآله" وأصحابه بضع عشرة حتى خلص إلى كل منهم الكرب.. إلى أن قال: فبينما هم على ذلك من الحال أرسل رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى عيينة الخ.."([40]).
وذكر نص آخر: أنه بعد أن حوصر المسلمون، ونقض بنو قريظة العهد، وضاقت الأمور على المسلمين، وأحيط بهم، وهمَّ بالفشل بنو حارثة، وبنو سلمة، بعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى عيينة بن حصن، والحرث بن عوف: أن يرجعا، ويخذلا الأعراب، ولهما ثلثا ثمار المدينة ـ كما في بعض المصادر ـ لكن أكثر المصادر تقول: ثلث ثمار المدينة.
زاد في نص آخر قوله: "فجرى بينهما المراوضة في الصلح حتى كتبوا الكتاب، ولم تقع الشهادة ولا عزيمة الصلح"([41]).
وشاور "صلى الله عليه وآله" في ذلك: سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة فأبيا، وقالا: يا رسول الله، أشيء أمرك الله به فلا بد منه؟! أم شيء تحبه، فتصنعه، فنصنعه لك؟! أم شيء تصنعه لنا؟!
قال: بل أصنعه لكم، إني رأيت أن العرب رمتكم عن قوس واحدة.
فقال سعد بن معاذ: قد كنا معهم على الشرك والأوثان، ولا يطمعون منا بتمرة شراء ولا بيعاً، فحين أكرمنا الله بالإسلام، وأعزنا بك نعطيهم أموالنا؟! والله، لا نعطيهم إلا السيف.
فَصَلُبَ رسول الله "صلى الله عليه وآله"([42]).
زاد البعض هنا قوله: "فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": الآن قد عرفت ما عندكم، فكونوا على ما أنتم عليه، فإن الله تعالى لن يخذل نبيه، ولن يسلمه حتى ينجز له ما وعده.
ثم قام رسول الله "صلى الله عليه وآله" في المسلمين، يدعوهم إلى جهاد العدو، ويشجعهم، ويعدهم النصر من الله تعالى([43]) "وترك ما كان هم به من ذلك"([44]).
وقد تفننت بعض الروايات في تصوير وقائع هذه القصة فهي تقول: إنه "صلى الله عليه وآله" أرسل إلى رئيسي غطفان: عيينة بن حصين والحارث بن عوف أن يجعل لهما ثلث ثمار المدينة، ويرجعان بمن معهما.
فجاءا متخفيين من أبي سفيان مع عشرة من قومهما إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، فطلبا نصف ثمار المدينة، فأبى عليهما إلا الثلث فرضيا، فجرى بينه وبينهم الصلح، وأحضر رسول الله "صلى الله عليه وآله" الصحيفة والدواة، وأحضر عثمان بن عفان، حتى كتب كتاب الصلح، ولم يقع الإشهاد.
وعند الواقدي والمقريزي: أحضرت الصحيفة والدواة ليكتب عثمان الصلح، وعبادة بن بشر على رأس رسول الله "صلى الله عليه وآله" مقنع بالحديد.
ولما أرادوا أن يكتبوا الشهادة جاء أسيد بن حضير، فرأى عيينة بن حصن قد مد رجله بين يدي رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وعلم ما جاء له فأقبل إلى عيينة وقال:
يا عين الهجرس، أتمدَّ رجلك بين يدي رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟! فوالله، لولا مجلس رسول الله لأنفذت جنبك بهذا الرمح.
ثم أقبل بوجهه إلى النبي فقال: يا رسول الله، إن كان هذا شيئاً أمرك الله به لا بد لنا من عمله، أو أمراً تحبه، فاصنع ما شئت، ما نقول فيه شيئاً، وإن كان غير ذلك، فوالله ما نعطيهم إلا السيف، متى كانوا يطمعون منا؟!
فسكت النبي "صلى الله عليه وآله" ولم يقل شيئاً.
وعلى حد تعبير الواقدي: فأسكت رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فدعا سعد بن معاذ وسعد بن عبادة، فاستشارهما فيه (خفية)، فقالا مثل ما قال أسيد (وأبوا إعطاء الدنية، فأمره النبي "صلى الله عليه وآله" بشق الكتاب) فاعتذر "صلى الله عليه وآله" بأنه قد رأى العرب رمتهم عن قوس واحدة.
إلى أن تقول الرواية: فتناول سعد، أي ابن معاذ، الصحيفة وأخذها من عثمان فمحا ما في الكتاب، ومزق الكتاب.
ثم تذكر الرواية: محاورة بين عبادة بن بشر وعيينة. ثم ذكر رجوع عيينة والحارث.
وعلما: أن لا يد لهم في المدينة، لما رأيا من إخلاص الأنصار، واتفاقهم مع رسول الله، ودخل في أمرهما فتور وتزلزل([45]).
وتشير بعض النصوص إلى دور لسعد بن الربيع أيضاً([46]).
نقاط ضعف في هذا الإتفاق:
لقد حفلت هذه القصة بنقاط ضعف كثيرة لا نرى ضرورة للتعرض لها بالتفصيل ونكتفي هنا بالإشارة إلى الأمور التالية:
1 ـ التناقض والاختلاف:
إننا نلاحظ هنا: تناقض واختلاف نصوص هذه الرواية، الأمر الذي يعني أنه لا بد من استبعاد طائفة من هذه النصوص حتى لا يبقى ثمة تناقض واختلاف فيما بينها.
فليلاحظ مثلاً: اختلافها في أنه "صلى الله عليه وآله" أعطاهما ثلث ثمار المدينة، أم الثلثين؟!
وهل كُتِبَ كتاب، ثم رفض السعدان أم رفضا ذلك قبل أن يكتب الكتاب. وهل استشار السعدين، أم استشار السعود.
2 ـ الحارث بن عوف:
وقد تقدم: أن البعض ينكر مشاركة الحارث بن عوف في حرب الخندق، وإن كان الواقدي يصر على هذه المشاركة، فراجع فصل: الأحزاب إلى المدينة. فقرة: تحفظ تاريخي.
3 ـ سعد بن الربيع:
قد ذكرت بعض النصوص: أنه قد كان لسعد بن الربيع دور في هذه القضية أيضاً. مع أن سعداً هذا قد استشهد في حرب أحد، وهي قبل الخندق بزمان طويل، فراجع.
4 ـ استشارة السعود، وإعطاء الدنية:
بعض النصوص تقول: إن عيينة بن حصن جاء مهدداً متوعداً فهي تقول: إنه قال: يا محمد ناصفنا تمر المدينة، وإلا ملأتها عليك خيلاً ورجالاً.
فقال: حتى أستأمر السعود: سعد بن عبادة، وسعد بن معاذ، وسعد بن ربيعة، وسعد بن مسعود.
فكلمهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" في ذلك، فقالوا: لا والله ما أعطينا الدنية في أنفسنا في الجاهلية، فكيف وقد جاء الله تعالى بالإسلام؟
فرجع الحارث فأخبره، فقال: غدرت يا محمد([47]).
فما معنى هذا التهديد والوعيد من عيينة، ألم يملأها حتى الآن خيلاً ورجالاً؟!
وهل بقي عنده خيل ورجال غير هؤلاء لم يأت بهم لحرب محمد؟!
والملفت في هذا النص: أن جميع الذين يريد النبي "صلى الله عليه وآله" أن يستشيرهم اسمه سعد، فما هذه المصادفة العجيبة!! ألم يكن في الأنصار أحد من الرؤساء له اسم آخر؟!
وأمر ثالث يلفت النظر هنا: وهو أنهم اعتبروا أن ذلك معناه إعطاؤه الدنية. فهل كان النبي بصدد أن يعطي الدنية للأعداء؟
ألم يكن يعلم أنهم لم يعطوها في الجاهلية، فكيف وقد جاء الله تعالى بالإسلام؟!
5 ـ المراوضة وكتابة الصلح:
والأمر الذي يصعب علينـا تفسيره وهو: أنـه كيف تمت كـل هـذه المراحل، من دون علم السعدين، أو السعود الأربعة، وغيرهم من زعماء الأنصار؟! فالنبي "صلى الله عليه وآله" يرسل للأعداء ويستقدمهم، ويأتون إليه وتجري مراوضة في شأن الصلح، ثم يرسل النبي "صلى الله عليه وآله" وراء عثمان ويأتي، ويكتب الكتاب. كل ذلك يحصل ولا أحد من زعماء الأنصار يعرف بشيء، حتى يرسل إليهم النبي "صلى الله عليه وآله"، ويحضرهم.
فهل كانوا لا يحضرون مجلس النبي، إلا أن يحضرهم إليه "صلى الله عليه وآله" نفسه؟!
وهل صحيح أنهم كانوا يغيبون عنه فترات طويلة هذا المقدار ولا سيما في حرب الخندق، التي يفترض فيها تواجدهم حوله باستمرار ليتلقوا الأوامر؟!
وكيف غاب جميع من كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" بحاجة إلى استشارتهم ولم يحضر ولا أحد منهم ولو صدفة؟! إلا أن أسيد بن حضير حضر بصورة مفاجئة!!
6 ـ العجز والفشل:
ولا ندري بعد هذا كيف يقدم النبي "صلى الله عليه وآله" على أمر لا يثق من قدرته على إنجازه؟
أم يعقل: أنه كان واثقاً من ذلك ثم فوجئ بما أحبط سعيه، وخيب أمله؟!
7 ـ رأي النبي ' ورأي غيره:
هل صحيح أن للنبي "صلى الله عليه وآله" آراء يطلقها من عند نفسه، ولا تنتهي إلى الإرادة الإلهية؟!
وكيف نفهم قوله تعالى: ?وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى، إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى?؟!([48]).
أم أن هذه الآية تتحدث عن خصوص ما ينطق به من أي القرآن أو عن أمور يطلب منه تبليغها كالأحكام الشرعية، ونحوها؟! وكيف وبماذا نخصص الآية بما ذكر؟! وإذا سلمنا ذلك جدلاً، فهل صحيح أن للنبي بعض الآراء التي يخطئ فيها، أم أنه ذو اجتهاد صواب دائماً؟!
وبعد ما تقدم: لا بد أن نسأل عن الوسائل التي يمكننا أن نفرق فيها بين ما هو رأي واجتهاد له، وبين ما يأتي به من قبل الله سبحانه.
8 ـ اتهام النبي ':
ولا ندري أيضاً: كيف نفسر قولهم للنبي: "أم شيء تحبه؛ فنصنعه لك" فهل يتصورون أن النبي "صلى الله عليه وآله" يمكن أن يقوم بعمل خطير كهذا لأنه يحب أن يصنع شيئاً لنفسه دونهم؟! وهل هذه إلا إساءة أدب وسوء ظن خطير برسول الله "صلى الله عليه وآله" يصل إلى حد التهمة؟!
9 ـ فَصَلُبَ رسول الله ':
ويستوقفنا هنا قولهم: فَصَلُبَ رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فهل كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد ضعف أمام أعدائه، فبدأ يقدم لهم التنازلات ويعطيهم الامتيازات؟
إن نصاً آخر ذكرناه آنفاً: يكاد يكون صريح الإيحاء بأن رسول الله "صلى الله عليه وآله" كان بصدد التخلي عن جهاد العدو، حيث يقول: "ثم قام رسول الله "صلى الله عليه وآله" في المسلمين، يدعوهم إلى جهاد العدو، ويشجعهم، ويعدهم النصر من الله تعالى وترك ما كان هم به من ذلك.
10 ـ الاحتفاظ بسرية هذا العقد:
كيف استمر هذا الأمر خافياً على أبي سفيان، وكيف لم يسر به النبي والمسلمون إلى مسامع زعيم قريش، ليكون مثار خلاف فيما بين زعماء الأحزاب أنفسهم، كما جرى لبني قريظة؟ فإنه إذا كان الأمر بالنسبة لبني قريظة لم يبعد حدود الإعلام بهدف تدمير حالة الثقة القائمة بينهم وبين المشركين، فإن الأمر هنا أصبح أكثر واقعية، بعد أن قطع المتفاوضون مراحل واسعة باتجاه عقد الاتفاق، حتى لقد كتب الكتاب، وإن لم تقع الشهادة والصلح.
إلا ان يقال: إن تسريب أمر خطير كهذا سوف يكون مضراً بالمسلمين، لأنه يعطي للمشركين انطباعاً عن ضعف المسلمين وانهيار معنوياتهم، الأمر الـذي ربما يثير لـدى قـوى الشرك شهية مواصلة الحصـار، ومضاعفة الضغوط للوصول بالمسلمين إلى حالة الإنهيار الكامل.
كما أن هذا التسريب لم يكن في صالح زعماء غطفان؛ لأنه سوف يعقد العلاقات مع حلفائهم، ويثير لهم معهم مشاكل هم في غنى عنها.
أما المنافقون: فلعلهم لم يجدوا في تسريب معلومات كهذه ما يخدم مصالحهم، أو يفيد في إخراجهم من الورطة التي يجدون أنفسهم فيها.
11 ـ أدب عيينة، وغيرة ابن حضير:
ولا يفوتنا الإلماح: إلى أن عيينة بن حصن يمد رجليه بين يدي رسول الله ولا يزجره النبي "صلى الله عليه وآله"، ولا أحد من الصحابة الحاضرين ولا حتى عمر بن الخطاب، ولا أبو بكر، اللذين لم نسمع لهما ذكراً في هذه القضية ولا في غيرها إلا في مواقع ما كنا نحب أن نراهما فيها.
والأهم من ذلك: أن علياً "عليه السلام" أيضاً لا يعترض، ويبقى الجميع ينتظرون قدوم أسيد بن حضير ليقف هو فقط ذلك الموقف الغيور والنبيل والشجاع. حتى إنه يتهدد عيينة بأن ينفذ جنبه بهذا الرمح لولا احترامه مجلس رسول الله "صلى الله عليه وآله".
ولا بد من تسطير الفضائل لأسيد هذا؛ لأنه من المهاجمين لبيت فاطمة "عليها السلام"، ومن موطدي الأمر لأبي بكر، والقائمين به، لما بينهما من قرابة، ولأمور أخرى لا مجال للإفاضة فيها الآن.
12 ـ فأسكت رسول الله ':
والأكثر غرابة هنا: ما ذكره الواقدي في هذا السياق من جرأة على مقام النبوة الأقدس، حين ذكر: أنه بعد أن قال أسيد بن حضير ما قال "فأسكت رسول الله".
يا لها من جرأة قاسية، وإهانة وقحة لنبي الإسلام "صلى الله عليه وآله"، من قبل أناس لا يرون إلا مصالحهم، ولا يهمهم إلا تمشية سياساتهم، حتى ولو على حساب كل القيم والمثل الإسلامية والإنسانية.
هذا كله: عدا عن ظهور نبرات فيها ظلال ثقيلة من الاعتداد بالنفس والتحدي في كلمات أسيد في مواجهة النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله". فراجع كلماته وتأمل.
هذا ما أحببنا الإلماح إليه في هذا المجال، ولننظر الآن ماذا يقول الآخرون الذين يهتمون بالتبرير، ويبرعون في التصوير، فنقول:
المساس بشرف الإسلام:
قد حاول البعض شرح ما جرى، بطريقته الخاصة، فهو يقول: "على الرغم من المجاعة التى قاساها المسلمون، والضيق الذي ألم بهم من جراء الحصار المتطاول، والسهر والحراسة الموصولين، فقد رأوا أن في القبول بمثل هذا الذل جرحاً لكرامتهم.
وقال الأنصار الذين عنتهم هذه المساومة المقترحة مباشرة: إنهم لم يدفعوا أي جزية إليهم حتى في الجاهلية، فكيف يطيقون الإذعان لهم، خاصة وأن في الأمر مساساً بشرف الإسلام نفسه"([49]).
وليت شعري كيف يقدم النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله" على أمر فيه مساس بشرف الإسلام؟! إلا أن يكون "صلى الله عليه وآله" لم يدرك أن الأمر ينطوي على المخاطرة بهذا الشرف الراسخ، والعز الباذخ؟! أو أن شرف الإسلام لم يكن يعنيه كثيراً، وكان يعنيهم هم وحدهم دونه؟!
إستفادات وتوجيهات:
1 ـ لقد استفادوا من هذا الحدث فوائد وعوائد، فقد قال أبو زهرة: "قد أفاد عرض الصلح أمرين عظيمين:
أولهما: أن النبي "صلى الله عليه وآلـه" علم عزمة أصحـابه، وأنهم يريدون لقاءهم.
ثانيهما: أن ذلك أطمع غطفان ومن معها من القبائل، والطمع إذا سكن حل العزيمة، وقد ترتب على ذلك الإطماع أنهم تململوا بطول الحصار، وجرى بينهم وبين القرشيين خلاف، وهموا أن يعودوا من حيث جاؤوا"([50]).
وقال: "إن ذلك يثير طمعهم، ويفت في عضدهم، وإن كان أمر الصلح لم يبت فيه، ولكن بابه مفتوح ولم يغلق"([51]).
وقال: إنه "صلى الله عليه وآله" أراد "أن يخذل المشركين بعضهم عن بعض بإثارة الطمع في بعضهم، فيتخلون عن باقيهم"([52]).
ولعل هذا هو ما يرمي إليه البعض، حين اعتبر أن هذا الصلح يهدف إلى "صرفهم عن قريش، ليفت ذلك في عضدهم، فيرجعوا أيضاً".
"وقد تجلت حنكته السياسية في مساومته غطفان لزلزلتها عن موقفها إلى جانب قريش"([53]).
وقال: "لما فاوض الرسول "صلى الله عليه وآله" غطفان، وأطمعهم في ثلث غلة المدينة، ثم عدل عن ذلك، ورفضه، توهمت غطفان: أن مركزه قد تحسن، وأنه مقبل على حرب الأحزاب وإجلائهم.
ومما زاد هذا الوهم تحقق غطفان من عدول بني قريظة عن مناصرة الأحزاب، وعزمها على تقديم سادات قريش وغطفان إلى الرسول ليقتلهم"([54]).
وثمة هدف آخر له "صلى الله عليه وآله" وهو: أنه كان يريد أن يطمئن إلى ما يتمتع به أصحابه من قوة معنوية واعتماد على نصر الله وتوفيقه؛ لأنه لم يكن يحب أن يسوق أصحابه إلى حرب أو مغامرة لا يجدون في أنفسهم شجاعة لخوضها، أو لا يؤمنون بجدواها، ولذلك عرض عليهم رأيه، وأبلغهم أنه ليس تبليغاً من الله تعالى([55]).
وبعد أن ذكر البعض: أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان "يعرف حق المعرفة: أن دوافع غطفان للغزو هي مادية قبل أي شيء آخر"([56]).
قال: "وقد حققت هذه المناورة السياسية أغراضها على الرغم من أنها لم تنته إلى اتفاق مكتوب كما علمنا، ذلك أن كل المصادر التاريخية تُجمِع: أنه لم يكن لغطفان أي دور عسكري بعد هذه المقابلة التي أكدت لهم إصرار رجال الثورة الإسلامية على القتال في سبيل عقيدتهم. ولكنهم ظلوا مرابطين في معسكراتهم حتى أمرهم القائد أبو سفيان بالانسحاب وفك الحصار"([57]).
2 ـ وأما بالنسبة للدلالات لهذا الحدث، فهم يقولون:
ألف: إنها محصورة في مجرد مشروعية مبدأ الشورى في كل ما لا نص فيه([58]).
ب: إنها تدل أيضاً على: "جواز إعطاء المال للعدو لمصلحة المسلمين.
وقد صالح معاوية ملك الروم على الكف عن ثغور الشام بمال دفعه إليه، ذكره أبو عبيدة".
قال السهيلي: قيل: كان مئة ألف دينار([59]).
ج: وزعم البعض: أن هذا الحدث يدل على أنه يجب على المسلمين أن يدفعوا الجزية إلى غير المسلمين إذا اقتضت الحاجة. وعلى جواز صرف المسلمين أعداءهم عن ديارهم باقتطاع شيء من أرضهم أو خيراتهم لهم وقد ناقش ذلك البعض بما حاصله:
أولاً: إن الرأي المعروض للاستشارة، لا يعتبر دليلاً تشريعياً لأن المقصود بالاستشارة مجرد استطلاع ما في النفوس، فهي ممارسة لعمل تربوي بحت. والذي يحتج به من تصرفاته "صلى الله عليه وآله" وأقواله هو خصوص ما لم يرد اعتراض عليه من كتاب الله تعالى. أما ما كان في حدود الاستشارة والرأي، فلا يعتبر دليلاً بحال.
ثانياً: "لسنا ندري ما الصلة بين الجزية، وما يمكن أن يتصالح عليه فريقان متحاربان.
إن قلت: إن اضطر المسلمون ـ بسبب ضعف طارئ ـ إلى التخلي عن بعض أموالهم حفظاً لحياتهم، وحذراً من استئصال شأفة المسلمين، أليس لهم أن يفعلوا ذلك؟!
فالجواب: أن قد تستلب أموال المسلمين، ويغنمها أعداؤهم ولكن ليس ذلك عن اختيار من المسلمين، ولا لأجل تشريع ذلك فتوائياً، وإنما هو إلجاء وإكراه لهم. والأحكام الشرعية لا يخاطب بها المكره، ولا الملجأ، ولا الصبي ولا المجنون.
فهذه الحالة التي هي من وراء حدود التكليف لا ينتزع فيها حكم تكليفي، يختار على أساس الرأي والمصلحة والمراوضة"([60]).
هذا ما ذكره ذلك البعض هنا، ولنا فيه ومعه مناقشات ووقفات نجملها في النقاط التالية:
مناقشة سريعة:
ألف: قول أبي زهرة: إن إطماع غطفان نشأ عنه تململهم بطول الحصار، لا ندري كيف نفهمه، إذ ما هو الربط بين إطماعهم، وبين تململهم؟
ب: كما أن ما ذكره من حدوث خلافات بين قريش وبين غطفان لا ندري من أين جاء به، وعن أي مصدر نقل ذلك؟!
ج: هل كان النبي "صلى الله عليه وآله" جاهلاً بعزمة أصحابه، وبمقدار استعدادهم للقاء عدوهم؟ إن ما لدينا من وصف دقيق لحالتهم، ومن نصوص سجلت لنا مواقفهم وتصرفاتهم لا تترك مجالاً للشك في حقيقة النوايا، ودرجة الاستعداد عندهم للقاء عدوهم، سلباً أو إيجاباً. ولا في مستوى القوة المعنوية والاعتماد على نصر الله لدى أصحابه.
د: ما معنى قوله: إن أمر الصلح لم يبت فيه، وبابه مفتوح لم يغلق؟ ألم يغلق السعدان باب هذا الصلح.. وبتَّا الأمر فيه؟!
ه‍: لا ندري كيف توهمت غطفان أن مركز النبي قد تحسن حين عدل عن الصلح؟ وهم قد رأوا بأم أعينهم سبب العدول عن الصلح، وأنها ضغوط تعرض لها، ورفض من أصحاب الثمار أنفسهم، ولم يطرأ أي شيء على الحالة العسكرية، ولا على التحالفات القائمة بين الفرقاء من كلا الجانبين..
فكيف تتوهم غطفان أن مركز النبي "صلى الله عليه وآله" قد تحسن إلى درجة أنه مقدم على حرب الأحزاب وإجلائهم؟
و: وأما أن هذه المناورة قد جعلت غطفان تحجم عن الاضطلاع بأي دور عسكري خوفاً من مقاومة المسلمين، ولكنهم ظلوا في معسكراتهم حتى أمرهم أبو سفيان بالانسحاب. فهو كلام عجيب غريب. فإن دور غطفان العسكري لا يقل عن دور غيرها فالكل يحاصرون المسلمين، والكل يتناوبون على الخندق.
وسيأتي حديث أم سلمة عن هجوم خيل غطفان على بعض نواحي الخندق، وأن غطفان قد شاركت في الهجوم الشامل على المسلمين الذي فوت على المسلمين بعض صلواتهم كما سيأتي..
ز: الشورى فيما لا نص فيه: وأما بالنسبة للشورى فيما لا نص فيه، فلا يصح استفادتها من هذا المورد.
إذ إن المفروض: أنه "صلى الله عليه وآله" قد قضى في المورد بالصلح، فما معنى اعتراض أسيد بن حضير عليه، ونقض ما كان قد أبرمه؟!
ثم إن مبدأ الشورى إنما يعمل به قبل اتخاذ القرار، فما معنى أن يستشير النبي "صلى الله عليه وآله" بعد اتخاذه القرار، واستقدام عيينة وأصحابه؟!
ح: ولا يصغى بعد هذا لما ذكره البوطي، من أن ما صدر من النبي لم يخرج عن حدود الاستشارة والرأي، فلا يعتبر دليلاً تشريعياً على جواز إعطاء الجزية للمشركين.
فإن ما صدر عن النبي "صلى الله عليه وآله" كان أكثر من مجرد استشارة في هذا الأمر، بل قد تعداه إلى استقدام عيينة، ثم استدعاء عثمان وكتابة الكتاب.
ط: وأما بالنسبة لغنيمة الأعداء لأموال المسلمين بسبب ضعف طارئ، فإن ذلك لا يغير الحال، بل يبقى عنوان غنيمة أموال المسلمين بالكره عنهم.
ولو اضطروا لإعطاء الجزية، فإن إكراههم على ذلك لا يرفع عنوان الجزية عن إعطائهم ذاك. بل هي جزية سواء كان من يعطيها مختاراً أو مضطراً لأجل الحفاظ على وجوده وحياته.
ي: ثم إن البوطي قد خلط بين المكره والمضطر، فإن الاضطرار إلى شيء لا يرفع الحكم التكليفي، والإكراه غير الاضطرار. فطلاق المكره وهو الذي تخضع إرادته لإرادة الغير، لا يصح. أما طلاق المضطر، وبيعه، فلا إشكال فيه، كمن اضطر لبيع بيته بثمن زهيد لأجل علاج ولده.
فالخلط بين المكره والمضطر في غير محله..
المشورة وقيمة رأي النبي ':
قال المعتزلي: "وكيف يقول المرتضى: إنه "صلى الله عليه وآله" لم يكن محتاجاً إلى رأي أحد، وقد نقل الناس كلهم رجوعه من رأي إلى رأي عند المشورة؟ نحو ما جرى يوم بدر من تغير المنزل لما أشار عليه الحباب بن المنذر، ونحو ما جرى يوم الخندق من فسخ رأيه في دفع ثلث تمر المدينة إلى عيينة بن حصن ليرجع بالأحزاب عنهم؛ لأجل ما رآه سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة من الحرب، والعدول عن الصلح، ونحو ما جرى من تلقيح النخل بالمدينة، وغير ذلك"؟!([61]).
ونقل عن الإسكافي في رده على الجاحظ قوله: "ولقد كان أصحاب النبي "صلى الله عليه وآله" يشيرون عليه بالرأي المخالف لما كان أمر به وتقدم فيه، فيتركه ويعمل بما أشاروا به، كما جرى يوم الخندق في مصانعته الأحزاب بثلث تمر المدينة، فإنهم أشاروا عليه بترك ذلك فتركه وهذه كانت قاعدتهم معه، وعادته بينهم"([62]).
ونقول:
وقد ناقشنا في كل ما استشهد به المعتزلي والإسكافي حول تغيير رأي النبي "صلى الله عليه وآله"، وخطإه في آرائه في قصة تأبير النخل، ثم قصة مشورة الحباب في بدر فراجع. وقصة عيينة في الخندق قد ظهر عدم إمكان قبولها بأي وجه، فلا معنى لاعتراض المعتزلي على السيد المرتضى فيما قاله.
الصحيح والمقبول في هذه القضية:
ولا نمنع أن يكون ثمة عمل دبره النبي "صلى الله عليه وآله" من خلال إطلاق إشاعة عن أمر كهذا، من شأنها أن تحدث فجوة في جدار الثقة الذي يحمي جسم جيش الشرك وصفوفه من التصدع، تماماً كما كان الحال بالنسبة لما فعله "صلى الله عليه وآله" بين قريظة وقريش وجيش الشرك كما سيأتي.
ولم يتعدّ الأمر حدّ الشائعة، التي يمكن للمسلمين أن يتفهموا مراميها. ولكن الرواة حرَّفوا هذه القضية ونسجوا حولها من خيالهم الشيء الكثير، ثم استفاد المصطادون في الماء العكر من ذلك، فنفثوا سمومهم للنيل من الشخصية النبوية الشريفة، ثم لتبرير ما صدر من معاوية من عمل ذليل مخز، حين قَبِلَ أن يعطي ملك الروم مئة ألف دينار ذهباً، كي يتفرغ لحرب سيد الوصيين علي أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام بهدف الإجهاز على آخر حصون الإسلام المنيعة، وإعادة حكم الجاهلية.
بل لقد وجدنا في كلمات الزبير بن باطا ما يشهد على أن غطفان هي التي أرسلت إلى النبي "صلى الله عليه وآله" تعرض عليه أن يعطيها بعض ثمار المدينة مقابل الإنسحاب من المواجهة معه، فأبى "صلى الله عليه وآله" أن يعطيها إلا السيف.
يقول الزبير بن باطا وهو يحاول إقناع أصحابه بعدم طلب الرهن من قريش: "وهذه غطفان تطلب إلى محمد أن يعطيها بعض ثمار المدينة فأبى أن يعطيهم إلا السيف"([63]).
الباب الثاني:
معركة الخندق
الفصل الأول: الحصار والقتال
الفصل الثاني: ضربة علي × يوم الخندق تعادل عبادة الثقلين
الفصل الثالث: كيف انتهت حرب الخندق
الفصل الأول:
الحصار والقتال
بداية الحديث:
من الواضح: أن وجود الخندق قد أفشل خطة الأحزاب، وشل حركتهم، ولكنهم لم يفقدوا الأمل، فقد كان الأمل لا يزال يراودهم بإمكانية أن يجدوا فرصة، ويحدثوا ثغرة تمكنهم من توجيه ضربة قاسية للوجود الإسلامي، ولو بالتعاون مع يهود بني قريظة، الذين يتواجدون في مؤخرة الجيش الإسلامي، مع علم المشركين بالحالة الصعبة التي كان يعاني منها المسلمون خصوصاً من حيث التموين ووسائل الدفاع والصمود، مع وجود المنافقين الذين يمكن التعاون مع بعضهم أيضاً لإحداث إرباكات خطيرة داخل الجيش الإسلامي.
وقد تحدثنا في الفصل السابق عن معنويات كلا الجيشين بالإضافة إلى موضوعات أخرى، ونتحدث الآن عن الحصار، وعن بعض الأحداث التي حصلت فيه، فنقول، وعلى الله نتوكل، ومنه نستمد العون والقوة:
مدة الحصار:
قد تقدم: أن المشركين أحاطوا بالمسلمين حتى جعلوهم في مثل الحصن من كتائبه، وأخذوا بكل ناحية([64]). وقد استمر هذا الحصار مدة طويلة. اختلف فيها المؤرخون وهل كانت خمسة عشر يوماً([65])
أو عشرين يوماً([66]).
أو أكثر من عشرين يوماً([67]).
أو شهراً([68]).
أو قريباً من شهر([69]).
أو تسعة وعشرين ليلة([70]).
وقيل: سبعة وعشرين([71]).
ولعل أحدهما: (السبعة، والتسعة) تصحيف للآخر، فلا يخالفه.
وبعض آخر يقول: أربعة وعشرين يوماً([72]).
ونذكر أخيراً قول من قال: بضع عشرة ليلة أو يوماً([73]).
ونقول:
الصحيح هو: أن الحصار قد دام شهراً كاملاً بل أكثر، فقد قال ضرار بن الخطاب يوم الخندق في جملة أبيات له:
فـأحـجرنـاهـم([74]) شـهراً كـريـتـاً([75]) وكـنــا فـوقـهـم كـالـقـاهـريـن
نـراوحـهـم ونــغــدو كـل يــوم عـلـيـهم في السـلاح مـدججينا([76])
بل لقد ذكر عبد الله بن الزبعرى: أن مدة الحصار قد دامت أكثر من شهر، وبلغت أربعين يوماً، فهو يقول:
حتى إذا وردوا المـديـنـة وارتـدوا لـلـمـوت كــل مجـرب قـضـاب
شـهـراً وعشـراً قـاهـريـن محمداً وصحابه في الحرب خير صحاب([77])
إذن، فلا يمكن قبول قولهم: إن الحصار دام مدة خمسة عشر يوماً، أو عشرين أو بضع عشرة ليلة، أو ما إلى ذلك.
الحراسة:
وقد كانت الحراسة المستمرة واليقظة الدائمة من الأمور الضرورية، وكان المسلمون يقومون بها باستمرار، وكانت حراستهم تتركز على الأمور الرئيسية بالدرجة الأولى، وهي:
1 ـ مركز القيادة: النبي "صلى الله عليه وآله".
2 ـ العسكر.
3 ـ الخندق.
4 ـ المدينة.
5 ـ الرصد لتحركات العدو.
6 ـ النساء والذراري وتعاهدهم في الآطام.
7 ـ أبواب الخندق.
وقد ذكرت هذه الأمور وغيرها من تفاصيل في النصوص التاريخية، والحديثية، التي نختار منها ما يلي:
ألف: قال النويري وغيره: "كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" يبعث سلمة بن أسلم في ماءتي رجل، وزيد بن حارثة في ثلاث مئة يحرسون المدينة ويظهرون التكبير. وذلك أنه كان يخاف على الذراري من بني قريظة وكان عباد بن بشر على حرس قبة رسول الله "صلى الله عليه وآله" مع غيره من الأنصار، يحرسونه كل ليلة"([78]).
وكانت المدينة تحرس حتى الصباح، يسمع فيها التكبير حتى يصبحوا خوفاً([79]).
ب: وفي بعض المصادر: "وجعل المسلمون يتحارسون في عسكرهم"([80])
ج: وقال النويري: "ورسول الله "صلى الله عليه وآله" والمسلمون وجاه العدو، لا يزولون، يعتقبون خندقهم ويحرسونه، والمشركون يتناوبون الخ.."([81]).
ويفصل لنا الواقدي ذلك، فيقول: إن المسلمين كانوا "على خندقهم يتناوبون، معهم بضعة وثلاثون فرساً، والفرسان يطوفون على الخندق ما بين طرفيه، يتعاهدون رجالاً وضعوهم في مواضع منه إلى أن جاء عمر (رض) فقال: يا رسول الله، بلغني أن بني قريظة قد نقضت الخ.."([82]).
وتقدم: أنه "صلى الله عليه وآله" كان قد جعل للخندق أبواباً، وجعل على الأبواب حرساً.
وقال الواقدي: "كانوا يطيفون بالليل حتى الصباح يتناوبون. وكذلك يفعل المشركون أيضاً، يطيفون بالخندق حتى يصبحوا"([83]).
"ورسول الله "صلى الله عليه وآله" والمسلمون قبالة عدوهم، لا يستطيعون الزوال عن مكانهم، يعتقبون خندقهم يحرسونه"([84]).
وأسيد بن حضير كان يحرس في جماعة على الخندق أيضاً([85]).
د: وتقول عائشة: "كان في الخندق موضع لم يحسنوا ضبطه إذ أعجلهم الحال، وكان يخاف عليه عبور الأعداء منه، وكان النبي "صلى الله عليه وآله" يختلف ويحرسه بنفسه. ثم تذكر قصة حراسة سعد بن أبي وقاص لذلك الموضع في تلك الليلة([86]).
وكان النبي "صلى الله عليه وآله" بنفسه في الليالي يحرس بعض مواضع الخندق([87]).
وسيأتي حديث أم سلمة في ذلك في موضع آخر إن شاء الله تعالى.
ه‍ : وكان عباد بن بشر ـ كما يدَّعون ـ ألزم الناس لقبة رسول الله "صلى الله عليه وآله" يحرسها([88]). وذكروا الزبير بن العوام في جملة من حرس النبي "صلى الله عليه وآله" يوم الخندق([89]).
بل جاء أن عباد بن بشر، والزبير بن العوام كانا على حرس رسول الله "صلى الله عليه وآله"([90]).
وقد ظهر من بعض النصوص المتقدمة: أن المسلمين كانوا يتناوبون الحراسة([91]) أو حراسة نبيِّهم([92]).
و: كان بنو واقف قد جعلوا ذراريهم ونساءهم في أطمهم وكانوا يتعاهدون أهليهم بأنصاف النهار، فينهاهم النبي "صلى الله عليه وآله" فإذا ألحُّوا أمرهم "صلى الله عليه وآله" أن يأخذوا السلاح، خوفاً عليهم من بني قريظة فإنهم على طريقهم"([93]).
وكان كل من يذهب منهم إنما يسلكون على سلع، حتى يدخلوا المدينة، ثم يذهبون إلى العالية([94]).
وقال "صلى الله عليه وآله" للنساء حين جعلهن في أطم بني حارثة: "إن لم يكن أحد فالمعن بالسيف"([95]).
ز: حراسة العسكر ورصد العدو: أما بالنسبة لحراسة العسكر ورصد تحركات العدو، فإن القمي يقول: "كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" أمر أصحابه أن يحرسوا المدينة بالليل، وكان أمير المؤمنين "عليه السلام" على العسكر كله بالليل يحرسهم، فإن تحرك أحد من قريش نابذهم، وكان أمير المؤمنين "عليه السلام" يجوز الخندق، ويصير إلى قرب قريش، حيث يراهم، فلا يزال الليل كله، قائماً وحده يصلي، فإذا أصبح رجع إلى مركزه.
ومسجد أمير المؤمنين "عليه السلام" هناك معروف، يأتيه من يعرفه، فيصلى فيه، وهو من مسجد الفتح إلى العقيق أكثر من غلوة نشابة([96])"([97]).
وقفات مع ما تقدم:
ونقول:
إن الحذر من العدو، وسد المنافذ في وجهه، وحرمانه من فرصة تسديد ضربة هنا وضربة هناك، بهدف إرباك صفوف الجيش الإسلامي، أو إحداث ثغرات خطيرة فيه، وهو الذي كان بأمس الحاجة إلى التماسك والتقوي ببعضه البعض ـ إن ذاك ـ هو أولى مهمات القيادة الحكيمة والواعية، التي تريد أن تصل إلى أهدافها بأقل قدر ممكن من الخسائر، وأعلى درجة من الانضباطية والانسجام.
ومن الواضح: أن الأساليب الأمنية التي كان النبي "صلى الله عليه وآله" ينتهجها كانت ولا تزال كسائر أفعاله، وأقواله، ومواقفه مصدر إلهام لكل المؤمنين والواعين، الذين رأوا في هذا النبي الكريم أسوة وقدوة لهم. في كل الحالات والظروف.
وقد تمثل النشاط الأمني للمسلمين في غزوة الأحزاب ـ بعد إيجاد المـوانـع الطبيعية، التي يصعب على العـدو اختراقهـا مثل حفر الخندق، وتشبيك سائر المنافذ بالبنيان ـ في الأمور التالية:
1 ـ جعل الحرس على أبواب الخندق، بطريقة يصعب على العدو إيجاد مواضع نفوذ فيها، حين جعل الحرس من فئات شتى، ومتنافسة يرقب بعضهم بعضاً، حيث اختار من كل قبيلة رجلاً لهذه المهمة، كما تقدم بيانه.
2 ـ إن من الواضح: أن جعل الحرس في نقاط ثابتة ربما يهيئ للعدو فرصة للتخطيط للنفوذ إلى الداخل، بطريقة يتحاشى معها الصدام بنقاط الحراسـة، أو حتى إمكانية التفاتهـا إلى حقيقة مـا يجري فكانت الطريقة الأفضل والأمثل هي أن تنضم إليها دوريات للحراسة غير خاضعة لقيد الـزمـان ولا المكان. الأمر الذي يضيع على العـدو الإحساس بالأمن والنجاح والفلاح في أية محاولة يبادر إليها، ويقدم عليها. فكان "صلى الله عليه وآله" يبعث بالحرس على المدينة خوفاً من بني قريظة، وكانوا يتجولون فيها، ويظهرون فيها التكبير.
3 ـ بديهي أن التعرض للنساء يمثل ضربة روحية قاسية للمسلمين والمقاتلين، الذي قد يصل إلى درجة الإحباط لدى البعض، ويدفع البعض الآخر إلى التحرك بصورة غير واعية، ولا مسؤولة، الأمر الذي يؤثر على درجة الانضباط والتماسك. والنبي "صلى الله عليه وآله" يعرف: أن العدو لن يتأخر عن تسديد ضربة في هذا الاتجاه لو سنحت له الفرصة، ويعتبر ذلك من الأهداف الإستراتيجية والهامة له. فكان تجميع النساء والأطفال في الآطام من شأنه أن يسهل أمر حمايتهم من أي اعتداء، مع كونه يهيئ للمسلمين جواً من الطمأنينة وتمركزاً في مواضع الاهتمام والتحرك لو دهم أمر.
كـما أنه لا بد من الاحتياط لـلأمر، وعدم الاكتفاء بالحراسة الثابتة والمتنقلة، فوضع فيما بينه وبين النساء رمزاً يمكن الاستفادة منه لإفشال أية محاولة تستهدفهن وحين يرين أن الحالة الأمنية غير مؤايتة، مع عدم وجود أحد يمكن الاعتماد عليه في المواجهة ودفع غائلة العدو.
قال "صلى الله عليه وآله" لهن: "إن لم يكن أحد فالمعن بالسيف".
ويلاحظ هنا: أنه "صلى الله عليه وآله" قد اعتمد هذا الأسلوب، ولم يطلب منهن الصراخ والاستغاثة ونحوها مما يمثل إثارة عاطفية للمقاتلين والمسلمين، وقد ينشأ عنها حالة من التضعضع والإرباك وانشغال الخواطر إلى درجة الإخلال بالنشاط الحربي المطلوب، في مواجهة أحزاب الشرك في الجهة الأخرى.
4 ـ وغني عن القول أخيراً: أن بني واقف كانوا يخطئون في ترددهم إلى أهليهم بأنصاف النهار بلا سلاح، وقد يطمع ذلك العدو فيهم، وقد يفاجئهم العدو وهم على غير استعداد فتقع الكارثة.
أضف إلى ذلك: أنه لا بد من الابتعاد عن النساء والأطفال في أيام الحرب، لأن ذلك يثبط من عزائم المقاتلين ويشدهم إلى الأرض ويمنعهم من السمو في تفكيرهم وفي طموحاتهم وتصبح التضحيات واقتحام الأهوال، والصبر على المكاره أكثر صعوبة عليهم، وأشد وقعاً على نفوسهم، ويهيئهم نفسياً للابتعاد عن مواطن الخطر، أو التعب والضرر، ولو كان ذلك بتوطين أنفسهم على مواجهة عار الهزيمة، وخزي عصيان أمر النبي "صلى الله عليه وآله".
5 ـ ونلمح في النص المتقدم إصراراً من بني واقف على زيارة نسائهم وعوائلهم في الأطم الذي كانوا فيه رغم نهي النبي "صلى الله عليه وآله" لهم وربما يكون أمر النبي "صلى الله عليه وآله" لهم بحمل السلاح يرمي إلى الإيحاء غير المباشر لهم بأجواء الحرب، والاحتفاظ بدرجة من الاستعداد الروحي والنفسي لها، بالإضافة إلى أن ذلك هو مقتضى العمل بالحيطة والحذر، وهما الأمران المطلوبان في ظروف كهذه بصورة أكيدة وقاطعة، ولا أقل من أن ذلك يفيد في نطاق التعليم والتأسي لكل من يأتي بعده "صلى الله عليه وآله".
6 ـ والأهم من ذلك هو حراسة العسكر، الذي كان يتولاه علي "عليه السلام"، هذا العسكر الذي كان بأمس الحاجة إلى بعض الشعور بالامن والراحة في هذه الأجواء المثقلة بالهموم والشدائد، والمشحونة بالخوف الذي يصل لدى الكثيرين إلى حد الرعب. حتى لقد بلغت القلوب الحناجر، وظنوا بالله الظنون الباطلة والسيئة.
ولقد كانت أدنى حركة في أي موضع في أطراف ذلك العسكر كفيلة بإحداث إرباك خطير في ذلك العسكر كله.
فكانت هذه الحراسة ضرورية لهذا الجيش، الذي يطمئن إلى أنه لن يؤخذ والحال هذه على حين غرة، بل هناك من يبصر له وينذره في الوقت المناسب.
7 ـ وكان لا بد من رصد جيش الأعداء أيضاً، لأن حراسة المعسكر، وإن كانت تعطي قدرة إلى حد ما على التصدي، إلا أن معرفة تحركات العدو، وحجمها، واتجاهها في وقت مبكر يعطي هو الآخر، فرصة أكبر من مواجهته بالأساليب وبالمستوى الملائم، ويمنع من العجلة والتشويش في اتخاذ الإجراءات المؤثرة في دفع غائلة هذا العدو.
وكان علي "عليه السلام"، يقوم بدور الراصد لكل تحركات الأعداء، وكان هو العين الساهرة في المواقع المتقدمة في خط المواجهة، التي لم يكن يجرؤ عليها أحد سواه، كما ظهر من تجربة المسلمين مع عمرو بن عبد ود.
8 ـ وبعد، فرغم أن الله قد وفق لبقاء المسجد الذي يشهد لجهاد وتضحيـات علي "عليه السـلام"، وكـان هـذا المسجد معروفـاً، ويقصده المؤمنون للصلاة فيه، فإننا لا نكاد نجد لعلي "عليه السلام" ذكراً في هذا المجال.
ولا ندري إن كان هذا المسجد قد استطاع أن يصمد طويلاً أمام حقد الحاقدين على كل ما يمت لعلي وأهل بيته "عليهم السلام" بصلة، حتى انتهى ميراث هذا التجلي الوقح والغبي إلى من يطلق عليهم اسم: الوهابيين الذين لا تزال تظهر في كلماتهم وفي أفعالهم بوادر كثيرة تدل على حقد وكراهية وامتهان، ليس فقط لقدسية علي وأهل البيت "عليهم السلام"، بل وحتى لمقام النبوة الأقدس بالذات.
وقد أسلفنا بعضاً مما يشير إلى ذلك: في الجزء الأول من هذا الكتاب، ولا بأس بمراجعة الجزء الثالث من كتابنا: "دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام"، وبحث: "إدارة الحرمين الشريفين في القرآن الكريم".
فضائل موهومة لسعد ولعائشة:
رووا عن عائشة مـا ملخصه: أنه كـان في الخندق موضـع لم يحسنـوا ضبطه، إذ أعجلهم الحال، وكان "صلى الله عليه وآله" يختلف إليه ويحرسه بنفسه، خوفاً من عبور المشركين منه.
ورجع مرة من الخندق، وكانت تدفئه عائشة في حضنها، فإذا دفئ خرج إلى تلك الثلمة.
قالت: فبينا رسول الله في حضني قد دفئ، وهو يقول: ليت رجلاً صالحاً يحرس الليلة هذا الموضع (أو قال: يحرسني، أو: يحرس هذه الثلمة الليلة)، إذ سمع قعقعة السلاح، فقال: من هذا؟!
قال: سعد بن أبي وقاص.
فأمره أن يحرس هذا الموضع: فذهب سعد يحرسه، فنام النبي "صلى الله عليه وآله" حتى نفخ، وكان إذا نام نفخ([98]).
ونقول:
إننا نشك في صحة هذه القصة، ونعتقد أن المقصود بها هو تسجيل فضيلة لسعد، ولعائشة على حد سواء، وسبب شكنا هو ما يلي:
أولاً: إذا كان في الخندق موضع لم يحسنوا ضبطه، فلماذا لا يبادرون إلى ضبطه، وما المبرر لأن يترك ليكون مصدر خـوف للمسلمين من عبـور المشركين منه؟!
مع أن سلمان حين رأى مكاناً يمكن أن تطفره الخيل، قال لأسيد بن حضير، بعد أن ردوا عمرو بن العاص الذي كان في حوالي مئة رجل يريدون العبور من ذلك الموضع، قال سلمان لأسيد: "إن هذا مكان من الخندق متقارب، ونحن نخاف تطفره خيلهم، وكـان الناس عجلوا في حفره، وبادروا فباتوا يوسعونه، حتى صار كهيئة الخندق، وأمنوا أن تطفره خيلهم"([99]).
فلماذا يبادر سلمان للأمر بإصلاح ذلك الموضع، فيتم ما أراده في ليلة، ولا يبادر النبي "صلى الله عليه وآله" إلى مثل ذلك؟!.
ثانياً: لماذا يتمنى "صلى الله عليه وآله": "أن يأتي رجل صالح ليحرس ذلك الموضع في تلك الليلة"؟ ألم يكن بإمكانه أن يأمر جماعته بحراسة ذلك الموضع؟! والناس كلهم تحت أمره، ورهن إشارته؟!.
ثالثاً: حين كان يرجع إلى عائشة لتدفئه في حضنها!! من الذي كان يحرس تلك الثلمة؟! فلو أن العدو استطاع أن يتسلل منها في ذلك الوقت ألم يكن النبي "صلى الله عليه وآله" هو الذي فرَّط في هذا الأمر، وتسبب به؟!.
ولا نريد أن نسجل تحفظنا على دعوى: أن عائشة كانت تدفئ النبي "صلى الله عليه وآله" في حضنها!!.
ولا على حديث: أنه "صلى الله عليه وآله" نام حتى نفخ، وكان إذا نام نفخ!!
نساء النبي ' في غزوة الخندق:
يقول البعض: "كان النبي يعقب بين نسائه، فتكون عائشة أياماً، ثم تكون أم سلمة، ثم تكون زينب بنت جحش. فكان هؤلاء الثلاث اللاتي يعقب بينهن في الخندق. وسائر نسائه في أطم بني حارثة، ويقال: كن في "المسير" (النسر) أطم في بني زريق، وكان حصناً، ويقال: كان بعضهن في فارع، وكل هذا قد سمعنا"([100]).
ونقول:
إننا نشك في صحة ذلك:
أولاً: لقد صرحت أم سلمة بقولها: "كنت مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" في الخندق فلم أفارق مقامه كله، وكان يحرس الخ.."([101]).
ثانياً: لا يمكننا أن نقبل بـأن يصدر من النبي "صلى الله عليه وآلـه" ترجيح وميل لبعض زوجاته على حساب البعض الآخر، إذ لماذا يعقب بين خصوص هؤلاء: دون سائر زوجاته، ولم نسمع أن إحداهن تنازلت عن حقها لرفيقاتها في غزوة الخندق، وإن كان ذلك محتملاً في حد ذاته.
والذي نظنه: أنه لو صح حديث ذلك البعض، فالسبب في ذلك هو أنه "صلى الله عليه وآله" لم يكن عنده سوى هؤلاء الثلاث، بالإضافة إلى سودة بنت زمعة، التي كانت مسنة، وكانت قد وهبت ليلتها إلى عائشة. فلا بد من مراجعة تاريخ زواجه "صلى الله عليه وآله" بزوجاته.
ونظن أن النتيجة ستكون هي ما ذكرناه، فمن أراد التوسع فعليه أن يقوم بذلك.
المواجهة بين الفريقين:
"وأمر رسول الله صلوات الله عليه وآله المسلمين بالثبات في مكانهم، ولزوم خندقهم.. ونظر المشركون إلى الخندق فتهيبوا القدوم عليه، فجعلوا يدورون حوله بعساكرهم، وخيلهم، ورجلهم، ويدعون المسلمين: ألا هلم للقتال والمبارزة.
فلا يجيبهم أحد إلى ذلك، ولا يرد عليهم فيه شيئاً. ولزموا مواضعهم كما أمرهم رسول الله "صلوات الله عليه وآله"، قد عسكروا في الخندق، وأظهروا العدة، ولبسوا السلاح، ووقفوا في مواقفهم. وتهيَّب المشركون أن يلجوا الخندق عليهم. فلما طال ذلك، ونفذت أكثر أزوادهم، اجتمعوا الخ..([102]).
ثم يذكر ما جرى لعمرو بن عبد ود.
القتال بين المسلمين والمشركين:
تقول النصوص التاريخية:
"وصار المشركون يتناوبون، فيغدو أبو سفيان في أصحابه يوماً، ويغدو خالد بن الوليد يوماً، ويغدو عمرو بن العاص يوماً، ويغدو هبيرة بن أبي وهب يوماً، ويغدو عكرمة بن أبي جهل يوماً، ويغدو ضرار بن الخطاب يـومـاً، فـلا يزالون يجيلون خيلهم، ويفترقـون مـرة، ويجتمعون أخـرى، ويناوشون أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، أي يقربون منهم، ويقدمون رجالهم فيرمون.
ومكثوا على ذلك المدة المتقدمة، ولم يكن بينهم حرب إلا الرمي بالنبل والحصا"([103]).
وذكر البعض: أن ذلك كان في أكثر الأيام([104]).
"وكان المشركون يتناوبون الحرب، لكن الله تعالى لم يمكنهم من عبور الخندق، فإن شجعان الصحابة كانوا يمنعونهم بالنبال والأحجار"([105]).
واستمر الأمر على ذلك "حتى عظم البلاء، وخاف الناس خوفاً شديداً"([106]).
لكن البعض يذكر: أن الحرب كانت "ثلاثة أيام بالرمي بغير مجالدة ولا مبارزة"([107]) سوى ما كان من قتل الفرسان الذين عبروا الخندق.
وكان أبو سفيان في خيل يطيفون بمضيق من الخندق، فراماهم المسلمون حتى رجعوا([108]).
وفي مرة أخرى: كان عمرو بن العاص في نحو الماءة يريدون العبور من الخندق من مكان تطفره الخيل، فراماهم أسيد بن حضير، ومن معه من الحرس بالنبل والحجارة حتى ولوا.
وكان مع المسلمين في تلك الليلة سلمان، فقال لأسيد: إن هذا مكان من الخندق متقارب، ونحن نخاف تطفره خيلهم. وكـان النـاس عجلوا في حفره، وبادروا فباتوا يوسعونه، حتى صار كهيئة الخندق، وأمنوا أن تطفره خيلهم([109]).
"وكان عمرو بن العاص، وخالد بن الوليد كثيراً ما يطلبان غرَّة ومضيقاً، من الخندق يقتحمانه، فكان للمسلمين معهما وقائع في تلك الليالي"([110]).
وقال ضرار بن الخطاب:
نـراوحـهـم ونـغـدو كـل يــــوم عـلـيـهـم في السـلاح مدججينا([111])
"ثم إن خالد بن الوليد كرَّ بطائفة من المشركين يطلب غرَّة للمسلمين، أي غفلتهم، فصادف أسيد بن حضير على الخندق في ماءتين من المسلمين، فناوشوهم، أي تقاربوا منهم ساعة، وكان في أولئك المشركين وحشي، قاتل حمزة رضي الله عنه، فزرق([112]) الطفيل بن النعمان، فقتله.
ثم بعد ذلك صاروا يرسلون الطلائع بالليل، يطمعون في الغارة، أي في الإغارة، فأقام المسلمون في شدة من الخوف"([113]).
لكن صاحب تجارب الأمم يقول: تفرق ذلك الجمع من غير قتال إلا ما كان من عدة يسيرة اتفقوا على الهجوم على الخندق، يحكى: أن فيهم عمرو بن عبد ود فقتلوا([114]).
إلا أن يكون المراد: أنه لم يكن قتال بالسيوف والرماح، أما الرمي بالنبل والحصا فليس محط نظره.
ملاحظة:
وقبل أن نمضي في الحديث: نلفت نظر القارئ إلى هذا الاهتمام الظاهر بإبراز دور أسيد بن حضير، الذي قلنا: إن السياسة كانت تهتم بشأنه، وتعمل على تكريس وتكديس الفضائل له، مكافأة له على هجومه على بيت فاطمة "عليها السلام"، وقيامه بدور فاعل في تشييد خلافة قريبه أبي بكر.
كلام العلامة الحسني &:
وذكر العلامة الحسني: أن المشركين ألفوا ثلاث كتائب لمحاربة المسلمين، فأتت كتيبة أبي الأعور السلمي من فوق الوادي، وكتيبة عيينة بن حصن من الجنب، ووقف أبو سفيان ومن معه في الناحية الثانية من الخندق([115]).
لكننا قدمنا في فصل: الأحزاب إلى المدينة: أن أبا الأعور لم يكن له أي دور في الخندق، وأن أباه هو الذي شارك فيها.
روايات مشبوهة:
عن محمد بن مسلمة قال: كنا حول قبة رسول الله "صلى الله عليه وآله" نحرسه، ورسول الله "صلى الله عليه وآله" نائم نسمع غطيطه إذ وافت أفراس على سلع، فبصر بهم عباد بن بشر، فأخبرنا بهم.
قال: فامضِ إلى الخيل.
وقام عباد على باب قبة النبي "صلى الله عليه وآله" آخذاً بقائم السيف ينظرني، فرجعت فقلت: خيل المسلمين أشرفت عليها سلمة بن أسلم بن حريش، فرجعت إلى موضعنا.
ثم يقول محمد بن مسلمة: كان ليلنا بالخندق نهاراً حتى فرجه الله([116]).
وعن محمد بن مسلمة: أن خالد بن الوليد تلك الليلة أقبل في مئة فارس، من جهة العقيق حتى وقفوا بالمذاد وجاه قبة النبي "صلى الله عليه وآله" فنذرت بالقوم، فقلت لعباد بن بشر ـ وكان على حرس قبة النبي "صلى الله عليه وآله" وكان قائماً يصلي ـ أتيت، فركع، ثم سجد، وأقبل خالد في ثلاثة نفر هو رابعهم، فأسمعهم يقولون: هذه قبة محمد، إرموا.
فرموا، فناهضناهم حتى وقفنا على شفير الخندق، وهم بشفير الخندق من الجانب الآخر.
فترامينا، وثاب إلينا أصحابنا، وثاب إليهم أصحابهم، وكثرت الجراحة بيننا وبينهم.
ثم اتبعوا الخندق على حافتيه وتبعناهم، والمسلمون على محارسهم، فكلما نمر بمحرس نهض معنا طائفة، وثبت طائفة، حتى انتهينا إلى راتج، فوقفوا وقفة طويلة، وهم ينتطرون قريظة، يريدون أن يغيروا على بيضة المدينة، فما شعرنا إلا بخيل سلمة بن أسلم يحرس، قد أتت من خلف راتج.
فلاقوا خالداً، فاقتتلوا واختلطوا، فما كان إلا حلب شاة حتى نظرت إلى خيل خالد مولية. وتبعه سلمة بن أسلم حتى رده من حيث جاء.
فأصبح خالد، وقريش، وغطفان، تزري عليه وتقول: ما صنعت شيئاً فيمن في الخندق، ولا فيمن أصحر لك.
فقال خالد: أنا أقعد الليلة، وابعثوا خيلاً حتى أنظر أي شيء تصنع"([117]).
ونقول:
إن هذه الرواية موضع ريب وشك، لأن إصحار سلمة بن أسلم ومن معه لخـالد ومن معه واختلاطهم بهم يصعب تصديقه، لأن عبور سلمة وأصحابه إلى الجانب الآخر من الخندق أو مجيئهم من خلف راتج، من طرف الخندق، إلى جهة المشركين ينطوي على مخاطرة كبرى لما فيه من تعريض أنفسهم للإبادة الحتمية على يد ألوف المقاتلين من المشركين الذين كانت تعج بهم المنطقة.
ويلفت نظرنا هنا: أن الروايـة لم تشر إلى مبادرة خالـد لمطاولة هذه الجماعة القليلة، ثم طلب المدد من الجيش الذي هو أحد قواده. وقد كان عليه أن ينتهزها فرصة ذهبية نادرة ليلحق بالمسلمين نكبة هائلة ومروعة.
ثم إن تلك الرواية قد تحدثت: عن أن خالداً كان في مئة فارس، ولكنه حين أراد أن يرمي قبة النبي "صلى الله عليه وآله" كان في ثلاثة نفر هو رابعهم.
وحين ترامى خالد وأصحابه، ومحمد بن مسلمة وأصحابه أين كان عنه أصحابه، حتى يقول الراوي ـ وهو محمد بن مسلمة ـ وثاب إلينا أصحابنا، وثاب إليهم أصحابهم؟!
ومـا معنى قوله: ثم اتبعوا الخندق على حافتيه وتبعنـاهم. فهـل كـان خالد وأصحابه على حافتي الخندق؟! الأمر الذي يعني أن خالداً ومن معه قد عبروا الخندق إلى جهة المسلمين، أو العكس.
ثم إننا لا ندري مدى صحة هذه الرواية التي لم يروها لنا إلا محمد بن مسلمة، الرجل الذي كانت تهتم السلطة في إعطائه الأدوار الحساسة، لأنه كان من أعوانها.
ولكن الغريب في الأمر: أننا نجد المؤرخين لم يعيروا هذه الرواية أي اهتمام رغم أهمية وحساسية المعلومات التي تدَّعيها فيما يرتبط بحرب الخندق.
دعوى قتل طليعة للنبي ':
وعن مالك بن وهب الخزاعي: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" بعث سليطاً وسفيان بن عوف الأسلمي طليعة يوم الأحزاب، فخرجا حتى إذا كانا بالبيداء التفت عليهما خيل لأبي سفيان، فقاتلا حتى قتلا، فأتي بهما رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فدفنا في قبر واحد. فهما الشهيدان القرينان([118]).
ونحن نشك في صحة ذلك، لما يلي:
أولاً: بالنسبة لسنده، قال البزار: "لا نعلم روى مالك إلا هذه"([119]).
وقال: الهيثمي: "فيه جماعة لم أعرفهم"، وقريب من ذلك عند العسقلاني([120]).
وثانياً: إن من الواضح: أن سفيان بن عوف الأسلمي وهو الغامدي، هو الذي كان يغير على أطراف علي "عليه السلام"، ويرتكب الجرائم، ويهتك الحرمات، وقد ذكره أمير المؤمنين "عليه السلام" بقوله: "وإن أخا غامد الخ.." وكان من قواد معاوية الأساسيين، وكان يعظمه. وقد مات سنة اثنتين أو ثلاث، أو أربع وخمسين([121]).
ولنا أن نحتمل: أن تكون دعوى صحابية سفيان هذا قد جاءت لأجل إعطائه بعض المصونية والشأن الرفيع، حفاظاً على سيده معاوية من جهة، وإضعافاً لموقف علي "عليه السلام" من جهة ثانية، وتبريراً لمواقفه المخزية، وجرائمه الخطيرة التي ارتكبها بحق المسلمين الذين أغار عليهم وقتلهم، وهتك حرماتهم من جهة ثالثة.
