الــصــحـيـــح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) ج1
العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي
المركز الإسلامي للدراسات
بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين، ونبرأ من أعدائهم ومخالفيهم إلى يوم الدين.
وبعد..
فهذه هي الطبعة الرابعة لكتاب: "الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله". نقدمها إلى القراء الكرام، بعد بدء صدور هذا الكتاب بحوالي ثلاثة عشر عاماً خلت.
وتمتاز هذه الطبعة عن سابقاتها بأمور أساسية ثلاثة، هي التالية:
1 ـ إن هذه الطبعة تأتي بعد حصول هذا الكتاب على جائزة الجمهورية الإسلامية في إيران لعام 1413 ه‍. ق. باعتباره الكتاب الأول في مجال كتابة السيرة النبوية المباركة.
وطبيعي أن يثير هذا الأمر شعوراً لدى الكثيرين بضرورة نشر هذا الكتاب بصورة أتم وأفضل، وعلى نطاق أوسع وأشمل.
كما إنه يمنحهم مبرراً لتأكيد إصرارهم على مؤلفه لمتابعة جهوده التحقيقية، في نطاق السيرة النبوية المباركة، لسد الفراغ الموجود في هذا المجال.
ثم هو يذكي شعوراً لدى مؤلفه، بأن جهده الذي يبذله لن يكون بدون جدوى، بل ربما يكون ضرورياً ولازماً، الأمر الذي يمنحه فرصة للتفكير في الرجوع عن قراره السابق بعدم الاستمرار في كتابة فصول هذا الكتاب، بسبب ما يواجهه من صعوبات، وما يتحمله من مشاق في هذا السبيل.
2 ـ إن هذه الطبعة تمتاز عن سابقاتها، بأنها قد جاءت أكثر دقة وصفاء، وصحة ونقاء منها، حيث قد أعيد النظر في كثير من النقاط التي كان هذا الكتاب قد أثارها، وحصلت فيها تصحيحات وإضافات، وتغييرات كثيرة، إما تأييداً وتأكيداً، أو تنقيحاً وتصحيحاً.
كما وحصلت إضافات كثيرة في هوامش الكتاب، بالإضافة إلى بعض التصحيحات فيها.
وقد كانت هذه التغييرات والإضافات من الكثرة، بحيث أصبحت أجزاء الكتاب أكثر مما كانت عليه في طبعاته السابقة.
3 ـ لقد أعدنا النظر في تمهيد الكتاب، وتوسعنا في مطالبه، إلى حد أنها أصبحت تشكل واحداً من أجزاء الكتاب المستقلة، فاعتبرناه مدخلاً لدراسة السيرة النبوية المباركة، وكان هو أول أجزائها في هذه الطبعة، وأصبح الجزء الأول هو الثاني والثاني هو الثالث، وهكذا..
ولم نكن لنصنع ذلك لولا أننا رأينا: أن من المهم جداً تعريف القارئ والباحث على قضايا وسياسات كانت ولا تزال تخفى تارة وتظهر أخرى، ولم تستطع حتى الآن أن تحتل مكانتها الحقيقية في التكوين الفكري في المجال الثقافي العام.
وفي الختام أقول:
لقد كنت أتمنى لو تسنح لي الفرصة لإعادة كتابة هذا الكتاب، وصياغته من جديد؛ لإصلاح تعابيره وتراكيبه، وإعادة النظر في تبويبه وترتيبه وقد تنشأ عن ذلك إضافات كثيرة، وتصحيحات هنا وهناك كبيرة أو صغيرة.
ولكن الفرصة ـ للأسف ـ كانت ولا تزال محدودة، بل هي مفقودة من الأساس.
حتى إنني لا أبعد إذا قلت بمرارة: إن معظم ما أكتبه يقدم إلى الطبع وهو في مسودته الأولى، فلا غرو إذا ظهرت فيه أحياناً أغلاط كثيرة، وفجوات كبيرة.
ولكننا عملاً بقاعدة: "ما لا يدرك كله، لا يترك كله" نقبل بتحمل وزر ذلك على أمل أن يأتي الآخرون، ويقوموا بدورهم في تنقيح هذه البحوث والتوسع فيها، وعرضها بالشكل اللائق والمقبول.
فها أنا أقدم هذا الكتاب إلى القراء الكرام بانتظار توفر الوقت، وصحة العزم، وبذل الجهد في التنقيح والتصحيح، أو إكمال الطريق، رغم ما فيها من أشواك وأدغال، ومن مصاعب ومشقات وأهوال.
وأخيراً وليس آخراً..
نسأل الله سبحانه أن ينفع بما كتبت، ويجعله خالصاً لوجهه الكريم، ومنه تعالى نستمد العون والقوة، ونسأله التأييد والتسديد. والحمد لله، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله الطاهرين.
22/2/1414 ه‍. ق.
جعفر مرتضى الحسيني العاملي
تنبيه:
يرجى ملاحظة ما يلي:
1 ـ هناك مصادر كثيرة اعتمدنا عليها من طبعات مختلفة ولم يتيسر لنا التنبيه على ذلك في مواردها المختلفة.
2 ـ هناك طبعات لم نشر إليها في الفهرس الموضوع في آخر الكتاب، لعدم إمكان الوصول إليها حين إعداده..
3 ـ اعتمدنا في هذه الطبعة عبارة "صلى الله عليه وآله" في جميع الكتاب، حتى في الموارد التي ليس فيها إضافة "الآل" في المصدر الأساس، فليلاحظ ذلك.
4 ـ هناك بعض المواضع جرى فيها الكثير من التعديل، والإضافة، والحذف، مثل موضوع إيمان أبي طالب وغيره.
تـقــديــم([1])
بـدايـة:
إن حياة المجتمعات ليست أحداثاً متباينة ومنفصلة عن بعضها البعض، وإنما هي استمرار، يضع الماضي كل ما حصل عليه من عمله الدائب، وجهاده المستمر في صميم هذا الحاضر، ليستمد منه الكثير من عناصر قوته وحركته، ووسائل تطوره، ثم تقدمه بخطى ثابتة ومطمئنة نحو المستقبل الذي يطمح له، ويصبو إليه.
فمن الطبيعي إذن، أن نجد لكثير من الأحداث التاريخية، حتى تلك التي توغلت في أعماق التاريخ، حتى لا يكاد يظهر لنا منها شيء ـ نجد لها ـ آثاراً بارزة، حتى في واقع حياتنا اليومية الحاضرة، بل تظهر آثارها في حياة الشعوب، وفي تصرفاتها، بل وفي مفاهيمها وعواطفها، فضلاً عن تأثيرها على الحالة الدينية، والأدبية، والعلمية، والسياسية والاقتصادية، والعلاقات الاجتماعية، وغير ذلك.
وإن كان تأثير هذه الأحداث يختلف شمولاً وعمقاً من أمة لأخرى،
ومن شعب لآخر أيضاً.
مهمة التاريخ:
أما مهمة التاريخ، فهي أن يعكس بدقة وأمانة حياة الأمة في الماضي، وما مرت به من أوضاع وأحوال، وما تعرضت له من هزات فكرية، وأزمات اقتصادية واجتماعية وغيرها.
وهذا يؤكد لنا أهمية التاريخ، ويبرز مدى تأثيره في الحياة، ويعرفنا سر اهتمام الأمم على اختلافها به تدويناً، ودرساً، وبحثاً، وتمحيصاً، وتعليلاً. فهي تريد أن تتعرف من خلال ذلك على بعض الملامح الخفية لواقعها الذي تعيشه.
ولتستفيد منه كلبنة قوية وصلبة لمستقبلها الذي تقدم عليه، ولتكتشف منه أيضاً بعضاً من عوامل رقيها وانحطاطها، ليكون ذلك معيناً لها على بناء نفسها بناء قوياً وسليماً، والإعداد لمستقبلها على أسس متينة وقوية وراسخة.
ونحن هل نملك تاريخاً:
ونحن أمة تريد أن تحيا الحياة بكل قوتها وحيويتها، وفاعليتها، ولكننا في الوقت الذي نملك فيه أغنى تاريخ عرفته أمة، لا نملك من كتب التاريخ والتراث ما نستطيع أن نعوِّل عليه في إعطاء صورة كاملة وشاملة ودقيقة عن كل ما سلف من أحداث؛ لأن أكثر ما كتب منه تتحكم فيه النظرة الضيقة، ويهيمن عليه التعصب والهوى المذهبي، ويسير في اتجاه التزلف للحكام.
وأقصد ب‍ـ "النظرة الضيقة" عملية ملاحظة الحدث منفصلاً عن جذوره وأسبابه، ثم عن نتائجه وآثاره.
وبكلمة أوضح وأصرح:
إن ما لدينا هو ـ في الأكثر ـ تاريخ الحكام والسلاطين، وحتى تاريخ الحكام هذا، فإنه قد جاء مشوَّهاً وممسوخاً، ولا يستطيع أن يعكس بأمانة وحَيَدةٍ الصورة الحقيقية لحياتهم ولتصرفاتهم ومواقفهم؛ لأن المؤرخ كان لا يسجل إلا ما يتوافق مع هوى الحاكم، وينسجم مع ميوله، ويخدم مصالحه، مهما كان ذلك مخالفاً للواقع، ولما يعتقده المؤرخ نفسه ويميل إليه.
ومن هنا، فإننا لا نفاجأ إذا رأينا المؤرخ يهتم بأمور تافهة وحقيرة، فيسهب القول في وصف مجلس شراب، أو منادمة لأمير أو حاكم، أو يختلق أحداثاً، أو شخصيات لا وجود لها، ثم يُهمل أحداثاً خطيرة، أو يتجاهل شخصيات لها مكانتها وأثرها العميق في التاريخ، وفي الأمة، أو يشوه أموراً صدرت من الحاكم نفسه، أو من غيره، أو يحيطها ـ لسبب أو لآخر ـ بالكتمان، ويثير حولها هالة من الإبهام والغموض.
دراسة التاريخ:
إذن، فلا بد لمن يريد دراسة التاريخ والاستفادة من الكتب التاريخية والتراثية، من أن يقرأها بحذر ووعي، وبدقة وتأمل، حتى لا يقع في فخ التضليل والتجهيل.
فلا بد له من أن يفتح عينيه وقلبه على كل كلمة تمر به، ويحاول قدر المستطاع أن يستنطقها، ويستخلص منها ما ينسجم مع الواقع، مما تؤيده الدلائل والشواهد المتضافرة، ويرفض أو يتوقف في كل ما تلاعبت به الأهواء، وأثرت عليه الميول والعصبيات.
وليس ذلك بالأمر اليسير والسهل، ولاسيما فيما يرتبط بتاريخ الإسلام الأول الذي هبت عليه رياح الأهواء الرخيصة والعصبيات الظالمة، وعبثت به أيدي الحاقدين، وابتزت منه رواءه وصفاءه إلى حد كبير وخطير.
ماذا نريد:
ونحن بدورنا في كتابنا هذا سوف نحاول استخلاص صورة نقية وواضحة قدر الإمكان عن تاريخ نبينا الأكرم "صلى الله عليه وآله".
ولسوف ينصبُّ اهتمامنا بصورة أكثر وأوفر على إبعاد كل ذلك الجانب المريض من النصوص، المجعولة تاريخاً، مع أن الكثير منها لا يعدو أن يكون أوهاماً وخيالات، ابتدعها المحدثون المغرضون والقصاصون الأفاكون، وأصحاب الأهواء والمتزلفون.
ميزات أساسية في تاريخ الإسلام المدوَّن:
نقول ما تقدم بالرغم من أننا قد قلنا آنفاً: إننا على قناعة من أن تاريخ الإسلام المدوَّن ـ على ما فيه من هنات ونقص ـ أغنى تاريخ مكتوب لأية أمة من الأمم، وهو يمتاز عن كل ما عداه بدقته وشموله، حتى إنك لتجده كثيراً ما يسجل لك الحركات، واللفتات، واللمحات، فضلاً عن الكلمات والمواقف والحوادث، بدقة متناهية واستيعاب لا نظير له.
أضف إلى ذلك: أنه يملك من الآيات القرآنية، ثم من النصوص الصحيحة والصريحة الشيء الكثير، مما لا تجده في أي تاريخ آخر على الإطلاق.
هذا إن لم نقل إن هذا الأمر من مختصات تاريخ الإسلام، إذا تأكدنا أنه ليس بإمكان أي تاريخ أن يثبت من مقولاته إلا النزر اليسير، ولاسيما في جزئيات الأمور، وفي التفاصيل والخصوصيات.
وميزة أخرى يمتاز بها تاريخ الإسلام، وهي أنه يمتلك قواعد ومنطلقات تستطيع أن توفر للباحث السبل المأمونة، التي يستطيع من خلال سلوكها أن يصل إلى الحقائق التي يريدها، دقت، أو جلت.
ولسوف يأتي الحديث عن بعض من ذلك في بعض فصول ما اصطلحنا عليه أنه "المدخل لدراسة السيرة النبوية الشريفة".
البداية الطبيعية لتاريخ الإسلام:
وواضح: أن البداية الطبيعية لتاريخ الإسلام، وأعظم وأهم ما فيه هو سيرة سيد المرسلين محمد "صلى الله عليه وآله الطاهرين".
فلا بد من البدء بها، ولو ببحث قضايا وأحداث رئيسة فيها، ليكون ذلك بمثابة خطوة أولى على طريق التصدي لبحوث مستوعبة وشاملة، من قبل المتخصصين والباحثين، من ذوي الكفاءات والهمم العالية.
ولكن ذلك يحتاج إلى تقديم مدخل، من شأنه أن يعطي انطباعاً عاماً عن أجواء ومناخات البحث، فإلى هذا المدخل الذي يشتمل على عدة فصول..
والله هو الموفق والمسدد، وهو المستعان، وعليه التكلان.
القسم الأول:
مدخل إلى دراسة السيرة
الباب الأول: تدوين التاريخ بين الدوافع والأهداف
الباب الثاني: تدوين التاريخ.. الآثار والنتائج
الباب الأول:
تدوين التاريخ بين الدوافع والأهداف
الفصل الأول: صفات النبي
الفصل الثاني: سياسات تستهدف الجذور
الفصل الثالث: أين ؟ وما هو البديل
الفصل الرابع: القصاصون يثقفون الناس رسمي
الفصل الأول:
صفات النبي '
صفات النبي ':
المفروض بالنبي ـ أي نبي كان ـ أن يمثل النموذج الفذ الذي يريده الله تعالى على الأرض وهو الإنسان، بكل ما لهذه الكلمة من معنى.
فهو رجل الفضل، والعقل، والكمال، ومثال الحكمة، والوقار والجلال. عالم، حكيم، تقي، شجاع، حازم، إلى غير ذلك من صفات إنسانية فاضلة، وكمالات رفيعة. لا ترى في أعماله أي خلل أو ضعف، أو ضعة، ولا في تصرفاته أي تشتت أو تناقض.
وبكلمة: إنه الرجل المعصوم من الخطأ، المبرأ من الزلل، أكمل الخلق وأفضلهم؛ ولأجل ذلك جعل الله تعالى نبينا محمداً "صلى الله عليه وآله" أسوة لبني الإنسان مدى الدهر، وفرض عليهم أن يقتدوا به في كل شيء حتى في جزئيات أفعالهم، فقال تعالى: ?لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ?([2]).
أترى هذا هو الرسول؟!:
ولكننا لو راجعنا الروايات التي يُدَّعى: أنها تسجل لنا تاريخ نبي الإسلام "صلى الله عليه وآله".
لوجدنا هذا النبي ـ الذي اصطفاه الله، واختاره من بين جميع خلقه، ووصفه جل وعلا في القرآن الكريم بأنه ?لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ?([3]) والذي هو أشرف الأنبياء والمرسلين، وأعظم وأكمل رجل وجد على وجه الأرض، وهو عقل الكل، ومدبر الكل، وإمام الكل ـ لوجدناه رجلاً عاجزاً، ومتناقضاً، يتصرف كطفل، ويتكلم كجاهل، يرضى فيكون رضاه ميوعة وسخفاً، ويغضب فيكون غضبه عجزاً واضطراباً، يحتاج دائماً إلى من يعلمه، ويدبر أموره، ويأخذ بيده، ويشرف على شؤونه، ويحل له مشاكله. الكل أعرف، وأقوى، وأعقل منه، كما أثبتته الوقائع المختلفة المزعومة تاريخاً وسيرة لحياته "صلى الله عليه وآله".
وبماذا؟ وكيف نفسر حمل هذا النبي زوجته على عاتقه لتنظر إلى لعب السودان وخده على خدها؟! أو أنها وضعت ذقنها على يده، وصارت تنظر إلى لعب السودان يوم عاشوراء؟!([4]).
ثم هو يترك جيشه لينفرد بزوجته عائشة، ليسابقها في قلب الصحراء أكثر من مرة، وفي أكثر من مناسبة، فتسبقه مرة، ويسبقها أخرى، فيقول لها: هذه بتلك([5]).
أضف إلى ذلك: أنه يهوى زوجة ابنه بالتبني، بعد أن رآها في حالة مثيرة([6]) إلى غير ذلك من المرويات الكثيرة جداً التي تتحدث عن تفاصيل في حياته الزوجية، مما نربأ نحن بأنفسنا عن التفوه به، وذكره، فكيف بممارسته وفعله!!
وبماذا وكيف نفسر أيضاً: أن يرى هذا النبي الرأي، فتنزل الآيات القرآنية مفندة لرأيه، ومصوبة لرأي غيره، فيقعد ليبكي وينوح على ما فرط منه؟!!([7]).
وكيف نفسر أيضاً ما يروونه عنه، من أنه مر على سباطة([8]) قوم، فيبول وهو قائم؟([9]) ثم يكون له شيطان يعتريه ـ كما هو لغيره من الناس ـ وكان يأتيه في صورة جبرئيل، وقد أعانه الله على شيطانه هذا فأسلم([10]). وأن شيطانه خير الشياطين؟([11]).
ثم شربه للنبيذ والفضيخ؟([12]).
وكونه أحق بالشك من إبراهيم "عليه السلام"؟([13]).
ثم إنه ينسى ما هو من مهماته وشؤونه، مثل ليلة القدر، وحين يعجز عن تذكرها يأمر الناس بأن يلتمسوها في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك([14]).
كما أنه لا يحفظ سورة الروم جيداً([15]).
وينسى أيضاً أنه جنب([16]) إلى غير ذلك مما لا يمكن تتبعه ولا الإحاطة به لكثرته، مما يزيد في قبحه أضعافاً على ما ذكرناه، مما زخرت به المجاميع الحديثية والتاريخية لدى بعض المذاهب الإسلامية المنتشرة في طول البلاد وعرضها.
نعم.. هكذا تشاء الروايات ـ وكثير منها مدون في الكتب التي يدعي البعض: أنها أصح شيء بعد القرآن ـ أن تصور لنا أعظم رجل، وأكرم وأفضل نبي على وجه الأرض!!
وهذه هي الصورة التي يستطيع أن يستخلصها من يراجع هذا الركام الهائل من المجعولات، إذا كان خالي الذهن من الضوابط والمعايير الحقيقية، والمنطلقات الأساسية، التي لا بد من التوفر عليها في دراسة التاريخ. وكذلك إذا كان لا يعرف شيئاً مما يجب أن يتوفر في الشخصية التي يفترض أن تمثل النموذج الفذ لإرادة الله تعالى على الأرض.
وكذلك إذا كان خالي النفس عن تقديس النص تقديساً ساذجاً وعشوائياً.
هذا التقديس الذي ربما يرفع هذه المنقولات عن مستواها الحقيقي، ويمنع ـ ولو جزئياً ـ من تقييمها تقييماً واقعياً وسليماً، يعطيها حجمها الطبيعي في ميزان الاعتبار والواقع.
وما هو المبرر لتقديس كهذا ما دام لم يثبت بعد أن هذا هو كلام النبي "صلى الله عليه وآله" أو موقفه، أو من صفاته وشؤونه، وما إلى ذلك؟!. إن إعطاء هذه الصورة عن نبي الإسلام الأعظم "صلى الله عليه وآله"، وهو القدوة والأسوة، لهو الخيانة العظمى للتاريخ، وللأمة، وللإنسانية جمعاء، ولا زلنا نتجرع غصص هذه الخيانة، ونهيم في ظلماتها.
الخطة الخبيثة:
وأما لماذا كل هذا الافتراء على الرسول الأكرم "صلى الله عليه وآله"؟ فنعتقد: أن الأمر لم يكن عفوياً، بل كانت ثمة خطة مرسومة تهدف إلى طمس معالم الشخصية النبوية، والتعتيم على خصائصها الرسالية الفذة، ليكون ذلك مقدمة لهدم الإسلام من الأساس، خصوصاً من قبل الحكم الأموي البغيض وأعوانه.
ونذكر هنا: بعض الأمثلة التي تظهر بعض فصول هذه الخطة التي تستهدف الإسلام ورموزه، وشخصية النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله" بالذات، وهي التالية:
سياسات ضد نبي الإسلام ':
1 ـ إنهم يذكرون عن زيد بن علي بن الحسين "عليهما السلام"، أنه قال: إنه شهد هشام بن عبد الملك، والنبي يُسَبُّ عنده؛ فلم ينكر ذلك هشام، ولم يغيره([17]).
2 ـ ذكروا في ترجمة خالد بن سلمة المخزومي المعروف بـ "الفأفاء": أنه كان مرجياً، ويبغض علياً، وأنه كان ينشد بني مروان الأشعار التي هُجي بها المصطفى "صلى الله عليه وآله".
وخالد هذا يروي عنه أصحاب الصحاح الست ما عدا البخاري!!([18]).
3 ـ إن عمرو بن العاص لم يرض بضرب نصراني يشتم النبي الأعظم "صلى الله عليه وآله"([19]).
4 ـ وقد ذكر الكميت: أنه كان إذا مدح النبي "صلى الله عليه وآله" اعترض عليه جماعة، ولم يرضوا بذلك، فهو يقول:
إلى الـسراج المـنـير أحـمـد لا يعــ دلـنـي عـنـه رغـبــة، ولا رهــب
عـنـه إلى غـيـره ، ولــو رفع النـــا س إلـــيّ الـعـيـون، وارتــقـبـو
وقـيــل: أفـرطتَ بل قصدتُ ولو عـنـفـنـي القــائلــــون، أو ثلبو
إلـيـك يـا خيــر من تضمنت الأر ض، وإن عــاب قـولي الــعـيـب
لـجّ بتـفـضـيـلـك اللســان ولـو أُكـثِرَ فيـك الضجـاج واللـجـب
ولعل الكميت رحمه الله قد أحس أن وراء هذه السياسة أمراً عظيماً، حيث يقول:
رضوا بخـلاف المهـتـدين وفيهـم مخبَّـأة أخــرى تـصــان وتحـجب
ولا يمكن تفسير "المخبأة" التي تصان وتحجب بأنها تفضيل الخليفة على الرسول "صلى الله عليه وآله"؛ لأن ذلك لم يكن مخبأ، بل صرح به ولاة وأعوان الأمويين، كالحجاج بن يوسف، وخالد القسري، كما سنرى.
فلا بد أن تكون هذه "المخبأة" هي طمس دين الله، وإزالة معالمه، وتشويه الصورة الحقيقية لنبي الرحمة "صلى الله عليه وآله"، وإزالة معالم الشخصية النبوية بصورة نهائية من أذهان الناس.
5 ـ حدَّث مطرَّف بن المغيرة: أن معاوية قال للمغيرة في سياق حديث ذكر فيه معاوية ملك أبي بكر، وعمر، وعثمان، وأنهم هلكوا فهلك ذكرهم:
"وإن أخا هاشم يصرخ به في كل يوم خمس مرات: أشهد أن محمداً رسول الله، فأي عمل يبقى مع هذا لا أم لك؟! لا والله، إلا دفناً دفناً"([20]).
ويقال: إن هذه القضية بالذات هي السبب في إقدام المأمون في سنة 212 ه‍. على النداء بلعن معاوية، لولا أنهم أقنعوه بالعدول عن ذلك([21]) فراجع.
ونقول:
إن المغيرة الذي ضرب الزهراء حتى أدماها، كما عن الإمام الحسن "عليه السلام" لم يكن ذلك الرجل الذي يرجع إلى دين، أو يهمه أمر ذكر النبي "صلى الله عليه وآله"؛ فإن حال المغيرة في قلة الدين ومجانبة الحق معلوم([22]).
ولكن "ويل لمن كفَّره نمرود"، فإن المغيرة الرجل الداهية لم يستطع تحمل جهر معاوية بهذا الأمر، ورأى فيه مجازفة خطيرة، تجر معاوية، وكل من يسير في ركابه إلى أخطار جسام، لا يمكن التكهن بعواقبها، فأحب المغيرة أن ينسحب بنفسه ليسلم بجلده، لو كان ثمة ما يخاف منه، أو لعله أحس في ولده "مطرّف" بعض الإيمان فاتقاه، وذكر له هذا الأمر بصورة تشنيعية ظاهرة.
وخلاصة الأمر: أن المغيرة إنما يهتم بمصلحته الشخصية بالدرجة الأولى، لا بمصلحة معاوية.
وقد يكون أحس من معاوية: أنه يريد عزله، وتولية غيره، أو أنه كانت في نفسه موجدة عليه، بسبب عزله إياه، فذكر عنه ما كان أسره إليه، أو أن ذلك قد كان منه قبل أن يوليه معاوية الكوفة!!
6 ـ روى أحمد بن أبي طاهر في كتاب "أخبار الملوك": أن معاوية سمع المؤذن يقول: "أشهد أن محمداً رسول الله" فقال:
"لله أبوك يا بن عبد الله، لقد كنت عالي الهمة، ما رضيت لنفسك إلا أن يقرن اسمك باسم رب العالمين"([23]).
فهذا النص يؤيد النص السابق، ويوضح لنا مدى تبرم معاوية بهذا الأمر، وأنه يعتبر ذكر رسول الله "صلى الله عليه وآله" في الأذان إنما هو من صنيع رسول الله "صلى الله عليه وآله" نفسه.
أما أن يكون ذلك بوحي من الله فذلك آخر ما يفكر أو يعترف به معاوية.
7 ـ ثم هناك محاولاتهم الجادة للمنع من التسمي باسم رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وقد نجحوا في ذلك بعض الشيء كما يُعلم بالمراجعة([24]).
8 ـ يقول العنزي "سمعت أبا برزة وقد خرج من عند عبيد الله بن زياد، وهو مغضب فقال:
ما كنت أظن أن أعيش حتى أخلف في قوم يعيروني بصحبة محمد "صلى الله عليه وآله".
قالوا: إن محمديّكم هذا الدحداح الخ.."([25]).
9 ـ وقد رأى مروان أبا أيوب الأنصاري واضعاً وجهه على قبر النبي "صلى الله عليه وآله"، فقال له: أتدري ما تصنع؟!
فقال أبو أيوب: نعم، جئت رسول الله "صلى الله عليه وآله" ولم آتِ الحجر([26]).
ما أشبه الليلة بالبارحة:
وها نحن نجد نفس هذا الاتجاه الأموي يتبلور بصورة أصرح وأقبح في نهج بعض الفرق التي تدعي لنفسها قيمومة على الإسلام وعلى مقدساته ورموزه، حيث إنها ما فتئت تعمل على المنع من التبرك بآثار النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله"، وتجهد في طمس كل الآثار والمعالم الإسلامية، وإزالتها بطريقة أو بأخرى، وبمبرر مهما كان سخيفاً، وبلا مبرر.
وتحكم بالكفر على هذا الفريق، وبالشرك على ذاك، لا لشيء إلا لأنهم لا يوافقونهم في المعتقد، وفي الرأي. وأمر هذه الفرقة أشهر من أن يذكر.
سنة النبي ' أم سنة غيره؟!:
أما قيمة سنة النبي "صلى الله عليه وآله" لديهم فيوضحها:
1 ـ أنه حينما أنكر أبو الدرداء على معاوية أكله الربا، أو شربه بآنية الذهب والفضة، واحتج عليه بقول رسول الله "صلى الله عليه وآله"، أجابه معاوية بقوله: أما أنا فلا أرى به بأساً.
فأخذ أبو الدرداء على نفسه أن لا يساكن معاوية في أرض هو فيها.
وكان ذلك في زمن عمر بن الخطاب، فلما بلغه ذلك لم يزد على أن أرسل إلى معاوية ينهاه عن فعل ذلك، ولكنه لم يعنفه على ما صدر منه، ولا عاقبه، ولا عزله عن عمله([27]).
وبالمناسبة فإننا نشير هنا إلى أن أبا الدرداء لم يلتزم بما قطعه على نفسه، حيث إنه قد ساكن معاوية بعد ذلك، وصار من أعوانه لما تسلط على الناس، وابتزهم أمرهم.
2 ـ وكان عثمان قد أحدث الصلاة: في منى أربعاً، ولم يقصرها كما كان يفعل رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فاعتل عثمان مرة، فطلبوا من علي "عليه السلام" أن يصلي بالناس، فقال "عليه السلام": إن شئتم صليت لكم صلاة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، يعني ركعتين.
قالوا: لا، إلا صلاة أمير المؤمنين ـ يعنون عثمان ـ أربعاً. فأبى([28]).
3 ـ وقال البعض عن الشافعية: والعجب، منهم من يستجيز مخالفة الشافعي لنص له آخر، في مسألة بخلافه، ثم لا يرون مخالفته لأجل نص رسول الله "صلى الله عليه وآله"([29]).
وما ذلك إلا لأن شأن رسول الله "صلى الله عليه وآله" لم يكن لدى هؤلاء في المستوى اللائق به، كما هو ظاهر.
يقول أبو زهرة: "وجدنا مالكاً يأخذ بفتواهم (أي الصحابة) على أنها من السنة، ويوازن بينها وبين الأخبار المروية إنْ تعارض الخبر مع فتوى صحابي وهذا ينسحب على كل حديث عنه "صلى الله عليه وآله"، حتى ولو كان صحيحاً"([30]).
وإجراء حكم المتعارضين من قبل مالك بين فتوى الصحابي، وبين الحديث عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" هو الذي دفع الشوكاني إلى مهاجمة كل من يعتبر أقوال الصحابة حجة كقول النبي "صلى الله عليه وآله"، فراجع ما قاله في هذا المورد إن شئت([31]).
وقد ذكرنا في كتابنا: "الحياة السياسية للإمام الحسن عليه السلام"، طائفة من النصوص الدالة على أنهم يرون للصحابة حق التشريع.
ويرى بعض الصحابة أن هذا حق لهم([32]).
وسيأتي بعض من ذلك في فصل: معايير لحفظ الانحراف.
بغض قريش لرسول الله ':
وقد رأيناً قريشاً، رغم تظاهرها بالإسلام، لم تزل تكن الحقد والبغض لرسول الله "صلى الله عليه وآله"؛ باستثناء أفراد قليلين منهم.
وقد ظهر ذلك جلياً واضحاً حينما حاول "صلى الله عليه وآله" أن يُنَصِّبُ علياً إماماً في حجة الوداع، في منى أو في عرفات.
وقد روي بأسانيد صحيحة: أن الناس قد تركوه بسبب ذلك، وصارحهم بقوله: ما بال شق الشجرة التي تلي رسول الله "صلى الله عليه وآله" أبغض إليكم من الشق الآخر([33]).
وقد حصل ذلك والنبي "صلى الله عليه وآله" راجعٌ من مكة إلى المدينة؛ فراجع ذلك في كتابنا: "الغدير والمعارضون" إن شئت.
الخليفة الأموي أفضل من رسول الله ':
وكان من سياسات الأمويين تفضيل الخليفة الأموي على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، يقول الجاحظ:
1 ـ "فاحسب أن تحويل القبلة كان غلطاً، وهدم البيت كان تأويلاً، واحسب ما روي من كل وجه: أنهم كانوا يزعمون: أن خليفة المرء في أهله أرفع عنده من رسوله إليهم"([34]).
2 ـ ويقول أيضاً عن بني هاشم: "ولم يجعلوا الرسول دون الخليفة"([35]). أي كما فعله الأمويون.
3 ـ قال الجاحظ: خطب الحجاج بالكوفة، فذكر الذين يزورون قبر رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالمدينة، فقال: تباً لهم، إنما يطوفون بأعواد ورمّة بالية. هلا طافوا بقصر أمير المؤمنين عبد الملك؟
ألا يعلمون: أن خليفة المرء خير من رسوله؟.
يقول المبرَّد: إن ذلك مما كفَّرَتْ به الفقهاء الحجاج.
وأنه إنما قال ذلك والناس يطوفون بالقبر. وهذه القضية معروفة ومشهورة([36]).
4 ـ وكتب الحجاج إلى عبد الملك: "إن خليفة الرجل في أهله أكرم عليه من رسوله إليهم، وكذلك الخلفاء يا أمير المؤمنين أعلى منزلة من المرسلين"([37]).
5 ـ قال خالد بن عبد الله القسري، وذكر النبي "صلى الله عليه وآله":
أيهما أكرم رسول الرجل في حاجته، أو خليفته في أهله، يعرّض: أن هشاماً خير من النبي "صلى الله عليه وآله"([38]).
6 ـ ويقول خالد القسري أيضاً: والله لأمير المؤمنين أكرم على الله من أنبيائه "عليهم السلام"([39]).
7 ـ وزعم خالد القسري أيضاً: أن عبد الله بن صيفي سأل هشاماً، فقال: يا أمير المؤمنين، أخليفتك في أهلك أحب إليك وآثر عندك، أم رسولك؟!
قال هشام: بل خليفتي في أهلي.
قال: فأنت خليفة الله في أرضه وخلقه، ومحمد رسول الله "صلى الله عليه وآله" إليهم؟ فأنت أكرم على الله منه.
فلم ينكر هذه المقالة من عبد الله بن صيفي، وهي تضارع الكفر. انتهى كلام خالد([40]).
8 ـ وقد ادعى الحجاج: "أن خبر السـماء لم يـنـقـطع عن الخليفة الأموي"([41]).
وكان الحجاج يرى: أن عبد الملك بن مروان معصوم([42])، بل كان يرى نفسه: أنه لا يعمل إلا بوحي من السماء وذلك حينما أخبروه: أن أم أيمن تبكي لانقطاع الوحي بموت رسول الله "صلى الله عليه وآله"([43]).
ولا عجب بعد هذا إذا عرفنا أن البعض يقول: إن من خالف الحجاج فقد خالف الإسلام([44]).
على خطى الحجاج:
والذي يلفت نظرنا هنا: أننا نجد الوهابيين ينفذون السياسات الأموية هذه بأمانة ودقة حتى إن زعيمهم محمد بن عبد الوهاب يقول عن النبي "صلى الله عليه وآله": "إنه طارش".
وبعض أتباعه يقول بحضرته، أو يبلغه فيرضى: عصاي هذه خير من محمد، لأنه يُنتفع بها في قتل الحية والعقرب، ونحوها، ومحمد قد مات، ولم يبق فيه نفع، وإنما هو طارش([45]).
نظرة الأمويين إلى الحرم والكعبة:
أما بالنسبة إلى رأيهم في الكعبة، وزمزم، ومقام إبراهيم وغيرها من المقدسات، فذلك أوضح من الشمس وأبين من الأمس، ويتضح ذلك من النصوص التالية:
1 ـ كان خالد القسري قد أخذ بعض التابعين، فحبسه في دور آل الحضرمي بمكة، فأعظم الناس ذلك وأنكروه، فخطب، فقال: قد بلغني ما أنكرتم من أخذي عدو أمير المؤمنين ومن حاربه.
والله، لو أمرني أمير المؤمنين أن أنقض هذه الكعبة حجراً حجراًَ لنقضتها.
والله، لأمير المؤمنين أكرم على الله من أنبيائه "عليهم السلام"([46]).
2 ـ قال المدائني: كان خالد يقول: لو أمرني أمير المؤمنين لنقضت الكعبة حجراً حجراً، ونقلتها إلى الشام([47]).
3 ـ وأعظم من ذلك وأشد خطراً، وأعظم جرأة على الله عز وجل: أن الحجاج لم يكتف في حربه لابن الزبير برمي الكعبة بأحجار المنجنيق، حتى رماها ـ والعياذ بالله ـ بالعذرة أيضاً لعنه الله وأخزاه([48]).
4 ـ كما أن الوليد بن يزيد الأموي قد أنفذ مجوسياً ليبني على الكعبة مشربة للخمر.
كما وذهب في عهد هشام إلى مكة ومعه خمر، وقبة ديباج على قدر الكعبة، وأراد أن ينصب القبة على الكعبة، ويجلس فيها، فخوفه أصحابه من ثورة الناس، حتى امتنع([49]).
5 ـ وتقدم قول الجاحظ: أن هاشماً تفخر على بني أمية بأنهم لم يهدموا الكعبة([50]).
وأنهم: "أعادوا على بيت الله بالهدم، وعلى حرم المدينة بالغزو، فهدموا الكعبة، واستباحوا الحرمة.. الخ.."([51]).
مقام إبراهيم ×:
وقد روى عبد الرزاق عن الثوري، عن مغيرة، عن أبيه، قال: رأيت الحجاج أراد أن يضع رجله على المقام ـ مقام إبراهيم ـ فيزجره عن ذلك محمد بن الحنفية، وينهاه عن ذلك.
أضاف الزمخشري: أن ابن الحنفية قال: "والله، لقد كنت عزمت إن أرادني أن أجتذب عنقه فأقطعها"([52]).
زمزم أم الخنافس:
قال الأصمعي: قال أبو عاصم النبيل: ساق خالد (أي القسري) ماء إلى الكعبة؛ فنصب طستاً إلى جانب زمزم، ثم خطب، فقال: قد جئتكم بماء العادية، وهو لا يشبه أم الخنافس، يعني زمزم([53]).
وقال خالد القسري لعامله ابن أمّي: أيما أعظم، ركيّتنا أم زمزم؟
فقال له: أيها الأمير، من يجعل الماء العذب النقاح مثل الملح الأجاج؟!
وكان يسمي زمزم: أم الجعلان([54]).
بين الخليفة الأموي وإبراهيم الخليل:
وقال أبو عبيدة: خطب خالد (أي القسري) يوماً، فقال: إن إبراهيم خليل الله استسقى ماء فسقاه الله ملحاً أجاجاً.
وإن أمير المؤمنين استسقى الله ماء فسقاه عذباً نقاخاً([55]).
الحج إلى صخرة بيت المقدس:
ويذكر المؤرخون أنه: حين استولى ابن الزبير على مكة والحجاز بادر عبد الملك بن مروان إلى: "منع الناس من الحج، فضج الناس، فبنى القبة على الصخرة، والجامع الأقصى؛ ليشغلهم بذلك عن الحج، ويستعطف قلوبهم، وكانوا يقفون عند الصخرة، ويطوفون حولها كما يطوفون حول الكعبة، وينحرون يوم العيد، ويحلقون رؤوسهم"([56]).
وقد قال عبد الملك عن الصخرة: هذه صخرة الرحمن التي وضع عليها رجله([57]).
وكان ابن مسعود، وعائشة، وعروة بن الزبير، وابن الحنفية، وابن عمر، ينكرون ما يقوله أهل الشام عن الصخرة، من أن الله وضع قدمه عليها([58]).
فذكرُ ابن مسعود هنا وهو إنما توفي في خلافة عثمان، يشير إلى أن أهل الشام الذين رباهم معاوية، كانوا يقولون بهذه المقالة في وقت متقدم جداً، حتى اضطر هؤلاء الأعلام إلى الإعلان عن إنكارهم لهذا الأمر، بما فيهم ابن مسعود.
وقد اعترف البعض ببناء عبد الملك بن مروان لقبة الصخرة، لكنه زعم: أن ذلك قد كان لأجل أنه رأى عظم قبة القمامة وهيئتها، فخشي أن تعظم في قلوب المسلمين([59]).
ولكنه كما ترى تأويل بارد، وتخيل فاسد، إذ لماذا اختار قبلة اليهود لإزالة ذلك من قلوب المسلمين؟!
ولماذا لا يختص ذلك ببيت المقدس دون سواه؟
ولماذا منع الناس من الحج إلى الكعبة؟
ولماذا الطواف، والنحر، والحلق، والوقوف، الخ؟!
ثم لماذا تحويل القبلة عن الكعبة إلى بيت المقدس على الظاهر، كما سنرى؟! ولماذا؟ ولماذا؟
تحويل القبلة:
ثم إنهم قد حولوا قبلة المسلمين، كما ينص عليه الجاحظ.
والظاهر هو: أنهم قد حولوها إلى بيت المقدس تجاه الصخرة، التي هي قبلة اليهود، كما ربما يقتضيه ما تقدم.
قال الجاحظ: ".. حتى قام عبد الملك بن مروان، وابنه الوليد، وعاملهما الحجاج، ومولاهما يزيد بن أبي مسلم، فأعادوا على البيت بالهدم، وعلى حرم المدينة بالغزو، فهدموا الكعبة، واستباحوا الحرمة، وحولوا قبلة واسط".
إلى أن قال:
".. فاحسب: أن تحويل القبلة كان غلطاً، وهدم البيت كان تأويلاً، واحسب ما رووا من كل وجه: أنهم كانوا يزعمون.. الخ"..([60]).
ويقول الجاحظ أيضاً: "وتفخر هاشم بأنهم لم يهدموا الكعبة، ولم يحولوا القبلة، ولم يجعلوا.. الخ.."([61]).
ومما يدل على تحويل قبلة واسط أيضاً: أن أسد بن عمرو بن جاني، قاضي واسط، "قد رأى قبلة واسط رديئة، فتحرف فيها، فاتهم بالرفض"([62])، فأخبرهم أنه رجل مرسل من قبل الحكام ليتولى قضاء بلدهم.
ونقول:
أولاً: إن الظاهر هو أن تحويل القبلة كان إلى صخرة بيت المقدس، التي جعل الحج أولاً إليها، بعد أن منع الحج إلى مكة والكعبة. كما تقدم.
بل لقد ادَّعى البعض: أن القبلة أساساً قد كانت قبل الهجرة إلى الصخرة([63]).
وثانياً: إنه يظهر من قصة قاضي واسط: أن غير الشيعة قد قبلوا بالأمر الواقع، وجروا على ما يريده الحكام، والشيعة وحدهم هم الذين رفضوا ذلك، حتى أصبح تحري القبلة مساوقاً للاتهام بالرفض.
وثالثاً: لعل تحويل القبلة إلى بيت المقدس يفسر لنا ما ورد من استحباب التياسر لأهل العراق خاصة، وهم الذين كان الحجاج يحكمهم من قبل بني أمية. أي ليكونوا أقرب إلى الكعبة حينئذ.
غير أن أئمة أهل البيت "عليهم السلام" لـم يتمكنـوا من الجهر والتصريح بهذا الأمر، فأشاروا إليهم باستحباب التياسر، ثم لما كانوا يسألونهم عن السبب في ذلك تراهم يبررونه بما يبعد الشبهات عنهم([64]).
ولكن ذلك، فيما يظهر لم يدم طويلاً، فقد التفت خصوم الشيعة إلى ذلك، ولذا تراهم يتهمون كل من يتحرى القبلة بالرفض، كما تقدم.
تأويلات سقيمة:
يقول البعض: إن السر في استحباب التياسر هو أن علامات القبلة لأهل العراق لم تكن كافية لتعيينها بدقة، بحيث تجعل التوجه إلى سمت شخص الكعبة، فكان استحباب التياسر مكملاً لتلك العلامات.
ولكن هذا مرفوض، ولا يمكن قبوله، إذ إنه لو صح هذا لوجب الحكم بوجوب التياسر لا استحبابه.
وقال بعض آخر: إن السر في ذلك هو أن سعة الحرم من أحد جوانبه أزيد من الجوانب الأخرى.
ونقول:
أولاً: إنه إذا كان اللازم هو التوجه إلى شخص الكعبة، فإن سعة الحرم وضيقه لا أثر له في شيء من ذلك.
ثانياً: ولو سلمنا: أن المطلوب هو التوجه إلى الحرم، فإن سعته من أحد الجوانب ليست بمقدار يستحب معه التياسر الموجب للابتعاد عنه مئات الأميال أو أكثر أو أقل.
كعبة المتوكل في سامراء:
وبالمناسبة فها هو الخلف العباسي يقتدي بذلك السلف الأموي، فإن الخليفة المتوكل، الذي استحق من البعض لقب "محي السنة" قد اقتدى بسلفه الأموي، فبنى في سامراء كعبة، وجعل طوافاً، واتخذ منى وعرفات، حتى يحج إليها أمراء جيشه، ولا يفارقوه([65]).
الحجاج والقرآن:
عن سلمة بن كهيل قال: "اختلفت أنا وذر المرهبي (من عباد أهل الكوفة، ومن رجال الصحاح الست) في الحجاج، فقال: مؤمن، وقلت: كافر.
قال الحاكم: وبيان حجته ما أطلق فيه مجاهد بن جبير فيما حدثناه من طريق أبي سهل أحمد القطان، عن الأعمش قال: والله، لقد سمعت الحجاج بن يوسف يقول: يا عجباً من عبد هذيل (يعني عبد الله بن مسعود) يزعم أنه يقرأ قرآناً (أو قال: يزعم أن قرآنه) من عند الله.
والله، ما هو إلا رجز من رجز الأعراب، والله لو أدركت عبد هذيل لضربت عنقه".
وزاد ابن عساكر وغيره: "ولأخلين منها (أي من قراءة ابن مسعود) المصحف ولو بضلع خنزير، أو لأحكنها من المصحف، ولو بضلع خنزير".
وقد استفظع ابن كثير هذا الكلام من الحجاج، فراجع البداية والنهاية([66]).
خليفة أموي ينتقم من المصحف:
ويذكر المؤرخون: أن الخليفة الأموي الوليد بن يزيد لعنه الله، قرأ ذات يوم: ?وَاسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ..?([67])، فرمى المصحف بالنشاب، وهو يقول:
تــهـددنــي بــجـــبــار عنيـــد فــهـــا أنـــا ذاك جـبـار عنيـــد
إذا مـــا جــئــت ربـك يوم حشر فـقـل يـــا رب خـرَّقـني الوليد([68])
لا يجرؤ الناس على الصلاة:
ولا نجازف إذا قلنا: إنه في عهد الخلفاء الذين سبقوا خلافة علي أمير المؤمنين "عليه السلام"، قد كانت السيطرة والهيمنة لتلك الفئة التي لم تكن تقيم للدين وزناً.
وأصبح الجو العام هو جو الاستهزاء والسخرية بالدين وبالمتدينين، مع عدم اهتمام ظاهر من السلطات بردع هذا الفريق من الناس، ومكافحتهم لأسباب مختلفة.
وكشاهد على ذلك نذكر:
أن حذيفة بن اليمان، يقول: "ابتلينا حتى جعل الرجل منا لا يصلي إلا سراً"([69]).
مع أن حذيفة كان صحابياً جليلاً، وكان من كبار القواد الذين كان لهم دور هام في فتوحات بلاد فارس، وقد توفي في أوائل خلافة الإمام علي، أمير المؤمنين "عليه السلام"، أي بعد البيعة له "عليه السلام" بالخلافة بأربعين يوماً على ما قيل.
فإذا كان أمثال حذيفة لا يستطيعون الإعلان بصلاتهم، فما ظنك بالأعم الأغلب من الناس الذين لم يكن لهم مقام ولا مكانة حذيفة ونفوذه؟!.
ما هو إلا مُلْك!:
ويذكر ابن شبَّة: "أن شريح بن الحارث النميري، الذي كان عامل رسول الله "صلى الله عليه وآله" على قومه، ثم عامل أبي بكر، فلما قام عمر (رض) أتاه بكتاب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأخذه ووضعه تحت قدمه، وقال: لا، ما هو إلا ملك، انصرف"([70]).
التحالف على هدم الإسلام:
وآخر نص نذكره في هذا السياق: هو ما ذكره الزمخشري، من أن أموياً وأنصارياً تفاخرا؛ فذكر له الأموي الأمويين الذين توفي النبي "صلى الله عليه وآله" وهم عمال له.
فقال الأنصاري: صدقت، ولكنهم حالفوا أهل الردة على هدم الإسلام.
فكأنما ألقمه حجراً([71]).
غيض من فيض:
كان ما تقدم من النصوص غيضاً من فيض، مما يدل على رأي واعتقاد وسياسة الحكام تجاه الإسلام، ورموزه، ومقدساته. وتجاه الرسول الأكرم "صلى الله عليه وآله".
ولكنه ليس هو كل شيء، فثمة نصوص بالغة الكثرة تدل على ذلك أو تشير إليه.
وحيث إن استيعابها خارج عن حدود الطاقة، فإننا نكتفي بما أوردناه لننتقل في بحثنا إلى ما يزيد الحقيقة وضوحاً، ويستكمل ملامح الصورة التي أريد طمسها، بطريقة أو بأخرى، ولسبب أو لآخر.
فنقول:
الدوافع والأهداف:
وأما لماذا يحاولون النيل من المقدسات الإسلامية، وبالأخص من شخصية الرسول الأعظم "صلى الله عليه وآله"، والحط من كرامته، فلعل ذلك يعود إلى الأمور التالية:
1 ـ الكيد السياسي الأموي ضد الهاشميين، خصومهم قديماً وحديثاً، بما فيهم النبي "صلى الله عليه وآله" نفسه، والذي أصبح هو مصدر العزة والشرف والمجد لكل أحد، ولاسيما الهاشميين.
2 ـ تبرير كل انحرافات وتفاهات الهيئة الحاكمة، والتقليل من بشاعة ما يرتكبونه من موبقات في أعين الناس.
على اعتبار: أنه ليس ثمة فواصل كبيرة بين مواقف وتصرفات هؤلاء، وبين تصرفات ومواقف الرجل الأول والمثال، فهي وإن اختلفت كمية وشكلاً، ولكنها لا تختلف مضموناً وهدفاً.
3 ـ إرادة دفن هذا الدين، والقضاء عليه نهائياً، ما دام أنه يضر بمصالحهم، ويقف في وجه شهواتهم، وأهوائهم ومآربهم، إلا في الحدود التي لا تضر في ذلك كله، بل تبرره وتقويه، وترفده وتنمّيه.
4 ـ الحصول على بعض ما يرضي غرورهم، ويؤكد شوكتهم وعزتهم، ويظهر قوتهم وجبروتهم.
5 ـ عدم F????ب D?? ??ق?بأ? محمدا "?? ?? ??ول
--------------------------------------------------------------------------------
? ل???? ?????قدصرح بذك ??[1]???ؤل?ول*0
--------------------------------------------------------------------------------
?? ?D?D???????ا?ه، حيثيق??[1]
--------------------------------------------------------------------------------
[1] ?? ?? ??ل[1][1]??????[1]??ا?له علي و?? [1]?? ا?? ?و ? ?? ???? ??ـ? ?، ?استطال أ?????? ـ?ـ?"@

@?@???????? م? عظيم حس??????ا? و?
@?قF?F??? ??ـ????C# حيً ??????لأ?ر ?ء?D[1]? ???????D&أن ري???????أ?? ??ة? ?D???????[1]???D'Cإل ا?) ـ
--------------------------------------------------------------------------------
???? ????@DFبع م?( ?@?? أ???
class=Section6 dir=RTL>
ى الحكم الشرعي، وقد قال تعالى: ?لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ?([77]).
وقال: ?وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا?([78]).
وذلك يعني: أنه لا بد من تتبع أقواله، وأفعاله ومواقفه "صلى الله عليه وآله"، لمعرفة ما يتوجب على المكلفين معرفته في نطاق التزامهم بالحكم الشرعي، والتأسي بالرسول الأكرم "صلى الله عليه وآله".
كما أن ذلك يعني: أن النبي "صلى الله عليه وآله" معصوم في كل قول أو فعل، أو موقف يصدر عنه، ولا تختص عصمته بمقام التبليغ القولي للأحكام، كما ربما يوهمه بعض ما يزعمونه في هذا المقام.
ولأجل ذلك فإن من المفترض أن يتناقل الناس كل ما يصدر عن النبي "صلى الله عليه وآله" من قول وفعل عبر الأجيال، وأن يدونوه ويحفظوه، وأن يجمعوه ويفسروه، لاسيما وأن رسول الله "صلى الله عليه وآله" نفسه قد ذكر: أنه قد أوتي القرآن ومثله معه.
وكان جبرائيل "عليه السلام" ينزل عليه "صلى الله عليه وآله"، فيعلمه السنة كما يعلمه القرآن([79]).
ولا نرى أننا بحاجة إلى ذكر ما يدل على ذلك، فإنه بحمد الله أكثر من أن يحاط به.
الحث على كتابة الحديث:
هذا، وقد حث "صلى الله عليه وآله" على كتابة ورواية ما يصدر عنه من علوم ومعارف، وقد وصل إلينا من ذلك الشيء الكثير، مما هو مبثوث في عشرات المصادر والمراجع([80]).
الصحابة وغيرهم يكتبون الحديث:
وقد كتب الصحابة، وكتب غيرهم، ممن عاش في القرن الأول الهجري الكثير الكثير عنه "صلى الله عليه وآله"، وكانوا يأمرون ويحثون غيرهم على الكتابة أيضاً، وكان كثير منهم يملك صحفاً وكتباً يجمع فيها طائفة من أحاديث الرسول "صلى الله عليه وآله" وسننه([81]).
وقد سافر كثير منهم ومن التابعين إلى الأقطار المختلفة في طلب حديث الرسول الأكرم "صلى الله عليه وآله"([82]).
عمر وأبو بكر كتبا الحديث:
وحتى الخليفة أبو بكر، فإنه قد كتب عن الرسول الأكرم "صلى الله عليه وآله" خمس مئة حديث، لكنه عاد فمحاها فور وفاته "صلى الله عليه وآله"([83]).
وقد كان الصحابة يعقدون حلقات المذاكرة لحديث رسول الله "صلى الله عليه وآله" في المسجد، وقد يصل عدد بعض الحلقات إلى أكثر من ثلاثين رجلاً، وذلك في أول إمرة عمر بن الخطاب([84]).
بل إن عمر بن الخطاب نفسه قد كتب ـ فيما يروى عنه ـ لعتبة بن فرقد بعض السنن([85])، ووُجد في قائم سيفه صحيفة فيها صدقة السوائم([86]).
وإن كنا نعتقد: أن هذا النص يهدف إلى مساواته برسول الله "صلى الله عليه وآله"، حيث قد رووا: أنه قد وُجد في قائم سيف رسول الله "صلى الله عليه وآله" صحيفة مشابهة([87]).
علي × وولده وشيعته:
أما أمير المؤمنين علي "عليه السلام"، الذي لم يكن يفارق رسول الله "صلى الله عليه وآله" في سفر ولا حضر، إلا في غزوة تبوك، فقد كان مهتماً برواية وتدوين حديث رسول الله "صلى الله عليه وآله" اهتماماً بالغاً حتى لقد قيل له:
ما بالك أكثر أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" حديثاً؟!
فقال: كنت إذا سألته أنبأني، وإذا سكت ابتدأني([88]).
وقد كتب عليه الصلاة والسلام عن النبي "صلى الله عليه وآله" كتباً كثيرة، وقد توارثها عنه الأئمة من ولده([89]).
وقد واصل هؤلاء الأئمة الأطهار التشجيع على التزاور، وتذاكر الحديث حتى لا يندرس، وحثوا على كتابة العلم وتناقله، وحفظه في موارد كثيرة([90]).
حتى إن الزهري ـ وكان قد ترك الحديث ـ لما سمع من الحسن بن عمارة قولاً لعلي "عليه السلام" يحث فيه على نشر العلم، عاد فحدث الحسن بن عمارة في مجلسه ذاك أربعين حديثاً([91]).
وعن علي "عليه السلام": قيدوا العلم، قيدوا العلم. مرتين([92]).
وعنه "عليه السلام": قيدوا العلم بالكتاب([93]).
أما شيعة علي وأهـل بيته، فأمـرهـم بالإلتزام بتـدوين العلم ونشره أوضح من الشمس، وأبين من الأمس، ولا نرى أننا بحاجة إلى إثبات ذلك([94]).
ملاحظة هامة:
لقد كان علي "عليه السلام" أعلم أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وكان باب مدينة علمه، وكان أكثر أصحابه "صلى الله عليه وآله" حديثاً عنه، وقد كتب عنه العديد من الكتب، ووالخ..
ولكننا إذا راجعنا ما رووه عنه في كتبهم، فإننا لا نجد إلا أقل القليل، بل إننا نجد لأبي هريرة الذي لم يلتق برسول الله "صلى الله عليه وآله" إلا أشهراً يسيرة أضعاف ما روى هؤلاء عن أمير المؤمنين "عليه السلام".
ويكفي أن نذكر قول أبي رية رحمه الله هنا: أن ما روي عن علي "عليه السلام" هو مئة وثمانية وخمسون حديثاً، وروي عن أبي بكر مئة وثمانية وأربعون حديثاً.
أما ما روي عن أبي هريرة فهو 5374 حديثاً([95]) فتبارك الله أحسن الخالقين!!
في الاتجاه المضاد:
ونجد في مقابل ذلك كله تياراً قوياً كان ولا يزال يرفض الحديث عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، سواء على مستوى الرواية له، أو كتابته، أو العمل به.
ويمكن الحديث عن هذا الاتجاه في مرحلتين، ربما يقال: إنهما تختلفان من حيث الدوافع والأهداف، وإن كانتا تلتقيان من حيث الآثار والنتائج.
الأولى: في زمن الرسول الأعظم "صلى الله عليه وآله".
والثانية: بعد وفاته عليه وعلى آله الصلاة والسلام.
ونحن نتكلم عن هاتين المرحلتين، مع رعاية جانب الاختصار، والإحالة على المراجع والمصادر مهما أمكن.
فنقول:
المنع من الحديث في عهد الرسول ':
لقد ظهرت ملامح الاتجاه الرافض للحديث عن الرسول "صلى الله عليه وآله" ولكتابته لدى قسم من المسلمين، لا جميعهم، ويمكن أن نقول: إنهم قريش على وجه الخصوص، ومعها من لف لفها، ممن يرى رأيها، ويتعامل معها، ويرى مصالحه مرتبطة بصورة أو بأخرى بمصالحها.
وقد كانت حجة قريش لاعتراضها على من كان يكتب كلامه "صلى الله عليه وآله" هي: أنه "صلى الله عليه وآله" بشر يرضى ويغضب.
فقد يتكلم والحالة هذه بما لا يتفق مع الحق والواقع.
وقد شكا البعض قريشاً لأجل ذلك إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأمره "صلى الله عليه وآله" بأن يكتب كل ما يتفوه به عليه الصلاة والسلام؛ فإنه لا يخرج من بين شفتيه إلا ما هو حق وصدق([96]).
دوافع هذه السياسة:
ولعل دوافع هؤلاء إلى اتخاذ هذا الموقف هي:
1 ـ إن الكثيرين منهم كانوا موتورين وحاقدين على الإسلام، وعلى نبيه الأكرم "صلى الله عليه وآله"، وعلى المسلمين.
وإن كانوا يتظاهرون بخلاف ما تنطوي عليه نفوسهم، وجوانحهم، بعد أن اتضح لهم: أنه لا يسعهم إلا التسليم للأمر الواقع، وكذلك فعلوا ريثما تسنح لهم الفرصة للوثبة، وتسديد الضربة ـ كما قال أبو سفيان: والآن لو كان لي رجال ـ.
2 ـ الحسد لرسول الله "صلى الله عليه وآله" على ما آتاه الله من فضله، وعدم رغبتهم في أن يـروا النـاس يتـأسون بنبيهم، ويطبقون أعمالهم وسلوكهم على أعماله "صلى الله عليه وآله" وسلوكه، ولا يريدون أن يتناقل الناس سيرته، وأقواله، ومواقفه "صلى الله عليه وآله".
3 ـ ضعف الاعتقاد لدى الكثيرين منهم، ولاسيما من أسلم لتوه بنبوَّة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ولا يرون في ذلك أية فائدة أو عائدة.
