شرح الأخبار
القاضي النعمان المغربي ج 3
[ 1 ]
شرح الاخبار في فضائل الائمة الاطهار للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي المتوفى سنة 363 ه. ق الجزء الحادي عشر مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
[ 2 ]
طبع ونشر: مؤسسة النشر الاسلامي
[ 3 ]
بسم الله الرحمن الرحيم [ بقية فضائل أهل البيت ] [ 912 ] أبو سلمة، عن عطية عن أبي سعيد الخدري. وسعيد بن المسيب (1) عن أبي ذر رضي الله عنه. وأبو عبد الله جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي صلوات الله عليه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق. مثل باب حطة لبني إسرائيل. [ 913 ] هشام بن الحكم، قال: قال لي موسى بن جعفر بن محمد عليه السلام: عشر من كانت فيه واحدة منها فليس منا ولا من شيعتنا: الجنون، والجذام، والبرص، وفساد الاهل، ورداء الاصل، والمفعول في دبره، والمتصدق على الابواب (2)، والبخيل، والجبان، والمتشبه بالنساء. [ في قبة تحت العرش ] [ 914 ] ابن إسحاق الهمداني، عن حسان الطائي، عن أبي موسى (1) وهو سعيد بن المسيب بن حزين بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ القريشي المخزومي أبو محمد المتوفى سنة 94 ه بالمدينة. (2) وفي الخصال ص 336: وأن يسأل الناس بكفه (*).
[ 4 ]
الاشعري، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: أنا وعلي وفاطمة والحسن والحسين [ يوم القيامة ] (1) في قبة تحت العرش. [ أبو الحمراء وآية التطهير ] [ 915 ] أبو الحمراء (2)، قال: رابطت المدينة سبعة أشهر كيوم واحد (3)، فكنت أرى رسول الله صلى الله عليه وآله إذا طلع الفجر جاء إلى باب علي وفاطمة عليهما السلام، فقال: الصلاة الصلاة " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " (4). [ 916 ] وعن علي عليه السلام، قال رسول الله صلى الله عليه وآل: من صنع إلى أحد من أهل بيتي معروفا كافأته يوم القيامة. [ حب أهل البيت ] [ 917 ] محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، باسناده عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أحبوا الله لما يعدكم به من نعمته (5)، وأحبوني لحب الله، وأحبوا أهل بيتي لحبي. [ 918 ] إسحاق بن عبد الله بن طلحة، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: نحن بنو عبد المطلب سادة الجنة، أنا، وعلي، وجعفر بن أبي طالب، وحمزة بن عبد المطلب، والحسن، والحسين، والمهدي. (1) ما بين المعقوفتين من مجمع الزوائد 9 / 184. (2) واسمه هلال بن الحارث أو ابن الظفر، خادم رسول الله صلى الله عليه وآله. (3) أي أن هذه الصورة تتكرر يوميا طيلة سبعة اشهر التي سكنت فيها المدينة (*). (4) الاحزاب: 33. (5) وفي صحيح الترمذي 2 / 301 الحديث 14: لما يغذوكم من نعمه.
[ 5 ]
[ 919 ] عبد الله بن سليمان، عن أبيه، عن عمار بن ياسر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أهل بيتي مثل المطر لا يدرى أوله خير أم آخره. [ كل نسب منقطع إلا نسبي ] [ 920 ] الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، أنه قال في قول الله عزوجل: " واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام " (1) قال: نزلت في رسول الله صلى الله عليه وآله وذوي أرحامه لانه قال صلى الله عليه وآله: كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي. [ 921 ] أبو صالح، عن ابن عباس، أنه قال في قول الله تعالى: " ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما " (2)، قال: يقول: لا تقتلوا أهل بيت نبيكم (3). [ 922 ] سماعة بن مهران (4) قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام في قول الله عزوجل: " والمستضعفين من الرجال والنساء والوالدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا " (5). (1) النساء: 1. (2) النساء: 29. (3) وأضاف في البرهان 1 / 364: إن الله عزوجل يقول في كتابه: قل تعالوا ندع أبناءنا وابناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم. قال: كان أبناء هذه الامة الحسن والحسين وكان نساؤهم فاطمة عليها السلام وأنفسهم النبي صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام. (4) أبونا شرة سماعة بن مهران بن عبد الرحمان الحضرمي مولى عبد بن وائل بن حجر الحضرمي، كان يتجر في القز ويخرج به إلى حران ونزل الكوفة في كندة، ومات بالمدينة 145 ه. (5) النساء: 75 (*).
[ 6 ]
قال: نحن أولئك. [ توبة آدم ] [ 923 ] صفوان الجمال (1)، قال: دخلت على أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام وهو يقرأ هذه الآية: " فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم " (2) ثم التفت الي. فقال: يا صفوان إن الله تعالى ألهم آدم عليه السلام أن يرمي بطرفه نحو العرش، فإذا هو بخمسة أشباح من نور يسبحون الله ويقدسونه. فقال آدم: يا رب من هؤلاء ؟ قال: يا آدم صفوتي من خلقي لولاهم ما خلقت الجنة ولا النار، خلقت الجنة لهم ولمن والاهم، والنار لمن عاداهم. لو أن عبدا من عبادي أتى بذنوب كالجبال الرواسي ثم توسل الي بحق هؤلاء لعفوت له. فلما أن وقع آدم في الخطية قال: يا رب بحق هؤلاء الاشباح اغفر لي فأوحى الله عزوجل إليه: إنك توسلت الي بصفوتي وقد عفوت لك. قال آدم: يا رب بالمغفرة التي غفرت إلا أخبرتني من هم. فأوحى الله إليه: يا آدم هؤلاء خمسة من ولدك، لعظيم حقهم عندي اشتقت لهم خمسة أسماء من أسمائي، فأنا المحمود وهذا محمد وأنا العلي وهذا علي، وأنا الفاطر وهذه فاطمة، وأنا المحسن وهذا (1) وهو أبو محمد صفوان بن مهران بن المغيرة الاسدي الكوفي وكان يسكن بني حرام بالكوفة. (2) البقرة: 37 (*).
[ 7 ]
الحسن، وأنا الاحسان فهذا الحسين (1). [ ملة ابراهيم ] [ 924 ] سفيان بن عمرة (2)، عن حسان، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام، أنه قال في قول الله عزوجل: " ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه " (3). قال: نحن والله على ملة إبراهيم، وشريعته شريعتنا، ولقد رغب أعداؤنا عن ملة إبراهيم بتركهم ولايتنا، والله يا حسان لقد أخذ الله ميثاقا بالولاية لنا في الدجى الاول على لسان كل نبي وأخذ ميثاقنا عليه وأخذه على أمته، فمن رغب عنا فقد رغب عن ملة إبراهيم وشريعته. [ 925 ] ابن أبي زياد الكوفي (4)، عن أبيه، عن علي عليه السلام، قال: لما أنزلت: " الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب " (5)، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ذلك من أحب الله [ ورسوله ] (6) وأحب أهل بيتي صادقا غير كاذب. [ 926 ] المفضل (7)، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام، أنه قال: (1) وفي فرائد السمطين 1 / 37: وأنا الاحسان وهذا الحسن وأنا المحسن وهذا الحسين. (2) وأظنه سفيان بن أبي عمير البارقي الكوفي. (3) البقرة: 130. (4) وأظنه اسماعيل بن أبي زياد. (5) الرعد: 28. (6) ما بين المعقوفتين من كنز العمال 1 / 251. (7) المفضل بن عمر (اعيان الشيعة 10 / 132) (*).
[ 8 ]
من أحبنا أهل البيت تتابعت الحكمة على لسانه، وجدد له كل يوم عمل سبعين عابد عبد الله سبعين سنة. [ أساس الاسلام ] [ 927 ] مدرك بن عبد الرحمان، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام، أنه قال: الاسلام عريان ولباسه الحياء، وزينته الوقار، ومروته العمل الصالح، وعماده الورع. لكل شئ أساس وأساس الاسلام حبنا أهل البيت. [ طيب الولادة وحب أهل البيت ] [ 928 ] حسين بن زياد، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن آبائه عليهم السلام: أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من أحبنا أهل البيت فليحمد الله على أول النعم. قيل: يا رسول الله وما أول النعم ؟ قال: طيب الولادة، ولا يحبنا إلا من طابت ولادته. [ 929 ] يونس بن ظبيان، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام، أنه قال: إن موسى وهارون عليهما السلام لما دخلا على فرعون لم يكن في الذين حضروا واستشارهم يومئذ فيهم من هو لغير رشده (1)، ولو كانوا كذلك أمروه بقتلهما، ولما قالوا: " أرجه وأخاه " (2) وأشاروه بالتأني والنظر. قال: ثم وضع أبو عبد الله يده على صدره، قال: وكذلك والله (1) وفي البرهان 2 / 27: لم يكن في جلسائه يومئذ ولد سفاح كانوا ولد نكاح كلهم. (2) الاعراف: 111 (*).
[ 9 ]
نحن لا ينزع الينا (1) يعني بالمكروه - إلا كل خبيث الولادة. [ أصل الخير ] [ 930 ] عبد الله بن مسكان (2)، عن أبي عبد الله عليه السلام، أنه قال: نحن أصل (3) كل خير، ومن فروعنا كل بر، ومن البر: التوحيد، والصلاة، والصيام، وكظم الغيظ، والعفو عن المسئ، ورحمة الفقير، وتعاهد الجار، والاقرار بالفضل لاهله. وعدونا أصل (4) الشر، ومن فروعهم كل قبيح، ومن القبيح: التشبيه، والكذب، والبخل، والنميمة، والقطيعة، وأكل الربا، [ وأكل ] مال اليتيم بغير حقه، وتعدي الحدود التي أمر الله تعالى بها، وركوب الفواحش ما ظهر منها وما بطن، والزنا، والسرقة، وكل ما وافق ذلك من القبيح. وكذب من زعم أنه معنا وهو متعلق بفروع غيرنا. [ 931 ] أبو حمزة الثمالي، عن أبي الطفيل (5)، قال: قام أمير المؤمنين عليه السلام على المنبر، فقال: إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وآله بالنبوة واصطفاه بالرسالة، وعندنا أهل البيت مفاتيح العلم وأبواب الحكمة وضياء الامر، وفصل الخطاب. ومن أحبنا ينفعه إيمانه، ويتقبل منه عمله، ومن لا يحبنا أهل البيت لا يتقبل منه إيمانه ولا ينفعه عمله، وإن أدأب (6) نفسه (1) هكذا صححناه وفي الاصل: لا يسرع الينا. (2) أبو محمد: مولى غنزة، له كتاب في الامامة وفي الحلال والحرام، مات في أيام الامام الرضا عليه السلام. (3) و (4) هكذا صححناه وفي الاصل: أهل. (5) وهو عامر بن وائلة بن عبد الله بن عمرو بن جحش بن جري الليثي المتوفى 110 ه. (6) أدأب: أي أجهد وأتعب (*).
[ 10 ]
بالليل والنهار. [ قوام الاسلام ] [ 932 ] أبو صادق (1)، قال: سمعت عليا عليه السلام يقول: إن في الاسلام ثلاثا، لا يقوم إلا عليهن، ولا ينفع واحدة دون صاحبتها: الصلاة، والزكاة، والولاية (2). [ 933 ] عبد الله بن نمير الهمداني (3)، باسناده، عن رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه قال: النجوم أمان لاهل السماء وأهل بيتي أمان لاهل الارض. [ 934 ] الليث بن سعد، باسناده، عن أبي وائل (4)، قال: كنت بالمدينة لما بويع لعثمان، فدخلت المسجد، فرأيت رجلا يصفق باحدى يديه على الآخرى، ويقول: يا عجبا من قريش استأثروها على أهل البيت معدن الفضيلة ونجوم الارض، ونور البلاد، والله إن فيهم رجلا ما رأينا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وهو أولى بالحق، ولا أقضى بالعدل، ولا آمر بالمعروف ولا أنهى عن المنكر منه. فقلت له: من أنت يرحمك الله، ومن الرجل الذى وصفت ؟ فقال: أنا المقداد بن الاسود (5)، والذي وصفته: علي بن ابي طالب. (1) وهو أبو صادق الازدي الكوفي، قيل: اسمه مسلم بن يزيد، وقيل: عبد الله بن ناجد. (2) وفي فرائد السمطين 1 / 79 الحديث 49: الموالاة. (3) واظنه عبد الله بن نمير الكوفي، يكنى أبا هشام، توفي 199 ه. (4) وهو شقيق بن سلمة الكوفي. (5) أبو معبد أو أبو عمرو الصحابي البطل ولد 37 ق ه في اليمن ثم إلى مكة شهد بدرا وسكن المدينة وتوفي في مقربة منها ودفن في المدينة 33 ه (*).
[ 11 ]
قال: فمكث ما شاء الله، ثم لقيت أبا ذر، فحدثته بقول المقداد. فقال أبو ذر: صدق والله مقداد. قلت له: فما منعكم أن تجعلوا هذا الامر فيهم ؟ قال: أبى ذلك عليهم قومهم. قلت: فما منعكم أن تعينوهم ؟ قال: مه، لا تسألني عن هذا. قال: ثم كان من أمر أبي ذر مع عثمان ما كان يعني عن نفيه إياه من المدينة إلى الربذة. [ 935 ] الحسن بن عبد الله، عن أبي الضحى، عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إني تارك فيكم اثنين: القرآن وأهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض يوم القيامة. [ 936 ] عبد الله بن عثمان العمري، عن أبي لهيعة (1)، عن عبد الله أبي هبيرة، عن أبي ذر، أنه قال: مثلكم ومثل أهل بيت نبيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق. [ 937 ] عبد الله بن صالح، يرفعه إلى علي عليه السلام، أنه قال: نزل القران ارباعا، ربعا فينا، وربعا في عدونا، وربعا سيرة وأمثال (2)، وربعا فرائض وأحكام. لنا عزائم القرآن. [ 938 ] سفيان، باسناده، عن علي بن الحسين، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ستة لعنهم الله [ ولعنتهم ] (3) وكل نبي مجاب: الزائد في القرآن، وكل مكذب بقدر الله، والتارك لسنتي، والمتسلط (1) وأظنه عبد الله بن لهيعة بن فرعان الحضرمي المصري. (2) وفي ما نزل من القرأن في علي للحبري ص 44: وربع حلال وحرام. (3) ما بين المعقوفتين من كنز العمال 8 / 191 واسد الغابة 4 / 107 (*).
[ 12 ]
بالجبروت ليذل من أعز الله ويعز من أذل الله، والمستحل من عترتي ما حرم الله، والمستحل لحرم الله (1). [ الذرية الطيبة ] [ 939 ] على بن هاشم، باسناده، عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام: قال: قال الله عزوجل لمحمد صلى الله عليه وآله: إني اصطفيتك، وانتجبت لك عليا، وجعلت منكما ذرية طيبة جعلت لهم الخمس. [ 939 ] وقال عليه السلام: إن الله عزوجل اتخذ محمدا عبدا قبل أن يتخذه رسولا وكان علي أحب الله، فأحبه الله، ونصح لله فنصح الله له، وإن حقنا في كتاب الله لنا صفو الاموال، ولنا الانفال. [ 941 ] شريك بن عبد الله، عن الدكين، عن القاسم، عن زيد بن ثابت (2)، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي [ ألا وهما الخليفتان من بعدي ] (3) لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. [ 942 ] المطلب بن عبد الله، عن مصعب بن عبد الرحمان بن عوف، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إني فرط لكم (4)، فأوصيكم بعترتي خيرا، فإن موعدكم (1) وفي اسد الغابة 4 / 107 أضاف: والمستأثر بالفئ. (2) صحابي خزرجي أمره الرسول أن يتعلم السريانية ليقرأ له ما يرد عليه من الكتب المدونة بالعبرية توفي 45 ه. (3) ما بين المعقوفتين من بحار الانوار 23 / 126 الحديث 54. (4) وفي تاريخ دمشق 2 / 368: أيها الناس إني لكم فرط (*).
[ 13 ]
الحوض. [ أهل البيت أمان للامة ] [ 943 ] سلمة بن الاكوع (1)، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: النجوم أمان لاهل السماء وأهل بيتي أمان لامتي. [ 944 ] إسماعيل بن موسى، باسناده، عن أبي هريرة، قال: نظر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام فقال: أنا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم (2). [ 945 ] محول (3) بن إبراهيم، باسناده، عن ام سلمة، قالت: نزلت هذه الآية في بيتي: " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا " (4). وفي البيت سبعة: جبرائيل، وميكائيل، ورسول الله صلى الله عليه وآله، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين. قالت: وأنا على باب البيت جالسة، فقلت: يا رسول الله ألست من أهل البيت ؟ قال: إنك على خير وإنك من أزواج النبي. وما قال أنا من أهل البيت. فأفضل أهل البيت رسول الله صلى الله عليه وآله وبه استحق الفضل من استحقه من أهل البيت. (1) وهو سلمة بن عمرو بن سنان الاكوع الاسلمي صحابي توفي بالمدينة 74 ه. (2) وفي كفاية الطالب ص 331: أنا حرب لمن حاركم وسلم لمن سالمكم. (3) وفي الخصال ص 403: مخول. (4) الاحزاب: 33 (*).
[ 14 ]
والذي يليه منهم علي صلواته الله عليه، وهو كما جاء فيما تقدم أخوه ووزيره ووصيه وخليفته والشاهد على أمته من بعده، فما جاء في فضل أهل البيت عليهم السلام فله بعد رسول الله صلى الله عليه وآله أفضله (1) وفاطمة عليها السلام بعده، هي ابنة رسول الله صلى الله عليه وآله وام الائمة من ذريته فهي في الفضل أولاهم به، ثم الائمة من ولدها واحد بعد واحد، سادات أهل زمانهم أئمتهم ومواليهم، ولهم من الفضل على جميعهم ما يوجب الامامة لهم، وهم أفضل ذرية علي وفاطمة عليهما السلام ومن أهل البيت الفاضل أعلى وأشرف من غيرهم، منهم يعلو الامامة وشرفها، ومن لم يتول الامام في كل زمان منهم، فمن ينسب إليهم، ويعرف فضله، ويدين بالطاعة له فهو منقطع النسب كما قطع الله عزوجل نسب ابن نوح لما تخلف عن الركوب في السفينة معه عنه، وقال: " إنه ليس من أهلك " (2). ومن تولى أئمة الحق من أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله، وعرف حقهم، ودان بإمامتهم، وتقلد عهد إمام زمانه منهم، ووفى بما أخذ له، فهو من أهل البيت بالتولي لهم، كما قال إبراهيم عليه السلام فيما حكاه الله تعالى من قوله: " فمن تبعني فإنه مني " (3)، وكما قال سبحانه: " ومن يتولهم منكم فإنه منهم " (4) كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله لسلمان الفارسي رحمة الله عليه: سلمان منا أهل البيت. فنسبه إلى أهل بيته لتوليه إياهم صلوات الله عليهم. (1) كذا في الاصل. (2) هو: 6. (3) إبراهيم: 36. (4) المائدة: 51 (*).
[ 15 ]
خديجة الكبرى [ ذكر فضل خديجة بنت خويلد زوج النبي ] هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن القصي، ولم يولد للنبي صلى الله عليه وآله ولد إلا منها، ما خلا ابنه إبراهيم، فإنه ولد له من مارية القبطية (1). وولد له من خديجة القاسم وبه كان يكنى والطاهر والطيب وفاطمة وزينب ورقية (2) وام كلثوم. فأما القاسم والطيب فماتا بمكة صغيرين، ومات الطاهر كذلك صغيرا. وأما إبراهيم من مارية فولد بالمدينة بعد ثمان سنين من مقدمه، وعاش سنة وعشرة أشهر وثمانية أيام، ومات بالمدينة. وكانت خديجة قبل النبي عند عتيق بن عامر المخزومي، وولدت له حارثة، ومات عنها بمكة، وتزوجها بعده أبو هالة زرارة بن ساس الاسدي، ومات عنها بمكة وولدت له هند بن أبي هالة، وكانت خديجة ذات مال كثير وعبيد ومضاربين لها يتجرون في مالها، ويسافرون به لها إلى الشام، فلما اتصل بها عن رسول الله صلى الله عليه وآله ما هو عيه من الامانة والطهارة والصدق والعفاف أرسلت إليه، وسألته أن يخرج ببضاعة إلى الشام، ففعل وأرسلت معه غلاما (1) مصرية الاصل أهداها المقوقس عامل الاسكندرية فتزوجها توفيت 16 ه. (2) وأما زينب فكانت في الجاهلية تحت أبي العاص ابن الربيع. ورقية تحت عتبة بن أبي لهب، ثم تزوجهما عثمان بن عفان بالتعاقب (*).
[ 16 ]
يقال له: ميسرة فجاءها بفضل واسع لم يأتها غيره. وأخبرها غلامها بما شاهده من فضله وآيات رآها فيه. وكان لها ابن عم يقال له ورقة بن نوفل على دين النصرانية قد قرأ الكتب، وكان يذكر لها أن نبيا إن بعثه يبعث من قريش، فلما أخبرها غلامها بما شاهد منه مع ما اتصل بها من آياته وعلامات النبوة فيه ذكرت ذلك لابن عمها ورقة. فقال: والله ما أشك، إنه هو النبي المنتظر. وكان ورقة هذا قد خطب خديجة، وهمت بتزويجه لما تبين لها أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وأراد الله كرامتها ألهمها أن أرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله تعرض بنفسها عليه، فتزوجها وبنى بها صلى الله عليه وآله وهو ابن خمس وعشرين سنة، ولم يتزوج عليها غيرها، ولا تزوج امرأة إلا بعد أن ماتت. وكانت من أفضل نسائه وأحبهن إليه، وكانت تنتظر نبوته، ويسألها ابن عمها عن ذلك، وعن دلائل تعرفها فيه، فتخبره بذلك، فيقول: هو والله النبي المنتظر، وله في ذلك أشعار كثير قالها (1)، ومات قبل أن يبعث الله نبيه محمدا صلى الله عليه وآله. وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يعارض خديجة ويخبرها بما يأتيه من قبل أن ينبأ به، وما يراه في منامه، وتخبره هي بقول ورقة، فلما أتاه الوحي من عند الله عزوجل بالرسالة أخبرها بذلك ودعاها إلى الاسلام، فأسلمت، فكانت أول من أسلم، ثم دعا عليا عليه السلام من غد، فأسلم. وقد مضى ذكر خبر إسلامه عليه السلام (2). وكان رسول الله صلى الله عليه وآله في ابتداء أمره إذا دعا قومه فكذبوه، (1) راجع الجزء الثاني. (2) في الجزء الثاني (*).
[ 17 ]
ونالوا منه وهموا به، منعه منهم عمه أبو طالب. وكان سيدا مطاعا فيهم، وكان يأتي خديجة مغموما لما يناله منهم، فتهدئه، وتصبره، وتهون عليه. وبذلت مالها له، فكان ذلك مما يعز به. فلما كثر الاسلام والمسلمون بمكة مات أبو طالب عم رسول الله صلى الله عليه وآله ثم ماتت خديجة بعده بثلاثة أيام. وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ما اغتممت بغم أيام حياة أبي طالب وخديجة. لما كان أبو طالب يدفعه عنه وخديجة تعزيه وتصبره وتهون عليه ما يلقاه في ذات الله عزوجل. [ بيت من لؤلؤ ] [ 946 ] الدغشي، باسناده، عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لفاطمة عليها السلام: إن جبرائيل عليه السلام عهد الي إن بيت امك خديجة في الجنة بين بيت مريم ابنة عمران وبين بيت آسية امرأة فرعون، من لؤلؤ جوفاء، لا صخب فيه ولا نصب. [ 947 ] وبآخر، عن رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه قال: قال لي جبرائيل: بشر خديجة ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب فيه يعني قصب الزمرد. [ منزلة خديجة عند الرسول ] [ 948 ] وبآخر، عن رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه أهدى إليه لحم جمل أو لحم جزور. فأخذ بيده لحما، فأعطاه رسول الله، وقال: إذهب إلى فلانة - أو قال [ إلى ] فلان -.
[ 18 ]
فقالت عائشة: يا رسول الله لم غمرت يدك قد كان فينا من يكفيك ؟ قال: ويحك إن خديجة أوصتني بها - أو قال: [ أوصتني ] به -. يعني من أرسل ذلك اللحم إليه. فأدركت عائشة الغيرة لذكر خديجة. فقالت: كأن ليس في الارض امرأة إلا خديجة. فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وهو غضبان فلبث ما شاء الله أن يلبث. ثم دخل عليها وعندها امها - أم رومان - (1). فقالت: يا رسول الله ما لعائشة ؟ إنها حدثة، وهي غيراء. فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بشدق عائشة، ثم قال: ألست القائلة: كأن ليس في الارض امرأة إلا خديجة ؟ لقد آمنت بي إذ كفر بي قومك، وقبلتني إذ رفضني قومك، ورزقت مني الولد إذ حرمت مني. قالت عائشة: فما ترك شدقي حتى ذهب من نفسي كل شئ كنت أجده على خديجة. [ 949 ] وبآخر، عن عروة بن الزبير (2)، قال: توفيت خديجة قبل أن تفرض الصلاة (3). فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لقد رأيت لخديجة بيتا من (1) وهي زينب وقيل دعد بنت عبد بن دهمان. وكانت تحت عبد الله بن الحارث بن سبنجرة فمات فخلف عليها أبو بكر وهي عائشة وعبد الرحمان توفيت 6 ه. (2) وهو أبو عبد الله عروة بن الزبير بن العوام الاسدي القرشي ولد 22 ه انتقل إلى البصرة ثم إلى مصر واقام سبع سنين، وعاد إلى المدينة وتوفي بها 93 ه وبئر عروة بالمدينة منسوب إليه. وهو أخو عبد الله لابيه وأمه. (3) توفيت خديجة رضوان الله عليها في شهر رمضان سنة عشرة من النبوة أي قبل الهجرة بثلاث سنوات (*).
[ 19 ]
قصب لا صخب فيه ولا نصب. وهو قصب اللؤلؤ. [ 950 ] وبآخر، عن ابن شهاب، قال: بلغني أن خديجة بنت خويلد كانت أول من آمن بالله عزوجل ورسوله، وماتت قبل أن تفرض الصلاة. [ 951 ] وبآخر، عن الليث بن سعد، قال: أخبرني غير واحد أن ميسرة - غلام خديجة بنت خويلد - قدم من الشام في السفر الذي خرج فيه مع رسول الله صلى الله عليه وآله، سبق إلى خديجة فأخبرها بخبره مع رسول الله صلى الله عليه وآله، وبما أصاب من الربح ببركته، وبما رأى منه. فقالت له: أرينه إذا دخلت العير. ووقفت حتى دخل رسول الله صلى الله عليه وآله على بعير. فقال لها ميسرة: (1) هذا محمد وهذه السحابة التي ذكرت لك. فنظرت خديجة إلى سحابة من نور تظله، وتسير معه، لما أراد الله عزوجل من كرامتها به. ووقع في قلبها لما أراده الله بها من السعادة. فأرسلت إلى عمها وصنعت له طعاما وشرابا، فأكل وشرب حتى إذا أخذ الشراب منه أرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله: أقبل أنت ونفر من أهل بيتك فليخطبوني في ذلك من عمي فإنه سيزوجك. ففعل، وأتوه وهو ثمل، فكلموه في ذلك، فتزوجها. وأمرت بمكانها بحلة حبرة فألقتها عليه، وبعير فنحر ليأكل منه الناس، وبطيب عبير فطيبت به عمها. فلما أفاق من سكره قال: ما هذه الحبرة، وما هذا البعير. وما هذا اللحم ؟ قالوا: زوجت خديجة من محمد بن عبد الله بن عبد المطلب. (1) ذكره ابن حجر في الاصابة 3 / 470 رقم 8284 دون الاشارة إلى نسبه (*).
[ 20 ]
قال: ما فعلت. قالت خديجة: لا تجمع على أمرين، إن عقدت علي ولم تشاورني ثم تسفه نفسك في قومك، وقد حضرك فلان وفلان وفلان، فان الرجل وإن كان قليل المال حدث السن، فله نسب وأصل في قومه، فاسكت على ما صنعت، فأنا كنت أولى بالغضب منك إذ زوجتني بغير أمري. فقبل ذلك، وسكت. [ ذكرى خديجة ] [ 952 ] عن عائشة، قالت: سمع رسول الله صلى الله عليه وآله صوت هالة بنت خويلد (1)، فقال: ما رأيت كاليوم صوتا أشبه بصوت أمه هند - يعني خديجة - من هذا الصوت. قالت عائشة: فقلت: يا رسول الله ما يذكرك عجوزا من عجائز قريش !. فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله غضبا شديدا لم أره غضب مثله قبله ولا بعده. ثم قال: لا تذكري أم هند، فقد كانت لها مني اثنتان أول من آمنت بي، ورزقت مني الولد وحرمتيه. [ 953 ] وبآخر، عن قتادة (2)، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: كفى بك من نساء العالمين (3) أربع: مريم ابنة عمران، وآسية (1) وهي هالة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى القرشية الاسدية اخت خديجة ووالدة أبي العاص بن الربيع. (2) واظنه قتادة بن دعامة بن قتادة بن عزيز، ولد 61 ه وهو أبو الخطاب السدوسى البصري توفي بالطاعون 118 ه. (3) وفي بحار الانوار 37 / 68: حسبك من نساء العالمين (*).
[ 21 ]
امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد. [ 954 ] الليث بن سعد، باسناده، عن [ ابن ] (1) شهاب، قال: بلغنا أن خديجة كانت أول من آمن بالله ورسوله، وماتت قبل أن تفرض الصلاة. [ 955 ] وكيع، باسناده، أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لخديجة: يا خديجة، هذا جبرائيل يخبرني أن الله عزوجل أرسله اليك بالسلام. فقالت خديجة: الله السلام ولله السلام وعلى جبرائيل السلام. [ 956 ] عبد الرحمان بن صالح، باسناده، أن رسول الله صلى الله عليه وآله ذكر يوما خديجة فأثنى عليها، وعائشة تسمع. فقالت عائشة: عجبا منك كان رجلا لم يتزوج قبلك ذات وجنتين. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أذكرتيها يا عائشة ؟ وغضب فاشتد غضبه. قال: والله لقد كانت أول من آمن بي، وصدقني وتبعني. فقالت عائشة: أعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تعودي يا عائشة أن تذكري خديجة إلا بما هي أهله. فقالت عائشة: والله لا أعود إلى ذلك أبدا. [ 957 ] وبآخر، عن رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه ذكر يوما خديجة، فترحم عليها، وذكر محاسن أفعالها، فغارت عائشة لذلك. قالت: ليت شعري، ما يذكرك من عجوز حمراء الشدقين قد (1) هكذا صححناه وفي الاصل: أبي. ولد 61 ه (*).
[ 22 ]
أبدلك الله عزوجل بها من هو خير منها ! فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله غضبا شديدا. قال: لا والله ما بدلت خيرا منها لقد آمنت بي قبل أن ترمني، وصدقتني قبل أن تصدقن، ورزقت مني من الولد ما قد حرمتن. فقالت عائشة: والله لا أذكرها بعد هذا بسوء يا رسول الله. فخديجة رضوان الله عليها ولدت الائمة، وكانت أول من آمن من الامة والله عزوجل يقول وهو أصدق القائلين: " والسابقون السابقون أولئك المقربون " (1) وبشرها رسول الله صلى الله عليه وآله بالجنة وآتاها جبرائيل عليه السلام عن الله عزوجل، وأنفقت مالها في سبيل الله وعلى رسوله صلى الله عليه وآله. وكانت أول من عرفه رسول الله صلى الله عليه وآله من النساء وبنى بها منهن، لم يعرف أول من عرفه رسول الله صلى الله عليه وآله من النساء وبنى بها منهن، لم يعرف من النساء امرأة قبلها. وكانت أحب أزواجه إليه وأكرمهن عليه وأفضلهن عنده وأم بنيه وبناته ومسليته كما ذكر صلى الله عليه وآله ومفرجة غمومه. ولم يكن بينه وبينها اختلاف أيام حياتها حتى قبضت وهو عنها راض ولها شاكر رحمة الله ورضوانه عليها. (1) الواقعة: 11.
[ 23 ]
فاطمة الزهراء عليها السلام [ ذكر فضل فاطمة بنت رسول الله ] كانت أحب بناته إليه وأكرمهن عليه، وخص الله عزوجل بها وصيه وخليفته من بعده على أمته، وهي أم الائمة من ذريته. ولها من الفضل ما يطول ذكره. فمن ذلك ما رواه. [ 958 ] الدغشي، عن عائشة، أنها قالت: أقبلت يوما فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله، تمشي - كأن مشيتها - مشيته فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وآله قال: مرحبا يا بنتي. ثم أجلسها إلى جانبه، فأسر إليها سرا. فبكت [ بكاء شديدا ] (1). فقلت لها: سبحان الله، خصك رسول الله صلى الله عليه وآله بسره وتبكين. ثم أقبل عليها رسول الله، فاسر إليها سرا ايضا، فضحكت. فقلت: ما رأيت كاليوم فرحا أقرب من حزن وضحكا أقرب من بكاء. ثم سألتها بعد ذلك عما أسره إليها رسول الله صلى الله عليه وآله. فقالت: ما كنت لافشي سره في أيام حياته. (1) حلية الاولياء 2 / 29. (*)
[ 24 ]
فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله سألتها عن ذلك. فقالت: إنه أسر الي: يا فاطمة، إن جبرائيل عليه السلام كان يعارضني بالقرآن في كل عام مرة، وإنه عارضني به في هذا العام مرتين لا أراني إلا وقد حضر أجلي وإنك أول أهل بيتي لحوقا بي، فبكيت. ثم أسر لي ثانيا، فقال لي: يا فاطمة، إني لك نعم السلف أوما ترضين أن تكوني سيدة نساء هذه الامة أو قال: نساء المؤمنين فسررت بذلك، وضحكت. [ 959 ] وبآخر، عنه صلى الله عليه وآله، أنه نظر يوما إلى فاطمة عليها السلام، فقال لها: يا فاطمة إنك سدت نساء أمتي كما سادت مريم ابنة عمران على نساء [ عالمها ] (1). [ الرسول يسقي الحسن ] [ 960 ] وبآخر، عن علي صلوات الله عليه، أنه قال: زارنا رسول الله صلى الله عليه وآله فاستسقى الحسن. فقام رسول الله صلى الله عليه وآله إلى [ منحة ] (2) لنا بكية (3)، فمص منها في قدح، وأتى به الحسن، فقام إليه الحسين، فنال بيده إليه بكفه. فقالت فاطمة: كأن الحسن احبهما اليك يا رسول الله ؟ قال: لا، إلا أنه هو الذي استسقاه، اني وإياك وهذان - يعني (1) هكذا صححناه وفي الاصل: العالمين. (2) هكذا صححناه وفي الاصل: مبنحه. والمنحة: أن يمنح الرجل أخاه ناقة أو شاة يحلبها زمانا وأياما ثم يردها. (3) وفي بحار الانوار 37 / 72 الحديث 39: فقام النبي صلى الله عليه وآله إلى شاة لنا بكئ، فدرت.
[ 25 ]
الحسن والحسين - وهذا - وأومى الي - في الجنة في مكان واحد [ يوم القيامة ] (1). [ ضبط الغريب ] قوله: منحة لنا بكية يعني: شاة للحلب، قليلة اللبن في الضرع بغير درة فيه. ويقال منه: مص صلبه: الشئ إذا أعطاه إياه قليلا قليلا. والمص أيضا: الحلب الذي باصبعين. [ 961 ] وبآخر، عن رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه قال: سيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين إلا ابني الخالة يحيى وعيسى. وأمهما سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم ابنة عمران (2). [ حديث الدينار ] [ 962 ] وبآخر، عن عبد الله بن مسعود (3)، قال: جاء علي عليه السلام إلى أبي ثعلبة الجهني، فقال له: يا أبا ثعلبة، أقرضني دينارا. قال: أمن حاجة، يا أبا الحسن ؟ قال [ أمير المؤمنين ]: نعم. قال: فشطر مالي لك، فخذه حلالا في الدنيا والآخرة. فقال له علي عليه السلام: ما بي حاجة الي غير ما سألتك. قال: فربع مالي أو ما أردت منه خذه حلالا في الدنيا والآخرة. قال: ما اريد غير قرض دينار، فإن فعلت، وإلا انصرف. (1) مسند أحمد بن حنبل 1 / 101. (2) وجملة: وامهما سيدة... الخ لم تكن في بحار الانوار 43 / 316. (3) وهو عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب، أبو عبد الرحمان الهذلي توفي 33 ه.
[ 26 ]
فدفع إليه دينارا واحدا، فأخذه ليشتري به لاهله ما يقوتهم وقد مضت لهم ثلاثة ايام لم يطعموا شيئا. فمر بالمقداد قاعدا في ظل جدار قد غارتا عيناه من الجوع. فقال له علي عليه السلام: يا مقداد ما أقعدك في هذه الظهيرة في ظل هذا الجدار. قال: يا أبا الحسن، أقول كما قال العبد الصالح لما تولى إلى الظل " رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير " (1). قال: مذ كم يا مقداد ؟ قال: مذ أربع، يا أبا الجسن. قال علي عليه السلام: فنحن مذ ثلاث وأنت مذ أربع، أنت أحق بالدينار. فأعطاه الدينار، ومضى علي عليه السلام إلى المسجد فصلى فيه الظهر والعصر والمغرب مع رسول الله صلى الله عليه وآله [ وكان ذلك اليوم صائما، فأتاه جبرائيل عليه السلام فقال: يا محمد يكون إفطارك الليلة عند علي وفاطمة عليهما السلام: فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وآله صلاة المغرب أخد بيد علي ومشى معه إلى منزله ودخلا. فقالت فاطمة: واسوءتاه من رسول الله أما علم أبو الحسن أنه ليس في منزلنا شئ. ودخلت الي البيت، فصلت ركعتين، ثم قالت: اللهم إنك تعلم أن هذا محمد رسولك، وأن هذا صهره علي وليك، وأن هذين الحسن والحسين سبطانبيك، وأني فاطمة بنت نبيك، وقد نزل بي من الامر ما أنت أعلم به مني، اللهم فأنزل علينا (1) القصص: 24.
[ 27 ]
مائدة من السماء كما أنزلتها على بني إسرائيل، اللهم إن بني إسرائيل كفروا بها وإنا لا نكفر بها. ثم التفت، فإذا هي بصحفة (1) مملؤة ثريد عليها عراق كثير تفور من غير نار، تفوح منها رائحة المسك. فحمدت الله وشكرته واحتملتها، فوضعتها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام ودعت الحسن والحسين عليهما السلام، وجلست معهم. فجعل علي يأكل وينظر إليها. فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: يا أبا الحسن كل ولا تسأل حبيبتي عن شئ. فالحمد لله الذي رأيت في منزلك مثل مريم بنت عمران: " كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب " (2) هذا يا أبا الحسن بالدينار الذي أعطيته المقداد. قسمه الله عزوجل على خمسة وعشرين جزء. عجل لك منها جزء في الدنيا، وأخر لك أربعة وعشرين منها إلى الآخرة. [ فدك لفاطمة ] [ 963 ] وبآخر، عن أبي سعيد الخدري، أن الله عزوجل لما أنزل على رسوله صلى الله عليه وآله: " وآت ذا القربى حقه " (3) دعا فاطمة، فأعطاها فدكا. [ 964 ] الحكم بن سليمان، باسناده، عن علي عليه السلام، أنه قال: (1) وفي بحار الانوار 43 / 31: فإذا بجفنة من خبز ولحم. (2) آل عمران: 37. (3) الاسراء: 26.
[ 28 ]
زوجني رسول الله صلى الله عليه وآله خير نساء هذه الامة، وأناخير الوصيين. [ الله يأمر بتزويج فاطمة ] [ 965 ] عن النور، باسناده، عن عمر بن الخطاب، أنه ذكر عليا، فقال: صهر رسول الله صلى الله عليه وآله نزل جبرائيل على النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا محمد، إن الله يأمرك أن تزوج فاطمة من علي. [ 966 ] الفضل بن دكين (1)، باسناده، عن عبد الله بن عباس، أنه قال: لما زفت فاطمة إلى علي عليه السلام كان رسول الله صلى الله عليه وآله قدامها (2)، وجبرائيل عن يمينها، وميكائيل عن شمالها، وسبعون الف ملك من خلفها يسبحون الله ويقدسونه حتى طلع الفجر. [ ليلة زفاف فاطمة ] [ 967 ] ابن الاعرابي، باسناده، عن أسماء بنت عميس (3)، أنها قالت: كنت فيمن زفت فاطمة إلى علي عليه السلام، فلما دخلت بيتها اقبل رسول صلى الله عليه وآله حتى دخل عليها، فدعا بماء، فذكر اسم الله عليه، ثم شرب منه، ومج من الماء فيما بين درع فاطمة وبدنها، ثم مج منه أيضا فيما بين سربال علي وبدنه. (1) وهو أبو نعيم، الفضل بن دكين - عمرو - بن حماد بن زهير التميمي، ولد 130 ه وتوفي 218 ه وهو من كبار شيوخ البخاري. (2) وفي ذخائر العقبى: أمامها. (3) راجع الهامش الثاني من صحفة 57 حول أسماء بنت عميس (*).
[ 29 ]
ثم قال: اللهم احفظ أهل البيت، وبارك فيهم وبارك عليهم، واجعلهم مباركين أين كانوا. ثم جزى الله أسماء وصويحباتها خيرا. [ 968 ] أحمد بن الطبري، باسناده، عن أنس بن مالك، قال: سألت امي عن صفة فاطمة عليها السلام. فقالت: بيضاء بيضة كأنها القمر في ليلة التمام، والشمس إذا خرجت من السحاب (1). [ يغضب الله لغضب فاطمة ] [ 969 ] جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي عليهم السلام، أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لفاطمة: يا فاطمة إن الله عزوجل ليغضب لغضبك، ويرضى لرضاك. فقيل: إن بعض موالي (2) جعفر بن محمد عليه السلام بلغه هذا الحديث، فأتاه. فقال: ما هذا الحديث الذي يحدث عنك بعض فتيان قريش ؟ قال: وما هو ؟ قال: يزعمون أنك حدثتهم أن النبي صلى الله عليه وآله قال لفاطمة عليها السلام: إن الله ليغضب لغضبك. قال: نعم، قد حدثتهم بذلك، فما أردت بسؤالك عن ذلك ؟ (1) وفي دلائل الامامة ص 75: بيضاء مشربة حمرة لها شعر أسود. قال عبد الله: فكانت والله كما قال الشاعر: بيضاء تحسب من قيام شهرها * وتغيب فيه وهوداج أسحم فكأنها فيه نهار مشرق * وكأنه ليل عليها مظلم (2) امالي الصدوق ص 314: هو صندل.
[ 30 ]
قال: سمعت قوما ينكرونه. قال: أو ليس قد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: إن الله عزوجل ليغضب لعبده المؤمن [ ويرضى لرضاه ]، فما أنكروا أن تكون فاطمة أحد المؤمنين [ يغضب الله لغضبها ويرضى لرضاها ] (1). قال الموالي: الله أعلم حيث يجعل رسالته. [ فاطمة بضعة مني ] [ 970 ] حسن بن زيد، عن جعفر بن محمد عليه السلام، أنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إنما فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني، ومن أحبها فقد أحبني، ومن سرها فقد سرني (2). [ فاطمة وأسماء ] [ 971 ] موسى بن أيوب، باسناده، عن أسماء ابنة عميس، أنها قالت: لما اشتكت فاطمة عليها السلام شكواها التي توفيت فيها. قالت لي: واسوءتاه، فما يصنع بالنساء إذا متن ؟ قالت: وكن يحملن على سرير الموتى وعليهم ثوب. فقلت لها: إلا اريك شيئا رأيته إذ كنت مع ابن عمك بأرض الحبشة يصنعونه بالنساء إذا حملن. قالت: نعم. (1) أمالي الصدوق: ص 314. (2) قال الشاعر: وقد علموا أن النبي يسره * مسرتها جدا ويشنى اغتمامها
[ 31 ]
فدعوت بجريد [ رطبة ]، وعملت نعشا ثم أراءتها إياه، فاستحسنته وقالت: نعم، اجعلي هذا علي ولا يلي غسلي إلا علي وأنت. وأمرت صلوات الله عليها بأن تدفن ليلا. فدفنت ليلا، ولم يصل أحد منهم عليها، ولاعرفوا مكان قبرها... وقالوا في ذلك لعلي عليه السلام، فقال: بذلك أوصت. وكان الذي بين وفاتها ووفات رسول الله صلى الله عليه وآله سبعين يوما. [ 972 ] سفيان، باسناده، أن عليا عليه السلام ذكرت له بنت أبي جهل، فأراد أن ينكحها، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال على المنبر - وعلي عليه السلام يسمعه -: ألا وإنه انتهى الي أن عليا أراد أن ينكح العوراء ابنة أبي جهل، ولم يكن له أن يجمع بين بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وبنت عدو الله، وإنما فاطمة بضعة مني من أغضبها فقد أغضبني (1). (1) ومحصل ما قاله السيد المرتضى في تنزيه الانبياء ص 212: إن هذا الخبر من الاخبار الموضوعة وينحصر روايه بالكرابيسي وهو من العامة مستدلا به للنيل من مقام أمير المؤمنين عليه السلام مما يشهد العقل بكذبه وفساده، وهي امور: 1 - أن النبي صلى الله عليه وآله لا ينكر ما اباحه الاسلام، فللرجل أن يتزوج أربعا فكيف ينكر الرسول هذا المباح ويعلن بذلك على المنابر. 2 أن الخبر يتضمن الطعن على النبي صلى الله عليه وآله لانه انما زوج فاطمة عليها السلام من أمير المؤمنين بعد أن اختار الله لها ذلك، ومن المعلوم أن الله لا يختار لها من بين الخلائق من يؤذيها ويغمها، وهذا أدل دليل على كذب القصة. 3 - أنه لم يعهد من أمير المؤمنين عليه السلام خلاف على الرسول صلى الله عليه وآله ولا كان، فكيف يتصور منه هذه المخالفة التي توجب تأثر الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وقد ذكر ذلك المؤلف في الرواية المشابهة (987) قول أمير المؤمنين عليه السلام: ما كنت لآتي شيئا تكرهه يا رسول الله. 4 أنه لو صح ذلك لانتهزه الاعداء من بني امية وأتباعهم للطعن به على أمير المؤمنين في الوقت الذي لم نعثر على من يرويه سوى الكرابيسي.
[ 32 ]
فماتت صلوات الله عليها وهي غضباء على جميعهم لما [ منعوها وأخذوا ] (1) من حقها، واستنصرت بهم فلم تجد أحدا ينصرها. ومن أجل ذلك منعتهم الصلاة عليها، وأوصت أن تدفن ليلا كما جاء ذلك، ولم يشهدها غير علي عليه السلام وخاصته وذلك لما كان من أمرها. [ مطالبتها بالميراث ] [ 973 ] مما رواه محمد بن سلام بن سار الكوفي باسناده، عنها عليها السلام، أنه لما أمر أبو بكر بأخذ فدك (2) من يديها، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله أقطعها إياها لما أنزل الله عزوجل " وآت ذا القربى حقه " (3) فكانت مما أفاء الله عزوجل عليه. فقال أبو بكر: هي لرسول الله صلى الله عليه وآله. فشهد علي عليه السلام وام أيمن وهي ممن شهد له رسول الله صلى الله عليه وآله بالجنة إن رسول الله صلى الله عليه وآله أقطعها ذلك فاطمة عليها السلام. فرد أبو بكر شهادتها، وقال: علي جار إلى نفسه وشهادة أم ايمن وحدها لا تجوز. فقالت فاطمة عليها السلام: إن لا يكن ذلك، فميراثي من رسول الله صلى الله عليه وآله. (1) وفي الاصل: لما منعته وأخذ من حقها. (2) واحة في الحجاز على مقربة من خيبر، كان أهلها من المزارعين اليهود اشتهرت قديما بثمرها وقمحها، أرسل النبي عليا على رأس مائة من رجاله لمحاربتهم ثم صالحهم على املاكهم سنة 7 ه، فوهبها لفاطمة الزهراء وجعلت فاطمة عاملها فيها. وبعد وفاة الرسول طرف عاملها وصادروها. (3) الاسراء: 26 (*).
[ 33 ]
فقال: إن الانبياء لا يورثون. وهذا خلاف كتاب الله عزوجل لانه يقول جل من قائل: " وورث سليمان داود " (1) وقال حكاية عن زكريا عليه السلام: " فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب " (2). وذكر فرض المواريث ذكرا عاما لم يستثن فيها أحدا. خرجت صلوات الله عليها في ذلك إلى مجلس أبي بكر، واحتجت فيه عليه، فلم ينصرف إلى قولها واستنصرت الامة فلم تجد لها ناصرا، فلذلك ولما هو أعظم وأجل منه في الاستيثار بحق بعلها، وبينها لزمت فراشها أسفا وكمدا (3) حتى لحقت رسول الله صلى الله عليه وآله بعد سبعين يوما من وفاته غما وحزنا عليه، وهي ساخطة على الامة لما اضطهدته فيها وابتزته من حق بعلها وبنيها. (1) النمل: 16. (2) مريم: 6. (3) لقد أجمل المؤلف الكلام هنا، وليس ملازمتها الفراش لما ذكره فحسب، بل عوامل اخرى أجاد الشاعر بيانها قائلا: وللسياط رنة صداها * في مسمع الدهر فما أشجاها والاثر الباقي كمثل الدملج * في عضد الزهراء أقوى الحجج ومن سواد متنها اسود الفضا * يا ساعد الله الامام المرتضى ولست أدري خبر المسمار * سل صدرها خزانة الاسرار وفي جنين المجد ما يدمي الحشى * وهل لهم إخفاء أمر قد فشى والباب والجدار والدماء * شهود صدق ما به خفاء لقد جنى الجاني على جنينها * فاندكت الجبال من حنينها ورض تلك الاضلع الزكية * رزية ما مثلها رزية وجاوز الحد بلطم الخد * شلت يد الطغيان والتعدي فاحمرت العين وعين المعرفة * تذرف بالمدع على تلك الصفه فإن كسر الظلع ليس ينجبر * إلا بصمصام عزيز مقتدر أهكذا يصنع بابنة النبي * حرصا على الملك فيا للعجب
[ 34 ]
[ خطبة الزهراء ] [ 974 ] [ وروى ] (1) محمد بن سلام، باسناده، عن فاطمة عليها السلام، أنه لما اعتزم أبو بكر على منعها فدك والعوالي (2) لاءت خمارها على رأسها [ واشتملت بجلبابها ]، ثم أقبلت في لمة من حفدتها ونساء قومها تطأ ذيولها ما تخرم من مشية رسول الله صلى الله عليه وآله مشيتها حتى انتهت إلى ابي بكر، وهو في حشد من المهاجرين والانصار. فنيطت دونها ودون الناس ملاءة. [ فجلست ] ثم أنت أنة أجهش القوم لها بالبكاء [ فارتج المجلس ]. فأمسكت حتى سكن نشيج القوم، وهدأت فورتهم. ثم افتتحت الكلام بالحمد لله والثناء عليه بما هو أهله، والصلاة على نبيه محمد صلى الله عليه وآله. فعلت أصوات الناس بالبكاء عند ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله. فأمسكت حتى سكنوا ثم قالت: [ أيها الناس اعلموا أني فاطمة وأبي محمد، أقول عودا وبدء، ولا أقول ما أقول غلطا، ولا أفعل ما أفعل شططا ] (3) بسم الله الرحمن (1) (وفي الاصل: واه. (2) العوالي: ضيعة عامر بينها وبين المدينة ثلاثة أميال. (عمدة الاخبار للعباسي ص 374). (3) ما بين المعقوفتين من دلائل الامامة.
[ 35 ]
الرحيم " لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم " (1). فإن تعزوه تجدوه أبي دون نسائكم، وأخا ابن عمي دون رجالكم، قد بلغ النذارة صادعا بالرسالة، سائلا عن مدرجة المشركين، حائدا عن سنتهم، ضاربا ثبجهم (2)، وآخذا بأكظامهم، يجذ الهام ويكب الاصنام، حتى انهزم الجمع وولوا الدبر، وأوضح الليل عن صبحه، وأسفر الحق عن محضه، ونطق زعيم الدين، وخرست شقاشق الشياطين، وفهتم بكلمة الاخلاص، وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم، مذقة الشارب، ونهزة الطامع، وقبسة العجلان، وموطأ الاقدام، تشربون الطرق. وتقتاتون القد، أذلة خاشعين، تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم، فأنقذكم الله برسوله صلى الله عليه وآله بعد اللتيا والتي، وبعد أن مني ببهم الرجال، وذؤبان العرب، وبعد لفيف من ذوايب العرب، كلما أحشوا نارا للحرب أو نجم قرن للضلالة أو فغرت فاغرة للمشركين [ فاها ] قذف أخاه عليا في لهواتها، فلا ينكفئ حتى يطأ سماكها بأخمصه، ويخمد حر لهبها بحده، مكدودا في ذات الله [ مجتهدا في أمر الله، قريبا من رسول الله، سيدا في أولياء الله ] مشمرا ناصحا، وأنتم في رفاهية، وادعون آمنون، حتى إذا اختار الله لنبيه دار أوليائه ومحل أنبيائه، ظهرت حسكة النفاق واستهتك جلباب الدين ونطق كاظم الغاوين، ونبغ خامل الآفلين، وهذر فنيق المبطلين، يخطر في عرصاتكم وأطلع الشيطان رأسه من مغرزه صارخا بكم، فوجدكم لدعائه مجيبين ولعزمه متطاولين، واستنهضكم فوجدكم خفافا، (1) التوبة: 128. (2) وفي الاصل: اشجعم.
[ 36 ]
وأحمشكم فألفاكم غضابا، فوسمتم غير إبلكم، ووردتم غير شربكم، هذا، والعهد قريب والكلم رحيب، والجرح لما يندمل [ والرسول لما يقبر ]. حذرا زعمتم خوف الفتنة، ألا في الفتنة سقطوا، وإن جهنم لمحيطة بالكافرين فهيهات [ منكم، وكيف ] بكم وأنى لكم أنى تؤفكون، وكتاب الله بين أظهركم [ أموره ظاهرة، وأحكامه زاهرة، وأعلامه باهرة ] وزواجره بينة، وشواهده لائحة، وأوامره واضحة. أرغبة عنه تريدون أم بغيره تحكمون ؟ بئس للظالمين بدلا. ألا ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين. ثم أنتم هؤلاء تزعمون أن لا إرث لنا، أفحكم الجاهلية تبغون ؟ ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ؟ إيها معاشر [ الناس ] ابتزارثيه. [ يا ابن أبي قحافة ] أفي الكتاب أن ترث أباك ولا أرث أبي ! لقد جئت شيئا فريا. [ جرأة منكم على قطيعة الرحم ونكث العهد. أفعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم، إذ يقول: " وورث سليمان داود " (1) وفيما اقتص من خبر يحيى وزكريا إذ يقول " قال رب... فهب لي من لدنك وليا. يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا " (2) وقال عزوجل: " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين " (3) وقال تعالى: " إن ترك خيرا (1) النمل: 16. (2) مريم: 3 - 6. (3) النساء: 11.
[ 37 ]
الوصية للوالدين والاقربين بالمعروف حقا على المتقين " (1). وزعمتم أن لا حظ لي ولا إرث من أبي. أفخصكم الله بآية أخرج أبي منها ؟ أم تقولون: إن أهل ملتين لا يتوارثان ؟ أو لست أنا وأبي من أهل ملة واحدة ؟ أم أنتم بخصوص القرآن وعمومه أعلم ممن جاء به ] (2). فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك. فنعم الحكم الله، والزعيم محمد، والموعد يوم القيامة، وعند الساعة يخسر المبطلون، ولكل نبأ مستقر، وسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم. ثم عدلت صلوات الله عليها إلى مجلس الانصار فقالت: معاشر [ النقيبة ] (3) وأعضاد الملة وحصون الاسلام ما هذه الفترة في حقي والسنة عن ضلامتي ؟ أما كان رسول الله صلى الله عليه وآله [ أبي يقول: المرء ] (4) يحفظ في ولده. سرعان ما نسيتم وعجلان ما أحدثتم. ثم تقولون مات محمد فخطب جليل استوسع وهيه، واستشمر فتقه لفقدان راتقه فاظلمت البلاد لغيبته واكتئب خيرة الله لموته (5) واكدت الآمال واطيع الحريم وزالت الحرمة عند مماته صلى الله عليه وآله. فتلك نازلة أعلن بها كتاب الله في [ افنيتكم ] (6)، وعند ممساكم (1) البقرة: 180. (2) ما بين المعقوفتين سقط من الاصل، ونقلناها من دلائل الامامة. (3) وفي الاصل: البقية. (4) سقط من الاصل، ونقلناها من دلائل الامامة. (5) هكذا صححناه وفي الاصل: واكتابت خيرة الله في خلقه. (6) وفي الاصل: افيتكم.