حديث أم سلمة:
عن أم سلمة قالت: كنت مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" في الخندق، فلم أفارقه مقامه كله، وكان يحرس بنفسه في الخندق، وكنا في قرٍّ شديد. فإني لأنظر إليه قام فصلى ما شاء الله أن يصلي في قبته، ثم خرج فنظر ساعة، ثم قال: هذه خيل المشركين تطيف بالخندق، من لهم؟.
ثم نادى: يا عباد بن بشر!
قال: لبيك.
قال: أمعك أحد؟.
قال: نعم، أنا في نفر من أصحابي حول قبتك.
قال: فانطلق في أصحابك، فأطف بالخندق، فهذه خيل المشركين تطيف بكم، يطمعون أن يصيبوا منكم غرة، اللهم ادفع عنا شرهم، وانصرنا عليهم، واغلبهم، لا يغلبهم غيرك.
فخرج عبَّاد في أصحابه، فإذا هو بأبي سفيان في خيل المشركين يطيفون بمضيق الخندق، فرماهم المسلمون بالحجارة والنبل، فرجعوا منهزمين.
ثم جاء عبَّاد إلى النبي "صلى الله عليه وآله" فوجده يصلي، فأخبره، قالت أم سلمة: فنام حتى سمعت غطيطه([122]).
ويستوقفنا في هذا الحديث:
1 ـ قول أم سلمة أنها كانت مع رسول الله في غزوة الخندق. وأنها لم تفارقه فيها أصلاً. وهذا يكذِّب ما يقوله البعض: من أنه "صلى الله عليه وآله" كان يعقب بينها وبين عائشة وزينب بنت جحش.
2 ـ عبارة أم سلمة: فنام حتى سمعت غطيطه. لا ندري مدى صحة حصول الغطيط منه "صلى الله عليه وآله"، ونحن نتوقع منه خلاف ذلك. فإن الغطيظ من المنفرات التي يتنزه عنها النبي "صلى الله عليه وآله".
3 ـ قولها: وكنا في قرٍّ شديد. قد تقدم في الفصل الأول ما يوجب الشك في هذا الأمر.
4 ـ لا ندري كيف لم يلتفت عبَّاد بن بشر ومن معه إلى خيل المشركين وهي تطيف بالخندق، وكيف رآها النبي "صلى الله عليه وآله" دونهم؟ فهل علم "صلى الله عليه وآله" ذلك عن طريق الوحي؟! إن ظاهر الرواية: هو أنه "صلى الله عليه وآله" علم ذلك بواسطة عينه الباصرة.
5 ـ أين كان سائر المسلمين عن حراسة خندقهم، ألم يكونوا يتناوبون عليه يحرسونه، ويطوفون به؟ لكن ذلك لا يعني أن تكون الرواية كاذبة من أساسها، فلعل النبي "صلى الله عليه وآله" قد نبه المسلمين لمحاولة تسلل من المشركين لم يكونوا قد التفتوا إليها، لانشغالهم بحديث فيما بينهم.
حديث آخر ينسب لأم سلمة:
عن أم سلمة قالت: والله، إني لفي جوف الليل في قبة النبي "صلى الله عليه وآله"، وهو نائم إلى أن سمعت الهيعة([123])، وقائل يقول: يا خيل الله (وكان رسول الله قد جعل شعار المهاجرين: يا خيل الله) ففزع "صلى الله عليه وآله" بصوته، وخرج من القبة، فإذا نفر من الصحابة عند قبته يحرسونها منهم عباد بن بشر، فقال "صلى الله عليه وآله": ما بال الناس؟
قال عباد: يا رسول الله هذا صوت عمر بن الخطاب، الليلة نوبته، ينادي: يا خيل الله، والناس يثوبون إليه، وهو من ناحية حسيكة، ما بين ذباب ومسجد الفتح.
فأمر "صلى الله عليه وآله" عباداً أن يأتيه بالخبر، فذهب ثم رجع إلى النبي "صلى الله عليه وآله" فقال: يا رسول الله، هذا عمرو بن عبد في خيل المشركين، معه مسعود بن رخيلة في خيل غطفان، والمسلمون يرامونهم بالنبل والحجارة.
قالت: فدخل "صلى الله عليه وآله" فلبس درعه ومغفره وركب فرسه، وخرج معه أصحابه، حتى أتى تلك الثغرة، فلم يلبث أن رجع وهو مسرور، فقال: صرفهم الله، وقد كثرت فيهم الجراحة.
ثم دخل "صلى الله عليه وآله" فنام، فسمعوا هائعة أخرى، فانتبه "صلى الله عليه وآله" فأخبروه أنه ضرار بن الخطاب، فلبس "صلى الله عليه وآله" درعه ومغفره وركب فرسه إلى تلك الثغرة، وعاد في وقت السحر، وهو يقول: رجعوا مفلولين قد كثرت فيهم الجراحة([124]).
ونقول:
قد يمكن للبعض أن يشكك في صحة هذه الرواية، على اعتبار: أن الروايات الأخرى قد تحدثت عن هزيمة عمر بن الخطاب أمام ضرار، وأنه كاد أن يقتله، ثم كف عنه، لأنه كان لا يقتل قرشياً قدر عليه، كما سيأتي.
كما أن الطبري وغيره يذكرون: أنه قد اختبأ هو وطلحة وغيرهما في بستان إبان حرب الخندق، كما سيأتي عن قريب.
ولكن هذا التشكيك يمكن دفعه: بأن عمر لم يواجه حرباً بنفسه هنا، بل واجهها بغيره، أي بواسطة المسلمين الذين تصدوا للمشركين، وليس بالضروة أن يصل به الرعب والخوف إلى حد الهزيمة من ساحة الحرب، حتى حين يكون المتحاربون هم الآخرون.
غير أن ما يلفت نظرنا هنا: هو ما نراه بوضوح من محاولات جادة لإيجاد دور ما لأشخاص بأعيانهم، كان لهم دور سلطوي بعد وفاة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، أو دور في تركيز دعائم السلطة بعده "صلى الله عليه وآله" أو مناوأة آل أبي طالب بشكل أو بآخر، فنجد الاهتمام بإبراز دور ما لأبي بكر، ولعمر، وللزبير، ولمحمد بن مسلمة، ولسلمة بن أسلم، وعباد بن بشر، وسعد بن أبي وقاص، وأسيد بن حضير.
والمطلع على تاريخ هؤلاء يجد: أنهم كانوا على العموم من المناوئين لعلي وأهل البيت عليهم الصلاة والسلام، ومنهم من هو من أركان الحكم وأعوانه، أو من المشاركين في الاعتداء على الزهراء "عليها السلام" حين قيامهم بعدة هجمات على بيتها صلوات الله وسلامه عليها.
إصابة سعد بن معاذ بسهم:
ويذكر المؤرخون: أنه كان للمشركين رماة يقدمونهم إذا غدوا متفرقين، أو مجتمعين بين أيديهم وهم حبان بن العرقة، وأبو أسامة الجشمي في آخرين.
فتناوشوا يومـاً بالنبل سـاعة، وهم جمعيـاً في وجـه واحـد، وجـاه قبة رسول الله، ورسول الله "صلى الله عليه وآله" قائم بسلاحه على فرسه، فرمى حبان بن العرقة سعد بن معاذ بسهم، فأصاب أكحله.
وقال: خذها وأنا ابن العرقعة.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": عرق الله([125]) وجهك بالنار، (أو قال له سعد نفسه ذلك).
ويقال: بل رماه أبو أسامة الجشمي، وقيل: خفاجة بن عاصم([126]).
وقال سعد: اللهم إن أبقيت من حرب قريش شيئاً فأبقني لها، فإنه لا قوم أحب إليَّ أن أجاهدهم من قوم آذوا رسولك، وأخرجوه وكذبوه. اللهم إن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم، فاجعلها لي شهادة، ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة، وكانوا حلفاءه ومواليه في الجاهلية([127]).
أضاف البعض هنا قوله: فلما قال سعد ما قال إنقطع الدم([128]).
حديث عائشة حول سعد:
وتقول عائشة ـ كما روي ـ : إن ابن معاذ مر عليها، وهي في الحصن، حصن بني حارثة، وكان من أحرز حصون المدينة ـ وذلك قبل أن يفرض علينا الحجاب([129]) ـ وعليه درع مقلصة قد خرجت منها أذرعه كلها، وفي يده حربة يرقد (يرقل) بها، وهو يقول:
لـبـثـت قـلـيـلاً يشهد الهيجا حمل مـا أحسن المـوت إذا حـان الأجل
فقالت له أمه: الحق بني فقد ـ ولله ـ أخرت.
فقالت لها عائشة: والله لوددت أن درع سعد كانت أسبغ مما هي عليه، قالت: وخفت عليه حيث أصاب السهم منه.
فقالت أم سعد: يقضي الله ما هو قاض.
فقضى الله أن أصيب يومئذٍ([130]).
ونقول:
إننا نرجح أن يكون أبو أسامة الجشمي هو الذي قتل ابن معاذ، وذلك:
أولاً: لأن بعض المصادر تذكر لأبي أسامة الجمشي أبياتاً فيها أنه هو الذي رمى سعداً فأصابه، فقد قال مخاطباً عكرمة، ومشيراً إلى قتله سعداً:
أعـكــرم هـلا لمـتـنـي إذ تقول لي فـداك بـآطــام المـديـنـة خــالــد
ألـست الذي ألزمت سعداً مريشة لهـــا بـيــن أثـنـاء المـرافـق عاند
قـضى نحبـه منهـا سعيداً فاعولت عليه مع الشمط العذارى النواهـد
الأبيات([131]).
ثانياً: ذكرت الروايات: أن سعد بن أبي وقاص قد رمى يوم أحد حبان بن العرقة بسهم فوقع في ثغرة نحره (أو في نحره) فوقع على ظهره وبدت عورته، فضحك "صلى الله عليه وآله" حتى بدت نواجذه.
فهل عاش حبان من جديد؟ أو لم يمت من سهم أصابه في نحره!! ـ وعاش ـ حتى رمى سعد بن معاذ في أكحله في الخندق؟([132]).
إلا أن تكون قصة أُحد: قد صنعها محبو سعد بن أبي وقاص لإثبات فضيلة له، وذلك عن هؤلاء غير بعيد، فقد رأيناهم يفعلون ذلك في كثير من المواضع، ثم سرعان ما ينسيهم الله ذلك، فتظهر الحقيقة على ألسنتهم من جديد، ويكذبون أنفسهم من حيث لا يشعرون.
الاختلاف في من قتل سعد بن معاذ:
وأما الاختلاف في قاتل سعد بن معاذ، فهو يعود ـ فيما يظهر لنا ـ إلى أن الذين كانوا يرمون باتجاه سعد والمسلمين كانوا أكثر من واحد، فاختلطت السهام، واستطاع كل منهم أن يدَّعي لنفسه أنه تمكن من قتل سيد قبيلة الأوس في المدينة وهو ـ باعتقادهم ـ شرف عظيم أراد كل منهم أن يخص نفسه به، مع أنه في الحقيقة غاية الخزي والعار، لو كانوا يعلمون.
سعد في خيمة رفيدة:
وأمر "صلى الله عليه وآله" بنقل سعد حينما جرح إلى خيمة رفيدة التي كانت أقامتها في مسجد النبي "صلى الله عليه وآله" لمداواة الجرحى.
زاد القمي قوله: وكان يتعاهده بنفسه([133]).
ونستفيد من ذلك: إمكانية أن تتولى المرأة مداواة الجرحى. وقد تحدثنا عن ذلك بشيء من التفصيل في كتابنا: الآداب الطبية في الإسلام، فنحن نرجع القارئ الذي يريد التوسع إليه.
إصابة أُبي بن كعب في أكحله:
وتذكر بعض الروايات عن جابر: أن أُبي بن كعب، رمي يوم الأحزاب على أكحله، فكواه رسول الله "صلى الله عليه وآله".
وعنه أي عن جابر: بعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى أُبي بن كعب طبيباً فقطع منه عرقاً، ثم كواه عليه([134]).
ونحن نتساءل عن السبب الذي لم يقدم لأجله النبي "صلى الله عليه وآله" على معالجة سعد بن معاذ بهذه الطريقة حتى يشفى، أم أنه عالجه، لكن لم يفده العلاج لأن جراحته تختلف عن جراحة أُبي؟!
هل فر عمر وطلحة في غزوة الخندق؟
والذي يثير فينا العجب هنا: أننا نجد عائشة تروي لنا ما يدل على فرار جماعة من الصحابة في حرب الخندق، واختبائهم في حديقة هناك.
قال الطبري: "حدثنا سفيان بن وكيع قال: حدثنا محمد بن بشر، قال حدثنا محمد بن عمرو، قال: حدثني أبي عن علقمة، عن عائشة قالت:
خرجت يوم الخندق أقفو آثار الناس، فوالله إني لأمشي إذ سمعت وئيد الأرض خلفي ـ يعني حس الأرض ـ فالتفت فإذا أنا بسعد، فجلست إلى الأرض، ومعه ابن أخيه الحارث بن أوس ـ شهد بدراً مع رسول الله "صلى الله عليه وآله"، حدثنا بذلك محمد بن عمرو ـ يحمل مجنه، وعلى سعد درع من حديد، قد خرجت أطرافه منها، قالت: وكان من أعظم الناس وأطولهم.
قالت: فأنا أتخوف على أطراف سعد، فمر بي، يرتجز ويقول:
لـبـث قـلـيـلاً يـدرك الهيجا حمل مـا أحسن المـوت إذا حـان الأجل
قالت: فلما جاوزني قمت، فاقتحمت حديقة فيها نفر من المسلمين، فيهم عمر بن الخطاب، وفيهم رجل عليه تَسْبِغَة له ـ قال محمد: والتسبغة: المغفر لا ترى إلا عيناه ـ فقال عمر: إنك لجرية، ما جاء بك؟ ما يدريك؟ لعله يكون تحوّز، (تحرف) أو بلاء.
فوالله ما زال يلومني حتى وددت أن الأرض تنشق لي فأدخل فيها، فكشف الرجل التَسْبِغَة عن وجهه: فإذا هو طلحة.
فقال: إنك قد أكثرت، أين الفرار، وأين التحوّز (التحرف) إلا إلى الله عز وجل([135]).
نقول:
إن طلحة يتضايق من جهر عمر بالفرار أمام عائشة، ثم لما رأى أنه يكرر ذلك لها، يستنكر أن يكون هذا فراراً، ويعتبره فراراً إلى الله عز وجل.
ونلفت النظر هنا: إلى تجاهل جل المؤرخين لهذه الرواية، رغم أنهم يرون في الطبري المثل الأعلى لهم، وهم ينقلون عنه ويعتمدون عليه، ولعله هو بالإضافة إلى سيرة ابن هشام، يأتي على رأس القائمة في أي مراجعة للسيرة، أو تسجيل أي حدث، أو موقف منها.
كما أننا لا نستبعد: أن تكون هذه هي القضية الصحيحة، لا قضية عائشة مع أم سعد.
ثم إننا لا ننسى أن نسجل هنا تساؤلاً يبقى حائراً، وهو أنه كيف سوَّغت عائشة لنفسها أن تخرج من الحصن الذي وضعها النبي "صلى الله عليه وآله" فيه، مع خطورة الموقف وحساسيته المتناهية، ومع عدم إذن النبي "صلى الله عليه وآله" لها بذلك، إذ لو كانت مأذونة منه "صلى الله عليه وآله" لاحتجت به على عمر، ولم تصبر على هذا التقريع المر الذي واجهها به، حتى إنها لتود أن تنشق لها الأرض، فتدخل فيها.
ولعل مما يؤيد فرار الكثيرين يوم الخندق: ما سيأتي في حديث حذيفة حينما أرسله النبي "صلى الله عليه وآله" لكشف خبر قريش، حيث ذكر أنه لم يبق مع النبي سوى اثني عشر رجلاً فقط([136]).
والرواية الأخرى تقول: إن الناس تفرقوا ولم يبق من العسكر غير ثلاثة مئة([137]).
من بطولات سعد بن أبي وقاص:
ويقولون: "كان يوم الخندق رجل من الكفار معه ترس، وكان سعد رامياً. وكان الرجل يقول كذا بالترس، يغطي جبهته، فنزع له سعد بسهم، فلما رفع رأسه رماه سعد لم يخطئ هذه منه، يعني جبهته، فانقلب وأشال برجله، فضحك النبي "صلى الله عليه وآله" حتى بدت نواجذه، يعني من فعله بالرجل"([138]).
ونقول:
إننا نشك في صحة ذلك:
ألف: إن الذين قتلوا من المشركين معروفون، وستأتي أسماؤهم، وأسماء الذين قتلوهم، وهم:
1 ـ عمرو بن عبد ود، وقد قتله علي أمير المؤمنين "عليه السلام".
2 ـ حسل بن عمرو بن عبد ود، قتله علي "عليه السلام" أيضاً.
3 ـ نوفل بن عبد الله، قتله علي "عليه السلام"، وقيل: بل قتله الزبير، وسيأتي أنه غير صحيح.
4 ـ منبه بن عثمان، أو عثمان بن أمية بن منبه، أصابه سهم غرب فمات منه بمكة، وسيأتي ذلك مع مصادره في الفصل الأخير من هذا الباب.
فأين ذلك الرجل الذي قتله سعد بسهم؟!.
إلا أن يقال: إنه أصابه في جبهته، وانقلب وأشال برجله، لكنه لم يمت.
ب: إن هذه الرواية هي ـ تقريباً ـ نفس الحكاية التي تحكى لسعد مع حبان بن العرقة في غزوة أحد.
إلا أنها ذكرت: أن هذا كان يتلاعب بترسه، فرماه سعد في جبهته، وقد أشرنا غير مرة إلى أننا نجد اهتماماً خاصاً بتسطير الفضائل لسعد لتعويضه عن فراره في المواطن، ولرد الجميل له على مواقفه المؤيدة للسلطة التي اغتصبت مقام الخلافة بعد الرسول الأعظم "صلى الله عليه وآله".
وقد أشرنا إلى ذلك: في غزوة أحد حين الكلام عن بطولات سعد الموهومة، فراجع.
بطولات وهمية للزبير:
روى البيهقي من طريق حماد بن زيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير، قال: جعلت يوم الخندق مع النساء والصبيان في الأطم (يعني حصناً) ومعي عمر بن أبي سلمة، فجعل يطأطئ لي، فأصعد على ظهره، فأنظر إليهم كيف يقتّلوا، وأطأطئ له فيصعد فوق ظهري، فينظر.
قال: فنظرت إلى أبي، وهو يحمل مرة ها هنا، ومرة ها هنا، فما يرتفع له شيء إلا أتاه.
فلما أمسى جاءنا إلى الأطم، قلت: يا أبه، رأيتك اليوم وما تصنع.
قال: ورأيتني يا بني؟!.
قلت: نعم.
قال: أما إن رسول الله قد جمع لي أبويه.
قال: فداً لك أبي وأمي([139]).
ونقول:
قد قدمنا في فصل: غدر بني قريظة: أن عبد الله بن الزبير كان آنئذٍ طفلاً صغيراً جداً، ولم يكن بحيث يمكن أن يصدر منه ذلك فقد كان عمره أقل من سنتين على ما يظهر، فراجع ما قدمناه.
هذا بالإضافة إلى أننا: لم نفهم معنى لما يدَّعيه ابن الزبير من حملات لأبيه هنا، وحملات هناك، ونحن نعلم أن ذلك لم يحدث في الخندق، بل الذي كان هو المراماة بالنبل والحصا في بعض الأحيان.
أما قضية المبازرة فإنما كانت بين علي "عليه السلام" وعمرو بن عبد ود، كما سيأتي.
هذا بالإضافة إلى: أن هذا الحديث زبيري سنداً ومتناً، ولم نجد من روى لنا هذه المواقف البطولية للزبير في حرب الأحزاب.
قدامة بن مظعون في حرب الخندق:
عن نافع، عن ابن عمر، قال: "بعثني خالي عثمان بن مظعون لآتيه بلحاف، فأتيت النبي "صلى الله عليه وآله"، فاستأذنته ـ وهو بالخندق ـ فأذن لي، وقال لي: من لقيت منهم، فقل لهم: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" يأمركم أن ترجعوا.
قال: فلقيت الناس، فقلت لهم..
إلى أن قال ابن عمر: والله ما عطف عليَّ منهم اثنان أو واحد"([140]).
ونقول:
ألف: إن هذه الرواية موضع ريب، لأن عثمان بن مظعون قد توفي قبل الخندق بزمان، فإنه أول من مات بالمدينة من المهاجرين. وذلك بعد بدر في السنة الثانية من الهجرة الشريفة.
وقد احتمل البعض: أن يكون المقصود هو قدامة بن مظعون فراجع([141]).
ب: قد يقال: إن هذه الرواية تدل على أن طائفة من الناس قد فروا يوم الخندق، وفقاً لما تقدم من فرار جماعة فيهم عمر وطلحة، وقد اختبأوا في حديقة هناك، فاكتشفتهم عائشة.
وسيأتي أيضاً: أن الناس قد تفرقوا عن النبي "صلى الله عليه وآله" حتى بقي في ثلاث مئة. بل في اثني عشر رجلاً كما في رواية القمي، والحاكم في المستدرك بسند صححه هو والذهبي.
لكن قد يجاب عن ذلك: بأن من الممكن أن تكون الرواية ناظرة إلى حالة المسلمين لما بلغهم فرار المشركين، فإنهم تركوا النبي وقصدوا المدينة لا يلوون على شيء، وسيأتي ذلك في آخر فصل: نهاية حرب الخندق.
إلا أن هذا الجواب لا يكفي: إذ لا معنى لطلب النبي من الناس الرجوع إلى مواقعهم، بعد ذهاب الأحزاب.
ج: إن هذه الرواية تشير إلى أنه قد كان ثمة دقة في التنظيم، وهيمنة قيادية، قد فرضت عدم تغيب أي عنصر مشارك في الحرب إلا بإذن من الرسول "صلى الله عليه وآله" مباشرة، الأمر الذي يتيح للقيادة أن تبقى على اطلاع تام على حجم وفعالية القوة التي تعمل تحت قيادتها، فتتمكن من التخطيط الدقيق والسليم وفي نطاق وحدود القدرات المتوفرة لديها، والإستئذان هذا كان من الجميع حتى من المنافقين لأعذار مختلفة.
القتال بين المسلمين وبين بني قريظة:
قد ذكرت النصوص التاريخية عـدة مـوارد يقـال: إنها حصلت فيها مناوشات فردية بين المسلمين واليهود، وذكرت أيضاً حوادث محدودة في نطاق التدبير العسكري فيما بين الفريقين.
بالإضافة إلى: تحركات عامة في دائرة التفاهم لشن هجوم مشترك على المسلمين، ونذكر هذه الأمور في ضمن النقاط التالية:
ألف: التفكير بمباغتة المدينة:
قال الدياربكري: "واستعان بنو قريظة من قريش ليبيتوا المدينة فعلم به النبي "صلى الله عليه وآله"، فبعث سلمة بن الأسلم في ماءتي رجل، وزيد بن حارثة في ثلاث مئة رجل حتى حرسوا حصون المدينة ومحلاتها"([142]).
ويفصّل ذلك البعض، فيقول: همت بنو قريظة أن يغيروا على بيضة المدينة ليلاً، فأرسلوا حيي بن أخطب إلى قريش أن يأتيهم منهم ألف رجل، ومن غطفان ألف فيغيروا بهم.
فجاء الخبر بذلك رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فعظم البلاء، وبعث سلمة بن أسلم في مئتي رجل، وزيد بن حارثة في ثلاث مئة يحرسون المدينة، ويظهرون التكبير، ومعهم خيل المسلمين، فإذا أصبحوا أمنوا.
فكان أبو بكر يقول: لقد خفنا على الذراري بالمدينة من بني قريظة أشد من خوفنا من قريش وغطفان. ولقد كنت أوفي على سلع، فأنظر إلى بيوت المدينة، فإذا رأيتهم هادين حمدت الله عز وجل، فكان مما رد الله به بني قريظة عما أرادوا: أن المدينة كانت تحرس"([143]).
ونقول:
إنه ربما يستفاد من قوله تعالى: ?إِذْ جَاؤُوكُم مِن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَل مِنكُمْ? أن بني قريظة قد تحركوا لقتال المسلمين، أو لمحاصرتهم، أو عملوا على ذلك بطريقة أو بأخرى.
هذا.. ولم تذكر لنا الرواية سبب عدم استجابة قريش وغطفان لطلب بني قريظة، ولا الطريقة التي علم بها رسول الله بإرسال بني قريظة تلك الرسالة إلى الأحزاب.
كما أننا لا نكاد نطمئن: إلى أن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يبادر إلى حراسة المدينة إلا بعد أن علم بعزمهم على تبييتها. فإن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يكن ليغفل عن حراسة المدينة من أول يوم خرج فيه لحفر الخندق ومواجهة الأحزاب، بل من أول ساعة.
أضف إلى ذلك كله: أن تخصيص خمس مئة مقاتل لحراسة المدينة، أي ما ربما يزيد على نصف جيش المسلمين، ثم الإكتفاء بالنصف أو بأقل من ذلك ـ حسبما تقدم عن عـدة المسلمين ـ ليواجهـوا جيش الأحزاب ـ إن هذا ـ قد يكون أمراً مبالغاً فيه، فلعله كان يرسل مئتين على التناوب، فتارة يرسل سلمة، وتارة يرسل زيداً، وهكذا.
ب: قصة خوات بن جبير واليهودي:
وبعث "صلى الله عليه وآله" خوات بن جبير لينظر غرة لبني قريظة، أو خللاً من موضع، فكمن لهم، فنام، فحمله رجل منهم وقد أخذه النوم، فأفاق، فعرف أن حامله طليعة لبني قريظة، فأمكنه الله من الرجل وقتله، ولحق بالنبي "صلى الله عليه وآله" وأخبره، بعد أن كان "صلى الله عليه وآله" قد عرف بالقضية من جهة جبرئيل([144]).
ونقول:
إننا لا ندري لماذا يفضل ذلك اليهودي حمل عدوه على ظهره؟! ولا يبادر إلى قتله، والتخلص منه.
والذي نعلمه في حالات كهذه هو أن يكون نوم من ينام قلقاً وغير مستقر، حتى إن النائم ليتنبه لأدنى حركة أو لمسة له، ونجد أن هذا اليهودي يحمل هذا النائم ويرفعه إلى كتفه ولا يشعر به.
ثم كيف عرف خوات بن جبير أن حامله طليعة لبني قريظة؟! هذا ما لم تصرح لنا الرواية به.
وإذا أغمضنا النظر عن ذلك: فإن اهتمام النبي "صلى الله عليه وآله" بالعمل الإستخباري في حروبه ظاهر للعيان.
ولكن طلب الغرة لبني قريظة والخلل من موضع، إنما يتناسب مع التخليط لمهاجمتهم، وذلك لم يكن متيسراً، أو فقل: لم يكن مطروحاً للتداول به والتخطيط له في غزوة الخندق.
فلعل رسول الله "صلى الله عليه وآله" كان يمهد لغزوهم حين فراغه من الأحزاب، فكان إرسال الطلائع تمهيداً لذلك.
ج: تحركات، وتحرشات:
وخرج نباش (ولعل الصحيح: شاس) بن قيس في عشرة من اليهود يريد المدينة، ففطن بهم نفر من أصحاب سلمة بن أسلم، فرموهم حتى هزموهم([145]).
ومر سلمة في من معه، فأطاف بحصون يهود، فخافوه، وظنوا: أنه البيات.
ومن الواضح: أن هؤلاء اليهود لا يشكلون خطراً جدياً على المسلمين، إلا من حيث أنهم طليعة للعدو، وتريد أن تحصل على معلومات تفيد في توجيه ضربة عسكرية للمسلمين، أو من حيث أنهم يريدون الحصول على مكاسب مادية، لظنهم أن المسلمين في غفلة عن بعض المواقع التي يمكنهم التسلل إليها للحصول على ما يمكن الحصول عليه منها.
أو من حيث إحداث بلبلة في صفوف المسلمين، حين يشعرون أن نساءهم في معرض خطر أكيد من قبل الأعداء.
ومن الملفت للنظر أيضاً: هذا الرعب من قبل اليهود لمجرد رؤيتهم سلمة بن أسلم يطيف بحصونهم، مع أنهم يظنون أنهم مانعتهم حصونهم.
د: قتل مغامر:
روى الطبراني بسند رجاله ثقات عن رافع بن خديج، قال: لم يكن حصن أحصن من حصن بني حارثة، فجعل النبي "صلى الله عليه وآله" النساء والصبيان والذراري فيه.
وقال لهن: إن لم يكن أحد فالمعن بالسيف. فجاءهن رجل من بني (ثعلبة) حارثة بن سعد، يقال له: نجدان، أحد بني جحاش على فرس، حتى كان في أصل الحصن، ثم جعل يقول لهن: انزلن إلي خير لكن.
فحركن السيف، فأبصره أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فابتدر الحصن قوم فيهم رجل من بني حارثة، يقال له: ظفر بن رافع، فقال: يا نجدان ابرز.
فبرز إليه، فقتله، وأخذ رأسه فذهب به إلى النبي "صلى الله عليه وآله"([146]).
ولنا ملاحظة على هذا النص، وعلى نص سابق شبيه به: وهو أنه "صلى الله عليه وآله" قد قال لهن: إن لم يكن أحد فالمعن بالسيف، فهل هذا يعني: أن يلمعن بالسيف لإيهام الأعداء وجود أسلحة معهن؟!
الجواب: قد يكون لا، لأن هذا لو صح لكان الأنسب أن يقول لهن، فالمعن بالسيوف، إلا أن يكون المقصود هو جنس السيف، لا السيف الواحد.
والظاهر: أنه "صلى الله عليه وآله" يريد أن يلمعن بالسيف لو تعرضن لأي هجوم من الأعداء ليعرف المسلمون بالأمر، لينجدوهن بالرجال.
ومعنى ذلك: هو أن موضع النساء كان قريباً من جيش المسلمين، وفي مقابلهم. كما أن هذه الطريقة لن تنفعهم إلا في وقت النهار، وحيث تكون السماء صافية والشمس طالعة لا مطلقاً. إذ في الليل وحيث لا شمس لا يلمع السيف.
صفية وحسان بن ثابت واليهودي:
روى الزبير بن العوام: أن صفية كانت في حصن فارع.
وفي نص آخر: "في حصن حسان بن ثابت" مع نساء النبي "صلى الله عليه وآله"، وكان معهن حسان بن ثابت، فرقى يهودي الحصن حتى أشرف عليهن، فقالت صفية: يا حسان قم إليه حتى تقتله.
وفي نص آخر: أن اليهودي جعل يطوف بذلك الحصن، فخافت صفية أن يدل على عورة الحصن.
قال: لا والله، ما ذاك فيَّ، ولو كان فيَّ لخرجت مع رسول الله "صلى الله عليه وآله".
قالت صفية: فاربط السيف على ذراعي. ثم تقدمت إليه حتى قتلته، وقطعت رأسه، فقالت له: خذ الرأس وارم به على اليهود.
قال: وما ذاك فيَّ.
فأخذت الرأس فرمت به على اليهود.
فقالت اليهود: قد علمنا: أنه لم يك يترك أهله خلوفاً، ليس معهم أحد.
ويذكر نص آخر: أنها طلبت منه أن يسلبه فرفض.
ونص آخر يذكر: أنها قتلته بواسطة عمود.
وفي غيره: قتلته بفهر. وتذكر رفض حسان لسلبه، ولا تذكر حديث قطع رأسه([147]).
وقد زاد أبو يعلى: "فأخبر بذلك رسول الله "صلى الله عليه وآله" فضرب لصفية بسهم، كما يضرب للرجل"([148]).
لكن نصاً آخر يقول: إن غزال بن سموأل أقبل مع عشرة من اليهود نهاراً فجعلوا يستترون ويرمون الحصن. "وقد حاربت قريظة، ورسول الله "صلى الله عليه وآله" في نحر العدو، لا يستطيعون أن ينصرفوا عنهم إلينا إذا أتاهم آت"([149]).
ونقول:
يلفت نظرنا في هذه الرواية أمور عدة، نذكر منها:
ألف: جبن حسان:
قال البلاذري والوقداي: "كان حسان رجلاً جباناً"([150]).
وقال ابن الأثير: "كان حسان من أجبن الناس حتى إن النبي "صلى الله عليه وآله" جعله مع النساء في الآطام يوم الخندق"([151]).
وقال الحلبي: "وهذا يدل على ما قيل: إن حسان بن ثابت كان من أجبن الناس كما تقدم"([152]).
وقد صرحوا: بأن حساناً لم يشهد مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" مشهداً قط لأنه كان جباناً([153]). وكان حسان ضارباً وتداً في ناحية الأطم، فإذا حمل أصحاب النبي "صلى الله عليه وآله" على المشركين حمل على الوتد فضربه بالسيف، وإذا أقبل المشركون ترك الوتد كأنه يقاتل قرناً. كان يرى أنه يجاهد جبناً عن القتال([154]).
وقال الإسكافي: "لو كان الضعيف والجبان يستحقان الرياسة بقلة بسط الكف، وترك الحرب وأن ذلك يشاكل فعل النبي، لكان أوفر الناس في الرياسة، وأشدهم لها استحقاقاً حسان بن ثابت"([155]).
وقال ابن الكلبي: "كان حسان بن ثابت لسناً، شجاعاً، فأصابته علة، أحدثت فيه الجبن، فكان لا ينظر إلى قتال ولا يشهده"([156]).
وقالت صفية: "كنت أعرف انكشاف المسلمين وأنا على الأطم برجوع حسان إلى أقصى الأطم"([157]).
وكلام ابن الكلبي هذا: يدل على عدم صحة ما رد به السهيلي وغيره على هذا بحجة أنه لو صح أنه كان جباناً لهجاه به الشعراء، لأنه كان يهاجيهم كضرار وابن الزبعري. فلعل حساناً ـ لو صح أنه كان مع النساء في الأطم ـ كان معتلاً بعلة منعته من شهود القتال([158]).
أضف إلى ذلك: أن المؤرخين قد حكموا على حسان بالجبن بصورة مطلقة معللين إبقاءه مع النساء بذلك، الأمر الذي يظهر منه أن جبنه كان معروفاً لديهم، لا أنهم استندوا في ذلك إلى خصوص هذه الرواية.
وأما لماذا لم يعيِّر الشعراء حساناً بالجبن، فقد قال الزرقاني: "إن ابن إسحاق لم ينفرد به، بل جاء بسند متصل حسن كما علم، فاعتضد حديثه.
وقال ابن السراج: سكوت الشعراء عن تعييره بذلك من أعلام النبوة لأنه شاعره "صلى الله عليه وآله"([159]).
ونزيد نحن على ذلك: أن هجـاءهـم لحسـان لا مبرر لـه، وإنما هم يريدون هجاء الإسلام، ورسول الإسلام، وجماعة المسلمين، ولا يهمهم حسان كشخص من قريب ولا من بعيد.
وهذا بالذات هو ما يطغى على شعرهم المتبادل فيما بينهم.
ب: قصة حسان في الخندق أم في أحد؟!
وقد رويت قصة جبن حسان، وقتل صفية لليهودي في غزوتي أحد والخندق معاً([160]).
وقد تقدمت هذه الرواية في غزوة أحد أيضاً.
ونرجح أنها كانت في الخندق لأن اليهود إنما غدروا في الخندق([161])، وهذا هو ما رجحه السمهودي أيضاً استناداً إلى ذلك، وإلى أن الطبراني قد روى بسند رجاله رجال الصحيح عن عروة مرسلاً: أنها كانت في الخندق، وممن ذكر القصة في الخندق ابن إسحاق أيضاً([162]).
ج: تأثير هذه القضية على اليهود:
قد ذكرت بعض النصوص المتقدمة: أن قتل صفية لليهودي قد جعل اليهود يعتقدون: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد جعل أناساً لحماية النساء والذرية، وليحفظوا مؤخرة الجيش عن أن تتعرض لأي عمل حربي، حيث قالت اليهود: إنه لم يك يترك أهله خلوفاً، ليس معهم أحد.
وذكر في نص سابق: أن عشرة من اليهود "جعلوا يستترون ويرمون الحصن، ورسول الله "صلى الله عليه وآله" في نحر العدو، ولا يستطيعون أن ينصرفوا عنهم إلينا إذا أتانا آت".
ولكننا نشك في صحة ذلك: إذ قد كان ثمة حرس للمدينة يبلغ حوالي خمس مئة مقاتل، وقد كان يكفي لرد هؤلاء العشرة عشرة مثلهم، فضلاً عن المئات.
ثم إن وصول عشرة من بني قريظة إلى مكان قريب من الجيش الإسلامي، وفي قبال ذلك الجيش، مع احتمالهم أن يكون ثمة حرس يعتبر مجازفة منهم، لا نرى أن اليهود يقدرون عليها.
وقلنا: إن موضع النساء قريب من جيش المسلمين، لأن النبي "صلى الله عليه وآله" كما تقدم قد طلب من النساء أن يلمعن بالسيف إذا تعرضن لأي مكروه.
فلماذا لم يلمعن بالسيف كما صنعن في قصة أحد بني جحاش، الذي تم التخلص منه بهذه الطريقة بالذات؟
إلا أن يكون الناس في ذلك الوقت قد شغلتهم الحرب حتى لا يستطيع أحد منهم، ولا حتى مفرزة صغيرة بمقدار خمسين فارساً: أن تنجد النساء والأطفال.
ونحن لا نظن: أن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يحسب حسابه لساعات كهذه، وترك الأمر يتطور إلى أن يصل إلى هذه الدرجة من الخطورة.
ولهذا فنحن نعتقد: أن هذه مبادرة من صفية "رحمها الله" لمواجهة رجل تسلل إلى موضع قريب، وقد نجحت في المهمة التي أحبت أن تبادر لإنجازها، ثم زاد الآخرون ما شاؤوا على ذلك إكراماً لولدها الزبير، ولآل الزبير. ولعل هذه الزيادات لا تبعد كثيراً عن نشاطات عروة ونظرائه ممن يسيرون في نفس الخط الذي هو فيه.
د: ربط السيف على الذراع وتناقض الرواية:
ولا ندري كيف يربط السيف على الذراع، ولا ندري أيضاً كيف يمكن تفسير هذه الاختلافات والتناقضات لنصوص هذه الرواية، فإن ذلك مما يضعف وثوقنا بها أيضاً.
غنيمة المسلمين من المشركين:
وقال أبو سفيان لحيي بن أخطب: قد نفدت علافتنا فهل عندكم من علف؟!
فقال حيي: نعم.
فكلم كعب بن أسد، فقال: مالنا مالك. فأرسل المشركون إليهم عشرين بعيراً، فحملوها لهم شعيراً، وتمراً وتبناً، وخرجوا بها إلى قريش، فلما كانوا بصفنة، وهم يريدون أن يسلكوا العقيق، جاؤوا جمعاً من بني عمرو بن عوف، وهم يريدون منازلهم بأنصاف النهار، يطلبونهم، وهم عشرون رجلاً، فيهم أبو لبابة، وعويم بن ساعدة ومعن بن عدي، خرجوا لميت مات منهم في أطمهم ليدفنوه.
فناهضوا الحمولة، وقاتلهم القرشيون ساعة، وكان فيهم ضرار بن الخطاب، فمنع الحمولة، ثم جُرِحَ وجَرَحَ، ثم أسلموها، وكثرهم المسلمون، وانصرفوا بها يقودونها، حتى أتوا بني عمرو بن عوف، فدفنوا ميتهم، ثم ساروا إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" بها.
فكان أهل الخندق يأكلون منها، فتوسعوا بذلك، وأكلوه حتى نفد، ونحروا من تلك الإبل أبعرة في الخندق، وبقي منها ما بقي حتى دخلوا به المدينة.
فلما رجع ضرار بن الخطاب أخبرهم الخبر، فقال أبو سفيان: إن حيياً لمشؤوم، ما أعلمه إلا قطع بنا، ما نجد ما نتحمل عليه إذا رجعنا([163]).
ولكننا نسجل تحفظاً هنا: ينطلق من كلام أبي سفيان هذا، فإن حيياً لم يقطع بهم. كما أن هذه الغنيمة لم تكن خيلاً ولا إبلاً بل كانت شعيراً وتمراً وتبناً، وبعض الإبل، فما معنى قوله: ما نجد ما نتحمل عليه إذا رجعنا.
الجن الذين في المدينة:
وكان رجال يستأذنون أن يطلعوا إلى أهليهم، فيقول "صلى الله عليه وآله": إني أخاف عليكم بني قريظة، فإذا ألحوا يأمرهم بأخذ السلاح معهم.
"وكان فتى حديث عهد بعرس، فأخذ سلاحه وذهب، فإذا امرأته قائمة بين البابين، فهيأ لها الرمح ليطعنها، فقالت: اكفف حتى ترى ما في بيتك، فإذا بحية على فراشه، فركز فيها رمحه، فاضطربت، وخر الفتى ميتاً. فما يدري أيهما كان أسرع موتاً.
فقال رسول الله ـ لما أخبر بذلك ـ: إن بالمدينة جناً قد أسلموا، فإذا رأيتم منهم شيئاً فأذنوه ثلاثة أيام، فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه، فإنما هو شيطان"([164]).
والذي يلفت نظرنا في هذا النص:
ألف: لماذا يؤاذنونه ثلاثة أيام، لا أقل ولا أكثر؟! فإن الجن إذا كان مؤمناً، فإنه لا يعتدي على الناس، ولا يأخذ فراش الناس، ويكون فيه.
ب: لماذا يبادر إلى طعن زوجته بالرمح إذا رآها بين البابين ألم يكن بوسعه أن يسألها عن سبب كونها في ذلك المكان؟ وهل وجودها في هذا المكان دليل خيانة وانحراف؟!
ج: هل الجن قادر على مواجهة الإنسان بهذه الصورة؟
وهل لم يكن بوسع تلك الحية الجنية أن تتخلص من رمح ذلك الفتى؟!
وهل إذا مات الجن يبقى جسده ماثلاً للعيان؟ ويكون من لحم ودم؟!.
إشتباك مع الإخوة:
وخرجت طليعتان للمسلمين ليلاً، فالتقتا، ولا يشعر بعضهم ببعض، ولا يظنون إلا أنهم العدو، فكانت بينهم جراحة وقتل، ثم نادوا بشعار الإسلام: حم، لا ينصرون.
فكف بعضهم عن بعض، وجاؤوا، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": جراحكم في سبيل الله، ومن قتل منكم فإنه شهيد. فكانوا بعد ذلك إذا دنا المسلمون بعضهم من بعض نادوا بشعارهم([165]).
لعن الله الراكب والقائد والسائق:
قال سبط بن الجوزي: إن الإمام الحسن "عليه السلام" قال لمعاوية: "نظر النبي "صلى الله عليه وآله" إليك يوم الأحزاب، فرأى أباك على جمل يحرض الناس على قتاله، وأخوك يقود الجمل، وأنت تسوقه، فقال: "لعن الله الراكب والقائد والسائق"([166]).
آية قرانية في خوات بن جبير:
محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، وأحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، جميعاً عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أحدهما "عليهما السلام" في قول الله تعالى: ?أحِل لكُمْ ليْلةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلى نِسَآئِكُمْ..? الآية([167]).
فقال: نزلت في خوات بن جبير الأنصاري، وكان مع النبي "صلى الله عليه وآله" في الخندق وهو صائم، فأمسى وهو على تلك الحال، وكانوا قبل أن تنزل هذه الآية إذا نام أحدهم حرم عليه الطعام والشراب.
فجاء خوات إلى أهله حين أمسى، فقال: هل عندكم طعام؟!
فقالوا: لا تنم حتى نصلح لك طعاماً.
فاتكأ فنام، فقالوا له: قد فعلت؟
قال: نعم.
فبات على تلك الحال، فأصبح ثم غدا إلى الخندق، فجعل يغشى عليه، فمر به رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فلما رأى الذي به أخبره كيف كان أمره، فأنزل الله عز وجل فيه الآية: ?..وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ..?([168]).
والحديث صحيح السند: كما هو ظاهر، لكن صرح في رسالة المحكم والمتشابه بأن ذلك كان حين حفر الخندق في شهر رمضان المبارك، وأن اسم الرجل هو مطعم بن جبير.
ونقول:
1 ـ الذي نعرفه في رجال الصحابة هو جبير بن مطعم، لا العكس.
2 ـ قد وصف رواية القمي والسيد المرتضى خوات بن جبير بأنه كان حينئذٍ شيخاً كبيراً ضعيفاً.
مع أنهم يقولون: إن خوات بن جبير قد توفي سنة أربعين، أو اثنتين وأربعين وهو ابن أربع وسبعين سنة([169])، ومعنى ذلك هو أنه كان يوم الخندق في عز شبابه، وغاية نشاطه وقوته.
وقيل: كان سنه حين توفي إحدى وسبعين سنة([170]) عن ابن نمير. وإن كان الإستيعاب قد سجل أربعاً وتسعين سنة([171])، ولعلها تصحيف سبعين، فإن الاشتباه بينهما كثير.
3 ـ إن الرواية تقول: إنها نزلت في خوات، لكن روايات أخرى ذكرت: أنها نزلت في صرمة بن قيس أو غيره([172]).
4 ـ الرواية تقول: إن المسلمين كانوا إذا نام أحدهم قبل أن يفطر حرم عليه الطعام والشراب إلى الليلة القابلة ـ وهذا هو المروي بكثرة عجيبة ـ من طرق غير أهل البيت "عليهم السلام".
ونقول:
إن هذه كانت طريقة أهل الكتاب. وقد نزلت الآية لردع المسلمين عنها([173]) فلعل بعض المسلمين بسبب انبهاره قد انساق وراء أهل الكتاب في ذلك فنزلت الآية لتردعهم عنه، وقال رسول الله "صلى الله عليه وآله" أيضاً: فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر([174]).
الفصل الثاني:
ضربة علي عليه السلام يوم الخندق تعادل عبادة الثقلين
عبور الخندق:
يقول المؤرخون: إنه بعد أن جُرح سعد بن معاذ أجمع رؤساء المشركين أن يغدو جمعياً، وجاؤا يريدون مضيقاً يقحمون منه خيلهم إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، فوجدوا مكاناً ضيقاً أغفله المسلمون، فلم تدخله خيولهم، فعبره عكرمة بن أبي جهل، ونوفل بن عبد الله المخزومي، وضرار بن الخطاب الفهري، وهبيرة بن أبي وهب وعمرو بن عبد ود.
وزاد المفيد "رحمه الله": مرداساً الفهري.
وزاد البعض: حسل بن عمرو بن عبد ود في من عبر الخندق أيضاً.
ووقف سائر المشركين وراء الخندق([175]).
ويقول القاضي النعمان: إن النبي "صلى الله عليه وآله" أمر علياً بأن يمضي بمن خف معه ليأخذ الثغرة عليهم، وقال: "فمن قاتلكم عليها فاقتلوه"([176]).
فخرج علي أمير المؤمنين "عليه السلام" في نفر من المسلمين، حتى أخذ الثغرة وسلمها إليهم.
وتقدم عمرو، فلما رأى المسلمين، وقف هو والخيل التي معه، وقال: هل من مبارز([177]).
وكان ذلك كما يقول القاضي النعمان بعد شهر من الحصار([178]) وقال غيره غير ذلك، كما ذكرناه في موضع آخر.
وصفهم لعمرو:
قالوا: وكان عمرو قد بلغ تسعين سنة، وقد حرم الدهن حتى يثأر بمحمد وأصحابه. وذلك أنه في بدر قد أثبتته الجراحة، وارتث فلم يشهد أحداً([179]).
ونعتقد: أنهم يبالغون في مقدار عمر عمرو، ولعله بهدف بيان أنه كان في هذا الوقت قد ضعف وشاخ ولم يعد قتله بذلك الأمر المهم. ولكن جبن المسلمين عن مواجهته ـ كما سنرى ـ وهم جيش بأكمله، وكذلك ما قاله النبي "صلى الله عليه وآله" في حق قاتله، وغير ذلك مما سيأتي، يبطل كيد الخائنين، إن شاء الله تعالى.
وقالوا أيضاً: كان عمرو بن عبد ود فارس قريش([180])، وكان يعد بألف فارس([181])، ويسمى فارس يليل([182])، لأنه أقبل في ركب من قريش حتى إذا هو بيليل، وهو واد قريب من بدر عرضت لهم بنو بكر في عدد، فقال لأصحابه: امضوا.
فقام في وجوه بني بكر حتى منعهم من أن يصلوا إليه، فعرف بذلك([183]).
وكان: "من مشاهير الأبطال، وشجعان العرب"([184]).
وعن علي "عليه السلام": "وفارسها (أي قريش) وفارس العرب يومئذٍ عمرو بن عبد ود يهدر كالبعير المغتلم..
إلى أن قال: والعرب لا تعد لها فارساً غيره"([185]).
وسيأتي: أن مسافع بن عبد مناف يبكي عمرواً، ويقول:
عمرو بـن عـبـد كان أول فـارس جـزع المـذاد، وكـان فـارس يليل
وقال أبو زهرة: "كان ـ كما قيل ـ لم يهزم في مبارزة قط"([186]).
"وكان أشد من فيهم وأنجدهم، يعرف له ذلك جميعهم"([187]).
وكان عمرو يلقب بعماد العرب، وكان في مئة ناصية من الملوك، وألف مقرعة من الصعاليك([188]).
المواجهة بين عمرو والمسلمين
وذكر القمي "رحمه الله": أنه لما جاء الفرسان إلى الخندق ليعبروه كان "صلى الله عليه وآله" قد صف أصحابه بين يديه، فلما طفروا الخندق، صاروا قبال رسول الله "صلى الله عليه وآله" مباشرة، والمسلمون خلف ظهر النبي "صلى الله عليه وآله".
رواية مشكوكة:
وادعى بعضهم: أن بعض المهاجرين قال لرجل من إخوانه بجنبه: أما ترى هذا الشيطان عمرواً؟! لا والله لا يفلت من يديه أحد، فهلموا ندفع إليه محمداً ليقتله، ونلحق نحن بقومنا، فأنزل الله على نبيه في ذلك الوقت قوله: ?قَدْ يَعْلمُ اللهُ المُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالقَائِلينَ لإخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِليْنَا وَلا يَأْتُونَ البَأسَ إِلا قَليلاً، أَشِحَّةً عَليْكُمْ..? إلى قوله: ?.. وَكَانَ ذَلكَ عَلى اللهِ يَسِيراً?([189])"([190]).
وصرح في موضع آخر: أن هذه الآية نزلت في عمر بن الخطاب لما قال لعبد الرحمن بن عوف: هلم ندفع محمداً إلى قريش ونلحق بقومنا: يحسون الأحزاب لم يذهبوا الخ..([191]).
ونقول:
إن هذه الرواية موضع شك وريب.
أولاً: إن مضمون الآيـات لا ينسجم مع هـذا الحـدث الـذي تقول الرواية: إن الآية نزلت لأجله، ولا يتطابق معه، بل هي لا تشير إليه لا من قريب ولا من بعيد.
ثانياً: ما معنى قوله: هلموا ندفع إليه محمداً ليقتله ونلحق نحن بقومنا؟ فهل إن محمداً، الذي معه سائر المهاجرين والأنصار أصبح الآن خاضعاً لابن عوف ولرفيقه، وأصبحا هما أصحاب القرار في أمره؟!
ثالثاً: ولو أنهما جهرا بهذا القول، ألم يكونا يخافان بأس علي "عليه السلام" وصولته، فضلاً عن غيره من أصحابه المخلصين؟!
أخذ الثغرة على عمرو وأصحابه:
وقد لاحظنا: أن علياً "عليه السلام" قد بادر إلى أخذ الثغرة التي عبر منها الفرسان، عليهم، حتى لا يمكنهم الرجوع منها، وليمنع بقية قوى الأحزاب من عبورها لمساعدة عمرو ومن معه.
وهذه المبادرة تعتبر من وجهة نظر عسكريـة هي الإجـراء الأمثل والأفضل لأنها أيضاً قد أدت إلى محاصرة المجازفين، والسيطرة على الموقف، وإفشال خطتهم.
ولكن علينا: أن لا نهمل التذكير بأن هؤلاء الذين جاؤوا مع علي "عليه السلام"، وأخذوا الثغرة على عمرو ومن معه، ما كانوا ليجرؤوا على الوقوف في مواقعهم لولا وجود علي "عليه السلام" إلى جانبهم، ثم اطمئنانهم إلى أنه سيكون هو الذي ينجدهم لو تعرضوا لأي مكروه من قبل عدوهم عمرو وأصحابه.
فإنما إلى علي "عليه السلام" استندوا، وعلى مبادرته لحمايتهم، والدفاع عنهم اعتمدوا، يدلنا على ذلك: أن المسلمين كانوا كأن على رؤسهم الطير خوفاً وفرقاً من عمرو كما سنرى.
طلب البراز، وخروج علي × لعمرو:
لما وقف عمرو وأصحابه على الخندق قالوا: والله هذه مكيدة ما كانت العرب تكيدها، فقال عمرو:
يـا لـك مـن مـكـيـدة مـا أنـكـرك لا بـد للملـهـوب مـن أن يـعبرك
ثم زعق على فرسـه في مضيق، فقفز بـه إلى السبخة، بين الخنـدق وسلع([192]).
وجعلوا يجيلون خيلهم فيما بين الخندق وسلع، والمسلمون وقوف لا يقدم أحد منهم عليهم.
وجعل عمرو بن عبد ود يدعو للبراز ـ وكان قـد أعلم ليرى مكانه ـ ويعرض بالمسلمين، فقال "صلى الله عليه وآله" على ما في الروايات: من لهذا الكلب؟ فلم يقم إليه أحد.
فلما أكثر قام علي "عليه السلام"، فقال: أنا أبارزه يا رسول الله، فأمره بالجلوس، انتظاراً منه ليتحرك غيره.
وأعاد عمرو النداء والناس سكوت كأن على رؤوسهم الطير، لمكان عمرو، والخوف منه وممن معه، ومن وراءه.
فقال عمرو: أيها الناس، إنكم تزعمون: أن قتلاكم في الجنة، وقتلانا في النار؟ أفما يحب أحدكم أن يقدم على الجنة، أو يقدم عدواً له إلى النار؟.
فلم يقم إليه أحد.
فقام علي "عليه السلام" دفعة ثانية، قال: أنا له يا رسول الله، فأمره بالجلوس.
فجال عمرو بفرسه مقبلاً مدبراً، وجاءت عظماء الأحزاب، ووقفت من وراء الخندق، ومدت أعناقها تنظر، فلما رأى عمرو: أن أحداً لا يجيبه قال:
ولـقـد بـحـحـت مـن الـنــــداء بـجـمـعـهـم هـل مــن مـبــارز
ووقــفــت مـذ جـبـن المـشجـع مـوقــف الــقـــرن المـــنــاجـز
إنـــي كـــذلــــك لــــــم أزل مـتـســرعـــاً قـبــل الهــزاهـــز
إن الــشــجــاعــة فــي الـفـتى والجـــود مـــن خــيـــر الغرائز
فقام علي "عليه السلام"، فقال: يا رسول الله ائذن لي في مبارزته. فلما طال نداء عمرو بالبراز، وتتابع قيام أمير المؤمنين "عليه السلام"، قال له رسول الله "صلى الله عليه وآله": ادن مني يا علي.
فدنا منه، فقلده سيفه (ذا الفقار)، ونزع عمامته من رأسه، وعممه بها، وقال: امض لشأنك.
فلما انصرف، قال: اللهم أعنه عليه([193]).
ولكن ابن شهرآشوب قال: إن عمرواً جعل يقول: هل من مبارز؟! والمسلمون يتجاوزون عنه.
فركز رمحه على خيمة النبي "صلى الله عليه وآله"، وقال: ابرز يا محمد.
فقال "صلى الله عليه وآله": من يقوم إلى مبارزته فله الإمامة بعدي؟!
فنكل الناس عنه.
إلى أن قال: روي أنه لما قتل عمرو أنشد علي "عليه السلام":
ضـربـتـه بـالسيـف فـوق الهـامـة بـضـربـة صـــارمـــة هــدامــة
أنـــا عـلي صـاحب الصمصــامة وصـاحب الحـوض لــدى القيامة
أخـو رسـول الله ذي الـعــلامــة وقــــال إذ عـمـمـنـي عــمامــة
أنـت الـذي بـعـدي لـه الإمامة([194])
وعند الحسكاني عن حذيفة قال: فألبسه رسول الله "صلى الله عليه وآله" درعه ذات الفضول، وأعطاه سيفه ذا الفقار، وعممه بعمامته السحاب على رأسه تسعة أكوار، ثم قال: تقدم.
فقال النبي "صلى الله عليه وآله" لما ولى: اللهم احفظه من بين يديه، ومن خلفه، وعن يمينه، وعن شماله، ومن فوق رأسه، ومن تحت قدميه([195]).
ويضيف البعض: "أنه رفع عمامته، ورفع يديه إلى السماء بمحضر من أصحابه، وقال: اللهم إنك أخذت مني عبيدة بن الحرث يوم بدر، وحمزة بن عبد المطلب يوم أحد، وهذا أخي علي بن أبي طالب. ?رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ?([196])"([197]).
وتصور لنا رواية عن علي "عليه السلام" الحالة حين عبور الفرسان الخندق، فهو يقول: "وفارسها وفارس العرب يومئذٍ عمرو بن عبد ود، يهدر كالبعير المغتلم، يدعو إلى البراز، ويرتجز، ويخطر برمحه مرة، وبسيفه مرة، لا يقدم عليه مقدم، ولا يطمع فيه طامع، فأنهضني إليه رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وعممني بيده، وأعطاني سيفه هذا ـ وضرب بيده إلى ذي الفقار ـ فخرجت إليه ونساء أهل المدينة بواك إشفاقاً عليَّ من ابن عبد ود، فقتله الله عز وجل بيدي، والعرب لا تعد لها فارساً غيره"([198]).
ونحن نشك في الفقرة التي تذكر خروج نساء المدينة بواك إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله".
ويذكر البعض: أنه "صلى الله عليه وآله": "أدناه، وقبله، وعممه بعمامته، وخرج معه خطوات كالمودع له، القلق لحاله، المنتظر لما يكون منه. ثم لم يزل "صلى الله عليه وآله" رافعاً يديه إلى السماء، مستقبلاً لها بوجهه، والمسلمون صموت حوله، كأن على رؤوسهم الطير الخ.."([199]).
برز الإسلام كله إلى الشرك كله:
وقال "صلى الله عليه وآله" حينئذٍ: برز الإسلام أو الإيمان كله، إلى الشرك كله([200]).
فخرج له علي "عليه السلام" وهو راجل، وعمرو فارساً، فسخر به عمرو، ودنا منه علي([201]) ومعه جابر بن عبد الله الأنصاري "رحمه الله"، لينظر ما يكون منه ومن عمرو([202]).
وصرحت بعض الروايات: بأن النبي "صلى الله عليه وآله" قد قال لأصحابه: أيكم يبرز إلى عمرو وأضمن له على الله الجنة؟ فلم يجبه منهم أحد هيبة لعمرو، واستعظاماً لأمره. فقام علي ثلاث مرات والنبي "صلى الله عليه وآله" يأمره بالجلوس([203]).
وحسب نص ابن إسحاق، وغيره من المؤرخين: خرج عمرو بن عبد ود، وهو مقنع بالحديد، فنادى: من يبارز؟!..
فقام علي بن أبي طالب، فقال أنا (له) يا نبي الله.
فقال: إنه عمرو، إجلس.
ثم نادى عمرو: ألا رجل يبرز؟ فجعل يؤنبهم، ويقول: أين جنتكم التي تزعمون أنه من قتل منكم دخلها؟ أفلا تُبرزون إليَّ رجلاً؟!.
فقام علي، فقال: أنا يا رسول الله.
فقال: إجلس.
ثم نادى الثالثة، فقال:
ولـقـد بـحـحــت مـن الـنــداء لجـمـعـهــم هـــل مــن مـبـارز
ووقـفـت إذ جــبـن المـشـجـــع مــوقــف الـقــرن المـــنــاجــز
ولــــذاك إنـــــــــي لـــم أزل مـتـســرعــــاً قـبـــل الهـزاهــز
إن الـــشـــجــاعــة فــي الفتى والجــــــود مـــن خــير الغرائز
قال: فقام علي رضي الله عنه، فقال: يا رسول الله، أنا له.
فقال: إنه عمرو.
فقال: وإن كان عمرواً.
فأذن له رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فمشى إليه حتى أتاه وهو يقول:
لا تــعــجــلن فــقــد أتــــاك مجــيـــب صــوتــك غير عـاجز
ذو نــيـــــة وبــصـــيــــــرة والـصــدق مـنـجـــا كــل فـائز
إنــي لارجـــو أن أقـــــيــــم عـلــيـــك نــائــحــة الجـنـائز
مــن ضــربــة نــجــلاء يـبقى ذكـــرهـــا عــنـــد الهـــزاهـز
وفي الديوان المنسوب لعلي "عليه السلام" بيتان آخران هما:
ولــقـــد دعـــوت إلى الــبــراز فــتــى يجــيــب إلـــى المــبـارز
يــعــلــيــك أبــيــض صـارماً كــالمــلــح حــتــفــاً لـلـمبارز
فقال له عمرو: من أنت؟.
قال: أنا علي.
قال: ابن عبد مناف؟.
قال: أنا علي بن أبي طالب.
فقال: يا ابن أخي، من أعمامك من هو أسن منك، فإني أكره أن أهريق دمك.
فقال له علي: لكني والله لا أكره أن أهريق دمك.
فغضب، فنزل، وسل سيفه كأنه شعلة نار، ثم أقبل نحو علي "عليه السلام" مغضباً، واستقبله علي بدرقته، فضربه عمرو في درقته، فقدها، وأثبت فيها السيف، وأصاب رأسه فشجه. وضربه علي "عليه السلام" على حبل عاتقة فسقط، وثار العجاج، فسمع رسول الله التكبير، فعرفنا أن علياً قد قتله، فثم يقول علي:
أعـلـي تـقـتـحم الـفوارس هكذا عــنــي وعـنـهـم أخروا أصحابي
الأبيات.
إلى أن قال: وخرجت خيولهم منهزمة، حتى اقتحمت الخندق([204]).
الخصال الثلاث وقتل عمرو:
وقد ذكرت بعض النصوص: أن علياً "عليه السلام" لما بارز عمرواً عرض على عمرو خصلتين، وهما: الإسلام، فرفضه، أو النزال، فاعتذر بالخلة بينه وبين أبي طالب، أو بغير ذلك([205]).