المنع عن الحديث بعد وفاة النبي ':
أما بعد وفاته "صلى الله عليه وآله"، وتسلُّم قريش لأزمة الحكم والسلطان، فقد رأت أن مصلحتها تكمن في المنع من رواية حديث الرسول، ومن كتابته، ومن العمل به. بل وجمع كل ما كتب في عهده "صلى الله عليه وآله"، ثم إحراقه بالنار. وهكذا كان.
وقد تابعت سياساتها هذه بقوة وبحزم كما سنرى.
أهداف هذه السياسة:
وأما عن دوافع هذه السياسة وأهدافها، ثم ما نجم عن ذلك من آثار ونتائج فذلك ما سوف نفصِّله في فصل مستقل يأتي إن شاء الله تعالى، بعد إلقاء نظرة موضحة على المسار العام لهذه السياسة.
البادرة الأولى: حسبنا كتاب الله:
وغني عن البيان هنا: أن أول مواجهة مباشرة وصريحة لرسول الله "صلى الله عليه وآله" في هذا الخصوص، ومنعه هو شخصياً من كتابة ما يريد، هي ما جرى في مرض موته "صلى الله عليه وآله"، فيما عرف بـ "رزية يوم الخميس"، حينما أراد "صلى الله عليه وآله" أن يكتب كتاباً للأمة لكي لا تضل بعده، فصدرت من بعض الحاضرين كلمات غير لائقة في حق النبي الأقدس "صلى الله عليه وآله"، ثم جاء الرفض القاطع والجازم لكل ما يكتب في كلمة عمر الشهيرة له "صلى الله عليه وآله": "حسبنا كتاب الله".
ثم كثر التنازع واللغط من الحاضرين، فأمرهم "صلى الله عليه وآله" بالقيام عنه، والقضية معروفة ومشهورة، وقد وردت بها صحاح الأخبار والآثار([97]) كما تنبأ "صلى الله عليه وآله"، كما سيأتي في آخر هذا الجزء إن شاء الله تعالى.
البادرة الثانية:
ثم أحرق أبو بكر خمس مئة حديث، حسبما أسلفنا، فكان هو الواضع الأول لركيزة سياسة إحراق حديث النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله".
ذروة هذه السياسة:
ثم كانت خلافة عمر بن الخطاب، فكان التحرك في هذا الاتجاه أكثر دقة، كما كان أكثر شمولية واستقصاء، حتى ليخيل إليك: أن هذا الأمر هو أعظم ما كان يشغل بال الخليفة، ويقض مضجعه، فكان يتابع هذا الأمر، ويحث عليه ثم يراقب ويعاقب ويتخذ القرارات والإجراءات بصورة ظاهرة ومستمرة ودؤوبة.
وقد أرسل بأوامره القاضية بإقلال الحديث عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وبأن لا يكون هذا الحديث ظاهراً، وبتجريد القرآن عن الحديث، أرسل بها إلى جميع الأقطار والأمصار.
وكان يوصي بذلك ولاته، وبعوثه وجيوشه. ولم يزل يشيعهم بهذه الوصايا([98]).
وقد كانت سياساته في هذا المجال دقيقة ومدروسة، وتصعيدية، فهو يطلب ذلك ويوصي به باستمرار، فإذا روى أحد حديثاً طالبه بالبينة والشهود، كما فعل مع أُبيّ بن كعب وأبي موسى، وإن لم يكن لديه بينة عاقبه ونكَّل به.
فإذا وجد أحداً يصر على رواية الحديث هدّده بالطرد والنفي إن لم ينفع معه التهديد والضرب([99]).
إحراق حديث رسول الله ':
وفي خطوة تصعيدية حاسمة وحازمة يطلب الخليفة الثاني عمر بن الخطاب من الصحابة أن يأتوه بما كانوا قد كتبوه عن النبي "صلى الله عليه وآله"، بحجة أنه يريد جمع الحديث النبوي، وكتابته، حتى لا يندرس.
فبقي شهراً وهو يجمع مكتوبات الصحابة، ثم قام بإحراق ما اجتمع لديه محتجاً لعمله هذا بقوله: "مثناة كمثناة أهل الكتاب"؟!
والظاهر أن الصحيح: "مشناة كمشناة أهل الكتاب"([100]) وقد اشتبه ذلك على النساخ لعدم النقط في السابق، وتقارب رسم الكلمتين.
وفي نص آخر أنه قال: "ذكرت قوماً كانوا قبلكم، كتبوا كتباً فأكبوا عليها، وتركوا كتاب الله. وإني ـ والله ـ لا أشوب كتاب الله بشيء أبدا".
أو قال: "لا كتاب مع كتاب الله".
وكتب إلى الأمصار: "من كان عنده شيء منها فليمحه".
ومهما يكن من أمر: فلقد بلغ من تشدد الخليفة في هذا الأمر: أنهم يذكرون في ترجمة أبي هريرة: أنهم ما كانوا يستطيعون أن يقولوا: قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": حتى قبض عمر([101]).
وبكلمة موجزة: إن سياسة عمر القاضية بالمنع من رواية الحديث ومن تدوينه تعتبر من البديهيات التاريخية ومن الواضحات، فلا حاجة إلى ذكر النصوص، والإكثار من الشواهد.
بل قيل: إنه (يعني عمر) ضرب من نسخ كتب دانيال، وأمره بمحوها([102])، وضرب الذي جاءه بكتاب وجده في المدائن حينما فتحوها([103]).
وأما بالنسبة لأمره عمرو بن العاص بحرق مكتبة الإسكندرية([104]) وإتلاف كتب كثيرة وجدوها في بلاد فارس([105]).
فقد شكك فيه الشهيد العلامة المطهري([106])، وإن كنا لا نوافقه على كثير مما قاله في هذا المجال. ولبحث ذلك مجال آخر.
الصليبيون والتراث العلمي الإسلامي:
وبالمناسبة فإننا نشير إلى جريمة نكراء ارتكبها الصليبيون الحاقدون ضد التراث العلمي للبشرية، حيث يذكر موندي في تاريخه: أن ما أحرقه الأسبان من كتب قرطبة قد بلغ مليوناً وخمسين ألف مجلد، عدا عما أتلفوه مما عثروا عليه في أقاليم الأندلس([107]).
أما ويلس، فيرى: أنهم قد أحرقوا مليون وخمسة آلاف مجلد فقط.
وفي وفيات الأسلاف: أن أسقف طليطلة قد أحرق من الكتب الإسلامية ما ينوف على ثمانين ألف كتاب.
وأن الإفرنج لما تغلبوا على غرناطة قد أحرقوا من الكتب النفيسة ما يتجاوز مليون كتاب([108]).
"وقـال بعض المؤرخين المصريين: إن البـاقي من الكتب التي ألفهـا المسلمـون ليس إلا نقطـة من بحـر ممـا أحـرقـه الصليبيون، والتـتر، والإسبان"([109]).
ولما فتح الإفرنج طرابلس في أثناء الحروب الصليبية أحرقوا مكتبتها بأمر الكونت برترام سنت جيل، ويقال: إنها كانت تحتوي على ثلاثة ملايين مجلد([110]).
وأضاف جرجي زيدان: وفعل الأسبان نحو ذلك بمكتبات الأندلس لما استخرجوها من أيدي المسلمين في أواخر القرن الخامس عشر([111]).
حجة عمر تصبح حديثاً نبوياً!! :
ومهما يكن من أمر فإننا نلاحظ هنا: أن الكلمات التي استخدمها عمر بن الخطاب كمبرر أمام الناس لتنفيذ نواياه تجاه حديث رسول الله "صلى الله عليه وآله"، مثل قوله: من كان عنده شيء منها فليمحه، قد أصبحت بعين ألفاظها تقريباً، وبنفس صياغتها حديثاً ينسب إلى النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله"، فراجع وقارن([112]).
وهكذا بالنسبة لاستدلاله على صحة ما أقدم عليه بأن الأمم السالفة قد ضلت بسبب عكوفها على أقوال علمائها وتركها كتاب الله (يعني التوراة)!! فإنه قد أصبح هو الآخر حديثاً، يروى عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، يقول أبو هريرة: فجمعناها في صعيد واحد، فألقيناها في النار([113]).
وراجع أيضاً: ما رووه عن علي أمير المؤمنين "عليه السلام" في هذا المجال([114]).
وقد نسي هؤلاء الوضاعون الأغبياء: أن وجود حديث من هذا القبيل عن الرسول "صلى الله عليه وآله" يسد الطريق على عمر بن الخطاب للتفكير في كتابة السنن، وتجد الكثيرين يعترضون عليه حينما طلب منهم أن يأتوه بما كتبوه: بأن هذا يخالف أمر النبي "صلى الله عليه وآله" بمحو ما كتب.
كما أن حديثاً كهذا يجعل وجود حديث مكتوب عند الصحابة أمراً متعذراً، إلا إذا فرض أنهم أو كثير منهم لا يأبهون لأوامر النبي الأعظم "صلى الله عليه وآله"، ولا لنواهيه.
أو يكون المقصود هو إظهار المنافقين الذين خالفوا أوامر النبي "صلى الله عليه وآله" في هذا الأمر.
وإذا كان المنافقون هم أهل تلك الأحاديث المجموعة، فإن حديثهم لا قيمة له.
كما أن المنافقين لا بد أن يلتفتوا إلى وجه الخدعة لهم، ولسوف لن يقروا على أنفسهم بأمر فيه إدانة وإهانة لهم.
التقليد والمحاكاة:
ونسجل هنا: أننا نجد: أن استدلال الخليفة الثاني لصحة ما أقدم أو يريد أن يقدم عليه، من المنع من كتابة ورواية حديث النبي "صلى الله عليه وآله" بما تقدم ذكره، قد صار هو الاستدلال التقليدي لكل الذين جاؤوا بعد عمر، وحرصوا على العمل بسنته، وتنفيذ سياساته، فراجع النصوص التاريخية المختلفة فيما يرتبط بهذه الناحية([115]).
المنع من العمل بالسنة أيضاً:
ولم يقتصر الأمر على المنع من رواية وكتابة حديث النبي "صلى الله عليه وآله"، بل تعداه إلى ما هو أهم وأكثر، وأدهى وأمر، وهو المنع عن العمل والجري على السنة النبوية الشريفة، حيث رأينا أن الخليفة يضرب الناس إذا رآهم يصلون بعد العصر([116]).
ولما ضرب زيد بن خالد الجهني لأجل ذلك، وقال له زيد: إنه لا يدعهما بعد إذ رأى رسول الله "صلى الله عليه وآله" يصليهما، قال له عمر: "لولا أني أخشى أن يتخذها الناس سلماً إلى الصلاة حتى الليل لم أضرب فيهما"([117]).
كما أن أبا أيوب الأنصاري كان يصلي قبل خلافة عمر ركعتين بعد العصر، فلما استخلف عمر تركهما، فلما توفي ركعهما.
فقيل له: ما هذا؟
فقال: إن عمر كان يضرب الناس عليهما([118]).
فإذا كان مثل أبي أيوب لا يجرؤ على العمل بما سنه النبي "صلى الله عليه وآله"، فما ظنك بغيره من الناس العاديين، الذين ليس لهم ما لأبي أيوب من احترام وتقدير ومكانة لدى صحابة رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟
كما أننا لم نفهم ما هو المحذور في أن يصلي الناس حتى الليل!! حتى جاز لعمر ضرب الناس لأجل ذلك!! وأخيراً.. فقد روي: أن عمر قد هم أن يمنع الناس عن كثرة الطواف.
وقال: "خشيت أن يأنس الناس هذا البيت، فتزول هيبته من صدورهم"([119]).
أضف إلى ما تقدم: أن الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان يقول: "ابتلينا حتى جعل الرجل منا لا يصلي إلا سراً"([120]).
وحذيفة إنما توفي في أوائل خلافة علي "عليه السلام"، بعد البيعة له "عليه السلام" بأربعين يوماً، على ما قيل.
وهو من القـادة الكبار، الـذيـن كان الحكام يعتمدون عليهم في فتوحاتهم قبل علي "عليه السلام"، وكانت له مكانته المرموقة ودوره الكبير فيما بين الشخصيات الفاعلة في النظام القائم.
فقوله المتقدم يدل على أن الأجواء العامة كانت ضد المؤمنين، وأن السيطرة كانت لأناس لا يهمهم أمر الدين في شيء، بل كان المؤمنون يتعرضون للسخرية والاستهزاء، تماماً كما هو الحال بالنسبة لطغيان الفساق والفجار في بعض البلاد الإسلامية اليوم، مع عدم ظهور اهتمام من الحكام بردعهم ومكافحتهم، لأسباب مختلفة.
حبس كبار الصحابة في المدينة:
وفي هذا الاتجاه بالذات: يُقدِم الخليفة الثاني على خطوة أخرى أيضاً، وهي: أنه جمع الصحابة من الآفاق، وطالبهم بما أفشوه من حديث رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ثم أمرهم بالمقام عنده، وأن لا يفارقوه ما عاش، ومنعهم من مغادرة المدينة، فبقوا فيها إلى أن مات([121]).
وقد أضاف سبباً آخر إلى إفشائهم حديث رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فذكر أنه إنما يمنعهم من المشاركة في الغزو حتى لا يفسدوا عليه أصحاب محمد "صلى الله عليه وآله"([122]).
نعم.. لقد رووا عن الخليفة أنه فعل ذلك، رغم أنه هو نفسه يقول للناس ـ كما قيل ـ إنه إنما يرسل إليهم العمال ليعلموهم دينهم وسنتهم([123]).
الخلف عن السلف:
ولم يقتصر الأمر في المنع عن الحديث رواية وكتابة الخ.. على زمان أبي بكر وعمر، فإن الذين جاؤوا بعدهما من خلفاء بني أمية، إبتداءً من عثمان، ثم معاوية، فمن تلاه من الخلفاء: قد اتبعوا نفس الطريقة، وساروا على نفس النهج، في المنع عن الحديث إلا حديثاً كان على عهد عمر([124]).
وأصبحت كتابة الحديث عيباً عند الناس، كما عن أبي المليح([125]).
بل لقد رووا عن ابن الحنفية أنه قال: "إياكم وهذه الأحاديث، فإنها عيب عليكم، وعليكم بكتاب الله إلخ.."([126]).
لا قرآن، ولا سنة:
ولكن ورغم توصية ابن الحنفية الآنفة بكتاب الله وقبل وفوق ذلك وصايا النبي "صلى الله عليه وآله" والوصي "عليه السلام" به أيضاً، ورغم أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان يُعلِّم أصحابه الآيات من القرآن، ويوقفهم على ما فيها من علم وعمل، وما فيها من حلال وحرام، وما ينبغي أن يقف عنده([127]).
ثم ما روي عنه "صلى الله عليه وآله" من أنه قال: تعلموا القرآن، والتمسوا غرائبه. وغرائبه فرائضه، وفرائضه حدوده، وحدوده حلال وحرام، ومحكم ومتشابه الخ..([128]).
وما روي عن عمر أنه قال حين وفاة النبي "صلى الله عليه وآله": حسبنا كتاب الله ـ كما تقدم ـ ثم مبادرته حين توليه الخلافة إلى المنع من تدوين الحديث وروايته، ووالخ..
نعم.. رغم ذلك كله، فإننا لا نجد لدى رواد هذه السياسة كبير اهتمام بالقرآن، وتعليمه، وتفسيره للناس، بل نجد عكس ذلك تماماً، فإن عمر بن الخطاب نفسه كان يمنع الناس من السؤال عن معاني القرآن، ويضرب ويعاقب من يسأل عن شيء منه، وما فعله بصبيغ شاهد على ذلك حيث ضربه ماءة ثم ماءة حتى اضطربت الدماء في ظهره وفي رأسه، ومنع الناس من الكلام معه، ومن مجالسته، فمكث حولاً على ذلك حتى أصابه الجهد، ولم يزل وضيعاً في قومه حتى هلك، وكان سيد قومه([129]).
وقد بقي ابن عباس سنة كاملة أو سنتين لا يجرؤ على سؤال عمر عن آية في كتاب الله([130])، رغم ما كان له من المكانة عنده.
قراءة القرآن أيضاً مرفوضة:
بل إن عمر كان لا يرغب في كثرة القراء للقرآن أيضاً، فقد كتب إليه أبو موسى بعدة ناس قرأوا القرآن، فحمد الله عمر.
ثم كتب إليه في العام القابل بعدة هي أكثر من العدة الأولى، ثم كتب إليه في العام الثالث.
فكتب إليه عمر يحمد الله على ذلك، وقال: إن بني إسرائيل إنما هلكت حينما كثرت قراؤهم([131]).
ونلاحظ: أن هذه العبارة الأخيرة هي من سنخ استدلاله للمنع من كتابة الحديث!! فاقرأ، واعجب بعد هذا ما بدا لك!!
هذا.. ومن المفارقات هنا: أن نرى هذا الخليفة بالذات يسمح لكعب الأحبار أن يقرأ التوراة آناء الليل وأطراف النهار، كما سنرى!!
الدقة في التنفيذ:
وقد كان للاهتمام الذي أولاه الحكام للمنع من رواية الحديث وكتابته، وما لمسه الناس من جدية وإصرار في تنفيذ هذه السياسة، ومتابعة فصولها بدقة وحزم من قبل شخص الخليفة الثاني، الذي كان قوله ورأيه في العرب نافذاً ومقبولاً، قد كان لـذلـك تأثيرات سريعة وحاسمة على صعيد الالتزام التام بالتعليمات الصادرة لهم في هذا الخصوص؛ فهذا أبو موسى الأشعري (وكذلك أنس بن مالك([132])) بمجرد أن أحس أن عمر يفكر في أمر ما في هذا الاتجاه، يمسك عن الحديث حتى يعلم ما أحدثه عمر.
ولنا أن نظن ظناً قوياً: أنهما كانا على علم مسبق بما كان الخليفة قد عقد العزم عليه في هذا الصدد، وأراد ترويض الناس على قبول ذلك، والالتزام به.
بل لقد بلغ بهم التحاشي عن حديث رسول الله "صلى الله عليه وآله" حداً مثيراً للدهشة، حتى إن عبد الله بن مسعود ـ وهو الصحابي المعروف ـ كانت تأتي عليه السنة لا يحدث عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" بشيء([133]).
بل لقد قال عمرو بن ميمون: "صحبت عبد الله بن مسعود سنين فما سمعته يروي حديثاً إلا مرة واحدة" ثم ذكر الحديث الذي رواه([134]).
ويقول الشعبي: "قعدت مع ابن عمر سنتين، أو سنة ونصفاً، فما سمعته يحدث عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلا حديثاً.
أو قال: جالست ابن عمر سنتين فما سمعته يحدث عن رسول الله شيئاً([135]).
وكان زيد بن أرقم إذا طلبوا منه أن يحدثهم يزعم أنه كبر ونسي([136]).
وقال عمرو بن ميمون الأودي: "كنَّا جلوساً بالكوفة، فجاء رجل ومعه كتاب، فقلنا: ما هذا؟
قال: كتاب دانيال.
فلولا أن الناس تحاجزوا عنه لقتل.
وقالوا: كتاب سوى القرآن؟!"([137]).
وكيف لا يقتله الناس، وهو قد خالف سنة عمر في حديث رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وتجاوز سياساته تجاهه؟!
فإنه ولا شك قد ارتكب جريمة نكراء!! وجاء ببدعة صلعاء!!.
ثم إننا لا ندري ماذا كان يوجد في ذلك الكتاب المنسوب إلى دانيال النبي "عليه السلام".
ولعل الذين اعترضوا على هذا الكتاب كانوا لا يعرفون شيئاً عن مضمون ذلك أيضاً.
إلى متى؟!:
هذا، وقد استمر المنع من رواية الحديث وتدوينه ساري المفعول ـ بصورة أو بأخرى ـ إلى زمن الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز، الذي تولى الخلافة في مطلع القرن الثاني (في صفر سنة 99 هـ) لفترة وجيزة انتهت بموته في رجب سنة 101 ه‍. فقد أظهر عمر بن عبد العزيز هذا رغبة في جمع الحديث، فأمر محمد بن عمرو بن حزم بأن يكتب له حديث النبي "صلى الله عليه وآله"، أو سنة ماضية، أو حديث عمرة بنت عبد الرحمن([138]).
ومراده بالسنة الماضية هي سنة أبي بكر، وعمر، وعثمان، كما سنشير إليه.
وإنما أراد حديث عمر لأجل الوصول إلى حديث عائشة كما هو معلوم، ولا ندري: إن كان طلب الخليفة هذا قد نفذ أو لا.
ولكن الزهري المتوفى سنة 124 ه‍. قد كتب له طائفة من الروايات، فأرسل إلى كل بلد دفتراً من دفاتره التي كتبها له.
وقد كانت هذه المحاولة أيضاً ضعيفة ومحدودة جداً([139]) ولا تستطيع أن تعيد لحديث رسول الله "صلى الله عليه وآله" دوره وحيويته في الناس كما هو واضح.
ورووا أيضاً: أن أبا الزناد كتب سنن الحج لهشام بن عبد الملك، وذلك في سنة 106 ه‍ . ([140]) لكن ليس ثمة ما يدل على أن ذلك قد وصل إلى أيدي الناس، وتداولوه.
بل إن ما كتبه الزهري لم نجد له أثراً ملموساً فيما بين أيدينا من تراث مكتوب ليمكننا تقييمه والحكم عليه.
ومهما يكن من أمر، فإن من المؤكد: أن مفعول المنع من تدوين الحديث قد انتهى في أواسط القرن الثاني، وأن الحركة الواسعة لتدوين الحديث قد بدأت في أواسط القرن الثاني للهجرة، على يد ابن جريج، ومالك بن أنس، والربيع بن صبيح، والثوري، والأوزاعي، وغيرهم([141]).
وأما البدايات الضعيفة والمحدودة لكتابة الحديث، فقد حصلت قبل ذلك، لكنها كانت محكومة للظروف العامة، والخوف من التعرض إلى الأذى بسبب ذلك.
ولم يصل إلينا ولا إلى الناس من ذلك إلا النزر القليل، الذي لا يسمن ولا يغني من جوع.
الفصل الثالث:
أين؟ ومـا هـو البديل؟!
من الذي يفتي الناس؟!
وبعدما تقدم، فقد كان لا بد للناس، الذين يدينون بهذا الدين، ويريدون أن يطبِّقوا أحكامه وشرائعه على حركاتهم وسلوكهم ومواقفهم ـ لا بد لهم ـ من مرجع يرجعون إليه، ليفتيهم في أمور دينهم، ويبيِّن لهم أحكامه، من دون أن يتعرض لرواية عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، لا من قريب، ولا من بعيد.
وبديهي، أنه لا يمكن السماح لكل الناس بالتصدي للفتوى؛ لأن ذلك يحمل معه مخاطر كبيرة وخطيرة، ويجعل السلطة في مواجهة مشاكل صعبة، ويضعها أمام إحراجات لا طاقة لها بها. وذلك حينما تتعارض فتاواهم وتتناقض.
أو حينما تصدر عن بعض الناس فتاوى قد يعتبرها الحكام ومن يدور في فلكهم مضرة في مصالحهم في الحكم، أو في غيره.
وهذا الأمر يحمل معه أجواء الاستدلال والاحتجاج، والتأييد والرد، ثم الإدانة، وتسفيه الآراء.
ومعنى ذلك هـو: العـودة إلى طـرح النصـوص القرآنية، والكلـمات والمواقف النبوية، كوسائل إقناع واحتجاج، فيكون ما فروا منه قد عادوا فوقعوا فيه.
مع ما في ذلك من إضعاف لمواقع ولرموز لا تريد لها السلطة أن تضعف بأية صورة كانت.
ويأتي إضعافها وضعفها باتضاح أنها في درجة أدنى من حيث المعرفة والعلم بالقرآن والسنة، وأحكام الدين، وتعاليم الشريعة.
ثم هو يتسبب بالإحساس بالغبن، وبالمظلومية بالنسبة لأولئك الذين يملكون المؤهلات الحقيقية للفتوى، حين يكون التعامل معهم، والموقف منهم، ومن كل ما يقدمونه من علم صحيح ونافع لا يختلف عن الموقف مما يقدمه أولئك الجهلة الأغبياء، الذين لا يملكون من التقوى ما يمنعهم عن الإفتاء بغير علم ولا هدى، ولا كتاب منير.
أضف إلى ذلك: أن هذا من شأنه أن يضعف الثقة بالسلطة، التي انتهجت هذه السياسة، وشجعت هذا الاتجاه.
هذا كله، عدا عن أن الحكم يريد أن يتبنى اتجاهاً فكرياً خاصاً ومتميزاً، يخدم أهدافه الخاصة والعامة.
ويريد أن يزرع في الناس مفاهيم، ويحملهم على اعتقادات، ويلزمهم بأحكام لا يدع لهم مناصاً من الالتزام بها، والجري عليها وتبنيها، في مختلف الظروف والأحوال.
ولن يكون ذلك ميسوراً له في ظل هذه الحرية في الفتوى، وفي الاستدلال عليها.
حصر الفتوى في نوعين من الناس:
ولأجل ذلك، فقد كان من الطبيعي أن لا يسمحوا بالفتوى إلا لنوعين من الناس.
الأول: الأمراء، وذلك في الأمور الحساسة، فيما يبدو.
الثاني: أشخاص بأعيانهم، يمكنهم تسويق فكر السلطة، بصورة أو بأخرى.
ولأجل توضيح ذلك فإننا نشير إلى كلا النوعين باختصار، فنقول:
أولاً: الأمراء:
أما بالنسبة للأمراء؛ فإننا نقرأ في التاريخ: أن عمر بن الخطاب قد أنكر على بعضهم بقوله: "كيف تفتي الناس، ولست بأمير؟! ولي حارها من ولي قارها"([142]).
وكان ابن عمر إذا سئل عن الفتوى قال: إذهب إلى هذا الأمير، الذي تقلد أمور الناس، ووضعها في عنقه([143]).
وقـد امتنع ابـن عمر عن إفتاء سعيد بـن جبير، وقـال: يـقـول في ذلك الأمراء([144]).
وقد أطلقوا على الفتوى اسم "صوافي الأمراء".
فعن المسيب بن رافع قال: كان إذا ورد الشيء من القضاء، وليس في الكتاب، ولا في السنة، سمي "صوافي الأمراء"، فدفع إليهم الخ..
وروى هشام بن عروة عن أبيه: أنه ربما سئل عن الشيء فيقول: هذا من خالص السلطان.
وعن ابن هرمز: أدركت أهل المدينة، وما فيها الكتاب والسنة. والأمر ينزل، فينظر فيه السلطان([145]).
وزيد بن ثابت يكتب لمعاوية في الجد: ذلك مما لم يكن يقضي فيه إلا الأمراء([146]).
ثانياً: المسموح لهم بالفتوى من غير الأمراء:
وأما بالنسبة للأشخاص المسموح لهم بالفتوى: فإنما سمحوا بالفتوى بل وبالرواية أيضاً لأشخاص رأوا: أن لديهم من المؤهلات ما يكفي للاعتماد عليهم، ويطمئن لالتزامهم بالخط المعين، والمرسوم، بصورة مقبولة ومعقولة.
أما من وجدوه غير قادر على ذلك، فقد استبعدوه، حتى وإن كان منسجماً معهم في خطه السياسي، أو في طريقة تفكيره، وأسلوب حياته.
ونذكر من هؤلاء:
1 ـ عائشة:
فإننا نجد مروان بن الحكم يحاول التأكيد على الدور الأساس لأم المؤمنين عائشة في هذا المجال، فهو يقول: "كيف يُسأل أحد وفينا أزواج نبينا وأمهاتنا"([147]).
وإنما قلنا: إنه يقصد خصوص عائشة في كلامه هذا، لأنها هي التي كانت تتصدى للرواية والفتوى من بين أمهات المؤمنين بصورة رئيسية، وهي بنت الخليفة الأول أبي بكر، ومدللة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، ولم يعرف عن أي من نساء النبي "صلى الله عليه وآله" سواها: أنهن تصدين للرواية والفتوى إلا في حالات قليلة جداً، وكانت أم سلمة تتصدى لرواية شيء عن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يكن يعجب أمثال مروان، ولا كان يروق لهم كثيراً.
وقد كانت عائشة تفتي على عهد عمر، وعثمان، وإلى أن ماتت.
وكان هذان الخليفتان يرسلان إليها فيسألانها عن السنن([148]).
وفي نص آخر: كانت عائشة قد استقلت بالفتوى في خلافة أبي بكر، وعمر، وعثمان، وهلم جراً، إلى أن ماتت([149]).
منافسون لعائشة:
ونجد من بعض الطموحين من الشباب الذين تهتم السلطة بإعطائهم دوراً من نوع ما، تشكيكاً بل ورفضاً لما تدعيه عائشة ومحبوها من علم واطلاع كامل على أحوال رسول الله "صلى الله عليه وآله" وأوضاعه، فهذا زيد بن ثابت يقول: "نحن أعلم برسول الله من عائشة"([150]).
كما أن عائشة نفسها كانت لا ترتاح إذا رأت للآخرين دوراً فاعلاً في نطاق الفتوى والرواية، ولعل هذا هو ما يفسر لنا شكواها لابن أختها عروة بن الزبير من أبي هريرة الذي كان يحاول إثارتها بجلوسه إلى جانب حجرتها ليحدث عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، قالت عائشة لعروة: ألا يعجبك أبو هريرة؟! جاء فجلس إلى جانب حجرتي يحدث عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، يسمعني ذلك!! وكنت أُسَبِح، فقام قبل أن أقضي سُبحتي، لو جلس حتى أقضي سُبحتي لرددت عليه الخ..([151]).
2 ـ زيد بن ثابت:
وممن كان يسمح له بالفتوى أيضاً: زيد بن ثابت، وكان مترئساً بالمدينة في القضاء، والفتوى، والقراءة، والفرائض في عهد عمر، وعثمان([152]) ونرى أن ذلك يرجع إلى موقفه السلبي من علي أمير المؤمنين "عليه السلام"، ثم إلى دوره في تقوية سلطان الحكم القائم، كما سيأتي إن شاء الله تعالى في هذا الكتاب، حين الحديث عن تعلم زيد للغة العبرانية، بعد الحديث عن غزوة حمراء الأسد.
3 ـ عبد الرحمن بن عوف:
كان عبد الرحمن بن عوف ممن يفتي في عهد رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وأبي بكر، وعمر، وعثمان بما سمع من النبي "صلى الله عليه وآله"([153]).
وموقف ابن عوف من علي في قضية الشورى، وصرفه الأمر عن علي "عليه السلام" إلى عثمان بطريقة ذكية ومدروسة، معروف، ولا يحتاج إلى مزيد بيان.
4 ـ أبو موسى الأشعري:
وكان أبو موسى الأشعري ـ كما يقولون ـ لا يزال يفتي بما أمره النبي "صلى الله عليه وآله" في زمن أبي بكر، ثم في زمن عمر، فبينما هو قائم عند الحجر يفتي الناس بما أمره رسول الله "صلى الله عليه وآله"؛ إذ جاءه رجل فسارّه: أن لا تعجل بفتياك، فإن أمير المؤمنين قد أحدث في المناسك شيئاً.
فطلب أبو موسى حينئذ من الناس: أن يأتموا بعمر، ويتركوا ما كان يفتيهم به. ثم سأل الخليفة عن الأمر؛ فحققه له([154]).
فأبو موسى إذن، كان يرى: أن سنة عمر مقدمة على ما سنه الله ورسوله الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى!!.
ولعله يستند في ذلك إلى ما رووه عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" من أنه قال: لو لم أبعث فيكم لبعث عمر!!.
أو أنه قال: إنه ما أبطأ عنه "صلى الله عليه وآله" الوحي إلا ظن أنه نزل في آل الخطاب!!.
من قبيل رواية: لو كان الله باعثاً نبياً بعدي لبعث عمر بن الخطاب([155]).
ورواية: لو لم أبعث فيكم لبعث عمر([156]).
ورواية: لو لم أبعث لبعثت يا عمر([157]).
ورواية: لو كان نبي بعدي لكان عمر بن الخطاب([158]).
ورواية: قد كان في الأمم محدثون فإن يكن في أمتي أحد فهو عمر([159]).
وغير ذلك مما اختلقته يد السياسة، وزينه لهم الحب الأعمى([160]).
5 ـ السماح لأبي هريرة بعد المنع:
قال أبو هريرة: "بلغ عمر حديثي، فأرسل إليَّ، فقال: كنت معنا يوم كنا مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" في بيت فلان؟
قال: قلت: نعم، وقد علمت لم تسألني عن ذلك!!.
قال: ولم سألتك؟
قلت: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال يومئذ: من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار.
قال: أما إذن، فاذهب فحدث"([161]).
ومن المعلوم: أن عمر كان قد منع أبا هريرة من التحديث([162])، ولكنه لما بلغه حديثه، وأعجبه أرسل إليه، وأبلغه سماحه له برواية الحديث، كما ترى!!.
ولا بد لنا من أن نتساءل عن تلك الخصوصيات التي لو اشتمل عليها الحديث لأعجب الخليفة، ويكافئ من يأتي بها بالسماح بما هو ممنوع على من سواه، من جلة أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله"!!
محاولة فاشلة لهم مع علي ×:
وقد بذلت محاولة لفرض الرأي في مجال الفتوى والعمل بالسنة على علي أمير المؤمنين "عليه السلام"، فوجدوا منه الموقف الحازم، والحاسم؛ فكان التراجع منهم والاعتذار.
فقد روى العياشي عن عبد الله بن علي الحلبي، عن أبي جعفر، وأبي عبد الله "عليهما السلام"، قال: حج عمر أول سنة حج، وهو خليفة، فحج تلك السنة المهاجرون والأنصار وكان علي قد حج في تلك السنة بالحسن والحسين "عليهما السلام"، وبعبد الله بن جعفر، قال: فلما أحرم عبد الله لبس إزاراً ورداء ممشقين ـ مصبوغين بطين المشق ـ ثم أتى، فنظر إليه عمر وهو يلبي وعليه الإزار والرداء، وهو يسير إلى جنب علي "عليه السلام"، فقال عمر من خلفهم: ما هذه البدعة التي في الحرم؟
فالتفت إليه علي "عليه السلام"، فقال له: يا عمر، لا ينبغي لأحد أن يعلمنا السنة!
فقال عمر: صدقت يا أبا الحسن. لا والله، ما علمت أنكم هم([163]).
من له الفتوى بعد عهد الخلفاء الثلاثة:
وإذا استثنينا الفترة التي تولى فيها أمير المؤمنين "عليه السلام" شؤون المسلمين، فإن الذين تصدوا للفتوى بعد ذلك العهد ما كانوا من الشخصيات الطليعية في المجتمع الإسلامي، بل إن بعضهم لا يعد حتى من أهل الدرجة الثانية أو الثالثة.
وبعض هؤلاء أو كلهم لم يكن يسمح لهم بالفتوى في عهد الخلفاء الثلاثة: أبي بكر، وعمر، وعثمان.
يقول زياد بن ميناء: ".. كان ابن عباس، وابن عمر، وأبو سعيد الخدري، وأبو هريرة، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وجابر بن عبد الله، ورافع بن خديج، وسلمة بن الأكوع، وأبو واقد الليثي، وعبد الله بن بحينة، مع أشباه لهم من أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" يفتون بالمدينة، ويحدثون عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، من لدن توفي عثمان إلى أن توفوا.
والذين صارت إليهم الفتوى منهم: ابن عباس، وابن عمر، وأبو هريرة، وجابر بن عبد الله"([164]).
حظر الرواية على ابن عمر، وابن عمرو:
ولا بد لنا هنا من تسجيل تحفظ على ما ذكره زياد بن ميناء بالنسبة لكل من عبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمرو بن العاص.
فأما بالنسبة إلى ابن عمر فقد رووا: أن معاوية قال له: "لئن بلغني أنك
تحدث لأضربن عنقك"([165]).
وأما بالنسبة لعبد الله بن عمرو بن العاص؛ فإنما كان يسمح له بالرواية والفتوى قبل حرب صفين ـ على ما يظهر ـ ثم منعه معاوية من الرواية بعدها.
وقد استمر هذا المنع إلى عهد يزيد بن معاوية أيضاً([166]).
أسباب المنع:
أما عن أسباب منعهما من الرواية فإننا نقول: أما عبد الله بن عمر بن الخطاب، فإنه كان يروي أحاديث رسول الله "صلى الله عليه وآله" في معاوية، كقوله "صلى الله عليه وآله" عنه: لا أشبع الله بطنه.
وقوله "صلى الله عليه وآله" عنه وعن أبيه وأخيه: اللهم العن القائد، والسائق، والراكب.
وقوله "صلى الله عليه وآله": يطلع عليكم من هذا الفج رجل يموت حين يموت وهو على غير سنتي. فطلع معاوية.
وأن تابوت معاوية في النار فوق تابوت فرعون.
وقوله "صلى الله عليه وآله": يموت معاوية على غير الإسلام([167]).
وأما عبد الله بن عمرو بن العاص، فإنه قد أحرج معاوية في صفين بحديث قتل الفئة الباغية لعمار.
وبحديث: إنه سيكون ملك من قحطان.
فقال معاوية لأبيه، عمرو: ألا تغني عنا مجنونك؟ ([168]).
شواهد أخرى:
ومن الشواهد على أن الحكام كانوا يواجهون كل من روى حديثاً يضر بحكومتهم وسياساتهم بصرامة وقسوة ما ذكروه عن الخليفة المهدي العباسي، من أنه أمر بقتل رجل لروايته حديثاً رأى المهدي أنه يضر في حكمه وسلطانه، ثم لما عرف أن ذلك الراوي إنما يرويه عن الأعمش، قال: "ويلي عليه، لو عرفت مكان قبره لأخرجته، فأحرقته بالنار"([169]).
وسأل سعيد بن سفيان القاري عثمان بن عفان عن مسألة، فقال: فهل سألت أحداً قبلي؟!
فقلت: لا.
قال: لئن استفتيت أحداً قبلي، فأفتاك غير الذي أفتيتك به ضربت عنقه إلخ..([170]).
أضف إلى ما تقدم: أن معاوية الذي كان يتعامل بالربا، قد حاول أن يمنع عبادة بن الصامت من رواية حديث عن النبي "صلى الله عليه وآله" حول تحريم الربا، فلم يفلح([171]).
كما أنهم قد منعوا أبا ذر من الفتيا ـ منعه عثمان ـ فلم يمتنع([172])، فواجهوه بأنواع كثيرة من الأذى، والمحن والبلايا، حتى مات غريباً مظلوماً في الربذة، منفاه([173]).
وقد تقدم عن قريب أن أبا موسى الأشعري يطلب من الناس أن يتركوا ما كان يحدثهم به مما سمعه من رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ويأخذوا بما أحدثه لهم عمر. فراجع.
وخلاصة الأمر:
إن الحكام إنما كانوا يسمحون بالفتوى لأشخاص بأعيانهم، ويمنعون من عداهم من ذلك، إلا إذا اطمأنوا إلى أنه من مستوى يؤهله لأن ينسجم في ما يفتي به ويرويه مع مقاصد الحكم وأهدافه. كما كان الحال بالنسبة لأبي هريرة. وحتى لو سمحوا للبعض بممارسة دوره الفتوائي، فإن ذلك يبقى مرهوناً بهذا الانسجام، فإذا ما أخل به أحياناً، ولو عن غير قصد، فإنه يمنع من الحديث، ولو بلغ إلى درجة الإضرار فإنه يهدد بالقتل، والضرب، بل وينفى إلى أبغض البلاد إليه. كما كان الحال بالنسبة لعبد الله بن عمرو بن العاص، وابن عمر، وأبي ذر، حسبما ألمحنا إليه.
لا بد من أساليب أخرى:
ثم إن الحكام قد رأوا: أن كل ذلك لا يكفي لإشباع رغبة الناس في التعرف على الدين، وعلى عقائده ومفاهيمه، وأحكامه.
ولسوف تبقى لدى الناس الرغبة والاهتمام بنيل معارفه والتعرف على ما فيه من شرائع وأحكام، ومن سيرة وتاريخ، وعقائد وسياسات وغيرها.
وقد أصبح الاهتمام بذلك محسوساً وملموساً، فلا بد من معالجة الأمر، بحكمة وروية وحنكة.
وقد كان من الواضح: أن مجرد إعطاء الفتاوى لا يكفي، فقد كان ثمة حاجة إلى تثقيف الناس في مجالات وشؤون ومناحي مختلفة: تاريخية، وسياسية، وتربوية، وعقيدية وغيرها.
فاتجهوا إلى اعتماد أساليب أخرى، رأوا أنها قادرة على حل هذا المشكل، وتساعدهم على الخروج من هذا المأزق الذي وجدوا أنفسهم فيه.
ونذكر هنا بعضاً من مفردات هذه الأساليب التي اعتمدوها لسد الخلل ورأب الصدع، فنقول:
تشجيع الشعر والشعراء:
إن من الواضح: أن الشعر العربي له تأثير السحر على روح وعقل وعواطف الإنسان العربي، الذي ينجذب إليه، ويقبل بكل مشاعره وأحاسيسه عليه.
ومن الواضح: أن هذا الأمر أيضاً يجعل الشعر قادراً على القيام بدور فاعل وقوي في مجال الاستئثار بقسط من الاهتمام لدى فريق كبير من الناس.
فلماذا إذن لا يعطى للشعر هذا الدور، ليخفف من الأعباء التي أصبحت ترهق كاهل الحكم في هذا الاتجاه؟!
ولأجل ذلك نجد: أن المبادرة لتنشيط الاتجاه الأدبي، والاهتمام بالشعر، قد جاءت من قبل نفس الخليفة الذي تبنى السياسات التي أشرنا إليها تجاه الحديث والقرآن، ونفذها بدقة، ورسَّخها بحزم، وحافظ عليها بقوة.
فأمر بكتابة الشعر، والاحتفاظ به، فدونوا ذلك عندهم، وكانت الأنصار تجدده إذا خافت بلاه([174]).
بل لقد روى لنا مالك في موطئه، في أواخر كتاب الصلاة: أنه بلغه أن عمر بن الخطاب بنى رحبة في ناحية المسجد، تسمى "البطيحاء" وقال: "من كان يريد أن يلغط، أو ينشد شعراً، أو يرفع صوته، فليخرج إلى هذه الرحبة"([175]).
وحاول أن يكتب شعر الشعراء، فكتب إلى المغيرة بن شعبة بالكوفة، يطلب منه أن يجمع الشعراء، ويستنشدهم ما قالوا من الشعر في الجاهلية، والإسلام، ويكتب بذلك إليه([176]).
وقال عمر بن الخطاب أيضاً: تعلموا الشعر، فإن فيه محاسن تبتغى، ومساوئ تتقى([177]).
ثم أكدت ذلك عائشة أم المؤمنين، حيث قالت: "عليكم بالشعر، فإنه يعرب ألسنتكم"([178]).
ولسنا ندري إن كانت ترى: أن القرآن وحده لم يكن يكفي لإعراب ألسنتهم؟
أو أن عمر كان يرى: أن ما في القرآن لا يكفي الناس فيما يبتغونه من محاسن.
تعلم الأنساب:
ورغم أن رسـول الله "صلى الله عليه وآلـه" قد قال عن علم الأنساب ـ حسبما روي عنه ـ : "إنه علم لا يضر من جهله، ولا ينفع من علمه"، وكذا روي عنه بالنسبة لعلم العربية، والأشعار، وأيام الناس([179]).
إننا رغم ذلك نجد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب قد رتب إعطاء الجند على أساس قبلي، يرتكز على ملاحظة أنساب الناس، وانتماءاتهم العرقية([180]).
ثم هو يخطط البصرة والكوفة على أساس قبلي أيضاً.
وكان يحث على تعلم الأنساب، مضمناً كلامه ما يتوافق مع التوجهات المقبولة والمعقولة، فيقول: "تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم"([181]).
والملفت للنظر هنا: أن هذه العبارة نفسها قد نسبت إلى النبي "صلى الله عليه وآله"([182]).
وربما يكون النبي "صلى الله عليه وآله" قد قال ذلك، فاستعان عمر بن الخطاب بهذا القول لتنفيذ سياساته في التمييز العنصري، وإجرائها، ولم يعد الأمر يقتصر على صلة الرحم، كما هو المفروض.
ومهما يكن من أمر، فإن معاوية أيضاً قد اختار دغفل بن حنظلة السدوسي، ليعلم ولده يزيد (لعنه الله) علم الأنساب([183]) لا علم الفقه، ولا القرآن، ولا أحكام الدين.
أما الهدف من نسبة كلمة عمر إلى النبي "صلى الله عليه وآله" فربما يكون هو إعطاؤها حيوية وفاعلية، لتجد طريقها إلى وعي الناس، وإلى حياتهم العملية بيسر وسهولة.
وقد دافع البعض عن سياسة عمر في توجيه الناس نحو تعلم الأنساب، معتبراً أنه لا بد من معرفة نسب النبي "صلى الله عليه وآله"، وقريش، لأن الخلافة لا تجوز إلا في قريش، وإلا لادَّعاها من لا تحل له، هذا بالإضافة إلى ما يترتب على ذلك من أحكام الزواج والمواريث([184]).
أسرار الأعذار:
هكذا يتمكن هؤلاء الذين لم يقفوا على حقيقة وأبعاد وأسرار سياسة الخليفة، أو أنهم يتجاهلونها عن سابق عمد وإصرار ـ هكذا يتمكنون من اختلاق الأعذار، التي ربما لا يتمكن الكثير من السذج والبسطاء من اكتشاف خطلها وزيفها في الوقت المناسب!!
على أننا لا نجد أنفسنا مبالغين إذا قلنا: إن أمثال هؤلاء المتمحلين لمثل هذه الأعذار الواهية إنما يريدون إصابة عصفورين بحجر واحد.
فهم في نفس الوقت الذي يبعدون فيه أذهان الناس عن معرفة الحقيقة التي يخشون من ظهورها للناس، فيما يرتبط بسياسات حكام يحترمونهم، يستهدفون طمس حديث وسنة النبي "صلى الله عليه وآله"، بالإضافة إلى سياسات لهم تجاه القرآن أيضاً.
فإنهم يكونون قد أعطوا أموراً ثبت زيفها وخطلها صفة الواقعية، بحيث تبدو كأنها من الأمور المسلمة، التي لا مجال للشك والشبهة فيها.
وذلك حينما يفترضون أن أمر الإمامة لم يحسم، وأنه ليس موقوفاً على النص، وإنما هي شائعة في جميع بطون قريش.
وأن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يعيّن الإمام والخليفة بعده، باسمه وصفته، وحسبه ونسبه، ولم يبايعه المسلمون في غدير خم، وليس ثمة تعدٍّ على أحد في هذا الأمر، ولا اغتصاب لحق قرره الله ورسوله في موارد ومناسبات كثيرة، وبطرق وأساليب مختلفة ومتنوعة.
فلا بد من تعلم الأنساب، حتى إذا اغتُصب أمر هذه الأمة، وتغلب متغلب فلا بد من متابعته وإطاعته، بعد التحقق من نسبه القرشي، مهما كان جباراً وعاتياً، وظالماً وجانياً..
هكذا زينت لهم شياطينهم، وابتكرته لهم نفوسهم الماكرة، وأهواؤهم الداعرة، وسيلقون غداً جزاءهم الأوفى يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
البديل الأكثر نجاحاً والأمثل:
أما البديل الذي كان أكثر نجاحاً في تحقيق ما يصبو إليه الحكام، فقد كان هو: "علوم أهل الكتاب".
وحيث إن هذا البديل قد كان أبعد أثراً، وأكثر انتشاراً، فلا بد لنا من أن نورد بعض التفصيلات التي ربما تكون ضرورية لتكوين نظرة واقعية عن حقيقة ما جرى.
فنقول:
نظرة العرب إلى أهل الكتاب:
إننا كتمهيد لما نريد أن نقوله نذكر: أن العرب قبل الإسلام كانوا صفر اليدين من العلوم والمعارف، كما هو ظاهر لا يخفى، وسيأتي التصريح به من أمير المؤمنين "عليه السلام" ومن غيره.
وكانوا يعتمدون في معارفهم ولاسيما فيما يرتبط بالنبوات، والأنبياء وتواريخهم، وتواريخ الأمم، على أهل الكتاب بصورة رئيسية، وكانوا مبهورين بالأحبار والرهبان بصورة قوية وظاهرة، ويعتبرونهم أهم مصدر للمعرفة لهم.
بل هم ينظرون إليهم نظر التلميذ إلى معلمه بكل ما لهذه الكلمة من معنى.
وقد رأينا: أن قريشاً ترسل رسولاً إلى أحبار يهود المدينة، للسؤال عن أمر النبي "صلى الله عليه وآله"، باعتبار أنهم أهل الكتاب الأول، وعندهم من علم الأنبياء ما ليس عند قريش([185]).
ويقول ابن عباس: "إنما كان هذا الحي من الأنصار ـ وهم أهل وثن ـ مع هذا الحي من يهود ـ وهم أهل كتاب ـ وكانوا يرون لهم فضلاً عليهم في العلم؛ فكانوا يقتدون بكثير من فعلهم"([186]).
وسيأتي: أنهم كانوا يستشيرون أهـل الكتاب في أمر الدخول في الإسلام، ويعملون بمشورتهم أيضاً.
الإسلام يرفض هيمنة أهل الكتاب:
وقد حاول القرآن ونبي الإسلام تخليص العرب من هيمنة أهل الكتاب، بالاستناد إلى ما من شأنه أن يـزعزع الثقة بما يقدمونه من معلومات، على اعتبار أنها لا تستند إلى أساس، بل هي محض افتراءات ومختلقات من عند أنفسهم. وهذا الأمر وحده يكفي لعدم الثقة بهم، وبكل ما يأتون به.
فقد قال تعالى عنهم: إنهم ?يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ?([187]).
وإنهم: ?يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ الله لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً?([188]).
وإنهم رغم أنهم يعرفون النبي "صلى الله عليه وآله" كما يعرفون أبناءهم، ويجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل، فإنهم ينكرون ذلك بالكلية، وذلك حسداً من عند أنفسهم. كما يستفاد من بعض الآيات القرآنية الشريفة.
وقد تحدث الله سبحانه عن صفات اليهود، ومكرهم وغشهم، وغير ذلك.. ما من شأنه تقويض الثقة بهم، في كثير من الآيات والمواضع القرآنية. واستقصاء ذلك يحتاج إلى توفر تام، وجهد مستقل.
ومن جانب آخر، فإننا نجد إصراراً أكيداً من الرسول الأكرم "صلى الله عليه وآله" على إبعاد أصحابه عن الأخذ من أهل الكتاب، وعن سؤالهم عن شيء من أمور الدين. فنهى "صلى الله عليه وآله" عن قراءة كتب أهل الكتاب([189]).
وقال لأصحابه: لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء، فإنهم لن يهدوكم، وقد أضلوا أنفسهم([190]).
وقد اتضح لكل أحد: أنه "صلى الله عليه وآله" كان يحب مخالفتهم في كثير من الأشياء([191])، حتى قالت اليهود: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئاً إلا خالفنا فيه([192]).
وقد استأذن عبد الله بن سلام النبي "صلى الله عليه وآله" بأن يقيم على السبت، وأن يقرأ من التوراة في صلاته، فلم يأذن له([193]).
وسيأتي أنه لم يطع النبي "صلى الله عليه وآله" في ذلك أيضاً.
مدارس "ماسكة":
وقد كان من المفروض: أن يستجيب المسلمون لإرادة الله ورسوله هذه، لاسيما مع التعليل والتوضيح الذي يذكره القرآن ونبي الإسلام لهذا المنع، كقوله "صلى الله عليه وآله": "لن يهدوكم، وقد أضلوا أنفسهم".
أو قوله: "إنهم يحرفون الكلم عن مواضعه" وغير ذلك.
ولكن الأمر الذي يثير عجبنا هو أننا نجد: أن بعض مشاهير الصحابة يستمر على التعلم من أهل الكتاب.
وكان بعضهم ـ كالخليفة الثاني عمر بن الخطاب ـ يقصدهم إلى مدارسهم في المدينة، وتسمى "ماسكة".
وكان هو أكثر الصحابة إتياناً لهم. وزعموا أنهم يحبونه لأجل ذلك([194]).
الإصرار إلى حد الاغضاب:
وقد جاء عمر بن الخطاب إلى الرسول "صلى الله عليه وآله" بترجمة للتوراة، وجعل يتلوها على النبي "صلى الله عليه وآله"، ووجه النبي "صلى الله عليه وآله" يتمعّر ـ أي يتقبّض ـ وقال له رسول الله "صلى الله عليه وآله":
"أمتهوّكون أنتم؟! لقد جئتكم بها نقية بيضاء، والله، لو كان موسى حياً ما وسعه إلا اتباعي"([195]).
وهكذا فعلت حفصة ـ حسبما يروى ـ مع رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وهكذا أيضاً كان موقفه "صلى الله عليه وآله" منها([196]).
ولم يكتف "صلى الله عليه وآله" بالقول وبالتغيظ على من يأخذ من أهل الكتاب، بل باشر إتلاف ما كتبوه عنهم بنفسه.
فقد روي أن عمر بن الخطاب جاء إلى النبي "صلى الله عليه وآله" بشيء كتبه عن أحد اليهود، فجعل "صلى الله عليه وآله" يتتبعه رسماً رسماً، يمحوه بريقه، وهو يقول: "لا تتبعوا هؤلاء؛ فإنهم قد هوكوا وتهوكوا، حتى محا آخره حرفاً حرفاً"([197]).
كل ذلك لم ينفع:
ولكن ما يؤسف له هو أنه رغم صراحة القرآن، ورغم جهود النبي "صلى الله عليه وآله" لمنع الناس من الأخذ من أهل الكتاب، فقد استمر كثيرون على الأخذ عنهم.
والتلمّذ على أيـدي من أظهر الإسـلام منهم، كما سنشير إليه إن شـاء الله تعالى.
وقد شجعتهم السلطات على رواية أساطيرهم بأساليب وطرق مختلفة. كما سنرى.
عود على بدء:
وبعدما تقدم نقول:
إنهم حين منعوا الناس من السؤال عن معاني القرآن، ورواية حديث رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وكتابته، وواجهتهم مشكلة إيجاد البديل، ورأوا: أن الحل الأفضل هو توجيه الناس إلى ما عند أهل الكتاب، فإن ذلك ينسجم مع الخلفيات التي كانت لدى الكثيرين، ويدفع الآخرين للتعرف على ما عند هؤلاء الناس من عجائب وغرائب، ثم هو يخفف من حدة الضغوطات التي يتعرضون لها فيما يرتبط باهتمام الناس بالمعارف الدينية.
وتبقى مشكلة الفتوى، وهي مشكلة سهلة الحل، وقد وجدوا لها التدبير المناسب والمعقول بنظرهم، كما سنرى. أما كيف وجهوا الناس نحو علوم أهل الكتاب، فذلك هو الأمر المهم والحساس، الذي لا بد لنا هنا من الإشارة إلى بعض فصوله وشواهده، فنقول:
المرسوم العام:
لقد كان لا بد لهم بادئ ذي بدء من إعطاء رواية الإسرائيليات جوازاً شرعياً، مستنداً إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، ليقبله الناس، وليكون حجة على من يريد أن يعترض، فكان أن أصدروا مرسوماً عاماً، منسوباً إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" يقول: "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج". كما رواه عبد الله بن عمرو بن العاص، وأبو هريرة، وأبو سعيد الخدري([198]).
وبذلك يكونون قد سمحوا لأهل الكتاب بأن ينشروا أساطيرهم، ويشيعوا أباطيلهم، وذلك بصورة شرعية، ورسمية، ولا يمكن الاعتراض عليها، لاسيما وأنهم قد دعموا ذلك بمزاعم أخرى من قبيل ما زعموه من أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان يحدثهم عن بني إسرائيل عامة ليله، حتى يصبح([199]).
وقولهم: إنه "صلى الله عليه وآله" قد أمر عبد الله بن سلام بقراءة القرآن والتوراة، هذا ليلة، وهذا ليلة([200]).
أصل الحديث:
والظاهر هو أن حديث: حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ليس كذباً كله، بل هو ـ فيما نظن ـ تحريف للكلمة المأثورة عن رسول الله "صلى الله عليه وآله": حدثوا عني ولا حرج، ومن كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار. حسبما رواه أبو هريرة!! وأبو سعيد الخدري، وأنس..([201]).
والأولان بالإضافة إلى ابن عمرو بن العاص هم الذين ينسب إليهم ذلك الحديث المحرف.
إلا أن يكون المـراد من الحديث: حدثوا بما حدثتكم بـه من مخـازي وانحرافات بني إسرائيل ولا حرج، ويكون هؤلاء الناس قد أساؤوا فهم هذا الحديث، واستفادوا منه لتنفيذ سياساتهم ومآربهم.
خطوة أخرى على الطريق:
وبعد هذا التمهيد، فقد كان من الطبيعي أن نتوقع منهم التقدم خطوة أخرى باتجاه إعطاء امتيازات لأهل الكتاب، فقد سمح الخليفة الثاني لكعب الأحبار بأن يقرأ التوراة آناء الليل والنهار([202]).
إفتراض لا يجدي:
ونريد أن نفترض مسبقاً، وقبل الدخول في تفاصيل القضايا:
أن حديث: "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج "، قد قاله رسول الله "صلى الله عليه وآله" حقيقة، وبلا ريب.
ولكن هذا الافتراض لا يجدي، ولا يثبت به الرخصة بالأخذ عن أهل الكتاب، والركون إليهم، ورواية أباطيلهم، وأساطيرهم.
إذ إن هذا التعبير إنما يفيد جواز نقل ما وصل إليهم من أخبار بني إسرائيل الثابتة والمعلوم صحتها، مما أخبرهم الله ونبيه به.
حيث كانوا يتوهمون عدم جواز روايتها وتداولها، فورد الترخيص لهم بذلك. لا أن يأخذوا عن علماء أهل الكتاب ما يصدرونه لهم من غث وسمين، وصحيح وسقيم.
شيوع الأخذ عن أهل الكتاب:
ومهما يكن من أمر، فإن الناس كانوا يأخذون من كعب الأحبار، الذي كان يحدثهم عن الكتب الإسرائيلية([203]) وعن وهب بن منبه، وعبد الله بن سلام، وغيرهم من علماء وأحبار أهل الكتاب، الذين أظهروا الإسلام.
قال الكتاني: "وأخـذُ كثير مـن عليـة الصحـابة عـن كعب الحـبر معروف"([204]).
ولكي لا نكون قد أهملنا الإشارة إلى بعض هؤلاء الذين أخذوا عن أهل الكتاب، فإننا نكتفي بتقديم نموذج بسيط جداً من أسماء هؤلاء، مع إلماحة في الهامش إلى نموذج من المصادر أيضاً، التي نجد فيها ما يؤيد أخذ من ذكرنا أسماءهم عن علماء اليهود والنصارى.
فراجع ما يؤثر في هذا المجال عن: أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، وأبي هريرة، وعمر بن الخطاب، وابنه عبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعطاء بن يسار، وعوف بن مالك، وسعيد بن المسيب، وزرارة بن أوفى، وروح بن زنباغ، وعطاء بن يزيد، وشهر بن حوشب، وعبد الله بن وهب، وعبد الله بن مغفل، وعبد الله بن الحرث، وأنس، وعبد الله بن حنظلة، وأبي الدرداء، ومقاتل بن سليمان، بل لقد نسب ذلك إلى ابن عباس أيضاً([205]).
هذا إلى جانب عشرات بل مئات آخرين، فراجع تراجم علماء أهل الكتاب، وانظر من روى عنهم ليتضح لك ذلك بصورة جلية([206]).