[ 38 ]
ومصبحكم هاتفا بكم ولقبل ما حل بأنبياء الله ورسله. " وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين " (1). [ إيها بني قيلة ! أأهضم ] (2) تراث أبي ؟ وأنتم بمرأى ومسمع تشملكم الدعوة، وفيكم [ العدة ] والعدد ولكم الدار، وأنتم نخبة الله التي انتخب لدينه وأنصار رسوله والخيرة التي اختار لنا أهل البيت، فنابذتم [ فينا ] العرب، وكافحتم الامم، حتى دارت بكم وبنا (3) رحى الاسلام، وخضعت رقاب أهل الشرك، وخبت نيران الباطل، ووهنت دعوته، واستوسق نظام الدين، فنكصتم بعد الاقدام، وأسررتم بعد البيان لقوم نكثوا أيمانهم " أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين " (4). [ ألا لا أرى والله إلا أن أخلدتم إلى الخفض وركنتم إلى الدعة فمججتم الذي استرعيتم، ولفظتم الذي سوغتم " إن تكفروا أنتم ومن في الارض جميعا فإن الله لغني حميد. ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود (5) والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم إلى أفواههم وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب ] (6). (1) آل عمران: 144. (2) هكذا في بلاغة النساء وفي الاصل: ابني قبلة أهتضم. (3) وفي الاصل: لكم بنا. (4) التوبة: 13. (5) قوم ثمود: قبيلة بائدة يرجع تاريخها إلى أقدم العصور سكنت بالقرب من الحجر في وادي القرى. (6) دلائل الامامة ص 34 والآية 8 و 9 من سورة ابراهيم.
[ 39 ]
ألا، لقد قلت ما قلت على علم مني بالخذلان الذي خامر صدوركم واستفز قلوبكم. ولكن قلت الذي قلت لبثة الصدر ونفثة (1) الغيظ ومعذرة اليكم وحجة عليكم وإن تكفروا أنتم ومن في الارض جميعا فإن الله لغني حميد. فدونكموها، فاحتقبوها دبرة الظهر باقية العار موسومة [ بغضب الله ] وشنار الابد موصولة بنار الله الموقدة التي تطلع على الافئدة. فبعين الله ما تفعلون، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. أنا ابنة نذير لكم بين يدي عذاب شديد. فأعملوا إنا عاملون وانتظروا إنا منتظرون. ثم قالت: ربنا احكم بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الحاكمين. ثم انحرفت إلى قبر أبيها رسول الله صلى الله عليه وآله، فقالت: (2). قد كان بعدك أنباء وهنبثة * لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب إنا فقدناك فقد الارض وابلها * واختل قومك فاشهدهم فقد شغبوا (3) [ إنا فقدناك فقد الارض وابلها * وغاب مذ غبت عنا الوحي والكتب ابدى رجال لنا نجوى صدورهم * لما مضيت وحالت دونك الترب ] تجهمتنا رجال واستخف بنا * إذ غبت عنا فكل الخلق قد غضبوا (4) (1) هكذا صححناه وفي الاصل: بعثة الغيظ. (2) قال الاربلي: ثم التفتت إلى قبر أبيها متمثلة بقول هند ابنة أثاثة، وذكر الابيات. والظاهر أن الذي قالته عليها السلام هو البيتان الاولان اللذان لهند، والباقي مقول عن لسانها عليها السلام. (3) وفي كشف الغمة: فقد نكبوا. (4) والعجز في كشف الغمة: لما فقدت وكل الارث منتصب.
[ 40 ]
[ وكنت بدرا ونورا يستضاء به * عليك تنزل من ذي العزة الكتب وكان جبريل بالآيات يؤنسنا * فقد فقدت وكل الخير محتجب ] فليت قبلك كان الموت حل بنا * قوم تمنوا فعموا بالذي طلبوا (1) [ إنا رزئنا بما لم يرز ذوشجن * من البرية لا عجم ولا عرب ] (2) ثم انصرفت صلوات الله عليها إلى منزلها، فلم تزل ذات فراش حتى لحقت برسول الله صلى الله عليه وآله كما أخبرها أنها أول لاحق به من أهل بيته. [ شرح الخطبة ] شرح ما في خطبة فاطمة صلوات الله عليها جملة ذلك أن معنى كلامها هذا عليها السلام ليس فيما منعت من فدك والعوالي خاصة، بل كان ذلك فيما تغلب فيه عليها من ذلك وعلي بعلها والائمة من بعده بنيها من الامامة التي جعلها عزوجل فيهم ونص بها رسول الله صلى الله عليه وآله فما قدمنا في هذا الكتاب ذكر جمل منه. وأرادت بذلك صلوات الله عليها ما قد ذكرته في كلامها من إقامة الحجة على الامة، وإبلاغ المعذرة إليهم، وإيضاح الحق والبيان فيما فيها اهتضموه، وتغلب عليهم فيه واستأثر من حقهم به لئلا يقولوا، كما قالوا: أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله سلموا ذلك طائعين، ولم يكن خروجها لما خرجت له وقالته من ذلك إلا عن إذن علي عليه السلام إذ لا يجوز أن تخرج من بيتها لمثل هذا المقام، وأن تتكلم على رؤوس الناس بمثل هذا [ من ] المهاجرين والانصار. (1) وفي الكشف: فليت قبلك كان الموت صادقنا * لما مضيت وحالت دونك الكتب (2) ما بين المعقوفات في القصيدة من دلائل الامامة ص 35 (*).
[ 41 ]
الحشد: الجمع إذا دعوا فأتوا لما دعوا له. كان أبو بكر قد علم بمجئ فاطمة عليها السلام إليه، فجمع الناس لئلا يعتابوا عليه رأيا إذ لم يكونوا بحضرته. وقوله: نيطت دونها ودن الناس ملاءة. نيطت: علقت، يقال منه: ناط الشئ ينوطه: إذا علقه. يقال منه: نطت القربة إذا علقتها. والنوط علق الشئ، وهو مصدر ناط، يقول: ناط الشئ بنوطة نوطا إذا علقه (1). والملاءة: الربطة، وهي مثل الرداء في العرض والطول. وقوله: أجهش القوم بالبكاء. يقال منه: أجهش نفسي، إذا نهضت إليه وهم بالبكاء (2). قال الطرماح: أجهش نفسي وقلت ألا لا تبعدوا. وقوله: حتى سكن نشيج القوم. يقال منه: نشيج الباكي، ينشج إذا غصها البكاء في حلقه ولما ينتحب. ومن ذلك نشيج الحمار، لانه صوت في حلقه. ويقال منه: نشجت القدر: إذا غلت (3)، والطعنة إذا سمع خروج الدم منها، صوت في داخلها. وقولها: فإن تعزوه: من اعتزى، والاعتزاء: الاتصال في الدعوة، إذا كانت حرب. فكل من ادعى في شعاره أنا فلان بن فلان أو فلان الفلاني فقد اعتزى إليه. (1) لسان العرب 7 / 421. (2) لسان العرب 6 / 276. (3) لسان العرب 2 / 378.
[ 42 ]
قال نصر بن سيار: فكيف وأصلي من تميم وفرعها إلى أصل فرعي واعتزاي اعتزاؤها وقولها: صادعا بالرسالة. من قول الله عزوجل " فاصدع بما تؤمر " (1). يقال منه: صدع الرجل بالحق إذا تكلم به جهارا. وقولها: مائلا عن مدرجة المشركين. أي عن طرق الباطل الذي هم عليه. والمدرجة: ممر الانسان على مسلك الطريق. وكذلك مدارج الريح. يقال: ريح دروج: وهي التي تؤثر في الارض خطوطا كالطريق. قال العجاج: أمثالها في الراسيات مدرجة وقولها: ضاربا ثبجهم. الثبج: أعلى الكاهل. والكاهل: أصل العنق تعني ضرب رقابهم. وقولها: آخذا بأكظامهم. الكظم مخرج النفس. يقال منه: قد غمه الشئ فأخذ بكظمه. فما يقدر أن يتنفس فهو مكظوم. وكظيم: أي مكروب (2). وقولها: يجذ الهام. تقول: بقطع الرؤوس. والجذ: القطع المستأصل الوحي والكسر للشئ الصلب. وقولها: يكب الاصنام. تقول: يكفئها على وجوهها. وذلك كسره صلى الله عليه وآله إياها وقلبه (1) الحجر: 94. (2) لسان العرب 12 / 518.
[ 43 ]
لها عن مواضعها التي كانت فيها على الكعبة وغيرها. وقولها: ونطق زعيم الدين. الزعيم هاهنا الذي يسود قومه. يقال منه: زعم يزعم زعامة: اي صار لهم زعيما (1) ولذلك قيل للكفيل زعيم، كأنه ساد من كفل به. وعنت صلوات الله عليها بزعيم الدين: رسول الله صلى الله عليه وآله، تقول: إنه نطق بالرسالة وبما أوحاه الله عزوجل إليه من القرآن. وقولها: خرست شقاشق الشياطين. الخرس: ذهاب الكلام وذهاب الصوت من الشئ. يقال منه: كتيبة خرساء: إذا لم يسمع لها صوت ولا جلبة، وعلم اخرس: إذا لم يسمع صوت صدى (2). والشقاشق: جمع شقشقة، وهي التي يغط بها البعير، وتخرج من شدقه إذا هدر. وإذا نحر لم توجد كذلك، وإنما هي لحمة في آخر فيه تنتفخ إذا هاج وتمتد حتى تخرج من حلقه، فإذا سكن انفشت. والناقة تهدر ولا تغط (3)، لانه لا شقشقة لها تمتد كذلك إذ لا تهيج، فضربت ذلك مثلا لصولة الكفار وانقطاعها برسول الله صلى الله عليه وآله. والشياطين جمع الشيطان، على قدر فيعال. يقال منه: تشيطن الرجل، وتشطن: أي صار شيطانا، وفعل فعله. وقولها: فهتم بكلمة الاخلاص. يقال منه فاه الرجل بالكلام: إذا لفظ به، وهو يفوه به شعر، وما فاهوا به ولهم مقيم. ورجل مفوه: قادر على الكلام. (1) لسان العرب 12 / 266. (2) لسان العرب 6 / 62. (3) لسان العرب 10 / 184.
[ 44 ]
وكلمة الاخلاص: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله. وقولها: مذفة الشارب، ونهزة الطامع، وقبسة العجلان، وموطأ الاقدام. المذاق في الشراب: خلط الماء باللبن. تقول مذقته: إذا خلطته مذقا. والنهزة: اسم الشئ الذي يتناول ويمكن تناوله كالغنيمة. يقال: انتهزها فقد امكنتك قبل الفوت. والقبس: شعلة النار، قال الله عزوجل حكاية عن موسى عليه السلام: " إني آنست نارا سأتيكم منها بخبر أو آتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون " (1). يقال للآخذ من ذلك قبس واقتبس إذا أخذ من لهب النار في طعم يعلق به. ومن ذلك يقال: قبست العلم فاقتبسته، واقتبست الرجل نارا. وأقبسته علما إذا أعطيته ذلك (2). وموطأ الاقدام: الموضع الذي تطأه. ضربت ذلك صلوات الله عليها مثلا لما كانوا فيه من الذلة حتى أعزهم الله عزوجل برسوله صلى الله عليه وآله، وأن الناس كانوا يتخطفونهم من حولهم كما أخبر الله عزوجل بذلك في كتابه ويطعمون فيهم وينتهزونهم ويطأونهم بالذل والصغار. وقولها: تشربون الطرق. والطرق: الماء الذي بالت فيه الدواب قد اصفر (3) تقول: هذا ماء قد طرقته الابل وهي تطرقه طرقا، وهو ماء طرق. قال الشاعر: وقال الذي يرجو الغلا له وادعوا * عن الماء لا يطرق ومن طوارق فما زلن حتى صار طرقا وشسه * بأصفر تذريه سجالا أيانق (1) النمل: 7. (2) لسان العرب 6 / 167. (3) لسان العرب 10 / 216.
[ 45 ]
وقولها: تقتاتون القد. من القوت. والقد: ما يقد من الجلد الني (1) ومنه اشتق القديد الذي يقد من اللحم وكانوا يأكلون [ ذلك ] عند المسغبة. وقولها: أذلة خاشعين. الذل: الهوان. والخشوع: الخضوع. وقولها: بعد اللتيا والتي. واللتيا: تصغير التي، والتي: معرفة لتي ولا تقول بها في المعرفة إلا على هذه اللغة، وجعلوا إحدى اللامين تقوية للاخرى، وجمعها اللاتي، وجمع الجمع اللواتي. وكأنهم كنوا بها في قولهم اللتيا والتي عن شدة أو داهية صغرى وكبرى. وقولها: بعد لفيف ذوايب العرب. فاللفيف: ما اجتمع من الناس من قبائل شتى (2)، يقال منه: جاء القوم بلفهم ولفيفهم. ولف الناس ما يلف من هاهنا وهاهنا كما يلف الانسان القوم لما يريده من شهادة زور وغير ذلك مما يريد أن يجمعهم إليه من مثل هذا. والذوايب جمع ذؤابة. وذؤابة القوم موضع عزهم وشرفهم، يقال منه: فلان من ذؤابة بني فلان إذا كان من أهل بيت شرفهم وعزهم. والجمع ذوائب والقياس الذائب، ولكنهم يستثقلون الجمع بين همزتين فلينوا الاولى منهما. وقولها: كلما أحشوا نارا للحرب أو نجم قرن للضلالة أو فغرت فاغزة للمشركين فاها قذف أخاه [ عليا ] في لهواتها. أحشوا: أوقدوا. تقول: حششت النار بالحطب. وأنا أحشها، وهو ضمك ما تفرق من الحطب إلى النار لتستوقد. قال العجاج: تا الله لولا أن تحش الطبخ * بي الجحيم، حيث لا مستصرخ (1) لسان العرب 3 / 344. (2) لسان العرب 9 / 318.
[ 46 ]
يعني بالطبخ: ملائكة النار الموكلين بالعذاب من فيها، شبههم بالطباخين الذين يوقدون النار على اللحم ليطبخوه (1). ونجم قرن للضلالة، تقول: ارتفع للضال ونجم قام. يقال للخارج الذي يخرج على السلطان ناجم لقيامه على من يقوم عليه. وقرن الرجل نده في الشجاعة والقوة. ويقال منه: تبارزت الاقران وتواجهوا واقتتلوا. وفغرت فاغرة فاها. والفغر: فتح الفم. يقال: فغر الرجل فاه: أي فتحه. والفاغرة: التي قد فتحت فمها. ضربت ذلك مثلا للحرب إذ اشتدت ومثلت من يقتل فيها بابتلاعها إياهم كأنها فغرت فاها: أي فتحته لتأتيهم من يقتل فيها. قذف أخاه [ عليا ] في لهواتها. تعني: إنهاض النبي صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام لمبارزة الاقران من المشركين الشجعان. واللهوات، مع لهات. واللهات: لحمة مشرفة في أقصى الفم فيما يلي الحلق. ويقال: إنها شقشقة البعير ولكل ذي حلق لهاه. والجمع: اللها، واللهوات. وقولها: فلا ينكفئ، تقول: لا ينقلب منهزما إذا بعثه رسول الله صلى الله عليه وآله لحرب. يقال منه الكفئ القوم إذا انهزموا وانكفأوا. وقولها: حتى يطأ سماكها بأخمصه. فالمساك والسمك: المرتفع. قال الله عزوجل " رفع سمكها فسواها " (2) ويقال: سنام سامك: أي مرتفع. والسما كان: نجمان مرتفعان. ومن ذلك سمي الرجل سماكا، يريدون به العلو والرفعة. تقول: لا ينثني ولا يرجع في الحرب حتى يطأ أعلى من فيها، فمن يقاتله ويبارزه بأخمصه. (1) لسان العرب 6 / 284. (2) النازعات: 28.
[ 47 ]
والاخمص: ما ارتفع من أسف القدم عن الارض وهو وسطه. ويقال: وهو خميص القدم (1). قال الشاعر: وكأن أخمصها بالشوك منتعل وقولها: ويخمد حرلهبا بحده. تعني الحرب شبهتها، فإذا هو قتل المناحبين له فيها أو هزمهم اخمدوا (2) كحد السيف وحد السنان. واحتد الرجل إذا غضب وحده وغضبه. وقولها: وأنتم في رفاهية. يقال منه: رفهه عيش فلان رفاهية، فهو رفيه العيش، أي هو في خير وخفض. وقولها: ظهرت حسكة النفاق. من حسك الصدر: وهو حقد العداوة. وتقول إنه حسك الصدر على فلان. وقولها: واستهتك جلباب الدين. استهتك، استفعل من الهتك (3)، والهتك أن تجذب ثوبا أو سترا فتقطعه من موضعه، أو تشق طائفة فيبدو لذلك ما وراءه، فلذلك يقال: هتك الله ستره، ورجل مهتوك الستر، متهتك. ورجل مستهتك لا يبالي أن يهتك ستره عن عورته. ويقال ذلك لكل شئ هتك وأهتك واستهتك. والجلباب: ثوب أوسع من الخمار ودون الرداء تغطي به المرأة رأسها وصدرها، فإذا فعلت ذلك قيل تجلببت (4)، فضربت فاطمة صلوات الله عليها (1) لسان العرب 7 / 30. (2) لسان العرب 3 / 164. (3) لسان العرب 10 / 411. (4) لسان العرب 1 / 272. (*)
[ 48 ]
ذلك مثلا لهتكهم حرمان الدين واستخفافهم بها. وقولها: ونطق كاظم الغاوين. فالكظم: السكوت. والكاظم: الساكت. تقول: نطق من كان من الغد، أن قد اسكته رسول الله صلى الله عليه وآله. والغاوون جمع غاو من الغي. والغي مصدر من قولك غوي الغاوي، فهو يغوى غيا. والغي: الضلال ضد الهدى. وقولها: نبغ خامل الآفلين. يقال: نبغ فلان إذا قال الشعر ولم يكن قاله قبل ذلك. وقيل: إن زيادا قال الشعر بعد أن كبر، فسمي النابغة لذلك، وقيل: بل سمي بذلك لقوله: (وقد نبغت لهم منا شؤون) (1) فمعنى نبغ ها هنا: ظهر اليوم من كان خاملا من الآفلين. وقولها: وهدر فنيق المبطلين. البعير يهدر هديرا وهدرا. والحمامة أيضا تهدر. والفنيق: الفحل من الابل. ضربته مثلا لمن استفحل من المبطلين من الامة فراءس عليها وتناول ما ليس له منها. وقولها: يخطر في عرصاتكم. تعني: الفحل من الابل الذي ضربته مثلا. والفحل من الابل يخطر بزينه إذا مشى مختالا. وكذلك الناقة، وكذلك الانسان إذا مشى يخطر بيديه كبرا. والعرصات: جمع عرصة. وعرصة الدار: وسطها. وقولها: واطلع الشيطان راسه من مغرزه صارخا بكم. (1) وحلت في بني القين بن جسر * وقد نبغت لنا منهم شؤون (لسان العرب 8 / 452).
[ 49 ]
مغرز الشئ: أصله مثل مغارز الريش، ومغارز الاضلاع. وقولها: ولعزمه متطاولين. المتطاول: الشئ المستشرف إليه. قال الشاعر: تطاولت فاستشرفته فرأيته * فقلت له أأنت عمرو الفوارس وقولها: واحمشكم فألفاكم غضابا. تقول: أغضبكم فوجدكم كذلك. يقال منه الرجل إذا اشتد غضبه: قد استحمش غضبا. وقولها: فوسمتم غير إبلكم، ووردتم غير شربكم. مثل ضربته لاغتصابهم الامامة من أهلها وأخذهم غير حقهم منها. وقولها: هذا والعهد قريب. تعني برسول الله صلى الله عليه وآله، وإن ذلك كان منهم بقرب وفاته. وقولها: والكلم رحيب. أي واسع. تعني ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وآله في امامة علي عليه السلام فما أوجبها وأكدها. وقولها: والجرح لما يندمل. تقول يبرأ. واندمال الجرح: برؤه. تعني: موت رسول الله صلى الله عليه وآله. وقولها: أنى تؤفكون. تقول: أين تصدون عن الحق. والافاك الذي يأفك الناس عن الحق بالكذب. والافك، تقول: أفك الرجل عن أمر كذا، إذا صرف عنه بالكذب والباطل. وقولها: ابتزارثيه. تقول: اسلب ارثي، تعني ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وآله الذي استلبته ومنعته.
[ 50 ]
والبزها هنا الاستلاب. والعرب تقول: من عزبز معناه من غلب سلب. والهاء من ارثيه زائدة وهي تسمى هاء الاستراحة من قول الله عزوجل " ما أغنى عني ماليه. هلك عني سلطانيه " (1) وقوله تعالى: " وما أدراك ماهيه " وهي لغة قريشية. وقولها: لقد جئت شيئا فريا. والفري هاهنا: الامر العظيم. والفري أيضا: الكذب. والفري: القذف. وقولها: فدونكها مخطومة مرحولة. تعني ظلامتها متلتها بناقة عليها رحلها وخطامها، ضربتها مثلا لظلامتها التي ارتكبها منها. وقولها: والزعيم محمد. فالزعيم: الكفيل. لان محمدا صلى الله عليه وآله قد تكفل لمن أطاعه بالجنة. وتكفل لمن بغي عليه بالنصر، والانتصاف ممن بغى عليه وظلمه. وقولها: ما هذه السنة عن ظلامتي. السنة: الوسن. يقال منه: قد وسن الرجل، إذا أخذته سنة النعاس، وقد غلبه وسنه. قال الله عزوجل: " الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم " (2) فالسنة النعاس من غير استشغال نوم. قال الشاعر: وسنان أقصده النعاس فرنقت * في عينه سنة وليس بنائم (3) ومعنى قولها ما هذه السنة عن ظلامتي تعني التغافل عنها. والتهاون بها كما يكون الناعس عن الشئ غافلا عنه إذا لم ينصروها في ذلك، ولا أعانوها عليه. وقولها: سرعان ما نسيتم وعجلان ما أحدثتم. هي كلمات تقولها العرب (1) الحاقة: 28 و 29. (2) البقره: 255. (3) لسان العرب 6 / 233.
[ 51 ]
لسرعان ما صنعت كذا وكذا. تعني أسرع ما صنعته ولو شكان ما خرجت ولعجلان ما جئت. قال الشاعر: أيخطب فيكم بعد قتل رجالكم * لسرعان هذا والدماء تصبب (1) قولها: فخطب جليل استوسع وهيه. فالخطب: الامر، يقال ما خطبك: أي ما أمرك. ويقال: هذا خطب جليل. وخطب يسير. والجمع خطوب. قال الله تعالى: " فما خطبكم أيها المرسلون " (2). واستوسع وهيه: أي اتسع ما وهي من أجله، تعني: مصاب رسول الله صلى الله عليه وآله، وما وهي من أجله من الامر واتسع وهيه لذلك. وقولها: واستشمر فتقه لفقدان راتقه. يقال منه: رتق الفتق إذا لحمه وأصلحه. تعني فقدان رسول الله صلى الله عليه وآله الذي كان يرتق ما انفتق من الامور. وقولها: واكتابت خيرة الله في خلقه. تعني بموت رسول الله صلى الله عليه وآله والكآبة من الهمة، والانكسار من الحزن في الوجه خاصة. تقول: كئب الرجل، والكئب كأبة، يوقف الالف، وكآبة بالمد. وقولها: واكدت الآمال. تقول: انقطعت. قال الله عزوجل: " وأعطى قليلا وأكدى " (3) أي قطع ما كان يعطيه. وقد قيل: إن المعطي إذا أعطى عطاء نزرا قليلا قيل أكدى، والاول أشبه بالمعنى. ويقال: فلان قد بلغ الناس كديته: أي أنه كان يعطي ثم أمسك. قالت الخنساء: (1) لسان العرب 8 / 152. (2) الحجر: 57. (3) النجم: 34.
[ 52 ]
فتى الفتيان ما بلغوا كداها وقولها: [ إيها ] بني قيلة. فهو من الدعاء المنسوب، تقول: يا بني قيلة، تعني: الانصار، وهم الاوس والخزرج ابنا حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن ثعلبة بن أمرء القيس بن مادر بن حبدالله بن الامرد بن عوف بن نبتة بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ، وهما ابنا قيلة، وهم الانصار، نسبوا إلى امهم. وقولها: أهتضم تراث أبي. تقول: انقص ميراث أبي. ويقال منه: هضمت حقي: أي انتقصته. وهضمت من حقي طائفة: أي تركتها. والهضام: الذي يترك من حقه ويعطي غيره. يقال: قد هضم له من حقه (1) قال لبيد: ومقسم يعطي العشيرة حقها * ومعد لم لحقوقها هضامها والتراث تاؤه واو وهو تركه الميراث. ولا يجمع كما يجمع الميراث. فيقال: تواريث. وقولها: وأنتم نخبة الله التي انتخب لدينه. النخبة: الخيرة لما اختير، واستخلص نخبة ونخابة، وهو مصدر النخيب: المختار المستخلص المصطفى اختيارا على غيره. وتنخب: اختار واستخلص. وقولها: فنابذتم العرب وكافحتم الامم. المنابذة: انتباذ الفريقين للحرب. تقول: نبذت إليه الحرب على سواء: أي نابذناهم الحرب. والنبذ طرحك الشئ، والمنبوذ: ولد الزنا الذي تنبذه امه: أي تطرحه ليخفي أمرها. فكأن المنابذة طرح ما بين الفريقين من الصلح والاتفاق بين بعضهم وبعض. والمكافحة - في الحرب -: المضاربة تلقاء الوجوه. قال الشاعر: (1) لسان العرب 12 / 612.
[ 53 ]
تكافح لوحات الهواجر بالضحى * مكافحة للمنخرين وللفم (1) وقولها: وخبت نيران الباطل. الخبو: سكون لهب النار. وخبت النار: إذا سكنت. وخبت الحرب كذلك وخبت النار تخبو خبوا: إذا طفئت. وقولها: واستوسق نظام الدين. تقول: اجتمع وانضم بعضه إلى بعض. والوسق: ضمك الشئ بعضه إلى بعض. والاتساق: الانضمام والاستواء. ويقال: استوسقت الابل: إذا اجتمعت وانضمت. واستوسق النظام كذلك. وهذا مثل ضربته لاجتماع المؤمنين والفتهم على إقامة دين الله عزوجل في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله. وقولها: فنكصتم بعد الاقدام. النكوص: الاحجام عن الشئ. يقال لمن أراد أمرا ثم رجع عنه: نكص على عقبيه. وقولها: نكثوا أيمانهم. نكث اليمين، ونكث العهد والعقد: حله من بعد أن عقد وأبرام. وكذلك النقض. قال الله عزوجل: " فمن نكث فإنما ينكث على نفسه " (2) وقال أيضا: " ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها " (3) وقال: " ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم " (4). قيل: إن ذلك ضرب مثلا لامرأة حمقاء كانت تغزل الغزل، ثم تفتله على خلاف ما فتلته إذا غزلته، فينحل ويفسد وذلك النكث. والنكيثة اسم. (1) لسان العرب 2 / 573. (2) الفتح: 10. (3) النحل: 91. (4) النحل: 92.
[ 54 ]
وقولها: لقد قلت ما قلت على علم مني بالخذلان الذي خامر صدوركم واستفز قلوبكم. [ خامر صدوركم ] (1): خالطها. يقال منه: خامره الداء: إذا خالط جوفه. وكلما يخمر بالماء يقال: اختمر. إذا خالطه يختمر به من طعم أو ريح لم يكن قبل ذلك فيه. واستفز استفعل -: من الافزاز. والافزاز: الافزاع والذعر. ويقال: استفز الرجل حتى القي في الجهل، واستفز حتى اخرج من داره: بمعنى خوف وافزع حتى فعل ذلك. وقولها: لبثة الصدر وبعثة الغيظ. فبثة الصدر: خروج ما في القلب، والحديث به. وأصل البث: تفريق الاشياء. كبث الخيل في الغارة وبث الكلاب للصيد. وخلق الله الخلق وبثهم في الارض وتقول: أبثه الحديث ابثاثا، فأنا مبثه. والحديث مبث. تقول عليها السلام: ولكنني بثثت ما في الصدر. والبث أيضا شدة الحزن. قيل: لان صاحبه لا يصير حتى يبثه: أي يشكوه. قال الله عزوجل حكاية عن يعقوب: " إنما أشكو بثي وحزني إلى الله " (2) وقد يكون قولها أيضا في هذا إنها تبث ما في قلبها من الغم بما ذكرته وان كانت تعلم أن ذلك لا يصرفهم عما هم عليه. وبعثة الغيظ، ما يبعثه: أي يرسله. ويبعث عنه من القول وغيره. وقولها: فدونكموها، فاحتقبوها. تعني ظلامتها التي تظلمت إليهم، تقول: احتقبوا إثمها. وأصل الاحتقاب: شد الحقبة من خلف، وكل ما حمل من خلف. تقول: احتقب واستحقب، والاثم كذلك يحتقب. قال الشاعر: (1) وفي الاصل: صدوركم خامر صدوكم. (2) يوسف: 86.
[ 55 ]
فاليوم فاشرب (1) غير مستحقب * إثما من الله ولا واغل وقولها: دبرة الظهر. تعني بثقلها كما يدبر ظهر الدابة الحمل الثقيل. وقولها: موسومة بشنار الابد. العيب والعار يلزم الرجل من فعل يفعله. عار وشنار. وقل ما يقرأون الشنار في العار. وكذلك جاء في هذا الكلام بعد ذكر العار ويجئ مفراد في الشعر. قال الشاعر: ولولا رعيهم سمع الشنار فهذا شرح آخر هذه الخطبة التي خطبتها فاطمة عليها السلام. [ نعود إلى فضائل الزهراء ] [ 975 ] الربيع بن صبيح (2)، باسناده عن عائشة - زوج النبي صلى الله عليه وآله، أنها سئلت: أي النساء أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قالت: فاطمة. ومن الرجال، علي. قيل لها: وكيف، وقد بلغنا أنه سئل أي النساء أحب اليك ؟ فقال: عائشة بنت أبي بكر. وقيل: أي الرجال أحب اليك ؟ قال: أبوها. فقالت عائشة: اللهم غفرا لا تخدعوني إني والله أنا عصبته فأقول مالا أملكه، إنهم إنما سألوه عن أي الناس أحب إليه، ولم يسألوه عن (1) وفي لسان العرب 1 / 325: فاليوم اسقي غير. (2) وهو أبو بكر، الربيع بن صبيح السعدي البصري خرج غازيا إلى السند فمات في البحر ودفن في إحدى الجزر 160 ه.
[ 56 ]
نفسه. وكيف يكون ذلك، وفاطمة التي يقول لها: [ فداك ] (1) نفسي أنت سيدة نساء العالمين. فقيل له: يا رسول الله فأين مريم ؟ قال: تلك سيدة نساء قومها. فقال لها: يا فاطمة، زوجتك سيد العرب. فقيل له: يا رسول الله، فأنت ؟ قال: أنا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب، وأبناؤه الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة. قيل لها: فإن ما بلغنا أن أبا بكر وعمر سيدا كهول الجنة من الاولين والآخرين. فقالت: إني والله ما أدري ما هذا ولان يكون كذلك أحب إلي من حرم النعم، فإن كان قاله، فأين إبراهيم خليل الرحمان ؟ ولكني سمعته يقول: أهل الجنة شباب جرد مرد ليس عليهم شعر إلا على على رؤوسهم والحواجب منهم وأشفار العيون. ولم أسمعه يقول إن فيها كهولا. ولقد علمت أنكم إنما تدرأون فضل علي فوالله ما يمنعه أن يكون له الفضل وهو أول المؤمنين إيمانا برسول الله صلى الله عليه وآله وأسبقهم إلى نصرته، وأقولهم بالحق، ولقد كان صواما وقواما وآخر الخلق عهدا برسول الله صلى الله عليه وآله حتى فاضت نفسه في يده، ولقد أوصى إليه بما لم يطمع فيه غيره. [ 976 ] شريك بن عبد الله، باسناده، عن رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه لما زوج فاطمة عليها السلام من علي صلوات الله عليه ودخل بها، جعلت ام أيمن (2) معها تؤنسها، وفارقها من الليل ثم غدا إليها بالغداة (1) هكذا صححناه وفي الاصل: فذلك. (2) وهي بركة بنت ثعلبة بن عمرو بن حسن بن مالك بن سلمة بن عمرو بن النعمان مولاهم رسول الله صلى الله عليه وآله. غلبت عليها كنيتها، كنيت بابنها أيمن بن عبيد وهى ام اسامة بن زيد.
[ 57 ]
يدق الباب. فقالت أم أيمن: من هذا ؟ قال: أنا رسول الله. فأتته مسرعة وهي تقول: فداك أبي وامي. وفتحت له الباب. فقال لها: يا ام أيمن، ها هنا أخي (1). قالت: يا نبي الله، ومن أخوك ؟ قال: علي بن أبي طالب. قالت: يا نبي الله، إنما عرف الناس الحلال والحرام بك، أتزوج ابنتك من أخيك ؟ قال: يا ام أيمن ليس هو أخي من أبي وامي الذي يحرم عليه نكاح ابنتي هو أخي في الدين، ومعي في أعلى عليين. ثم دخل على فاطمة، فوجد عندها أسماء بنت عميس (2). تزوجها زيد بن حارثة بعد عبيد الحبشي فولدت له اسامة، وهي التي استشهدت فاطمة بها في أمر فدك، فشهدت لها، ورفض شهادتها. توفيت 11 ه. (1) وفي كفاية الطالب ص 306: أثم أخي يا ام أيمن. (2) وهي أسماء بنت عميس بن معبد بن الحرث بن تميم بن كعب الخثعمية، أسلمت في مكة وهاجرت مع زوجها جعفر بن أبي طالب إلى الحبشة سنة 5 بعد بعثة الرسول، فولدت عبد الله (الذي عاش ثمانون عاما وتوفي في المدينة. الدر المنثور ص 35). فلما استشهد جعفر تزوجها أبو بكر، فطلقها، فتزوجها علي بن أبي طالب. وتوفيت بالكوفة سنة 36، ودفنت في احدى جبانات الكوفة، ويدعى أن في ضواحي الهاشمية على نهر الجر بوعية من محافظة بابل (الحلة) قبر مشيد لها (مراقد المعارف 1411). أخواتها: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: رحم الله الاخوات من أهل الجنة: 1 أسماء بنت عميس وكانت تحت جعفر بن أبي طالب. 2 سلمى بنت عميس وكانت تحت حمزة بن عبد المطلب. 3 ام الفضل لبابة وكانت تحت عباس بن عبد المطلب.
[ 58 ]
فقال لها: ما خلفك عند فاطمة ؟ قالت: يا رسول الله إن الفتاة إذا زفت إلى زوجها لا بد أن يكون عندها امرأة تخبرها بحاجتها. قال: اللهم أسكن أسماء الجنان (1). ثم أقبل على فاطمة [ فقال ]: أنا وأنت وهو في الرفيق الاعلى، يا فاطمة. فقال: يا فاطمة، إني لم آلك نصحا ولا زوجتك عن أمري بل عن أمر ربي، لقد زوجتك أقدمهم سلما، وأعظمهم حلما، وأكثرهم علما 4 وام المؤمنين ميمونة. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن عميس أكرم الناس اصهارا. وقال أيضا لهند امهن: هي أكرم عجوز جمعت على الارض اصهارا (ذخائر العقبى ص 22 طبقات ابن سعد 8 / 205، الدر المنثور ص 35، ذيل المذيل ص 85، الحلية 2 / 74، خلاصة الذهب ص 421). أي أسماء كانت في الزفاف: لقد ذكرت أسماء بنت عميس في هذا الحديث وفي الحديث المرقم 967 ذكر فقط أسماء دون ذكر أبيها. مع العلم أن أسماء بنت عميس كما ذكرنا كانت تحت جعفر بن أبي طالب وهاجر بها إلى أرض الحبشة. وبقي جعفر وزوجته أسماء بأرض الحبشة حتى هاجر النبي صلى الله عليه وآله إلى المدينة. وقدم جعفر المدينة يوم فتح خيبر سنة سبع للهجرة، مع أن زواج فاطمة الزهراء عليها السلام بعد واقعة بدر بأيام قلائل. ويدل على عدم كون أسماء هي أسماء بنت عميس الخبر الذي ذكره المؤلف رقم 971 حول كيفية تشييع النساء في الحبشة وصنعها لفاطمة الزهراء عليها السلام التابوت. فمحصل ما ذكرنا أنها ليست هي بنت عميس بل هي أسماء بنت يزيد بن السكن الانصاري اللمكناة بأم سلمة وهي غير أم سلمة أم المؤمنين كما لا يخفى. قال الكنجي في كفاية الطالب ص 308: ولها أحاديث عن النبي صلى الله عليه وآله. روى عنها شهر بن حوشب وغيره من الناس والله اعلم. (1) وفي كفاية الطالب: أسأل إلهي ان يحرسك من فوقك ومن تحتك، ومن بين يديك، ومن خلفك، وعن يمينك، وعن شمالك من الشيطان الرجيم.
[ 59 ]
في الدنيا من الاولين، وفي الآخرة من الصالحين. أنا وأنت وهو في الرفيق الاعلى. يا فاطمة، إن الله عزوجل اطلع إلى الارض إطلاعة، فاختارني منها، فجعلني نبيا، ثم اطلع عليها الثانية، فاختار منها عليا بعلك وجعله لي وصيا. [ 977 ] حسن بن عبد الله، عن جعفر بن محمد عليه السلام، أنه قال: جاء سهل بن عبد الرحمان إلى عمر بن عبد العزيز (1) فقال: إن قومك يقولون إنك تؤثر عليهم ولد فاطمة. فقال له عمر: سمعت الثقة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله تخبر عنه حتى كأني سمعته منه أنه قال: إنما فاطمة بضعة مني، يرضيني ما أرضاها ويسخطني ما أسخطها، فوالله إني لحقيق أن أطلب رضاء رسول الله صلى الله عليه وآله [ ورضاه ] ورضاءها في ولدها. [ وقد علموا أن النبي يسره * مسرتها جدا ويشني اغتمامها ] (2) [ 978 ] أحمد بن شعيب النسائي، باسناده عن ام سلمة، أنها قالت: دعا رسول الله صلى الله عليه وآله فاطمة عليها السلام فأسر إليها سرا، فبكت. ثم أسر إليها سرا، ضحكت (3) فسئلت عن ذلك. فقالت: ما كنت لافشي سره أيام حياته. قالت ام سلمة: فلما توفي سألتها، فقالت: أسر الي أنه يموت، (1) وهو أبو حفص عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الخليفة الاموي ولد 61 ه وتوفي 101 ه. (2) بحار الانوار 43 / 39. (3) وفي خصائص النسائي ص 117: دعا فاطمة (ره) فناجاها فبكت ثم حدثها فضحكت.
[ 60 ]
فبكت. ثم أخبرني أني سيدة نساء أهل الجنة ما خلا مريم بنت عمران، فضحكت. [ 979 ] وبآخر، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وفاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلا ما كان من مريم بنت عمران. [ فاطمة سيدة نساء العالمين ] [ 980 ] وبآخر، عن أبي هريرة، أنه قال: أبطأ عنا رسول الله صلى الله عليه وآله يوما، ثم جاء. فقلنا: يا رسول الله لقد شق علينا تخلفك اليوم. فقال: إن ملكا من ملائكة السماء لم يكن زارني، فاستأذن الله تعالى في زيارتي، فأذن له. كان عندي، ويبشرني أن ابنتي فاطمة سيدة نساء العالمين (1) وأن ابنيها - الحسن والحسين - سيدا شباب أهل الجنة. [ 981 ] وبآخر، عن المسور بن مخرمة (2)، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وهو على المنبر يقول: إن بني هشام بن المغيرة (3) استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب، فلا اذن، ثم لا اذن، ثم لا اذن إلا أن يريد علي بن أبي طالب أن يطلق ابنتي، وأن ينكح ابنتهم، فإنما هي بضعة مني يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها، وما كان لعلي أن يجمع بين بنت رسول الله (هامش) * (1) وفي خصائص النسائي ص 118: سيدة نساء امتي. (2) وهو أبو عبد الرحمان المسور بن مخرمة بن نوفل بن أهيب القرشي البصري ولد 2 ه. خاله عبد الرحمان بن عوف قتل في فتنة ابن الزبير 64 ه. (3) يعنى بني مخزوم.
[ 61 ]
صلى الله عليه وآله وبين بنت عدوالله (1). [ 982 ] وبآخر، عنه، أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن فاطمة بضعة مني من أغضبها أغضبني. [ الملائكة تعين فاطمة ] [ 983 ] عمرو بن مسهر، باسناده، عن عمار بن ياسر (2)، قال: بعثني رسول الله إلى علي عليه السلام لادعوه إليه، فأتيت باب حجرته، فقرعته مليا، فلم يجبني أحد. فسمعت صوت رحى، ففتحت الباب، فإذا فاطمة عليها السلام نائمة والحسن نائم على ثديها، والرحى تدور ولا أرى أحدا يديرها. فانصرفت مرعوبا إلى النبي صلى الله عليه وآله، فأخبرته بما رأيت. فقال لي: وما يعجبك من هذا يا عمار، إن كان الله عزوجل نظر الي ابنة نبيه ولا معين لها فأيدها بمن يعينها على أمرها. [ 984 ] إسماعيل بن موسى، باسناده، عن عبد الله بن مسعود، أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول - في غزوة تبوك، ونحن نسير معه -: إن الله عزوجل لما أمرني أن ازوج فاطمة من علي، ففعلت. قال لي جبرائيل عليه السلام: إن الله قد بنى جنة من لؤلؤة بين كل قصبة إلى قصبة من ياقوت (3) مشذرة بالذهب وجعل سقوفها زبرجد الاخضر. وجعل فيها طاقات من زمرد (4) مكللة باليواقيت. ثم جعل (1) راجع تعليقة الحديث 972 في صفحة 31. (2) وفي بحار الانوار 43 / 45: رواه عن أبي ذر الغفاري. (3) وفي مجمع الزوائد 9 / 204: بين كل قصبة إلى قصبة لؤلؤة من ياقوتة. (4) وفي مجمع الزوائد: وجعل فيها طافات من لؤلؤة مكللة.
[ 62 ]
عليها غرفا لبنة من فضة ولبنة من ذهب، ولبنة من در، ولبنة من ياقوت، ولبنة من زبرجد، وجعل فيها عيونا تنبع في نواحيها وحفها بالانهار. وجعل على الانهار قبابا من درقد رصعت بسلاسل الذهب وحفت بأنواع الشجر، وبني في كل غصن بيتا، وجعل في كل قبة أريكة من درة بيضاء، غشاؤها السندس والاستبرق، وفرشها بالزعفران، وفتقها بالمسك والعنبر، وجعل [ في كل قبة والقبة لها ] (1) مائة باب على كل [ باب ] جاريتان وشجرتان في كل قبة مفرش وكتاب مكتوب فيه آية الكرسي. فقلت يا جبرائيل: لمن بنى الله عزوجل هذه الجنة ؟ فقال: هذه الجنة بناها الله جل اسمه لعلي بن أبي طالب وفاطمة ابنتك سوى جنانها تحفة أتحفها الله بها ولتقر بذلك عينك، يا محمد. [ فاطمة في المحشر ] [ 985 ] علي بن جرير، باسناده، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عن آبائه عليهم السلام، أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إذا كان يوم القيامة نصب للنبيين منابر من نور ونصب لي في أعلاها منبر، ثم يقال لي: قم، فاخطب، فأرقي منبري، فأخطب خطبة لم يخطب أحد (2) مثلها. ثم تنصب منابر من نور للوصيين فيكون علي على أعلاها منبرا، ثم يقال له: اخطب، فيخطب بخطبة لم يخطب مثلها أحد من الوصيين. ثم تنصب منابر من نور لاولاد الوصيين (3) فيكون الحسن (1) ما بين المعقوفتين من دلائل الامامة ص 51. (2) وفي بحار بحار الانوار 43 / 64 الحديث 57: بخطبة لم يسمع أحد من الانبياء والرسل مثلها. (3) وفي بحار الانوار: ثم ينصب لاولاد الانبياء والمرسلين منابر من نور.
[ 63 ]
والحسين على أعلاها، ثم يقال لها: قوما فاخطبا، فيخطبان بما لم يخطب به أحد من أبناء الوصيين. ثم ينادي مناد (1): يا أهل الجمع غضوا أبصاركم وطأطئوا رؤوسكم لتجوز فاطمة بنت محمد. فيفعلون ذلك، وتجوز فاطمة وبين يديها مائة الف ملك وعن يمينها مثلهم، وعن شمالها مثلهم، ومن خلفها مثلهم، ومائة الف ملك يحملونها على أجنحتهم حتى إذا صارت إلى باب الجنة ألقى الله عزوجل في قلبها أن تلتفت. فيقال لها: ما التفاتك ؟ فتقول: أي رب إني أحب أن تريني قدري في هذا اليوم. فيقول الله: ارجعي يا فاطمة، فانظري من أحبك وأحب ذريتك، فخذي بيده وأدخليه الجنة. قال جعفر بن محمد عليه السلام: فانها لتلتقط شيعتها ومحبيها كما يلتقط الطير الحب الجيد من بين الحب الردئ، حتى إذا صارت هي وشيعتها ومحبوها على باب الجنة ألقى الله عزوجل في قلوب شيعتها ومحبيها أن يلتفتوا. فيقال لهم: ما التفاتكم وقد امرتم إلى الجنة ؟ فيقولون: إلهنا نحب أن نرى قدرنا في هذا اليوم. فيقال لهم: ارجعوا، فانظروا من أحبكم في حب فاطمة أو سلم عليكم في حبها أو صافحكم، أو رد عنكم [ غيبة ] (2) فيه، أو سقى جرعة ماء، فخذوا بيده، فادخلوه الجنة. قال جعفر بن محمد صلوات الله عليه: فوالله ما يبقى يومئذ في (1) وفي بحار الانوار: وهو جبرائيل. (2) هكذا صححناه وفي الاصل: عينه. (*)
[ 64 ]
النار (1) إلا كافر أو منافق في ولايتنا، فعندها يقولون: " فما لنا من شافعين ولا صديق حميم. فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين " (2). ثم قال جعفر بن محمد صلوات الله عليه: كذبوا (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه [ وإنهم لكاذبون ] (3) كما قال تعالى. ثم ينادي مناد: لمن الكرم اليوم. فيقال: لله الواحد القهار ولمحمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين. [ أفضل نساء العالمين ] [ 986 ] علي بن هاشم، باسناده، عن زياد بن المنذر، عن عبد الله بن عمر بن علي، عن آبائه، أنهم يقولون: أفضل نساء العالمين آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله. [ 987 ] وبآخر، عن الشعبي، قال: خطب علي صلوات الله عليه ابنة أبي جهل إلى عمها الحارث بن هشام (4) واستأمر النبي صلى الله عليه وآله، وقال: أتأمرني بها ؟ فقال له: لا، فاطمة بضعة مني ولا احب أن تجزع ولا تحزن. فقال علي عليه السلام: ما كنت لآتي شيئا تكرهه، يا رسول الله (5). (1) وفي بحار الانوار: لا يبقى في الناس. (2) الشعراء: 100 - 102. (3) الانعام: 28. (4) وهو أبو عبد الرحمان الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي من المؤلفة قلوبهم، أسلم يوم الفتح، انتقل إلى الشام ومات بطاعون عمواس 18 ه. (5) وصدر هذا الحديث يناقض ذيله وليس أمير المؤمنين عليه السلام ممن لا يدرك أن هذا النبأ يزعج الرسول الاكرم حتى يقدم عليه ثم يعتذر. اضف إلى ذلك حال الشعبي وموقفه مع علي مما لا يخفى على أحد.
[ 65 ]
[ 988 ] علي بن هشام، باسناده، عن عائشة، أنها ذكرت فاطمة عليها السلام فقالت: ما رأيت أحدا أصدق منها إلا أباها (1). [ 989 ] محمد بن سعيد، باسناده، عن رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه قال: لما زفت فاطمة إلى علي عليه السلام كبر رسول الله صلى الله عليه وآله وكان بلال بين يديه فكبر. فقال رسول الله: لم كبرت، يا بلال. فقال: يا رسول الله كبرت فكبرت. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما كبرت أنا حتى كبر جبرائيل عليه السلام. [ 990 ] أحمد بن صالح، باسناده، عن حذيفة اليماني، قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وآله المغرب (2) ثم قام يصلي حتى صلى العشاء الآخرة، ثم خرج، فاتبعته، فقال لي: إن ملكا من ملائكة السماء استأذن الله عزوجل في زيارتي، فأذن له، فأخبرني أن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة، وأن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة. [ 991 ] محمد بن عبد الرحمان، باسناده، عن علي عليه السلام: أنه قال: نظر الي رسول الله صلى الله عليه وآله والى فاطمة. (1) وفي حلية الاولياء 2 / 41: غير أبيها. (2) صحيح الترمذي 2 / 306: عن حذيفة قال: سألتني أمي: متى عهدك ؟ تعني النبي صلى الله عليه وآله. فقلت: مالي به عهد منذ كذا وكذا. فقالت متى ؟ فقلت لها: دعيني آتي النبي صلى الله عليه وآله فاصلي معه المغرب وأسأله أن يستغفر لي ولك. فأتيت النبي صلى الله عليه وآله فصليت معه المغرب... الحديث.
[ 66 ]
فقال: يا علي، من كنت عليه غضبان فإن الله ورسوله عليه غضبانان. ويا فاطمة، من كنت عليه غضبى فإن الله ورسوله عليه غضبانان. ويا علي، من كنت عليه راضيا فإن الله ورسوله عليه راضيان ومن كنت يا فاطمة راضية عنه كان الله ورسوله عنه راضيين. [ عقد النكاح في السماء ] [ 992 ] عبد الرزاق، باسناده، عن ام أيمن، قالت: رآني رسول الله صلى الله عليه وآله وأنا أبكي. فقال: ما يبكيك يا ام أيمن ؟ فقلت: يا رسول الله حضرت تزويج فتى من الانصار فأتي بسكر مصر ولوز فنثر على من حضر فذكرت تزويج فاطمة، وإنه لانثار كان فيه. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا ام أيمن، اخبرك عن تزويج فاطمة. إن الله عزوجل بعث الروح الامين جبرائيل عليه السلام ومعه ميكائيل، فجلسا على كرسيين من نور تحت العرش، وأقام الملائكة المقربين والحور العين صفوفا. فأوحى إلى شجرة طوبى أن انثري عليهم، فنثرت عليهم الياقوت الاحمر والزمرد الاخضر واللؤلؤ الابيض والمرجان والمسك الاذفر والعنبر الاشهب والكافور الابيض والزعفران، فمن التقطه من الملائكة افتخر به على [ سائر ] الملائكة، ومن التقطه من الحور العين افتخرت على [ سائر ] حور العين. وعقد جبرائيل وميكائيل في السماء نكاح فاطمة. فكان جبرائيل المتكلم عن علي، وميكائل الراد عني، وما عقدت نكاحها في الارض
[ 67 ]
حتى عقدت لها الملائكة في السماء. [ تسبيحة الزهراء ] [ 993 ] حمران بن أبان الرازي، باسناده، عن علي عليه السلام، قال: كانت فاطمة عليها السلام تخدم وتقوم بمهنة بيتها، فأتعبتها الخدمة وأخلقتها وأثر الرحى في يدها ونالها من ذلك ضرر شديد (1). وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله رقيق من سبي المشركين. فقلت لها: لو أنك مضيت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فاستخدمته خادما يكفيك الخدمة. فمضت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فوجدته على شغل، فانصرفت. فلما كان من غد أتانا فوقف على الباب، ونحن في لفاعنا. فقال: السلام عليكم يا أهل البيت. (1) ومن العجب أن ابن سكرة العباسي الهاشمي يهاجم الزهراء البتول لاجل هذه الخدمة والجهد في المنزل ولتزويجها بأمير المؤمنين عليه السلام، فيجيبه شاعر أهل البيت ابن الحجاج البغدادي في قصيدة طويلة ذكرها الاميني في الغدير 4 / 89 مطلعها: لا أكذب الله إن الصدق ينجيني * يد الامير بحمد الله تحييني إلى أن يقول فما وجدت شفاء تستفيد به * إلا ابتغاءك تهجو آل ياسين كافاك ربك إذ أجرتك قدرته * بسب أهل العلا الغر الميامين فقر وكفر هميع أنت بينهما * حتى الممات بلا دينا ولا دين فكان قولك في الزهراء فاطمة * قول امرئ لهج بالنصب مفتون عيرتها بالرحى والزاد تطحنه * لا زال زادك حبا غير مطحون وقلت إن رسول الله زوجها * مسكينة بنت مسكين لمسكين كذبت بابن التي باب إستها * سلس الاغلاق بالليل مفكوك الزرافين ست النساء غدا في الحشر يخدمها * أهل الجنان بحور الخرد العين (القصيدة 58 بيتا).
[ 68 ]
فسكتنا حياء منه صلى الله عليه وآله، فوثبت فأخذت ثوبي، وقلت: وعليك السلام يا رسول الله ادخل فداك أبي وامي، فدخل، وبقيت فاطمة في اللفاع. فقال لها: ما كانت حاجتك أمس يا بنية ؟ فاستحيت منه وسكتت. فخشيت أن يقوم ولا تذكر له شيئا. فقلت: أنا اخبرك بحاجتها يا رسول الله. أصابها من الخدمة ضرر شديد، وبلغها أن رقيقا جاءتك، فقلت لها: لو استخدمت رسول الله صلى الله عليه وآله خادما، فجاءتك، لتذكر ذلك، فوجدتك على شغل. فقال لها النبي صلى الله عليه وآله: يا بنية ما جاءني من الرقيق ما يسع نساء جميع المسلمين، وما كنت بالذي أوثرك عليهن، ولكن أعطيك ما هو خير لك من خادم وخادمة، إذا انصرفت من صلاتك، أو آويت إلى مضجعك فسبحي الله ثلاثا وثلاثين تسبيحة، وكبريه ثلاثا وثلاثين تكبيرة، واحمديه ثلاثا وثلاثين تحميدة. واختمي ذلك بشهادة أن لا اله إلا الله - وذلك ذكر الله بما هو أهله - مائة مرة، تكون لك بذلك مائة حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، فيكتب الله عزوجل لك في ذلك الف حسنة، فذلك خير لك من خادم وخادمة ومن الدنيا وما فيها. فأخرجت رأسها من اللفاع، فقالت: رضيت عن الله وعن رسول الله - ثلاثا -. قال علي عليه السلام: فما تركناها مذ سمعناها من رسول الله صلى الله عليه وآله بعد كل صلاة مكتوبة (1). (1) قال أبو نعيم في الحلية 1 / 69: عن علي: فما فاتني منذ سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وآله إلا ليلة صفين فاني نسيتها حتى ذكرتها من آخر الليل، فقلتها.