لكن بعض الروايات ذكرت: أنه عرض عليه ثلاث خصال.
فهي تقول:
قال علي لعمرو: يا عمرو، إنك كنت تقول في الجاهلية: لا يدعوني أحد إلى واحدة من ثلاث إلا قبلتها.
قال: أجل.
قال علي: فإني أدعوك إلى: أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وتسلم لرب العالمين.
قال: يا ابن أخي، أخِّر عنى هذه.
قال: وأخرى، ترجع إلى بلادك، فإن يك محمد صادقاً كنت أسعد الناس به، وإن كاذباً كان الذي تريد.
وفي نص آخر: كفتهم ذؤبان العرب أمره.
قال: هذا ما لا تحدث به نساء قريش أبداً، وقد نذرت ما نذرت، وحرمت الدهن([206]).
قال: فالثالثة؟.
قال: البراز.
فضحك عمرو، وقال: إن هذه لخصلة ما كنت أظن أن أحداً من العرب يرومني عليها، فمن أنت؟!
قال: أنا علي بن أبي طالب.
قال: يا ابن أخي، من أعمامك من هو أسن منك، فإني أكره أن أهريق دمك.
فقال علي رضي الله عنه: لكني والله لا أكره أن أهريق دمك.
فغضب عمرو، فنزل عن فرسه وعقرها، وسل سيفه كأنه شعلة نار، ثم أقبل نحو علي مغضباً، واستقبله علي بدرقته.
ودنا أحدهما من الآخر وثارت بينهما غبرة، فضربه عمرو، فاتقى علي الضربة بالدرقة، فقدها، وأثبت فيها السيف، وأصاب رأسه، فشجه الخ..
أما المفيد وغيره، فقالوا: إن عمرواً قال لعلي "عليه السلام": إني لأكره أن أقتل الرجل الكريم مثلك، وقد كان أبوك لي نديماً.
وعند الواقدي: "فأنت غلام حدث إنما أردت شيخي قريش: أبا بكر وعمر.
فقال علي "عليه السلام": لكني أحب أن أقتلك، فانزل إن شئت، فأسف عمرو، ونزل، وضرب وجه فرسه حتى رجع" انتهى.
وعند آخرين: أنه عرقب فرسه، وضرب علياً "عليه السلام" بالسيف، فاتقاه بدرقته، فقطها، فثبت السيف على رأسه.
وقال القمي وغيره: فقال له "عليه السلام": أما كفاك أني بارزتك، وأنت فارس العرب، حتى استعنت علي بظهر؟!.
فالتفت عمرو إلى خلفه، فضربه على ساقيه، فقطعهما جمعياً.
وعبارة حذيفة هكذا: "وتسيف علي رجليه بالسيف من أسفل فوقع على قفاه"([207]).
وتستمر رواية القمي فتقول: وارتفعت بينهما عجاجة، فقال المنافقون: قتل علي بن أبي طالب، ثم انكشفت العجاجة، فنظروا، فإذا أمير المؤمنين "عليه السلام" على صدره آخذ بلحيته، يريد أن يذبحه.
فذبحه، ثم أخذ رأسه، وأقبل إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، والدماء تسيل على رأسه من ضربة عمرو، وسيفه يقطر منه الدم، وهو يقول والرأس بيده:
أنــــا علي وأنـــا ابـــن المـطـلـب المـوت خـيـر لـلـفـتـى من الهرب
فقال له "صلى الله عليه وآله": يا علي، ماكرته؟!.
قال: نعم يا رسول الله، الحرب خدعة.
وينقل المفيد عن جابر، ونقله غيره من دون تصريح باسم الراوي قوله: فثارت بينهما قترة، فما رأيتهما. فسمعت التكبير تحتها، فعلمت أن علياً "عليه السلام" قد قتله.
فانكشف أصحابه، حتى طفرت خيولهم الخندق.
وتبادر أصحاب النبي "صلى الله عليه وآله" حين سمعوا التكبير ينظرون ما صنع القوم، فوجدوا نوفل بن عبد الله الخ..([208]).
وعند المعتزلي: ثارث الغبرة، وسمعوا التكبير من تحتها، فعلموا أن علياً قتل عمرواً فكبر رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وكبر المسلمون تكبيرة سمعها من وراء الخندق من عساكر المشركين([209]).
وروي: أن عمرواً جرح رأس علي "عليه السلام"، فجاء إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فشده، ونفث فيه، فبرئ وقال: أين أكون إذا خضب هذه من هذه؟!([210]).
وفي القاموس وغيره: كان علي ذا شجتين في قرني رأسه، إحداهما من عمر بن عبد ود، والثانية من ابن ملجم، ولذا يقال له: ذو القرنين([211]).
وعنه "عليه السلام" أنه قال عن عمرو: "وضربني هذه الضربة. وأومأ بيده إلى هامته"([212]).
نص الحسكاني:
وقد ذكر لنا الحاكم الحسكاني بعض التفصيلات الهامة هنا، فقال:
"ثم ضرب وجه فرسه فأدبرت، ثم أقبل إلى علي "عليه السلام"، وكان رجلاً طويلاً، يدواي دبرة البعير وهو قائم.
وكان علي في تراب دق، لا يثبت قدماه عليه، فجعل علي ينكص إلى ورائه يطلب جلداً من الأرض يثبت قدمه، ويعلوه عمرو بالسيف. وكان في درع عمرو قصر، فلما تشاك بالضربة، تلقاها علي بالترس، فلحق ذباب السيف في رأس علي، حتى قطعت تسعة أكوار، حتى خط السيف في رأس علي.
وتسيف علي رجليه بالسيف من أسفل، فوقع على قفاه.
وثارث بينهما عجاجة، فسمع علي يكبر.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": قتله والذي نفسي بيده.
فكان أول من ابتدر العجاج عمر بن الخطاب، فإذا علي يمسح سيفه بدرع عمرو.
فكبر عمر بن الخطاب، فقال: يا رسول الله، قتله.
فحز علي رأسه، ثم أقبل يخطر في مشيته، فقال له رسول الله: يا علي، إن هذه مشية يكرهها الله عز وجل إلا في هذا الموضع الخ..([213]).
وفي نص آخر عند الحسكاني عن علي "عليه السلام": أنه لما برز لعمرو دعا بدعاء علمه إياه رسول الله "صلى الله عليه وآله": اللهم بك أصول، وبك أجول، وبك أدرأ في نحره([214]). لكن البعض يقول:
"أتى برأسه وهو يتبختر في مشيته، فقال عمر: إلا ترى يا رسول الله إلى علي كيف يتيه في مشيته؟!
فقال "صلى الله عليه وآله": إنها مشية لا يمقتها الله في هذا المقام"([215]).
نصوص أخرى:
وذكر نص آخر: أنه احتز رأسه، وحمله، وألقاه بين يدي النبي "صلى الله عليه وآله"، فقام أبو بكر وعمر فقبلا رأس علي، ووجه رسول الله "صلى الله عليه وآله" يتهلل، فقال: هذا النصر، أو قال: هذا أول النصر([216]).
وقال له أبو بكر: المهاجرون والأنصار رهين شكرك ما بقوا([217]).
وقالوا: إن علياً "عليه السلام" ضرب عمرواً على حبل العاتق فسقط وثار العجاج.
وقيل: طعنه في ترقوته حتى أخرجها من مراقه، فسقط وسمع رسول الله "صلى الله عليه وآله" التكبير، فعرف أن علياً قتله([218]).
وحكى البيهقي عن ابن إسحاق: أن علياً طعنه في ترقوته([219]).
وقالوا أيضاً: أنه حين قتل علي عمرواً ومن معه "انصرف إلى مقامه الأول، وقد كادت نفوس القوم الذين خرجوا معه إلى الخندق تطير جزعاً"([220]).
وقال علي "عليه السلام" في المناسبة أبياتا نذكرها، ونضم ما ذكروه بعضه إلى بعض، وهي:
أعلي تـقـتـحـم الـفـوارس هكـذا عـنـي وعـنـهم أخرجوا أصحابي
الـيـوم تمـنـعـنـي الفرار حفيظتـي ومـصـمـم فـي الرأس ليس بناب
آلى ابـن ود حـيــن شــد ألــيـــة وحـلـفـت فاستمعوا إلى الكذاب
أن لا أصـد ولا يــولي والـتـقـــى رجــلان يضطربــان كـل ضراب
عـرف ابن عبد حين أبصر صارماً يـهـتـز أن الأمــر غـــيــر لـعاب
أرديـت عـمــرواً إذ طغى بمهنـد صـافي الحـديــد مجــرب قضـاب
نـصـر الحـجـارة مـن سفاهة رأيه ونـصـرت رب محـمـد بـصـواب
فـصـدرت حـيـن تركته متجدلاً كـالجــذع بـين دكـــادك وروابي
وعففت عـن أثــوابــه ولـو أنني كـنـت المـقـطــر بـزني أثــــوابي
لا تحــسـبـن الله خـــاذل ديــنـه ونـبـيـه يـا مـعـشـر الأحــزاب([221])
قال ابن هشام: وأكثر أهل العلم بالشعر يشك فيها لعلي رضي الله تعالى عنه([222]).
وستأتي لنا: وقفة مع ابن هشام فيما يرتبط بكلامه هذا، وما أشبهه مما سيأتي.
وخرجت خيولهم منهزمة حتى اقتحمت الخندق.
قال ابن هشام وغيره: وألقى عكرمة بن أبي جهل رمحه يومئذٍ، وهو منهزم عن عمرو، فقال حسان بن ثابت في ذلك:
فـــرَّ وألـــقـــى لــنــا رمحــــه لـعـلــك عــكـــرم لم تـفـعـــل
وولـيــت تــعــدو كعدو الظليم مــا إن تجـــور عـــن المــعـــدل
ولــم تــلــق ظــهــرك مستأنساً كــــأن قــفــاك قـــفــا فرعل([223])
وحول مبارزة علي لعمرو، وقتله على يده، راجع المصادر الموجودة في الهامش([224])، وبعضها قد صرح بأن النبي "صلى الله عليه وآله" قد رد علياً "عليه السلام" مرتين، وأجازه في الثالثة([225]).
وذكرت أبيات عمرو في طلب البراز، وجواب علي له بشعر على نفس الوزن والقافية في كثير من المصادر أيضاً([226]).
يقول أهلكت مالاً لبداً:
وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر في قوله: ?يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُّبَداً?([227])، قال:
هو عمرو بن عبد ود، حين عرض عليه علي بن أبي طالب الإسلام يوم الخندق، وقال: فأين ما أنفقت فيكم مالاً لبداً؟! وكان قد أنفق مالاً في الصد عن سبيل الله، فقتله علي([228]).
ولم نجد هذه الرواية إلا في تفسير القمي، فليلاحظ ذلك ولنا مع ما تقدم وقفات، هي التالية:
لماذا طلب عمرو من علي أن يرجع؟!
قال المعتزلي الشافعي، حين بلغ في حديثه الموضع الذي يطلب فيه عمرو من علي "عليه السلام" أن يرجع لأنه لا يحب أن يقتله:
"كان شيخنا أبو الخير مصدق بن شبيب النحوي يقول ـ إذا مررنا في القراءة عليه بهذا الموضع ـ : والله، ما أمره بالرجوع إبقاء عليه، بل خوفاً منه، فقد عرف قتلاه ببدر وأحد، وعلم أنه إن ناهضه قتله. فاستحيا أن يظهر الفشل، فأظهر الإبقاء والإرعاء وإنه لكاذب فيهما"([229]).
علي × غلام حدث؟! وشيخا قريش:
وقد تقدم أن رواية الواقدي تقول: "فأنت حدث، إنما أردت شيخي قريش، أبا بكر وعمر"([230]).
ورواية المعتزلي تقول: "إذن تتحدث نساء قريش عني: أن غلاماً خدعني"([231]).
ونقول:
ألف: أما بالنسبة لصغر سن علي "عليه السلام" فقد كان عمره الشريف حينئذٍ سبعة وعشرين، أو ثمانية وعشرين عاماً. كما هو الأصح والأقوى.
بل بعض الأقوال تزيد في عمره عدة سنوات أخرى على ذلك، ولا يقال لمن هو بهذا السن: أنه غلام حدث.
ب: بالنسبة لأبي بكر وعمر، فإنهما لم يكونا شيخي قريش آنئذٍ، ولا قبل ذلك أيضاً.
ولم يكونا أيضاً معروفين بالفروسية والشجاعة ليقصدهما عمرو بالبراز الذي يريد أن يكتسب به مجداً وشهرة عامة. فقتلهما لم يكن ليكسر شوكة المسلمين العسكرية. أما قتل علي "عليه السلام" فهو المقصود بعد النبي "صلى الله عليه وآله" لهم، لأنه هو الذي قتل فرسانهم في بدر وأحد.
ومن جهة ثالثة: فقد تقدم أن ضرار بن الخطاب، وخالد بن الوليد لم يقتلا عُمر في أحد وفي الخندق، رغم تمكنهما من ذلك.
بل كان موقفهما منه يرشح بروائح المودة والمحبة، والاهتمام بنجاته. وهل خلص أسرى المشركين في بدر غير أبي بكر حسبما تقدم بيانه؟.
جرح علي ×:
وهـل جرح علي "عليه السلام" حقـاً بسيف عمرو؟! وكان ذا شجتين؟! أم أن المقصود هو أظهار شجاعة عمرو وفروسيته في مقابل علي "عليه السلام"؟!.
إن البلاذري يقول: ويقال: إن علياً لم يجرح قط([232]).
الكبرياء والغطرسة:
ذكر الحاكم الحسكاني: أن علياً "عليه السلام" حينما برز لعمرو وكان عمرو طويلاً: "جاء حتى وقف على عمرو، فقال: من أنت؟!.
فقال عمرو: ما ظننت أني أقف موقفاً أُجهل فيه، أنا عمرو بن عبد ود، فمن أنت؟!
قال: أنا علي بن أبي طالب.
فقال: الغلام الذي كنت أراك في حجر أبي طالب؟.
قال: نعم.
قال: إن أباك كان لي صديقاً، وأنا أكره أن أقتلك.
فقال له علي "عليه السلام": لكني لا أكره أن أقتلك.
ثم ذكر تخييره بين الخصال الثلاث، فرفضها، فقال له علي "عليه السلام": فأنت فارس وأنا راجل.
فنزل عن فرسه وقال: ما لقيت من أحد ما لقيت من هذا الغلام([233]).
فعلي "عليه السلام" إذن يريد إذلال عمرو، وتحطيم كبريائه. وقد تحقق له ما أراد، حتى شكا ذلك عمرو نفسه كما ترى.
إنه عمرو:
قد اعتبر الإسكافي: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد ضنَّ بعلي "عليه السلام" عن مبارزة عمرو، حين دعا عمرو الناس إلى نفسه مراراً، وفي كلها يحجمون، ويقدم علي، فيسأل الإذن له في البراز، حتى قال له رسول الله "صلى الله عليه وآله": إنه عمرو.
فقال: وأنا علي([234]).
ونقول:
إننا لا نعتقد: أن هذا الكلام دقيق، فإن النبي "صلى الله عليه وآله" كان يعلم قدرات علي عليه الصلاة والسلام، ومدى ما عنده من استعداد للتضحية والإقدام في سبيل الله سبحانه، ومواقفه في بدر، وصده للكتائب في أحد، حتى نادى الملك بين السماء والأرض:
لا فــــتــــى إلا عــــلــــي لا ســيـــف إلا ذو الــفـقار
وقد كانت هذه المواقف معروفة لدى النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله" أكثر من أي شخص آخر، وهو الذي ربى علياً "عليه السلام"، وعلمه وهذبه، ودربه.
والصحيح هو: ما ذكره بعض المؤرخين حسبما تقدم وهو: أنه أراد أن يفسح المجال أمام الآخرين، فكان يأمره بالجلوس، انتظاراً منه ليتحرك غيره. وليعلم بذلك فضله، ويظهر زيف دعوى من سوف يحاول الدس والتشويه، وإطلاق الدعاوى الفارغة، لأهداف سياسية، وغيرها.
إذن، فنستطيع أن نلخص الأسباب في ضمن النقاط التالية:
1 ـ لكي يظهر للجميع: أن غير علي "عليه السلام" قد أحجم عن مبارزة عمرو خوفاً وجبناً. ولولا أنه "صلى الله عليه وآله" أمره بالجلوس ثلاث مرات لكان من الممكن للبعض أن يدَّعي: أن كل واحد من المسلمين كان قادراً على مبارزة عمرو وقتله، لكن علياً سبقهم إلى الاستئذان لمبارزته، رغبة منه في الثواب والأجر. وهو أمر يشكر عليه.
2 ـ إنه "صلى الله عليه وآله" كان يريد أن يظهر للناس جمعياً: أن عليهم النظر إلى بواطن الأمور، فلا تغرهم الدعاوى العريضة والشعارات الرنانة والانتفاخات الكاذبة في حالات الأمن والرخاء. ولا يجوز أن يخططوا ويقرروا ويتخذوا المواقف استناداً إلى ذلك بل لا بد من اختبار القدرات والطاقات في الحالات الصعبة، واللحظات المصيرية..
3 ـ وكان لا بد من التنويه بجهاد علي "عليه السلام"، وتعريف الناس بمن يضحي ويبذل نفسه في سبيل الله سبحانه، وبمن يستثمر تضحيات الآخرين ويسرق جهدهم وجهادهم لمصلحة نفسه أو من يمت إليه بصلة أو رابطة.. ويتضح ذلك من قوله "صلى الله عليه وآله" لعلي: إنه عمرو([235]).
وبذلك يتضح: أن عدم الإذن لعلي "عليه السلام" بمبارزة عمرو في بادئ الأمر، لم يكن رغبة بعلي عن المخاطر، وحباً بالإبقاء عليه، وتعريض غيره لذلك.
4 ـ وقوله "صلى الله عليه وآله" له: إنه عمرو، فارس يليل أو نحو ذلك، ليفهم الناس: أن هذا الإقدام من علي "عليه السلام" ليس مجرد نزوة طائشة، ألقى نفسه بسببها في المهالك، دون أن يكون عارفاً بحقيقة عمرو، ومكانته في الفروسية، ثم حالفه الحظ فقتله، لأن علياً رجل شجاع، ولكن لا علم له بالحرب، كما يريد أعداؤه أن يقولوا.
بل كان هذا الإقدام منه عن علم وتثبت، واطلاع تام على شجاعة عمرو، ومكانته بين فرسان العرب.
الخصال الثلاث:
وحين عرض علي "عليه السلام" الخصال الثلاث على عمرو، نجد أن هذه الخصال قد جاءت من خلال الوعي والإحساس بالمسؤولية، وفي أعلى درجات السداد، وفي منتهى الموضوعية والنصفة. وتركت عمرواً يبوء بعار البغي، والعدوان، والتجني بلا مبرر، ولا سبب على الإطلاق.
فلم يفرض عليه أن يسلم فقط، بل هو كما عرض عليه أن يسلم من منطلق الإنصاف في الدعوة، ولإعطائه فرصة أخيرة لينقذ نفسه من النار، فإنه أيضاً يقدم له خياراً آخر لا يتعارض مع رغاتبه وطموحاته، ولا مع آرائه ومعتقداته، وهو أن يرجع عن حرب محمد والمسلمين. ثم قدم له ما يثير اهتمامه، ويقربه إلى اختيار هذه الخصلة مثيراً أمامه ما يوجب إعادة النظر في صوابية القرار الذي اتخذه في خصومته لمحمد "صلى الله عليه وآله"، مستثيراً في نفسه نوازع الطموح ومستحثاً في داخله المشاعر القبلية التي ينزع إليها، ويعتمد عليها، حين ذكر له: أنه إن يكن محمد صادقاً كان أسعد الناس به، وإن يك كاذباً كفتهم ذؤبان العرب أمره.
وفي كلمته الأخيرة تلويح يقرب من التصريح بما يراود النفوس عادة من حب السلامة والراحة والابتعاد عن المشاكل والمخاطر.
ولكن ما احتج به عمرو لاتخاذه قراره برفض هذ الخصلة الثانية ما كان غير سراب خادع ينطلق من غرور وعنجهية لا مبرر لهما، إلا روح الاستكبار والبغي والتجني والظلم الذي جره بالتالي إلى الخزي والخسران في الدنيا وفي الآخرة، وساء للظالمين بدلاً.
ولم يبق أمام أمير المؤمنين "عليه السلام" إلا أن يبادر إلى دفع غائلة هذا الظالم المتجبر فكان النصر على يديه، وكانت ضربته له التي تعدل عبادة الثقلين.
قطع رجل عمرو:
ويقول ابن شهرآشوب: "وتبادر المسلمون يكبرون، فوجدوه على فرسه برجل واحدة، يحارب علياً "عليه السلام"، ورمى رجله نحو علي، فخاف من هيبتها رجلان، ووقعا في الخندق"([236]).
وهذا النص غير معقول: وذلك لأنه إذا كان على فرسه برجل واحدة، فإنه لا يستطيع أن يأخذ رجله عن الأرض يرمي بها علياً "عليه السلام" أو غيره، لأنها حين تقطع لا بد أن يقع القسم المقطوع منها على الأرض إلا أن يكون قد فعل ذلك بعد وقوعه على الأرض.
علي × ودرع عمرو:
لما قتل علي "عليه السلام" عمرواً، وأقبل نحو رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ووجهه يتهلل قال له عمر بن الخطاب: هلا سلبته يا علي درعه؟! فإنه ليس في العرب درع مثلها.
فقال علي "عليه السلام": إني استحييت أن أكشف سوأة ابن عمي، أو قال: ضربته فاتقاني بسوأته، فاستحييت من ابن عمي أن أسلبه.
وعند الحسكاني: أن النبي "صلى الله عليه وآله" سأل علياً عن سبب عدم سلبه له([237]).
ويقال: إنه حين جلس على صدر عمرو، يريد أن يذبحه، وهو يكبر الله ويمجده طلب منه عمرو أن لا يسلبه حلته، فقال له علي "عليه السلام": هي عليَّ أهون من ذلك، ثم ذبحه([238]).
وزعم الحلبي: أن هذا اشتباه من الرواة، وأن ذلك كان في حرب أُحد مع طلحة بن أبي طلحة([239]).
ويردّ قوله: أنه في قضية أُحد كان السؤال من سعد لعلي "عليه السلام"، وفي الخندق كان السؤال من عمرو لعلي "عليه السلام"، فهما قضيتان.
ونعود فنذكر كلام المعتزلي وهو يقارن بين علي وسعد بن أبي وقاص في ذلك:
"قلت: شتان بين علي وسعد، هذا يجاحش على السلب، ويتأسف على فواته (كما في قصة أُحد) وذلك يقتل عمرو بن عبد ود يوم الخندق، وهو فارس قريش وصنديدها، ومبارزه فيعرض عن سلبه، فيقال له: كيف تركت سلبه، وهو أنفس سلب؟!.
فيقول: كرهت أن أبزّ السبي ثيابه.
فكأن حبيباً (أي أبا تمام) عناه بقوله:
إن الأسـود أسـود الـغـاب همتها يوم الكريهة في المسلوب لا السلب([240])
ونقول:
إننا لا نريد أن نضيف إلى ذلك شيئاً، غير أن ما يستوقفنا هنا هو ما نجده من حرص واهتمام ظاهر لعمر بن الخطاب بأمر الدرع كي لا تفوت علياً، وكأنه يظن أنه "عليه السلام" إنما يحارب ليحصل على الغنائم والأسلاب.
ولم يلتفت إلى أن ما يهم علياً "عليه السلام" هو الدفاع عن أساس الدين، وفتح باب الأمل على مصراعيه أمام المسلمين المهزومين نفسياً، كما أخبر الله عنهم: ?إِذْ جَاؤُوكُم مِن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَل مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الأَبْصَارُ وَبَلغَتِ القُلُوبُ الحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا، هُنَالكَ ابْتُليَ المُؤْمِنُونَ وَزُلزِلُوا زِلزَالاً شَدِيداً..?.
إلى أن قال: ?.. وَكَفَى اللهُ المُؤْمِنِينَ القِتَال وَكَانَ اللهُ قَوِيّاً عَزِيزاً?([241]).
أما جواب أمير المؤمنين "عليه السلام" لعمر، ففيه تأكيد منه على أنه "عليه السلام": لم يزل ولا يزال يتصرف وفق قواعد النبل والرجولة والقيم، حتى في مثل هذا الموقف، الذي هو أكثر المواقف صعوبة وخطراً، حيث تزل فيه الأقدام، وتضيع فيه المعايير والضوابط في زحمة الأهوال والمخاطر، وفي خضم ثورات النفوس والمشاعر.
فسلام الله عليك يا أبا الحسن، يوم ولدت في الكعبة، ويوم اغتالتك يد الإفك والحقد في مسجد الكوفة، ويوم تبعث حياً، حيث تقف لتسقي المؤمنين والمجاهدين من يدك على حوض الكوثر.
قتله في الله:
ولما أدرك علي "عليه السلام" عمرو بن عبد ود لم يضربه، فوقعوا في علي "عليه السلام"، فرد عنه حذيفة، فقال النبي "صلى الله عليه وآله": مه يا حذيفة، فإن علياً سيذكر سبب وقفته.
ثم إنه ضربه، فلما جاء سأله النبي "صلى الله عليه وآله" عن ذلك، فقال: قد كان شتم أمي، وتفل في وجهي، فخشيت أن أضربه لحظ نفسي، فتركته حتى سكن ما بي، ثم قتلته في الله([242]).
ونقول:
إننا لا نشك في أن علياً "عليه السلام" لا يمكن أن يقتل عمرواً غضباً لنفسه، وإن كان ذلك جائزاً له.. ولكنه "عليه السلام" أراد أن يتعامل مع الأمور كما لو كان رجلاً عادياً ليمكن أن يقدم للناس العظة والأمثولة بصورة عملية وحية ليروا بأم أعينهم كيف يكون هو الرجل الإلهي، الذي يتعامل مع كل الأمور من موقع المعرفة، والوعي، والثبات والتثبت، ويصل كل أعماله، ما دق منها وقل، وما عظم وجل بالله سبحانه، ليقربه خطوة إليه.
إنه ذلك الجبل الأشم الشامخ، الذي لا تزله الرياح العواصف، وهو الإنسان القوي والرصين، الذي لا يثور ولا يغضب إلا لله، ولله فقط، وحده لا شريك له.
فبإرادة الله ورضاه يسل سيفه، ويقاتل الأبطال، ويسحق كل جبروتهم وكبريائهم، وهو يغمد سيفه ويستسلم لإرادة الله سبحانه وامتثالاً لأمره، حين يهجمون عليه في بيته، ويضربون زوجته، ويسقطون جنينها، ويحرقون عليه بيته، أو يكادون. وهو علي هنا، وهو علي هناك، ولا أحد غير علي يستطيع أن يفعل ذلك.
الوسام الإلهي:
عن ابن مسعود، وعن بهز بن حكيم، عن أبيه، قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": لمبارزة علي (أو قتل علي) لعمرو بن عبد ود (أو ضربة علي يوم الخندق) أفضل (أو خير) من عبادة الثقلين، أو أفضل من أعمال أمتي إلى يوم القيامة([243]).
وفي نص آخر عن ابن مسعود: أبشر يا علي، فلو وزن عملك اليوم بعمل أمتي لرجح عملك بعملهم([244])، زاد المجلسي والطبرسي قوله:
"وذلك أنه لم يبق بيت من بيوت المشركين إلا وقد دخله وهن بقتل عمرو. ولم يبق بيت من بيوت المسلمين إلا وقد دخله عز بقتل عمرو"([245]).
تمحلات وتعصبات ابن تيمية:
وقد اعتبر ابن تيمية حديث: قتل علي لعمرو أفضل من عبادة الثقلين، ونحوه، من الأحاديث الموضوعة، التي ليس لها سند صحيح، ولم يروه أحد من علماء المسلمين في شيء من الكتب التي يعتمد عليها. بل ولا يُعرف له أسناد صحيح ولا ضعيف. وهو كذب لا يجوز نسبته إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، فإنه لا يجوز أن يكون قتل كافر أفضل من عبادة الجن والإنس، فإن ذلك يدخل فيه عبادة الأنبياء.
وقد قُتل من الكفار من كان قتله أعظم من قتل عمرو، مثل أبي جهل وعقبة بن أبي معيط، وشيبة. وقصته في الخندق لم تذكر في الصحاح([246]).
أما الذهبي، فقال عن حديث: ضربة علي أفضل من عبادة الثقلين: "قبح الله رافضياً افتراه"([247]).
ونقول:
قد رد الحلبي استبعاده أن تكون ضربة عمرو أفضل من عبادة الثقلين بقوله: "فيه نظر، لأن قتل هذا كان فيه نصرة للدين، وخذلان للكافرين"([248]).
فإنه إذا كانت قد زاغت الأبصار، وبلغت القلوب الحناجر، وصاروا يظنون الظنون السيئة بالله سبحانه. وإذا كان المسلمون قد أحجموا عن مبارزة عمرو، خوفاً ورعباً، وكانوا كأن على رؤوسهم الطير.
وإذا كان عمرو هو فارس الأحزاب، الذين هم ألوف كثيرة، وقد جاؤوا لاستئصال المسلمين، وهم قلة، وقد جاءهم اليهود من جانب، وقريش من جانب، وغطفان من جانب، وكانوا في أشد الخوف على نسائهم وذراريهم،
وإذا كان المنافقون لا يألون جهداً في تخذيل الناس وصرفهم عن الحرب، حتى أصبح الرسول "صلى الله عليه وآله" في قلة قليلة، لا تزيد على ثلاث مئة رجل، بل قيل: لم يبق معه سوى اثني عشر رجلاً كما سنرى،
وإذا كان الجوع والبرد يفتكان فيهم، ويضعفان من عزائمهم..
نعم.. إذا كان ذلك، فمن الطبيعي: أن يكون قتل هذا الكافر فيه حياة الإسلام، وانتعاش المسلمين، وفيه خزي الأحزاب، وفشلهم، وسيأتي بعض الكلام حول: أن النصر كان بسبب قتل عمرو في الفصل التالي إن شاء الله.
وأما بالنسبة لضعف سنده، وعدم ذكره في الصحاح، فلا يقلل ذلك من قيمته واعتباره إذ ما أكثر الأحاديث الصحيحة، والمتواترة التي لم تذكر في كتب الصحاح.
وقد عرفنا تحصب أصحاب الصحاح على علي "عليه السلام" وأهل بيته، وقول ابن تيمية ليس له سند ضعيف ولا صحيح، يكذبه رواية المستدرك لهذا الحديث عن بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة، عن أبيه، عن جده، وقد قال أبو داود: بهز بن حكيم أحاديثه صحاح([249]).
شهادة حذيفة:
قال المفيد: "روى قيس بن الربيع، قال: حدثنا أبو هرون العبدي، عن ربيعة السعدي، قال: أتيت حذيفة بن اليمان، فقلت له: يا أبا عبد الله، إنا لنتحدث عن علي "عليه السلام" ومناقبه، فيقول لنا أهل البصرة: إنكم تفرطون في علي "عليه السلام". هل أنت محدثي بحديث فيه؟.
فقال حذيفة: يا ربيعة، وما تسألني عن علي "عليه السلام"! فوالذي نفسي بيده، لو وضع جميع أعمال أصحاب محمد "صلى الله عليه وآله" في كفة الميزان، منذ بعث الله محمداً إلى يوم الناس هذا، ووضع عمل علي "عليه السلام" في الكفة الأخرى لرجح عمل علي "عليه السلام" على جميع أعمالهم.
فقال ربيعة: هذا الذي لا يقام له ولا يقعد.
فقال حذيفة: يا لكع: وكيف لا تحمل؟ وأين كان أبو بكر، وعمر، وحذيفة، وجميع أصحاب محمد "صلى الله عليه وآله" يوم عمرو بن عبد ود دعا إلى المبارزة، فأحجم الناس كلهم ما خلا علياً "عليه السلام"؟! فإنه برز إليه وقتله الله على يده. والذي نفس حذيفة بيده، لعمله ذلك اليوم أعظم أجراً من عمل أصحاب محمد "صلى الله عليه وآله" إلى يوم القيامة([250]).
شهادات ومواقف أخرى:
شهادة أبي الهذيل والمعتزلي.
قال المعتزلي:
1 ـ "فأما الخرجة التي خرجها يوم الخندق إلى عمرو بن عبد ود، فإنها أجلُّ من أن يقال: جليلة، وأعظَمُ من أن يُقال: عظيمة.
2 ـ وما هي إلا كما قال شيخنا أبو الهذيل، وقد سأله سائل: أيما أعظم منزلة عند الله: علي أم أبو بكر؟
فقال: يا ابن أخي، والله، لمبارزة علي عمرواً يوم الخندق تعدل أعمال المهاجرين والأنصار وطاعاتهم كلها، وتربي عليها، فضلاً عن أبي بكر وحده.
3 ـ وقد روي عن حذيفة بن اليمان ما يناسب هذا، بل ما هو أبلغ منه الخ..([251]).
وعن حذيفة: لو قسمت فضيلة علي "عليه السلام" بقتل عمرو يوم الخندق بين المسلمين بأجمعهم لوسعتهم([252]).
4 ـ وقال أبو بكر بن عياش: لقد ضَرَبَ علي ضربة ما كان في الإسلام أعزّ منها ـ يعني ضربة عمرو بن عبد ود ـ ولقد ضُرِبَ علي ضربة ما ضرب الإسلام أشأم منها ـ يعني ضربة ابن ملجم لعنه الله([253]).
5 ـ وقال الحافظ يحيى بن آدم ـ عن جابر بن عبد الله الأنصاري: ما شبهت قتل علي عمرواً إلا بقوله تعالى: ?فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ الله وَقَتَل دَاوُدُ جَالُوتَ?([254]).
6 ـ وروي أن عمرواً قال لعلي: ما أكرمك قرناً([255]).
لا نأكل ثمن الموتى:
قال ابن إسحاق ـ كما رواه البيهقي عنه ـ : وبعث المشركون إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" يشترون جيفة عمرو بن عبد ود بعشرة آلاف.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": هو لكم، لا نأكل ثمن الموتى([256]).
وقال أبو زهرة: "ويظهر: أنه كان عظيماً بين المشركين، يعتزونه، فأرسلوا يطلبون جثمانه([257]).
وقد ذكرت نفس هذه الحادثة: بالنسبة لجيفة نوفل بن عبد الله بن المغيرة، ونكاد نشك في صحة ذلك. ولعل الزبيريين قد حرفوا ما جرى لجيفة عمرو ليكون لصالح جيفة نوفل وذلك بهدف تضخيم شأن نوفل، ليصبح أهم من عمرو بن عبد ود، زعماً منهم أن روايتهم المكذوبة: أن الزبير قد قتل نوفلاً قد راجت على الناس.
وسيأتي أن علياً "عليه السلام" أيضاً هو الذي قتل نوفلاً وغيره.
وإن كنا نحتمل أيضاً: أن يكون بنو مخزوم قد طلبوا جيفة صاحبهم ليرفعوا من شأنه حتى لا يكون أقل من عمرو.
فرح الملائكة بقتل عمرو:
عن الصادق "عليه السلام": لما قتل علي "عليه السلام" عمرو بن عبد ود أعطى سيفه الحسن "عليه السلام"، وقال: قل لأمك تغسل هذا الصيقل.
فرده وعلي "عليه السلام" عند النبي "صلى الله عليه وآله" وفي وسطه نقطة لم تنقَ، قال: أليس قد غسلته الزهراء.
قال: نعم.
قال: فما هذه النقطة؟.
قال النبي "صلى الله عليه وآله": يا علي، سل ذا الفقار يخبرك.
فهزه، وقال: أليس قد غسلتك الطاهرة، من دم الرجس النجس؟!
فأنطق الله السيف فقال: بلى، ولكنك ما قتلت بي أبغض إلى الملائكة من عمرو بن عبد ود، فأمرني ربي فشربت هذه النقطة من دمه، وهو حظي منه، فلا تنتضيني يوماً إلا ورأته الملائكة وصلَّت عليك([258]).
وليس لدينا ما يثبت أو ينفي صحة هذه الرواية. وحين يصعب علينا فهم بعض ما ورد فيها، فإن علينا أن نكل علم ذلك إلى أهله، ما دام أن ذلك لا يمس أساس العقيدة، ولا يؤثر على الضوابط والمرتكزات العامة للبحث العلمي الرصين.
أين المقداد وعمار؟!
وقد يقال: أين كان المخلصون الأوفياء، والأبرار الأتقياء آنئذٍ عن مبارزة عمرو بن عبد ود؟!
ولماذا لم يبادروا إلى إجابة طلب النبي "صلى الله عليه وآله"، لينالوا الجنة، التي وعد بها رسول الله من يبارز عمرواً؟!
ونجيب: إنه قد كانت هناك مهمات كثيرة كان لا بد من التصدي لها وإنجازها على يد أهل الإيمان، ومنها: حراسة أبواب الخندق الثمانية، وحراسة الجيش الإسلامي، ومنع جيش الأعداء من التسلل والالتفاف، ورصد جميع تحركات الأعداء، حتى لا يجدوا أنهم في فسحة من أمرهم، ويستطيعوا أن يتصرفوا كما يحلو لهم. وهذا يفرض إفراز قوات تكفي لإنجاز هذه المهمات في المواقع المختلفة ..
ولعل من يستطيع النبي "صلى الله عليه وآله" أن يطمئن لسلامة أدائهم، أو عدم تأثرهم بإغراءات العدو وتسويلاته هم أمثال عمار، والمقداد، وسلمان..
وكانت الكثرة من المقاتلين الآخرين موجودة في محضر رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وكان هو الذي يضبط حركتها، ويهيمن على قرارها، ويراقب مسارها..
ويفترض فيها هي: أن تتولى صد العدو، ومبارزة فرسانه، وتحطيم استكباره وإسقاط عنفوانه..
وقد واجههم عمرو بن عبد ود بالتحدي القوي، وجاءت كلمات رسول الله "صلى الله عليه وآله" لتعبر عن مدى خطورة الموقف، وأهمية الإنجاز الذي يتمثل بسحق هذا التحدي القوي، وجاءت كلمات رسول الله "صلى الله عليه وآله" لتعبر عن مدى خطورة الموقف، وأهمية الإنجاز الذي يتمثل بسحق هذا التحدي، من خلال قتل عمرو هذا..
وكان الطامحون والطامعون وأصحاب الدعاوى العريضة، وكذلك سائر من يلتقي معهم في الفكر، والرأي والمصالح، يتحلقون حول رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ويتصدرون مجالسه، قد فشلوا أمام أنفسهم، وأمام الناس كلهم في اتخاذ القرار الحاسم بالخروج من سجن ذواتهم وذاتياتهم وخصوصياتهم إلى آفاق الحرية في رحاب التقوى والورع، والعزوف عن الدنيا، وطلب رضا الله تبارك وتعالى..
ولذلك امتلأت قلوبهم رعباً وخوفاً من مواجهة أعداء الله، طلباً لمرضاته تبارك وتعالى، وحباً برسوله "صلى الله عليه وآله"..
فأحجموا عن هذا الأمر، حباً بالدنيا، وبادر إليه علي بن أبي طالب "عليه السلام" صفوة الخلق، وعبد الله، وأخو رسوله، بل نفسه كما صرح به القرآن الكريم.. فأنزل صلوات الله وسلامه عليه ضربته الخالدة، التي تعدل عبادة الثقلين: الجن والإنس إلى يوم القيامة. أنزلها بعدو الله عمرو بن عبد ود.. وألحقه بالفراعنة والجبارين، إلى درك الجحيم.
قتل عمرو هزم بني قريظة والأحزاب:
وحين أرسل النبي "صلى الله عليه وآله" علياً "عليه السلام" إلى بني قريظة قال له: "إن الذي أمكنك من عمرو بن عبد ود، لا يخذلك"([259]).
قال علي "عليه السلام": "فاجتمع الناس إلي، وسرت حتى دنوت من سورهم، فأشرفوا عليَّ، فلما رأوني صاح صائح منهم: قد جاءكم قاتل عمرو، وقال آخر: قد أقبل إليكم قاتل عمرو.
وجعل بعضهم يصيح ببعض، ويقولون ذلك، وألقى الله في قلوبهم الرعب، وسمعت راجزاً يرتجز:
قـتــــل عـــلي عــــمــــــروا صـــــــاد عــــــلي صـــقـــر
قــــصــــم عـــلـــي ظـــهرا أبـــــرم عـــــــــلي أمـــــــر
هــــتــــــك عــــــلي ســتر
فقلت: الحمد الله الذي أظهر الإسلام وقمع الشرك([260]).
وكما كان قتل عمرو سبباً لهزيمة بني قريظة فإنه كان أيضاً سبباً لهزيمة الأحزاب كما سيأتي.
وقد أقنع قتله وقتل ابنه ونوفل بن عبد الله، أقنع قريشاً ومن معها: أن أية مغامرة من هذا القبيل سيكون مصيرها الفشل الذريع، والخيبة القاتلة.
وسيأتي في أواخر الفصل التالي نصوص تدل على أن قتل عمرو ومن معه كان سبب هزيمة الأحزاب فانتظر.
الخوارج وحديث قتل عمرو:
كنا نتوقع كل شيء من أعداء علي عليه الصلاة والسلام، إلا أننا لم نتوقع أبداً أن يشككوا في قتل علي "عليه السلام" لعمرو بن عبد ود.
وقد ألفت نظري الحاكم النيسابوري، وهو يورد في مستدركه أحاديث صحيحة تثبت قتل علي "عليه السلام" لعمرو، فتساءلت في نفسي عن الداعي لإيراد أحاديث في أمر هو من أوضح الواضحات وأجلاها، وإذا به هو نفسه يصرح بسبب ذلك، ويبين لنا: أن أعداء علي قد حاولوا التشكيك حتى بهذا الأمر،فهو يقول:
"قد ذكرت في مقتل عمرو بن عبد ود من الأحاديث المسندة، ومما عن عروة بن الزبير، وموسى بن عقبة، ومحمد بن إسحاق بن يسار ما بلغني، ليتقرر عند المصنف من أهل العلم: أن عمرو بن عبد ود لم يقتله، ولم يشترك في قتله غير أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وإنما حملني على هذا الاستقصاء فيه قول من قال من الخوارج: أن محمد بن مسلمة أيضاً ضربه ضربة، وأخذ بعض السلب.
ووالله، ما بلغنا هذا من أحد من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم.
وكيف يجوز هذا وعلي رضي الله عنه يقول ما بلغنا: إني ترفعت عن سلب ابن عمي، فتركته. وهذا جوابه لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بحضرة رسول الله "صلى الله عليه وآله"([261]) انتهى.
متى قتل عمرو؟:
أما متى قتل عمرو، فإن اليعقوبي يقول: إن قتله كان بعد مضي خمسة أيام من الحصار([262]).
لكن آخرين يقولون: إن ذلك كان بعد مضي بضع وعشرين ليلة منه([263]).
وفريق ثالث يقول: بعد مضي شهر من الحصار([264]).
ونحن نستقرب هذا الأخير: وذلك لما تقدم من أن الحصار قد دام شهراً. وقد علمنا أن قتل عمرو، كما سيأتي في أواخر الفصل التالي، كان سبب هزيمة الأحزاب بالإضافة إلى الريح العاتية التي أرسلها الله تعالى عليهم.
قتل حسل بن عمرو بن عبد ود:
قال ابن هشام: حدثني الثقة أنه حدث عن ابن شهاب الزهري، أنه قال: قتل علي بن أبي طالب يومئذٍ عمرو بن عبد ود، وابنه حسل بن عمرو.
قال ابن هشام: عمرو بن عبد ود، يقال: عمرو بن عبد([265]).
قتل نوفل بن عبد الله:
قد ادَّعت بعض المرويات: أن الزبير بن العوام هو الذي قتل نوفل بن عبد الله فهي تقول: "رجع المشركون هاربين، وخرج في آثارهم الزبير وعمر بن الخطاب، فناوشوهم ساعة، وحمل الزبير بن العوام على نوفل بن عبد الله بالسيف، حتى شقه باثنين، وقطع أبدوج (أو أندوج) سرجه، حتى خلص إلى كاهل الفرس.
فقيل: يا أبا عبد الله، ما رأينا سيفك!!.
فقال: والله، ما هو السيف، ولكنها الساعد"([266]).
وذكر البعض: أن نوفلاً سأل المبارزة، فبارزه الزبير، فشقه باثنتين، حتى فل في سيفه فلاًّ، وانصرف، وهو يقول:
إنـــي امــــرؤ أحمـــي وأحتمي عـن الـنـبـي المـصـطـفى الأمي([267])
لكن نصاً آخر يقول: إنه لما وقع نوفل في الخندق، وجعل المسلمون يرمونه، وطلب أن ينزل بعضهم إليه ليقاتله، فقتله الزبير بن العوام([268]).
وفي الوفاء: بارزه الزبير، فقتله، ويقال قتله علي، ورجعت بقية الخيول منهزمة([269]).
قال دحلان: "ويمكن أن علياً والزبير رضي الله عنهما اشتركا في قتله"([270]).
ونقول:
إننا نشك في ذلك كثيراً، وذلك للأمور التالية:
1 ـ إن البعض ينسب قتل نوفل إلى المسلمين، فهو يقول عن عمرو:
"ودنا منه علي، فلم يكن بأسرع من أن قتله علي، فولى أصحابه الأدبار، وسقط نوفل بن عبد الله عن فرسه في الخندق، فرمي بالحجارة حتى قتل"([271]).
2 ـ وقال البلاذري وغيره: "ونجا أصحاب عمرو إلا رجلاً سقط في الخندق، فتكسر، ورماه المسلمون حتى مات"([272]).
3 ـ أما ابن الأثير فقد حاول أن يبهم الأمر، حيث قال: "وقتل مع عمرو رجلان، قتل علي أحدهما، وأصاب الآخر سهم مات منه بمكة"([273]).
فإذا عرفنا: أن مقصوده بالرجل الآخر الذي قتله علي ليس هو حسل بن عمرو، لأن كثيراً من المؤرخين سكتوا عن ذكره، وهم مجمعون على قتل نوفل بن عبد الله،
وعرفنا أيضاً: أن الذي أصابه سهم فمات منه بمكة هو ـ كما سيأتي ـ منبه بن عثمان، أو عثمان بن أمية بن منبه([274])،
فإننا نعرف أنه يقصد بالذي قتله علي هو نوفل بن عبد الله بالذات.
وثمة فريق آخر يقول بصراحة: إن علياً "عليه السلام" هو الذي قتل نوفلاً.
4 ـ قال اليعقوبي: "وكبا بنوفل بن عبدالله بن المغيرة فرسه، فلحقه علي فقتله"([275]).
وقال الطبرسي، وابن كثير، والطبري: إنه لما تورط في الخندق جعل يقول: قتلة أحسن من هذه يا معشر العرب، فنزل إليه علي فقتله، وطلب المشركون رمته، فمكنهم من أخذه([276]).
وذكرت بعض المصادر: أنه "عليه السلام" ضربه بالسيف فقطعه نصفين([277]).
وذكر ابن إسحاق: أن علياً طعنه في ترقوته حتى أخرجها من مراقه، فمات في الخندق([278]).
5 ـ هذا كله، عدا عن أن الشعر المنسوب إلى الزبير أنه قاله في هذه المناسبة غير مستقيم الوزن، فليلاحظ ذلك.
وأخيراً:
فإننا نذكر القارئ الكريم بأن هؤلاء الناس قد عودونا أن يغيروا على فضائل علي وعلى مواقفه "عليه السلام"، وينسبوها لغيره، ممن لهم فيه هوى، ولو لم يستطع أن يسجل حتى موقفاً رسالياً وجهادياً واحداً طيلة حياته.
إنما هي جيفة حمار:
وأرسلت بنو مخزوم يطلبون جيفة نوفل بن عبد الله، يشترونها، وأعطوا فيها عشرة آلاف درهم، فقال "صلى الله عليه وآله": إنما هي جيفة حمار، وكره ثمنه، فخلى بينهم وبينه([279]).
وقال البعض: إنهم عرضوا الدية، فقال "صلى الله عليه وآله": إنه خبيث الدية، فلعنه الله ولعن ديته، فلا إرب لنا في ديته، ولسنا نمنعكم أن تدفنوه([280]).
وفي رواية أخرى: أنهم عرضوا اثني عشر ألفاً ثمناً لجسد رجل من المشركين يوم الأحزاب([281]).
ونص آخر يقول: إن أبا سفيان هو الذي بعث بديته مئة من الإبل([282]).
ولهذا الحديث نصوص مختلفة، فلتراجع في مصادرها([283]).
وبعد هذا، فلا يمكن الاعتماد على رواية الحاكم عن ابن عباس، قال: قتل رجل من المشركين يوم الخندق فطلبوا أن يواروه فأبى رسول الله "صلى الله عليه وآله" حتى أعطوه الدية([284]).
فإنها رواية لا تصح بأي وجه.
الزبير وهبيرة بن وهب:
يقول القمي: إنه بعد أن قتل علي "عليه السلام" عمرواً "بعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" الزبير إلى هبيرة بن وهب، فضربه على رأسه ضربة ففلق هامته"([285]).
وتقول رواية أخرى: أدرك الزبير هبيرة بن أبي وهب، فضربه، فقطع ثفر([286]) فرسه، وسقطت درع كانت عليه، فأخذها الزبير([287]).
ونص ثالث يقول: ومر عمر بن الخطاب في أثر القوم، فناوشهم ساعة وسقطت درع هبيرة بن أبي وهب، فأخذها الزبير([288]).
وهبيرة هو زوج أم هاني أخت علي وأبو أولادها وكان فارس قريش كما يقولون([289]).
نحن نشك في صحة ذلك، وذلك استناداً إلى ما يلي:
1 ـ لو كان الزبير قد ضرب هبيرة بالسيف حتى فلق هامته، فاللازم أن يكون قد قُتل، مع أن الجميع متفقون على أنه لم يقتل آنئذٍ.
2 ـ قد ذكرت بعض النصوص: أن علياً لحق هبيرة فأعجزه، وضرب قربوس سرجه، فسقطت درع كانت عليه وفر عكرمة، وهرب ضرار([290]).
3 ـ ويفصل ذلك نص آخر، فيقول: ثم حمل ضرار بن الخطاب وهبيرة على علي، فأقبل علي عليهما. فأما ضرار فولى هارباً ولم يثبت، وأما هبيرة فثبت أولاً، ثم ألقى درعه وهرب. وكان فارس قريش وشاعرها([291]).
وسئل ضرار عن سبب فراره، فقال: خيل إلي أن الموت يريني صورته([292]).
4 ـ قد اعتذر هبيرة بن أبي وهب عن فراره من وجه علي "عليه السلام"، فقال:
لـعـمـرك مــا ولـيت ظهراً محمداً وأصـحـابـه جبنـاً ولا خيفة القتل
ولـكـنـني قـلبت أمـري فلم أجد لسيفي غـنـاءً إن وقـفـت ولا نبلي
الــخ...
ويؤيد قولهم بأن الفرسان قد هاجموا علياً بعد قتله عمرواً، قوله "عليه السلام":
أعــلي تـقـتـحم الفوراس هكـذا عـنـي وعـنـهـم أخـروا أصحـابي
ولعل مواجهة هبيرة لعلي "عليه السلام" ولو للحظات جعلته يستحق وسام فارس قريش وشاعرها.
5 ـ ثم إننا لم نفهم السبب في أن اللذين خرجا في أثر الهاربين هما الزبير وعمر فقط؟! وأين كان عنهم سائر فرسان المسلمين؟ ولماذا لم يتبعهم علي نفسه؟!
واحدي يا رسول الله:
وروى ابن أبي شيبة من مرسل عكرمة: أن رجلاً من المشركين قال يوم الخندق: من يبارز.
فقال النبي "صلى الله عليه وآله": قم يا زبير.
فقالت صفية بنت عبد المطلب: واحدي يا رسول الله.
فقال: قم يا زبير.
فقام الزبير فقتله. ثم جاء بسلبه إلى النبي "صلى الله عليه وآله" فنفله إياه([293]).
ونقول: إننا نشك في صحة هذه الرواية.
أولاً: لأن صفية كانت مع النساء في حصن حسان حسبما تقدم، فما الذي جاء بها إلى ساحة القتال، في هذه الساعة الحساسة والحاسمة بالذات؟ وهل كان "صلى الله عليه وآله" يسمح للنساء بالتردد إلى ساحة الحرب؟!.
ثانياً: إن هذا الحديث مرسل، وهو ينتهي أيضاً إلى عكرمة المعروف بالكذب والوضع، وقد تحدثنا عن بعض حاله في كتابنا: "أهل البيت في آية التطهير" فليراجع.
ثالثاً: إننا نستبعد أن يكون "صلى الله عليه وآله" قد خص الزبير بالطلب إليه أن يبارز ذلك الرجل، وهو قبل قليل قد طلب التطوع من المسلمين بمبارزة عمرو. فما هذه السياسة، وما هي مبرراتها يا ترى؟!
عمر وضرار بن الخطاب:
قال المعتزلي: "وناوش عمر بن الخطاب ضرار بن عمرو، فحمل عليه ضرار حتى إذا وجد مس الرمح رفعه عنه، وقال: إنها لنعمة مشكورة، فاحفظها يا ابن الخطاب، إني كنت آليت أن لا تمكنني يداي من قتل قرشي، فأقتله. وانصرف ضرار راجعاً إلى أصحابه"([294]) وهم عند جبل أبي عبيد.
وفي نص آخر: ذكر حملة الزبير وعمر بقية أصحاب عمرو، وقد كان ضرار يفر، وعمر يشتد في أثره. فكر ضرار راجعاً، وحمل على عمر بالرمح ليطعنه ثم أمسك وقال:
"يا عمر، هذه نعمة مشكورة أثبتها عليك، ويدٌ لي عندك غير مجزي بها فاحفظها"([295]).
لكن القمي ذكر للرواية نصاً آخر، فقال: "أمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" عمر بن الخطاب أن يبارز ضرار بن الخطاب، فلما برز إليه ضرار انتزع له عمر سهماً.
فقال ضرار: ويحك يا بن صهاك، أترميني في مبارزة؟ والله، لئن رميتني لا تركت عدوياً بمكة إلا قتلته.
فانهزم عنه عمر، ومر نحوه ضرار، وضربه على رأسه بالقناة، ثم قال: احفظها يا عمر، فإنني آليت أن لا أقتل قرشياً ما قدرت عليه.
فكان عمر يحفظ له ذلك بعد ما ولي، فولاه([296]).
ونشير نحن هنا إلى ما يلي:
ألف: إن من الممكن أن يكون "صلى الله عليه وآله" قد أمر عمر بمبارزة ضرار، أثناء مبارزة علي "عليه السلام" لعمرو، فحمل عليه ضرار، حتى إذا وجد مس الرمح رفعه وقال له مقالته تلك. ثم لما قتل عمرو وحسل وهجم علي "عليه السلام" على ضرار وهبيرة ونوفل فهربوا، عاد وقتل نوفلاً.
ب: إننا لا نصدق أن يكون ضرار قد فر من عمر، لأن ضراراً يعرف عمر ومدى شجاعته، إلا أن يكون فر من السهم الذي حاول عمر أن يرميه به، ثم عاد فهاجهم عمر، وجرى بينهما ما جرى.
ج: إن هذه القضية قد حدثت أيضاً بين ضرار وبين عمر في غزوة أحد، وقال له نفس هذه المقالة المذكورة عنه آنفاً، وقد ذكرهما الواقدي في كتاب المغازي.
وحسب نص الحلبي: إنه ضرب عمر بالقناة ثم رفعها وقال: ما كنت لأقتلك يا ابن الخطاب([297]).
د: إننا نجد عمر يهتم بأمر ضرار بصورة ملفتة للنظر، فقد ذكر القمي: أنه ولاه ـ وقد تقدم ـ كما أنه حين قال عبد الرحمن بن عوف لرباح وهم في طريق مكة: غننا.
قال له عمر: إن كنت آخذاً فعليك بشعر ضرار بن الخطاب([298]).
وهذا التعظيم لضرار قد سرى إلى الآخرين حتى قالوا عنه: إنه فارس قريش وشاعرهم([299]). ولعلهم أعطوه هذا الوسام لأنه أراد أن يقدم على علي ثم هرب.
عمر ليس أخا ضرار:
وقد قال البعض: إن ضرار بن الخطاب كان أخاً لعمر بن الخطاب([300]).
وهذا غير صحيح: فإن عمر بن الخطاب كان من بني عدي، أما ضرار فكان من بني فهر، وشتان ما بينهما.
والذي أوجب الغلط لدى هؤلاء هو أن أبويهما كان اسمهما الخطاب، فتخيلوا أن الخطاب رجل واحد.
الآن نغزوهم ولا يغزوننا:
قال المفيد "رحمه الله": "فتوجه العتب إليهم، والتوبيخ والتقريع والخطاب، ولم ينج من ذلك أحد بالاتفاق إلا أمير المؤمنين "عليه السلام"، إذ كان الفتح له وعلى يديه، وكان قتله عمرواً ونوفل بن عبد الله سبب هزيمة المشركين.
وقال رسول الله "صلى الله عليه وآله" بعد قتله هؤلاء النفر: الآن نغزوهم ولا يغزوننا"([301]).
الأشعار في غزوة الخندق
هناك أشعار كثيرة في مناسبة غزوة الخندق نختار باقة منها وهي التالية:
عن علي "عليه السلام" أنه قال:
وكـانـوا على الإسـلام إلـبـاً ثـلاثة فـقـد خـر من تـلـك الثلاثة واحد
وفـر أبــو عـمـرو هبـيرة لـم يعد ولكن أخو الحــرب المجرب عائد
نهـتـهم سيـوف الهند أن يـقفوا لنا غـداة الـتـقـيـنـا والرمـاح مصائد
وعنه "عليه السلام":
الحمـد لله الجـمـيـل المـفـضـــل المـــسـبـغ المــولي الـعطاء المجزل
شـكـــراً عـلـى تمـكينـه لرسوله بـالـنـصر مـنـه عـلى الغواة الجهل
كـم نـعـمة لا أسـتطـيع بلوغها جهداً ولـو أعـمـلـت طاقة مقول
لله أصـبـح فـضـلـه مـتـظـاهراً مـنـه عـلي سـألـت أم لم أســـأل
قـد عـايـن الأحزاب مـن تأييده جـنـد النبي وذي البيــان المرسل
مـا فـيـه مـوعـظة لـكـل مفـكر إن كــان ذا عـقــل وإن لم يـعـقل
وعنه "عليه السلام" مخاطباً لعمرو بن عبد ود:
يـا عـمرو قـد لاقيت فارس بهمة عنـد الـلـقـاء مـعــاود الأقـــدام
مـن آل هـاشــم مــن سناء باهر ومـهـذبـيــن مـتـوجـيــن كـرام
يـدعــو إلى ديــن الإلـه ونصـره وإلى الهــدى وشــرائــع الإسلام
بـمـهـنـد عـضـب رقـيـق حـده ذي رونـق يـقـري الـفـقار حسام
ومحـمـــد فـيـنـا كـأن جـبـيـنـه شـمـس تجـلـت مـن خـلال غمام
والله نــــاصــــر ديـنـه ونـبـيـه ومـعـيـن كـل مـوحـــد مـقـدام
شـهدت قـريـش والـقـبائل كلها أن لـيـس فـيـها من يقوم مقامي([302])
وروي أنه لما قتل عمرواً أنشد:
ضـربـتـه بـالسيـف فـوق الهامة بـضـربـــة صـارمـــة هــدامــة
أنـــا عـلي صاحب الصمصامـة وصــاحب الحـوض لدى القيامة
أخــو رســول الله ذي الـعـلامة قــد قـــال إذ عممـنـي عـــمامة
أنـت الــذي بـعـدي لـه الإمـامـة([303])
وقال حسان بن ثابت:
أمسى (الفتى) عمرو بن عبد يبتغي بـجـنـوب يـثـرب عـادة لم تنـظـر
ولـقـد وجـدت سيوفنا مشهورة ولـقـد وجـدت جـيـادنـا لم تقصر
ولـقـد رأيـت غــداة بـدر عصبة ضـربوك ضرباً غير ضرب المحسر
أصـبحت لا تدعى ليـوم عظيمـة يـا عمـرو أو لجسـيـم أمر منكر([304])
قال ابن هشام: وبعض أهل العلم ينكرها لحسان فأجابه فتى من بني عامر:
كـذبتم وبـيـت الله لا تـقـتـلوننا ولـكـن بسيف الهاشميين فافخرو
بـسيف ابن عبد الله أحمد في الوغا بـكـف عـلي نـلـتـم ذاك فاقصرو
ولم تقتلوا عمـرو بن عبد ببأسكم ولـكـنـه الـكـفـؤ الهزبر الغضنفر
عـلي الـذي في الفـخر طال بنـاؤه فلا تكثروا الدعوى علينا فتحقرو
بـبـدر خـرجـتـم للبراز فـردكم شــيـوخ قـريـش جهرة وتـأخرو
فـلـما أتــــاهـــم حمــزة وعبيدة وجـاء عـلي بـالمـهـنــد يخــــطر
فقـالـوا: نعم أكفاء صدق فأقلبوا إلـيـهـم سـراعاً إذ بغووا وتجبـرو
فجـال عـلي جـولــة هــاشـمـية فـدمــرهـــم لمــا عتـوا وتكبرو
فـلـيــس لـكـم فـخـر علينا بغيرنا ولـيـس لـكـم فـخر نعد ونذكر([305])
وروي أن علياً "عليه السلام" لما قتل عمرواً لم يسلبه، وجاءت أخت عمرو حتى قامت عليه فلما رأته غير مسلوب سلبه قالت: ما قتله إلا كفؤ كريم، ثم سألت عن قاتله، قالوا: علي بن أبي طالب، فأنشأت هذين البيتين([306]):
ولكن نصاً آخر يقول: لما نعي عمرو إلى أخته قالت: من ذا الذي اجترأ عليه؟!
فقالوا: ابن أبي طالب.
فقالت: لم يعد موته إلا على يد كفؤ كريم. لأرقأت دمعتي إن هرقتها عليه. قتل الأبطال، وبارز الأقران، وكانت منيته على يد كفؤ كريم من قومه.