الإرجاعات الصريحة:
وقد كان بعض الصحابة المتأثرون بأهل الكتاب يوصون بأخذ العلم عنهم.
فقد روي: أنه حينما حضرت معاذاً الوفاة أوصاهم: أن يلتمسوا العلم عند أربعة وهم: سلمان، وابن مسعود، وأبو الدرداء، وعبد الله بن سلام، الذي كان يهودياً فأسلم([207]).
وأوضح من ذلك وأصرح: ما روي من أن رجلاً سأل ابن عمر عن مسألة، وعنده رجل من اليهود، يقال له: يوسف، فقال: سل يوسف، فإن الله يقول: ?فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ?([208]).
زاملتا عبد الله بن عمرو بن العاص:
وفي سياق الحديث عن الأخذ عن أهل الكتاب بعد أن ترخص الناس بذلك، وبدأ أحبارهم وعلماؤهم في نشر أساطيرهم بجد ونشاط، نلاحظ: أن بعض الصحابة يكاد يكون متخصصاً في النقل عنهم، وفي نشر أباطيلهم وأساطيرهم.
فها نحن نجد: أن كل من يتحدث عن عبد الله بن عمرو بن العاص لا بد أن يضع في حسابه: أن يذكر الزاملتين اللتين يدعي ابن عمرو: أنه قد وجدهما في حرب اليرموك مملوءتين كتباً من علوم أهل الكتاب، فكان يحدث عنهما بأشياء كثيرة من الإسرائيليات([209]).
وقد قرر بعض المؤلفين([210]): أن ابن عمرو إنما اعتمد في الرخصة بذلك على ذلك المرسوم العام، الذي أشرنا إليه فيما سبق، وهو: حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج.
مع أنه قد تقدم: أن الحديث ـ لو صح ـ فالمقصود به رواية الحديث الثابت صحته، والمأخوذ من النبي "صلى الله عليه وآله"، لا من علماء بني إسرائيل. بالإضافة إلى احتمال آخر ذكرناه هناك.
لماذا كثرة تلامذة كعب الأحبار:
إن من يراجع كتب تراجم الصحابة والتابعين يجد الكثير من الروايات رواها رواتها عن خصوص كعب الأحبار، ولو بالواسطة، الأمر الذي يشير إلى كثرة تلامذة هذا الرجل، وشدة اهتمام فريق من الناس بالأخذ عنه.
ولعل سبب ذلك، هو تلك الثقة الكبيرة التي أولاه إياها الخليفة الثاني، عمر بن الخطاب، كما يعلم من مراجعة كتب الحديث والتاريخ والتراجم.
وقد قرضه الخليفة أكثر من مرة، ومن ذلك أنه حينما تزلف له كعب بما راق له، قال: "{وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ}([211])"([212]).
ثم جاء معاوية بن أبي سفيان ليظهر المزيد من الاهتمام بكعب، وليمنحه المزيد من الأوسمة، وكلماته فيه وتقريظاته له معروفة ومشهورة([213]).
هذا بالإضافة إلى تأثير ذلك المرسوم العام في ترغيب الناس بما عند أهل الكتاب، حسبما تقدم.
أبو هريرة يروي عن كعب:
وقد أفاد كعب من هذه التقريظات، واستخدمها في جلب المزيد من التلامذة إلى حظيرته، وبدأ ينشر على تلامذته ما شاءت له قريحته، ودعته إليه أهدافه. وترخص الناس في الرواية عنه، حتى كان أبو هريرة يروي عن كعب، كما يروي عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وقد روى حديثاً في خلق السماوات والأرض حكموا عليه بأن أبا هريرة إنما تلقاه عن كعب([214]).
ويقول بشير بن سعد ـ كما روي عنه ـ : اتقوا الله وتحفظوا من الحديث، فوالله، لقد رأيتنا نجالس أبا هريرة، فيحدث عن رسول الله، ويحدثنا عن كعب، ثم يقوم فأسمع بعض من كان معنا يجعل حديث رسول الله عن كعب، ويجعل حديث كعب عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"([215]).
فترى: أن أبا هريرة يجعل حديثه عن كعب، إلى جانب حديثه عن رسول الله "صلى الله عليه وآله". ولا يجد غضاضة في أن يحدث في مجالسه عنهما معاً!!
وهذا ربما يكون السبب في صدور الإجازة له بالتحديث بعد أن كان ممنوعاً من ذلك.
كعب الأحبار حكماً:
وسرعان ما أصبح كعب الأحبار شخصية مرموقة، يحتكم إليها حتى خليفة المسلمين، ليجد عندها الجواب الكافي والشافي، والحكم العادل والفاصل.
فقد روى المفسرون: أن خلافاً وقع بين معاوية وابن عباس في قراءة جملة: "عين حمئة". كما يقول ابن عباس. أو: "حامية" كما يقول معاوية: فاتفقا على تحكيم كعب الأحبار؛ فسألاه: كيف تجد الشمس في التوراة؟!
فقال: في طينة سوداء.
فوافق جوابه كلام ابن عباس([216]).
ولا ندري كيف صار كلام كعب دليلاً على صحة الآية القرآنية بهذا النحو أو بذاك؟.
ومن الذي قال: إن كعب الأحبار لم يكن مسبوق الذهن بالآية القرآنية، فجاء بنص ينسجم معها حذراً من المواجهة مع صحابة رسول الله "صلى الله عليه وآله" لو أنه جاء بما يخالف القرآن.
ويلاحظ: أن معاوية ـ كما ذكرته رواية في الدر المنثور ـ قد أرسل أولاً إلى عبد الله بن عمرو بن العاص، فوافق معاوية. ثم سأل كعب الأحبار، فأجابه بما وافق ابن عباس([217]).
وفي نص آخر: أن المخالفة كانت بين ابن عباس، وعمرو بن العاص([218]).
مع أن ابن عمرو يأخذ من كتب أهل الكتاب، كما كان يأخذ كعب.
بردة كعب:
وقد بلغ مقام كعب عند معاوية مبلغاً عظيماً، جعله يصر عليه هو شخصياً بأن يتولى مهمة القصص، كما أسلفنا.
بل لقد صار هذا الرجل من مواضع البركة لهم، حتى ليقول الكتاني: "تغالي معاوية في بردة كعب معروف"([219]).
رشوات كعب:
وقد كان كعب يعرف كيف يهيمن على عقول الناس، وينال ثقتهم، ويكتسب تأييدهم.
وكان أيضاً من أعرف الناس بمفاتيح قلوبهم، وكيف؟ ومتى؟ وبأية صورة يوزع الرشاوى على أتباعه، والمعجبين به، ليحتفظ بولائهم، وحبهم، وثقتهم إلى أبعد مدى.
وقد تحدثنا عن بعض من ذلك فيما سبق، حين الحديث عن كيد وتهويلات أهل الكتاب.
ونشير هنا إلى بعض آخر من ذلك أيضاً، فنقول:
ألف: كعب وخلافة علي × :
لقد كان كعب الأحبار على علم بالتوجهات العامة لسياسات الحكم تجاه علي "عليه السلام" وأهل بيته، ولم يكن ليخفى عليه: أن ثمة خطة لإبعادهم عن الخلافة وإبعادها عنهم بمختلف الأساليب.
وعلى هذا الأساس نلاحظ: أنه حين استشار عمر كعباً في أمر الخلافة، وطرح له أسماء المرشحين لها، فلما انتهى إلى اسم علي "عليه السلام" نرى كعباً يرفض أن يكون لعلي "عليه السلام" نصيب فيها، بشدة وقوة([220]).
وما ذلك إلا لأنه كان على علم بالسياسات الخفية في هذا الاتجاه، وكان يعلم أيضاً: أن رفضه هذا كان يروق للخليفة، وينسجم مع تطلعاته وتدبيراته، وطموحاته المستقبلية.
ب: لقب الفاروق:
وبالنسبة لعمر نفسه، فإننا نجد أهل الكتاب يتزلفون له بطريقة أخرى أيضاً، وذلك حينما منحوه لقب "الفاروق" الذي كان يعجبه ويروق له.
يقول النص التاريخي: "بلغنا: أن أهل الكتاب أول من قال لعمر: "الفاروق".
وكان المسلمون يأثرون ذلك من قولهم.
ولم يبلغنا: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" ذكر من ذلك شيئاً"([221]).
وربما يظهر من رواية الطبري: أن الذي سماه بذلك هو كعب الأحبار نفسه([222]).
وواضح: أن منح هذا اللقب للخليفة قد يكون رشوة، وقد يكون مكافأة له على إفساحه المجال لأهل الكتاب لنشر ترهاتهم وأباطيلهم في المسلمين بعد أن حُرم المسلمون من حديث نبيِّهم رواية وكتابة، ومن قرآنهم أيضاً، حسبما ألمحنا إليه.
ج: كعب يقرض أبا هريرة:
ومما يدخل في هذا السياق ما قاله كعب الأحبار، وهو يقرّض أبا هريرة: "ما رأيت أحداً لم يقرأ التوراة أعلم بما فيها من أبي هريرة"([223]).
ولا ندري من أين حصل أبو هريرة على علوم التوراة، وكيف عرف ما فيها دون أن يقرأها.
وهل يمكن أن يوجد شخص غير هذا الرجل يستطيع أن ينال علم شيء دون أن يطلع عليه، ويعرف ما فيه؟!.
د: محاولة رشوة ابن عباس:
قالوا: كان ابن عباس يقرأ: "في عين حمئة" فقال كعب: ما سمعت أحداً يقرؤها كما هي في كتاب الله غير ابن عباس؛ فإننا نجدها في التوراة: في حمئة سوداء([224]).
وقد تقدم ما يدل على أن عبد الله بن عمرو بن العاص قد ذكر: أنه يوجد في التوراة نص آخر يختلف عما ذكره كعب الأحبار، فراجع ما ذكرناه تحت عنوان: "كعب الأحبار حكماً".
ومهما يكن من أمر فإننا نقول: إن كعباً يريد بكلامه هذا مع ابن عباس: أن يرمي عصفورين بحجر واحد.
فهو من جهة يقدم رشوة إلى ابن عباس، ليكتسب حبه وثقته، وإعجابه برجل عنده علم التوراة.
ومن جهة ثانية يكون قد كرس في أذهان الناس: أن هذه التوراة التي بين أيديهم هي الكتاب المنزل على موسى، وليست محرفة، كما يزعمون، وعلى هذا الأساس، فلا بد من تعظيمها، والاستفادة مما فيها من علوم، ومعارف.
ه‍ : كعب يقرّض ابن عمرو بن العاص:
وأما عن تقريظات كعب لعبد الله بن عمرو بن العاص، فقد روي عن عبد الله بن السلماني قوله: "التقى كعب الأحبار، وعبد الله بن عمرو.
فقال كعب: أَتطَّيَّر؟!
قال: نعم.
قال: فما تقول؟!
قال: أقول: اللهم لا طير إلا طيرك، ولا خير إلا خيرك، ولا رب غيرك، ولا حول ولا قوة إلا بك.
فقال: أنت أفقه العرب؛ إنها لمكتوبة في التوراة كما قلت"([225]).
وحسبنا ما ذكرناه، فإن المقصود هو الإلماح والإشارة لا الاستقصاء.
سحرة بني إسرائيل يركزون على التوراة:
وإذا رجعنا إلى كتب التاريخ والحديث فسوف نجد:
أن علماء أهل الكتاب كانوا يمارسون على الناس طريقة الإرهاب الفكري، حيث يظهرون لهم: أنهم يعرفون كل شيء، لأن التوراة مكتوب فيها كل شيء، حتى الأرض شبراً شبراً.
قال كعب الأحبار لقيس بن خرشة لاعتراضه عليه، حين أخبره بما يجري على أرض صفين: "ما من الأرض شبر إلا مكتوب في التوراة، الذي أنزل الله على موسى، ما يكون عليه، وما يخرج منه إلى يوم القيامة"([226]).
وفي نص آخر قال: "ما من شيء إلا وهو مكتوب في التوراة"([227]).
ونقول:
إن التوراة التي تحوي كل هذه التفاصيل لا بد أن تكون مئات بل آلاف المجلدات.
ولو صح أن توراة موسى كان فيها كل ذلك، فمن الذي يضمن أن تكون التوراة الحاضرة هي نفس تلك؟
ونحن نرى: أنها تفقد كل ذلك الذي يدَّعون أنه يوجد فيها.
ومهما يكن من أمر، فقد أنشد الحطيئة بيتاً من الشعر، فادَّعى كعب الأحبار فوراً: أنه مكتوب في التوراة. ([228]).
ودعوى كعب وجود كثير مما يتفق أمامه: أنه مذكور في التوراة بهدف كسب ثقة الناس بعلمه وبمعارفه، ورفع شأن التوراة في أعينهم، كثير لا مجال لتتبعه هنا([229]).
تعظيم وتقديس التوراة:
ومن أساليبهم التي ترمي إلى جعل الناس يقدسون توراتهم المحرفة التي يتداولونها، ما زعموه من أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد قام للتوراة([230]).
ثم جاء الحكم بحرمة مس التوراة والإنجيل للجنب([231]).
وكان أبو الجلد الجوني يقرأ القرآن كل سبعة، ويختم التوراة في ستة أيام نظراً؛ فإذا كان يوم ختمها حشد إلى ذلك ناساً.
وكان يقول: كان يقال: تنزل عند ختمها الرحمة([232]).
كما أن وهب بن منبه قد أجاز النظر في التوراة وكتابتها([233]).
وكانوا يستشهدون لبعض القضايا التاريخية بأنها قد وردت في التوراة، ومن أمثلة ذلك: أن ابن دحية قد كذَّب الرواية التي تقول:
إن هارون مدفون في أحد؛ لأنه قدم هو وأخوه موسى إلى الحج أو العمرة، فمات هناك، فواراه أخوه موسى فيه.
قال ابن دحية: "هذا باطل بيقين، وإن نص التوراة: أنه دفن بجبل من جبال بعض مدن الشام"([234]).
إصرار مسلمة أهل الكتاب على العمل بالتوراة:
وتشير النصوص التي بين أيدينـا: "إلى أن الـذين أسلموا من أهـل الكتاب قد استمروا على تعظيم توراتهم وعلى العمل ببعض ما فيها ـ كما ذكره المفسرون لآية ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً?([235])"([236]).
وقد روي: أن عبد الله بن سلام، وثعلبة، وابن يامين، وأسد، وأسيد بني كعب، وسعيد بن عمرو، وقيس بن زيد، وكلهم من اليهود جاؤوا إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقالوا:
يا رسول الله، يوم السبت كنا نعظمه، فدعنا فلنسبت فيه، وإن التوراة كتاب الله، فدعنا فلنقم بها بالليل.
فنزلت الآية([237]): ?يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً?.
وفي نص آخر: "أن ابن سلام وغيره ممن أسلم من اليهود استمروا على تعظيم السبت، وكراهة أكل لحم الإبل، وشرب لبانها؛ فأنكر ذلك عليهم المسلمون.
فقالوا: "إن التوراة كتاب الله، فنعمل به أيضاً، فأنزل الله تعالى: ?يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً?([238])"([239]).
وتقدم: أن الخليفة الثاني قد سمح لكعب الأحبار بأن يقرأ التوراة آناء الليل وأطراف النهار
الفصل الرابع:
القصاصون يثقفون الناس رسمياً
القصص الحق:
إنه لا ريب في أن القصص حينما يكون حقاً، وفي خدمة الحق، ووسيلة لتوعية الناس، وتعريفهم بواجباتهم، فإنه يكون حينئذ محبوباً ومطلوباً لله تعالى، وقد قال عز من قائل:
?إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ?([240]).
وحينما طلب الصحابة من النبي "صلى الله عليه وآله" أن يقص عليهم، نزل قوله تعالى:
?نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ?([241]).
وروي أن سعد الإسكاف قال لأبي جعفر: إني أجلس فأقص؛ وأذكر حقكم وفضلكم!
قال: وددت أن على كل ثلاثين ذراعاً قاصاً مثلك([242]).
وكان أبان بن تغلب "قاص الشيعة"([243]).
وكان عدي بن ثابت الكوفى المتوفي سنة 116 ه‍. إمام مسجد الشيعة وقاصهم([244]).
هذا هو رأي الإسلام، وصريح القرآن، ونهج أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة وموقفهم.
ولكن الأمر بالنسبة لسياسات الآخرين وأهدافهم من هذا الأمر، لم يكن بهذه البساطة، بل هو يختلف تماماً مع هذا الذي ذكرناه بصورة حقيقية وأساسية، ولتوضيح ذلك نقول:
الطريقة الذكية:
سبق أن قلنا: إنه قد كان لا بد للحكم من إشغال العامة، وملء الفراغ الروحي والنفسي الذي نشأ عن إبعاد العلماء الحقيقيين عن التعاطي مع الناس، وتثقيفهم وتربيتهم.
وبعد أن استقر الرأي على إعطاء دور رائد لأهل الكتاب في هذا المجال، فقد اتجه الحكام نحو استحداث طريقة جديدة، من شأنها أن تشغل الناس، وتملأ فراغهم، وتوجد حالة من الطمأنينة لديهم، مع ما تقدمه لهم من لذة موهومة، ولكنها محببة.
مع الاطمئنان إلى أن هذه الطريقة لا تؤدي إلى إحراج الحكام في شيء، بطرح أي من الأمور الحساسة، التي لا يريدون التعرض لها، أو المساس بها.
وهذه الطريقة هي السماح بالقصص لمسلمة أهل الكتاب، من الأحبار والرهبان، حيث ينشرون في الناس ما شاؤوا من أساطير وترهات، ويذهبون بأوهام الناس وخيالاتهم في آفاق الخواء والهباء، ثم يقذفون بها في أقبية الأحلام الصفيقة، أو في أغوار النسيان العميقة والسحيقة.
وأهل الكتاب هم أجدر وأبرع من تصدى لهذا الأمر، وأولى من حقق الغاية المنشودة؛ لأن العرب كانوا إلى عهد قريب يحترمونهم، ويثقون بهم وبعلمهم، ولم يتسنَّ للإسلام ـ رغم ما قام به من جهود ـ أن ينتزع هذه النظرة التي لا تستند إلى أساس موضوعي من النفوس المريضة أو الضعيفة.
وقد قام أحبار أهل الكتاب بالمهمة التي أوكلت إليهم خير قيام، وحققوا كل أهداف الحكم والحاكمين، وأهدافاً أخرى كانوا هم أنفسهم يسعون إليها، ويعملون ليل نهار في سبيل الوصول والحصول عليها.
وإذا كانوا في السابق يعملون في السر والخفاء، فها هم اليوم يمارسون نشاطهم جهراً وبطلب من الحكم القائم بالذات.
إعطاء الشرعية:
وقد مارسوا نشاطهم ودورهم هذا في ظل قرار رسمي حكومي، يقضي باحتلال أهل الكتاب للمساجد، وأولها مسجد الرسول الأعظم "صلى الله عليه وآله" في المدينة([245])، ليشغلوا الناس بما يقصُّونه عليهم من حكايا بني إسرائيل، وأي شيء آخر يروق لهم، ويخدم الأهداف التي يعملون من أجلها وفي سبيلها.
وكان تميم الداري، الذي هو في نظر عمر بن الخطاب خير أهل المدينة([246]) قد طلب من الخليفة الثاني أن يقص، فسمح له، فكان يقص في مسجد رسول الله "صلى الله عليه وآله" كل جمعة، فاستزاده يوماً آخر فزاده.
فلما تولى عثمان زاده يوماً آخر أيضاً([247]).
وكان عمر بن الخطاب يجلس إليه بنفسه، ويستمع إلى قصصه([248]).
ويقول البعض: إن تميما إنما أخذ ذلك من اليهود والنصارى([249]) مع أن تميماً كان في بادئ الأمر نصرانياً!!
وقيل: إن أول من قص هو عبيد بن عمير. وذلك على عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب([250]).
وكان معاوية إذا صلى الفجر يجلس إلى القاص، حتى يفرغ من قصصه([251]).
كما أن عمر بن عبد العزيز كان يجلس ويستمع إلى القصاص([252]).
وكان محمد بن قيس قاصاً لعمر بن عبد العزيز بالمدينة([253]).
وكان الناس يفخرون بفقيههم وقاصهم: ابن عباس، وعبيد بن عمير([254]).
وما دام أن القصاصين صاروا مصدر فخر للأمة، فمن الطبيعي: أن نرى كثيرين من الأعيان والمعروفين قد تصدوا للقصص أيضاً، فعدا عن تصدي مثل: كعب الأحبار، الذي كان يقص في عهد معاوية بأمر منه([255]).
وكان عمر أيضاً يستدعي من كعب الموعظة([256])، وهذا اصطلاح يقصد به القصص، كما يظهر من كتاب: القصاص والمذكرين، لابن الجوزي. وكان تبيع بن عامر، وهو ابن زوجة كعب وربيبه يقص([257]).
نعم، عدا عمن ذكرنا، فقد كان أبو هريرة يقص، وكذا الأسود بن سريع، ومحمد بن كعب القرظي، وقتادة، وعطاء، وسعيد بن جبير، وثابت البناني، وعمر بن ذر، وأبو وائل، والحسن البصري، وغيرهم([258]).
فراجع المؤلفات التي تعالج موضوع القصص، والقصاصين، ككتاب: القصاص والمذكرين، وتلبيس إبليس، وقوت القلوب، وغير ذلك لتطلع على أسماء كثيرين ممن كانوا يمارسون القصص في الصدر الأول.
حتى النساء:
وحتى النساء، فإنهن قد مارسن مهنة القصص، فقد روى ابن سعد: أن أم الحسن البصري كانت تقص على النساء أيضاً([259]).
اهتمام الحكام بالقصاصين:
وكان الحكام يهتمون بأمر القصاصين بصورة واضحة، وقد تجلى هذا الاهتمام في جهات عديدة:
1 ـ فقد تقدم: أن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب كان يجلس إلى القصاصين، ويستمع إليهم، وكذلك معاوية، وعمر بن عبد العزيز.
2 ـ وقد جعلوا للقصاصين جُعلاً (أي أجراً) على عملهم([260]).
وكان عمر بن عبد العزيز ـ حسبما يقولون ـ يعطي القاص الذي رتبه للقيام بهذه المهمة دينارين شهرياً، فلما ولي هشام بن عبد الملك جعل له ستة دنانير([261]).
3 ـ كان منصب القصاص منصباً رسمياً يتدخل فيه الخليفة بنفسه، نصباً وعزلاً، كما تقدم عن عمر، ومعاوية، وعمر بن عبد العزيز. وسيأتي ما يدل على ذلك أيضاً عن عوف بن مالك، وعبادة بن الصامت، حيث قالا: لا يقص إلا أمير، أو مأمور الخ.
ويدل عليه أيضاً كلام غضيف بن الحارث مع عبد الملك بن مروان([262])، فراجع.
وقد ذكر المقريزي طائفة ممن تولوا منصب (قصاص) في القرون الأولى على التعاقب، فليراجعه من أراد ذلك([263]).
أما من كان يقص بدون إذن من الحاكم، فقد كان يعرض نفسه للمؤاخذة من قبل الحكام([264]).
ولعل القاص الذي ينصبه الحاكم هو الذي كان يقال له: "قاص الجماعة"([265]).
ويشير إلى ذلك: أن أبا الهيثم كان قاص الجماعة في عهد بني أمية، فلما جاء بنو العباس عزلوه، فاعترض على ذلك واستنكره([266]).
4 ـ إن الخلفاء كما أنهم كانوا يجعلون للجماعة قاصاً، فإنهم كانوا يجعلون للجند قاصاً أيضاً، لأجل تحريكهم، وبعث الحماس فيهم،([267]) وتوجيههم سياسياً، حسبما يتوافق مع أهداف الحاكم وطموحاته.
وقد صرح الحسن بن عبد الله: أن الملك هو الذي يتولى منصب قاص الجند([268]).
5 ـ لقد كان الخليفة يتدخل حتى في كيفية ونوع ومقدار العمل الذي يسمح به للقاص، وتقدم أن عمر وعثمان قد عينا لتميم الداري الوقت والمدة والمكان.
كما أن عمر بن عبد العزيز ـ الذي تلمّذ على يدي مسلم بن جندب القاص ـ([269]) قد كتب إلى صاحب الحجاز: أن مر قاصك: أن يقص على كل ثلاثة أيام مرة. أو قال: قاصكم([270]).
6 ـ لقد كان الأمراء أنفسهم يمارسون عمل القصص، حتى قيل ـ بل لقد جعلوا ذلك رواية عن النبي "صلى الله عليه وآله" ـ كما عن عبادة بن الصامت، وعوف بن مالك:
"لا يقص إلا أمير، أو مأمور، أو مختال. أو قال: أو متكلف"([271]).
القصاصون في خدمة سياسات الحكام:
وغني عن القول هنا:
أن القصاصين قد قاموا بدور فاعل في تثبيت دعائم الحكومات الظالمة، وأصبحوا أبواقاً لها للدعاية والإعلام، يشيعون في الناس ما يريد الحكام إشاعته، مما يخدم مصالحهم، ويوصلهم إلى أهدافهم.
ويكفي أن نذكر هنا:
1 ـ أن معاوية حين جاء لحرب الإمام الحسن "عليه السلام" في العراق، استصحب معه القصاص؛ فكانوا يقصون في كل يوم، يحضون أهل الشام عند وقت كل صلاة؛ فقال بعض شعرائهم:
من جسر منبج أضحى غب عاشرة في نخل مسكن تتلى حوله السور([272])
2 ـ ويقولون أيضاً: إن معاوية حينما بلغه:
أن علياً "عليه السلام" قنت فدعا على أهل حربه، أمر القاص الذي يقص بعد الصبح وبعد المغرب: أن يدعو له ولأهل الشام([273]).
3 ـ وكان عبد الملك شكا إلى العلماء!! ما انتشر عليه من أمر رعيته، وتخوفه من كل وجه، فأشار عليه أبو حبيب الحمصي القاضي بأن يستنصر عليهم برفع يديه إلى الله تعالى.
فكان عبد الملك يدعو ويرفع يديه، وكتب بذلك إلى القصاص؛ فكانوا يرفعون أيديهم بالغداة والعشي([274]).
4 ـ وكان محمد بن واسع الأزدي من جملة القصاص والوعاظ في جيش قتيبة بن مسلم في خراسان، وكان يقول قتيبة في حقه: إنه بالنسبة إليه أفضل من ألف سيف ورمح. فراجع([275]).
5 ـ قال عبد الملك بن مروان لغضيف بن الحارث: "إنا قد أجمعنا الناس على أمرين: قال: وما هما؟
قال: رفع الأيدي على المنابر يوم الجمعة، والقصص بعد الصبح والعصر الخ"([276]).
6 ـ كما أن القصاصين قد قاموا بدور مهم في إحداث الفتنة بين السنة والشيعة في بغداد، في زمن عضد الدولة، فمنعهم من القصص. وذلك في سنة 367 ه‍ ([277]).
وكذلك جرى في سنة 398 ه‍. ق.
ثم سمحوا لهم بمزاولة أعمالهم بشرط تركهم التعرض للفتن([278]).
جرأة القصاصين وسيطرتهم:
كان القصاصون جريئين على الله ورسوله، فلم يكونوا يتورعون عن وضع الحديث، حتى لقد قال ابن حبان:
"كانوا إذا حلوا بمساجد الجماعات، ومحافل القبائل مع العوام والرعاع أكثر جسارة في الوضع"([279]). أي في وضع الحديث على لسان رسول الله "صلى الله عليه وآله".
وقد حدَّث ابن عون، فقال: "أدركت المسجد، مسجد البصرة، وما فيه حلقة تنسب إلى الفقه إلا حلقة واحدة تنسب إلى مسلم بن يسار، وسائر المسجد قصاص"([280]).
ودعا عطاء بن أبي رباح بخمسة قصاص، فقال: قصوا في المسجد الحرام.
قال: وهو جالس إلى أسطوانة.
قال: فكان خامسهم عمر بن ذر([281]) وأما سيطرتهم على عقول الناس، فذلك أوضح من الشمس، وأبين من الأمس، ويوضح ذلك كثير من الحالات والقضايا التي حصلت لبعض المعروفين، الذين كانوا يرفضون طريقتهم، وينظرون إليهم بعين الريب والشنآن.
ولكن كانت كلماتهم تجذبهم، وأحاديثهم تسحرهم، رغم علمهم بكونها موضوعة ومكذوبة.
ومن غريب ما يذكر هنا: أن أم الإمام أبي حنيفة لا تقبل بفتوى ولدها، ولكنها ترضى بقول قاص يقال له: زرعة([282]).
كما أن أحد الكبار المعروفين يحتج لبعض الأمور بقول أحد القصاصين من مسلمة أهل الكتاب، وهو تميم الداري([283]).
وحين حاول الشعبي أن ينكر على أحد القصاصين في بلاد الشام ما يأتي به من ترهات، قامت عليه العامة تضربه، ولم يتركه أتباع ذلك القاص، حتى قال برأي شيخهم نجاة بنفسه([284]).
بل لقد بلغ الاحترام والتقديس لمجلس القصص والقصاصين أن تخيل البعض:
أن الكلام أثناء القصص لا يجوز، كما لا يجوز الكلام في خطبة الجمعة، حتى أعلمه عطاء: أن الكلام أثناء القصص لا يضر([285]).
وقال مالك: ".. وليس على الناس أن يستقبلوهم كالخطيب"([286]).
القصاصون على حقيقتهم:
إنه وإن كان كثير من الأعيان والمعروفين كانوا يحضرون مجالس القصاصين، ويستمعون إليهم([287])، وقد استمر ذلك إلى وقت متأخر نسبياً، إلا أن أمرهم قد افتضح، وظهر لأكثر الناس ما كان خافياً.
وبدأ الناس يجهرون بالحقيقة، ويصرحون بها، ونحن نذكر هنا بعضاً من ذلك ليتضح الأمر، ويسفر الصبح لذي عينين، فنقول:
1 ـ قال أبو قلابة: "ما أمات العلم إلا القصاص، يجلس الرجل إلى القاص السنة فلا يتعلم منه شيئاً"([288]).
وقريب من ذلك ما عن أيوب السختياني([289]).
2 ـ لقد ذكر أحد الصحابة لواحد من القصاصين: أن ظهور القصاص كان هو السبب في ترك الناس لسنة نبيهم، وقطع أرحامهم([290]).
3 ـ عن أحمد بن حنبل: أكذب الناس السؤال، والقصاص([291]).
4 ـ وقال محمد بن كثير عن القصاص: أكذب الخلق على أنبيائه([292]).
5 ـ وصرح البعض: أن السبب في انتشـار الإسرائيليات في كـتـب التاريخ والتفسير هم القصاصون([293]).
6 ـ وقال إبراهيم الـحـربي: "الحمد لله الذي لم يجعلنا ممن يذهب إلى قاص، ولا إلى بيعة، ولا إلى كنيسة"([294]).
7 ـ وقـال ابن قتيبة: "إن القصاص على قديم الزمان كانوا يميلون وجوه العامة إليهم، ويستدرون ما عندهم بالمناكير، والغريب، والأكاذيب من الحديث"([295]).
8 ـ ويقول آخر: "كانوا يضعون الأحاديث في قصصهم قصداً للتكسب والارتزاق، وتقرباً للعامة بغرائب الروايات، ولهم في هذا غرائب وعجائب، وصفاقة وجد لا توصف"([296]).
9 ـ وعن أيوب: ما أفسد على الناس حديثهم إلا القصاص([297]).
10 ـ ولما قص إبراهيم الحربي أخرجه أبوه([298]).
مع تفاصيل أخرى:
ولا يقتصر الأمر على ما ذكر، فإنهم يقولون عن القصاصين أيضاً:
1 ـ ما هم إلا غوغاء يستأكلون أموال الناس بالكلام([299]).
2 ـ إنهم لا يحفظون الحديث([300]).
3 ـ إنهم ينسبون ما يسمعونه من الناس إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، ويخلطون الأحاديث بعضها ببعض، ويتصنعون البكاء، والرعدة. ومنهم من يصفر وجهه ببعض الأدوية، وبعضهم يمسك معه ما إذا شمه سال دمعه، ويتظاهرون بالصعقة، ويعملون على استمالة النساء، وغير ذلك([301]).
4 ـ وقد أحدثوا وضع الأخبار([302]).
5 ـ وعامة ما يحدث به القصاص كذب([303]).
وحسبك من جرائمهم على الحق وعلى الدين:
1 ـ أن قصة الغرانيق من صنعهم([304]).
2 ـ ومنهم من روى: أن يوسف حل تكته، فلاح له أبوه([305]).
3 ـ وأن قصة داود وأوريا من وضعهم([306]).
4 ـ وأن قراءة القرآن بالإلحان قد جاءت من قبلهم([307]).
5 ـ ووضع بعضهم في ساعة واحدة أحاديث كثيرة حول فضل صيام يوم عاشوراء، حسب اعترافه([308]).
إلى غير ذلك مما لا مجال لتتبعه واستقصائه.
موقف علي × من القصاصين:
أما بالنسبة لموقف علي "عليه السلام" المتشدد جداً من القصاصين، الذين كان منهم شخصيات مشهورة، وذات قيمة لدى بعض الفئات، فلسوف يأتي الحديث عنه إن شاء الله في فصل: "لا بد من إمام".
ونكتفي هنا بالإشارة إلى موقف السائرين على نهج أمير المؤمنين علي "عليه السلام"، وذلك في الفقرة التالية.
السائرون على نهج علي ×:
إننا إنصافاً للحقيقة وللتاريخ نسجل:
أن المواقف السلبية من القصاصين لمن عدا شيعة أهل البيت "عليهم السلام" قد جاءت متأخرة نسبياً عن موقف أتباع مدرسة أهل البيت "عليهم السلام"، الذين كانوا يسجلون إنكارهم وإدانتهم لهذا الاتجاه في صور ومستويات مختلفة.
وقد تجد ذلك قد ورد على صورة نصائح ربما جاءت خافتة إلى حد ما، وذلك انسجاماً مع مقتضيات الواقع الذي كان يفرض قدراً من التحاشي عن الجهر بما يخالف سياسات الحكم، ولو بهذا المستوى الضعيف والضئيل.
ولا نريد هنا أن نسبر أغوار التاريخ لنلتقط الدلائل والشواهد الكثيرة والغزيرة من هنا وهناك، بل نكتفي بذكر نماذج تشير إلى ذلك، وهي التالية:
1 ـ روى مسلم بسنده عن عاصم قال: "كنا نأتي أبا عبد الرحمن السلمي ـ ونحن غلمة أيفاع ـ فكان يقول لنا: لا تجالسوا القصاص غير أبي الأحوص، وإياكم وشقيقاً. وكان شقيق هذا يرى رأي الخوارج، وليس بأبي وائل"([309]).
2 ـ عن عبد الله بن خباب بن الأرت قال: مر بي أبي، وأنا عند رجل يقص، فلم يقل لي شيئاً حتى أتيت البيت. فاتزر، وأخذ السوط يضربني، حتى حجره الزنو، وهو يقول: أمع العمالقة؟! أمع العمالقة؟! ثلاثاً. إن هذا قرن قد طلع، إن هذا قرن قد طلع، يقولها ثلاثاً([310]).
3 ـ بل إن ابن مسعود الذي يقال: إنه يميل إلى علي "عليه السلام"، رغم أننا نجد: أنه كان يتأثر خطى عمر بن الخطاب بصورة ملفتة وواضحة، قد سجل أيضاً إدانته للقصاص من أهل الكتاب([311])، فما ظنك بغيره من أهل العلم والمعرفة بالدين؟!
4 ـ وتقدم قول أبي قلابة: ما أمات العلم إلا القصاص، وإن الرجل يجلس إلى القاص السنة، فلا يتعلم منه شيئاً.
5 ـ وتقدم أيضاً قـول أحد الصحابة: إن القصاص هم السبب فـي ترك الناس لسنة نبيهم، وقطيعة أرحامهم. إلى غير ذلك مما لا مجال لتتبعه واستقصائه.
الباب الثاني:
تدوين التاريخ: الآثار والنتائج
الفصل الأول:
بين الدوافع والأهداف والآثار والنتائج
آثـار ونتائج:
وقد استمر المنع من كتابة الحديث وروايته عشرات السنين، وأصبح التحاشي عنه هو الصفة المميزة لعلماء الأمة وطليعتها المثقفة.
بل لقد صارت كتابة الحديث عيباً أيضاً، حتى في أوائل عهد بني مروان([312]).
ومضت السنون والأحقاب، ومات الصحابة الأخيار، بل أوشك التابعون على الانقراض أيضاً.
ونشأت أجيال وأجيال لم تسمع أحداً يذكر شيئاً عن نبيها، ولا عن مواقفه، وتعاليمه، وسيرته ومفاهيمه.
وتربت هذه الأجيال على النهج الفكري الذي أراده لها الحكام والمتسلطون، والموتورون والحاقدون، وتلامذة أهل الكتاب، المعجبون بهم. وذهب الدين وتلاشى، حتى لم يبق من الإسلام إلا اسمه، ومن الدين إلا رسمه، حسبما روي عن أمير المؤمنين علي عليه الصلاة والسلام([313])، الذي لم يعش إلا إلى سنة أربعين من الهجرة.
ثم ازداد البلاء بعد ذلك، وبرح الخفاء إلى حد الفضيحة، فاضطر عمر بن عبد العزيز إلى القيام بعمل رمزي ضعيف وضئيل، لم يكن له أي أثر يذكر على الصعيد العملي، على مستوى الأجيال والأمة.
ثم بدأت الحركة الحقيقية باتجاه التدوين في أواسط القرن الثاني للهجرة، حسبما تقدم توضيحه.
وخلاصة الأمر: أن الحال قد تردت خلال أقل من ثلاثين سنة من وفاة النبي "صلى الله عليه وآله" إلى ذلك الحد الذي أشار إليه سيد الوصيين "عليه السلام".
وطمست معظم معالم الدين، ومحقت أحكام الشريعة، كما أكدته نصوص كثيرة([314]).
وكان ذلك في حين أن الصحابة وعلماءهم كانوا لا يزالون على قيد الحياة، وكان الناس ينقادون إلى الدين وأحكامه، ويطيعون رموزه وأعلامه.
فكيف ترى أصبحت الحال بعد أن فتحت الفتوح، ومُصِّرت الأمصار، ودخلت أقطار كثيرة أو أظهرت الدخول في الإسلام، تحت وطأة الفتوحات، التي قامت بها السلطة الحاكمة آنذاك؟
وكان أن تضخمت الحالة السكانية، واتسعت رقعة العالم الإسلامي، في فترة قصيرة جداً، وبسرعة هائلة.
لقد كان من الطبيعي: أن يأخذ هؤلاء الوافدون جديداً على الإسلام ثقافتهم الدينية من الناس الذين التقوا بهم، وعاشوا معهم، أو تحت سلطتهم وهيمنتهم.
فإذا كان هؤلاء ضائعين، جاهلين بأحكام الشريعة، وبحقائق الدين، فما ظنك بالتابعين لهم والآخذين عنهم؟ فإنهم سوف لا يأخذون عنهم إلا ثمرات ذلك الجهل، وآثار ذلك الضياع.
نصوص وشواهد:
ومن الشواهد على هول ما حدث: أننا نقرأ عن عدد من الصحابة وغيرهم: أنهم قد تنبهوا للمأساة، وعبروا عنها بأنحاء مختلفة.
ونذكر من ذلك هنا النصوص التالية:
1 ـ قد تقدم قول أمير المؤمنين "عليه السلام": لم يبق من الإسلام إلا اسمه، ومن الدين إلا رسمه.
2 ـ روى الإمام مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك، عن أبيه، أنه قال: "ما أعرف شيئاً مما أدركت الناس عليه إلا النداء بالصلاة"([315]).
قال الزرقاني، والباجي: "يريد الصحابة، وأن الأذان باق على ما كان عليه، ولم يدخله تغيير، ولا تبديل، بخلاف الصلاة، فقد أخرت عن أوقاتها، وسائر الأفعال دخلها التغيير الخ.."([316]).
3 ـ أخرج الشافعي من طريق وهب بن كيسان، قال: رأيت ابن الزبير يبدأ بالصلاة قبل الخطبة، ثم قال: "كل سنن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد غُيرت، حتى الصلاة"([317]).
4 ـ يقول الزهري: دخلنا على أنس بن مالك بدمشق، وهو وحده يبكي، قلت: ما يبكيك؟!
قال: "لا أعرف شيئاً مما أدركت إلا هذه الصلاة، وقد ضيعت"([318]).
5 ـ وقال الحسن البصري: "لو خرج عليكم أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" ما عرفوا منكم إلا قبلتكم"([319]).
ونقول: حتى القبلة قد غيرت، وجعلوها إلى بيت المقدس، حيث الصخرة قبلة اليهود، كما تقدم في الفصل الأول من هذا الكتاب.
6 ـ وقال أبو الدرداء: "والله لا أعرف فيهم من أمر محمد "صلى الله عليه وآله" شيئاً إلا أنهم يصلون جميعاً"([320]).
7 ـ وعن عبد الله بن عمرو بن العاص؛ أنه قال: "لو أن رجلين من أوائل هذه الأمة خلوا بمصحفيهما في بعض هذه الأودية، لأتيا الناس اليوم ولا يعرفان شيئاً مما كانا عليه"([321]).
وعن الإمام الصادق "عليه السلام" ـ وقد ذكرت هذه الأهواء عنده ـ فقال: "لا والله، ما هم على شيء مما جاء به رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلا استقبال الكعبة فقط"([322]).
8 ـ وحينما صلى عمران بن حصين خلف علي "عليه السلام" أخذ بيد مطرف بن عبد الله، وقال: لقد صلى صلاة محمد، ولقد ذكرني صلاة محمد.
وكذلك قال أبو موسى حينما صلى خلف علي "عليه السلام"([323]).
الهاشميون في زمن السجاد:
9 ـ وأخيراً، فقد ذكروا: أن الناس والهاشميين في زمن السجاد "عليه السلام" إلى أن مضت سبع سنين من إمامة الباقر "عليه السلام" كانوا لا يعرفون كيف يصلون، ولا كيف يحجون([324]).
فإذا كانت الصلاة التي هي عمود الدين، والركن الأعظم في الإسلام، ويؤديها كل مسلم خمس مرات يومياً، كان لا يعرف حدودها وأحكامها حتى بعض من هم أقرب الناس إلى مهبط الوحي والتنزيل، الذين يفترض فيهم أن يكونوا أعرف من كل أحد بالشريعة وأحكام الدين!، فكيف تكون حالة غيرهم من أبناء الأمة، الذين هم أبعد عن مصدر العلم والمعرفة، وما هو مدى اطلاعهم على أحكام الشريعة يا ترى؟!.
وإذا كانت أوضح الواضحات قد أصبحت مجهولة إلى هذا الحد، فما هو مدى معرفة الناس، وبالأخص البعيدين منهم عن مصدر العلم والمعرفة، بالأحكام الأخرى، التي يقل الابتلاء بها، والتعرض لها، والسؤال عنها؟!
لا مبالغة ولا تهويل:
وقد يظن القارئ: أننا نبالغ في تصويرنا لحقيقة ما تمخضت عنه تلك السياسة الخبيثة تجاه حديث الرسول "صلى الله عليه وآله"، وتجاه القرآن والإسلام.
وقد يظن مثل ذلك بالنسبة للأقوال الآنفة الذكر التي تقرر: أنه لم يبق من الإسلام إلا اسمه، ومن الدين إلا رسمه.
أو لم يبق إلا الأذان بالصلاة، أو أن صلاة النبي "صلى الله عليه وآله" أصبحت منسية حتى من قبل صحابته "صلى الله عليه وآله"، حتى ذكرهم بها علي أمير المؤمنين "عليه السلام".. إلى آخر ما قدمناه.
ولكننا نأسف حين نقول للقارئ: إن هذه هي الحقيقة، كل الحقيقة، وليس فيها أي مبالغة، أو تضخيم.
ومن أجل التأكيد على ما سبق نورد للقارئ بعض الشواهد والوقائع لتكون دليلاً ملموساً على ما نقول، مع التزامنا القوي في أن لا نذكر شيئاً من تلك الشواهد الكثيرة والمتضافرة على جهل الخلفاء ـ باستثناء علي "عليه السلام" ـ بأحكام شرعية هي من أبده البديهيات، وأوضح الواضحات؛ لأننا نخاف أن توجه إلينا أصابع الاتهام بالتعصب على هذا أو ذاك، وبإرادة تسجيل إدانة لهم من موقع التحامل المذهبي عليهم.
مع أننا نطمئن القارئ الكريم بأن العلامة الأميني رحمه الله، قد أغنانا في كتابه القيم "الغدير" عن ذلك، لأنه حشد فيه من الوقائع والشواهد على ذلك الشيء الكثير، والكثير جداً، عن مصادر بالغة الكثرة والوثاقة لدى من يتولونهم، ويدافعون عنهم بكل حيلة ووسيلة.
فضائح لا تطاق:
والشواهد التي نريد أن نوردها هنا، وتصل إلى حد الفضيحة، هي التالية:
1 ـ يقول ابن عباس لأهل البصرة، وهو على المنبر: أخرجوا صدقة صومكم. فلم يفهم الناس مراده؛ فطلب أن يقوم من كان من أهل المدينة حاضراً بتوضيح ذلك للناس؛ "فإنهم لا يعلمون من زكاة الفطرة الواجبة شيئاً"([325]).
كان هذا هو حال البصرة، التي مُصِّرت في عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، فإن أهلها لا يفهمون حتى لغة الشريعة، ولم يعرفوا عن زكاة الفطرة شيئاً، رغم أن من المفروض أن يكون ذلك من البديهيات، فما ظنك بعد هذا بأولئك الذين تفتح بلادهم، ويعلنون إسلامهم، وهم عشرات الألوف، وليس لديهم من يعلمهم، ولا من يدلهم ويرشدهم؟
وقد كانت لا تزال تضاف إلى الممالك الإسلامية مناطق واسعة، وبلاد شاسعة، مملوءة بالسكان، دون أن يتصدى لتعليمهم وتثقيفهم أحد من الناس.
2 ـ وقد كان جيش بأكمله من هؤلاء الفاتحين للبلاد، والمفترض أنهم هم حملة الإسلام إلى سائر الأمم التي تخضع لهم، وتقبل ببسط سلطتهم ـ إن هذا الجيش ـ لم يكن فيه أحد يعرف: أن الوضوء على من أحدث، حتى بعث قائدهم، أبو موسى الأشعري من ينادي فيهم بذلك([326]).
مع أن أمر الوضوء من أوضح الواضحات، ويمارسه كل أحد كل يوم عدة مرات.
فإذا كان هؤلاء يجهلون ذلك، فما ظنك بالناس الذين يفترض فيهم أن يأخذوا أحكام دينهم وعباداتهم من هؤلاء الجهلة بالذات، وهم المعلمون والأساتذة، والمربون لهم؟!!.
3 ـ لقد أشار الخليفة الثاني إلى أن الناس كانوا يعرفون جهل كبار الصحابة بأحكام الربا، فهو يقول:
"إنكم تزعمون: أنَّا لا نعلم أحكام الربا. ولأن أكون أعلمها أحب إلي من أن يكون لي مثل مصر، وكوَرِها"([327]).
4 ـ كما أن ابن مسعود لم يكـن يدري: أن صرف الفضة بالفضة لا يصلح إلا مثلاً بمثل([328]).
5 ـ وأنكر معاوية أيضاً: أن يكون ذلك من الربا([329]).
ونقول:
إنه إذا كان الصحابة، حتى الخليفة الثاني ومعاوية، وحتى ابن مسعود المشهور بعلمه وفضله، لا يدرون ذلك، فما حال غيرهم من سائر الناس، فضلاً عن أولئك الذين لم يروا النبي "صلى الله عليه وآله" ولا عاشوا معه، بل سمعوا باسمه، لا أكثر ولا أقل؟!.
6 ـ لقد شكا أهل الكوفة إلى عمر، سعد بن أبي وقاص: أنه لا يحسن يصلي([330]).
7 ـ إن ابن عمر لا يحسن أن يطلق امرأته، حيث طلقها ثلاثاً في طهر كان واقعها فيه، فاستحمقوه لأجل ذلك([331]).
8 ـ إن ابن مسعود قد أفتى رجلاً في الكوفة بجواز أن يتزوج أم زوجته التي طلقها قبل الدخول، ففعل ذلك، وبعد أن ولدت له أم زوجته ثلاثة أولاد، وعاد ابن مسعود إلى المدينة، وسأل عن هذه المسألة، فأخبروه بعدم جواز ذلك، فعاد إلى الكوفة، وأمر ذلك الرجل بفراق تلك المرأة، بعد كل ما حصل([332]).
كما أن مسروقاً ومعاوية كانا لا يعرفان حكم هذه المسألة أيضاً([333]).
9 ـ إنهم إنما كانوا يعرفون قراءة رسول الله "صلى الله عليه وآله" في صلاته؛ باضطراب لحيته([334]).
10 ـ لقد أفتى عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو([335]): أن ماء البحر لا يجزي من وضوء ولا جنابة.
وقريب من هذا روي عن سعيد بن المسيب([336]) وروي مثل ذلك عن أبي هريرة أيضاً([337]).
ومما يضحك الثكلى:
هذا، وقد ذكر لنا الزبير بن بكار وغيره نموذجاً مخجلاً، يضحك حتى الثكلى من خطب عدد من سادة القبائل([338])، ممن كان الخلفاء يولونهم أمور الناس في عنفوان الدولة الأموية. وهي إن دلت على شيء فإنما تدل على مدى الانحطاط الفكري الذي كان يهيمن على طبقة الرؤساء وأصحاب النفوذ آنئذ، فكيف يمكننا أن نتصور حالة سائر الناس ممن كانوا لا يملكون إمكانيات حتى الحصول على لقمة العيش، والاحتفاظ برمق الحياة؟
قال الزبير بن بكار: "شكا عبد الله بن عامر إلى زياد بن أبيه ـ وهو كاتبه على العراق ـ الحصر على المنبر، فقال: أما إنك لو سمعت كلام غيرك في ذلك الموقف استكثرت ما يكون منك.
قال: فكيف أسمع ذاك.؟!
قال: رح يوم الجمعة وكن من المقصورة بالقرب حتى أسمعك خطب الناس.
فلما كان يوم الجمعة قال زياد: إن الأمير سهر البارحة فليس يمكنه الخروج إلى الصلاة.
والتفت إلى رجل من سادة بني تميم، فقال له: قم فاخطب، وصلِّ بالناس.
فلما أوفى على ذروة المنبر قال: الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أشهر.
قالوا: قبحك الله، جل ثناؤه يقول: في ستة أيام.
وتقول أنت: في ستة أشهر.
فنزل والتفت إلى شريفٍ لربيعة، فقال له: قم فاخطب.
فلما ارتقى المنبر ضرب بطرفه، فوقع على جار له كان يخاصمه في حد بينهما.
فقال: الحمد لله. وارتج عليه.
فقال لجاره: أما بعد فإن نزلت إليك يا أصلع لأفعلن بك، ولأفعلن.
فأنزلوه. فالتفت إلى رئيس من رؤساء الأزد، فقال له: انهض فأقم للناس صلاتهم، فلما تسنم المنبر قال: الحمد لله، ولم يدر ما يقول بعد ذلك، فقال: أيها الناس، قد والله هممت أن لا أحضر اليوم، فقالت لي امرأتي: أنشدتك بالله إن تركت فضل الصلاة في المسجد يوم الجمعة، فأطعتها، فوقفت هذا الموقف الذي ترون. فاشهدوا جميعاً أنها طالق.
فأنزلوه إنزالاً عنيفاً. وأرسل زياد إلى عبد الله بن عامر، أنه ليس أحد يقيم صلاتهم، ولا بد أن تحمل على نفسك. فخرج فخطب فتبين فضله في الناس على سائر الناس([339]).
التركة الموروثة:
أما بالنسبة إلى حجم التركة التي ورثها الناس عن سلفهم الصالح (على حد تعبيرهم) فقد ادعوا: أنه قد وصل إليهم من حديث رسول الله "صلى الله عليه وآله" ـ من غير طريق أهل البيت "عليهم السلام" ـ نزر قليل، لا يتناسب مع الحاجات التي تواجه الناس، ولا تتوافق مع هذا التراث الضخم جداً، الذي سطره علماؤهم عبر القرون المتمادية، فهم يقولون:
1 ـ إن حديث النبي "صلى الله عليه وآله" أربعة آلاف حديث([340]).
2 ـ عن أحمد بن حنبـل: "الأصول التي يدور عليها العلم عن النبي "صلى الله عليه وآله" ينبغي أن تكون ألفاً وماءتين"([341]).
3 ـ لكن نصاً آخر يقـول: إنـه لم يصل إلى الأمة سوى خمس مئة حديث في أصول الأحكام، ومثلها في أصول السنة([342]).
ثم إنهم يقولون: إن هذا الواصل لم يصح منه عندهم إلا أقل القليل، حيث قد بلغت رواية أبي حنيفة سبعة عشر حديثاً فقط.
أما مالك، فإنما صح عنده ما في كتاب الموطأ، "وغايتها ثلاث مئة حديث، أو نحوها"([343]).
فمن أين إذن جاءت هذه الآلاف المؤلفة من الأحاديث التي وصفوها بالثبوت والصحة، فملأت صحيحي البخاري ومسلم، ومستدرك الحاكم، وباقي الصحاح الست، وصحيح ابن حبان، وصحيح أبي عوانة. وغير ذلك كثير؟
هذا فضلاً عن غيرها من مئات الألوف بل الملايين من الأحاديث التي يزعم حفاظ الحديث أنها عندهم.
بل إن أحمد بن حنبل الذي يقول ما قدمناه هو نفسه قد ألف المسند الذي يضم أربعين ألف حديث، منها عشرة آلاف مكررة([344]).
ويزعمون: أنه ليس فيه حديث موضوع عدا ثلاثة أو أربعة أحاديث تكلموا فيها. بل لا يتأتى الحكم بكون واحد منها موضوعاً إلا الفرد النادر، مع الاهتمام القوي في دفع ذلك([345]).
نعم، من أين جاءت هذه الأحاديث والروايات، إن ذلك لمريب حقاً، وإنه أيضاً لغريب وعجيب!!
نظرية التطور عند أهل الحديث:
قد ظهر مما تقدم: أن الأحاديث التي كان قد بلغ تداولها إلى درجة الصفر أو كاد، قد بدأت بعد السماح للناس بالرواية، بعد عشرات السنين تظهر عليها أعراض التضخم المطرد بصورة غير طبيعية، وبدون أية ضابطة أو رابطة، إذ إن مراجعة جامعة لكتب تراجم الحفاظ وأهل الحديث، ومن يسمونهم بالفقهاء مثل تذكرة الحفاظ للذهبي([346]) وغيره تعطينا أمرين:
أحدهما: أنها تعظم وتفخم وتخلع مختلف الألفاظ الدالة على الحفظ والعلم، والتبحر على أشخاص كثيرين، بل تصف بعضهم بأنه وحيد في مصره أو في عصره.
ثم يظهر: أنه إنما كان يحفظ ثلاث مئة حديث، أو لم يثبت لديه سوى سبعة عشر حديثاً، أو لا يعرف أنه يحرم الزواج بأم الزوجة، أو ما إلى ذلك مما ألمحنا إليه.
الثاني: إن ملاحظة طبقات الحفاظ تعطينا تدرجاً ملفتاً للنظر في حجم الأحاديث، فنجد أن طبقة كبيرة في الصدر الأول يوصف الحافظ منها بأن عنده ثلاثون أو ستون حديثاً، أو مئة أو عشرة أحاديث، أو مئتا حديث، ونحو ذلك.
ثم إذا تقدم الزمان قليلاً، يترقى العدد ليتراوح بين الألف والألفين والثلاثة والخمسة، ونحو ذلك. ثم في فترة لاحقة يترقى العدد إلى بضع عشرات: عشرين ألفاً، ثلاثين.. وهكذا.
ثم تأتي فترة فتصل فيها الأعداد إلى مئة ألف أو مئتين أو ثلاث مئة،
ثم يقفز العدد إلى الست والسبع مئة، وإلى المليون حديث، وأكثر من ذلك حتى ليفوز بعضهم مثل شعبة بلقب أمير المؤمنين في الحديث([347]).
ولا ننسى هنا: أن نستشهد لهذا الذي ذكرناه بالمفارقة التالية:
في حين نجد: أن القاضي عبد الجبار يصرح: بأن أحاديث التجسيم والتشبيه من أخبار الآحاد([348]).
وأن أحمد بن حنبل قد قال: إن بعض أهل الحديث أخبره: أن يحيى بن صالح (المتوفى سنة 222 ه‍.( ([349]) قال: "لو ترك أصحاب الحديث عشرة أحاديث، يعني هذه التي في الرؤية".
ثم قال أحمد: "كأنه نزع إلى رأي جهم"([350]).
فيحيى بن صالح الذي يروي له البخاري، وأصحاب الصحاح الست سوى النسائي([351]) يريد أن يقول: إن الاعتقاد برؤية الله قائم على عشرة أحاديث فقط.
بل صرح بعضهم: بأن أخبار الرؤية لا تزيد على ثمانية أحاديث([352]).
ولكننا بعد حوالي نصف قرن من الزمن نجد ابن خزيمة الذي يصفونه بأنه "إمام الأئمة" يؤلف كتاباً بعنوان "التوحيد وإثبات صفات الرب" يبلغ عدد صفحاته حوالي أربع مئة صفحة، قد شحنه بأحاديث التجسيم، وأحاديث الرؤية من أوله إلى آخره، وفيه الكثير مما يدل على أن لله تعالى يداً، ورجلاً، وعيناً، وإصبعاً، وساقاً و.. و.. الخ.. تعالى الله عما يقوله الجاهلون والمبطلون علواً كبيراً.
فمن أين جاءت هذه الأحاديث؟
وكيف ومتى لفقت واخترعت؟!
لا ندري، غير أننا وجدنا الإمام الشافعي ينقل عن القاضي أبي يوسف، الذي عاش في أواخر القرن الثاني قوله: "والرواية تزداد كثرة، ويخرج منها ما لا يعرف، ولا يعرفه أهل الفقه، ولا يوافق الكتاب ولا السنة"([353]).
وذلك يفسر لنا العديد من الظواهر الأخرى الملفتة للنظر، مما سنشير إلى بعض منه فيما يلي من مطالب.
الوضع والوضاعون:
وبعدما تقدم، فإننا سوف لن نفاجأ إذا سمعناهم يحكمون على 12 أو 14 أو 35 ألف حديث، بل على مئات الألوف من الأحاديث بالكذب والوضع والاختلاق؛ وكثير من هذا المختلق والموضوع قد جاء لأهداف مختلفة، ومنها: لإرضاء الملوك وتأييد سلطانهم، وتحقيق أهدافهم ومآربهم([354]).
وقد ذكر العلامة الأميني في كتابه الغدير ج 5 ص 288 ـ 290 قائمة بالموضوعات بلغت 408684 حديثاً فراجع.
وحتى تلك الأحاديث التي سكتوا عنها أو حكموا بصحتها، وهي تعد بعشرات الألـوف والملايين([355])، وقد زخرت بها كتب صحاحهم ومجاميعهم الحديثية، فإنها تصبح موضع شك وريب، بل إننا لنطمئن لعدم صحة الكثير منها، من الأساس.
الحاجة أم الاختراع:
وبعد، فإذا كان كبار الصحابة، وابن مسعود لا يعرفون أحكام الربا، وابن عمر لا يعرف كيف يطلق امرأته، وجيش بأكمله لا يعرف أن الوضوء على من أحدث إلى آخر ما تقدم.
فإن من الطبيعي: أن يرى الناس في من يدعي أنه يحفظ ثلاثين أو أربعين حديثاً، أو مئة أو ماءتي حديث، أو عرف بعض الأحكام عن رسول الله "صلى الله عليه وآله": أنه أعلم العلماء، وأفقه الفقهاء في عصره، أو في مصره، أو بلده.