[ 69 ]
[ ضبط الغريب ] اللفاع: ما يشتمل به وغطى الرأس. قال الشاعر: أنا إذا أمر العدى تسرعا * واجتمعت بالشران تلفعا يقول: شمل الناس شرهم. ويقال: لفع الشيب يلفع لفعا: إذا شمل الرأس. وتلفع الرجل: إذا شمله الشيب. كأنه غطى سواد شعره. قال سريد: كيف يرجون شفائي بعدما * ألفع الرأس مشيب وصلع ويقال: قد تلفعت الا مرأة، فهي متلفعة: إذا غطت رأسها بشئ. واللفاع مثل القناع. ففضل فاطمة عليها السلام هو فضل علي عليه السلام لاختصاص الله عزوجل بها إياه وتزويجه إياها وايثاره إياه بها. وفضل الائمة من ولده منها لانها امهم صلوات الله عليها وعليهم أجمعين. ومن أغضبها وأسخطها فقد اغضب الله ورسوله صلى الله عليه وآله كما جاء ذلك عنه صلى الله عليه وآله. وقد ذكرنا ما تناوله منها من تناوله، وما كان منها من انكار ذلك وسخطه. وقولها لهم فيه، وعتبها عليهم. وما أوصت به من دفنها ليلا وأن لا يشهد أحد منهم جنازتها. وكفي بذلك خزيا لمن ارتكب منها ما ارتكب وفعل، ويوم القيامة يخسر المبطلون وفيه يبلس المجرمون، وما الله بغافل عما يعملون وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون (1). (1) واختلف في تاريخ وفاتها: فبعض ذكر أنها بقيت بعد والدها صلى الله عليه وآله خمسة وسبعين يوما كما ذكره الكليني في الكافي والمفيد في الاختصاص. وبعض ذكر أنها بقيت أربعين يوما كما في روضة الواعظين ص 130 وكتاب السقيفة لسليم بن قيس الهلالي ص 203. وبعض ذكر أنها توفيت في الثالث من جمادى الآخر سنة إحدى عشرة، ذكره الكفعمي في المصباح والمجلسي في بحار الانوار 43 / 215، رواه أبو بصير عن الصادق عليه السلام، وهو الاصح. روى الصدوق في الخصال ص 361، عن محمد بن عمير البغدادي، عن أحمد بن الحسن بن عبد الكريم،
[ 70 ]
...................... عن عباد بن صهيب، عن عيسى بن عبد الله العمري، عن أبيه، عن جده، عن علي عليه السلام: خلقت الارض لسبعة بهم يرزقون، وبهم يمطرون، وبهم ينصرون: أبو ذر وسلمان والمقداد وعمار وحذيفة وعبد الله بن مسعود. قال علي عليه السلام: وأنا إمامهم وهم الذين شهدوا الصلاة على فاطمة. روى المجلسي في بحار الانوار 43 / 210 عن المفيد، عن الصدوق، عن أبيه، عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن القاسم بن محمد رازي، عن علي بن محمد الرامهرمزي، عن علي بن الحسين، عن أبيه الحسين عليه السلام قال: لما مرضت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وصت إلى علي بن أبي طالب عليه السلام أن يكتم أمرها ويخفي خبرها، ولا يؤذن أحدا بمرضها. ففعل ذلك، وكان يمرضها بنفسه وتعينه على ذلك أسماء بنت عميس رحمها الله على استمرار ذلك كما وصت به. فلما حضرتها الوفاة وصت أمير المؤمنين أن يتولى أمرها، ويدفنها ليلا ويعفي قبرها. فتولى ذلك أمير المؤمنين عليه السلام. ودفنها، وعفي موضع قبرها. فلما نفض يده من تراب القبر، هاج به الحزن، فأرسل دموعه على خديه وحول وجهه إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك من ابنتك وحبيبتك وقرة عينك وزائرتك، والبائنة في الثرى ببقيعك. المختار الله لها سرعة اللحاق بك، قل يا رسول الله عن صفيتك صبري، وضعف عن سيدة النساء تجلدي، إلا أن في التأسي لي بسنتك، والحزن الذى حل بي لفراقك موضع التعزي، ولقد وسدتك في ملحود قبرك بعد أن فاضت نفسك على صدري وغمضتك بيدي، وتوليت أمرك بنفسي. نعم وفي كتاب الله أنعم القبول. إنا لله وإنا إليه راجعون. قد استرجعت الوديعة واخذت الرهينة واختلست الزهراء، فما أقبح الخضراء والغبراء يا رسول الله. أما حزني فسرمد، وأما ليلي فمسهد. لا يبرح الحزن من قلبي أو يختار الله لي دارك التي فيها أنت مقيم. كمد مقيح، وهم مهيج سرعان ما فرق الله بيننا. وإلى الله أشكو، وستنبئك ابنتك بتظاهر أمتك علي، وعلى هضمها حقها، فاستخبرها الحال. فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلا، وستقول، ويحكم الله وهو خير الحاكمين. سلام عليك يا رسول الله سلام مودع لا سئم ولا قال. فإن أنصرف فلا عن ملالة وإن اقم فلا عن سوء ظني بما وعد الله الصابرين. الصبر أيمن وأجمل، ولولا غلبة المستولين علينا، لجعلت المقام عند قبرك لزاما. والتلبث عنده معكوفا، ولا عولت إعوال الثكلى على جليل الرزية. فبعين الله تدفن بنتك سرا، ويهتضم حقها قهرا، ويمنع إرثها جهرا، ولم يطل العهد ولم يخلق منك الذكر، فإلى الله يا رسول الله المشتكى. وفيك أجمل العزاء. فصلوات الله عليها وعليك ورحمة الله وبركاته.
[ 71 ]
........................ المراثي ففي الديوان المنسوب إلى أمير المؤمنين عليه السلام، أنه أنشد بعد وفاة فاطمة عليها السلام. ألا هل إلى طول الحياة سبيل * وأنى وهذا الموت ليس يحول وإني وإن أصبحت بالموت موقنا * فلي أمل من دون ذاك طويل وللدهر ألوان تروح وتغتدي * وإن نفوسا بينهن تسيل ومنزل حق لا معارج دونه * لكل امرئ منها إليه سبيل قطعت بأيام التعزز ذكره * وكل عزيز ما هناك ذليل أرى علل الدنيا علي كثيرة * وصاحبها حتى الممات عليل وإني لمشتاق إلى من أحبه * فهل لي إلى من قد هويت سبيل وإني وإن شطت بي الدار نازحا * وقد مات قبلي بالفراق جميل فقد قال في الامثال في البين قائل * أضربه يوم الفراق رحيل لكل اجتماع من خليلين فرقة * وكل الذي دون الفراق قليل وإن افتقادي فاطما بعد أحمد * دليل على أن لا يدوم خليل وكيف هناك العيش من بعد فقدهم * لعمرك شئ ما إليه سبيل سيعرض عن ذكري وتنسى مودتي * ويظهر بعدي للخليل عديل وليس خليلي بالملول ولا الذي * إذا غبت يرضاه سواي بديل ولكن خليلي من يدوم وصاله * ويحفظ سري قلبه ودخيل إذا انقطعت يوما من العيش مدتي * فان بكاء الباكيات قليل يريد الفتى أن لا يموت حبيبه * وليس إلى ما يبتغيه سبيل وليس جليلا رزء مال وفقده * ولكن رزء الاكرمين جليل لذلك جنبي لا يؤاتيه مضجع * وفي القلب من حر الفراق غليل وقال ابن قريعة: يا من يسأل دائبا * عن كل معضلة سخيفة لا تكشفن مغطئا * فلربما كشفت جيفة ولرب مستور بدا * كالطبل من تحت القطيفة انالجواب لحاضر * لكنني اخفيه خيفة لولا اعتذار رعية * الغي سياستها الخليفة وسيوف أعداء بها * هاماتنا أبدا نقيفة
[ 72 ]
.............................. لنشرت من أسرار آل * محمد جملا طريفة يغنيكم عما رواه * مالك وأبو حنيفة وأريتكم أن الحسين * أصيب من يوم السقيفة ولاي حال لحدت * في الليل فاطمة الشريفة ولما حمت شيخيكم * عن وطئ حجرتها المنيفة أوه لبنت محمد * ماتت بغصتها أسيفة وقال الشيخ حسن الحلي: لارعى الله قيلة وعراها * سخط موسى وحل منها عراها أغضبت أحمدا بعزل امام * فيه كم آية جهارا تلاها واجهته بما لهارون قدما * واجهت قومه ضلالا سفاها أخرته وأمرت شيخ تيم * سر كفرانها وقطب شقاها خالفته على الضلال وحادت * عن أخي المصطفى منار هداها أحدثت للورى أحاديث كذب * لا نبي ولا وصي رواها أسخطت ربها فلا رضى الرحمان * عنها وخالفت نص طاها فلكم قال وارثي ووصيي * حيدر وهو للورى مولاها هو مني كمثل هارون وهو * الفلك للعالمين فيه نجاها فاحفظوا لي وصيتى بابن عمي * انه للعلوم شمس سماها أيها القوم إن بعدي كتاب الله * فيكم وعترتي لن تضاهي إن من صد عنهما كبرياء * فله النار في غد يصلاها فغدا منهم يقاسي كتاب الله * هجرا والآل فرط جفاها حاربوا فاطما وقد فرض الله * على الخلق حبها وولاها لقيت منهم خطوبا عظاما * لا يطيق الطود الاشم لقاها كسر ضلع وغصب ارث ولطما * واهتظاما منه استطال عناها اخرجوها من المدينة قهرا * مذ أطالت لفقد طه نعاها وعلى هضمها تواطأت * الانصار سرا وأظهرت بفضاها عزلت بعلها عن الحل والعقد * عنادا وأمرت ادعياها غصباها تراثها ولظى الو * جد وفرط السقام قد أورثاها دفعاها عنه عنادا وظلما * مزقا صكها وما راعياها
[ 73 ]
................................ وادعت نحلة لها من أبيها * سيد الانبياء فلم ينحلاها فانثنت والفضاء ضاق عليها * وشواظ الزفير حشو حشاها وأتت دارها تجر رداها * والجوى كاد أن يريها رداها فأتوا نحو دارها واداروا الجز * ل كي يحرقوا عليها خباها عصروها بالباب قسرا إلى أن * كسروا ضلعها وهدوا قواها ألجأوها إلى الجدار فألقت * محسنا وهي تندب الطهر طاها دخلوا الدار وهي حسرى فقادوا * بنجاد الحسام حامي حماها برزت خلفهم تقوم وتكبو * وحشاها ذابت بنار شجاها قال الشيخ محمد علي اليعقوبي: ترك الصبا لك والصبابه * صب كفاه ما اصابه إلى قوله ولقد يعز على رسول * الله ما جنت الصحابة قد مات فانقلبوا على * الاعقاب لم يخشوا عقابه منعوا البتولة أن تنوح * عليه أو تبكي مصابه نعش النبي أمامهم * ووراءهم نبذوا كتابه لم يحفظوا للمرتضى * رحم النبوة والقرابة لو لم يكن خير الورى * بعد النبي لما استنابه قد أطفأوا نور الهدى * مذ اضرموا بالنار بابه أسد الآله فكيف قد * ولجت ذئاب القوم غابه وعدوا على بنت الهدى * ضربا بحضرته المهابه في أي حكم قد أباحوا * إرث فاطم واغتصابه بيت النبوة بيتها * شادت يد الباري قبابه أذن الاله برفعه * والقوم قد هتكوا حجابه بأبي وديعة أحمد * جرعا سقاها الظلم صابه عاشت معصبة الجبين * تئن من تلك العصابه حتى قضت وعيونها * عبرى ومهجتها مذابه وامض خطب في حشى الا * سلام قد أورى التهابه بالليل واراها الوصي * وقبرها عفى ترابه
[ 74 ]
الحسنان عليهما السلام [ ذكر ما جاء في فضل الحسن والحسين ] [ 994 ] عبد الرحمان بن زياد بن أنعم، باسناده، أن رسول الله صلى الله عليه وآله رأى الحسن والحسين عليهما السلام مقبلين إليه. فقال: هذان سيدا شباب أهل الجنة، وأبوهما خير منهما. [ 995 ] الحسن بن عطية، باسناده، عن حذيفة اليماني (1)، قال: سألتني أمي متى عهدك برسول الله صلى الله عليه وآله ولم أكن رأيته قبل ذلك بأيام، فأخبرتها. ثم قالت: امض إليه واسأله أن يستغفر لك ولي. فأتيته، فصليت معه صلاة المغرب، ثم انفتل، فقام فصلى حتى صلى العشاء الآخرة. ثم خرج، فتبعته لاسأله ذلك، فعرض له رجل، فوقف معه طويلا ووقفت حتى انصرف عنه. ومضى رسول الله صلى الله عليه وآله، فاتبعته، فأحس بوقع قدمي، فانفتل. فقال: من هذا ؟ (1) وهو حذيفة بن اليمان الصحابي الجليل قتل أبوه في أحد خطأ، شارك في فتح نهاوند وشوشتر، ولاه عثمان على المدائن، ولما قتل عثمان أقره أمير المؤمنين على ولايته، توفي بعد خلافة أمير المؤمنين عليه السلام بأربعين يوما سنة 36 ه ودفن في المدائن بالعراق. (*)
[ 75 ]
فقلت: حذيفة. فقال: ما تريد ؟ فأخبرته بخبري. قال: أرأيت الرجل الذي وقف معي ؟ قلت: نعم. قال: إنه ملك من الملائكة استأذن في زيارتي، فأذن له، ولم يكن هبط إلى الارض قبل هذه الساعة. فسلم علي وبشرني: أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة. قال: وأخبرته بما كان بيني وبين امي. فقال: غفر الله لك ولامك، يا حذيفة. [ 996 ] أبو غسان، باسناده، عن أبي هريرة، قال: بينا نحن نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وآله صلاة العشاء إذ دخل الحسن والحسين عليهما السلام فجعلا إذا سجد يثبان على ظهره، فإذا أراد أن يرفع رأسه أخذهما بيده أخذا رفيقا حتى يضعهما على الارض. فإذا عاد إلى السجود عادا حتى قضى صلاته. فانصرف (1)، فجاء إليه، فأخذهما فقبلهما، ووضعهما على فخذيه. قال أبو هريرة: فقمت إليه، فقلت: يا رسول الله، ألا أذهب بهما. قال: لا. فبرقت برقة، فقال لهما: الحقا بامكما. فلم يزالا في ضوئها حتى دخلا المنزل. [ 997 ] وبآخر، عن البراء بن عازب (2)، قال: رأيت رسول الله صلى الله (1) هكذا في الاصل. (2) وهو أبو عمارة البراء بن عازب بن الحارث الخزرجي، ولي أمارة بفارس 24 ه، ثم سكن
[ 76 ]
عليه وآله يحمل الحسن والحسين عليهما السلام وهو يقول: اللهم إني احبهما، فاحبب من أحبهما (1). [ سيدا شباب أهل الجنة ] [ 998 ] وبآخر، عن جابر بن عبد الله الانصاري، أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة. [ 999 ] وبآخر، عن أبي هريرة، أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة. [ 1000 ] وبآخر، عن أبي هريرة، أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من أحب الحسن والحسين فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني. [ من أحبني فليحب هذين ] [ 1001 ] وبآخر، عن أبي ذر رضي الله عنه، أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يوما يصلي بالناس، وأقبل الحسن والحسين عليهما السلام - وهما غلامان - يثبان على ظهره إذا سجد، وأقبل الناس ينحونهما عنه، فلما انصرف قال: دعوهما بأبي وامي هما، من أحبني فليحبب هذين. [ 1002 ] وبآخر، عن رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه سمع بكاء الحسن الكوفة، وتوفي 71 ه. (1) وفي رواية اسامة: اللهم إني احبهما فأحبهما وأحب من يحبهما.
[ 77 ]
عليه السلام (1) وهو صبي، فقال لفاطمة صلوات الله عليها: ما للحسن، ألم اقل لك أن بكاءه يؤذيني. [ 1003 ] وبآخر، عن رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه كان يفرج ما بين رجلي الحسين (2) ويقبل ما بينهما (3). [ كرم السبطين ] [ 1004 ] وبآخر، عن الحسن عليه السلام، أن رجلا لقيه، فسأله. فقال له: إن المسألة لا تصلح إلا في ثلاث: فقر مدقع، أو غرم مفظع، أو حمالة مثقلة (4). فقال: يابن رسول الله، ففي بعض ذلك أسأل. فأمر له بمائة دينار. [ ضبط الغريب ] قوله: مدقع. الدقاع: التراب المنثور على وجه الارض. قال الشاعر: وجرت بها الدقعاء هيف كأنها * تسح ترابا من حصاصات منخل (5) (1) وفي بحار الانوار 43 / 295: فسمع الحسين يبكي. (2) وفي تاريخ بغداد 3 / 209: وهو يفحج بين فخذي الحسين. (3) وفي تاريخ بغداد أضاف: ويقول: لعن الله قاتلك. قال جابر: فقلت: يا رسول الله ومن قاتله ؟ قال: رجل من أمتي يبغض عترتي لا تناله شفاعتي، كأني بنفسه بين أطباق النيران يرسب تارة ويطفو اخرى وأن جوفه ليقول: عق عق. (4) وفي الخصال ص 135: دم مفجع. (5) راجع لسان العرب: مادة (دقع).
[ 78 ]
ويقال من ذلك: ادقع فلان، فهو مدقع، إذا التزق بالارض فقرا. والداقع من الرجال: الذي يطلب مداق الكسر. ويقال للجوع الشديد: الديقوع. وقوله: غرم مفظع. المفظع من الامر: الشديد المبرح. يقال منه: فظع الامر، يفظع فظاعة، وأفظع افظاعا فهو مفظع وفظيع. وقوله: حمالة مثقلة. الحمالة: هاهنا الدية يحملها قوم عن قوم. وقد يطرحون الهاء منها فيقولون: حمال. قال الاعشى: فرع تبع يهو في غضن المج * د كثير الندى عظيم الحمال (1) ويرمي غزير الندى... هذا، قول الخليل في الحمال: إنها الحمالة. وأما أبو عمر وابن العلى، فقال: الحمال هاهنا جمع حمالة. وأما أبو عبيدة، فقال: الحمال: العقوبة والمكروه والنكال. * * * ثم أتى هذا الرجل الحسين عليه السلام، فقال له مثل ذلك، وقد علم ما أعطاه الحسن عليه السلام، فأعطاه تسعة وتسعين دينارا. نقص دينارا، مما أعطاه الحسن عليه السلام، بعد أن قال مثل ما قاله الحسن عليه السلام. ثم أتى عبد الله بن عمر، فسأله، فأعطاه تسعة دنانير، ولم يقل له شيئا. فقال له الرجل: ما منعك أن تنصح لي كما نصح لى هذان الغلامان ؟ (1) رواه جمال الدين في لسان العرب 11 / 180 هكذا: فرع نبع يهتز في غصن المج * د عظيم الندى كثير الحمال
[ 79 ]
فقال: وما قالا لك ؟ فأخبره. فقال له ابن عمر: وأين تعدلني بابني رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فوالله لغرا بالعلم. [ ضبط الغريب ] غرا يقول: زقا. يقال من ذلك: يغر الطائر فرخه إذا زقه. [ الحسنان يتصارعان ] [ 1005 ] أبو غسان، باسناده، أن رسول الله صلى الله عليه وآله نظر إلى الحسن والحسين عليهما السلام، وهما صبيان صغيران يصرعان، فجعل يقول للحسن: إيها حسن !. فقالت فاطمة عليها السلام: يا رسول الله، كأنه أحبهما اليك هو أكبرهما (1) تقول له: إيها. قال: كلا، ولكن هذا جبرائيل عيه السلام يقول: إيها حسين. [ ضبط الغريب ] فقوله: ايها: هي لفظة تقولها العرب تريد بها الاستزادة. قال حاتم: إيها فدا لكم أمي وما ولدت * حاموا على مجدكم واكفو الذي اتكلا [ 1006 ] وبآخر، أن الحسين عليه السلام جاء إلى عمر، فاستأذن عليه. وكان عمر على شغل فلم يؤذن له، فجلس. ثم جاء ابن عمر، فاستأذن، فلم يؤذن له، فجلس. (1) وفي مقتل الخوارزمي ص 105: فقالت فاطمة عليها السلام: تستنهض الكبير على الصغير.
[ 80 ]
فلما رأى ذلك الحسين عليه السلام، انصرف. ثم أمر عمر بإدخال الحسين عليه السلام فخرج الآذن، فلم يجده، فعاد إليه، فقال له: إنه لما لم يوذن له أنصرف. فأرسل إليه عمر، فجاء فقال له: انصرفت بعد أن استأذنت، يا ابن رسول الله ؟ قال: لم يؤذن لي، وجاء عبد الله، فلم يؤذن له، فعلمت أنه إذا لم يؤذن له أنه لا يؤذن لي. فقال له عمر: وما أنت وعبد الله، هل [ أنبت ] (1) الشعر في الرأس إلا الله وأنتم (2). [ إذا جئت فلا تستأذن ] (3). [ نعم الراكبان ] [ 1007 ] وبآخر، أن رسول الله صلى الله عليه وآله مر بمجلس من مجالس الانصار، وقد حمل الحسن والحسين عليها السلام على عاتقيه وهما صغيران -. فقالوا: نعم المطية أنت لهما يا رسول الله. قال: ونعم الراكبان هما (4). [ 1008 ] الامراثي، باسناده، عن رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه سمع (1) هكذا صححناه من الصواعق ص 107 وفي الاصل: أنت. (2) وفي الصواعق: بعد الله إلا أنتم. (3) ما بين المعقوفتين من مقتل الخوارزمي ص 145. (4) وفي هذا يقول الحميري ره: أتى حسنا والحسين الرسول * وقد برزوا ضحوة يلعبان وضمهما وتفداهما * وكانا لديه بذاك المكان وطأطأ تحتهما عاتقيه * فنعم المطية والراكبان
[ 81 ]
بكاء الحسن والحسين عليهما السلام فقام فزعا حتى علم حالهما، ثم انصرف وهو يقول: إن الولد لفتنة لقد قمت وما أعقل (1). [ أبو هريرة مع الامام الحسن ] [ 1009 ] شريك بن عبد الله، باسناده، عن أبي هريرة، أنه قال للحسن بن علي عليه السلام: اكشف لي عن بطنك [ فداك أبي ] (2) حتى اقبل المكان الذي رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله يقبله، فكشف له عن بطنه، فقبل سرته. قال شريك: لو كانت السرة من العورة ما كشفها الحسن عليه السلام. وكذلك هو فيما جاء عن الائمة صلوات الله عليهم أن عورة الرجل ما بين سرته وركبته. تم الجزء الحادي عشر من كتاب شرح الاخبار في فضائل الائمة الاطهار عليهم السلام. * * * (1) وفي رواية اخرى: وما معي عقلي. (2) ما بين المعقوفتين من ذخائر العقبى ص 126.
[ 82 ]
...
[ 83 ]
شرح الاخبار في فضائل الائمة الاطهار للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي المتوفى سنة 363 ه. ق الجزء الثاني عشر
[ 84 ]
..
[ 85 ]
بسم الله الرحمن الرحيم [ بقية فضائل الحسنين عليهما السلام ] [ 1010 ] الدغشي، باسناده، عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام، أنه قال: كان الحسن والحسين عليهما السلام عند النبي صلى الله عليه وآله - وهما صغيران - فطلبا الماء، فابطي عليهما، فبكيا، فأعطاهما رسول الله صلى الله عليه وآله لسانه، فامتصاه، فدر عليهما ماء، فشربا حتى رويا. [ 1011 ] أبو نعيم، باسناده، عن حذيفة اليماني، أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: أتاني جبرائيل عليه السلام، فبشرني أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة. [ هؤلاء أهل بيتى ] [ 1012 ] إسماعيل بن أبان، باسناده، عن أم سلمة، قالت: دعا رسول الله صلى الله عليه وآله فاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، فأخذ الحسن فوضعه على صدره، واحتضن الحسين على ذراعه.
[ 86 ]
قالت ام سلمة (1): وكنت أنا جالسة خلفه، وفاطمة بين يديه، فلبث هويا من الليل لا نرى إلا أنه قد رقد فزجل الحسين عن ذراعه، فذهبت لاخذه، فسبقني إليه لاخذه. فقلت: يا رسول الله ما كنت اراك إلا نائما. قال: ما نمت مذ أتوني. ثم قال لفاطمة - بعد ما مضى من الليل صدر -: أتي أهلك لا أرى إلا وقد أعجبهم أن تأتيهم. فحملت الحسين ومشى الحسن بين يديها، وجلس رسول الله صلى الله عليه وآله ينظر إليهم. ثم قال: اللهم هؤلاء عترتي، وأهل بيتي، اللهم إني احبهم، فأحبهم - ثلاث مرات -. [ 1013 ] الليث بن سعد (2)، باسناده، أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يصلي يوما في بيته (3) والحسين بن علي عليه السلام صغير بالقرب منه، فكان إذا سجد جاء الحسين عليه السلام يركب ظهره، ثم حرك رجليه، وقال: حل، حل. فإذا أراد رسول الله صلى الله عليه وآله أن يرفع رأسه أخذه فوضعه إلى جانبه، فإذا سجد عاد على ظهره، وقال: حل، حل. فلم يزل يفعل ذلك حتى فرغ رسول الله صلى الله عليه وآله من صلاته، ورجل من اليهود بالقرب منه ينظر إلى ذلك من فعله. فقال: يا محمد إنكم لتفعلون بالصبيان شيئا ما نفعله نحن بهم. (1) واسمها هند بنت أبي امية حذيفة سهيل بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم، ام المؤمنين. (2) هكذا صححناه وفي الاصل: سعيد. (3) وفي المناقب 4 / 71: في فئة.
[ 87 ]
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أما لو كنتم تؤمنون بالله ورسوله لرحمتم الصبيان. فقال: فاني اؤمن بالله وبرسوله. وأسلم لما رأى من رسوله الله صلى الله عليه وآله مع عظيم قدره. [ ضبط الغريب ] قوله: حل، حل. يقال من ذلك للابل إذا فلت (حل) بالتخفيف. وهو زجر للابل تساق به. تقوله العرب إذا زجرتها لتسوقها. [ يدهن رجلي أكرم الناس ] [ 1014 ] الليث بن سعد (1)، باسناده، أن رجلا نذر أن يدهن بقارورة عنده رجلي أفضل قريش، فسأل عن ذلك. فقيل له: إن مخرمة أعلم الناس اليوم بأنساب قريش، فاسأله عن ذلك. فسأله - وقد خرف - وعنده ابنه المسور، فمد الشيخ رجليه، وقال: ادهنها. فقال المسور - ابنه - للرجل: لا تفعل، أيها الرجل، إن الشيخ قد خرف، إنما ذهب إلى ما كان في الجاهلية. وأرسله إلى الحسن والحسين صلوات الله عليه، فقال [ له ]: ادهن بهما أرجلهما فهما أكرم الناس، وأفضلهم اليوم (2). (1) هكذا صححناه، وفي الاصل: سعيد. (2) وفي المناقب 3 / 400: فهما أفضل الناس وأكرمهم اليوم.
[ 88 ]
[ الحسن والحسين سبطان ] [ 1015 ] عبد الله بن صالح، باسناده، عن يعلي بن مرة، أنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله نمشي (1)، فإذا الحسين عليه السلام وهو صبي صغير يلعب. فبسط رسول الله صلى الله عليه وآله يديه نحوه، فجعل الحسين يمر مرة هاهنا، ومرة هاهنا، ويضاحك رسول الله صلى الله عليه وآله حتى أخذه رسول الله صلى الله عليه وآله فجعل إحدى يديه تحت ذقنه، والاخرى عند رأسه، وأهرى إليه، فقبله، واعتنقه. ثم قال: حسين مني وأنا منه، أحب الله من أحبه. ثم قال: الحسن والحسين سبطان من الاسباط. [ التسمية ] [ 1016 ] أبو غسان، باسناده، عن علي صلوات الله عليه، أنه قال: لما ولد الحسن سمته أمه حربا، فجاء النبي صلى الله عليه وآله، فقال: أروني ابني، ما سميتموه ؟ قلت: حربا. قال: لا، بل هو حسن. فلما ولد الحسين سمته حربا، فجاء النبي صلى الله عليه وآله فقال: أروني ابني، ما سميتموه ؟ قلت: حربا. قال: لا، بل هو حسين. فلما ولد محسن سمته حربا، فجاء النبي صلى الله عليه وآله فقال: (1) وفي مقتل الخوارزمي ص 146: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله إلى طعام دعي له.
[ 89 ]
أروني ابني، ما سميتموه. قلت: حربا. قال: بل هو محسن. ثم قال: إني سميتهم بأسماء أولاد هارون شبر وشبير ومشبر. [ 1017 ] وبآخر، عن عمران بن سلمان، أنه قال: إن الحسن والحسين اسمان من أسماء أهل الجنة، لم يكونا في الجاهلية (1). [ مولدهما ] [ 1018 ] أبو نعيم، باسناده، عن أبي رافع، أنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله أذن في اذن الحسن بن علي عليه السلام لما ولد. وأذن كذلك في أذن الحسين عليه السلام لما ولد. [ 1019 ] ابن أبي كريمة، باسناده، عن ابن عباس (2)، أنه قال: كان رسول الله يعوذ حسنا وحسينا. فيقول: أعيذ كما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة. ثم يقول: هكذا كان أبي ابراهيم عليه السلام يعوذ إسماعيل وإسحاق. [ ضبط الغريب ] قوله: هامة. الهيم: دبيب الهوام الارض. والهوام ما كان من حشاش الارض نحو (1) وفي العوالم ص 25: من أسامي أهل الجنة ولم يكونا في الدنيا. (2) وهو عبد الله بن عباس.
[ 90 ]
العقارب وما أشبهها. الواحدة هامة لانها تهم: أي تدب. والعين اللامة: التي تلم بالانسان: أي تصيبه. ويقولون: أعوذ بالله من السامة واللامة: يعنون باللامة ما يلم مما يخاف منه أن ينزل. [ العقيقة ] [ 1020 ] أبو غسان، باسناده، أن رسول الله صلى الله عليه وآله عق عن الحسن والحسين صلوات الله عليهما شاة شاة. وقال: كلوا وأطعموا وابعثوا إلى القابلة برجل. يعني الربع المؤخر من الشاة، ولا تكسروا عظمها. ولم يكن بينهم ا إلا الطهر طهرت في نفاس الحسن، وحملت بالحسين عليه السلام. [ ضبط الغريب ] قوله عق العقيقة: الشعر الذي يولد به المولود، وكذلك الوبر الذي يولد به الفضل وغيره من الدواب، فإذا سقط ذلك ذهب هذا الاسم عنه. * * * وسن رسول الله صلى الله عليه وآله أن يحلق رأس المولود في اليوم السابع من ولادته ويتصدق عنه بوزن الشعر ورقا ويذبح عنه شاة، ويجعل دمها على موضع الحلق من رأسه، وتفصل الشاة أعضاء، ويعطى القابلة الربع المؤخر، ويطعم المساكين. وتسمى تلك الشاة عقيقة، لانها ذبحت بسبب حلق العقيقة. [ تضبط الغريب ] وأصل العقيقة: هو الشعر الذي يولد به المولود قال امرؤ القيس: أيا هند لا تنكحي بوهة * عليه عقيقته أحسبا
[ 91 ]
والبوهة من الرجال: الضعيف. قوله: عليه عقيقة: معناه أنه لم يحلق رأسه مذ ولد. يصفه باللؤم وسوء الهيئة. والاحسب: الذي ابيضت جلدته من داء، وفسد شعره فصار أحمر وأبيض كذلك هو من الابل. وهو من الناس الابرص. وكذلك عقيقة الدابة: شعرها، أو وبرها، أو صوفها الذي تولد به. قال زهير يصف حمارا وحشيا: إذ لك ام ام في البطن جأب * عليه من عقيقة عفاء الجأب: الحمار
[ 92 ]
[ يحيى بن يعمر والحجاج ] [ 1021 ] الشعبي (1)، قال: كنت بواسط، وكان يوم أضحى (2) فحضرت صلاة العيد مع الحجاج (3)، فخطب خطبة بليغة، فلما انصرف، جاءني رسوله، فأتيته، فوجدته جالسا مستوفزا (يعني جالسا متهيئا للقيام غير مطمئن بالجلوس). فقال: يا شعبي، هذا يوم الاضحى، وقد أردت أن اضحي فيه برجل من أهل العراق، فأحببت أن تسمع قوله، فتعلم أني قد أصبت [ الرأي ] فيما أفعل به. فقلت: أيها الامير، أفترى أن تستن بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله، وتضحى بما أمرأن يضحى به، وتفعل ما فعله، وتدع ما أردت أن تفعله به في هذا اليوم العظيم إلى غيره. قال: يا شعبي، إن إذا سمعت ما يقول صوبت رأيي فيه لكذبه على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وآله وإدخاله الشبهة في الاسلام. (1) أبو عمرو الكوفي الحميري. (2) يوم العاشر من شهر ذي الحجة. (3) الحجاج بن يوسف الثقفي، ولد في الطائف واشتهر بولائه للبيت الاموي. ولاه عبد الملك بن مروان، وتولى مكة والمدينة والطائف والعراق، أسس مدينة واسط، اشتهر بالخطابة والظلم والشدة في الحكم، وسفك الدماء. توفي بواسط 95 ه.
[ 93 ]
قلت: أفيرى الامير أن يعفيني عن ذلك ؟ قال: لا بد من ذلك. ثم أمر بنطع (1)، فبسط، وبسياف، فاحضر. وقال: أحضروا الشيخ. فأتوا به، فإذا هو يحيى بن يعمر (2) [ العدواني ]، فاغتممت غما شديدا، وقلت في نفسي: وأي شئ يقول يحيى مما يوجب قتله. فقال له الحجاج: أنت تزعم أنك زعيم العراق ؟ قال يحيى: [ الزعم كذب ] (3) ولكني أقول إني فقيه من فقهاء أهل العراق. قال: فمن أي فقهك ؟ زعمك (4) الحسن والحسين من ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ قال: ما أنا زاعم لذلك بل أنا قائله بحق. قال: وبأي حق قلت ذلك ؟ قال: بكتاب الله عزوجل. فنظر إلي الحجاج، فقال: اسمع ما يقول فإن هذا مما لم يكن سمعته عنه أتعرف أنت في كتاب الله عزوجل دليلا بأن الحسن والحسين من ذرية محمد صلى الله عليه وآله ؟ فجعلت افكر في ذلك (1) بساط من الجلد يفرش تحت المحكوم عليه بالعذاب أو بقطع الرأس. (2) هكذا صححناه، وفي الاصل: معمر. العدواني الوشقي المضري البصري التابعي، قال الحموي في معجم الادباء: انه لقي عبد الله بن العباس وعبد الله بن عمر، وروى عنه قتادة السندوسي، ولد بالبصرة، ومنشأه خراسان، والعدواني نسبة إلى عدوان قيس بن غيلان، وكان عداده في بني ليث بن كنانة، أحد قراء البصرة، وعنه أخذ عبد الله بن اسحاق. وكان إمام القراء بالبصرة عالما بالقرآن فقيها لغويا، توفي 129 ه. (3) هكذا صححناه، وفي الاصل: الزعم الكذب. (4) وفي بحار الانوار 25 / 244: فمن أي فقهك زعمت أن الحسن والحسين...
[ 94 ]
فلم أجد في القرآن شيئا يدل على ذلك، وفكر الحجاج مليا، ثم قال ليحيى: لعلك تريد قول الله عزوجل " فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم و أنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين " (1) وأن رسول الله صلى الله عليه وآله خرج للمباهلة ومعه علي وفاطمة والحسن والحسين. قال الشعبي: فكأنما أهدى إلى قلبي سرورا، وقلت في نفسي: قد خلص يحيى، وكان الحجاج حافظا للقرآن. فقال له يحيى: والله إنها الحجة في ذلك البالغة، ولكني ليس منها أحتج لما قلت. فاصفر وجه الحجاج، فأطرق مليا، ثم رفع رأسه إلى يحيى، وقال له: إن جئت من كتاب الله عزوجل بغيرها فلك عشرة [ آلاف درهم ] (2)، وان لم تأت بها فأنا في حل من دمك. قال: نعم. قال الشعبي: فغمني قوله وقلت في نفسي: لما كان في الذي نزع له الحجاج ما يحتج به يحيى ويرضى بأنه قد عرفه، وسبقه إليه، ويتخلص منه حتى رد عليه، فأفحمه، فإن جاءه بعد هذا بشئ لم آمن أن يدخل فيه عليه من القول ما يبطل به حجته، لانه يريه أنه قد علم ما قد جهله هو. فقال يحيى للحجاج: قول الله عزوجل " ومن ذريته داود و سليمان " (3) من عني بذلك ؟ (1) آل عمران: 61. (2) هكذا صححناه وفي الاصل: الادف ادهم. (3) الانعام: 84. (*)
[ 95 ]
قال الحجاج: إبراهيم. قال يحيى: فداود وسليمان من ذريته ؟ قال [ الحجاج ]: نعم. قال يحيى: ومن نص الله عزوجل عليه بعد هذا أنه من ذريته ؟ فقرأ الحجاج. " وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين ". قال يحيى: ومن ؟ فقرأ الحجاج: " وزكريا ويحيى وعيسى " (1). قال يحيى: ومن أين كان عيسى من ذرية إبراهيم ولا أب له من صلبه ؟ قال: من قبل أمه. قال يحيى: فمن أقرب رحما مريم (2) من إبراهيم أم فاطمة من محمد أم الحسن والحسين منه أم عيسى من إبراهيم. قال الشعبي: فكأنما لقمه حجرا. فقال: اطلقوه قبحه الله وادفعوا إليه عشرة آلاف درهم لا بارك الله له فيها. ثم أقبل علي، فقال: قد كان رأيك صوابا لكنا أبيناه. ودعا بجزور فنحره، وقام فدعا بالطعام، فأكل وأكلنا معه، وما تكلم بكلمة حتى انصرفنا، وما زال واجما غما بما احتج به يحيى بن يعمر عليه. [ تضبط الغريب ] قوله: واجما. (1) الانعام: 85. (2) أي: مريم بنت عمران.
[ 96 ]
الوجوم: السكوت على غيظ أوهم، يقال منه: رأيته واجما واقما. [ ويل للظالم من يوم المظلوم ] [ 1022 ] إسماعيل بن أبان، باسناده، عن الحسن بن علي عليه السلام، أنه مر - في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله - بحلقة فيها قوم من بني امية، فتغامزوا به وذلك عند ما تغلب معاوية على ظاهر أمره. فرآهم وتغامزهم به. فصلى ركعتين ثم جاءهم. فلما رأوه جعل كل واحد منهم يتنحى عنه مجلسه له. فقال لهم: كونوا كما أنتم فاني لم أرد الجلوس معكم ولكن قد رأيت تغامزكم بي. أما والله لا تملكون يوما إلا ملكنا يومين. ولا شهرا إلا ملكنا شهرين، ولا سنة إلا ملكنا سنتين. وأنا لنأكل في سلطانكم ونشرب ونلبس ونركب وننكح، وأنتم لا تأكلون في سلطاننا ولا تشربون ولا تلبسون ولا تنكحون (1). فقال له رجل: وكيف يكون ذلك يا أبا محمد، وأنتم أجود الناس، وأرأفهم، وأرحمهم تأمنون في سلطان القوم ولا يأمنون في سلطانكم ؟ فقال: لانهم عادونا بكيد الشيطان، وكيد الشيطان كان ضعيفا، وإنا عاديناهم بكيد الله، وكيد الله شديد. [ ضبط الغريب ] الكيد: من المكيدة، وهي الاحتيال. والفعل منه كاد يكيد كيدا، وهو في الحق حلال، وفي الباطل حرام. قال الله عزوجل " إنهم يكيدون كيدا وأكيد (1) وفي المناقب اضاف: ولا تركبون.
[ 97 ]
كيدافمهل الكافرين أمهلهم رويدا " (1) فكيد الكافرين هو احتياهم على أولياء الله عزوجل وذلك حرام عليهم، وكيد الله هو احتيال أوليائه على أعدائهم، وذلك من الحلال المباح لهم. [ سخاء الحسن ] [ 1023 ] عبد الله بن موسى، عن علي عليه السلام، أنه خطب الناس، فقال: إن ابن أخيكم الحسن بن علي قد جمع مالا وهو يريد أن يقسمه بينكم. فحضر الناس لذلك، فقام الحسن عليه السلام فقال: إنما جمعته للفقراء. فقام كثير من الناس، وجلس كثير، وكان أول من أخذ منه الاشعث بن قيس. [ 1024 ] ابن أبي خيثمة (2)، باسناده، عن علي عليه السلام، أنه قال: كان الحسن أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وآله فيما بين الصدر إلى الرأس. والحسين أشبه الناس به فيما كان أسفل من ذلك. [ 1025 ] ابن الاعرابي، باسناده عن أبي هريرة، أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله، يقول: من أحب الحسن والحسين فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني (3). (1) الطارق: 16. (2) وهو أبو بكر، وأظنه أحمد بن زهير (أبي خيثمة) بن حرب بن شداد النسائي ولد 185 ه، مؤرخ من حفاظ القرآن عامي، توفي في بغداد 279 ه. (3) وفي مسند أحمد 2 / 288: لم يذكر اسم الحسنين في صدر الحديث بل ذكر في آخر الحديث: يعني حسنا وحسينا.
[ 98 ]
[ من أحبنا فهو معنا ] [ 1026 ] نضر بن الجهضمي (1)، باسناده، عن علي عليه السلام، أنه قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيد الحسن والحسين عليهما السلام فقال: من أحبني، وأحب هذين، وأباهما، وأمهما كان معي في درجتي في الجنة. [ الشجرة الطيبة ] [ 1027 ] عبد الله بن لهيعة، باسناده، عن رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه قال لعلي عليه السلام: أنا وأنت يا علي من شجرة، أنا أصلها وأنت فرعها، والحسن والحسين من أغصانها، وفاطمة ثمرتها (2)، فمن تعلق بغصن من أغصانها أدخله الجنة. [ تميمية من زغب جناج جبرائيل ] [ 1028 ] محمد بن سلام، باسناده، أن رسول الله كان له وسادة لا يجلس (1) هكذا صححناه وفي الاصل: الجهضي. (2) وفي مقتل الخوارزمي ص 108 لم يذكر هذ الجملة (فاطمة ثمرتها). وفي كفاية الطالب ص 425 ذكر: وفاطمة فرعها. وأنشد أبو بكر الحلبي على ضوء هذا الحديث: يا حبذا دوحة في الخلد نابتة * ما في الجنان لها شبه من الشجر المصطفى أصلها والفرع فاطمة * ثم اللقاح علي سيد البشر والهاشميان سبطاها لها ثمر * والشيعة الورق الملتف بالثمر هذا حديث رسول الله جاء به * أهل الرواية في العالي من الخبر إني بحبهم أرجو النجاة غدا * والفوز مع زمرة من أحسن الزمر
[ 99 ]
عليها أحد إلا جبرائيل عليه السلام إذ جاءه فإذا قام طويت، فعلق بها من زغب (1) جناحه، فتلتقطه فاطمة عليها السلام حتى إذا اجتمع عندها جعلته في تمائم الحسن والحسين عليهما السلام. [ ضبط الغريب ] التمائم: جمع تميمة. والتميمة: قلادة من يسور. ونحو ذلك يجعل فيها العوذة، وتعلق في أعناق الصبيان. قال الشاعر [ رقاع بن قيس الاسدي ]: بلادبها نيطت علي تمائمي * وأول أرض مس جلدي ترابها وقال آخر: وكيف يضل العنبري ببلدة * بها قطعت عنه يسور التمائم (2) وفي الحديث: أن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن التمائم والتول. وقال - في تعلق تميمة -: فلا أتم الله له. ورخص فيما كان من ذلك من كتاب الله عزوجل وما يتقرب به إليه. والنهي الذي جاء في ذلك عنه صلى الله عليه وآله إنما هو فيما يعلقونه فيه من الودع والخرز والاعواد والحديد والنحاس وأشباه ذلك مما يرون أنه ينفع من علق عليه. فنهى عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله. والتول: ما تضعه النساء مما يزعمن أنه يحببهن إلى أزواجهن ويسمينه: العطف، وهو ضرب من السحر، واحدته توله وجمعه تول. [ آخر لحظات مع الرسول ] [ 1029 ] وبآخر، أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما احتضر دعا بالحسن (1) الزغب: صغار الريش. (2) لسان العرب 12 / 70، والقائل هو الفرزدق.
[ 100 ]
والحسين عليهما السلام فوضعهما على وجهه، وجعل يقبلهما حتى اغمي عليه، فأخذهما علي عليه السلام عن وجهه، ففتح رسول الله صلى الله عليه وآله عينيه، وقال لعلي عليه السلام: دعهما يستمتعان مني وأستمتع منهما فانه سيصيبهما بعدي إثرة. أراد بالاثرة ما استأثر به أهل التغلب من حقهما، فأخذوه لانفسهم فأثروه به عليهما إثرة بغير حق. [ ريحانتا الرسول ] [ 1030 ] علي بن هاشم (1)، باسناده، عن سعيد بن المسيب، أنه قال: دخل رجل من الانصار إلى رسول الله صلى الله عليه وآله (2) وهو مستلق على ظهره، والحسن والحسين يلعبان على بطنه، فقال: أتحبها يا رسول الله ؟ قال: وكيف لا احبهما وهما ريحانتاي (3) في الدنيا والآخرة. [ 1031 ] علي بن هاشم، باسناده، عن أبي رافع، أن فاطمة عليها السلام أتت رسول الله صلى الله عليه وآله بالحسن والحسين عليهما السلام وهما صغيران. فقالت: يا رسول الله هذان ابناك، فانحلهما. فقال: نعم، أما الحسن فقد نحلته هيبتي وحلمي، وأما الحسين فقد نحلته جودي ونجدتي (4). أرضيت يا فاطمة ؟ (1) أبو الحسن، وأظنه علي بن هاشم بن البرية الكوفي الخزاز، المتوفى 181 ه. (2) وفي كنز العمال 7 / 110: سعة بن مالك، قال: دخلت علي النبي صلى الله عليه وآله... (3) قال الرضي (ره): شبه بالريحان لان الولد يشم ويضم كما يشم الريحان. وأصل الريحان مأخوذ من الشئ الذي يتروح إليه ويتنفس من الكرب به. (4) وفي الخصال ص 77: أما الحسن فان له هيبتي وسؤددي، وأما الحسين، فان له جرأتي وجودي.
[ 101 ]
فقالت: رضيت يا رسول الله. [ ضبط الغريب ] قولها: انحلهما. النحل: العطاء بلا عوض، ونحل المرأة مهرها. فكان الحسن مهيبا حليما. والحسين عليه السلام نجدا جوادا. [ 1032 ] محمد بن رستم، باسناده، عن سلمان الفارسي رحمة الله عليه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من أحب الحسن والحسين أحببته، ومن أحببته أحبه الله، ومن أحبه الله أدخله الجنة. ومن أبغضهما أبغضته، ومن أبغضته أبغضه الله، ومن أبغضه الله أدخله النار (1). [ أفضل الاسباط ] [ 1033 ] جعفر بن محمد، أن رجلا سأله، فقال: يا بن رسول الله، سمعت اليوم حديثا سن بي وأعجبني، وأردت أن أسمعه منك. فقال: وما هو ؟ قال: سمعت عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه سمعه يقول: أنا أفضل النبيين، وعلي أفضل الوصيين، والحسن والحسين افضل الاسباط. قال: نعم. قد سمعوا ذلك منه، حتى أن بعضهم أتى إلى الحسن (1) وفي فرائد السمطين 2 / 97: ومن أبغضهما أو بغي عليهما أبغضته ومن أبغضته أبغضه الله وأدخله نار جهنم وله عذاب مقيم.
[ 102 ]
عليه السلام وهو غلام صغير، ففرك اذنه حتى ألمه، وصاح، وقال: مالك يابن رسول الله، أردت أن أجعل هذه علامة بيني وبينك. قال: لما ويحك ؟ قال: ليوم الشفاعة، يوم يشفع به جدك رسول الله صلى الله عليه وآله وأبوك وصيه عليه السلام وأنت وأخوك ثمرة رسول الله صلى الله عليه وآله، فتشفع لي. وقد كان فاعل هذا بالحسن عليه السلام يجد علامة غير هذه، فما ينبغي أن يفعل مثله بمثله، ولكن ذلك من سوء الاختيار. [ من أحبنى فليحبهما ] [ 1034 ] موسى بن مطير، عن أبيه، قال: كنت جالسا مع أبي هريرة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله إذ مر بنا الحسين عليه السلام، فقام إليه أبو هريرة، فسلم عليه. ورحب به. وقال: با أبي أنت وامي يابن رسول الله. ثم عاد الينا. فقال: ألا أحدثكم عن هذا وعن أخيه ؟ قلنا: بلى. وذلك مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله لم يغير. فقال: إني جالس في أصل هذا العمود أنتظر الصلاة، إذ خرج رسول الله صلى الله عليه وآله، فوقف، فصلى ركعتين، وأنه لفي السجدة الثانية إذ خرج أخو هذا - يعني الحسن عليه السلام - وهو غلام يشتد نحو رسول الله صلى الله عليه وآله حتى انتهى إليه، وهو ساجد، فركب على ظهره. ثم خرج هذا يشتد خلفه حتى ركب خلفه. فرأيت رسول الله يريد أن يرفع صلبه فلم يمنعه إلا مكانهما. فقمت وأخذتها أخذا رفيقا عن ظهر رسول الله صلى الله عليه وآله
[ 103 ]
ووضعتهما على الارض. وجلس رسول الله صلى الله عليه وآله فتعلقا بعنقه. فلما انصرف من الصلاة، أخذهما فوضعهما في حجره، وقبل كل واحد منهما. ثم قال لي: يا أبا هريرة من أحبني فليحبهما. - يقولها: ثلاث مرات - [ 1035 ] سعيد بن عمر، قال: سمعت يوسف بن عمرو بن غالب على المنبر - يوم النحر - (1) سب الحسن بن علي عليه السلام. فذكرت ذلك لابي إسحاق الشعبي، فقال: قاتله الله لقد أتى عظيمة، سب سيد شباب أهل الجنة ما سمعت أحدا قط سبه قبله. سبه الله وسيفعل، إن كان مودة الحسن والحسين عليه السلام قدفت في قلب البر والفاجر. [ 1036 ] سعيد بن عمر، باسناده، عن بشر بن غالب، قال: إني لجالس عند الحسين بن علي عليه السلام إذ أتاه رجل، فقال: يا أبا عبد الله، سمعت رجلا يبكي لموت معاوية بن أبي سفيان. فقال الحسين عليه السلام: لا أرقأ الله دمعته، ولا فرج همه، ولا كشف غمه، ولا سلى حزنه، أترى أنه يكون بعده من هو شر منه تربت يداه وفمه، أما والله لقد أصبح من النادمين. [ ضبط الغريب ] قوله عليه السلام: لا أرقأ الله دمعته. يقال: رقاء الدمع هو رقا رقوا إذا ارتفع وسكن. يقول: (لا زال الشاعر بكي دوبل لا يرقي الله دمعه. الا انما يبكي من الذل دوبل (2). (1) أي يوم الاضحى. (2) ما بين القوسين كذا في الاصل.
[ 104 ]
وقوله: تربت يداه وفمه. يقال منه: ترب الرجل إذا الصق بالتراب من الفقر. ومنه قول الله عزوجل " أو مسكينا ذا متربة " (1) يقال: اترب الرجل إذا استغنى. [ 1037 ] مخول بن إبراهيم (2) باسناده، أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله، فأصاب الحسين في حجرة وهو صغير. فقال الرجل: ابنك يا رسول الله ؟ قال: ابني وما ولدته. قال: أتحبه ؟ قال: الله عزوجل أشد حبا مني له. [ الحسن ومعاوية ] [ 1038 ] الربيع بن سليمان البصري، باسناده، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قدم الحسن بن علي عليه السلام على معاوية، فقام خطيبا بين السماطين، والحسين جالس. فتكلم الحسن عليه السلام بكلام عجيب فحد معاوية لما سمع من فصاحته وبلاغته، ولما سمع أهل الشام منه. فقام إليه مروان (3) فأخذه بيده، وقال له: اقعد فإنك صبي أحمق تعلمت الكلام بالعراق ثم جئتنا به. فغضب الحسين عليه السلام وقال لمروان: كذبت ولا أم لك، (1) البلد: 16. (2) وهو مخول بن ابراهيم بن مخول بن راشد النهدي الكوفي. (3) وهو مروان بن الحكم ولد 2 ه الخليفة الاموي الرابع وبه انتقلت الخلافة من السفيانيين إلى المروانين، دافع عن عثمان واشترك في معركة الجمل مع عائشة، بويع بالخلافة في الجابية، ثم في دمشق، مات بالطاعون في دمشق 65 ه.
[ 105 ]
هو فضل آتانا الله وأن بالمشرق مدينة يقال لها: بلسا، وبالمغرب مدينة يقال لها: بلقاء، وما بينهما ولد نبي غيره وغيري. وكان رأس الجالوت حاضرا عند معاوية، فقال: صدق والله، إنهما لمدينتان وما عرفهما قط إلا نبي أو وصي نبي، أو ولد نبي. [ 1039 ] سفيان الثوري، باسناده، عن الشعبي، أنه قال: لما كان الصلح بين الحسن بن علي عليه السلام وبين معاوية، أراد الحسن عليه السلام الخروج إلى المدينة. فقال له معاوية: ما أنت بالذي تذهب حتى تخطب الناس وتخبرهم بأن الامر قد صار لي. قال الشعبي: فسمعت الحسن عليه السلام يقول - على المنبر - بعد أن حمد الله وأثنى عليه وصلى على محمد وآله: أما بعد، فإن أكيس الكيس التقي، وان أعجز العجز الفجور. وإن هذا الامر الذي اختلفت فيه أنا ومعاوية حق كان لي، فتركته له وإنما فعلت ذلك لحقن دمائكم، وتحصين أموالكم (1) " وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين " (2). [ ضبط الغريب ] قوله: أكيس الكيس. قال الخليل: الكيس: البصير بالامور النافذ فيها. والجمع: الاكياس والاكائس (3). (1) وفي مقتل أمير المؤمنين لابن أبي الدنيا - مخطوط - فتركته التماس الاصلاح لهذه الامة. (2) الانبياء: 111. (3) لسان العرب 6 / 200.
[ 106 ]
وقال غيره: الكيس العقل وأنشد: ما يصنع الاحمق المرزوق بالكيس [ 1040 ] سفيان الثوري، باسناده، عن أبي هريرة، قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وآله في بعض أسواق المدينة، فانصرف وانصرفت، حتى أتى فناء (1) فاطمة عليها السلام، فنادى ثلاث مرات: يا حسن. فلم يجبه أحد، فانصرف حتى أتى فناء عائشة فقعد وقعدت معه. فأقبل الحسن عليه السلام يشتد نحو رسول الله صلى الله عليه وآله. وفتح رسول الله صلى الله عليه وآله يديه حتى التزمه. ثم قال: اللهم إني احبه فأحبه، وأحب من أحبه (2). [ 1041 ] وبآخر، عن بريدة (3)، أنه قال: بينا رسول الله يخطب - على المنبر - إذ أقبل الحسن والحسين، وهما صغيران، عليهما قميصان أحمران يشتدان نحوه يعثران، ويقومان، فنزل رسول الله صلى الله عليه وآله فأخذهما فوضعهما بين يديه - على المنبر - وقال: صدق الله عزوجل: " أنما أموالكم وأولادكم فتنة " (4) رأيت هذين، فلم أصبر. ثم مضى في خطبته. [ 1042 ] وبآخر، عن اسامة بن زيد، أنه قال: طرقت النبي صلى الله عليه وآله ذات ليلة لحاجة عرضت لي، فخرج إلي وهو مشتمل على شئ لم أدرما هو. فلما فرغت من حاجتي قلت: ما الذي أنت مشتمل عليه، يا رسول الله ؟ (1) فناء الدار: ما امتد من جوانبها والجمع أفنية. (2) وفي مقتل الخوارزمي ص 100: وأحب من يحبه - ثلاث مرات -. (3) أبو عبد الله بريدة بن الحصيب الاسلمي المروزي، شهد خيبر وفتح مكة، توفي 63 ه. (4) الانفال: 28.
[ 107 ]
فكشف، وإذا الحسن والحسين عليهما السلام على وركيه قد احتضنهما. فقال: هذان أبنائي وابنا بنتي، اللهم (1) إني احبهما واحب من أحبهما. [ ضبط الغريب ] قوله: طرقت النبي صلى الله عليه وآله. الطارق: الآتي ليلا. [ 1043 ] محمد بن عبد الله، باسناده، عن عمر بن الخطاب، أنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى عاتقيه الحسن والحسين، فوجدت عليهما نفاسة. فقلت: نعم الفرس تحتكما. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ونعم الفارسان هما. [ ضبط الغريب ] فوجدت عليهما نفاسة. يقال من ذلك: نفست على فلان نفاسة، ونفس الشئ نفاسة: أي صار نفيسا. والشئ النفيس المتنافس فيه: وهو الذي يطلب ويرغب فيه الناس بعضهم على بعض، فكأنه حسدهما - مكانهما من رسول الله صلى الله عليه وآله - ورغب أن يكون له منزلتهما. [ 1044 ] الحسن بن موسى (2)، باسناده، عن عبد الله بن عباس، قال: (1) وفي مناقب ابن المغازلي ص 374: اللهم إنك تعلم اني احبهما. (2) واظنه الحسن بن موسى الخشاب.
[ 108 ]
دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وهو في منزل عائشة (1)، وهو محتب، وحوله أزواجه. فبينما نحن كذلك، إذ أقبل علي بن أبي طالب عليه السلام بالباب، فأذن له، فدخل. فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وآله قال: مرحبا يا أبا الحسن، مرحبا يا أخي وابن عمي، وناوله يده، فصافحه. وقبل علي عليه السلام بين عيني رسول الله، وقبله رسول الله ثم أجلسه عن يمينه، وقال: ما فعل ابناي الحسن والحسين ؟ قال: مضيا إلى بيت ام سلمة يطلبان رسول الله صلى الله عليه وآله. فبينما نحن كذلك، إذ قالوا: [ ان ] عثمان وعمر وأبا بكر وجماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله بالباب. فأذن لهم، وتفرق أزواجه، ودخلوا، فسلموا، وجلسوا. ثم أقبل أبو ذر وسلمان، فأذن لهما، فدخلا، فسلما على رسول الله صلى الله عليه وآله، فصافحهما، فقبلا بين عيني رسول الله، وأوسع أبو بكر وعمر لهما، فهويا إلى علي عليه السلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يجلسان إلى من يحبهما ويحبانه. ثم أقبل بلال ومعه الحسن والحسين عليهما السلام فدخل. فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وآله: مرحبا بحبيبي وابني حبيبي. (1) وهي ابنة أبي بكر، زوج الرسول صلى الله عليه وآله، وكانت المحرضة على علي عليه السلام بعد مقتل عثمان وهي صاحبة الجمل في الوقعة التي سميت بوقعه الجمل وقد مر خبرها، ماتت 58 ه وقبرها في القاهرة.