وفي لفظ آخر: "على يد كريم قومه" ما سمعت بأفخر من هذا يا بني عامر. ثم أنشأت تقول:
لـو كـان قـاتــل عمرو غـير قـاتلـه لـكـنـت أبـكـي عـليه آخر الأبد
لـكـن قـاتـل عـمـرو لا يعاب بـــه مـن كـان يدعى قديماً بيضة البلد([307])
وقال المعتزلي: "فأما قتلاه، فافتخار رهطهم بأنه "عليه السلام" قتلهم أظهر وأكثر، أخت عمرو بن عبد ود ترثيه:
لـو كــان قـاتـل عـمرو غير قاتله بـكـيـتـه أبـداً مـا دمـت في الأبـد
لـكـن قــاتــلــه مـن لا نـظير له وكـان يـدعـى أبـوه بيضة البلد([308])
وقالت أيضاً في ذلك:
أسـدان في ضـيـق المـكـر تصاولا وكـلاهمـا كــفــؤ كــريـم باسل
فتخـالسـا مهج الـنفوس كـلاهما وســط المــدار مخــاتـل ومقاتــل
وكـلاهمــا حضـر القـراع حفيظة لم يـثـنـه عـن ذاك شـغـل شـاغـل
فـاذهـب عـلي فـما ظـفرت بـمثله قـول سـديـد لـيـس فـيـه تحامـل
والـثـار عـنـدي يـا عـلي فـلـيتني أدركــه والـعـقـل مـنـي كـامـل
ذلـت قـريـش بـعـد مقتل فارس فـالـذل مـهلكها وخزي شـامــل
ثم قالت: والله، لا ثأرث قريش بأخي ما حنت النيب([309]).
وقال مسافع بن عبد مناف يبكي عمرو بن عبد ود، لما جزع المذاد، أي قطع الخندق:
عـمـرو بـن عبد كـان أول فـارس جـزع المـذاد وكـان فارس مليل([310])
إلى أن قال:
سـأل الـنـزال هـنـاك فارس غالب بـجـنـوب سـلـع لـيـتــه لم يـنزل
فـاذهـب عـلي مـا ظـفرت بمثلهـا فـخـراً ولــو لاقيت مثل المعضل
نفسي الـفـداء لـفــارس من غالب لاقـــى حمـــام المـــوت الخ ..([311])
وعند ابن هشام: تسل النزال علي فارس غالب.
وقال هبيرة بن أبي وهب المخزومي، يعتذر من فراره عن علي بن أبي طالب وتركه عمرواً يوم الخندق، ويبكيه:
لـعـمـرك مـا ولـيـت ظهراً محمداً وأصحـابـه جـنـباً ولا خيفة القتل
ولـكـنـنـي قـلبت أمري فلم أجد لسيفي عنـاء إن وقـفـت ولا نبـلي
إلى أن يقول:
كـفـتـك عـلي لن ترى مثل موقف وقـفـت على شلـو المقدم كالفحل
فـما ظـفـرت كـفـاك يـومـاً بمثلها أمنت بها ما عشت من زلة النعل([312])
وقال هبيرة بن أبي وهب يرثي عمرواً، ويبكيه:
لـقـد علمت علـيـاً لؤي بن غالب لـفـارسـهــا عمـرو إذ ناب نائب
وفـارسـهــا عمرو إذا ما يسوقه([313]) علي، وإن المــوت لا شــك طالب
عـشـيـة يـــدعـــوه عـــلي وإنـه لـفـارسـهـا إذ خـام عنه الكتائب
فـيـا لهف نفسي إن عمرواً لكائـن بـيـثرب لا زالـت هنـاك المصائب
لقد أحرز العلــــــــيا علي بقتله وللـخـيـر يـومـاً لا محالة جالب([314])
وقال حسان:
لـقـد شـقيت بنو جمح بن عمـرو ومخــــزوم وتـــيـــم مـا نـقـيـل
وعـمـرو كـالحـسـام فـتى قريش كـــــأن جـبـيـنـه سـيف صقيل
فــتـى مـن نـسـل عـامــر أريحي تـطـاولــه الأســنــة والـنـصول
دعـــاه الـفـارس المـقــدام لمـــا تـكـشـفــت المـقـانــب والخيول
أبـو حـسـن فـقـنـعـه حـسـامـاً جــرازاً لا أفـــــل ولا نـكــول
فــغـادره مـكـبـــاً مـسلـحـبــاً على عـفـــراء لا بـعـد الـقـتيل([315])
وقال مسافع يؤنب الفرسان الذين كانوا مع عمرو، فأجلوا عنه وتركوه:
عـمـرو بـن عـبـد والجياد يقودها خـيــل تقــاد لـه وخـيـل تنعــل
أجـلـت فـوراسـه وغــادر رهطه ركـنــاً عـظـيــماً كـان فـيهـا أول
عـجـبـاً وإن أعجب فقـد أبصرته مـهـما تسـوم عـلي عـمـرواً يـنزل
لا تـبـعـدن فـقـد أصـبـت بقتـله ولـقـيـت قـبـل المـوت أمراً يثقل
وهـبـيرة المـسـلـوب ولى مـدبـراً عـنـد الـقـتـال مخـافـة أن يـقتلو
وضـرار كـان الـبـاس منه محضراً ولى كـما ولـى الـلــئـيـم الأعزل([316])
قال ابن هشام: بعض أهل العلم بالشعر ينكرها له. وقال حسان بن ثابت يفتخر بقتل عمرو بن عبد ود:
بـقـيـتـكـم عمـرو أبـحناه بالقنـا بـيـثـرب نـحـمي والحـماة قـليـل
ونـحـن قـتـلـنـاكم بكـل مهـنـد الخ..
قال ابن هشام: وبعض أهل العلم بالشعر ينكرها لحسان([317]).
وروى المعتزلي عن بعض شعراء الإمامية قوله:
إذ كـنـتـم ممـن يــروم لحــاقـــه فهلا برزتم نحو عمرو ومرحب([318])
ولا ننسى هنا قول الأزري "رحمه الله":
فـانـتـضى مـشـرفـيـه فـتـلـقـى سـاق عـمـرو بـضـربـة فـبراه
وإلى الحـشـر رنـة الـسـيـف منـه يـمـلأ الخـافـقـين رجـع صـداه
يـا لهـا ضـربـة حـوت مكرمـات لم يـزن ثـقـل أجــرهــا ثـقـلاه
هـذه مـن عـلاه إحـدى المعــالي وعــلى هـذه فـقـس مـا سـواه
المكر المفضوح:
إن من يلاحظ سيرة ابن هشام، التي ادَّعى أنها تلخيص لسيرة ابن إسحاق، ويقارن بينها وبين ما وصل إلينا من سيرة ابن إسحاق، من طرق الآخرين يجد: أن ابن هشام لم يكن يريد مجرد تلخيص سيرة ذلك الرجل العلامة الخبير والمعتمد في شأن السيرة النبوية الشريفة.
بل أراد أيضاً: أن يستبعد نصوصاً ذات طابع معين رأى أن الاحتفاظ بها يضر ببعض الاتجاهات، أو يضع علامة استفهام كبيرة عليها.
وهذا الأمر: يضع عمل ابن هشام في السيرة في عداد الأعمال الخيانية بالنسبة للحق وللحقيقة، من منطلق تعصب مذهبي بغيض ومقيت.
والذي يلاحظ تعليقات ابن هشام على الأشعار المتقدمة يجد: أنه يحاول التشكيك في خصوص ذلك النوع من الشعر الذي يمقته ويبغضه، ولا يطيقه، فيدعي أن أكثر أهل العلم ينكره لحسان، أو لعلي، أو لمسافع الخ..
رغم أننا لم نعثر ولو على رجل واحد قد أنكر أياً من تلك المقطوعات، أو شكك في نسبتها لأصحابها. ما عدا أولئك الذين لا وجود لهم إلا في مخيلة ابن هشام.
ولا نريد بعد هذا أن نسأل ابن هشام ولا غيره: عن سبب تشكيكهم ذاك. فإننا لن نسمع منه جواباً مقنعاً ولا مقبولاً، مهما طال بنا الانتظار.
تعصب يثير الغثيان:
كنا نتوقع كل شيء من التجني، والافتراء، والتحريف للحقائق الثابتة، بدافع من الحقد والتعصب ضد علي وأهل بيته "عليهم السلام"، إلا أننا لم نتوقع أن يتجاهل هؤلاء الحاقدون الأغبياء مواقف وبطولات وأثر علي في حرب الخندق، خصوصاً قتله كبش كتيبة جيش الشرك عمرو بن عبد ود العامري، لأن تجاهل مثل هذا الحدث المصيري، الذي شاع وذاع، يحتاج إلى درجة كبيرة من الشجاعة النادرة، أو فقل إلى درجة عالية من الوقاحة الفاجرة.
وهذا ما حصل بالفعل: حيث نجد بعضهم ليس فقط لا يذكر لعلي "عليه السلام" خبراً، ولا يورد في مواقفه أثراً. بل هو يكاد يجهر بإنكار تلك المواقف الرسالية الرائدة.
حيث يقول أحدهم: "ولم يكن بين القوم قتال إلا الرمي بالنبل والحصا، فأوقع الله بينهم التخاذل، ثم أرسل الله عليهم في ظلمة شديدة من الليل ريح الصبا الشديدة في برد شديد، فأسقطت خيامهم، وأطفأت نيرانهم، وزلزلتهم، حتى جالت خيولهم بعضها في بعض في تلك الظلمة فارتحلوا خائبين"([319]). ثم يذكر إرسال الزبير بن العوام لكشف خبر القوم.
بينما نجد رجلاً مسيحياً، لا يرغب بالاعتراف للمسلمين بشيء ذي بال، يعتبر قتل علي "عليه السلام" لعمرو ولصاحبه "سبب هزيمة الأحزاب على كثرة عَدَدِهم، ووفرة عِدَدِهم"([320]).
فشتان ما بين هذا الرجل، وبين أولئك، ولا حول ولا قوة بالله.
من تشكيكات الجاحظ وتعصباته:
قد ادَّعى ابن تيمية: أن عمرو بن عبد ود لم يعرف له ذكر إلا في هذه الغزوة([321]).
وقد حاول الجاحظ أن يدَّعي: أن شهرة عمرو بن عبد ود بالشجاعة مصنوعة، من قبل محبي علي، حتى تركوه أشجع من عامر بن الطفيل، وعتيبة بن الحارث، وبسطام بن قيس، مع أنه لم يسمع لعمرو ذكر في حرب الفجار، ولا في الحروب بين قريش ودوس.
وقد رد عليه الإسكافي بما حاصله: أن أمر عمرو بن عبد ود أشهر من أن يذكر، ولينظر ما رثته به شعراء قريش لما قتل. ثم ذكر شعر مسافع بن عبد مناف، وشعره الآخر في رثائه له.
وليس أحد يذكر عمرواً إلا قال: كان فارس قريش وشجاعها، وقد شهد بدراً، وجرح فيها، وقتل قوماً من المسلمين. وكان عاهد الله عند الكعبة أن لا يدعوه أحد إلى إحدى ثلاث خصال إلا قبلها، وآثاره في أيام الفجار مشهورة.
كما أنه لما جزع الخندق في ستة فرسان هو أحدهم، جبن المسلمون كلهم عنه، وهو يوبخهم ويقرعهم، وملكهم الرعب والوهل، فإما أن يكون هذا أشجع الناس كما قيل عنه، أو يكون المسلمون كلهم أجبن العرب وأذلهم وأفشلهم.
وإنما لم يذكر مع الفرسان الثلاثة لأنهم كانوا أصحاب غارات ونهب، وأهل بادية، وقريش أهل مدينة، وساكنوا مدر وحجر، لا يرون الغارات، ولا ينهبون غيرهم من العرب، وهم مقيمون ببلدتهم، فلم يشتهر اسمه كاشتهار هؤلاء([322]).
هذا كله: بالإضافة إلى أنه كان قد نذر في بدر أن لا يمس رأسه دهناً حتى يقتل محمداً. وكان أيضاً معروفاً بفارس يليل، وقد ذكر ذلك مسافع بن عمرو في شعره الذي يرثيه فيه.
وقد وصفه النبي "صلى الله عليه وآله" لعلي بأنه فارس يليل أيضاً.
هذا وقد قتل عمرو في بدر عمير بن أبي وقاص، وسعد بن خيثمة([323]) وكان على ميسرة قريش في بدر([324]).
المعركة التي لا حقيقة لها:
قالوا: ولما قتل عمرو، ورجع المنهزمون إلى أبي سفيان قال: هذا يوم لم يكن لنا فيه شيء، ارجعوا.
فنفرت قريش إلى العقيق، ورجعت غطفان إلى منازلها، واستعَّدوا يغدون جمعياً، ولا يتخلف منهم أحد. فباتت قريش يعبئون أصحابهم، وكذلك غطفان، ووافوا رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالخندق، قبل طلوع الشمس. ولم يتخلف منهم أحد، وعبأ "صلى الله عليه وآله" أصحابه، وحضهم على القتال، ووعدهم النصر إن صبروا. والمشركون قد جعلوا المسلمين في مثل الحصن من كتائبهم، فأحدقوا بكل وجه من الخندق، ووجهوا نحو خيمة رسول الله "صلى الله عليه وآله" كتيبة غليظة، فيها خالد بن الوليد، فقاتلوهم إلى الليل، وكان القتال من وراء الخندق.
فلما حان وقت صلاة العصر دنت الكتيبة فلم يقدر النبي، ولا أحد من أصحابه الذين كانوا معه أن يصلوا الصلاة على نحو ما أرادوا، فانكفأت الكتيبة مع الليل، فزعموا أنه "صلى الله عليه وآله" قال: شغلونا عن صلاة العصر ملأ الله بطوبهم (أو قبورهم) ناراً.
وفي نص آخر: أنه "صلى الله عليه وآله" ما قدر على صلاة ظهر، ولا عصر، ولا مغرب، ولا عشاء، فجعل أصحابه يقولون: ما صلينا.
فيقول: ولا أنا ـ والله ـ ما صليت.
حتى كشف الله المشركين، فرجعوا متفرقين، ورجع كل من الفريقين إلى منزله.
وقام أسيد بن حضير في ماءتين على شفير الخندق، فكرت خيل المشركين يطلبون غرة، وعليها خالد بن الوليد، فناوشهم ساعة، فزرق وحشي الطفيل بن النعمان. وقيل: الطفيل بن مالك بن النعمان بن خنساء الأنصاري السلمي بمزراقة، فقتله، كما قتل حمزة رضي الله عنه بأحد.
فلما صار رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى موضع قبته أمر بلالاً، فأذن وأقام للظهر، وأقام بعد لكل صلاة إقامة، فصلى كل صلاة كأحسن ما كان يصليها في وقتها، وذلك قبل أن تنزل صلاة الخوف.
أضاف البعض هنا قوله "صلى الله عليه وآله": ما على وجه الأرض قوم يذكرون الله تعالى في هذه الساعة غيركم.
وقال يومئذٍ رسول الله "صلى الله عليه وآله": شغلنا المشركون عن الصلاة الوسطى، صلاة العصر، ملأ الله أجوافهم وقبورهم ناراً.
"ولم يكن لديهم بعد ذلك قتال جميعاً حتى انصرفوا، إلا أنهم لا يدعون الطلائع بالليل طمعاً بالغرة"([325]).
ونحن نشك في صحة ذلك، لما يلي:
أولاً: صرح بعض المؤرخين: بأنه بعد قتل عمرو ورفاقه لم يحصل أي قتال، فقال:
"ولم يكن لهم بعد ذلك قتال جميعاً، حتى انصرفوا، إلا أنهم لا يدعون الطلائع بالليل، يطمعون بالغارة"([326]).
ثانياً: إنه إذا كان القتال بهذا العنف، فأين القتلى والجرحى، لا سيما مع اجتماع ألوف من الناس؟ أم يعقل أن تكون جميع تلك السهام والحجارة، والحصى، كانت تذهب سدى ولا تصيب أحداً؟!.
ثالثاً: إن القتال لا يمنع من الصلاة بصورة نهائية، فقد كان من الممكن أن يصلوا منفردين، أو أفواجاً.
وقد ذكر الفقهاء: أن الصلاة لا تسقط حتى عن الغريق، فكيف بالمقاتلين؟ وصلاة المطاردة حال القتال مذكورة في الكتب الفقهية، وإذا كان المسلمون لا يعرفونها، فالنبي "صلى الله عليه وآله" كان يعرفها، فلماذا لم يصلِّها؟!.
رابعاً: إن تناقص الروايات في كثير من خصوصياتها يفقدنا الثقة بها، وبالمراجعة والمقارنة يتضح ذلك بجلاء.
ويكفي أن ننبه: إلى اختلاف الروايات في الصلاة أو الصلوات التي فاتت النبي والمسلمين، فهل فاتتهم صلاة فقط كما في حديث جابـر([327]) وعلي([328]) وابن عباس([329]) وحذيفة وابن حبيبة([330]).
أم أنهم شغلوا عن الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، كما عن جابر أيضاً، وأبي سعيد وابن مسعود([331])؟
أو عن الظهر والعصر، كما عن سعيد بن المسيب وابن عباس وعمر وعلي "عليه السلام"([332])؟
أو الظهر والعصر والمغرب كما في رواية أبي هريرة، وأبي سعيد([333])؟
وفي الموطأ: أن الفائتة هي الظهر([334])، وكذا عن جابر وأم سلمة وعلي وابن مسعود([335]).
وبعض الروايات: عن ابن عباس وحذيفة، لم تعين الصلاة أو لم تعين العدو.
قال المقريزي: "فاحتمل أن يكون كله صحيحاً، لأنهم حوصروا في الخندق، وشغلوا بالأحزاب أياماً"([336]).
وقد جمع النووي بين هذه الروايات بأن فوات الصلاة قد حصل مرتين لأن الحرب استمرت في الخندق عدة أيام([337]).
إستفادات غير موفقة:
وقد حاول البعض: أن يستفيد من هذا الحديث المشكوك أحكاماً شرعية وغيرها، فقال بعضهم:
"إن هذا يدل على جواز الجمع بين الصلاتين جمع تأخير لعذر الحرب، وأجازه أحمد وغيره، وقال: وتكون الصلاة المؤخرة أداءً لا قضاءً"([338]).
واستدلوا على ذلك أيضاً، أي على جواز التأخير لعذر القتال بقوله "صلى الله عليه وآله": لا يصلينَّ أحد العصر إلا في بني قريظة، فمنهم من صلاها في الطريق، ومنهم صلاها بعد الغروب في بني قريظة، ولم يعنف واحداً من الفريقين.
وقالوا: إن هذا قد نسخ بتشريع صلاة الخوف، ولو كانت مشرعة لم يؤخروها([339]).
لكن هذا الكلام لا يصح، إذا كان "صلى الله عليه وآله" والمسلمون قد أجبروا على تأخير الصلاة بحيث لم يكن لديهم أي خيار في ذلك، ولا يصح بناء على قول من قال: إن تأخير الصلاة يوم الخندق كان نسياناً([340]).
وقد صرحت بذلك رواية عن ابن عباس، قال: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" نسي الظهر والعصر يوم الأحزاب فذكر بعد المغرب، فقال: اللهم من حبسنا عن الصلاة الوسطى فاملأ بيوتهم ناراً([341]).
وعن أبي جمعة: إن النبي "صلى الله عليه وآله" صلى المغرب، فلما فرغ قال: هل أحد منكم علم أني صليت العصر؟!
فقالوا: يا رسول الله ما صليت، فأمر المؤذن فأقام الصلاة، فصلى العصر، ثم أعاد المغرب([342]).
أضاف الحلبي: "أقول: يحتاج إلى الجواب عن إعادة المغرب. وقد يقال: أعادها مع الجماعة"([343]).
الصحيح في القضية:
وأخيراً.. فنحن لا نمانع من أن يكون قد حصل تأخير في أداء الصلاة إلى حد يصدق معه الاضطرار ليمكن للمكلف أن يصلي صلاة المضطر، أو صلاة المطاردة. فإن قوله تعالى: ?فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً..?([344]) قد ورد في سورة البقرة، النازلة في أوائل الهجرة.
وقد روي: أن النبي "صلى الله عليه وآله" صلى يوم الأحزاب إيماءً([345]).
ومعنى ذلك: هو أن الآية المذكورة قد نزلت في غزوة الخندق.
وهذه الآية هي غير الآية التي تحدثت عن صلاة الخوف جماعة فراجع.
السر والسبب:
1 ـ إننا بعد أن استظهرنا عدم صحة ما ذكروه نرى: أن السبب الذي يدعو البعض لإشاعة أمور كهذه هو الرغبة في تبرير تهاون الحكام بصلاتهم، وتأخيرهم لها عن أوقاتها ـ كما ذكرناه في الجزء الأول من هذا الكتاب ـ ولا يهمهم أن يكون ذلك على حساب كرامة النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله"، والنيل من عصمته، وعقله وحكمته.
2 ـ قد يكون السبب هو ما جرى لعمر بن الخطاب حين فاتته الصلاة في غزوة الخندق، حيث قال: يا رسول الله، ما كدت أن أصلي حتى كادت الشمس أن تغرب.
قال النبي "صلى الله عليه وآله": والله ما صليتها.
فنزلنا مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى بطحان، فتوضأ للصلاة وتوضأنا لها، فصلى العصر بعد ما غربت الشمس، ثم صلى بعدها المغرب([346]).
3 ـ إن دعوى وجود قتال ضار استمر ثلاثة أيام، أو أكثر أو أقل، قد يكون الهدف منها هو التضخيم والتهويل في قوة المشركين، والتأكيد على شوكتهم وعلى ارتفاع معنوياتهم بعد قتل عمرو بن عبد ود ورفاقه، الأمر الذي ينتج عنه أن لا يكون علي "عليه السلام" قد حقق إنجازاً ذا بال، فضلاً عن أن يكون ما جرى قد أسهم في هزيمة المشركين بطريقة أو بأخرى.
4 ـ إن ذلك أيضاً سوف يحدث ترديداً وتشكيكاً في قيمة الأوسمة التي حباه بها رسول الله، وفي استحقاقه "عليه السلام" لها، وفي جدارته لحملها.
الفصل الثالث:
كيف انتهت حرب الخندق؟!
ما فعله نعيم بن مسعود:
لقد حاول المؤرخون والمحدثون الذين توجههم التيارات والقوى والتعصبات السياسية، والمذهبية، والأحقاد ـ حاولوا ـ التعتيم على النصر المؤزر الذي سجله علي أمير المؤمنين "عليه السلام" في حرب الأحزاب بطريقة أخرى غير طريقة تضخيم الأمور، وادعاء حصول قتال شغلهم عن صلاة العصر، وغيرها.
فادعوا: أن نعيم بن مسعود قد قام بدور فاعل وأساس في تخذيل القوم، وإلقاء الريب والشك ببعضهم البعض فيما بينهم.
فيدعي المؤرخون: أن نعيم بن مسعود الغطفاني جاء إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" مسلماً ـ وكان من دواهي العرب ـ فقال: يا رسول الله إني قد أسلمت، وإن قومي لم يعلموا بإسلامي، فأمرني بما شئت أنته إليه([347]).
فقال له "صلى الله عليه وآله": إنما أنت رجل واحد فينا، وإنما غناؤك أن تخذل عنا ما استطعت، وعليك بالخداع، فإن الحرب خدعة.
وحسب نص المقدسي: أنه "صلى الله عليه وآله" قال له: إن الحرب خدعة، فاحتل لنا.
فخرج نعيم حتى أتى بني قريظة، وكان نديماً لهم، فقال: يا بني قريظة، قد عرفتم ودِّي إياكم، وخاصة ما بيني وبينكم.
قالوا: صدقت، لست عندنا بمتهم.
فقال لهم: إن قريشاً وغطفان ومن التف معهم جاؤوا لحرب محمد، فإن ظاهرتموهم عليه، فليسوا كهيئتكم، وذاك أن البلد بلدكم، به أموالكم، وأولادكم، ونسـاؤكم، لا تقـدرون أن تتحولـوا إلى غيره. فـأمـا قـريش وغطفان، فإن أموالهم، وأبناءهم، ونساءهم ببلاد غير بلادكم، فإن رأوا نهبة وغنيمة أصابوها، وإن كان غير ذلك لحقوا ببلادهم، وخلوا بينكم وبين الرجل. والرجل ببلادكم لا طاقة لكم به، وإن خلا لكم.
زاد الواقدي: "وقد كبر عليهم جانب محمد، أجلبوا عليه بالأمس إلى الليل، فقتل رأسهم عمرو بن عبد ود وهربوا منه مجرحين"، فلا تقاتلوا القوم حتى تأخذوا منهم رهناً من أشرافهم، يكونون بأيديكم، ثقة لكم على أن يقاتلوا معكم محمداً حتى يناجزوه.
قالوا: لقد أشرت علينا برأي ونصح.
ثم خرج حتى أتى قريشاً.
فقال لأبي سفيان بن حرب ومن معه: يا معشر قريش، قد عرفتم ودِّي إياكم، وفراقي محمداً، وقد بلغني أمر رأيت حقاً علي أن أبلغكم، نصحاً لكم، فاكتموا عليَّ.
قالوا: نفعل.
قال: اعلموا: أن معشر يهود قد ندموا على ما صنعوا بينهم وبين محمد، وقد أرسلوا ـ وأنا عندهم ـ أن قد ندمنا على ما صنعنا، فهل يرضيك عنا: أن نأخذ من القبيلتين (مئة رجل، كما عند المقدسي) من قريش وغطفان رجالاً من أشرافهم، وكبرائهم، ونعطيكهم، فتضرب أعناقهم، ثم نكون معك على من بقي منهم؟
أضافت بعض المصادر: "وترد جناحنا الذي كسرت إلى ديارهم ـ يعنون بني النضير"، فإن بعثت إليك يهود، يلتمسون منكم رهناً من رجالكم فلا تدفعوا إليهم رجلاً واحداً.
فوقع ذلك من القوم.
وخرج حتى أتى غطفان، فقال: يا معشر غطفان، أنتم أصلي وعشيرتي، وأحب الناس إلي، ولا أراكم تتهموني.
قالوا: صدقت.
قال: فاكتموا عليَّ.
قالوا: نفعل.
ثم قال لهم مثل ما قال لقريش، وحذرهم مثل ما حذرهم.
فأرسل أبو سفيان([348])، ورؤوس غطفان إلى بني قريظة عكرمة بن أبي جهل في نفر من قريش وغطفان، فقال لهم:
إنا لسنا بدار مقام، وقد هلك الخف والحافر، فاغدوا للقتال حتى نناجز محمداً، ونفرغ مما بيننا وبينه.
فأرسلوا إليه: أن اليوم يوم السبت وهو يوم لا نعمل فيه شيئاً (وكان قد أحدث فيه بعض الناس شيئاً فأصابه ما لم يخفَ عليكم) ومع ذلك فلسنا نقاتل معكم حتى تعطونا رهناً من رجالكم (سبعين رجلاً)، يكونون بأيدينا ثقة حتى نناجز محمداً، فإننا نخشى ـ إن ضرستكم الحرب، واشتد عليكم القتال ـ أن تشمروا إلى بلادكم، وتتركونا والرجل في بلدنا، ولا طاقة لنا بذلك من محمد.
وأرسلت غطفان مسعود بن رخيلة في رجال بمثل ما راسلهم به أبو سفيان..
فلما رجعت الرسل بالذي قالت بنو قريظة قالت قريش وغطفان: والله، إن الذي حدثكم به نعيم بن مسعود لحق.
فأرسلوا إلى بني قريظة: إنَّا والله ما ندفع إليكم رجلاً واحداً، فإن كنتم تريدون القتال فاخرجوا فقاتلوا([349]).
فقالت بنو قريظة حين أدت إليهم الرسل: إن الذي ذكر لكم نعيم بن مسعود لحق، ما يريد القوم إلا أن يقاتلوا، فإن وجدوا فرصة انتهزوها، وإن كان غير ذلك انشمروا إلى بلادهم، وخلوا بينكم وبين الرجل. فأرسلوا إلى القوم: إنا ـ والله ـ لا نقاتل معكم حتى تعطونا رهناً.
قالوا: وتكررت رسل قريش وغطفان إلى بني قريظة، وهم يردون عليهم بما تقدم، فيئس هؤلاء من نصر هؤلاء. وتخاذل القوم، واتهم بعضهم بعضاً. وذلك في زمن شات، وليال باردة، كثيرة الرياح، تطرح أبنيتهم، وتكفأ قدورهم الخ..
ولما طالب أبو سفيان حيي بن أخطب بالأمر، حاول حيي أن يقنع بني قريظة بالعدول عن ذلك، فلم يفلح([350]).
ورواية القمي: تختلف عن هذه الرواية فلتراجع([351]).
ونقول:
كان ما تقدم هو النص الذي يذكره أكثر المؤرخين مطولاً أو ملخصاً، لهذه القضية. وتساورنا شكوك حول صحة ذلك، ونرى أن ما جرى لم يكن بهذا الشكل، وذلك بالنظر إلى الأمور التالية:
أولاً: يقول البعض عن دور نعيم: "يمكن أن يكون في ذلك مبالغة، لأن القصة تروى عن نعيم نفسه، بواسطة رواة أشجع"([352]).
ثانياً: بالنسبة لطلب الرهائن تقول رواية نعيم بن مسعود: إن ذلك قد كان بعد نقض بني قريظة للعهد مع النبي "صلى الله عليه وآله"، وبعد أن طال الحصار على قريش، وبإيحاء من نعيم بن مسعود بالذات.
لكن هناك نص يقول: إنهم قد طلبوا الرهائن حين كلمهم حيي بن أخطب في نقض العهد، فإنهم طلبوا منه: أن يأخذ لهم رهائن من قريش وغطفان تكون عندهم، تسعين رجلاً من أشرافهم([353])، وذلك قبل إسلام نعيم.
وقد حاول البعض: أن يحل هذا الإشكال، فقال: "قد يحتمل أن تكون قريظة لما يئسوا من انتظام أمرهم مع قريش وغطفان بعثوا إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" يريدون منه الصلح على أن يرد بني النضير إلى المدينة"([354]).
وهو حل غير مقبول: لأنهم بعد أن يئسوا من انتظام أمرهم مع المشركين، وصيرورتهم في الموقف الأضعف، وأصبحوا يخشون على أنفسهم من مغبة غدرهم، وعواقب خيانتهم وما جنته أيديهم، لم يكونوا ليجرؤوا على اشتراط إرجاع بني النضير إلى أراضيهم.
أضف إلى ذلك: أن هذا الاحتمال الذي ذكره ابن كثير لا يحل إشكال أن يكون طلب الرهائن قبل إسلام نعيم. حسبما أوضحناه.
ثالثاً: إننا لا نكاد نصدق دعوى نعيم: أن قريظة قد أرسلت بحضوره إلى النبي "صلى الله عليه وآله" تعده بأخذ سبعين، أو تسعين رهينة من أشراف قريش وغطفان ليقتلهم.
إذ إن نعيم بن مسعود نفسه كان من غطفان، فهل يجهر بنو قريظة أمام غطفاني ـ مهما كانت درجة إخلاصه لهم ـ بأنهم يريدون أخذ أشراف قومه ليسلموهم إلى القتل؟!.
وهل يمكن أن يصدقه المشركون: أنه قد سمع ذلك حقاً من بني قريظة؟!.
رابعاً: لو صحت قصة نعيم على النحو المذكور آنفاً، لكان يجب أن نتوقع من حيي بن أخطب موقفاً آخر من بني قريظة. فيتملص من تعهداته لهم، ولا يسلم نفسه إلى القتل بدخوله معهم في حصنهم بعد رحيل قريش، لأن لديه حجة واضحة، وهي أن الإخلال وإفشال ما جمعه من كيد إنما من قبل بني قريظة أنفسهم، فإنهم هم الذين أخلّوا بتعهداتهم تجاه قريش، وليس العكس.
خامساً: هناك العديد من الروايات التي تؤكد على أن النبي الأعظم "صلى الله عليه وآله" نفسه هو الذي أفسد العلاقة بين قريش والمشركين من جهة، وبين بني قريظة من جهة أخرى. وليس نعيم بن مسعود بل كان هو الآخر غافلاً عن حقيقة التدبير النبوي في هذا المجال.
والنصوص المشار إليها هي التالية:
1 ـ قال ابن عقبة: إن نعيم بن مسعود كان يذيع ما يسمعه من الحديث، فاتفق أنه مرّ بالقرب من رسول الله "صلى الله عليه وآله" ذات يوم عشاء، فأشار إليه "صلى الله عليه وآله" أن تعال، فجاء، فقال: ما وراءك؟!.
فقال: إنه قد بعثت قريش وغطفان إلى بني قريظة يطلبون منهم أن يخرجوا إليهم فيناجزوك.
فقالت قريظة: نعم، فأرسلوا إلينا بالرهن.
قال: فقال له رسول الله "صلى الله عليه وآله": إني مسر إليك شيئاً فلا تذكره.
قال: "إنهم قد أرسلوا إلي يدعونني إلى الصلح، وأرد بني النضير إلى دورهم وأموالهم". وإنما قال له "صلى الله عليه وآله" ذلك على سبيل الخدعة الجائزة في الحرب.
فخرج نعيم بن مسعود عامداً إلى غطفان.
وقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": الحرب خدعة. وعسى أن يصنع لنا.
فأتى نعيم غطفان وقريشاً فأعلمهم؛ فبادر القوم وأرسلوا إلى بني قريظة عكرمة وجماعة معه ـ فاتفق ذلك ليلة السبت ـ يطلبون منهم أن يخرجوا للقتال معهم، فاعتلت اليهود بالسبت. ثم أيضاً طلبوا الرهن توثقة، فأوقع الله بينهم واختلفوا([355]).
ونعتقد: أن هذه الرواية هي الأقرب إلى الصواب، ويشهد لذلك ما يلي:
2 ـ قال القمي: إنه لما بلغ النبي "صلى الله عليه وآله" نقض بني قريظة للعهد، قال "لعناء، نحن أمرناهم بذلك. وذلك أنه كان على عهد رسول الله "صلى الله عليه وآله" عيون لقريش، يتجسسون خبره"([356]).
3 ـ عن علي "عليه السلام" قال: الحرب خدعة. إذ حدثتكم عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" حديثاً، فوالله، لأن أخرّ من السماء أو تخطفني الطير أحب إلي من أن أكذب على رسول الله "صلى الله عليه وآله". وإذ حدثتكم عني، فإن الحرب خدعة.
فإن رسول الله "صلى الله عليه وآله" بلغه: أن بني قريظة بعثوا إلى أبي سفيان: أنكم إذا التقيتم أنتم ومحمد "صلى الله عليه وآله" أمددناكم وأعنَّاكم.
فقام النبي "صلى الله عليه وآله"، فخطبنا فقال: إن بني قريظة بعثوا إلينا: أنَّا إذا التقينا نحن وأبو سفيان أمددونا وأعانونا.
فبلغ ذلك أبا سفيان، فقال: غدرت يهود، فارتحل عنهم([357]).
4 ـ عن عائشة: كان نعيم رجلاً نموماً، فدعاه "صلى الله عليه وآله"، فقال: إن يهود قد بعثت إليّ: إن كان يرضيك عنا: أن نأخذ رجالاً رهناً من قريش وغطفان، من أشرافهم، فندفعهم إليك فتقتلهم، فخرج من عند رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأتاهم، فأخبرهم بذلك.
فلما ولى نعيم، قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": إنما الحرب خدعة([358]).
5 ـ ويروي الواقدي عن أبي كعب القرظي: أنه لما جاء حيي بن أخطب إلى كعب بن أسد يريده على نقض العهد قال له: لا تقاتل حتى تأخذ سبعين رجلاً من قريش وغطفان رهاناً عندكم.
وذلك من حيي خديعة لكعب حتى ينقض العهد. وعرف أنه إذا نقض العهد لحم الأمر، ولم يخبر حيي قريشاً بالذي قال لبني قريظة، فلما جاءهم عكرمة يطلب منهم أن يخرجوا معه البست (أي يوم السبت)، قالوا: لا نكسر البست، ولكن يوم الأحد. ولا نخرج حتى تعطونا الرهان.
فقال عكرمة: أي رهان؟!
قال كعب: الذي شرطتم لنا.
قال: ومن شرطها لكم؟.
قالوا: حيي بن أخطب.
فأخبر أبا سفيان ذلك، فقال: يا يهودي، نحن قلنا لك كذا وكذا؟
قال: لا، والتوراة ما قلت ذلك.
قال أبو سفيان: بل هو الغدر من حيي.
فجعل حيي يحلف بالتوراة ما قال ذلك([359]).
وفي نص آخر: قال كعب: يا حيي، لا نخرج حتى نأخذ من كل أصحابك من كل بطن سبعين رجلاً رهناً في أيدينا.
فذكر ذلك حيي لقريش ولغطفان، وقيس. ففعلوا، وعقدوا بينهم عقداً بذلك حتى شق كعب الكتاب.
فلما أرسلت إليه قريش تستنصره قال: الرهن، فأنكروا ذلك واختلفوا([360]).
6 ـ قال نص آخر ما ملخصه: حدثني معمر، عن الزهري: أرسلت بنو قريظة إلى أبي سفيان: أن ائتوا فإنا سنغير على بيضة المسلمين من ورائهم، فسمع ذلك نعيم بن مسعود، وكان موادعاً للنبي "صلى الله عليه وآله" فأقبل إلى النبي "صلى الله عليه وآله" فأخبره، فقال "صلى الله عليه وآله": فلعلنا أمرناهم بذلك.
فقام نعيم بكلمة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وكان نعيم رجلاً لا يكتم الحديث، فلما ولىَّ من عند رسول الله "صلى الله عليه وآله" ذاهباً إلى غطفان، قال عمر بن الخطاب: يا رسول الله، ما هذا الذي قلت؟ إن كان هذا الأمر من الله تعالى فأمضه، وإن كان هذا رأياً من قبل نفسك، فإن شأن بني قريظة هو أهون من أن تقول شيئاً يؤثر عنك.
فقال "صلى الله عليه وآله": بل هو رأي رأيته، الحرب خدعة. ثم أرسل "صلى الله عليه وآله" في أثر نعيم فدعاه، فقال "صلى الله عليه وآله" له: أرأيت الذي سمعتني قلت آنفاً؟ اسكت عنه، فلا تذكره فإنما أغراه.
فانصرف من عند رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى عيينة ومن معه من غطفان، فقال لهم: هل علمتم محمداً قال شيئاً قط إلا كان حقاً؟!
قالوا: لا. قال: فإنه قال لي فيما أرسلت به إليكم بنو قريظة: "فلعلنا نحن أمرناهم بذلك" ثم نهاني أذكره لكم.
فأخبر عيينة بن حصن أبا سفيان بذلك، فقال: إنما نحن في مكر بني قريظة.
فقال أبو سفيان: نرسل إليهم الآن فنسألهم الرهن، فإن دفعوا الرهن إلينا، فقد صدقونا، وإن أبوا ذلك فنحن منهم في مكر.
فأرسلوا إليهم يطلبون الرهن ليلة السبت، فامتنعوا من إعطائه لأجل السبت.
فقال أبو سفيان ورؤوس الأحزاب: هذا مكر بني قريظة، فارتحلوا فقد طالت إقامتكم، فأذنوا بالرحيل، وبعث الله تعالى عليهم الريح، حتى ما يكاد أحدهم يهتدي لموضع رحله. فارتحلوا، فولوا منهزمين.
ويقال: إن حيي بن أخطب قال لأبي سفيان: أنا آخذ لك من بني قريظة سبعين رجلاً رهناً عندك حتى يخرجوا فيقاتلوا، فهم أعرف بقتال محمد وأصحابه، فكان هذا الذي قال: إن أبا سفيان طلب الرهن.
قال ابن واقد: وأثبت الأشياء عندنا قول نعيم الأول([361]).
ونقول:
إننا نلاحظ: أن هذه الرواية، وكذلك رواية جعل ثلث ثمار المدينة لعيينة بن حصن، تظهر: أن سعد بن معاذ وعمر بن الخطاب، يعتقدان أن النبي "صلى الله عليه وآله" يتصرف أحياناً انطلاقاً من هدى الوحي، ووفق التدبير والتسديد الإلهي، ويتصرف أحياناً أخرى إنطلاقاً من رأيه الشخصي، ووفقاً لهواه الذي قد يصيب وقد يخطئ. وهذا بالذات هو ما عبر عنه عمر بن الخطاب هنا.
ثم أظهرت هذه الرواية وتلك: أنه "صلى الله عليه وآله" قد اعترف هو نفسه بهذا الأمر وقرره بصراحة ووضوح.
مع أن نبينا الأكرم أجل من أن يتصرف أو يتكلم بوحي من الهوى وبغير إذن من الله سبحانه. ولا يخرج من بين شفتيه إلا الحق والصدق، والهدى، ولا شيء غير ذلك.
وملاحظة أخرى نسجلها على هذه الرواية وهي: أن نعيم بن مسعود قد أخبر عيينة بن حصن ومن معه من غطفان بمقالة الرسول الأعظم "صلى الله عليه وآله" بالطريقة التي لا بد أن يعرفوا منها: أن نعيماً هو الذي أخبر النبي "صلى الله عليه وآله" بما أرسلت به قريظة إليهم. وهو ينطوي على مخاطرة واضحة حين يكتشف عيينة وغطفان أن نعيماً قد خانهم وأفشى سرهم، ولن يسكتوا عن هذا الأمر أبداً.
إلا أن يكون الرواي قد نقل أصل الحدث ذاهلاً عن الصياغة الحقيقية التي أظهرها نعيم لقومه.
اللمحات الأخيرة:
1 ـ قد يظهر من بعض النصوص المتقدمة: أن نعيم بن مسعود كان يتجسس للمشركين. وأن رسول الله "صلى الله عليه وآله" كان عارفاً بأمره، فاختاره "صلى الله عليه وآله" ليلقي إليه قوله ذاك الذي انتهى بتخذيل الأحزاب، وشكهم ببعضهم البعض.
2 ـ ثم إن لنا تحفظاً آخر هنا: وهو أن تسليم سبعين رهينة من أشراف قريش وغطفان إلى النبي "صلى الله عليه وآله" ليقتلهم، إنما يعني أن يستقل اليهود من بني قريظة بعداوة الأحزاب وكل من له بهم صلة أو هوى في المنطقة بأسرها، ولا طاقة لليهود بهؤلاء جميعاً. بل إن ذلك يحمل معه أخطار إبادتهم عن بكرة أبيهم. فكيف يمكن أن يصدق المشركون أن يقدم اليهود على أمر كهذا؟!.
وهذا يعني: أن ما ذكرته النصوص الأخرى المتقدمة أقرب إلى الصواب. وأولى بالاعتبار.
3 ـ وقد تقدم في الجزء السابق: أن نعيم بن مسعود وحسان بن ثابت قد أظهرا تعاطفاً واضحاً مع بني النضير حينما أجلاهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" فتصدى لهما أبو عبس ورد عليهم بقوة([362])، فراجع.
وقد يستفيد البعض من ذلك: أن نعيم بن مسعود كان حينئذٍ مسلماً.
فما معنى قولهم هنا: إنه قد أسلم في غزوة الخندق؟!.
التبرير بلا مبرر:
ويقول البعض: "كان لوحدة الصف الإسلامي، وانضباط المسلمين ووقوفهم صفاً واحداً خلف قائدهم أثر كبير في تطور الموقف ونتائجه، سيما وأن خصومهم كانوا على نقيض ذلك. وهذا ما سهل كثيراً مهمة الدبلوماسية الإسلامية، التي اعتمدت اعتماداً رئيسياً على هذه الناحية، فنجحت في تفريق صفوف الأحزاب، وتشتيت شملهم"([363]).
ونقول:
إن هذا الكاتب قد نسي: المتخاذلين والمنافقين، الذين كانوا يتسللون لواذاً، ويتركون النبي "صلى الله عليه وآله"، ويحتجون لانسحابهم من المعركة بحجج واهية. وكان لهم دور رئيس في تخذيل الناس، وبث الرعب والخوف في نفوس الكثيرين منهم.
ونسي أيضاً: تخاذلهم عن عمرو بن عبد ود ورفاقه، وهم أقل عدداً من أصابع اليد الواحدة.
نعم.. لقد نسي ذلك، وجاء ليدعي أن الصف الإسلامي كان على غاية من القوة والتماسك خلف قائده. مع أنهم يذكرون ـ كما تقدم وسيأتي إن شاء الله ـ: أنه "صلى الله عليه وآله" قد بقي في ثلاث مئة من أصحابه.
بل ذكرت بعض النصوص: أنه لم يبق معه سوى اثني عشر رجلاً فقط.
كما أن هذا الكاتب لم يعرف: أن نعيم بن مسعود لم يكن هو بطل القصة. بل كان المحرك والمحور الأساس فيها هو رسول الله "صلى الله عليه وآله" نفسه حسبما أوضحناه آنفاً.
الشائعات والحرب النفسية:
قد روي عن علي "عليه السلام"، أنه قال: سمعت رسول الله "صلى الله عليه وآله" يقول يوم الخندق: الحرب خدعة، ويقول: تكلموا بما أردتم([364]).
وقد اتضح مما تقدم أيضاً: أنه "صلى الله عليه وآله" كان يعمل على إيقاع الشك والريب فيما بين الأحزاب بالطريقة الإعلامية الذكية والواعية، حتى تحقق له "صلى الله عليه وآله" ما أراد، واستطاع من خلال ذلك أن يفشل كل مخططاتهم، ويبطل كل ما بذلوه من جهد وكيد.
وقد تجلت لنا من خلال ذلك أهمية الإعلام الحربي الموجه، وأنه قد يهزم الجيوش، ويثل العروش، إذا كان هادفاً وواعياً وذكياً.
الدعاء والابتهال:
لقد دعا النبي "صلى الله عليه وآله" على الأحزاب، فاستجاب الله تعالى له.
يقول المؤرخون والمحدثون: إنه "صلى الله عليه وآله" أتى مسجد الأحزاب يوم الإثنين، والثلاثاء، والأربعاء؛ فدعا عليهم يوم الأربعاء بين الصلاتين، قال جابر: فعرفنا البشر في وجهه([365]).
وفي نص آخر: انتظر "صلى الله عليه وآله" حتى زالت الشمس، ثم قام في الناس، فقال: يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية، فإن لقيتم العدو فاصبروا، واعلموا: أن الجنة تحت ظلال السيوف([366]).
ثم قال: اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب، اهزم الأحزاب، اللهم اهزمهم، وانصرنا عليهم وزلزلهم([367]).
وعن ابن المسيب: أنه "صلى الله عليه وآله" لما اشتد عليهم الحصار قال: "اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن تشأ لا تعبد"([368]).
وعند الراوندي: أنه "صلى الله عليه وآله" صعد مسجد الفتح، فصلى ركعتين، ثم قال: اللهم إن تهلك هذه العصابة لم تعبد في الأرض بعدها، فبعث الله ريحاً قلعت خيم المشركين الخ..
إلى أن قال: ثم رجع من مسجد الفتح إلى معسكره، فصاح بحذيفة بن اليمان، وكان قد ناداه قريباً ثلاثاً الخ..
ثم ذكر إرساله لكشف خبرهم([369]).
وقد ذكرت أدعية أخرى عديدة له "صلى الله عليه وآله" في يوم الأحزاب فلتراجع في مصادرها([370]).
ولعله "صلى الله عليه وآله" قد دعا بذلك كله في مواقف مختلفة.
وآخر ما نذكره نحن هنا:
ما عن الخدري قال: قلنا: يا رسول الله، هل من شيء نقوله، فقد بلغت القلوب الحناجر.
قال: نعم، قولوا: اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا.
قال: فصرف الله تعالى ذلك([371]).
ونقول:
إن لنا هنا وقفات:
إحداها: أن رواية عبد الله بن أبي أوفى المتقدمة موضع ريب وشك، لأن المسلمين لم يتمنوا لقاء العدو آنئذٍ، بل كان الحال يزداد شدة وصعوبة عليهم يوماً بعد يوم. وكان الخوف مسيطراً على الكثيرين، فإن كان النبي "صلى الله عليه وآله" قد قال كلاماً من هذا النوع، فلا بد أن يكون قد قاله في مناسبة أخرى، غير مناسبة الخندق.
أضف إلى ذلك: أننا نستبعد كثيراً: أن يقول النبي "صلى الله عليه وآله" كلاماً من هذا النوع، وذلك لما يحمل في طياته من تضعيف وتخذيل لم يكن النبي "صلى الله عليه وآله" ليقدم عليه في حالات الحرب.
الثانية: إننا نجد النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله" يلتجئ للصلاة وللدعاء، ويوجه الناس إلى الله سبحانه في هذه الظروف الحرجة، التي يكون فيها الإنسان أكثر من أي وقت مضى مؤهلاً للتفاعل مع الحالات الروحية.
يساعد على ذلك أنه في هذه الظروف بالذات تكون نظرته إلى الأمور واقعية وسليمة، لا تشوبها نوازع نفسية، ولا أهواء ولا غيرها مما من شأنه أن يضخم الأمور له، أو يمنعه من رؤيتها على حقيقتها.
وذلك لأنه حين تصبح القضية لها مساس بمصيره وبحياته، فإنه لا بد له من أن يحدق بها، ويكشف كل خباياها وخفاياها، وتتبلور فيه حساسية خاصة تجاه أية بادرة يلاحظها، إذا كانت تصب في نفس الاتجاه الذي يسير فيه، أو تؤثر على الواقع الذي يتعامل معه، سلباً كان ذلك التأثير أو إيجاباً.
وإذا كان ثمة ارتباط في هذه الناحية بالذات بالغيب، وبالله سبحانه على الخصوص، فإن التأثير يصبح أكثر عمقاً وأصالة وشمولية، لأنه يرتكز على الناحية العقيدية والإيمانية والشعورية ومداها، قبل أن يدخل في الحسابات المادية وفي نطاقها.
فإذا كانت الناحية الإيمانية تقوم على أساس فكري راسخ وتستند إلى القناعة من خلال الدليل الصحيح والقاطع، فإنها تستمد حينئذٍ من اللامحدود، وتستند إلى المطلق، الذي يملك القدرة على استيعاب المحدود، مهما كانت قوته، ومهما اشتد وتعاظم خطره.
الثالثة: من الواضح أن التربية الروحية بحاجة إلى القول وإلى العمل، فإن ذلك يفيد في نيل درجات القرب، ويؤثر أيضاً في التصفية والتزكية، بما توحي به الكلمة من معان، وتنشره من ظلال روحية، وتثيره من نسمات إيمانية أنيسة ودافئة.
كما أن العمل العبادي بما يمثله من تجسيد للحالة الروحية والنفسية يستطيع أن يرسخ الوعي في المشاعر وفي الخواطر، فتثير لديه وعياً جديداً، وأملاً وليداً.
الريح والملائكة:
قد عرفنا فيما تقدم: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد دعا على الأحزاب، في مسجد الأحزاب، يوم الإثنين والثلاثاء والأربعاء، فاستجيب له يوم الأربعاء.
1 ـ قالوا: فلما كان ليلة السبت بعث الله الريح على الأحزاب، حتى ما يكاد أحدهم يهتدي لموضع رحله، ولا يقر لهم قدر ولا بناء.
وقام رسول الله "صلى الله عليه وآله" يصلي إلى أن ذهب ثلث الليل. وكذلك فعل ليلة قتل كعب بن الأشرف، وكان إذا حَزَبه أمر أكثر من الصلاة([372])، وكان ذلك في أيام شاتية([373])، وبرد شديد([374]).
وقال البعض: أرسل الله تعالى الريح، فهتكت القباب، وكفأت القدور، ودفنت الرجل، وقطعت الأوتاد، فانطلقوا لا يلوي أحد على أحد، وأنزل الله الخ.."([375]).
وكانت الريح التي أرسلها الله سبحانه عليهم هي ريح الصبا، فأكفأت قدورهم، وطرحت آنيتهم، ونزعت فساطيطهم([376]).
وفي نص آخر: بعث الله عليهم ريحاً وظلمة، فانصرفوا هاربين لا يلوون على شيء، حتى ركب أبو سفيان ناقته وهي معقولة. فلما بلغ رسول الله "صلى الله عليه وآله" ذلك، قال: عوجل الشيخ([377]).
ويقول نص آخر: "كان الله عز وجل قبل رحيلهم قد بعث عليهم بالريح بضع عشرة ليلة، حتى ما خلق الله لهم بيتاً يقوم، ولا رمحاً، حتى ما كان في الأرض منزل أشد عليهم ولا أكره إليهم من منزلهم ذلك، فأقشعوا([378]) والريح أشد ما كانت، معها جنود الله لا ترى، كما قال الله عز وجل الخ..([379]).
ولكن هذا النص الأخير: لا ينسجم مع ما تقدم، وما سيأتي في حديث حذيفة أيضاً: من أن إرسال الريح عليهم إنما كان بعد دعاء النبي "صلى الله عليه وآله" عليهم، وذلك بعد قتل عمرو بن عبد ود، وأن ذلك لم يدم إلا مدة يسيرة انتهت بفرارهم. بل لقد أخبرهم النبي "صلى الله عليه وآله" ليلة الأحزاب بالريح، كما صرحت به النصوص.
كما أننا لا نرى مبرراً لأن يصمدوا أمام هذه الريح العاتية هذه المدة الطويلة.
والنصوص التاريخية حول ما صنعته الريح بهم كثيرة، وسيأتي في حديث حذيفة المزيد.
أما بالنسبة: لإرسال الملائكة، فإن النصوص فيه أيضاً كثيرة.
ويذكر المفسرون: أن آية قرآنية قد ذكرت إرسال الريح والملائكة على الأحزاب، وهي قوله تعالى:
?يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَليْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلنَا عَليْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً?([380]).
ويظهر من بعض النصوص: أن ما فعلته الريح هو نفس ما فعلته الملائكة، وأن حركة الريح هي حركة الملائكة بالذات، فهو يقول:
وكَثُرَ يومئذٍ تكبير الملائكة في جوانب عسكرهم، وكانوا ألفاً. ولم تقاتل يومئذٍ، وسمعوا قعقة السلاح، ولكن قلعت الأوتاد، وقطعت أطناب الفساطيط، وأطفأت النيران، وأكفأت القدور، وجالت الخيل بعضها في بعض، وقذف الله في قلوبهم الرعب، فارتحلوا، وتركوا ما استثقلوه من متاعهم([381]).
1 ـ وقيل: إن الملائكة لم يقاتلوا يومئذٍ، بل كانوا يشجعون المؤمنين، ويجبنون الكافرين([382]).
2 ـ في رواية: أن الملائكة قطعت أوتاد الخيام، وأطفات نيرانهم، ورأى الجيش أنه لا خلاص لهم إلا بالفرار([383]).
3 ـ قال البعض: وكثر تكبير الملائكة في جوانب عسكرهم حتى كان سيد كل حي يقول: يا بني فلان هلم، حتى إذا اجتمعوا عنده قال: النجاة النجاة، أتيتم([384])، لما بعث الله عليهم من الرعب.
4 ـ قال البلاذري: "وغشيتهم الملائكة تطمس أبصارهم"([385]).
5 ـ قيل إنما بعث الله الملائكة تزجر خيل العدو وإبلهم، فقطعوا مدة ثلاثة أيام في يوم واحد فارين منهزمين([386]).
6 ـ جاءت الملائكة، فقالت: يا رسول الله، إن الله قد أمرنا بالطاعة لك، فمرنا بما شئت.
فقال: زعزعي المشركين وأرعبيهم، وكوني (وكونوا) من ورائهم.. أي فهي قد نفثت الرعب في قلوبهم([387]).
7 ـ وقالوا: إن الملائكة لم تقاتل يومئذٍ([388]).
مهمة حذيفة بن اليمان:
وبعد أن بقي النبي "صلى الله عليه وآله" في اثني عشر رجلاً([389]) ـ أو في ثلاث مئة رجل ـ كما في روايات أخرى عن حذيفة ـ يحدثنا حذيفة عن تلك الليلة التي قام الرسول فيها على التل، الذي عليه مسجد الفتح ـ في ليلة ظلماء ذات قرة([390]).
وكان المسلمون صافين قعوداً، والأحزاب فوقهم، وقريظة أسفل منهم، يخافونهم على ذراريهم. ونحن نلخص كلامه هنا، فقد قال:
ما أتت علينا ليلة قط أشد ظلمة، ولا أشد ريحاً منها، في أصوات ريحها أمثال الصواعق وهي ظلمة ما يرى أحدنا إصبعه. فجعل المنافقون يستأذنون رسول الله، ويقولون: ?إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ?([391]). فما يستأذنه أحد منهم إلا أذن له، فيتسللون، ونحن ثلاث مئة، أو نحو ذلك.
فطلب النبي "صلى الله عليه وآله" أن يأتيه أحدهم بخبر القوم، ثلاث مرات، فلم يجبه أحد من شدة الجوع والقر والخوف، فقال أبو بكر: يا رسول الله، ابعث حذيفة.
فلما كلم النبي "صلى الله عليه وآله" حذيفة تقاصر إلى الأرض، كراهية أن يقوم، فأمره "صلى الله عليه وآله" بالقيام، فقال له "صلى الله عليه وآله": إنه كائن في القوم خبر، فأتني بخبر القوم.
وفي نص آخر: إن الله قد أخبرني: أنه قد أرسل الرياح على قريش فهزمهم.
فشكى إليه البرد، فقال له "صلى الله عليه وآله": لا بأس عليك من حر ولا برد حتى ترجع إلي.
فذكر له أنه يخاف الأسر والتمثيل به فقال: إنك لن تؤسر، فخرج حذيفة، فدعا له النبي "صلى الله عليه وآله"، فذهب الفزع، والبرد عنه.
قال حذيفة: فمضيت كأنما أمشي في حمام([392]). فلما وليت دعاني، فقال: يا حذيفة، لا تحدثن في شيء حتى تأتيني.
وفي رواية: أنه "صلى الله عليه وآله" قال له: أئت قريشاً، فقل: يا معشر قريش، إنما يريد الناس إذا كان غداً أن يقولوا: أين قريش؟ أين قادة الناس؟ أين رؤوس الناس؟ فيقدموكم، فتصلوا القتال، فيكون القتل فيكم.
ثم ائت بني كنانة، فقل: "وعلمه ما يشبه الكلام السابق لقريش، وكذا الحال بالنسبة لقيس".
فذهب حذيفة فلما دنا منهم رأى أدهم ضخماً عند نار توقد، وحوله عصبة، وقد تفرق الأحزاب عنه، وهو يقول: الرحيل الرحيل.
ولم يكن حذيفة يعرف أبا سفيان قبل ذلك، فانتزع سهماً ليرميه. فذكر وصية النبي "صلى الله عليه وآله" له، فأمسك.
قال: فلما جلست فيهم أحس أبو سفيان أنه قد دخل فيهم غيرهم، فقال: ليأخذ كل رجل منكم بيد جليسه. فضربت بيدي على يد الذي عن يمني، فأخذت بيده، فقلت: من أنت؟!
قال: معاوية بن أبي سفيان. ثم ضربت بيدي على يد الذي عن شمالي، فقلت: من أنت؟
قال: عمرو بن العاص.
وفي نص آخر: سهيل بن عمرو.
وفي آخر: سبحان الله أما تعرفني؟! أنا فلان بن فلان، فإذا رجل من هوازن.
وعند الراوندي: خالد بن الوليد. فعلت ذلك خشية أن يفطن بي، فبدرتهم بالمسألة.
ثم تلبثت فيهم هنيهة، وأتيت بني كنانة وقيساً، وقلت ما أمرني به رسول الله "صلى الله عليه وآله".
ثم دخلت في العسكر، فإذا أدنى الناس مني بنو عامر. ونادى عامر بن علقمة: يا بني عامر، إن الريح قاتلي وأنا على ظهر، وأخذتهم ريح شديدة. وصاح بأصحابه.
فلما رأى ذلك أصحابه جعلوا يقولون: يا بني عامر، الرحيل الرحيل، لا مقام لكم.
وإذا الريح في عسكر المشركين ما تجاوز عسكرهم شبراً، فوالله إني لأسمع صوت الحجارة في رحالهم، وفرشهم، والريح تضربها، فلما دنا الصبح نادوا أين قريش؟ أين رؤوس الناس؟.
فقالوا: أيهات، هذا الذي أتينا به البارحة.
فقالوا: أين كنانة؟.
فقالوا: أيهات هذا الذي أُتينا به البارحة.
أين قيس؟ أين أحلاس الخيل؟.
فقالوا: أيهات، هذا الذي أتينا به البارحة.
فلما رأى ذلك أبو سفيان، أمرهم بأن يتحملوا، فتحملوا، وإن الريح لتغلبهم على بعض أمتعتهم. حتى رأيت أبا سفيان وثب على جمل له معقول فجعل يستحثه ولا يستطيع أن يقوم حتى حل بعد.
فعاد إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، فلما انتصف به الطريق التقى بعشرين فارساً، أو بفارسين فقط، فقالا: أخبر صاحبك: أن الله تعالى كفاه القوم بالجنود والريح.
فرجع إلى النبي "صلى الله عليه وآله" فوجده يصلي، وعاد إليه البرد والقر، فسدل عليه فضل شملته فنام، ثم أخبره: أنه تركهم يرحلون.
وذكر ابن سعد: أن عمرو بن العاص وخالد بن الواليد أقاما في ماءتي فارس ساقة للعسكر، وردءاً لهم، مخافة الطلب([393]).
نص آخر لقضية حذيفة:
إننا نذكر نصاً مختصراً آخر لقضية حذيفة، ثم نحيل القارئ إلى المصادر التي ذكرت هذه القضية بتفصيل أو بإجمال ليراجعها من أراد الاستقصاء والمقارنة.
فنقول:
بعد أن ذكر المؤرخون ما قام به نعيم بن مسعود من كيد بين قريظة، وقريش وغطفان ـ وإن كنا نحن قد سجلنا فيما سبق تحفظات قوية عليه ـ قالوا:
"وتخاذل القوم، واتهم بعضهم بعضاً، وذلك في زمن شات، وليال باردة كثيرة الرياح، تطرح أبنيتهم، وتكفأ قدورهم. وضاق ذرع القوم، وبلغ رسول الله "صلى الله عليه وآله" اختلاف القوم، وما هم فيه من الجهد، فدعا حذيفة بن اليمان فبعثه إليهم، لينظر ما فعل القوم ليلاً.
قال حذيفة: فذهبت فرأيت من الرياح أمراً هائلاً، لا يقر لهم ناراً ولا بناءً.