وأن يصبح هو الملاذ والمرجع والموئل لهم فيما ينوبهم من أمور دينهم. ويتلمَّذون عليه، ويأخذون عنه أحكامهم، وشريعة نبيهم، كما يظهر جلياً من مراجعة كتب التراجم والرجال، التي تمثل التيار العام لبعض الفئات، التي كانت تنسجم مع سياسات الحكام، وترتبط بها بنحو أو بآخر.
ومن جهة أخرى؛ فإن هذا العالم الجليل!! إذا وجد نفسه في موقع كهذا، وواجه الواقع، واحتاج إلى المزيد مما ليس عنده منه أثارة من علم، فلسوف يبحث عما يلبي له حاجته، ويوصله إلى بغيته، وأين؟ وأنى له أن يجـد ذلك؟ إلا عند أنـاس، أخـذ على نفسه (أو أخـذ الحكـام عليه وعلى الناس): أن لا يتصلوا بهم، ولا يأخذوا شيئاً عنهم، وهم أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة عليهم الصلاة والسلام.
فلا غرو بعد هذا إذا رأينا هذا الرجل الجليل يبادر إلى ما هو أسهل وأيسر، فيضيف من عند نفسه، وعلى حسابه الخاص ما شاءت له قريحته، وسمحت له به همته، حيث لا رقيب عليه ولا حسيب، ولا مانع من ضمير، ولا رادع من وجدان.
الفقه والفقهاء:
أما بالنسبة إلى فقه الفقهاء، ومذاهب العلماء، فقد أصبح من المفهوم:
أن وراء الأكمة ما وراءها، حين نرى أن فقه أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وغيرهم يتسع ويتضخم، ويزيد ويتورم، حتى تضيق عنه المجلدات الكثيرة وآلاف الصفحات، مع ما نراه من استنادهم إلى المئات والألوف من الروايات التي كانت تلك حالها، وذاك مآلها!!
فاقرأ واعجب، فما عشت أراك الدهر عجباً!!
أما ما يستندون إليه، ويعتمدون عليه في غير الفقه، فذلك حدّث عنه ولا حرج؛ وهو يصل إلى الألوف الكثيرة، كما يظهر من تتبع مختلف المواضع والمواقع.
يعترفون.. ثم يتهمون:
ومن الطريف أن نذكر هنا:
أنهم في حين يعترفون بأنهم قد وضعوا أحاديث في فضائل أبي بكر، وعمر، وعثمان، رداً على من ينتقص منهم([356]).
ويعترفون أيضاً: بأنه عندما كثر سب الصحابة (وهو أمر لم يحصل، وما حصل هو مجرد التعريف ببعض ما ارتكبه أشخاص منهم، تحبهم الهيئة الحاكمة، أو ممن كانوا أحد أركانها، رداً على الغلو الحاصل فيهم، حتى لتعتبر أقوالهم سنة، وما إلى ذلك) فقد وضعت أحاديث في فضل الصحابة جميعاً، أو في فضل جمع منهم([357]).
إنهم مع أنهم يعترفون بهذا، لكنهم يتهمون بعض الشيعة بوضع أحاديث في فضل علي، والطعن في معاوية([358]).
مع أن علياً في غنى عن ذلك، ولا يمكن لأحد أن يضع أكثر مما قاله رسول الله "صلى الله عليه وآله" في حقه، مما ثبت بالآثار الصحيحة والمتواترة، والتي تفوق حد الإحصاء.
كما أنه يكفي معاوية التعريف بما ثبتت روايته عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" في حقه مما لا يجهله أحد، حتى إن النسائي قد نال شرف الشهادة حينما أظهر حديثاً واحداً منها([359])، فكيف لو أراد إظهار كل ما يعرفه، مما رواه عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" في حقه؟!
التجني على العراقيين:
وقد كان العراق موطناً لعلي "عليه السلام" مدة خلافته، وقد ناصر العراقيون علياً، ورأوا ورووا بعض فضائله "عليه السلام".
وقاتلوا الناكثين والمارقين والقاسطين معه، فعاداهم الناس، واتهموهم بالكذب والوضع لأجل ذلك، وفرضوا عليهم حصاراً ثقافياً وإعلامياً.
ولعل أول من بادر إلى اتهامهم بذلك هو أم المؤمنين عائشة([360]) التي لقيت على أيديهم في حرب الجمل شر هزيمة.
واتهمهم بذلك أيضاً عبد الله بن عمرو بن العاص الذي لقي منهم الأمرين في حرب صفين([361]).
وكذلك الزهري([362]) الذي كان له وجاهة ومكانة خاصة في البلاط الأموي([363]).
أما مالك، الذي لم يرو عن أحد من الكوفيين، سوى عبد الله بن إدريس، الذي كان على مذهبه، فقد رأى: أن أحاديث أهل العراق، تنزل منزلة أحاديث أهل الكتاب، أي فلا تصدق ولا تكذب([364]).
وكان يقول: لم يرو أولونا عن أوليهم، كذلك لا يروي آخرونا عن آخريهم([365]).
السبب هو السياسة والانحراف عن علي ×:
وقد كانت هذه السياسة سياسة أموية وشامية، ضد علي "عليه السلام"، منطلقها التعصب والتجني، وليس تحري الحق، والتزام جانبه.
وقد قالوا عن الجوزجاني:
إنه في كتابه في الرجال "يتشدد في جرح الكوفيين من أصحاب علي، من أجل المذهب"، لذلك قال ابن حجر:
"لا عبرة بحطه على الكوفيين"([366]).
وقال الأوزاعي:
"كانت الخلفاء بالشام، فإذا كانت الحادثة سألوا عنها علماء أهل الشام، وأهل المدينة، وكانت أحاديث العراق لا تجاوز جدر بيوتهم، فمتى كان علماء أهل الشام يحملون عن خوارج أهل العراق؟!"([367]).
ويقول ابن المبارك: "ما دخلت الشام إلا لأستغني عن حديث أهل الكوفة"([368]).
بل إن ذلك قد انعكس حتى على علوم العربية، مثل علم النحو وغيره؛ حيث نجد اهتماماً ظاهراً بتكريس نحو البصريين، واستبعاد نحو الكوفيين، مهما عاضدته الدلائل والشواهد، فراجع ولاحظ. ولهذا البحث مجال آخر.
فشل المحاولات:
على أن كل تلك الجهود، وإن تركت بعض الأثر بصورة عامة، ولكنها لم تؤت كل ثمارها المرجوة، فقد فرض الفقه والحديث العراقي نفسه على الساحة، ولا يمكنهم الاستغناء عنه بالكلية، فقبلوه على مضض وكره منهم، حتى ليقول ابن المديني:
"لو تركت أهل البصرة لحال القدر، وتركت أهل الكوفة لذلك الرأي (يعني التشيع) خربت الكتب"([369]).
وقال محمد بن يعقوب: "إن كتاب أستاذه (يعني صحيح مسلم) ملآن من حديث الشيعة"([370]).
وقد روى البخاري نفسه عن طائفة كبيرة ممن ينسبون إلى التشيع من العراقيين وغيرهم([371]).
خلاصات لا بد من قراءتها:
ولمزيد من التأييد والتأكيد على ما نريد أن نقوله، نعود إلى التذكير ببعض النقاط المفيدة في إيضاح المطلوب، فنقول:
لا معايير ولا ضوابط:
لقد كانت كل تلك السياسات التي تحدثنا عنها تنفذ في حين: أن الناس لم يكونوا قادرين على تمييز الغث من السمين، والصحيح من السقيم، لأنهم كانوا قد فقدوا المعايير والضوابط المعقولة والمقبولة، التي تمكنهم من ممارسة دور الرقابة الدقيقة والمسؤولة على ما يزعم أنه شريعة ودين، وأحكام وإسلام.
إنفلات الزمام:
وبما أن الناس كانوا يريدون معرفة شيء عن دينهم، ويحبون قرآنهم، وإسلامهم، ونبيهم.
وبما أنه لم يعد ثمة من يستطيع أن يعارض أو أن يعترض، فقد راجت بضائع الكذابين والوضاعين، وقامت سوقهم على قدم وساق.
وتمكنوا من إشاعة أباطيلهم، وترهاتهم، وأضاليلهم.
ولم يكن كثير من الناس يملكون القدرة على تمييز الصحيح من السقيم، والحق من الباطل، والأصيل من الدخيل.
أهل الكتاب يمارسون دورهم:
وكان أهل الكتاب في طليعة المستفيدين من هذه الأجواء، حسبما أوضحناه.
حيث إن ذلك قد سهَّل على الذين أظهروا الإسلام منهم: أن ينشروا أباطيلهم وترهاتهم، بعد أن خلت لهم الساحة، وأصبحوا هم مصدر العلم والمعارف الدينية، والثقافة لأكثر الناس، خصوصاً مع ما كانوا ينعمون به من حماية وتأييد من قبل الحكام آنئذٍ.
إبعاد أهل البيت ^ عن الساحة:
إنما أصبح ذلك ممكنا بعد أن تمكن الحكام من فرض ظروف منعت الصفوة من أهل البيت "عليهم السلام"، وشيعتهم الأبرار رضوان الله تعالى عليهم من ممارسة دورهم في التصحيح والتنقيح، والتقليم والتطعيم، وفضح زيف المزيفين، ودفع كيد الخائنين.
وحرص أكثر الناس ولاسيما الحاقدون والمتزلفون، وضعفاء النفوس، على الابتعاد عنهم "عليهم السلام"، ولاسيما بعد استشهاد سيد شباب أهل الجنة، الإمام الحسين "عليه السلام"، وصحبه الأخيار، وأهل بيته الأطهار في كربلاء الفداء.
وقد أشار الإمام السجاد إلى ذلك، فقال: "اللهم إن هذا المقام لخلفائك وأصفيائك، ومواضع أمنائك. في الدرجة الرفيعة، التي اختصصتهم بها، قد ابتزوها حتى عاد صفوتك، وخلفاؤك مغلوبين، مقهورين، مبتزين. يرون حكمك مبدلاً، وكتابك منبوذاً، وفرائضك محرفة عن جهات أشراعك، وسنن نبيك متروكة الخ.."([372]).
والملفت للنظر هنا: أنه "عليه السلام" يقرر هذه الحقيقة ويعلنها في صيغة دعاء، في خصوص يوم عرفة في موسم الحج، حيث يجتمع الناس من مختلف الأقطار والأمصار، ليستفيدوا من هذه الشعيرة العظيمة، ويعودوا إلى بلادهم بمزيد من الطهر، والصفاء، والإخلاص، والوعي لدينهم، ولعقيدتهم.
ثم تكون هذه الفقرات جزءاً من دعاء يدعو به المسلمون كل يوم جمعة في طول البلاد الإسلامية وعرضها وباستمرار، ليسهم ذلك في المزيد من إيجاد حالة الوعي الرسالي، وليكون من ثم واحداً من مسؤولياتهم الإيمانية، والعقيدية.
وقد تعودنا من الإمام السجاد "عليه السلام" هذا الأسلوب الفذ في أكثر من مجال من مجالات الفكر، والعقيدة، والسلوك، كما يتضح ذلك بالمراجعة إلى الصحيفة السجادية، وغيرها من الأدعية المنقولة عنه صلوات الله وسلامه عليه وعلى آبائه وأبنائه الطيبين الطاهرين.
الالتجاء المبكر إلى الرأي والقياس:
وغني عن القول: إن استبعاد حديث الرسول "صلى الله عليه وآله"، قد أوقع السلطات الحاكمة في مأزق حقيقي على صعيد الفتوى، وإصدار الأحكام، ولذلك كان أول من بادر إلى العمل بالرأي والقياس هم الحكام أنفسهم، الذين كانوا يصرون على استبعاد أهل البيت "عليهم السلام" ـ قدر الامكان ـ عن دائرة الفتوى، وعن بث العلوم والمعارف الصحيحة، والصافية في الناس.
ثم تبعهم رعيل كبير ممن تسمى بالفقهاء والمحدثين، الذين كان الكثيرون منهم من طلاب اللبانات، ومن المتزلفين إلى الحكام، ومن وعاظ السلاطين. فطغت مدرسة الرأي، وانتشر العمل بالاستحسان وبالقياس([373]) "حتى استحالت الشريعة، وصار أصحاب القياس أصحاب شريعة جديدة"([374]) كما قاله المعتزلي الشافعي.
وسيأتي([375]): أن أبا بكر كان أول من عمل برأيه، حينما لا يكون لديه نص عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، كما زعموا.
ثم جاء عمر بن الخطاب، فأكد ذلك، ورسخه، قولاً وعملاً.
وستأتي بعض أقواله ورسائله إلى أبي موسى الأشعري([376])، وشريح القاضي، التي يأمر فيها بالعمل بالرأي والقياس في رقم 28 من هذا الفصل.
مع أنهم يقولون: إن عمر بن الخطاب هو الذي انتقد القائلين بالرأي، وروى عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قوله: "إن أصحاب الرأي أعداء السنن، تفلتت منهم أن يعوها، وأعيتهم أن يحفظوها، وسلبوا أن يقولوا: لا نعلم؛ فعارضوا السنن برأيهم"([377]).
ولعل ذلك قد كان منه قبل أن يواجه المشكلة، ويحتاج إلى العمل بآرائه، أي قبل أن يتشدد في المنع من رواية حديث النبي "صلى الله عليه وآله" وكتابته، وقبل أن يمنع الصحابة من الفتوى ويحصر حق الفتوى بالأمير، أو من يختاره الأمير.
وربما يكون ذلك منه مختصاً بأولئك الذين يفتون الناس بآرائهم، دون إجازة من الحاكم أو الأمير.
ولعل التوجيه الأول هو الأنسب بسياق كلامه، حيث ينسبهم إلى الجهل بالسنن، فعارضوا السنن بآرائهم.
إلا أن يدَّعى: أنه يريد أن غير الأمراء لم يكن لديهم علم بالسنن، والعلم بها محصور بالأمراء. وهذا كلام لا يمكن قبوله، ولا الموافقة عليه، لمخالفته الظاهرة للبداهة وللواقع.
أصدق الحديث:
وقد أوضح لنا الإمام الصادق "عليه السلام" ـ فيما روي عنه ـ سبب لجوئهم إلى الرأي، والقياس في دين الله، ثم ما نشأ عن ذلك.
وهي شهادة ممن كان حاضراً وناظراً، وقد شاهد وعاين، وخبر الأمور، ووقف على أغوارها، واستكنه أسرارها، فهو يقول:
"يظن هؤلاء الذين يدعون أنهم فقهاء علماء، قد أثبتوا جميع الفقه والدين، مما يحتاج إليه الأمة!! وليس كل علم رسول الله "صلى الله عليه وآله" علموه، ولا صار إليهم من رسول الله "صلى الله عليه وآله" ولا عرفوه. وذلك أن الشيء من الحلال، والحرام، والأحكام، يرد عليهم؛ فيسألون عنه، ولا يكون عندهم فيه أثر من رسول الله "صلى الله عليه وآله".
ويستحيون أن ينسبهم الناس إلى الجهل، ويكرهون أن يسألوا فلا يجيبون؛ فيطلب الناس العلم من معدنه. فلذلك استعملوا الرأي، والقياس في دين الله، وتركوا الآثار ودانوا بالبدع الخ.."([378]).
الدوافع والأهداف:
قد قدمنا فيما سبق إيضاحات حول سياسات الحكام تجاه حديث الرسول، رواية وكتابة، وتجاه السؤال عن معاني القرآن وغير ذلك.
وبقي أن نشير إلى دوافع هذه السياسة وأهدافها، فنحن نجمل ذلك على النحو التالي:
1 ـ للخليفة مقام الرسول:
لقد كان الخليفة الإسلامي ـ بنظر الناس ـ يحتل مقام رسول الله "صلى الله عليه وآله". وذلك يعني:
أنه لا بد أن يقوم بنفس المهام، ويتحمل نفس المسؤوليات التي للرسول الأكرم "صلى الله عليه وآله".
فهو القاضي، والحاكم، والمربي، والقائد العسكري، والمفتي، والعالم، ووالخ..
وقد كان الناس يرون: أن لهم الحق في توجيه أي نقد له، ومطالبته بأية مخالفة تصدر منه، وأي خطأ يقع فيه.
وإذا رجعنا إلى أولئك الذين تسلموا زمام الحكم فور وفاة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فإننا نجد:
أنهم ليسوا في مستوى توقعات الناس، لاسيما وأن التناقضات في فتاواهم وأعمالهم مع ما سمعه الصحابة ورأوه من رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وعرفوه من مواقفه، كانت كثيرة وخطيرة.
هذا كله عدا عن مخالفاتهم لكثير من النصوص القرآنية، وأخطائهم، أو عدم اطلاعهم على تفسير كثير من آياته.
بالإضافة إلى تناقضهم في الأحكام والفتاوى باستمرار.
وقد اعترفوا هم أنفسهم بالحقيقة، وقرروها في مناسبات عدة، حتى وهم يواجهون بعض الاعتراضات من قبل النساء على بعض مخالفاتهم حيث ظهر أنهم لا يملكون الكثير من المعرفة بالأحكام الشرعية، والدينية، التي يحتاجها الناس في معاملاتهم وشؤونهم.
بل إن الخليفة الثاني قد سجل كلمة طارت في الآفاق، وأصبحت لها شهرة متميزة، وذلك حينما طالب أبا موسى الأشعري ببينة على حديث رواه، وإلا فلسوف ينزل به العقاب.
ثم اتضح صحة الحديث، فقال عمر بن الخطاب في هذه المناسبة: إنه ألهاه الصفق بالأسواق([379]) عن الحضور عند النبي "صلى الله عليه وآله" لسماع حديثه، والاستفادة منه.
وهو الذي يقول أيضاً: كل الناس أفقه من عمر، حتى ربات الحجال في خدورهن.
وقال عشرات المرات: لولا علي لهلك عمر. ونحو ذلك([380]).
ومهما يكن من أمر، فقد كثرت الاعتراضات، وظهر القصور جلياً واضحاً في نطاق تطبيق الرواية، والفتوى، والقضاء، والموقف السياسي، وغير ذلك، على النص القرآني، والسنة النبوية بصورة عامة.
وقد بدا واضحاً: أن استمرار الوضع على هذا المنوال لسوف يضعف موقع الحاكم، وسيهتز ويتزعزع، ولن تبقى له تلك المصداقية والفاعلية، ولا الهيمنة القوية التي يتوخاها.
2 ـ إحراجات لا بد من الخروج منها:
ومن جهة أخرى، فقد كانت هناك تصريحات كثيرة للرسول الأعظم "صلى الله عليه وآله"، ومواقف حاسمة وحساسة تجاه بعض القضايا وبعض الناس، إيجابية هنا، وسلبية هناك.
كان إظهارها وشيوعها بين الناس لا يخدم مصلحة الحكام، بل هو يضرهم ويجرحهم بصورة كبيرة وخطيرة، فلا بد من معالجة هذا الأمر وتلافي سلبياته، فكان انتهاج هذه السياسة مفيداً جداً لهم في ذلك.
وإليك تفصيل ذلك:
إن مما يدل أو يشير إلى أنه قد كان ثمة مواقف للرسول "صلى الله عليه وآله"، ونصوص لم يكن إظهارها في مصلحة الحاكم، فكان لا بد من التعتيم عليها، وطمسها، قول ابن أبي الحديد المعتزلي:
"قد أطبقت الصحابة إطباقاً واحداً على ترك كثير من النصوص لما رأوا المصلحة في ذلك"([381]).
وواضح: أن مراده من الصحابة المجمعين من عدا علياً "عليه السلام"، لأن المعتزلي نفسه يقول: "إنما قال أعداؤه: لا رأي له؛ لأنه كان متعبداً بالشريعة، لا يرى خلافها".
إلى أن قال: "وغيره من الخلفاء كان يعمل بمقتضى ما يستصلحه، ويستوفقه، سواء أكان مطابقاً للشرع أم لم يكن. ولا ريب أن من يعمل بما يؤدي إليه اجتهاده، ولا يقف مع ضوابط وقيود يمتنع لأجلها مما يرى الصلاح فيه، تكون أحواله إلى الانتظام أقرب"([382]).
وقد قال عثمان للناس على المنبر: "أيها الناس، إني كتمتكم حديثاً سمعته من رسول الله "صلى الله عليه وآله" كراهة تفرقكم عني، ثم بدا لي الخ.."([383]).
وهناك مواقف إيجابية لرسول الله "صلى الله عليه وآله" تجاه بعض المخلصين من صحابته، الذين كانوا يملكون مؤهلات نادرة، وميزات فريدة، تجعل لهم الحق دون كل من عداهم بالتصدي لإمامة الأمة، وقيادتها. وأعني به علياً أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام.
وقد ركزت كلمات ومواقف الرسول الأعظم "صلى الله عليه وآله" على إظهار تلك الميزات الفريدة بالذات، سواء منها ما يرتبط بفضائله "عليه السلام" الذاتية، أو فيما يرتبط بما له من جهاد وسوابق.
ثم أوضحت تلك المواقف النبوية، والنصوص عنه "صلى الله عليه وآله" بالاستناد إلى ذلك: أن الإمامة وقيادة الأمة إنما هي حق له، وللأئمة من ولده "عليهم السلام"، دون كل أحد سواهم.
وذلك من شأنه: أن يضع الهيئة التي تصدت للحكم بعد النبي "صلى الله عليه وآله" أمام إحراجات كبيرة في مسألة مصيرية، وخطيرة وحساسة، بل وفي منتهى الحساسية، ويضع علامات استفهام واضحة على مجمل الوضع القائم آنذاك، ومدى شرعيته.
فكان لا بد من محاربة هذا النوع من النصوص، والتعتيم على تلكم المواقف، تلافياً لما هو أعظم وأدهى.
فعن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه، قال: "جاء علقمة بكتاب من مكة أو اليمن، صحيفة فيها أحاديث في أهل البيت ـ بيت النبي "صلى الله عليه وآله" ـ فاستأذنا على عبد الله([384])، فدخلنا عليه، قال: فدفعنا إليه الصحيفة.
قال: فدعا الجارية، ثم دعا بطست فيه ماء.
فقلنا له: يا أبا عبد الرحمن، انظر فيها؛ فإن فيها أحاديث حساناً!
قال: فجعل يميثها فيها وهو يقول:
{نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ}([385])، القلوب أوعية؛ فاشغلوها بالقرآن، ولا تشغلوها بما سواه"([386]).
ويذكرون: أن ابن عباس أتي أيضاً بكتاب فيه قضاء علي "عليه السلام"، فمحاه إلا قدر ذراع([387]).
وإن كنا نشك في صحة ذلك، ونرى، أن ابن مسعود هو الذي فعل ذلك، وسيأتي في مواضع من هذا الكتاب بعض النماذج للحرب الإعلامية التي كانت تمارس ضد علي وأهل بيته "عليهم السلام" وشيعته الأبرار رضوان الله تعالى عليهم.
وهناك أقوال صحيحة، ومواقف صريحة لرسول الله "صلى الله عليه وآله" تبين انحراف وزيف كثير من الشخصيات والرموز التي كانت تدعم الحكم الجديد، وتشد من أزره، وتعمل على بسط سلطته، وترسيخ نفوذه، بل فيهم بعض من أصبح جزءاً من تكوينه وهيكليته، ومن ركائزه ودعائمه، الأمر الذي جعل الحكم الجديد يرى نفسه مسؤولاً عن الحفاظ على سمعة هؤلاء الناس، ورفعة شأنهم، وبسط نفوذهم، وإظهارهم على أنهم شخصيات على درجة من الفضل والنبل، ولهم من المواقف المشرفة، ومن الكرامات ما ليس لغيرهم، بل لا بد أن يُظهروا للناس ـ ولو عن طريق الاختلاق، والتحريف، والتزوير ـ أن هؤلاء الناس هم الذين شيَّدوا أركان الدين، وضحُّوا وجاهدوا حتى قام عموده، واشتد عوده.
أما أقوال النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله" في حقهم، ومواقفه "صلى الله عليه وآله" تجاههم، فلا ضير في أن تكتم وتنستر، ثم تتلاشى وتندثر، بل لا بد لها من ذلك، وحيث لا يمكن ذلك، فلا أقل من التأويل والتبديل، والتحريف والتزييف، أو اختلاق ما يناقض ويعارض. وذلك هو أضعف الإيمان.
وقد روى أحمد بن حنبل: أنه كان بين حذيفة وسلمان شيء؛ فسأله أبو قرة الكندي عن ذلك، فقال: "إن حذيفة كان يحدث بأشياء يقولها رسول الله "صلى الله عليه وآله" ـ في غضبه([388]) ـ لأقوام، فأُسأل عنها، فأقول:
حذيفة أعلم بما يقول، وأكره أن يكون ضغائن بين أقوام، فأتى حذيفة، فقيل له: إن سلمان لا يصدقك ولا يكذبك بما تقول.
فجاءني حذيفة فقال: يا سلمان ابن أم سلمان.
قلت: يا حذيفة ابن أم حذيفة، لتنتهين، أو لأكتبن إلى عمر، فلما خوفته بعمر تركني الخ.. ([389]).
إذن، فقد كان حذيفة يحدث الناس بما كان يوقع سلمان الذي كان أميراً على المدائن من قبل عمر في حرج شديد فكان لا بد لسلمان من أن يوقف حذيفة عن الإستمرار في ذلك، فاستفاد من هذه الوسيلة لتحقيق هذا الهدف.
وبعبارة أخرى: إن السياسة كانت قد فرضت حظراً على تناقل بعض ما يتعلق بأحوال الأشخاص.
وقد كان حذيفة بنقله تلك الأمور قد أحرج سلمان، فلما هدده بالكتابة إلى الخليفة كف عن ذلك، غير أنه قد وردت في آخر الحديث زيادة نحسب أنها لم ترد على لسان سلمان، وهي أن النبي "صلى الله عليه وآله" قال: "أيما مؤمن لعنته لعنة، أو سببته سبة، في غير كنهه، فاجعلها عليه صلاة"([390]).
فإن ذلك لا شك في كونه من الأكاذيب على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وعلى سلمان، فراجع ما ذكرناه في غزوة أحد من هذا الكتاب، ثم ما سنذكره حول موضوع السب واللعن أيضاً.
3 ـ التأثر بأهل الكتاب:
هناك فرقتان من اليهود:
إحداهما: "فقهاء الفريسيين"، وهم يؤمنون بكتابة العلم وتدوينه.
ويكتبون كلام علمائهم وأحبارهم. كما هو الحال بالنسبة إلى التلمود، الذي له أهمية كبيرة عند معظم اليهود، بل إن أهميته لدى بعض فرقهم لتزيد على أهمية العهد القديم نفسه([391]).
الثانية: فرقة يقال لها: "القراء"، وهم الذين كثروا ونشطوا بعد ضعف أمر الفريسيين، وهم يقولون بعدم جواز كتابة شيء غير التوراة([392]).
وقد صرح البعض: بأن فرقة الصدوقيين لا تعترف إلا بالعهد القديم، وترفض الأخذ بالأحاديث الشفوية المنسوبة إلى موسى "عليه السلام"([393]).
بل لقد جاء في التلمود نفسه: "إن الأمور التي تروى مشافهة ليس لك الحق في إثباتها بالكتابة"([394]).
وقد علق على ذلك بعض العلماء بقوله: "من العجيب: أن اليهود كتبوا التلمود والمشناة حتى هذا النهي. وأهل الحديث من المسلمين كتبوا الأحاديث حتى الحديث المكذوب: لا تكتبوا عني.. الخ"([395]).
غير أننا نقول: إن المقصود هو المنع من الروايات الشفوية عن الأنبياء، أما أقـوال العلـماء فهي الشريعة، تمامـاً كما يقول البعض الآن: إن آراء الصحابة شريعة وسنة.
والذي يظهر لنا هو: أن كعب الأحبار قد كان من الفرقة التي لا تجيز كتابة غير التوراة.
ويشير إلى ذلك: أنه حينما سأله الخليفة الثاني عن الشعر، أجابه كعب واصفاً العرب بقوله: "أجد في التوراة قوماً من ولد إسماعيل، أناجيلهم في صدورهم، ينطقون بالحكمة"([396]).
وقد روى مثل ذلك وهب بن منبه أيضاً ـ الذي كان أيضاً في الأساس من أهل الكتاب ـ فقد جاء في رواية مطولة له قوله: "يا رب، إني أجد في التوراة قوماً أناجيلهم في صدورهم، يقرؤونها، وكان من قبلهم يقرؤون كتبهم نظراً، ولا يحفظونها، فاجعلهم أمتي، قال: تلك أمة محمد"([397]).
فلعل كعب الأحبار، وغيره ممن كان مقرباً من السلطة قد استفاد من حسن الظن به من قبل الصحابة والحكام، فألقى هذا الأمر إليهم، وهم غافلون، فوافق قبولاً منهم، بسبب ما كانوا يعانونه من مشكلات ألمحنا إليها آنفاً.
ومما يشير إلى أن السلطة كانت تختزن في وعيها شيئاً من ذلك هو التعليل الذي جاؤوا به حينما أرادوا إحراق ما جمعوه من أحاديث كتبها الصحابة عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، حيث ذكروا: أن سبب إقدامهم على هذا الأمر هو الالتفات إلى أن أمماً كانوا قبلهم كان بينهم كتاب الله، فلما كتبوا أقوال علمائهم أكبوا عليها، وتركوا كتاب الله (فراجع ما تقدم).
والملفت للنظر هنا: أن يتخيل هؤلاء المساواة فيما بين أقوال النبي "صلى الله عليه وآله" الذي لا ينطق عن الهوى، وبين أقوال علماء أهل الكتاب الذين كانوا يخلطون الحق بالباطل عن عمد وإصرار في كثير من الأحيان، إن لم يكن في أكثرها.
بغضهم لعلي × سبب آخر:
هذا، ولا بد من الإشارة هنا: إلى أن السياسة التي انتهجت تجاه حديث النبي "صلى الله عليه وآله"، وإن كانت سبباً مهماً لما حاق بالإسلام من بلاء، على صعيد تجهيل الناس به، والتلاعب بالدين، وتغيير أحكام الشريعة.
ولكن ذلك ليس هو كل شيء في هذا المجال، بل إن ثمة سبباً آخر كان له دوره وتأثيره في ذلك، وهو: بغض علي "عليه السلام"، والإصرار على مخالفته في كل شيء.
قال ابن عباس: "اللهم العنهم، قد تركوا السنة من بغض علي"([398]).
قال السندي: "أي وهو كان يتقيد بها"([399]).
وقال النيسابوري حول السبب في تركهم الجهر بالبسملة في الصلاة: "وأيضاً، ففيه تهمة أخرى، وهي: أن علياً رضي الله عنه كان يبالغ في الجهر بالتسمية؛ فلما كان زمن بني أمية بالغوا في المنع عن الجهر، سعياً في إبطال آثار علي"([400]).
ورغم اعتراف الحجاج بأن أمير المؤمنين "عليه السلام" المرء الذي لا يرغب عن قوله، فإنه يصر على مخالفته، والعمل برأي عثمان!!([401]).
وقد عاش الحسنان "عليهما السلام" في الناس دهراً طويلاً، وهما إمامان قاما أو قعدا، لكن ما روي عنهما في أحكام الشريعة قليل جداً لا يكاد يذكر.
ولا يمكن أن يصغي إلى ما اعتذر به ابن شهر آشوب هنا، حيث قال: "وأما من قل منهم الروايات، مثل الحسن والحسين، فلقلة أيامهما"([402]).
والصحيح هو أن الناس أهملوا أقوالهم، ولم يهتموا بنقل شيء عنهم، بغضاً منهم لهم، أو خوفاً من معاقبة الحكام.
الفصل الثاني:
لا بد مـــن إمــــام
ضرورة وجود الإمام:
ولسنا بعد ذلك كله بحاجة إلى التأكيد على أنه كان لا بد لهذا الدين من رائد وحافظ، وإمام يحفظ له مسيرته، وينشر تعاليمه، ويربي الناس تربية إلهية صالحة وقويمة. ويكون هو الضمانة الحقيقية له على مر العصور، وكر الأيام والدهور.
وقد كان أئمة أهل البيت الأطهار "عليهم السلام" هم هذه الضمانة، التي بها حفظ الدين وأحكامه، وبهم سلمت رسومه وأعلامه. وكيف لا، وهم سفينة نوح، وأحد الثقلين الذين لا يضل من تمسك بهما، واهتدى بهديهما.
وهذا ما يفسر لنا ما روي عن الإمام الباقر "عليه السلام" في قوله للحكم بن عيينة (عتيبة)، وسلمة بن كهيل: شرِّقا وغرِّبا، فلا تجدان علماً صحيحاً إلا شيئاً خرج من عندنا([403]).
ويقول "عليه السلام" عن الحسن البصري: "فليذهب الحسن يميناً وشمالاً؛ فوالله، ما يوجد العلم إلا ههنا"([404]).
وعنه "عليه السلام": فليذهب الناس حيث شاؤوا، فوالله ليس الأمر إلا ههنا، وأشار إلى بيته"([405]).
وعنه "عليه السلام" أيضاً: كل شيء لم يخرج من هذا البيت فهو وبال([406]).
موقف الأئمة ^ من رواية الحديث وكتابته:
لا أعتقد: أننا بحاجة إلى التذكير بموقف الأئمة من رواية الحديث وكتابته، فإن ذلك أوضح من الشمس، وأبين من الأمس.
فعلي "عليه السلام" هو الذي رفع الحظر عن رواية حديث النبي "صلى الله عليه وآله"([407]) وهو الذي يقول: تزاوروا، وأكثروا مذاكرة الحديث، فإن لم تفعلوا يندرس الحديث([408]).
وهو الذي يقول: "قيدوا العلم، قيدوا العلم"، مرتين. ونحوه غيره([409]).
وقد قال "عليه السلام": "من يشتري مني علماً بدرهم؟.
قال الحارث الأعور: فذهبت، فاشتريت صحفاً بدرهم، ثم جئت بها".
قال الراوي: "فكتب له علماً كثيراً"([410]).
وعنه "عليه السلام": "إذا كتبتم الحديث فاكتبوه بأسناده، فإن يك حقاً كنتم شركاء في الأجر، وإن يك باطلاً كان وزره عليه"([411]).
ومثل ذلك كثير عنه "عليه السلام"([412]).
كما أن الإمام الحسن "عليه السلام" دعا بنيه، وبني أخيه، فقال: "يا بنيّ، وبني أخي، إنكم صغار قوم يوشك أن تكونوا كبار آخرين؛ فتعلموا العلم؛ فمن لم يستطع منكم أن يرويه؛ فليكتبه، وليضعه في بيته"([413]).
وقد كتب علي "عليه السلام" عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" كتباً كثيرة، كما هو أشهر من أن يحتاج إلى تفصيل وبيان.
وقد حث الأئمة "عليهم السلام" شيعتهم على هذا الأمر، كما يظهر بأدنى مراجعة لكتب حديثهم وروايتهم.
بل إن الأئمة "عليهم السلام" كانوا يطَّلعون على بعض الكتب التي كانت تؤلف في زمنهم، ويبدون ملاحظاتهم عليها.
ونرى أن ذكر الشواهد والمصادر لكل ذلك، مع هذه الكثرة الكاثرة فيها ليست في محلها، وهي تضييع للوقت وللجهد.
موقف الأئمة ^ من الإسرائيليات ورواتها:
وقد واجه الأئمة "عليهم السلام" ترهات بني إسرائيل، بالكلمة وبالموقف، بصرامة وبحزم.
وأعلنوا للملأ زيف تلك الأباطيل، وكذَّبوا من جاؤوا بها بصراحة ووضوح في مناسبات كثيرة.
بل إن أمير المؤمنين علياً "عليه السلام"، لم يكتف بالتكذيب والتفنيد، وإنما هدد وتوعد بالجلد أحياناً، كما حصل منه لمن يروي قصة أوريا، وفق زعم القصاصين، كما سيأتي.
وقد وصف "عليه السلام" كعب الأحبار، فقال: إنه لكذاب([414]).
وكان كعب منحرفاً عن علي عليه الصلاة والسلام([415]).
هذا بالإضافة إلى أنه قد طرد القصاصين من المساجد، كما سنرى.
وقد كذب الإمام الباقر "عليه السلام" كعب الأحبار في بعض أباطيله، كروايته: أن الكعبة تسجد لبيت المقدس في كل صباح([416]).
وذلك من أجل أن يتوصل إلى تبرير جعل الصخرة التي في بيت المقدس قبلة لأهل نحلته من اليهود، وأنها هي القبلة الأولى والأعلى، بملاحظة أن الكعبة التي هي قبلة المسلمين تسجد للصخرة كل صباح.
هذا، وللإمام الصادق "عليه السلام" موقف يكذب فيه أباطيل أهل الكتاب أيضاً([417]).
كما أنه "عليه السلام" قد قال وهو يتحدث عن العلماء: "ومن العلماء من يطلب أحاديث اليهود والنصارى ليغزر به علمه، ويكثر به حديثه، فذاك في الدرك الخامس من النار"([418]).
الشيعة في مواجهة الفكر الإسرائيلي:
وقد اقتدى الشيعة الأبرار رضوان الله تعالى عليهم بأئمتهم "عليهم السلام"، في محاربة الفكر الإسرائيلي الدخيل، وتصدوا لرموزه، وللمروجين له بحزم، وشجاعة، وصلابة، رغم ما كان يتمتع به أولئك الأفاكون من حصانة قوية من قبل الحكام على أعلى المستويات، لقد واجههم الشيعة، وتصدوا لهم، عملاً بالتكليف الشرعي، الذي أكده ما روي عن الرسول الأكرم "صلى الله عليه وآله"، من أنه قال:
"إن الله قضى بالجهاد على المؤمنين في الفتنة بعدي..".
إلى أن قال: ".. يجاهدون على الإحداث في الدين، إذا عملوا بالرأي في الدين، لا رأي في الدين الخ.."([419]).
ونذكر هنا بعض النماذج لمواقف أتباع مدرسة أهل البيت "عليهم السلام"، وهي التالية:
1 ـ لقد أعلن ابن عباس بالنكير على أولئك الذين يسألون أهل الكتاب، مع وجود كتاب الله بين ظهرانيهم([420]).
2 ـ وروي نظير ذلك عن ابن مسعود أيضاً([421]).
3 ـ وقد تصدى ابن عباس، وحذيفة بن اليمان لتكذيب كعب الأحبار صراحة في بعض الموارد([422]).
4 ـ أما أبو ذر ذلك الرجل الصابر المجاهد، فالكل يعلم موقفه من كعب الأحبار في مجلس الخليفة الثالث عثمان، حينما جاؤوا بتركة عبد الرحمن بن عوف، وتصدى كعب الأحبار لإصدار فتاواه في دين الله؛ فضربه أبو ذر رحمه الله بعصاه، وقال له: "يا ابن اليهودية، تعلمنا ديننا"؟!
أو "متى كانت الفتيا إليك يا ابن اليهودية؟!"([423]).
ثم كان جزاء هذا الصحابي الجليل هو النفي والتشريد، ومكابدة المحن والبلايا، حتى مات مظلوماً غريباً في الربذة، منفاه([424]).
علي × يواجه القصاصين بالحقيقة:
أما موقف علي "عليه السلام" من القصاصين، فتوضحه النصوص التالية:
1 ـ عن الحارث، عن علي، أنه دخل المسجد، فإذا بصوت قاص، فلما رآه سكت، قال علي "عليه السلام": من هذا؟!
قال القاص: أنا.
فقال علي "عليه السلام": أما أني سمعت رسول الله "صلى الله عليه وآله" يقول: سيكون بعدي قصاص لا ينظر الله إليهم([425]).
2 ـ عن سعيد بن أبي هند: أن علياً "عليه السلام" مر بقاص، فقال: ما يقول؟!
قالوا: يقص!
قال: لا، ولكن يقول: إعرفوني([426]).
3 ـ عن أبي عبد الرحمن السُّلمي، قال: مر علي بن أبي طالب "عليه السلام" برجل يقص، فقال: أعرفت الناسخ من المنسوخ؟
قال: لا.
قال: هلكت وأهلكت([427]).
4 ـ عن أبي يحيى، قال:
مر بي علي وأنا أقص؛ فقال: هل عرفت الناسخ من المنسوخ؟
قلت: لا.
قال: أنت أبو إعرفوني([428]).
علي × يضرب القصاصين ويطردهم:
لم يقتصر موقف علي "عليه السلام" من القصاصين على الإدانة الكلامية، بل تعداه إلى ما هو أبعد من ذلك، فجاء متميزاً وحاسماً في الوقت نفسه، وقد تجلى ذلك في أنه "عليه السلام" قد استعمل في مواجهتهم الأساليب التالية:
1 ـ تعريتهم أمام الناس، وتعريفهم بنواياهم، وذلك ببيان حقيقة حبهم للظهور، كما تقدم.
2 ـ تهجين عملهم عن طريق نشر أقوال النبي "صلى الله عليه وآله" فيهم حيث إنه "صلى الله عليه وآله" قال: سيكون بعدي قصاص لا ينظر الله إليهم.
3 ـ إظهار جهلهم، وقلة معرفتهم، ثم ما يترتب على ذلك من هلاك لهم أنفسهم، ثم إهلاك للآخرين. وقد تقدمت الأمور الثلاثة الآنفة الذكر.
4 ـ طردهم من المساجد.
5 ـ ضربهم.
ويوضح هذين الأمرين النصوص التالية:
ألف: عن أبي البختري، قال: دخل علي بن أبي طالب المسجد، فإذا رجل يخوِّف، فقال: ما هذا؟
فقالوا: رجل يذكِّر الناس.
فقال: ليس برجل يذكِّر الناس، ولكنه يقول: أنا فلان بن فلان، إعرفوني.
فأرسل إليه فقال: أتعرف الناسخ من المنسوخ؟!
فقال: لا.
قال: فاخرج من مسجدنا، ولا تذكِّر فيه([429]).
والمذكر هو القاص في اصطلاحهم، كما يظهر من الكتب التي تتحدث عن القصاصين، فراجع تلبيس ابليس، والقصاص والمذكرين لابن الجوزي.
ب: وحين قدم البصرة طرد القصاصين من المسجد، حيث إنه لا ينبغي القصص في المسجد([430]).
ج: عن أبي عبد الله "عليه السلام"، أنه قال: "إن أمير المؤمنين "عليه السلام" رأى قاصاً في المسجد فضربه، وطرده"([431]).
6 ـ التهديد بالضرب الوجيع، وبإقامة الحدود عليهم ويوضح ذلك:
ألف: ما روي، من أنه حينما بلغه "عليه السلام" ما يقوله القصاصون في قصة أوريا قال:
"من حدث بحديث داود على ما يرويه القصاص، جلدته ماءة وستين جلدة، وذلك حد الفرية على الأنبياء"([432]).
ب: وسيأتي أنه "عليه السلام" قد امتحن أحد القصاصين، فأجابه، ولو أنه عجز عن الجواب لكان قد أوجعه ضرباً([433]) على حد تعبيره.
موقف سائر الأئمة ^ من القصاصين:
ولا يختلف موقف سائر الأئمة "عليهم السلام" عن موقف أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه من القصاصين، ويوضح ذلك النصوص التالية:
1 ـ إن الإمام السجاد "عليه السلام" قد نهى الحسن البصري عن مزاولة عمل القصص. فاستجاب للنهي([434]).
2 ـ وفي محاورة جرت بين الإمام الحسن "عليه السلام" وبين أحد القصاصين، نجد الإمام الحسن يكذب ذلك الرجل في دعواه كونه قصاصاً تارة، ومذكراً أخرى؛ باعتبار أن هاتين الصفتين هما للنبي "صلى الله عليه وآله"، فلما سأله عن نفسه أي شيء هو؟.
قال له "عليه السلام": المتكلف من الرجال([435]). أي الذي يتكلف أمراً ليس له.
3 ـ وعن الإمام الباقر "عليه السلام" في تفسير قوله تعالى: ?وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا?([436]) أن منهم القصاص([437]).
4 ـ وذُكِرَ للإمام الصادق "عليه السلام": أن بعض القصاص يقول: هذا المجلس لا يشقى به جليس.
فقال "عليه السلام": هيهات هيهات أخطأت استاهم الحفرة([438]). أي أنهم أرادوا شيئاً فوقعوا في غير ما أرادوا.
5 ـ كما أنه "عليه السلام" قد لعنهم، واعتبرهم يثيرون الناس ضدهم "عليهم السلام".
ثم إنه "عليه السلام" قد حرم الاستماع إلى القصاصين.
هذا بالإضافة إلى أنه "عليه السلام" قد اعتبر أنهم هم الغاوون أتباع الشعراء، كما نصت عليه الآية الكريمة([439]).
شرط الإجازة للقصاصين:
ومما تقدم نعرف: أن معرفة الناسخ من المنسوخ شرط في السماح للقاص بأن يقص على الناس.
وثمة شرط آخر: وهو أن يكون عارفاً بالدين، واقفاً على مراميه وأهدافه، كما يظهر من سؤال أمير المؤمنين للقاص الذي امتحنه، فأجاب، فسمح له بمواصلة عمله، ولولا ذلك لكان "عليه السلام" قد أوجعه ضرباً.
ولأجل أن البعض لم يكن يعرف الناسخ من المنسوخ، فإنه "عليه السلام" قد حكم عليه بأنه قد هلك وأهلك. وبيَّن أن من لا يعرف ذلك ويتصدى لهذا العمل الخطير فإنه يكون طالباً للدنيا وللشهرة بين الناس.
أما حين يطمئن "عليه السلام" إلى أن القاص جامع للشروط المطلوبة، فإنه "عليه السلام" يسمح له بمزاولة عمله ذاك، فقد: "قال علي "عليه السلام" للقاص: أتعرف الناسخ من المنسوخ؟!
قال: نعم.
قال: قال: قص"([440]).
ومعنى ذلك، هو أن القصاصين كانوا إلى جانب وعظهم الناس، يقومون بمهمات أخرى، وهي بيان الأحكام الشرعية، وتفسير القرآن، إلى جانب أمور تقدمت، وستأتي الإشارات إليها في الموارد المختلفة.
وتقدم في فصل: "القصاصون يثقفون الناس رسمياً": أن الإمام الباقر "عليه السلام" قد قال لسعد الإسكاف: "وددت أن على كل ثلاثين ذراعاً قاصاً مثلك".
وأن أبان بن تغلب كان قاص الشيعة.
وأن عدي بن ثابت الكوفي كان إمام مسجد الشيعة وقاصهم.
إمتحان القصاصين:
ثم إننا قد رأينا أمير المؤمنين "عليه السلام" يجري امتحاناً لأحد القصاصين، فلو لم ينجح في الامتحان لكان "عليه السلام" قد أوجعه ضرباً.
فقد رووا: أنه "عليه السلام" انتهى إلى قاص يقص، فقال: تقص، ونحن حديثو عهد (برسول الله "صلى الله عليه وآله")؟! أما إني سائلك فإن تجيب فما سألتك وإلا أدبتك.
(وفي نص آخر: أما إني أسألك عن مسألتين، فإن أصبت وإلا أوجعتك ضرباً).
فقال القاص: سل يا أمير المؤمنين عما شئت.
فقال: ما ثبات الإيمان وزواله؟
قال: ثبات الإيمان الورع، وزواله الطمع.
قال علي: فذلك فقص.
قيل: إن هذا القاص هو نوف البكالي([441]).
الفصل الثالث:
اجراءات وضوابط مشبوهة
معايير لحفظ الإنحراف:
وبعد، فإن التصدي للفكر الإسرائيلي، وإن أفلح في حفظ وصيانة الإسلام إلى حد بعيد، ولكن آثار هذا الحفظ إنما ظهرت، أو فقل:
قد اقتصرت على التيار الذي كان يقوده الأئمة "عليهم السلام" وشيعتهم، ومن تخرج من مدرستهم، واختار طريقتهم ونهجهم.
أما الآخرون؛ الذين كانوا في الخط الآخر، فقد استمروا في التحرك في دائرة السياسة المعلنة، والمصرح بها من قبل الحكام، فأخذوا عن أهل الكتاب الشيء الكثير مما هو محرف ومدسوس، ونفذوا والتزموا بالإسلام الذي راق للحكام، وروجوا له.
فكان أن شحنوا كتبهم ومجاميعهم الحديثية بالشيء الكثير من الفتاوى، والمعارف، والعقائد، والسياسات، والسير والتواريخ، التي تنسجم مع ما يريده أولئك الحكام، مما أتحفهم به أهل الكتاب، أو غيرهم من المرتزقة والمتزلفين.
نعم، لقد شحنوا بها كتبهم، ومجاميعهم، من دون أي تحقيق، أو تمحيص، إلا فيما يمس القشر، ولا يتعرض لما دونه في شيء؛ لأنها قد جاءت محكومة لضوابط ومعايير من شأنها أن تكرس الإنحراف، وتقوي من تياره، وتعمق جذوره، لأنها إنما وضعت لتأكيد تلك الأباطيل والترهات ومن خلالها، ومن أجل حفظ الإنحراف وتكريسه لا لإزالته والتخلص منه.
أما المعايير الحقيقية والضوابط الأصيلة، القادرة على كشف الزيف، وإحقاق الحق، فقد كانت مرفوضة من هؤلاء الناس جملة وتفصيلاً، حتى إن ما ورد من الأمر بعرض الحديث على كتاب الله سبحانه قد رفض، وضرب به عرض الجدار، بل قد اعتبروه من وضع الزنادقة، كما سيأتي في الفصل التالي إن شاء الله تعالى.
نماذج يسيرة:
ونحن من أجل جلاء الحقيقة، والتعريف بحقيقة المؤامرة، نذكر هنا نماذج يسيرة من ضوابط تهدف لحفظ الإنحراف، ومعايير لتكريس الباطل وترسيخه، بكل ما فيه من فتاوى باطلة، وروايات مختلقة، أو محرفة، وأساطير وترهات عن أهل الكتاب وغيرهم.
بالإضافة إلى أساليب تبرير المواقف اللاإنسانية واللاشرعية، التي صدرت وتصدر عمن يهمهم حفظهم، والاحتفاظ بهم بأي ثمن كان، والنماذج التي نريد تقديمها إلى القارئ الكريم هي التالية:
1 ـ الصحابة كلهم عدول:
لقد كان الكثيرون من الصحابة، ممن تهتم السلطة وبعض الفئات والإتجاهات المذهبية والسياسية بإعطائهم دوراً متميزاً وأساسياً، سواء على الصعيد السياسي، أو العقيدي، أو في مجال الحديث، والرواية، أو الفتيا، أو على صعيد المواقف، تأييداً وتأكيداً، أو غير ذلك.
مع أن أولئك الأشخاص لا يملكون تاريخاً نظيفاً ولا مشرفاً، لا في حياتهم السلوكية من حيث الالتزام بأحكام الدين، ولا في مجال التحلي بمكارم الأخلاق، وحميد الخصال.
فكان أن عملوا من أجل تبرير انحرافاتهم ومخالفاتهم، وتبرئتهم مما ارتكبوه من جرائم، وموبقات، حتى ما هو مثل الزنى، وشرب الخمر، وقتل النفوس، وسرقة بيت مال المسلمين، وما إلى ذلك، على اختراع إكسير يستطيع أن يحول تلك الجرائم والموبقات، والمعاصي، إلى خيرات، وطاعات ومبرات، وحسنات، يستحقون عليها المثوبة، وينالون بها رضا الله والجنة.
وكان هذا الأكسير هو دعوى:
أن الصحابة بساطهم مطوي، وإن جرى ما جرى، وإن غلطوا كما غلط غيرهم من الثقات([442]).
و"الصحابة كلهم عدول، سواء منهم من لابس الفتن، ومن لم يلابس" وذلك بإجماع من يعتد به من الأمة([443]).
وعمدة مستندهم في ذلك آيات كريمة ورد فيها ثناء على الصحابة في ظاهر الأمر، مع أن الثناء ناظر إلى بعض منهم، وهم خصوص المتصفين بصفة الإيمان، مع مواصفات معينة أخرى أشارت إليها، أو صرحت بها تلك الآيات بالذات.
وقد تحدثنا عن ذلك باختصار في كتابنا: >صراع الحرية في عصر المفيد<، فراجع.
أضف إلى ذلك: أن تلك الآيات لم تتناول الأفراد بالنصوصية، إنما غايتها عموم، يرد التخصيص عليه بحسب الموارد، مع أن دليل شمول الصحبة لمطلق من رأى النبي "صلى الله عليه وآله" ركيك جداً([444]).
لفت نظر:
لا أدري إن كان قولهم بعدالة كل صحابي، يشبه القول بعصمة الحاخامات لدى اليهود([445])، أو أنه مستوحى منهم، أم لا؟.
2 ـ من هو الصحابي؟:
وقد يكون من بين من يراد تبرير جرائمه وموبقاته، من كان حين وفاة النبي "صلى الله عليه وآله" صغيراً جداً، أو لم ير النبي "صلى الله عليه وآله" سوى مرة واحدة، في ساعة من نهار، وبصورة عابرة، فجاءت المعالجة من قبل من يهمهم أمر هؤلاء؛ فقررت: أن الصحابي هو كل من صحب النبي "صلى الله عليه وآله" سنة أو شهراً، أو يوماً، أو ساعة، أو رآه([446]).
وعدوا من الصحابة صبياناً وأطفالاً رأوا النبي "صلى الله عليه وآله" يوم الفتح، وفي حجة الوداع، وغيرهما([447]).
3 ـ صحابية المرتد:
وحين يجدون: أن بعض من يعز عليهم من الصحابة يرتد عن الدين، ويحارب النبي "صلى الله عليه وآله"، ثم يعود فيظهر الإسلام، كطليحة بن خويلد، وبعضهم ارتد، وأهدر النبي "صلى الله عليه وآله" دمه، كما هو الحال بالنسبة لعبد الله بن سعد بن أبي سرح.
وكذا الحال بالنسبة للأشعث بن قيس الذي ارتد عن الإسلام، ثم لما أسر، وأظهر التوبة في عهد أبي بكر أطلقه الخليفة، وزوجه أخته في نفس الساعة([448]).
إنهم حين يجدون ذلك، يبادرون إلى ادعاء: أن الصحابي إذا ارتد ذهبت صحابيته، فإذا عاد إلى الإسلام عادت إليه صحابيته، من دون حاجة إلى أن يرى النبي "صلى الله عليه وآله" من جديد([449])، أي وتعود إليه عدالته أيضاً!!
4 ـ السكوت عما شجر بين الصحابة:
لقد كان ولا يزال الجهر بما فعله بعض الصحابة محرجاً، بل مخجلاً لمن يعتقدون لزوم موالاتهم، والارتباط بهم، ويوجب سلب ثقة الناس بأناس يراد لهم أن يثقوا بهم، بل يراد لهم أن يقدسوهم.
ولو فرض أنه يمكن إسكات بعض العوام، بواسطة إطلاق بعض الشعارات البراقة والرنانة، أو بواسطة بعض الفتاوى المختلقة، أو بشيء من الترغيب أو الترهيب، فإن ذلك لا يتيسر بالنسبة لجميع الناس، فلا بد من اعتماد أسلوب آخر للخروج من المأزق.
فقالوا عن الصحابة: "الواجب علينا أن نكف عن ذكرهم إلا بخير"([450]).
وقالوا: ينبغي للقاص "أن يترحم على الصحابة، ويأمر بالكف عما شجر بينهم، ويورد الأحاديث في فضائلهم"([451]).
وقد أخذوا على أبي عمر بن عبد البر: أنه قد شان كتابه "الاستيعاب" بذكر ما شجر بين الصحابة([452]).
5 ـ من ينتقد الصحابة زنديق:
وحيث لم ينفع الأمر بالسكوت عما شجر بين الصحابة، فقد لجأوا إلى أسلوب آخر للخروج من المأزق، وهو اتهام من ينتقد الصحابة بالزندقة، والخروج من الدين، والإلحاد.
قال أبو زرعة: "إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فاعلم أنه زنديق، وذلك أن الرسول "صلى الله عليه وآله" عندنا حق، والقرآن حق، وما جاء به حق.
وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله".
وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا، ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى. وهم زنادقة"([453]).
وقال السرخسي: "من طعن فيهم فهو ملحد، منابذ للإسلام، دواؤه السيف، إن لم يتب"([454]).
ومن الواضح: أن حملة الإسلام وتعاليمه إلى الأمم ليسوا هم الوليد بن عقبة ولا مروان بن الحكم، ولا ابن أبي سرح ونظراؤهم، وإنما هم علي "عليه السلام" وأهل البيت "عليهم السلام" وأبو ذر وسلمان وابن مسعود، وأبي بن كعب ونظراؤهم من أعلام الأمة وعلمائها. وما كلام أبي زرعة وغيره هنا إلا مغالطة ظاهرة، لا تسمن ولا تغني من جوع.
6 ـ لا يفسق الصحابي بما يفسق به غيره:
أما بالنسبة إلى المعاصي التي ارتكبوها، ولا يمكن دعوى التأويل والاجتهاد فيها، فقد جاء تبريرها بدعوى: أن الصحابي لا يفسق بما يفسق به غيره([455]).
7 ـ حتمية توبة الصحابي:
وإذا ارتكب الصحابي ما يوجب العقاب له أخروياً، مما توعد الله عباده عليه بالعقاب بالنار، ولم يمكن دفع ذلك عنه، لا بدعوى الاجتهاد، والتأويل، ولا بغير ذلك.
فإن علاج ذلك هو بالقول: إن التوبة حتمية الوقوع ممن يعصي منهم([456]).
8 ـ ذنب البدري يقع مغفوراً:
ولبعض الشخصيات مزيد من الأهمية، فلا يمكن تركها تعصي الله ثم ننتظر إلى أن تصدر التوبة منها، وهي قد تتأخر بعض الوقت.
بل لا بد من مغفرة ذنوب هؤلاء فوراً، ففتشوا عن تاريخ هؤلاء الأشخاص، فوجدوا أنهم ممن حضر بدراً ـ وإن لم يعلم عنه أنه قاتل ـ فجاءت المعالجة لتقدم معياراً جديداً يقول:
إن ما يقع من معاصٍ لا يحتاج إلى التوبة، إذا كان مرتكب ذلك ممن شهد بدراً لأن أهل بدر مغفور لهم([457]).
9 ـ الصحابة مجتهدون:
وكان لا بد من تبرير أخطاء وقع فيها بعض الصحابة، سواء في مواقفهم، أو في فتاواهم، حتى حارب بعضهم بعضاً، وأزهقت أرواح كثيرة، وسفكت دماء غزيرة، وخرج بعضهم على إمام زمانه، وقاتلوه، كما جرى في الجمل، وصفين، والنهروان، فاخترعوا للصحابة مسألة الإجتهاد، فكلهم مجتهدون([458])، ولا اعتراض على المجتهد، بل هو إن أصاب فله أجران، وإن أخطأ كان له أجر واحد.
وبهذا أدخلوا معاوية، وطلحة والزبير الجنة، ومنحوهم المزيد من الثواب على ما فعلوه وما ارتكبوه من جرائم في حق الإمام والأمة. وأصبح من حلل منهم الربا، وشرب الخمر مأجوراً ومثاباً، بل إن خالد بن الوليد، الذي قتل مالك بن نويرة بدون جرم، ثم نزا على زوجته في نفس الليلة مثاب ومأجور على ذلك أيضاً.
والخلاصة: أن المصيب منهم له أجران، كعلي "عليه السلام" وأصحابه. والمخطئ كمعاوية، ومن معه لهم أجر واحد، بل كان ما فعلوه بالاجتهاد، والعمل به واجب، ولا تفسيق بواجب([459]).
وبتعبير آخر: "إن جميع من اشترك في الفتنة من الصحابة عدول، لأنهم اجتهدوا في ذلك"([460]).