[ 109 ]
فقبل بين أعينهما، وجلسا بين يديه، ثم قاما يدخلان إلى عائشة. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أحبيهما يا عائشة وامحضيهما المحبة، فانهما ثمرة فؤادي، وسيدا شباب أهل الجنة، ما أحبهما أحد إلا أحبه الله، ولا أبغضهما أحد إلا أبغضه الله، من أحبهما [ فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحب الله، ومن أبغضهما ] فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله، وكأني أرى ما يرتكب منهما، وذلك في سابق علم الله عزوجل، وكأني أرى مقعدهما من الجنة، ومقعد من أبغضهما من النار، والذي نفسي بيده ليكب الله عدوهما ومبغضيهما في النار على وجوههم. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تولوا أهل الذمة رقاب المسلمين، فتذلوهم. ولا يبدئهم من ولوا عليه بالسلام، ويصافحهم. خذوهم بحلق رؤوسهم، واظهار ذنانيرهم (1). إن حرمة المؤمن عند الله أعظم من حرمة الملائكة. قال عمر بن الخطاب: ومن جبرائيل ؟ فالتفت إلى علي عليه السلام فقال: ما تقول يا أبا الحسن ؟ فقال: من جبرائيل وميكائيل واسرافيل وحملة العرش والملائكة المقربين. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: صدق أخي وابن عمي. ثم التفت الينا، فقال: قد ملا الله قلبه إيمانا وعلما وفقها. فمن أشكل عليه شئ من أمر دينه وشرايعه وفرائضه وسنته فليأت عليا. ثم أخذ بيده فقال: يا علي من أحبك أحبني، من أحبني فقد أحب الله، ومن أبغضك فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله، (1) كذا في الاصل.
[ 110 ]
ومن سبك سبني، ومن سبني فقد سب الله. أنت يا علي، قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين، ومن خالف سنتي. [ ضبط الغريب ] قوله: محتب. الاحتباء: أن يحتبي الرجل ثوبه ويديره على ظهره ويشده على ساقيه. والحبوة، الثوب الذي يحتبي به، أي يلتفت به. قوله: مرحبا. تقولها العرب للمقبل عليهم، أي انزل في الرحب. والرحب: السعة. ونصبوا مرحبا باضمار أنزل وأقم. وقوله: امحضيهما المحبة. يقول: اخلصيهما إياها وكل شئ خلص. حتى لا يشوبه غيره، وهو محض. [ 1045 ] يحيى بن الحسين، باسناده، عن جعفر بن محمد بن علي، عن أبيه، قال: لما ولد الحسن بن علي عليه السلام أهدى جبرائيل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وآله اسمه في سرقة من حرير من ثياب الجنة مكتوب فيها حسن، واشتق منه اسم الحسين عليه السلام. فلما ولدت فاطمة عليها السلام الحسن عليه السلام أتت به رسول الله صلى الله عليه وآله فسماه: حسنا. فلما ولدت الحسين عليه السلام أتته به، فقال: هذا أحسن من ذلك، فسماه الحسين. * * *
[ 111 ]
[ ضبط الغريب ] قوله: سرقة من حرير (1). السرقة أجود الحرير، يقال من ذلك حريرة سرقة، قال الشاعر: يرفلن في سرق الحرير وخزه * يسحبن من هدابه أذيالا (2) [ الحج مشيا على الاقدام ] [ 1046 ] وبآخر، أن الحسن والحسين عليهما السلام حجا، فخرجا إلى الحج يمضيان - من المدينة - فلم يمرا براكب فرأهما يمشيان إلا نزل يمشي، فاشتد ذلك على كثير من الناس. فقالوا لسعد بن أبي وقاص: قد اشتد علينا المشي ولا يسعنا أن نركب وأبناء رسول الله صلى الله عليه وآله يمشيان. فجاء سعد إلى الحسن عليه السلام فقال: يا أبا محمد، إن المشي قد ثقل على جماعة ممن معك من الناس، ولم يسعهم الركوب وأنتما تمشيان، فلو ركبتم (3) لركب الناس. قال: قد جعلت على نفسي أن أمشي، ولكني أتنكب الطريق. فأخذا جانبا حيث لا يراهما الناس. [ 1047 ] وبآخر، أن الحسن عليه السلام حج خمسا وعشرين حجة ماشيا. (1) قال الجوهري: السرق شقق الحرير. قال أبو عبيد: إلا أنها البيض منها والواحدة منها سرقة. وأصلها بالفارسية (سره: أي جيد). (2) ورواه جمال الدين في لسان العرب 10 / 156، هكذا: يرفلن في سرق الحرير وقزه * يسحبن من هدابه أذيالا (3) وفي بحار الانوار 43 / 276 الحديث 46: والناس ا إذا رأوكما تمشيان لم تطب أنفسهم أن يركبوا فلو ركبتما...
[ 112 ]
وأن النجائب لتقاد معه (1). [ 1048 ] وبآخر، عن ام الفضل ابنة الحارث، أنها رأت في المنام - وفاطمة عليها السلام حامل بالحسن - أن عضوا من أعضاء رسول الله صلى الله عليه وآله في بيتها (2). قالت: فراعني ذلك وذكرته للنبي صلى الله عليه وآله، فقال: خيرا رأيت، تلد فاطمة إن شاء الله غلاما يكون في بيتك تكفلينه (3) وتربينه. فكان كذلك. [ 1049 ] وبآخر، عن أبي هريرة، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله يقبل الحسين، وهو غلام صغير، وأن لعابه يسيل على شفتي رسول الله صلى الله عليه وآله، فيتلمظه. [ 1050 ] وبآخر، عن تغلب بن مرة (4)، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا، حسين سبط من الاسباط. [ 1051 ] وبآخر، أن الحسين عليه السلام كان يقعد في المكان المظلم، فيهتدى إليه ببياض غرة جبينه. [ 1052 ] بآخر، أن رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: إذا استقر أهل الجنة في الجنة، قالت الجنة: يا رب أليس قد وعدتني أن تزينني بركنين من أركانك ؟ فيقول الله عزوجل: بلى قد زينتك بالحسن والحسين (5). (1) وأضاف في فرائد السمطين 2 / 123: وقاسم الله ماله ثلاث مرات حتى أن كان ليعطي نعلا ويمسك ويعطي خفا ويمسك خفا. (2) وفي الذرية الطاهرة ص 101: قالت: يا رسول الله رأيت عضوا من أعضائك في بيتي. (3) وفي مسند أحمد 6 / 339: تكفلينه بلبن ابنك قثم. قال فلولدت حسنا فأعطيته فأرضعته. (4) وفي صحيح الترمذي 13 / 159: يعلى بن مرة. (5) وأضاف في تاريخ بغداد 2 / 238: فماست الجنة ميسا كما تميس العروس.
[ 113 ]
[ 1053 ] إسماعيل بن صالح، باسناده، أن فاطمة عليها السلام قالت لرسول الله صلى الله عليه وآله: يا رسول الله إن ام سلمة قد غلبتني على الحسن والحسين ما يبرحان من عندها ولست أصبر عنهما. فقال ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله لام سلمة. فقالت: يا رسول الله إني احبهما حبا شديدا. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله: أتحبينهما ؟ فقالت: أي والله احبهما. فأعاد ذلك عليها ثلاثا، وهي تقول مثل ذلك. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: والذي بعثني بالحق نبيا [ أنهما ] لسيد الشباب أهل الجنة. [ 1054 ] أبو سعيد الاشج، باسناده، عن أنس بن مالك، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله: أي أهلك أحب اليك ؟ قال: الحسن والحسين. وكان يقول لفاطمة صلوات الله عليها: دعي ابني أشمهما. ويضمهما إليه. [ 1055 ] وبآخر، أن النبي صلى الله عليه وآله سمع بكاء الحسن والحسين عليهما السلام، فقام فزعا مسرعا نحوهما حتى علم حالهما. ثم قال: إن الولد لفتنة لقد قمت وما أعقل (1). [ قسم ماله لوجه الله مرتين ] [ 1056 ] حسن بن حسين، باسناده، أن الحسن (ع) قاسم ربه ماله مرتين (2). (1) وفي المناقب 3 / 385: لقد قمت اليهما وما معي عقلي. (2) وفي سنن البيهقي 4 / 331 وحلية الاولياء 2 / 37: قاسم الله تعالى ماله ثلاث مرات.
[ 114 ]
وفي حديث آخر حتى االخف بالخف والنعل بالنعل. يعني: أنه أخرج نصف ماله مرتين، فتصدق به في سبيل الله عزوجل (1). [ 1057 ] وبآخر، عن رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه قال: إن الولد ريحانة من الله قسمها بين العباد، وإن ريحانتي من الدنيا الحسن والحسين سميتهما باسمي سبطي بني إسرائيل. [ ضبط الغريب ] الريحان: كل نبت طيب، وخصوا به الآس لبقائه على الزمان لا يتناثر ورقه. فشبه صلى الله عليه وآله الولد به لانه من أطيب النبات، وشبه بريحه ريح الولد. [ 1058 ] حسن بن حسين، باسناده، عن رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه خرج بالحسن والحسين، فقال: من أحب الله ورسوله فليحب هذين. [ 1059 ] أحمد بن إسماعيل، باسناده، عن محمد بن علي عليه السلام، أنه قال: بعث الله عزوجل أملاكا، فأبطأ أحدهم، فأوهى الله جناحه. فسقط على جزيرة من جزائر البحر. فلما دنا مولد الحسين عليه السلام بعث الله جبرائيل عليه السلام ببشارته إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فمر بذلك الملك، فقال له: أيها الملك الطيب ريحه الحسن وجهه الكريم على ربه، ألا تدعو إلى ربك أن يطلق جناحي هذا الواهي. (1) أي: كان يعطى النعل ويمسك النعل ويعطي الخف ويمسك الخف.
[ 115 ]
فقال له: ليس ذلك لي ولكني قد أرسلت إلى من هو أكرم على الله مني، وسأسأله أن يدعو الله لك. فلما بشر جبرائيل النبي صلى الله عليه وآله بمولد الحسين عليه السلام فقال له: يا محمد إني مررت بملك على جزيرة من جزائر البحر قد وهي جناحه، فسألني أن أدعو الله له. فقلت: إني ارسلت إلى من هو أكرم على الله مني وسأسأله أن يدعو الله لك، فادع له يا محمد. قال: فدعا الله له النبي صلى الله عليه وآله. فأوحى الله عزوجل إلى جبرائيل أن يأمر ذلك الملك أن يدف دفيفا إلى المولود - يعني الحسين عليه السلام - فيمسح جناحه الواهي به فإنه يصح. ففعل ذلك، فصح جناحه، وعرج إلى السماء. قال محمد بن علي عليه السلام: أفترى أن قوما قتلوا الحسين يفلحوا ابدا ! [ تضبط الغريب ] قوله: يدف دفيفا. دفيف الطائر، أن يدف بجناحيه: أي يضربهما ويحركهما للطيران ورجلاه في الارض. والدفيف: أيضا السير البطئ (1). عرج، العروج: الارتقاء إلى فوق. والمعراج: ما يرقى عليه. [ 1060 ] جعفر بن فروي، باسناده، أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان جالسا مع اصحابه إذ أقبل إليه الحسن والحسين عليهما السلام وهما صغيران، فجعلا ينزوان عليه، فمرة يضع لهما رأسه، ومرة يأخذهما إليه، فقبلهما ورجل (2) من جلسائه ينظر إليه كالمتعجب من ذلك. (1) لسان العرب 9 / 104. (2) وهو أبو بحر الاقرع بن حابس بن عقال المجاشعي الدارمي من جملة المؤلفة قلوبهم وهو من سادات
[ 116 ]
ثم قال: يا رسول الله ما أعلم أني قبلت ولدا الي قط. فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله حتى التمع لونه. فقال للرجل: إن كان لله عزوجل قد نزع الرحمة من قلبك فما أصنع بك، من لم يرحم صغيرنا، ويعزز كبيرنا فليس منا. [ ضبط الغريب ] قوله: ينزوان يقول: يثبان. والنزو: الوثبان. ومنه نزو البهائم: إنما هو وثبان ذكروها على اناثها، وهو الذي وصف به ذلك. وكني عن السفاد. وقوله: التمع لونه. أي: تغير. يقال منه: التمع وجه الرجل: إذا تغير. واللمع والتلمع في الحجر والثوب، والشئ يكون من ألوان شئ. ويقال: المعت الناقة، فهي تلمع الماعا: إذا حملت، وتلمع ضرعها: أي تلون ألوانا، من ذلك قول لبيد: مهلا أبيت اللعن لا تأكل معه * إن استه من برص ملمعه (1) يعني: لمعة بياض أو لمعة سواد أو حمرة كذلك يتلون وجه الانسان، إذا غضب واشتد غضبه بحمرة وبصفرة وربدة. فمن ذلك يقال: التمع وجهه. والتمع لونه: إذا تلون الوانا. وقوله: يعزز كبيرنا. أي: يجله ويعظمه. [ 1061 ] إسماعيل بن زيد (2)، باسناده، عن محمد بن علي عليه السلام، تميم. وهو المنادي من وراء الحجرات (تاج العروس 6 / 44 رجال السيد الخوئي 3 / 228). (1) لسان العرب 8 / 324. (2) وأظنه اسماعيل بن زيد الطحان. وذكره ابن شهر آشوب في المناقب 3 / 400: اسماعيل بن بريد راجع تخريج الاحاديث.
[ 117 ]
أنه قال: أذنب رجل ذنبا في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله فطلب، فتغيب حتى وجد الحسن والحسين عليهما السلام في طريق خال، فأخذهما، فاحتملهما على عاتقه وأتى بهما إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله، إني مستجير بالله وبهما. فضحك رسول الله صلى الله عليه وآله حتى رد يده إلى فمه. ثم قال للرجل: اذهب، فأنت طليق. وقال للحسن وللحسين عليهما السلام: قد شفعتكما فيه أي فتيان. فأنزل الله عزوجل: " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما " (1). [ 1062 ] وبآخر، عبد الله بن شداد بن الهاد، باسناده، أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يصلي بالناس، فأتى الحسين عليه السلام وهو صغير، فركب على ظهره، وهو ساجد، فأطال رسول الله صلى الله عليه وآله السجود، حتى نزل، فرفع، وأتم الصلاة، وانصرف، ولم يكن علم الناس أمر الحسين عليه السلام. فقالوا: يا رسول الله، لقد أطلت السجود حتى ظننا أنه حدث أمر (2). فقال: إن ابني هذا ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته. [ ضبط الغريب ] قوله: ارتحلني. (1) النساء: 64. (2) وأضاف في مسند أحمد 6 / 467: أو أنه يوحى اليك.
[ 118 ]
يقال: ارتحل الرجل إذا استوى على راحلته ليمضي. وارتحل البعير رحلة: أي سار، فجرى ذلك في الكلام حتى قيل: ارتحل البعير في المسير. [ 1063 ] وبآخر، أن الحسن لم يسمع منه قط كلمة فيها مكروها [ إلا ] مرة واحدة، فانه كان بين [ الحسن ] (1) عليه السلام وعمرو بن عثمان خصومة في أرض، فذكر ذلك الحسين للحسن عليهما السلام. فقال الحسن عليه السلام: ليس لعمرو عندنا إلا ما يرغم أنفه. فقيل: إن هذه الكلمة التي حفظت عنه (2) وذلك لما نحله رسول الله صلى الله عليه وآله. * * * (1) هكذا صححناه وفي الاصل: الحسين عليه السلام. (2) وفي الصواعق المحرقة ص 83: فهذه أشد كلمة فحش سمعتها منه.
[ 119 ]
[ في حظيرة بني النجار [ 1064 ] الاعمش، باسناده، عن عبد الله بن عباس، قال: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وآله إذ أتاه عن فاطمة عليها السلام أن الحسن والحسين عليهما السلام خرجا عنها، فلم تدر أين هما. وأنها طلبتهما فلم تجدهما. فقال لها: أي بنية (1) ان الله عزوجل حافظهما. ثم رفع يديه إلى السماء، فقال: اللهم احفظ ولدي حيث كانا، وأين أخذا، فهبط عليه جبرائيل عليه السلام. فقال: يا محمد إن الله يقرئك السلام، ويقول لا تحزن عليهما فهما في حفظي حيث كانا، وأين توجها، وهما الآن في حظيرة بني النجار، وقد وكلت بهما ملكين يحفظانهما. فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وقمنا معه إلى الحظيرة، فوجدهما نائمين وقد اعتنقا. فأكب عليهما يقبل ما بين أعينهما حتى استيقظا، فحملهما على عاتقيه، وجعل يسرع لبيت فاطمة عليها السلام بهما حتى وصل بهما المسجد، فأصاب جماعة من الناس قد فزعوا لذلك. (1) وفي فرائد السمطين 2 / 92: فقال لها: لا تبكين يا بنية.
[ 120 ]
فقال: أيها النساس ألا اخبركم بخير الناس أبا وأما ؟ فقالوا: بلى يا رسول الله. [ قال ]: هما هذان الحسن والحسين، وأبوهما علي وصيي أفضل الوصيين، وامهما فاطمة ابنتي أفضل نساء العالمين. ألا اخبركم بخير الناس جدا وجدة ؟ فقالوا: بلى يا رسول الله. قال: هذان الحسن والحسين جدهما رسول الله صلى الله عليه وآله وجدتهما خديجة أول من آمن بالله ورسوله. ألا اخبركم بخير الناس عما وعمة ؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: هذان الحسن والحسين عمهما جعفر الطيار في الجنة وعمتهما ام هاني بنت أبي طالب ما أشركت بالله طرفة عين. ألا اخبركم بخير الناس خالا وخالة ؟ فقالوا: بلى يا رسول الله. قال: هذان الحسن والحسين خالهما القاسم ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وخالتهما زينب بنت رسول الله. ثم قال: اللهم إنك تعلم أنهما وأباهما وأمهما وجدهما وجدتهما وخالهما وعمهما وعمتهما في الجنة وأن شيعتهما ومحبيهما في الجنة (1). [ ضبط الغريب ] قوله: حظيرة بني النجار. الحظيرة: ما حظر: أي ما منع بحائط أو ذرب أو غيره ذلك من البساتين (1) وفي فرائد السمطين أضاف: ومن أبغضهما في النار.
[ 121 ]
وغيرهما من الارض. والحظر: المنع. * * * ففضل الحسن والحسين عليهما السلام فضل لعلي وفاطمة عليهما السلام لانهما أبواهما، وفضل للائمة من ولد الحسين صلوات الله عليهم أجمعين. لان الحسين أبوهم والحسن عمهم. وفضل لمن تولاهم، أو دان بحبهما وإمامتهما وتبرأ من أعدائهما ومن نصب لهما واستأثر بحقهما بقدر ما لكل امرئ منهم من ذلك باستحقاقه من الفضل والمثوبة والاجر، وبقدر ذلك وعلى حبه يكون لاعدائهم ومناصبيهم وغاصبيهم حقهم وقاتليهم وخاذليهم والمتوثبين عليهم ولاعوانهم وأوليائهم من النقيصة والائم والوزر كما جاء عن الحسين بن علي عليه السلام أنه قال: من توالانا بقلبه وذب عنا بلسانه ويده فهو معنا في الرفيق الاعلى، ومن توالانا بقلبه وذب عنا بلسانه وضعف أن يذب عنا بيده فهو معنا في الجنة دون ذلك، ومن توالانا بقلبه وضعف أن يذب عنا بلسانه ويده فهو معنا في الجنة دون ذلك. ومن أبغضنا بقلبه وأعان علينا بلسانه ويده فهو في الدرك الاسف من النار، ومن أبغضنا بقلبه وأعان علينا بلسانه ولم يعن علينا بيده فهو في النار فوق ذلك، ومن أبغضنا بقلبه ولم يعن علينا بلسانه ولا بيده فهو في النار فوق ذلك. على هذه السبيل يكون درجات محبيهم في الجنة ومبغضيهم في النار. * * *
[ 122 ]
مصاب الحسن عليه السلام [ ذكر ما قام به الحسن إلى أن مات مسموما ] فبعد الذي ذكرنا مما نص به رسول الله صلى الله عليه وآله على امامة علي عليه السلام وفضله، وما ذكرناه قبله، وما ذكرناه في الباب الذي قبل هذا الباب من نصه على فضل الحسن والحسين صلوات الله عليهما، والاخبار عن مكانهما وموضعهما منه، والامر بولايتهما ومحبتهما والترغيب في ذلك، والنهي عن بغضهما وعداوتهما، والتحذير من ذلك، نذكر ما ارتكب به الحسن بن علي عليه السلام وما استحل منه. [ أسباب صلح الحسن ] إنه لما اصيب علي عليه السلام وأفضت الامامة إلى الحسن عليه السلام جمع له معاوية جموع طغام الشام، ومن استمع له بالبذل والاطعام من السحت والحرام، وقد قتل أنصار الدين واكثر المؤمنين، واستفحل أمر المتغلبين، ومال اكثر الناس ميلهم لما به من الدنيا استمالوهم. وأقبل معاوية بجموعه إلى الحسن عليه السلام ولم يجد عليه السلام من الناس من يلقاه بمثلهم. وقد تقدم من القول فيما ان من أمير المؤمنين علي عليه السلام من استنهاضهم إلى قتال معاوية وأصحابه، وتحريضهم على ذلك
[ 123 ]
وتخلفهم عنه غير قليل لا يقوم له ما يريده بهم، وهم الذين خلصوا للحسن عليه السلام. ووجه إليه معاوية يسأله تسليم الامر إليه، ويدعوه إلى ذلك، ويبذل له ولشيعته وأنصاره الامان والبر والاكرام، والرغائب الجسام. فلما لم يجد الحسن غير ذلك أجابه إلى ما لم يجد بدا منه، وما ليس يقطعه عن حقه، ولا يدفعه عن الامامة له، لان الامامة حق من حقوق الله عزوجل وأمر من أمره ليس يوجبها لغير أهلها ترك أهلها لا تسليم اياها لمن تغلب عليهم فيها. كما لم يجب ذلك لمن تقدم [ المستأثرين ] بها لتسليم صاحبها إياها لمن توثب عليها واغتصبها وذلك مثلما لا خلاف بين الامة أن الامام إذ استقضى قاضيا أو استعمل عاملا، فسلم ذلك القاضي القضاء، أو ذلك العامل العمالة إلى غيرهما، أو خرجا فما جعل من ذلك لهما أن ذلك لا يوجب لمن خرجا من ذلك إليه أخذه بخروجهما وتسليمهما عن رضا ولا عن كره. والامامة أعلى وأجل من ذلك وأوجب أن لا يكون إلا لمن جعلها الله له وأقامه لها، وليس التغلب على ظاهر أمرها، مما يزيل من جعلت له عنها سلمها أو لم يسلمها. وعلى الامة ألا يأتمون إلا بمن جعل الله عزوجل الامامة له بنص الرسول صلى الله عليه وآله كما تقدم بذلك القول. وبنص امام على إمام إلى أن تقوم الساعة. فاهتبل معاوية الفرصة وتغلب على ظاهر أمر الامامة والامة. ثم جعل معاوية يبغي بالحسن الغوائل، ويحتال عليه بالحيل ليفتك به كما فتك بأبيه عليه السلام من قبله صلوات الله عليهما. فلم يمكنه من ذلك ما أراد إلا بأن دس إليه من سمه، فمات مسموما عليه السلام. [ معاويه يتآمر ] [ 1065 ] يحيى بن الحسين بن جعفر، باسناده، أن الحسن عليه السلام سقي السم، وأن معاوية بعث إلى امرأته جعدة بنت الاشعث بن
[ 124 ]
القيس (1) مائة الف درهم. وكان بينها وبين الحسن منازعة. وهم بطلاقها - فكان مطلاقا (2) -، فأرسل إليها سما لتسقيه إياه، ووعدها بأن يزوجها من ابنه يزيد وأن ينيلها من الدنيا شيئا كثيرا، فحملها ما كان بينها وبين الحسن عليه السلام، وما تخوفت من طلاقه إياها، وما عجله لها معاوية وما وعدها به على أن سقته ذلك السم. فأقام أربعين يوما في علة شديدة. [ الحسن يوصي ] [ 1066 ] وكان مما حكي عن الحسن عليه السلام أنه قام إلى المثحم (3) وعنده جماعة من شيعته، [ وفيهم ] الحسين عليه السلام ثم جاءهم. فقال: ما جئتكم حتى لفظت طائفة من كبدي، ولقد سقيت السم مرارا، فما كان بأشد علي من هذه المرة، وأنا ميت. فقال الحسين عليه السلام: فمن (فعل ] بك ذلك ؟ قال: وما تريد من ذلك، تريد أن تطلب بثأري ؟ دعني ومن صنع بي ذلك إلى يوم القيامة الوقوف معه بين يدي الله، ولا تحدثن في ذلك بعدي حدثا (4). (1) قال الصادق عليه السلام: إن الاشعث بن قيس شرك في دم أمير المؤمنين، وابنته جعدة سمت الحسن، ومحمد ابنه شرك دم الحسين عليه السلام (الكافي 8 / 167). (2) هذه من التهم الاموية التي تنسب للامام الزكي سبط رسول الله صلى الله عليه وآله، وان فعلتها ما كان تخوفا من الطلاق، بل من خسة ذاتها ودناءة نفسها التي سولت لها في ارتكاب هذه الجريمة. ولذا لما جاءت إلى معاوية تطالبه الوفاء بما وعدها، فقال لها: إنا لم نرضك للحسن فنرضاك لانفسنا. (3) هكذا في الاصل. وأظنه المخدع كما في بعض الروايات: وهو بيت صغير الذي يكون داخل البيت الكبير. (4) وفي مقاتل الطالبيين ص 48: وما تريد منه ؟ أتريد أن تقتله إن يكن هو هو فالله أشد نقمة منك وإن لم يكن هو فما احب أن يؤخذ بي برئ.
[ 125 ]
وفوض الامر إليه وأقامه المقام الذي أقامه الله عزوجل ورسوله صلى الله عليه وآله فيه ونص عليه في محضر من شيعته، وعرفهم أنه القائم في مقام الامامة بعده مع ما سبق إليهم، واطلعوا عليه فيهما من رسول الله صلى الله عليه وآله ومن أمير المؤمنين عليه السلام، وأوصاه أن يدفنه مع رسول الله صلى الله عليه وآله إن لم ينازع في ذلك، [ فإن ] نازعه في ذلك منازع ترك ذلك ودفنه في الجبانة إلى جانب امه فاطمة صلوات الله عليهما. [ موقف عائشة من دفن الحسن ] وقيل: إن ذلك انتهى إلى عائشة، واختلف القول فيه عنها. فقال قوم: إنها قالت: ألا ما في البيت إلا مكان قبر واحد كنت أردته لنفسي، والحسن أحق به مني (1). وقيل: بل منعت من ذلك أشد المنع، وركبت بغلا، وخرجت إلى جماعة بني امية، تقول: هكذا اغتصب علي بيتي (2)، ويدفن الحسن في مكان أعددته لنفسي. وقيل: إن بعض الشعراء قال في ذلك شعرا يقول فيه: (فيوما على بغل ويوما على جمل) (3). (1) قال المحب الطبري في ذخائر العقبى ص 141: وقد كانت عائشة أباحت له أن يدفن مع رسول الله صلى الله عليه وآله في بيتها وكان سألها ذلك في مرضه، فلما مات منع من ذلك مروان وبنو امية. (2) رواه بتفاوت المجلسي في بحار الانوار 44 / 154 في ذيل حديث 24. (3) وقال آخر: أيا بنت أبي بكر * لاكان ولا كنت لك التسع من الثمن * ففي الكل تصرفت تجملت تبغلت * وإن عشت تفيلت
[ 126 ]
والله أعلم أي ذلك كان منهما. وكان سعيد بن العاص عاملا لمعاوية على المدينة (1)، وكان بها يومئذ مروان بن الحكم. فانتهى الذي قاله الحسن عليه السلام إلى سعيد، وقال له بنو امية: ما أنت صانع في ذلك ؟ هؤلاء يريدون أن يدفنوا الحسن مع رسول الله صلى الله عليه وآله، وهم قد منعوا عثمان من ذلك. فقال سعيد: ما كنت بالذي أحول بينهم وبين ذلك. فغضب مروان بن الحكم، وقال: إن لا تصنع في هذا شيئا فخل بيني وبينهم. فقال: أنت وذلك. فجمع مروان بني امية وحشمهم ومواليهم وأخذوا السلاح. فبلغ ذلك الحسن، فقال للحسين عليه السلام: اناشدك الله أن تهيج في هذا الامر، وادفني مع امي. وتأكيد ذلك عليه، واستحلفه فيه. ومات الحسن عليه السلام. وبلغ الحسين عليه السلام اجتماع من جمعه مروان، وأنهم قد أخذوا السلاح ووقفوا ليمنعوا من دفن الحسن مع رسول الله صلى الله عليه وآله، فحمي لذلك واهتاج له. وكان عليه السلام أبي النفس شهما شجاعا. وجاءه مواليه وشيعته، فأمرهم فأخذوا سلاحهم. واحتمل سرير الحسن عليه السلام ليصلي عليه. وخرج سعيد بن العاص، فدفع الحسين عليه السلام في قفاه، وقال له: تقدم لولا السنة ما قدمتك (2). (1) ولاه عثمان الكوفة ثم المدينة، اعتزل الجمل وصفين مات بالعقيق 59 ه. (2) مقاتل الطالبيين ص 50.
[ 127 ]
يعني على ظاهر الامر أن السلطان أو من أقامه للصلاة بالناس، إذا حضر الجنازة كان أحق بالصلاة عليها من وليها. فصلى عليه سعيد بن العاص، فلما انصرف قام عبد الله بن جعفر إلى الحسين عليه السلام، فقال له: عزمت عليك لما امتثلت وصية أخيك ولم تخالفه، وتلقح شرا. ووقف إلى جمع بني امية، فقال: قد علمتم الحسين بن علي عليه السلام، وإنه لا يقر على الضيم، وقد أوصاه أخوه أن يدفنه بالبقيع (1)، فلا تجلئوه إلى أن يلقح شرا بوقوفكم، فانصرفوا. وتقدم عبد الله بن جعفر (2) فأخذ بمقدم السرير ولم يزل بالحسين عليه السلام حتى أجابوا. ومضى نحو البقيع، فدفنه إلى جنب فاطمة عليها السلام، كما اوصي بذلك، وانصرفوا، وسبق الخبر إلى معاوية بموت الحسن عليه السلام في الوقت الذي مات فيه قبل أن يدفن، وإنه أوصى أن يدفن مع رسول الله صلى الله عليه وآله فأظهر لموته سرورا. وقال: إن صدق ظني بمروان فبمنعه من دفنه مع رسول الله صلى الله عليه وآله، وجعل يقول: إيها مروان. فلما دفن أرسلوا رسولا إليه ثانيا بالخبر، ففرح لذلك، وأثنى على مروان خيرا. [ بنت الاشعث قاتلة وخائنة ] [ 1067 ] يحيى، باسناده، عن مغيرة، أنه ذكر وفاة الحسن عليه السلام فقال: (1) بقيع الغرقد وهو مقبرة أهل المدينة. (عمدة الاخبار ص 276). (2) ولد في الحبشة ابن أخي أمير المؤمنين عليه السلام، جاء مع أبيه إلى المدينة، لقب ببحر الجود لكرمه، كان مع علي يوم صفين، وهو زوج عقيلة بني هاشم زينب الكبرى، توفي بالمدينة 80 ه.
[ 128 ]
أرسل رجل (1) إلى امرأته جعدة بنت أشعث بمائة ألف درهم. وقال لها: إني ازوجك ابني. وبعث إليها شربة سم لتسقيه إياها. ففعلت. فصوغها الدراهم، ولم يزوجها ابنه. كنى عن ذكر معاوية للتقية. قال: فتزوجها بعد الحسن رجل من آل طلحة وأولدها أولادا، وكانوا يعيرون بذلك. [ وقالوا: يا بني مسمة الازواج ] (2). [ 1068 ] وبآخر، عن عبد الله بن عباس، أنه قال: كان الحسن عليه السلام قد سقي السم، سقته امرأته إياه - جعدة بنت الاشعت - فكانت نفسه فيه، واعطيت على ذلك مالا كثيرا. فوالله ما خار الله لها، وكان الخيرة والغبطة لابن رسول الله صلى الله عليه وآله، فيما أصان الله إليه من نعيم الآخرة، وكان الذي أعطاها ذلك، وأرسله إليها على ذلك غير مصيب ولا موفق، وخرج من الدنيا ملوما مذموما، قد سلب الله ما كان فيه، وأخرجه منه إلى ضيق ما استودع من حضرته، وكان الله حسيبه. [ 1069 ] وبآخر، عن يحيى، قال: توفي الحسن عليه السلام وسعد بن أبي وقاص (3) بعدما مضت من إمارة معاوية عشر سنين، أنهما سقيا السم. وقيل: إن رجلا بعث إلى زوجة الحسن عليه السلام بنت الاشعث بن القيس - مائة ألف درهم وشربة من سم أن تسقيه الحسن عليه السلام، ففعلت، فمات منها، وأوصى أن يدفن مع رسول الله صلى الله عليه وآله، إلا أن يخاف أن يهراق في ذلك دم. وأرادوا (1) وفي بحار الانوار 44 / 155 الحديث 25: صرح في الحديث اسم معاوية. (2) ما بين المعقوفتين من مقاتل الطالبيين ص 48. (3) القرشي وكان من أفراد الشورى توفي بالمدينة 55 ه.
[ 129 ]
ذلك، فجمع لهم مروان من كان هناك من بني امية وحشمهم ومواليهم وأخذوا السلاح. فبلغ ذلك الحسين عليه السلام فجاءهم ومن معه من مواليه وشيعته في السلاح ليدفنوا الحسن عليه السلام في بيت النبي صلى الله عليه وآله. وأقبل مروان هو وأصحابه، وهو يقول: يا رب هيجاهي خير من دعة، أيدفن عثمان في البقيع، ويدفن الحسن بن علي في بيت النبي ! ؟ والله لا يكون ذلك أبدا وأنا أحمل السيف (1)، وكادت أن تقع الفتنة. وأبى الحسين عليه السلام إلا مع النبي صلى الله عليه وآله، وكلمه عبد الله بن جعفر والمسور بن مخرمة في أن يدفنه في البقيع كما عهد إليه. وقال له عبد الله بن جعفر: عزمت عليك بالله أن تكلمني كلمة (2). وأخذ بمقدم السرير ومضى نحو البقيع فانصرف مروان. وبلغ معاوية ما كان أراده من دفن الحسن عليه السلام في بيت رسول الله صلى الله عليه وآله (3). فقال: ما أنصفنا بنو هاشم حيث يريدون دفن الحسن في بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وقد منعوا عثمان من ذلك (4)، ولئن كان ظني بمروان صادقا، فلن يصلوا إلى ذلك. (1) أيتذكر هذا الرجل عثمان وينسى صفح وعفو أمير المؤمنين في يوم البيعة ويوم الجمل وما قاله في ذلك اليوم. راجع الجزء الرابع الحديث 333. هكذا يرد الجميل ؟ ونعم ما قاله الشاعر: وحسبكم هذا التفاوت بيننا * وكل إناء بما فيه ينضح (2) راجع مقاتل الطالبيين ص 48. (3) مقتل الخوارزمي ص 138. (4) لانه أقرب من الحسن إلى رسول الله صلى الله عليه وآله أو لامر آخر لا نعرفه لعله العصبية القبلية التى نبذها الاسلام والتزم بها المنافقون.
[ 130 ]
وجعل يقول: إيها مروان، أنت لها. [ 1070 ] الزبير بن عباد، باسناده، عن [ يحيى بن ] عبداالله بن علي: أن الحسن عليه السلام أصابه بطن. فلما أيقن بالموت، أرسل إلى عائشة أن يدفن مع رسول الله. فقالت: نعم (1)، وما بقي إلا موضع قبر واحد كنت أردته لنفسي. فلما سمع بذلك بنو امية استلاموا السلاح هم وبنو هاشم للقتال. فبلغ ذلك الحسن عليه السلام، فقال لاهله: أما إذا كان هذا فلا حاجة لي بذلك، ادفنوني في جانب امي فاطمة عليها السلام. [ ضبط الغريب ] استلاموا السلاح. اللامة: الدرع. فإذا لبسها الرجل، قيل: استلام مهموز. [ نعي الحسن ] [ 1071 ] وبآخر، عن أبي اليقظان (2)، قال: قدم البصرة بوفاة الحسن عليه السلام عبد الله بن سنان الهزلي مسرعا في السير بذلك. فقال الجارود بن أبي سيرة في ذلك: إذا ما يريد السوء أقبل نحونا * بإحدى الدواهي الربد سار فأسرعا (1) وفي ذخائر العقبى ص 142: نعم حبا وكرامة. (2) وأظنه عمار بن أبي الاخوص.
[ 131 ]
فان كان شرا سار يوما وليلة * وان كان خيرا أقسط السير أربعا [ ضبط الغريب ] قوله: الربد. جمع ربداء. والربدة لون بين السواد والصفرة كلون الرماد. وهو لون قبيح، فنسب الداهية إليه ووصفها به كأنه قال: داهية مظلمة. وقوله: أقسط السير أربعا. قسمه على أربع مراحل. يقال منه: قد قسط القدم الشئ بينهم إذا قسموه على العدل. والقسط: بالسوية. * * * ولما جاء خبره نعاه زياد لجلسائه. وخرج الحكم بن العاص الثقفي، فنعاه الناس، فعلت الاصوات بالبكاء عليه. [ متى ذل الناس ؟ ] [ 1072 ] وبآخر، عن عمرو بن بشير (1)، قال: قلت لابي إسحاق: متى ذل الناس ؟ قال: لما مات الحسن بن علي عليه السلام وقتل حجر بن عدي (2) وادعى زياد (3). [ وداعا يا أبا محمد ] [ 1073 ] وبآخر، أن الحسن بن علي عليه السلام توفي وهو ابن ثماني (1) وفي مقاتل الطالبيين ص 50: عمر بن بشر. (2) وقد مر خبره. (3) زياد بن أبيه ادعاه معاوية أنه ابن أبي سفيان.
[ 132 ]
وأربعين سنة. وكانت وفاته في شهر ربيع الاول سنة تسع وأربعين. وقيل: في صفر من سنة خمسين بعد سنة احدى وخمسين (1). (1) انساب الاشراف 3 / 64. المراثي رثاه الامام الحسين عليه السلام قائلا: أأدهن رأسي أم تطيب مجالسي * ورأسك معفور وأنت سليب أو أستمتع الدنيا لشئ احبه * ألا كل ما أدنا اليك حبيب فلا زلت أبكي ما تغنت حمامة * عليك وما هبت صبا وجنوب وما هملت عيني من الدمع قطرة * وما اخضر في دوح الحجاز قضيب بكائي طويل والدموع غزيرة * وأنت بعيد والمزار قريب غريب واطراف البيوت تحوطه * ألا كل من تحت التراب غريب ولا يفرح الباقي خلاف الذي مضى * وكل فتى للموت فيه نصيب فليس حريب من اصيب بماله * ولكن من وارى أخاه حريب نسيبك من أمسى يناجيك طيفة * وليس لمن تحت التراب نسيب وقال سليمان بن قتة: يا كذب الله من نعى حسنا * ليس لتكذيب قوله ثمن أحول في الدار لا أراك وفي النا * راناس جوارهم غبن كنت خليلي وكنت خالصتي * لكل حي من أهله سكن وقال النجاشي: يا جعد بكيه ولا تسأمي * بكاء حق ليس بالباطلل على ابن بنت الطاهر المصطفى * وابن ابن عم المصطفى الفاضل كان إذا شبت له ناره * يوقدها بالشرف القابل كيما يراها بائس مرمل * أو ذو اغتراب ليس بالآهل لن تغلقي بابا على مثله * في الناس من حاف ولا ناعل نعم فتى الهيجاء يوم الوغى * والسيد القائل والفاعل وقال رجل من غطفان: بنو حسن كانوا مناخ ركابنا * قديما وما كنا ابن عمران نتبع وقال أبواليقطان: أتاني فوق العال من أرض مسكن * بأن إمام الحق أمسى مسالما
[ 133 ]
فهذه جملة من القول فيما اوتي إلى الحسن بن علي عليه السلام وما ارتكب بنو امية منه لعداوتهم لرسول الله صلى الله عليه وآله ولاهل بيته عليهم السلام ولمطالبتهم إياهم بثأر من قتل منهم على أيديهم من المشركين من آبائهم وأوليائهم وحقد الجاهلية المتقدم فيهم عليهم. * * * فما زلت مذ نبئته بكآبة * أراعي النجوم خاشع الطرف واجما فراجعت نفسي ثم قلت لها اصبري * فإن إلامام كان بالله عالما (*)
[ 134 ]
[ مقتل الحسين عليه السلام ] [ ذكر ما ارتكبوه من الحسين عليه السلام ] [ 1074 ] محمد بن إبراهيم، باسناده، عن عائشة، قالت: أجلس رسول الله صلى الله عليه وآله الحسين على فخذه، فأتاه جبرائيل عليه السلام، فقال له: [ تحبه ؟ قال: ألا أحب ابني ] (1). [ قال: ] يا محمد، إن امتك ستقتل ابنك هذا من بعدك. فدمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وآله. فقال له جبرائيل عليه السلام: إن شئت أتيتك بتربة الارض التي يقتل فيها. قال: نعم. فأتاه بتراب من تراب الطف. [ الرسول وام سلمة ] [ 1075 ] أبو غسان، باسناده، عن زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله (1) ما بين المعقوفتين من المناقب 4 / 55.
[ 135 ]
عليه وآله: رأيت عمة [ النبي صلى الله عليه وآله ] اميمة بنت عبد المطلب، أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله نائما في بيتي، والحسين عليه السلام صبي صغير يجول في البيت. فجاء حتى جلس على بطن رسول الله صلى الله عليه وآله، فبال. فبادرت لاخذه. فقال: دعي ابني. فتركته حتى إذا فرغ. فصب عليه ماء، ثم احتضنه (1). وقام يصلي، وكان إذا قام احتضنه [ إليه، وإذا ركع ] وسجد وجلس وضعه على الارض، حتى قضى صلاته صلى الله عليه وآله ثم يدعو ويرفع يديه (2). فقلت: يا رسول الله لقد رأيتك تصنع في صلاتك شيئا ما رأيتك تصنعه قط ! قال: إن جبرائيل عليه السلام أتاني فأخبرني أن ابني هذا يقتل بعدي. وقال: إن شئت أريتك من التربة التي يقتل عليها. فقلت: أرني. فأراني تربة حمراء. [ 1076 ] سعد بن طريف، عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام، أنه قال: دخل الحسين عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وهو غلام صغير، فوضعه على بطنه. فأتاه جبرائيل عليه السلام، فقال: يا محمد إن ابنك هذا تقتله أمتك على رأس ستين سنة من هجرتك. (1) وفي تاريخ دمشق 1 / 181: ثم دعا بماء وقال: إنه يصب من الغلام ويغسل من الجارية فصبوا صبا، ثم توضأ وقام يصلي. (2) وفي مفتاح النجاة ص 135: فلما جلس جعل يدعو ويرفع يديه.
[ 136 ]
ثم أراه التربة التي يقتل عليها. [ 1077 ] الاعمش (1)، عن أبي عبيد، أنه قال: [ دخلنا على أبي هرثم الضبي حين أقبل من صفين وهو مع علي وهو جالس على دكان ] (2) كنا جلوسا (3)، فدخلت شاة فبعرت. فقال بعض أصحاب علي عليه السلام: لقد ذكرني هذا البعر حديثا سمعته من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام. فقيل له: هات بعض هناتكم معاشر الشيعة. قال: أقبلنا مع أمير المؤمنين عليه السلام من صفين حتى نزل كربلاء، فصلى بنا الفجر بين شجرات حرمل، فلما قضى الصلاة، انفتل فإذا هو ببعر غزال، فأخذه، ففته، وجعل يشمه. ثم قال: يحشر من هذا المكان يوم القيامة قوم يدخلون الجنة بغير حساب (4). [ ضبط الغريب ] قوله: بعض هناتكم. يقال: ما رأيت من فلان هناة: أشياء مكروهة. ولا يقال في الخير هناة. [ 1078 ] أبو نعيم، باسناده، عن كعب، أن عليا عليه السلام مر به وهو جالس مع قوم. (1) أبو محمد سليمان بن مهران الاسدي الكاهلي الكوفي الاعمش ولد بالكوفة، وتوفي 145 ه. (2) طبقات ابن سعد - مخطوط -. (3) وفي مقتل الخوارزمي ص 165: عن أبي فاطمة، قال: جاء مولاي أبو هرثمة من صفين، فسلمنا عليه، فمرت شاة، فبعرت... (4) قال: قالت جرداء (امرأته وكانت أشد حبا لعلي وأشد لقوله تصديقا): وما تنكر من هذا ؟ هو أعلم بما قال منك - نادت بذلك وهو في جوف البيت -.
[ 137 ]
فقال لهم: يقتل ولد لهذا في عصابة لا يجف عرق خيولهم حتى يردوا على محمد صلى الله عليه وآله (1). فمر الحسن عليه السلام، فقالوا له: هو هذا يا ابا إسحاق ؟ قال: لا. ثم مر الحسين عليه السلام، فقالوا له: هو هذا ؟ قال: نعم وهذا ما سمعه كعب من رسول الله صلى الله عليه وآله. [ فتية تبكي عليهم السماء والارض ] [ 1079 ] الدغشي، باسناده، عن الاصبغ بن نباتة قال: سرنا مع علي عليه السلام إلى شاطئ الفراتا، فمر راهب، فقال له: يا راهب، أين العين التي هاهنا ؟ قال: لا أعلم بها إلا بالخبر، فانه يقال: إنه لا يعلم مكانها إلا نبي أو وصي نبي. فأخذ علي عليه السلام مع الوادي، وجعل ينظر يمينا وشمالا، ثم قال: احفروا هاهنا. فحفروا فوجدوا حجرا، فقال: ارفعوه. فرفعوه، فإذا عين ماء تحته. فشربنا وسقينا دوابنا. ثم قال علي عليه السلام لنا: يقتل هاهنا من آل محمد فتية تبكي عليهم السماء والارض. * * * (1) وفي أمالي الصدوق ص 121: سمعت كعب الاحبار يقول: إن في كتابنا، أن رجلا من ولد محمد رسول الله صلى الله عليه وآله يقتل ولا يجف... (*)
[ 138 ]
[ أمير المؤمنين يحدد موضع الشهادة ] [ 1080 ] القاسم بن محمد المروزي، باسناده، عن شيب بن محزوم (1)، أنه قال: بينا نحن نسير مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام إذ بلغ كربلاء. فقال: ما اسم هذا المكان ؟ قالوا: كربلاء. قال: كرب وبلاء. ثم نزل، فقعد علي على رابية، ثم قال: يقتل في هذا الموضع خير شهداء على ظهر الارض بعد شهداء رسول الله صلى الله عليه وآله. ثم قام، فنظرت فإذا عظام حمار. [ قال: قلت: بعض كذباته ورب الكعبة ] فقلت لغلامي: خذ عظما. فأخذه، وجاءني به. فقلت له: احفر له هاهنا. حيث جلس أمير المؤمنين علي عليه السلام، فحفر هنالك حفيرا، فدفنت فيه العظم، وأبقيت منه شيئا يسيرا على وجه الارض ليرى موضعه (2). فلما قتل الحسين عليه السلام، قلت لاصحابي: انطلقوا بنا إلى المكان الذي قتل فيه الحسين عليه السلام. فإذا جسد الحسين عليه السلام على العظم الذي دفنت، وأصحابه [ ربضة ] حوله. * * * (1) وفي مقتل الخوارزمي 1 / 161: شيبان بن محزم. وكان عثمانيا. وفي طبقات ابن سعد: وكان عثمانيا يبغض عليا. (2) وأضاف في مقتل الخوارزمي: ثم ضرب الدهر ضرباته.
[ 139 ]
[ لا بارك الله في يزيد ] [ 1081 ] الليث بن سعد، باسناده، عن معاذ بن جبل (1)، قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وآله ونحن ببابه - أنا وأبو عبيدة - فقال: إني محمد النبي، اوتيت مفاتيح الكلام، فأطيعوني ما دمت بين أظهركم، فإذا ذهب بي فعليكم بكتاب الله فاحلوا حلاله وحرموا حرامه. الا وإن أمامكم فتن كقطع الليل، وقد نعي الي حبيبي الحسين، وأخبرت بقاتله وموضع مصرعه. والذي بعثني بالحق لا يقتل بين ظهراني قوم فلا يمنعوه إلا خالف (2) الله بين كلامهم، وألبسهم شنعا. ويح لافراخ محمد من جبار عفريت مترف يقتل خلفي وخلف خلفي. ثم قال: يزيد لا بارك الله في يزيد. ودمعت عيناه. [ 1082 ] إبراهيم بن ميمون، باسناده، عن علي عليه السلام: أنه قال: جاء جبرائيل عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله إن الرعد ملك السحاب قد استأذن الله في زيارتك، وهو آتيك. فبينا رسول الله صلى الله عليه وآله معنا إذ أتاه، فسلم عليه، فقال له: يا رعد هل لك المنزل ؟ (1) الانصاري الخزرجي شهد المشاهد كلها مع الرسول صلى الله عليه وآله مات بطاعون عمواس 18 ه نقل السيد الخوئي في رجاله 18 / 184: عن كتاب سليم بن قيس الهلالي أنه من أصحاب الصحيفة (وأصحاب الصحيفة هم الذين كتبوا صحيفة والتزموا فيها بازالة الامامة عن علي عليه السلام). (2) هكذا في الاصل والاصلح: خالفوا.
[ 140 ]
قال: نعم. فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله والرعد معه حتى انتهيا إلى المنزل، ثم دخلا الحجرة. فدخل رسول الله البيت، ووقف الرعد في [ باب ] الحجرة. فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: ادخل. فقال: أنا لا أدخل بيتا فيه تصاوير. قال: وكان نمط (1) لبعض أزواج رسول الله صلى الله عليه وآله فيه صور، موضوع على فراش النبي صلى الله عليه وآله. قال: فما نصنع به البيعة ؟ قال: لا، ولكن ابسطوا وطأوا عليه. ففعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله. ودخل الرعد البيت واستلقى رسول الله صلى الله عليه وآله، وجاء الحسين عليه السلام فقعد على بطنه. فقال له الرعد: من هذا يا رسول الله ؟ قال: هذا ابني وابن ابنتي. قال: إن امتك ستقتله من بعدك. فإن شئت ارينك تربة البلاد التى يقتل بها. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: نعم. فبسط جناحه نحو المشرق، وجاء بقبضة من تراب أحمر من كربلاء، فأعطاها النبي صلى الله عليه وآله. فخرج صلى الله عليه وآله وهو يبكي ويقول: هذا المنبئ [ بأن ] الحسين يقتل من بعدي. (1) ثوب من صوف، ويطرح أيضا على الهودج.
[ 141 ]
[ هرثمة وحديث الشهادة ] [ 1083 ] هزيمة بن سلمة (1)، قال: غزوت مع علي عليه السلام صفين، فلما نزل كربلاء صلى بنا الفجر، فلما سلم على الصفوف رفع إليه من ترابها، فشمها. ثم قال: آه لك من تربة، ليحشرن منك قوم يدخلون الجنة بغير حساب. فلما انصرفت قلت لاهلي - وكانت تحب عليا صلوات الله عليه وتتولاه - (2): الا أخبرك عن علي - وقصصت عليها القصة -، وقلت لها: وما يدريه بذلك، وما اطلعه الله على الغيب ؟ قالت: دعنا منك فإن أمير المؤمنين لم يقل إلا حقا. فلما نزل الحسين بن علي عليه السلام وأصحابه كربلاء كنت في البعث الذي بعثهم عبيد الله إلى الحسين عليه السلام، فلما انتهيت إليهم عرفت الموضع الذي صلى بنا علي عليه السلام فيه وذكرت قوله. وكرهت مسيري، وأقبلت على فرسي حتى أتيت الحسين عليه السلام، فسلمت عليه، وحدثته بالذي سمعت من أبيه في ذلك الموضع. فقال لي: أفمعنا أنت أم علينا ؟ قلت: يابن رسول الله لا عليك ولا معك تركت ولدا وعيالا أخاف عبيدالله. (1) هكذا في الاصل وفي أمالي الصدوق ص 117: هرثمة بن أبي مسلم. وكذا في بحار الانوار 44 / 257. (2) وهي جرداء بنت سمين.
[ 142 ]
فقال عليه السلام: أما لا فول هاربا حتى لا تسمع لنا صوتا، ولا ترى لنا مقتلا - فوالذي نفسي بيده - لا يسمع صوتنا (1)، ولا يرى مقتلنا اليوم أحد فلا يعيننا إلا أدخله الله النار. فأدبرت هاربا حتى لا أسمع لهم صوتا، ولا أرى لهم مقتلا. [ 1084 ] علي بن موسى الجهني، باسناده، عن صالح بن أربد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لام سلمة: اجلسي بالباب ولا يلجن علي أحد. فجاء الحسين عليه السلام - وهو [ صغير ] (2) فذهبت ام سلمة لتتناوله، فسبقها الباب. قالت: فلما طال علي خفت أن يكون قد وجد علي رسول الله صلى الله عليه وآله. فتطلعت من الباب فرأيته يقلب بكفيه شيئا، والصبي نائم على بطنه ودموعه تسيل، فلما نظر الي قال: ادخلي. قلت: يا رسول الله إن ابنك جاء فذهبت لتناوله، فسبقني. فلما طال علي خفت أن يكون وجد علي رسول الله صلى الله عليه وآله. فتطلعت من الباب، فرأيتك تقلب بكفيك شيئا، ودموعك تسيل، والصبي نائم على بطنك. قال: إن جبرائيل عليه السلام أتاني بالتربة التي يقتل عليها، وأخبرني أن امتي تقتله. [ 1085 ] محمد بن ربيعة الحضرمي، باسناده، عن رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: أتاني جبرائيل عليه السلام فقال: يا محمد إن امتك ستقتل ابنك حسينا من بعدك. (1) وفي أمالي الصدوق: لا يسمع اليوم واعيتنا. (2) هكذا صححناه، وفي الاصل: وهو وصيف.
[ 143 ]
قلت: أولا اراجع الله فيه ؟ قال: إنه أمر قد كتبه الله عزوجل. ولما مات الحسن عليه السلام، وأفضت الامامة من بعده إلى الحسين عليه السلام قام بها ودعا إلى نفسه واعتقد المؤمنون ولايته وإمامته. ومات معاوية، وولى مكانه يزيد ابنه وبلغه أخبار الحسين عليه السلام، فتواعده، وهم به، وانتهى ذلك إلى الحسين عليه السلام، وكان بالمدينة. [ المسير إلى كربلاء ] فتوجه إلى مكة بأهله وولده، فحج، وأراد المسير إلى العراق. وكان بالعراق جماعة من أوليائه وأهل دعوته. وكان مسلم بن عقيل رحمة الله عليه قد بايع له جماعة من أهل الكوفة في استتارهم (1). فلما هم بالخروج من مكة لقيه ابن الزبير، فقال: يا أبا عبد الله إنك مطلوب، فلو مكثت بمكة، فكنت كأحد حمام هذا البيت. واستجرت بحرم الله لكان ذلك أحسن لك. فقال له الحسين عليه السلام: يمنعني من ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وآله: سيستحل هذا الحرم من أجلي رجل من قريش، والله لا أكون ذلك الرجل، صنع الله بي ما هو صانع. (فكان الذي استحل الحرم من أجله: ابن الزبير) (2). (1) بل علنا وفي المسجد الجامع. (2) في الحادثة التي تعرف بفتنة ابن الزبير.
[ 144 ]
وخرج الحسين يريد العراق، فلما مر بباب المسجد تمثل بهذين البيتين: لا ذعرت السوام في فلق الصبح * مغيرا ولا دعيت يزيدا يوم أعطي مخافة الموت ضيما * والمنايا يرضدنني أن احيدا [ ضبط الغريب ] السوام: النعم السائمة. وأكثر ما يقولون هذا الاسم على الابل خاصة. والسائمة: الراعية التي تسوم الكلا إذا داومت رعيه، وهي سوام. والرعاة يسومونها، أي يرعونها. وفي رواية اخرى تمثل بهذين البيتين بالمدينة. [ 1086 ] الزبير بن بكار، باسناده، عن أبي سعيد المقبري (1)، قال: رأيت الحسين بن علي عليه السلام، وأنه ليمشي بين رجلين يعمد على هذا مرة، وعلى هذا مرة اخرى حتى دخل مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله، وهو يقول: لا ذعرت السوام في فلق الصبح * مغيرا ولا دعيت يزيدا يوم أعطي مخافة الموت ضيما * والمنايا يرصدنني أن احيدا (وهذان البيتان لابن المفرغ الحميري تمثل بهما الحسين عليه السلام) (2). قال: فعلمت بذلك أنه لا يلبث [ إلا قليلا ] حتى يخرج فما لبث إلا قليلا حتى لحق بمكة. والخبر الاول عن الزبير، باسناده، عن مجاهد بن الضحاك، قال: لما اراد الحسين عليه السلام الخروج من مكة إلى العراق مر بباب (1) هكذا صححناه وفي الاصل: المعري. (2) ما بين القوسين من قول المؤلف ولم تكن في الرواية.