فقام أبو سفيان بن حرب، فقال: يا معشر قريش، لينظر امرؤ جليسه.
قال: فبادرت وأخذت بيد الرجل الذي إلى جانبي، فقلت: من أنت؟!
قال: أنا فلان بن فلان.
ثم قال أبو سفيان: إنكم يا قوم ما أصبحتم بدار مقام، لقد هلك الكراع والخف، وأخلفتنا بنو قريظة، وبلغنا عنهم ما نكره، ولقينا من الجهد والشدة، وهذه الريح ما ترون، فارتحلوا، فإني مرتحل([394]).
ثم قام إلى جمله، وقام الناس معه.
في نص آخر: "قام إلى جمله وهو معقول فجلس عليه، ثم ضربه فوثب على ثلاث قوائم".
وسمعت غطفان بما فعلت قريش، فانصرفوا إلى بلادهم.
وتفرق ذلك الجمع من غير قتال، إلا ما كان من عدة يسيرة، اتفقوا على الهجوم الخ..
ثم ذكر قتل علي "عليه السلام" لعمرو.. ثم قال: وانتقض ذلك الجمع والتدبير كله([395]).
وذكرت المصادر: أنه "صلى الله عليه وآله" نادى حذيفة مرتين، فلم يجبه، وأجابه في الثالثة.
فقال له: تسمع صوتي ولا تجيبني؟! فاعتذر عن عدم إجابته بالخوف والبرد والجوع([396]).
وثمة نص آخر يقول: إنه "صلى الله عليه وآله" أراد أن يبعث رجلاً من أصحابه يعبر الخندق فيعلم ما خبر القوم، فأتى رجلاً فطلب منه ذلك فاعتل، فتركه، وأتى آخر، فاعتل أيضاً فتركه، وحذيفة يسمع، ولكنه صامت لا يتكلم، فأتاه "صلى الله عليه وآله" وهو لا يدري من هو، فسأله إن كان قد سمع ما جرى، فأجاب بالإيجاب، ثم اعتذر عن عدم مبادرته لإجابة طلبه "صلى الله عليه وآله" بالجوع والضر. ثم أمره "صلى الله عليه وآله" بالذهاب الخ..([397]).
ونقول:
إننا لا نستطيع أن نؤكد صحة قضية حذيفة بما لها من خصوصيات وتفاصيل مذكورة آنفاً، وإن كنا لا نمنع من أن يكون النبي "صلى الله عليه وآله" قد أرسله لكشف خبر الأحزاب، فعاد إليه فأخبره بأنهم بدأوا بالرحيل..
وشكنا فيما عدا ذلك من تفاصيل وأحداث مزعومة، يستند إلى عدة أمور، نذكر منها:
أولاً: أننا نجد حذيفة يذكر أنه رأى أبا سفيان في ضوء النار الموقدة، وهو يستدفئ بها مع أصحابه، وأراد أن يرميه بسهم، لولا أنه ذكر وصية النبي "صلى الله عليه وآله" له، وقد رآه رجلاً ضخماً أدهم.. فكان من الوضوح له أنه استطاع أن يميز لونه، ويعرف أنه أدهم.
ولكنه يأتي ويجلس بين نفس تلك العصبة التي حول أبي سفيان. ولا يستطيع أن يراه أحد من تلك العصبة، ولا أحس به، رغم وجود النار والنور. ورغم إحساس أبي سفيان بأن رجلاً غريباً دخل بينهم. وإذا كانت الظلمة شديدة إلى هذا الحد، فكيف استطاع حذيفة أن يجد مكانه بينهم دون أن يصطدم ولو جزئياً بواحد منهم؟!.
وكيف استطاع حذيفة أن يرى العصبة وأبا سفيان، ويرى تفرق الأحزاب عنه، ثم لا يراه أحد، ولا يحس به أي منهم على الإطلاق؟.
ثانياً: إذا كان أبو سفيان حين ورود حذيفة ينادي: الرحيل الرحيل، وكذلك كان عامر بن علقمة بن علاثة ينادي الرحيل الرحيل، لا مقام لكم، فما معنى أن يقوم حذيفة بدوره في تخذيلهم، وفق ما علمه الرسول إياه؟
ثالثاً: هناك اختلاف في نصوص الرواية. ونذكر تناقضاً صريحاً واحداً هنا وهو واقع في الرواية التي ذكرناها أولاً نفسها، فهي تقول: إن الريح كانت في عسكر المشركين، ما تجاوز عسكرهم شبراً. مع أنه قد جاء في بداية الرواية نفسها قوله: "ما أتت علينا ليلة قط أشد ظلمة، ولا أشد ريحاً منها، في أصوات ريحها مثل الصواعق، فجعل المنافقون يستأذنون الخ..".
رابعاً: تقول الرواية التي ذكرناها أولاً: إن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أمر حذيفة بأن يأتي قريشاً فيقول: يا معشر قريش، إنما يريد الناس الخ.. ثم يأتي كنانة فيقول كذا وكذا، ثم يأتي قيساً فيقول كذا وكذا..
وهذا لا ينسجم مع عنصر السرية الذي كان مطلوباً لحذيفة في ظروف كهذه. كما لا ينسجم مع ما جرى بينه وبين جليسيه حين طلب أبو سفيان أن يعرف كل منهم جليسه.
وخامساً:
ألف: إن بعض المصادر ذكرت: أنه لما سأل حذيفة جليسه عن اسمه. قال: سبحان الله، أما تعرفني؟! أنا فلان بن فلان، فإذا رجل من هوازن.
فما معنى تعجب هذا الرجل؟ فهل رأى حذيفة وجهه في ذلك الظلام الدامس ولم يعرفه، فأثار ذلك تعجبه؟!
ب: كما أننا نعرف أن حذيفة قد حضر حرب أحد، وكان أبو سفيان قائد جيش المشركين في أحد، فهل لم يكن قد رآه آنئذٍ، ليقول هنا: إنه لم يكن يعرف أبا سفيان حتى ذلك الوقت؟!.
وحين رآه واقفاً يوقد النار ويستدفئ بها كيف عرف أنه أبو سفيان؟ فلعله رجل آخر من هذا الجيش الكثيف.
ج: تذكر رواية الراوندي: أن حذيفة قال: "فصرت إلى معسكرهم فلم أجد هناك إلا خيمة أبي سفيان، وعنده جماعة من وجوه قريش، وبين أيديهم نار تشتعل مرة، وتخبو أخرى، فانسللت فجلست بينهم"([398]).
والسؤال هو: لماذا لم يجد إلا خيمة أبي سفيان، فهل استعصت هذه الخيمة فقط على الريح التي أرسلها الله سبحانه عليهم؟! ودمرت خيام جيش يعد بالألوف؟!
وسادساً: إن البعض قد أورد ما يشبه هذه الرواية، لكنه يجعل بطلها الزبير بن العوام، فهو يقول:
قال رسول الله "صلى الله عليه وآله" يوم الأحزاب: من يأتينا بخبر القوم؟!.
فقال الزبير: أنا.
ثم قال: من يأتينا بخبر القوم؟!
فقال الزبير: أنا.
ثم قال: من يأتينا بخبر القوم؟
فقال الزبير: أنا.
ثم قال: إن لكل نبي حوارياً، وإن حواري الزبير([399]).
ونقول:
إذا كان هذا صحيحاً فلماذا ترك الزبير، ولم يرسله. وأرسل حذيفة؟!.
فأجاب البعض: بأن حذيفة إنما ذهب ليأتيه بخبر المشركين.
أما الزبير فقد كشف خبر بني قريظة([400]).
ولكنه كلام لا يصح: لأن ابن الديبع قد صرح بأن الزبير هو الذي سمع أبا سفيان ينادي، ويأمرهم بسؤال جلسائهم عن أنفسهم.
قال الزبير: فبدأت بجليسي وقلت: من أنت؟([401]).
وقد حاول دحلان أن يجيب عن ذلك التساؤل بطريقة أخرى، فقال: "فدعا حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما وأرسله كما سيأتي، ولم يرسل الزبير (رض) مع سؤاله ذلك ثلاثاً؛ لأن له حدة وشدة، لا يملك معها نفسه أن يحدث بالقوم شيئاً مما نهى عنه حذيفة فيما يأتي، فاختار إرسال حذيفة ذلك. هذا هو التحقيق عند أئمة السير. وهو أن المرسل إنما هو حذيفة (رض). ونسب بعضهم الإرسال إلى الزبير، وهو اشتباه. وإنما إرسال الزبير (رض) في كشف خبر بني قريظة لما نقضوا العهد"([402]) انتهى.
ونقول:
قد تقدم: أن إرسال الزبير إلى بني قريظة لا يصح أيضاً، فراجع.
وأما أنه "صلى الله عليه وآله" عدل عن الزبير إلى حذيفة لأجل حدة كانت في الزبير، فإنما هو على فرض تسليم أصل القصة. وهي مردودة جملة وتفصيلاً؛ لأن حذيفة يصرح بأنه "صلى الله عليه وآله" ناداهم ثلاثاً فلم يجب منهم أحد، وهذا يكذب أن يكون الزبير قد أجاب ثلاث مرات.
حقيقة القضية:
ونعتقد: أن ما يذكر للزبير هنا إنما هو من مجعولات محبيه، لينال وساماً عن غير جدارة ولا استحقاق.
أما حذيفة، فقد يكون النبي "صلى الله عليه وآله" أرسله لكشف خبر المشركين، فراقبهم عن بعد، أو عن قرب، وسمع بعض أقوالهم، ثم زاد الرواة على ذلك ما شاؤوا حتى أخرجوا القضية عن حدود المعقول والمقبول.
رسالة أبي سفيان للنبي ' قبل الرحيل:
وكتب أبو سفيان إلى النبي "صلى الله عليه وآله" رسالة يقول فيها: لقد سرت إليك في جمعنا. وإنا نريد ألا نعود إليك أبداً حتى نستأصلك، فرأيتك قد كرهت لقاءنا وجعلت مضايق وخنادق، فليت شعري من علمك هذا؟.
فإن نرجع عنكم فلكم منا يوم كيوم أُحد، تبقر فيه النساء.
وبعث بالكتاب مع أبي أسامة الجشمي؛ فقرأه له أُبي بن كعب؛ فكتب إليه "صلى الله عليه وآله":
أما بعد، فقديماً غرك بالله الغرور، أما ما ذكرت أنك سرت إلينا في جمعكم، وأنك لا تريد أن تعود حتى تستأصلنا، فذلك أمر الله يحول بينك وبينه، ويجعل لنا العاقبة حتى لا تذكر اللات والعزى.
وأما قولك: من علمك الذي صنعنا من الخندق، فإن الله تعالى ألهمني ذلك لما أراد من غيظك به وغيظ أصحابك، وليأتين عليك يوم تدافعني بالراح، وليأتين عليك يوم أكسر فيه اللات والعزى، وأساف، ونائلة، وهبل حتى أذكرك ذلك([403]).
ثمة نص آخر لكتاب كتبه أبو سفيان، فليراجع([404]).
الرحيل الذليل:
وذكر الواقدي: أن أبا سفيان جلس على بعيره وهو معقول، ثم ضربه، فوثب على ثلاث قوائم، فما أطلق عقاله إلا بعد ما قام.
فناداه عكرمة: إنك رأس القوم وقائدهم، تقشع؟ وتترك الناس؟.
فاستحيا، فأناخ جمله ونزل عنه، وأخذ بزمامه وهو يقوده، وقالـوا: ارحلوا.
قال: فجعل الناس يرتحلون وهو قائم حتى خف العسكر.
ثم قال لعمرو بن العاص: يا أبا عبد الله، لا بد لي ولك أن نقيم في جريدة([405]) من خيل بإزاء محمد وأصحابه، فإنا لا نأمن أن نُطلب حتى ينفذ العسكر.
فقال عمرو: أنا أقيم.
وقال لخالد بن الوليد: ما ترى يا أبا سلمان؟.
فقال: أنا أيضاً أقيم.
فأقام عمرو وخالد في ماءتي فارس وسار العسكر إلا هذه الجريدة على متون الخيل.
وأقامت الخيل حتى السحر، ثم مضوا فلحقوا الأثقال والعسكر مع ارتفاع النهار بملل.
ولما ارتحلت غطفان وقف مسعود بن رخيلة في خيل من أصحابه، ووقف الحارث بن عوف في خيل من أصحابه، ووقف فرسان من بني سليم في أصحابهم، ثم تحملوا في طريق واحدة، وكرهوا أن يتفرقوا حتى أتوا على المراض (موضع على ستة وثلاثين ميلاً من المدينة) ثم تفرقوا إلى محالهم([406]).
لكن الراوندي يقول: إن أبا سفيان قال لخالد:
إما أن تتقدم أنت فتجمع إلي الناس، ليلحق بعضهم ببعض، فأكون على الساقة، وإما أن أتقدم أنا وتكون على الساقة.
قال: بل أتقدم أنا وتتأخر أنت.
فقاموا جمعياً، فتقدموا، وتأخر أبو سفيان فخرج من الخيمة، وأنا اختفيت في ظلها، فركب راحلته وهي معقولة من الدهش الذي كان به، فنزل يحل العقال، فأمكنني قتله، فلما هممت بذلك تذكرت الخ..([407]).
فالرواية المتقدمة تقول: إن خالداً قد بقي هو وعمرو بن العاص في جريدة من مائتي فارس، وهذه تقول: إن خالداً تقدم على أبي سفيان، وابن العاص حيث بقي أبو سفيان على ساقة العسكر، وابن العاص في الجريدة، التي تأخرت.
ومهما يكن من أمر: فقد روي عن قتادة: أن سيد كل حي كان يقول: يا بني فلان هلم إلي، حتى إذا اجتمعوا عنده قال: النجاة، النجاة أتيتم. لما بعث الله عليهم من الرعب، وتركوا ما استثقلوه من متاعهم([408]).
ويقول البلاذري: بعد أن ذكر: أن الله سبحانه قد أرسل عليهم ريحاً صفراء، فملأت عيونهم فداخلهم الفشل والوهن، وانهزم المشركون وانصرفوا إلى معسكرهم، ودامت عليهم الريح..
وقالت غطفان وسليم: "والله، لمحمد أحب إلينا، وأولى بنا من يهود، فما بالنا نؤذيه وأنفسنا، وكانت تلك السنة مجدبة، فجهدوا، وأضر مقامهم بكراعهم، فانصرفوا، وانصرف الناس"([409]).
وكفى الله المؤمنين القتال (بعلي) ×:
إن ملاحظة معظم المؤخرين تعطينا:
1 ـ إن ما فعله نعيم بن مسعود ـ حسب زعمهم ـ من الفتنة بين بني قريظة والمشركين، ثم إرسال الريح عليهم ـ كان هو السبب في هزيمة الأحزاب([410]).
2 ـ وبعضهم يرى: أن السبب هو الريح فقط، أو الريح والجنود([411]).
3 ـ والبعض يرى: أن ما فعله نعيم هو السبب([412]).
بل يقول البعض:
إن دور الريح والملائكة كان صورياً. والسبب الحقيقي هو الفرقة التي بثها رسول الله "صلى الله عليه وآله" بين صفوف المهاجمين، فأصبح بعضهم لا يأمن بعضاً قبل المعركة، فكيف يأمنه إذا حمي الوطيس واحمرت الحدق؟!.
ولذلك ما إن هبت عليهم الرياح التي أرسلها الله حتى اتخذوها ذريعة للانسحاب من ميدان القتال يحملون في قلوبهم الضغائن على بعضهم([413]).
وهو كلام عجيب لما فيه من الجرأة والوقاحة على نفي كلام القرآن، الذي يصرح بالدور القوي للملائكة وللريح في حسم الموقف، كما تقدم في قوله تعالى: ?يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَليْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلنَا عَليْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً?([414]).
فهل يرى هذا الكاتب أن ما أرسله الله سبحانه لم يكن له أي أثر أو دور إلا أنه اتخذ ذريعة للفرار من قبل المشركين؟!.
وقد ورد أنه "صلى الله عليه وآله" كان يقول: "لا إله إلا الله وحده، أعز جنده، ونصر عبده، وغلب (أو وهزم) الأحزاب وحده، فلا شيء بعده"([415]).
ونقول:
إن النصوص المختلفة تلمح وتصرح: بأن هزيمة الأحزاب كانت لأسباب ثلاثة:
الأول: وهن أمر المشركين بسبب تضعضع ثقتهم ببعضهم البعض، مع طول الحصار، ثم مع ما واجهوه من مصاعب فيما يرتبط بالناحية المعيشية لهم ولكراعهم.
وذلك لأن خروجهم إلى حرب النبي بعد انقضاء زمن الحصاد، وفي سنة مجدبة، قد تسبب بنكسة قوية. وهو يدل على أنهم لم يدرسوا الموقف من جميع جوانبه، ولعل ذلك لأجل أنهم كانوا مطمئنين إلى أنهم سيحسمون الموقف لصالحهم في فترة وجيزة ففاجأهم الرسول بخطته الحربية التي كانت قاصمة الظهر بالنسبة إليهم.
الثاني: ما أرسله الله سبحانه عليهم من الريح والجنود التي لا ترى، فإن الآية وإن لم تصرح بأن هزيمتهم كانت بسبب ذلك إلا أن عدم التصريح هذا لأن ذلك لم يكن هو تمام السبب في الهزيمة، بل كان من المؤثرات فيها.
الثالث: ما قذفه في قلوبهم من الرعب، بسبب قتل فرسانهم وكبش كتيبتهم، حتى يئسوا من أن يلجوا الخندق مرة أخرى.
قال ابن العبري: "وبقوا بضعة وعشرين يوماً لم يكن بينهم حرب. ثم جعل واحد من المشركين يدعو إلى البراز، فسعى نحوه علي بن أبي طالب، فقتله وقتل بعده صاحباً له، وكان قتلهما سبب هزيمة الأحزاب، على كثرة عددهم، ووفرة عددهم"([416]).
ب: وقال المعتزلي: "الذي هزم الأحزاب هو علي بن أبي طالب، لأنه قتل شجاعهم وفارسهم عمرواً لما اقتحموا الخندق، فأصبحوا صبيحة تلك هاربين مفلولين، من غير حرب سوى قتل فارسهم"([417]).
ج: وقال الشيخ المفيد: "فتوجه العتب إليهم، والتوبيخ والتقريع، والخطاب. ولم ينج من ذلك أحد بالاتفاق إلا أمير المؤمنين "عليه السلام"، إذ كان الفتح له، وعلى يديه. وكان قتله عمرواً ونوفل بن عبد الله سبب هزيمة المشركين"([418]).
د: ويقولون أيضاً: "وفر عكرمة، وهبيرة، ومرداس، وضرار، حتى انتهوا إلى جيشهم، فأخبروهم قتل عمرو ونوفل، فتوهن من ذلك قريش، وخاف أبو سفيان. وكادت أن تهرب فزارة، وتفرقت غطفان"([419]).
ه‍ : تقدم عن علي عليه الصلاة والسلام أنه قال عن قتله لعمرو بن عبد ود يوم الأحزاب: "فهزم الله قريشاً والعرب بذلك، وبما كان مني فيهم من النكاية"([420]).
و: ثم هناك ما روي عن ابن مسعود: من أنه كان يقرأ ـ على سبيل التفسير والبيان طبعاً ـ ?وَكَفَى اللهُ المُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ? بعلي([421]).
فكلمة: بعلي ليست من القرآن، وإنما هي زيادة تفسيرية للآية، للتأكيد على نزولها في أمير المؤمنين "عليه السلام".
وما أكثر القراءات التفسيرية هذه، فراجع كتابنا: "حقائق هامة حول القرآن الكريم".
ز: عن ابن عباس: كفاهم الله القتال يوم الخندق، بعلي بن أبي طالب، حين قتل عمرو بن عبد ود([422]).
وذكر القمي أيضاً: نزول الآية في علي فراجع([423]). وكذا روي عن الإمام الصادق([424]).
ح: تقدم في الفصل السابق قول الحافظ يحيى بن آدم، أو جابر بن عبد الله الأنصاري: ما شبهت قتل علي عمرواً إلا بقوله تعالى: ?فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ الله وَقَتَل دَاوُدُ جَالُوتَ?([425]).
ط: قال الشيخ المفيد: "وقال رسول الله بعد قتله هؤلاء النفر (يعني: عمرواً وأصحابه): الآن نغزوهم ولا يغزوننا"([426]).
وعند المعتزلي الشافعي: أنه "صلى الله عليه وآله" قال عند قتل عمرو: "ذهبت ريحهم، ولا يغزوننا بعد اليوم، ونحن نغزوهم إن شاء الله"([427]).
أشجع الأمة:
قال المحقق التستري: تدل الآية بناء على قراءة ابن مسعود: "على كون علي أشجع من كل الأمة، وأنه تعالى به "عليه السلام" كفى شر العدو عنهم يوم الأحزاب، فيكون أفضل منهم، ?وَفَضَّلَ اللهُ المُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً?([428])"([429]).
وقال المظفر: "..فمنه حياة الإسلام والمسلمين، ولولا أن يكفيهم الله تعالى القتال بعلي لاندرست معالم الإسلام، لضعف المسلمين ذلك اليوم، وظهور الوهن عليهم الخ.."([430]).
مفارقة في الموقف:
وقد ذكرت إحدى الروايات: أن هند بنت عمرو بن حزام، حين قتل زوجها عمرو بن الجموح وأخوها عبد الله، وابنها في حرب أحد، قالت لعائشة:
أما رسول الله "صلى الله عليه وآله" فصالح، وكل مصيبة بعده جلل. واتخذ الله من المؤمنين شهداء ?وَرَدَّ اللهُ الذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللهُ المُؤْمِنِينَ القِتَال وَكَانَ اللهُ قَوِيّاً عَزِيزاً?([431]).
قال المعتزلي: قلت: هكذا وردت الرواية. وعندي أنها لم تقل كل ذلك. ولعلها قالت: ?وَرَدَّ اللهُ الذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ? لا غير. وإلا فكيف يواطئ كلامها آية من كلام الله تعالى، أنزلت بعد الخندق. والخندق بعد أحد. هذا من البعيد جداً([432]).
ونقول:
إننا نوافق المعتزلي على ما قاله.
ولكننا نقول له: كيف صار هذا من البعيد جداً، ولم تكن موافقات عمر للقرآن([433]) على اختلافها وتنوعها، من البعيد جداً أيضاً؟!.
أم أن عبقرية عمر ليست لغيره من البشر، حتى الأنبياء وأوصيائهم، فضلاً عن النساء؟ أم أن حق التأليف القرآني محفوظ لعمر بن الخطاب بالإشتراك مع العزة الإلهية؟! تعالى الله عما يقول الجاهلون والوضاعون لفضائل عمر علواً كبيراً.
الآن نغزوهم، ولا يغزوننا:
وذكروا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد قال يوم الأحزاب، حين أجلاهم الله سبحانه: الآن نغزوهم ولا يغزوننا، نحن نسير إليهم.
أو قال: لن تغزوكم قريش بعد عامهم (أو عامكم) هذا، أو نحو ذلك([434]). فلم تغز كفار قريش المسلمين بعد الخندق([435]).
متى قال النبي ' كلمته؟!
وقد صرح المفيد والمعتزلي: بأنه "صلى الله عليه وآله" قد قال ذلك حين قُتل عمرو وأصحابه. لكن المؤرخين الآخرين يذكرون ذلك بعد جلاء الأحزاب.
والظاهر هو: أنه لا فرق بين القولين، لأن جلاء الأحزاب كان في اليوم الثاني، أو الثالث من قتل الفرسان. فلم يكن هناك فاصل زماني يعتد به. ولا حدثت بعد قتلهم أحداث متميزة ومهمة سوى ما أرسله الله سبحانه على الأحزاب من الريح.
ولعل البعض: قد حاول تعمية الأمر هنا، لأجل أن يقلل من أهمية الإنجاز الكبير الذي حققة علي "عليه السلام"، الذي ابتلي بأناس لا يزالون يحاولون إنكار فضائله، وإطفاء نور جهاده الرسالي الرائد.
لماذا لن تغزوهم قريش بعد اليوم؟!
لقد أشاع المشركون بعد حرب أُحد: أن المسلمين قد هزموا، وتكبدوا خسائر فادحة، رغم أن نهايات حرب أحد كانت كبداياتها قد أرعبت جيش الشرك، وهزمته روحياً وعسكرياً، وإن كانت قد حصلت نكسة في أواسط المعركة، تكبد المسلمون بسببها خسارة كبيرة.
ولكنهم بفضل جهاد علي "عليه السلام"، ثم عودة الخلص من المسلمين للقتال قد استعادوا زمام المبادرة، وانتهت الحرب بهزيمة المشركين وكسر عنفوانهم، وتكبدوا هم أيضاً خسائر كبيرة على مستوى القيادات وغيرها.
ولكن الخسارة التي مني بها المسلمون كانت أكبر ـ كما قلنا ـ فكان أن أشاع المشركون أنهم قد انتصروا في حرب أحد، كمحاولة دعائية فارغة لرد الإعتبار.
ثم حزبوا الأحزاب، وجمعوا الجموع، واتفقوا مع يهود بني قريظة، فانتعشت آمالهم من جديد، وبدا واضحاً لهم: أن أمر المسلمين قد انتهى، وأصبحت المسألة مسألة وقت لا أكثر ولا أقل.
وقد كانت المشاركة الشاملة للقبائل الفاعلة في المنطقة تطمئن زعماء قريش، الذين حشدوا كل ما لديهم من قوى بشرية ومادية لحسم هذا الأمر، والتخلص من هذا الكابوس الجاثم على صدورهم.
ولكن وجود الخندق، وحسن إدارة الرسول "صلى الله عليه وآله" لأمر الحرب معهم، قد هيأ للمسلمين فرصة للمطاولة في أمر الحرب، حتى مل الأحزاب طول الحصار، وأصبحوا يواجهون مشكلات على مستوى التموين وغيره.
ثم ظهرت خلافات زعزعت الثقة فيما بين الفرقاء المؤتلفين، حيث فسد الأمر بينهم وبين بني قريظة وكان الرسول الأعظم "صلى الله عليه وآله" السبب في ظهورها، حسبما أوضحناه.
ثم كان قتل علي "عليه السلام" لعمرو، فارس الأحزاب وكبش كتيبتهم، ولمن معه، وفرار الباقين، هو الضربة القاصمة لهم، والمرعبة لقلوبهم.
وجاءت الريح لتثير في نفوسهم المزيد من الخوف والرهبة، والإحساس بالوحشة والوحدة. حيث يجد كل منهم نفسه مسؤولاً عن حفظ نفسه في مواجهة طغيان هذه الريح. ولا أحد يستطيع مساعدته والدفع عنه.
فآثروا الفرار على القرار، خوفاً من أن يبطش بهم سيف الإسلام من جديد، دون أن يتمكنوا من لم شعثهم، وتسوية صفوفهم. بل وحتى دون أن يتمكنوا من رؤية ما حولهم، لأنهم أصبحوا في ظلمة شديدة، وحالة مزرية إلى أبعد الحدود.
فكانت الهزيمة، وكان الخزي والعار لهم، دون أن يتمكنوا من تحقيق أي شيء سوى أنهم قتلوا أفراداً قليلين، قد لا يتجاوزون عدد أصابع اليد الواحدة وقد خسروا في المقابل ما يعادل نفس هذا العدد، إلا أن من بينهم فارس قريش والعرب عمرو بن عبد ود العامري لعنه الله.
فإذا كان هذا أكبر حشد يمكن لقوى الشرك والكفر في المنطقة كلها أن تقوم به، وقد طار صيت هذا الحشد في مختلف البلاد، وشدت إليه الأنظار، وانتظر الناس أخباره في الليل والنهار، وتوقعت القبائل نتائجه في مختلف أرجاء الجزيرة العربية بفارغ الصبر لا سيما وأن الهدف الذي أعلنوه لهذه الحرب، هو استئصال محمد ومن معه، حسبما تقدم([436]).
فإن النتائج التي قدمها هذا الحشد كله، قد جاءت بمثابة زلزال هز المنطقة من الأعماق، وبث روح الفشل والوهن في كل قلب، وزرع الخوف والرعب في كل بيت.
وحدثت الهزيمة الساحقة والماحقة لكل عنفوان الشرك، وجبروت الكفر حيث فهم الجميع أن أقصى ما يمكن لهم أن يفعلوه ضد الإسلام ونبي الإسلام قد فعلته قريش والأحزاب ولم ينته إلى نتيجة.
وكانت النتيجة كذلك هي أن قريشاً قد فقدت الكثير من نفوذها ومكانتها، ولم تعد الكثير من القبائل تجد نفسها ملزمة بالخط أو الموقف الذي تريد قريش إلزامها به.
ولم يعد بالإمكان إقناع الكثير من القبائل بالمخاطرة بمستقبلها، والدخول في حرب جديدة مع الإسلام ومع المسلمين.
أضف إلى ذلك: أنه لم يعد بالإمكان تحصيل درجة كافية من الوثوق بالآخرين، الذين لا بد من ضمان مشاركتهم الفاعلة حتى النهاية. بعدما أثبتت التجربة مع بني قريظة، بل وفيما بين فئات المشركين أنفسهم، أن الرهان على ذلك رهان فاشل، بل هو رهان على يباب وسراب.
وهكذا فإن القبائل التي باتت على يقين من عجزها عن مواجهة الإسلام تسير باتجاه ترميم علاقاتها، وتحسينها مع التيار الإسلامي الجديد، الذي لا يزال يتنامى ويتعاظم في المنطقة بصورة مطردة.
وظهر مصداق قوله "صلى الله عليه وآله": الآن نغزوهم ولا يغزوننا أو ما هو قريب من هذا.
وأصبح زمام المبادرة العسكرية على الخصوص بيد المسلمين، منذ هزيمة الأحزاب واليهود في حرب الخندق.
?..وَكَفَى اللهُ المُؤْمِنِينَ القِتَال وَكَانَ اللهُ قَوِيّاً عَزِيزاً?([437]).
غلط حسابات المعتزلي:
وقد ادَّعى المعتزلي: أن النبي "انتصر يوم بدر، وانتصر المشركون عليه يوم أُحد وكان يوم الخندق كفافاً، خرج هو وهم سواء لا عليه ولا له، لأنهم قتلوا رئيس الأوس، وهو سعد بن عبادة، وقتل منهم فارس قريش، وهو عمرو بن عبد ود، وانصرفوا عنه بغير حرب بعد تلك التي كانت"([438]).
وقد اشتبه الأمر على المعتزلي في موضعين:
أحدهما: قوله: إن المشركين انتصروا على النبي "صلى الله عليه وآله" يوم أُحد.
وقد بينا في غزوة أُحد: أن النصر فيها كان للمسلمين، وأن المشركين قد فروا من ساحة الحرب، خوفاً من أن ينال المسلمون منهم بصورة أشد وأعنف.
نعم.. قد حصلت نكسة للمسلمين في وسط المعركة، ثم تجاوزوها بفضل جهاد علي، وقتله العديد من قادة كتائب المشركين، فراجع.
الثاني: دعواه: أنه يوم الأحزاب لم يكن النصر لأحد، مع أن النصر فيها كان للمسلمين، وذلك أمر ظاهر لا يحتاج إلى بيان. وقد أوضحنا ذلك فيما تقدم من نصوص وبحوث.
إلا أن يكون محط نظر المعتزلي هو عدد القتلى الذين سقطوا من الفريقين في هذه المعارك.
ولكن من الواضح: أن تعبيره بالنصر والهزيمة ـ والحالة هذه ـ يصبح بلا مبرر.
الشهداء والقتلى:
1 ـ الشهداء من المسلمين:
قال مالك: لم يستشهد يوم الخندق إلا أربعة، أو خمسة([439]).
وقال أبو زهرة: خمسة([440]).
وقيل: كان الشهداء ستة، منهم سعد بن معاذ.
وزاد الكازروني: أنهم من الأنصار([441]).
وقال البعض: استشهد سعد في سبعة من الأنصار([442]).
وقال البعض: قتل من المسلمين ثمانية، مضيفاً الرجلين اللذين قيل: إنهما كانا طليعة للمسلمين فقتلا([443]). وقد تقدم عدم صحة ذلك.
وحسب بعض المصادر، فالشهداء هم: ثلاثة من بني عبد الأشهل: سعد بن معاذ، رمي بسهم، وأنس بن أوس، قتله خالد بن الوليد، وعبد الله بن سعد، رماه رجل من بني عويف فقتله.
واثنان من بني جشم، هم: الطفيل بن النعمان، قتله وحشي، وابن عتمة، قتله هبيرة بن أبي وهب.
وواحد من بني النجار (أو دينار) هو كعب بن زيد، أصابه سهم غرب فقتله، وقيل: قتله ضرار بن الخطاب.
وزاد الدمياطي في الشهداء من المسلمين: قيس بن زيد بن عامر، وعبد الله بن أبي خالد، وأبا سنان بن صيفي بن صخر، ذكر الحافظ في الكنى: أنه شهد بدراً، واستشهد في الخندق([444]).
2 ـ القتلى من المشركين:
وقتل من المشركين ثمانية([445]).
وقيل: ثلاثة([446]).
وقيل: أربعة جميعهم من قريش([447]). وقد سمت بعض المصادر القتلى.
والقتلى الثلاثة من المشركين هم: منبه بن عثمان (أو عثمان بن أمية بن منبه) أصابه سهم فمات بمكة. ونوفل بن عبد الله، وعمرو بن عبد ود([448])، وعبيد بن السباق([449]). فليتأمل في هذا الأخير وليراجع كلام ابن إسحاق.
وتقدم: أن حسل بن عمرو بن عبد ود قد قتل هو الآخر مع أبيه. فراجع الفصل السابق.
وقال ابن شهرآشوب: إن علياً "عليه السلام" قتل يوم الأحزاب: عمرو بن عبد ود وولده، ونوفل بن عبد الله بن المغيرة، ومنبه بن عثمان العبدري، وهبيرة بن أبي هبيرة المخزومي([450]).
العودة إلى المدينة:
قالوا: "وأصبح رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالخندق، وليس بحضرته أحد من عساكر المشركين، قد هربوا وانقشعوا إلى بلادهم.
فأذن للمسلمين في الانصراف إلى منازلهم. فخرجوا مبادرين مسرورين بذلك.
فكره رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن تعلم بنو قريظة حب رجعتهم إلى منازلهم، فأمر بردهـم، فبعث من ينادي في أثرهم، فما رجع منهم رجل واحد"([451]).
زاد في نص آخر قوله: "من القر والجوع، قالا: وكره رسول الله "صلى الله عليه وآله" سرعتهم، وكره أن يكون لقريش عيون.
قال جابر: فرجعت إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" فلقيته في بني حرام منصرفاً، فأخبرته، فضحك "صلى الله عليه وآله"([452]).
ويقول القمي عن الأحزاب: "ففروا منهزمين، فلما أصبح رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال لأصحابه: لا تبرحوا.
فلما طلعت الشمس دخلوا المدينة، وبقي رسول الله "صلى الله عليه وآله" في نفر يسير"([453]).
ويقول الراوندي: "إن النبي "صلى الله عليه وآله" صلى بالناس الفجر، ونادى مناديه: لا يبرحن أحد مكانه إلى أن تطلع الشمس.
فما أصبح إلا وقد تفرق عنه الجماعة إلا نفراً يسيراً.
فلما طلعت الشمس انصرف رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ومن كان معه، فلما دخل منزله الخ.."([454]).
وكان انصرافه "صلى الله عليه وآله" من غزوة الخندق لسبع ليال بقين من ذي القعدة([455]).
وكان المنافقون بناحية المدينة يتحدثون بنبي الله "صلى الله عليه وآله" وأصحابه، ويقولون: ما هلكوا بعد؟!.
ولم يعلموا بذهاب الأحزاب، وسرهم أن جاءهم الأحزاب، وهم بادون في الأعراب([456]).
عثمان وبنت النبي ' في الخندق:
وقد روى قطب الدين الراوندي: قصة المغيرة بن أبي العاص في غزوة الخندق وملخص ما هو محط نظرنا منها:
أن المغيرة بن أبي العاص ادَّعى: أنه رمى رسول الله "صلى الله عليه وآله" فكسر رباعيته، وشق شفتيه وكذب، وادَّعى أنه قتل حمزة وكذب.
فلما كان يوم الخندق ضرب الله على أذنيه، فنام ولم يستيقظ حتى أصبح، فخشي أن يجيء الطلب فيأخذوه، وجاء إلى منزل عثمان، وتسمى باسم رجل من بني سليم كان يجلب إلى عثمان الخيل والغنم والسمن؛ فأدخله عثمان منزله، فلما علمت امرأة عثمان ما صنع بأبيها وعمها صاحت، فأسكتها عثمان.
ثم خرج إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فطلب منه الأمان للمغيرة ثلاث مرات، والنبي يحول وجهه عنه حتى آمنه في الثالثة، وأجله ثلاثاً، ولعن من أعطاه راحلة، أو رحلاً، أو قتباً، أو سقاء، أو قربة، أو إداوة، أو خفاً، أو نعلاً، أو زاداً أو ماء؛ فأعطاه عثمان هذه الأشياء.
ولم يوفق للخروج من محيط المدينة فأعلم جبرئيل النبي "صلى الله عليه وآله" بمكانه، فأرسل زيد بن حارثة والزبير، فقتله زيد لأن النبي "صلى الله عليه وآله" كان قد آخى بين زيد وحمزة.
فرجع عثمان إلى امرأته، واتهمها بأنها كانت قد أخبرت أباها بمكان عمه، فحلفت له بالله ما فعلت، فضربها بخشبة القتب ضرباً مبرحاً كان سبب وفاتها في اليوم الثاني، وقد منع النبي "صلى الله عليه وآلـه" عثمان ـ الذي كان قد ألم بجاريته ليلة وفاتها ـ من حضور جنازتها([457]).
ولكن قد تقدم بعد غزوة حمراء الأسد: أن هذه القضية قد حصلت بعد واقعة أحد. وربما تكون رواية الراوندي أقرب والله هو العالم.
الباب الثالث:
غزوة بني قريظة
الفصل الأول: المسير إلى حصون قريظة
ملحق: أين دفن النبي ': في بيت عائشة أم في بيت فاطمة÷
الفصل الثاني: حصار وإنهيار
الفصل الثالث: فشل المفاوضات وخيانة أبي لبابة
الفصل الرابع: حكم الله من فوق سبعة أرقعة
الفصل الخامس: القتلى والشهداء
الفصل السادس: الغنائم والأسرى
ملحق: بلوغ المرأة
الفصل السابع: بعد العاصفة
آيات في غزوة بني قريظة:
قيل: إن بعض الآيات قد نزلت في غزوة بني قريظة وهي:
قوله تعالى: ?الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ، فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ، وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ?([458]).
وقوله تعالى: ?وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِن أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً، وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُوهَا وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً?([459]).
صدق الله العلي العظيم.
خلاصات عن غزوة بني قريظة:
ونقدم هنا خلاصة عن غزوة بني قريظة، إذ بدون ذلك فسيكون من الصعب لملمة خيوطها من ثنايا ما قمنا به من بحوث موسعة نسبياً، فرضتها علينا التزاماتنا التي أخذنا على عاتقنا مراعاتها في هذا الكتاب.
ولسوف تكون هذه الخلاصة بمثابة عناوين عامة، وكليات لن يغني الاطلاع عليها عن الاطلاع على التفاصيل، والمناقشات، والاستفادات، والتحليلات التي رأينـا من المناسب التعرض لهـا، حسبما اقتضاه الحـال، وسمحت به المناسبة.
وما نريد أن نلمح إليه هنا هو ما يلي:
إنه قد تقدم: أنه كان بين بني قريظة وبين رسول الله "صلى الله عليه وآله" عهد فنقضوه، فأرسل رسول لله "صلى الله عليه وآله" سعد بن معاذ وآخرين إليهم، لاستطلاع الأمر، فحاول سعد إقناعهم بالتخلي عن فكرة نقض العهد، فسمع منهم ما يكره، ولم يزدهم ذلك إلا استكباراً وإصراراً.
فلما انقضى شأن الأحزاب في الخندق، بالهزيمة الذليلة، بعد قتل فارسهم عمرو بن عبد ود، ومن عبر الخندق معه، عاد النبي "صلى الله عليه وآله" والمسلمون إلى المدينة، فجاءه جبرئيل فوراً، وأمره بالمسير إلى بني قريظة.
وكان "صلى الله عليه وآله" ـ على ما هو الأظهر ـ حينئذٍ في بيت فاطمة "عليها السلام" فدعا "صلى الله عليه وآله" علياً "عليه السلام"، وأمره بالتقدم إلى بني قريظة في مجموعة من المسلمين، ففعل.
ثم أمر "صلى الله عليه وآله" المسلمين بأن لا يصلوا العصر، أو الظهر ـ على ما هو الأرجح ـ إلا في بني قريظة.
وسار "صلى الله عليه وآله" على حمار عري، يقال له: يعفور، حتى نزل على بئر لبني قريظة، يقال له: بئر "أنا" بأسفل حرة بني قريظة، وتلاحق به الناس.
وجاء المسلمون أرسالاً، ووصل بعضهم بعد العشاء الآخرة، ومنهم من لم يكن قد صلى الظهر أو العصر بعد.
وحاصر المسلمون بني قريظة أشد الحصر ـ ودعاهم "صلى الله عليه وآله" في بادئ الأمر إلى الإسلام، فأبوا ـ واستمر الحصار أياماً قيل: عشرة أيام، وقيل أكثر من ذلك، وتصاعدت الأقوال إلى شهر.
وأرسل "صلى الله عليه وآله" إليهم أكابر أصحابه، فهزموهم، فبعث علياً "عليه السلام" فكان الفتح على يديه، وكلموا رسول الله بالنزول على ما نزلت عليه بنو النضير، فأبى عليهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" ذلك، وأسلم ثعلبة، وأسيد إبنا سعية، وكذلك أسد بن عبيد، وانضموا إلى صفوف المسلمين.
واستشار بنو قريظة أبا لبابة في النزول على حكم النبي "صلى الله عليه وآله"، فأشار إليهم بيده إلى حلقه: إنه الذبح.
فنزلوا على حكم سعد بن معاذ.
وزعموا: أن أبا لبابة قد تاب من ذنبه هذا، وربط نفسه إلى سارية في المسجد حتى أنزل الله توبته، فحله رسول الله بيده، ولم يثبت لنا صحة ذلك، كما سنرى.
وحين نزلوا على حكم سعد، أمر بهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" فكتفوا، وجعلوا ناحية، وجعل النساء والذرية ناحية.
وجاؤوا بالأسرى إلى المدينة، وجعلوهم في دار أسامة بن زيد، ودار بنت الحارث.. وجعل السلاح والأمتعة في دار بنت الحارث أيضاً.
وكان عدد السبي من الذراري والنساء سبع مائة وخمسين، وقيل: كانوا تسع مائة، وقيل: كانوا ألفاً.
وكان سعد يداوى من جرحه في خيمة رفيدة أو كعيبة، فجاؤوا به، وكلمه بعض الناس من الأوس في أمر العفو عن بني قريظة، فلم يجبهم. ثم أصدر حكمه بقتل من حزَّب على رسول الله "صلى الله عليه وآله" منهم.
فقال له رسول الله "صلى الله عليه وآله": حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة([460]).
فقتل النبي "صلى الله عليه وآله" من أنبت ممن حزَّب عليه من بني قريظة، وأمر "صلى الله عليه وآله" بأخدود فخُدَّت، فضربت أعناقهم فيها، ثم رد عليهم التراب.
وكان علي "عليه السلام" هو الذي قتلهم مع رؤسائهم.
وقيل: إن الزبير قد شاركه أيضاً. ولا مجال لتأكيد ذلك.
وقيل أيضاً: إن الأوس قد شاركوا في عملية القتل هذه.
وقيل: إن نباتة النضيرية، وأرفة بنت عارضة كانتا من جملة القتلى. وأسلم بعضهم، مثل رفاعة بن سموأل، فلم يقتل.
وقد اختلفت كلمات المؤرخين في عدد من قتل منهم، فبلغت ثلاثة عشرة قولاً، تتراوح ما بين الثلاث مائة رجل، والألف.
ويظهر من النصوص: أن بني قريظة لم يقتلوا كلهم، بل قتل منهم خصوص من حزَّب على النبي "صلى الله عليه وآله" والمسلمين.
أما من استشهد من المسلمين، فلعله لا يزيد على رجلين أو ثلاثة.
ثم جمعت أمتعتهم، وأخرج الخمس منها، ثم قسمت للفارس سهمان، وللراجل سهم واحد، وكانت خيل المسلمين ستة وثلاثين فرساً، أو ثمانية وثلاثين.
أما السبي فبيع في من يزيد، ثم قسم ثمنه في المسلمين المشاركين في هذه الغزوة.
وبعث "صلى الله عليه وآله" ببعض السبي إلى نجد، أو الشام فبيع هناك، واشتُري بثمنه سلاح وخيل، وقسم "صلى الله عليه وآله" ذلك بين المسلمين.
وبعد أن انتهى أمر بني قريظة، انفجر جرح سعد بن معاذ، ودام نزفه حتى مات "رحمه الله" شهيداً، فكرمه الرسول "صلى الله عليه وآله" مزيد تكريم، وحزن عليه، وبكاه أبو بكر وعمر، ورثاه حسان بن ثابت.
الفصل الأول:
المسير إلى حصون قريظة
بـدايـة:
لقد انتهت حرب الأحزاب "الخندق" التي كان المسلمون فيها يعانون من الجوع، والسهر، والخوف، والإشفاق من مهاجمة ذراريهم ونسائهم من قبل أعدائهم.
وكان من الطبيعي أن يتنفسوا الصعداء حين رأوا عدوهم يغادر أرضهم خائباً، خائفاً، خاسئاً، وكانوا يتمنون أن يصلوا إلى أهلهم، وذويهم، وبيوتهم، ليرتاحوا من ذلك العناء الطويل.
ولكن هل يمكن لهم أن يطمئنوا على مصيرهم ومستقبلهم وإلى جوارهم أولئك الذين حزبوا الأحزاب، ورموهم بذلك البلاء العظيم، الذي كاد أن يقضي على الإسلام والمسلمين ويستأصل شأفتهم؟
ومن جهة ثانية: ما هو الموقف الذي يمكن أن يتخذه النبي "صلى الله عليه وآله" من بني قريظة الذين كانوا السبب في كل ما حصل؟
"ولو افترضنا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" جدد العهد معهم في تلك الفترة فما الذي يمنعهم من نقضه والخروج عليه مرة ثانية كما فعلوا بالأمس؟ في حين أنهم لم يجدوا منه إلا الصدق والوفاء كما اعترف بذلك زعيمهم حينما دعاه حيي بن أخطب للاشتراك مع الغزاة"([461]).
لقد كان منطق الحرب، ومنطق الحذر يدعو إلى مهاجمتهم، لأنهم العدو القريب، الذي يتربص الدوائر بالإسلام وبالمسلمين وحربهم امتداد لحرب الأحزاب.. وأحد فصولها، التي لا بد من إنجازها.
ويبقى أن نشير إلى: أن لا مجال لاحتمال أن يكون النبي "صلى الله عليه وآله" حين رأى سرعة أصحابه للعودة إلى المدينة، قد فكر في أن يعطيهم فرصة للراحة فإنه لا مبرر لاحتمال كهذا وفق أي تقييم لما حدث ويحدث، فهذا الأمر الإلهي قد جاء ليظهر أن الله سبحانه يأبى أن يمهل الغدرة الفجرة، فربما يجدون أكثر من وسيلة للتملص والتخلص أو حتى لفرار البعض منهم.. من مواجهة الجزاء العادل لما اقترفته أيديهم.
وقد كان حيي بن أخطب وكعب بن أسد يتوقعان هذه الحرب وقد أخذ كعب بن أسد العهد على حيي أن يدخل معهم في حصنهم ويصيبه ما أصابهم إن رجعت قريش وغطفان. وذلك بعد أن دفع حيي كعباً إلى نقض عهد رسول الله "صلى الله عليه وآله".
متى كانت غزوة بني قريظة:
قد تقدم الحديث عن تاريخ غزوة قريظة والخندق.
وقد رجحنا أنهما كانتا في السنة الرابعة للهجرة بل قـال ابن حـزم: "فكان فتح بني قريظة في آخر ذي القعدة متصلاً بأول ذي الحجة في السنة الرابعة من الهجرة"([462]).
ونحن نكتفي بما ذكرناه في ذلك الموضع فليراجعه من أراد.
من هم بنو قريظة؟!
قريظة: "فخذ من جذام إخوة النضير.
ويقال: إن تهودهم كان في أيام عاديا أي السموأل، ثم نزلوا بجبل يقال له: "قريظة"، فنسبوا إليه.
وقد قيل: إن قريظة اسم جدهم"([463]).
"وذكر عبد الملك بن يوسف في كتاب الأنواء: أنهم كانوا يزعمون أنهم من ذرية شعيب نبي الله "عليه السلام". وهو بمحتمل (كذا) فإن شعيباً كان من قبيلة جذام، القبيلة المشهورة. وهو بعيد جداً"([464]).
ولا يهمنا هنا تحقيق ذلك، ولا تتبع مصادره.
نقض قريظة للعهد:
وقد تقدم: أنه كان بينهم وبين رسول الله "صلى الله عليه وآله" صلح فنقضوه، ومالوا مع قريش. فوجه إليهم سعد بن معاذ، وآخرين، فذكروهم العهد، فأساؤوا الإجابة.
ويقول البعض: إن قوله تعالى: ?الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ، فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ، وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الخَائِنِينَ?([465]) قد نزل في شأن بني قريظة، كما قاله مجاهد؛ فإنهم كانوا قد عاهدوا النبي "صلى الله عليه وآله" على أن لا يضروا به، ولا يمالئوا عليه عدواً، ثم مالؤوا عليه الأحزاب يوم الخندق، وأعانوهم عليه بالسلاح، "وعاهدوا مرة بعد أخرى، فنقضوا"([466]).
ولم نجد فيما بأيدينا من نصوص تاريخية ما يدل على تكرر نقض العهد من بني قريظة، إلا ما رواه البخاري عن ابن عمر، قال: "حاربت النضير وقريظة، فأجلى بني النضير، وأقر قريظة، ومن عليهم، حتى حاربت قريظة، فقتل رجالهم، وقسم نساءهم، وأموالهم وأولادهم بين المسلمين، إلا بعضهم لحقوا بالنبي "صلى الله عليه وآله"، فأمنهم وأسلموا، وأجلى يهود المدينة كلهم: بني قينقاع، وهم رهط عبد الله بن سلام، ويهود بني حارثة، وكل يهودي بالمدينة.
ورواه أبو داود بنحوه، إلا أنه قال: حتى حاربت قريظة بعد ذلك، يعني بعد محاربتهم الأولى وتقريرهم.
ويؤخذ من ذلك: أن إجلاء من بقي من طوائف اليهود بالمدينة كان بعد قتل بني قريظة"([467]).
وروي عن الزهري ومجاهد أن قوله تعالى: ?وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء..? قد نزل في بني قريظة([468]).
وروي أيضاً: أنها نزلت في بني قينقاع([469]).
ونقول:
إن الآية لا تنطبق على بني قريظة، لأنهم قد نقضوا العهد، وخانوا بالفعل، والآية إنما تتحدث عن خوف النبي "صلى الله عليه وآله" من خيانة قومٍ ما.
وأما انطباقها على بني قينقاع فقد يكون له وجه، إذ إن ما فعلوه لا يصل إلى درجة ما فعله بنو قريظة، ولأجل ذلك جاء عقابهم أخف من عقاب أولئك.
على أننا نقول: إن الآية الكريمة وإن كانت قد نزلت في هذه المناسبة إلا أنها أرادت أن تعطي قاعدة عامة صالحة للانطباق في كل زمان.
آية نزلت في بني قريظة:
وقد روي عن مجاهد: أن قوله تعالى: ?وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِن أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً، وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُوهَا وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً?([470]) نزل في بني قريظة([471]).
وكذا روي عن قتادة([472]) وسعيد بن جبير([473]).
ويؤيد ذلك بل يدل عليه: أن الضمير في "ظاهروهم" يعود إلى الذين كفروا في الآية السابقة، الذين هم الأحزاب، والذين ظاهروا الأحزاب، وأنزلهم الله من صياصيهم، وقتل المسلمون فريقاً منهم وأسروا فريقاً، وهم بنو قريظة بالذات.
رؤيا كرؤيا عاتكة في بدر:
قالوا: لما انصرف المشركون من الخندق، خافت بنو قريظة خوفاً شديداً، وقالوا: محمد يزحف إلينا. وكانت امرأة نباش بن قيس قد رأت([474]) ـ والمسلمون في حصار الخندق ـ الخندق ليس به أحد. وأن الناس تحولوا إليهم في حصونهم، فذبحوهم ذبح الغنم.
فذكرت ذلك لزوجها، فذكره للزبير بن باطا، فقال الزبير: ما لها، لا نامت عينها؟ تولي قريش، ويحصرنا محمد، والتوراة؟ ولما بعد الحصار أشد منه([475]).
تعبير الرؤيا:
ونريد أن نسجل هنا:
1 ـ أن الإنسان يهتم كثيراً بكل ما يمس مصيره ومستقبله ويتحرك حتى على أساس التخيل والتوهم لمواجهة أي احتمال قادم إليه من المجهول. فنجده يلتجئ حتى لقارئة البخت التي يعلم أنها تكذب عليه، فإذا تكلمت بكلمات عامة وغائمة، تقولها عادة لكل إنسان، فإنه يتلقفها بلهفة، وبحساسية وشفافية متناهية، ويبدأ بتطبيقها على حاله وأحواله.
فإذا قالت له مثلاً: ستأتيك رسالة من صديق، تخيل أن فلاناً الغائب هو الذي سيرسل إليه تلك الرسالة.
ثم إذا قالت له: هناك من يحسدك أو يكرهك، وهو أمر قد يحدث لكل إنسان، فإنه يطبق ذلك على فلان أو فلان، وتضطرب الانفعالات في نفسه تجاهه، وهكذا..
أما إذا كان الذي يأتيه من المجهول، ويلامس مستقبله وحياته ومصيره له درجة من الواقعية مهما كانت هزيلة وضئيلة، فإن إحساسه بالخطر سوف يتعاظم إلى درجة كبيرة وخطيرة. ولسوف يؤثر على توازنه في حركته وفي مواقفه، بل وقد يفقده ثقته بكثير من خططه المستقبلية، ويفسدها عليه.
ومن الواضح: أن المنامات والرؤى قد أثبتت لها التجربة درجة من الواقعية، ولكنها درجة ضعيفة وخفيفة، ولكن هذا الإنسان يتعامل معها بجدية وباهتمام أكبر وأكثر مما تفرضه واقعيتها تلك.
والذي يدل على واقعية الرؤيا، وأن لها تعبيراً، ما ذكره الله تعالى في سورة يوسف، وأن يوسف "عليه السلام" قد عبر الرؤيا لصاحبي السجن، ثم لملك مصر، وصدقت الرؤيا، وصدق يوسف "عليه السـلام" هذا بالإضافة إلى رؤيا إبراهيم "عليه السلام" في قضية ذبح ولده إسماعيل "عليه السلام".
2 ـ إنه لا شك في أن للأحلام من حيث مناشئها حتى الكاذبة منها صلة بالواقع، بنحو أو بآخر. فالكاذبة لها صلة بالحالة النفسية والجسدية للشخص، فقد تنشأ عن تأثير بعض المآكل أو المشاهدات، أو أي شيء يواجهه الشخص في حال يقظته مما كان له أثر في النفس أو اختزنته ذاكرته، أو ما إلى ذلك.
وللصادقة صلة من نوع ما بالقوى الظاهرة والخفية والنواميس الطبيعية المهيمنة التي تؤثر في مسيرة الحياة، إيجاباً أو سلباً. وليس بمقدورنا تحديد حقيقة تلك لقوى ولا تحديد نوع تلك النواميس، كما أننا لا نستطيع تحديد أبعاد، ومدى، وكيفية ذلك التأثير الذي يربط بين عالم الرؤيا، وعالم الواقع الخارجي الكوني وقواه ونواميسه.
والذي يزيد في حيرتنا هو ما نجده من تأثير حقيقي لتعبير الرؤيا في الواقع الخارجي، وتوجيهه باتجاه معين، لينتج واقعاً محسوساً يختلف عن واقع محسوس آخر، وأثر تعبير الرؤيا في إبعاد ذاك، ثم في حلول هذا مكانه.
فما هو نوع هذا التأثير، ومداه؟! وما هي مقتضياته؟! وكيف تم ذلك؟ ولماذا؟!
كل ذلك وسواه لا يزال مجهولاً لدينا، وربما يبقى كذلك مجهولاً، والمشيئة في ذلك كله إلى الله سبحانه.
3 ـ وواضح أن رؤيا هذه المرأة القريظية، قد جاءت لتقدم إنذاراً لأولئك الذين اعتادوا على نقض العهود والمواثيق، ولتريهم مصيرهم الذي ينتظرهم. وهي من الرؤى الصادقة، تماماً كرؤيا عاتكة التي حصلت لها قبل حرب بدر، فإنها هي الأخرى قد جاءت إنذاراً لأهل مكة المشركين، وإقامة للحجة عليهم، بطريقة تلامس الوجدان الإنساني، وتثير ضميره، وتهزه روحياً من الأعماق.
تزوير التاريخ:
يقول بعض المستشرقين عن قبيلة قريظة: "ظلت هذه القبيلة على الحياد فيما يتعلق بالعمل العسكري، ولكنها قامت بمفاوضات مع أعداء محمد، ولو أنها وثقت من قريش وحلفائهم من البدو لانقلبت على محمد.
وقد هاجم محمد قريظة، بعد أن تخلص من أعدائه، ليظهر أن الدولة الإسلامية الفتية لا تسمح بمثل هذا الموقف المشبوه.
وانسحبت قريظة إلى أطمها، ولم ترد على الهجوم بحماس، ثم أرسلت تطلب الاستسلام بنفس الشروط التي استسلم بها بنو النضير، فأجيبت: أن عليها أن تستسلم بدون قيد أو شرط.
فطلب اليهود استشاره أبي لبابة، فلبى نداءهم.
أما ما جرى بينهما، فلا يزال سراً الخ.."([476]).
ونقول:
إننا نسجل على هذا الكلام النقاط التالية:
1 ـ إنه يظهر: أن هذا الكاتب يريد تخفيف ذنب بني قريظة، وإبهام حقيقة تصرفاتهم، وما صدر منهم، بهدف إظهار أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد ظلمهم واعتدى عليهم، وعاقبهم عقوبة لا يستحقونها.
فهو يوحي: أن قريظة لم تنقلب على محمد، لأنها لم تثق بقريش وحلفائها!!
وهو يدَّعي: أنها لم ترد على الهجوم بحماس!! وانسحبت إلى أطمها.
ويدَّعي أيضاً: أن موقف قريظة لم يزد على أن كان موقفاً مشبوهاً. وقد هاجمها النبي "صلى الله عليه وآله"، ليظهر أن الدولة الإسلامية لا تسمح بمثل هذا الموقف المشبوه!! وقريظة بزعمه قد عرضت الاستسلام بشروط قبلها النبي "صلى الله عليه وآله" من بني النضير، لكنه رفضها من بني قريظة!! بل كان "صلى الله عليه وآله" ـ على حد زعمه ـ يريد أن تستسلم قريظة دون قيد أو شرط مع ما يتضمنه ذلك من معاني التحدي والعنفوان الإسلامي مع الإمعان في إذلال قريظة وتحقيرها.
وهو يدَّعي كذلك سرِّيَة ما جرى بين أبي لبابة وبني قريظة. ربما ليضفي ـ هذا القائل ـ المزيد من الغموض على حقيقة ما صدر من يهود قريظة، لأنه لا يصرح بتلاومهم على ما صدر منهم، ولا يصرح بمعرفتهم بحقيقة الحكم الذي سيصدر في حقهم ـ ليظهر أنهم قد أخذوا على حين غرة منهم ـ لا ينتج ذلك أنهم قد أخذوا خداعاً وغدراً.
2 ـ لقد ادَّعى ذلك المستشرق: أن ما صدر هو مجرد مفاوضات مع أعداء محمد "صلى الله عليه وآله"، لم تنته إلى اتفاق، وبقيت قريظة على ولائها، ولم تنقلب على محمد "صلى الله عليه وآله".
متناسياً حقيقة: أنهم نقضوا العهد، وأن النبي "صلى الله عليه وآله" أرسل إليهم سعد بن معاذ، وآخرين ليقنعوهم بالعودة عن موقفهم، فرفضوا العودة عن نقض العهد، وأسمعوهم ما يكرهون.
وتناسى أيضاً: أنهم كانوا قد أرسلوا من تحرش بالنساء المسلمات في أطمهم، وقتلت صفية "رحمها الله" واحداً منهم.
ثم تناسى أنهم أرسلوا إلى قريش بأحمال الطعام، فاستولى المسلمون على القافلة، وجرى لهم معها قتال، وكان هناك جرحى، وتناسى وتناسى.. إلى آخر ما هنالك من حقائق دامغة.
3 ـ قد زعم هذا القائل: أن قريظة انسحبت إلى أطمها، ولم ترد على الهجوم بحماس، مع أن بعض النصوص التاريخية تقول: إنهم قد ناجزوا المسلمين خارج حصونهم وألحقوا بهم بعض الهزائم، كما سيأتي، فما معنى قوله: أنهم لم يردوا على الهجوم بحماس؟!
إننا لا ندري: من أين استنتج حقيقة أنهم لم يردوا على الهجوم بحماس؟ وهم قد قاتلوا المسلمين بإصرار خارج حصونهم، ثم تحصنوا في داخلها مدة طويلة ـ سيأتي أنها استمرت أياماً كثيرة تراوحت الأقوال فيها ما بين عشرة أيام إلى شهر ـ ولم يفكروا بالاستسلام إلا بعد أن سمعوا علياً "عليه السلام" يقسم على أنه لن يرجع عنهم حتى يفتح الله عليه.
4 ـ قوله: إن ما جرى بينهم وبين أبي لبابة قد بقي سراً، غير صحيح فقد ذكرنا موجزاً عما جرى بينهم وبين أبي لبابة سيأتي في موضعه من هذا الجزء فراجع.
جبريل يأمر بالمسير إلى بني قريظة:
وتُحَدِّثنا الروايات في مختلف المصادر التاريخية: أن النبي "صلى الله عليه وآله" سار إلى بني قريظة عند منصرفه من الخندق، وذلك يوم الأربعاء (كما ذكره الواقدي وغيره) لسبع بقين من ذي القعدة، وكانوا على بعد يوم من المدينة.