وقال الكيا الطبري: "وأما ما وقع بينهم من الحروب والفتن، فتلك أمور مبنية على الاجتهاد، وكل مجتهد مصيب، والمصيب واحد، والمخطئ معذور، بل مأجور"([461]).
والملفت للنظر هنا:
أننا نجد البعض لا تطاوعه نفسه على تخطئة الفئة الباغية على إمام زمانها، فيقول: إن علياً "عليه السلام" وأصحابه كانوا أقرب إلى الحق([462]).
وكأنه يريد أن يوحي للقارئ بأن معاوية قريب أيضاً لكن علياً أقرب، كما أنه بتعبيره هذا يكون قد تجنب التصريح بكون علي "عليه السلام" مع الحق، والحق معه.
ولا نستغرب على هؤلاء مثل هذا البغي والظلم، فإنما هي شنشنة أعرفها من أخزم.
وقال المقبلي، ونعم ما قال: "بعد أن تم لهم تعريف الصحبة، ذيلوها باطّراح ما وقع من مسمى الصحابي؛ فمنهم من يتستر بدعوى الإجتهاد، دعوى تكذبها الضرورة في كثيرة (كذا) من المواضع، ومنهم من يطلق ـ ويا عجباه من قلة الحياء ـ في ادعائهم الاجتهاد لبسر بن أرطأة، الذي انفرد بأنواع الشر؛ لأنه مأمور المجتهد معاوية، ناصح الإسلام في سب علي بن أبي طالب وحزبه. وكذلك مروان، والوليد الفاسق، وكذلك الإجتهاد الجامع للشروط في البيعة ليزيد، ومن أشار بها، وسعى فيها، أو رضيها"([463]).
وللعلامة أبي رية تعليقات هامة على كلام المقبلي هذا، يذكر فيها أفاعيل بعض الصحابة مع رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وأموراً أخرى، فراجع.
كما أن ابن خلدون قد انتقد دعوى اجتهاد جميع الصحابة هذه؛ فقال:
"إن الصحابة كلهم لم يكونوا أهل فتيا، ولا كان الدين يؤخذ عن جميعهم، وإنما كـان ذلـك مختصـاً بالحـاملين للقرآن، العـارفين بنـاسخه ومنسوخه الخ.."([464]).
10 ـ إجماع الأئمة المهتدين:
وقال مالك بن أنس: "سن رسول الله "صلى الله عليه وآله" وولاة الأمر بعده سنناً، الأخذ بها تصديق لكتاب الله عز وجل، واستكمال لطاعة الله، وقوة على دين الله، من عمل بها مهتد، ومن استنصر بها منصور، ومن خالفها اتبع غير سبيل المؤمنين، وولاه الله ما تولى"([465]).
وعن عمر بن الخطـاب، أنه قـال لشريح، حين ولاه القضـاء: "فإن لم تعلم كل أقضية رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فاقض بما استبان لك من أمر الأئمة المهتدين"([466]).
وقال الخطيب البغدادي، بالنسبة للأمور التي لم يسمع من النبي "صلى الله عليه وآله" فيها شيء: إن كانوا قد قالوا رأياً واجتهاداً ولم يسمع من النبي "صلى الله عليه وآله" فيه شيء فإجماع الأئمة (الأمة خ ل) على التحليل والتحريم يثبت به الحكم، كأمر النبي "صلى الله عليه وآله"([467]).
والمراد بالأئمة المهتدين حسب الظاهر هم الخلفاء الثلاثة الأول، ما عدا علياً "عليه السلام"، كما سنرى.
11 ـ رأي الصحابي حيث لا نص:
قد ألمحنا سابقاً إلى قول الخطيب: إن كانوا قد قالوا رأياً واجتهاداً..([468]).
وذكر المقريزي أيضاً: أن أبا بكر كان يقضي بما كان عنده من الكتاب والسنة، فإن لم يكن عنده شيء، سأل من بحضرته من الأصحاب، فإن لم يكن عندهم شيء اجتهد في الحكم([469]).
وذكر بعض آخر: أن الصحابة كانوا يغيبون عن مجلس النبي "صلى الله عليه وآله"، فكانوا يجتهدون فيما لم يحضروه من الأحكام([470]).
ومهما يكن من أمر: فقد ذهب الأكثرون إلى جواز الاجتهاد في عصر النبي "صلى الله عليه وآله" ووقوعه، وقد ذكروا في ذلك أقوالاً كثيرة، وتفصيلات عديدة، فلتراجع في مظانها([471]).
12 ـ الاجتهاد في مقابل النص كرامة للصحابة:
وتجد من العلماء من يقول:
إن الصحابة "كانوا مخصوصين بجواز العمل والفتوى بالرأي كرامة لهم، فيجوز لهم العمل بالرأي في موضع النص، وقد فعلوا ذلك في عهد رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ولم ينكر "صلى الله عليه وآله" ذلك عليهم، وهذا من الأمور الخاصة بهم دون غيرهم"([472]).
13 ـ الصحابة يشرعون وفتاواهم سنة:
وقد رأينا في أحيان كثيرة: أن بعض الصحابة يصرحون بأن ما يفتون به ما هو إلا رأي رأوه، وقد ظهر خطأ كثير منهم في فتاواه وآرائه هذه، ومخالفتها للنص القرآني، ولما ثبت بالأسانيد الصحيحة عن رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فكان لا بد من علاج ذلك، وتلافي سلبياته، فجاءت النظرية الغريبة عن روح الإسلام لتقرر: أن للصحابة حق التشريع، وأن فتاواهم سنة، إلا ما أفتى به علي "عليه السلام".
ويتضح ذلك بمراجعة النصوص التالية:
قال أبو زهرة: "وجدنا مالكاً يأخذ بفتواهم على أنها من السنة"([473]).
وقد رأينا أنهم يعقدون في كتب أصولهم باباً لكون قول الصحابي فيما يمكن فيه الرأي ملحق بالنسبة لغير الصحابي بالسنة.
وقيل: "إن ذلك خاص بقول الشيخين أبي بكر وعمر"([474]).
وخطب عثمان حينما بويع فقال: إن لكم عليّ بعد كتاب الله عز وجل، وسنة نبيه "صلى الله عليه وآله" ثلاثاً: "اتباع من كان قبلي فيما اجتمعتم عليه وسننتم، وسن سنة أهل الخير فيما لم تسنوا عن ملأ"([475]).
وقال البعض: السنة هي: "ما سنه رسول الله "صلى الله عليه وآله" والصحابة بعده عندنا"([476]).
وأمثال ذلك كثير، فراجع كتب أصول الفقه، وكتابنا: الحياة السياسية للإمام الحسن "عليه السلام" ص 86 ـ 90.
لفت نظر:
ونعود فنذكر بأن اليهود يقولون: إن أقوال الحاخامات كالشريعة([477]).
14 ـ سنة الشيخين والخلفاء سوى علي ×:
قد تقدم: أنهم يعقدون باباً في كتب الأصول يذكرون فيه:
أن قول الصحابي فيما يمكن فيه الرأي ملحق بالسنة، وقيل: إن ذلك خاص بقول الشيخين أبي بكر وعمر.
وقال عمر بن عبد العزيز: "ألا إن ما سنه أبو بكر وعمر، فهو دين نأخذ به، وندعو إليه".
وزاد المتقي الهندي: "وما سن سواهما فإنا نرجيه"([478]).
ورووا عن النبي "صلى الله عليه وآله" قوله: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين"([479]).
وبهذا استدل الشافعي على حجية قول أبي بكر وعمر([480]).
مع أننا قد أشرنا إلى: أن هذا الحديث ـ لو صح ـ فالمقصود بالخلفاء الراشدين هم الأئمة الاثنا عشر "عليهم السلام"، الذين ذكرهم النبي "صلى الله عليه وآله" مرات كثيرة، كما في صحاح مسلم والبخاري وأبي داود وغير ذلك([481]).
والمقصود بسنة الخلفاء هو ما تلقوه عن رسول الله، واستفادوه من كتاب الله من أحكام وسنن وتشريعات.
وأما إخراج عثمان، فلعله لأجـل تسهيل إخراج علي، ولعله لأجـل ظهور عوار سلوكه، حتى إن الرعية لم تتحمل سياساته، فقتلته..
ويقول عثمان: "إن السنة سنة رسول الله وسنة صاحبيه"([482]).
وفي قضية الشورى يعرض عبد الرحمن بن عوف على أمير المؤمنين علي "عليه السلام": أن يبايعه على العمل بسنة النبي "صلى الله عليه وآله"، وسنة الشيخين: أبي بكر وعمر؛ فأبى "عليه السلام" ذلك، فحولت البيعة إلى عثمان([483]).
وقد بلغ من تأثير الشيخين على الناس، ونفوذهما فيهم: أننا نجد ربيعة بن شداد لا يرضى بأن يبايع علياً أمير المؤمنين "عليه السلام" على كتاب الله وسنة رسوله.
وقال: على سنة أبي بكر وعمر.
فقال له "عليه السلام": "ويلك، لو أن أبا بكر وعمر عملا بغير كتاب الله وسنة رسوله لم يكونا على شيء"([484]).
وهذا الكلام لا يعني أن الشيخين قد عملا بكتاب الله وسنة رسوله بل معناه تعليم ذلك الجاهل ما ينبغي أن يكون بديهياً عنده بغض النظر عن حقيقة سلوك الشيخين في هذا المجال..
ومهما يكن من أمر فقد قال ابن تيمية: "فأحمد بن حنبل وكثير من العلماء يتبعون علياً فيما سنه، كما يتبعون عمر وعثمان فيما سناه، وآخرون من العلماء ـ كمالك وغيره ـ لا يتبعون علياً فيما سنه. وكلهم متفقون على اتباع عمر وعثمان فيما سناه"([485]).
15 ـ سنة كل إمام عادل:
ثم لما مست الحاجة إلى فتاوى وتبريرات أخرى اقتضتها سياسات الحكام، وتصدى الحكام لسن بعض السنن، جاء المبرر الآخر المنسوب إلى ابن عباس، ليكون أكثر قبولاً لدى أهل العلم، وإن كنا لا نوافق على نسبته له، ليقول:
"السنة سنتان: من نبي، أو من إمام عادل"([486]).
16 ـ سنة وفتوى كل أمير:
وحين زاد تدخل الحكام في شرع الله، وفي دينه، واتسع نطاقه، وتعدى دائرة الخلفاء، وكان لا بد من تبرير ذلك أيضاً، قالوا:
إنه بعد موت أبي بكر، وفتح سائر البلاد في عصر عمر، وبعده، تزايد تفرق الصحابة في البلاد. فكان أمير كل بلد يجتهد، لو لم يكن فيها صحابي([487]).
وكأنهم يريدون بصياغة الأمور على هذا النحو الإيحاء بأن ذلك قد كان بسبب الضرورة، حيث لم يكن ثمة مخرج إلا ذلك، مع أن المخرج موجود، بمرأى منهم ومسمع وهو الأخذ بقول النبي "صلى الله عليه وآله" فيما يرتبط بالتمسك بالعترة.
فإنهم سفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق، وهم أحد الثقلين، اللذين لن يضل من تمسك بهما.
17 ـ رأي الصحابي أقوى في رأي غيره:
قد عرفنا: أن بعض الصحابة يصدرون فتاوى لم يستندوا فيها إلى آية ولا إلى رواية، وإنما هو الرأي منهم، وهو قد يخطئ ويصيب، وصار يناقض بعضهم بعضاً أحياناً، بل قد نجد التناقض في آراء الصحابي الواحد.
يقول البعض: إن الصحابة كانوا يغيبون عن مجلس النبي "صلى الله عليه وآله"، فكانوا يجتهدون فيما لم يحضروه من الأحكام، ولعدم تساوي هؤلاء المجتهدين في العلوم والإدراكات، وسائر القوى والملكات، تختلف ـ طبعاً ـ الآراء والإجتهادات، ثم تزايدت تلك الإختلافات، بعد عصر الصحابة([488]).
فكان لا بد من علاج هذه الحالة، وتلافي سلبياتها، فكان أن اخترعوا لنا دعوى: "أن قول الصحابي إن كان صادراً عن الرأي؛ فرأيهم أقوى من رأي غيرهم؛ لأنهم شاهدوا طريق رسول الله "صلى الله عليه وآله" في بيان أحكام الحوادث، وشاهدوا الأحوال التي نزلت فيها النصوص، والمحال التي تتغير باعتبارها الأحكام.."([489]) ثم قرروا على هذا الأساس لزوم تقديم رأيهم على رأينا، لزيادة قوة في رأيهم.
18 ـ قول الصحابي يعارض الحديث الصحيح:
وإذا خالفت فتوى الصحابي قولاً صريحاً، وحديثاً صحيحاً عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فان مالك بن أنس يعاملهما معاملة المتعارضين.
قال أبو زهرة: "إن مالكاً يوازن بينها وبين الأخبار المروية، إن تعارض الخبر مع فتوى صحابي.
وهذا ينسحب على كل حديث عنه "صلى الله عليه وآله"، حتى لو كان صحيحاً"([490]).
ونقل عن الشوكاني ما يقرب من ذلك أيضاً([491]).
وقال الأسنوي عن قول الصحابي: "فهل يخص به عموم كتاب أو سنة؟ فيه خلاف لأصحاب الشافعي، حكاه الماوردي".
و "قال في جمع الجوامع: وفي تخصيصه للعموم قولان.
قال الجلال: الجواز كغيره من الحجج. والمنع الخ.."([492]).
وقال ابن قيم الجوزية عن أحمد بن حنبل: "وكان تحريه لفتاوى الصحابة كتحري أصحابه لفتاويه ونصوصه، بل أعظم، حتى إنه ليقدم فتاواهم على الحديث المرسل" برجال ثبت([493]).
وقال التهانوي: "لا لوم على الحنفية إذا أخذوا في مسألة بقول ابن مسعود وفتواه، وتركوا الحديث المرفوع؛ لاعترافكم بأن فتوى الصحابي هو الحكم وهو الحجة، وإذا تعارض الحديثان يعمل بالترجيح؛ فإن رجح القياس أو مرجح آخر سواه قول الصحابي على الخبر المرفوع، فينبغي أن يجوز عندكم الأخذ بقول الصحابي".
ولكنه عاد فقال: "إن غالب أقوال الصحابة وفتاواهم كان على سبيل التبليغ عن قول النبي "صلى الله عليه وآله"، أو فعله أو أمره، وإذا كان كذلك فيجوز للمجتهد أن يرجح فتوى الصحابي على المرفوع الصريح أحياناً، إذا ترجح عنده كون فتوى الصحابي مبنية على جهة التبليغ دون الرأي"([494]).
ولكن مراجعة فتاوى الصحابة توضح عدم صحة قوله: إنها كانت على سبيل التبليغ، لكنه أراد تخفيف قبح هذا العمل.
19 ـ عمل الصحابي يوجب ضعف الحديث:
قال التهانوي: "عمل الصحابة أو صحابي بخلاف الحديث يوجب الطعن فيه، إذا كان الحديث ظاهراً عليهم أو عليه"([495]).
وقال السرخسي: "أما ترك العمل بالحديث أصلاً، فهو بمنزلة العمل بخلاف الحديث، حتى يخرج به عن أن يكون حجة"([496]).
20 ـ مراسيل الصحابة:
كثيراً ما نجد أنهم قد نسبوا إلى بعض الصحابة أموراً يُدَّعى أنهم شهدوها، أو سمعوها من النبي "صلى الله عليه وآله" أو من غيره، تهدف إلى تأييد اتجاه سياسي، أو مذهبي معين، ثم يظهر البحث العلمي أن أولئك الصحابة ما كانوا قد ولدوا في تلك الفترة، أو ما كانوا موجودين في بلد الحدث، أو حين صدور ذلك القول أو الفعل، فتأتي قاعدة جديدة لتحل المشكل، وتحسم الأمر لصالح ذلك الاتجاه السياسي أو المذهبي.
حيث تقرر كما ذكره جماعة: أن مرسلات الصحابة حجة.
ثم يحاولون تبرير هذه القاعدة بدعاوى لا تثبت أمام النقد العلمي الصحيح فيقولون:
لأن الظاهر: أن ذلك الصحابي قد سمع ذلك من النبي "صلى الله عليه وآله"، أو من صحابي آخر سمعه من النبي "صلى الله عليه وآله"، بل لقد قبل بعضهم مراسيل التابعين، وتابعي التابعين أيضاً([497]).
وكان أحمد بن حنبل يقدم الموقوف عن الصحابة والتابعين على المرسلات عن النبي "صلى الله عليه وآله"([498]).
21 ـ تصويب الصحابة وغيرهم في اجتهاد الرأي:
قد يقال: إن الاجتهاد معناه:
أن المجتهدين قد يصيبون في اجتهادهم، وقد يخطئون؛ فلا بد لنا نحن من معرفة الصواب من الخطأ في ذلك. فإن الاجتهاد إذا كان عذراً لهم إذا أخطأوا فليس عذراً لنا في متابعتهم على الخطأ، ولاسيما بعد ظهوره لنا.
فجاء العلاج ليقول: أما بالنسبة لفتاواهم في الأحكام، فإنهم مصيبون جميعاً في اجتهادهم؛ فقد قال الشهاب الهيثمي في شرح الهمزية على قول البوصيري عن الصحابة: "كلهم في أحكامه ذو اجتهاد ـ أي صواب ـ وكلهم أكفاء"([499]).
وأما بالنسبة لما جرى بين الصحابة من الفتن، فهو أيضاً اجتهاد منهم؛ وقد يقال بصواب هذا الاجتهاد من الجميع أيضاً، فقد قال الآمدي:
"وعلى هذا، فإما أن يكون كل مجتهد مصيباً، أو أن المصيب واحد، والآخر مخطئ في اجتهاده، وعلى كلا التقديرين، فالشهادة والرواية من الفريقين لا تكون مردودة، أما بتقدير الإصابة فظاهر، وأما بتقدير الخطأ مع الاجتهاد فبالإجماع"([500]).
وعن العنبري في أشهر الروايتين عنه: " إنما أصوب كل مجتهد في الذين يجمعهم الله. وأما الكفرة فلا يصوبون"([501]).
وقال الشوكاني: "ذهب جمع جم إلى أن كل قول من أقوال المجتهدين فيها (أي في المسائل الشرعية التي لا قاطع فيها) حق وأن كل واحد منهم مصيب، وحكاه الماوردي والروياني عن الأكثرين.
قال الماوردي: وهو قول أبي الحسن الأشعري والمعتزلة".
إلى أن قال: "وقال جماعة منهم أبو يوسف:
إن كل مجتهد مصيب، وإن كان الحق مع واحد، وقد حكى بعض أصحاب الشافعي عن الشافعي مثله".
إلى أن قال: "فمن قال: كل مجتهد مصيب، وجعل الحق متعدداً بتعدد المجتهدين فقد أخطأ"([502]).
وقال حول حجية الإجماع:
"فغاية ما يلزم من ذلك أن يكون ما أجمعوا عليه حقاً، ولا يلزم من كون الشيء حقاً وجوب اتباعه؛ كما قالوا: إن كل مجتهد مصيب، ولا يجب على مجتهد آخر اتباعه في ذلك الاجتهاد بخصوصه"([503]).
وقال الأسنوي حول الاجتهاد وفي الواقعة التي لا نص عليها: فيها قولان:
"أحدهما: أنه ليس لله تعالى فيها قبل الاجتهاد حكم معين بل حكم الله تعالى فيها تابع لظن المجتهد.
وهؤلاء هم القائلـون بـأن كل مجتهد مصيب، وهم الأشعري، والقاضي، وجمهور المتكلمين من الأشاعرة والمعتزلة الخ"([504]).
ونقل عن الأئمة الأربعة، ومنهم الشافعي، التخطئة والتصويب فراجع([505]).
22 ـ النبي ' يجتهد ويخطئ:
لقد أظهرت الروايات التي زعموها تاريخاً لرسول الله "صلى الله عليه وآله": أن النبي "صلى الله عليه وآله" يجتهد ويخطئ في اجتهاده. ويجتهد عمر فيصيب، فتنزل الآيات لتصوِّب رأي عمر وتخطِّئ النبي "صلى الله عليه وآله" كما زعموه في وقعة بدر الكبرى، في قضية فداء الأسرى([506]) وآية الحجاب وغيرها.
ولأجل ذلك تجدهم يقرون بأن النبي "صلى الله عليه وآله" يخطئ في اجتهاده، ولكن لا يقرر على الخطأ([507]).
ولكن قولهم: إنه "صلى الله عليه وآله" لا يقرر على خطئه لا يتلاءم مع ما يروونه عنه "صلى الله عليه وآله" من أخطاء في اجتهاده، مع عدم صدور رادع عنه، كما هو الحال في قصة تأبير النخل، حيث لم يرد ما يرفع خطأه، ووقع الناس نتيجة لذلك في الخسارة والفشل([508]) فراجع.
23 ـ سهو النبي ' ونسيانه:
وأما بالنسبة لسهو النبي "صلى الله عليه وآله" ونسيانه، واعترافه هو بذلك([509])، فذلك حدِّث عنه ولا حرج.
وستأتي قصة ذي الشمالين، وسهو النبي "صلى الله عليه وآله" في صلاته، بعد غزوة بدر إن شاء الله تعالى. فإذا جاز على النبي "صلى الله عليه وآله" ذلك، فإن أهدافاً كثيرة يمكن تحقيقها عن هذا الطريق، ويمكن تصحيح روايات عديدة تخدم هوى سياسياً أو مذهبياً بعينه.
24 ـ عصمة الأمة عن الخطأ:
وإذا كان الرسول "صلى الله عليه وآله" يخطئ في اجتهاده، فإن الأمة معصومة عن الخطأ، بل سيأتي حين الحديث حول صحة ما في البخاري ومسلم:
أن ظن الأمة لا يخطئ أيضاً، أي أنه إذا حصل إجماع بعد الخلاف؛ فإن ذلك يلغي أي تشكيك بصحة ما أجمعوا عليه، بل لا بد من الحكم بصحته وصوابه، لأن الأمة معصومة([510]).
وقد واجه القائلون بعصمة الأمة فكرة أن تكون الأمة أعلى رتبة من النبي "صلى الله عليه وآله"، فكيف وجب عليها طاعته واتباعه؟! فأزعجهم ذلك، وحاولوا التخلص منها، فما أفلحوا في ذلك فراجع([511]).
25 ـ الإجماع: نبوة بعد نبوة:
وقد يحتاج الحاكم أحياناً من أجل تثبيت سلطانه، وإحكام قبضته على مقدرات الشعوب إلى التصرف في بعض الشؤون العقائدية، أو الفقهية الثابتة، أو المفاهيم الدينية، فيواجه اعتراضاً من علماء الأمة، وأهل الفضل والدين.
فلا بد إذن من إيجاد تبرير لما يقدم عليه من تصرف، ومن تغيير في الدين وأحكامه، ورسومه وأعلامه؛ فجاءت القاعدة لتقول: إنه إذا حصل ذلك، واستطاع أن يحصل على موافقة الناس في عصره، وإجماعهم، فإن هذا الإجماع يصبح تشريعاً إلهياً، ولا مجال لنقضه، ولا لمعارضته، والاعتراض عليه، إلا بتحصيل إجماع مثله وذلك لأن الإجماع نبوة بعد نبوة([512]).
وهو حجة قاطعة للعذر، متى انعقد، وفي أي عصر كان([513]).
وكنموذج من ذلك نشير إلى:
أن هذا ما حدث بالفعل بالنسبة إلى الخلافة الإسلامية، فقد كان ثمة إجماع على اشتراط القرشية في خليفة المسلمين، حتى جاء السلطان سليم إلى مصر، وخلع الخليفة القرشي، وتسمى هو بالخليفة، وألغى عملياً هذا الشرط، ثم أجمعت الأمة على إلغائه ولا تزال، وأصبح عدم القرشية من الدين، كما كانت القرشية من الدين في السابق.
26 ـ ظن المعصوم لا يخطئ:
وبعد، فإنه إذا كانت الأمة معصومة، وكان أفراد الصحابة مصيبين في اجتهاداتهم كلها ولا يخطئون، فإن ضابطة أخرى لا بد من مراعاتها، لأنها تنفع في حل مشكلات كثيرة تواجههم.
وهي قاعدة: ظن المعصوم عن الخطأ، لا يخطئ([514]).
وسيأتي استدلالهم بهذه القاعدة في مورد حساس في هذا البحث بالذات.
27 ـ اجتهاد الفقهاء يقدم على النص:
وحين ظهر أن كثيراً من اجتهادات أئمة المذاهب تخالف النص الوارد عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقد أجازوا مخالفة نص رسول الله "صلى الله عليه وآله"، والالتزام بآراء أئمة مذاهبهم.
فقد قال البعض، وهو يتحدث عن الشافعية:
والعجب منهم من يستجيز مخالفة الشافعي لنص له آخر في مسألة بخلافه، ثم لا يرون مخالفته لأجل نص رسول الله "صلى الله عليه وآله"([515]).
ونقول: إن ملاحظة طريقتهم في التعامل مع الحديث، ومع فتاوى أئمتهم تعطينا:
أن ذلك لا ينحصر بالشافعي وأصحابه، بل هو ينسحب على غيرهم من أتباع المذاهب الأخرى الأربعة، وغيرها أيضاً.
وقد أحصى ابن القيم في أعلام الموقعين حوالي مئة حديث لم يأخذ بها مقلدة الفقهاء، حسبما يتضح من مراجعة الأحاديث المبثوثة في الكتب المعتبرة لدى أهل السنة.
وذكر سبط ابن الجوزي جملة من أحاديث الصحيحين لا يأخذ بها الشافعية، لما ترجح عندهم مما يخالفها، ورد أبو حنيفة على رسول الله أربع مئة حديث أو أكثر.
وفي رواية: وردّ مئتي حديث.
بل قال حماد بن سلمة: إن أبا حنيفة استقبل الآثار والسنن فردها برأيه([516]).
28 ـ القياس، والرأي، والاستحسان:
ثم ومن أجل سد النقص الناتج عن ابتعاد الناس عن حديث رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وابتعادهم عن أئمة أهل البيت "عليهم السلام"، فقد قرروا إجازة العمل بالقياس، والرأي، والاستحسان، وما إلى ذلك.
وقد كتب الخليفة عمر بن الخطاب لأبي موسى الأشعري:
"فاعرف الأشباه والأمثال، ثم قس الأمور بعضها ببعض، أقربها إلى الله، وأشبهها بالحق، فاتبعه، واعمد إليه"([517]).
وقال لشريح: "فإن لم تعلم كل ما قضت به الأئمة المهتدون، فاجتهد رأيك".
أو قال: "ولم يتبين لك في السنة فاجتهد فيه رأيك"([518]).
وقد عمل بالرأي كل من أبي بكر، ([519]) وابن مسعود، وعثمان، وعمر([520]) وغيرهم من الصحابة، فراجع.
وقد كان من نتيجة ذلك أن: "استحالت الشريعة وصار أصحاب القياس أصحاب شريعة جديدة" على حد تعبير ابن أبي الحديد المعتزلي([521]).
وقد أعلن الأئمة "عليهم السلام" رفضهم لهذا النهج، وأدانوه بشدة وإصرار، ورفضه غيرهم أيضاً.
وقد قال الشعبي في إشارة إلى رفض العمل بالرأي:
ما حدثوك عن أصحاب محمد "صلى الله عليه وآله" فخذ به، وما قالوا برأيهم، فبل عليه([522]).
وقال ابن شبرمة: دخلت أنا وأبو حنيفة على جعفر بن محمد بن علي، فقال له جعفر:
"اتق الله، ولا تقس الدين برأيك، فإنا نقف غداً نحن وأنت، ومن خلفنا بين يدي الله تعالى، فنقول: قال الله، قال رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وتقول أنت وأصحابك:
سمعنا ورأينا، فيفعل الله بنا وبكم ما يشاء([523]).
29 ـ ما دل عليه القياس ينسب للنبي ':
وقد أراد العاملون بالقياس إضفاء هالة من القدسية على آرائهم، وتكريسها كمعيار عملي، ونهج فكري، ثابت ومقبول، فسمحوا بنسبة ما دل عليه القياس إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وإن لم يكن النبي "صلى الله عليه وآله" قد قاله.
يقول البعض: "استجاز بعض فقهاء أهل الرأي نسبة الحكم الذي دل عليه القياس الجلي إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" نسبة قولية.
فيقولون في ذلك: قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": كذا..
ولهذا ترى كتبهم مشحونة بأحاديث تشهد متونها بأنها موضوعة؛ لأنها تشبه فتاوى الفقهاء، و لأنهم لا يقيمون لها سنداً"([524]).
30 ـ لا اجتهاد بعد اليوم:
ومن أجل تكريس المذاهب الأربعة، ولكي لا يفكر أحد بالتعدي عنها، وتكون هي المعيار والضابطة دون سواها؛ فقد قرروا:
أنه لا يحق لأحد أن يجتهد في هذه العصور المتأخرة إلا في حدود المذهب الذي ينتسب إليه، أو في دائرة خصوص مذاهب الأئمة الأربعة، ووفق أصول محددة لا مجال للتعدي عنها.
ذكر ابن الصلاح: "أنه يتعين تقليد الأئمة الأربعة دون غيرهم؛ لأن مذاهب الأربعة قد انتشرت، وعلم تقييد مطلقها، وتخصيص عامها، ونشرت فروعها؛ بخلاف مذهب غيرهم"([525]).
وقال الشيخ محمد نجيب المطيعي: "قد بنى ابن الصلاح على ما قاله إمام الحرمين قوله بوجوب تقليد واحد من الأئمة الأربعة دون غيرهم..
إلى أن قال: بل الحق: أنه إنما منع من تقليد غيرهم، لأنه لم تبق رواية مذاهبهم محفوظة..
إلى أن قال: امتنع تقليد غير هؤلاء الأئمة الأربعة من الصحابة وغيرهم، لتعذر نقل حقيقة مذاهبهم، وعدم ثبوته حق الثبوت"([526]).
ونقل محمد فريد وجدي عن بعضهم:
أنه بعد الماءتين كان الواجب على كل من المقلدين والمجتهدين المنتسبين أن ينتموا لمذهب واحد معين من المجتهدين المستقلين.
وأما من نشأ من المسلمين بعد المئة الرابعة إلى زمن صاحب كتاب (الإنصاف في بيان سبب الاختلاف)، فهم إما عامي أو مجتهد منتسب، فيجب على العامي تقليد المجتهد المنتسب لا غير، لامتناع وجود المستقل من هذا التاريخ حتى اليوم([527]).
من ترك التقليد خرج من الإسلام:
قال التهانوي الحنفي: "ومن ترك هذا التقليد، وأنكر اتباع السلف، وجعل نفسه مجتهداً أو محدثاً، واستشعر من نفسه أنه يصلح لاستنباط الأحكام، وأجوبة المسائل من القرآن والحديث في هذا الزمان، فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، أو كاد أن يخلع، فأيم الله لم نر طائفة يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية إلا هذه الطائفة المنكرة لتقليد السلف، الذامة لأهلها الخ.."([528]).
وقال المقريزي: "ولي بمصر القاهرة أربعة قضاة، وهم شافعي، ومالكي، وحنفي، وحنبلي؛ فاستمر ذلك من سنة خمس وستين وست مئة، حتى لم يبق في مجموع أمصار الإسلام مذهب يعرف من مذاهب أهل الإسلام سوى هذه المذاهب الأربعة، وعقيدة الأشعري، وعملت لأهلها المدارس، والخوانك، والزوايا، والربط في سائر ممالك الإسلام، وعودي من تمذهب بغيرها، وأنكر عليه، ولم يول قاضٍ، ولا قبلت شهادة أحد، ولا قدم للخطابة والإمامة والتدريس أحد ما لم يكن مقلداً لأحد هذه المذاهب، وأفتى فقهاء هذه الأمصار في طول هذه المدة بوجوب اتباع هذه المذاهب، وتحريم ما عداها، والعمل على هذا إلى اليوم"([529]).
وقد ذكر ابن الفوطي ما يدل على أن رسم التمذهب بالمذاهب الأربعة في بغداد، والمنع من ذكر آراء غيرهم قد كان قبل هذا التاريخ بحوالي عشرين سنة أو أكثر، فراجع كلامه حول افتتاح المدرسة المستنصرية، ثم رسم تعليم المذاهب الأربعة فيها، والمنع مما عداها([530]).
وقد كان ابن الصلاح المتوفى سنة 643 ه‍. قد أفتى بحرمة الخروج على تقليد الأئمة الأربعة، مستدلاً له بإجماع المحققين([531]).
تكريس المذاهب بالأموال:
ونقل البعض: أن العباسيين في بغداد طلبوا من أهل المذاهب أموالاً، فلم يستطع الشيعة تأمين المال المطلوب، لكن الحنفية، والمالكية، والحنبلية، والشافعية قد دفعوا المال المطلوب لأجل اتساع حالهم، وتيسر المال لديهم، وكان ذلك في زمن الشريف المرتضى المتوفى سنة 436 ه‍. فآل ذلك إلى تكريس المذاهب في الأربعة، واتفقوا على بطلان ما عداها، وجوزوا الاجتهاد في المذهب، ولم يجوزوا الاجتهاد عن المذهب([532]).
وقد فصل ابن قيم الجوزية أقوال القائلين بانسداد باب الاجتهاد، وزمان ذلك الانسداد، وقولهم: لا يجوز الاختيار بعد الماءتين، وناقش تلك الأقوال، فراجع([533]).
التمهيد للتقليد:
وقد لاحظنا: أنهم، وهم يحكمون على من مارس الاجتهاد، ولم يقلد من يحبون، أو من استشعر من نفسه أنه يصلح لاستنباط الأحكام، بالمروق من الدين، وخلع ربقة الإسلام من عنقه، حسبما تقدم عن التهانوي، قد مهدوا لسد باب الاجتهاد، ولكن بذكاء حينما ناقشوا أولاً مسألة خلو العصر من المجتهد، فلما جوزوه، انتقلوا إلى القول بأن الخلق كالمتفقين على أنه لا مجتهد اليوم.
فقد "حكى الزركشي في البحر عن الأكثرين: أنه يجوز خلو العصر من المجتهد، وبه جزم صاحب المحصول.
قال الرافعي: الخلق كالمتفقين على أنه لا مجتهد اليوم.
قال الزركشي: ولعله أخذه من كلام الإمام الرازي، أو من قول الغزالي في الوسيط: قد خلا العصر من المجتهد المستقل"([534]).
وقد ناقشهم الشوكاني، وأبطل هذا الزعم منهم، فراجع كلامه([535]).
ويقول نص آخر: "قد استدل بما صرح به الإمام حجة الإسلام قدس سره، والرافعي، والقفال بأنه وقع في زماننا هذا الخلو" (أي من المجتهد).
إلى أن قال: "من الناس من حكم بوجوب الخلو من بعد العلامة النسفي، واختتم الاجتهاد به. وعنوا الاجتهاد في المذهب".
أما الاجتهاد المطلق، فقالوا: "اختتم بالأئمة الأربعة، حتى أوجبوا تقليد واحد من هؤلاء على الأمة"([536]).
ومهما يكن من أمر، فإن سد باب الاجتهاد إنما هو لدى فريق معين غير الشيعة، أما شيعة الأئمة الاثني عشر "عليهم السلام"، وأتباعهم، فهم في غنى عن كل هذا، فهم يفتحون باب الاجتهاد على مصراعيه، ويمارسونه بصورة مطردة على مر التاريخ، وإلى يومنا هذا، وهذه نعمة كبرى، هي نعمة العلم والفهم حباهم الله بها، وحرم الآخرون أنفسهم منها، وقديماً قيل: على نفسها جنت براقش.
مع تبريرات وجدي:
أما محمد فريد وجدي فقد اعتبر: أن السبب في دعوى انسداد باب الاجتهاد، هو ما طرأ على المسلمين من جمود اجتماعي، وقصور عن فهم أسرار الشريعة، فستروا ذلك بالدعوى المذكورة، والحقيقة أنه مفتوح بنص الكتاب والسنة إلى يوم القيامة. ([537]) لكن ملاحظتنا التي نريد تسجيلها هنا هي:
أولاً: لماذا قصرت أفهام المسلمين عن فهم أسرار الشريعة؟!
وهل دعوى هذا القصور صحيحة من أساسها؟!
ثانياً: ما فائدة فتح باب الاجتهاد، مع وجود ذلك القصور عن الفهم؟!
وماذا يفيد فتح باب لا يجرؤ أحد على الولوج فيه، أو لا يستطيع الولوج أصلاً؟!.
لا اجتهاد عند الفريسيين في اليهود:
وقد كنا نحب أن نعرف: إن كان ثمة ارتباط بين ما يقال عن سد باب الإجتهاد لدى هؤلاء، وبين ما يقوله الفريسيون من اليهود، من أنه لا اجتهاد([538]).
31 ـ التقديس الأعمى حتى للحديث المكذوب:
أما بالنسبة لما تناقلوه على أنه حديث رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقد حاولوا إضفاء هالة من التقديس الأعمى عليه، وكأنه نفس كلامه الصادر عنه "صلى الله عليه وآله" مع أن أكثره محض اختلاق، وتزوير.
وقد قدست كتب بأكملها على هذا الأساس، فراجع ما يذكرونه عن صحيح البخاري، وموطأ مالك، وسنن أبي داود، وغير ذلك.
بل لقد حرصوا على المنع من مناقشة الحديث، حتى ولو خالف العقل، والوجدان، وضرورة العقل، والتاريخ القطعي؛ لأن السماح بالمناقشة فيه لسوف يبرر المناقشة ثم التشكيك في أمور هي أكثر أهمية وحساسية بالنسبة إليهم.
وقد تصدى الحكام لمواجهة ذلك بصورة قوية وصارمة وحازمة، لاسيما وأن ذلك قد مكنهم من توجيه الناس حيثما يريدون، وكيفما يشاؤون، من خلال حفنة من وعاظ السلاطين، لا يتورعون عن الإختلاق والإفتراء، حتى على الله ورسوله، دونما مانع من دين، أو رادع من وجدان.
وقد روى بعض هؤلاء المرتزقة عن النبي "صلى الله عليه وآله" محاجة جرت بين آدم وموسى "عليهما السلام"؛ فحج آدم موسى!! فاعترض البعض بأنه: متى اجتمع آدم وموسى؟ فتدخل الخليفة ودعا بالنطع والسيف ليقتل ذلك المعترض المستفهم، بحجة أنه زنديق يكذب بحديث رسول الله "صلى الله عليه وآله"!!([539]).
بل لقد كان الاتهام بالزندقة هو الوسيلة الميسورة للتخلص حتى ممن لا يرى الصلاة خلف الخليفة العاتي والمتجبر([540]).
32 ـ أصح الكتب بعد القرآن:
وقد يعترض البعض: بأن في البخاري، ومسلم، وغيرهما من كتب الصحاح أحاديث كثيرة تضمنت ما يخالف الحقائق الثابتة، وصريح العقل والوجدان.
فجاء الرد: أن البخاري أجلّ كتب الإسلام وأفضلها بعد كتاب الله([541]).
وما قرئ في كربة إلا فرجت، ولا ركب به في مركب فغرقت. ويستسقى بقراءته الغمام، وأجمع على قبوله، وصحة ما فيه أهل الإسلام([542]).
وقال أبو نصر السجزى: "أجمع أهل العلم والفقهاء، وغيرهم على أن رجلاً لو حلف بالطلاق: أن جميع ما في كتاب البخاري، مما روي عن النبي "صلى الله عليه وآله" قد صح عنه، ورسول الله "صلى الله عليه وآله" قاله، لا شك فيه، لا يحنث، والمرأة بحالها في حبالته"([543]).
وقالوا: أصح كتب بعد كتاب الله الصحيحان: البخاري، ومسلم([544]).
بل قال البعض: "اتفق علماء الشرق والغرب على أنه ليس بعد كتاب الله أصح من صحيحي البخاري ومسلم"([545]).
وعن سنن أبي داود يقول ابن الأعرابي: "لو أن رجلاً لم يكن معه من العلم إلا المصحف الذي فيه كتاب الله، ثم هذا الكتاب لم يحتج معهما إلى شيء من العلم بتة"([546]).
33 ـ هذا الإجماع ظن لا يخطئ:
ولعلك تقول: إجماع الأمة على صحة ما في الصحيحين لا يمنع من كون بعض ما فيهما خطأ، لأن حجية الخبر وإن كانت قطعية، ولكن ذلك لا يمنع من كون مضمونه مظنوناً، لكنه من الظن الذي هو حجة، والظن الحجة قد يخطئ الواقع أيضاً.
فيأتيك الرد: "ظن المعصوم عن الخطأ لا يخطئ، والأمة في إجماعها معصومة عن الخطأ"([547]).
وحول تلقي الأمة للصحيحين بالقبول قال ابن كثير: "لأن الأمة معصومة عن الخطأ، فما ظنت صحته، ووجب عليها العمل به، لا بد أن يكون صحيحاً في نفس الأمر، وهذا جيد"([548]).
رواية الصحاح عن الخوارج والمبتدعة:
وتسجل إدانة لكتب الصحاح خصوصاً البخاري ومسلم، وهي روايتهم عن الخوارج، والمبتدعة، حتى إن البخاري ومسلماً، وسائر أصحاب الصحاح قد رووا عن الخوارج والمبتدعة، مثل عمران بن حطان، وهو من أكبر الدعاة إلى البدعة([549])، فإنه مادح ابن ملجم على قتله وصي النبي "صلى الله عليه وآله" علياً "عليه السلام".
ورووا عن كثيرين آخرين من مبغضي علي "عليه السلام" وشانئيه، مثل:
بهز بن أسد، وعبد الله بن سالم، وحصين بن نمير، وعكرمة، وقيس بن أبي حازم، والوليد بن كثير، وعروة بن الزبير، وإسحاق بن سويد، وحريز بن عثمان، وأزهر بن عبيد الله، وزياد بن أبيه، وميمون بن مهران، وأسد بن وداعة، ومحمد بن هارون، ونعيم بن أبي هند، ودحيم، وعبد المغيث الحنبلي، وخالد بن مسلمة([550]) وعلي بن الجهم([551])، ومحمد بن زياد، وعبد الله بن شقيق، والمغيرة بن عبد الله([552])، وعشرات غيرهم.
وكل هؤلاء، ومن هو على شاكلتهم، قد حكموا لهم بالوثاقة، ورووا عنهم، وعظموهم، ووصفوهم بكل جميل، مع معروفيتهم بالنصب والبغض لعلي "عليه السلام"، وآله الأطهار([553]).
الرواية عن الرافضة والشيعة:
ومن جهة ثانية، فقد روى أصحاب الصحاح أيضاً لبعض الشيعة والرافضة([554]) وقد ذكر الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين في كتابه طائفة كبيرة من الشيعة، أو المتهمين بالتشيع، ممن روى لهم أصحاب الصحاح، فراجع.
التناقض في المواقف:
فروايتهم عن النواصب والخوارج، والمبتدعة، وعن الشيعة، والرافضة، تتناقض مع قولهم: إن الرواية عن كل هؤلاء لا تصح.
فهم يقولون:
ألف: الخوارج:
عن ابن لهيعة: أنه سمع شيخاً من الخوارج يقول بعد توبته:
"إن هذه الأحاديث دين؛ فانظروا عمن تأخذون دينكم؛ فإنا كنا إذا هوينا أمراً صيرناه حديثاً"([555]).
أو قال: "انظروا هذا الحديث عمن تأخذونه، فإنَّا كنا إذا تراءينا رأياً، جعلنا له حديثاً"([556]).
ويلاحظ هنا: أن نفس هذا النص مروي عن حماد بن سلمة، ولكن عن شيخ من الرافضة!! ([557]).
ولما حدث إياس بن معاوية الأعمش بحديث عن بعض الحرورية، قال: "تريد أن أكنس الطريق بثوبي، فلا أدع بعرة، ولا خنفساء إلا حملتها؟!"([558]).
وقال الجوزجاني عن الخوارج، الذين تحركوا في الصدر الأول، بعد الرسول "صلى الله عليه وآله": "نبذ الناس حديثهم اتهاماً لهم"([559]).
ب: أهل البدع:
قد وردت أحاديث رواها أهل السنة أيضاً تنهى عن الرواية عن أهل البدع([560]) فلتراجع في مظانها.
ج: الشيعة والرافضة:
إن أدنى مراجعة لكتب الرجال على مذاق أهل السنة تظهر: أن أكثر المجروحين عندهم إنما جرحوهم بالتشيع أو الرفض، وقد اعتبروا ذلك جريمة لا مجال للسكوت عليها، أو التساهل فيها([561]).
وسئل مالك عن الرافضة، فقال: لا تكلمهم، ولا ترو عنهم، فإنهم يكذبون([562]).
وعن الشافعي: لم أر أحداً من أهل الأهواء أشهد بالزور من الرافضة([563]).
وقال أبو عصمة لأبي حنيفة: "ممن تأمرني أن أسمع الآثار؟! قال: من كل عدل في هواه إلا الشيعة، فإن أصل عقيدتهم تضليل أصحاب محمد "صلى الله عليه وآله"، ومن أتى السلطان طائعاً الخ.."([564]).
وعن شريك: إحمل العلم عن كل من لقيت إلا الرافضة، فإنهم يضعون الحديث، ويتخذونه دينا([565]).
وقال التهانوي: "نحن نعلم: أنهم كذبوا في كثير مما يروونه في فضائل أبي بكر، وعمر، وعثمان.
كما كذبوا في كثير مما يروونه في فضائل علي. وليس في أهل الأهواء أكثر كذباً من الرافضة"([566]).
ويقول هارون الرشيد: "طلبت أربعة فوجدتها في أربعة: طلبت الكفر فوجدته في الجهمية، وطلبت الكلام والشغب فوجدته في المعتزلة، وطلبت الكـذب فوجدته عنـد الرافضة، وطلبت الحق فوجدته مـع أصحاب الحديث"([567]).
وعن يزيد بن هارون: يكتب عن كل صاحب بدعة، إذا لم يكن داعية إلا الرافضة، فإنهم يكذبون([568]).
العلاج المتطور:
كانت تلك بعض أقاويلهم حول هؤلاء وأولئك، وهي تناقض موقفهم منهم، وروايتهم عنهم، فكان علاجهم لهذا المشكل بتقديم عدة ضوابط، رأوا أنها تكفي لدفع الخطر، وتجنب الكثير من الضرر.
ونذكر من هذه المعالجات:
34 ـ ردّ روايات الشيعة في المطاعن والفضائل:
فكل ما فيه تأكيد على الحق، وإظهار له، فيما يرتبط بفضائل علي "عليه السلام"، وكذا فيما يرتبط بما صدر من خصوم أهل البيت "عليهم السلام" من أفاعيل تدينهم، وتظهر بعض مساوئهم، فإنهم لا يقبلونه، ويتهمون الرافضة بالكذب فيه.
إنهم لا يقبلون منهم أي شيء فيه تأييد لمذهب الشيعة، وتفنيد لمذاهب غيرهم.
35 ـ الرافضة لا إسناد لهم:
ومن أجل استبعاد فقه، ورؤى، ومعارف أهل البيت "عليهم السلام" الذين هم أحد الثقلين اللذين أمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالتمسك بهما إلى يوم القيامة، وهم سفينة نوح التي ينجو من ركبها.
ولكي تبقى الساحة مفتوحة أمام الآخرين ليأخذوا بفتاوى أناس عاشوا، أو فقل: ولدوا بعد وفاة النبي "صلى الله عليه وآله" بعشرات السنين، ليسوا من أهل بيت النبوة، ولا من معدن الرسالة، ولا من مهبط الوحي والتنزيل.
نعم، من أجل ذلك، نجدهم يحاولون قطع الصلة بين الرافضة وبين الرسول بالكلية.
فقد قال التهانوي حول المعرفة بالإسناد: "لا ريب أن الرافضة أقل معرفة بهذا الباب، وليس في أهل الأهواء والبدع أجهل منهم به؛ فإن سائر أهل الأهواء، كالمعتزلة والخوارج يقصررون في معرفة هذا، لكن المعتزلة أعلم بكثير من الخوارج، والخوارج أعلم بكثير من الرافضة، والخوارج أصدق من الرافضة".
إلى أن قال: "أهل البدع سلكوا طريقاً أخرى ابتدعوها واعتمدوها، ولا يذكرون الحديث بل ولا القرآن في أصولهم إلا للاعتضاد، لا للاعتماد.
والرافضة أقل معرفة بل وعناية بهذا، إذ كانوا لا ينظرون في الأسناد، ولا في سائر الأدلة الشرعية والعقلية، هل توافق ذلك أو تخالفه. ولهذا لا يوجد لهم أسانيد متصلة صحيحة قط.
بل كل إسناد متصل لهم؛ فلا بد أن يكون فيه من هو معروف بالكذب، أو كثرة الغلط، وهم في ذلك شبيه باليهود والنصارى، فإنه ليس لهم أسناد".
وقال: والأسناد من خصائص هذه الأمة، وهو من خصائص الإسلام، ثم هو في الإسلام من خصائص أهل السنة، والرافضة أقل عناية به، إذ كانوا لا يصدقون إلا بما يوافق أهواءهم، وعلامة كذبه أنه يخالف هواهم"([569]).
36 ـ رواية ما لا يضر:
وأما رواية الشيعي، وحتى الرافضي لما يؤيد مذهب أهل السنة، أو فقل ما لا يضر بنهجهم، ولا بمذهبهم، فهي مقبولة، بل يمكن أن يصبح الشيعي بل الرافضي من رواة الصحاح ألست أيضاً، وبذلك يكون قد جاز القنطرة، كما سنرى.
37 ـ حديث الداعية إلى البدعة يرد:
وأما بالنسبة للخوارج والنواصب، وحتى الشيعي والرافضي أحياناً حين يوافق هواهم، ويخدم اتجاههم بزعمهم، فقد قالوا:
إن صاحب البدعة إذا لم يكن داعية، أو كان وتاب، أو اعتضدت روايته بمتابع، فإن روايته تقبل، أما إذا كان داعية، فلا خلاف بينهم في عدم قبول روايته([570]).
وقيل لا تقبل رواية غير الداعية أيضاً([571]).
38 ـ حجم البدعة:
وبما أن ما تقدم لا يكفي في علاج بعض جهات القضية، لاسيما وأنهم يردون روايات من يتهم بالتشيع، مع أن صحاحهم تروي عن الشيعة، فقد اتجهوا نحو الحديث عن حجم البدعة ومقدارها، فقالوا:
إن كانت البدعة صغرى، جازت الرواية عن صاحبها، وإن كانت كبرى لم تجز؛ فالبدعة الكبرى هي الرفض الكامل، والصغرى كغلو التشيع، أو كالتشيع بلا غلو ولا تحرق([572]).
وبذلك يفسحون المجال أمام الرواية عن بعض علمائهم الذين ينسبون إليهم التشيع لمجرد:
أنه روى حديثاً في فضل علي "عليه السلام"، أو تكلم في معاوية، كالنسائي، وعبد الرزاق الصنعاني، والحاكم النيسابوري، وأضرابهم.
39 ـ من روى له الشيخان، جاز القنطرة:
ولكن تبقى مشكلة روايتهم عن بعض المبتدعة، الذين هم من أشد الدعاة إلى بدعتهم، مثل عمران بن حطان، وغيره من النواصب والخوارج، فحلوها بطريقة جبرية، وقاطعة، حين قالوا: من روى له الشيخان، فقد جاز القنطرة([573]).
وقال الذهبي في ترجمة يحيى بن معين: "وأما يحيى فقد جاز القنطرة (يعني برواية الشيخين له) فلا يلتفت إلى ما قيل فيه، بل قفز من الجانب الشرقي إلى الجانب الغربي ـ يعني أنه في أعلى مراتب التعديل والتوثيق"([574]).
وذكر التهانوي: إن كل من حدث عنه البخاري فهو ثقة، سواء حدث عنه في الصحيح، أم في غيره، وكذا كل من ذكره البخاري في تواريخه، ولم يطعن فيه، فهو ثقة، وكذا كل من حدث عنه مسلم، والنسائي، وأبو داود، أو سكت عنه أبو داود فهو ثقة أيضاً([575]).
40 ـ الخوارج صادقون:
وبعد ما تقدم، فقد حلت مسألة لزوم قبول روايات بعض علماء أهل السنة الكبار، الذي اتهموا بالتشيع، بسبب روايتهم بعض فضائل علي وأهل بيته "عليهم السلام"، أو انتقدوا معاوية وأضرابه، وقبلت أيضاً روايات بعض الشيعة أو الرافضة، التي جاءت منسجمة مع النهج الفكري الذي يلتزمه غير الشيعة أيضاً، ثم قبلت أيضاً روايات الصحاح؛ البخاري، ومسلم، والنسائي، وأبي داود، ولكن ذلك كله لا يكفي أيضاً، بل لا بد من تصحيح رواية كل خارجي وناصبي، مع أنهم يدّعون: أن هؤلاء أهل بدعة قد ترك أهل السنة حديثهم([576]).
ومع أن فيهم من يدعو إلى بدعته، ومن كان داعية إلى بدعته لا تقبل روايته([577]).
ومع أنه قد تقدم: أن الخوارج معروفون بوضع الحديث، وقد ترك الناس الرواية عنهم في البداية لذلك.
فعالجوا هذا المشكل بدعوى: أن "الخوارج أعلم بكثير من الرافضة، والخوارج أصدق من الرافضة، بل الخوارج لا نعلم عنهم أنهم يتعمدون الكذب، بل هم من أصدق الناس"([578]).
وقال أبو داود: "ليس في أهل الأهواء أصح حديثاً من الخوارج"([579]).
وقال التهانوي: "الخوارج لا يكادون يكذبون، بل هم من أصدق الناس مع بدعتهم وضلالهم"([580]).
وقال ابن تيمية: "الخوارج مع مروقهم من الدين فهم أصدق الناس، حتى قيل: إن حديثهم أصح الحديث"([581]).
وعلل بعضهم صدقهم بأنهم يقولون بأن مرتكب الكبيرة كافر([582]).
ولا ندري كيف صح له هذا التعليل.
وهؤلاء الخوارج أنفسهم قد قتلوا عبد الله بن خباب، وارتكبوا جرائم الزنى، وغيرها مما هو مسطور في تواريخهم؟!
41 ـ الاعتزال، والعداء لأهل الحديث:
وحين طغت مدرسة أهل الحديث، ونشروا في الناس الكثير من الأمور التي يأباها العقل والوجدان، والفطرة، وتخالف القرآن.
مثل: نفي عصمة النبي "صلى الله عليه وآله" إلا في التبليغ، عقيدة الجبر، التجسيم والتشبيه، لزوم الخضوع للحاكم الظالم، والمنع من الاعتراض عليه، وغير ذلك من أمور أدخلوها في عقائد المسلمين، وفي تاريخهم، وهي مأخوذة في الأكثر من أهل الكتاب.
ثم واجههم المعتزلة، وغيرهم، ولاسيما الشيعة بالأحاديث الصحيحة والصريحة، التي رووها هم أنفسهم، فأحرجوهم في كثير من المواقع، وفندوا مزاعمهم وأقاويلهم، سواء بالنسبة لكثير من الجهات العقائدية، أم بالنسبة لبعض ما يزعمون أنه أحداث تاريخية، أو غيرها.
فإنهم التجأوا إلى أسلوب التجريح، والمقاطعة على الصعيد الفكري، وقرروا بالنسبة إلى الشيعة رد رواية كل من فيه رائحة التشيع.
وأما بالنسبة للمعتزلة الذين كانوا يتمتعون بالتأييد من قبل عدد من الحكام، فقد قرروا:
أنه إذا كان الراوي معتزلياً، يناصب أهل الحديث العداء، فلا يسمع كلامه، ولا يعتد به، لأن كونه معتزلياً، مخالفاً لأهل الحديث، يوجب ضعفه، وسقوط ما يأتي به!! ([583]).
42 ـ خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء:
ومن الذين يسمح لهم بالحديث على نطاق واسع عائشة أم المؤمنين، التي نشرت في الناس ألوف الأحاديث، التي تصب في اتجاه معين، لا يتلاءم كثيراً مع خط علي "عليه السلام" وأهل بيته.
إن لم نقل: إنه يؤيد الاتجاهات المخالفة له في كثير من الأحيان.
ومنعاً لأي ريب أو اعتراض، فقد جاءت الضابطة على صورة حديث منسوب إلى النبي "صلى الله عليه وآله" يقول: "خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء"([584]).
43 ـ أبو هريرة راوية الإسلام:
ومن المعلوم: أن أبا هريرة الدوسي يستأثر بأكبر رقم من الروايات التي ينسبها إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، حيث إن له منها، حسب إحصائية ذكرها العلامة أبو رية رحمه الله 5374 حديثاً([585]).
ونحن نجد الطعون تتوجه إلى هذا الرجل، أعني أبا هريرة من كل حدب وصوب، وقد ألفت في ذلك الكتب([586])، وكتبت البحوث.
بل إنك تجد في الطاعنين عليه من هو من كبار الصحابة أيضاً؛ وقد قال إبراهيم بن سيار النظام: أكذبوه: عمر، وعثمان، وعلي، وعائشة([587]).
ورد سعد على أبي هريرة مرة، فوقع بينهما كلام حتى ارتجت الأبواب بينهما([588]).
وروي عن عمر بن الخطاب قوله: أكذب المحدثين أبو هريرة([589]).
وقد ذكر الذهبي نصوصاً عديدة تفيد: أنهم كانوا يتجنبون حديث أبي هريرة، ويتكلمون في إكثاره من الحديث([590]).
وإن أدنى مراجعة لكتاب أبو هريرة شيخ المضيرة للشيخ محمود أبي رية، وكذا كتاب أبو هريرة للإمام السيد عبد الحسين شرف الدين، تغنينا عن ذكر النصوص الكثيرة لذلك.
وبعد كل ما تقدم نقول: لقد رأوا: أن هذه الطعون التي تتوجه إلى أبي هريرة من كل حدب وصوب، قد تؤدي إلى إحداث خلل كبير في البنية الفكرية لتيار كبير من الناس، فلا بد إذن من مواجهة هذه الهجمة بهجمة مماثلة، ولا مانع من أجل تثبيت الأصول والقواعد من استعمال أسلوب التخويف، والتهويل، بل والسباب، ثم الاتهام بكل عظيمة، وإن لم ينفع ذلك كله في دفع غائلة تلك التجريحات والطعون، فبالإمكان الالتجاء إلى أسلوب تحريض الحكام على أولئك الناس، إذا ما حاولوا التذكير بأقوال السلف ومواقفهم من أبي هريرة راوية الإسلام.
ولعل خير ما يجسد هذا الاتجاه هي أقوال ابن خزيمة التي جمعت ذلك كله، حيث قرر:
أن من يطعن في أبي هريرة: إما معطل جهمي.. وإما خارجي يرى السيف على أمة محمد، ولا يرى طاعة خليفة، ولا إمام، أو قدري، أو جاهل([591]).
هذا كله عدا عن رمي الطاعنين على أبي هريرة بالانحراف، والضلال، وبكثير من أنحاء التوهين والتهجين، والإخراج من الدين، كل ذلك إكراماً لأبي هريرة، فلأجل عين ألف عين تكرم.
44 ـ لا يعرض الحديث على القرآن:
ومن أجل مواجهة الحالة الناشئة من وجود أحاديث كثيرة، حتى في الصحيحين تخالف القرآن الكريم وتنافيه، الأمر الذي من شأنه أن يحرج القائلين بصحة كل ما في الصحيحين، وكذا ما جاء في غيرهما من أحاديث بأسانيد معتبرة وصحيحة، حسب تقديراتهم، من أجل ذلك، قرروا:
أن الحديث أصل قـائم برأسه([592]) ولا يعرض على الكتـاب العزيز، والأحاديث التي تلزم بعرض الحديث على القرآن هي من وضع الزنادقة، والسنة قاضية على الكتاب، وليس الكتاب بقاض على السنة. (وسيأتي ذلك مع مصادره في الفصل التالي إن شاء الله تعالى).