[ 145 ]
المسجد، فتمثل بهذين البيتين قال: لا ذعرت السوام.. وقد يكون قال ذلك في الموضعين جميعا. [ 1087 ] عمرو بن ثابت، عن أبي سعيد، قال: كنا جلوسا مع الحسين بن علي عليه السلام عند جمرة العقبة (1)، فلقيه عبد الله بن الزبير، فخلا به، ثم مضى. فقال لنا الحسين عليه السلام: أتدرون ما يقول هذا ؟ يقول: كن حمامة من حمام هذا المسجد، والله لئن اقتل خارجا منه بشبر أحب إلي من أن اقتل فيه، ولئن اقتل خارجا منه بشبرين أحب الي من أن اقتل خارجا منه بشبر. والله لو كنت في جحر هامة لاخرجوني حتى يقضوا في حاجتهم. والله ليعتدوا في كما اعتدت اليهود في السبت. * * * وفي مسير الحسين عليه السلام إلى العراق، وذكر مقتله عليه السلام خبر طويل. * * * (1) جمرة العقبة: موضع في منى، يرميه الحاج في ضمن أعمال الحج مع جمرتين - الصغرى والوسطى - بالحصاة.
[ 146 ]
[ مأساة الطف ] وجملة ذلك باختصار أنه خرج من مكة (1) يريد العراق، وانتهى ذلك إلى (1) وعند عزمه على الخروج إلى العراق، قال في خطبة له: الحمد لله، وما شاء الله، ولا قوة إلا بالله، خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة، وما أولهني إلى اسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف. وخير لي مصرع أنا لاقيه. كأن بأوصالي تتقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاء. يملان مني اكراشا جوفا وأجربة سغباء لا محيص عن يوم خط بالقلم. رضا الله رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه، ويوفينا اجور الصابرين. لن نشذ عن رسول الله صلى الله عليه وآله لحمته، بل هي مجموعة له في حضيرة القدس، تقربهم عينه وينجز لهم وعده. ألا ومن كان فينا باذلا مهجته، وموطنا على لقاء الله نفسه، فليرحل معنا، فاني راحل مصبحا إن شاء الله. ضبط الغريب: خط الموت: كتب الموت. الاسلاف: الآباء المتقدمين. الاوصال: الاعضاء. عسلان: الذئاب الكثيرة السريعة العدو. وخلاصة المعنى (كأن بأوصالي تتقطعها عسلان الفلوات): إن هؤلاء الذين يقاتلونني هم من موضع بين نواوس (وهي محلة قبور النصارى) وكربلاء، وهم أشد قساوة وخسة من الكلاب والذئاب. أجربة: جمع جراب. وهو الهميا، أطلق على بطونها استعارة. السغب: (بالفتح) الجوع. المهجة: الروح الكرش: ما هو في الحيوان بمنزلة المعدة في الانسان.
[ 147 ]
يزيد بن معاوية لعنة الله عليه. [ مسلم بن عقيل ] وكان مسلم بن عقيل بن أبي طالب رضي الله عنه - كما ذكرنا - قد قدم الكوفة، وبايع للحسين بن علي عليه السلام جماعة من أهلها. وكان على الكوفة يومئذ النعمان بن بشير (1)، وانتهى ذلك إليه. فقال: إن ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله أحب الينا من ابن بنت بجدل - يعني يزيد بن معاوية لعنهما الله، امه منسوبة بنت بجدل الكلبية -. وانتهى ذلك إلى يزيد لعنة الله عليه. فعزله، وولي على الكوفة عبيدالله بن زياد، وأمره بقتل مسلم بن عقيل، وبأن يقطع على الحسين عليه السلام قبل أن يصل إلى الكوفة. فقبض على مسلم بن عقيل فقتله، وصلبه (2)، ويطلب أصحابه، ولزم الكوفة. (1) الصحابي الخزرجي، التزم جانب معاوية وأعانه بصفين، فولاه الكوفة ثم ولاه يزيد حمص انتقض على الامويين بزمن مروان بن الحكم والتزم ابن الزبير ففر إلى حمص، اغتاله مشايعو بني امية من أهل حمص سنة 65 ه. (2) هكذا في الاصل ولم يذكر أحد من المؤخرين أنه صلبه بل بعد أن قبض عليه بحفر حفيرة عند عجز أصحاب ابن زياد من مواجته، ثم قتله ورمى بجسده من فوق دار الامارة، ثم سحب في أزقة الكوفة. وفيه يقول الشاعر: قصر الامارة لا بنيت وليتما * نسفتك غاشية قعدت مهيلا فبمسلم إذ خر منك لوجهه * خر الحسين من الجواد قتيلا ولعند ما سحبوه في أسواقهم * سحبوا علي بن الحسين عليلا ورثاه آخر: إن يغدروا بك عن عمد فقد غدروا * بالمرتضى وابنه سرا واعلانا لاقاك جمعهم في الدار منفردا * كما تلاقى بغاث الطير عقبانا
[ 148 ]
[ ملاقاة الحر بالحسين ] وأرسل الحر بن يزيد الحنظلي [ اليربوعي ] في خيل، فلقي الحسين عليه السلام بكربلاء (1)، فتواقفا. فعدت تنثر بالهندي هامهم * والرمح ينظمهم مثني ووحدانا حتى غدوت أسيرا في أكفهم * وكان من نوب الايام ما كانا كأنما نفسك اختارت لها عطشا * لما درت أن سيقضي السبط عطشانا فلم تطق أن تسيغ الماء عن ظمأ * من ضربة ساقها بكر بن حمرانا يا مسلم بن عقيل لا أغب ثرى * ضريحك المزن هطالا وهتانا نصرت سبط رسول الله مجتهدا * وذقت في نصره للضر ألوانا ورام تقريعك الرجس الدعي بما * قد كان لفقه زورا وبهتانا ألقمته بجوبا قاطع حجرا * وللجهول به أوضحت برهانا بذلت نفسك في مرضاة خالقها * حتى قضيت بسيف البغي ظمآنا (1) قال أبو مخنف: فبينا هو (يعني الحسين عليه السلام) جالس بالثعلبية، وإذا هو بالسواد قد ارتفع. فقال لاصحابه: ما هذا السواد ؟ فقال: انظروا ما هو. فمضى منهم رجل، فقال: يا مولاي، خيل مقبلة علينا. إنتهى. والثعلبية: من منازل طريق مكة إلى الكوفة بين شقوق والحزيمة. وقال الصدوق في أماليه: وبلغ عبيدالله بن زياد لعنه الله الخبر، وأن الحسين قد نزل الرهيمية فأسرى إليه الحر بن يزيد في الف فارس. إنتهى. وفي معجم البلدان ج 3 حرف الراء: الرهيمية - بالتصغير - ضيعة قرب الكوفة، بينها وبيني خفية ثلاثة أميال. وقال الشهيد الجلالي في حاشية القول السديد بشأن الحر الشهيد لجدي آية الله الخراساني ص 98: انها قرية صغيرة من ضواحي النجف. تقع غرب مدينة النجف الاشرف على طريق الحج البري، تبعد عن النجف 5 / 24 كم. وقال المفيد في الارشاد ص 223: ثم سار (يعني الحسين عليه السلام) من بطن العقبة حتى نزل شراف، فلما كان في السحر أمر فتيانه فاستقوا من الماء فأكثروا ثم سار منها حتى انتصف النهار. فبينا هو يسير إذ كبر رجل من أصحابه. فقال له الحسين عليه السلام: الله اكبر، لم كبرت... قالوا: نراه والله أذان الخيل... (فكان الحر واصحابه). شراف: منزل بعد بطن العقبة وقبل الرهيمية.
[ 149 ]
وأرسل عبيدالله بن زياد بعد ذلك عمر بن سعد بن أبي وقاص في عسكر جحفل، وعدة عتيدة. فوافى الحسين عليه السلام، وقد واقفه الحر بالطف من كربلاء، ولم يكن بينهما قتال. فقال لهم الحسين عليه السلام: ما تريدون منا ؟ قالوا: نريد قتلك. قال: ولم ؟ قالوا: لانك جئت لتفسد أهل هذا المصر - يعنون الكوفة - على أمير المؤمنين - يعنون يزيد لعنه الله. قال: ما جئت لذلك. قالوا: بلى قد صح عند أمير المؤمنين. قال: فأنا أنصرف إلى المدينة. قالوا: لا، والله لا ندعك لتنصرف. قال: فأنا أمضي إلى يزيد حتى أضع يدي في يده (1). قالوا: لا، إلا أن تسلم نفسك الينا، فنمضي بك إلى الامير - يعنون عبيدالله بن زياد - فيحكم فيك بحكمه. وعلى كل حال فان المذكور في كتب الاصحاب: أن الحسين لم تلتق مع الحر في كربلاء بل في طريق مكة إلى الكوفة وبالضبط في المنازل القريبة من الكوفة ثم اجبر على تغيير مسيره ورافقه الحر وأصحابه حتى نزل كربلاء. (1) هكذا في الاصل. وهذا الكلام عجيب بالنظر لما عرف عنه صلوات الله عليه. وقوله جوابا لقيس بن الاشعث حيث قال:... انزل على حكم بني عمك، فانهم لن يروك إلا ما تجب. فقال عليه السلام له: لا، والله لا اعطيهم بيدي اعطاء الذليل ولا اقر اقرار العبيد. وقوله ايضا: فإني لا أرى الموت إلا سعادة، والاحياة مع الظالمين إلا برما. كما سيذكره المؤلف لاحقا. وربما يكون جواب سيد الشهداء لهم بهذا الجواب حتى يوقفهم على مدى خباثتهم ولؤمهم.
[ 150 ]
فلما لم يجد عندهم غير ذلك. [ خطبة الحسين في أصحابه ] [ 1088 ] قام خطيبا في أصحابه. فحمد الله، وأثنى عليه، وصلى على محمد صلى الله عليه وآله، وذكر فضله وقرابته منه ومكانه. ثم قال: إنه قد نزل ما ترون من الامر، وإن الدنيا قد تغيرت وتنكرت، وأدبر معروفها، واستمرت وولت حتى لم يبق منها إلا صبابة كصبابة الاناء، وإلا خسيس عيش كالمرعى الوبيل. ألا ترون أن الحق لا يعمل به، وأن الباطل لا يتناهى عنه، فليرغب المؤمنون في لقاء الله عزوجل. فإني لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين الباغين إلا برما. [ ضبط الغريب ] قوله عليه السلام: لم يبق منها إلا صبابة كصبابة الاناء. فالصبابة: ما فضل في أسفل الاناء من الشراب، وجمعها صبابات. وقوله: كالمرعى الوبيل. الوبيل: الوخيم الذي لا يتمر به، يقال منه: استوبل القوم الارض: إذا أصابهم فيها وخم. وقوله: الحياة مع الظالمين [ الباغين ] إلا برما. يقال منه: برمت من كذا. وكذا إذا ضجرت منه: برما. ومنه التبرم من الشئ، وهو الضجر منه. البغي: الترفع والعلو ومجاوزة المقدار. * * *
[ 151 ]
[ لحوق الحر بالحسين ] ولما عرض عليهم الحسين عليه السلام ما عرضه وبذل لهم ما بذله وأبوا عليه قال الحر لعمر بن سعد (1): إنه والله لو سألنا مثل الذي سالنا الحسين الترك والديلم لما وسعنا قتالهم، فاقبلوا ذلك منه. قال عمر: وما كنت بالذي أقبله دون أمر الأمير - يعني عبيد الله بن زياد - (2). قال: وكتب بذلك إليه. فقال: الآن لما علقته أيدينا ندعه، لا والله إلا أن يأتي على حكمي، وأنفذ فيه ما رأيته. فكتب بذلك اليهما. فأما الحر بن يزيد، فضرب وجه فرسه حتى دخل في أصحاب الحسين عليه السلام، وصار في جملته (3). وأما عمر بن سعد اللعين فعبأ أصحابه، وتقدم إلى الحسين عليه السلام ليقاتله. (1) وهو عمر بن سعد بن أبي وقاص قاد جيش ابن زياد واشتبك مع أبي عبد الله عليه السلام في معركة أسفرت عن استشهاد الحسين عليه السلام بعد أن أبى الاستسلام. قتله المختار على فراشه - كما أخبره الحسين في كربلاء قبل الشهادة - سنة 66 ه بالكوفة. (2) عبيدالله بن زياد بن أبيه عامل الامويين في العراق صاحب مجزرة كربلاء. قتل في معركة الخازر في شمال العراق التي جرت بينه وبين إبراهيم بن مالك الاشتر قائد جيش المختار الثقفي سنة 67 ه (3) واستشهد تحت لوائه مع جمع من قومه ورثاه علي بن الحسين عليه السلام: لنعم الحر حر بني رياح * صبور عند مختلف الرماح ونعم الحر إذا نادى حسينا * فجاد بنفسه عند الصباح فيا ربي أضفه في جنان * وزوجه مع الحور الملاح وقيل: إن هذه الابيات للامام الحسين عليه السلام. راجع القول السديد لآيه الله الخراساني ص 146.
[ 152 ]
[ الحسين وأصحابه ] فقال الحسين عليه السلام لاصحابه: إن هؤلاء لا يطلبون منكم غيري، وأنا فلست اسلم إليهم نفسي أو يقتلوني، فمن شاء منكم فلينصرف عني محللا من ذلك. قالوا: وكيف ننصرف عن ابن رسول الله صلى الله عليه وآله، نقتل بين يديه بعد أن نبذل مجهودنا في عدوه، وفي دفعه عنه حتى نلقى الله عزوجل. [ مصرع علي بن الحسين ] وجعل أصحاب عمر بن سعد ينادونهم في الجواز إليهم حتى أنهم نادوا علي بن الحسين عليه السلام الاصغر. وكان أخوه علي الاكبر عليه السلام يومئذ عليلا لا يملك من نفسه شيئا. قالوا له: إن لك قرابة من أمير المؤمنين - يعنون يزيد اللعين - يريدون: أن ميمونة بنت أبي سفيان جدته لامه ام ليلى بنت مرة، وامها ميمونة بنت أبي سفيان (1). قالوا له: فإن شئت آمناك، وصرت إلى الدنيا. قال لهم علي عليه السلام: قرابة رسول الله صلى الله عليه وآله (1) هكذا يذكر المولف هنا وهو صحيح، ولكنه في الجزء الثالث عشر يقول: إنه وعبد الله بن الحسين وامهما: الرباب بنت امرء القيس بن جابر بن كعب. أما بالنسبة إلى اسم بنت أبي سفيان وهي رملة ام حبيبة وليس اسمها ميمونة لان ميمونة بنت الحارث. أما رملة، فكانت تحت عبيدالله بن جحش أسلمت مع زوجها، وهاجرت إلى الحبشة. وتوفي زوجها هناك بعد أن تنصر، وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله. توفيت 44 ه.
[ 153 ]
أحق أن ترعى. ثم حمل فيهم، وهو يقول شعرا: أنا علي بن الحسين بن علي * أنا وبيت الله أولى بالنبي اضربكم بالسيف أحمي عن أبي * تالله لا يحكم فينا ابن الدعي ضرب غلام هاشمي قرشي ] [ ابن الدعي ] يعني عبيدالله بن زياد اللعين. والتحم القتال، ولم يزل علي بن الحسين عليه السلام يحمل فيهم على فرسه، ويقتل منهم، ويرجع الي أبيه ويقول: يا أبة، العطش. وكانوا يومئذ قد منعوهم الفرات، وأجهدهم العطش. فيقول له الحسين عليه السلام: إصبر حبيبي فلعلك لا تمسي حتى يسقيك جدك رسول الله صلى الله عليه وآله. فلم يزل كذلك يحمل فيهم، ويقتل منهم حتى أصاب حلقه سهم رمي به. ويقال: بل حمل عليه مرة بن منقذ بن النعمان بن عبد القيس، فطعنه، فأنفذه. فأخذه الحسين عليه السلام، فضمه إليه، فجعل يقول له: يا أبة هذا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لي: عجل القدوم علينا (1). ولم يزل كذلك على صدره حتى مات. فلما نظر إليه عليه السلام ميتا قال: [ ولدي ] على الدنيا بعدك العفا. [ تحقيق في علي الاكبر ] واختلف القول فيهما. (1) وفي مقتل الخوارزمي 2 / 31: أبتاه هذا جدي رسول الله صلى الله عليه وآله قد سقاني بكأسه الاوفى شربة لا أظمأ بعدها أبدا وهو يقول لك العجل فان لك كأسا مذخورا.
[ 154 ]
فقيل: إن المقتول - كما ذكرنا - هو علي الاصغر، إنه قتل يومئذ وفي اذنه قرط. وان علي الاكبر هو الباقي يومئذ. وكان عليه السلام عليلا دنفا، وانه يومئذ ابن ثلاث وعشرين سنة. وكان معه ابنه محمد بن علي عليه السلام ابن سنتين. وانه كان وصي أبيه الحسين عليه السلام. وهذه الرواية هي الرواية الفاشية الغالبة. وقال آخرون: المقتول هو علي الاكبر وصي أبيه. فلما قتل عهد إلى علي الاصغر الذي هو لام ولد. فأما المقتول يومئذ فأمه [ ليلى ] بنت مرة بن عروة بن مسعود الثقفي. وعلي الباقي لام ولد فيما أجمعوا عليه (1). [ نعود إلى ذكر الحسين وأصحابه ] ولم يزل أصحاب الحسين رحمة الله عليهم أجمعين يقاتلون ويقتلون من أصحاب عمر بن سعد ويقتلون واحدا بعد واحد حتى قتلوا عن آخرهم (2) لكثرة عدوهم وقلتهم. وبقي الحسين عليه السلام وحده بنفسه، وامتنع أن يسلم نفسه إليهم ليحكموا فيه. وقيل: إنه لما عرض على من كان معه الانصراف وحل لهم من ذلك انصرف عامتهم (3)، فلم يبق معه إلا أقل من سبعين رجلا رضوا بالموت معه. (1) وسيعود المؤلف الكلام في هذا الموضوع في الجزء 13. (2) وقد ذكر المؤرخون أن بعضهم جرح وعولج وبرأ منهم الحسن بن الحسن بن علي (الحسن المثنى) وتولى صدقات علي عليه السلام. كما سيذكره في الجزء الثالث عشر. (3) اشارة إلى خطبته عليه السلام التي قال فيها: الا واني قد أذنت لكم، فانطلقوا جميعا في حل، ليس عليكم مني ذمام. وهذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا، وليأخذ كل واحد منكم بيد رجل من أهل
[ 155 ]
فقاتلوا حتى قتلوا عن آخرهم. وقيل: إنهم كانوا اثنين وسبعين (1) رجلا. فقتلوا عن آخرهم بعد أن قتلوا في المعركة من أصحاب عمر بن سعد ثمانية وثمانين رجلا غير من أدركته الجراحة بعد ذلك، فمات منها. [ مصرع أبي عبد الله عليه السلام ] وجرح الحسين صلوات الله عليه جراحات كثيرة. وثبت لهم [ و ] قد أوهنته الجراح، فأحجموا عنه مليا. ثم تعاوروه رميا بالنبل، وحمل عليه سنان بن أنس النخعي فطعنه، فأثبته، وأجهز خولى بن يزيد الاصبحي بن حمير، واحتز رأسه، وأتى عبيدالله بن زياد، فقال: إملا ركابي فضة وذهبا * إني قتلت السيد المحجبا قتلت خير الناس أما وأبا (2) وقتل صلوات الله عليه يوم عاشوراء سنة إحدى وستين. * * * بيتي. وتفرقوا في سواد هذا الليل وذروني وهؤلاء القوم فانهم لا يريدون غيري. (1) وعدهم الفضل بن الزبير الاسدي في تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام إلى مائة وسبعة رجلا. (2) وفي الصواعق المحرقة ص 117: إملا ركابي فضة وذهبا * فقد قتلت الملك المحجبا ومن يصلي القبلتين في الصبا * وخيرهم إذ يذكرون النسبا قتلت خير الناس أما وأبا فغضب ابن زياد من قوله، وقال: إذا علمت ذلك فلم قتلته ؟ والله لانلت مني خيرا ولالحقك به. ثم ضرب عنقه.
[ 156 ]
[ وقائع بعد الشهادة ] ولما قتل عليه السلام انتهبوا ما كان معه ومع أصحابه من الامتعة والاسلحة والمال والكراع. وساقوا من كان معهم من الحرم سبايا ومضوا بعلي بن الحسين الاكبر الباقي [ من ولده ] (1) وهو شديد العلة لا يعقل ما هو فيه (2). وقيل: إن ابنه محمد بن علي عليه السلام يومئذ كان مع الحرم ابن سنتين. [ 1089 ] وقال علي بن الحسين عليه السلام: فما فهمته وعقلته مع علتي وشدتها أنه أتي بي إلى عمر بن سعد. فلما رأى ما بي أعرض عني، فبقيت مطروحا لما بي. فأتاني رجل من أهل الشام، فاحتملني، فمضى بي وهو يبكي، وقال لي: يابن رسول الله، إني أخاف عليك فكن عندي. ومضى بي إلى رحله وأكرم نزلي، وكان كلما نظر الي يبكي. فكنت أقول في نفسي إن يكن عند أحد من هؤلاء خير فعند هذا الرجل. (1) هكذا صححناه وفي الاصل: الباقي وولده في هو شديد. (2) كيف وهو الامام بعد أبيه ؟
[ 157 ]
فلما صرنا إلى عبيدالله بن زياد سأل عني. فقيل: قد ترك. وطلبت، فلم أوجد. فنادى مناد: من وجد علي بن الحسين، فليأت به، وله ثلاثمائة درهم. فدخل علي الرجل الذي كنت عنده - وهو يبكي - وجعل يربط يدي إلى عنقي، ويقول: أخاف على نفسي يابن رسول الله إن سترتك عنهم أن يقتلوني. فدفعني إليهم مربوطا، وأخذ الثلاثمائة درهم وأنا انظر [ إليه ]. [ مجلس ابن الباغية ] ومضى بي إلى عبيدالله بن زياد اللعين فلما صرت بين يديه قال: من أنت ؟ قلت: أنا علي بن الحسين. قال: أو لم يقتل الله علي بن الحسين ؟ قلت: كان أخي، وقد قتله الناس. قال عبيدالله بن زياد: بل قتله الله. فقال علي عليه السلام: " الله يتوفى الانفس حين موتها والتي لم تمت في منامها " (1). فأمر عبيدالله بن زياد اللعين بقتل علي بن الحسين. فصاحت زينب بنت علي: [ يابن ] زياد حسبك من دمائنا، انا شدك الله إن قتلته إلا قتلتني معه. فتركني. (1) الزمر: 42.
[ 158 ]
[ أهل البيت في الشام ] ووجه بي الي يزيد لعنه الله مع سائر حرم الحسين عليه السلام وحرم من اصيب معه فلما صرنا بين يدي يزيد اللعين قام رجل من أهل الشام فقال: يا أمير المؤمنين نساؤهم لنا حلال. فقال علي بن الحسين عليه السلام: كذبت، إلا أن تخرج من ملة الاسلام، فتستحل ذلك بغير دين. فأطرق يزيد مليا، وأمر بالنسوة، فأدخلن إلى نسائه (1). ثم أمر برأس الحسين عليه السلام فرفع على سن قناة. فلما رأين ذلك نساؤه أعولن. فدخل - اللعين - يزيد على نسائه، فقال: ما لكن لا تبكين مع بنات عمكن. وأمرهن أن يعولن معهن تمردا على الله عزوجل واستهزاء بأولياء الله عليهم السلام. ثم قال: نفلق هاما من رجال أعزة * علينا وهم كانوا أعق وأظلما صبرنا وكان الصبر منا سجية * بأسيافنا يفرين هاما ومعصما (2) (1) روى المجلسي في بحار الانوار 45 / 140: عن الصدوق، عن ماجيلويه، عن عمه، عن الكوفي، عن نصر بن مزاحم، عن لوط بن يحيى، عن الحارث بن كعب، عن فاطمة بنت علي عليها السلام، قالت: ثم إن يزيد لعنه الله أمر بنساء الحسين فحبسن مع علي بن الحسين في محبس لا يكنهم من حر ولا قر حتى تقشرت وجوههم. (2) ورواه الخوارزمي في مقتله 2 / 56، هكذا. أبى قومنا أن ينصفونا فأنصفت * قواضب في ايماننا تقطر الدما
[ 159 ]
وجعل يستفره الطرب والسرور، والنسوة يبكين ويندبن، ونساؤه يعولن معهن، وهو يقول: شجي بكى شجوة فاجعا * قتيلا وباك على من قتل فلم أركا ليوم في مأثم * كان الظبا به والنفل [ ضبط الغريب ] الشجي: الهيم. والشجاء: الهم. قال الشاعر: ولقد شجتك هموم شجوها شاجي * فما ترى من تولى قصب أمواجي والنفل: المغنم. فشبه اللعين نساءه بالظبي، وجعل نساء الحسين عليه السلام مغنما. * * * ثم أمر يزيد اللعين برأس الحسين عليه السلام فطيف به في مدائن الشام وغيرها. وأمر باطلاق علي بن الحسين عليه السلام. وخيره بين المقام عنده، أو الانصراف. فاختار الانصراف إلى المدينة، فسرحه. ولما أمر اللعين بأن يطاف برأس الحسين عليه السلام في البلدان اتي به إلى المدينة، وعامله عليها يومئذ عمرو بن سعيد [ الاشدق ] (1). فسمع صياح النساء، فقال: ما هذا ؟ قيل: نساء بني هاشم يبكين لما رأين رأس الحسين. صبرنا وكان الصبر منا عزيمة * وأسيافنا يقطعن كفا ومعصما نفلق هاما من أناس أعزة * علينا وهم كانوا أعق وأظلما (1) عمرو بن سعيد بن العاص سمي الاشدق لفصاحته، ولي مكة والمدينة لمعاوية وابنه يزيد، عاضد مروان بن الحكم في طلب الخلافة فجعل له مروان ولاية العهد بعد ابنه عبد الملك، ولما ولي عبد الملك ساءت الامور بينهما إلى أن تمكن منه عبد الملك فقتله سنة 70 ه.
[ 160 ]
[ لؤم مروان ] وكان عنده مروان بن الحكم. فقال مروان اللعين متمثلا: عجت نساء بني زياد عجة * كعجيج نسوتنا غداة الا ذيب (1) عنى اللعين عجيج نساء بني عبد الشمس لمن قتل منهم يوم بدر. فأما ما أقاموه ظاهرا من أمر عثمان، فمروان اللعين فيمن ألب عليه وشمت بمصابه، وهو القائل: لما أتاه نعيه ذينه * من كسر ضلعا كسر جنبه ولكن دحول بني امية بدماء الجاهلية التي طلبوا بها رسول الله في عترته وأهل بيته. ولما قال ذلك مروان اللعين، قال عمرو بن سعيد - عامل المدينة يومئذ -: لوددت والله أن أمير المؤمنين لم يكن يبعث الينا برأس الحسين. فقال له مروان: اسكت لا أم لك، وقل كما قال الاول: ضربوا رأس شريز ضربة * اشتت أوتاد ملك فاستتر ثم أتى برأس الحسين إلى عمرو بن سعيد، فأعرض بوجهه عنه واستعظم أمره (2). (1) وفي أنساب الاشراف 3 / 217: عجت نساء بني زبيد عجة * كعجيج نسوتنا غداة الارنب (2) وفي كشف الغمة 2 / 68: عمن أخبر عمرو بن سعيد بقتل الاحسين عليه السلام قال: فدخلت عليه فلما رآني تبسم الي ضاحكا ثم أنشأ متمثلا بقول عمرو بن معدي كرب: عجت نساء... الخ. ثم قال عمرو: هذه واعية بواعية عثمان. ثم صعد المنبر فأعلم الناس بقتل الحسين ودعا ليزيد بن معاوية، ونزل.
[ 161 ]
فقال مروان اللعين لحامل الرأس: هاته. فدفعه إليه، فأخذه بيده، وقال: يا حبذا بردك في اليدين * ولونك الاحمر في الخدين وهذه العداوة المحضة الاصيلة، وطلب القديم من ثار الجاهلية، لم يستطع مروان اللعين أن يخفيه، وبعثه السرور بقتل الحسين صلوات الله عليه، على أن أخذه بيده، وقال ما قاله. وقد كان علي عليه السلام أسره يوم الجمل، فمن عليه وأطلقه، فما راعى ذلك ولا حفظه بل قد شاور معاوية اللعين في نبش قبر علي صلوات الله عليه لما غلب على الامر، فتمثل بقول الاول: أجنوا أخاهم في الحفير ووسدوا * أخاهم وألقوا عامرا لم يوسد يحرضه بذلك على نبش قبر علي عليه السلام، ويذكره قتلى بدر من بني عبدالشمس، ومن قتل منهم على الكفر غير موسد ولا مدفون. فأما عثمان لو كان أراده، فقد كان عثمان، فهذا ما لا ستر عليه ولا خفاء به من تنكله ذحول الجاهلية. ثم استشار معاوية في نبش قبر علي عليه السلام عبد الله بن عامر بن كريز (1). فقال: ما احب أن تعلم مكان قبره، ولا أن تسأل عنه، ولا احب أن تكون هذه العقوبة بيننا وبين قومنا. فقبل معاوية من عبد الله ما أشار به عليه، وأعرض عن رأي مروان اللعين فيما أشار به من نبش قبر علي عليه السلام الذي استحباه ومن عليه، وأطلقه من (1) وأظنه عبد الله بن عامر القرشي ولد بمكة، اشترك في فتوح فارس وحاز أموالا كثيرة، ولاه عثمان البصرة، التزم جانب عائشة مخالفة لعلي، ولاه معاوية البصرة مرة ثانية، ثم صرفه عنها، فأقام بالمدينة. توفي في مكة 59 ه.
[ 162 ]
الاسر، ولكن غلب على اللعين الحقد على رسول الله صلى الله عليه وآله لما قتل من أهل بيته على الكفر بالله والشرك به ولعنه إياه، ولان عليا عليه السلام أتى به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله لما أراد نفيه يقوده باذنه. وقد ذكرنا فيما تقدم (1) خبره في ذلك وما كان منه. * * * (1) راجع الحديث 599.
[ 163 ]
نعود إلى ذكر شئ من مصرع الحسين والوقائع بعد الشهادة [ 1090 ] الزبير بن بكار، باسناده، عن المدايني، قال: لما قتل حول الحسين عليه السلام جمع من كان معه، وبقي الحسين عليه السلام عامة النهار لا يتقدم عليه أحد إلا انصرف عنه، وكره أن يتولى قتله حتى حمل رجل من كندة يقال له مالك بن بشير، فضربه على رأسه، وعلى رأسه برنس، فقطع برنسه ووصل السيف إلى رأسه، فأدماه. فقال له الحسين عليه السلام: لا أكلت بيمينك ولا شربت بها، وحشرك الله مع الظالمين. ورمى الحسين عليه السلام بالبرنس (1)، ولبس قلنسوة، واعتم عليها، وتنحى فقصر. وأقبل الشمر بن ذي الجوشن لعنه الله، فترك الحسين عليه السلام ومضى إلى رحله فيمن تبعه، فمشى إليهم الحسين بن علي صلوات الله عليه. فحالوا بينه وبين رحله، وأقدموا عليه وأحاطوا به فقاتل صلوات الله عليه الرجالة حتى انكشفوا عنه بعد أن قتل منهم جماعة. ثم تصايح آخرون، فأحاطوا به. [ 1091 ] قال عبد الله بن عمارة بن عبد يغوث: ما رأيت [ مكثورا ] قط (1) ثوب يكون غطاء الراس جزء منه متصلا به.
[ 164 ]
أربط جأشا من الحسين عليه السلام (1) قتل ولده وجميع أصحابه حوله، وأحاطت الكتائب به، فوالله لكان يشد عليهم، فينكشفوا عنه انكشاف المعز شد عليها الاسد. فمكث مليا من النهار والناس يدافعون، ويكرهون الاقدام عليه. فصاح بهم (2) شمر بن ذي الجوشن لعنه الله (3): ثكلتكم امكم، ما تنظرون بالرجل ؟ فاقدموا عليه. وكان أول من انتهى إليه زرعة بن شريك التميمي، فضرب كفه اليسرى، فضرب الحسين صلوات الله عليه، فطعنه، فسقط، وقد أثبته الجراح. فقال الخولى بن يزيد: احتز رأسه، فأكب عليه، فارعد. فقال له سنان بن مالك: أبان الله يدك. فنزل فاحتز رأسه. ابن أبي أيسر، عن أبيه، عن جعفر بن محمد عليه السلام، أنه قال: وجد في الحسين عليه السلام بعد أن قتل ثلاث وثلاثين طعنة، وأربعا وأربعين ضربة ورمية. [ 1093 ] الزبير بن بكار، باسناده، عن الشعبي، أنه قال: وجد في الحسين عليه السلام بعد أن قتل مائة خرق وبضعة عشر خرقا من السهام، وآثار الطعن والضرب بالسيوف. (1) وفي تاريخ الامم 4 / 345: فوالله ما رأيت مكثورا قط قد قتل ولده وأهل بيته واصحابه أربط جأشا ولا أمضى جنبا منه. (2) هكذا صححناه، وفي الاصل: فصاح بينهم. (3) أبو السابغة شمر بن شرحبيل بن قرط الضبابي الكلابي قتله أبو عمرة من أصحاب المختار قرب قرية الكلنانية بخوزستان سنة 66 ه.
[ 165 ]
[ 1094 ] وبآخر، عن أبي مخنف، أنه قال: أخذ بحر بن كعب سراويل الحسين عليه السلام فكانت يداه تقطران في الشتاء دما فإذا أصاف يبستا، فكانتا كالعود اليابس. وأخذ قطيفته كانت معه قيس بن الاشعث، وكان يقال له: قيس قطيفة. وأخذ برنسه مالك بن بشير الكندي - وكان من خز - فأتى به إلى أهله. وقالت امراته ام عبد الله بنت الحارث -: أسلب الحسين تدخله بيتي، أخرجه والله لا دخل بيتنا أبدا. فلم يزل فقيرا محتاجا حتى هلك (1). [ 1095 ] عبد الله بن الجبار بن العلى، عن سفيان بن عيينة، أنه قال: سمعت جدتي تقول: كنت أيام قتل الحسين عليه السلام جويرية، فذهبت أنظر إلى إبل الحسين عليه السلام لما أخذوها، فنحروها، فكنا ننظر إلى لحمها كانت الجمر. [ 1096 ] يزيد بن هارون الواسطي، عن امه، عن جدتها، قالت: إننا اوتينا بلحم جزور من إبل الحسين بن علي عليه السلام، فوضعته تحت سريري، وذهبت أنظر فإذا هو يتوقد نارا. [ 1097 ] محمد بن الزبير، باسناده، عن [ زيد ] (2) بن أبي الزناد، أنه قال: كنت ابن أربع عشر سنة حين قتل الحسين صلوات الله عليه، (1) وفي مقتل الخوارزمي 2 / 34: وتدخل بيتي اخرج عني حشا الله قبرك نارا. وذكر أصحابه، أنه يبست يداه ولم يزل فقيرا بأسوأ حال إلى أن مات. (2) هكذا صححناه وفي الاصل: يزيد.
[ 166 ]
فرأينا السماء تقطر دما، وصار الورس (1) رمادا. [ 1098 ] محمد بن [ الحكم ] (2)، باسناده، عن بشار بن الحكم، عن امه، أنها قالت: انتهب الناس ورسا من عسكر الحسين عليه السلام، فما استعملته امرأة إلا برصت. [ 1099 ] اسامة بن سمير، باسناده عن ام سالم (3)، أنها قالت: لما قتل الحسين بن علي عليه السلام مطرت السماء مطرا كالدم احمرت منه البيوت والحيطان، فبلغ ذلك البصرة والكوفة والشام وخراسان حتى كنا لا نشك أنه سينزل العذاب. [ 1100 ] محمد بن يوسف، باسناده، عن حماد بن سلمة، أنه قال: مطر الناس ليالي قتل الحسين عليه السلام دما. [ 1101 ] محمد بن مخلد، باسناده، عن عمرو بن زياد، أنه قال: أصبحت جبانا (4) يوم قتل الحسين عليه السلام ملآنة دما. [ 1102 ] محمد بن يوسف، باسناده، عن نصرة (5) الازدية، أنها قالت: لما قتل الحسين بن علي عليه السلام مطرت السماء دما، وأصبح كل شئ لنا ملآنا دما. [ 1103 ] سليمان بن شبيب، باسناده، عن محمد بن بشير (6)، أنه قال: لم (1) الورس: نبات السمسم. وفي مقتل الخوارزمي 2 / 91: وصار الورس الذي في عسكره رمادا. (2) هكذا صححناه وفي الاصل: حاكم. وفي بحار الانوار 45 / 300: محمد بن الحكم عن امه... الخبر. (3) هكذا صححناه وفي الاصل: ام سلمة. (4) هكذا صححناه وفي الاصل: جناننا. وجياب جمع جب وهو البئر. (5) هكذا صححناه وفي الاصل: قصره. (6) هكذا في الاصل وأظنه: محمد بن سيرين.
[ 167 ]
تر هذه الحمرة [ التي ] في افق السماء حتى قتل الحسين عليه السلام. [ 1104 ] محمد بن مخلد، باسناده، عن الاسود بن قيس، أنه قال: كنت ليالي مقتل الحسين عليه السلام ابن عشرين سنة، فارتفعت حمرة من قبل المشرق وحمرة من قبل المغرب، فكادتا تلتقيان في كبد السماء ستة أشهر. [ 1105 ] عن مقاتل، قال: سمعت أبا بكر بن عباس يقول: رأيت في منامي النبي صلى الله عليه وآله وابراهيم الخليل عليه السلام يصليان على قبر الحسين عليه السلام. [ 1106 ] الحسن بن داود، باسناده، عن ام سلمة - زوج النبي صلى الله عليه وآله أنها قالت: رأيت النبي صلى الله عليه وآله - في منامي - يبكي، فقلت: يا رسول الله ما يبكيك ؟ قال: قتل ابني الحسين. فلما اصبحت جاءنا نعيه. [ 1107 ] الحسن بن محمد، باسناده، عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه - وآله أنها أصبحت ذات يوم، فقالت لخادمها: لا أرى ابني الحسين إلا وقتل. ما سمعت نوح الجن مذ قبض رسول الله صلى الله عليه وآله إلا البارحة، فإني سمعتهم يقولون: ألا يا عين جودي لي بجهد (1) * ومن يبكي على الشهداء بعدي على رهط تقودهم المنايا * إلى متجبر في ملك [ عبد ] [ 1108 ] عبد الله بن مسلم المتلالي، عن أبيه، عن جده، أنه قال: سمعت نوح الجن على قتل الحسين عليه السلام يقولون: (1) وفي مجمع الزوائد 9 / 199: ألا يا عين فاحتفلي بجهدي.
[ 168 ]
ابك ابن فاطمة الذي * من موته شاب الشعر ولقتله زلزلتم * ولقتله كسف القمر (1) [ 1109 ] داود بن قاسم، عن هشام، أنه قال: سمعت أبا جرثومة الكلبي قال: لما قتل الحسين عليه السلام سمعت مناد يا ينادي من جبانة - يعني المقبرة - أيها القوم القاتلون جهلا حسينا * ابشروا بالعذاب والتنكيل كل من في السماء يدعو عليكم * من نبي وحافظ ورسول قد لعنتم على لسان ابن داود * وموسى وصاحب الانجيل [ 1110 ] محمد بن ميمون، باسناده، عن عبد الله بن عباس، أنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله - في النوم - أشعث أغبر، ومعه قارورة فيها دم. فقال لي: لم أزل منذ الليل ألتقط دم الحسين وأصحابه. وكان ذلك يوم قتل الحسين عليه السلام. [ 1111 ] إبراهيم بن محمد، باسناده، عن محمد بن الحنفية، أنه قال: قتل منا مع الحسين بن علي عليه السلام تسعة عشر شابا (2) كلهم ارتكض في جوف فاطمة عليها السلام. [ 1112 ] محمد بن إبراهيم التميمي، باسناده، عن عبد الله بن عباس، أنه قال: أوحى الله إلى نبيه محمد صلى الله عليه وآله: إني قتلت بدم يحيى بن زكريا سبعين الفا، واني اقتل بدم الحسين بن علي (3) سبعين الفا وسبعين الفا. [ 1113 ] عبد الله بن زواق، قال: سمعت رجلا من الانصار يحدث معمرا، (1) وفي بحار الانوار 45 / 236: (من قتله) بدلا (من موته). وكذلك فيه (خسف القمر) بدلا من (كسف القمر). (2) وفي كشف الغمة 2 / 56 وطبقات ابن سعد: لقد قتلوا سبعة عشر إنسانا. (3) وفي مستدرك الصحيحين 2 / 290: وإني قاتل على دم ابن بنتك.
[ 169 ]
قال: لما كان اليوم الذي قتل فيه الحسين بن علي عليه السلام (من رجل في بعض الليل في منى، فسمع) (1) صوتا على كبكب، كأنه صوت امرأة تنوح: ابك ابكي حسينا أيما. فأجابتها اخرى من ثبير تقول: (ابك ابكي ابن الرسول أيما) قال الرجل: فكتبت تلك الليلة فإذا هي الليلة التي تتلو اليوم الذي قتل الحسين عليه السلام. [ ضبط الغريب ] فيه: كبكب: جبل مما يلي المسجد من منى. وثبير: جبل أيضا هناك يقابله. وقولهما: أيما. كلمة تستعملها نوائح العرب إذا ذكرت من تنوح عليه، قلت: أيما يردن، أيما رجل كان. وهي كلمة تستعمل في المدح، يقولون: فلان أيما فلان. وقد يسقطون الياء فيقولون فلان ما فلان. وفي الحديث عن ام زرع، أنها قالت: زوجي ما أبو زرع. تمدحه. [ 1114 ] عبد الرزاق، قال: قلت لمعمر: أخبرني أبي، أنه قال: ما نجى أحد ممن قتل الحسين عليه السلام من القتل فمات حتى رمي بداء في جسده. فقال، صدقت قد سمعت هذا الحديث من غير واحد. [ 1115 ] محمد بن معين الاصباغي، عن أبي معمر، قال: أخبرني من (1) كذا في الاصل.
[ 170 ]
أدرك مقتل الحسين عليه السلام: مكثت السماء بعد مقتله شهرا حمراء. [ 1116 ] محمد بن حميد الاصباغي، باسناده، عن يوسف بن شهيب، عن حبيب بن بشار، قال: لما اصيب الحسين عليه السلام قام زيد بن أرقم (1) على باب المسجد فقال: أفعلتموها، قتلتموه، أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول للحسن والحسين عليهما السلام: اللهم أستودعكما وصالح المؤمنين. [ 1117 ] خالد بن يزيد، عن حزام بن عثمان قال: جئ برأس الحسين عليه السلام إلى عبيدالله بن زياد وعنده زيد بن أرقم، فجعل ينكث ثناياه بقضيب بيده، ويقول: ما أحسن ثغر أبي عبد الله. وكان قد أجلس زيد بن أرقم معه على السرير. فقال: نح قضيبك، أتضعه موضعا طالما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله يلثمه. فقال له عبيدالله: إنك قد خرفت. فوثب زيد بن أرقم عن السرير ولصق بالارض، وقال: أشهد لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله والحسن عليه السلام على فخذه اليمنى ويده اليمنى على رأسه، والحسين عليه السلام على فخذه اليسرى، ويده اليسرى على رأسه. وهو يقول: اللهم إني أستودعكهما، وصالح المؤمنين. وكيف كان حفظك لوديعة رسول الله صلى الله عليه وآله إن كنت مؤمنا. [ 1118 ] أبو نعيم، باسناده، عن الربيع بن خثيم، أنه لما انتهى إليه مقتل (1) الصحابي المعروف المتوفى 66 ه.
[ 171 ]
الحسين عليه السلام وأصحابه قال: لقد قتلوا فتية لو أدركهم رسول الله صلى الله عليه وآله لاقعدهم في حجره، ووضع فمه على أفواههم (1). [ 1119 ] أبو نعيم، باسناده، عن ام سلمة، أنها لما بلغها مقتل الحسين عليه السلام ضربت قبة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله جلست فيها ولبست سوادا. [ 1120 ] سلمان بن محمد بن أبي فاطمة، باسناده، عن جوير بن سعيد، قال: أمسى رجل من الحي صحيحا وأصبح أعمى، فمررت ببابه بكرة، والناس يسألون: ما الذي أصابك ؟ فقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله في منامي وبين يديه طشت وبيده سكين، وهو يقول: ائتوني بقتلة الحسين. ولا يؤتى بأحد الا ذبحه في ذلك الطشت، وذهب بي إليه. فقال لي: ما أنت ممن قتل الحسين ؟ فقلت: يا رسول الله شهدته والله، ما رميت بسهم، ولا طعنت برمح، ولا ضربت بسيف. فقال لي: لا والله، ولكنك سودت وكثرت (2). ثم أخذ من ذلك الدم بإصبعيه، فأهوى به إلى عيني، فأصبحت كما ترون. [ 1121 ] سليمان بن أبي فاطمة، باسناده، عن الصلت بن الوليد، قال: تذاكرنا يوما ونحن في مجلس، أنه لم يفلت ممن شرك في قتل الحسين (1) وفي طبقات ابن سعد - مخطوط -: فمه على افمامهم. (2) وفي مقتل الخوارزمي 2 / 104: ولكنك كثرت السواد.
[ 172 ]
عليه السلام أحد إلا قتل أو أصابته عقوبة. فقال رجل - ممن كان في المجس -: قد شهدت قتل الحسين وما أصابني شئ أكرهه إلى اليوم. فما قام من المجلس حتى مر غلام بيده مجمرة فيها [ النار ] فطارت منها شرارة، فتعلقت بثياب الرجل، وهبت ريح، فأضرمتها نار، فاحترقت، ومات مكانه. [ 1122 ] سفيان، باسناده، عن الربيع بن خثيم، أنه لما انتهى إليه قتل الحسين عليه السلام فتح بابه، وقد اجتمع الناس إليه، فقالوا: قتلوا الحسين ابن رسول الله. ثم رفع طرفه إلى السماء. فقال: اللهم عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما يختلفون (1). ثم دخل فأغلق بابه فما خرج بعد ذلك. (1) وفي طبقات ابن سعد - مخطوط -: تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون. المراثي قال عقبة بن عميق السهمي: مررت على قبر الحسين بكربلا * ففاض عليه من دموعي غزيرها وما زلت أبكيه وارثي لشجوه * ويسعد عيني دمعها وزفيرها وبكيت من بعد الحسين عصائبا * أطافت به من جانبيه قبورها إذا العين قرت في احياء وأنتم * تخافون في الدنيا فاظلم نورها سلام على أهل القبور بكربلا * وقل لها مني سلام يزورها سلام بآصال العشي وبالضحى * توديه نكباء الرياح ومورها ولا برح الوفاد زوار قبره * يفوح عليهم مسكها وعبيرها وقال كميت بن زيد الاسدي: أضحكني الدهر وأبكاني * والدهر ذو صرف وألوان لتسعة بالطف قد غودروا * فيها جميعا رهن أكفان وستة لا يتمارى بهم * بنو عقبل خير فرسان
[ 173 ]
[ 1123 ] علي بن صلت، قال: جاء رجل إلى السدي، فقال له: إني كنت وابن علي الخير مولاهم * فذكرهم هيج أشجاني وقال دعبل الخزاعي: بكيت لرسم الدار من عرفات * وأذريت دمع العين بالعبرات أبان عرى صبي وهاجت صبابتي * رسوم ديار قد عفت بشتات مدارس آيات خلت من تلاوة * ومنزل وحي مقفر العرصات لآل رسول الله بالخيف من منى * وبالبيت والتعريف والجمرات ديار علي والحسين وجعفر * وحمزة والسجاد ذي الثفات... إلى قوله... أفاطم لو خلت الحسين مجدلا * وقد مات عطشانا بشط فرات اذن للطمت الخد فاطم عنده * وأجريت دمع العين في الوجنات أفاطم قومي يا ابنة الخير واندبي * نجوم سماوات بأرض فلاة وقوله أيضا: يا امة قتلت حسينا عنوة * لم ترع حق الله فيه فتهتدي قتلوه يوم الطف طعنا بالقنا * سلبا ومبرا بالحسام المقصد ولطالما ناداهم بكلامه * جدي النبي خصيمكم في الموعد يا قوم إن الماء يلمع بينكم * واسوت ظمآن الحشى يتوقد قد شفني عطشي وأقلقني الذي * أنا فيه من ثقل الحديد المجهد فأتاه سهم من يد مشومة * من قوس ملعون خبيث المولد يا عين جودي بالدموع واهملي * وابكي الحسين السيد ابن السيد وقال السيد الرضي ره: شغل الدموع عن الديار بكاؤها * لبكاء فاطمة على أولادها والهفتاه لعصبة علوية * تبعت امية بعد عز قيادها الله سابقكم إلى أرواحها * وكسبتم الآثام في أجسادها إن قوضت تلك القباب فانما * خرت عماد الدين قبل عمادها في صفوة الله التي أوحى لها * وقضى أوامره إلى أمجادها يروي مناقب فضلها أعداؤها * أبدا ويسندها إلى أضدادها يا غيرة الله اغضبي لنبيه * وتزحزحي بالبيض عن أغمادها من عصبة ضاعت دماء محمد * وفيه بين يزيدها وزيادها
[ 174 ]
من شهد قتل الحسين عليه السلام وما طعنت برمح ولا ضربت بسيف، فرأيت في المنام، كأن القيامة قد قامت وكان الناس قد حشروا، فمررت برسول الله صلى الله عليه وآله، فقال لي: أشهدت حسينا ؟ قلت: نعم، والله ما ضربت بسيف ولا طعنت برمح. فبخص بإصبعه في عيني، فأصبحت أعمى. فقال له السدي: فترد من الماء البارد. [ 1124 ] امرأة كعب، قالت: قيل له: قتل الحسين بن علي عليه السلام. قال: لا والله ما قتل ولو قتل نهارا لما أمسيتم حتى تروا لذلك علامة ولو قتل ليلا اصبحتم حتى تروا لذلك علامة. قالت: فلما أمسوا احمر افق المساء. فقال: ألا إنه قتل الحسين بن علي عليه السلام بكت السماء عليه كما بكت على يحيى بن زكريا. تم الجزء الثاني عشر من كتاب شرح الاخبار في فضائل الائمة الاطهار، ما أضاء الليل واضاء النهار. * * * صفدات مال الله ملء أكفها * واكف آل الله في أصفادها ضربوا بسيف محمد أبناءه * ضرب الغرائب عدن بعد ذبادها يا يوم عاشوراء كم لك لوعة * تترقص الاحشاء من أبقادها (*)
[ 175 ]
شرح الاخبار في فضائل الائمة الاطهار للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي المتوفى سنة 363 ه. ق الجزء الثالث عشر
[ 176 ]
...
[ 177 ]
بسم الله الرحمن الرحيم (ذكر من قتل مع الحسين صلوات الله عليه من أهل بيته) [ أولاد الحسين عليه السلام ] قتل مع الحسين بن علي صلوات الله عليه يوم قتل، ابنه علي بن الحسين (1). وقد ذكرنا خبره فيما مضى. قتله: مرة بن منقذ بن النعمان [ العبدي ]. وعبد الله بن الحسين (2). وامهما الرباب بنت امرئ القيس بن جابر بن كعب بن عليم من كلب. وكانت ام سكينة بنت الحسين ايضا. وكان يحبها، وهو يقول فيها هذا البيت: لعمرك انني لاحب دارا * تحل بها سكينة والرباب (3) (1) وكان له من العمر سبع وعشرين سنة (وقيل: إنه كان متزوجا وله ولد) وهو أول من قتل من بني هاشم في كربلاء. امه: ليلي بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي. كنيته: أبو الحسن. (ورد اسمه في الزيارة الرجبية المنقولة في بحار الانوار 101 / 341. وذكره المفيد في الارشاد، وابن الاثير في تاريخه 4 / 293، والخوارزمي في المقتل 2 / 47، وفي نسب قريش ص 57، وأدب الطف 1 / 273 وأنساب الاشراف 3 / 200). (2) هكذا في النسختين، ولا يخفى أن ام علي بن الحسين هي ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي، فلاحظ. (3) وذكر الاصفهاني في الاغاني 14 / 163 وابن الجوزي في تذكرة الخواص ص 265: لعمرك إنني لاحب دارا * تكون بها سكينة والرباب
[ 178 ]
وكان عبد الله يومئذ صغيرا، وكان في حجر أبيه الحسين عليه السلام، فجاءه سهم فذبحه (1). رماه به هاني (2) بن ثبيت (3) الحضرمي (4) وقتل معه يومئذ: أبو بكر بن الحسين عليه السلام. رمي أيضا بسهم، فأصابه، فمات منه. والذي رماه حرملة الكاهلي. وهو لام ولد (5). أحبهما وأبذل جل مالي * وليس لعاتب عندي عتاب والرباب بنت امرئ القيس هي من خيار النساء وأفضلهن ادبا وجمالا وعقلا. أسلم أبوها في خلافة عمر وكان نصرانيا من عرب الشام، فما صلى صلاة حتى ولاه عمر على من أسلم من قضاعة، وما أمسى حتى خطب إليه أمير المؤمنين عليه السلام ابنته الرباب على ابنه الحسين. فزوجه إياها. وجاء بها الحسين عليه السلام مع حرمه إلى الطف، وقتل ولدها وهي تنظر إليه. (ابن الاثير في الكامل 4 / 45). ورثت الحسين عليه السلام في الشام بعد أن أخذت رأسه وقبلته ووضعته في حجرها، وهي تقول: واحسينا فلا نسيت حسينا * أقصدته أسنة الاعداء غادروه بكربلاء صريعا * لاسقى الله جانبي كربلاء (تاريخ الفرماني ص 4) ولما رجعت إلى المدينة أقامت فيها لا تهدأ ليلا ولا نهارا من البكاء على الحسين ولم تستظل تحت سقف حتى ماتت بعد قتله كمدا سنة 62 ه. وفي تذكرة الخواص ص 148: إن رجلا من بعض الاشراف خطبها، فأبت وقالت: ما كنت لاتخذ حما بعد رسول الله صلى الله عليه وآله. وذكره أيضا ابن الاثير في الكامل 4 / 36. (1) قال الباقر عليه السلام: فلم يسقط من ذلك الدم قطرة إلى الارض (اللهوف ص 54). (2) هكذا في نسخة - ز - وفي الاصل: بهاني. (3) هكذا صححناه وفي الاصل: ابن بنت. (4) قال الخوارزمي في مقتله 2 / 47 والاصفهاني في مقاتل الطالبيين ص 59: رماه عقبة بن بشر، فذبحه. (5) ذكره الاصفهاني في مقاتل الطالبيين ص 57: ولم يذكر قاتله. وذكر ابن الاثير في الكامل 4 / 75: إن عبد الله بن الغنوي رمى أبا بكر بن الحسين بن علي. وقال الخوارزمي في مقتله 2 / 47: إنه
[ 179 ]
[ القاسم بن الحسن ] قال حميد بن مسلم: وقتل معه يومئذ القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب. قتله عمرو بن سعيد بن عمرو بن نفيل الازدي (1)، وهو لام ولد. قال حميد بن مسلم: رأيت القاسم بن [ ال ] حسن بن علي يوم الطف، وقد خرج الينا، وهو غلام كأن وجهه شقة قمر (2)، عليه قميص ونعلان (3)، قد انقطع شسع نعله اليسرى. فقال لي عمر [ و ] بن سعيد بن عمر [ و ] بن نفيل [ الازدي ] - وهو إلى أبو بكر بن الحسن، وهو الذي ارتجز في الميدان: شيخي علي ذوالفخار الاطول... إلى آخر الابيات. وقال ابن الاثير في الكامل 4 / 92: إنه ابن الحسن عليه السلام، وامه ام ولد، قتله حرملة بن كاهل. وذكر في الزيارة الرجبية المنقولة في البحار 101 / 341. وفي الارشاد وتاريخي الطبري والمسعودي أيضا. وذكر ذلك في مقاتل الطالبيين ص 86 وأضاف: إنه قتل أيضا في كربلاء أبو بكر بن علي، وامه ليلى بنت مسعود بن خالد. ونقل عن الباقر عليه السلام: أن رجلا من همدان قتله. وجاء في المناقب 2 / 107. وبرز إلى الميدان أبو بكر بن علي، وهو يرتجز: شيخي علي ذو الفقار الاطول * من هاشم الخير الكرام المفضل هذا الحسين ابن النبي المرسل * عنه نحامي بالحسان المصقل أفديه نفسي عن أخ مبجل وقال الطبري في ذخائر العقبى ص 117: إن امه ليلى بنت مسعود بن خالد النهشلي، وهي التي تزوجها عبد الله بن جعفر خلف عليها بعد عمه، وولدت له أولادا. ويظهر من جميع ما ذكرنا، أن ثلاثة كناهم: أبو بكر استشهدوا في كربلاء، وهم: 1 - أبو بكر بن علي. 2 - أبو بكر بن الحسن. 3 - أبو بكر بن الحسين. (1) قاله ابن الاثير في الكامل 4 / 75 والاصفهاني في مقاتل الطالبيين ص 88. وقال الطبري: قتله سعد بن عمرو بن نفيل الازدي. (2) دخل المعركة وهو يترجز ويقول: إني أنا القاسم من نسل علي * نحن وبيت الله أولى بالنبي من شمر ذي الجوشن وابن الدعي [ المناقب 4 / 106) (3) وفي نسخة ز: نعلاه.