وأضاف الواقدي: أنه انصرف عنهم لسبع خلون من ذي الحجة([477]).
ولما انصرف "صلى الله عليه وآله" من الخندق، ودخل المدينة، ووضع السلاح جاءه جبرئيل "عليه السلام" بأمر الله سبحانه في شأنهم بعد صلاة الظهر، فأمر "صلى الله عليه وآله" المسلمين أن لا يصلي أحد منهم العصر إلا في بني قريظة، كما ذكره البخاري وغيره([478]).
وعن ابن إسحاق: أنه "صلى الله عليه وآله" أمر بلالاً فأذن في الناس: من كان سامعاً مطيعاً فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة([479]). لكن ذكر مسلم وآخرون أنه "صلى الله عليه وآله" قال: لا يصلين أحد الظهر([480]).
ويقولون: إنه "صلى الله عليه وآله" بعث يومئذٍ منادياً ينادي: "يا خيل الله اركبي"([481]).
في بيت عائشة أم في بيت فاطمة ÷؟!
ولتفصيل القول فيما تقدم نقول:
قد ذكر المؤرخون: أن جبرئيل جاء إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، وهو في بيت عائشة فغسل رأسه، واغتسل، ودعا بالمجمرة ليجمر، وقد صلى الظهر، فأتاه جبرئيل على بغلة.. على ثناياه النقع، فوقف عند موضع الجنائز، فنادى: عذيرك من محارب.
فخرج "صلى الله عليه وآله" فزعاً.
فقال له جبرئيل: ألا أراك وضعت اللامة، ولم تضعها الملائكة بعد. لقد طردناهم إلى حمراء الأسد. إن الله يأمرك أن تسير إلى بني قريظة، فإني عامد إليهم فمزلزل بهم حصونهم، فدعا "صلى الله عليه وآله" علياً "عليه السلام" الخ..([482]).
ويقول نص آخر عن عائشة: سلَّم علينا رجل، ونحن في البيت، فقام رسول الله "صلى الله عليه وآله" فزعاً. فقمت في أثره، فإذا بدحية الكلبي.
فقال: هذا جبريل يأمرني أن أذهب إلى بني قريظة.
قالت: فكأني برسول الله "صلى الله عليه وآله" يمسح الغبار عن وجه جبرئيل "عليه السلام"([483]).
أو قالت: بينا هو عندي إذ دق الباب (أو: سمع صوت رجل) فارتاع لذلك رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ووثب وثبة منكرة، وخرج، وخرجت في أثره، فإذا رجل على دابة، والنبي "صلى الله عليه وآله" متكي على معرفة الدابة يكلمه فرجعت.. فسألته عن ذلك الرجل، فأخبرها أنه جبرئيل([484]).
ونحن نرتاب في صحة هذه الروايات وأضرابها، وذلك لما يلي:
أولاً: هي مضطربة ومتنافرة إلى حد كبيرة ونشير إلى موردين فقط من موارد التنافر والاختلاف هما:
1 ـ أن عائشة تذكر: أنها خرجت في أثر رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فرأته "صلى الله عليه وآله" متكئاً على معرفة دابة جبريل، فرجعت، فلما دخل النبي "صلى الله عليه وآله" سألته عنه، فأخبرها.
لكن في رواية أخرى تقول عائشة: كأني أنظر إلى جبريل من خلل الباب، قد عصب رأسه العنان (الغبار)([485]).
وفي نص ثالث: كأني أنظر إلى رسول الله يمسح الغبار عن وجه جبريل، فقلت: هذا دحية الكلبي يا رسول الله؟!
فقال: هذا جبرئيل([486]).
2 ـ كان في بيت عائشة ساعتئذٍ، وهي تغسل رأسه وقد غسلت شقه، فجاءه جبريل([487]).
مع أن ما تقدم آنفاً يقول: فغسل رأسه واغتسل، ودعا بالمجمر ليجمر، وقد صلى الظهر، فأتاه جبرئيل.
وفي نص ثالث: أنه وضع لامته واغتسل واستجمر([488]).
ثانياً: قد ذكرت عائشة: أنها رأت جبرئيل من خلل الباب قد عصب رأسه العنان.
وسيأتي: أن كثيرين من الصحابة قد رأوه، وأن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أخبرههم أنه جبرئيل.
ولكن قد روي في المقابل: أن الذي يرى جبرئيل "عليه السلام" يبتلى بالعمى فما رآه أحد إلا طمست عيناه.
فلماذا لم تبتل عائشة، ولا أحد من الصحابة بالعمى بسبب رؤيتهم جبرئيل؟!
وستأتي الأحاديث الدالة على ذلك عن قريب.
ثالثاً: ذكرت الروايات المتقدمة أنه "صلى الله عليه وآله" كان حين جاءه جبريل في بيت عائشة، مع أن ثمة روايات أخرى تخالفها في ذلك، فلاحظ ما يلي:
1 ـ إنه "صلى الله عليه وآله" كان حين جاءه جبرئيل في بيت زينب بنت جحش وهي تغسل رأسه.
وفي الدر المنثور: يغسل رأسه، وقد غسلت شقه إذ جاء جبرئيل فقال: الخ..([489]).
2 ـ إنه "صلى الله عليه وآله" قد كان في بيت أم سلمة([490]).
3 ـ إنه "صلى الله عليه وآله" كان حينئذٍ في بيت فاطمة "عليها السلام"، فقد قال الدياربكري: "وفي رواية في بيت فاطمة"([491]).
قال الزهري وعروة: "لما دخل النبي "صلى الله عليه وآله" المدينة، وجعلت فاطمة تغسل رأسه، إذ قال له جبرئيل: رحمك ربك، وضعت السلاح، ولم يضعه أهل السماء؟ ما زلت أتبعهم حتى بلغت الروحاء"([492]).
وفي نص آخر: "فضربت فاطمة ابنته غسولاً، فهي تغسل رأسه إذ أتاه جبرئيل على بغلة، معتجراً بعمامة بيضاء، عليه قطيفة من استبرق، معلق عليها الدر والياقوت، عليه الغبار([493]) ثم يذكر سائر ما تقدم في النص السابق.
ويؤيد هذا القول الأخير: ما روي من أنه "صلى الله عليه وآله" كان إذا سافر كان آخر عهده ببيت فاطمة، وإذا عاد من سفر، فإن أول ما يبدأ به هو بيت فاطمة "عليها السلام"([494]).
والمفروض: أن هذا الأمر قد كان فور عودته من حرب الخندق.
إلا أن يقال: إنه قد مرت فترة كبيرة تكفي لزيارة ابنته فاطمة، ثم انتقاله إلى بيت إحدى زوجاته: أم سلمة، أو زينب، أو عائشة. وهذا ما دعانا إلى اعتبار ذلك القول مؤيداً لا دليلاً..
ونأمل أن لا يخفى على القارئ الكريم: أنه قد كان ثمة من يهتم بالتركيز على نقل خصوص ما يرتبط بعائشة، خصوصاً إذا دخلت روايتها، أو روايتهم سيرة ابن إسحاق، أو ابن عقبة، أو الواقدي، أو الصحيحين، ثم يأتي الآخرون، ويقتصرون على نقل ما يجدونه في هذه الكتب، التي تهتم بمنقولات عائشة، وابن أختها عروة بن الزبير، وأضرابهما.
فيخيل ـ بعد هذا ـ للناظر في كتب التاريخ: أن القضية من المسلمات التاريخية، وأن ما عداها شاذ، لا يلتفت إليه.
وهذا الأمر: ينسحب على كثير من القضايا التي حفلت بها كتب التاريخ، وتناقلتها على أوسع نطاق. فإذا راجعت وقارنت، وتتبعت المصادر، فستجد أنها تنتهي إلى مصدر واحد تقريباً في أكثر الأحيان.
غارات واستلاب:
ونلاحظ هنا: أن سياسة القرصنة، وسرقة المواقف، واقتناص الفضائل، كانت هي المهيمنة على ذهنيات ذلك الفريق، الذي يريد أن يصنع لنفسه ولفريقه تاريخاً، ولو بقيمة أن يفرغ التاريخ الحقيقي من محتواه، وأن يقلب الكثير من الأمور رأساً على عقب، لتصب في اتجاه خاص به، رسمه لنفسه، فباع واشترى، واستولى واستلب، ووهب حسبما رآه ضرورياً ومناسباً لذلك الاتجاه.
وهذا الكتاب قد حفل بنماذج كثيرة لهذا الاتجاه يصعب إحصاؤها، وما فاته مما لم يدخل في نطاق اهتماماته لأكثر من سبب، أكثر من ذلك بأضعاف كثيرة.
وقد نشير إن شاء الله في أواخر هذا الكتاب إلى بعض النماذج التي تتناسب مع ما أشرنا إليه في عنوان هذه الفقرة، التي نحن بصدد استكمال الحديث فيها، وهو: أن النبي "صلى الله عليه وآله" الذي دفن في بيت فاطمة "عليها السلام" قد نقلته رواياتهم إلى بيت عائشة، ودفنته هناك.
كما أن السيدة خديجة التي تزوجها رسول الله "صلى الله عليه وآله" بكراً لا يتجاوز عمرها الخمس وعشرين سنة، قد جعلتها رواياتهم زوجة لأكثر من أعرابي، ونسبوا لها بنات زعموا أنها ولدتهن.
ثم إنهم عمدوا إلى عائشة، التي كانت كبيرة السن وقد تزوجت قبل النبي "صلى الله عليه وآله" وولدت ولداً اسمه عبد الله، فجعلتها رواياتهم بكراً تزوجها النبي "صلى الله عليه وآله" في عمر الست سنين.
وفي مورد ثالث: قلبت رواياتهم الإفك الذي كان على ماريا ونزلت في تبرئتها آيات مباركات، ليصبح هذا الإفك على عائشة، وتصبح الآيات نازلة في حقها.
وعلى هذه فقس ما سواها.
وسيأتي ذلك في فصول ضمن هذا الكتاب فانتظر.
المسلمون يرون جبرئيل؟!
ويقول المؤرخون: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" خرج إلى بني قريظـة فلما بلغ الصورين([495]) (هو موضع قرب المدينـة) قال: هل مر بكم أحد.
قالوا: نعم، مر بنا دحية الكلبي على بغلة بيضاء.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": ذاك جبرئيل([496]).
وفي نص آخر: خرج "صلى الله عليه وآله" فمر على مجلس من مجالس الأنصار في بني غنم، ينتظرون رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال لهم: هل مر بكم الفارس آنفاً؟ ثم أخبرهم أنه جبرئيل وليس دحية.
زاد في نص آخر قوله: أرسل إلى بني قريظة ليزلزلهم، ويقذف في قلوبهم الرعب([497]).
بل جاء في بعض الروايات ما يلي: "وتخلف النبي "صلى الله عليه وآله"، ثم لحقهم، فجعل كلما مر رسول الله "صلى الله عليه وآله" بأحد، فقال: هل مر بكم الفارس؟!.
فقالوا: مر بنا دحية بن خليفة، وكان جبرئيل يشبه به"([498]).
ويقول نص آخر: "فخرج رسول الله "صلى الله عليه وآله" فاستقبله حارثة بن نعمان.
فقال له: ما الخبر يا حارثة؟
قال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، هذا دحية الكلبي ينادي في الناس: ألا لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة.
فقال: ذاك جبرئيل"([499]).
غير أن نصاً آخر يذكر: أنه "صلى الله عليه وآله" مر بنفر من بني النجار بالصورين، فيهم حارثة بن النعمان، قد صفوا عليهم السلاح، فقال: هل مر بكم أحد؟!
قالوا: نعم، دحية الكلبي..
إلى أن قال: فأمرنا بلبس السلاح، فأخذنا سلاحنا وصففنا.
وقال لنا: هذا رسول الله يطلع عليكم الآن.
قال حارثة بن النعمان: فكنا صفين.
فقال لنا رسول الله: ذلك جبريل "بعث إلى بني قريظة ليزلزل بهم حصونهم، ويقذف الرعب في قلوبهم".
فكان حارثة بن النعمان يقول: رأيت جبريل من الدهر مرتين: يوم الصورين، ويوم موضع الجنائز، حين رجعنا من حنين([500]).
ونقول:
إن الروايات المتقدمة تفيد: أن الكثير من المسلمين خصوصاً من بني النجار وكذلك حارثة بن النعمان قد رأوا جبريل، إما وهو ينادي في الناس، يأمرهم بالمسير إلى بني قريظة، أو حينما مرَّ على مجالسهم، وطلب منهم أن يلبسوا السلاح لأجل ذلك.
قال ابن حزم: "رأى قوم من المسلمين يومئذٍ جبرئيل في صورة دحية الكلبي، على بغلة عليها قطيفة، ثم مر عليهم دحية"([501]).
مع أنهم يروون: أن من يرى جبرئيل يصاب بالعمى، إذا لم يكن نبيَّاً.
ونذكر من هذه الروايات ما يلي:
1 ـ روي: أنه رأى ابن عباس رجلاً مع النبي "صلى الله عليه وآله"، فلم يعرفه، فسأل النبي "صلى الله عليه وآله" عنه.
فقال له النبي "صلى الله عليه وآله": رأيته؟!
قال: نعم.
قال: ذلك جبرئيل. أما إنك ستفقد بصرك. فعمي بعد ذلك في آخر عمره([502]).
2 ـ وروي أيضاً: أن ابن عباس جاء إلى النبي "صلى الله عليه وآله" وعنده رجل، قال: فقمت خلفه. فلما قام الرجل التفت إلي، فقال: يا حبيبي، متى جئت؟.
قلت: منذ ساعة.
قال: منذ ساعة؟!
قال: فرأيت عندي أحداً؟!
قلت: نعم، الرجل.
قال: ذاك جبرئيل. أما إنه ما رآه أحد إلا ذهب بصره، إلا أن يكون نبياً. وأنا أسأل الله أن يجعل ذلك في آخر عمرك. اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل، واجعله من أهل الإيمان([503]).
3 ـ وروي: أن ابن عباس قال في عماه بسبب رؤية جبرئيل، وإخبار النبي "صلى الله عليه وآله" له بذلك:
إن يـأخـذ الله مـن عينـيَّ نـورهمــا فـفـي لسـانـي وقـلـبي منهما نور
قـلـبـي ذكـي وعقلي غير ذي دخل وفي فـمي صارم كالسيف مأثور([504])
4 ـ وفي رواية أخرى: أن العباس أرسل ولده عبد الله إلى النبي "صلى الله عليه وآله" في حاجة، فوجد عنده رجلاً، فرجع ولم يكلمه، فلقي العباس رسول الله "صلى الله عليه وآله" بعد ذلك، فذكر ذلك له: فقال "صلى الله عليه وآله": يا عم، تدري من ذاك الرجل؟!
قال: لا.
قال: ذاك جبريل لقيني. لن يموت ولدك حتى يذهب بصره، ويؤتى علماً([505]).
توضيح لا بد منه:
إننا أردنا بما تقدم: تسجيل تحفظ على ما يذكرونه من رؤية الناس لجبرئيل.. لكن هذا التحفظ لا يعني أن يكون جبرئيل لم يقم بأي عمل في غزوة بني قريظة، إذ من الجائز أن يكون "عليه السلام" قد نادى في الناس، وسمعوا صوته، ويكون النبي "صلى الله عليه وآله" هو الذي أخبرهم بأن هذا هو صوت جبرئيل، وذلك كما حصل في أُحد حين نادى:
لا فـــتـــــى إلا عـــــــلـــــي لا ســـيــــف إلا ذو الـفـقــار
جبرئيل × والنبي ':
ومهما يكن من أمر: فإن جبرئيل "عليه السلام" قال للنبي "صلى الله عليه وآله" عن الأحزاب: ما زلت أتبعهم حتى بلغت الروحاء([506]).
أو قال له: لقد طردناهم إلى حمراء الأسد([507]).
ثم أمره بالمسير إلى بني قريظة، وفي بعض النصوص أنه قال له: إن الله يأمرك بالمسير إلى بني قريظة، فإني عامد إليهم فمزلزل بهم([508]).
وفي نص آخر أنه قال: والله لأدقنهم دق البيضة على الصخرة([509]).
أو قال له: "اخرج وقد أمرت بقتالهم، وإني غاد بمن معي فنزلزل بهم حصونهم حتى تلحقونا، فأعطى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب "عليه السلام" الراية، وخرج في إثر جبرئيل، وتخلف النبي "صلى الله عليه وآله"، ثم لحقهم، فجعل كلما مر الخ.."([510]).
ويقول نص آخر: فجاء جبرئيل ومن معه من الملائكة، فقال: يا رسول الله، انهض إلى بني قريظة، فقال: إن في أصحابي جهداً (فلو أنظرتهم أياماً).
قال: إنهض إليهم، لأدخلن فرسي هذا عليهم في حصونهم، ثم لأضعضعنهم([511]).
قال: فأدبر جبريل ومن معه من الملائكة حتى سطع الغبار في زقاق بني غنم من الأنصار([512]) وهم جيران المسجد([513]).
وفي نص آخر: أن جبرئيل "عليه السلام" قال للنبي "صلى الله عليه وآله": إني قد قلعت أوتادهم، وفتحت أبوابهم، وتركتهم في زلزال وبلبال([514]).
النبي ' يندب الناس إلى بني قريظة:
قال الطبرسي: فدعا رسول الله "صلى الله عليه وآله" علياً، فقال: قدم راية المهاجرين إلى بني قريظة..
فقام علي "عليه السلام"، ومعه المهاجرون، وبنو عبد الأشهل، وبنو النجار كلها، لم يتخلف عنه منهم أحد. وجعل النبي "صلى الله عليه وآله" يسرب إليه الرجال، فما صلى العصر إلا بعد العشاء([515]).
وعند ابن شهرآشوب: "قدم علياً "عليه السلام" وقال: سر على بركة الله، فإن الله قد وعدكم أرضهم وديارهم. ومعه المهاجرون، وبنو النجار، وبنو الأشهل، وجعل يسرب إليه الرجال.
فلما رأواه قالوا: أقبل إليكم قاتل عمرو. فقال علي "عليه السلام": الحمد لله الذي أظهر الإسلام، وقمع الشرك"([516]).
وعن عائشة: أنه "صلى الله عليه وآله" بعث بلالاً، فأذن في الناس: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" يأمركم أن لا تصلوا العصر إلا ببني قريظة.
ولبس رسول الله "صلى الله عليه وآله" السلاح، والمغفر، والدرع، والبيضة، وأخذ قناة بيده، وتقلد الترس، وركب فرسه (اللحيف)، وحف به أصحابه، وتلبسوا السلاح، وركبوا الخيل([517]).
وفي نص آخر يقول: لبس "صلى الله عليه وآله" لامته، وبيضته، وشد السيف في وسطه، وألقى الترس من وراء كتفه، وأخذ رمحه، وركب فرسه، واسمه لحيف، واجتنب فرسين([518]).
ولم يتخلف عنه من المهاجرين أحد، وأفاء عامة الأنصار([519]).
واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم([520]) أو أبا رهم الغفاري، كلثوم بن الحصين([521]).
ونحن نشير هنا إلى الأمور التالية:
الأول: قدَّم راية المهاجرين:
تقدم أن النص المنقول عن الطبرسي يقول: إن النبي "صلى الله عليه وآله" قال لعلي "عليه السلام": قدم راية المهاجرين إلى بني قريظة. فقام علي "عليه السلام" ومعه المهاجرون وبنو عبد الأشهل، وبنو النجار كلها، الخ.. وأن عامة الأنصار كانوا معه أيضاً.
ونحن نشير هنا إلى ما يلي:
ألف: قد يدور بخلد البعض أن هذا النص يهدف إلى الإيحاء بأن علياً كان في هذه الغزوة يحمل راية المهاجرين فقط، لا راية الجيش كله..
ونقول:
إن هذا لا يمنع من أن يكون لواء الجيش كله ورايته مع علي، بالإضافة إلى راية المهاجرين التي أعطاه رسول الله "صلى الله عليه وآله" إياها أولاً..
ومما يؤكد ذلك: أن نفس الطبرسي قد صرح بأن الذين قاموا مع علي حين أعطاه راية المهاجرين هم المهاجرون، وبنو عبد الأشهل، وبنو النجار كلها، وجعل رسول الله "صلى الله عليه وآله" يسرب..
وسيأتي ما يؤكد: أن راية الجيش ولواءه كان في بني قريظة مع علي "عليه السلام".
ولعل سر تصريح النبي "صلى الله عليه وآله" في بادئ الأمر براية المهاجرين.. ثم ألحقها "صلى الله عليه وآله" براية الجيش كله هو ما يلي:
1 ـ إنه "صلى الله عليه وآله" قد أراد أن يفهم بني قريظة: أنهم إذا كانوا قد نقضوا عهده من أجل أن ينصروا أهل مكة في صراعهم معه، فإن هؤلاء أيضاً من أهل مكة، وقد جاؤوا لحربهم وقتالهم، وعلى رأسهم ابن شيخ الأبطح علي بن أبي طالب "عليه السلام".
2 ـ إنه إذا كان فريق من قبيلة الأوس يشعر بأن لبني قريظة معه علاقة من نوع ما، ولا بد من التعامل على أساس حفظ هذه العلاقة، وحفظ ما يترتب عليها من التزامات، فإن النبي "صلى الله عليه وآله" سوف لن يواجههم بما يعتبرونه تفريطاً بالتزاماتهم تلك، أو عدم احترام لها، أو قلة وفاء بها، إلا بعد أن تتكون لديهم هم أنفسهم القناعة الكاملة، بما يريد لهم أن يلتزموا بموقف محدد تجاهه.
ولا نبعد كثيراً إذا قلنا: إن هذا قد كان من أسباب بدئه بالمهاجرين في هذه الغزوة بإعطاء رايتهم لعلي "عليه السلام"، كما أنه كان أيضاً من أسباب تقديم النبي "صلى الله عليه وآله" أهل بيته في الحروب، بالإضافة إلى أسباب أخرى ليس هنا محل التعرض لها.
كما أن هذا بالذات هو سبب إرسال سرايا المهاجرين في بداية الهجرة. حتى اقتنع الأنصار بأن مشاركتهم الحربية ليس فيها أي مساس بالتزاماتهم، ولا بما عقدوه مع الآخرين من عهود وعقود، كما أنه يعتبر من صميم التزاماتهم تجاه الإسلام ونبي الإسلام.
ب: قد تقدم مبادرة بني عبد الأشهل، وبني النجار كلهم، ثم لحوق عامة الأنصار بهم، حيث كان النبي "صلى الله عليه وآله" يسربهم إلى علي "عليه السلام". وذلك إن دل على شيء فإنما يدل على مزيد من الوعي، والإخلاص، والإحساس بالمسؤولية لدى الأنصار بصورة عامة.
الثاني: حمراء الأسد أو الروحاء:
وقد ذكرت بعض النصوص المتقدمة أيضاً: أن جبرئيل "عليه السلام" قال للنبي "صلى الله عليه وآله": ما زلت أتبعهم حتى بلغت الروحاء([522]).
ونحن نشك في صحة ذلك: لأن جبرئيل قد جاء إلى النبي "صلى الله عليه وآله" ظهر اليوم الذي فر المشركون في ليلته، أو بعد الظهر بقليل. أي بعد فرار المشركين بنصف يوم أو أكثر بقليل، ولا يمكن للمشركين أن يقطعوا المسافة التي بين المدينة وبين الروحاء بهذه المدة القصيرة.
وذلك لأن الروحاء كانت على بعد ليلتين من المدينة([523])، بينهما أحد وأربعون أو اثنان وأربعون ميلاً([524]).
وقيل: ستة وثلاثون([525]).
وقيل: نحو أربعين([526]).
وقيل: ثلاثون([527]).
وقيل: أربعة برد([528]).
فالصحيح هو تلك الرواية التي تقول: إن الملائكة طردت المشركين حتى بلغوا حمراء الأسد([529])، التي تبعد عن المدينة ثمانية أميال([530]).
الثالث: على حمار، أم على فرس؟!
قد ذكر فيما سبق: أنه "صلى الله عليه وآله" ركب فرسه، وكان له "صلى الله عليه وآله" ثلاثة أفراس كانت معه.
مع أنه قد روي عن أبي رافع: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" غدا إلى بني قريظة على حمارٍ عري، يقال له: يعفور.
زاد في بعض المصادر قوله: والناس حوله.
وعند ابن سعد: والناس يمشون([531]).
وفي شمائل الترمذي: كان "صلى الله عليه وآله" يوم قريظة على حمار مخطوم بحبل من ليف عليه إكاف ليف([532]).
وقال اليعقوبي: وركب حماراً له([533]).
الرابع: من الذي نادى في الناس: علي أم بلال؟!
وذكر نص آخر، ذكرناه فيما تقدم أيضاً: أن النبي "صلى الله عليه وآله" بعث بلالاً، فأذن في الناس أن لا يصلي أحد منهم العصر إلا في بني قريظة.
بينما نجد نصاً آخر يقول: إن قتادة بن النعمان أخبر النبي "صلى الله عليه وآله" أن دحية ينادي في الناس: ألا لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة.
فقال "صلى الله عليه وآله": ذاك جبرئيل، ادع لي علياً.
فجاء علي، فقال له: ناد في الناس ألا لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة. فجاء أمير المؤمنين "عليه السلام"، فنادى فيهم، فخرج الناس، فبادروا إلى بني قريظة.
وخرج رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وعلي بن أبي طالب بين يديه مع الراية العظمى الخ..([534]).
وإذا كنا نعلم: أن السياسة كانت تتجه إلى إعطاء كل الأدوار إلى الآخرين وتجاهل، بل وتزوير التاريخ، لإبعاد علي "عليه السلام" عن الواجهة إلى درجة تجعل البعض يتخيل أنه لم يكن قد ولد بعد.
فإننا ندرك السبب: في أنهم يذكرون نصف هذا النص ويرددونه في كتبهم وصحاحهم، ويتجاهلون النصف الآخر، إلى درجة التجرؤ على استبدال علي "عليه السلام" ببلال. كما تقدم.
فاقرأ واعجب، فما عشت أراك الدهر عجباً.
الخامس: رواية لا تصح:
وعن الزهري، عن ابن المسيب، بعد أن تحدث عن هزيمة الأحزاب، قال: "فندب النبي "صلى الله عليه وآله" أصحابه في طلبهم. فطلبوهم حتى بلغوا حمراء الأسد، قال: فرجعوا، قال: فوضع النبي "صلى الله عليه وآله" لامته، واغتسل، واستجمر، فنادى النبي "صلى الله عليه وآله" جبرئيل: عذيرك من محارب، ألا أراك قد وضعت اللامة، ولم نضعها نحن!!
فقام النبي "صلى الله عليه وآله" فزعاً، فقال لأصحابه: عزمت عليكم ألا تصلّوا العصر حتى تأتوا بني قريظة، فغربت الشمس قبل أن يأتوها الخ.."([535]).
ونقول:
أولاً: لا ندري لماذا قام النبي "صلى الله عليه وآله" فزعاً. مع أن المقام مقام طمأنينة مع وجود العنايات الربانية، والتسديد والتوجيه الإلهي، الذي يظهر جلياً بمشاركة جبرئيل والملائكة في هذه الحرب؟!.
إلا أن يكون "صلى الله عليه وآله" قد خشي من أن يكون قد ارتكب شيئاً من التقصير في مطـاردة أعـداء الله، والقضـاء على مصدر الشـر والانحراف وحاشاه أن يقصر!!
ثانياً: إن معظم المسلمين حين جلاء الأحزاب قد تنفسوا الصعداء، وبادروا إلى التوجه نحو المدينة، مخالفين بذلك أمر رسول الله "صلى الله عليه وآله". كما قدمناه سابقاً.
فما معنى القول: إنهم طلبوهم حتى بلغوا حمراء الأسد؟!
ثالثاً: قد تقدم آنفاً: أن جبرئيل والملائكة "عليهم السلام" هم الذين طاردوا المشركين إلى حمراء الأسد والروحاء([536]). ولعل الأمر قد اشتبه على ابن المسيب بين غزوة الأحزاب وغزوة أحد، فإن المسلمين إنما طاردوا المشركين إلى حمراء الأسد في غزوة أُحد لا الأحزاب.
السادس: لماذا لم يعنف ' تاركي الصلاة؟:
قد ذكرت الروايات المتقدمة: أن المسلمين اجتمعوا عند النبي "صلى الله عليه وآله" عشاء، فمنهم من لم يصل حتى جاء بني قريظة، ومنهم من قد صلى، فذكروا ذلك لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، فما عاب أحداً منهم، وفي بعض النصوص: أن صلاة العصر حانت وهم في الطريق فذكروا الصلاة، فاحتج الذين لم يصلوا بقول النبي "صلى الله عليه وآله" لهم: لا يصلين أحد العصر، أو الظهر إلا في بني قريظة([537]).
وقد اختلفت الكلمات في توجيه ذلك، ونحن نجمل أولاً ما ذكروا، ثم نشير إلى بعض النقاط التي تفيد في تأييد أو تفنيد ذلك، فنقول:
1 ـ قد ذكر البعض: أن عدم تعنيفه "صلى الله عليه وآله" لأولئك الذين تركوا صلاة العصر إنما هو لأنهم أدركوا أن قيام الدولة الإسلامية، والعمل له ألزم من الصلاة، مع ما لها من مكانة في الإسلام، لأنها إن أقيمت دولة الإسلام أقيمت الصلاة، وسائر تعاليم الإسلام([538]).
ونقول:
إن هذا الكلام لا يصح، وذلك لما يلي:
أولاً: إنه حين لم يعب أحداً منهم، فإما أن يكون الفريقان معاً على صواب، وهذا غير معقول، أو يكون أحدهما مصيباً والآخر مخطئاً. فاللازم في هذه الحالة هو تعليم المخطئ وإرشاده إلى الخطأ الذي وقع فيه.
ثانياً: لو صح هذا الكلام، لكان بوسع كل من يسعى لإقامة دولة إسلامية أن يترك الصلاة ما دام يعمل في هذا السبيل.
بل كان له أن يترك سائر شعائر الإسلام، وأحكامه، إذا جاز له ترك عمود الدين، للعلم القطعي بعدم وجود خصوصيةٍ للصلاة في هذا المورد..
2 ـ وذكر البعض توجيها آخر لما ذكروا من عدم تعنيف النبي "صلى الله عليه وآله" لمن صلى، ولمن ترك الصلاة.
فادَّعى: أن من صلى حاز الفضيلتين: امتثال الأمر في الإسراع، وامتثال الأمر في المحافظة على الوقت، وإنما لم يعنف "صلى الله عليه وآله" الذين أخروها: لقيام عذرهم في التمسك بظاهر الأمر، ولأنهم اجتهدوا فأخروا امتثالاً للأمر، لكنهم لم يصلوا إلى أن يكونوا في أصوب من اجتهاد الطائفة الأخرى([539]).
وعبارة البعض هنا تقول: "إن أدلة الشرع تعارضت عندهم بأن الصلاة مأمور بها في الوقت، مع أن المفهوم من قول النبي "صلى الله عليه وآله": لا يصلين أحد الظهر أو العصر إلا في بني قريظة، المبادرة بالذهاب إليهم، وأن لا يشتغل عنه بشيء لا أن تأخير الصلاة مقصود في نفسه، من حيث أنه تأخير.
فأخذ بعض الصحابة بهذا المفهوم نظراً إلى المعنى، لا إلى اللفظ، فصلوا حين خافوا فوت الوقت. وأخذ آخرون بظاهر اللفظ وحقيقته، فأخروها. ولم يعنف النبي "صلى الله عليه وآله" واحداً من الفريقين لأنهم مجتهدون([540]).
ونقول تعليقاً على ذلك:
إننا نرى: أن سبب عدم عيب النبي "صلى الله عليه وآله" من ترك صلاته ليس هو ما ذكره هؤلاء ولا يمكن استفادة ضابطة ولا تأسيس أي من القواعد التي استفادوها، وأسسوا وبنوا عليها، استناداً إلى فهمهم المنقول عنهم آنفاً، لأنه فهم خاطئ، ولا مبرر له.
بل السبب: في أن النبي "صلى الله عليه وآله" ما عاب، ولا عنف، ولا لام أحداً منهم على ذلك هو أنه "صلى الله عليه وآله" قد عذرهم بفهمهم الخاطئ لمرمى كلامه، رغم وضوحه وظهوره.
وذلك إن دل على شيء: فإنه ليس فقط لا يدل على اجتهادهم المدَّعى، بل هو يدل على تدنٍ خطير في مستوى تفكيرهم، إلى درجة يلحقهم بالقاصرين، الذين يعذرون فيما يأتونه ويرتكبونه عن جهل وقصور.
فقد كان من الواضح: أنه "صلى الله عليه وآله" حين أمرهم بالمسير إلى بني قريظة على النحو المتقدم، إنما أراد منهم الإسراع في ذلك إلى درجة أن لا يصلوا العصر إلا في بني قريظة، أي أنه "صلى الله عليه وآله" يريد منهم أن يصلوا إليها حينما يحين وقت صلاة العصر، أو قبل ذلك.
وهذا بالذات هو الذي فهمه الذين صلوا في الطريق، كما ذكره البعض([541]). لا أنه "صلى الله عليه وآله" أراد أن يسقط عنهم الصلاة في خارج منطقة بني قريظة.
والذين صلوا في الطريق كانوا ـ فيما يظهر ـ هم الفئة الأكثر وعياً، وتفهماً للكلام في مداليله اللغوية والعرفية.
3 ـ أما ابن حزم فقد قال: "أما التعنيف، فإنما يقع على العاصي المتعمد المعصية، وهو يعلم أنها معصية، وأما من تأول للخير، فهو ـ وإن لم يصادف الحق ـ غير معنف. وعلم الله أننا لو كنا هناك ما صلينا العصر في ذلك اليوم إلا في بني قريظة، ولو بعد أيام.
ولا فرق بين نقله "صلى الله عليه وآله" صلاة في ذلك اليوم إلى موضع بني قريظة، وبين نقله صلاة المغرب ليلة مزدلفة إلى وقت العشاء، وصلاة العصر من يوم عرفة إلى وقت الظهر. والطاعة في ذلك واجبة([542]).
ونقول:
لقد غلط ابن حزم هنا غلطاً فاحشاً، وذلك لما يلي:
أولاً: اعتبر أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد نقل صلاة العصر إلى بني قريظة، بحيث لو لم يذهبوا إلى بني قريظة إلا بعد أيام لتركوا صلاة العصر في كل تلك الأيام، ولو كان ابن حزم معهم لفعل مثل فعلهم أيضاً.
مع أن النبي "صلى الله عليه وآله" لم ينقل الصلاة، بل أمرهم بالإسراع في الحضور إلى بني قريظة، بهذا الأسلوب، بحيث لو تأخر بعضهم عمداً، أو انصرف عن الذهاب عصياناً، أو لعذر فإن صلاة العصر لا تسقط عنه، بل تبقى واجبة عليه، وعليه أن يصليها في مكانه أينما كان. ولو أن ابن حزم فعل غير هذا لكان هو الآخر مخطئاً، كما أخطأ ذلك الفريق من الصحابة في تركهم الصلاة في وقتها.
ثانياً: لقد ناقض ابن حزم نفسه حين أشار إلى أن الذين أخروا صلاتهم، قد تأولوا قصداً للخير، وإن لم يصادفوا الحق. ثم اعتبر ـ من جهة أخرى ـ أن صلاة العصر لم تكن واجبة عليهم إلا في بني قريظة.
ثالثاً: لماذا التزم ابن حزم باختصاص هذا الحكم بصلاة العصر، أو الظهر، ولا يتعداها إلى غيرها، مع أن ما ذكره من التعليل بالتأول قصداً للخير يقتضى تعميم ذلك؟ كما أن تصريحه بنقل الصلاة إلى بني قريظة يجعل الحكم مختصاً بصلاة العصر في ذلك اليوم فقط!
رابعاً: قد ادَّعى: أن صلاة المغرب قد نقلت ليلة مزدلفة إلى وقت العشاء، وأن صلاة العصر قد نقلت يوم عرفة إلى وقت الظهر. وأن صلاة العصر قد نقلت يوم بني قريظة إلى بني قريظة. مع أن وقت المغرب مستمر إلى ما قبل منتصف الليل بقليل، وتختص هي في أول المغرب بمقدار أدائها، ثم يصير الوقت مشتركاً بينها وبين العشاء إلى ما قبل منتصف الليل بمقدار أربع ركعات وهو يختص بالعشاء.
كما أن الظهر تختص في أول الزوال بمقدار أدائها، ثم يصير الوقت مشتركاً بينها وبين العصر إلى ما قبل غروب الشمس بمقدار أربع ركعات التي هي خاصة بالعصر.
غير أن وقت فضيلة الظهر وزيادة المثوبة عليها يمتد إلى حين يصير ظل كل شاخص مثله، ووقت فضيلة العصر وزيادة المثوبة عليها تمتد إلى أن يصير ظل كل شيء مثليه.
ويؤيد ذلك، بل يدل عليه قوله تعالى: ?أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً?([543]).
فإنه تعالى لم يذكر في كتابه الكريم إلا ثلاثة أوقات للصلاة، ولا ينطبق ذلك إلا على التقدير الذي ذكرناه آنفاً.
خامساً: إن كلام ابن حزم لو سلمناه، فإنما يصح لو كانت قد فاتتهم صلاة العصر فقط، أما لو كان الفائت هو صلاتي الظهر والعصر معاً، كما في بعض الروايات وكان النبي "صلى الله عليه وآله" قد قال لهم: لا يصلين أحد الظهر إلا في بني قريظة، فلا يستطيع ابن حزم أن يثبت نقل كلا الصلاتين إلى بني قريظة؛ لأن المذكور في كلامه "صلى الله عليه وآله" هو إحداهما أما الأخرى وهي العصر، فإنه لم يصرح بنقلها، فكيف تركوها؟
والنصوص التي هي محط نظرنا هي التالية:
في البخاري ـ في جميع الروايات ـ: لا يصلين أحد العصر، وفي مسلم: الظهر، مع اتفاقهما على روايتهما عن شيخ واحد، بإسناد واحد([544]).
ووافق البخاري أبو نعيم، وأصحاب المغازي، والطبراني، والبيهقي في دلائله([545]) والإسماعيلي.
ووافق مسلماً: أبو يعلى، وابن سعد([546])، وأبو عوانة([547])، وابن حبان([548])
وقد جمع البعض بينهما باحتمال أن يكون بعضهم كان قد صلى الظهر قبل الأمر بالذهاب وبعضهم لم يصلها، فقيل لمن لم يصلها: لا يصلين أحد الظهر، ولمن صلاها: لا يصلين أحد العصر.
أو أن طائفة منهم راحت بعد طائفة، فقيل للطائفة الأولى: الظهر، وللتي بعدها: العصر.
قال ابن حجر: وكلاهما جمع لا بأس به.
لكن يبعده اتحاد المخرج؛ لأنه عند الشيخين بإسناد واحد، من مبدئه إلى منتهاه، فيبعد أن يكون كل من رجال أسناده قد حدث به على الوجهين، إذ لو كان كذلك لحمله واحد منهم عن بعض رواته على الوجهين، ولم يوجد ذلك.
وقيل: في وجه الجمع أيضاً: أن يكون "صلى الله عليه وآله" قال لأهل القوة، أو لمن كان منزله قريباً: لا يصلين أحد الظهر.
وقال لغيرهم: لا يصلين أحد العصر([549]).
هذا كله: مع العلم بأن المسافة إلى بني قريظة لم تكن بعيدة، بل كانت لا تحتاح إلى أكثر من ساعتين من نهار، كما سنرى.
إستفادات ودلالات:
قد ذكروا: أنه يستفاد من هذا التشريع ـ أعني جواز ترك الصلاة استناداً إلى اجتهاد أو فهم مشابه ـ الأمور التالية:
1 ـ إنه لا إثم في الخطأ، كما قال "صلى الله عليه وآله": رفع عن أمتي الخطأ والنسيان([550]).
2 ـ إن هذا يدل على جواز الجمع بين الصلاتين جمع تأخير([551]).
3 ـ إن هذا منه "صلى الله عليه وآله" تقرير لمبدأ الاجتهاد في استنباط الأحكام الشرعية.
4 ـ إن المتخالفين في الاجتهاد معذوران، ومثابان، سواء قلنا: "إن المصيب واحد، أو متعدد"([552]).
5 ـ إن استئصال الخلاف في مسائل الفروع، التي تنبع من دلالات ظنية أمر لا يمكن أن يتصور أو يتم.
حكمة ذلك كله: هو أن تكون الاجتهادات المختلفة وثيقة الصلة بالأدلة المعتبرة شرعاً، ليمكن للمسلمين أن يأخذوا بأيها شاؤوا حسب ظروفهم ومصالحهم. وهذا من مظاهر رحمة الله لهم([553]).
6 ـ في هذا دليل على أن كل مختلفين في الفروع من المجتهدين مصيب. وفي حكم داود وسليمان في الحرث أصل لهذا الأصل أيضاً.
ولا يستحيل أن يكون الشيء صواباً في حق إنسان، وخطأ في حق غيره. فيكون من اجتهد في مسألة، فأداه اجتهاده إلى التحليل مصيباً في استحلاله، وآخر اجتهد فأداه اجتهاده ونظره إلى التحريم مصيباً في تحريمه.
وإنما المحال: أن يحكم في النازلة بحكمين متضادين، في حق شخص واحد"([554]).
وقال ابن الديبع: "وفي ذلك فسحة للمجتهدين رضي الله عنهم، وأن كل مجتهد مصيب، أي في الفروع، إذا لم يخص واحداً من الفريقين بصواب ما ذهب إليه"([555]).
7 ـ "فيه دلالة لمن يقول بالمفهوم.
8 ـ والقياس.
9 ـ ومراعاة المعنى.
10 ـ ولمن يقول بالظاهر أيضاً"([556]).
11 ـ وفيه أنه لا يعنف المجتهد فيما فعله باجتهاده، إذا بذل وسعه في الاجتهاد([557]).
ونقول:
أولاً: إن النبي "صلى الله عليه وآله" إنما ترك تعنيف كلا الطائفتين ومجرد ترك التعنيف لا يدل على جواز الجمع بين الصلاتين.
ولا على التصويب لكلا الفريقين، ولا على كون المجتهد لا يعنف، وإن أخطأ، إذا بذل وسعه في الاجتهاد([558]). كما أنه لا يدل على وجود مجتهدين في البين؟؟
ولا على كون المتخالفين في الاجتهاد معذورين ومثابين.
ولا على القياس أو المفهوم، أو مراعاة المعنى..
ولا، ولا..
بل هو يدل فقط: على عدم توجه العقاب على كلا الفريقين.
ثانياً: بالنسبة للتصويب نقول:
ألف: قد قلنا: إن هذه الحادثة لا تدل على وجود مجتهدين، لا بين الذين تركوا صلاة العصر، ولا بين الذين صلوها.
ب: لو سلم وجود مجتهدين، وأن ما جرى قد نشأ عن اجتهاد من كلا الفريقين، فلا يدل موقف النبي "صلى الله عليه وآله" على التصويب، بل على مجرد المعذورية في صورة الخطأ، أي أنه "صلى الله عليه وآله" قد عذرهم بفهمهم الخاطئ، وليس المورد من موارد الاجتهاد، فضلاً عن كونه صواباً أو خطأً.
ج: إن نظرية التصويب باطلة عقلاً، فلا بد من التأمل في صحة أو في دلالة ما ظاهره ذلك، إذ لا يمكن أن يخالف الشرع العقل في أحكامه الصريحة.
د: قد عبر البعض عن هذا التصويب، بأن يتمكن المسلمون أن يأخذوا بأيهما شاؤوا، تبعاً لحاجاتهم، وظروفهم ومصالحهم.
وهذا يعني: أن تكون الأحكام تابعة لأهواء الناس ومصالحهم، وهل هذا إلا تشريع التلاعب بالدين وأحكامه؟ والقضاء على رموزه وأعلامه؟!
ثالثاً: بالنسبة لجواز الجمع بين الصلاتين جمع تأخير نقول:
ألف: إن هذا الكلام لم يظهر له معنى، إذا كان التأخير عن خطأ، كما صرح به هذا القائل نفسه، فإن المخطئ معذور في خطئه إن كان عن قصور، لا أنه يثبت له حكم شرعي في المورد الذي أخطأ فيه هو الجواز، أو غيره من الأحكام.
ب: لا ندري ما معنى جواز التأخير بنية الأداء، بعد فوت الوقت. فإن الفوات قد تحقق بعد غروب الشمس، فما معنى نية الأداء لصلاة العصر في خارج وقتها؟!
رابعاً: إن إثبات الاجتهاد لجميع أولئك الناس، الذين كان فيهم العالم والجاهل والكبير والصغير، ولو في أوائل بلوغه، والعالم والفلاح والخ.. دونه خرط القتاد.
خامساً: إن المسافة بين المدينة وبين بني قريظة قريبة جداً، لا تحتاج إلى أكثر من ساعة أو ساعتين على أبعد تقدير لقطعها.
والمفروض: أن أمر النبي "صلى الله عليه وآله" للمسلمين بالمسير قد كان قبل صلاة العصر، بل وربما قبل الظهر، فتأخر البعض في الوصول إلى بني قريظة إلى ما بعد العشاء الآخرة ليس له ما يبرره إلا تباطؤ هذا البعض في تنفيذ أمر النبي "صلى الله عليه وآله".
ويؤكد هذا: أن قسماً من الناس قد صلوا العصر في بني قريظة، ولم يقع منهم أي تأخير. وعدم صلاة ذلك الفريق الآخر ـ حتى لو سلمنا أنهم قد فهموا الحكم الشرعي بصورة خاطئة، أو أنهم لم يفهموا حقيقة مغزى كلامه "صلى الله عليه وآله" ـ.
نعم، إن عدم صلاتهم لا مبرر له إلا التباطؤ وعدم الاهتمام بتنفيذ مراداته "صلى الله عليه وآله" وتحقيق مقاصده..
أمران يحسن إيضاحهما:
أحدهما: أننا نرجح رواية: لا تصلوا الظهر إلا في بني قريظة، على رواية العصر. وذلك لعدة أسباب..
الثاني: بيان المسافة بين المدينة وقريظة، وأنها لا تستغرق أكثر من ساعتين على أبعد تقدير، وقد تباطأوا أو تواطأوا على التسويف في تنفيذ أمر النبي "صلى الله عليه وآله".
ونحن نوضح هذين الأمرين، بالمقدار الذي يسمح لنا به المجال، فنقول:
1 ـ لا تصلوا الظهر إلا في بني قريظة:
أما بالنسبة لترجيح رواية: لا تصلوا الظهر، فقد تقدم منا: أن جبرئيل قد جاء إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، وإن على ثناياه لنقع الغبار، وأخبره: أن الملائكة لم يضعوا السلاح، بل ما زالوا يتعقبون المشركين إلى حمراء الأسد التي كانت تبعد عن المدينة ثمانية أميال فقط، ولا يحتاج الوصول إليها والرجوع منها إلى أكثر من ساعات قليلة لا تصل إلى ربع أو ثلث يوم.
مع أنه: كان قد مضى على انهزام الأحزاب حوالي نصف يوم.
وإذا كان النبي "صلى الله عليه وآله" قد بادر إلى أمر الناس بالمسير إلى بني قريظة بمجرد سماعه ذلك من جبرئيل، فإن معنى ذلك هو أنه قد طلب ذلك من الناس في وقت الضحى، وقبل صلاة الظهر بساعات يمكن فيها الوصول إلى بني قريظة قبل حلول وقت الظهر. وذلك واضح.
2 ـ المسير إلى قريظة في نحو ساعتين:
وأما بالنسبة إلى الأمر الثاني: وهو أن الوصول إلى بني قريظة لا يحتاج إلى وقت طويل نقول:
إن ذلك يتضح إذا أخذنا بنظر الاعتبار ما يلي:
ألف: بنو قريظة في عوالي المدينة:
إن منازل بني قريظة كانت بالعالية (عالية المدينة) على وادي مهزور([559]) حيث يقع مسجد بني قريظة الذي هو بالعوالي على باب حديقة تعرف بحاجزة ـ شرقي مسجد الشمس ـ (أعني مسجد الفضيخ)، الذي يقع هو الآخر شرقي مسجد قباء([560]) في الحرة الشرقية المعروفة بحرة واقم، وتسمى حرة بني قريظة أيضاً، لأنهم كانوا بطرفها القبلي([561]).
ب: كم يستغرق المسير إلى العوالي:
قد وردت روايات تفيد: أن الذهاب إلى العوالي لا يستغرق وقتاً كبيراً.
فقد ذكرت نصوص: أن البعض كان يسير من مسجد المدينة بعد صلاة العصر، فيصل إلى العوالي، والشمس بيضاء حية، نقية، مرتفعة.
وقد حددت نفس هذه النصوص المسافة التي كان يقطعها بميلين، وثلاثة، وأربعة، وستة. وسيأتي تفسير هذا الاختلاف، والنصوص هي التالية:
1 ـ روي: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" كان يصلي العصر، والشمس (بيضاء) مرتفعة حية، فيذهب الذاهب إلى العوالي، فيأتيها، والشمس مرتفعة([562]).
وفي البخاري: أن النبي "صلى الله عليه وآله" نفسه كان يذهب بعد صلاة العصر إلى العوالي فيأتيها والشمس مرتفعة([563]).
وبعض المصادر ذكرت النص المتقدم، ولم تذكر عبارة: فيأتي العوالي، أو فيأتيها([564]). وعدم ذكر ذلك لا يضر في المقصود، لأنه إنما يتحدث عن التبكير في صلاة العصر، ولا يتم ذلك إلا إذا قدر الوصول إليها قبل المغرب، كما هو ظاهر.
2 ـ عن أنس: كان أبعد رجلين من الأنصار من رسول الله "صلى الله عليه وآله" دار أبو لبابة بن عبد المنذر، وأهله بقباء، وأبو عبيس بن خير، ومسكنه في بني حارثة، فكانا يصليان مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" العصر، ثم يأتيان قومهما، وما صلوا لتعجيل رسول الله "صلى الله عليه وآله" بها([565]).
ويلاحظ: أن أبا لبابة إنما كان يسكن في منطقة بني قريظة، الذين كانت منازلهم بالقرب من قباء وقباء من العوالي([566]). ولم يكن يسكن في قباء نفسها، كما يظهر من الرواية الآنفة الذكر.
ويدل على ذلك: ما سيأتي من أنه تعهد بأن يهجر دار قومه التي أصاب فيها الذنب ودار قومه هي دار بني قريظة([567])، "لأن ماله وولده، وعياله كانت في بني قريظة"([568]).
وقد ذكر المؤرخون: أن أبا لبابة كان مناصحاً لهم.
ومهما يكن من أمر: فإن هذا يدل على أن بني قريظة كانوا يسكنون في أدنى العالية، أي قرب منازل بني عمرو بن عوف.
ولسوف يأتي تحديد العالية، قرباً وبعداً، بعد قليل.
3 ـ روي أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان يصلي العصر، والشمس بيضاء، نقية مرتفعة، يسير الرجل حين ينصرف منها إلى ذي الحليفة، ستة أميال، قبل غروب الشمس([569]).
4 ـ سأل ثابت بن عبيد أنساً عن وقت العصر، فقال: وقتها أن تسير ستة أميال إلى أن تغرب الشمس([570]).
5 ـ عن أبي أروى: كنت أصلي مع النبي "صلى الله عليه وآله" صلاة بالمدينة، ثم آتي ذا الحليفة، قبل أن تغيب الشمس، وهي على قدر فرسخين
وفي نص آخر: ستة أميال([571]). والفرسخان عبارة عن ستة أميال، لأن الميل ثلث فرسخ([572]).
قال الطحاوي: "قد يجوز أن يكون ذلك سيراً على الأقدام، وقد يجوز أن يكون سيراً على الإبل والدواب، فنظرنا في ذلك، فإذا.. قال حدثنا أبو أروى، قال: كنت أصلي العصر مع النبي "صلى الله عليه وآله"، ثم أمشي إلى ذي الحليفة، فآتيهم قبل أن تغيب الشمس، ففي هذا الحديث: أنه كان يأتيها ماشياً"([573]).
ج: ما المراد بكون الشمس حية؟:
قد تقدم: التعبير بكون الشمس حية.
وحياتها: أن تجد حرها كما عن خيثمة والخطابي([574]).
وقيل: حياتها وجود ضوئها، وصفاء لونها، قبل أن يصفر ويتغير([575]).
وقال الزين ابن المنير: حياتها: قوة أثرها: حرارة، ولوناً، وشعاعاً، وإنارة، وذلك لا يكون بعد مصير الظل مثلي الشيء([576]).
د: بعد العوالي عن مسجد النبي ':
وحين ذكر الحديث: أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان يصلي العصر، ثم يذهب هو أو غيره إلى العوالي فيأتيها والشمس مرتفعة، ألحَقَ في نهاية هذا الحديث نفسه تحديداً لبعد العوالي عن المسجد النبوي، فقال: والعوالي من المدينة على ستة أميال([577]).
وفي نص آخـر: وبعض (وبُعْدُ) العوالي من المـدينة على أربعة أميـال ونحوه([578]).
وعند السمهودي: "المعروف: أن ما كان في جهة القبلة فأكثر من المسجد النبوي فهو عالية".
ويدل على ذلك: أن السنح، وهو منازل بني الحارث بن الخزرج بعوالي المدينة، وبينه وبين مسجد النبي "صلى الله عليه وآله" ميل([579]).
وبعض المصادر تقول: والعوالي على ميلين، أو ثلاثة من المدينة، وأحسبه قال: أو أربعة([580]).
وفي بعضها: على ميلين أو ثلاثة([581]).
أو: على أربعة أميال، أو ثلاثة([582]).
قال عياض: هذا حد أدناها، وأبعدها ثمانية أميال، وبه جزم ابن عبد البر، وصاحب النهاية([583]).
وفي العتيبة، أو المدونة، عن مالك: أقصى العالية ثلاثة أميال، يعني من المسجد النبوي([584]).
قال عياض: كأنه أراد معظم عمارتها، وإلا، فأبعدها ثمانية أميال([585])، أو عشرة([586]).
أما السمهودي فقال: "طريق الجمع: إن أدنى العوالي من المدينة على ميل، أو ميلين. وأقصاها عمارة على ثلاثة أو أربعة أميال، وأقصاها مطلقاً ثمانية أميال"([587]).
واعتبر البعض: أن أقرب العوالي ميلان، وأبعدها ستة([588]).
وعند النووي والشوكاني: "العوالي هي القرى حول المدينة، أبعدها على ثمانية أميال من المدينة، وأقربها ميلان، وبعضها ثلاثة أميال"([589]).
وقيل: أقرب العوالي من المدينة ميلان أو ثلاثة([590])، ومنها مايكون على ثمانية أميال أو عشرة([591]).
عذر أقبح من ذنب:
ومن الغريب والعجيب ـ وما عشت أراك الدهر عجباً ـ قول العسقلاني هنا:
"أما من احتج لمن أخر بأن الصلاة حنيئذ كانت تؤخر كما في الخندق، وكان ذلك قبل صلاة الخوف فليس بواضح؛ لاحتمال أن يكون التأخير في الخندق كان عن نسيان، وذلك بيِّن في قوله "صلى الله عليه وآله" لعمر، لما قال له: ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس أن تغرب، فقال: والله ما صليتها، لأنه لو كان ذاكراً لها لبادر إليها كما صنع عمر، انتهى"([592]).
وهكذا، فإن نتيجة كلام العسقلاني هي: أن عمر كان أذكر للصلاة من رسول الله "صلى الله عليه وآله"!! وأكثر اهتماماً بشأنها. ولم ينسها عمر (رغم انشغاله الشديد بأمر الحرب في الخندق حتى لقد حقق أعظم الإنتصارات فيها!! وقتل أعظم فرسانها!! وهزم الأحزاب، وفرق جمعهم بسبب ضربته الكبرى، التي تعدل عبادة الثقلين([593])، أو انشغاله بالهزيمة والاختباء في الحديقة هو وطلحة وآخرون، حتى فضحت أمرهم عائشة).
أما النبي "صلى الله عليه وآله" الذي لم يقم بأي شيء من ذلك: فقد نسي صلاته وذلك يعني ـ كما يريد هؤلاء أن يقولوا ـ: أن الصلاة كانت لا تمثل لدى هذا النبي "صلى الله عليه وآله" شيئاً ذا أهمية رغم كونه نبي هذه الأمة وهو الأسوة والقدوة.
نعم.. هذا ما يوحي به كلام العسقلاني الذي لم يعجبه نسبة تأخير الصلاة عمداً لبعض الصحابة، الذي قد يظهر أن بعضهم لا يجوز ـ بنظره ـ نسبة أي قصور أو تقصير إليه، بل لا بد من الاهتمام به والحفاظ عليه أكثر من النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله"، وحتى على حساب عصمته ونبوَّته.
والملفت هنا: أن مسلماً يروي في صحيحه هذه القضية بصورة ليس فيها ذلك، فيقول:
"عن عبد الله قال: حبس المشركون رسول الله "صلى الله عليه وآله" عن صلاة العصر حتى احمرت الشمس أو اصفرت، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": شغلونا عن الصلاة الوسطى، صلاة العصر، ملأ الله أجوافهم وقبورهم ناراً الخ.."([594]).