ولأجل هذا نجد: "أن كثيراً من أهل الحديث استجازوا الطعن على أبي حنيفة؛ لرده كثيراً من أخبار الآحاد العدول، لأنه كان يذهب في ذلك إلى عرضها على ما اجتمع من الأحاديث، ومعاني القرآن"([593]).
45 ـ موافقة أهل الكتاب:
أمـا ما نرى: أنه قد جاء موافقاً لأهل الكتاب، فهو لا يعني ـ بالضرورة ـ أن أهل الكتاب قد تلاعبوا بهذا الدين، وأدخلوا فيه ترهاتهم.
وذلك لوجود ضابطة مزعومة تقول: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" كان يحب موافقة أهل الكتاب في كل ما لم يؤمر به([594]).
رغم أننا قد قدمنا: أن الأمر كان على عكس ذلك تماماً، ولسوف يأتي في هذا الكتاب، حين الكلام حول صيام عاشوراء ما يثبت ذلك أيضاً إن شاء الله تعالى.
حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج:
أما بالنسبة للرواية عن بني إسرائيل، وإعطاء الفرصة لأهل الكتاب لبث سمومهم، والعبث بأفكار الناس، وتسريب عقائدهم، وأفكارهم، وحتى أحكامهم الفقهية إلى المسلمين، فليس الذنب في ذلك ذنبهم، وإنما كان ذلك انسجاماً مع الضابطة المقررة، وامتثالاً للمرسوم الذي يقول: "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج".
وكان رسول الله "صلى الله عليه وآله" يحدث عن بني إسرائيل عامة ليله حتى يصبح، كما زعموا، وكل ذلك قد تقدم.
الحسن والقبح شرعيان لا عقليان:
وتواجههم أحكام شرعية مزعومة، وأقاويل عقائدية، وأحاديث وأوامر وأمور غير معقولة، ولا مستساغة، من قبيل ما ذهب إليه جمهور الأشاعرة من أن التكليف بغير المقدور وما لا يطاق صحيح وجائز، بل جوز بعضهم التكليف بالمحال أيضاً([595])، واستدلوا على ذلك بما لا مجال لذكره هنا([596])، واستدل البعض بروايات بدء نزول الوحي أيضاً، كما سيأتي.
فمن أجل مواجهة الضجة التي ربما تثيرها أقاويل من هذا القبيل جاؤوا بضابطة عجيبة غريبة تقول:
إنه لا قبيح إلا ما قبحه الشرع، ولا حسن إلا ما حسنه الشرع. أما العقل فلا دور له في هذا الأمر، لا من قريب ولا من بعيد، وهذا ما ذهب إليه الأشعرية، ومن وافقهم([597]) وبذلك تنحل عندهم كثير من العقد العقائدية، والتاريخية، والفقهية وغيرها، ولا نريد أن نناقش هذه المزعمة هنا، غير أننا نشير إلى أن الشوكاني ـ وهو من كبار علمائهم ـ قد اعتبر إنكار إدراك العقل لكون الفعل حسناً، أو قبيحاً مكابرة ومباهتة([598]).
48 ـ صوافي الأمراء:
وقد قلنا في فصل سابق: إنهم من أجل تلافي الإعتراضات على بعض الفتاوى التي كانت تصدر من بعض الرموز الرئيسية، مما يخالفون فيها صريح النص القرآني أو النبوي، الأمر الذي قد يزعزع الثقة بهم، بالإضافة إلى سلبيات أخرى، إنهم من أجل تلافي ذلك، قرروا حصر الفتوى في القضايا السياسية والقضائية الهامة، بالأمراء، وسموها: صوافي الأمراء.
49 ـ الفتوى لأشخاص بأعيانهم:
وأما سائر ما تبقى من أمور، فقد أوكلت إلى أناس بأعيانهم، وحظر على الآخرين ـ الذين لا يُطمأَنّ إلى ميلهم، أو أهليتهم في مجال تقوية الخط السياسي القائم ـ حظر عليهم أن يتصدوا للفتوى، أو للرواية، وقد قدمنا بعض ما يوضح ذلك فلا نعيد، ثم قرروا ضابطة أخرى وهي:
50 ـ المنع من الحديث، من روايته، ومن كتابته:
وكذا ضابطة:
51 ـ المنع من السؤال عن معاني القرآن:
إلى غير ذلك: من معايير زائفة، وضوابط تهدف إلى حفظ الإنحراف والإحتفاظ به، لا يتسع المقام لذكرها، ولا تسمح الفرصة بتقصيها. ولعل فيما ذكرناه كفاية لمن أراد الرشد والهداية.
الفصل الرابع:
الضوابط الصحيحة للبحث العلمي
لا بد من معايير وضوابط:
وإذ قد اتضح لدينا: أنه قد كان ثمة خطة خبيثة، تستهدف النيل من شخصية النبي العظيم والكريم "صلى الله عليه وآله"، ومن المقدسات الإسلامية، ومن كل رموز الإسلام وشعائره، ومبانيه ومآثره؛ فمن الضروري جداً ـ إذا أردنا تقييم النصوص الروائية والتاريخية النبوية، وكل قضايا الإسلام ـ أن نعتمد معايير وضوابط قادرة على إعطائنا الصورة الحقيقية، والأكثر نقاء وصفاء، ثم هي قادرة على إبعاد ذلك الجانب الموبوء والمريض، والمزيف عن دائرة اهتماماتنا، ثم عن محيطنا الفكري، والعملي بصورة كاملة وشاملة، فما هي تلك المعايير؟
وما هي حقيقة هاتيك الضوابط؟!
إننا من أجل الإجابة على هذا السؤال نقول بإيجاز واختصار:
أدوات البحث الموضوعي والعلمي:
إن من الواضح: أن ما لدينا من علوم إسلامية، مثل علم الفقه وأصوله، وعلوم القرآن، والكلام، والرجال، والتاريخ، والنحو واللغة، وغير ذلك قد استفدنا في بعضه ـ جزئياً على الأقل ـ من إرشادات العقل وأحكامه، ومن تتبع ودراسة اللغة العربية، من جهات وحيثيات مختلفة، إلا أن معظم ذلك قد جاء من خلال الاستفادة من النص القرآني الكريم، ومعرفة حقائقه ودقائقه، وسائر ما يرتبط به، ثم ما جاء على شكل روايات، نقلها لنا أناس عن غيرهم، ونقلها هؤلاء عن آخرين أيضاً..
وهكذا إلى أن ينتهي الأمر إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، أو الإمام "عليه السلام"، أو أي شخص آخر روى الحدث أو عاينه، أو صدر منه القول أو الموقف.
فإذا أردنا البحث في صحة أو فساد هذا المنقول، فلا بد لنا من امتلاك أدوات البحث، واستخدام وسائله.
ونريد أن نوضح هنا: أن وسائل وأدوات البحث العلمي لدى الواعين من أهل الإسلام، لا تختلف عنها لدى غيرهم من عقلاء البشر جميعاً، فهم يعتمدون نفس المعايير والضوابط التي يعتمدها سائر العقلاء والحكماء من الناس، إذا أرادوا الوصول إلى ما هو حق وواقع وصحيح، واستبعاد ما هو مزيف، أو محرف، أو مصطنع.
ونحن لا بد لنا من أجل استيفاء البحث من الإشارة إلى بعض تلك الأدوات والوسائل([599])، فنقول:
مما سبق:
قد قدمنا في الفصل السابق نماذج قليلة من معايير وضوابط مزيفة تهدف إلى حفظ الإنحراف، والإحتفاظ به، وترسيخه، وتبريره وتقريره.
ونستطيع أن نستخلص منها مجموعة من القواعد والمنطلقات، أو فقل: المعايير والأطر، التي لا بد من مراعاتها، والإلتزام والتقيد بها في مجالات ومراحل البحث العلمي الموضوعي والنزيه، في النصوص المختلفة التي تحدثنا عن الدين، والعقيدة والشريعة، والسيرة، والمواقف الجهادية وغيرها، خصوصاً ما كان منها مرتبطاً بأقوال ومواقف وأفعال النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله"، والأئمة الطاهرين من أهل بيته صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
والنقاط التي ذكرناها في ذلك الفصل، وإن كنا لم نذكرها جميعها، وكانت كثيرة ومتنوعة، إلا أننا نعيد التذكير ببعضها كنموذج يوضح ما نرمي إليه، فنقول:
1 ـ ليس لأحد حق التشريع، ولا يؤخذ من أحد سوى الله ورسوله، ثم مَنْ أمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" بأخذ الشريعة منهم، وهم أهل البيت الأطهار "عليهم السلام"، الذين هم سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق وهوى، وهم أحد الثقلين اللذين لن يضل من تمسك بهما إلى يوم القيامة.
2 ـ إنه لا سنة إلا سنة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وسنة الخلفاء الراشدين، وهم خصوص الخلفاء الاثني عشر من أهل بيته الأطهار، الذين أخبر "صلى الله عليه وآله" عنهم ـ كما رواه البخاري، ومسلم، وأبو داود وأحمد وغيرهم([600]).
3 ـ لا معصوم إلا الأنبياء، ثم الأئمة الاثنا عشر "عليهم السلام"، وكل من عداهم يجوز عليه الخطأ، والسهو، والنسيان وغيره، ولا يصح قولهم: إن الأمة معصومة، فضلاً عن عصمة أي كان من الناس.
4 ـ لا نبوة لأحد بعد رسول الله "صلى الله عليه وآله"، كائناً من كان، فلا يقبل قولهم: الإجماع نبوة بعد نبوة.
5 ـ إنه لا اجتهاد لأحد مع وجود الرسول الأكرم "صلى الله عليه وآله".
6 ـ لا اجتهاد في مقابل النص عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، والأئمة الطاهرين "عليهم السلام".
7 ـ إن حديث رسول الله "صلى الله عليه وآله" لا يُعارَض بفتوى أو عمل صحابي أو غيره، بل قول الرسول هو المعيار والميزان.
8 ـ دعوى اجتهاد جميع الصحابة مردودة، بل فيهم العالم والجاهل، والذكي والغبي ووالخ.. فلا تقبل دعوى اجتهاد واحد منهم إلا بشاهد ودليل.
9 ـ إنه لا قيمة للرأي ولا للاستحسان، ولا للقياس في التشريع، فضلا عن تقديم أي من هذه الأمور على الآثار والسنن، فضلاً عن صحة نسبة ما دل عليه القياس مثلاً إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله".
10 ـ يجوز مخالفة كل أحد ـ حتى أئمة المذاهب ـ إذا وجد النص عن النبي "صلى الله عليه وآله" على خلافه.
11 ـ أئمة المذاهب كغيرهم من المجتهدين الآخرين، ويجوز لكل أحد أن يجتهد ويخالفهم، ولا يجب الوقوف عند آرائهم.
12 ـ لا تقليد في الأمور الاعتقادية، ولاسيما الأمور الأساسية منها، ولا بد فيها من الدليل القاطع، والبرهان الساطع، ولا يكفي الظن والحدس، بل لا بد من تحصيل اليقين.
13 ـ ليس الصحابة كلهم عدولاً ولا بررة أتقياء، بل فيهم الورع التقي، وغيره، وما احتج به البعض لإثبات ذلك لا يكفي، ولا يصح([601]).
14 ـ ما يفسق به غير الصحابي يفسق به الصحابي، فلا يصغى لدعوى: أن الصحابي لا يفسق بما يفسق به غيره.
15 ـ مرسلات الصحابة كمرسلات غيرهم، فدعوى حجيتها دون سواها لا تستند إلى دليل معقول، ولا مقبول.
16 ـ إن القرآن وحده هو الكتاب الصحيح مئة بالمئة، وكل كتاب سواه قد يوجد فيه الصحيح والضعيف، والمحرف، والمجعول.
17 ـ لا تكفي صحة سند الرواية بأنها حقيقة واقعة، بل لا بد من ملاحظة سائر المعايير، ليمكن بعد ذلك كله إصدار الحكم عليها، نفياً أو إثباتاً.
18 ـ إننا لا نرى أية قدسية لأي كتاب، إلا بملاحظة ما تضمنه من حديث الرسول "صلى الله عليه وآله" مع الالتفات إلى أنه ليس جميع ما في الكتاب كذلك، فقد يكون بعضه مزيفاً ومختلقاً، وبعضه محرفاً أو مصحفاً.
19 ـ إذا كان ثمة حديث موافقاً لما عند أهل الكتاب، فإنه يصبح مشكوكاً فيه، ولا يصح قولهم: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" كان يحب موافقة أهل الكتاب في كل ما لم ينزل فيه شيء، بل عكس ذلك هو الصحيح.
20 ـ دعواهم أن الخوارج صادقون فيما ينقلونه لا تصح، بل الصحيح هو عكس ذلك.
21 ـ دعوى أن الشيعة والروافض يكذبون غير صحيح، والصحيح هو العكس.
22 ـ دعوى أن من روى له الشيخان فقد جاز القنطرة ليس لها ما يبررها، بل هم كغيرهم من الرواة، فيهم الثقة، وغير الثقة.
23 ـ الاعتزال والتشيع، والمخالفة لأهل الحديث لا يوجب رد رواية الراوي.
24 ـ الحسن والقبح عقليان، وليسا شرعيين.
25 ـ النبي "صلى الله عليه وآله" لا يجتهد من عند نفسه.
وبعد ما تقدم نقول: إننا نضيف إلى ما تقدم طائفة من الضوابط التي لا يمكن تجاهلها لأي باحث في التراث الإسلامي؛ وهي التالية:
1 ـ دراسة حال الناقلين:
إن أول ما يطالعنا في الحديث المأثور، أو في النص المزبور هو سنده، الذي يتمثل بمجموعة أسماء تدل على الذين نقلوا الحديث أو الحدث، لاحق عن سابق. وطبيعي أن يكون اهتمام الباحث بادئ ذي بدء منصباً على دراسة حال الناقلين للنص، لتحصيل درجة من الوثوق والاعتماد، ليكون ذلك عذراً أمام الله لو كان خطأ، وليكون حجة لله تعالى عليه لو أصاب، وليرضى بذلك الوجدان، ويطمئن القلب والضمير له، لو أريد الإقدام والإحجام على أساسه، حيث تكون ثمة حاجة إلى ذلك.
وواضح: أن من عرف عنه: أنه يكذب في خبره، أو لا يدقق ولا يحقق فيه، فلا يمكن الاعتماد على ما يخبر به إلا بعد تأكيد صحته من مصادر وجهات أخرى.
وكذا الحال بالنسبة لخبر من عرف عنه: أنه ينساق وراء هواه السياسي أو المذهبي، أو يستسلم لمشاعره العرقية، أو يتعصب لبلد، أو لطائفة أو غير ذلك، الأمر الذي يحتم علينا دراسة حالة الرواة لمعرفة ميولهم، وارتباطاتهم السياسية والمصلحية وغيرها، على أن من الضروري الالتفات إلى أن ضعف سند الحديث، لا يعني بالضرورة أنه مكذوب ومجعول، بل ما يعنيه هو أن الخلل في السند قد أخل بدرجة الوثوق والاعتماد على النص، فلا بد لتحصيل الوثوق به من طرق ووسائل أخرى.
2 ـ التزام النهج البياني الصحيح:
ومن جهة أخرى، إذا فرض: أن النص صادر عن رئيس الفصحاء والبلغاء؛ فلا بد من التأكد من سلامته في مبانيه اللغوية، وفي أدائه على النهج العربي الصحيح، من حيث التركيب، والتزام قواعد الإعراب، ومراعاة ضوابط الفصاحة والبلاغة فيه، على نحو يليق بمن صدر عنه، وينسجم مع لغته، ونهجه البياني.
3 ـ الانسجام مع الأطروحة والنهج:
وإذا كان النص يتعرض لبيان فكري، أو سلوكي، أو عقيدي، فلا بد أن لا يتعارض مع النهج الفكري، والعقيدي، والسلوكي الذي يلتزمه ذلك الذي أطلق النص، أو صدر عنه الموقف، ما دام أنه عاقل حكيم؛ فمن ينزه الله عن الجسمية مثلاً، لا يمكن أن يصف الله بأن له أضراساً، ولهوات، وأصابع، وساقاً، وقدماً، وغير ذلك على نحو الحقيقة، كما هو للإنسان وغيره من المخلوقات.
4 ـ الشخصية في خصائصها ومميزاتها:
وإذا كان النص يحكي سلوكاً لشخصية ما، فلا بد أن يكون بحيث يمكن أن يصدر ذلك الفعل أو الموقف من تلك الشخصية، من خلال ما عرف عنها من مميزات وخصائص، ثبتت بالدليل الصحيح والقطعي؛ فلا ينسب الجبن والعيّ مثلاً لعلي بن أبي طالب، والشح والبخل لحاتم الطائي، والرذيلة والفجور لأنبياء الله سبحانه وأصفيائه، ولأئمة الدين، وأولياء الله.
إذن، على الباحث في السيرة النبوية المباركة: أن يبادر إلى تحديد معالم الشخصية النبوية، ومعرفة ما لها من مميزات وخصائص؛ فإذا ثبت لديه بالدليل: أن هذه الشخصية في أعلى درجات الحكمة، والعصمة، والشجاعة، والطهر، والحلم، والكرم، والحزم، والعلم، وغير ذلك، متحلياً بكل صفات النبل والفضل، وجامعاً لمختلف سمات الجلال والجمال، والكمال، ولسائر المزايا الإنسانية المثلى ـ إذا ثبت ذلك، فلا بد من جعل كل ذلك معياراً لأي نص يرد عليه، ويريد أن يسجل قولاً، أو فعلاً، أو موقفاً له "صلى الله عليه وآله".
فإذا جاء النص منسجماً مع الوضع الطبيعي للشخصية النبوية المثلى، بما لها من خصائص فإنه يكون مقبولاً، بعد توفر سائر شرائط القبول، وإلا فما علينا إذا رددناه جناح.
فالنص المقبول إذن هو ذلك الذي يسجل الحقيقة كل الحقيقة، دون أن يتأثر بالأهواء السياسية، والمصلحية، ولا بأي من العوامل العاطفية وغيرها، فكما أننا لا يمكن أن نقبل أن يكون مرجع ديني، معروف بالورع والتقوى، قد ألف أغنية أو لحنها، للمغنية الشهيرة فلانة، فكذلك لا يمكن أن نقبل بنسبة ما هو مثل ذلك أو أقبح وأشنع منه، إلى ساحة قدس الرسول الأكرم "صلى الله عليه وآله".
5 ـ عدم التناقض بين النصوص:
ومما يفيد في استجلاء بعض نقاط الضعف في النصوص المنقولة، بل وفي حصول اليقين بوجود تصرف سهوي أو عمدي فيها، هو وجود التناقض والتنافي فيما بينها؛ فإن ذلك يشير إلى وجود نص مجعول، أو تعرضه لتصرف فيه، أزاله عن وجهته الصحيحة، الأمر الذي يستدعي مزيداً من الانتباه، وبذل المزيد من الجهد لمعرفة الصحيح من السقيم، والحقيقي من المزيف منها.
6 ـ أن لا يخالف الواقع المحسوس:
ومما يفيد في الاقتراب من واقع النص، مراقبته من حيث موافقته، أو مخالفته لما هو مشاهد محسوس، كما لو ادَّعى النص: أن أقرب طريق من مكة إلى المدينة يمر عبر الأندلس، أو ادعى: أن مدينة مكة تقع في سنغافورة، أو ادعى أن الشمس تطلع كل يوم من المغرب، أو في وسط الليل، وما إلى ذلك، مما يدل على أنه نص مكذوب، أو محرف، لا مجال لقبوله، ولا يصلح للاعتماد عليه.
7 ـ أن لا يخالف البديهيات:
ومن الواضح: أن هناك بديهيات وضرورات عقلية ثابتة، لا يمكن الإخلال بها، لأن معنى ذلك هو الإخلال بكل شيء في هذه الحياة، فإذا جاء النص مخالفاً لهذه الضرورات، فلا بد من رده ورفضه، وذلك كما لو ادعى: أن الثلاثة زوج، أو أن الأربعة نصف الخمسة، أو أن الضدين قد اجتمعا، وما إلى ذلك من أمور، فإن ذلك كله يكون دليلاً على كذب ذلك النص وعدم صدوره من إنسان عاقل واع، فضلاً عن أن يكون صادراً من نبي أو إمام معصوم.
وذلك لأن الإسلام قد أكد على لسان نبيه، ونطق القرآن: أن العقل هو الميزان والمعيار، وقد اهتم بمخاطبته، وإثارته، وجعله الحَكَم الفصل في الأمور والقضايا، ونعى على كل من لا يهتدي بهداه، ولا يستضيء بنوره في موارد كثيرة ومختلفة.
ومما يلفت النظر هنا: أن هذه المخالفات للضرورات العقلية تكثر في الأمور العقائدية، وفي بعض قضايا التاريخ وغيرها.
ومن ذلك قولهم: إن الله عادل حكيم، ولكنه يجبر عباده على أفعالهم، ثم يثيبهم أو يعذبهم عليها.
وقولهم: إنه تعالى لا يحده مكان، ولا جهة، ثم يقولون: إن له ساقاً، وقدماً، وأصابع، ولهوات، ونواجذ، إلخ!! وأمثال ذلك كثير وخطير؛ فراجع ولاحظ.
8 ـ أن لا يخالف الحقائق الثابتة:
ولا يمكن أيضاً قبول نص يخالف الحقائق العلمية الثابتة بالأدلة القطعية، كالنص الذي يقول: إن الأرض تقوم على قرن ثور.
وكذا لو جاء نص يقول: إن الأرض مسطحة، وليست كروية.
ومن ذلك ما لو خالف النص حقيقة ثبتت في علم الرياضيات، أو نحوه، فإنه يرفض ويرد، مهما كان سنده صحيحاً، وحتى إعلائياً أيضاً.
وأما إذا خالف نظرية قد شاعت وذاعت، ولكنها لم تصل إلى درجة الثبوت القطعي، فإن ذلك لا يكون دليلاً على ضعف النص المنقول، بل يكون وجود هذا النص، من أسباب وهن تلك النظرية، وتقليل احتمالات الوثوق بها، والاعتماد عليها.
9 ـ الإمكانية التاريخية:
أما إذا حمل النص الذي هو مورد البحث تناقضاً مع ما هو الثابت تاريخياً، بصورة قطعية، فإن ذلك يدعو إلى رفضه ورده أيضاً، فإذا كان من الثابت أن الإسراء والمعراج قد حصلا قبل الهجرة، بل حصلا في السنوات الأولى من البعثة، وثبت أن عائشة إنما انتقلت إلى بيت رسول الله "صلى الله عليه وآله" بعد الهجرة؛ فلا يمكن ـ بعد هذا ـ تصديق النص الذي ينقل عن عائشة نفسها، أنها قالت: ما فقدت جسد رسول الله في تلك الليلة؛ يعني ليلة الإسراء والمعراج.
ويدخل في هذا أيضاً ما لو ادَّعى الراوي: أنه سمع أو رأى رجلاً، قد مات قبل أن يولد ذلك الراوي، أو أنه قد ولد بعد وفاته.
والأمثلة التي تدخل في هذا المجال وسابقه كثيرة جداً ومتنوعة، كما يعلم بالمراجعة والمقارنة.
10 ـ موافقة الأحكام العقلية والفطرية:
وإذا كان الكل يعلم: أن جميع ما جاء به رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وما صدر عنه "صلى الله عليه وآله" وعن الأئمة "عليهم السلام" لا يخالف العقل، ولا يختلف معه، ولا يخالف قضاء الفطرة، ولا يشذ عنها.
فمعنى ذلك: أننا إذا رأينا نصاً يُنسَب إلى الرسول "صلى الله عليه وآله"، أو إلى أحد الأئمة "عليهم السلام"، مما يرفضه العقل، وتأباه الفطرة السليمة والمستقيمة، فإننا سوف نشك في صحة ذلك النص، حتى إذا لم نجد له تأويلاً مقبولاً، أو معقولاً؛ فإننا لا نتردد في رده ورفضه من الأساس.
ومن ذلك حكم العقل بوجوب أن يكون النبي "صلى الله عليه وآله"، والإمام "عليه السلام" معصومَين من الخطأ، مبرَّأين من الزلل؛ فالنص الذي يريد أن ينسب إلى النبي "صلى الله عليه وآله" والإمام "عليه السلام" خطأ أو زللاً، لا نتردد في رفضه، ولا نشك في أنه من وضع أعداء الدين، وأصحاب الأهواء، فتصبح العصمة، وسائر أحكام العقل والفطرة حول الذات الإلهية، ومواصفات الشخصية النبوية، وغير ذلك، معايير وضوابط يعرف بهـا الصحيح من السقيم، والحقيقي من المزيف، والسليم من المحرف.
11 ـ الانسجام مع الأجواء والمناخات:
وإذا استطاع الباحث أن يكتشف المناخات والظروف، وأن يتعرف على الأجواء السياسية، أو الاجتماعية، وغيرها، وفق ما توفر لديه من وسائل، وإمكانات، فإنه يستطيع أن يكتشف من خلال ذلك انسجام أو عدم انسجام كثير من النصوص مع الواقع الذي استطاع أن يتلمسه، وأن يطلع على خصائصه ومزاياه، وعناصره وخفاياه، ويصبح هذا الفهم أيضاً أحد وسائل المعرفة التي يمكنه الاستفادة منها، والاعتماد عليها، والاستناد إليها في نطاق البحث العلمي والموضوعي.
12 ـ المعيار الأعظم والأقوم:
وإذا ثبت لأي من الناس: أن كتاباً ما صحيح كله، ولا يتطرق إليه أي ريب أو شك، فإنه سوف يجعله معياراً لكل ما يرد عليه، فيقبل ما وافقه، ويرد ما خالفه، سواء أكان ذلك الكتاب يتحدث عن علم الكيمياء، أم الفيزياء، أم الرياضيات، أم علوم الدين والشريعة، أم أي شيء آخر..
ولا ريب في أن القرآن هو ذلك الكتاب الذي أحكمت آياته، ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فهو المعيار الأقوم، وهو الميزان الأعظم لا يرتاب في ذلك ذو مسكة، أو شعور قويم وسليم، وفضلاً عن ذلك، فإن النصوص قد تواترت وتضافرت على الأمر بالعرض على كتاب الله، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالفه فاتركوه.
وعن الإمام الصادق "عليه السلام": ما لم يوافـق كتاب الله فهو زخرف([602]).
ومن دعاء الإمام السجاد "عليه السلام" عند ختم القرآن:
"وميزان قسط لا يحيف عن الحق لسانه، ونور هدى لا يطفأ عن الشاهدين برهانه، وعلم نجاة لا يضل من أمَّ قصْد سنّته"([603]).
وعن الإمام الباقر "عليه السلام": "إذا حدثتكم بشيء فاسألوني عن كتاب الله"([604]) ومثل ذلك كثير عن أهل البيت "عليهم السلام" من طرق شيعتهم.
وأما ما رواه غيرهم في هذا المجال، فهو كثير أيضاً، ونذكر من ذلك النصوص التالية:
1 ـ روي عن النبي "صلى الله عليه وآله" أنه قال:
تكثر لكم الأحاديث بعدي، فإذا روي لكم عني حديث فاعرضوه على كتاب الله، فما وافق كتاب الله، فاقبلوه، وما خالف فردوه([605]).
2 ـ عن ابن عباس: إذا سمعتموني أحدث عن رسول الله، فلم تجدوه في كتاب الله، أو حسناً عند الناس فاعلموا أني كذبت عليه([606]).
3 ـ وعن ابن مسعود: فانظروا ما واطأ كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فدعوه([607]).
4 ـ وعن أبي بكر في خطبة له: فإن كانت للباطل غزوة، ولأهل الحق جولة، يعفو لها الأثر، وتموت السنن، فالزموا المساجد، واستشيروا القرآن([608]).
5 ـ عن ابن أبي كريمة، عن جعفر، عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، أنه خطب، فقال: إن الحديث سيفشو عليّ، فما أتاكم عني يوافق القرآن، فهو عني، وما أتاكم عني يخالف القرآن فليس عني([609]).
6 ـ وعن علي "عليه السلام": ستكون عني رواة يروون الحديث، فاعرضوه على القرآن، فإن وافق القرآن فخذوه، وإلا فدعوه([610]).
7 ـ وعن أبي هريرة عن النبي "صلى الله عليه وآله" ما يقرب من ذلك أيضاً فراجع([611]).
8 ـ وعن أبي بن كعب رحمه الله، فيما أوصى به رجلاً: اتخذ كتاب الله إماماً، وارض به قاضياً وحكماً الخ.. ([612]).
9 ـ وعن معاذ: فاعرضوا على الكتاب كل الكلام، ولا تعرضوه على شيء من الكلام([613]).
هل السنة قاضية على الكتاب؟!:
فما تقدم هو حكم النبي الأعظم "صلى الله عليه وآله" وصحبه، حيث أوجبوا جعل القرآن حكماً ومرجعاً، وميزاناً، يميز به الحق من الباطل، وذلك هو ما يحكم به العقل السليم، والفطرة المستقيمة، بعد قيام الدليل القطعي على أن القرآن هو كتاب الله المنزل على نبيه المرسل.
ولكننا وجدنا في مقابل ذلك محاولات جادة ومصرة للمنع عن العمل بالقرآن، وعن الرجوع إليه، وعن اتخاذه حكماً، وميزاناً ومعياراً في كل الأمور، بل لقد منعوا حتى عن السؤال عن معانيه كما هو معلوم، بل لقد جعلوا الحديث المروي مقدماً على كتاب الله، وحاكماً عليه.
وقالوا: "السنة قاضية على الكتاب وليس الكتاب بقاض على السنة"([614]).
رغم أن الحديث المروي لم يثبت أنه من السنة.. وحتى مع ثبوت ذلك، فإن هذه القاعدة مرفوضة من الأساس.
الأدلة الواهية:
ومما ذكروه في وجه ذلك ما قاله أبو بكر البيهقي: "والحديث الذي روي في عرض الحديث على القرآن باطل، وهو ينعكس على نفسه بالبطلان، فليس في القرآن دلالة على عرض الحديث على القرآن"([615]).
وقال الخطابي عن حديث عرض الحديث على القرآن: "هذا حديث وضعته الزنادقة"([616]).
وقال عبد الرحمن بن مهدي: "الزنادقة والخوارج وضعوا ذلك الحديث، يعني ما روي عنه "صلى الله عليه وآله" أنه قال: ما أتاكم عني فاعرضوه على كتاب الله، فإن وافق كتاب الله فأنا قلته، وإن خالف كتاب الله فلم أقله، وإنما أنا موافق كتاب الله، وبه هداني الله.
وهذه الألفاظ لا تصح عنه "صلى الله عليه وآله" عند أهل العلم بصحيح النقل من سقيمه، وقد عارض هذا الحديث قوم من أهل العلم وقالوا:
نحن نعرض هذا الحديث على كتاب الله: قبل كل شيء، ونعتمد على ذلك؛ فلما عرضناه على كتاب الله، وجدناه مخالفاً لكتاب الله؛ لأنَّا لم نجد في كتاب الله: ألا يُقبل من حديث رسول الله إلا ما وافق كتاب الله، بل وجدنا كتاب الله يطلق التأسي به، والأمر بطاعته، وكذا المخالفة عن أمره جملة على كل حال"([617]).
وقال أبو عمر: "قد أمر الله عز وجل بطاعته واتباعه أمراً مطلقاً مجملاً، لم يُقيّد بشيء، كما أمرنا باتباع كتاب الله، ولم يقل: وافِقْ كتاب الله، كما قال بعض أهل الزيغ"([618]).
وقال يحيى بن معين: عن حديث ثوبان عن النبي "صلى الله عليه وآله"، الأمر بعرض الحديث على القرآن: "إنه موضوع، وضعته الزنادقة".
وقال الأوزاعي: "الكتاب أحوج إلى السنة من السنة إلى الكتاب".
وقال ابن عبد البر: "إنها تقضي عليه، وتبين المراد منه".
وقال يحيى بن أبي كثير: "السنة قاضية على الكتاب"([619]).
المناقشة:
كان ما تقدم هو كل ما لدى هؤلاء من جهد لرد حديث رسول الله "صلى الله عليه وآله"، الذي وافقه أبو بكر، وابن مسعود، وأبي بن كعب، ومعاذ، وابن عباس.
ورواه عن النبي "صلى الله عليه وآله" علي "عليه السلام"، وأبو هريرة، وثوبان، وجعفر، وابن عمر، هذا عدا عما روي عن أئمة أهل البيت الأطهار صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
وقد رأينا: كيف لم يتمكنوا من السيطرة على مشاعرهم وانفعالاتهم، وهم يبادرون إلى الحكم على الحديث بالوضع، ثم اكتشفوا الواضعين ـ بزعمهم ـ فكانوا هم الزنادقة والخوارج.
ولا ندري متى عقد الخوارج والزنادقة اجتماعهم الذي قرروا فيه وضع هذا الحديث واختلاقه!! كما أننا لا ندري أين تم هذا الاجتماع!! وبرئاسة مَنْ مِنَ الناس؟.
ومن الذي أخبر هؤلاء بما دار في ذلك الاجتماع، وبما تمخض عنه!! كما أننا لم نستطع معرفة مبررات اتخاذهم قراراً كهذا.
وهل إن عرض الحديث على القرآن يفيد الزنادقة والخوارج؟! وكيف؟!.
وهل إن عدم عرضه يضرهم؟! وكيف؟!
وأياً كانت الإجابة على الأسئلة الآنفة الذكر؛ فإننا نقول:
إن ما ذكره هؤلاء على أنه مبرر لرد حديث عرض الحديث على القرآن، لا يصلح للتبرير، بل هو محض مغالطة ظاهرة البطلان، وذلك لما يلي:
أولاً: إن عدم وجدانكم الحكم في كتاب الله لا يعني بالضرورة أن يكون الحكم الذي تعرض الحديث له مخالفاً للكتاب! فلعله يوافقه ـ ولو لعموماته ـ وأنتم لا تعلمون.
ولا ندري إن كنتم تعتقدون: أن كل الأحكام كلية وجزئية، في أدق تفاصيلها يجب أن تذكر في القرآن صراحة ونصاً!!
أو أنكم ترون لزوم ذكر نص الحديث في القرآن، ليصبح موافقاً له!! وإذا كنتم تعتقدون ذلك، فلا ندري كم سوف يكون حجم القرآن حينئذ؟! وهل يمكن لأحد حفظه؟! أو حتى الاستفادة منه؟! وكيف؟! ([620]).
ثانياً: إن هذا الحديث ناظر إلى قبول الموافق ورد المخالف، أما ما لا يوافق ولا يخالف، فهو باق تحت أدلة حجية الأخبار.
ثالثاً: إن وجوب قبول الخبر إنما يثبت فيما تحقق أنه صدر من رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالسماع منه، أو بالتواتر.
أما وجوب عرض الحديث على القرآن، فإنما هو في الحديث الذي يوجد ثمة شك وتردد في ثبوته عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، إذ هو المراد من قوله: إذا روي لكم عني حديث([621]) إلخ..
ورابعاً: يقول الشافعي، وأكثر أصحابه، وأكثر أهل الظاهر، وهو إحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل: إن السنة لا تنسخ القرآن، وبه قال الصيرفي، والخفاف([622]).
وروي عن عبد الله بن سيد المنع من ذلك عقلاً.
وقال أبو حامد وأبو إسحاق، وأبو الطيب الصعلوكي بالمنع سمعاً.
وقيل: ليس يمتنع، لا عقلاً ولا سمعاً، لكنه لم يقع.
وقال السُّبكي: إن قول الشافعي لا يدل على أكثر من هذا([623]).
أما نسخ الكتاب بخبر الواحد، فهو لا يقع إجماعاً.
إذن، فما معنى أن تكون السنة قاضية على الكتاب وليس الكتاب بقاض على السنة؟!!
دليل آخر على عدم العرض على القرآن!!:
وقال الخطابي: وهو يتحدث حول ما ورد عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، أنه قال:
"لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكته، يأتيه الأمر مما أمرت به، أو نهيت عنه، فيقول: ما ندري، ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه"([624]).
قال الخطابي: "في الحديث دليل على أن لا حاجة بالحديث أن يعرض على الكتاب، وأنه مهما ثبت عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" شيء كان حجة بنفسه.
فأما ما رواه بعضهم، أنه قال: إذا جاءكم الحديث فاعرضوه على كتاب الله، فإن وافقه فخذوه، فإنه حديث باطل لا أصل له.
وقد حكى زكريا الساجي، عن يحيى بن معين، أنه قال: "هذا حديث وضعته الزنادقة"([625]).
ونقول:
أولاً: إن الرسول الأعظم "صلى الله عليه وآله" إنما يستنكر رد ما علم أنه قوله وأمره، ولا يستنكر عرض الحديث المشتبه به على القرآن للتأكد من صدوره منه "صلى الله عليه وآله".
ثانياً: لقد جاء هذا الحديث ليخبر عما سوف يكون حين وفاته "صلى الله عليه وآله" وقد تحقق مصداق ما أخبر عنه، وذلك حينما طلب "صلى الله عليه وآله" أن يأتوه بكتف ودواة ليكتب لهم كتاباً لن يضلوا بعده أبداً، فقال عمر بن الخطاب: "حسبنا كتاب الله"([626]).
وهذا يعني: أن عمر بن الخطاب يرى: أن القرآن أصل برأسه، وأنه غني عن السنة، وهذا لا يتلاءم مع ما يدعيه هؤلاء.
وثالثاً: إننا لا ندري كيف نعمل مع هؤلاء؛ فهذا أبو بكر، وعمر، وعثمان، ومعاوية وغيرهم من خلفاء الأمويين، وقريش بصورة عامة لا يرغبون في كتابة الحديث ولا في روايته عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، بل إنهم يمنعون من ذلك أشد المنع، ويعاقبون من خالف ذلك، ثم يجمعون ما كتبه الصحابة عنه "صلى الله عليه وآله" ويحرقونه.
وذلك على أساس: أن كتاب الله كاف وواف، وعلى حد تعبير عمر بن الخطاب: حسبنا كتاب الله، على أن هؤلاء الذين أصروا على الاكتفاء بكتاب الله سبحانه، تراهم قد منعوا من تفسيره، ومن السؤال عن معانيه ومراميه([627]).
ثم جاء أتباعهم ليقولوا لنا: القرآن غير كاف ولا واف، بل هو إلى السنة أحوج من السنة إليه، ثم يقولون: السنة قاضية على الكتاب، وليس الكتاب بقاض على السنة. فأي ذلك هو الصحيح؟
ومن هو المصيب؟
ومن المخطئ يا ترى؟!
فإن كان الكتاب أساساً، وكان كافياً ووافياً، فلماذا المنع من السؤال عن معانيه، ومراميه؟!
وكيف تكون السنة قاضية عليه؟!
وإن كانت السنة مقدمة على الكتاب، فلماذا يمنع من الحديث عن النبي "صلى الله عليه وآله"، ويعاقب من حدث عنه؟!.
وإذا كان كذلك، فما معنى اجتهاد الصحابة، واجتهاد غيرهم، وما هي وسائل الإجتهاد التي يمكنهم من خلالها كشف الواقع، والوصول إلى أحكام الله سبحانه ما دام أنه لا مجال للإستفادة من القرآن، ولا من السنة؟
ماذا جرى للقرآن؟!
ولا نبعد إذا قلنا: إنه ربما تكون السياسة التي كانت تقضي بالمنع
من السؤال عن معاني القرآن ومراميه قد تركت آثاراً عميقة في الناس عبر التاريخ، حيث أصبح الإهتمام بالقرآن يقتصر في الأغلب على الأمور الشكلية فيه، كتحسين الصوت إلى حد التغني به، والإهتمام بتعداد حروفه وآياته، ومعرفة الحروف أو الكلمات الموجودة في هذه السورة، والمفقودة في تلك، وإجراء مقارنات وإحصاءات كثيرة ومتنوعة في هذا الإتجاه، ثم جاء الإهتمام بالشكـل، والخـط، والورق، وكيفيـات الكتابـة، وبـالحركـات، والإشكـال، والنقوش، وما إلى ذلك.
وكأن القرآن لم ينزل إلا من أجل أن يترنم به المقرئون، ويردده المرددون بالنغمات الحسان، وبأبدع الألحان.. ويصبح تحفة من التحف، ومن الذخائر التي يتنافس أرباب المال، ورجال الأعمال على اقتنائها، ثم أصبح القرآن كتاب موت، لا كتاب حياة، يقرأ في الفواتح وعلى القبور، أو يعلق من أجل البركة على الجدران والصدور.
وبعد هذا، فلا ندري أي فائدة تبقى لما اشتمل عليه القرآن من أوامر وزواجر، وقوانين، وتشريعات، سياسية، واجتماعية، وفقهية، وغيرها؟!
وإذا كان الأمر كذلك، لم يعد كتاب هداية، كما لا يبقى معنى للتدبر فيه، فلا معنى إذن لقوله تعالى: ?هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ?([628])، وقوله: ?يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ?([629])، وقوله: ?أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا?؟!([630]).
وهل يبقى بعد هذا معنى لجعل النبي "صلى الله عليه وآله" القرآن أحد الثقلين اللذين لا يضل من تمسك بهما إلى يوم القيامة؟!
ولماذا يكلف الله الناس بحفظ وتلاوة هذا القرآن، بما له من حجم كبير، ما دام أن لا ربط له بحياتهم، ودينهم، ومعاشهم، ومعادهم؟!
وأخيراً..
لماذا يهتم العلماء والمفكرون بتفسير القرآن، وشرح ألفاظه، وبيان معانيه، وكشف مراميه؟! إلى غير ذلك من الأسئلة الكثيرة، التي لن تجد لدى هؤلاء الجواب المقنع والمفيد والسديد.
قبل الختام:
قد ذكرنا في هذا الفصل بعض الثوابت التي لا بد من الإلزام والالتزام بها في مجال البحث العلمي والموضوعي، إذا أريد الوصول إلى نتائج معقولة، ومقبولة، ومرضية للوجدان العلمي والإنساني.
وليكن ما ذكرناه، وسواه مما لم نذكره مما يقره العقلاء والمنصفون على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم، واتجاهاتهم، هو المنطلق لنا في تعاملنا مع كل ما يرتبط بقضايا الفكر، والعقيدة، والتراث، على كثرة ما فيه من تنوع واختلاف وشمولية.
وبذلك يكون موقفنا قائماً على أسس واقعية، وقويمة؛ فنرضي بذلك وجداننا، ونتقرب به إلى ربنا، ونؤكد به إنسانيتنا، بالإضافة إلى أننا نقدم به للأمة، وللأجيال، وللبشرية جمعاء، خدمات جُلَّى، وفوائد جساماً، ولا يضيع الله أجر من أحسن عملاً.
ونعود إلى التذكير، والتأكيد، على أن ما ذكرناه ليس هو كل شيء، فإن كل نص يحمل معه مفاتيح البحث فيه، ويشير إلى وسائل التعامل معه، وذلك بملاحظة ما فيه من عناصر، وما تتوفر فيه من خصوصيات، ربما لا تتوفر في نص آخر، بل ذاك يحمل معه عناصر أخرى ويحتاج إلى وسائل وأدوات من نوع آخر.
خاتمة المطاف:
وبعد.. فإننا نستطيع بملاحظة تلك الأسس مجتمعة أن نعرف مدى قيمة تلك النصوص الكثيرة، التي تحاول أن تظهر نبينا الأعظم "صلى الله عليه وآله" بذلك المظهر الصبياني، العاجز والجاهل، والمزري والمهين، وتعطى ـ على هذا الأساس ـ حجمها الطبيعي، وتجد مكانها الحقيقي، فيما بين النصوص المزيفة والمختلقة.
ولا تجد لها بعد هذا فرصة للتسلل ـ بطريقة أو بأخرى ـ إلى تاريخ وفقه، وعقائد المسلمين، بحيث تعطي انطباعاً خاطئاً، لا ينسجم مع روح الإسلام ومبادئه، ولا مع واقع المسلمين وتاريخ نبيهم الأكرم "صلى الله عليه وآله"، والأئمة الطاهرين، وسائر الشخصيات الإسلامية عبر التاريخ.
وحينئذ فقط نستطيع أن ندَّعي:
أن بإمكاننا أن نقدم للأمة التراث النقي الذي يكون ـ بحق ـ مصدر فخر واعتزاز وإعجاب المسلمين جميعاً، وللإنسان أينما وجد ولأي فئة انتمى، ولنستفيد ـ من ثم ـ الكثير الطيب الذي يساعد على اكتشاف عناصر الضعف والقوة في واقعنا الراهن، والخطأ والصواب في مواقفنا الحاضرة، من أجل البناء السليم والقوي للمستقبل المشرق الرغيد. إن شاء الله تعالى.
كلمة أخيرة:
وفي ختام هذا البحث لا يسعني إلا أن أتقدم بجزيل الشكر للذين يتحملون عناء قراءته، ويصبرون على ما يواجهونه من صعوبات فيه، سواء من الناحية الفنية، أو من حيث الإجمال في نصوصه، والاختصار فيها، الذي يصل أحياناً إلى درجة الإخلال بإعطاء الصورة الواضحة التي يراد تقديمها لهم، وعرضها عليهم.
كما أنني أتقدم لهم بعذري، إذا كانوا يرون أنني قد اقتصدت في إيراد النصوص والشواهد، ولم أتعمد استيعابها، ولا تكثيف مصادرها.
فإن المقصود من طرح هذا البحث هو مجرد تسجيل إثارات لموضوعات هامة وحساسة، قلما حظيت من الباحثين والمؤلفين بما تستحقه من بحث وتمحيص.
كما أنها لم تجد من يتوخى الصراحة والوضوح في عرضها وهي الحقائق الخطيرة التي توفرت الدواعي، ولا تزال، على إخفائها، وإبعادها عن الأضواء، بل وطمسها والتخلص منها بصورة أو بأخرى.
ثم إنني اعتذر للقارئ إذا وجد في هذا البحث بعضاً من الصراحة، التي قلما توجد في بحوث الآخرين التي تناولت هذا الموضوع بالذات، وآمل أن يتسع صدره لذلك، بل وينشرح ويبتهج له، ويكون لي من المشجعين، لا من المثبطين.
وفقنا الله لقول كلمة الحق واعتماد الصراحة والصدق. فإن أئمتنا الأطهار أول من علمنا ذلك.
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.
والحمد لله، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين.
لبنان ـ 25/2/ 1414 ه‍. ق.
جعفر مرتضى العاملي
1 ـ الفهرس الإجمالي
2 ـ الفهرس التفصيلي
1 ـ الفهرس الإجمالي
تقديم ........................................................... 5 ـ 14
القسم الأول: مدخل إلى دراسة السيرة
الباب الأول: تدوين التاريخ بين الدوافع والأهداف
الفصل الأول: صفات النبي ' ............................... 19ـ52
الفصل الثاني: سياسات تستهدف الجذور ...................... 53 ـ 86
الفصل الثالث: أين؟ وما هو البديل؟ ........................ 87 ـ 132
الفصل الرابع: القصاصون يثقفون الناس رسمياً ............ 133 ـ 154
الباب الثاني: تدوين التاريخ الآثار والنتائج
الفصل الأول: آثار ونتائج .................................. 157 ـ 200
الفصل الثاني: لا بد من إمام ................................ 201 ـ 216
الفصل الثالث: إجراءات وضوابط مشبوهة ................. 217 ـ 276
الفصل الرابع: الضوابط العلمية للمبنى العلمي ............. 277 ـ 308
الفهارس.................................................. 309 ـ 326
2 ـ الفهرس التفصيلي
TOC \o "1-1" \t "عنوان 2;1;عنوان 3;1"
تقديم الكتاب........................................................................ 5
تنبيه:................................................................................. 8
تقديم................................................................................. 9
بداية:...................................................................... 9
مهمة التاريخ:.......................................................... 10
ونحن هل نملك تاريخاً؟!............................................ 10
دراسة التاريخ:........................................................ 11
ماذا نريد؟!............................................................. 12
ميزات أساسية في تاريخ الإسلام المدوَّن:....................... 13
البداية الطبيعية لتاريخ الإسلام:.................................... 13
القسم الأول: مدخل إلى دراسة السيرة
الباب الأول : تدوين التاريخ بين الدوافع والأهداف
الفصل الأول: صفات النبي '
صفات النبي ':................................................................. 21
أترى هذا هو الرسول؟!:...................................................... 21
الخطة الخبيثة:................................................................... 26
سياسات ضد نبي الإسلام ':................................................ 27
ما أشبه الليلة بالبارحة:........................................................ 31
سنة النبي ' أم سنة غيره؟!:................................................. 32
بغض قريش لرسول الله ':.................................................. 33
الخليفة الأموي أفضل من رسول الله ':................................... 35
على خطى الحجاج:............................................................ 37
نظرة الأمويين إلى الحرم والكعبة:.......................................... 38
مقام إبراهيم ×:................................................................. 39
زمزم أم الخنافس:.............................................................. 40
بين الخليفة الأموي وإبراهيم الخليل:........................................ 40
الحج إلى صخرة بيت المقدس:............................................... 41
تحويل القبلة:..................................................................... 42
تأويلات سقيمة:................................................................. 44
كعبة المتوكل في سامراء:.................................................... 45
الحجاج والقرآن:................................................................ 45
خليفة أموي ينتقم من المصحف:............................................. 46
لا يجرؤ الناس على الصلاة:................................................. 47
ما هو إلا مُلْك!:................................................................. 47
التحالف على هدم الإسلام:.................................................... 48
غيض من فيض:................................................................ 48
الدوافع والأهداف:.............................................................. 49
الفصل الثاني: سياسات تستهدف الجذور
الأسوة والقدوة:.................................................................. 55
الحث على كتابة الحديث:..................................................... 56
الصحابة وغيرهم يكتبون الحديث:.......................................... 57
عمر وأبو بكر كتبا الحديث:.................................................. 59
علي × وولده وشيعته:......................................................... 60
ملاحظة هامة:................................................................... 62
في الاتجاه المضاد:............................................................. 63
المنع من الحديث في عهد الرسول ':...................................... 64
دوافع هذه السياسة:............................................................. 65
المنع عن الحديث بعد وفاة النبي ':......................................... 65
أهداف هذه السياسة:............................................................ 66
البادرة الأولى: حسبنا كتاب الله:................................... 66
البادرة الثانية:.......................................................... 67
ذروة هذه السياسة:.............................................................. 67
إحراق حديث رسول الله ':.................................................. 68
الصليبيون والتراث العلمي الإسلامي:...................................... 71
حجة عمر تصبح حديثاً نبوياً!! :............................................ 72
التقليد والمحاكاة:................................................................ 74
المنع من العمل بالسنة أيضاً:................................................. 75
حبس كبار الصحابة في المدينة:............................................. 77
الخلف عن السلف:.............................................................. 78
لا قرآن، ولا سنة:.............................................................. 79
قراءة القرآن أيضاً مرفوضة:................................................ 80
الدقة في التنفيذ:................................................................. 81
إلى متى؟!:....................................................................... 83
الفصل الثالث: أين؟.. وما هو البديل؟!
من الذي يفتي الناس؟!......................................................... 89
حصر الفتوى في نوعين من الناس:........................................ 90
أولاً: الأمراء:.......................................................... 91
ثانياً: المسموح لهم بالفتوى من غير الأمراء:................... 92
1 ـ عائشة:................................................... 93
منافسون لعائشة:.................................. 94
2 ـ زيد بن ثابت:........................................... 94
3 ـ عبد الرحمن بن عوف:................................ 95
4 ـ أبو موسى الأشعري:.................................. 95
5 ـ السماح لأبي هريرة بعد المنع:....................... 97
محاولة فاشلة لهم مع علي ×:................................................ 98
من له الفتوى بعد عهد الخلفاء الثلاثة:...................................... 98
حظر الرواية على ابن عمر، وابن عمرو:................................. 99
أسباب المنع:................................................................... 100
شواهد أخرى:................................................................. 101
لا بد من أساليب أخرى:..................................................... 103
تشجيع الشعر والشعراء:.................................................... 104
تعلم الأنساب:.................................................................. 105
أسرار الأعذار:................................................................ 107
البديل الأكثر نجاحاً والأمثل:............................................... 108
نظرة العرب إلى أهل الكتاب:.............................................. 109
الإسلام يرفض هيمنة أهل الكتاب:........................................ 110
مدارس "ماسكة":........................................................... 112
الإصرار إلى حد الاغضاب:............................................... 113
كل ذلك لم ينفع:............................................................... 114
عود على بدء:................................................................. 115
المرسوم العام:................................................................. 115
أصل الحديث:................................................................. 117
خطوة أخرى على الطريق:................................................. 117
إفتراض لا يجدي:............................................................ 118
شيوع الأخذ عن أهل الكتاب:............................................... 118
الإرجاعات الصريحة:...................................................... 120
زاملتا عبد الله بن عمرو بن العاص:...................................... 120
لماذا كثرة تلامذة كعب الأحبار؟!......................................... 121
أبو هريرة يروي عن كعب:................................................ 122
كعب الأحبار حكماً:.......................................................... 123
بردة كعب:........................................................... 124
رشوات كعب:....................................................... 125
ألف: كعب وخلافة علي × :........................... 125
ب: لقب الفاروق:.......................................... 126
ج: كعب يقرض أبا هريرة:............................ 127
د: محاولة رشوة ابن عباس:........................... 127
ه‍ : كعب يقرّض ابن عمرو بن العاص:............. 128
سحرة بني إسرائيل يركزون على التوراة:.............................. 128
تعظيم وتقديس التوراة:...................................................... 130
إصرار مسلمة أهل الكتاب على العمل بالتوراة:........................ 131
الفصل الرابع: القصاصون يثقفون الناس رسمي
القصص الحق:................................................................ 135
الطريقة الذكية:................................................................ 136
إعطاء الشرعية:.............................................................. 137
حتى النساء:.................................................................... 141
اهتمام الحكام بالقصاصين:................................................. 141
القصاصون في خدمة سياسيات الحكام:................................. 144
جرأة القصاصين وسيطرتهم:.............................................. 146
القصاصون على حقيقتهم:.................................................. 148
مع تفاصيل أخرى:........................................................... 150
موقف علي × من القصاصين:............................................ 151
السائرون على نهج علي ×:................................................ 152
الباب الثاني: تدوين التاريخ .. الآثار والنتائج
الفصل الأول: بين الدوافع والأهداف والآثار والنتائج ..
آثـار ونتائج:................................................................... 159
نصوص وشواهد:............................................................ 161
الهاشميون في زمن السجاد:................................................ 164
لا مبالغة ولا تهويل:......................................................... 164
فضائح لا تطاق:.............................................................. 165
ومما يضحك الثكلى:......................................................... 169
التركة الموروثة:.............................................................. 171
نظرية التطور عند أهل الحديث:.......................................... 173
الوضع والوضاعون:........................................................ 176
الحاجة أم الاختراع:.......................................................... 177
الفقه والفقهاء:................................................................. 178
يعترفون.. ثم يتهمون:....................................................... 179
التجني على العراقيين:....................................................... 180
السبب هو السياسة والانحراف عن علي ×:............................ 181
فشل المحاولات:.............................................................. 182
خلاصات لا بد من قراءتها:................................................ 183
لا معايير ولا ضوابط:....................................................... 183
إنفلات الزمام:................................................................. 184
أهل الكتاب يمارسون دورهم:.............................................. 184
إبعاد أهل البيت ^ عن الساحة:............................................ 184
الالتجاء المبكر إلى الرأي والقياس:....................................... 186
أصدق الحديث:............................................................... 188
الدوافع والأهداف:............................................................ 188
1 ـ للخليفة مقام الرسول:.......................................... 189
2 ـ إحراجات لا بد من الخروج منها:.......................... 191
3 ـ التأثر بأهل الكتاب:............................................ 196
بغضهم لعلي × سبب آخر:................................................. 199
الفصل الثاني: لا بد من إمام
ضرورة وجود الإمام:....................................................... 203
موقف الأئمة ^ من رواية الحديث وكتابته:............................. 204
موقف الأئمة ^ من الإسرائيليات ورواتها:............................. 206
الشيعة في مواجهة الفكر الإسرائيلي:..................................... 207
علي × يواجه القصاصين بالحقيقة:..................................... 209
علي × يضرب القصاصين ويطردهم:.................................. 211
موقف سائر الأئمة ^ من القصاصين:................................... 213
شرط الإجازة للقصاصين:.................................................. 215
إمتحان القصاصين:.......................................................... 216
الفصل الثالث: اجراءات وضوابط مشبوهة
معايير لحفظ الإنحراف:..................................................... 219
نماذج يسيرة:.................................................................. 220
1 ـ الصحابة كلهم عدول:......................................... 220
لفت نظر:.................................................. 222
2 ـ من هو الصحابي؟:............................................ 222
3 ـ صحابية المرتد:................................................ 223
4 ـ السكوت عما شجر بين الصحابة:.......................... 224
5 ـ من ينتقد الصحابة زنديق:.................................... 225
6 ـ لا يفسق الصحابي بما يفسق به غيره:..................... 226
7 ـ حتمية توبة الصحابي:........................................ 226
8 ـ ذنب البدري يقع مغفوراً:..................................... 227
9 ـ الصحابة مجتهدون:........................................... 227
10 ـ إجماع الأئمة المهتدين:..................................... 230
11 ـ رأي الصحابي حيث لا نص:............................. 231
12 ـ الاجتهاد في مقابل النص كرامة للصحابة:............. 232
13 ـ الصحابة يشرعون وفتاواهم سنة:....................... 232
لفت نظر:.................................................. 233
14 ـ سنة الشيخين والخلفاء سوى علي ×:.................... 233
15 ـ سنة كل إمام عادل:......................................... 236
16 ـ سنة وفتوى كل أمير:....................................... 236
17 ـ رأي الصحابي أقوى في رأي غيره:..................... 237
18 ـ قول الصحابي يعارض الحديث الصحيح:.............. 238
19 ـ عمل الصحابي يوجب ضعف الحديث:................. 239
20 ـ مراسيل الصحابة:........................................... 240
21 ـ تصويب الصحابة وغيرهم في اجتهاد الرأي:......... 241
22 ـ النبي ' يجتهد ويخطئ:.................................... 243
23 ـ سهو النبي ' ونسيانه:...................................... 244
24 ـ عصمة الأمة عن الخطأ:................................... 244
25 ـ الإجماع: نبوة بعد نبوة:.................................... 245
26 ـ ظن المعصوم لا يخطئ:................................... 246
27 ـ اجتهاد الفقهاء يقدم على النص:........................... 247
28 ـ القياس، والرأي، والاستحسان:........................... 248
29 ـ ما دل عليه القياس ينسب للنبي ':....................... 250
30 ـ لا اجتهاد بعد اليوم:.......................................... 250
من ترك التقليد خرج من الإسلام:..................... 252
تكريس المذاهب بالأموال:.............................. 253
التمهيد للتقليد:.............................................. 254
مع تبريرات وجدي:...................................... 255
لا اجتهاد عند الفريسيين في اليهود:................... 256
31 ـ التقديس الأعمى حتى للحديث المكذوب:................ 256
32 ـ أصح الكتب بعد القرآن:.................................... 257
33 ـ هذا الإجماع ظن لا يخطئ:................................ 258
رواية الصحاح عن الخوارج والمبتدعة:............ 259
الرواية عن الرافضة والشيعة:......................... 260
التناقض في المواقف:................................... 261
ألف: الخوارج:.................................. 261
ب: أهل البدع:................................... 262
ج: الشيعة والرافضة:.......................... 262
العلاج المتطور:.......................................... 264
34 ـ ردّ روايات الشيعة في المطاعن والفضائل:............. PAGEREF _Toc98576004 \h 264
35 ـ الرافضة لا إسناد لهم:....................................... PAGEREF _Toc98576005 \h 264
36 ـ رواية ما لا يضر:............................................ PAGEREF _Toc98576006 \h 266
37 ـ حديث الداعية إلى البدعة يرد:............................. PAGEREF _Toc98576007 \h 266
38 ـ حجم البدعة:................................................... PAGEREF _Toc98576008 \h 267
39 ـ من روى له الشيخان، جاز القنطرة:...................... PAGEREF _Toc98576009 \h 267
40 ـ الخوارج صادقون:........................................... PAGEREF _Toc98576010 \h 268
41 ـ الاعتزال، والعداء لأهل الحديث:.......................... PAGEREF _Toc98576011 \h 270
42 ـ خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء:.................... PAGEREF _Toc98576012 \h 271
43 ـ أبو هريرة راوية الإسلام:................................... PAGEREF _Toc98576013 \h 271
44 ـ لا يعرض الحديث على القرآن:............................ PAGEREF _Toc98576014 \h 273
45 ـ موافقة أهل الكتاب:.......................................... PAGEREF _Toc98576015 \h 274
حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج:...................... PAGEREF _Toc98576016 \h 274
الحسن والقبح شرعيان لا عقليان:....................... PAGEREF _Toc98576017 \h 275
48 ـ صوافي الأمراء:.............................................. PAGEREF _Toc98576018 \h 276
49 ـ الفتوى لأشخاص بأعيانهم:................................. PAGEREF _Toc98576019 \h 276
50 ـ المنع من الحديث، من روايته، ومن كتابته:............. PAGEREF _Toc98576020 \h 276
51 ـ المنع من السؤال عن معاني القرآن:...................... PAGEREF _Toc98576021 \h 276
الفصل الرابع: الضوابط الصحيحة للبحث العلمي
لا بد من معايير وضوابط:.................................................. PAGEREF _Toc98576024 \h 279
أدوات البحث الموضوعي والعلمي:...................................... PAGEREF _Toc98576025 \h 279
مما سبق:....................................................................... PAGEREF _Toc98576026 \h 281
1 ـ دراسة حال الناقلين:............................................ PAGEREF _Toc98576027 \h 284
2 ـ التزام النهج البياني الصحيح:................................. PAGEREF _Toc98576028 \h 285
3 ـ الانسجام مع الأطروحة والنهج:............................. PAGEREF _Toc98576029 \h 286
4 ـ الشخصية في خصائصها ومميزاتها:....................... PAGEREF _Toc98576030 \h 286
5 ـ عدم التناقض بين النصوص:................................. PAGEREF _Toc98576031 \h 287
6 ـ أن لا يخالف الواقع المحسوس:.............................. PAGEREF _Toc98576032 \h 287
7 ـ أن لا يخالف البديهيات:........................................ PAGEREF _Toc98576033 \h 288
8 ـ أن لا يخالف الحقائق الثابتة:.................................. PAGEREF _Toc98576034 \h 289
9 ـ الإمكانية التاريخية:............................................. PAGEREF _Toc98576035 \h 289
10 ـ موافقة الأحكام العقلية والفطرية:.......................... PAGEREF _Toc98576036 \h 290
11 ـ الانسجام مع الأجواء والمناخات:.......................... PAGEREF _Toc98576037 \h 290
12 ـ المعيار الأعظم والأقوم:..................................... PAGEREF _Toc98576038 \h 291
هل السنة قاضية على الكتاب؟!:.......................................... PAGEREF _Toc98576039 \h 294
الأدلة الواهية:................................................................. PAGEREF _Toc98576040 \h 295
المناقشة:............................................................... PAGEREF _Toc98576041 \h 296
دليل آخر على عدم العرض على القرآن!!:............................. PAGEREF _Toc98576042 \h 299
ماذا جرى للقرآن؟!........................................................... PAGEREF _Toc98576043 \h 302
قبل الختام:..................................................................... PAGEREF _Toc98576044 \h 303
خاتمة المطاف:............................................................... PAGEREF _Toc98576045 \h 304
كلمة أخيرة:................................................................... PAGEREF _Toc98576046 \h 307
الفهارس:
1 ـ الفهرس الإجمالي............................................... PAGEREF _Toc98576050 \h 311
2 ـ الفهرس التفصيلي............................................... PAGEREF _Toc98576051 \h 313
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) هذا التقديم عبارة عن ملامح من تقديم كتابنا: >الحياة السياسية للإمام الرضا عليه السلام"، ونوردها هنا لصلتها المباشرة بموضوع بحثنا هذا، وحتى لا نضطر إلى إحالة القارئ على ذلك الكتاب.