[ 180 ]
جانبي -: والله لاقتلنه. قلت: وما تريد من قتل هذا ؟ فلم يلتفت الي، وحمل عليه، فضربه، فصرعه، فنادى: يا عماه. فصار (1) الحسين إليه، فضربه بالسيف. فاتقاه [ عمرو ] بيده، فأبانها من المرفق، وأدبر. وحملت عليه خيل الكوفة ليحملوه. فحمل عليهم الحسين عليه السلام، فنكصوا عليه، ووطأوه، فقتلوه. ووقف الحسين عليه السلام على الغلام، وقد مات فعلا (2)، فقال: عز على عمك أن تدعوه فلا يجيبك، أو يجيبك فلا [ ينفعك ]، وويل لقوم قتلوك، ومن خصمهم (3) فيك يوم القيامة (4) [ جدك وأبوك ]. ثم أمر به فاحتمل (5) فكأني أنظر إليه ورجلاه تخطان في الارض، حتى وضع مع علي بن الحسين عليه السلام. وسمعتهم يقولون: هذا القاسم بن الحسن بن علي عليه السلام. [ عبد الله بن الحسن ] وقتل معه يومئذ عبد الله بن [ الحسن ] (6) عليه السلام، لام ولد، وكان الحسين (1) هكذا في نسخه - ز - وفي الاصل: فثار. (2) وفي الخوارزمي 2 / 28 والطبري 6 / 256 والكامل 4 / 33 واللهوف ص 50: وهو يفحص برجليه. (3) هكذا صححناه وفي الاصل ونسخة ز: خصهم. (4) وفي الارشاد ص 268، والبداية 8 / 186: لن الحسين قال: بعدا لقوم قتلوك ومن خصمهم يوم القيامة فيك جدك، عز والله على عمك أن تدعوه فلا يجيبك أو يجيبك فلا ينفعك، صوت والله هذا يوم كثر واتره وقل ناصره. (5) ثم احتمله على صدره حتى ألقاه مع ابنه علي ومن قتل معه من أهل بيته (الطبري 5 / 447، الخوارزمي في مقتله 2 / 47، الكامل 4 / 75، البستان الجامع ص 35). (6) وهو عبد الله بن الحسن الاكبر، قال الطبري في تاريخه 6 / 269 وهو المكنى بأبي بكر. امه: ام ولد، يقال لها: رملة (الدر النظيم ص 170، حياة الامام الحسن 2 / 462).
[ 181 ]
عليه السلام قد زوجه ابنته سكينة (1). فقتل يومئذ قبل أن يبتني بها (2). قال الخوارزمي في مقتله 2 / 29: دخل الميدان مرتجزا: إن تنكروني فأنا ابن حيدره * ضرغام آجام وليث قسوره على الاعادي مثل ريح صرصره * اكيلكم بالسيف كيل السندره وقال ابن شهر آشوب في المناقب 4 / 106: إنه كان يرتجز: إن تنكروني فأنا فرع الحسن * سبط النبي المصطفى والمؤتمن هذا الحسين كالاسير المرتهن * بين اناس لا سقوا صوب المزن أما عبد الله بن الحسن الاصغر: فامه: بنت الشليل بن عبد الله البجلي. خرج من عند النساء وهو غلام في الحادية عشر من عمره فشد حتى وقف إلى جنب عمه الحسين. فلحقته زينب لتحبسه، فأبى، وقد أحاطت الاعداء به. وجاء أبحر بن كعب هاويا بالسيف على الحسين. فصاح الغلام: يابن الخبيثة، أتقتل عمي ؟ فعدل إلى الغلام، فتلقاه بيده، فأطنها إلى الجلد. فصاح الغلام: يا عم، قطعوا يدي. فقال له الحسين: يابن أخي اصبر على ما نزل بك واحتسب في ذلك الخير، فان الله يلحقك بآبائك الصالحين. (الطبري 6 / 359). ورماه حرملة بن كاهل وهو في حجر عمه فاستشهد. (اللهوف ص 68). (1) سكينة (بفتح السين المهملة وكسر الكاف) بنت الامام الحسين عليه السلام. امها: الرباب بنت امرئ القيس (شذرات الذهب 1 / 154، نور الابصار ص 157). ويظهر أن امها أعطتها هذا اللقب لسكونها وهدوئها. ولدت في المدينة، وكانت تزين مجالس نساء المدينة بعلمها وأدبها وتقواها وكان منزلها بمثابة ندوة لتعلم الفقه والحديث. قال ابن الجوزي وابن خلكان والنووي في تهذيب الاسماء 1 / 263: إن مدة حياتها خمس وسبعون سنة وتوفيت 117 ه. قال الطبرسي في اعلام الورى ص 127، والصبان في إسعاف الراغبين ص 202، وابن حبيبة في المحبر ص 438: تزوجها عبد الله بن الحسن المستشهد في كربلاء. (2) وفي المترادفات للمدائني ص 64: كان عبد الله بن الحسن أبا عذرها.
[ 182 ]
[ العباس وإخوته ] وقتل معه يومئذ اخوة العباس بن علي بن أبي طالب (1). [ 1125 ] إسماعيل بن أوس، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام، أنه قال: عبأ الحسين بن علي أصحابه يوم الطف وأعطى الراية أخاه العباس بن علي (2). وسمي العباس: السقاء، لان الحسين عليه السلام عطش، وقد منعوه الماء، وأخذ العباس قربة ومضى نحو الماء (3)، واتبعه إخوته من (1) وهو أكبر اخوته لامه وأبيه وآخر من قتل منهم. (اللهوف ص 51)، امه: ام البنين، فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن عامر المعروف بالوحيد بن كلاب. (2) حمل لواء الحسين عليه السلام. (اللهوف ص 57). (3) روى أبو مخنف: أنه لما منع الحسين عليه السلام وأصحابه من الماء، وذلك قبل أن يجمع على الحرب اشتد بالحسين وأصحابه العطش، فدعا أخاه العباس، فبعثه في ثلاثين فارسا وعشرين راجلا ليلا، فجاؤوا حتى دنوا من الماء، واستقدم نافع، فمنعهم عمرو بن الحجاج. فامتنعوا منه بالسيوف، ملاوا القربة وأتوا بها، والعباس بن علي ونافع يذبان عنهم، ويحملان على القوم حتى خلصوا بالقربة إلى الحسين، فسمي بالسقاء، وأبا القربة. (ابصار العين ص 27). قال الفضل بن محمد بن الفضل في ذلك: إني لاذكر للعباس موقفه * بكربلاء وهام القوم تختطف يحمي الحسين ويحميه على ظمأ * ولا يولي ولا يثني فيختلف ولا أرى مشهدا يوما كمشهده * مع الحسين عليه الفضل والشرف
[ 183 ]
ولد علي عليه السلام: عثمان وجعفر وعبد الله. فكشفوا أصحاب عبيدالله عن الماء. وملا العباس القربة، وجاء بها فحملها على ظهره إلى الحسين وحده. وقد قتل إخوته (1): [ عثمان ] وجعفر وعبد الله في أكرم به مشهدا بانت فضيلته * وما أضاع له أفعاله خلف (1) لامه وأبيه وهم عبد الله وعثمان وجعفر. (ذخائر العقبى ص 117). وروى أرباب المقاتل: إن أول من برز من إخوة العباس لامه وأبيه: عبد الله بن علي: وكان عمره حين قتل خمسا وعشرين سنة، قتله: هاني بن ثبيت الحضرمي (ثبيت بضم الثاء المثلثة وفتح الباء الموحدة وسكون الياء المثناة من تحت وآخره تاء). الكامل 4 / 76، الارشاد ص 269، مقتل الخوارزمي 2 / 47. دخل المعركة مرتجزا: أنا ابن ذي النجدة والافضال * ذاك علي الخير في الافعال سيف رسول الله ذوالنكال * في كل يوم ظاهر الاهوال (ابصار العين ص 34) وقال في فتوح البدان للبلاذري 5 / 205: إنه قال: شيخي علي ذوالفخار الاطول * من هاشم الخير الكريم المفضل هذا حسين ابن النبي المرسل * عنه نحامي بالحسام المصقل أفديه نفسي من أخ مبجل * يا رب فامنحني ثواب المنزل وذكر أن قاتله: زجر بن بدر النخعي. عثمان بن علي: وكان عمره احدى وعشرين سنة دخل المعركة قائلا: إني أنا العثمان ذو المفاخر * شيخي على ذو الفعال الطاهر هذا حسين سيد الاكابر * وسيد الصغار والاكابر بعد النبي والوصي الناصر (المناقب 4 / 109) رماه خولى بن يزيد الاصبحي بسهم فأضعفه وشد عليه رجل من بني أبان بن دارم فقتله، وأخذ رأسه ليتقرب به. (مقاتل الطالبيين ص 82، مقتل الخوارزمي 2 / 47، ابصار العين ص 35). جعفر بن علي: كان عمره حين قتل تسع عشرة سنة، تقدم إلى الحرب يضرب بسيفه قائلا:
[ 184 ]
المعركة على الماء (1)، ولم يكن لاحد منهم عقب. وورثهم العباس (2) وقتل بعدهم (3) يومئذ، وخلف ولده عبيد الله بن العباس (4)، وبقى محمد (5) وعمر و (6) ابنا علي عليه السلام. إني أنا جعفر ذو المعالي * ابن علي الخير ذي الافضال قتله: هاني بن ثبيت الحضرمي، أو خولى بن يزيد الاصبحي (مقاتل الطالبيين ص 83، مقتل الخوارزمي 2 / 47، ابصار العين ص 35). (1) ولله در هذا القائل: قوم إذا نودوا لدفع ملمة * والخيل بين مدعس ومكردس لبسوا القلوب على الدروع وأقبلوا * يتهافتون على ذهاب الانفس (2) وسيأتي التحقيق عن هذا الموضوع تحت عنوان: من الوارث ؟ في ص 186. (3) قال العباس عليه السلام لاخيه عبد الله - وكان أكبر اخوانه من أبيه وأمه -: تقدم يا أخي حتى أراك قتيلا، فأحتسبك. (مقاتل الطالبيين ص 82). وفي رواية اخرى: قال لاخوته: تقدموا يا بني امي حتى أراكم نصحتم لله ولرسوله. قال ابن الاثير في الكامل 4 / 76: إن العباس قال لاخوانه: تقدموا حتى أرثكم فانه لا ولد لكم. ففعلوا، فقتلوا. أقول: كيف ؟ والعباس في تلك الساعات الرهيبة يفكر في المال والمادة الخسيسة ولو كان بهذه الدرجة لقبل الامان من عبيدالله بن زياد الذي أتى به شمر بن ذي الجوشن ليلة عاشوراء. تعالى عن ذلك علوا كبيرا. هذه النفس الابية مع هذه المصاعب الجسيمة من صياح الاطفال واستشهاد الاخوة والعشيرة، مع أن أبا عبد الله الصادق عليه السلام يقول في حقه: كان عمنا العباس بن علي نافذ البصيرة صلب الايمان، جاهد مع أبي عبد الله الحسين عليه السلام وأبلى بلاء حسنا، ومضى شهيدا. أيعقل في حقه هذه الكلام ؟ (4) قال أبو الفرج الاصفهاني في المقاتل ص 55 عن أبي الفضل العباس: وامه ام البنين - وهو أكبر ولدها -. وهو آخر من قتل من اخوته لامه وأبيه لانه كان له عقب ولم يكن لهم. فقدمهم بين يديه، فقتلوا جميعا. فحاز مواريثهم. ثم تقدم، فقتل فورثهم وإياه عبيدالله، ونازعه في ذلك عمه عمرو بن علي فصولح على شئ رضي به. (5) قال ابن شهر آشوب في المناقب 4 / 113: محمد الاصغر بن علي بن أبي طالب لم يقتل لمرضه. أما الخوارزمي فقد ذكر في مقتله 2 / 28: إن محمدا استشهد في كربلاء. قال الطبري: قتله رجل من تميم من بني أبان بن دارم. وقال الخليفة بن الخياط في تاريخه 1 / 225: لن أمه: لبانة بنت عبد الله بن العباس، كنيته: أبا القاسم. (6) قال الخوارزمي في مقتله 2 / 28، والطبري في الذخيرة ص 164: إنه قتل في كربلاء. وفي (*)
[ 185 ]
وأما محمد، فسلم لعبدالله بن العباس حصته من تراث عثمان وجعفر وعبد الله أبناء علي عليه السلام. وأما عمرو بن علي، فكان اصغر ولد علي، وقام بعد ذلك في حظه من ميراث اخوته: عثمان وجعفر وعبد الله حتى صولح وارضي من ذلك وكان العباس وعثمان وعبد الله وجعفر، بنو علي عليه السلام. امهم ام البنين بنت [ حزام ] (1) بن خالد بن ربيعة بن الوليد (2). وعمرو بن علي لا شقيق له، وإنما شقيقته رقية الكبرى، امهما الصهباء - بذلك تعرف - واسمها: ام حبيب بنت ربيعة. فما أدري من أين طلب عمرو بن علي ميراث اخوته غير أشقائه مع شقيقهم العباس، وهو أحق بذلك منه باجماع على أن الاخوة والاخوات من الاب لا يرثون مع الاخوة والاخوات من والاب والام شيئا لقول رسول الله صلى الله عليه وآله الذي آثر به وصيه علي بن أبي طالب عليه السلام، ورواه الخاص والعام (3)، إنه قال: أعيان السلسلة العلوية ص 96 وفي عمدة الطالب ص 362: تخلف عن أخيه الحسين، ولم يسر معه إلى الكوفة، وكان قد دعاه إلى الخروج معه، فلم يخرج. ويقال: إنه لما بلغه قتل أخيه الحسين عليه السلام خرج في المعصفرات له، وجلس بفناء داره، وقال: أنا الغلام الحازم، ولو خرجت معهم لذهبت في المعركة، وقتلت، وعاش مدة 85 سنة. وقد تولى صدقات علي عليه السلام بأمر من الحجاج. وقتل سنة 67 ه، ودفن في ينبع من أرض تهامة. رثاه سالم بقوله: صلى الاله على قبر تضمن من * نسل الوصي على خير من سئلا قد كنت أكرمهم كفا وأكثرهم * علما وابرهم حلا ومرتحلا (1) هكذا صححناه وفي الاصل: بنت حمل. (2) ام البنين: فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن عامر المعروف بالوحيد بن كلاب بن عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة (ابصار العين ص 26). (3) روى الحر العاملي في وسائل الشيعة (17 / 503 الحديث 2 / 3) باسناده، عن الحارث الاعور،
[ 186 ]
بني [ الام ] (1) يتوارثون دون بني العلات. وهذا ما أجمع عليه أهل الفتيا. إلا أن يكون ادعى أن العباس قتل قبلهم، ولم تقم على ذلك بينة (2) مع أنه قد ادعى وطلب ما ليس عن أمير المؤمنين، أنه قال: أعيان بني الام أقرب من بني العلات. وأيضا باسناده، عن محمد بن علي بن الحسين، عن النبي صلى الله عليه وآله، أنه قال: أعيان بني الام أحق بالميراث من بني العلات. وروى محمد بن الحسن في التهذيب 9 / 327 الحديث 13 باسناده، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن محمد بن أبي يونس، عن أبي نعيم، عن سفيان بن سعيد، عن أبي اسحاق السبيعي، عن الحارث، عن أمير المؤمنين عليه السلام، قال: أعيان بني الام يرثون دون بني العلات. (1) هكذا صححناه وفي الاصل: ادم. (2) من الوارث ؟ لقد أجاد المؤلف في اثباته واستدلاله بأن العباس هو الوارث لاخوته من امه وأبيه دون (محمد وعمرو) الاخوة من الاب. واستشكاله على عمرو لطلبه ما ليس له في محله. ولكن الاشكال في أن العباس حسب تتبعنا للروايات لم يكن وارثا في ذلك الحال لان الطبقة الاولى إذا كانت موجودة تحجب الطبقة الثانية (التالية). وقد أكدت روايات عديدة على وجودها، منها: قال صاحب رياض الاحزان ص 60: وأقامت ام البنين زوجة أمير المؤمنين العزاء على الحسين عليه السلام، واجتمع عندها نساء بني هاشم يندبن الحسين وأهل بيته. وبكت ام سلمة، وقالت: فعلوها ملا الله قبورهم نارا. وقال المامقاني في تنقيح المقال: ويستفاد من قوة إيمانها أن بشرا كلما نعى إليها أحدا من أولادها الاربعة قالت (ما معناه): أخبرني عن الحسين. فلما نعى إليها الحسين، قالت: قد قطعت أنياط قلبي أولادي كلهم فداء لابي عبد الله الحسين عليه السلام ومن تحت الخضراء... الحديث. وقال أبو الحسن الاخفش في شرح الكامل: وقد كانت تخرج إلى البقيع كل يوم ترثيه، تحمل ولده [ العباس ] عبيدالله، فيجتمع لسماع رثائها أهل المدينة وفيهم مروان بن الحكم فيكون لشجى الندبة. ومن قولها رضي الله عنها: يا من رأى العباس كر على جماهير النقد * ووراه من أبناء حيدر كل ليث ذي لبد انبئت أن ابني اصيب برأسه مقطوع يد * ويلي على شبلي أمال برأسه ضرب العمد
[ 187 ]
له، وذلك أنه أراد أن يكون يلي أمر [ صدقات ] علي عليه السلام، وقد كان وصية علي عليه السلام أن لا يلي أمر ما [ أوقفه ] (1) من أموال الصدقات إلا ولده من فاطمة عليها السلام وأعقابهم ما تناسلوا. [ 1126 ] وقد روى الزبير عن عمه مصعب بن عبد الله، أنه قال: كان عمرو آخر ولد علي بن أبي طالب عليه السلام وقدم مع أبان بن عثمان على الوليد بن عبد الملك (2) يسأله أن يوليه صدقة أبيه علي بن أبي طالب عليه السلام، وكان يليها يومئذ ابن أخيه الحسن بن [ الحسن ] بن علي (3) فعرض عليه الوليد الصلة، و [ قضاء ] الدين. قال [ عمرو ]: لا حاجة لي في ذلك، إني سألت صدقة أبي أن أتولاها، فأنا أولى بها من ابن أخي، فاكتب لي في ولايتها. فوضع الوليد في رقعة - أبيات ربيع بن أبي الحقيق - شعرا: أنا إذا مالت دواعي الهوى * وأنصت السامع للقائل واصطرع القوم بألبابهم * نقضي لحكم عادل فاصل (4) لو كان سيفك في يديك لما دنا منك أحد وقولها أيضا: لا تدعوني ويك ام البنين تذكريني بليوث العرين كانت بنون لي ادعى بهم * قد واصلوا الموت بقطع الوتين تنازع الخرصان أشلاءهم * فكلهم أمسى صريعا طعين يا ليت شعرى أكما أخبروا * بأن عباسا قطيع اليمين (1) هكذا صححناه وفي الاصل: ما أنفقه. (2) كنيته: أبو العباس، ولد سنة 48، وولي بعد وفاة أبيه سنة 86 ه الخلافة، فكانت مدة خلافته تسع سنوات وثمانية أشهر وتوفي سنة 96 ه. (3) كنيته أبو محمد، وهو الذي نجى من واقعة الطف كما ذكره المؤلف ص 196 في جملة الاسارى. توفي حوالي سنة 90 ه ودفن في المدينة. (4) وفي عمدة الطالب ص 86:
[ 188 ]
لا نجعل الباطل حقا ولا نلظ (1) دون الحق بالباطل نخاف أن تسفه أحلامنا * فنخمل (2) االدهر مع الخامل ثم رفع الرقعة إلى أبان، وقال: ادفعها إليه، وعرفه أني لا أدخله على ولد فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله غيرهم، وانصرف عنه عمرو غضبانا، ولم يقبل له صلة. ولو أفاد الوليد هذا القول فيما تغلب عليه (3) لكان أولى به. [ ضبط الغريب ] قوله: واصطرع القوم بألبابهم. الصرع: طرح الانسان بالارض. فتقول: صرعته صرعا، إذا طرحته بالارض. والمصارعة: تعالج الاثنين أيهما يصرع صاحبه. الالباب - هاهنا - جمع تلبيب، يقال منه: تلبيب وتلابيب. والتلبيب: مجمع ما في موضع اللبة من ثياب الرجل. واللبة: موضع واسطة العقد إذا عدل في العنق. قال ذوالرمة (4): براقة الخد (5) واللبات واضحة * كأنها ظبية أقصى بها لبب واضطرب القوم بأحلامهم * تقضي بحكم فاصل عادل (1) وفي مناقب ابن شهر اشوب 4 / 174 والعمدة: نلفظ. (2) هكذا في نسخة - ز - وفي الاصل: فنخسر. (3) اشارة إلى رد الخلافة إلى أهلها. (4) وفي نسخة ز: ابن الرقمة. (5) وفي لسان العرب 1 / 733: براقة الجيد.
[ 189 ]
فجمع، وإنما هي لبة واحدة، والعرب تجمع الواحد والاثنين مما يكون في الانسان، فيقولون: لباب المرأة، وترائبها ومعاصمها، ويقال لواسطة العقد: لبة، لانها تكون في اللبة. والعرب تسمي الشئ باسم ما صاحبه ولاءمه. ويقال: أخذ فلان تلبيب فلان، ولبيب فلان: إذا أخذ مجامع ثيابه عند نحره، أو جعل في عنقه ثوبا، أو حبلا، أو قبض في ذلك على موضع تلبيبه. وقد يفعل ذلك الانسان من يريد أن يصرعه. وقوله: (ولا نلظ دون الحق [ بالباطل ]). الالظاظ: الالحاح على الشئ، يقال منه: ألظ على الشئ، وألظ منه. سميت الملاظة في الحرب، يقال منه: رجل ملظاظ، وملظاء: أي ملح. قال [ الزاجر ]: (عجبت والدهر له لظيظ) (1) ويقال رجل لظ [ فظ ]: أي عسير متشدد. وقيل للحية إذا تلظظ: إذا هي حركت رأسها من شدة اغتياظها. وقيل: انما سميت النار لظى من أجل لزوقها بالجلد، واشتقاقه من الالظاظ. والنار تلظى وتتلظى: إذا اشتد توقدها. والاصل تلظظ، فقلبوا أحد الظاءين إلى الياء. وفي الحديث: (ألظوا [ في الدعاء ] ب: يا ذا الجلال والاكرام): أي سلوا الله في الدعاء بهذه الكلمة، وأديموا السؤال. وقوله: الدهر. يقول إذا فعلنا ذلك خملنا طول الدهر. والمخمول: الاخفاء. والخامل: الخفي. يقال منه: رجل خامل الذكر: أي لا يكاد أن يعرف ولا يذكر. والخامل: القول الخفيض. وفي الحديث: (اذكروا الله ذكرا خاملا) (2) أي خفيا، يعني سرا. (1) لسان العرب 7 د 460. (2) لسان العرب 11 / 221.
[ 190 ]
[ الصدقات ] (1) [ 1127 ] وروى هارون بن موسى، أن عبد الملك بن مروان (2) ولي علي (1) ما هي الصدقات: وهى مجموعة أراضي وعيون وبساتين من: ألف - أوقاف فاطمة: البساتين السبع التي أوصى لحوائط مخيرق اليهودي بها إلى النبي صلى الله عليه وآله، ومات مسلما، وهي: الدلال، وبرقة، والصافية، والمثيب، ومشربة ام إبراهيم، والاعراف، وحسني. فأوقفها النبي صلى الله عليه وآله سنة سبع من الهجرة على خصوص فاطمة عليها السلام، وكان يأخذ منها في حياته لاضيافه وحوائجه، وعند وفاتها أوصت بهذه البساتين وكل ما كان لها من المال إلى علي عليه السلام، ومن بعده الحسن، ومن بعده إلى الحسين، ثم إلى الاكبر من ولد رسول الله صلى الله عليه وآله. وأشهدت على الوصية المقداد بن الاسود، والزبير بن العوام (الكامل للمبرد 3 / 115، تاريخ المدينة 2 / 263). ب - أوقاف علي عليه السلام: ومن الصدقات ما كان له في خيبر، ووادي القرى وسويقة الغفران، وبئر قيس، والشجرة، وعيون استخرجها في ينبع منها: يحير، وعين نولا، وعين أبي نيزر، وعين أبي ميرز وهي التي أراد معاوية أن يشتريها من الحسين عليه السلام عندما أصاب الحسين دين عظيم. فقال عليه السلام: إن أبي أوقفها ابتغاء وجه الله فلا اغيره (معجم البلدان 5 / 180، تاريخ المدينة 2 / 249، الكامل للمبرد 3 / 114) وقد مر ذكرها في وصيته عليه السلام في الجزء العاشر من هذا الكتاب ص 453، فراجع. عوائد الصدقات: وقد بلغت غلة الصدقات أربعين ألف دينار (السيرة الحلبية 2 / 219). تولية الصدقات: أوصى علي عليه السلام في أوقافه على الصدقات ابنه الحسن، ومن بعده الحسين عليه السلام، ومن بعده ممن يراه الحسين عليه السلام صالحا للقيام عليها. قال في العمدة ص 85: وكان أمير المؤمنين عليه السلام قد شرط على أن يتولى صدقاته ولده من فاطمة دون غيرهم من اولاده. بعض من تولاها: قام على هذه الاوقاف من بعد الحسين عليه السلام زين العابدين عليه السلام، فنازعه عمه عمرو بن علي بن أبي طالب عليه السلام إلى عبد الملك بن مروان (سفينة البحار 3 / 272، اللهوف ص 15، الارشاد 2 / 139) فقاله له: يا أمير المؤمنين أنا ابن المصدق وهذا ابن فاطمة، فأنا أحق بها منه، فتمثل عبد الملك بقول ابن أبي الحقيق (التى مر ذكرها). ثم قال لعلي بن الحسين: قد وليتكها، فقاما وخرجا. فتناوله عمرو وآذاه، فما رد عليه السجاد عليه السلام شئ (المناقب 4 / 173). قال ابن عساكر في تاريخه: 4 / 164: وممن تولى أمر الصدقات من بني الحسن: الحسن المثنى، فنازعه عمه عمرو الاطرف. وكان الحسن بن الحسن بن علي عليه السلام وصي أبيه، وولي صدقة علي عليه السلام. فسأله الحجاج بن يوسف الثقفي - وهو على المدينة - أن يدخل عمرو بن علي في الوصية، فأبى. ثم قدم الحسن على عبد الملك، فرحب به، وكان الحسن قد أسرع إليه الشيب، فسأله الوليد عما قدم له، فأخبره بما سأله الحجاج، فكتب إليه أن امسك عنه، ووصله. (2) وهو أحد خلفاء الامويين، ولد سنة 26، واستعمله معاوية على المدينة، وهو ابن 16 سنة،
[ 191 ]
بن الحسين عليه السلام صدقات النبي صلى الله عليه وآله وصدقات علي عليه السلام وكانتا مضمونتين، فجاء عمرو بن علي إلى عبد الملك بن مروان يتظلم منه في ذلك، ويقول: أنا أحق منه بها. فقال له عبد الملك: أقول كما قال ابن أبي الحقيق (1): اني إذا مالت دواعي الهوى... وأنشده الاربعة الابيات المتقدم ذكرها. ثم جاء بعد ذلك إلى ابنه الوليد طمعا فيه أن يوليه ذلك، فأجابه بما أجابه أبوه به. [ نعود إلى ذكر العباس ] وكان الذي ولي قتل العباس بن علي يومئذ يزيد بن زياد الحنفي (2) وأخذ سلبه حكيم بن طفيل الطائي وقيل إنه شرك في قتله يزيد. وكان بعد أن قتل اخوته عبد الله وعثمان وجعفر معه قاصدين الماء (3). ويرجع وحده بالقربة فيحمل على أصحاب عبيدالله بن زياد الحائلين دون الماء. فيقتل منهم، ويضرب فيهم حتى يتفرجوا عن الماء فيأتي الفرات فيملا القربة، ويحملها، ويأتي بها الحسين عليه السلام وأصحابه، فيسقيهم حتى تكاثروا عليه، وأوهنته الجراح من النبل، فقتلوه كذلك (4) بين الفرات والسرادق، وهو يحمل الماء، وانتقلت إليه الخلافة بموت أبيه سنة 65 ه، وتوفي سنة 86 ه في دمشق. (الطبري 8 / 56. ميزان الاعتدال 2 / 153). (1) وهو ربيع بن أبي الحقيق اليهودي. (2) وقيل يزيد بن زرقاء الجهني (ابصار العين ص 30). (3) وفي نسخة ز: لما قصد الماء بهم. (4) روى أبو عمر البخاري عن المفضل بن عمر، أنه قال: قال الصادق عليه السلام: كان عمنا العباس بن علي نافذ البصيرة صلب الايمان جاهد مع أبي عبد الله وأبلى بلاء حسنا، ومضى شهيدا (عمدة الطالب ص 349). وروي أنه دخل المعركة مرتجزا:
[ 192 ]
.................. لا أرهب الموت إذ الموت رقا * حتى اواري في المصاليب لقا نفسي لنفس المصطفى الطهر وفا * إني أنا العباس أغدو بالسقا ولا اخاف السيئ يوم الملتقى (المناقب 4 / 109) وقيل إنه قال أيضا: اقاتل القوم بقلب مهند * أذب عن سبط النبي أحمد أضربكم بالصارم المهند * حتى تحيدوا عن قتال سيدي إني أنا العباس ذو التودد * نجل علي المرتضى المؤيد فهزم القوم ودخل المشرعة وأراد أن يشرب الماء، فذكر عطش الحسين عليه السلام فصب الماء من يده، ولم يشرب، وملا القربة وخرج منها قائلا: يا نفس من بعد الحسين هوني * من بعده لا كنت أن تكوني هذا حسين شارب المنون * وتشربين بارد المعين هيهات ما هذا فعال ديني * ولا فعال صادق اليقين (ناسخ التواريخ 2 / 347) فكمن له زيد بن ورقاء الجهني من وراء نخلة وعاونه حكيم بن طفيل، فضربه على يمينه، فقطعه، وأخذ السيف بشماله وحمل عليهم وهو يرتجز: والله إن قطعتم يميني * إني احامي أبدا عن ديني وعن إمام صادق اليقين * نجل النبي الطاهر الامين فقاتل حتى ضعف، فكمن له حكيم بن طفيل الطائي من وراء نخلة، فضربه على شماله، فقال: يا نفس لا تخشي من الكفار * وأبشري برحمة الجبار مع النبي السيد المختار * قد قطعوا ببغيهم يساري فأصلهم يا رب حر النار فلما رآه الحسين صريعا على شط الفرات بكى، وقال: الآن انكسر ظهري وشمت بي عدوي، وأنشد قائلا: تعديتم يا شر قوم ببغيكم * وخالفتم قول النبي محمد أما كان خير الرسل وصاكم بنا * أما نحن من نسل النبي المسدد أما كانت الزهراء امي دونكم * أما كان خير البرية أحمد لعنتم واخربتم بما قد جنيتم * فسوف تلاقوا حر نار توقد
[ 193 ]
وثم قبره (1) رحمه الله. وقطعوا يديه ورجليه حنقا عليه، ولما أبلى فيهم وقتل منهم فلذلك سمي السقاء. وفيه يقول الفضل بن محمد بن الحسن بن عبيدالله بن العباس بن علي عليه السلام (2): أحق الناس أن يبكى عليه * إذ (3) أبكى الحسين بكربلاء أخوه وابن والده علي * أبو الفضل المضرج بالدماء ومن واساه لا يثنيه شئ * وجاء له على عطش بماء قال الامام علي بن الحسين عليه السلام: رحم الله العباس، فلقد آثر وأبلى وفدى أخاه بنفسه حتى قطعت يداه فأبدله الله عزوجل بهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة كما جعل لجعفر بن أبي طالب، وأن للعباس عند الله تعالى منزلة يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة (بحار الانوار ط قديم 9 / 147). ونعم ما قال الشاعر: بذلت يا عباس نفسا نفيسة * بنصر حسين عز بالنصر من قبل أبيت التذاذ الماء قبل التذاذه * فحسن فعال المرء فرع من الاصل فأنت أخو السبطين في يوم مفخر * وفي يوم بذل الماء أنت أبو الفضل (1) والمروي أن الامام زين العابدين عليه السلام تولى دفنه عندما دفن أباه وأصحابه يوم الثالث عشر من شهر محرم، أي بعد الفاجعة بثلاثة أيام (وسيلة الدارين ص 347). (2) ذكر ذلك في تاريخ بغداد 12 / 136، أدب الطف 1 / 227، المقاتل ص 84 فهم يؤيدون المؤلف في نسبتها إلى الشاعر المذكور أما في كتاب روض الجنان للمؤرخ الهندي أشرف علي ص 325 نسب هذه الابيات إلى فضل بن الحسن بن عبيدالله، وكذلك في كتاب عيون الاخبار وفنون الآثار والحق مع الموافقين للمؤلف. والشاعر (الفضل بن محمد بن فضل) هو معاصر للمتوكل، وقد ذكر في أعيان الشيعة 42 / 282. وامه جعفرية، وأن أباه محمد بن الفضل كان من الشعراء المعاصرين للمأمون العباسي، ومن أبياته: اني لاذكر العباس موقفه * بكربلاء وهام القوم تختلف يحمي الحسين ويسقيه على ظمأ * ولا يولي ولا يثني ولا يقف (3) ذكر أرباب المقاتل: فتى ابكى... الخ. (معجم الشعراء للمرزباني ص 184).
[ 194 ]
[ ضبط الغريب ] قوله: المضرج بالدماء، يقال لكل شئ تلطخ بالدماء أو نحوه قد تضرج تضرجا وهو مضرج، قال الشاعر يصف الشراب: (في قرقر بلعاب الشمس مضروج) (1) وقتل العباس بن علي يومئذ وهو ابن أربع وثلاثين سنة (2) وقتل عبد الله بن علي يومئذ وهو ابن خمس وعشرين سنة. وقتل عثمان بن علي وهو ابن احدى وعشرين سنة. وقتل جعفر بن علي وهو ابن سبع عشر سنة (3). * * * (1) لسان العرب 2 / 313. (2) ولد العباس عليه السلام سنة ست وعشرين من الهجرة، وعاش مع أبيه أربع عشرة سنة حضر بعض الحروب، فلم يأذن له أبوه بالنزال. ومع أخيه الحسن إلى اربع وعشرين سنة، ومع أخيه الحسين إلى أن بلغ أربعا وثلاثين سنة (أبصار العين ص 26). (3) قال الاصفهاني في المقاتل ص 83، والخوارزمي في مقتله 2 / 47: انه ابن تسع عشر سنة، وقد سبق أن شرحنا كيفيه مبارزاتهم، فراجع.
[ 195 ]
[ أولاد عقيل ] وقتل يومئذ مع الحسين عليه السلام من ولد عقيل بن أبي طالب (2): عبد الرحمان بن عقيل (2)، امه: ام ولد. قتله: عثمان بن خالد الجهني. وعبد الله بن عقيل (3)، وامه: ام ولد. قتله: عمرو بن الصبيح، [ أضعفه بسهم ] رماه به [ بشير بن حوط ] الهمداني. وعبد الله بن مسلم بن عقيل (4)، امه: رقية بنت علي بن أبي طالب، قتله: عمرو بن الصبيح [ الصداني ]، ويقال: أسد بن مالك. (1) لم يذكر المؤلف سوى ثلاثة، ونحن عندما نتعرض لترجمة عقيل بن أبي طالب نذكر البقية إن شاء الله. (2) دخل ساحة الوغى، وهو يرتجز قائلا: ابن عقيل فاعرفوا مكاني * من هاشم وهاشم اخواني كهول صدق سادة الاقران * هذا حسين شامخ البنان (الفتوح 5 / 203. وأضاف في ناسخ التواريخ 2 / 321: وسيد الشيب مع الشبان). وقال الاصفهاني في المقاتل ص 95: فشد عليه عثمان بن خالد الجهني، وبشير بن حوط، فقتلاه. (3) ذكره أيضا المسعودي في مروج الذهب 3 / 62، والخوارزمي في مقتله 2 / 47. وقال أبو الفرج الاصفهاني في المقاتل: قتله عثمان بن خالد بن أسد الجهني، ورجل من همدان، وقال ابن الاثير في الكامل 4 / 92: قتله عمرو بن صبيح الصيداوي. (4) دخل المعركة مرتجزا: اليوم ألقى مسلما وهو أبي * وفتية ماتوا على دين النبي.
[ 196 ]
[ الاسرى ] والذين اسروا منهم بعد من قتل منهم يومئذ: علي بن الحسين عليه السلام وكان عليلا دنفا (1)، وقد ذكرنا خبره. وكان يومئذ ابن ثلاث وعشرين سنة. وابنه محمد بن علي، وكان طفلا صغيرا. والحسن بن الحسن (2). ليسوا كقوم عرفوا بالكذب * لكن خيار وكرام النسب من هاشم السادات أهل الحسب (مروج الذهب 3 / 92، الفتوح 5 / 203). وقاتل قتال الابطال حتى رماه عمرو بن صبيح الصيداني سهما، فاتقاه الغلام بيده، فسمرها إلى جبهته. فما استطاع أن يزيلها وشد عليه وغد فطعنه بالرمح في قلبه واستشهد. (الكامل لابن الاثير 3 / 293 المناقب لابن شهر آشوب 2 / 220. وقيل: قتله أسيد أو أسد بن مالك الحضرمي. بحار الانوار 101 / 340 ط جديد). (1) قال السيد هاشم البحراني في حلية الابرار 2 / 67: عند ما هجم القوم على فسطاط آل البيت، أحاطوا حول الامام السجاد، فقال شمر بن ذي الجوشن: اقتلوا هذا. فقال رجل من أصحابه: يا سبحان الله أتقتل فتى حدثا مريضا لا يقاتل. (2) وهو الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب. كنيته: أبو محمد الهاشمي. روى ابن طاووس صاحب اللهوف ص 86: أن الحسن المثنى قاتل بين يدي عمه الحسين عليه السلام ذلك اليوم. وقتل سبعة عشر نفسا وأصابه ثمانية عشر جراحة، واثخن بالجرح. فقال خاله اسماء.
[ 197 ]
وعبد الله بن الحسن (1). والقاسم بن عبد الله بن جعفر. وعمرو بن الحسين (2). ومحمد بن الحسين (3). ومحمد بن عقيل (4). والقاسم بن محمد بن جعفر بن أبي طالب (5). بن جارحة: دعوه لي. فان وهبه الامير عبيدالله بن زياد لي وإلا رأى رأيه فيه. فتركوه له، فحمله إلى الكوفة، وحكوا ذلك لابن زياد، فقال: دعوا لابي حسان ابن اخته، وداواه حتى برئ، وحمله إلى المدينة، وكان معهم أيضا زيد وعمر ولدا الحسن السبط، وقد تولى صدقات علي عليه السلام ودس إليه السم سليمان بن عبد الملك، فمات عن عمر يناهز ثلاثة وخمسن سنة، وذلك في سنة سبع وتسعين للهجرة (عمدة الطالب ص 86). (1) وقد ذكرنا خبره في ص 180 من هذا الجزء، فراجع. (2) قال ابن طاووس المتوفى سنة 664 ه في اللهوف ص 85: دعا يزيد يوما بعلي بن الحسين ومعه عمرو بن الحسين وهو صبي (يقال: إن عمره احدى عشر سنة) فقال له يزيد: يا عمرو تقاتل خالدا ؟ - يعنى ابنه وكان في سنه -. فقال عمرو: لا ولكن اعطني سكينا واعطه سكينا حتى اقاتله، فضمه يزيد إليه، وقال: شنشنة أعرفها من اخزم * هل تلد الحية إلا الحية وقد قال ابن الاثير في الكامل 4 / 87، والطبري في تاريخه 6 / 262: انه عمرو بن الحسن، والله اعلم. (3) في بعض الاخبار أن للحسين ولدين وهما محمد ومحسن. أما محسن بن الحسين مدفون في جبل جوشن قرب حلب (أدب الطف 1 / 47). (4) قال الخوارزمي في مقتله 2 / 48: انه استشهد في كربلاء. (5) امه: ام ولد. قال الاصفهاني في المقاتل ص 119: دخل المعركة مرتجزا: أنا الغلام الابطحي الطالب * من معشر من هاشم من غالب ونحن حقا سادة الدوائب * هذا حسين أطيب الاطائب من عترة التقي العاقب وذكر المحب الطبري في ذخائر العقبى ص 169 نقلا عن المناقب: أنه اشترك في واقعة كربلاء الاليمة ونجى من المعركة.
[ 198 ]
وعبد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب (1). ومن النساء (2) ام كلثوم بنت علي بن أبي طالب (3). وام الحسن بنت علي بن أبي طالب (4). وفاطمة (5). (1) هذا الاسم سقط من نسخة ز. (2) ولم يذكر المؤلف عقيلة بني هاشم في جملة الاسرى. وأظنة أنه نسى أو خطأ من الناسخ وهي زينب بنت أمير المؤمنين عليه السلام (زينب الكبرى). امها: سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء. ولدت في المدينة السنة السادسة للهجرة. وقد تربت في حجر النبوة ومهبط الوحي ومدرسة الولاية. ومن نتائج تربيتها كانت لها حلقة تدريس تفسير القرآن الكريم للنساء، وممن حضرت هذه الجلسات هند زوجة يزيد بن معاوية. وما خطبتها في الكوفة والشام إلا دليل واضح على فضلها وقدرتها البلاغية والعلمية. تزوجت من عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. شاهدت حادثة كربلاء سنة 61 ه وكانت تواصل البكاء وتقيم النياحة على شهداء كربلاء في دارها بالمدينة مما أخاف الحكام الامويين، فقرروا ابعادها إلى مصر، وكانت بها حتى توفيت في الرابع عشر من رجب عام 62 ه (مزارات أهل البيت عليهم السلام في القاهرة لمحمد حسين الحسيني الجلالي). وقيل إن مدفنها في قرية خارج مدينة دمشق تعرف باسمها. (3) واسمها زينب الصغرى، وقد كانت مع أخيها الحسين عليه السلام بكربلاء وكانت مع السجاد عليه السلام في الشام ثم إلى المدينة. وقد خطبت بالكوفة تلك الخطبة المشهورة، من وراء كلتها رافعة صوتها بالبكاء. فقالت: (يا أهل الكوفة سوأة لكم، ما لكم خذلتم حسينا...) فضج الناس بالبكاء والنحيب، فلم ير باك وباكية أكثر من ذلك اليوم. وزوجها: عون بن جعفر الذي استشهد في كربلاء وكان له من العمر يوم قتل ستة وخمسون سنة. وقال ابن حجر في الاصابة 2 / 374: إن محمد بن جعفر بن أبي طالب تزوجها. وقال الواقدي: إن محمدا هذا استشهد بتستر. وقال صاحب العمدة: إن جعفر خلف ولدين: محمد الاكبر الذي استشهد في صفين. ومحمد الاصغر استشهد في كربلاء. وأما القاسم بن محمد انه استشهد في شوشتر (الدرجات الرفيعة ص 185) توفيت في المدينة بعد رجوعها مع السبايا. وكانت مدة مكثها في المدينة أربعه اشهر وعشرة أيام. هكذا ذكر في عمدة الطالب ومروج الذهب. (4) قال الامين في أعيان الشيعة 7 / 36: وامها ام سعيد بنت عروة بن مسعود الثقفية. (5) وامها: ام اسحاق بنت طلحة بن عبيدالله. حيث كانت عند الامام الحسن عليه السلام، وقد أنجبت منه طلحة الذي درج ولا عقب له. ثم تزوجها الحسين عليه السلام بوصية من أخيه الحسن عليه. (*)
[ 199 ]
وسكينة (1) ابنتا الحسين بن علي. [ 1128 ] قيل: إن زينب بنت عقيل بن أبي طالب (2) خرجت على الناس بالبقيع تبكي قتلاها، وهي تقول: مااذا تقولون إذ قال النبي لكم * ماذا فعلتم وأنتم آخر الامم بأهل بيتي وقد أضحوا بحضرتكم * منهم اسارى وقتلى ضرجوا بدم هل كان هذا جزائي إذ نصحت لكم * أن تخلفوني بسوء في ذوى رحمي (3) فقال أبو الأسود الدؤلي (4): وقد سمعتها تقول: " ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين " (5). وهذا قول من لم يعتقد عداوة أهل بيت محمد. فأما الذين اعتقدوا عداوتهم وقصدوا لما قصدوا إليه منهم فهم مصرون على كفرهم وعلى ما ارتكبوه منهم، وقد قتلوا من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله بعد هذا خلقا كثيرا قل السلام فولدت له فاطمة. وكانت فاطمة كريمة الاخلاق تشبه في ملامحها الزهراء البتول، وهي أكبر سنا من اختها سكينة. تزوجها الحسن المثنى ابن الحسن عليه السلام، وقد كانت مع زوجها في كربلاء. وسبيت مع العائلة إلى الكوفة وخطبت فيها. توفيت في السنة التي توفيت فيها سكينة (سنة 117 ه) وكان مدفنها في المدينة. (1) سبق أن ذكرنا مختصرا من حياتها ص 181 من هذا الجزء، فراجع. (2) وأوردها أيضا عيون الاخبار لابن قتيبة 1 / 213، ومقتل الخوارزمي 2 / 76، ومجمع الزوائد 9 / 200، وتاريخ الطبري 6 / 268. وقد ذكر ابن شهر آشوب في المناقب 4 / 116 هذه الابيات هكذا: ماذا تقولون إن قال النبي لكم * يوم الحساب وصدق القول مسموع أسلمتموه بأيدى الظالمين فما * منكم له اليوم عند الله مشفوع ما كان عند غداة الطف إذ حضروا * تلك المنايا ولا عنهن مدفوع قال العاملي في أعيان الشيعة 7 / 36: القائلة لهذه الابيات رمله بنت عقيل. (3) وزاد السبط الجوزي في تذكرة الخواص بيتا رابعا: ذريتي وبنو عمي بمضيعة * منهم اسارى وقتلى ضرجوا بدم (4) وهو ظالم بن عمرو بن سفيان الدؤلي. (5) الاعراف: 23.
[ 200 ]
من يحصي عددهم ظلما لهم، واستخفافا لحقهم غير من تعاطى ما ليس له منهم، فصرعه تعاطيه ما ليس له، وتعديه إلى غير حظه، وتسمية اسمه. ومن أراد استلاب ما سلب من غيره، والطلب بغير حقه، ومن أجل ذلك أعرضنا عن ذكر من كانت هذه سبيله وطوينا كشحا عن مصابه، والله يحكم في ذلك بحكمه ويقضى بما شاء بين عباده. * * *
[ 201 ]
[ اسرة أمير المؤمنين ] وقد ذكرنا من فضل علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام فيما تقدم. وذكرنا من فضل جعفر بن أبي طالب، أخي علي عليه السلام كثيرا. ونذكر في هذا الباب شيئا مما انتهى الينا من ذلك، ومن فضائل غيرهم من أهل بيته إن شاء الله تعالى. [ 1129 ] محمد بن عباد بن يعقوب، باسناده، عن جعفر بن محمد، أنه قال: كانت ام علي عليه السلام احدى أحد عشر امرأة بدرية. فلما أن ماتت نزع رسول الله قميصه فأعطاهم إياه. وقال: كفنوها فيه، ليدفع عنها ضغطة القبر. ونزل في قبرها، فاضطجع في لحدها. وقال: أردت أن يوسع عليها، فانه لم ينفعني أحد بعد أبي طالب كنفعها. [ 1130 ] محمد بن علي بن أعرابي، باسناده، عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام، أنه قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وآله عام الحديبية فصالحهم على أن يقدم من قابل، ولا يدخل مكة بفرس ولا سلاح، ولا يخرج منها أحد، فنزل بطن مرو. وتخلف علي عليه السلام بمكة، فأخرج بنت حمزة (1) على بعير. فلقيه رجل من المشركين، فلما علم أنه (1) واسمها امامة. وقيل: إن امها زينب بنت عميس الخثعمية، وقيل: امها: سلمى بنت عميس. كما سيأتي إن شاء الله.
[ 202 ]
علي لم يجسر على مقاومته، فكان اكثر ما قدر عليه أن شتم الجارية، وشتم أباها. وقدم بها علي بطن مرو على رسول الله صلى الله عليه وآله فنازعه فيها جعفر وزيد بن حارثة. فقال له جعفر: هي ابنة عمي وخالتها عندي، والنساء عورة. وقال زيد: هي مولاتي، وقد آخى رسول الله صلى الله عليه وآله بيني وبين أبيها، وأنا أحقكم بها. قال علي عليه السلام: هي ابنة عمي، وقد تركتموها بمكة تضرب ويشتم أبوها واخوتها، وأنا أحقكم بها. فسمع النبي صلى الله عليه وآله كلامهم. فقال صلى الله عليه وآله: أنا أقضي بينكم فيها وفي غيرها. أما أنت يا جعفر فأشبهت خلقي وخلقي وأما أنت يا علي فأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي: وأما أنت يا زيد فمولى الله ومولى رسوله، فادفعوها إلى خالتها فان النساء عورة. [ جعفر بن أبي طالب ] (1) [ الصدقة في الليل ] [ 1131 ] سعد بن طريف، باسناده، عن جعفر بن أبي طالب عليه السلام (1) واستشهد من أولاد جعفر بن أبي طالب ثلاثة لم يذكرهم المؤلف وهم: عون بن عبد الله بن جعفر: امه: العقيلة زينب بنت علي عليهما السلام دخل ساحة الوغى مرتجزا: إن تكروني فأنا ابن جعفر * شهيد صدق في الجنان أزهر يطير فيها بجناح أخضر * كفى بهذا شرفا في المحشر (ناسخ التواريخ 2 / 321)
[ 203 ]
لما أن بعثه رسول الله صلى الله عليه وآله إلى النجاشي (1) ركب البحر، فبيناهم يجرون في الليل إذ سمعوا قائلا يقول: اسمعوا ما أقول لكم يا أهل السفينة وأخبركم به من ربكم، فتقدم جعفر عليه السلام إلى مقدم السفينة. فقال: أين مخبرنا عن ربنا ؟ فإذا قائل يقول: إن الصدقات بالنهار تطفئ غضب الرب، والصدقة بالليل تطفئ الخطايا كما يطفئ الماء النار. قتله: عبد الله بن قطنة الطائي (الكامل 4 / 75، مقتل الخوارزمي 2 / 47، مقاتل الطالبيين ص 60، بحار الانوار 101 / 341، الفتوح 5 / 304، الارشاد ص 268، عمدة الطالب ص 200). محمد بن عبد الله بن جعفر: امه: الحوصاء بنت حفصة بن ثقيف من بكر بن وائل. دخل المعركة وهو يرتجز يقول: نشكو إلى الله من العدوان * قتال قوم في الردى عميان قد بدلوا معالم القرآن * ومحكم التنزيل والتبيان وأظهروا الكفر مع الطغيان فحمل عليه عامر بن نهثل التميمي فقتله. (الارشاد ص 268، الفتوح 5 / 204، ابصار العين ص 40، مقتل الخوارزمي 2 / 47، عمدة الطالب ص 200). عبد الله بن عبد الله بن جعفر: امه: الحوصاء بنت حفصة. قال أبو الفرج الاصفهاني في المقاتل ص 92: ذكر يحيى بن الحسن العلوي فيما حدثني به أحمد بن سعيد عنه: أنه قتل مع الحسين بالطف. وذكره أيضا الخوارزمي في مقتله. وأنكر بعض المؤرخين استشهاده في كربلاء، ويؤيد هذا القول ما قاله عبد الله بن جعفر لما بلغه قتل الحسين عليه السلام دخل عليه بعض مواليه يعزونه والناس يعزونه. فقال مولاه: هذا ما لقيناه منا الحسين. فحذفه ابن جعفر بنعله قائلا: يابن اللخناء أللحسين تقول هذا. والله لو شهدته لاحببت أن لا افارقه حتى اقتل معه. والله انه لمما يسخي بنفس منهما ويهون على المصاب بهما أنهما اصيبا مع أخي وابن عمي مواسيين له صابرين معه. ثم قال: إن لم تكن آست الحسين يدي فقد آساه ولدي (الكامل 4 / 89، الطبري 6 / 268) حيث صرح بأن اثنين استشهدا في كربلاء، والله اعلم. (1) وهو أصحمة بن أبحر ملك الحبشة واسمه بالعربية عطية، والنجاشي لقب له. أسلم على عهد.
[ 204 ]
[ قتال جعفر ] [ 1132 ] عبد الملك بن هشام، باسناده، [ أن ] جعفر بن أبي طالب عليه السلام، أخذ اللواء يوم مؤتة بيمينه. فلم يزل يقاتل حتى قطعت يمينه. فأخذه بشماله، فلم يزل يقاتل حتى قطعت شماله. فاحتضن اللواء بعضديه، وجعل يقاتل حتى قتل عليه السلام. [ 1133 ] محمد بن حميد، باسناده، أن جعفر بن أبي طالب عليه السلام لم يزل يقاتل يوم مؤتة بيمينه حتى جرح سبعين جراحة بين ضربة وطعنة، فأدركه الجرح، فقتل رحمه الله. [ مقام جعفر ] [ 1134 ] خالد بن يزيد، باسناده، عن رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه قال: رأيت جعفر بن أبي طالب عليه السلام في الجنة ملكا يطير فيها بجناحين مضرين قوادمهما بالدماء، يتبوأ منها حيث يشاء يطير فيها مع الملائكة. [ بأيهما اسر ؟ ] [ 1135 ] الاجلح، باسناده، أن جعفر بن أبي طالب، قدم على رسول الله صلى الله عليه وآله من الحبشه يوم فتح خيبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما أدري بأيهما أنا اسر بفتح خيبر أم بقدوم جعفر ؟ وضمه إليه، وقبل ما بين عينيه. رسول الله صلى الله عليه وآله. وتوفي ببلاده قبل فتح مكة (اسد الغابة 1 / 120).
[ 205 ]
[ الرسول وجعفر ] [ 1136 ] سلمة (بن شيش) (1)، باسناده، عن جعفر بن محمد عليه السلام [ أنه ] قال: سمعت أبي يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: خلق الناس بأشجار شتى وخلقت أنا وجعفر من طينة واحدة. وأنا وآل عبد المطلب من شجرة واحدة. وأنا [ و ] جعفر من غصن من أغصانها فأشبه خلقي خلقه وخلقه خلقي (2). [ 1137 ] محمد بن الحسن (3)، باسناده، أن أبا طالب مر برسول الله صلى الله عليه وآله ومعه علي عليه السلام وهما يصليان، وجعفر مع أبي طالب. فقال أبو طالب له: ارجع فصل جناح ابن عمك. فأتى جعفر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وأسلم، وصلى معهما، وكانت أول صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وآله في جماعة. [ جعفر هاجر الهجرتين ] [ 1138 ] وبآخر، عن جعفر بن محمد عليه السلام، قال: ضرب رسول الله صلى الله عليه وآله لجعفر بن أبي طالب بسهمه يوم بدر، وهو بأرض الحبشة، وهاجر الهجرتين - هاجر إلى أرض الحبشة، وهاجر إلى المدينة -. (1) ما بين القوسين من نسخة ز. (2) وفي حياة القلوب 2 / 128، وذخائر العقبى ص 215، وكتاب ربيع لابرار للزمخشري: عندما كان يمر جعفر على جماعة يتصورون أنه رسول الله صلى الله عليه وآله، ويقولون له: السلام عليك يا رسول الله. فكان جعفر يقول: أنا جعفر ولست رسولا. (3) وفي نسخة ز: يحيى بن الحسن.