الفهارس:
1 ـ الفهرس الإجمالي
2 ـ الفهرس التفصيلي
1 ـ الفهرس الإجمالي
الفصل السابع: معنويات الجيشين، والرعب والخوف أيام الحصار 5 ـ 26
الفصل الثامن: عقد عيينة.. مكذوب........................... 27 ـ 48
الباب الثاني: معركة الخندق
الفصل الأول: الحصار والقتال ............................... 51 ـ 111
الفصل الثاني: ضربة علي × يوم الخندق تعدل عبادة الثقلين 113 ـ 192
الفصل الثالث: كيف انتهت حرب الخندق .................. 193 ـ 254
الباب الثالث: غزوة بني قريظة
الفصل الأول: المسير إلى حصون قريظة ..................... 263 ـ 322
الفهارس ................................................... 323 ـ 336
2 ـ الفهرس التفصيلي
الفصل السابع
معنويات الجيشين، والرعب والخوف أيام الحصار
الحالة المعنوية لجيش الأحزاب:............................................... PAGEREF _Toc104693171 \h 7
المسلمون في مواجهة الأحزاب:............................................... PAGEREF _Toc104693172 \h 8
الحالة العامة:....................................................................... PAGEREF _Toc104693173 \h 8
يقين أهل الإيمان:................................................................. PAGEREF _Toc104693174 \h 9
حالة المنافقين:................................................................... PAGEREF _Toc104693175 \h 10
النصوص التاريخية:........................................................... PAGEREF _Toc104693176 \h 11
مواقف المنافقين:............................................................... PAGEREF _Toc104693177 \h 14
من الذي قال: بيوتنا عورة؟!................................................. PAGEREF _Toc104693178 \h 17
من بقي مع النبي ' في المواجهة؟!......................................... PAGEREF _Toc104693179 \h 19
الحارث بن عوف:.............................................................. PAGEREF _Toc104693180 \h 20
رهبة الليل:....................................................................... PAGEREF _Toc104693181 \h 20
خوف الرسول ':.............................................................. PAGEREF _Toc104693182 \h 20
إتهام أحد البدريين بالنفاق:.................................................... PAGEREF _Toc104693183 \h 21
هيكل يخطئ في تصويراته وتصوراته:................................... PAGEREF _Toc104693184 \h 22
الفصل الثامن: عقد عيينة.. مكذوب
العقد المزعوم مع عيينة بن حصن:......................................... PAGEREF _Toc104693187 \h 29
نقاط ضعف في هذا الإتفاق:.................................................. PAGEREF _Toc104693188 \h 33
1 ـ التناقض والاختلاف:............................................ PAGEREF _Toc104693189 \h 33
2 ـ الحارث بن عوف:............................................... PAGEREF _Toc104693190 \h 34
3 ـ سعد بن الربيع:................................................... PAGEREF _Toc104693191 \h 34
4 ـ استشارة السعود، وإعطاء الدنية:............................. PAGEREF _Toc104693192 \h 34
5 ـ المراوضة وكتابة الصلح:...................................... PAGEREF _Toc104693193 \h 35
6 ـ العجز والفشل:.................................................... PAGEREF _Toc104693194 \h 36
7 ـ رأي النبي ' ورأي غيره:..................................... PAGEREF _Toc104693195 \h 36
8 ـ اتهام النبي ':..................................................... PAGEREF _Toc104693196 \h 37
9 ـ فَصَلُبَ رسول الله ':........................................... PAGEREF _Toc104693197 \h 37
10 ـ الاحتفاظ بسرية هذا العقد:................................... PAGEREF _Toc104693198 \h 38
11 ـ أدب عيينة، وغيرة ابن حضير:............................ PAGEREF _Toc104693199 \h 38
12 ـ فأسكت رسول الله ':......................................... PAGEREF _Toc104693200 \h 39
المساس بشرف الإسلام:...................................................... PAGEREF _Toc104693201 \h 40
إستفادات وتوجيهات:.......................................................... PAGEREF _Toc104693202 \h 40
مناقشة سريعة:.................................................................. PAGEREF _Toc104693203 \h 44
المشورة وقيمة رأي النبي ':................................................ PAGEREF _Toc104693204 \h 46
الصحيح والمقبول في هذه القضية:......................................... PAGEREF _Toc104693205 \h 47
الباب الثاني: معركة الخندق
الفصل الأول: الحصار والقتال
بداية الحديث:.................................................................... PAGEREF _Toc104693213 \h 53
مدة الحصار:.................................................................... PAGEREF _Toc104693214 \h 53
الحراسة:.......................................................................... PAGEREF _Toc104693215 \h 57
وقفات مع ما تقدم:.............................................................. PAGEREF _Toc104693216 \h 61
فضائل موهومة لسعد ولعائشة:.............................................. PAGEREF _Toc104693217 \h 66
نساء النبي ' في غزوة الخندق:............................................. PAGEREF _Toc104693218 \h 68
المواجهة بين الفريقين:........................................................ PAGEREF _Toc104693219 \h 69
القتال بين المسلمين والمشركين:............................................. PAGEREF _Toc104693220 \h 69
ملاحظة:................................................................ PAGEREF _Toc104693221 \h 72
كلام العلامة الحسني &:...................................................... PAGEREF _Toc104693222 \h 73
روايات مشبوهة:............................................................... PAGEREF _Toc104693223 \h 73
دعوى قتل طليعة للنبي ':.................................................... PAGEREF _Toc104693224 \h 76
حديث أم سلمة:.................................................................. PAGEREF _Toc104693225 \h 77
حديث آخر ينسب لأم سلمة:.................................................. PAGEREF _Toc104693226 \h 79
إصابة سعد بن معاذ بسهم:.................................................... PAGEREF _Toc104693227 \h 81
حديث عائشة حول سعد:...................................................... PAGEREF _Toc104693228 \h 83
الاختلاف في من قتل سعد بن معاذ:........................................ PAGEREF _Toc104693229 \h 85
سعد في خيمة رفيدة:........................................................... PAGEREF _Toc104693230 \h 85
إصابة أُبي بن كعب في أكحله:............................................... PAGEREF _Toc104693231 \h 86
هل فر عمر وطلحة في غزوة الخندق؟.................................... PAGEREF _Toc104693232 \h 86
من بطولات سعد بن أبي وقاص:............................................ PAGEREF _Toc104693233 \h 89
بطولات وهمية للزبير:........................................................ PAGEREF _Toc104693234 \h 90
قدامة بن مظعون في حرب الخندق:........................................ PAGEREF _Toc104693235 \h 91
القتال بين المسلمين وبين بني قريظة:...................................... PAGEREF _Toc104693236 \h 93
ألف: التفكير بمباغتة المدينة:....................................... PAGEREF _Toc104693237 \h 93
ب: قصة خوات بن جبير واليهودي:............................. PAGEREF _Toc104693238 \h 95
ج: تحركات، وتحرشات:........................................... PAGEREF _Toc104693239 \h 96
د: قتل مغامر:......................................................... PAGEREF _Toc104693240 \h 97
صفية وحسان بن ثابت واليهودي:.......................................... PAGEREF _Toc104693241 \h 98
ألف: جبن حسان:................................................... PAGEREF _Toc104693242 \h 100
ب: قصة حسان في الخندق أم في أحد؟!...................... PAGEREF _Toc104693243 \h 102
ج: تأثير هذه القضية على اليهود:............................... PAGEREF _Toc104693244 \h 103
د: ربط السيف على الذراع وتناقض الرواية:................. PAGEREF _Toc104693245 \h 105
غنيمة المسلمين من المشركين:............................................ PAGEREF _Toc104693246 \h 105
الجن الذين في المدينة:....................................................... PAGEREF _Toc104693247 \h 106
إشتباك مع الإخوة:............................................................ PAGEREF _Toc104693248 \h 107
لعن الله الراكب، والقائد، والسائق:........................................ PAGEREF _Toc104693249 \h 108
آية قرانية في خوات بن جبير:............................................. PAGEREF _Toc104693250 \h 108
الفصل الثاني: ضربة علي × يوم الخندق تعدل عبادة الثقلين
عبور الخندق:................................................................. PAGEREF _Toc104693253 \h 113
وصفهم لعمرو:............................................................... PAGEREF _Toc104693254 \h 115
المواجهة بين عمرو والمسلمين............................................ PAGEREF _Toc104693255 \h 117
رواية مشكوكة:............................................................... PAGEREF _Toc104693256 \h 117
أخذ الثغرة على عمرو وأصحابه:......................................... PAGEREF _Toc104693257 \h 118
طلب البراز، وخروج علي × لعمرو:.................................... PAGEREF _Toc104693258 \h 119
برز الإسلام كله إلى الشرك كله:.......................................... PAGEREF _Toc104693259 \h 123
الخصال الثلاث وقتل عمرو:.............................................. PAGEREF _Toc104693260 \h 127
نص الحسكاني:............................................................... PAGEREF _Toc104693261 \h 131
نصوص أخرى:.............................................................. PAGEREF _Toc104693262 \h 133
يقول أهلكت مالاً لبداً:........................................................ PAGEREF _Toc104693263 \h 137
لماذا طلب عمرو من علي أن يرجع؟!................................... PAGEREF _Toc104693264 \h 137
علي × غلام حدث؟! وشيخا قريش:..................................... PAGEREF _Toc104693265 \h 138
جرح علي ×:................................................................. PAGEREF _Toc104693266 \h 139
الكبرياء والغطرسة:.......................................................... PAGEREF _Toc104693267 \h 139
إنه عمرو:...................................................................... PAGEREF _Toc104693268 \h 140
الخصال الثلاث:.............................................................. PAGEREF _Toc104693269 \h 142
قطع رجل عمرو:............................................................ PAGEREF _Toc104693270 \h 144
علي × ودرع عمرو:........................................................ PAGEREF _Toc104693271 \h 144
قتله في الله:.................................................................... PAGEREF _Toc104693272 \h 147
الوسام الإلهي:................................................................. PAGEREF _Toc104693273 \h 148
تمحلات وتعصبات ابن تيمية:............................................. PAGEREF _Toc104693274 \h 149
شهادة حذيفة:.................................................................. PAGEREF _Toc104693275 \h 151
شهادات، ومواقف أخرى:.................................................. PAGEREF _Toc104693276 \h 152
شهادة أبي الهذيل والمعتزلي................................................ PAGEREF _Toc104693277 \h 152
لا نأكل ثمن الموتى:.......................................................... PAGEREF _Toc104693278 \h 154
فرح الملائكة بقتل عمرو:.................................................. PAGEREF _Toc104693279 \h 155
أين المقداد وعمار؟!......................................................... PAGEREF _Toc104693280 \h 155
قتل عمرو هزم بني قريظة والأحزاب:.................................. PAGEREF _Toc104693281 \h 157
الخوارج وحديث قتل عمرو:............................................... PAGEREF _Toc104693282 \h 158
متى قتل عمرو؟:............................................................. PAGEREF _Toc104693283 \h 159
قتل حسل بن عمرو بن عبد ود:........................................... PAGEREF _Toc104693284 \h 160
قتل نوفل بن عبد الله:........................................................ PAGEREF _Toc104693285 \h 160
إنما هي جيفة حمار:......................................................... PAGEREF _Toc104693286 \h 164
الزبير وهبيرة بن وهب:..................................................... PAGEREF _Toc104693287 \h 166
واحدي يا رسول الله:........................................................ PAGEREF _Toc104693288 \h 168
عمر وضرار بن الخطاب:................................................. PAGEREF _Toc104693289 \h 169
عمر ليس أخا ضرار:....................................................... PAGEREF _Toc104693290 \h 171
الآن نغزوهم ولا يغزوننا:................................................... PAGEREF _Toc104693291 \h 172
الأشعار في غزوة الخندق................................................... PAGEREF _Toc104693292 \h 172
المكر المفضوح:.............................................................. PAGEREF _Toc104693293 \h 179
تعصب يثير الغثيان:......................................................... PAGEREF _Toc104693294 \h 180
من تشكيكات الجاحظ وتعصباته:.......................................... PAGEREF _Toc104693295 \h 181
المعركة، التي لا حقيقة لها:................................................. PAGEREF _Toc104693296 \h 183
إستفادات غير موفقة:........................................................ PAGEREF _Toc104693297 \h 188
الصحيح في القضية:......................................................... PAGEREF _Toc104693298 \h 190
السر والسبب:................................................................. PAGEREF _Toc104693299 \h 191
الفصل الثالث: كيف انتهت حرب الخندق
ما فعله نعيم بن مسعود:..................................................... PAGEREF _Toc104693302 \h 195
اللمحات الأخيرة:............................................................. PAGEREF _Toc104693303 \h 208
التبرير بلا مبرر:............................................................. PAGEREF _Toc104693304 \h 209
الشائعات والحرب النفسية:................................................. PAGEREF _Toc104693305 \h 210
الدعاء والابتهال:............................................................. PAGEREF _Toc104693306 \h 211
الريح والملائكة:.............................................................. PAGEREF _Toc104693307 \h 215
مهمة حذيفة بن اليمان:...................................................... PAGEREF _Toc104693308 \h 219
نص آخر لقضية حذيفة:..................................................... PAGEREF _Toc104693309 \h 223
حقيقة القضية:................................................................. PAGEREF _Toc104693310 \h 231
رسالة أبي سفيان للنبي ' قبل الرحيل:.................................. PAGEREF _Toc104693311 \h 231
الرحيل الذليل:................................................................. PAGEREF _Toc104693312 \h 232
وكفى الله المؤمنين القتال (بعلي) ×:..................................... PAGEREF _Toc104693313 \h 234
أشجع الأمة:.................................................................... PAGEREF _Toc104693314 \h 239
مفارقة في الموقف:.......................................................... PAGEREF _Toc104693315 \h 240
الآن نغزوهم، ولا يغزوننا:................................................. PAGEREF _Toc104693316 \h 241
متى قال النبي ' كلمته؟!................................................... PAGEREF _Toc104693317 \h 242
لماذا لن تغزوهم قريش بعد اليوم؟!....................................... PAGEREF _Toc104693318 \h 243
غلط حسابات المعتزلي:..................................................... PAGEREF _Toc104693319 \h 246
الشهداء والقتلى:............................................................... PAGEREF _Toc104693320 \h 247
1 ـ الشهداء من المسلمين:......................................... PAGEREF _Toc104693321 \h 247
2 ـ القتلى من المشركين:.......................................... PAGEREF _Toc104693322 \h 249
العودة إلى المدينة:............................................................ PAGEREF _Toc104693323 \h 250
عثمان وبنت النبي ' في الخندق:........................................ PAGEREF _Toc104693324 \h 252
الباب الثالث: غزوة بني قريظة
آيات في غزوة بني قريظة:................................................. PAGEREF _Toc104693336 \h 257
خلاصات عن غزوة بني قريظة:......................................... PAGEREF _Toc104693337 \h 259
الفصل الأول: المسير إلى حصون قريظة
بـدايـة:.......................................................................... PAGEREF _Toc104693340 \h 265
متى كانت غزوة بني قريظة:.............................................. PAGEREF _Toc104693341 \h 266
من هم بنو قريظة؟!.......................................................... PAGEREF _Toc104693342 \h 267
نقض قريظة للعهد:........................................................... PAGEREF _Toc104693343 \h 267
آية نزلت في بني قريظة:................................................... PAGEREF _Toc104693344 \h 269
رؤيا كرؤيا عاتكة في بدر:................................................. PAGEREF _Toc104693345 \h 270
تعبير الرؤيا:................................................................... PAGEREF _Toc104693346 \h 271
تزوير التاريخ:................................................................ PAGEREF _Toc104693347 \h 273
جبريل يأمر بالمسير إلى بني قريظة:..................................... PAGEREF _Toc104693348 \h 275
في بيت عائشة أم في بيت فاطمة ÷؟!................................... PAGEREF _Toc104693349 \h 277
غارات واستلاب:............................................................ PAGEREF _Toc104693350 \h 283
المسلمون يرون جبرئيل؟!.................................................. PAGEREF _Toc104693351 \h 284
توضيح لا بد منه:............................................................ PAGEREF _Toc104693352 \h 285
جبرئيل × والنبي ':........................................................ PAGEREF _Toc104693353 \h 285
النبي ' يندب الناس إلى بني قريظة:..................................... PAGEREF _Toc104693354 \h 285
الأول: قدَّم راية المهاجرين:...................................... PAGEREF _Toc104693355 \h 285
الثاني: حمراء الأسد أو الروحاء:................................ PAGEREF _Toc104693356 \h 285
الثالث: على حمار، أم على فرس؟!............................. PAGEREF _Toc104693357 \h 285
الرابع: من الذي نادى في الناس: علي أم بلال؟!............. PAGEREF _Toc104693358 \h 285
الخامس: رواية لا تصح:.......................................... PAGEREF _Toc104693359 \h 285
السادس: لماذا لم يعنف ' تاركي الصلاة؟:................... PAGEREF _Toc104693360 \h 285
إستفادات ودلالات:........................................................... PAGEREF _Toc104693361 \h 285
أمران يحسن إيضاحهما:.................................................... PAGEREF _Toc104693362 \h 285
1 ـ لا تصلوا الظهر إلا في بني قريظة:........................ PAGEREF _Toc104693363 \h 285
2 ـ المسير إلى قريظة في نحو ساعتين:....................... PAGEREF _Toc104693364 \h 285
ألف: بنو قريظة في عوالي المدينة:................... PAGEREF _Toc104693365 \h 285
ب: كم يستغرق المسير إلى العوالي:.................. PAGEREF _Toc104693366 \h 285
ج: ما المراد بكون الشمس حية؟:..................... PAGEREF _Toc104693367 \h 285
د: بعد العوالي عن مسجد النبي ':.................... PAGEREF _Toc104693368 \h 285
عذر أقبح من ذنب:........................................................... PAGEREF _Toc104693369 \h 285
الفهارس:
1 ـ الفهرس الإجمالي.............................................. PAGEREF _Toc104693376 \h 285
2 ـ الفهرس التفصيلي.............................................. PAGEREF _Toc104693377 \h 285
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) (الشوكة: السلاح) مناقب آل أبي طالب ج1 ص198 وبحار الأنوار ج20 ص272.
([2]) الآية 214 من سورة البقرة.
([3]) بحار الأنوار ج20 ص188 عن مجمع البيان ج2 ص309 وراجع: الدر المنثور ج1 ص243 عن عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، عن قتادة، وابن أبي حاتم، عن السدي.
([4]) الآيات 9 ـ 11 من سورة الأحزاب.
([5]) الآيات 22 ـ 24 من سورة الأحزاب.
([6]) الآيات 12 ـ 20 من سورة الأحزاب.
([7]) المغازي ج2 ص468.
([8]) إمتاع الأسماع ج1 ص231 والمغازي للواقدي ج2 ص467 وتاريخ الخميس ج1 ص485.
([9]) إمتاع الأسماع ج1 ص228.
([10]) دلائل النبوة للبيهقي ج3 ص406.
([11]) مناقب آل أبي طالب ج1 ص198 وراجع ج3 ص134 وبحار الأنوار ج20 ص272 وراجع ج14 ص88.
([12]) تجارب الأمم ج1 ص150 وأشار إلى ذلك في المصادر التالية: تاريخ ابن الوردي ج1 ص161 والمواهب اللدنية ج1 ص112 و 113 والسيرة الحلبية ج2 ص318 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص528 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص214 و 201 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص164 و 165 والكامل في التاريخ ج2 ص180 والبداية والنهاية ج4 ص104 و 111 ومجمع البيان ج8 ص342 وبحار الأنوار ج20 ص202 والمغازي للواقدي ج2 ص459 وتاريخ الخميس ج1 ص484 والمختصر في أخبار البشر ج1 ص135 وعيون الأثر ج2 ص60 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص233 وتهذيب سيرة ابن هشام ص192 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص5 وبهجة المحافل ج1 ص264 وإمتاع الأسماع ج1 ص227 و 228 و 281.
([13]) الوفا ص693 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج4 ص528 ونهاية الأرب ج17 ص171.
([14]) العبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق 2 ص30 وراجع: السيرة النبوية لدحلان ج2 ص5 والسيرة الحلبية ج2 ص317 و 318.
([15]) تاريخ الخميس ج1 ص484 وراجع: السيرة النبوية لدحلان ج2 ص5.
([16]) الجامع ص281.
([17]) مجمع البيان ج8 ص339 وبحار الأنوار ج20 ص192 عنه.
([18]) الآية 12 من سورة الأحزاب.
([19]) تفسير القمي ج2 ص186 وبحار الأنوار ج20 ص229 و 230.
([20]) دلائل النبوة للبيهقي ج3 ص402 وراجع: المغازي للواقدي ج2 ص460 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص5.
([21]) الآية 12 من سورة الأحزاب.
([22]) سبل الهدى والرشاد ج4 ص528 وراجع المصادر التالية: حدائق الأنوار ج2 ص587 ووفاء الوفاء ج1 ص303 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص201 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص238 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص238 والبداية والنهاية ج4 ص104 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص233 وإمتاع الأسماع ج1 ص288 وعيون الأثر ج2 ص60 والمختصر في أخبار البشر ج1 ص135 والسيرة الحلبية ج2 ص318 وفتح البـاري ج7 ص307 وتـاريخ = = اليعقوبي ج2 ص51 ومجمع البيان ج8 ص347 وتهذيب سيرة ابن هشام ص192 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص5 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص164 و 165 والمغازي للواقدي ج2 ص459 و 450 وبحار الأنوار ج20 ص193 وتاريخ الخميس ج1 ص484 وراجع: سعد السعود ص138.
([23]) مجمع البيان ج3 ص347 والبحار ج20 ص193 عنه وراجع: نهاية الأرب ج7 ص181.
([24]) راجع: إمتاع الأسماع ج1 ص229.
([25]) تاريخ الخميس ج1 ص484 وراجع: المواهب اللدنية ج1 ص133 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص5.
([26]) العبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق 2 ص30 وراجع المصادر التالية: السيرة النبوية لدحلان ج2 ص5 وإمتاع الأسماع ج1 ص227 و 228 وزاد المعاد ج2 ص118 ومجمع البيان ج2 ص347 وبحار الأنوار ج20 ص193.
([27]) راجع: جوامع السيرة النبوية ص149.
([28]) المغازي للواقدي ج2 ص463 وراجع المصادر التالية: سبل الهدى والرشاد ج4 ص529 وراجـع: إمتـاع الأسـماع ج1 ص229 وتـاريـخ الأمم والملوك ج2 = = ص238 والبداية والنهاية ج4 ص104 وليس فيه موقف ابن معاذ: وراجع المصادر التالية: وإن لم تشر لموقف ابن معاذ: عيون الأثر ج2 ص60 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص233 وتهذيب سيرة ابن هشام ص192 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص201 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص435 و 436.
([29]) السيرة النبوية لدحلان ج2 ص10 وستأتي بقية المصادر في الفصل الأخير من هذا الباب تحت عنوان: مهمة حذيفة بن اليمان.
([30]) دلائل النبوة للبيهقي ج3 ص450 و 451 وراجع: تاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص249 و 250 ومستدرك الحاكم ج3 ص31.
([31]) شرح الأخبار ج1 ص294.
([32]) عيون الأثر ج2 ص60.
([33]) الآية 154 من سورة آل عمران.
([34]) الإصابة ج3 ص443.
([35]) الإستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ج3 ص462.
([36]) حياة محمد (الطبعة الثانية سنة 1354 ه‍. ق دار الكتب المصرية) ص325.
([37]) الآيتان 12 و 13 من سورة الأحزاب.
([38]) الآيتان 10 و 11 من سورة الأحزاب.
([39]) الآيتان 22 و 23 من سورة الأحزاب.
([40]) المغازي للواقدي ج2 ص477 وراجع: المصنف للصنعاني ج5 ص367.
([41]) تاريخ الخميس ج1 ص485 وراجع المصادر التالية: العبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص36 ونهاية الأرب ج17 ص172 و 173 والمغازي للواقدي ج2 ص477 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص530 والإرشاد للمفيد ص51 و 52 وكشف الغمة لـلأربـلي ج1 ص202 وتـاريخ الأمم والمـلـوك ج2 ص238 = = والبداية والنهاية ج4 ص104 والبحار ج20 ص252 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص238 وعيون الأثر ج2 ص60 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص234 وتهذيب سيرة ابن هشام ص192 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص430 وأنساب الأشراف ج1 ص346 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص165 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص201.
([42]) العبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق 2 ص30 وراجع: المصادر التالية: سيرة المصطفى ص499 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص5 و 6 والسيرة الحلبية ج2 ص318 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص201 و 202 وإمتاع الأسماع ج1 ص236 وفتح الباري ج7 ص307 وشرح نهج البلاغ للمعتزلي الشافعي ج10 ص180 وأنساب الأشراف ج1 ص346 وزاد المعاد ج2 ص118 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص531 وراجع: الإرشاد للمفيد ص52 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص198 وبهجة المحافل ج1 ص266 وجوامع السيرة النبوية ص149 و 150 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص238 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص239 والكامل في التاريخ ج2 ص180 و 181 وكشف الغمة للأربلي ج1 = = ص203 والبداية والنهاية ج4 ص104 و 105 والبحار ج20 ص252 ونهاية الأرب ج17 ص172 و 173 وعيون الأثر ج2 ص60 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص430 و 431 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص165 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص234 وتهذيب سيرة ابن هشام 192 و 193 والمصنف للصنعاني ج5 ص367 و 368 وشرح الأخبار ج1 ص293 و 294.
([43]) الإرشاد للمفيد ص52 وراجع: كشف الغمة للأربلي ج1 ص203 وبحار الأنوار ج20 ص252. ومناقب آل أبي طالب ج1 ص198.
([44]) بهجة المحافل ج1 ص266 وراجع: الكامل في التاريخ ج2 ص180 و 181.
([45]) راجع في النصوص المتقدمة باختصار تارة وبإسهاب أخرى المصادر التالية: تاريخ الخميس ج1 ص485 و 486 والمغازي للواقدي ج2 ص477 و 478 وفي تفصيلات لا مجال لإيرادها. والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص6 والسيرة الحلبية ج2 ص318 ونهاية الأرب ج17 ص172 و 173 وعيون الأثر ج2 ص60 وراجع: شرح بهجة المحافل ج1 ص266 وتاريخ الإسلام السياسي ج1 ص118 و 119 وإمتاع الأسماع ج1 ص235 و 236. وراجع: سبل الهدى والرشاد ج4 ص530 و 531 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص234 والبداية والنهاية ج4 ص105 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص239. وراجع: حول هذا العقد المزعوم أيضاً: الرسول العربي وفن الحرب ص246 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج13 ص260 وج 17 ص199 وخاتم النبيين ص936 و 932 و 933 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص164 و 165 وسيرة المصطفى ص507.
([46]) السيرة الحلبية ج2 ص318 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص6.
([47]) سبل الهدى والرشاد ج4 ص532.
([48]) الآية 3 من سورة النجم.
([49]) حياة محمد ورسالته ص168.
([50]) خاتم النبيين ص933.
([51]) خاتم النبيين ص936.
([52]) خاتم النبيين ص932.
([53]) تاريخ الإسلام السياسي ج1 ص119 و 120.
([54]) تاريخ الإسلام السياسي ج1 ص120 هامش.
([55]) فقه السيرة للبوطي 300 و 301.
([56]) الرسول العربي وفن الحرب ص246.
([57]) المصدر السابق ص248.
([58]) فقه السيرة للبوطي ص300 و 302.
([59]) شرح بهجة المحافل ج1 ص266 عن البغوي. وراجع: سبل الهدى والرشاد ج4 ص565 والروض الأنف ج3 ص278.
([60]) فقه السيرة للبوطي ص300 ـ 302.
([61]) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي الشافعي ج17 ص199.
([62]) المصدر السابق ج13 ص260.
([63]) سبل الهدى والرشاد ج4 ص543 و 544.
([64]) راجع: السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص209.
([65]) راجع: شذرات الذهب ج1 ص11 والتنبيه والإشراف ص216 وراجع سيرة مغلطاي ص56 ومرآة الجنان ج1 ص9 و 10 وإمتاع الأسماع ج1 ص239 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص562 وبه جزم الواقدي، وابن سعد، والبلاذري، والنووي في الروضة والقطب، وأنساب الأشراف ج1 ص345 وراجع: بهجة المحافل ج1 ص271 والمواهب اللدنية ج1 ص115 وتفسير القمي ج2 ص185 والبحار ج20 ص228 عنه والمغازي للواقدي ج2 ص440 و 491 وتاريخ الخميس ج1 ص492 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص12.
([66]) وفاء الوفاء ج1 ص301 عن ابن عقبة وراجع: فتح الباري ج7 ص301 وتاريخ الخميس ج1 ص484 و 490 و 492 وحبيب السير ج1 ص364 وإمتاع الأسماع ج1 ص239 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص562 والمغازي للواقدي ج1 ص419.
([67]) راجع هذا القول في: شذرات الذهب ج1 ص11 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص162 وفيه: بضع وعشرون. وكذا في إعلام الورى ص91 وكذا في مناقب آل أبي طالب ج1 ص198 ومرآة الجنان ج1 ص10 لكن ظاهر عدد منهم: أنهم يتكلمون عن مدة ما قبل قتل عمرو بن عبد ود وكذا في مجمع البيان ج8 ص342 والبحار ج20 ص202 و 252 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص309.
([68]) التنبيه والإشراف ص216 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 قسم 2 ص30 لكنه قال: ولم تكن حرب وراجع: السيرة النبوية لدحلان ج2 ص12 وزاد المعاد ج2 ص118.
([69]) العبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 قسم 2 ص30 وتاريخ الخميس ج1 ص484 و 492 وراجع: إمتاع الأسماع ج1 ص239 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص562 وحدائق الأنوار ج1 ص52 وج 2 ص587 والكامل في التاريخ ج2 ص180 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص238 ونهاية الأرب ج17 ص175 وبهجة المحافل ج1 ص271 وجوامع السيرة النبوية ص149 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص165 وراجع سعد السعود ص138.
([70]) البدء والتاريخ ج4 ص217.
([71]) تاريخ الخميس ج1 ص484 و 492.
([72]) سيرة مغلطاي ص56 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج4 ص562 والوفاء ص694 وتاريخ الخميس ج1 ص484 و 492 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص12 وراجع: المواهب اللدنية ج1 ص115 وحبيب السير ج1 ص364.
([73]) راجع: الوفاء ص694 وإمتاع الأسماع ج1 ص235 والبداية والنهاية ج4 ص104 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص202 والكامل في التاريخ ج2 ص180 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص238. وراجع: ومناقب آل أبي طالب ج1 ص198 والإرشاد للمفيد ص51 وتاريخ مختصر الـدول ص95 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص562 ونهاية الأرب ج17 ص175 والمغـازي للـواقـدي ج2 ص491 وتاريـخ الخـميس ج1 ص490 = = وأنساب الأشراف ج1 ص345 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص201 وتاريخ الإسلام للذهبي (الواقدي) ص238. إلا أن يقال: إن ذلك ناظر إلى فترة ما قبل المفاوضة على ثلث ثمار المدينة، أو ما قبل قتل عمرو بن عبد ود كما هو صريح عدد من المصادر الآنفة الذكر. وإن كان ظاهر الواقدي وغيره خلاف ذلك.
([74]) أحجرناهم: حصرناهم.
([75]) وشهراً كريتاً: تاماً كاملاً.
([76]) راجع: السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص366.
([77]) السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص269 وعيون الأثر ج2 ص66.
([78]) نهاية الأرب ج17 ص171 و 172، وراجع المصادر التالية: عيون الأثر ج2 ص58 وتاريخ الخميس ج1 ص484 والمغازي للواقدي ج2 ص460 والسيرة= = الحلبية ج2 ص315 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص4 و 5 وإمتاع الأسماع ج1 ص228 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص528.
([79]) إمتاع الأسماع ج1 ص231 والمغازي للواقدي ج2 ص467.
([80]) أنساب الأشراف ج1 ص343.
([81]) نهاية الأرب ج17 ص171 و 172 وعيون الأثر ج2 ص58.
([82]) المغازي للواقدي ج2 ص457.
([83]) المغازي للواقدي ج2 ص474.
([84]) سبل الهدى والرشاد ج4 ص528.
([85]) إمتاع الأسماع ج1 ص230 وستأتي بقية المصادر حين الحديث عن القتال، وتناوب المشركين على الخندق.
([86]) راجع: المغازي للواقدي ج2 ص463 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص9 وتاريخ الخميس ج1 ص484 و 485 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج4 ص529 والسيرة الحلبية ج2 ص324.
([87]) تاريخ الخميس ج1 ص484 وتقدم حديث عائشة في ذلك.
([88]) المغازي للواقدي ج2 ص464 وإمتاع الأسماع ج1 ص230 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص530 والسيرة الحلبية ج2 ص324.
([89]) عيون الأثر ج2 ص58 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص163 وقد أطلق كلامه في أن الزبير كان حارس النبي "صلى الله عليه وآله" في الخندق وكذا في السيرة الحلبية ج3 ص327 والمواهب اللدنية ج1 ص217 والغدير ج7 ص202 عنهما وعن عيون الأثر ج2 ص316 وشرح المواهب للزرقاني ج3 ص204.
([90]) سبل الهدى والرشاد ج4 ص529.
([91]) إمتاع الأسماع ج1 ص230 وتقدمت نصوص أخرى أيضاً.
([92]) سبل الهدى والرشاد ج4 ص529 والمغازي للواقدي ج2 ص465.
([93]) المغازي للواقدي ج2 ص451 و 474 وراجع: إمتاع الأسماع ج1 ص234.
([94]) المغازي للواقدي ج2 ص474.
([95]) وفاء الوفاء ج1 ص301 عن الطبراني، وتاريخ الخميس ج1 ص489.
([96]) غلوة نشابة: مقدار رمية سهم.
([97]) تفسير القمي ج2 ص186 والبحار ج20 ص230 عنه.
([98]) راجع: المغازي للواقدي ج2 ص463 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص9 وتاريخ الخميس ج1 ص484 و 485. وراجع: سبل الهدى والرشاد ج4 ص529 والسيرة الحلبية ج2 ص324 وإمتاع الأسماع ج1 ص229 و 230.
([99]) راجع: المغازي للواقدي ج2 ص465 وإمتاع الأسماع ج1 ص230.
([100]) المغازي للواقدي ج2 ص454 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج4 ص518 وإمتاع الأسماع ج1 ص225 والسيرة الحلبية ج2 ص314.
([101]) المغازي للواقدي ج2 ص464.
([102]) شرح الأخبار ج1 ص292 ملخصاً.
([103]) السيرة الحلبية ج2 ص315. وراجع: نهاية الأرب ج17 ص171 و 172 وراجع المصادر التالية: إمتاع الأسماع ج1 ص230 و 231 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص8 و 5 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص530 والمغاري للواقدي ج2 ص468 وعيون الأثر ج2 ص58.
والفقرة الأخيرة موجودة أيضاً في المصادر التالية: تاريخ الخميس ج1 ص486 وحدائق الأنوار ج2 ص590 والإرشاد للشيخ المفيد ص51 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص198 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص202 والكامل في التاريخ ج2 ص180 والسيرة النبوية لابن كثيرة ج3 ص200 و 201 وفتح الباري ج7 ص301 و 307 عن ابن إسحاق.
([104]) حبيب السير ج1 ص363.
([105]) تاريخ الخميس ج1 ص484.
([106]) إمتاع الأسماع ج1 ص231 والمغازي للواقدي ج2 ص468.
([107]) راجع: مرآة الجنان ج1 ص10 وفتح الباري ج7 ص302 وبهجة المحافل ج1 ص266 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص162 وراجع: تاريخ اليعقوبي ج2 ص50.
([108]) إمتاع الأسماع ج1 ص230.
([109]) راجع: المغازي للواقدي ج2 ص465 وإمتاع الأسماع ج1 ص230.
([110]) إمتاع الأسماع ج1 ص230 وراجع: المغازي للواقدي ج2 ص465 السيرة النبوية لدحلان ج2 ص8.
([111]) السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص226.
([112]) زرق فلاناً: رماي بالمزراق، أي الرمح القصير.
([113]) السيرة الحلبية ج2 ص323.
([114]) تجارب الأمم ج2 ص153.
([115]) سيرة المصطفى ص499.
([116]) المغازي للواقدي ج2 ص468.
([117]) المغازي للواقدي ج2 ص466.
([118]) سبل الهدى والرشاد ج4 ص514 وكشف الاستار عن مسند البزار ج2 ص332 و 333 ومجمع الزوائد ج6 ص135 وأسد الغابة ج4 ص297 عن أبي نعيم وأبي موسى والإصابة ج3 ص358 والسيرة الحلبية ج2 ص315 وراجع: الرسول العربي وفن الحرب ص245.
([119]) كشف الأستار عن مسند البزار ج2 ص333.
([120]) مجمع الزوائد ج6 ص135 والإصابة ج3 ص358.
([121]) راجع: الإصابة ج2 ص56 وتهذيب تاريخ دمشق ج6 ص183 ـ 185 وغير ذلك من كتب التراجم.
([122]) المغازي للواقدي ج2 ص464. ولا بأس بمراجعة: سبل الهدى والرشاد ج4 ص529 و 530 والسيرة الحلبية ج2 ص324 وإمتاع الأسماع ج1 ص229 و 230.
([123]) الهيعة: الصوت المفزع.
([124]) راجع: المغازي للواقدي ج2 ص466 و 467 وإمتاع الأسماع ج1 ص230 و 231 وتاريخ الخميس ج1 ص85 4.
([125]) عرق وجهه: أي أغلاه بالماء الحار.
([126]) راجع النص المتقدم في: إمتاع الأسماع ج1 ص231 و 232 والمغازي للواقدي ج2 ص468 و 469 وراجع قسماً مما تقدم في المصادر التالية: سبل الهدى والرشاد ج4 ص537 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص207 والبداية والنهاية ج4 ص108 والكامل في التاريخ ج2 ص182 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص240 وراجع ص241 وشرح بهجة المحافل ج1 ص268 والمواهب اللدنية ج1 ص113 وجوامع السيرة النبوية ص151 وإعلام الورى (ط دار المعرفة) ص101 ومجمع البيـان ج8 = = ص344 والسيرة الحلبية ج2 ص321 وبحار الأنوار ج20 ص206 و 207 وتاريخ الخميس ج1 ص488 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص8 وأنساب الأشراف ج1 ص347 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص170 و 171 ودلائل النبوة ص436 والعبر وديوان المتبدأ والخبر ج2 ق 2 ص30 وعيون الأثر ج2 ص63 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص238 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص404 و 441 و 442.
([127]) سبل الهدى والرشاد ج4 ص537 وراجع: الكامل في التاريخ ج2 ص182 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص240 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص238 و 239 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص8 وبحار الأنوار ج20 ص231 و 232 و 207 ومجمع البيان ج8 ص344 وتاريخ الخميس ج1 ص488 ودلائل النبوة ص436 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق 2 ص30 وعيون الأثر ج2 ص63 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص240 والبدء والتاريخ ج4 ص218 وبهجة المحافل وشرحه ج1 ص267 و 268 والمواهب اللدنية ج1 ص113 وجوامع السيرة النبوية ص151 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص170 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص207 و 208 وسير أعلام النبلاء ج1 ص281 و 282 وراجع مسند أحمد ج6 ص141 والسيرة الحلبية ج2 ص321 وصحيح البخاري ج3 ص23.
([128]) الكامل في التاريخ ج2 ص182 والبداية والنهاية ج4 ص108 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص28 وج 3 ص441.
([129]) هذا العبارة ذكرها الواقدي، والدياربكري، وابن سيد الناس، وابن هشام، وابن كثير، والكلاعي، وابن إسحاق والبيهقي فراجع الهامش التالي.
([130]) راجع فيما تقدم ـ وإن اختلفت في بعض الألفاظ ـ المصادر التالية: سبل الهدى والرشاد ج4 ص525 والمغازي للواقدي ج2 ص469 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص207.
وراجع: تاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص265 و 266 والبداية والنهاية ج4 ص108 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص240 والروض الأنف ج2 ص192 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص440 و 441 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص169 وسير أعلام النبلاء ج1 ص281 وعيون الأثر ج2 ص62 و 63 وتاريخ الخميس ج1 ص488 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص237.
([131]) البداية والنهاية ج4 ص108.
([132]) إمتاع الأسماع ج1 ص133 والسيرة الحلبية ج2 ص227 و 229 وسبل الهدى والرشاد (ط دار الكتب العلمية) ج4 ص201.
([133]) عيون الأثر ج2 ص72 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص250 وتهذيب سيرة ابن هشام ص200 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص17 وشرح بهجة المحافل ج1 ص272 عن البغوي والمواهب اللدنية ج1 ص116 وجوامع السيرة النبوية ص154 والبداية والنهاية ج4 ص121 ونهاية الأرب ج17 ص191 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص233 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص267 وسير أعلام النبلاء ج1 ص287 والسيرة الحلبية ج2 ص238 وفتح الباري ج7 ص317 وتفسير القمي ج2 ص188 وبحار الأنوار ج20 ص232 والإستيعاب بهامش الإصابة ج4 ص311 والمفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج8 ص387 والتراتيب الإدارية ج2 ص113 وج 1 ص462 و 453 و 454 والإصابة ج4 ص302 و 303 عن ابن إسحاق، وعن البخاري في الأدب المفرد. وفي التاريخ بسند صحيح، والمستغفري، وأبي موسى.
([134]) تاريخ الخميس ج1 ص489 عن مسلم. كذا في المشكاة.
([135]) تاريخ الأمم والملوك ج2 ص241 ودلائل النبوة لأبي نعيم ص435 و 436 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص266 وسير أعلام النبلاء ج1 ص284 والطبقات الكبرى ج3 قسم 2 ص3 وكنز العمال ج1 ص280 عن ابن عساكر.
([136]) مستدرك الحاكم ج3 ص31 وتلخيصه للذهبي بهامشه وصححاه ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص450 و 451 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص249 و 250.
([137]) سيأتي ذلك في الفصل الأخير من هذا الباب.
([138]) تاريخ الخميس ج1 ص488 عن الترمذي في الشمائل.
([139]) راجع: دلائل النبوة للبيهقي ج3 ص439 و 440 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص206 و 207 والبداية والنهاية ج4 ص107 وكنز العمال ج10 ص286.
([140]) عيون الأثر ج2 ص56 وفتح الباري ج7 ص309 بإسناد صحيح عن الطبراني.
([141]) عيون الأثر ج2 ص56.
([142]) تاريخ الخميس ج1 ص484.
([143]) راجع المصادر التالية: المغازي للواقدي ج2 ص260 وامتاع الاسماع ج1 ص228 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص4 و 5 والسيرة الحلبية ج2 ص315 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص528.
([144]) إمتاع الأسماع ج1 ص228 والمغازي للواقدي ج2 ص460 و 461.
([145]) إمتاع الأسماع ج1 ص229 والمغازي للواقدي ج2 ص462.
([146]) تاريخ الخميس ج1 ص489 عن الوفاء عن الطبراني ووفاء الوفاء ج1 ص301 و 302 عن الطبراني وكنز العمال ج10 ص284.
([147]) راجع المصادر التالية: وفاء الوفاء ج1 ص302 عن البزار. وسبل الهدى والرشاد ج4 ص524 و 525 عن ابن إسحاق، والواقدي، وأبي يعلى، والبزار بسند حسن عن الزبير، بسند رجاله رجال الصحيح عن عروة مرسلاً، وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص241 و 242 وكنز العمال ج10 ص286 وأسد الغابة ج2 ص6 وتاريخ الخميس ج1 ص489 عن الوفاء، والهيثمي، والسيرة الحلبية ج2 ص317 ومسند أحمد والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص239 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص442 و 443 وأمالي الشيخ الطوسي ص267 و 268 وبحار الأنوار ج20 ص245 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص171 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص208 و 209 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص240 والكامل في التاريخ ج2 ص181 والبداية والنهاية ج4 ص109 وأنساب الأشراف ج1 ص347 ووفاء الوفاء ج1 ص303 وغرر الخصائص الواضحة ص358.
([148]) سبل الهدى والرشاد ج4 ص525.
([149]) سبل الهدى والرشاد ج4 ص524 و 525.
وراجع: المغازي للواقدي ج2 ص462 و 463 وسيرة المصطفى ص505 و 506 وتاريخ الخميس ج1 ص489 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص442 و 443 والإكتفاء ج2 ص171.
([150]) أنساب الأشراف ج1 ص347 والمغازي للواقدي ج2 ص462 و 463 وفاء الوفاء ج1 ص302 و 303 وتاريخ الخميس ج1 ص489.
([151]) تاريخ الخميس ج1 ص489 وراجع: شرح النهج للمعتزلي ج15 ص15 وراجع: الروض الأنف ج3 ص281 ووفاء الوفاء ج1 ص302 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص564 وأسد الغابة ج2 ص6.
([152]) السيرة الحلبية ج2 ص317.
([153]) المعارف (ط سنة 1960م) ص312 وغرر الخصائص الواضحة ص358 وأسد الغابة ج1 ص6.
([154]) كنز العمال ج10 ص286.
([155]) شرح النهج للمعتزلي الشافعي ج13 ص282.
([156]) سبل الهدى والرشاد ج4 ص564.
([157]) شرح النهج للمعتزلي ج15 ص16 والمغازي للواقدي ج1 ص288.
([158]) راجع: الروض الأنف ج3 ص281 ووفاء الوفاء ج1 ص302 و 303 وتاريخ الخميس ج1 ص489 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص564.
([159]) هامش السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص240 تحقيق الأبياري، والسقا، وشلبي.
([160]) وفاء الوفاء ج1 ص302 وراجع: المغازي للواقدي ج2 ص288 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص15 و 16.
([161]) وفاء الوفاء ج1 ص303 وتاريخ الخميس ج1 ص489.
([162]) المصدران السابقان.
([163]) راجع القصة في: سبل الهدى والرشاد ج4 ص539 و 540 ووفاء الوفاء ج1 ص304 وتاريخ الخميس ج1 ص492 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص8 والسيرة الحلبية ج2 ص323.
([164]) إمتاع الأسماع ج1 ص234 و 235 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص538 والمغازي ج2 ص475.
([165]) إمتاع الأسماع ج1 ص234 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص537 و 538 والمغازي للواقدي ج2 ص474 والسيرة الحلبية ج2 ص321.
([166]) تذكرة الخواص ص201 والغدير ج10 ص169 عنه.
([167]) الآية 187 من سورة البقرة.
([168]) الكافي ج4 ص99 وتفسير نور الثقلين ج1 ص144 و 145 وتفسير القمي ج1 ص66 ومن لا يحضره الفقيه (ط مؤسسة النشر الإسلامي) ج2 ص130 و 131 والوسائل ج7 ص80 و 81 ورسالة المحكم والمتشابه ص10 والبحار ج20 ص241 و 242 وتفسير البرهان ج1 ص186 و 187 عن الكافي والقمي، وعن تفسير العياشي. ومجمع البيان ج1 ص280.
([169]) راجع: الإصابة ج1 ص458 وسير أعلام النبلاء ج2 ص330 وأسد الغابة ج2 ص126 وراجع: الطبقات الكبرى لابن سعد (ط دار صار) ج3 ص477 و 478 والثقات ج3 ص109 ومشاهير علماء الأمصار ص39 وخلاصة تذهيب تهـذيب = = الكمال ص108 والمستدرك للحاكم ج3 ص412 وسير أعلام النبلاء ج2 ص330.
([170]) تهذيب التهذيب ج3 ص171.
([171]) الإستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ج1 ص4 44 وكذا في تهذيب الأسماء ج1 ص179.
([172]) الدر المنثور ج1 ص197 و 198 عن مصادر كثيرة.
([173]) الدر المنثور ج1 ص198 عن عبد بن حميد.
([174]) الدر المنثور ج1 ص198 عن ابن أبي شيبة وأبي داود، والترمذي، والنسائي.
([175]) راجع: المصادر التالية: إمتاع الأسماع ج1 ص232 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص532 و 533 والبداية والنهاية ج4 ص105 ونهاية الأرب ج17 ص173 والمغازي للواقدي ج2 ص470 وتاريخ الخميس ج1 ص286 والإرشاد للمفيد ص52 ومناقب آل أبي طالب ج8 ص1 ص198 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص197 و 198 و 203 والكامل في التاريخ ج2 ص181 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص239 ومجمع البيان ج8 ص342 والبحار ج20 ص202 و 253 وعيون الأثر ج2 ص61 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص235 وتهذيب سيرة ابن = = هشام ص193 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص436 و 437 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص6 وشرح النهج للمعتزلي ج19 ص62 وجوامع السيرة النبوية ص150 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص166 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص302 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص238 و 239 وراجع: الوفاء ص693 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق 2 ص30.
([176]) شرح الأخبار ج1 ص294.
([177]) راجع المصادر التالية: مناقب آل أبي طالب ج1 ص198 والإرشاد للمفيد ص52 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص207 و 203 والكامل في التاريخ ج2 ص181 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص239 وإعلام الورى (ط دار المعرفة) ص100 ومجمع البيان ج8 ص342 وبحار الأنوار ج20 ص302 و 253 وتاريخ الخميس ج1 ص487 وعيون الأثر ج2 ص61 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص235 وتهذيب سيرة ابن هشام ص193 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص437 والبدء والتاريخ ج4 ص218 وبهجة المحافل ج1 ص266 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص166 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص202 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص239.
([178]) شرح الأخبار ج1 ص293.
([179]) راجع المصادر التالية، فقد تعرضت لذلك كله أو بعضه: إمتاع الأسماع ج1 ص232 والسيرة الحلبية ج2 ص218 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص533 والكامل في التاريخ ج2 ص181 والمغازي للواقدي ج2 ص470 وتاريخ الخميس ج1 ص486 وعيون الأثر ج2 ص61 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص437 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص6 وشرح النهج للمعتزلي ج19 ص62 و 63 وج 15 ص85 و 86 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص202 و 203 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص239 ووفاء الوفاء ص693 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق 2 ص30.
([180]) مجمع البيان ج8 ص342 والبحار ج20 ص202 وشرح النهج للمعتزلي ج14 ص237.
([181]) مجمع البيان ج8 ص342 والبحار ج20 ص202 وتاريخ الخميس ج1 ص486 وحبيب السير ج1 ص361 وينابيع المودة ص95.
([182]) مجمع البيان ج8 ص343 والبحار ج20 ص203 و 226 وج41 ص88 وتفسير القمي ج2 ص183 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص135.
([183]) مجمع البيان ج8 ص342 والبحار ج20 ص202 وج 41 ص88 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص135.
([184]) تاريخ الخميس ج1 ص486.
([185]) الخصال ج2 ص368 والبحار ج20 ص244 والإختصاص ص167 وشرح الأخبار ج1 ص287.
([186]) خاتم النبيين ج2 ص938.
([187]) شرح الأخبار ج1 ص293.
([188]) مناقب آل أبي طالب ج3 ص134 والبحار ج41 ص88 عنه.
([189]) الآيتان 18 و 19 من سورة الأحزاب.
([190]) تفسير القمي ج2 ص182 و 183 والبحار ج20 ص225.
([191]) تفسير القمي ج2 ص188 والبحار ج20 ص232.
([192]) مناقب آل أبي طالب ج1 ص198.
([193]) راجع المصادر التالية: شرح النهج للمعتزلي ج19 ص63 و 64 والإرشاد للمفيد ص59 و 60 وعيون الأثر ج2 ص61 وإعلام الورى ص194 و 195 والمغازي للواقدي ج2 ص470 و 471 وحبيب السير ج1 ص361 وراجع: مناقب آل أبي طالب ج3 ص135 والبحار ج41 ص88 و 89 وج 20 ص225 ـ 228 ـ 203 و 205 و 254 ـ 256 وتفسير القمي ج2 ص181 ـ 185 وكشف الغمة ج1 ص204 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص6 و 7 والسيرة الحلبية ج2 ص319.
([194]) مناقب آل أبي طالب ج3 ص135 والبحار ج41 ص88.
([195]) مجمع البيان ج8 ص343 وبحار الأنوار ج20 ص203 وج 41 ص88. وشواهد التنزيل (ط سنة 1411 ه‍.ق) ج2 ص11 وينابيع المودة ص95 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص135.
([196]) الآية 89 من سورة الأنبياء.
([197]) راجع: شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج19 ص61 وج 13 ص283 و 284 وكنز الفوائد للكراجكي (ط دار الأضواء) ج1 ص297، والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص6 وتاريخ الخميس ج1 ص487، والسيرة الحلبية ج2 ص319 وبحار الأنوار ج20 ص215 وكنز العمال ج12 ص219 وج10 ص290 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص221.
([198]) الخصال ج2 ص368 والبحار ج20 ص244 وشرح الأخبار ج1 ص287 و 288 والإختصاص ص166.
([199]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج13 ص285.
([200]) راجع: كشف الغمة ج1 ص205 وينابيع المودة ص94 و 95 وإعلام الورى ص194 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص136 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج13 ص261 و 285 وج 19 ص61 والطرائف ص60 وكنز الفوائد للكراجكي ص137 ومجمع البيان ج8 ص343 والبحار ج20 ص205 و 273 وج 41 ص88 وج 39 ص1 ونهج الحق ص217.
([201]) إمتاع الأسماع ج1 ص232.
([202]) راجع الإرشاد للمفيد ص59 و 60 وحبيب السير ج1 ص361 وكشف الغمة ج1 ص204 وإعلام الورى ص194.
([203]) كنز الفوائد للكراجكي ص137.
([204]) راجع المصادر التالية: البداية والنهاية ج4 ص106 عن البيهقي في دلائل النبوة، عن ابن إسحاق. وراجع: السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص204 ومجمع البيان ج8 ص343 والبحار ج25 ص203 و 204 و 239 وج 41 ص89 وراجع: مناقب آل أبي طالب ج3 ص135 و 136. وتاريخ الخميس ج1 ص486 و 487 وعيون الأثر ج1 ص61 و 62 والروض الأنف ج3 ص27 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص438 و 439.
وراجع أيضاً: السيرة النبوية لدحلان ج2 ص6 و 7 والسيرة الحلبية ج2 ص319 و 320 وشرح النهج للمعتزلي ج13 ص261 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص167 و 168 وراجع: ديوان أمير المؤمنين علي "عليه السلام" ص67 ومستدرك الحاكم ج3 ص32 و 33 والمناقب للخوارزمي ص104 وراجع: ينابيع المودة ص95 و 96 وراجع أيضاً كنز الفوائد للكراجكي ص137.
([205]) راجع عرض الخصلتين على عمرو، ثم قتل علي "عليه السلام" له في المصادر التالية: الإرشاد للمفيد ص58، وكشف الغمة للأربلي ج1 ص203 و 198 و 199 والكامل في التاريخ ج2 ص181 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص240.
وراجع: البداية والنهاية ج4 ص105 والبحار ج20 ص253 و 254 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص6 و 7 وبهجة المحافل وشرحه ج1 ص266 و 267 ونهاية الأرب ج17 ص173 و 174 وكنز العمال ج10 ص288 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص166 و 167 وعيون الأثر ج2 ص61 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص236 وتهذيب سيرة ابن هشام ص193 و 194 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص436 و 437 والسيرة الحلبية ج2 ص319 ومستدرك الحاكم ج3 ص32 وشرح الأخبار ج1 ص295.
([206]) زاد في نص القمي: ولا تنشد الشعراء في أشعارها أنه جبن ورجع، وخذل قوماً رأَّسوه عليهم. وعند المعتزلي: إذن تتحدث نساء قريش عني: أن غلاماً خدعني.
([207]) راجع عبارة حذيفة في: مجمع البيان ج8 ص343 والبحار ج20 ص204 وج 41 ص90 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص136 و 137.
([208]) راجع فيما تقدم بتفصيل أو إجمال المصادر التالية: سبل الهدى والرشاد ج4 ص534 والإرشاد للمفيد ص59 و 60 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص204 و 203 وإعلام الورى ص194 و 195 وتفسير القمي ج2 ص181 ـ 185، والبحار ج20 ص225 ـ 228 و 203 فما بعدها و 254 ـ 256 وج 41 ص90 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص6 و 7 والسيرة الحلبية ج2 ص319، والمغازي للواقدي ج2 ص470 و 471 وشرح النهج للمعتزلي ج19 ص63 و 46 وبهجة المحافل وشرحه ج1 ص266 و 267 وحبيب السير ج1 ص361 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص162 والمختصر في أخبار البشر ج1 ص135.
وراجع المصادر التالية: شواهد التنزيل (ط سنة 1411 ه‍. ق) ج2 ص11 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص239 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص203 وتاريخ الخميس ج1 ص487 والبدء والتاريخ ج4 ص218 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص166 وشرح الأخبار ج1 ص295 و 296 وكنز العمال ج10 ص290 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص139.
([209]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي الشافعي ج13 ص284.
([210]) مناقب آل أبي طالب ج2 ص220.
([211]) تاريخ الخميس ج1 ص487 وتاج العروس ج9 ص307 والنهاية لابن الأثير ج4 ص52 و 51 والقاموس المحيط ج4 ص258 ولسان العرب ج13 ص332 و 333 وراجع: مستدرك الحاكم ج3 ص123 لتجد حديث: إنك لذو قرنيها. وكذا نوادر الأصول ص307.
([212]) الخصال ج2 ص268 و 269 وبحار الأنوار ج20 ص224.
([213]) شواهد التنزيل (ط سنة 1411 ه‍. ق) ج2 ص11 و 12 ومجمع البيان ج8 ص243 وبحار الأنوار ج20 ص204 عنه.
([214]) شواهد التنزيل (ط سنة 1411 ه‍. ق) ج2 ص13.
([215]) كنز الفوائد للكراجكي من 137.
([216]) راجع: شرح النهج للمعتزلي ج19 ص62 والإرشاد للمفيد ص61 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص205 ومجمع البيان ج8 ص344 والبحار ج20 ص206 وج 41 ص91 وحبيب السير ج1 ص362.
([217]) مناقب آل طالب ج3 ص138.
([218]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج4 من 533 و 534 والبداية والنهاية ج4 ص106 و 107 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص205 وخاتم النبيين ج2 ص937.
([219]) البداية والنهاية ج4 ص107 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص7.
([220]) راجع: الإرشاد للمفيد ص60 وبحار الأنوار ج20 ص254.
([221]) هذه الأبيات توجد موزعة ومجتمة في مصادر كثيرة، لكن رواية السهيلي لها تختلف جزئياً عما ذكرناه هنا، ومهما يكن من أمر، فإن ما ذكرناه مذكور كلـه أو بعضه = = في المصادر التالية وغيرها: سبل الهدى والرشاد ج4 ص534 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص236 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص199 ومستدرك الحاكم ج3 ص33 والبداية والنهاية ج4 ص105 والإرشاد للمفيد ص59 و 61 وإعلام الورى (ط دار المعرفة) ص100 و 101 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص203 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص239 وراجع: مجمع البيان ج8 ص343 و 344 والبحار ج41 ص91 عن المناقب وج 20 ص205 و 206 عنه وص 254 و 257 عن الإرشاد وص 65 عن الديوان المنسوب لأمير المؤمنين "عليه السلام" ص23 وعيون الأثر ج2 ص61 والبدء والتاريخ ج4 ص218 وحبيب السير ج1 ص362 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص168 و 169 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص137 و 138 وشرح الأخبار ج1 ص296 وكنز الفوائد للكراجكي 137 و 138.
([222]) سبل الهدى والرشاد ج4 ص534 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص236 والبداية والنهاية ج4 ص105 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص203 عن ابن هشام.
([223]) سبل الهدى والرشاد ج4 ص534 و 535 وراجع: خاتم النبيين ج2 ص938 ونهاية الأرب ج17 ص174 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص237 وتهذيب سيرة ابن هشام ص194 وراجع: البداية والنهاية ج4 ص106 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص7 وبهجة المحافل ج1 ص266. والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص203 و 205 وشرح الأخبار ج1 ص296.
([224]) راجع فيما عدا المصادر التي تقدمت في الهوامش السابقة ما يلي: مرآة الجنان ج1 ص10 وزاد المعاد ج2 ص118 وراجع: جوامع السيرة النبوية ص150 والوفاء ج2 ص693 وإمتاع الأسماع ج1 ص232 وأنساب الأشراف ج1 ص345 والمواهب اللدنية ج1 ص113 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص50 وبهجة المحافل ج1 ص266 و 267 وراجع: إعلام الورى (ط دار المعرفة) ص100 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق 2 ص30 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص239 وتجـارب الأمم ج2 ص153 والأوئـل للعسكري ج2 ص223 والطرائف ص60 والبحار ج39 ص1 عنه.
([225]) خاتم النبيين ج2 ص937 وينابع المودة ص94 و 136 وشواهد التنزيل (ط سنة 1411 ه‍.ق) ج2 ص10.
([226]) راجع عدا المصادر المتقدمة ما يلي: كشف الغمة للأربلي ج1 ص198 و 199 وتفسير القمي ج2 ص183 والبحار ج20 ص225 و 266 و 239 وعن ديوان أمير المؤمنين ص67 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج19 ص63 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص533 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص167 و 168 والبداية والنهاية ج4 ص106 والسيرة الحلبية ج2 ص318 و 319.
([227]) الآية 6 من سورة البلد.
([228]) تفسير القمي ج2 ص422 والبحار ج20 ص242.
([229]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج19 ص64 وراجع: البحار ج20 ص274 وسيرة المصطفى ص502.
([230]) المغازي للواقدي ج2 ص471.
([231]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج19 ص64.
([232]) سبل الهدى والرشاد ج4 ص534 وأنساب الأشراف ج1 ص345.
([233]) شواهد التنزيل (ط سنة 1411 ه‍.ق) ج2 ص11.
([234]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي الشافعي ج13 ص283 و 284.
([235]) تفسير القمي ج2 ص183 والبحار ج20 ص226 و 203 ومجمع البيان ج8 ص343.
([236]) مناقب آل طالب ج3 ص137.
([237]) راجع: الإرشاد للمفيد ص61 ومجمع البيان ج8 ص343 وشواهد التنزيل ج2 ص12 والبحار ج20 ص257 و 204 وج 41 ص73 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص534 و 535 ومستدرك الحـاكم ج3 ص33 والبدايـة والنهاية ج4 ص107 = = والروض الأنف ج3 ص280 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص439 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص7 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص205 والسيرة الحلبية ج2 ص320 وخاتم النبيين ج2 ص938 ونهاية الأرب ج17 ص174.
([238]) كنز الفوائد للكراجكي ص137.
([239]) السيرة الحلبية ج2 ص320.
([240]) شرح النهج للمعتزلي ج14 ص237.
([241]) الآيات 10 ـ 25 من سورة الأحزاب.
([242]) مناقب آل أبي طالب ج2 ص115 والبحار ج41 ص51.
([243]) راجع النصوص التي تشير إلى ذلك في: كنز العمال ج12 ص219 وتاريخ بغداد ج13 ص19 ومقتل الحسين للخوارزمي ص45 ومستدرك الحاكم ج3 ص32 وتلخيصه للذهبي بهامشه، والمناقب للخوارزمي ص58 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص138 وشرح المواقف ج8 ص371 وفرائد السمطين ج1 ص256 وشواهد التنزيل (ط سنة 1411هـ) ج2 ص14 والغدير عن بعض من تقدم، وعن هداية المرتاب ص148 والتفسير الكبير للرازي ج32 ص31 وفضائل الخمسة من الصحاح الستة ج2 ص323 وحبيب السير ج1 ص362 وينابيع المودة ص94 و 95 و 96 وسعد السعود ص139 والطرائف ص60 وكنز الفوائد للكراجكي ص137 والسيرة الحلبية ج2 ص319 و 320 وشرح المقاصد للتفتازاني ج5 ص298 وفردوس الأخبار ج3 ص455 ونفحات الـلاهـوت ص91 ومجمع البيان ج8 ص343 والبحـار ج41 ص91 و 96 = = وج 20 ص205 وإحقاق الحق (الملحقات) ج8 وج 6 ص5 وج 16 ص403 عن بعض من تقدم، وعن حياة الحيوان (ط القاهرة) ص274 وعن المصادر التالية: نهايـة العقول (مخطوط) ص114 وروضة الاحباب للدشتكي (مخطوط) ص327 وتجهيز الجيش للدهلوي (مخطوط) ص407 و 163 ومفتاح النجاة ص26 وتاريخ آل محمد لبهجت أفندي ص57 ومناقب علي ص26 ووسيلة النجا ص84.
([244]) ينابيع المودة ص94 وشواهد التنزيل (ط سنة 1411هـ) ص12.
([245]) راجع: مجمع البيان ج8 ص343 والبحار ج20 ص205 وشواهد التنزيل (ط سنة 1411هـ)‍ ج2 ص12 وكنز الفوائد للكراجكي ص137.
([246]) منهاج السنة ج4 ص171 و 172 باختصار. والسيرة الحلبية ج2 ص320 وسيرة الرسول (ط سنة 1968 دار الفكر للجميع) ص220.
([247]) تلخيص مستدرك الحاكم للذهبي ج3 ص32 والسيرة الحلبية ج2 ص320.
([248]) السيرة الحلبية ج2 ص320.
([249]) خلاصة تهذيب الكمال ص381، وراجع سائر كتب الرجال والتراجم مثل تهذيب التهذيب، وتهذيب الكمال، وغير ذلك.
([250]) الإرشاد ص55 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص205 وسيرة المصطفى ص504 شرح النهج للمعتزلي ج19 ص60 و 61 وإعلام الورى (ط دار المعرفة) ص195 والبحار ج20 ص256 و 257 ونهج الحق ص249 و 250 وشرح الأخبار ج1 ص229 و 300.
([251]) شرح النهج لابن أبي الحديد ج19 وص 60. وعنه في إحقاق الحق (الملحقات) ج6 ص8 وسيرة المصطفى ص503 والبحار ج20 ص273.
([252]) شرح النهج للمعتزلي ج13 ص284.
([253]) شرح النهج للمعتزلي ج19 ص61 والنص للمفيد في الإرشاد ص61 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص205 ومجمع البيان ج8 ص344 والبحار ج20 ص206 و 258 وج 41 ص91 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص138.
([254]) سبل الهدى والرشاد ج4 ص535 والإرشاد للمفيد ص60 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص205 ومستدرك الحاكم ج3 ص34 وتلخيصه للذهبي بهامشه، وإعلام الورى (ط دار المعرفة) ص196 والبحار ج20 ص256 وج 41 ص91 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص7 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي الشافعي ج19 ص61 و 62 والمناقب للخوارزمي ص106 وكنز الفوائد للكراجكي ص138 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص137.
([255]) مناقب آل أبي طالب ج3 ص136 والبحار ج41 ص90.
([256]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج4 ص535 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص198 والبداية والنهاية ج4 ص107 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص205 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص7 والسيرة الحليبة ج2 ص320.
([257]) خاتم النبيين ج2 ص938.
([258]) البحار ج20 ص249 و 150 والخرائج والجرائح ج1 ص215 و 216.
([259]) الإرشاد للمفيد ص57 والبحار ج20 ص261 وج 41 من 95 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص145.