([2]) الآية 21 من سورة الأحزاب.
([3]) الآية 4 من سورة القلم. يحتمل بعض العلماء أن يكون المراد بالخلق: الدين، أو العادة والسنة العظيمة، ولكنه خلاف المتبادر من هذه العبارةوصرف المعنى إليه يحتاج إلى قرينة كما هو معلوم.
([4]) راجع: صحيح البخاري ج1 ص111 وج 2 ص100 و172، وراجع: مسند أحمد ج6 ص56 و57 و83 و85 و166 و186 و242 و247 و270 وراجع: سنن النسائي ج3 ص197 و195 وصحيح مسلم ج3 ص21 و22 وراجع: تاريخ عمر بن الخطاب ص35 وإحياء علوم الدين ج2 ص44 وراجع هوامشه، والتراتيب الإدارية ج2 ص121 و122 والرياض النضرة ج2 ص300 والفتوحات الإسلامية لدحلان: ج2 ص463.
([5]) راجع: صفة الصفوة ج1 ص176 و177 وسنن أبي داود ج3 ص29 و30 والمغازي للواقدي ج2 ص427 وسنن ابن ماجة ج1 ص636 وإحياء علوم الدين ج2 ص44 ومسند أحمد ج6 ص264 و182 و39 و129 و261 و280، والسيرة الحلبية ج2 ص290 وعيون الأخبار لابن قتيبة ج1 ص315 وحياة الصحابة ج2 ص634 والتراتيب الإدارية ج2 ص146 عن المواهب وتلبيس إبليس، وأحمد والنسائي.
([6]) الجامع لأحكام القرآن ج14 ص190 وتاريخ الخميس ج1 ص501 وتفسير البرهان ج3 ص325 و326، ومجمع البيان ج8 ص359 والإسرائيليات وأثرها في كتب التفسير ص396 وتفسير القمي ج2 ص172 ـ 173 والسيرة الحلبية ج2 ص214 وتفسير غرائب القرآن (مطبوع بهامش جامع البيان) ج21 ص12 و13 والدر المنثور ج4 ص202 وفتح القدير ج4 ص284 و286 والكشاف ج3 ص540 و541 والطبقات لابن سعد ط صادر ج8 ص101 ومجمع الزوائد ج9 ص247 ولباب التأويل للخازن ج3 ص468 ومدارك التنزيل (مطبوع بهامش الخازن) ج3 ص468 والتبيان ج3 ص312 ونور الثقلين ج4 ص280 و281 ـ 282 وجامع البيان ج21 ص10 ـ 11.
([7]) ستأتي مصادر ذلك في غزوة بدر، فصل الغنائم والأسرى، حين الحديث حول موضوع: لو نزل العذاب ما نجا إلا ابن الخطاب.
([8]) السباطو: المزبلة.
([9]) راجع: المصنف ج1 ص193 وصحيح البخاري ج1 ص34 و35 وسنن ابن ماجة ج1 ص111 و112 وسنن الدارمي ج1 ص171 ومسند أحمد ج4 ص246 وج 5 ص402 و382 و394 والمعجم الصغير ج1 ص229 وج 2 ص266.
([10]) كشف الأستار عن مسند البزار ج3 ص146 وراجع: مشكل الآثار ج1 ص30 و3 والمواهب اللدنية ج1 ص202 والمعجم الصغير ج1 ص71 ومجمع الزوائد ج8 ص269 و225 وراجع: الهدى إلى دين المصطفى ج1 ص169 وحياة الصحابة ج2 ص712 عن مسلم.
([11]) اللآلئ المصنوعة ج1 ص360.
([12]) (الفضيخ: عصير العنب وكذلك هو شراب يتخذ من التمر من غير أن تمسه النار) راجـع: مسند أبي يعلى ج4 ص418 ونقله في هامشه عن مصادر كثيرة ومسند أحمد ج2 ص106 والتراتيب الإدارية ج1 ص102 عن مسلم ووفاء الوفاء ج3 ص822 عـن أحمـد وأبي يعـلى وراجـع: صحيـح مسـلم ج6 ص105 وسنن = = النسائي ج8 ص333 وسنن ابن ماجة ج2 ص1126 وسنن أبي داود ج2 ص213 والمصنف للصنعاني ج9 ص226 وتيسير الوصول ج1 ص275، ومجمع الزوائد ج5 ص64 و66 و67 والطبقات الكبرى لابن سعد ج4 ص44 والبداية والنهاية ج5 ص331.
([13]) صحيح البخاري ج3 ص71 ومسند الإمام أحمد ج1 ص326 وسنن ابن ماجة ج2 ص1335 وتأويل مختلف الحديث ص97 وصحيح مسلم ج7 ص98 والهدى إلى دين المصطفى ج1 ص79 وج 2 ص91.
([14]) كشف الأستار عن مسند البزار ج1 ص485 و484 ومجمع الزوائد ج3 ص176 و175 وج 7 ص348.
([15]) الدر المنثور ج5 ص150 عن ابن أبي شيبة، وأحمد، وابن قانع، وراجع: مناهـل العرفان ج1 ص360 عن البخاري، ومسلم. وراجع: حول نسيانه "صلى الله عليه وآله" بعض الآيات في كنز العمال ج1 ص538.
([16]) المعجم الصغير ج2 ص16. وراجع: ج1 ص130 حول نسيانه بعض الأسماء.
([17]) كشف الغمة للإربلي ج2 ص352 عن دلائل الحميري، والكافي ج8 ص395 وتيسير المطالب في أمالي الإمام أبي طالب ص108 وقاموس الرجال ج4 ص270.
([18]) راجع: بحوث مع أهل السنة والسلفية ص101 وتهذيب التهذيب ج3 ص96 ودلائل الصدق ج1 ص29. وللعلامة المظفر تعليق هنا لا بأس بمراجعته.
([19]) الاستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ج3 ص193 والإصابة ج3 ص195 عن البخاري في تاريخه.
([20]) الموفقيات ص577 وشرح النهج للمعتزلي ج5 ص129 و130 ومروج الذهب ج3 ص454 وكشف الغمة للإربلي ج2 ص44 وكشف اليقين في فضائل أمير المؤمنين ص474 وقاموس الرجال ج9 ص20 وبهج الصباغة ج3 ص193.
([21]) مروج الذهب ج3 ص454 و455.
([22]) راجع: قاموس الرجال ج9 ص84 ـ 90 لتقف على بعض حالات المغيرة.
([23]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج10 ص101.
([24]) راجع: الغدير ج6 ص309 عن عمدة القاري ج7 ص143.
([25]) مسند أحمد بن حنبل ج4 ص421.
([26]) مسند أحمد ج5 ص422 ومستدرك الحاكم ج4 ص515 وتلخيصه للذهبي مطبوع بهامشه، وصححاه. ومجمع الزوائد ج4 ص2 ووفاء الوفاء ج4 ص1359 وشفاء السقام ص126 والمنتقى لابن تيمية ج2 ص261 ـ 263.
([27]) موطأ مالك ج2 ص135 ـ 136 (المطبوع مع تنوير الحوالك) وسنن البيهقي ج5 ص280 وراجع ص278 و277. وراجع: المصادر التالية: شرح النهج للمعتزلي ج5 ص130 وسنن النسائي ج1 ص279 و277 واختلاف الحديث للشافعي (مطبوع بهامش الأمم) ج7 ص23 ومسند أحمد ج5 ص319 وصحيح مسلم ج5 ص43 والجامع لأحكام القرآن ج3 ص350.
([28]) المحلى ج4 ص270 وراجع: ذيل سنن البيهقي لابن التركماني ج3 ص144.
([29]) مجموعة الرسائل المنيرية ص32.
([30]) ابن حنبل لأبي زهرة ص251 ـ 255 وكتاب مالك لأبي زهرة أيضاً ص290.
([31]) ابن حنبل لأبي زهرة ص254 ـ 255 عن إرشاد الفحول للشوكاني ص214.
([32]) راجع: الحياة السياسية للإمام الحسن "عليه السلام" ص86 ـ 90.
([33]) راجع على سبيل المثال: الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان (ط مؤسسة الرسالة) ج1 ص444 ومسند أحمد ج4 ص16 والمعجم الكبير للطبراني ج5 ص50 ـ 52 وكشف الأستار عن مسند البزار ج4 ص206 ومجمع الزوائد ج10 ص408 عن أحمد عن ابن ماجة بعضه، وكنز العمال ج10 ص305 عن الدارمي، وابن خزيمة، وابن حبان، ومسند الطيالسي ص182 وحياة الصحابة ج3 ص9 عن أحمد.
([34]) رسائل الجاحظ ج2 ص16.
([35]) آثار الجاحظ ص205.
([36]) راجع: النصائح الكافية ص81 عن الجاحظ، والكامل في الأدب ج1 ص222 = = ط النهضة بمصر، وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص242 والبداية والنهاية ج9 ص131 وسنن أبي داود ج4 ص209 والعقد الفريد ج5 ص51 والاشتقاق ص188 ووفيات الأعيان ج2 ص7 والإلمام ج4 ص313 ـ 314 وفيه أن ذلك هو سبب خروجهم مع ابن الأشعث، وراجع تهذيب تاريخ دمشق ج4 ص72 وبهج الصباغة ج5 ص291 و319 و338 عن العقد الفريد، وعن كتاب افتراق بني هاشم وعبد شمس للجاحظ.
([37]) العقد الفريد ج2 ص354 وج 5 ص51 وراجع ص52 وراجع: البداية والنهاية ج19 ص131 وتهذيب تاريخ دمشق ج4 ص72 وبهج الصباغة ج5 ص317.
([38]) الأغاني ج19 ص60.
([39]) الأغاني ج19 ص60 وراجع: تهذيب تاريخ دمشق ج5 ص82.
([40]) الأخبار الطوال ص346.
([41]) تهذيب تاريخ دمشق ج4 ص72.
([42]) العقد الفريد ج5 ص25.
([43]) تهذيب تاريخ دمشق ج4 ص73، وراجع: الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ج1 ص115.
([44]) لسان الميزان ج6 ص89.
([45]) كشف الارتياب ص139 عن خلاصة الكلام ص230 والطارش هو: الرسول في الحاجة.
([46]) الأغاني ج19 ص20 وراجع: تهذيب تاريخ دمشق ج5 ص82.
([47]) الأغاني ج19 ص59.
([48]) عقلاء المجانين ص178 والفتوح لابن أعثم ج2 ص486.
([49]) بهج الصباغة ج5 ص340 عن الطبري والأغاني.
([50]) آثار الجاحظ ص205.
([51]) رسائل الجاحظ ج2 ص16.
([52]) المصنف للصنعاني ج5 ص49 وربيع الأبرار ج1 ص843 وطبقات ابن سعد ج5 ص84.
([53]) تهذيب تاريخ دمشق ج5 ص82.
([54]) الأغاني ج19 ص59.
([55]) الأغاني ج19 ص60.
([56]) البداية والنهاية ج8 ص280 و281 وراجع: الأنس الجليل ج1 ص272 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص161 ومآثر الأنافة ج1 ص129 وحياة الحيوان الكبرى ج1 ص66 والسنة قبل التدوين ص502 ـ 506.
([57]) التوحيد وإثبات صفات الرب ص108.
([58]) الأباضية، عقيدة ومذهبا ص98.
([59]) أحسن التقاسيم ص159.
([60]) رسائل الجاحظ ج2 ص16.
([61]) آثار الجاحظ ص205.
([62]) نشوار المحاضرات ج6 ص36 وتاريخ بغداد ج7 ص16.
([63]) راجع: الكشكول للبهائي ط مصر ص98 وتاريخ الخميس ج1 ص367 والسيرة الحلبية ج2 ص130.
([64]) راجع: وسائل الشيعة كتاب الصلاة، أبواب القبلة.
([65]) راجع: أحسن التقاسيم ص122 ـ 123 ولكن يحتمل أن يكون المقصود هو المعتصم العباسي، فإن في عبارة المقدسي بعضاً من الإبهام. وسواء كان المتوكل هو الذي فعل ذلك أو المعتصم، فإن النتيجة واحدة.
([66]) البداية والنهاية ج9 ص128 عن أبي داود وابن أبي خيثمة ومستدرك الحاكم ج3 ص656 وتلخيص المستدرك للذهبي (مطبوع بهامشه) نفس الجلد والصفحة وتهذيب تاريخ دمشق ج4 ص72 والغدير ج10 ص51 عنهما ، وراجع: بهج الصباغة ج5 ص317.
([67]) الآيتان 15 و16 من سورة إبراهيم.
([68]) راجع: بهج الصباغة ج5 ص339 وج3 ص193 والحور العين ص190 ومروج الذهب ج3 ص226، والأغاني ط دار إحياء التراث ج7 ص49.
([69]) صحيح مسلم ج1 ص91 وصحيح البخاري ج2 ص116.
([70]) تاريخ المدينة لابن شبة، المجلد الأول ص596.
([71]) ربيع الأبرار ج1 ص708 ـ 709.
([72]) راجع: شرح النهج للمعتزلي ج20 ص299.
([73]) تاريخ الأمم والملوك ج6 ص337 وبهج الصباغة ج3 ص194.
([74]) الحور العين ص190 ومروج الذهب ج3 ص216 وبهج الصباغة ج5 ص339 وج 3 ص194 والبيت الثاني مقتبس من بيت قاله أبو بكر بن أبي قحافة، وستأتي الإشارة إليه إن شاء الله في فصل ما بين بدر وأحد.
([75]) هناك كلمة يقبح التصريح بها، وهي اسم ذكر الرجل.
([76]) الحور العين ص190 ـ 191 والأغاني ط دار إحياء التراث ج7 ص46.
([77]) الآية 21 من سورة الأحزاب.
([78]) الآية 7 من سورة الحشر.
([79]) راجع الزهد والرقائق (قسم ما رواه نعم بن حماد) ص23 والكفاية في علم الرواية ص12.
([80]) راجع على سبيل المثال لا الحصر ما يلي: جامع بيان العلم ج1 ص76 و34 و85 و84 و72 وج 2 ص34 وكشف الأستار ج1 ص109 وتيسير المطالب في أمالي الإمام أبي طالب ص44 والغدير ج8 ص154 وتحفة الأحوذي (المقدمة) ج1 ص34 و35 ومروج الذهب ج2 ص294 والبحار ج2 ص144 و152 و47 وج 71 ص139 و130 والبداية والنهاية ج1 ص6 وج 5 ص194 وتقييد العلم ص65 ـ 70 و72 و85 و86 و88 و89 وميزان الاعتدال ج1 ص653 ولسان الميزان ج2 ص298 وج 4 ص21 وج 1 ص172 ـ 173 ووفاء الوفاء ج2 ص487 ومسند أحمد ج1 ص100 و238 وج 2 ص248 ـ 249 و403 و162 و192 و215 وج 4 ص334 وج 5 ص183 والمعجم الصغير ج1 ص162 = = و114 والاستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ج4 ص106 وفتح الباري ج1 ص184 و182 و199 و203 و246 و247 والعقد الفريد ج2 ص219 والبيان والتبيين ج2 ص38 وسنن الدارمي ج1 ص125 ـ 127 وذكر أخبار أصبهان ج2 ص228 وحسن التنبيه ص194 ومجمع الزوائد ج1 ص151 و152 و139 والمنار ج1 ص763 والتراتيب الإدارية ج2 ص244 ـ 249 و250 و199 و225 و223 و227 و316 و317 والثقات ج1 ص10 وتدريب الراوي ج2 ص66 والأدب المفرد ص129 والمصنف للصنعاني ج11 ص254 وتذكرة الحفاظ ج1 ص42 وتأويل مختلف الحديث ص93 وأدب الإملاء والاستملاء ص5 والمعارف ص200 وكنز العمال ج10 ص157 ومن ص75 حتى ص195 وج 4 ص100 والإسرائيليات وأثرها في كتب التفسير ص145 وشرح معاني الآثار ج4 ص318 ـ 320 والضعفاء الكبير للعقيلي ج3 ص83 وتهذيب تاريخ دمشق ج7 ص377 وحياة الصحابة ج3 ص268 و273 و442 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص37 وعن البخاري ج1 ص148 والباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث ص132 و133 وعلوم الحديث لأبي الصلاح ص161 وشرف أصحاب الحديث ص35 و14 ـ 23 و31 و80 وبحوث في تاريخ السنة المشرفة ص219 و220 وصحيح البخاري ج1 ص15 و18 و20 و21 ط سنة 1309.
([81]) إن كل ما تقدم يمكن مراجعته في عدد من المصادر التي ذكرناها في الهامش المتقدم، ونزيد على ذلك ما يلي: بحوث في تاريخ السنة المشرفة ص222 ـ 229 عن مصادر كثيرة مورداً فهرساً للصحف والكتب للصحابة والتابعين، وراجع: الجامع الصحيح للترمذي، كتاب الأحكام باب اليمين مع الشاهد وعلوم الحديث ومصطلحه ص22 و23 وجامع العلم ج1 ص84 و75 وج 2 ص34 وتذكرة الحفاظ ج1 ص23 و42 و123 والمحجة البيضاء ج5 ص302 والمصنف للصنعاني ج11 ص183 و425 و259 وج 8 ص41 والتراتيب الإدارية ج2 ص246 و247 و319 و258 و259 و254 و256 و260 ـ 262 و277 و312 وأدب الإملاء والاستملاء ص12 ـ 18 وإحياء علوم الدين ج3 ص171 والعلل ومعرفة الرجال ج1 ص104 ومجمع الزوائد ج1 ص151 و152 والسنن الكبرى ج10 ص324 وج 4 ص85 ـ 0 9 ومشكل الآثار ج1 ص40 و41 والغدير ج8 ص156 والبحار ج12 ص152 وسنن الدارمي ج1 ص128 و127 و124 والمعرفة والتاريخ ج2 ص279 و142 و143 و661 وربيع الأبرار ج3 ص236 وتأويل مختلف الحديث ص286 وسير أعلام النبلاء ج2 ص599 والسيرة النبوية لدحلان (مطبوع بهامش الحلبية) ج3 ص179 ولسان الميزان ج6 ص22 والكفاية في علم الرواية ص82 وعلوم الحديث ص13 و14 و25 ـ 22 وتقييد العلم ص96 و60 ـ 63 و90 و92 و136 و39 و72 ـ 89 و91 و93 ـ 115 وشرف أصحاب الحديث ص97 وتهذيب التهذيب ج4 ص236 وج 7 ص180 ومستدرك الحاكم ج1 ص390 ـ 398 والطبقات الكبرى ج5 ص371 و367 و179 وج 2 ص371 وج 6 ص220 ط صادر. وفي ط ليدن ج4 قسم 2 ص8 و9 وج 7 ص14 وط مؤسسة دار التحرير للطباعة والنشر ج6 ص179 و174 والأسماء والصفات ص30 = = وأضواء على السنة المحمدية ص50 وصحيح البخاري ط سنة 1309 ه‍. ج4 ص124 و121 وج1 ص21 والزهد والرقائق ص351 و549 وفيه في جزء نعيم بن حماد ص117 وشرح معاني الآثار ج4 ص318 ـ 320 وتهذيب تاريخ دمشق ج7 ص178 وج5 ص451 و452 وكنز العمال ج10 ص145 و178 و189 والضعفاء الكبير ج3 ص83 و314 ومختصر تاريخ دمشق ج17 ص10 وعلوم الحديث لابن الصلاح ص161 واختصار علوم الحـديث (الباعـث الحثيث) ص132 و133 وعن المصنف لابن أبي شيبة ج2 ص390 وعن تاريخ المذاهب الفقهية ص24 وعن السير الحثيث ص9.
([82]) راجع: الرحلة في طلب الحديث ص110 وما بعدها إلى آخر الكتاب وبحوث في تاريخ السنة المشرفة ص208 ـ 210 عن العديد من المصادر وحياة الصحابة ج3 ص223 حتى ص226 عن العديد من المصادر.
([83]) راجع: تذكرة الحفاظ ج1 ص5 وكنز العمال ج10 ص174 عن مسند الصديق لعماد الدين ابن كثير، عن الحاكم. وراجع: النص والاجتهاد ص151 ومكاتيب الرسول ج1 ص61 الطبعة الأولى وبحوث في تاريخ السنة المشرفة ص221.
([84]) راجع: حلية الأولياء ج1 ص331 وحياة الصحابة ج2 ص710.
([85]) مسند أحمد ج1 ص16.
([86]) (السوائم: المواشي والإبل الراعية) الكفاية في علم الرواية ص354.
([87]) راجع مكاتيب الرسول.
([88]) أنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج2 ص98 وترجمة الإمام علي "عليه السلام"، لابن عساكر (بتحقيق المحمودي أيضا) ج2 ص456.
([89]) لقد ذكر العلامة الأحمدي في كتابه مكاتيب الرسول ج2 ص71 ـ 89 طائفة من المصادر لذلك لكنه قد أضاف عشرات النصوص والمصادر الأخرى، التي سوف يجدها القارئ في الطبعة الثانية لكتابه المذكور. ويمكن مراجعة: الوسائل، كتاب القضاء، وكتاب الحدود، والكافي ج7 ص77 و94 و98 وج 2 ص66 وكنز العمال ج1 ص337 ورجال النجاشي ص255 وأدب الإملاء والاستملاء ص12 وحياة الصحابة ج3 ص521 ـ 522 ومسند أحمد ج1 ص116 والغدير ج8 ص168 والمراجعات ط الأعلمي ص305 و306 وربيع الأبرار ج3 ص294 والبحار ج72 ص274 وراجع: صحيح البخاري ط سنة 1309 ه‍. ج1 ص20 ـ 21 والبداية والنهاية ج5 ص251 وراجع: طبقات ابن سعد ج5 ص77 وعلوم الحديث لابن الصلاح ص161 والباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث (متنا وهامشاً) ص132 وتقييد العلم ص88 و89 والرحلة في طلب الحديث ص130.
([90]) راجع: بحار الأنوار ج2 ص152 و153 و50 وسنن الدارمي ج1 ص130 وعلل الحديث ج2 ص438 وتقييد العلم ص89 ـ 91 و104 والتراتيب الإدارية ج2 ص222 و223 و246 و247 و257 و259 وربيع الأبرار ج3 ص326 و294 وجامع بيان العلم ج1 ص99 وترجمة الإمام الحسن "عليه السلام" من تاريخ دمشق (بتحقيق المحمودي) ص67 وروضات الجنات ج8 ص169 ومعادن الجواهر ج1 ص3 وطبقات ابن سعد ج6 ص116 وتاريخ بغداد ج8 ص357 ونور الأبصار ص122 والعلل ومعرفة الرجال ج1 ص412 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص227 وشرف أصحاب الحديث ص69 و80 و94.
([91]) الأذكياء ص101.
([92]) تقييد العلم ص89.
([93]) تقييد العلم ص90.
([94]) راجع عل سبيل المثال لا الحصر: رجال النجاشي ص3 و4 والطبقات الكبرى ج6 ص220 وج 5 ص77 وج 2 قسم 2 ص123 وج 7 قسم 1 ص14 وتأسيس الشيعة لعلوم الإسلام ص280، والمراجعات ط الأعلمي ص306 وراجع: الضعفاء الكبير للعقيلي ج2 ص29 و96 و224 وأحوال الرجال ص116 و192 وشرح النهج للمعتزلي ج12 ص78 وتهذيب تاريخ دمشق ج1 ص234 والتراتيب الإدارية ج2 ص259 و324 ـ 325 والإصابة ج1 ص213 والغدير ج9 ص130 وراجع: شرف أصحاب الحديث ص95.
([95]) راجع: أضواء على السنة المحمدية ص224 و225.
([96]) راجع: تيسير المطالب في أمالي الإمام أبي طالب ص44، وتقييد العلم ص80 وانظر ص74 و77 و78 و79 و82 وتحفة الأحوذي ج1 ص35 (من المقدمة) وسنن الدارمي ج1 ص125 وسنن أبي داود ج3 ص318 ومسند أحمد بن حنبل ج2 ص162و192، ونقله في هامش تقييد العلم ص81 عن المصادر التالية: المحدث الفاضل ج4 ص2 وعن الإلماع ص26 وعن جامع بيان العلم ج1 ص71 وعن معالم سنن أبي داود ج4 ص184 وتيسير الوصول ج3 ص176 وحسن التنبيه ص93 وراجع: المستدرك ج1 ص104و105 وبحوث في تاريخ السنة المشرفة ص218.
([97]) راجع: صحيح البخاري ج4 ص5 و173 وج 1 ص22 وصحيح مسلم ج5 ص76 ومسند أحمد ج6 ص47 و106 و116 وج 1 ص90 و22 و29 و32 و336 و335 وج 3 ص346 وتهذيب تاريخ دمشق ج6 ص451 والمصنف لعبد الرزاق الصنعاني ج5 ص438 و439 وراجع المصادر التي في كتابنا: صراع الحرية في عصر المفيد الطبعة الأولى ص80.
([98]) راجع: البرهان في علوم القرآن للزركشي ج1 ص480 وغريب الحديث لابن سلام ج4 ص49 وحياة الشعر في الكوفة ص253 والغدير ج6 ص294 و263 والأم ج7 ص308 وفيه قال قرظة لا أحدِّث حديثاً عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" أبداً وراجع: سنن الدارمي ج1 ص85 وسنن ابن ماجة ج1 ص16 ومستدرك الحاكم ج1 ص102 وجامع بيان العلم ج2 ص120 وتذكرة الحفاظ ج1 ص3 وشرح النهج للمعتزلي ج3 ص120 وكنز العمال ج2 ص83 والحياة = = السياسية للإمام الحسن "عليه السلام" ص78 و79 وشرف أصحاب الحديث ص90 و91 و88 وحياة الصحابة ج3 ص257 و258 وطبقات ابن سعد ج6 ص7.
([99]) الحياة السياسية للإمام الحسن "عليه السلام" للمؤلف. وراجع: أضواء على السنة المحمدية وشيخ المضيرة، والسنة قبل التدوين، وأبو هريرة للسيد عبد الحسين شرف الدين رحمه الله، وراجع: بحوث مع أهل السنة والسلفية، وأي كتاب يبحث حول أبي هريرة أو يترجم له.
وراجع أيضاً: الكنى والألقاب ج1 ص180 وقواعد في علوم الحديث ص454 وشرف أصحاب الحديث ص92 و93 و123 وبحوث في تاريخ السنة المشرفة ص88 والمجروحون ج1 ص12 وحديث طلب البينة من المغيرة أو أبي موسى الأشعري موجود في كتاب الاستئذان في مختلف كتب الحديث تقريباً فلا حاجة إلى تعداد مصادره.
([100]) المشناة: روايات شفوية، دونها اليهود، ثم شرحها علماؤهم. فسمي الشرح جمارا، ثم جمعوا بين الكتابين، فسمي مجموع الكتابين: "الأصل والشرح"، وهما: المشناة وجمارا ب‍ـ "التلمود".
([101]) راجع ما تقدم، كلا أو بعضاً في المصادر التالية: سير أعلام النبلاء ج2 ص601 و602 ومختصر جامع بيان العلم ص33 وجامع بيان العلم ج1 ص77، وتقييد العلم للخطيب ص49 ـ 53 وإحراقه للحديث ص52 وكتابته إلى الأمصار في ص53 والطبقات الكبرى ط صادر ج5 ص188 وج 6 ص7 وج 3 ص287 وتدريب الراوي ج2 ص67 عن البيهقي وتذكرة الحفاظ ج1 ص2 و7 و8، وغريـب الحـديـث ج4 ص49 لابن سـلام. والبدايـة والنهايـة ج8 ص107 = = والغدير ج6 ص295 وغير ذلك من صفحات هذا الجزء وتاريخ الخلفاء ص138 ومستدرك الحاكم ج1 ص102 وتلخيص المستدرك للذهبي (مطبوع بهامشه) نفس الجزء والصفحة، وسنن الدارمي ج1 ص85 والمصنف للصنعاني ج11 ص257 ـ 258 وحياة الصحابة ج3 ص257 و258 والضعفاء الكبير ج1 ص9 و10 وراجع: كنز العمال ج10 ص183 و179 و180 عن ابن عبد البر، وأبي خيثمة، وابن عساكر، وابن سعد. وسنن ابن ماجة ج1 ص12 والحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري ج2 ص369 عن البخاري في كتاب البيوع وراجع: فقه السيرة للغزالي ص40 و41 عن البخاري ومسلم، وعن أبي داود، والاستيعاب. والتراتيب الإدارية ج2 ص248 وأضواء على السنة المحمدية و>الحياة السياسية للإمام الحسن عليه السلام< ص78 و79 عن مصادر كثيرة. وحيث إن مصادر ذلك كثيرة جدا فإننا نكتفي بما ذكرناه وراجع أيضاً جميع المصادر التي تقدمت وستأتي في هذا الفصل، فإن فيها ما يدل على ذلك بطريقة أو بأخرى.
([102]) راجع: تقييد العلم ص51 وتاريخ عمر بن الخطاب ص145 وكنز العمال ج1 ص332 و333 و336 عن العديد من المصادر والمصنف للصنعاني ج6 ص114.
([103]) راجع: كنز العمال ج1 ص335.
([104]) تاريخ الحكماء ص354 ـ 356 وتاريخ التمدن الإسلامي المجلد الثاني ص46 و48 و49 عن تاريخ مختصر الدول ط اكسفورد ط سنة 1663 لكن حذف ذلك من الطبعة الكاثوليكية في بيروت سنة 1958 م مع تصريحهم في المقدمة بأنهم قد أكملوا ما نقص من طبعة أكسفورد بما حصلوا عليه من نسخ أخرى.
وراجع كتابنا: دراسة وبحوث في التاريخ والإسلام ج1 ص22. والغدير ج6 ص298 عن القفطي، وزيدان وعن الوفاء والاعتبار ص28.
([105]) وراجع: المقدمة لابن خلدون ص480 و38 وراجع: كشف الظنون ج1 ص33. والغدير ج6 ص298 عن المصادر التالية: كشف الظنون ج1 ص25 و446 وتاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي ص107 وشرح النهج للمعتزلي ج3 ص122 وكنز العمال ج1 ص95.
([106]) كتابسوزي إسكندرية وإيران. وخدمات متقابل إسلام وإيران.
([107]) راجع: التراتيب الإدارية ج2 ص453 ـ 454.
([108]) التراتيب الإدارية ج2 ص454.
([109]) التراتيب الإدارية ج2 ص454 ـ 455.
([110]) راجع: تاريخ التمدن الإسلامي المجلد الثاني، جزء 3 ص51.
([111]) المصدر السابق.
([112]) راجع وقارن مع كلمات عمر المتقدمة ما رووه عن النبي "صلى الله عليه وآله" في مجمع الزوائد ج1 ص150 و151 ومسند أحمد ج3 ص12 و21 و39 و56 وج 5 ص82 وتأويل مختلف الحديث ص286 والأسرار المرفوعة ص9 ومناهل العرفان ج1 ص361 والتراتيب الإدارية ج2 ص248 والبداية والنهاية ج2 ص132 وعلوم الحديث لابن الصلاح ص160 والباعث الحثيث في شرح اختصار علوم الحديث (متنا وهامشا) ص132 وتقييد العلم ص29 ـ 34 و93 وصحيح مسلم ج8 ص229 وبحوث في تاريخ السنة المشرفة ص218، وراجع أيضاً جميع ما قدمناه من مصادر في الصفحات السابقة.
([113]) تقييد العلم ص34 وراجع ص33.
([114]) جامع بيان العلم ج1 ص76.
([115]) راجع على سبيل المثال: تقييد العلم ص53 ـ 57 وراجع ص61.
([116]) راجع: المصنف للصنعاني ج2 ص429 و430 و432 و433 وراجع سائر المجاميع الحديثية والروائية لأهل السنة والجماعة.
([117]) المصنف للصنعاني ج2 ص432 ومجمع الزوائد ج2 ص223 عن أحمد والطبراني، وعن كنز العمال ج4 الحديث رقم 4123 و4784 وراجع مسند أحمد ج4 ص115.
([118]) المصنف ج2 ص433 وفي هامشه عن كنز العمال وعن محمد بن نصر في قيام الليل.
([119]) تاريخ الخميس ج1 ص124.
([120]) صحيح مسلم ج1 ص91 وصحيح البخاري ج2 ص116.
([121]) حياة الصحابة ج3 ص272و273 وج 2 ص40 و41. ويمكن الاستفادة في هذا الأمر من المصادر التالية: تاريخ الأمم والملوك ج3 ص426 حوادث سنة 35 ه‍. ومروج الذهب ج2 ص321 و322 ومستدرك الحاكم ج3 ص120 وج 1 ص110 وكنز العمال ج10 ص180 عن ابن عساكر، وابن صاعد، والدارمي، وابن عبد البر وغيرهم. والمجروحون ج1 ص35 وتذكرة الحفاظ ج1 ص7 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج20 وشرف أصحاب الحديث ص87 ومجمع الزوائد ج1 ص149 والطبقات الكبرى لابن سعد ج5 ص239 ط صادر وط ليدن ج4 ص135 وج 2 قسم 2 ص100 و112 وحياة الشعر في الكوفة ص161 والفتنة الكبرى (عثمان) ص17 و46 و77 وسيرة الأئمة الاثني عشر ج1 ص317 و334 و365 والتاريخ الإسلامي والمذهب المادي في التفسير ص208 و209 والغدير ج6 ص294 ـ 295 عن بعض من تقدم، وعن: المعتصر ج1 ص459. ونقل ذلك أيضاً عن المحدث الفاضل ص133 وعن الموضوعات ج1 ص94.
([122]) مستدرك الحاكم ج3 ص120 وأنوار الهداية ص124 وحياة الصحابة ج2 ص40 و41 عن كنز العمال ج7 ص139 وعن الطبري ج5 ص134.
([123]) حياة الصحابة ج3 ص485 عن مجمع الزوائد ج5 ص211 وعن مستدرك الحاكم ج4 ص439 وعن كنز العمال ج8 ص209 وعن أحمد، وابن سعد، ومسدد، وابن خزيمة، والبيهقي وغيرهم.
([124]) راجع: الطبقات الكبرى لابن سعد ج3 قسم 1 ص206 وج 2 ص336 ومسند أحمد ج4 ص99 وتذكرة الحفاظ ج1 ص7 وكنز العمال ج10 ص179 و182 عن ابن عساكر، وابن سعد وأضواء على السنة المحمدية ص47 عن جامع بيان العلم ج1 ص64 و65 وراجع: الغدير ج10 ص351 وشرف أصحاب الحديث ص1.
([125]) راجع: التراتيب الإدارية ج2 ص249.
([126]) طبقات ابن سعد ج5 ص70.
([127]) راجع: التراتيب الإدارية ج2 ص279 عن أحمد، وطبقات ابن سعد والطبراني في الأوسط، والهيثمي وصححه.
([128]) التراتيب الإدارية ج2 ص279 عن الجامع الكبير عن الديلمي.
([129]) راجع في ذلك وغيره: تاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي ص146 ـ 148 وراجع: كشف الأستار عن مسند البزار ج3 ص70 ومجمع الزوائد ج8 ص113 وحياة الصحابة ج3 ص258 و259 والغدير ج6 ص290 ـ 293 عن المصادر التالية: إحياء علوم الدين ج1 ص30 وسنن الدارمي ج1 ص54 و55 وتهذيب تاريخ دمشق ج6 ص384 وتفسير ابن كثير ج4 ص232 والإتقان ج2 ص5 وكنز العمال ج1 ص228 و229 عن نصر المقدسي، والأصبهاني، وابن الأنباري، واللالكائي وغيرهم. والدر المنثور ج6 ص111 و321 وفتح الباري ج8 ص17 وج 13 ص230 والفتوحات الإسلامية ج2 ص445.
([130]) راجع: البخاري ط سنة 1309 ه‍. ج3 ص133 في موضعين والتراتيب الإدارية ج2 ص377 وتاريخ عمر ص157 والغدير ج6 ص292 و293 عن كتاب العلم لأبي عمر ص56.
([131]) كنز العمال ج10 ص161 و162.
([132]) راجع: مسند أحمد بن حنبل ج4 ص393 و372.
([133]) راجع: صفة الصفوة ج1 ص405 والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص156 ط صادر وفي ط ليدن ج3 قسم 1 ص110 ـ 111 والمستدرك على الصحيحين ج3 ص314 وتلخيص المستدرك للذهبي (مطبوع بهامشه) نفس الصفحة، وحياة الصحابة ج3 ص271 وحياة الشعر في الكوفة ص253.
([134]) أصول السرخسي ج1 ص342.
([135]) راجع: سنن الدارمي ج1 ص84 ومسند أحمد بن حنبل ج2 ص157 وسنن ابن ماجة ج1 ص15 وحياة الصحابة ج3 ص271 والغدير للعلامة الأميني ج10 ص65 وج 6 ص294.
([136]) مسند أحمد بن حنبل ج4 ص370 و371 و372.
([137]) تقييد العلم ص57 وفي هامشه عن: ذم الكلام للهروي ص27.
([138]) راجع: تقييد العلم ص105 و106 وتدريب الراوي ج1 ص90 عن البخاري في أبواب العلم. وراجع: ذكر أخبار أصبهان، وطبقات ابن سعد ج2 قسم 2 ص134 وج 8 ص353 ط ليدن والعراق في العصر الأموي ص155.
([139]) راجع: السنة قبل التدوين ص364 و332 وجامع بيان العلم ج1 ص76 و91 و50 و88 و92 والطبقات الكبرى لابن سعد ج7 ص447 والمصنف للصنعاني ج9 ص337 وسنن الدارمي ج1 ص126 وحلية الأولياء ج3 ص363 وتدريب الراوي ج1 ص90 وذكر أخبار أصبهان ج1 ص312 وتاريخ الخلفاء ص261 وتذكرة الحفاظ ج1 ص169 و170 و203 وتحفة الأحوذي (المقدمة) ج1 ص33 و40.
وراجع: صحيح البخاري ط سنة 1309 ه‍. ج1 ص19 والخطط للمقريزي ج2 ص333 وبحوث في تاريخ السنة المشرفة ص226 و227.
([140]) الكنى والألقاب ج1 ص80 والكامل في التاريخ ج5 ص130.
([141]) راجع: بحوث في تاريخ السنة المشرفة. والسنة قبل التدوين ص337. وراجع: الجرح والتعديل ج1 ص184 وتدريب الراوي ج1 ص189 والخطط للمقريزي ج2 ص333 وتاريخ الخلفاء ص261 وتذكرة الحفاظ ج1 ص170 و169 و160 و191 و203 وفتح الباري (المقدمة) ص4 و5 وكشف الظنون ج1 ص237 والنجوم الزاهرة ج1 ص351 وتحفة الأحوذي المقدمة ج1 ص25 و26 و28 ففي كل ذلك وفي غيره تجد ما يفيد في هذا المجال.
([142]) راجـع: جامع بيان العلم ج2 ص175 و203 و194 و174 ومنتخب كنز العمال (مطبوع بهامش مسند أحمد) ج4 ص62 وسنن الدارمي ج1 ص61 والطبقات الكبرى لابن سعد ج6 ص179 و258 والمصنف للصنعاني ج8 ص301 وج 11 ص328 وراجع ص231 وأخبار القضاة لوكيع ج1 ص83 وتهذيب تاريخ دمشق ج1 ص54 وراجع: حياة الصحابة ج3 ص286 وكنز العمال ج1 ص185 وراجع ص189 عن عبد الرزاق، وابن عساكر، وابن عبد البر، والدينوري في المجالسة.
([143]) التراتيب الإدارية ج2 ص367.
([144]) الطبقات الكبرى لابن سعد ج6 ص174.
([145]) جامع بيان العلم ج2 ص174.
([146]) بحوث مع أهل السنة والسلفية ص238.
([147]) المصنف للصنعاني ج1 ص166 وراجع: كشف الأستار عن مسند البزار ج2 ص196 ومجمع الزوائد ج4 ص324.
([148]) حياة الصحابة ج3 ص298 عن الطبقات الكبرى ج4 ص189.
([149]) حياة الصحابة ج3 ص288 ـ 289 عن الطبقات الكبرى لابن سعد ج4 ص189.
([150]) مسند أحمد بن حنبل ج5 ص185.
([151]) مسند أحمد ج6 ص157 وراجع: صحيح مسلم ج8 ص229 وفتح الباري ج7 ص390 وسير أعلام النبلاء ج2 ص607 عن مسلم وعن أبي داود رقم 3655 واختصره الترمذي برقم 3643 وعن البخاري في المناقب ج6 ص422 والسنة قبل التدوين ص462 عن الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة ص135 وحياة الصحابة ج2 ص705 عن البخاري، وأحمد، وأبي داود.
([152]) حياة الصحابة ج3 ص288 عن الطبقات الكبرى لابن سعد ج4 ص175.
([153]) حياة الصحابة ج3 ص287 عن الطبقات الكبرى لابن سعد كاتب الواقدي، وعن منتخب كنز العمال (مطبوع بهامش مسند أحمد) ج5 ص77.
([154]) راجع: مسند أحمد بن حنبل ج4 ص393.
([155]) مجمع الزوائد ج9 ص68 وشرح نهج البلاغة ج12 ص178 وكشف الخفاء ج2 ص154 و 165.
([156]) المعيار والموازنة ص222 وشرح نهج البلاغة ج12 ص178 وكنز العمال ج11 ص581 وتذكرة الموضوعات ص94 وفيض القدير ج5 ص414 .
([157]) شرح نهج البلاغة ج12 ص178 وكشف الخفاء ج2 ص164 وتذكرة الموضوعات ص94.
([158]) شرح نهج البلاغة ج12 ص178 وكشف الخفاء ج2 ص154 ومسند أحمد ج4 ص154 ومجمع الزوائد ج9 ص68 وفتح الباري ج7 ص41 وتحفة الأحوذي ج10 ص119 والمعجم الكبير ج17 ص180 و 298 والجامع الصغير ج2 ص435 وكنز العمال ج11 ص578 وتذكرة الموضوعات ص94 وفيض القدير ج5 ص414 وكشف الخفاء ج2 ص154 و 157 و 158.
([159]) مسند ابن راهويه ج2 ص479 وصحيح ابن حبان ج15 ص317 وتحفة الأحوذي ج10 ص125 وشرح نهج البلاغة ج12 ص178.
([160]) راجع: كتاب الغدير للعلامة الأميني رحمه الله.
([161]) البداية والنهاية ج8 ص107 وراجع: سير أعلام النبلاء ج2 ص603 والسنة قبل التدوين ص458.
([162]) راجع: سير أعلام النبلاء ج2 ص600 ـ 601 و602 ـ 603 والبداية والنهاية ج8 ص106.
([163]) تفسير العياشي ج2 ص38 والبحار ج96 ص142 وتفسير البرهان ج2 ص49.
([164]) حياة الصحابة ج3 ص288 عن الطبقات الكبرى ج4 ص187 وراجع: سير أعلام النبلاء ج2 ص606 ـ 607 وفي هامشه أشار إلى طبقات ابن سعد ج2 ص372.
([165]) صفين للمنقري ص220 وراجع: قاموس الرجال ج9 ص17 والغدير ج10 ص352.
([166]) راجع: مسند أحمد بن حنبل ج2 ص167 والإسرائيليات وأثرها في كتب التفسير والحديث ص151 والغدير ج10 ص352.
([167]) راجع ما تقدم في: صفين للمنقري ص217 ـ 220 وفي قاموس الرجال، ترجمة معاوية، وراجع الغدير للعلامة الأميني، وغير ذلك.
([168]) راجع: أنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج2 ص312 ـ 313 وراجع: 317 والجزء الأول (قسم سيرة النبي "صلى الله عليه وآله") ص168 وراجع ص169 والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص253 ط صادر ونقله المحمودي في تعليقاته على أنساب الأشراف عن ابن أبي شيبة. وراجع: تذكرة الخواص ص93 والفتوح لابن أعثم ج3 ص268. وراجع: تاريخ الأمم والملوك ج5 ص41 ط دار المعارف. والإسرائيليات وأثرها في كتب التفسير ص150.
([169]) روضة العقلاء لابن حبان ص159.
([170]) تهذيب تاريخ دمشق ج1 ص54 وحياة الصحابة ج2 ص390 ـ 391 عنه.
([171]) تهذيب تاريخ دمشق ج7 ص215 والغدير ج10 ص185 عنه وفي الغدير نصوص أخرى للقضية عن موطأ مالك، وصحيح مسلم وسنن البيهقي والجامع لأحكام القرآن، وشرح النهج للمعتزلي وسنن النسائي، واختلاف الحديث للشافعي، ومسند أحمد وغير ذلك فليراجعه طالب ذلك.
([172]) راجع: حلية الأولياء ج1 ص160 وصحيح البخاري ج1 ص15 ـ ط سنة 1309.
([173]) راجع كتابنا: دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام ج1 ص111 ـ 141.
([174]) الأغاني ط ساسي ج4 ص5 و6.
([175]) التراتيب الإدارية ج2 ص300.
([176]) التراتيب الإدارية ج2 ص255 عن الخطط للمقريزي ج4 ص143. وكنز العمال ج3 ص850 ط مؤسسة الرسالة.
([177]) زهرة الآداب ج1 ص58.
([178]) التراتيب الإدارية ج2 ص300.
([179]) التراتيب الإدارية ج2 ص301 و302 و230 عن إحياء العلوم وغيره. وراجع: الأنساب للسمعاني ج1 ص9.
([180]) راجع كتابنا: سلمان الفارسي في مواجهة التحدي.
([181]) التراتيب الإدارية ج2 ص302 والأنساب للسمعاني ج1 ص11، وبحوث في تاريخ السنة المشرفة ص166 عنه.
([182]) التراتيب الإدارية ج2 ص301 و231.
([183]) الاستيعاب، وبحوث في تاريخ السنة المشرفة ص168.
([184]) بحوث في تاريخ السنة المشرفة ص167.
([185]) سنن أبي داود ج2 ص249 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص261 وراجع: الإسرائيليات في كتب التفسير ص109 وراجع: الدر المنثور ج2 ص172 عن ابن إسحاق، وابن جرير.
([186]) تفسير القرآن العظيم ج1 ص71 ـ 72 والإسرائيليات في كتب التفسير ص108 عنه.
([187]) الآية 46 من سورة النساء وراجع أيضاً: الآية 75 من سورة البقرة والآية 13 من سورة المائدة والآية 41 من سورة النساء.
([188]) الآية 79 من سورة البقرة.
([189]) أسد الغابة ج1 ص235.
([190]) المصنف للصنعاني ج10 ص312 وج 6 ص110 وفي 112 عن ابن مسعود وكذا في ج1 ص213 وكشف الأستار ج1 ص79 ومجمع الزوائد ج1 ص174 و173. وراجع: غريب الحديث لابن سلام ج4 ص48 وفتح الباري ج13 ص281 عن احمد والبزار وابن أبي شيبة وحول كراهة النبي لهم أن يسألوا أهل الكتاب راجع: الإسرائيليات في كتب التفسير ص86 وكنز العمال ج1 ص342 و442.
([191]) راجع: صحيح البخاري ج2 ص195 في موضعين، والمصنف للصنعاني ج11 ص154 وستأتي بقية المصادر في الجزء الخامس من هذا الكتاب حين الحديث حول صيام يوم عاشوراء.
([192]) سنن أبي داود ج2 ص250 والسيرة الحلبية ج2 ص15 ومسند أبي عوانة ج1 ص312 والمدخل لابن الحاج ج2 ص48.
([193]) راجع: السيرة الحلبية ج1 ص230.
([194]) راجع حول ذلك: جامع بيان العلم ج2 ص123 ـ 124 وكنز العمال عن كلامه وعن الشعبي وعن قتادة والسدي ج2 ص228 والدر المنثور ج1 ص90 عن ابن جرير، ومصنف ابن أبي شيبة، ومسند إسحاق بن راهويه، وابن أبي حاتم. والإسرائيليات وأثرها في كتب التفسير ص107 و108. وكون اسم مدارس اليهود (فاشلة) مذكور في مصادر أخرى.
([195]) للحديث ألفاظ مختلفة وله مصادر كثيرة، فراجع على سبيل المثال: المصنف للصنعاني ج10 ص113 وج 6 ص112 وج 11 ص111 وتقييد العلم ص52 وفي هامشه عن مصادر أخرى وجامع بيان العلم ج2 ص52 ـ 53 وراجع ص50 والفائق ج4 ص116 ومسند أحمد ج3 ص387 و470 ـ 471 وج 4 ص266 وغريب الحديث ج4 ص48 ـ 49 وج 3 ص28 و29 والبداية والنهاية ج2 ص133 وقال: تفرد به أحمد وإسناده على شرط مسلم ولسان الميزان ج2 ص408 وكنز العمال ج1 ص233 و234 عن عدة مصادر والبحار ج73 ص347 وج 2 ص99 ط مؤسسة الوفاء، والدعوات للراوندي ص170 وأسد الغابة ج3 ص126 ـ 127 وج 1 ص235 والنهاية في اللغة ج5 ص282 وميزان الاعتدال ج1 ص666 ومجمع الزوائد ج1 ص182 و174 و173 وسنن الدارمي ج1 ص115 و116 والمقدمة لابن خلدون ص436 والضعفاء الكبير ج2 ص21 وصفة الصفوة ج1 ص184 واليهود واليهودية ص14 والسيرة الحلبية ج1 ص230 والتراتيب الإدارية ج2 ص229 وراجع: كشف الأستار ج1 ص79 وفتح الباري ج13 ص281 عن أحمد، وابن أبي شيبة، والبزار والإسرائيليات في كتب التفسير ص86 وأضواء على السنة المحمدية ص162 والقصاص والمذكرين ص10 وأصول السرخسي ج2 ص152.
([196]) المصنف للصنعاني ج11 ص110 وج 6 ص113 و114.
([197]) حلية الأولياء ج5 ص136 وكنز العمال ج1 ص334.
([198]) راجع: صحيح البخاري ط سـنـة 1309 ه‍. ج2 ص165 والمصنف للصنعـاني ج6 ص109 و110 وج 10 ص310 و311 و312 هوامشه والجامع الصحيح = = ج5 ص40 وسنن أبي داود ج3 ص322 وسنن الدارمي ج1 ص136 ومسند أحمد ج3 ص46 و13 و56 وج 2 ص214 و159 و202 و474 و502 ومشكل الآثار ج1 ص40 و41 وذكر أخبار أصبهان ج1 ص149 وكشف الأستار عن مسند البزار ج1 ص109 والأسرار المرفوعة ص9 والمجروحون ج1 ص6 ومجمع الزوائد ج1 ص151 والمعجم الصغير ج1 ص166 وكنز العمال ج10 ص129 و135 والتراتيب الإدارية ج2 ص224 و225 و226 والإسرائيليات وأثرها في كتب التفسير ص90 و91 و92 و100 و103 و105 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص4 و221 والبداية والنهاية ج1 ص6 وج 2 ص132 و133 وتقييد العلم ص30 و31 و34 وشرف أصحاب الحديث ص15 و14.
([199]) راجع: سنن أبي داود ج3 ص322 ومجمع الزوائد ج1 ص191 وج 8 ص264 ومشكل الآثار ج1 ص41 ومسند أحمد ج4 ص444 وص 437 والبداية والنهاية ج2 ص132 و133 والتراتيب الإدارية ج2 ص238 و345 عن أبي داود وابن خزيمة، وأحمد، والطبراني، والهيثمي.
([200]) راجع: ذكر أخبار أصبهان ج1 ص84.
([201]) كنز العمال ج10 ص128 و135 و136 عن أحمد ومسلم، وأبي داود، وابن عساكر، وصحيح مسلم ج8 ص229 والمصنف للصنعاني ج11 ص260 وتقييد العلم ص31 و33 و34 و35 و78.
([202]) راجع: غريب الحديث ج4 ص262 وجامع بيان العلم ج2 ص53 والفصل في الملل والأهواء والنحل ج1 ص217 والإسرائيليات وأثرها في كتب التفسير ص96 والفائق للزمخشري ج2 ص236.
([203]) راجع: سير أعلام النبلاء ج3 ص489 والبداية والنهاية ج1 ص18.
([204]) التراتيب الإدارية ج2 ص327.
([205]) راجع في ذلك كلاً أو بعضاً: الإسرائيليات وأثرها في كتب التفسير ص110 و117 و160 و161 و126 و154 و168 وفجر الإسلام ص201 و160 وأضواء على السنة المحمدية ص110 و125 ـ 126 و172 و173، ودائرة المعارف الإسلامية ج1 ص20 وج 11 ص582 ـ 583 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص17 وتهذيب التهذيب ج8 ص439 وج 1 ص511 ـ 512 وجامع البيان ج17 ص10 ومجلة المنار، الجزء الأول، المجلد 26 ص615 و783، والموطأ (مطبوع مع تنوير الحوالك) ج1 ص131 ـ 132 ومنحة المعبود ج1 ص140 والزهد والرقائق ص434 و534 وربيع الأبرار ج1 ص559 والسيرة الحلبية ج1 ص217 والتراتيب الإدارية ج2 ص326 و327 واختصار علوم الحديث (مع الباعث الحثيث) ص196 وميزان الاعتدال ج4 ص173 ترجمة مقاتل.
([206]) راجع تراجمهم في تهذيب التهذيب للعسقلاني، وسير أعلام النبلاء للذهبي، وميزان الاعتدال، ولسان الميزان، وتهذيب الكمال، وغير ذلك.
([207]) راجع: التراتيب الإدارية ج2 ص326 وتهذيب تاريخ دمشق ج6 ص205. والإيضاح ص456.
([208]) الآية 43 من سورة النحل.
([209]) راجع: البداية والنهاية ج1 ص24 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص102 عن مسند أحمد، وعن فتح الباري. وتذكرة الحفاظ ج3 ص42 والإسرائيليات وأثرها في كتب التفسير ص111 و146 و147 و153 و207 و91 و92.
([210]) الإسرائيليات وأثرها في كتب التفسير ص111 و153. وراجع: ص91 و92.
([211]) الآية 159 من سورة الأعراف.
([212]) لباب الآداب ص234.
([213]) راجع على سبيل المثال: الإصابة، والتراتيب الإدارية ج2 ص426 عن الجاسوس ص502.
([214]) راجع: البداية والنهاية ج1 ص17.
([215]) راجع: البداية والنهاية ج8 ص109 وسير أعلام النبلاء ج2 ص606 وفي هامشه عن تاريخ ابن عساكر ج19 ص121 والإسرائيليات وأثرها في كتب التفسير.
([216]) راجع: تفسير القرآن العظيم ج3 ص102 وراجع: الدر المنثور ج4 ص248 عن عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن أبي حاتم.
([217]) راجع: الدر المنثور ج4 ص248 عن عبد الرزاق وسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
([218]) الدر المنثور ج4 ص248 عن سعيد بن منصور وابن المنذر.
([219]) التراتيب الإدارية ج2 ص446.
([220]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج12 ص81.
([221]) الطبقات الكبرى لابن سعد ج3 قسم 1 ص193 وتاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي ص30 والبداية والنهاية ج7 ص133 وتاريخ الأمم والملوك ط الاستقامة ج3 ص267 حوادث سنة 23 وراجع: ذيل المذيل (مطبوع في آخر تاريخ الطبري).
([222]) تاريخ الأمم والملوك ج3 ص267.
([223]) التراتيب الإدارية ج2 ص228 وتذكرة الحفاظ للذهبي ج1 ص36 وسير أعلام النبلاء ج2 ص600 والسنة قبل التدوين ص433 عن الإصابة ج7 ص205.