[ 206 ]
[ نعي جعفر ] [ 1139 ] أحمد بن يحيى، باسناده، عن أنس بن مالك، قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله وعيناه تذرفان، فقال: أخذ الراية جعفر، فقتل، ثم أخذها زيد بن حارث (1) فقتل، ثم أخذها عبد الله بن رواحة (2). فقتل، ثم أخذها خالد بن الوليد (3). ثم علي عليه السلام التفت إلى مؤتة (4) وقال لهم: بايعهم، إن (1) وهو زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي، اختطف في الجاهلية صغيرا، واشترته خديجة بنت خويلد، فوهبته إلى النبي صلى الله عليه وآله حين تزوجها، فتبناه قبل الاسلام، واعتقه، وزوجه بنت عمته، واستمر الناس يدعونه زيد بن محمد حتى نزلت الاية الكريمة " أدعوهم لآبائهم " وقد جعله النبي صلى الله عليه وآله أحد الامراء في غزوة مؤتة (خزانة الادب للبغدادي 1 / 363، الروض الآنف 1 / 164). (2) وهو عبد الله بن رواحة بن ثعلبة الانصاري. كنيته: أبو محمد. شهد بدرا وأحدا وخندق والحديبية، واستخلفه الرسول صلى الله عليه وآله على المدينة في احدى غزواته، وصحبه في عمرة القضاء وله فيها رجز، وكان أحد الامراء في وقعة مؤتة (امتاع الاستماع 1 / 270، خزانة الادب 1 / 362). (3) خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي، أسلم قبل الفتح سنة 7 ه، ومات بحمص سنة 31 ه (الاصابة 1 / 412، طبقات ابن سعد 4 / 252). (4) واقعة وقعت في سنة 8 للهجرة. سبب الغزوة: إن رسول الله صلى الله عليه وآله بعث الحرث بن عمير الازدي إلى ملك بصرى بكتاب، فلما نزل مؤتة عرض له شرحبيل بن عمرو النسائي فقتله، ولم يقتل لرسول الله صلى الله عليه وآله غيره. فشق عليه ذلك، فندب الناس وعسكر بالجرف وهم ثلاثة آلاف وشيعهم رسول الله صلى الله عليه وآله إلى ثنية الوداع، فساروا حتى نزلوا أرض مؤتة، فالتقى بهم هرقل في أربعمائة ألف منهم أربعون ألف مقرنين، فالتقوا، فثبت المسلمون واستشهد زيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة وجعفر بن أبي طالب (تذكرة الخواص 189). مؤتة: قرية من قرى البلقاء في حدود الشام، وقبر سيدنا جعفر في ضيعة كما قال المهلبي: مآب اذرج مدينتا الشراة على اثني عشر ميلا من اذرج من ضيعة تعرف مؤتة بها قبر جعفر. وقد وجد جثمانه بهيئته وثيابه وعليه الدم طريا والسيف في عنقه لم يتغير من بدنه شئ، وذلك حينما ازمعوا على تجديد بناء المرقد الطاهر (مراقد المعارف 1 / 225).
[ 207 ]
اصيب جعفر فأميركم زيد بن حارثة. فإن اصيب زيد فأميركم عبد الله بن رواحة، ولم يذكر الامرة بعده غيره (1). فلما اصيبوا ثلاثتهم رضي الله عنهم أخذ الراية خالد بن الوليد عن غير إمرة، ففتح الله للمسلمين. [ السنة الحسنة ] [ 1140 ] إبراهيم بن علي، باسناده، عن عائشة، قالت: لما [ أتى ] نعي جعفر وعرفنا في وجه رسول الله صلى الله عليه وآله الحزن. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: اصنعوا لآل جعفر طعاما، فقد جاءهم ما يشغلهم أن يصنعوا لانفسهم. فجرت بذلك السنة من بعد بأن يصنع لاهل بيت خواصهم طعاما. وقالت أسماء بنت عميس ترثي جعفر بن أبي طالب عليه السلام بهذه الابيات: يا جعفر الطيار خير مضرب * للخيل يوم تطاعن وتشاح قد كنت لي جبلا ألوذ بظله * فتركتني أمشي بأجرد ضاحي قد كنت ذات حمية ما عشت لي * أمشي البراز وأنت كنت جناحي فاليوم أخشع للذليل وأتقي * منه وأدفع ظالمي بالراح [ ضبط الغريب ] قولها: تشاح، يقال منه شجى فلان فاه: إذا فتحه. وشحا اللجام فم الفرس. قال الشاعر: (1) قال اليعقوبي في تاريخه 1 / 66 ط لندن 1883 م: إن الامراء الذين عينهم الرسول ثلاثة: جعفر وزيد وعبد الله. (*)
[ 208 ]
كأن فاها، واللجام شاحية * جنبا غبيط ملس نواحيه (1) ويقال من ذلك: اقبلت الخيل شواحي وشواحيات: إذا أقبلت فاتحة أفواهها. وقولها: فتركتني أمشي بأجرد ضاحي. الاجرد: الذى لا نبات فيه من الجبال والارضين. والضاحي: ما ليس له ظل. يقال منه: ضحا الرجل ضحيا إذا أصابه حر الشمس. وفي القرآن: " ولا تضحى " (2) أي: لا يصيبك حر الشمس يعني في الجنة. وقولها: ألوذ. ألوذ: مصدر لاذ، يلوذ، لواذا، ولواذا، واللياذ مصدر اللواذة. الملاوذة أن تستتر بشئ مخافة من تراه وتخافه. وقولها: وأدفع ظالمي بالراح. الراح: جمع الراحة. والراحة باطن الكف، وذلك مما يدفع به الضعيف الذليل من نفسه أن يتقي براحة كفه. [ حسان يرثيه ] وقال حسان بن ثابت (3) يرثي جعفرا ومن قتل معه شعرا (4): (1) هكذا صححناه من لسان العرب 14 / 424 وفي الاصل: فان فاها والحمام شاحية * حينا عبيط ملبس نواحيه (2) " وإنك لا تظمأ فيها ولا تضحى " طه: 19. (3) حسان بن ثابت بن المنذر من الشعراء المخضرمين ويعرف بشاعر رسول الله صلى الله عليه وآله. كنيته: أبو الوليد. ولد قبل ولادة الرسول صلى الله عليه وآله بثمان سنين وعاش مائة وعشرين سنة. قال في المستدرك 3 / 486: أربعة تناسلوا من صلب واحد عاش كل واحد منهم مائة وعشرين سنة، وهم: حسان بن ثابت بن المنذر بن حزام... الخ. عاش أبو الوليد ستين سنة في الجاهلية وستين في الاسلام، وذهب بصره، توفي سنة 55 ه (اسد الغابة 2 / 7). (4) وهذه القصيدة ذكرها ابن هشام في سيرته 4 / 36. وأنهاها إلى سبعة عشر بيتا، ومطلعها:
[ 209 ]
رأيت خيار المسلمين تتابعوا (1) * شعوبا وخلفا بعدهم يتأخر (2) فلا يبعدون الله قتلى تتابعوا * جميعا وأسباب المنية تخطر (3) وزيد وعبد الله حين تتابعوا * بمؤتة فيهم ذو الجناحين جعفر غداة (4) غدا بالمؤمنين يقودهم * إلى الموت ميمون النقية أزهر أعز كضوء البدر من آل هاشم * أبي إذا سم (5) الضلامة مجسر فطاعن حتى مال غير موسد * بمعترك فيه القنا ينكسر وصار مع المستشهدين (6) ثوابه * جنان ومتلف الحدائق أخضر وكنا نرى في جعفر من محمد * وقارا (7) وأمرا حازما حين يأمر وما زال (8) في الاسلام من آل هاشم * دعائم عز لا ترام (9) ومفخر هم جبل الاسلام والناس حولهم * قيام إلى طود يروق ويبهر (10) بها ليل منهم جعفر وابن امه * علي ومنهم أحمد المتخير وحمزة والعباس منهم وفيهم (11) * عقيل وماء العود من حيث يعصر تأويني نيل وبيثرب أعسر * وهم اذاما نوم الناس مسهر (1) وفي الاصابة 2 / 238 والسيرة 4 / 36: تواردوا. (2) شعوب وقد خلقت ممن يؤخر (الاصابة 2 / 238) وفي الديوان: شعوب وقد خلفت فيمن يؤخر. (3) وقد ذكر ابن هشام في السيرة 4 / 36، هذا البيت والبيت الذي يليه هكذا. فلا يبعدن الله قتلى تتابعوا * بمؤتة منهم ذو الجناحين جعفر وزيد وعبد الله حين تتابعوا * جميعا وأسباب المنية تخطر (4) وفي السيرة: غداة مضوا بالمؤمنين. (5) وفي السيرة: إذا سيم. (6) وفي نسخة ز: المتشهدين. (7) وفي السيرة: وفاء. (8) وفي الديوان: فلا زال. وفي السيرة: فما يزال. (9) وفي الديوان: عز لا تزول. وفي السيرة: لا يزلن. (10) وفي السيرة: رضام إلى طود يروق ويقهر. (11) وفي شرح النهج لابن أبي الحديد 15 / 62: وحمزة والعباس منهم ومنهم.
[ 210 ]
[ ويرثيه أيضا كعب ] وقال كعب بن مالك (1) يرثي جعفر وأصحابه شعرا: نام (2) العيون ودمع عينك يهمل * سحا كما وكف الضباب المخضل وكأنما بين الجوانح والحشا * مما تأويني شهاب مدخل وجدا على النفر الذين تتابعوا * سرعى بمؤتة غود روا لم ينقل (3) صلى الاله عليهم من فتية * وسقى عظامهم الغمام المسبل صبروا هنالك (4) للاله نفوسهم * حذرا له وحفيظة أن ينكلوا (5) فمضوا أمام المؤمنين (6) كأنهم * فنق عليهن الحديد المرفل إذ يهتدون بجعفر ولوائه * قدام أولهم ونعم (7) الاول حتى تفرقت الصفوف وجعفر * بين الصفوف لدى الحتوف مجدل (8) بعض الكلمات الغريبة: شعب بضم الشين: وهي القبيلة. خلف: من يأتي بعده. أزهر: أبيض. أبي: عزيز الجانب. سيم: كلف وحمل. المجسر: المقدام الجسور. معترك: موضع الحرب. الرضام: جمع رضيم، وهي الحجارة يتراكم بعضها على بعض. الطود: الجبل. (1) وهو أحد شعراء الرسول صلى الله عليه وآله الذين كانوا يردون الاذى عنه. أسلم وشهد العقبة. توفي في عهد معاوية 50 ه وهو ابن سبع وسبعين سنة. أما القصيدة فهي مؤلفة من 25 بيتا وقد ابتدأ المؤلف بالمطلع ثم انتقل إلى البيت الرابع. (2) وفي السيرة: هدف العيون. (3) وفي السيرة: يوما بمؤتة اشتدوا لم ينقلوا. (4) وفي السيرة: صبروا بمؤتة. (5) وفي نسخة ز: عند الحمام وحفيظة أن ينكلوا. وفي السيرة: حذر الردى ومخافة أن يتكلوا. (6) وفي السيرة. امام المسلمين. (7) السيرة: فنعم الاول. (8) وفي السيرة: حتى تفرجت الصفوف وجعفر * حيث التقى وعنت الصفوف مجدل
[ 211 ]
فتغير القمر المنير لقدره (1) * والشمس قد كسفت وكادت تأفل قرم علا بنيانه من هاشم * فرع اشم وسؤدد ما ينقل (2) قوم بهم عصم الاله عباده (3) * وعليهم نزل الكتاب المنزل بيض الوجوه ترى بطون اكفهم * تندى إذا اعتذر الزمان الممحل ويهديهم رضي الاله لخلقه * وبحدهم (4) نصر النبي المرسل [ ضبط الغريب ] فأما قول حسان بن ثابت: رأيت خيار المسلمين تتابعوا شعوبا. تتابعوا: أي اتبع بعضهم بعضا شعوب. تفرقوا: فارقوا الدنيا وأهلها. والشعب: يكون تفرقا، ويكون اجتماعا. فمن الاجتماع، قول الطرماح شعرا: شتت شعب الحي بعد الالتيام * وسخال اليوم ربيع المقام (5) ويقول: شتت شملهم بعد الالتيام. ويقول: شعب بين القوم: إذا فرق بينهم. واشعب الطريق: إذا تفرق. واشعب أغصان الشجر: إذا تفرقت. وعصا في رأسها شعبتان. وشعب الجبال: ما تفرق من رؤوسها. وقوله: وخلفا بعدهم يتأخر. الخلف (بجزم اللام) هم القرون من الناس. قال الشاعر: (1) السيرة: لفقده. (2) السيرة: فرعا اشم وسؤددا ما ينقل. (3) السيرة: قوم بهم نصر الاله عباده. (4) السيرة: وبجدهم. (5) وفي لسان العرب 1 / 498: شعث شعب الحي بعد التئام * وشجاك اليوم ربع المقام
[ 212 ]
فبئس الخلق كان أبوك فينا * وبئس الخلق خلف أبيك خلفا والخلف من الصالحين. قال تبارك وتعالى: " فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات " (1). وقوله: ميمون النقيبة أزهر. النقيبة من العمل، يقول: إنه لميمون النقيبة كرم الفعال. الازهر: بمعنى المنير. وقوله: أبي إذا سيم الظلامة مجسر. الابي: الذي يأبى من أن يظلم أو يظلم. والمجسر، الجسور والجسارة، يقال منه رجل جسور وجسر ومجسر. وقوله: بمعترك. فالمعترك الموضع الذي يعترك القوم فيه للقتال. اعتراكهم: اعتلاجهم. أخذ ذلك من عرك الاديم إذا عرك: لترطيبه. والطود: الجبل العظيم. وقوله: يروق. الروق: الاعجاب، يقول: راقني هذا الامر فهو يروقني إذا أعجبه. وقوله: يبهر: يقول يعجز من رؤيته، ويقال للشئ إذا اعجزه الشئ قد أبهره، وهو شئ يبهر: يعجز وأما قول كعب: وبهاليل: جمع بهلول. والبهلول: الرجل الحي: أي الكريم. ودمع عينك يهمل، يقال منه: همل الدمع، وكل شئ ترك لا يستعمل فهو مهمل. وقوله: سحا. تقول من ذلك سيح المطر، والدمع. وهو سح سحا: إذا اشتد انصبابه. قال امرؤ القيس: فأضحى يسيح الماء من كل قبعة * يكب على الاذقان دوح الكنبهل (2) (1) مريم: 59. (2) وفي لسان العرب 11 / 103: فأضحى يسح الماء من كل فيقة * يكب على الاذقان دوح الكنهبل
[ 213 ]
وقوله: كما وكف الضباب. وكف: قطر. يقول: وكف الدار، إذا قطر. ووكف الدمع يكف وكفا ووكيفا. ودمع واكف. والضباب جمع ضبة: شقة مستتطيلة من المزادة والقربة. وقوله: مخضل، الخضل: البدن المبلول. اخضلتنا السماء: أي بلتنا بلا شديدا. وقوله: تأويني، يقول: راجعني وعاودني. والشهاب: شعلة النار. الغمام: السحاب. المسبل: التام الطويل العام. والحفيظة: من المحافظة على المحارم والمكارم وضعها عن الحروب. يقال من ذلك رجل ذوحفيظة، ورجال من أهل الحفاظ. وقوله: أن ينكلوا: أي ينكلوا ويرجعوا. يقال منه: نكل الرجل عن الشئ، إذا أحجم ورجع عنه. ويقال: نكل ينكل في لغة بني تميم. ونكل ينكل في لغة أهل الحجاز. وقوله: فنق: شبههم بفحول الابل. والفنيق: الفحل من الابل الذي لا يؤدي ولا يركب بكرامته على أهله. وقوله: عليهن الحديد المرفل. يعني السابقة التامة التي يجر على من مشى فيها الترفل: جر الذيل. وقوله في السمس: وكادت تأفل. أي تغيب. وكل شئ غاب فهو آفل. والقرم: الفحل من الابل. [ وقوله: ] الزمان الممحل. الماحل: القليل المطر. الممحل: انقطاع المطر ويبس الارض. * * *
[ 214 ]
[ اسرة أبي طالب ] وكان ولد أبي طالب الذكور أربعة: طالب: وبه كان يكنى. وعقيل: وبين مولدهما عشر سنين. وجعفر: بينه وبين عقيل عشر سنين. وعلي: أصغرهم، بينه وبين جعفر عشر سنين. وأعقبوا كلهم ما خلا طالب، فانه لم يعقب. وام هاني: واسمها فاختة. وجمانة. وامهم فاطمة بنت أسد بن هاشم. أسلمت، فكانت ربت النبي صلى الله عليه وآله. وقد ذكرنا قوله عليه الصلاة والسلام فيها عند موتها. وهي أول هاشمية ولدت من هاشمي. [ 1141 ] [ السري ] بن سهيل (1)، باسناده عن الزبير بن العوام، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يدعو النساء إلى البيعة لما أنزل الله تعالى: " يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك "... (1) هكذا صححناه وفي الاصل: السهل بن سهيل.
[ 215 ]
الآية (1). قال: فكانت فاطمة بنت أسد بن هاشم أول امرأة بايعت رسول الله صلى الله عليه وآله. [ وداعا يا ام أمير المؤمنين ] [ 1142 ] بكر بن عبد الوهاب، باسناده، أن رسول الله صلى الله عليه وآله دفن فاطمة بنت أسد بن هاشم، ام علي عليه السلام بالروحاء وكفنها في قميصه، ونزل في قبرها، وتمعك في لحدها. فقيل له في ذلك، فقال: إن أبي هلك وأنا صغير، وهلكت امي، وأخذتني هي وأبو طالب، وكانا يوسعان علي، ويؤثران لي على أولادهما، فأحببت أن يوسع الله عليها في قبرها. وكانت مبايعة مهاجرة من أفضل المؤمنات، ودعا لها رسول الله صلى االله عليه وآله وجزاها خيرا (2). [ 1143 ] ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، باسناده، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام، أنه قال: أوصت فاطمة بنت أسد بن هاشم، ام علي بن أبي طالب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فقبل وصيتها، فقالت له: يا رسول الله اني أردت أن أعتق [ جاريتي ] (3) هذه. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله: ما قدمت من خير تجديه (4). فلما توفيت نزع رسول الله صلى الله عليه وآله قميصه، وقال: كفنوها [ فيه ]. واضطجع في لحدها، وقال: أما قميصي فأمان لها يوم (1) الممتحنة: 12. (2) قال ابن الصباغ في الفصول ص 31: وقال صلى الله عليه وآله: الله الذي يحيي ويميت وهو حي. (3) هكذا صححناه وفي الاصل: جارية. (4) وفي بحار الانوار 35 / 77: فستجديه.
[ 216 ]
القيامة، وأما اضطجاعي في قبرها فليوسع الله عليها. [ ام هاني واختها ] وام هاني وجمانة ابنتا أبي طالب اختا علي عليه السلام المبايعتان، ولما فتح رسول الله صلى الله عليه وآله مكة، وندر دماء قوم سماهم، وقال: اقتلوهم حيث وجدتموهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله خطب ام هاني بنت أبي طالب، فاعتذرت إليه بأنها غيرة لا تملك نفسها، فعذرها. [ 1144 ] فتزوجها هبيرة بن أبي وهب المخزومي (1) وكان فيمن ندر رسول الله دمه رجلان من أحمائها بني مخزوم (2)، فاستجارا بها. فدخل علي عليه السلام، فرأهما، فأخذ سيفه، وقام ليقتلهما، فحالت فيما بينه وبينهما، وكانت ايدة (3) فلوت [ يده ]، وانتزعت السيف منه، فغلبته. وأغلقت عليهما باب بيتها، فألح علي عليه السلام، فقالت له: بيني وبينك رسول الله صلى الله عليه وآله. وانتهى الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله قبل أن يصلا إليه، فلما رآهما ضحك صلى الله عليه وآله، وقال لعلي عليه السلام: هيه يا أبا الحسن غلبتك ام هاني ؟ قال عليه السلام: يا رسول الله، والله ما ملكت من يدي شيئا (1) هبيرة بن أبي وهب بن عمرو بن عايذ بن عمران بن مخزوم تزوج من ام هاني وقد ولدت له أولادا، وهرب إلى نجران، ومات مشركا (ذخائر العقبى ص 223). وقال ابن أبي الحديد: ولدت ام هاني لهبيرة بن أبي وهب بنين أربعة: جعدة وعمرا وهانئا ويوسف (شرح نهج البلاغة 10 / 79). (2) وهما عبد الله بن أبي ربيعة والحارث بن هشام (المغازي 2 / 829. السيرة لابن هشام 4 / 53). (3) أي قوية.
[ 217 ]
حتى انتزعت السيف من يدي. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لو أن ابا طالب ولد الناس كلهم لكانوا أشداء. ثم قال لام هاني - وهو مبتسم -: إنا قد ندرنا دمهما يا ام هاني. قالت: يا رسول الله اني قد أجرتهما، فهبهما لي. قال صلى الله عليه وآله: قد أجرنا من أجرت يا ام هاني. وقال لعلي عليه السلام: أعرض عنهما، ودعهما لها. [ جمانة ] وكانت جمانة عند ابن عمها أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب (1). وكان أبو سفيان هذا أخا لرسول الله صلى الله عليه (1) روي أنه أحد الخمسة الذين كانوا يشبهون رسول الله صلى الله عليه وآله وجمعهم ابن سيد الناس في بيتين: خمسة شبهة المختار من مضر * بأحسن ما خولوا من شبهه الحسن بجعفر وأين عم المصطفى قثم * وسائب وأبي سفيان والحسن وهو أبو سفيان ابن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله، وأخوه من الرضاعة (وقيل إن اسمه المغيرة، وقيل إن المغيرة هو أخوه من أمه كما ورد في الذخائر ص 243)، وكان يألف رسول الله صلى الله عليه وآله قبل البعثة، وبعده عاداه وهجاه، وكان شاعرا، وقد رد عليه حسان بن ثابت بقوله: هجوت محمدا فأجبت عنه * وعند الله في ذاك الجزاء قال أبو هشام: وأنشد أبو سفيان ابن الحارث قوله في إسلامه، واعتذر إليه مما كان مضى عنه. فمن قوله: لعمرك اني يوم أحمل راية * لتغلب خيل اللات خيل محمد كالمدلج الحيران أظلم ليله * فهذا أواني حين اهدى واهتدي توفي سنة 16 ه، وكان هو الذي حفر قبره بيده قبل أن يموت بثلاثة أيام (سيرة ابن هشام 4 / 401، الدرجات الرفيعة ص 167).
[ 218 ]
وآله من الرضاعة أرضعتهما حليمة (1) وكان يألف رسول الله صلى الله عليه وآله، وأسلم عام الفتح، وشهد حينن، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أرجو أن يكون أبو سفيان خلفا من عمه حمزة. وقال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله: أبو سفيان من فتيان أهل الجنة. ومات بالمدينة، وكان سبب موته ثؤلول في رأسه، فحلقه الحلاق بمنى، فقطعه، ولما احتضر قال لاهله: لا تبكوا علي، فاني لم اصطف بخطيئة مذ أسلمت (2)، وكانت وفاته سنة عشرين، ودفن بالبقيع، ولم يبق له عقب (3) وهو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله. وأبوه الحارث، وهو اكبر ولد عبد المطلب وبه يكنى وشهد معه حفر زمزم وهو عم رسول الله صلى الله عليه وآله. (1) حليمة السعدية بنت أبي ذؤيب من بني سعد بن بكر زوجها الحارث بن عبد العزى بن رفاعة من هوازن (السيرة 4 / 158. تفسير الرازي 4 / 210. المغازي 2 / 806). (2) وفي الذخائر ص 243، والاستيعاب 4 / 84: قال: اني لم أنطف بخطيئة يوم أسلمت. (4) وقد ذكر المؤرخون له أولادا. قال صاحب الدرجات الرفيعة: انه خلف ثلاثة ذكور وبنتا وهم: 1 - عبد الله: قال محب الدين الطبري في الذخائر ص 243: ان عبد الله رأى النبي صلى الله عليه وآله وكان معه مسلما بعد الفتح، وقد مدح أمير المؤمنين في أبيات منها. صلى علي مخلصا بصلاته * لخمس عشر من سنيه كوامل وخلى أناسا بعده يتبعونه * له عمل أفضل به صنع عامل وقال ابن عساكر: بان عبداالله لحق بعلي عليه السلام بالمدائن، وكان شاعرا أجاب الوليد بن عقبة، قائلا: (منا علي الخير صاحب خيبر)... الخ. وقال المفيد عن الواقدي: قتل عبد الله بن أبي سفيان بكربلاء شهيدا مع الحسين عليه السلام (الدرجات الرفيعة ص 189). 2 - جعفر: وامه جمانة بنت أبي طالب، وقد شهد حنينا مع رسول الله صلى الله عليه وآله، ولم يزل مع أبيه ملازما للنبي صلى الله عليه وآله حتى قبض، وتوفي بدمشق سنة 50 ه (ذخائر العقبى ص 243 الدرجات ص 165). 3 - أبو الهياج. وقيل اسمه علي، وقيل اسمه عبد الله. 4 - عاتكة تزوجها مقصب بن أبي لهب، فولدت له (الذخائر ص 242) وأضاف أنه لم يكن من أولاده المغيرة بل هو أخوه من أبيه وامه غذية بنت قريش بن طريف، والله اعلم.
[ 219 ]
[ أولاد عبد المطلب ] وكان لعبد المطلب بن هاشم (1) جد رسول الله صلى الله عليه وآله من الولد: عشرة ذكور، ومن البنات: ست بنات. فولده الاصغر عبد الله أبو رسول الله صلى الله عليه وآله، وتوفي في حياة عبد المطلب. والحارث وهو اكبر ولده. والزبير. وأبو طالب واسمه عبد المناف. والعباس. وضرار. وحمزة. والمقرم. وأبو لهب واسمه عبد العزى. والعبدان، واسمه حجل، ويقال: نوفل. فهولاء أعمام النبي صلى الله عليه آله. وعبد الله وأبو طالب والزبير وعاتكة (2) واميمة (3) والبيضاء (4) وبرة (5) (1) وكانت قريش تقول: عبد المطلب ابراهيم الثاني. ولد في المدينة وتوفي في مكة سنة تسع من عام الفيل ولرسول الله صلى الله عليه وآله من العمر ثمان سنين، ولعبد المطلب مائة وعشرون سنة، وأعظمت قريش موته. وغسل بالماء والسدرة، وكانت قريش أول من غسل الموتى بالسدر. ولف في حلتين من حلل اليمن وطرح عليه المسك حلى ستره، وحمل على أيدي الرجل عدة أيام اعظاما واكراما واكبارا لتغيبه في التراب (عيون الاثر 1 / 4. تاريخ اليعقوبي 2 / 11). (2) وكانت عند أبي امية ابن المغيرة المخزومي، فولدت له: عبد الله وقد أسلم وشهد فتح مكة وحنين والطائف وفيها رمي بسهم فقتل (كما في الذخائرص 250) وزهير. (3) وكانت عند جحش ابن أخي بني غنم فولدت له: عبد الله (وكان من المهاجرين إلى الحبشة وتنصر فيها) وعبيدالله (وهو الذي عقد له أول لواء في الاسلام) وأبا أحمد وزينب وام حبيبة وحمنة (الذخائر ص 251). (4) وهى أم حكيم. (5) وكانت عند أبي دهم ابن عبد العزى العامري. ثم خلف عليها بعده عبد الاسد بن هلال المخزومي،
[ 220 ]
سبعة منهم أشقاء، وامهم فاطمة بنت عمرو بن عمران بن مخزوم (1). والعباس وضرار شقيقان، امهما نبيلة، من ولد النمر بن قاسط. وحمزة والمقرم وصفية (2) أشقاء، امهم هالة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة. والحارث وأروي (3) شقيقان، وامهما صفية (4)، امرأة من بني عامر بن صعصعة. والعبد وحيد لامه، وهي ممتنعة بنت عمر من خزاعة. [ أبو طالب ] ولما ولد رسول الله صلى الله عليه وآله كفله جده عبد المطلب، فلما مات فولدت له: أبا سلمة، وكان من المهاجرين إلى الحبشة ثم إلى المدينة وشهد بدرا وجرح يوم أحد فمات منه. (1) وهكذا ذكره فخار بن معد المتوفى 620 ه في كتابه الحجة على الذاهب ص 254، أما ابن هشام في السيرة 1 / 109: فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن مخزوم بن يقظة. (2) وهي ام الزبير، أسلمت وشهدت الخندق، وقتلت رجلا من اليهود، عند ما تخلف حسان بن ثابت في المدينة وطلبت منه أن يذهب إلى قتله، فاستعذر، ولما قتلته خوفا من أن يذهب إلى قومه ويرشدهم على عورات المسلمين ضرب لها النبي صلى الله عليه وآله بسهم، وروت الحديث. وكانت في الجاهلية عند الحرث بن حرب بن امية فهلك، فخلف عليها العوام بن خويلد، أخو خديجة بنت خويلد، فولدت له: الزبير والسابق وعبد الكعبة. توفيت في المدينة سنة عشرين وعمرها ثلاث وسبعون سنة ودفنت في البقيع (المدخل لابن الحاج 1 / 265، وفاء الوفاء 2 / 105، المناقب 1 / 137). (3) وكانت عند عمير بن وهب، فولدت له: طليبا ثم خلف عليها كلدة بن عبد المناف. أما طليب فقد أسلم، وكان سبب اسلامه أمه. ذكر الواقدي: أن طليبا أسلم في دار الارقم، ثم خرج فدخل على امه اروى بنت عبد المطلب. فقال: اتبعت محمدا، وأسلمت لله عزوجل. فقالت: إن أحق من واددت وعضدت ابن خالك، والله لو قدرنا على ما يقدر عليه الرجال لمنعناه. ثم شهدت الشهادتين (ذخائر العقبى ص 251). (4) صفية بنت جندب.
[ 221 ]
عبد المطلب كفله عمه أبو طالب شقيق أبيه، فلما اختصه الله عزوجل بالنبوة، وابتعثه بالرسالة حماه أبو طالب ونصره ومنع منه من أراد أذاه، وصدق رسول الله صلى الله عليه وآله فيما جاء به من الرسالة والنبوة، وعنف من دفع ذلك وكذبه، إلا أنه لم يظهر الاسلام (1) وكان ذلك أنفع لرسول الله صلى الله عليه وآله لانه كان سيدا مطاعا في قومه، فلو أسلم لكان كرجل من المسلمين، ولم يبلغ من الذب عن رسول الله صلى الله عليه وآله ما بلغ وهو على حالته، ولم يكن يتحاماه المشركون فيه كما تحاموه، وكان ذلك من صنع الله عزوجل لرسوله صلى الله عليه وآله، وله في نصرة رسول الله صلى الله عليه وآله، والذب عنه، والمحاماة عنه من دونه ما يخرج ذكره بطوله عن حد هذا الكتاب، وله في ذلك أشعار كثيرة معروفة يستدعي فيها قبائل العرب لنصرة رسول الله صلى الله عليه وآله ويؤكد فيها فضله وصدقه وأمر ابنيه عليا وجعفر باتباعه، ورغبهما في ذلك، وأقر بنبوة محمد صلى الله عليه وآله، وذكر ذلك في غير موضع من شعره. فمنه (1) روى محمد بن ادريس، عن الصادق عليه السلام عن آبائه، عن علي عليه السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: هبط علي جبرائيل، فقال لي: يا محمد إن الله عزوجل مشفعك في ستة: بطن حملتك آمنة بنت وهب وصلب أنزلك عبد الله بن عبد المطلب وحجر كفلك أبو طالب (الحجة على الذاهب ص 48): وروى عن الصادق عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إن أصحاب الكهف أسروا الايمان وأظهروا الكفر فأتاهم الله أجرهم مرتين، وأبا طالب أسر الايمان وأظهر الشرك فأتاه الله أجره مرتين (شرح النهج لابن أبي الحديد 14 / 70). وعن الشعبي مرفوعا، عن أمير المؤمنين عليه السلام: كان والله أبو طالب بن عبد المطلب مؤمنا مسلما يكتم ايمانه على بني هاشم ان تساندها قرش (بحار الانوار 35 / 112). وعن أبي علي الموضح، انه قال: تواترت الاخبار عن علي بن الحسين عليه السلام أنه سئل عن أبي طالب أكان مؤمنا ؟ فقال عليه السلام: نعم. فقيل له: إن قوما ههنا يزعمون أنه كافر. فقال عليه السلام: واعجباه أيطعنون على علي بن أبي طالب أو على رسول الله. وقد نهى الله أن يقر مؤمنة مع كافر في غير آية من القرآن ولا يشك أحد أن فاطمة بنت أسد رضي الله عنها من المؤمنات الصادقات، فانها لم تزل تحت أبي طالب حتى مات أبو طالب (بحار الانوار 35 / 112).
[ 222 ]
قوله في شعر له هذه الابيات (1): ألا أبلغا عني على ذات بيننا (2) * لؤيا وخصا من لؤي بني كعب ألم تعلموا إنا وجدنا محمدا * نبيا (3) كموسى خط في أول الكتب وأن عليه في العباد محبة * ولا خير (4) ممن خصه الله في الحب وقوله في آخر: فأمسى ابن عبد الله فينا مصدقا * على ساخط من قومنا غير معتب وقوله [ في ] قصيدة له طويلة (5) شعرا: وما ترك قوم - لا ابالك - سيدا * يحوط الذمار غير ذرب مؤاكل (1) وقد أنشد هذه الابيات في شأن الصحيفة واكل الارضة ما فيها من ظلم وقطيعة رحم وهي مؤلفة من سبعة أبيات مطلعها: ألا من لهم آخر الليل منصب * وشعب العصا من قومك المتشعب وما ذكره المؤلف (ره) هو من الابيات الاخيرة من القصيدة. أما القصيدة فقد ذكرت في الديوان ص 17. وايمان أبي طالب للمفيد ص 79، ناسخ التواريخ 1 / 260، الكامل لابن الاثير 2 / 36. أما الشيخ الاميني في الغدير 7 / 333 فقد ذكر القصيدة في أربعة عشر بيتا ولم يذكر البيت الاخير (فأمسى ابن عبد الله مصدقا) من جملتها. وقد ذكرت القصيدة في روض الانف 1 / 221، والسيرة لابن هشام 1 / 319، الاحتجاج للطبرسي 1 / 346، شرح ابن أبي الحديد 124 / 72، خزانة الادب 1 / 261، بلوغ الادب للآلوسي 1 / 325. (2) وفي السيرة: ذات بينها. (3) وفي السيرة: رسولا. (4) وفي السيرة والروض الانف: (ولا خير ممن خصه الله بالحب) وفي نسخة ز: ولا حيف فيمن خصه الله. (5) وتعرف القصيدة باللامية، ومطلعها: خليلي ما اذني لاول عاذل * بصفراء في حق ولا عند باطل وقد ذكر ابن أبي الحديد القصيدة في سبعة عشر بيتا (شرح النهج 14 / 39) وابن هشام في تسعين بيتا والامينى في الغدير 7 / 340 في مائة وأحد وعشرين بيتا. ومن الملاحظ أن المؤلف ره قد نقل الابيات باختلاف وتقديم وتأخير مثلا: فأيده رب العباد. موقعه في أواخر القصيدة جاء بها قبل: لكنا اتبعناه على كل حال.
[ 223 ]
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ثمال [ ال ] يتامى عصمة للارامل يلوذ به الهلاك من آل هاشم * فهم عنده في نعمة وفواضل وقوله فيها: كذبتم وبيت الله نترك أحمدا (1) * ولما نطاعن (2) حوله ونناضل ونسلمه حتى نصرع حوله * ونذهل عن أبنائنا والحلائل لعمري لقد كلفت وجدا بأحمد * واخوته داب المحب المواصل (3) فلا زال في الدنيا جمالا لاهلها * وزينا لمن والاه رب المشاكل (4) فما مثله (5) في الناس أي مؤمل * إذا قامت (6) الحكام عند التفاضل حليم رشيد عادل غير طائش * يوالي إلها ليس عنه بغافل فأيده رب العباد بنصره * واظهر دينا حقه غير باطل (7) فوالله لولا أن أجئ بسبة * تعد على أشياخنا في المحافل (8) لكنا اتبعناه على كل حالة * من الدهر جدا غير قول التهازل لقد علموا أن ابننا لا مكذب * لدينا ولا يعني بقول (9) الا باطل [ ضبط الغريب ] قوله: يحوط الذمار. ذمار الرجل: كلما يلزمه حماة والدافع عنه وان ضيعه (1) نترك محمدا. وفي نسخة الشنقيطي: نبرى محمدا. (2) السيرة: ولما نطاعن دونه ونناضل. (3) السيرة: وأجبته حب حبيب المواصل. (4) السيرة: زينا لمن ولاه ذب المشاكل. (5) السيرة: فمن مثله. (6) إذا قاسه الحكام. (7) السيرة: غير فاصل. (8) السيرة: تجسر على أشياخنا في القبائل. (9) السيرة: ولا نعني بقول إلا باطل.
[ 224 ]
لزمه القوم لذلك. والذمر: اللوم والتحريض. الذرب: الجاد من كل ئ (1) قال الشاعر: (اني لقيت ذربة من الذرب) يعنى امرأة سليطة. الموكل من الرجل: الذى يتكل أمره على غيره (فيعينه، ومثله رجل مكليه: وهو الذي يكل أمره على غيره) (2). وقوله: يستسقى الغمام بوجهه. الغمام: السحاب. والثمال: اللبن. [ استشهاد الرسول بأبيات أبي طالب ] [ 1145 ] ولما أن دعا رسول الله على [ مضر ]. وقال: اللهم اجعلها عليهم كسني يوسف. فأحبس الغيث عنهم، واجدبوا حتى هلك اكثرهم واسترحم لهم رسول الله صلى الله عليه وآله، فاستسقى، فما انصرف حتى همت الناس أنفسهم من شدة المطر. فقال صلى الله عليه وآله: لو أن أبا طالب شهد هذا المشهد لسره لما سبق، ومنه قوله: (وأبيض يستسقى الغمام بوجهه). [ واستشهاده أيضا في يوم بدر ] ولما أن جرح عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب (3) يوم بدر (1) وفي نسخة ز: المجادة من كل شئ. (2) ومنه قول أبي المثلم (حامي الحقيقة لا وان ولا وكل) لسان العرب 11 / 735. (3) أسلم وكان مع رسول الله صلى الله عليه وآله في مكة، ثم هاجر وشهد بدرا، وذكر ابن اسحاق
[ 225 ]
وانصرف رسول الله صلى الله عليه وآله، وصار إلى بعض الطريق، سال مخ ساق عبيدة (1) وكان ضرب على ساقه، واشتد عليه واحتضر، وجاء رسول الله صلى الله عليه وآله، فدعا له، وأثنى عليه وبشره بالجنة. وكان شيخا مسنا. ويقال إنه بارز من بارزه، وهو يتوكأ على عصا (2). فقال لرسول الله صلى الله عليه وآله: نحن كما قال أبو طالب. وأنشده شعرا: ونسلمه حتى نصرع حوله * ونذهل عن أبنائنا والحلائل [ نعود إلى ذكر أبي طالب ] وكان اظهار أبي طالب ما اظهر من التمسك بدين العرب، والرغبة فيه مع تصديقه لرسول الله صلى الله عليه وآله واقراره بنبوته، مما أيد الله به أمر محمد صلى الله عليه وآله، لانه [ لو ] أظهر الاسلام لرفضته العرب ولم يعضده من عضده منهم على نصرة رسول الله صلى الله عليه وآله. والاخبار يطول ذكرها في تربيته رسول الله صلى الله عليه وآله وايثاره إياه على ولده وقيامه به وبذله نفسه دونه. أن النبي صلى الله عليه وآله عقد لعبيدة راية، وارسله في سرية قبل واقعة بدر، فكانت أول راية عقدت في الاسلام. قال ابن هشام في السيرة ص 526: لما اصيب في قطع رجله يوم بدر قال: أما والله لو أدرك أبو طالب هذا اليوم لعلم أني أحق بما قال منه حيث يقول: كذبتم وبيت الله نبرى محمدا * ولما تطاعن دونه ونناضل وتوفي في العام الثاني للهجرة. (1) المغازي 1 / 69، شرح النهج لابن أبي الحديد 14 / 80، خزانة الادب 2 / 64. (2) الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب لشمس الدين المتوفى 630 ه ص 302، الكامل لابن الاثير 2 / 125.
[ 226 ]
[ حمزة بن عبد المطلب ] فأما حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وآله، وعم علي عليه السلام، فكان على ما كان عليه أبو طالب من الحمية في رسول الله صلى الله عليه وآله والذب عنه ولم يسلم إلى أن خرج يوما لصيد، ومر رسول الله صلى الله عليه وآله في المسجد الحرام ينادي قريشا، فنالوا منه، وكان أكثرهم قولا فيه أبو جهل (1). وجاء حمزة من الصيد، فاخبر بذلك (2)، فجاء مغضبا وهو مقلد قوسه حسب ما كان في صيده، فكان من شأنه إذا دخل المسجد أن يبدأ، فيطوف بالبيت ثم يأتي نادي بني عبد المطلب، فيجلس فلم يلو على شئ حتى وقف على أبي جهل، فشجه شجة منكرة، وقال: أتشتم ابن أخي، فأنا على دينه أقول ما يقول. فاردد علي ان استطعت. فقام إليه [ رجال ] (3) من بني مخزوم لينتصروا منه، فقام إليهم أبو جهل، وقال: دعوا أبا عمارة، فاني والله سببت ابن أخيه سبا قبيحا. (وانما فعل ذلك ليستميله لان لا يسلم) فتمادى حمزة على الاسلام، وأتى رسول الله صلى الله عليه وآله وأظهر (1) وهو عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي. كنيته: أبو الحكم. كناه المسلمون أبا جهل، وكان أشد الناس عداوة لرسول الله صلى الله عليه وآله وشهد بدرا، فكان من جملة قتلى المشركين (امتناع الاسماء 1 / 18. السيرة الحلبية 2 / 33). (2) إذ أقبل حمزة متوشحا بقوسه راجعا من قنص له فوجد النبي صلى الله عليه وآله في دار اخته مهموما وهى باكية، فقال له: ما شأنك ؟ قالت: ذل الحمى، يا أبا عمارة لو لقيت ما لقي ابن اخيك محمد آنفا من أبي الحكم ابن هشام، وجده هاهنا جالسا، فأذله وسبه وبلغ منه ما يكره، فانصرف [ حمزة ] إلى المسجد (المناقب 1 / 62). (3) هكذا صححناه وفي الاصل: رجل.
[ 227 ]
اسلامه فعلم بنو عبد شمس أنه سيمنع من رسول الله صلى الله عليه وآله لما أن أسلم. وكان حمزة منيع الجانب من قريش، شديد العارضة، أبي النفس. فكف بنو عبد شمس من أذى النبي صلى الله عليه وآله، وعن شتمه، وأظهر حمزة الاسلام، ودخل في جملة أهله. [ عقب حمزة ] وكان يكنى أبا عمارة، ولا عقب له، وكان قد ولد له ولد سماه عمارة من امرأة بني النجار، ومات. وكانت له ابنة يقال لها: ام أبيها، وهي التي تقدم الخبر باخراج علي عليه السلام لها من مكة في عمرة رسول الله صلى الله عليه وآله بعد الحديبية، وأنه تنافس في كفالتها معه من ذكر في الخبر. وعرضها علي عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله ليتزوجها (1). فقال صلى الله عليه وآله: إنها ابنة أخي في الرضاعة. وكان حمزة عليه السلام قد رضع مع رسول الله صلى الله عليه وآله، أرضعتهما امرأة من مكة (يقال لها: ثويبة) (2). (1) قال الطبري في الذخائر ص 107: اخرج مسلم عن علي عليه السلام، قال: قلت لرسول الله صلى الله عليه وآله: مالك لا تنوق في قريش وتدعنا (أي لم تتزوج من قريش ولا تتزوج من بني هاشم) ؟ قال صلى الله عليه وآله: وعندكم شئ ؟ قلت: نعم بنت حمزة. فقال صلى الله عليه وآله: إنها لا تحل لي فانها ابنة اخي من الرضاعة. وفي الاستيعاب 1 / 17: عن ابن عباس، قال: قيل للنبي صلى الله عليه وآله: ألا تتزوج ابنة حمزة ؟ فقال صلى الله عليه وآله: انها ابنة أخي من الرضاعة. (2) وكان حمزة أخا رسول الله من الرضاعة أرضعتهما وعبد الله بن عبد الاسد ثويبة بلبن ابنها مسروح، وكانت ثويبة مولاة أبي لهب (ذخائر العقبى ص 172). وقال في الاصابة 1 / 16: ولدت آمنة لعبدالله رسول الله وولدت هالة لعبد المطلب حمزة، فأرضعت منهما أبا سلمة ابن عبد الاسد. فكان رسول الله صلى الله عليه وآله يكرم ثويبة، وكانت تدخل على النبي صلى الله عليه وآله بعد أن تزوج خديجة، فكانت خديجة تكرمها وأعتقها أبو لهب بعد ما هاجر الرسول إلى المدينة. فكان صلى الله عليه وآله بعث إليها من المدينة بكسوة وصلة حتى ماتت بعد فتح خيبر.
[ 228 ]
[ جهاده ] فهاجر حمزة مع رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة وشهد بدرا، ولما أن توافقوا للقتال يومئذ برز من المشركين عتبة (1) وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة ودعوا للمبارزة، فبرز إليهم علي عليه السلام وحمزة عم رسول الله صلى الله عليه وآله وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، وقد كان يومئذ شيخا مسنا، خرج إلى المبارزة يتوكأ على عصاه، ولما أن تبارزا يومئذ أنزل الله عزوجل فيهم " هذان خصمان اختصموا في ربهم " الاية (2). فبارز علي عليه السلام الوليد بن عتبة، فقتله، وبارز حمزة شيبة، فقتله. وبارز عبيدة بن الحارث عتبة، فاختلف بينهما ضربتان أثبت كل واحد منهما صاحبه، فعطف حمزة عليه السلام وعلى عليه السلام على عتبة، فقتلاه، واستنقذا عبيدة بن الحارث، وقد قطع عتبة رجله (3)، فمات من ذلك بعد منصرفهم إلى المدينة بالصفراء (4). وقتل حمزة يومئذ طعيمة بن عدي، وسبأ الخزاعي، وجماعة من المشركين. [ شجاعته ] وكان حمزة يدعى: أسد الله وأسد رسوله، لنجدته وشجاعته واقدامه، وشهد (1) وهو عتبة بن ربيعة بن عبد قيس. كنيته: أبو الوليد من شخصيات قريش وكان يضمر عداء شديدا لرسول الله، وقد نشأ في حجر حرب بن امية لانه كان يتيما، وقد شهد بدرا. وكان ضخم الجثة عظيم الهامة طلب يوم بدر بخوذة ليلبسها، فلم يجد ما يسع هامته. وقد قتله علي بن أبي طالب (الروض الانف 1 / 121، نسب قريش ص 153). (2) الحج: 19. (3) وفي نسخة ز: رجليه. (4) الصفراء بالتأنيث: وادي الصفراء من ناحية المدينة وهو واد كثير النخل والزرع في طريق الحاج بينه وبين بدر مرحلة وماؤها عيون (مراصد الاطلاع مادة الصفراء).
[ 229 ]
يوم احد (1)، فأبلى من المشركين بلاء شديدا، وقتل منهم عددا كثيرا، وقتل يومئذ عثمان بن أبي طلحة صاحب لواء المشركين (2). وكان إذا هجم يومئذ انفرجوا، ولم يقم أحد منهم له، فهجم في جماعة منهم، فافترقوا، وكان فيهم وحشي بن الحارث، وكان من سودان مكة عبدا لجبير بن مطعم (3)، فاستتر منه [ خلف ] شجرة، ولم يرد حمزة عليه السلام وسار مقدما أمامه في طلب المشركين. فرماه وحشي بحربة كانت معه، فأصاب مقتله فسقط، وأحاط به المشركون فمثلوا به لشدة ما أبلى [ في ] هم وكثرة من قتل منهم. وكانت هند ام معاوية مع المشركين يومئذ تحرضهم على القتل، فلما أن قتل حمزة أتت إليه، فبقرت بطنه وأخذت قطعة من كبده، فرمتها في فمها ولاكتها، وأرادت أن تبلعها، فلم تستطع وألقتها (ط). (1) عن عمر يناهز الاربع والستين سنة. (2) قال الواقدي في المغازي 1 / 246: وكان يرتجز أمام النساء: اني على أهل اللواء حقا * ان تخطب الصعدة أو تندقا (3) جبير بن مطعم بن عدي (شرح النهج لابن أبي الحديد 15 / 13). (4) قال حسان بن ثابت وهو يبكي: أتعرف الدار عفا رسمها * بعدك صوب المسيل الهاطل بين السراديح فأدمانه * فمدفع الروحاء في حائل سألتها من ذاك فاستجمعت * لم تدر ما مرجوعة السائل دع عنك دارا قد عفا رسمها * وابك على حمزة ذي النائل المالئ الشيزى إذا أعصفت * غبراء في ذي الشيم الماحل والتارك القرن لذي لبدة * يعثر في ذي الخرص الذابل واللابس الخيل إذا أحجمت * كالليث في عابته الباسل أبيض في الذروة من هاشم * لم يمر درن الحق بالباطل مال شهيدا بين أسيافكم * شلت يدا وحشي من قاتل صلى عليه الله في جنة * عالية مكرمة الداخل
[ 230 ]
فقال النبي صلى الله عليه وآله: أما إنها لو ابتلعتها حتى يخالط دم حمزة دمها لما طعمتها النار، ولكن أبى الله ذلك. ووقف عليه رسول الله صلى الله عليه وآله، واشتد حزنه عليه، فقال صلى الله عليه وآله: لئن أمكنني الله عزوجل منهم لامثلن منهم سبعين. فأنزل الله عزوجل " وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم كنا نرى حمزة حرزا لنا * في كل أمر نابنا نازل وكان في الاسلام ذاتدرا * يكفيك فقد القاعد الخاذل لا تفرجى يا هند واستجلبي * دمعا فاذري عبرة الثاكل وابكي على عتبة إذ قطه * بالسيف تحت الرهج الجائل إذ خرفي مشيخة منكم * من كل عات قلبه جاهل أرداهم حمزة في اسرة * يمشون تحت الحلق الفاضل غداة جبريل وزير له * نعم وزير الفارس الحامل ضبط الغريب: عفا: غبر ودرس. الصوب: المطر. السراديح: جمع سرادح، وهو الوادي. ادمانه: مكان بعينه. المدفع: حيث يندفع السيل. الحائل: الجبل. النائل: العطاء. الشيزي: الجهان التي تصنع من خشب الشيز. وأعصفت: اشتدت. الغبراء: التي تثير الغبار وتهيجه. الشيم: الماء البارد. الماحل: من المحل وهو القحط. القرن: الذي يقاومك في القتال. ذو الخرص: الرمح، والخرص سنانه. ذاتدرا: يريد انه كان كثير الدفاع عنا. الرهج: الغبار. الجائل: المتحرك الثائر مما اثارته سنابك الخيل واقدام المحاربين. الحلق: الدروع. وقال كعب بن مالك: ولقد هددت لفقد حمزة هدة * ظلت بنات الجوف منها ترعد ولو أنه فجعت حواء بمثله * لرأيت رأسي صخرها يتبدد قوم تمكن في ذؤابة هاشم * حيث النبوة والندى والسؤدد والعاقر الكوم الجلاد إذا غدت * ريح يكاد الماء فيها يجمد والتارك القرن الكمى مجدلا * يوم الكريهة القنا يتقصد وتراه يرفل في الحديد كأنه * ذولبدة شأن البرائن أربد عم النبي محمد وصفيه * ورد الحمام فطاب ذاك المورد وأتى المنية معلما في اسرة * نصروا النبي ومنهم المستشهد ولقد أخال بذاك هندا بشرت * لتميت داخل غصة لا تبرد
[ 231 ]
به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين. واصبر وما صبرك إلا بالله " (1). وصبر رسول الله صلى الله عليه وآله، فدفنه مع الشهداء في مصارعهم. ولما أن صار إلى المدينة سمع بكاء نساء الانصار على من قتل منهم، فقال صلى الله عليه وآله: لكن حمزة لا بواكي له. فسمع ذلك الانصار، واجتمع نساؤهم وآتين منزل رسول الله صلى الله عليه وآله، فجعلن يبكين حمزة، فخرج صلى الله عليه وآله، فجزاهن خيرا، وأمرهن أن ينصرفن. [ قاتل حمزة ] وأسلم وحشي بعد ذلك، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: غيب وجهك عني. فكان إذا رآه توارى منه، وخرج بعد ذلك إلى الشام (2)، وكان يشرب الخمر ويلبس المعصفرات وحد على شرب الخمر وهو أول من حد في الشام على شر الخمر (3). إلى قوله: شتان من هو في جهنم ناويا * أبدا ومن هو في الجنان مخلد ضبط الغريب: بنات الجوف: يعني قلبه وما اتصل به مما يشتمل عليه الجوف. ذؤابة هاشم: أعاليها، وأراد سمي أنسابها وأرفعها. الكوم: جمع كوماء، وهي من الابل العظيمة السنام. مجدلا: مطروحا على الجدالة وهي الارض. الحديد: أراد به الدروع. البراثن: للسباع بمنزلة الاصابع للانسان. الاربد: الاغبر يخالط لونه سواد. (1) النحل: 126. (2) إلى مدينة حمص. (3) قال ابن الاثير في الكامل 2 / 251: وهو أول من لبس المعصفر المصقول في الشام.
[ 232 ]
[ العباس بن عبد المطلب ] وأما العباس بن عبد المطلب (1) عم الرسول، فأنه كان أسن بثلاث سنين من رسول الله صلى الله عليه وآله، ولم يسلم إلى أن شهد بدرا مع مشركي أهل مكة. وكان رسول الله صلى الله عليه وآله [ قد ] قال للمسلمين يوم بدر: فمن قدرتم أن تأسروه من بني هاشم فلا تقتلوه، فانهم اخرجوا كرها. فاسر العباس فيمن اسر (2)، وشد في الوثاق، فكان يئن لشدة الرباط، فإذا سمعه رسول الله صلى الله عليه وآله يئن، قال: احفظوني في العباس، فانه عمي (3) وعم الرجل صنو أبيه. ولما أن من رسول الله صلى الله عليه وآله على من أسر من المشركين يو م بدر على أن يفدوا أنفسهم من عليه فيهم. وقال صلى الله عليه وآله له: أفد نفسك وابن أخيك عقيلا، فانه ليس له مال، وكان قد اسر معه يومئذ فقال: أنا ما عندي مال. فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: فأين المال الذي دفعته يوم خروجك من مكة إلى ام الفضل، وقلت لها: إن اصبت فلعبد الله كذا، وللفضل كذا، ولك كذا، ولفلان كذا. وذكر له ما قال. فقال العباس: والله ما سمع مني ذلك غيرها، وما أطلعك على ذلك إلا الله. وأسلم، وفدى نفسه وعقيل بن أبي طالب، وكان مع النبي صلى الله عليه وآله ليلة العقبة. فعقد له على الانصار، وأعطاه رسول الله صلى الله عليه وآله السقاية يوم فتح مكة. وعاش بعد رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أن أدرك (1) وأمه أول عربية كست البيت حريرا وفاء لنذرها. (2) أسره أبو اليسر كعب بن عمر. (3) رواه أحمد بن حنبل في مسنده 1 / 94.
[ 233 ]
أيام عثمان بن عفان، فمات فيها في المدينة، وقد كف بصره، وكان طول أيامه بعد رسول الله صلى الله عليه وآله يعرف لعلي عليه السلام حقه ويحثه على القيام، ويبذل له نفسه في ذلك، ولما أن قبض رسول الله صلى الله عليه وآله سلم أمره لعلي عليه والسلام، ولم يعارضه في شئ من أمر القيام بأمره، وقال له: أين تدفنه يا أبا الحسن ؟ فقال عليه السلام: في الموضع الذي قبض فيه، وفعل ذلك، ولم يجر بينهما اختلاف خلا ما جاء في الظاهر بأنه طلب منه تراث رسول الله صلى الله عليه وآله وخاصمه في ذلك إلى أبي بكر، فقضى أبو بكر لعلي. وقد قيل إن ذلك كان بينهما توقيفا لابي بكر على ما استأثر به من حق علي عليه السلام. وقد قال بعض المتكلمين لبعض الشيعة (1) عند بني العباس: اليس قد خاصم علي عليه السلام العباس عند أبي بكر، قال: فأيهما كان على الحق ؟ أراد إن قال العباس ظلم عليا، وإن قال علي أوحش بني العباس. فقال: كانا على الحق كما كان الملكان اللذان تسورا المحراب على داود عليه السلام واختصما إليه. وانما أرادا تقريره على الخطيئة التي وقع فيها، فكذلك أراد علي والعباس، ألم تر أن العباس لما قال أبو بكر ما قال عن رسول الله صلى الله عليه (1) روى المدني في الدرجات الرفيعة ص 91: أن متكلما قال لهارون الرشيد: اريد أن اقرر هشام بن الحكم بأن عليا كان ظالما. فقال له: إن حصلت لك كذا وكذا. فأمر به، فلما حضر هشام قال له المتكلم: يا أبا محمد روت الامة بأجمعها أن عليا نازع العباس إلى أبي بكر في تركه النبي صلى الله عليه وآله. قال هشام: نعم. قال: فأيهما الظالم لصاحبه. قال هشام: فقلت له: لم يكن فيهما ظالم. قال: أفيختصم اثنان في أمر وهما جميعا محقان ؟ قال هشام: نعم اختصم الملكان إلى داود، وليس فيهما ظالم، وانما أرادا أن ينبها داود على الخطيئة ويعرفاه الحكم. كذلك علي عليه السلام والعباس تحاكما إلى أبي بكر ليعرفاه ظلمه وينبهاه على خطئه. فلم يحر المتكلم جوابا واستحسن الرشيد ذلك.