([260]) الإرشاد للمفيد ص58 والبحار ج20 ص261 و 262 وج 41 ص95 و 96 ومناقب آل طالب ج3 ص145.
([261]) مستدرك الحاكم ج3 ص34.
([262]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص50.
([263]) الإرشاد للمفيد ص57 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص203 وإعلام الورى ص91 ومجمع البيان ج8 ص342 والبحار ج20 ص202 و 251 و 253 وعيون الأثر ج2 ص60 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص436.
([264]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج4 ص532 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص165.
([265]) السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص265 وراجع: سيرة المصطفى ص502 و 503 عنه والبداية والنهاية ج4 ص116 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص222 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق 2 ص32 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص198 و 198 وتاريخ الخميس ج1 ص492 وراجع: نهاية الأرب ج17 ص179.
([266]) سبل الهدى والرشاد ج4 ص535 والمغازي للواقدي ج2 ص471 و 472 لكنه ذكره بلفظ يقال، وراجع المصادر التالية: السيرة النبوية لدحلان ج2 ص7 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص248 وفيه: عثمان بن عبد الله.
([267]) البداية والنهاية ج4 ص107 وراجع: الرسول العربي وفن الحرب ص249 ونهاية الأرب ج17 ص174 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص437 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص206، وراجع: السيرة الحلبية ج2 ص320.
([268]) مجمع البيان ج8 ص343 وبحار الأنوار ج20 ص205.
([269]) تاريخ الخميس ج1 ص487 ووفاء الوفاء ج1 ص303 وراجع: فتح الباري ج7 ص307 والمواهب اللدنية ج1 ص113 وراجع: السيرة النبوية لدحلان ج2 ص7.
([270]) السيرة النبوية لدحلان ج2 ص7.
([271]) إمتاع الأسماع ج1 ص232 والمغازي للواقدي ج2 ص471 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص5.
([272]) أنساب الأشراف ج1 ص345 وتاريخ الخميس ج1 ص487 عن معالم التنزيل، وراجع: عيون الأثر ج2 ص60 عن ابن عائذ. وراجع أيضاً: المواهب اللدنية ج1 ص113 والسيرة الحلبية ج2 ص315 و 320. وراجع كذلك: السيرة النبوية لدحلان ج2 ص5 وكنز العمال ج10 ص289 عن ابن أبي شيبة.
([273]) الكامل في التاريخ ج2 ص182.
([274]) ستأتي مصادر ذلك حين الكلام عن عدد الشهداء من المسلمين، والقتلى من المشركين، أواخر الفصل التالي إن شاء تعالى.
([275]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص50 وراجع: بهجة المحافل ج1 ص266.
([276]) راجع: تاريخ الأمم والملوك (ط مطبعة الإستقامة) ج2 ص240 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص536 وتاريخ الخميس ج1 ص487 و 488 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص137 والبحار ج41 ص90 وخاتم النبيين ج2 ص938 والبداية والنهاية ج4 ص107 والسيرة الحلبية ج2 ص315 وراجع ص320 وسيرة المصطفى ص502 والبحار ج20 ص274 ومحمد رسول الله، لمحمد رضا ص231 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص7 و 5 وشرح النهج للمعزلي ج19 ص64 وبهجة المحافل ج1 ص267 وحبيب السير ج1 ص362 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص206 والإرشاد للمفيد ص60 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص204 وإعلام الورى ص195.
([277]) تاريخ الخميس ج1 ص487 و 488 والسيرة الحلبية ج2 ص315.
([278]) مجمع البيان ج8 ص343 ودلائل النبوة ج3 ص438 عن ابن إسحاق والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص5 والبحار ج20 ص205 و 256 وج41 ص90 والإرشاد للمفيد ص59 و 60 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج19 ص64 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص137.
([279]) إمتاع الأسماع ج1 ص234 وراجع: البداية والنهاية ج4 ص107 والمغازي للواقدي ج2 ص474 والسيرة الحلبية ج2 ص315. وراجع: عيون الأثر ج2 = = ص60 وحديث العشرة آلاف موجود في السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص265 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص5.
([280]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج4 ص536 والمواهب اللدنية ج1 ص113 وراجع: عيون الأثر ج2 ص60 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص404 وخاتم النبيين ج2 ص938.
([281]) دلائل النبوة للبيهقي ج3 ص440 وتاريخ الإسلام (المغازي) للذهبي ص247 و 248 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص305 و 306.
([282]) راجع: إمتـاع الأسماع ج1 ص234 وكنز العـمال ج10 ص289 عن ابن أبي شيبة.
([283]) راجع بالإضافة إلى جميع المصادر المتقدمة ما يلي: تاريخ الأمم والملوك ج2 ص240 وتاريخ الخميس ج1 ص488 و 492 وتهذيب سيرة ابن هشام ص206 وشرح بهجة المحافل ج1 ص267 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص252.
([284]) مستدرك الحاكم ج3 ص32 وتلخيصه للذهبي (مطبوع بهامشه) وقالا: إنه حديث صيحح.
([285]) تفسير القمي ج2 ص185 والبحار ج20 ص228.
([286]) الثفر: سير في مؤخر السرج (والسير: قطعة مستطيلة من الجلد).
([287]) راجع: شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج19 ص64 والسيرة الحلبية ج2 ص320 وسبل الهدى والرشاد ج4 من 535 والرسول العربي وفن الحرب ص249 والمغازي للواقدي ج2 ص472 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص7.
([288]) إمتاع الأسماع ج1 ص232.
([289]) راجع: السيرة الحلبية ج2 ص318 و 320 و 321.
([290]) راجع: الإرشاد للمفيد ص60 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص204 والبحار ج20 ص254 و 256 وراجع: إعلام الوري ص195 وتاريخ الخميس ج1 ص487 و 488 عن روضة الأحباب.
([291]) راجع: السيرة النبوية لدحلان ج2 ص7 والسيرة الحلبية ج2 ص321.
([292]) تاريخ الخميس ج1 ص487.
([293]) فتح الباري ج7 ص312 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص7 وكنز العمال ج10 ص289.
([294]) شرح النهج للمعتزلي ج19 ص64 والبحار ج20 ص274 عنه والمغازي للواقدي ج2 ص471 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص7.
([295]) راجع: تاريخ الخميس ج1 ص487 والسيرة الحلبية ج2 ص321 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص7.
([296]) تفسير القمي ج2 ص185 والبحار ج20 ص228 عنه.
([297]) السيرة الحلبية ج2 ص321 وراجع: شرح النهج للمعتزلي ج19 ص64 وبحار الأنوار ج20 ص274 عنه، والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص7 و 8.
([298]) الإصابة ج2 ص209.
([299]) الإستيعاب مطبوع بهامش الإصابة ج2 ص210.
([300]) السيرة النبوية لدحلان ج2 ص7 والسيرة الحلبية ج2 ص321.
([301]) الإرشاد للمفيد ص62. وستأتي فقرة: الآن نغزوهم ولا يغزوننا، مع مالها من مصادر في أواخر الفصل التالي إن شاء الله تعالى.
([302]) راجع المقطوعات الثلاثة المتقدمة في: البحار ج20 ص279 و 280 وج 41 ص89 و 91 و 90 عن ديوان علي أمير المؤمنين "عليه السلام" ص46 و 109 و 110 و 126 و 127 والمناقب لابن شهرآشوب ج3 ص136 و 137.
([303]) البحار ج41 ص88.
([304]) الإرشاد للمفيد ص56 والبحار ج20 ص259 وج 41 ص98 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص381 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص206 وشرح النهج للمعتزلي ج13 ص290 والبيت الأول فيه وفي البحار عن الإرشاد هكذا:
أمسى الفتى عمرو بن عبد ناظــراً كـيـف العـبـور ولـيـتـه لم يـنـظر
([305]) الإرشاد للمفيد ص56 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص206 والبحار ج20 ص259 وج 41 ص99.
([306]) تاريخ الخميس ج1 ص488 وحبيب السير ج1 ص362.
([307]) الإرشاد للمفيد ص57 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص199 وكشف الغمة ج1 ص207 والبحار ج20 ص260 وج 41 ص73 و 97.
([308]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص20 والبيتان في لسان العرب أيضاً ج8 ص195 وفيه: بكيته ما أقام الروح في جسدي. وراجع مستدرك الحاكم ج3 ص33.
([309]) الإرشاد للمفيد ص57 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص199 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص207 والبحار ج20 ص260 وج 41 ص98.
([310]) الصحيح: يليل، وهو واد ببدر.
([311]) راجع: شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج13 ص288 وذكرها في آخر العثمانية ص336 عنه، وراجع: مجمع البيان ج8 ص342 وبحار الأنوار ج20 ص203 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص278 و 279.
([312]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج3 ص289 وعيون الأثر ج2 ص67 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص280 والملحق بالعثمانية ص336.
([313]) وفي نسخة (يسومه).
([314]) المصدر السابق ج3 ص289 و 290 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص281 والملحق بالعثمانية ص337.
([315]) مسلحب: منبطح. والأبيات في شرح نهج البلاغة للمعتزلي، ج13 ص290 والملحق بالعثمانية ص337.
([316]) السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص280.
([317]) السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص381.
([318]) شرح النهج للمعتزلي ج5 ص7.
([319]) حدائق الأنوار ج2 ص590 وراجع: الزمخشري في الكشاف ج3 ص526 وقد تعجب منه في سعد السعود ص138 و 139.
([320]) تاريخ مختصر الدول ص95.
([321]) منهاج السنة ج4 ص172 والسيرة الحلبية ج2 ص32 وسيرة الرسول ص220.
([322]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج13 ص291 وراجع الملحق آخر العثمانية ص335 ـ 339.
([323]) قد تقدمت مصادر كثير مما ذكرناه. وراجع أيضاً: شرح النهج للمعتزلي ج14 ص207 وراجع أيضاً السيرة الحلبية ج2 ص320.
([324]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج14 ص120.
([325]) راجع هذه النصوص باختصار تارة، وبتطويل أخرى في المصادر التالية: سبل الهدى والرشاد ج4 ص536 ـ 539 وإمتاع الأسماع ج1 ص233 والمغازي للواقدي ج2 ص472 ـ474 ونهاية الأرب ج17 ص174 و 175 والسيرة الحلبية ج2 ص321 وتاريخ الخميس ج1 ص488 والوفاء ص694 وصحيح البخاري ج3 ص22 وعيون الأثر ج2 ص63 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص8 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص401 و 402 وبهجة المحافل وشرحه ج1 ص268 والبداية والنهاية ج4 ص109 و 110 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص210 ـ 212 والمواهب اللدنية ج1 ص114 وأنساب الأشراف ج1 ص345.
([326]) سبل الهدى والرشاد ج4 ص536 عن ابن سعد ووفاء الوفاء ج1 ص304 وتاريخ الخميس ج1 ص488.
([327]) راجع المصادر المتقدمة، وصحيح البخاري ج3 ص22 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص210 وتاريخ الإسلام (المغازي) للذهبي ص248 والسيرة الحلبية ج2 ص322 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص444 والمواهب اللدنية ج1 ص114 والبداية والنهاية ج4 ص109 عن الشيخين، والترمذي، والنسائي، وسبل الهدى والرشاد ج4 ص538 وإمتاع الأسماع ج1 ص233 والمغازي للواقدي ج2 ص474 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص8 وبهجة المحافل وشرحه ج1 ص268.
([328]) المصنف للصنعاني ج5 ص576 وراجع: مسند أحمد ج1 ص81 و 82 وإمتاع الأسماع ج1 ص234 والبداية والنهاية ج4 ص109 عن الخمسة إلا ابن ماجة، والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص210 ومسند أحمد ج1 ص81 و 79 وسبل الهدى والرشـاد ج4 ص538 وعن فتح البـاري ج6 ص105 وج 7 ص405= = والدر المنثور ج1 ص303 عن الستة، وعن عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وأحمد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي، وابن أبي حاتم، وراجع: مسند الطيالسي ص16 وكنز العمال ج2 ص240 عن البخاري، والبيهقي، وعبد الرزاق، وأحمد، وأبي عبيد في فضائله، والعدني، ومسلم، والنسائي، وابن جرير، وابن خزيمة، وأبي عوانة، وابن زنجويه، وعبد بن حميد وغير ذلك.
([329]) كنز العمال ج1 ص240 عن الطبراني وص 286 عن البيهقي.
([330]) كنز العمال ج10 ص283 و 288.
([331]) راجع: السيرة الحلبية ج2 ص321 و 322 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص538 عن أحمد، والنسائي، وأحمد عن ابن مسعود، وعن البزار عن جابر، وراجع: البداية والنهاية ج4 ص110 و 111 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص445 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص212 و 213 وشرح بهجة المحافل ج1 ص268 والمواهب اللدنية ج1 ص114 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص50 وكنز العمال ج10 ص285 عن مصادر عديدة وص 288 عن ابن أبي شيبة.
([332]) المصنف للصنعاني ج5 ص576 وإمتاع الأسماع ج1 ص233 وعيون الأثر ج2 ص63 والمواهب اللدنية ج1 ص114 عن الموطأ وكنز العمال ج2 ص240 ومجمع الزوائد ج1 ص309 عن الطبراني والدر المنثور ج1 ص304 و 303 عن الطبراني، وعبد الرزاق، وابن أبي شيبة، ومسلم والنسائي والبيهقي وكنز العمال ج10 ص280.
([333]) البداية والنهاية ج4 ص110 وتاريخ الخميس ج1 ص488 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص212.
([334]) شرح بهجة المحافل ج1 ص268.
([335]) راجع: مجمع الزوائد ج1 ص309 و 310 والدر المنثور ج1 ص304 عن البزار وص303 عن مصادر أخرى، وكنز العمال ج10 ص239 عن مصادر كثيرة وكشف الأستار عن مسند البزار ج1 ص196 و 197.
([336]) إمتاع الأسماع ج1 ص233.
([337]) راجع: السيرة النبوية لدحلان ج2 ص8 والسيرة الحلبية ج2 ص321 والمواهب اللدنية ج1 ص114 ومحمد رسول الله "صلى الله عليه وآله" لمحمد رضا ص23.
([338]) خاتم النبيين ج2 ص940 وراجع ص951 والبداية والنهاية ج4 ص110 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص211 وشرح بهجة المحافل ج1 ص268 وفقه السيرة ص303.
([339]) البداية والنهاية ج4 ص110 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص211 و 212 والمواهب اللدنية ج1 ص114.
([340]) راجع المصادر المتقدمة.
([341]) الدر المنثور ج1 ص304 عن الطبراني.
([342]) سبل الهدى والرشاد ج4 ص539 والسيرة الحلبية ج2 ص322.
([343]) السيرة الحلبية ج2 ص323.
([344]) الآية 239 من سورة البقرة.
([345]) تفسير نور الثقلين ج1 ص199 ومجمع البيان ج1 ص344.
([346]) راجع: صحيح البخاري ج3 ص22 والسيرة الحلبية ج2 ص322 وتاريخ الإسلام (المغازي) للذهبي ص248 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص444 والمواهب اللدنية ج1 ص114 والبداية والنهاية ج4 ص109 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص210 عن الشيخين، والترمذي، والنسائي.
([347]) يقول القمي في تفسيره ج2 ص181 والبحار ج20 ص223 عنه: إن قريظة قد نقضوا العهد نهاراً، فلما كان في جوف الليل جاء نعيم بن مسعود إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، وكان قد أسلم قبل قدوم قريش بثلاثة أيام.
ونقول: لماذا أخَّر نعيم مجيئه إلى النبي "صلى الله عليه وآله" ليعلن إسلامه هذه المدة الطويلة؟! وآثر البقاء في صفوف أهل الشرك.
([348]) وذكرت بعض المصادر: أن اليهود هم الذين أرسلوا عزال بن سموأل يطلبون التواعد على الزحف بشرط اعطائهم رهـائن من أشرافهم سبعين رجـلاً، فلم = = يرجعوا إليهم بجواب. أضافت بعض المصادر: أن نعيماً عاد إلى بني قريظة وأخبرهم: أن أبا سفيان قال بعد أن ولى عزال: لو طلبوا مني عناقاً ما رهنتها، راجع: سبل الهدى والرشاد ج4 ص543 وإمتاع الأسماع ج1 ص237 والمغازي للواقدي ج2 ص482 و 485 والسيرة الحليبة ج2 ص325 و 326.
([349]) ويذكر الواقدي: أن الزبير بن باطا قد نصحهم بعدم طلب الرهن من قريش، لأنهـا لا تعطيهم إيـاه، وهم أكثر عدداً ومعهم كـراع ولا كـراع مع بني قريظة = = "وهم يقدرون على الهرب ونحن لا نقدر عليه، وهذه غطفان تطلب إلى محمد أن يعطيها بعض ثمار المدينة، فأبى أن يعطيهم إلا السيف" فلم يوافق الزبير أحد من قومه، فلما كان ليلة السبت أرسل أبو سفيان الخ.. راجع: سبل الهدى والرشاد ج4 ص543 و 544.
([350]) تجارب الأمم ج1 ص150 ـ 152 والمغازي للواقدي ج2 ص481 ـ 484 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص541 ـ 545، وتجد هذه القضية بتلخيص أو بدونه في المصادر التالية: الكامل في التاريخ ج2 ص182 وإمتاع الأسماع ج1 ص6 23 ـ 238 والبداية والنهاية ج2 ص111 و 112 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص242 و 243 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص162 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص240 ـ 242 وتفسير القمي ج2 ص181 و 182 و 185 و 186 وبحار الأنوار ج20 ص23 و 224 و 228 و 229 و 207 و 208 ومجمع البيان ج8 ص344 ونهاية الأرب ج17 ص175 ـ 177 وتاريخ الخميس ج1 ص490 = = والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ص2 ص30 و 31 وعيون الأثر ج2 ص64 و 65 وحبيب السير ج1 ص363 وجوامع السيرة النبوية ص151 و 152 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص172 ـ 174 وشرح الأخبار ج1 ص297 ـ 299 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص214 ـ 216 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص241 و 242 والسيرة الحلبية ج2 ص324 وفتح الباري ج7 ص309 وتهذيب سيرة ابن هشام ص194 ـ 196 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص446 ـ 219 و 220 وزاد المعاد ج2 ص118 وبهجة المحافل وشرحه ج1 ص267 ـ 271.
([351]) راجع: تفسير القمي ج2 ص182 والبحار ج20 ص224 وفيه أن نعيم بن مسعود حرض أبا سفيان على طلب الرهن من بني قريظة، عشرة رجال من أشرافهم.
([352]) محمد في المدينة ص139.
([353]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج4 ص527 والبداية والنهاية ج4 ص113 و 3 10 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص199 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص401.
([354]) البداية والنهاية ج4 ص113.
([355]) البداية والنهاية ج4 ص113 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص216 و 217 وراجع: الأمالي للشيخ الطوسي ص267 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص404 و 405 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص541 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص10.
([356]) تفسير القمي ج2 ص186 وبحار الأنوار ج20 ص223 عنه.
([357]) راجع: قرب الإسناد ص63 والبحار ج20 ص246 عنه وج100 ص31 والوسائل ج11 ص102 و 103.
([358]) دلائل النبوة للبيهقي ج3 ص447 وفتح الباري ج7 ص309.
([359]) المغازي ج2 ص485 و 486 وذكر ابن عقبة أيضاً ما فعله عكرمة راجع السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص199.
([360]) المغازي ج2 ص6 48 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص301
([361]) المغازي للواقدي ج2 ص486 و 487 والمصنف ج5 ص368 و 369 وكنز العمال ج10 ص292 و 293 عن ابن جرير.
([362]) راجع: المغازي للواقدي ج1 ص375.
([363]) الرسول العربي وفن الحرب ص256.
([364]) وسائل الشيعة ج11 ص102 وفي هامشه عن التهذيب ج2 ص53.
([365]) سبل الهدى والرشاد ج4 ص540 وراجع: تاريخ الخميس ج1 ص490 و 491 وإعلام الورى (ط دار المعرفة) ص100 والكافي (ط دار الاضواء) ج8 ص233 والبحار ج20 ص268 و 269 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص12 والمغازي للواقدي ج2 ص487 والسيرة الحلبية ج2 ص324 وفيه: "الأحاديث التي جاءت بذم يوم الأربعاء محمولة على آخر أربعاء في الشهر".
([366]) سبل الهدى والرشاد ج4 ص540 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص8 والسيرة الحلبية ج2 ص323.
([367]) راجع المصادر التالية: سبل الهدى والرشاد ج4 ص541 والبداية والنهاية ج4 ص111 عن الصحيحين، وصحيح البخاري ج3 ص22 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص198 والسيرة الحلبية ج2 ص323 ومستدرك الوسائل ج11 ص109 و 110 (ط مؤسسة آل البيت)، والجعفريات ص218 وتيسير المطالب ص246 = = وبحار الأنوار ج20 ص272 وبهجة المحافل ج1 ص268 وصحيح مسلم ج5 ص143.
وراجع: السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص214 والمواهب اللدنية ج1 ص114 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص250 والمغازي للواقدي ج2 ص487 وتاريخ الخميس ج1 ص490، ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص456 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص8 و 12 وكنز العمال ج10 ص285.
([368]) سبل الهدى والرشاد ج4 ص541 وراجع: دلائل النبوة للبيهقي ج3 ص403 و 404 وأنساب الأشراف ج1 ص345 والبداية والنهاية ج4 ص104 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص200 والمغازي للواقدي ج2 ص477 والمصنف للصنعاني ج5 ص367.
([369]) الخرائج والجرائح ج1 156 والبحار ج20 ص248 وراجع: ص230 وتفسير القمي ج 2 ص186 وغير ذلك.
([370]) راجع بحار الأنوار ج91 ص212 و 213 ومهج الدعوات ص70 و 71 والوسائل ج10 ص276 و 277.
([371]) سبل الهدى والرشاد ج4 ص541 والبداية والنهاية ج4 ص111 عن أحمد، وابن أبي حاتم، وتاريخ الخميس ج1 ص491 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص8 و 12 والمواهب اللدنية ج1 ص114 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص213 والسيرة الحلبية ج2 ص323 وفتح الباري ج7 ص309.
([372]) إمتاع الأسماع ج1 ص238 وراجع: المغازي للواقدي ج2 ص488 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص8 و 12 وحبيب السير ج1 ص364.
([373]) تاريخ ابن الوردي ج1 ص162 والمختصر في أخبار البشر ج1 ص135.
([374]) الجامع للقيرواني ص281.
([375]) سبل الهدى والرشاد ج4 ص545 وراجع: السيرة الحلبية ج2 ص326 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص10 و 12.
([376]) راجع: البحار ج20 ص192 عن مجمع البيان ج8 ص339 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص162 وتاريخ الخميس ج1 ص491 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص12.
([377]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص50 وراجع: الخرائج والجرائح (منشورات مصطفوي) ص152 والبحار. ج20 ص249.
([378]) أقشعوا: تفرقوا.
([379]) دلائل النبوة للبيهقي ج3 ص406.
([380]) الآية 9 من سورة الأحزاب.
([381]) راجع: تاريخ الخميس ج1 ص491 والسيرة الحلبية ج2 ص328 عن ابن ظفر في الينبوع، والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص10 والمواهب اللدنية ج1 ص114 وراجع: سعد السعود ص138.
([382]) مجمع البيان ج8 ص339 والبحار ج20 ص192 وتاريخ الخميس ج1 ص491.
([383]) حبيب السير ج1 ص364.
([384]) راجع: بهجة المحافل ج1 ص296 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج4 ص546 ولم يذكر الملائكة. والسيرة الحلبية ج2 ص328 وسعد السعود ص138.
([385]) أنساب الأشراف ص345 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص546.
([386]) سبل الهدى والرشاد ج4 ص546.
([387]) راجع: الخرائج والجرائح ج1 ص156 و 157 والبحار ج20 ص248 وراجع ص230 وتفسير القمي ج2 ص186 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص10 والسيرة الحليبة ج2 ص10و326.
([388]) سبل الهدى والرشاد ج4 ص545 عن البيهقي، والسيرة الحلبية ج2 ص326 وراجع السيرة النبوية لدحلان ج2 ص10.
([389]) مستدرك الحاكم ج3 ص31 وتلخيصه للذهبي بهامشه.
([390]) إعلام الورى (ط دار المعرفة) ص101 والكافي ج8 ص278 والبحار ج20 ص268 وراجع ص230 وتفسير القمي ج2 ص186.
([391]) الآية 13 من سورة الأحزاب.
([392]) في تفسير القمي ج2 ص187 والبحار ج20 ص231: أنه بعد أن اجتاز الخندق شعر كأنه يمشي في حمام. وراجع: الخرائج والجرائح ج1 ص157.
([393]) راجع هذا النص الذي حاولنا تلخيصه في: سبل الهدى والرشاد ج4 ص547 ـ 549 عن الحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي، وأبي نعيم في دلائلهما، ومسلم، وابن عساكر، وابن إسحاق، وستأتي بقية المصادر في الهامش الذي بعد التالي، وكنز العمال ج10 ص282 و 283.
([394]) وفي نص آخر أنه قال: "إن كنا نقاتل أهل الأرض فنحن بالقدرة عليه، وإن كنا نقاتل أهل السماء كما يقول محمد، فلا طاقة لنا بأهل السماء الخ.." الخرائج والجرائح ص157 والبحار ج2 ص248 عنه.
([395]) تجارب الأمم ج2 ص152 و 153. وحديث حذيفة هذا موجود بإيجاز أو بتفصيل في المصادر التالية: إمتاع الأسماع ج1 ص239 والكامل في التاريخ ج2= = ص184 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص244 والبداية والنهاية ج4 ص113 ـ 155 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص217 ـ 221 وإعلام الورى (ط دار المعرفة) ص101 وعيون الأثر ج2 ص65 و 66 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص243 ومجمع البيان ج8 ص344 و 345 ونهاية الأرب ج17 ص177 و 178 والمغازي للواقدي ج2 ص489 و 490 وتاريخ الخميس ج1 ص491 و 492 والوفاء ج2 ص694 ودلائل النبوة لأبي نعيم ص433 ـ 435 وتهذيب سيرة ابن هشام ص195 ـ 197 وبحار الأنوار ج20 ص208 و 209 و 268 و 230 و 231 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص449 ـ 455 وفتح الباري ج7 ص307 و 308 و 312 والكافي ج8 ص278 و 279 وتفسيره وصححاه، وصحيح مسلم، كتاب الجهاد باب غزوة الأحزاب، والسيرة الحلبية ج2 ص326 ـ 328 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص243 و 249 و 250 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص10 ـ 12 وبهجة المحافل وشرحه ج1 ص270 و 271 والمواهب اللدنية ج1 ص113 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص174 و 175 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص148 و 149 وكنز العمال ج10 ص285.
([396]) راجع: تفسير القمي ج2 ص187 والبحار ج20 ص230 والخرايج والجرائح ج1 ص157 وراجع: السيرة الحلبية ج2 ص226 والمغازي للواقدي ج2 ص489 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص10 و 11 ولم تصرح المصادر الثلاثة الأخيرة بأنـه "صلى الله عليه وآله" ناداه باسمه ثلاث مرات، وكـذا في المصـادر = = التالية: السنن الكبرى للبيهقي ج9 ص148 و 149 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص244 والبداية والنهاية ج4 ص133 و 144 وراجع: مجمع البيان ج8 ص244 و 245 وتاريخ الخميس 1 ص491 والبحار ج20 ص208 و 209 وعيون الأثر ج2 ص65 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص174 و 175 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص242 و 243 و 249 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص217 ـ 219.
([397]) دلائل النبوة للبيهقي ج3 ص406 و 407.
([398]) الخرائج والجرائح ج1 ص157 والبحار ج20 ص248 عنه.
([399]) حدائق الأنوار ج2 ص590 و 591 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص148 وعيون الأثر ج2 ص65 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص431 وصحيح البخاري ج3 ص22 والمواهب اللدنية ج1 ص113 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص247 والسيرة الحلبية ج2 ص326 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص10 وبهجة المحافل وشرحه ج1 ص270 عن البخاري ومسلم، وسنن الترمذي، وابن ماجة، وفي الأخير عن علي.
([400]) سبل الهدى والرشاد ج4 ص562 و 563 والمواهب اللدنية ج1 ص113 وفتح الباري ج7 ص312.
([401]) حدائق الأنوار ج2 ص590 و 591.
([402]) السيرة النبوية لدحلان ج2 ص10 والسيرة الحلبية ج2 ص328.
([403]) المغازي ج2 ص492 والإمتاع ج1 ص240 وخاتم النبيين ج2 ص942 وراجع: السيرة النبوية لدحلان ج2 ص12 وأنساب الأشراف ج1 ص344 والنزاع والتخاصم ص17 و 18 والغدير ج3 ص252 عنه.
([404]) راجع: المغازي للواقدي ج2 ص493 والسيرة الحلبية ج2 ص331.
([405]) الجريدة: جماعة الخيل.
([406]) المغازي ج2 ص490 وأشار إلى ذلك في عيون الأثر ج2 ص66، وراجع: السيرة النبوية لدحلان ج2 ص11 و 12 والسيرة الحلبية ج2 ص327 وراجع: إمتاع الأسماع ج1 ص239.
([407]) الخرائج والجرائح ج1 ص157 والبحار ج20 ص248 عنه.
([408]) راجع: بهجة المحافل ج1 ص269 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص546 عن ابن جرير، وابن أبي حاتم والسيرة الحلبية ج2 ص328 وراجع: السيرة النبوية لدحلان ج2 ص12.
([409]) أنساب الأشراف ج1 ص345.
([410]) راجع: على سبيل المثال: فتح الباري ج7 ص302.
([411]) راجع: سيرة مغلطاي ص56 والدر المنثور ج5 ص192 عن ابن أبي حاتم وابن جرير عن السدي وقتادة.
([412]) الدر المنثور ج2 ص195 عن ابن سعد بن المسيب.
([413]) التفسير السياسي للسيرة ص262 و 263.
([414]) الآية 9 من سورة الأحزاب.
([415]) سبل الهدى والرشاد ج4 ص550 عن البخاري والبداية والنهاية ج4 ص111 و 115 عن الصحيحين ومجمع البيان ج8 ص245 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص250 وعن مسلم كتاب الذكر ج8 ص83 والبحار ج20 ص209 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص456 وصحيح البخاري ج3 ص22 وبهجة المحافل ج1 ص271 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص214 و 221 وعن فتح الباري ج7 ص406.
([416]) تاريخ مختصر الدول ص95.
([417]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي الشافعي ج5 ص7.
([418]) الإرشاد ص62 والبحار ج20 ص258.
([419]) تاريخ الخميس ج1 ص487 و 488 عن روضة الأحباب.
([420]) الخصال للشيخ الصدوق ج2 ص369 والبحار ج20 ص244.
([421]) راجع: الدر المنثور ج5 ص192 عن ابن أبي حاتم، وابن مردويه، وابن عساكر وينابيع المودة ص94 و 96 و 137 عن المناقب وأبي نعيم وميزان الاعتدال ج2 ص380 ومنـاقب آل طـالب ج3 ص134 والإرشاد للمفيد ص62 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص206 وفضائل الخمسة من الصحاح الستة ج1 ص323 والبحر المحيط ج7 ص224 ورورح المعاني ج21 ص175 وكفاية الطالب ص234 ومجمع البيان ج8 ص350 و 334 والبحار ج20 ص196 و 205 و 259 وج 41 ص88 وشواهد التنزيل (ط وزارة الثقافة والإرشاد الايرانية) ص7 و 8 و 9 ج2 ونهج الحق ص199 وترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق ج2 ص420. وملحقات إحقاق الحق للمرعشي النجفي ج3 ص376 ـ 380 وج 14 ص327 ـ 329 وج 20 عن مصادر تقدمت وعن المصادر التالية: معارج النبوة للكاشفي ج1 ص163 ومناقب مرتضوي ص55 ومفتاح النجا للبدخشي (مخطوط) ص41 وتجهيز الجيش ص81 (مخطوط) ودر بحر المناقب (مخطوط) ص85 وأرجح المطالب ص75 و 186.
([422]) شواهد التنزيل (ط وزراة الثقافة والإرشاد الإيرانية) ج2 ص10 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي الشافعي ج13 ص284 عن الإسكافي.
([423]) تفسير القمي ج2 ص189 والبحار ج20 ص233.
([424]) ينابيع المودة ص96 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص134 والبحار ج41 ص88.
([425]) الآية 251 من سورة البقرة.
([426]) الإرشاد ص62 والبحار ج20 ص258.
([427]) شرح النهج للمعتزلي الشافعي ج19 ص62 والبحار ج20 ص273 عنه.
([428]) الآية 95 من سورة النساء.
([429]) إحقاق الحق ج3 ص381.
([430]) دلائل الصدق ج2 ص175.
([431]) الآية 25 من سورة الأحزاب.
([432]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي الشافعي ج14 ص262.
([433]) راجع على سبيل المثال: تاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي ص32 ـ 34 والغدير للعلامة الأميني ج5 ص43 ـ 65.
([434]) راجع المصادر التالية: سبل الهدى والرشاد ج4 ص549 عن أحمد، والبخاري، والبزار، والبيهقي، وأبي نعيم، وفتح الباري ج7 ص312 والمواهب اللدنية ج1 ص115 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص394، و 457 و 458 والسيرة النبوية= = لابن دحلان ج2 ص12 ووفاء الوفاء ج1 ص305 وشرح النهج للمعتزلي ج19 ص62 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص251 والسيرة الحلبية ج2 ص328 وصحيح البخاري ج3 ص22 والبحار ج20 ص258 و 273 و 209 والإرشاد للمفيد ص62 ونهاية الأرب ج17 ص178 وعيون الأثر ج2 ص66 وراجع ص76 وحدائق الأنوار ج2 ص592 والكامل في التاريخ ج2 ص184 والبداية والنهاية ج4 ص115 عن ابن إسحاق ومجمع البيان ج8 ص344 وبهجة المحافل ج1 ص271 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص221 وتاريخ الخميس ج1 ص492.
([435]) إمتـاع الأسـماع ج1 ص241 والعبر وديـوان المبتـدأ والخـبر ج2 ق 2 ص32 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص549 والبداية والنهاية ج4 ص115 ومجمع البيان ج2 ص345 والبحار ج20 ص209 وتاريخ الخميس ج1 ص492 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص12 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص458 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص266 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص221 والمواهب اللدنية ج1 ص115 وتهذيب سيرة ابن هشام ص207 والبحر المحيط ج7 ص224.
([436]) راجع: إمتاع الأسماع ج1 ص241 وخاتم النبيين ج2 ص942 والمغازي للواقدي ج2 وبقية المصادر ـ وهي كثيرة جداً ـ تجدها في فصل: الأحزاب إلى المدينة، وفي فصل: غدر بني قريظة.
([437]) الآية 25 من سورة الأحزاب.
([438]) شرح النهج للمعتزلي ج10 ص220.
([439]) الوفاء ج1 ص304 وتاريخ الخميس ج1 ص492 عن الوفاء والجامع للقيرواني ص281.
([440]) خاتم النبيين ج2 ص938.
([441]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص50 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص163 وراجع: البداء والتاريخ ج4 ص220 ومختصر التاريخ ص43 والوفاء ص694 وإمتاع الأسماع ج1 ص240 و 241، ومناقب آل أبي طالب ج1 ص198 وبهجة المحافل وشرحه ج1 ص272 وحبيب السير ج1 ص364 ووفاء الوفاء ج1 ص304 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص550 و 551 والمغازي للواقدي ج2 ص495 و 496 وعيون الأثر ج2 ص67 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص264 و 265 والبداية والنهاية ج4 ص115 و 116 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص222 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص252 وراجع: تاريخ الأمم والملوك ج2 ونهاية الأرب ج17 ص178 و 179 وتاريخ الخميس ج1 ص492 وتهذيب سيرة ابن هشام ص206 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص13.
([442]) العبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق 2 ص32.
([443]) الرسول العربي وفن الحرب.
([444]) سبل الهدى والرشاد ج4 ص551 وعيون الأثر ج2 ص67 و 68 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص13.
([445]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص50.
([446]) راجع المصادر التي تقدمت للقول بأن شهداء المسلمين ستة.
([447]) العبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق 2 ص32 والرسول العربي وفن الحرب ص254 وروح المعاني ج21 ص175.
([448]) راجع: إمتاع الأسماع ج1 ص240 و 241 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص550 و 551 والمغـازي للواقـدي ج2 ص495 و 496 وعيـون الأثـر ج2 ص67 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص264 و 265 والبداية والنهاية ج4 ص115 و 116 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص222 وتـاريـخ الإسـلام للـذهـبي = = (المغازي) ص252 وتاريخ الأمم والملوك ج2 وتاريخ الخميس ج1 ص492 ونهاية الأرب ج17 ص178 و 179 وتهذيب سيرة ابن هشام ص206 وحبيب السير ج1 ص364 وبهجة المحافل ج1 ص272 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص13 والبحر المحيط ج7 ص224 وروح المعاني ج21 ص175.
([449]) البحر المحيط ج7 ص224.
([450]) مناقب آل أبي طالب ج2 ص83.
([451]) سبل الهدى والرشاد ج4 ص550 والمغازي ج2 ص 491. وفي إمتاع الأسماع ج1 ص239 اكتفى بالقول: "وأصبح "صلى الله عليه وآله"، فأذن للمسلمين بالانصراف، فلحقوا بمنازلهم".
([452]) سبل الهدى والرشاد ج4 ص550 عن الطبراني، والواقدي. والمغازي للواقدي ج2 ص492.
([453]) تفسير القمي ج2 ص187 والبحار ج20 ص231.
([454]) الخرائج والجرائح ج1 ص158 والبحار ج20 ص248 عنه.
([455]) تاريخ الخميس ج1 ص492 وعيون الأثر ج2 ص66 وراجع: نهاية الأرب ج17 ص178 والسيرة الحلبية ج2 ص328 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص12 والمواهب اللدنية ج1 ص115 وفتح الباري ج7 ص311.
([456]) سبل الهدى والرشاد ج4 ص550.
([457]) الخرائج والجرائح ج1 ص94 ـ 96 والبحار ج22 ص158. وقال في هامش الخرائج: ورواه: بنحو آخر في الكافي ج3 ص251 والتهذيب ج3 ص333 وأخرجه في الوسائل ج2 ص818.
([458]) الآيات 56 ـ 58 من سورة الأنفال.
([459]) الآيتان 26 و 27 من سورة الأحزاب.
([460]) الرُقعة: السماء عموماً.
([461]) سيرة المصطفى ص511.
([462]) جوامع السيرة النبوية ص156.
([463]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص52 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص33.
([464]) فتح الباري ج7 ص313 ووفاء الوفاء ج1 ص162.
([465]) الآيات 56 ـ 58 من سورة الأنفال.
([466]) مجمع البيان ج4 ص552 والبحار ج20 ص191 وراجع: الدر المنثور ج3 ص191 عن ابن أبي شيبة وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ عن مجاهد باستثناء العبارة الأخيرة.
([467]) وفاء الوفاء ج1 ص309.
([468]) الدر المنثور ج3 ص191 عن أبي الشيخ عن الزهري، وعن ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد. وأنساب الأشراف ج1 ص348 وراجع ص309 عن الزهري.
([469]) أنساب الأشراف ج1 ص348 وراجع ص309.
([470]) الآيتان 26 و 27 من سورة الأحزاب.
([471]) الدر المنثور ج5 ص192 عن الفريابي، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأنساب الأشراف ج1 ص348.
([472]) الدر المنثور ج5 ص193 عن ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
([473]) الدر المنثور ج5 ص193 عن ابن سعد.
([474]) أي رأت في منامها.
([475]) راجع: المغازي للواقدي ج2 ص496 ـ 497.
([476]) محمد في المدينة، لمونتجمري وات ص326.
([477]) راجع المصادر التـاليـة: التنبيه والإشراف ص217 والمغـازي للواقـدي ج2 ص496 ومناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج1 ص251 وعمدة القاري ج17 ص188.
([478]) راجع: العبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص31 ووفاء الوفاء ص695 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص162 والثقات ج1 ص274 وجوامع السيرة النبوية ص152 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص244 و 245 والكامل في التاريخ ج2 ص185 وبهجة المحافل ج1 ص272 ونهاية الأرب ج17 ص187 ووفاء الوفاء ج1 ص305 والإكتفاء ج2 ص176 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص245 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص224، والمغازي للذهبي ص253 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص13 والسيرة الحلبية ج2 ص331 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص6 و 7.
([479]) فتح الباري ج7 ص314 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص9.
([480]) راجع في ذلك: إرشاد الساري ج6 ص328 و 329 وعمدة القاري ج17 ص189 و 190 وفتح الباري ج7 ص313 و 314 والمواهب اللدنية ج1 ص115 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص34 و 35 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص13 وشرح النووي على صحيح مسلم ج12 ص98 والسيرة الحلبية ج2 ص332 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص8 وإمتاع الأسماع ج1 ص242.
([481]) عيون الأثر ج2 ص68 والمواهب اللدنية ج1 ص115 وإمتاع الأسماع ج1 ص242 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص9 وتاريخ الخميس ج1 ص493 والسيرة الحلبية ج2 ص332 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص13.
([482]) المغازي للواقدي ج2 ص497 وراجع: طبقات ابن سعد (ط دار الأضواء) ج2 ص74 وإمتاع الأسماع ج1 ص241 و 242 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص8 و 9 و 10 وراجع: تاريخ الخميس ج1 ص493 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص13 والسيرة الحلبية ج2 ص331 و 332 و 333.
([483]) راجع: عمدة القاري ج17 ص192 وفتح الباري ج7 ص318 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص8 وتاريخ الإسلام (المغازي ص254).
([484]) راجع: عيون الأثر ج2 ص68 والبداية والنهاية ج4 ص117 عن البيهقي ودلائل النبوة للأصبهاني ص437 ومجمع الزوائد ج6 ص141 عن الطبراني في الأوسط، وسبل الهدى والرشاد ج5 ص8 وراجع: تاريخ الخميس ج1 ص493 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص13 والسيرة الحلبية ج2 ص333 ودلائل النبوة للبيهقي ج2 ص8 و 10 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص225 و 226.
([485]) الوفا ص694 و 697 والبداية والنهاية ج4 ص117 و 118 و 123 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص13 وفتح الباري ج7 ص318 وراجع: مسند أبي عوانة ج4 ص171 وأنساب الأشراف ج1 ص347.
([486]) سيرة ابن إسحاق ص397.
([487]) تاريخ الخميس ج1 ص493 وراجع: ابن سعد ج2 ص75 و 76 وفيه: أنه نادى في الناس: أن ائتوا حصن بني قريظة، ثم اغتسل فأتاهم عند الحصن.
([488]) المصنف للصنعاني ج5 ص369 ودلائل النبوة لأبي نعيم ص438 ومجمع الزوائد ج6 ص145 عن الطبراني وسبل الهدي والرشاد ج5 ص8 و 9.
([489]) تاريخ الخميس ج1 ص493 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص13 والسيرة الحلبية ج2 ص331 والدر المنثور ج5 ص193 عن ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة.
([490]) راجع: زاد المعاد لابن القيم 2 ص119.
([491]) راجع: تاريخ الخميس ج1 ص493.
([492]) مناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج1 ص251.
([493]) إعلام الورى (ط سنة 1390 ه‍.ق) ص93 والبحار ج20 ص272 و 273 عنه.
([494]) إحقاق الحق ج10 ص229 و 238 وج 19 ص105 و 107 عن الإستيعاب ومصادر كثيرة أخرى، ومستدرك الحاكم ج1 ص448 وج 3 ص155 و 156 وحلية الأولياء ج2 ص30 وج 6 ص123 ومقتل الحسين للخوارزمي ص63 و 56 وذخائر العقبى ص37 والجامع الصغير ج2 ص294 وينابيع المودة ص198 وإسعاف الراغبين (بهامش نور الأبصار) ص189 و 190 ووفـاء الوفـاء ج1 = = ص331 وأعلام النساء ج3 ص1217 وسنن البيهقي ج1 ص26 ونظم درر السمطين ص177 وتلخيص المستدرك للذهبي ج3 ص156 وكشف الغمة للشعراني ج1 ص145 ومسند أحمد ج5 ص275 ومختصر سنن أبي داود ج6 ص108 وأهل البيت لتوفيق أبي علم ص120. وعن مصادر كثيرة أخرى فلتراجع. وراجع: عوالم العلوم ج11 ص313 والبحار ج43 ص83 وج 88 ص93.
([495]) قال الشامي: الصوران: اسم للنخل المجتمع الصغار. موضع في أقصى بقيع الغرقد مما يلي بني قريظة. سبل الهدى والرشاد ج5 ص38.
([496]) الثقات ج1 ص274 وراجع: السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص245 وعيون الأثر ج2 ص69. وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص247.
([497]) راجع: دلائل النبوة للبيهقي ج4 ص14 و 9 و 11 ومجمع البيان ج8 ص351 والبحـار ج20 ص210 عنه ومنـاقـب آل أبي طـالب (ط دار الأضـواء) ج1 = = ص251 والبداية والنهاية ج4 ص118 والمصنف للصنعاني ج5 ص370 والسيرة الحلبية 2 ص332 وراجع: مجمع الزوائد ج6 ص137 والإكتفاء ج2 ص177 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص237 و 226 و 227 و 228 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص254 ـ 255.
([498]) تفسير فرات (ط سنة 1460 ه‍. ق) 174 والبحار ج20 ص266 عنه.
([499]) تفسير القمي ج2 ص189 و 190 والبحار ج20 ص233 و 234.
([500]) راجع: المغازي للواقدي ج2 ص498 و 499 وراجع: إمتاع الأسماع ج1 ص242 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص8 و 9 و 11 ولم يذكر قول حارثة الأخير، وكذا في المصادر التالية: تاريخ الخميس ج1 ص493 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص14 والسيرة الحلبية ج2 ص333.
([501]) جوامع السيرة النبوية ص152 وراجع: البداية والنهاية ج4 ص123.
([502]) الإستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ج2 ص356 وقاموس الرجال ج6 ص50 عنه وراجع: المعجم الكبير 10 ص292 ومجمع الزوائد ج9 ص276 عنه وسير أعلام النبلاء ج3 ص340 ومختصر تاريخ دمشق ج12 ص299.
([503]) تاريخ بغداد ج14 ص435 وقاموس الرجال ج6 ص50 عنه.
([504]) الإستيعاب (بهامش الإصابة) ج2 ص356 وقاموس الرجال ج6 ص50 عنه.
([505]) سير أعلام النبلاء ج3 ص340 ومجمع الزوائد ج9 ص277 وقال: رواه الطبراني بأسانيد ورجاله ثقات.
([506]) مناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج1 ص251 وإعلام الورى ص93 (ط سنة 1390) والبحار ج20 ص272 ـ 273 وتاريخ الخميس ج1 ص492.
([507]) المغازي للواقدي ج2 ص497 وإمتاع الأسماع ج1 ص241 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص254 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص4 و 9 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص13 والسيرة الحلبية ج2 ص332 وتفسير فرات (ط سنة 1410 ه‍. ق) ص174 والبحار ج20 ص266.
([508]) سيرة مغلطاي ص56 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص224 و 228 و 235 و 237 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص13 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص12 والبداية والنهاية ج4 ص16 وراجع: ص123 والوفا ص694.
وراجع: مرآة الجنان ج1 ص10 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص162 والسيرة الحلبية ج2 ص331 ـ 333 والإكتفاء ج2 ص176 والمواهب اللدنية ج1 ص115 ومسند أحمد ج6 ص141 و 142 ونهاية الأرب ج17 ص187 والكامل في التاريخ ج2 ص185 ومجمع الزوائد ج6 ص136 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص255 ووفاء الوفاء ج1 ص305 و 306 وحدائق الأنوار ج2 ص594 وتاريخ الخميس ج1 ص493 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص244 وعيون الأثر ج2 ص68 وصحيح البخاري ج3 ص22 و 23 وإمتاع الأسماع ج1 ص241 و 242 وطبقات ابن سعد (ط دار صادر) ج2 ص74 والمغازي للواقدي ج2 ص497 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص8 و 9 و 10.
([509]) إعلام الورى ص93 (ط سنة 1390 ه‍.ق) والبحار ج20 ص272 و 273.
([510]) تفسير فرات (ط سنة 1410 ه‍. ق) ص174 والبحار ج20 ص266 عنه.
([511]) راجع: طبقات ابن سعد (ط دار صادر) ج2 ص77 وفتح الباري ج7 ص313 والسيرة الحلبية ج2 ص332 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص8 و 9 وراجع: تاريخ الخميس ج1 ص493 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص13.
([512]) راجع المصادر المتقدمة في الهامش السابق، وراجع: صحيح البخاري ج3 ص22 وطبقات ابن سعد ج2 ص56 وبهجة المحافل ج1 ص272 وفاء الوفاء ج1 ص306 ودلائل النبوة لأبي نعيم ص437 والبداية والنهاية ج4 ص117 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص253 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص6 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص224.
([513]) مجمع الزوائد ج6 ص137 وراجع: البداية والنهاية ج4 ص123.
([514]) تاريخ الخميس ج1 ص493.
([515]) إعلام الورى (ط سنة 1390 ه‍.ق) ص93 وبحار الأنوار ج20 ص272 و 273 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص52.
([516]) مناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج1 ص251.
([517]) المغازي للواقدي ج2 ص497 و 498 و 499. وراجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص8 ـ 11 وطبقات ابن سعد (ط دار صادر) ج2 ص74 وإمتاع الأسماع ج1 ص241 و 242 وراجع أيضاً: تاريخ الخميس ج1 ص493 والسيرة الحلبية ج2 ص332 و 333 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص3.
([518]) تاريخ الخميس ج1 ص493 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص13 وراجع: إمتاع الأسماع ج1 ص242.
([519]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص52.
([520]) الوفا ص695 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق ص31 ونور اليقين ص166 وجوامع السيرة النبوية ص153 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص245 وعيون الأثر ج2 ص68 عنه وطبقات ابن سعد (ط دار صادر) ج2 ص74 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص224 والبداية والنهاية ج4 ص116 وأنساب الأشراف ج1 ص347 والمواهب اللدنية ج1 ص115 وإمتاع الأسماع ج1 ص241 وتاريخ الخميس ج1 ص493 ونهاية الأرب ج17 ص187 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص13 والسيرة الحلبية ج2 ص333.
([521]) التنبيه والإشراف ص217.
([522]) مناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج1 ص251 وإعلام الورى (ط سنة 1390هـ) ص93 والبحار ج20 ص272 و 273.
([523]) وفاء الوفاء ج4 ص1222.
([524]) وفاء الوفاء ج4 ص1222.
([525]) راجع: معجم البلدان ج3 ص87 وفيه: يوماً، وهو خطأ، والصحيح ميلاً. ومراصد الإطلاع ج2 ص637 ووفاء الوفاء ج4 ص1222 وعن صحيح البخاري كتاب البيوع، باب 111 وعن صحيح مسلم كتاب الصلاة ح 15.
([526]) مراصد الإطلاع ج2 ص637 ووفاء الوفاء ج4 ص1222 ومعجم البلدان ج3 ص87 (ط دار الكتب العلمية) وفيه: يوماً وهو خطأ، والصحيح: ميلاً.
([527]) المصادر المتقدمة.
([528]) وفاء الوفاء ج4 ص1222.
([529]) المغازي للواقدي ج2 ص497 وإمتاع الأسماع ج1 ص24 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص9 وتفسير فرات (ط سنة 1410 ه‍. ق) ص174 وبحار الأنوار ج20 ص266 والسيرة الحلبية ج2 ص332 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص13 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص254.
([530]) معجم البلدان ج2 ص346 ووفاء الوفاء ج4 ص1196 ومراصد الإطلاع ج1 ص424.
([531]) مجمع الزوائد ج6 ص141 عن الطبراني في الأوسط، وإمتاع الأسماع ج1 ص242 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص11 وطبقات ابن سعد (ط دار صادر) ج2 ص76 وراجع: السيرة الحلبية ج2 ص333.
([532]) تاريخ الخميس ج1 ص493.
([533]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص52.
([534]) تفسير القمي ج2 ص189 و 190 والبحار ج20 ص233 و 234.
([535]) المصنف للصنعاني ج5 ص369 وراجع: دلائل النبوة لأبي نعيم ص438 وأشار إليه في مجمع الزوائد ج6 ص140 عن الطبراني.
([536]) راجع الهوامش التي تقدمت تحت عنوان: جبرئيل والنبي، وتحت عنوان: في بيت عائشة أم في بيت فاطمة؟!، وتحت عنوان: حمراء الأسد أو الروحاء؟!
([537]) راجع فيما تقدم: المغازي للواقدي ج2 ص500 وجوامع السيرة النبوية ص152 والكامل في التاريخ ج2 ص185 والمواهب اللدنية ج1 ص115 و 114 وإمتاع الأسماع ج1 ص243 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص245 وص 246 وطبقات ابن سعد ج2 ص76 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص13 و 14 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص246 و 245 وصحيح البخاري ج3 ص22 والسيرة الحلبية ج2 ص334 ومجمع البيان ج8 ص351 والبحار ج20 ص210 عنه، والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص225 ـ 228 والبداية والنهاية ج4 ص117 و 119 والروض الأنف ج3 ص281 وحدائق الأنوار ج2 ص594 والمصنف للصنعاني ج5 ص370 ومجمع الزوائد ج6 ص140 وبهجة المحافل ج1 ص272 و 273 وتاريخ الخميس ج1 ص494 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص253 و 254 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص8 و 10 و 33 ـ 35 ومسند أبي عوانة ج4 ص173 وصحيح مسلم ج5 ص162 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص6 ـ 8 و 12 والإكتفاء ج2 ص177 ونهاية الأرب ج17 ص187 والثقات ج1 ص274 وعيون الأثر ج2 ص69 وفتح الباري ج7 ص314.
([538]) التفسير السياسي للسيرة ص279 و 280.
([539]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص35 والسيرة الحلبية ج2 ص334 وتاريخ الخميس ج1 ص494.
([540]) شرح النووي على صحيح مسلم ج12 ص98.
([541]) راجع: البداية والنهاية ج4 ص118 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص227 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص14 وتاريخ الخميس ج1 ص494 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص35 و 34 وشرح النووي على صحيح مسلم ج12 ص98 وفتح الباري ج7 ص315 وأول ص316.
([542]) جوامع السيرة النبوية ص152 و 153 وراجع: البداية والنهاية ج4 ص118 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص118.
([543]) الآية 78 من سورة الإسراء.
([544]) راجع: هامش كتاب الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان ج4 ص321.
([545]) راجع: كتاب الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان ج4 ص8.
([546]) الطبقات الكبرى ج2 ص76.
([547]) مسند أبي عوانة ج4 ص173.
([548]) الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان ج4 ص320 و 321.
([549]) راجع المصادر التالية: إرشاد الساري ج6 ص328 و 329 وعمدة القاري ج17 ص189 و 190 وفتح الباري ج7 ص313 و 314 والمواهب اللدنية ج1 ص115 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص33 و 34 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص13 وشرح النووي على صحيح مسلم ج12 ص98 والسيرة الحلبية ج2 ص332.
([550]) خاتم النبيين ج2 ص951 وفتح الباري ج7 ص315 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص34.
([551]) خاتم النبيين ج2 ص351.
([552]) فقه السيرة للبوطي ص307 و 308.
([553]) المصدر السابق.
([554]) الروض الأنف ج3 ص281 وفتح الباري ج7 ص315 وراجع السيرة الحلبية ج2 ص334.
([555]) حدائق الأنوار ج2 ص595 وراجع: شرح النووي على صحيح مسلم ج12 ص98.
([556]) النووي على صحيح مسلم ج12 ص98.
([557]) شرح النووي على صحيح مسلم ج12 ص98 وراجع: فتح الباري ج7 ص315.
([558]) راجع: شرح النووي على صحيح مسلم ج2 ص98 وفتح الباري ج7 ص315.
([559]) وفاء الوفاء ج1 ص161 وج 3 ص1076 وراجع: معجم البلدان (ط دار الكتب العلمية) ج1 ص346 وج 5 ص234 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق1 ص287.
([560]) راجع: وفاء الوفاء ج3 ص823 و 824 و 821 ومرآة الحرمين ج1 ص419.
([561]) راجع: وفاء الوفاء ج4 ص1188.
([562]) راجع: صحيح مسلم ج2 ص109 وسنن الدارقطني ج1 ص253 وصحيح البخاري ج1 ص69 وج 4 ص170 وسنن الدارمي ج1 ص274 والسنن الكبرى ج1 ص440 وتحفة الأحوذي ج1 ص493 و 496.
([563]) صحيح البخاري ج4 ص170.
([564]) سنن أبي داود ج1 ص111 ومختصر سنن أبي داود للمنذري ج1 ص239 ومسند أحمد ج3 ص161 و 217 وسنن النسائي ج1 ص253 ومسند أبي عوانة ج1 ص351 وسنن ابن ماجة ج1 ص223 والمصنف للصنعاني ج1 ص547 وكنز العمال ج8 ص27 عنه وعن ابن أبي شيبة. والسنن الكبرى ج1 ص440 ونصب الراية ج1 ص246 وشرح معاني الآثار ج1 ص190 والتمهيد ج6 ص179.
([565]) سنن الدارقطني ج1 ص254 وشرح معاني الآثار ج1 ص189 و 190 وشرح الموطأ للزرقاني ج1 ص35.
([566]) راجع: إرشاد الساري ج1 ص494 وشرح الموطأ للزرقاني ج1 ص35.
([567]) عيون الأثر ج2 ص70 و 71 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق 2 ص31 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص179 والمغازي للواقدي ج2 ص509 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص16 والسيرة الحلبية ج2 ص246 وشرح بهجة المحافل ج1 ص273 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص18 و 19 وراجع: تاريخ الخميس ج1 ص495 وراجع: قاموس الرجال ج2 ص211.
([568]) السيرة الحلبية ج2 ص336 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص15 وتاريخ الخميس ج1 ص495.
([569]) سنن الدارقطني ج1 ص252 والسنن الكبرى ج1 ص441.
([570]) التمهيد ج1 ص298.
([571]) راجع: تحفة الأحوذي ج1 ص493 عن البزار، وأحمد، والطبراني في الكبير، والتمهيد ج6 ص181 وشرح معاني الآثار ج1 ص191.
([572]) عمدة القاري ج25 ص57 و 37 وإرشاد الساري ج10 ص333.
([573]) راجع: شرح معاني الآثار ج1 ص191.
([574]) راجع: سنن أبي داود ج1 ص111 ومختصر سنن أبي داود للمنذري ج1 ص239 والتمهيد ج1 ص300 وفتح الباري ج2 ص22 ونيل الأوطار ج1 ص391 والتعليق المغني على سنن الدارقطني ج1 ص253 والسنن الكبرى ج1 ص441 وشرح النووي على صحيح مسلم ج5 ص122.
([575]) زهر الربى على المجتبى ج1 ص253 و 254 وعون المعبود ج2 ص77 وشرح النووي على صحيح مسلم ج5 ص122 وإرشاد الساري ج1 ص493.
([576]) راجع: فتح الباري ج2 ص22.
([577]) سنن الدارقطني ج1 ص253 وإرشاد الساري ج1 ص493 عنه، وكذا في عمدة القاري ج5 ص37 وفتح الباري ج2 ص23.
([578]) صحيح البخاري ج1 ص69 والسنن الكبرى ج1 ص440 وتحفة الأحوذي ص493 و 496 ووفاء الوفاء ج4 ص1261 ونيل الأوطار ج1 ص391 والمنتقى لابن تيمية ج1 ص210.
([579]) راجع: وفاء الوفاء ج4 ص1261.
([580]) سنن أبي داود ج1 ص111 ومختصر سنن أبي داود للمنذري ج1 ص239 ومسند أحمد ج3 ص161 والمصنف للصنعاني ج5 ص547 ووفاء الوفاء ج4 ص1261 والسنن الكبرى ج1 ص440 وشرح معـاني الآثـار ج1 ص190 ونصب الراية ج1 ص246.
([581]) عمدة القاري ج5 ص37 وشرح الموطأ للزرقاني ج1 ص35 وفتح الباري ج2 ص23.
([582]) السنن الكبرى ج1 ص440 وعمدة القاري ج5 ص37 عنه وصحيح البخاري ج4 ص170 وفتح الباري ج2 ص23 ووفاء الوفاء ج1261.
([583]) إرشاد الساري ج1 ص493.
([584]) راجع: وفاء الوفـاء ج4 ص1261 وقال: وذكره ابن حزم أيضاً، ونقله الحافظ ابن حجر عن أبي عبيد، وعمدة القاري ج5 ص37 وفتح الباري ج2 ص23.
([585]) إرشاد الساري ج1 ص493 وعمدة القاري ج5 ص37 وفتح الباري ج2 ص23 ووفاء الوفاء ج4 ص1261.
([586]) شرح الموطأ للزرقاني ج1 ص35.
([587]) وفاء الوفاء ج4 ص1262.
([588]) إرشاد الساري ج1 ص493.
([589]) شرح النووي على صحيح مسلم ج5 ص122 ونيل الأوطـار ج1 ص391 وراجع: الإستذكار ج1 ص344.
([590]) الجوهر النقي (مطبوع بهامش سنن البيهقي) ج1 ص441 والتمهيد ج6 ص178 وراجع: شرح الموطأ للزرقاني ج1 ص35 ووفاء الوفاء ج4 ص1261 وقال: ذكره ابن حزم أيضاً ونقله ابن حجر عن أبي عبيد.
([591]) التمهيد ج6 ص178 وشرح الموطأ للزرقاني ج1 ص35.
([592]) فتح الباري ج7 ص316.
([593]) هذا الكلام قد جاء على سبيل التعجب والحقيقة هي أن علياً "عليه السلام" هو الذي فعل ذلك كله.
([594]) صحيح مسلم ج2 ص122 ومسند أبي عوانة ج1 ص356 والمنتقى لابن تيمية ج1 ص213 عن أحمد ومسلم وابن ماجة.