([224]) الدر المنثور ج4 ص248 عن سعيد بن منصور، وابن المنذر وابن أبي حاتم.
([225]) الطبقات الكبرى لابن سعد ج4 ص268 ط صادر.
([226]) دلائل النبوة للبيهقي ج6 ص476 والدر المنثور للسيوطي ج3 ص125 عنه وعن الطبراني.
([227]) بحوث مع أهل السنة والسلفية ص82 عن أضواء على السنة المحمدية ص140.
([228]) المحاسن والمساوئ ج1 ص199.
([229]) راجع على سبيل المثال: تاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي ص246 وبهجة المجالس ج1 ص368. والإسرائيليات وأثرها في كتب التفسير والحديث ص95 عن مسند أحمد.
([230]) راجع: التراتيب الإدارية ج2 ص230 عن شرح المنهاج لابن حجر الهيثمي وغيره.
([231]) التراتيب الإدارية ج2 ص231.
([232]) الطبقات الكبرى لابن سعد ج7 ص161 والتراتيب الإدارية ج2 ص228 ـ 229.
([233]) التراتيب الإدارية ج2 ص288 عن ابن حجر.
([234]) السيرة الحلبية ج2 ص216.
([235]) الآية 208 من سورة البقرة.
([236]) الدر المنثور ج1 ص241 عن ابن أبي حاتم.
([237]) الدر المنثور ج1 ص241 عن ابن جرير.
([238]) الآية 208 من سورة البقرة.
([239]) السيرة الحلبية ج2 ص115.
([240]) الآية 62 من سورة آل عمران.
([241]) الآية 3 من سورة يوسف.
وراجع: جامع البيان ج12 ص90 والدر المنثور ج4 ص3 والجامع لأحكام القرآن ج9 ص118 وراجع ج15 ص248.
([242]) راجع: اختيار معرفة الرجال ص214 ـ 215 وجامع الرواة ج1 ص353 وتنقيح المقال ج2 ص12 ومنتهى المقال ص144.
وراجع: نقد الرجال ص148 وقاموس الرجال ج4 ص324 ومعجم رجال الحديث ج8 ص68 ـ 69.
([243]) معرفة علوم الحديث ص136.
([244]) تاريخ الإسلام للذهبي (حوادث سنة 100 ـ 120 ه‍ـ) ص418 و419.
([245]) إنها لمفارقة عجيبة في التناقض بين سلوك النبي "صلى الله عليه وآله" وبين سلوك من يدَّعون خلافته، فالنبي الذي سعى لطرد اليهود من الجزيرة العربية، إذ بهم بعد وفاته "صلى الله عليه وآله" يحتلون مكانه بدعوة من الحكام الذين يحكمون باسم النبي "صلى الله عليه وآله".
([246]) الإصابة ج1 ص215.
([247]) راجع: المصنف للصنعاني ج3 ص219 وتاريخ المدينة لابن شبة ج1 ص11 و12 وراجع ص10 و15 وسير أعلام النبلاء ج2 ص446 وتهذيب تاريخ دمشق ج3 ص360. وراجع: الخطط للمقريزي ج2 ص253.
وحول أن عمر قد أمر تميماً الداري بأن يقص، وأنه أول من قص راجع: الزهد والرقائق ص508 وصفة الصفوة ج1 ص737 وأسد الغابة ج1 ص215 وتهذيب الأسماء ج1 ص138 ومسند أحمد ج3 ص449 ومجمع الزوائد ج1 ص190 والإصابة ج1 ص183 و184 و186 والمفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج8 ص378 و379، وفيه: أنه تعلم ذلك من اليهود والنصارى، وأرجع في الهامش إلى طبقات ابن سعد ج1 ص75.
وراجع: الإسرائيليات وأثرها في كتب التفسير ص161 وكنز العمال ج10 ص171= = و172 عن المروزي في العـلـم وعن أبي نعيم، وعن العسكـري في المـواعـظ والتراتيب الإدارية ج2 ص338 والقصاص والمذكرين ص20 و21 و29 وعن الضوء الساري للمقريزي ص129 ومختصر تاريخ دمشق ج5 ص321.
([248]) راجع: الزهد والرقائق ص508 والقصاص والمذكرين ص29.
([249]) المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج8 ص378 و379.
([250]) راجع: سائر المصادر المتقدمة، وتاريخ المدينة لابن شبة ج1 ص13 وكنز العمال ج10 ص171 عن ابن سعد، وعن العسكري في المواعظ، والقصاص والمذكرين ص22.
([251]) التراتيب الإدارية ج2 ص348 عن مروج الذهب ج2 ص52.
([252]) القصاص والمذكرين ص33.
([253]) راجع: الجرح والتعديل ج8 ص63 والتاريخ الكبير ج1 ص212 وتاريخ ابن معين ص166 وراجع: الحوادث والبدع ص103 عن المدونة الكبرى، كتاب الوضوء.
([254]) القصاص والمذكرين ص46 ـ 47 وراجع: المعرفة والتاريخ ج2 ص33 والطبقات الكبرى ج5 ص445.
([255]) القصاص والمذكرين ص25 وراجع: ربيع الأبرار ص588 وتاريخ المدينة ج1 ص8 والتراتيب الإدارية ج2 ص336 عن أحمد، وحسّن الهيثمي إسناده.
([256]) القصاص والمذكرين ص30.
([257]) تهذيب الكمال ج4 ص314.
([258]) راجع: القصاص والمذكرين ص44 و45 و50 و58 و62 و32. وراجع: المصنف للصنعاني ج3 ص220 والمعرفة والتاريخ ج1 ص391 ومسند أحمد ج3 ص451 ومتمم طبقات ابن سعد ص136.
([259]) راجع: التراتيب الإدارية ج2 ص338.
([260]) تاريخ المدينة لابن شبة ج1 ص15 و16 والخطط والآثار للمقريزي ج2 ص254.
([261]) تاريخ المدينة ج1 ص15 وراجع: الحوادث والبدع ص103.
([262]) راجع تاريخ المدينة ج1 ص10 ومجمع الزوائد ج1 ص188.
([263]) راجع: الخطط والآثار ج2 ص254.
([264]) راجع: أنساب الأشراف ج4 قسم 1 ص34 ـ 35.
([265]) راجع: المصنف للصنعاني ج3 ص220 وتاريخ المدينة ج1 ص16 و14.
([266]) راجع المعرفة والتاريخ ج2 ص436.
([267]) راجع: تمدن إسلام وعرب در قرن چهارم هجري ج2 ص80 و85 والجرح والتعديل ج6 ص163.
([268]) راجع: الجيش والقتال في صدر الإسلام ص135.
([269]) راجع: التاريخ الكبير ج3 ص354 والمعرفة والتاريخ ج1 ص596.
([270]) القصاص والمذكرين ص28. لعل الصحيح: أخبار القصاص والمذكرين.
([271]) راجع: قوت القلوب ج2 ص302 و303 وكنز العمال ج10 ص124 عن الطبراني والمعجم الصغير ج1 ص216 وتاريخ المدينة لابن شبة ج1 ص8 و9 والتراتيب الإدارية ج2 ص336 عن أحمد، وأبي داود، والطبراني في الكبير والأوسط، والهيثمي. والقصاص والمذكرين ص25 و28 وسنن ابن ماجة ج2 ص1235 ومسند أحمد ج4 ص233 وج 6 ص29 وربيع الأبرار ج3 ص588= = وسنن الدارمي ج2 ص319 ومختصر تاريخ دمشق ج7 ص240 وج 10 ص338 و339.
وراجع: مجمع الزوائد ج1 ص190 والنهاية في اللغة ج4 ص70 ولسان العرب ج7 ص74 و75 وعن تحذير الخواص ص59. والحوادث والبدع للطرطوشي ص101 ط تونس سنة 1959.
([272]) تاريخ بغداد ج1 ص208 وراجع: سير أعلام النبلاء ج3 ص146 وفي هامشه عن ابن عساكر.
([273]) الخطط للمقريزي ج2 ص253 والولاة والقضاة هامش ص203 عن رفع الإصر ص47.
([274]) الخطط للمقريزي ج2 ص254.
([275]) راجع: البيان والتبيين ج3 ص273 والعقد الفريد ج2 ص170.
([276]) مسند أحمد بن حنبل ج4 ص105 وتحذير الخواص ص70.
([277]) راجع: البداية والنهاية ج11 ص289 وطبقات الحنابلة ج1 ص158 والمنتظم ج7 ص88 وسير أعلام النبلاء ج16 ص509 وتاريخ الإسلام للذهبي (حوادث سنة 350 ـ 380 ه‍ـ) ص153.
([278]) راجع: المنتظم ج7 ص337 و338 وتاريخ الإسلام للذهبي (حوادث سنة 380ـ400 هـ ) ص337 ـ 338 وشذرات الذهب 149 و150 وبقية المصادر في كتابنا: صراع الحرية في عصر المفيد ص24 و25 الطبعة الأولى.
([279]) عن المجروحين ج2 ص30، أ.
([280]) القصاص والمذكرين ص16.
([281]) المصدر السابق ص32.
([282]) القصاص والمذكرين ص90 وتاريخ بغداد ج3 ص366.
([283]) عيون الأخبار لابن قتيبة ج1 ص297.
([284]) السنة قبل التدوين ص211 عن تمييز المرفوع عن الموضوع ص16 ب. والجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع.
([285]) المصنف للصنعاني ج3 ص388.
([286]) الحوادث والبدع، لأبي بكر محمد بن الوليد الطرطوشي ص99 ط تونس سنة 1959 م.
([287]) راجع: القصاص والمذكرين وغيره.
([288]) ربيع الأبرار ج3 ص588 والقصاص والمذكرين ص107 وراجع ص108 وأضواء على السنة المحمدية ص124.
([289]) السنة قبل التدوين ص213 عن الجامع لآداب الراوي وأخلاق السامع ص147.
([290]) راجع: مختصر تاريخ دمشق ج10 ص202 ومجمع الزوائد ج1 ص189 وغير ذلك.
([291]) القصاص والمذكرين ص83 وراجع: طبقات الحنابلة ج1 ص253 وعن قوت القلوب ج2 ص308. والحوادث والبدع ص102.
([292]) القصاص والمذكرين ص84 وراجع: تحذير الخواص ص80.
([293]) تاريخ المذاهب الإسلامية ج1 ص15.
([294]) القصاص والمذكرين ص109.
([295]) تأويل مختلف الحديث ص355 ـ 357.
([296]) الباعث الحثيث ص85.
([297]) القصاص والمذكرين ص85.
([298]) القصاص والمذكرين ص107.
([299]) ربيع الأبرار ج3 ص589.
([300]) القصاص والمذكرين ص62 ـ 63.
([301]) راجع: القصاص والمذكرين ص78 و79 فما بعدها إلى آخر الباب.
([302]) القصاص والمذكرين ص18.
([303]) المصدر السابق ص19.
([304]) القصاص والمذكرين ص85.
([305]) المصدر السابق.
([306]) المصدر السابق.
([307]) المصدر السابق ص96 و97.
([308]) المصدر السابق ص84.
([309]) صحيح مسلم ج1 ص15 والقصاص والمذكرين ص107.
([310]) القصاص والمذكرين ص104 وخباب صحابي معروف، وقد مات "رحمه الله" وعلي "عليه السلام" في صفين.
([311]) مجمع الزوائد ج1 ص189.
([312]) راجع: تقييد العلم ص114 و110 وراجع سنن الدارمي ج1 ص126 وعن المحدث الفاضل ج4 ص23 وجامع بيان العلم ج1 ص73. كان حكم بني مروان بعد حكم آل أبي سفيان، الذي انتهى بمعاوية بن يزيد.
([313]) راجع: نهج البلاغة الحكمة رقم 369 والحكمة رقم 190.
([314]) راجع: المصنف للصنعاني ج2 ص63 ومسند أبي عوانة ج2 ص105 والبحر الزخار ج2 ص254. وكشف الأستار عن مسند البزار ج1 ص260 ومسند أحمد ج4 ص428 و432 و441 و444 ومروج الذهب ج3 ص85 والغدير ج8 ص166 ومكاتيب الرسول ج1 ص62.
([315]) الموطأ (المطبوع مع تنوير الحوالك) ج1 ص93 وجامع بيان العلم ج2 ص244.
([316]) شرح الموطأ للزرقاني ج1 ص221 وتنوير الحوالك ج1 ص93 ـ 94 عن الباجي.
([317]) كتاب الأم للشافعي ج1 ص208 والغدير ج8 ص166 عنه.
([318]) جامع بيان العلم ج2 ص244 وراجع المصادر التالية: ضحى الإسلام ج1 ص365 والجامع الصحيح ج4 ص632 والزهد والرقائق ص31 وفي هامشه عن طبقات ابن سعد ترجمة أنس، وعن الترمذي، وعن البخاري ج1 ص141.
([319]) جامع بيان العلم ج2 ص244.
([320]) مسند أحمد بن حنبل ج6 ص244.
([321]) الزهد والرقائق ص61.
([322]) البحار ج68 ص91 وقصار الجمل ج1 ص366.
([323]) راجع: أنساب الأشراف ج2 ص180 ط الأعلمي وسنن البيهقي ج2 ص68 وكنز العمال ج8 ص143 عن عبد الرزاق وابن أبي شيبة والمصنف للصنعاني ج2 ص63 ومسند أبي عوانة ج2 ص105 ومسند أحمد ج4 ص428 و429 و441 و444 و400 و415 و392 في موضعين و432 والغدير ج10 ص202 و203 وكشف الأستار عن مسند البزار ج1 ص260 والبحر الزخار ج2 ص254. وعن المصادر التالية: صحيح البخاري ج2 ص209 وصحيح مسلم ج1 ص295 وسنن النسائي ج1 ص164 وسنن أبي داود ج5 ص84 وسنن ابن ماجة ج1 ص296 وفتح الباري ج2 ص209 والمصنف لابن أبي شيبة ج1 ص241.
([324]) كشف القناع عن حجية الإجماع ص67.
([325]) الإحكام في أصول الأحكام ج2 ص131.
([326]) حياة الصحابة ج1 ص505 عن كنز العمال ج5 ص114 وعن معاني الآثار للطحاوي ج1 ص27.
([327]) المصنف للصنعاني ج8 ص26 والسنن الكبرى ج3 ص23.
([328]) راجع: المصنف للصنعاني ج8 ص123 و124 والسنن الكبرى ج5 ص282، ومجمع الزوائد ج4 ص116.
([329]) المصنف للصنعاني ج8 ص34 والسنن الكبرى ج5 ص282 و277 و276 وعن صحيح مسلم ج2 ص25 و52.
([330]) سيأتي ذلك مع مصادره في غزوة أحد.
([331]) راجـع: صحيح مسلم ج4 ص181 وراجع ص179 و182 والغدير ج10 ص39 وراجع: مسند أحمد ج2 ص51 و61 و64 و74 و80 و128 و145 وعن صحيح البخاري ج8 ص76 وعن تاريخ الأمم والملوك ج5 ص34 وعن الكامل في التاريخ ج3 ص27 وعن الصواعق المحرقة ص62 وعن فتح الباري ج7 ص54 وصححه كل ذلك في الغدير.
([332]) راجع: المصنف للصنعاني ج6 ص273 و274 والسنن الكبرى ج7 ص159.
([333]) راجع: المصنف ج6 ص274 و275.
([334]) صحيح البخاري ج1 ص90 و93 ط سنة 1309 ه‍. ومسند أحمد ج5 ص109 و112، والسنن الكبرى ج2 ص37 و54 عن الصحيحين، والبحر الزخار ج2 ص247 وجواهر الأخبار والآثار (مطبوع بهامش البحر الزخار) ج2 ص247 عن أبي داود والترمذي، والانتصار، والنسائي، والبخاري.
([335]) راجع: المصنف للصنعاني ج1 ص93 والمغنى لابن قدامة ج1 ص8 والشرح الكبير بهامشه ج1 ص7 وراجع: تحفة الأحوذي ج1 ص231 ط دار الفكر، والخلاف ط جماعة المدرسين ج1 ص51 والمحلى ج1 ص221 ونيل الأوطار ج1 ص20 والجامع لأحكام القرآن ج13 ص53 وعن المصنف لابن أبي شيبة ج1 ص88.
([336]) راجع: الخلاف ج1 ص51 وتحفة الأحوذي ج1 ص231 ونيل الأوطار ج1 ص20.
([337]) نيل الأوطار ج1 ص20 والمحلى ج1 ص221 وتحفة الأحوذي ج1 ص231.
([338]) الموفقيات ص203 ـ 205 وراجع: جمهرة خطب العرب ج3 ص355.
([339]) الأخبار الموفقيات ص203 ـ 204 ح 119.
([340]) علوم الحديث لابن الصلاح ص367 والباعث الحثيث ص85 والسنة قبل التدوين عن فتح المغيث ج4 ص39 وعن تلقيح فهوم أهل الآثار.
([341]) إرشاد الفحول ص251.
([342]) مناقب الشافعي ج1 ص419 وعن الوحي المحمدي لمحمد رشيد رضا ص243.
([343]) المقدمة لابن خلدون ص444 وأضواء على السنة المحمدية ص388.
([344]) بحوث في تاريخ السنة المشرفة ص236.
([345]) راجع: تعجيل المنفعة برجال الأربعة ص6. وبحوث في تاريخ السنة المشرفة ص37 عنه. والقول المسدد في الذب عن المسند للإمام أحمد، لابن حجر العسقلاني. وذيل القول المسدد للمدراسي.
([346]) شرف أصحاب الحديث ص115 وفضل الاعتزال وطبقات المعتزلة لعبد الجبار ص193.
([347]) راجع: الباعث الحثيث ص186 و187.
([348]) فضل الاعتزال، وطبقات المعتزلة ص193 و158.
([349]) راجع: سير أعلام النبلاء ج1 ص456 والتاريخ الكبير ج8 ص282 وتهذيب التهذيب ج11 ص230.
([350]) سير أعلام النبلاء ج10 ص455 والعلل ومعرفة الرجال ج1 ص187 وتهذيب التهذيب ج11 ص230 والضعفاء الكبير للعقيلي ج4 ص408 وتذكرة الحفاظ ج1 ص408.
([351]) راجع: مقدمة فتح الباري ص452 وتهذيب التهذيب ج11 ص229.
([352]) المغني للقاضي عبد الجبار ج4 ص228 وص 225 و235 و233.
([353]) الأم للشافعي ج7 ص308.
([354]) راجع: على سبيل المثال التراتيب الإدارية ج2 ص208 والكفاية في علم الرواية ص431 وراجع: المجروحون ج1 ص156 و185 و155 و142 و96 و63 وص 65 حول وضع الحديث للملوك. وراجع: الباعث الحثيث ص84 وبحوث في تاريخ السنة المشرفة ص32 و33 ولسان الميزان ج3 ص405 وج 5 ص228 والفوائد المجموعة ص426 و427 وأي كتاب يتحدث عن الموضوعات في الأخبار والآثار مثل اللآلئ المصنوعة للسيوطي، والأسرار المرفوعة للشوكاني والموضوعات للفتني، وغير ذلك.
([355]) راجع عل سبيل المثال: التراتيب الإدارية ج2 ص202 ـ 208 و407 والكنى والألقاب ج1 ص414 ولسان الميزان ج3 ص405 وتذكرة الحفاظ ج2 ص641 و430 وج 1 ص254 و276 وهذا الكتاب مملوء بهذه الأرقام العالية والمخيفة، فليراجعه طالب ذلك.
([356]) راجع: اللآلي المصنوعة ج1 ص286 و315 ـ 316 و417 وبحوث في تاريخ السنة المشرفة ص22 عنه وعن تنزيه الشريعة ج1 ص372 وج 2 ص4.
([357]) اللآلي المصنوعة ج1 ص428 وبحوث في تاريخ السنة المشرفة ص22 عنه.
([358]) اللآلي المصنوعة ج1 ص323 وبحوث في تاريخ السنة المشرفة ص22 عنه وعن ابن تيمية في المنتقى من منهاج الاعتدال ص313.
([359]) الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري ج1 ص121 وراجع: وفيات الأعيان ج1 ص77 ط بيروت والبداية والنهاية ج11 ص124 ومرآة الجنان ج2 ص241 وتذكرة الحفاظ ج2 ص700 وراجع ص699 وشذرات الذهب ج2 ص240 وراجع: سير أعلام النبلاء ج14 ص132 وتهذيب الكمال ج1 ص339 وتهذيب التهذيب ج1 ص38 والمنتظم ج6 ص131.
([360]) بحوث في تاريخ السنة المشرفة ص24 وتهذيب تاريخ ابن عساكر ج1 ص70.
([361]) الطبقات الكبرى لابن سعد ط صادر ج4 ص267.
([362]) بحوث في تاريخ السنة المشرفة ص24 وتهذيب تاريخ دمشق ج1 ص70.
([363]) ستأتي إشارة إلى ذلك حين الحديث حول روايات بدء الوحي، وقصة ورقة بن نوفل.
([364]) بحوث في تاريخ السنة المشرفة ص25 عن ابن تيمية في المنتقى من منهاج الاعتدال ص88.
([365]) بحوث في تاريخ السنة المشرفة ص25 عن الكامل لابن عدي ج1 ص3 ـ أ.
([366]) بحوث في تاريخ السنة المشرفة ص93 وراجع تهذيب التهذيب ج1 ص93 وج 5 ص46 وج 10 ص158.
([367]) تهذيب تاريخ دمشق ج1 ص70 ـ 71 وبحوث في تاريخ السنة المشرفة ص25 عنه.
([368]) المصدران السابقان.
([369]) الكفاية في علم الرواية ص129.
([370]) الكفاية في علم الرواية ص129.
([371]) راجع: فتح الباري (المقدمة) ص460 و461 وبحوث في تاريخ السنة المشرفة ص28.
([372]) الصحيفة السجادية، دعاء 48. وهو الدعاء الخاص بيوم الجمعة وعرفة.
([373]) حياة الشعر في الكوفة ص253 وكنز العمال ج1 ص332 وغير ذلك.
([374]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج12 ص84.
([375]) في فصل: معايير لحفظ الانحراف رقم: 11 ـ رأي الصحابي حيث لا نص.
([376]) سيأتي ذلك إن شاء الله في فصل: معايير لحفظ الانحراف رقم: 28 ـ القياس، والرأي والاستحسان.
([377]) كنز العمال ج1 ص335 عن ابن أبي نصر والغدير ج7 ص119 و120 عن جامع بيان العلم ج2 ص134 ومختصره ص185 وعن أعلام الموقعين ص19.
([378]) وسائل الشيعة ج18 ص40 وتفسير العياشي ج2 ص331.
([379]) راجع: صحيح البخاري ج4 ص172 وج 2 ص4 و9 ومسند أحمد ج4 ص400 وسنن أبي داود ج4 ص346 والتراتيب الإدارية ج2 ص7 و4 و25 وحياة الصحابة ج2 ص569 والغدير ج6 ص158 عن البخاري، وأبي داود وعن مسلم ج2 ص234 وعن مسند أحمد ج3 ص19 وعن سنن الدارمي ج2 ص274 وعن مشكل الآثار ج1 ص499. وحول تنكيل عمر بمن لا يأتي على الحديث ببينة راجع: حياة الصحابة ج3 ص360، عن كنز العمال ج7 ص34 وغيره.
([380]) راجع: الغدير للعلامة الأميني رحمه الله تجد تفصيل هذه النصوص، وطائفة كبيرة من مصادرها.
([381]) شرح النهج للمعتزلي ج12 ص83.
([382]) شرح النهج للمعتزلي ج1 ص28.
([383]) حياة الصحابة ج1 ص455 عن مسند أحمد ج1 ص65 وراجع ص61.
([384]) أي ابن مسعود.
([385]) الآية 3 من سورة يوسف.
([386]) تقييد العلم ص54 والسنة قبل التدوين ص312 وراجع: غريب الحديث لابن سلام ج4 ص48. وليس فيه: أن الأحاديث في أهل البيت.
([387]) صحيح مسلم ج1 ص11.
([388]) هذه الكلمة لا يمكن أن يقولها سلمان الذي هو من أعرف الناس بأمر عصمة الرسول في جميع حالاته، بل هي من إقحامات محبي أولئك المنحرفين الذين لا مانع عندهم من انتقاص شخص الرسول، شرط أن لا يمس أحداً من أحبائهم.
([389]) مسند أحمد ج5 ص439.
([390]) مسند أحمد ج5 ص439.
([391]) راجع: اليهودية واليهود ص23.
([392]) راجع: التفكير الديني عند اليهود، لمحمد حسن ظاظا وراجع: مقارنة الأديان (اليهودية) ص227.
([393]) اليهودية واليهود ص86 ومقارنة الأديان (اليهودية) ص226.
([394]) الفكر الديني الإسرائيلي للدكتور ظاظا ص79 عن التلمود: حيطين 60 ب ـ تمور.
([395]) بحوث مع أهل السنة والسلفية هامش ص97.
([396]) راجع: العمدة لابن رشيق ج1 ص25 وقد صرح بذلك كعب في حديث آخر في الدر المنثور ج3 ص125 ثم روى ذلك أبو هريرة وقتادة عن النبي "صلى الله عليه وآله" فراجع الدر المنثور ج3 ص124 و123 و122، وقد استدل البعض بهذا الحديث على حفظ القرآن عن ظهر قلب، فراجع مناهل العرفان ج1 ص235 والنشر في القراءات العشر ج1 ص6، وفي ربيع الأبرار ج2 ص150 ذكر هذا الحديث عن التوراة على لسان راهب آخر فراجع.
([397]) راجع: البداية والنهاية ج6 ص62 ونزهة المجالس ج2 ص199.
([398]) سنن النسائي ج5 ص253 وسنن البيهقي ج5 ص113 والغدير ج10 ص205 عنهما وعن كنز العمال عن ابن جرير نص آخر.
([399]) تعليقة السندي على سنن النسائي ج5 هامش ص253.
([400]) تفسير النيسابوري (مطبوع بهامش جامع البيان للطبري) ج1 ص79.
([401]) مروج الذهب ج3 ص85 والكامل في الأدب ج1 ص207 و مكاتيب الرسول ج1 ص62.
([402]) مناقب آل أبي طالب ج1 ص274.
([403]) اختيار معرفة الرجال ص210 و209 والكافي ج1 ص399 وبصائر الدرجات ص9 والوسائل (ط دار الإسلامية) ج15 ص196.
([404]) الكافي ج1 ص50 والوسائل (ط دار الإسلامية) ج18 ص42 ـ 43 و8.
([405]) الكافي ج1 ص399 وبصائر الدرجات ص12.
([406]) الاختصاص ص31.
([407]) راجع: سر گذشت حديث (فارسي) هامش ص28 وراجع: كنز العمال ج10 ص171 و172 و122.
([408]) معرفة علوم الحديث ص60 وكنز العمال ج10 ص189.
([409]) تقييد العلم ص89 و90 وفي هامشه قال: >وفي حض علي "عليه السلام" على الكتابة انظر معادن الجوهر للأمين العاملي 1، 3".
([410]) التراتيب الإدارية ج2 ص259 وطبقات ابن سعد ج6 ص116 وتاريخ بغداد ج8 ص357 وكنز العمال ج10 ص156 وتقييد العلم ص90 وفي هامشه عمن تقدم، وعن كتاب العلم لابن أبي خيثمة ص10 وعن المحدث الفاضل ج4 ص3.
([411]) كنز العمال ج10 ص129 عن الحاكم، وأبي نعيم، وابن عساكر.
([412]) راجع على سبيل المثال: كنز العمال ج10 كتاب العلم.
([413]) تقييد العلم ص91 ونور الأبصار ص122 وكنز العمال ج10 ص153 وسنن الدارمي ج1 ص130 وجامع بيان العلم ج1 ص99 والعلل ومعرفة الرجال ج1 ص412 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص227 والتراتيب الإدارية ج2 ص246 ـ 247 عن ابن عساكر، وعن البيهقي في المدخل، وفي هامش تقييد العلم عن بعض من تقدم، وعن: تاريخ بغداد ج6 ص399 (ولم أجده) وعن ربيع الأبرار 12 عن علي "عليه السلام".
([414]) أضواء على السنة المحمدية ص165 وشرح النهج للمعتزلي ج4 ص77 والبحار ط قديم ج8 ص675.
([415]) راجع: شرح النهج للمعتزلي ج4 ص77.
([416]) الكافي ج4 ص240 والبحار ج46 ص354، ويبدو أن كعباً قد استمر على تعظيم الصخرة، حتى إنه حينما كان مع عمر في بيت المقدس، وسأله عمر: أين يجعل المسجد والقبلة، قال: خلف الصخرة، فقال له عمر: ضاهيت اليهودية يا كعب. فراجع هذه القضية بنصوصها المتقاربة في: الأنس الجليل في أخبار القدس والخليل ج1 ص256 والأموال لأبي عبيد ص225 والإصابة ج4 ص105 والأسرار المرفوعة ص457.
([417]) البحار ج71 ص259 ط إيران وج 46 ص353 ـ 354 وسفينة البحار ج2 ص167، والكافي ج4 ص239.
([418]) البحار ج2 ص108.
([419]) تفسير فرات ص614 ط جديد.
([420]) راجع: صحيح البخاري ج4 ص193 و173 وج 2 ص71 والمصنف للصنعاني ج10 ص314 وج 11 ص110 وجامع بيان العلم ج2 ص51 والفصل في الملل والأهواء والنحل ج1 ص216 والبداية والنهاية ج2 ص134 ومجمع الزوائد ج1 ص192 والدر المنثور ج1 ص83 عن البخاري، وعبد الرزاق، وابن أبي حاتم، والبيهقي في شعب الإيمان.
([421]) راجع: المصنف للصنعاني ج6 ص112 وج 11 ص160 وج 10 ص313 وجامع بيان العلم وفضله ج2 ص50 والبداية والنهاية ج2 ص134 وفتح الباري ج13 ص281 وراجع: سنن الدارمي ج1 ص122 وتقييد العلم ص53 و56.
([422]) أضواء على السنة المحمدية ص165 عن الكاف الشاف ص139.
([423]) راجع: مروج الذهب ج2 ص340 ومسند أحمد ج1 ص63 وراجع: حلية الأولياء ج1 ص160 وتاريخ الأمم والملوك ج3 ص336 وج4 ص284 والغدير ج8 ص351 عنه. وراجع: أنساب الأشراف ج5 ص52 وشرح النهج للمعتزلي ج3 ص54 وج 8 ص256 وسير أعلام النبلاء ج2 ص67 ـ 69 والطبقات الكبرى لابن سعد ج4 ص232 والأوائل ج1 ص279 ومجمع الزوائد ج10 ص239 وحياة الصحابة ج2 ص157 و158 و259 وعن كنز العمال ج3 ص310. وأشار إليه العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان ج9 ص258 و251.
([424]) راجع كتابنا: دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام ج1 ص111 ـ 141.
([425]) كنز العمال ج10 ص172 عن أبي عمير بن فضالة في أماليه.
([426]) كنز العمال ج10 ص172 عن مسدد، وصحح.
([427]) الدر المنثور ج1 ص106 عن أبي داود في ناسخه، وعن النحاس في ناسخه، وعن سنن البيهقي ونثر الدر ج1 ص312 وذكر أخبار أصبهان ج1 ص89.
([428]) كنز العمال ج10 ص171 عن المروزي في العلم. وراجع: ربيع الأبرار ج3 ص588.
([429]) كنز العمال ج10 ص171 عن المروزي في العلم، والنحاس في ناسخه، والعسكري في المواعظ، والدر المنثور ج1 ص106 والجامع لأحكام القرآن ج2 ص62.
([430]) عن قوت القلوب ج2 ص302 وراجع: الحوادث والبدع ص100.
([431]) الكافي ج7 ص263 وتهذيب الأحكام للطوسي ج10 ص149 والوسائل ج12 ص111 وج 18 ص578 وج 3 ص515 وج 10 ص468 وج 11 ص567 وج 8 ص14 و82 وسفينة البحار ج2 ص433 وراجع: الصافي ج4 ص296 ومجمع البيان ج8 ص472 وتفسير البرهان ج4 وراجع: الدر المنثور ج1 ص106.
([432]) راجع: سمير الليالي ص324 والإسرائيليات في كتب التفسير والحديث ص204 عن تفسير النسفي ج4 ص29 ـ 30 وراجع: ربيع الأبرار ج3 ص588 والصافي ج4 ص296 ومجمع البيان ج8 ص472.
([433]) كنز العمال ج10 ص172 عن وكيع في الغرر، والقصاص والمذكرين ص23.
([434]) راجع وفيات الأعيان ج1 ص70.
([435]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص227 و228.
([436]) الآية 68 من سورة الأنعام.
([437]) راجع: تفسير العياشي ج2 ص362.
([438]) البحار ج74 ص259.
([439]) بحار الأنوار ج69 ص264 و265 وراجع: وسائل الشيعة ج6 ص111.
([440]) القصاص والمذكرين ص105.
([441]) البداية والنهاية ج9 ص31 وكنز العمال ج10 ص172 عن وكيع في الغرر، والقصاص والمذكرين ص23.
([442]) أضواء على السنة المحمدية ص342 عن الذهبي في رسالته التي ألفها في الرواة الثقات.
([443]) راجع: الكفاية في علم الرواية ص46 ـ 49 والباعث الحثيث ص182 و181 وتدريب الراوي ج2 ص214 والسنة قبل التدوين ص394 و403 وعنهم وعن فتح المغيث ج4 ص35.
وراجع: علوم الحديث لابن الصلاح ص264 و265 و268 وعلوم الحديث لصبحي الصالح ص353 الطبعة الثامنة وقواعد في علوم الحديث للتهانوي ص202 و203 والإصابة ج1 ص9 و10 والإحكام في أصول الأحكام ج2 = = ص81 و82 وفواتح الرحموت ج2 ص156 وإرشاد الفحول ص70 و69 و64 و65 والخلاصة في علوم الحديث ص124 و94 و67 وسير أعلام النبلاء ج2 ص608.
([444]) أضواء على السنة المحمدية ص349 عن العلم الشامخ للمقبلي ص297 ـ 312.
([445]) راجع: مقارنة الأديان (اليهودية) ص222.
([446]) راجع: الكتابة في علم الرواية ص51 وراجع ص50 والباعث الحثيث ص179 و181 (متناً وهامشاً) والإصابة ج1 ص5 و7 و4 ونهاية الوصول ج3 ص179 وإرشاد الفحول ص70 وأضواء على السنة المحمدية ص352 وتدريب الراوي ج2 ص208 و209 و215 ـ 216 والسنة قبل التدوين ص387 ومقدمة في علوم الحديث لابن الصلاح ص263 والخلاصة في أصول الحديث للطيبي ص124 و125 وعلوم الحديث لصبحي الصالح ص352 ط 8. وصحيح البخاري (ط دار الفكر) ج4 ص188 وأسد الغابة ج1 ص13، وراجع: الأحكام في أصول الأحكام ج2 ص82 وفواتح الرحموت ج2 ص158 وسلم الوصول ج3 ص180 وعن فتح المغيث ج4 ص31 و32 وعن تلقيح فهوم أهل الآثار ص27 ب.
([447]) راجع: الباعث الحثيث ص184 والسنة قبل التدوين ص392 ومعرفة علوم الحديث ص24 وعلوم الحديث لصبحي الصالح ص356 و357 ط 8 وراجع: سلم الوصول ج3 ص180.
([448]) راجع: الإصابة ج1 ص51.
([449]) راجع الإصابة ج1 ص158 وص 8 وترجمـة طليحة وتـدريـب الراوي ج2 ص209 وراجع فواتح الرحموت ج1 وسلم الوصول ج3 ص180.
([450]) السنة قبل التدوين ص397 عن المنهج الحديث في علوم الحديث ص62 عن شرح مسلم الثبوت.
([451]) القصاص والمذكرين ص115.
([452]) البـاعث الحثيث ص179 وعلوم الحديث لابن الصلاح ص262 وتقريب النواوي (مطبوع مع تدريب الراوي) ج2 ص207 والخلاصة في أصول الحديث للطيبي ص124.
([453]) الكفاية في علم الرواية ص49 والسنة قبل التدوين ص405 عنه.
([454]) أصول السرخي ج2 ص134.
([455]) السيرة الحلبية ج2 ص203 و204 عن الخصائص الصغرى، عن شرح جمع الجوامع وراجع: فتح الباري ج7 ص237.
([456]) راجع: فتح الباري ج7 ص238 والسيرة الحلبية ج2 ص203.
([457]) راجع: الصحيح من سيرة النبي الأعظم "صلى الله عليه وآله" الجزء الرابع حين الحديث حول غفران ذنب من شهد بدراً.
([458]) راجع: التراتيب الإدارية ج2 ص364 ـ 366.
([459]) راجع: فواتـح الرحموت في شرح مسلم الثبوت ج2 ص158 و156 وسلم الوصول (مطبوع مع نهاية السؤل) ج3 ص176 و177 والسنة قبل التدوين هامش ص396 و404 و405.
([460]) السنة قبل التدوين ص404 وراجع: إختصار علوم الحديث (الباعث الحثيث) ص182.
([461]) إرشاد الفحول ص69.
([462]) إختصار علوم الحديث (الباعث الحثيث) ص182.
([463]) أضواء على السنة المحمدية ص352 عن الأرواح النوافخ (المطبوع مع العلم الشامخ) ص687 و688.
([464]) المقدمة لابن خلدون ص389.
([465]) تهذيب تاريخ دمشق ج6 ص307.
([466]) شرف أصحاب الحديث ص7.
([467]) الكفاية في علم الرواية ص421 ـ 422.
([468]) الكفاية في علم الرواية ص421 ـ 422.
([469]) راجع: الخطط والآثـار ج2 ص332 وتاريخ حصر الاجتهـاد ص90 ـ 93 وراجع: الغدير ج7 ص119 عن سنن الدارمي ج1 ص58 وعن الصواعق المحرقة ص10 وعن تاريخ الخلفاء ص71 وعن أعلام الموقعين ص19 وعن جامع بيان العلم ج2 ص51 وعن ابن سعد في الطبقات.
([470]) المصادر السابقة.
([471]) راجع: إرشاد الفحول ص256 و257.
([472]) راجع: أصول السرخسي ج2 ص134 و135 ثم إنه ناقش هذه النظرية وردها.
([473]) ابن حنبل ص251 ـ 252 ومالك لأبي زهرة ص290.
([474]) راجع على سبيل المثال: فواتح الرحموت ج2 ص186 والتراتيب الإدارية ج2 ص366 ـ 367 وسلم الوصول في شرح نهاية السؤل ج4 ص410 وراجع نهاية السؤل ج4 ص410 وأصول السرخسي ج2 ص114ـ 115.
([475]) حياة الصحابة ج3 ص505 عن تاريخ الأمم والملوك ج3 ص446.
([476]) أصول السرخسي ج2 ص113 وراجع: نهاية السؤل ج4 ص416.
([477]) مقارنة الأديان (اليهودية) ص222 تأليف الدكتور أحمد شلبي.
([478]) كنز العمال ج1 ص332 عن ابن عساكر، وكشف الغمة للشعراني ج1 ص6 والنص له.
([479]) راجع: الثقات لابن حبان ج1 ص4 ونهاية السؤل ج3 ص266 و267 وسلم الوصول في شرح نهاية السؤل ج4 ص410 وأصول السرخسي ج1 ص116 و114 وإرشاد الفحول ص33 والأحكام في أصول الأحكام للآمدي ج4 ص204 وحياة الصحابة ج1 ص12 وعن كشف الغمة للشعراني ج1 ص6.
([480]) راجع المصادر التي في الهامش السابق.
([481]) راجع كتابنا: الغدير والمعارضون ص61 ـ 70.
([482]) سنن البيهقي ج3 ص144 والغدير ج8 ص100 عنه وراجع: الطبقات الكبرى لابن سعد ج2 قسم 2 ص135. وراجع رواية صالح بن كيسان والزهري في تقييد العلم ص106 و107 وفي هامشه عن العديد من المصادر.
([483]) راجع قصة الشورى في أي كتاب تاريخي شئت. وراجع: أصول السرخسي ج2 ص114 والأحكام في أصول الأحكام للآمدي ج4 ص133.
([484]) بهج الصباغة ج12 ص203.
([485]) منهاج السنة ج3 ص205 وقواعد في علوم الحديث ص446.
([486]) كنز العمال ج1 ص160 عن الديلمي في الفردوس.
([487]) راجع: الخطط والآثار للمقريزي ج2 ص332 وتاريخ حصر الاجتهاد ص90 و 92 و93.
([488]) راجع: الخطط والآثار للمقريزي ج2 ص332 وتاريخ حصر الإجتهاد ص90 و92.
([489]) أصول السرخسي ج2 ص108.
([490]) ابن حنبل لأبي زهرة ص251 ومالك لأبي زهرة ص290.
([491]) ابن حنبل لأبي زهرة ص254 و255 عن إرشاد الفحول ص214.
([492]) نهاية السؤل، وسلم الوصول بهامشه ج4 ص408.
([493]) أعلام الموقعين ج1 ص29.
([494]) قواعد في علوم الحديث ص460 و461.
([495]) قواعد في علوم الحديث ص202.
([496]) أصول السرخسي ج2 ص7.
([497]) راجع تفصيل ذلك في: إرشاد الفحول ص64 و65 والخلاصة في أصول الحديث ص67 والكفاية في علم الرواية ص385 و384 وراجع ص404 وقواعد في علوم الحديث للتهانوي ص138.
([498]) الكفاية في علم الرواية ص392 وقواعد في علوم الحديث للتهانوي ص139 و141.
([499]) التراتيب الإدارية ج2 ص366 وراجع ص364 و365.
([500]) الأحكام في أصول الأحكام ج2 ص82 والسنة قبل التدوين ص404 عنه.
([501]) إرشاد الفحول. ص259.
([502]) إرشاد الفحول ص261.
([503]) إرشاد الفحول ص78.
([504]) نهاية السؤل ج4 ص560 وراجع ص558 وراجع: الأحكام للآمدي ج4 ص159.
([505]) نهاية السؤل ج4 ص567.
([506]) سيأتي تفصيل ذلك، وبيان فساده حين الحديث حول غزوة بدر.
([507]) راجع: أصول السرخسي ج2 ص318 وص 5 و96 و91 وإرشاد الفحول ص35 ونهاية السؤل ج4 ص537 والأحكام في أصول الأحكام ج4 ص187 واجتهاد الرسول ص122 ـ 124 عن العديد من المصادر.
([508]) سيأتي الحديث عن قصة تأبير النخل في هذا الكتاب أيضاً إن شاء الله تعالى.
([509]) راجع على سبيل المثال: إرشاد الفحول ص35 والأحكام في أصول الأحكام ج4 ص187 و188 واجتهاد الرسول.
([510]) راجع: تهذيب الأسماء ج1 ص42 وراجع: الإلمام ج6 ص123 والباعث الحثيث ص35 وشرح صحيح مسلم للنووي (مطبوع بهامش إرشاد الساري) ج1 ص28.
وراجع: نهاية السؤل ج3 ص325 وسلم الوصول ج3 ص326 وعلوم الحديث لابن الصلاح ص24، وإرشاد الفحول ص82 و80 والإحكام في أصول الأحكام للآمدي ج4 ص188 و189.
([511]) راجع: الإحكام في أصول الأحكام ج4 ص188. ففيه ما يستفاد منه ذلك، وناقشه بما لا يجدي، وكذا في كتاب: اجتهاد الرسول ص141 و142 عن مصادر أخرى.
([512]) راجع: المنتظم ج9 ص210 والإلمام ج6 ص123 والإحكام في أصول الأحكام ج1 ص204 و205 وبحوث مع أهل السنة والسلفية ص27 عن المنتظم.
([513]) راجع: الإحكام في أصول الأحكام ج1 ص208 وتهذيب الأسماء ج1 ص42 والنشر في القراءات العشر ج1 ص7 و33 و31. وأي كتاب أصولي، يبحث حول حجية الإجماع، وفق مذاق أهل السنة.
([514]) الباعث الحثيث ص35 وعلوم الحديث لابن الصلاح ص24 وشرح صحيح مسلم (بهامش إرشاد الساري) ج1 ص28.
([515]) مجموعة المسائل المنيرية ص32.
([516]) راجع ما تقدم: في أضواء على السنة المحمدية ص370 و371.
([517]) تاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي ص155 والكامل في الأدب ج1 ص13 وأعلام الموقعين ج1 ص86.
وراجع: سنن الدارقطني ج4 ص206 و207 وراجع: المحلى ج1 ص59 وعيون الأخبار لابن قتيبة ج1 ص66.
([518]) تهذيب تاريخ دمشق ج6 ص307.
([519]) الإحكام في أصول الأحكام ج4 ص162، وقد تقدمت بقية المصادر في فقرة رقم: 11 رأي الصحابي حيث لا نص، فراجع.
([520]) الإحكام في أصول الأحكام ج4 ص162 والمحلى ج1 ص61.
([521]) شرح النهج ج12 ص84.
([522]) شرف أصحاب الحديث ص74.
([523]) شرف أصحاب الحديث ص76.
([524]) الباعث الحثيث ص85 عن السخاوي في شرح ألفية العراقي ص11 والمتبولي في مقدمة شرحه الجامع الصحيح.
([525]) نهاية السؤل في شرح منهاج الأصول ج4 ص632.
([526]) سلم الوصول لشرح نهاية السؤل ج4 ص631.
([527]) راجع: دائرة معارف القرن العشرين لوجدي ج3 ص223.
([528]) قواعد في علوم الحديث ص462.
([529]) الخطط والآثار للمقريزي ج2 ص334.
([530]) تاريخ حصر الاجتهاد ص105 ـ 107.
([531]) المصدر السابق ص108.
([532]) راجع: رياض العلماء ج4 ص33 و34.
([533]) أعلام الموقعين ج2 ص275 ـ 278. والاجتهاد في الإسلام ص218 ـ 246.
([534]) إرشاد الفحول ص253.
([535]) إرشاد الفحول ص253 و254.
([536]) فواتح الرحموت ج2 ص399 والاجتهاد في الإسلام ص219.
([537]) دائرة معارف القرن العشرين ج3 ص197.
([538]) راجع: مقارنة الأديان (اليهودية) ص223.
([539]) راجع: تاريخ بغداد ج14 ص7 و8 والبداية والنهاية ج10 ص215 والبصائر والذخائر ج1 ص81 وتاريخ الخلفاء ص285.
([540]) البداية والنهاية ج10 ص153.
([541]) إرشاد الساري ج1 ص29.
([542]) إرشاد الساري ج1 ص29. وراجع: تدريب الراوي ج1 ص96 وفتح الباري (المقدمة) ص11 وتذكرة السامع والمتكلم ص127 (هامش) عن مفتاح السعادة ص127 وقال: إن السلف والخلف قد أطبقوا على أنه أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى.
([543]) علوم الحديث، لابن الصلاح ص22.
([544]) راجع: فتح الباري (المقدمة) ص8 وتدريب الراوي ج1 ص91 وعلوم الحديث لابن الصلاح ص14 والخلاصة في أصول الحديث ص36 وعلوم الحديث ومصطلحه ص396 و399 والغدير ج9 ص35 عن شرح صحيح مسلم للنووي.
([545]) عمدة القاري ج1 ص5.
([546]) راجع: تذكرة السامع والمتكلم (هامش) ص128 عن تذكرة الحفاظ للذهبي ج3 ص210.
([547]) علوم الحديث لابن الصلاح ص24 وشرح صحيح مسلم للنووي (مطبوع بهامش إرشاد الساري) ج1 ص28.
([548]) الباعث الحثيث ص35.
([549]) الباعث الحثيث ص100.
([550]) راجع في جميع ما تقدم: الغدير ج5 ص293 ـ 295 وج 7 ص273 ومقدمة فتح الباري ص460 و461 والكفاية في علم الرواية ص125.
([551]) راجع: البداية والنهاية ج11 ص4 والغدير ج5 ص244.
([552]) راجع: الغدير ج11 ص87 وج 3 ص123 وج 6 ص143 و144.
([553]) راجع: فتح الباري (المقدمة) ص460 و461 وتدريب الراوي ج1 ص328 ـ 329.
([554]) راجع: مقدمة فتح الباري ص460 و461 وراجع: الكفاية في علم الرواية ص125.
([555]) لسان الميزان ج1 ص10 و11 والكفاية للخطيب ص123 و128 وآفة أصحاب الحديث ص71 و72 واللآلي المصنوعة ج2 ص468 وراجع: العتب الجميل ص122. وبحوث في تاريخ السنة المشرفة ص29 عن الأولين، وعن الموضوعات لابن الجوزي ص38 وعن السنة ومكانتها في التشريع للسباعي ص97.
([556]) اللآلي المصنوعة ج2 ص468.
([557]) راجع: لسان الميزان ج1 ص11.
([558]) الكفاية في علم الرواية ص403 وبحوث في تاريخ السنة المشرفة ص29 عن المحدث الفاضل للرامهرمزي ج1 ص12.
([559]) أحوال الرجال ص34.
([560]) راجع: لسان الميزان ج1 ص10 و12 و7 وميزان الاعتدال ج1 ص3.
([561]) وراجع على سبيل المثال: السنة قبل التدوين ص443 و442 والكفاية في علم الرواية ص123 و130 و31.
([562]) لسان الميزان ج1 ص10 وميزان الاعتدال ج1 ص27 ـ 28 ومقدمة فتح الباري ص431 وفتح الباري ج2 ص153 وقواعد في علوم الحديث ص407 و422.
([563]) الكفاية في علم الرواية ص126 وراجع لسان الميزان ج1 ص10.
([564]) الكفاية في علم الرواية ص126.
([565]) لسان الميزان ج1 ص10 وميزان الاعتدال ج1 ص27 و28.
([566]) قواعد في علوم الحديث ص444 وراجع ص443.
([567]) شرف أصحاب الحديث ص55 وراجع ص78.
([568]) لسان الميزان ج1 ص10 وميزان الاعتدال ج1 ص27 و28.
([569]) قواعد في علوم الحديث ص443 و444.
([570]) علوم الحديث لابن الصلاح ص104 و103 والباعث الحثيث ص99 وإرشاد الفحول ص51 وفتح الباري (المقدمة) ص459 و450 ومعرفة علوم الحديث ص135 والخلاصة في أصول الحديث ص95 والمجروحون ج1 ص168 والكفاية في علم الرواية ص121 و123 و126 ـ 128 وقواعد في علوم الحديث للتهانوي ص230 و231 و402 و207 وتقريب النووي وشرحه للسيوطي المسمى بتدريب الراوي ج1 ص325.
([571]) الخلاصة في أصول الحديث ص95 والكفاية في علم الرواية ص120 وقواعد في علوم الحديث للتهانوي ص227 ـ 230 وتقريب النووي وشرحه (تدريب الـراوي) ج1 ص324 وبحـوث في تـاريخ السنة المشرفة ص46 عنه وعـن = = الكامل لابن عدي ج1 ص39: أ وعن: المجروحون ج2 ص27 ب وعن المحدث الفاضل ج1 ص12.
([572]) لسان الميزان ج1 ص9 و10 وميزان الاعتدال ج1 ص30.
([573]) قواعد في علوم الحديث للتهانوي ص463 عن أبي الوفاء القرشي في كتاب الجامع الذي جعله ذيلاً للجواهر المضية ج2 ص428.
([574]) ميزان الاعتدال ج4 ص410.
([575]) لخصنا ذلك من كتاب: قواعد في علوم الحديث للتهانوي ج2 ص428.
([576]) ميزان الاعتدال ج1 ص3 ولسان الميزان ج1 ص7 و12.
([577]) راجع تفصيل ذلك فيما تقدم وفي لسان الميزان ج1 ص10.
([578]) قواعد في علوم الحديث للتهانوي ص443.
([579]) ميزان الاعتدال ج3 ص236 والعتب الجميل ص121 وفتح الباري (المقدمة) ص432 وج 2 ص154.
([580]) قواعد في علوم الحديث ص444 ـ 445.
([581]) بحوث في تاريخ السنة المشرفة ص29.
([582]) المصدر السابق ص28.
([583]) السنة قبل التدوين ص443.
([584]) أضواء على السنة المحمدية ص127.
([585]) راجع: كتابه أضواء على السنة المحمدية
([586]) راجع كتاب: أبو هريرة لشرف الدين، وكتاب: أبو هريرة شيخ المضيرة، لأبي رية.
([587]) تأويل مختلف الحديث ص132 والسنة قبل التدوين ص455.
([588]) سير أعلام النبلاء ج2 ص603.
([589]) السنة قبل التدوين ص455 عن: رد الدارمي على بشر المريسي ص132.
([590]) راجع: سير أعلام النبلاء ج2 ترجمة أبي هريرة.
([591]) راجع: السنة قبل التدوين ص467 و468.
([592]) مقالات الإسلاميين ج2 ص251.
([593]) أضواء على السنة ص370 عن الانتقاء ص149.
([594]) راجع: صحيح البخاري ط الميمنية ج4 ص67 والسيرة الحلبية ج2 ص132 وزاد المعاد ج1 ص165.
([595]) راجع: نهاية السؤل (شرح منهاج الأصول) ج1 ص315 ـ 321 متناً وهامشاً، وص 345 و347 و348 و353 وإرشاد الفحول ص9 ([595]).
([596]) راجع: إرشاد الفحول ص9.
([597]) راجع: إرشاد الفحول ص7 ونهاية الأصول ج1 ص314 وص 81 ـ 85.
([598]) إرشاد الفحول ص9.
([599]) إن محط نظرنا في هذا الفصل وفي سابقه، هو ـ في الأكثر ـ النصوص المرتبطة بالنبي "صلى الله عليه وآله"، والأئمة المعصومين "عليهم السلام". وما عدا ذلك من قضايا تاريخية فإنه لا يهمنا كثيراً الآن. ونشير هنا إلى أن من المعلوم: أن التاريخ وكل قضايا التراث قد كتبت ـ في الأكثر ـ بأيد غير أمينة، فلا يمكن المبادرة إلى عرضها على أنها تاريخ أو تشريع، أو غير ذلك إلا بعد دراستها بعمق، وتمحيصها بصورة كافية ووافية. ونحن نعترف في الوقت الحاضر أننا غير قادرين على القيام بمهمة كهذه.
([600]) راجع كتابنا: الغدير والمعارضون ص61 ـ 70.
([601]) راجع: صراع الحرية في عصر الشيخ المفيد ص70 ـ 74 ودراسات وبحوث في التاريخ والإسلام ج2 ص253 ـ 271 طبع إيران.
([602]) أصول الكافي ج1 ص55 وفي الباب روايات كثيرة أخرى، فمن أرادها فليراجعها.
([603]) راجع: الصحيفة السجادية، الدعاء رقم 42.
([604]) الميزان في تفسير القرآن ج3 ص176 عن الكافي.
([605]) عن أصول الحنفية للشاشي ص43 وراجع: كنز العمال ج1 ص176 عن ابن عمر عنه "صلى الله عليه وآله". وص 175 و160 عن ثوبان عنه "صلى الله عليه وآله". والنقل في الجميع عن الطبراني، ومجمع الزوائد ج1 ص170 عن ثوبان عنه "صلى الله عليه وآله"، وأصول السرخسي ج1 ص315 وج 2 ص68، مستدلا به على عدم جواز نسخ الكتاب بالسنة ونهاية السؤل، تعليقات محمد بخيت المطيعي ج3 ص173.
([606]) سنن الدارمي ج1 ص146.
([607]) المصنف للصنعاني ج6 ص112 وراجع خطبة ابن مسعود في ج11 ص160 وجامع بيان العلم ج2 ص42 وحياة الصحابة ج3 ص191 عنه.
([608]) عيون الأخبار لابن قتيبة ج2 ص233 والبيان والتبيين ج2 ص44 والعقد الفريد ج4 ص60.
([609]) الأم ج7 ص308 وأضواء على السنة المحمدية ص367.
([610]) كنز العمال ج1 ص176 عن ابن عساكر. وفي تهذيب تاريخ دمشق حديث آخر عن علي "عليه السلام" حول عرض الحديث على القرآن.
([611]) الكفاية في علم الرواية ص430.
([612]) حلية الأولياء ج1 ص253 وحياة الصحابة ج3 ص576.
([613]) حياة الصحابة ج3 ص197 عن كنز العمال ج8 ص87 عن ابن عساكر.
([614]) تأويل مختلف الحديث ص199 وسنن الدارمي ج1 ص145 ومقالات الإسلاميين ج2 ص324 وج 1 ص251 وجامع بيان العلم ج2 ص234 و233 وعون المعبود ج12 ص356. وراجع: الكفــايـة للخطيـب ص14 وميزان الاعتدال ج1 ص107 ولسان الميزان ج1 ص194 ودلائل النبوة للبيهقي ج1 = = ص26 والجامع لأحكام القرآن ج1 ص38 و39 وراجع: المعتصر من المختصر من مشكل الآثار ج2 ص251 ونهاية السؤل للآسنوي ج2 ص579 ـ 580 وبحوث مع أهل السنة والسلفية ص67 و68 عن بعض ما تقدم.
([615]) دلائل النبوة للبيهقي ج1 ص26.
([616]) الخلاصة في أصول الحديث للطيبي ص85.
([617]) جامع بيان العلم ج2 ص233 وإرشاد الفحول ص33 وراجع هذا النص وغيره، في كتاب: بحوث مع أهل السنة والسلفية ص67 ـ 68 وسلم الوصول (مطبوع مع نهاية السؤل) ج3 ص174.
([618]) جامع بيان العلم ج2 ص233.
([619]) إرشاد الفحول ص33. وراجع: سلم الوصول (مطبوع مع نهاية السؤل) ج3 ص174.
([620]) لا بأس بمراجعة ما قاله السرخسي في هذا المقام. أصول السرخسي ج1 ص365.
([621]) سلم الوصول (مطبوع مع نهاية السؤل) ج3 ص174.
([622]) راجع: المستصفى للغزالي ج1 ص124 وفواتح الرحموت (مطبوع مع المستصفى) ج2 ص78 وإرشاد الفحول ص191 ونهاية السؤل للآسنوي ج2 ص579 ـ 580 متنا وهامشاً. وراجع ج4 ص457 وأصول السرخسي ج2 ص67 ـ 69.
([623]) راجع نهاية السؤل للآسنوي ج2 ص579 ـ 580 متناً وهامشاً.
([624]) راجع: دلائل النبوة للبيهقي ج1 ص24 ومصابيح السنة ج1 ص158 و159 وسنن ابن ماجة ج1 ص6 و7 ومسند أحمد ج6 ص8 وج 4 ص131 و132 ومستدرك الحاكم ج1 ص108 و109 وتلخيص المستدرك للذهبي (مطبوع بهامشه) والجامع الصحيح للترمذي ج5 ص37 و38 وسنن الدارمي ج1 ص144 وسنن أبي داود ج4 ص200 وج 3 ص170 والإملاء والاستملاء ص4 وكشف الأستار عن مسند البزار ج1 ص80 والمصنف للصنعاني ج10 ص453 والأم ج7 ص310، والكفاية في علم الرواية ص8 ـ 11.
([625]) عون المعبود في شرح سنن أبي داود ج4 ص356.
([626]) راجع: مسند أحمد ج6 ص47 و116 وج 1 ص90 و22 و29 و32 و336 و335 وج 3 ص346 وصحيح مسلم ج5 ص76 وصحيح البخاري ج4 ص5 و173 وج 1 ص22 والمصنف للصنعاني ج5 ص438 و439 وتهذيب تاريخ دمشق ج6 ص451. وراجع بقية المصادر في كتابنا: صراع الحرية في عصر المفيد.
([627]) راجع: الغدير ج6 ص290 ـ 293 عن مصادر كثيرة، وكشف الأستار عن زوائد البزار ج3 ص70.
([628]) الآية 2 من سورة البقرة.
([629]) الآية 9 من سورة الإسراء.
([630]) الآية 24 من سورة محمد