[ 234 ]
وآله مما أوجب حق علي عليه السلام ثم يدفع ذلك ولا ناظر فيه، ولم يكن اكثر من أن تبسم وأخذ بيد علي عليه السلام ثم قاما. وكان العباس يرغب في العطاء وأتى رسول الله صلى الله عليه وآله وقد أتى بمال، وأمر به فصب بناحية المسجد، وخرج إلى الصلاة، فمر عليه، فما التفت إليه. [ ولما ] انفتل من الصلاة قام إليه العباس، فقال: يا رسول الله قد جاء هذا وأنا في عيال وعلي دين، فمرلي منه بما تراه. فقال له صلى الله عليه وآله: خذ منه ما يكفيك. فجاء إلى المال وبسط رداءه، وأخذ شيئا كثيرا، فذهب لينهض به، فلم يستطع، فنقص منه مرارا حتى نهض بما أخذ، ومضى، فأتبعه رسول الله صلى الله عليه وآله ببصره، ولم يقل له شيئا. وفرض عمر العطاء إلى ناس، ففرض لكل رجل من أهل بدر أربعة آلاف، وفرض للعباس اثنا عشر ألفا. ولما كان عام الرماد [ ة ] (1) واشتد القحط، فخرج بالناس واستسقى لهم، فلما أن قام ليستسقي أخذ بيد العباس، فقال: اللهم هذا كبيرنا وسيدنا وعم نبينا، نتوجه اليك فاسقنا، فسقوا (2). وتوفي العباس وهو ابن تسع وثمانين سنة (3) وصلى عليه عثمان بن عفان، وأنزله في قبره ابنه عبد الله (4). (1) وهو عام جدب وقحط وقع على عهد عمر سمي ذلك من رمدة أو ارمدة إذا هلكه وصيره كالرماد. وأرمد إذا هلك بالرمدة. والرمادة الهلاك. وقيل سمي بذلك لان الجدب صير ألوانهم كلون الرماد. (2) قال الطبري في الذخائر ص 199: أخرجه إبراهيم بن عبد الصمد، عن عبد الله بن عمر، قال: استسقى عمر بن الخطاب عام الرمادة بالعباس. وقال: اللهم هذا عم نبيك صلى الله عليه وآله نتوجه به اليك فاسقنا. قال: فما برحوا حتى سقاهم الله تعالى. (3) عن عمر يناهز ثمان وثمانين سنة (ذخائر العقبى ص 207، الدرجات الرفيعة ص 96، الكامل 3 / 136). (4) دفن في البقيع ودخل قبره ابنه عبد الله بن العباس (الاستيعاب 1 / 100، المدخل لابن الحاج.
[ 235 ]
[ نعود الى ذكر أولاد أبي طالب ] [ طالب بن أبي طالب ] وأما طالب بن أبي طالب (1) فهو الذي يقول في رسول الله صلى الله عليه وآله هذه الابيات: وقد حل مجد بني هاشم * فكان النعامة (2) والزهرة ومحض بني هاشم أحمد * رسول المليك على فترة عظيم المكارم نور البلاد * حري الفؤاد صدى الزبرة كريم المشاهد سمح البنان * إذا ضن ذو الجود والقدرة عفيف تقي نقي الردا * طهر السراويل والازرة جواد رفيع على المعتقين * وزين الاقارب والاسرة واشوس كالليث لم ينهه * لدى الحرب زجرة ذى الزجرة وكم من صريع له قد ثوى * طويل التأوه والزفرة [ ضبط الغريب ] [ قوله ] مجد بني هاشم. المجد: نبل الشرف، يقال منه: مجد الرجال، ومجد 1 / 265، وفاء الوفاء 2 / 105). (1) قال في العمدة: هو اكبر أولاد أبي طالب وبه يكنى وهو أسن من أخيه علي بثلاثين سنة وان قريشا أكرهته على الخروج معها في بدر. ونقل الكليني رواية عن الصادق عليه السلام بأنه أسلم. وهو الذي ذكر الابيات في مدح الرسول صلى الله عليه وآله والتي ذكرها المؤلف (راجع عمدة الطاالب ص 20 الدرجات الرفيعة ص 62). وقال الطبري في الذخائر ص 249: إنه مات كافرا. (2) وفي نسخة ز: النعائم.
[ 236 ]
العباس. وأمجده: كرم فعاله. والله عزوجل هو المجيد، بمجيد فعاله. ومجده خلقه لعظمته. والمحض: الخالص من كل شئ الذي لا يشوبه غيره. ويقال منه: رجل ممحوض الضريبة (1): أي مخلص. وفضته [ محضة ]: إذا لم يخالطها شئ. والفترة: أصلها السكون. يقال لكل ما بين رسولين من الزمان فترة. و [ الضن ] (2): الشح. قال الله تعالى: " وما هو على الغيب بضنين " (3). وقوله: نقي الردى: أي ما ارتدي به وهو الثوب الواسع غير المخيط. والسروال: ما ليس من الثياب. الازرة: ما اتزر به. وأراد بطهارة ذلك ونقائه البراءة من العيوب والدنس (4)، والعرب تضرب ذلك مثلا للسلامة من العيوب، قال الله عزوجل: " وثيابك فطهر " (5). والمعتقون: الطالبون. والاشوس: الذي يعرف الغضب في نظره يقال عنه: رجل أشوس وامرأة شوساء. والزجر: يقال زجرت البعير حتى مضى وزجرت عامل سوء عن عمله فازدجر أي نهيته فانتهى، وهي في الابل وأشباهها الحث على السير، وفي الناس النهي والمنع. والتأوه والتوجع: إذا قال المتوجع آه فقد تأوه. والزفرة: من الزفر، والزفر والزفير الواحدة من فعل ذلك وهو أن يملا الرجل (1) قال الشاعر: تجده قوما ذوي حسب وحال * كراما حيثما حسبوا محاضا (لسان العرب 7 / 227) (2) هكذا صححناه وفي الاصل: الظن. (3) التكوير: 24. (4) قال عدي بن زيد: أجل إن الله قد فضلكم * فوق من أحكأ صلبا بازار (لسان العرب 4 / 17) (5) المدثر: 4.
[ 237 ]
صدره غما ثم يتأوه به فهو في الزفير (1) والواحدة منه زفرة، قال الله عزوجل حكاية عن أهل النار: " ولهم فيها زفير وشهيق " (2)، والزفير ما ذكرناه. والشهيق: مد النفس بالزفير. وذلك أن يرمي بنفسه حتى يخرجه من صدره. [ نعود إلى ذكر طالب ] ولما نفر أهل مكة إلى بدر تخلف عنهم بنو هاشم، فأكرهوهم على الخروج، وبذلك قال رسول الله صلى الله عليه وآله للمسلمين يوم بدر: من قدرتم أن تأسروه من بني هاشم فلا تقتلوه، فانهم انما خرجوا كرها. ففي ذلك طالب بن أبي طالب (3) يقول هذه الابيات: يا رب أما خرجوا بطالب * في مقنب عن هذه المقاتب فاجعلهم المغلوب غير الغالب * وارددهم المسلوب غير سالب (4) قوله: المقنب: زهاء ثلاثمائة فارس (5). [ عقيل بن أبي طالب ] وأما عقيل بن أبي طالب (6) فكان أحب ولد أبي طالب إليه. (1) قال الشاعر: " فتستريح النفس من زفراتها) لسان العرب 4 / 325. (2) هود: 106. (3) وكان طالب مع العباس يوم بدر فلم يعرف خبره (المناقب 2 / 180). (4) وقد ذكر في عمدة الطالب ص 15 هذا البيت هكذا: فليكن المطلوب غير طالب * والرجل المغلوب غير الغالب (5) لسان العرب 1 / 691. (6) وكان علي بن الحسين عليه السلام يعطف على آل عقيل ويقدمهم على غيرهم من آل جعفر. فقيل له في ذلك، قال: اني لاذكر يومهم مع أبي عبد الله الحسين فأرق لهم (كامل الزيارة لابن قولويه ص 107 بحار الانوار 11 / 123 ط قديم) وقد ذكر المؤلف من ولد عقيل الذين استشهدوا مع الحسين عليه السلام في كربلاء ثلاثة وهم:
[ 238 ]
وأسلم عليا إلى رسول الله، وجعفرا إلى العباس ليربياهما كما كانت أشراف العرب تفعل ذلك بأبنائها، وتمسك بعقيل، وقال: إذا بقى لي عقيل 1 - عبد الرحمان بن عقيل. 2 - عبد الله بن عقيل. 3 - عبد الله بن مسلم بن عقيل. ولم يذكر غيرهم، ونحن نذكر من وقفنا عليه حسب ما ذكره المؤرخون: 1 - مسلم بن عقيل: وهو سفير الحسين عليه السلام لاهل الكوفة، واستشهد فيها قبل ورود الحسين عليه السلام إلى كربلاء. 2 - محمد بن عقيل: ولم يذكره سوى الخوارزمي في مقتله 2 / 48 وذكره المؤلف في جملة الاسرى. 3 - جعفر بن عقيل: وامه الخوصاء بنت عمرو العامري. دخل المعركة فجالد القوم يضرب فيهم بسيفه قدما، وهو يقول: أنا الغلام الابطحي الطالبي * من معشر في هاشم من غالب ونحن حقا سادة الذوائب * هذا حسين أطيب الاطائب قتله: بشر بن حوط قاتل أخيه عبد الرحمان (ابصار العين ص 53، الكامل 4 / 92. مقاتل الطالبيين ص 87) وقيل: قتله عروة بن عبد الله الخثعمي. 4 - محمد بن مسلم بن عقيل: امه ام ولد. قال أبو جعفر عليه السلام: حمل بنو أبي طالب بعد قتل عبد الله حملة واحده، فصاح بهم الحسين عليه السلام: صبرا على الموت يا بني عمومتي. فوقع فيهم محمد بن مسلم، قتله أبو مرهم الازدي ولقيط بن أياس الجهني (ابصار العين ص 50، المقاتل ص 87، الخوارزمي 2 / 47). 5 محمد بن أبي سعيد بن عقيل: امه ام ولد. قال حميد بن مسلم الازدي: لما صرع الحسين عليه السلام خرج غلام مذعورا يلتفت يمينا وشمالا فشد عليه فارس فضربه، فسألت عن الغلام، قيل: محمد بن أبي سفيان. وعن الفارس: لقيط بن أياس الجهني. وقال هشام الكلبي حدث هاني بن ثبيت الحضرمي، قال: كنت ممن شهد قتل الحسين عليه السلام فوالله اني لواقف عاشر عشرة ليس منا رجل إلا على فرس، وقد حالت الخيل وتضعضعت إذ خرج غلام من آل الحسين وهو ممسك بعود من تلك الابنية عليه ازار وقميص وهو مذعور يتلفت يمينا وشمالا، فكأني انظر إلى درتين في اذنيه يتذبذبان كلما التفت، إذ أقبل رجل يركض حتى إذا دنا منه مال عن فرسه، ثم اقتصد الغلام فقطعه بالسيف. قال هشام الكلبي: إن هاني بن ثبيت الحضرمي هو صاحب الغلام عن نفسه استحياء وخوفا. (ابصار العين ص 51، الخوارزمي 2 / 47، الكامل 4 / 92). 6 - جعفر بن محمد بن عقيل: ذكره الخوارزمي في مقتله 2 / 47.
[ 239 ]
فلا أبالي، وكان ذلك من صنع الله عزوجل لعلي عليه السلام، فان كان عند رسول الله فمن الله عليه بالسبق إلى الاسلام. [ 1146 ] وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعقيل: اني لاحبك يا عقيل حبين، حب لك وحب لحب أبي طالب إياك. [ في ليلة بدر ] [ 1147 ] عن أمير المؤمنين عليه السلام، أنه قال: لما أن كانت ليلة بدر، أصابنا وعك من حمى، وشئ من مطر، وافترق الناس يستترون تحت الشجر فنظرت إليهم من الليل، (فلم أر أحدا غير رسول الله صلى الله عليه وآله) (1)، فلم يزل قائما يصلي والناس نيام حتى انفجر الصبح، فصاح: الصلاة عباد الله، فأقبل الناس إليه من تحت الشجر (2). فصلى بهم. فلما انتقل أقبل عليهم فذكر فضل الجهاد ورغبهم فيه، ثم قال لهم: إن بني المطلب قوم اخرجوا كرها ولم يريدوا قتالكم، فمن لقي منكم أحدا فلا يقتله إن قدر عليه وليأسره، وليأت به أسيرا. قال: فلما انهزم القوم، وقتل من قتل، واسر من اسر منهم، نظرت فإذا عقيل في الاسارى، مشدودة يده إلى عنقه بنسعة (3)، فصددت (4) عنه، فصاح بي: يا علي يابن ام [ أما والله ] لقد رأيت مكاني، ولكنك عمدا تصدعني. (1) ما بين القوسين من نسخة ز. (2) هكذا صححناه وفي الاصل: من الشجره. (3) النسع - جمعها نسوع: سير أو حبل عريض طويل تشد به الرحال. (4) وفي الاصل: فصدرت.
[ 240 ]
قال علي عليه السلام: فلم اجبه بشئ، وأتيت النبي صلى الله. عليه وآله، فقلت: يا رسول الله، هل لك في أبي يزيد مشدودة يده بنسعة إلى عنقه. فقال صلى الله عليه وآله: انطلق بنا إليه. فمضينا نمشي نحوه، فلما رآنا قال: يا رسول الله إن كنتم قتلتم أبا جهل فقد ظفرتم، والا فادركوه ما دام القوم يحدثان قرحتهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: بل قتله الله يا عقيل. [ 1148 ] ودخل عقيل على امرأته فاطمة بنت [ الوليد بن ] عتبة بن ربيعة، لما انصرف من قتال المشركين يوم هوازن وسيفه متلطخ بالدم. فقالت له: قد عرفت إنك قد قاتلت ولكن ما الذي جئتنا به من الغنائم. فأخرج إليها ابرة، وقال: هذه ما أصبت فدونكها، فخيطي بها ثيابك. فأخذتها. ثم سمع منادي رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من أصاب من الغنائم شيئا فليأت به ولو كانت ابرة، ارددوا الخياط والمخيط فان الغلول في النار. فرجع إليها، وقال لها: ما ارى إبرتك إلا فاتتك. فأخذها، ومضى بها مع ما جاء به فوضعه في المغنم، وجاء فيما جاء به بفص من جواهر أحمر، وجارية. فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الفص، فأعجبه فقال: لولا التملك يعني لنحميه، ونقله والجارية عقيلا (1). [ ضبط الغريب ] الخياط: ما خيط به، والمخيط وما قد خيط به من الثياب وغيرها. (1) كذا في الاصل. (*)
[ 241 ]
ومال عقيل بعد ذلك إلى حب المال والكسب لما رأى الناس قد ما لوا إلى ذلك. وأتى عليا عليه السلام وهو في الكوفة. فقال له: اعطني من المال ما اتسع فيه كما اتسع الناس (1). فعرض عليه ما عنده، فلم يقبضه. وقال: اعطني ما في يديك من مال المسلمين. فقال له: أما هذا فما إليه من سبيل، ولكني أكتب لك إلى مالي [ بينبع ] فنأخذ منه. قال: ما يرضيني من ذلك شيئا وسأذهب إلى رجل يعطيني (2). [ 1149 ] فأتى معاوية، فسر معاوية بقدومه عليه، وجمع وجوه أهل الشام، وأحضره. وقال لهم: هذا أبو يزيد عقيل بن أبي طالب قد اختارنا على أخيه علي ورآنا خيرا له منه. فقال له عقيل: هو كذلك يا معاوية إن فينا اللين في غير ضعف، وعزة في غير صلف، وأنتم بني أمية فلينكم غدر، وعزكم كبر. (1) والى هذا المعين يشير عليه السلام في كلامه: (والله لقد رأيت عقيلا وقد أملق حتى استماحني من بركم صاعا، ورأيت صبيانه شعث الشعور غير الالوان من فقرهم كأنما سودت وجوههم بالعظلم، وعاودني مؤكدا. وكرر علي القول مرددا، فاصغيت إليه سمعي، فظن أني أبيعه ديني، وأتبع قياده مفارقا طريقتي، فأحميت له حديدة ثم أدنيتها من جسمه ليعتبربها، فضج ضجيج ذي دنف من ألمها، وكاد أن يحترق من ميسمها. فقلت له: ثكلتك الثواكل يا عقيل، أتئن من حديدة أحماها انسانها للعبه وتجرني إلى نار سجرها جبارها لغضبه، أتئن من الاذى ولا أئن من لظى (شرح ابن أبي الحديد 11 / 245). (2) أخرجه البغوي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه أن عقيلا جاء إلى علي عليه السلام بالعراق، فسأله، فقال عليه السلام: أحببت أن أكتب لك إلى مالي بينبع، فاعطينك منه. فقال عقيل: لاذهبن إلى رجل هو أوصل لي منك. فذهب إلى معاوية (ذخائر العقبى ص 222). قال ابن أبي الحديد: أن عقيل ذكر قصة الحديدة لمعاوية، فجعل معاوية يتعجب ويقول: هيهات هيهات عقمت النساء أن يلدن مثله [ أي مثل علي عليه السلام ].
[ 242 ]
ثم نظر إلى معاوية وتصفح وجوه من حوله، وضحك. فقال معاوية: ما أضحك يا أبا يزيد، أمنا ضحكت أم من علي ؟ فقال: ضحكت والله بما قسم الله لعلي. اني كنت في مجلسه، فنظرت إلى من فيه، فلم أر غير المهاجرين والانصار ونظرت إلى من في مجلسك، فلم أر غير الطلقاء وبقايا الاحزاب. فقال معاوية لاهل الشام: ألا تعجبون من رجل يقول هذا القول وأنتم تقرأون قول الله عزوجل: " تبت يدا أبي لهب وتب. ما أغنى عنه ماله وما كسب. سيصلى نارا ذات لهب " (1) وهو عم علي (2). وأقبل على عقيل، فقال له: يا أبا يزيد أين ترى عمك أبا لهب الآن من النار، وما هو الآن صانع فيها ؟ فأقبل [ عقيل ] على أهل الشام، فقال: ألا تعجبون من معاوية يقول مثل هذا القول، وأنتم تقرأون: " وامرأته حمالة الحطب. في جيدها حبل من مسد " (3) وهي عمة معاوية. ثم أقبل على معاوية، فقال: إذا شئت أن تعلم أين أبو لهب من النار، فأنت تراه فيها إذا دخلتها مفترشا عمتك حمالة الحطب، فتعلم (1) المسد: 1 - 3. (2) والى هذا يشير أمير المؤمنين عليه السلام في قوله: أبا لهب تبت يدا أبا لهب * وصخرة بنت الحرب حمالة الحطب خذلت نبي الله قاطع رحمه * فكنت كمن باع السلامة بالعطب لخوف أبي جهل فأصبحت تابعا * له كذلك الراس يتبعه الذنب (الكنى والالقا ب 1 / 143 ط صيدا 1337 ه) (3) المسد: 4 و 5.
[ 243 ]
حينئذ أن الراكب أفضل من المركوب. فندم معاوية على اعتراضه، قال: ما كل هذا أردنا يا أبا يزيد، وإنما أردنا أن نمازحك ونبسطك. قال عقيل: وكذلك أيضا أردت أن نبسطك ونمازحك. قال معاوية: ونحن يا ابا يزيد بعد هذه نفعل بك ما لم يفعله علي بك. فقد انتهى الي أنك سألته فمنعك، ونحن نعطيك دون أن تسألنا. - أراد بذلك أن يرضيه ليلين في القول معه - فقال: نعم، فقد سألت عليا فبذل لي ماله، فلم يرضني، وسألته دينه، فمنعني. وأنت تسمح بما يمنعه علي وتبخل بما بذله. فسكت معاوية. فلما انصرف أهل الشام عنه، فدعا بمال كثير فأعطاه عقيلا. وقال: يا أبا يزيد قد كنا نحب مقامك عندنا، فأما بعدما لقيناه منك، فانصرف إلى مكانك. فقال عقيل: والله اني لارغب في ذلك منك، وما كثرت عطائك إياي وقلته عندي سواء، وان فضل ما بيننا عندي ليسير، وما كنت من يسمح لك بعرضه ونقصه طمعا فيما يناله منك. وانصرف. [ عقيل يسقي الحجيج ] [ 1150 ] وروى عطاء بن أبي رياح، أنه قال: رأيت عقيل بن أبي طالب ينزع بغرب (1) على بئر زمزم، وعليها غروب كثيرة يسقي الحجيج ومعه رجال من قومه وما معهم أحد من مواليهم، وأن أسافل قميصهم لمبتلة بالماء ينزعون من قبل الحج في أيام منى، وبعد الحج يبتغون بذلك (1) كذا في الاصل.
[ 244 ]
الاجر لا يكلونه إلى عبد لهم ولا مولى. وفي علي وعقيل يقول [ جعدة ] بن هبيرة المخزومي (1) هذا البيت: أنا من بني مخزوم (2) ان كنت سائلا * ومن هاشم امي لخير قبيل فمن ذا الذي ينوء علي بخاله * وخالي علي ذوالندا وعقيل [ ضبط الغريب ] ينوء: يقوم. أي يقوم بفخر خاله. يقال ناء: إذا نهض فتثاقل، وناء إذا مال للسقوط. قال أبو إسحاق: كان عقيل بن أبي طالب من أنسب الناس، وكان يقول معد: يكنى: ابا فضاعة. [ عبد الله بن عباس ] وأما عبد الله بن عباس، فكان من خاصة أولياء أمير المؤمنين علي عليه السلام وأهل محبته، وكان خصيصا به، مائلا إليه يتولاه، ويبرأ من أعدائه، ويشهد [ معه ] حروبه، وكان على ولايته إلى أن مات بالطائف، وقد كف بصره سنة ثمان وستين، وهو ابن اثنين وسبعين سنة. وقد تقدم من ذكر ولايته لعلي عليه السلام، وقوله فيه كثير من ذكر فضائل علي عليه السلام، وعلى ذلك كان العباس وولده كلهم من الولاية لعلي عليه (1) وجعدة بن هبيرة بن أبي وهب بن عمرو بن عابد بن عمران بن مخزوم، وامه: ام هاني بنت أبي طالب. شهد مع علي عليه السلام صفين وأبلى بها بلاء حسنا. ولاه خاله أمير المؤمنين عليه السلام على خراسان قالوا: وكان فقيها. توفي في حكومة معاوية (الدرجات الرفيعة ص 412، الاستيعاب 1 / 240) ومن الملاحظ أنه كان في الاصل ونسخة ز: جعفر بدل جعدة وهو خطأ وقد صححناه. (2) ونقل في الاستيعاب لعبد ربه المتوفى 463 ه 1 / 204: أبي من مخزوم. وفي شرح النهج لابن أبي الحديد 1 / 79: فمن ذا الذي ينائي.
[ 245 ]
السلام ولولده من بعده ويعتقدون امامتهم بذلك يعرفون. واذ قام من قام منهم، وأظهروا السواد أو لباسه حزنا بزعمهم على الحسين عليه السلام، وأظهروا القيام بثاره والدعوة إلى الائمة من ولده، فلما تمكنوا عادوا عليهم من العداوة والطلب والتوثب باضعاف ما كان من بني [ امية ] مثل ذلك إليهم، فعادت ولايتهم اياه عداوة، ومودتهم بغضا، مما استأثروا بحقهم وتباعدوا مما توسلوا إليه بهم بعد الولاية والمودة وقرب القرابة (1). (1) أقول: لم يتعرض المؤلف إلى من استشهد في ركب الحسين عليه السلام من أصحابه، ولذا نذكر أسماءهم نقلا عن كتاب تسمية من قتل مع الحسين عليه السلام تأليف الفضل بن الزبير بن عمرو بن درهم الاسدي الكوفي من أصحاب الامامين الباقر والصادق عليهما السلام. الشهداء من أصحاب الحسين: 1 - سليمان مولى الحسين بن علي عليه السلام قتله سليمان بن عوف الحضرمي. 2 - منجح مولى الحسين بن علي عليه السلام قتله حسان بن بكر الحنظلي. 3 - قارب الديلمي مولى الحسين بن علي عليه السلام. 4 - الحارث بن نبهان مولى حمزة بن عبد المطلب. 5 - عبد الله بن يقطر رضيع الحسين بن علي. بالكوفة رمي به من فوق القصر فتكسر، فقام إليه عبد الملك بن عمير اللخمي، فقتله واحتز رأسه. وقتل من بني أسد بن خزيمة: 6 - حبيب بن مظاهر، قتله بديل بن صريم الغفقاني، وكان يأخذ البيعة للحسين عليه السلام. 7 - أنس بن الحارث، وكانت له صحبة من رسول الله صلى الله عليه وآله. 8 - قيس بن مسهر الصيداوي. 9 - سليمان بن ربيعة. 10 - مسلم بن عوسجة السعدي من بني سعد بن ثعلبة، قتله مسلم بن عبد الله وعبيدالله بن أبي خشكارة. وقتل من بني غفار بن مليل بن صمرة: 11 و 12 - عبد الله وعبيدالله ابنا قيس بن أبي عروة. 13 - جون بن أحوى مولى لابي ذر الغفاري.
[ 246 ]
............... وقتل من بني تميم: 14 - الحر بن يزيد، وكان قد لحق بالحسين بن علي بعد. 15 - شبيب بن عبد الله من بني نفيل بن دارم. وقتل من بني تغلب: 16 - و 17 - قاسط وكردوس ابنا زهير بن الحارث. 18 - كنانة بن عتيق. 19 - الضرغامة بن مالك. وقتل من قيس بن ثعلبة: 20 - جوين بن مالك. 21 - عمرو بن ضبيعة. وقتل من عبد القيس من أهل البصرة: 22 - يزيد بن قاسط. 23 - عبد الله بن يزيد. 24 - عبيدالله بن يزيد. 25 - عامر بن مسلم. 26 - سالم مولى عامر بن مسلم. 27 - يوسف بن مالك. 28 - الادهم بن امية. وقتل من الانصار: 29 - عمرو بن قرظة. 30 - عبد الرحمان بن عبد رب، من بني سالم بن الخزرج، وكان أمير المؤمنين عليه السلام رباه وعلمه القرآن. 31 - نعيم بن العجلان الانصاري. 32 - عمران بن كعب الانصاري. 33 - سعد بن الحارث. 34 - أبو الحتوف ابن الحارث. وقتل من بني الحارث بن كعب: 35 - الضباب بن عامر.
[ 247 ]
........................ وقتل من بني خثعم. 36 - عبد الله بن بشر الاكلة. 37 - سويد بن عمرو بن المطاع، قتله هانئ بن ثبيت الحضرمي. 38 - بكر بن بحي التيملي من بني تيم الله بن ثعلبة. 39 - جابر بن الحجاج مولى عامر بن نهشل من بني تيم الله. 40 - مسعود بن الحجاج. 41 - عبد الرحمان بن مسعود بن الحجاج وقتل من عبد الله: 42 - مجمع بن عبد الله. 43 - عائذ بن مجمع. وقتل من طي: 44 - عامر بن حسان بن شريح بن سعد بن حارثة بن لام. 45 - امية بن سعد. وقتل من مراد: 46 - نافع بن هلال الجملي، وكان من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام. 47 - جنادة بن الحارث السلماني. 48 - واضح الرومي غلام جنادة بن الحارث. وقتل من بني شيبان بن ثعلبة: 49 - جبلة بن علي. وقتل من بني حنيفة: 50 - سعيد بن عبد الله. وقتل من خولان: 51 - جندب بن حجير. 52 - حجير بن جندب بن حجير. وقتل من صيدا: 53 - عمرو بن خالد الصيداوي. 54 - سعد مولاه.
[ 248 ]
............................ وقتل من كلب: 55 - عبد الله بن عمرو بن عياش بن عبد قيس. 56 - أسلم مولى لهم. وقتل من كندة: 57 - الحارث بن امرؤ القيس. 58 - يزيد بن زيد بن المهاصر. 59 - زاهر صاحب عمرو بن الحمق، وكان صاحبه حين طلبه معاوية. وقتل من بجيلة: 60 - كثير بن عبد الله الشعبي. 61 - مهاجر بن أوس. 62 - سلمان بن مضارب، ابن عمه. 63 - النعمان بن عمرو. 64 - الحلاس بن عمرو الراسبيان. وقتل من خرقة جهينة: 65 - مجمع بن زياد. 66 - عباد بن أبي المهاجر الجهني. 67 - عقبة بن الصلت. وقتل من الازد: 68 - مسلم بن كثير. 69 - القاسم بن بشر. 70 - زهير بن سليم. 71 - مولى لاهل شدة يدعى رافعا. وقتل من همدان: 72 - أبو ثمامة عمرو بن عبد الله الصائدي، وكان من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام، قتله قيس بن عبد الله. 73 - يزيد بن عبد الله المشرقي. 74 - حنظلة بن اسعد الشبامي.
[ 249 ]
.......................... 75 - عبد الرحمان بن عبد الله الارحبي. 76 - عمار بن سلامة الدالاني. 77 - عابس بن أبي شبيب الشاكري. 78 - شوذب مولى شاكر. 79 - سيف بن الحارث بن سريح. 80 - مالك بن عبد الله بن سريح. 81 - همام بن سلمة القانصي. 82 - سوار بن حمير الجابري، مات لستة أشهر عن جراحته. 83 - عمرو بن عبد الله الجندعي، مات من جراحة كانت به على رأس سنة. 84 هانئ بن عروة المرادي بالكوفة، قتله عبيدالله بن زياد. 85 - بشير بن عمر. 86 - الهفهاف بن المهند الراسبي من البصرة، حين سمع بخروج الحسين عليه السلام، فسار حتى انتهى إلى العسكر بعد قتله فدخل عسكر عمرو بن سعد ثم انتضى سيفه وشد فيهم. [ وكان آخر من استشهد مع الحسين عليه السلام في أرض الطف ]. * * *
[ 250 ]
(ذكر فضائل الائمة من ولد الحسين بن علي عليه السلام) (ذكر فضل علي بن الحسين عليهما السلام) وكان علي بن الحسين عليه السلام أعبد أهل زمانه وأفضلهم، يشهد له بذلك الخاص والعام وكان يدعى سيد العابدين. [ السجاد وواقعة الطف ] وكان مع أبيه الحسين عليه السلام يوم الطف، وهو وصيه. وقد ولد له: محمد بن علي وهو يومئذ في جملة العيال، وكان علي بن الحسين عليه السلام يومئذ عليلا دنفا (ثقيل العلة، شديدها) (1)، فلم يستطع القتال، وكان مع النساء يمرضنه. وقتل علي الاصغر أخوه، فلما أن قتلوا عن آخرهم حملوه مع جملة النساء والصبيان فرآه رجل من أهل الشام على ما هو عليه من العلة، فرق له، فأخذه إليه، وقال علي بن الحسين عليه السلام: فكان يمرضني ويرفق بي ويبكي إذا رأى ما بي من الضعف والعلة، وأسلمني النساء خوفا علي وظنوا به خيرا، وأنه يسترني، فلما أن صرنا إلى الكوفة ذكر خبري لعبيدالله (2) بن زياد، فطلبني، (1) لسان العرب 9 / 107. (2) وفي الاصل: عبد الله.
[ 251 ]
فلم يجدني، فسمعت النداء على أنه من وجد علي بن الحسين وجاء به فله ثلاثمائة درهم، فدخل الرجل الي وأنا في منزله، فقال: يابن بنت رسول الله قد تسمع النداء، وأنا أخاف على نفسي إن كتمت أمرك، وأخذ بيدي فشدها إلى عنقي، وأخرجني إلى عبيدالله بن زياد، وأخذ منه ثلاثمائة درهم [ وأنا انظر إليها ] (1). ولما أن رآه اللعين عبيدالله بن زياد (2)، قال: أنت علي بن الحسين. قال له عليه السلام: نعم. قال: أولم يقتل الله علي بن الحسين ؟ قال علي بن الحسين عليه السلام: كان لي [ أخ ] يسمى عليا، فقتله الناس (3). قال عبيدالله: إن الله قتله. قال علي عليه السلام: " الله يتوفى الانفس حين موتها " (4). فأمر عبيدالله اللعين ليقتل. فصاحت زينب بنت علي: حسبك من دمائنا، اناشدك الله إن عزمت على قتله إلا قتلتني قبله. (1) طبقات ابن سعد: مخطوط. (2) ولد سنة 39 ه وأبوه زياد بن سمية، وهو ابن لعبيد الرومي لكن معاوية ألحقه بأبيه وكان يعرف بزياد ابن أبيه. وام زياد: مرجانة، وكانت مجوسية، وقد اشتهرت بالبغي وقد فارقها زياد فتزوج بها شيرويه، وكان كافرا، ونشأ منذ طفولته عند زوج امه، ولما ترعرع اخذه أبوه، وقد قال عبيدالله في احدى خطبه: أنا ابن زياد اشبهته من بين وطئ الحصى ولم ينزعن فيه خال ولا ابن عم. قتله إبراهيم بن الاشتر قائد جيش المختار سنة 67 ه في خازر من أرض الموصل (البداية والنهاية 8 / 284، عيون الاخبار 1 / 299). (3) قال ابن الاثير في تاريخه 3 / 27: قال عليه السلام: كان لي أخ يسمى عليا قتلتموه، وان له منكم مطالبا يوم القيامة (الحدائق الوردية 1 / 128). (4) الزمر: 42.
[ 252 ]
وقال له بعض من حضره: هو على ما ترى من العلة، وما أراه إلا ميتا عن قريب. فتركه، وصار مع جملة الحرم إلى يزيد اللعين (1) فلما أن صاروا بين يديه قام رجل من الشام، فقال: يا أمير المؤمنين نساؤهم لنا حلال. فقال علي عليه السلام: كذبت إلا أن تخرج من ملة الاسلام، فتستحل ذلك بغيرها. فأطرق يزيد، ولم يقل في ذلك شيئا. ولما بلغ من النداء على رأس الحسين عليه السلام (2) والاستهانة [ بحرمه ] (1) وهو يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، ولد بالماطرون سنة 25 ه ثاني ملوك الدولة الاموية، تولى الخلافة بعد وفاة أبيه سنة 60 ه وكان نزوعا إلى اللهو، ويروى له شعر رقيق، وهو من أشقى الخلفاء توفي بحوارين من أرض حمص سنة 64 ه (تاريخ اليعقوبي 2 / 215، تاريخ ابن الاثير 4 / 49). (2) وهو يترنم بهذه الابيات: ليت أشياخي ببدر شهدوا * جزع الخزرج من وقع الاسل لاهلوا واستهلوا فرحا * ثم قالوا يا يزيد لا تشل قد قتلنا القرم من ساداتهم * وعدلناه ببدر فاعتدل لعبت هاشم بالملك فلا * خبر جاء ولا وحي نزل لست من خندف إن لم أنتقم * من بني أحمد ما كان فعل (اعلام النساء 1 / 504، البداية والنهاية 8 / 192) وذلك في محضر العقيلة، والتي ردت عليه بخطبتها المشهورة منها: وكيف يستبطأ في بغضنا أهل البيت من نظر الينا بالشنف والشنأن، والاحن والاضغان. ثم تقول غير متأثم ولا مستعظم: لاهلوا واستهلوا فرحا * ثم قالوا يا يزيد لا تشل منحنيا على ثنايا أبي عبد الله سيد شباب أهل الجنة تنكثها بمخصرتك وكيف لا تقول ذلك ؟ وقد نكأت القرحة واستأصلت الشأفة باراقتك دماء ذرية محمد صلى الله عليه وآله، ونجوم الارض من آل عبد المطلب، وتهتف باشياخك زعمت أنك تناديهم، فلتردن وشيكا موردهم، ولتودن إنك شللت وبكمت، ولم تكن قلت ما قلت وفعلت ما فعلت. اللهم خذ لنا بحقنا وانتقم ممن ظلمنا، وأحلل غضبك بمن سفك دماءنا وقتل حماتنا... (بلاغات النساء لاحمد بن أبي طاهر ص 21، الخوارزمي في مقتله 2 / 64، السيدة زينب وأخبار الزينبيات للعبيدي=
[ 253 ]
ونساء من قتل معه من أهل بيته ما أراده، وعلي عليه السلام على حاله من العلة. وما أراده الله تعالى من سلامته، وأن لا تنقطع الامامة بانقطاعه. فسرحهم يزيد اللعين، وانصرف إلى المدينة. [ عبادته ] وهو امام الائمة، وأبو الائمة ومنه تناسل ولد الحسين عليه السلام كلهم. ص 86، اللهوف ص 79 ط 1369 ه). قال ابن تيمية المتوفى سنة 728 ه في رسالته (سؤال في يزيد بن معاوية) التي كتبها بعد قرون من واقعة الطف الرهيبة منتصرا ليزيد منكرا كونه المردد لشعر ابن الزبعري: ليت اشياخي ببدر شهدوا ص 14. وقال في ص 15: إنه [ يزيد ] قتل الحسين تشفيا، وأخذ بثار أقاربه من الكفار فهو أيضا كاذب مفتر. وقال أيضا في ص 17: ومع هذا فيزيد لم يأمر بقتل الحسين ولا حمل رأسه إلى بين يديه، ولا نكث بالقضيب على ثناياه. قال الغزالي: وقد زعمت طائفة أن يزيد بن معاوية لم يرض بقتل الحسين وادعوا أن قتله وقع خطأ. وكيف يكون هذا وحال الحسين لا يحتمل الغلط لما جرى من قتاله ومكاتبة يزيد إلى ابن زياد به، وحثه على قتله ومنعه من الماء. وقتله عطشانا، وحمل راسه وأهله سبايا عرايا على اقتاب الجمال إليه، وقرع ثناياه بالقضيب، ولما دخل علي بن الحسين عليه السلام على يزيد قال: أنت ابن الذي قتله الله. فقال: أنا علي ابن من قتلته. ثم قرأ " ومن قتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها " (تذكرة الخواص ص 62). ولما وفد مسلم بن زياد على يزيد بجله وكرمه تقديرا لاخيه عبيدالله بن زياد، وقال له: لقد وجبت مودتكم ومحبتكم على آل أبي سفيان وولاه خراسان (ينابيع المودة 1 / 149، الصراط السوي في مناقب آل النبي ص 85، الفتوح 5 / 254). وكتب إليه يزيد بعد مقتل الحسين عليه السلام: أفد علي لاجازيك على ما فعلت. ولما جاء استقبله يزيد، وقبل ما بين عينيه وأجلسه على سرير ملكه، وقال للمغني: غن، وللساقي: اسق. ثم قال: اسقني شربة أروي فؤادي * ثم صل فاسق مثلها ابن زياد موضع السر والامانة عندي * وعلى ثغر مغنمي وجهادي وأوصله ألف ألف درهم، ومثلها لعمر بن سعد، وأطلق له خراج العراق سنة (مرآة الزمان في تواريخ الاعيان ص 106).
[ 254 ]
وليس للحسين عليه السلام عقب إلا منه. ولزم الخمول (1) للتقية والعبادة. [ 1151 ] وكان يقال له: ذو الثفنات لانه كان بموضع السجود منه (ثفنات كثفنات البعير)، وهي مباركه التي يبرك عليها من يديه ورجليه - لانه كان من علي بن الحسين في مواضع السجود مثل ذلك لادمانه اياه. ولانه كان يصلي في كل يوم وليلة ألف ركعة (2)، وكان ربما سقط من ذلك شئ فجمع، فلما أن مات وغسل جعل معه في اكفانه. [ 1152 ] ولما أن جرد ليغسل وجدوا على عاتقه حبلا قد أثر مثل ذلك فسألوا عنه ابنه محمد عليه السلام، فقال: والله ما علم بهذا غيري، وما كان أطلعني عليه، ولكني علمته من حيث لم يكن يعلم أني علمت به، كان إذا جن الليل وهدأت العيون قام إلى منزله، فجمع كلما يبقى فيه من قوت أهله، وجعله في جراب، ورمى به على عاتقه، وخرج، فكنت أخرج في أثره مخافة عليه، فأراه يقصد قوما في دورهم من أهل الفقر يفرق ذلك، وهو متلثم لا يعرفونه، وكنت كثيرا ما أجدهم قياما لا يعرفونه، وكنت كثيرا ما أجدهم قياما على أبوابهم ينتظرون، فإذا أقبل وأنا وراءه مستتر منه تباشروا وقالوا: قد جاء صاحب الجراب، فلا يزال كذلك يختلف حتى لا يكون في منزله ولا أدري كيف يقول ابن تيمية ذلك الكلام رغم سعة اطلاعه كما يدعون إن لم يك متعمدا على التناسي وقلب الحقائق، والله خير الحاكمين. (1) من الصعب تسمية هذا الشكل من النضال بالخمول بل الاولى التعبير عنه بتغير اسلوب المواجهة مع الظالمين. (2) ولهذا يشير المؤلف في ارجوزته: كانت له لغير معنى السمعة * في اليوم والليلة ألف ركعة وأثر السجود في مساجده * فكان من ذلك في مشاهده يدعوه من عمر البلادا * ذا الثفنات العابد السجادا (الارجوزة المختارة ص 186)
[ 255 ]
شئ ما يفضل من قوت أهله، فهذا هو أثر ذلك الجراب. [ 1153 ] وقيل: إنه كان في المدينة عدة بيوت يأتيهم قوتهم من علي بن الحسين عليه السلام، ولا يدرون من حيث يأتيهم ذلك، فما عرفوا ذلك حتى مات. فانقطع ذلك عنهم وعلموا أن ذلك كان من عنده. وانما فعل ذلك لما جاء في الصدقة بالسر من الفضل (1). وقيل: إن تلك البيوت تحصيت ] فوجدت مائة بيت، في كل بيت جماعة من الناس. [ من دعائه عليه السلام ] [ 1154 ] وكان علي بن الحسين عليه السلام يصوم النهار ويقوم الليل، فإذا أرقدت كل عين دعا بدعاء (2) وكان يدعو به كل ليلة يقول فيه: إلهي غارت نجوم سماواتك، ونامت عيون خلقك، وهدأت أصوات عبادك، وغلقت ملوك بني امية عليها أبوابها، وطاف عليها حراسها، واحتجبوا عمن يسألهم حاجة أو يبتغي منهم فائدة، وأنت إلهي حي قيوم لا تأخذك سنة ولا نوم، ولا يشغلك شئ عن شئ. أبواب سماواتك لمن دعاك مفتحات، وخزائنك غير مغلقات ورحمتك غير محجوبة، وفوائدك لمن سلكها غير محظورات. أنت إلهي الكريم الذي لا ترد سائلا من المؤمنين سألك، ولا تحتجب عن طالب منهم أرادك، لا وعزتك ما تختزل حوائجهم (1) راجع الكافي 4 / 8 وبحار الانوار 46 / 89 و 100. (2) قال طاووس الفقيه: رأيته يطوف من العشاء إلى السحر ويتعبد، فلما لم ير أحدا رمق إلى السماء بطرفه وقال: الهي غارت... (بحار الانوار 46 / 81). (*)
[ 256 ]
دونك، ولا يقضيها أحد غيرك. اللهم وقد ترى وقوفي، وذل مقامي [ و ] موقفي بين يديك، وتعلم سريرتي، وتطلع على ما في قلبي، وما يصلحني لآخرتي ودنياي. إلهي وترقب الموت، وهول المطلع، والوقوف بين يديك نقصني مطعمي ومشربي، وغصني بريقي، وأقلقني عن وسادي، وهجعني ومنعني من رقادي. إلهي كيف ينام من يخاف وثبات ملك الموت في طوارق الليل وطوارق النهار. ثم يبكي حتى ربما أيقظ أهله بكاؤه، فيفزعون إليه، فيجدونه قد ألصق خديه بالتراب وهو يقول: رب أسألك الراحة والروح والامن والامان. [ 1155 ] وروي عن طاووس اليماني (1)، أنه قال: حججت قدخلت الحجر ليلا، فرأيت علي بن الحسين عليه السلام فيه قائما يصلي، فدنوت منه، وقلت: رجل من الصالحين، لعلي أسمع منه نداء (2)، فانتفع به، فسمعته يقول في دعائه وهو ساجد: عبدك بفنائك، مسكينك بفنائك، فقيرك بفنائك، سائلك بفنائك. ثم يدعو بما يريد. (1) وهو أبو عبد الرحمان، طاووس بن كيسان اليماني الخولاني وامه قادسية، وأبوه من النمر بن قاسط، ولد سنة 33 ه، وقيل إن اسمه ذكوان ولقبه طاووس. وهو من فقهاء العامة، وقال العلامة النوري في المستدرك 3 / 319: لم يشك أحد في كونه عامي المذهب، وقال المامقاني في تنقيح المقال 2 / 107: هو من زهاد العامة وعده الشيخ الطوسي من أصحاب الامام السجاد عليه السلام ولعله لما روى ابن شهر آشوب عنه. توفي حاجا بمكة قبل التروية سنة 106 وصلى عليه هشام بن عبد الملك. (تهذيب التهذيب 5 / 8). (2) وفي نسخة ز: دعاء.
[ 257 ]
قال طاووس: فأخذتهن عنه، فما دعوت بعد ذلك بهن في كرب إلا فر الله علي. [ 1156 ] وقيل: إن سائلا يسأل في بعض سكك المدينة في جوف الليل. فقال: أين الزاهدون في الدنيا، الراغبون في الآخرة ؟ فنودي من ناحية البقيع لا يعرف من ناداه، ذلك علي بن الحسين. [ حلمه عليه السلام ] [ 1157 ] وقيل: إن [ الحسن بن الحسن ] بن علي وقف على [ علي ] بن الحسين، فأسمعه، [ وشتمه ] وعنده جماعة، فسكت عليه السلام فلم يجبه، فلما مضى قال لمن معه: قد سمعتم ما قال هذا الرجل ؟ قالوا: سمعنا وساءنا ما سمعناه ولقد كنا نحب أن تقول. فتلا عليه السلام: " والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين " (1). ثم قال: احب أن تقوموا معي إلى [ منزل ] حتى تسمعوا ردي عليه، فانه لم ينبغ لي أن أرد عليه في مجلسي. فقام القوم معه، [ وهم ] يرون أنه يستنصف منه. فلما أتى إلى منزله استأذن عليه، فخرج إليه، وظن أنه إنما جاء ليتنصف منه، فبدأه، فواثبه بالكلام. فقال: على رسلك يا أخي، قد سمعت ما قلت في مجلسي ونحن في مجلسك، فاسمع ما أقول لك: إن كان الذي قلت لي كما قلت فإني أسال الله أن يغفر لي، وإن لم يكن ذلك كما قلت فإني أسأل الله أن يغفر لك. (1) آل عمران: 134.
[ 258 ]
فاستحى الحسن، وقام إليه وقبل رأسه وما بين عينيه، وقال: بل قلت لك والله ما ليس فيك، واستغفره واعتذر إليه. [ 1158 ] وروي عنه عليه السلام، أنه كان إذا قام إلى الصلاة تغير لونه، وأصابته رعدة، وحال أمره. وربما يسأله عن حاله من لا يعرف أمره في ذلك فيقول: إني اريد الوقوف بين يدي ملك عظيم. [ السجاد والزهري ] [ 1159 ] وقيل: إن الزهري (1) غارف ذنبا فخاف منه على نفسه، فاستوحش من الناس، وهام على وجهه، فلقيه علي بن الحسين عليه السلام فقال له: يا زهري، لقنوطك من رحمة الله التي وسعت كل شئ أعظم من الذنب الذي خشيت منه على نفسك. فسكن الزهري إلى قوله، وقال: الله أعلم حيث يجعل رسالته. ثم وعظه علي بن الحسين عليه السلام بمواعظ، وتلا عليه آيات [ من القرآن ] فيما قاربه في التوبة (2) والاستغفار. فتاب واستغفر ورجع إلى أهله، ولزم علي بن الحسين عليه السلام، وكان يعد من أصحابه، وكان يروي عنه ويحدث بفضله. وكذلك قال له بعض بني مروان: يا زهري ما فعل نبيك ؟ - يعني علي بن الحسين عليه السلام - لما كان يرفع (1) الزهري بالضم وسكون الهاء، وهو محمد بن عبيدالله بن شهاب الزهري، ولد سنة 58 ه، وهو من فقهاء المدينة ومن التابعين وكان مع عبد الملك بن مروان ومع ابنه هشام، واستقصاه يزيد بن عبد الملك، وكان يبغض عليا وينال منه، قال السيد ابن طاووس: إنه عدو منهم. روى الزهري عن عائشة، قالت: كنت عند النبي إذ أقبل العباس وعلي، فقال: يا عائشة: إن سرك أن لا تنظري إلى رجلين من أهل النار فانظري إلى هذين قد طلعا، فنظرت فإذا هما العباس وعلي بن أبي طالب (شرح النهج 1 / 355) وتوفي سنة 135 ه ودفن في ضيعة خلف وادي القرى تسمى سغب. (معجم البلدان 5 / 277). (2) وفي نسخة ز: التورية.
[ 259 ]
به الزهري ويذكر من فضله. [ 1160 ] وكان علي بن الحسين عليه السلام يقول: الحلم هو الذل (1). [ 1161 ] وقيل: إن جارية له كانت قائمة عليه توضئه، فسقط الابريق من يدها على وجهه، فشجه، فنظر إليها، فقالت: يا مولاي إن الله عزوجل يقول: " والكاظمين الغيظ ". قال عليه السلام: كظمت غيظي. قالت: ويقول: " والعافين عن الناس ". قال عليه السلام: قد عفوت عنك. (1) إن الحلم من الصفات الحميدة التى تزين الانسان وترفعه من التسرع في مواجهته للمشاكل بما لا يحسن عواقبه، وتزيده رفعة وعلوا. وقد عد علماء الاخلاق أسبابا: 1 - الرحمة للجاهل: وهو من أكد اسباب الحلم. 2 - الترفع عن السباب: وذلك من شرف النفس وعلو الهمة. 3 - القدرة على الانتصار: وذلك من سعة الصدر، وحسن الثقة. 4 - الاستهانة بالمحلوم عنه، وفيه قال عمر بن علي: سكت عن السفيه فظن أني * عييت عن الجواب وما عييت إذا نطق السفيه فلا تجبه * فأحسن من اجابته السكوت 5 - الاستحياء من الجواب: وهذا من صيانة النفس وكمال المروءة. 6 - التفضل على السباب: وهو في نهاية الكرم وعلو الهمة وحب التفضل والتألف. 7 - استكفاف السباب وقطع الجواب: وهذا يكون من الحزم. 8 - الوفاء ليد سالفه وحرمة لازمه: وهذا يكون من الوفاء وحسن العهد. 9 - الخوف من العقوبة على الجواب: وهذا من ضعف النفس وربما اقتضاء الحزم. 10 - المكر وتوقع الفرص الخفية: وهذا من الدهاء. 11 - قصد ايلامه وتزايد غضبه بالسكوت عنه. فإذا عدم أحد هذه الاسباب كان ذلا لاحلما. والى هذا المعنى يشير الامام زين العابدين عليه السلام بقوله: الحلم هو الذل. فالحلم: هو ضبط النفس عن هيجان الغضب. فإذا فقد الغضب بعد سماع ما يغضب كان ذلك من ذل النفس ومهانتها وقلة الحمية وفقد الشجاعة والغيرة. قال الشاعر: أرى الحلم في بعض المواضع ذلة * وفي بعضها عزا يسود فاعله
[ 260 ]
قالت: يقول: " والله يحب المحسنين " (1) قال عليه السلام: فأنت حرة لوجه الله. [ الله أعلم حيث يجعل رسالته ] [ 1162 ] وولي هشام بن اسماعيل المخزومي (2) المدينة، فنال علي بن الحسين عليه السلام من الاذى والمكروه عظيما، ثم عزله الوليد (3) بعد ذلك وأمر أن يوقف للناس، فلم يكن أخوف من أحد [ كخوفه ] من علي بن الحسين عليه السلام لما ناله منه أن يرفع ذلك عليه ويقول فيه ويشكره، فلم يقل فيه شيئا ونهى خاصته وأهل بيته، وكل من سمع له من القول فيه بسوء. ثم أرسل إليه وهو واقف عند دار مروان: انظر ما أعجزك من مال تؤخذ به فعندنا ما يسعك، وطب نفسا منا، ومن كل من يطيعنا. فنادى هشام - وهو قائم - بأعلى صوته: الله أعلم حيث يجعل رسالته. [ 1163 ] ونادى علي بن الحسين عليه السلام يوما مملوكا له، فلم يجبه وهو يسمعه، فقال: يا بني أناديك، فلا تجيبني أما تخاف أن أعاقبك ؟ قال: لا والله ما أخافك وذلك الذي حملني على أن لم اجبك. فقال علي بن الحسين عليه السلام: الحمد لله الذي جعل مملوكي آمنا مني (4). (1) آل عمران: 134. (2) وكان يؤذي علي بن الحسين ويشتم عليا على المنبر وينال منه. (تذكرة الخواص ص 328). (3) وهو الوليد بن عبد الملك. (4) وفي الارشاد ص 147 الحديث 17: يأمنني.
[ 261 ]
[ أيام فتنة ابن الزبير ] [ 1164 ] وروي عنه عليه السلام، أنه قال: خرجت يوما من منزلي أيام فتنة ابن الزبير، وقد ضاق صدري بما ينتهي الي منها، فانتهيت إلى حائط [ لي ] (1) فاتكيت عليه، ووقفت كذلك مقاربا، فاني لعلى ذلك إذ وقف علي رجل عليه ثياب بيض ما أعرفه فنظر إلى وجهي، فقال لي: يا علي بن الحسين، مالي أراك كئيبا محزونا، أعلى الدنيا حزنك ؟ فرزق [ الله ] حاضر يأكل منه البر والفاجر. أم على الآخرة [ فهو ] وعد صادق ويحكم به ملك قادر. قلت: اللهم ما آسي على الدنيا، ولا من أجل الآخرة كان مني ما ترى. قال: ففيم حزنك ؟ قلت: تخوفت فتنة ابن الزبير. فضحك، وقال: يا علي بن الحسين، هل رأيت أحدا قط توكل على الله فلم يكفه ؟ قلت: لا. وبقيت مفكرا في قوله، ثم رفعت رأسي، فلم أجد أحدا (2). [ دين زيد بن اسامة ] [ 1165 ] واعتل زيد بن اسامة بن زيد علته التي مات فيها، فلما احتضر، (1) كلمة (لي) نقلناها من الارشاد. (2) وأضاف في الفصول لابن الصباغ ص 203:... فإذا قائل أسمع صوته ولا أرى شخصه يقول: يا علي بن الحسين هذا الخضر ناجاك.
[ 262 ]
حضره علي بن الحسين عليه السلام، فجعل يبكي، فقال له علي بن الحسين عليه السلام: ما يبكيك ؟ قال: [ يبكيني ] خلفت علي خمسة عشر ألف دينار دينا، وليس فيما أخلفه وفاء ذلك. فقال له علي بن الحسين عليه السلام: فطب نفسا فعلي وفاء ذلك عنك. فوفاه عنه. [ السجاد لعبده: اقتص مني ] [ 1146 ] وقيل: إن مولى لعلي بن الحسين عليه السلام [ كان ] يتولى له عمارة ضيعة، فجاء ليطلعها، فأصاب منها فسادا وتضيعا كثيرا أغاضه من ذلك ما رآه، فغمه، فقرع المولى بسوط كان في يده وكان ذلك ما لم يكن منه إلى أحد قبله مثله. وندم على ما كان منه ندامة شديدة، فلما انصرف إلى منزله أرسل يطلب المولى، فأتاه فوجده مقاربا والسوط بين يديه، فظن يريد عقوبته، فاشتد خوفه. فأخذ علي بن الحسين عليه السلام السوط، ومد يده إليه، وقال: يا هذا قد كان مني اليك ما لم يتقدم لي مثله، وكانت هفوة وزلة. فدونك السوط اقتص مني. فقال المولى: يا مولاي والله إن ظننت إلا أنك تريد عقوبتي، وأنا مستحق العقوبة فكيف أقتص منك. قال عليه السلام: ويحك اقتص. قال: معاذ الله أنت في حل وسعة. فكرر عليه مرارا والمولى في ذلك يتعاظم قوله ويجلله، فلما لم يره يقتص قال له عليه السلام: أما إذا أبيت، فالضيعة صدقة عليك.
[ 263 ]
فأعطاه إياه. [ 1167 ] وكان إذا انقضى الشتاء تصدق بكسوته في الشتاء، وإذا انقضى الصيف تصدق بكسوته في الصيف. وكان يلبس من خير الثياب. فقيل له: تعطيها من لا يعرف بقيمتها ولا يليق به لباسها، فلو بعتها وتصدقت بثمنها. فقال عليه السلام: اني لاكره أن أبيع ثوبا صليت فيه. [ انقطاعه إلى الله ] [ 1168 ] وكان إذا وقف في الصلاة لم يشتغل بغيرها ولم يسمع شيئا لشغله بالصلاة. وسقط بعض ولده في بعض الليالي، فانكسرت يده، فصاح أهل الدار، وأتاهم الجيران، وجئ بالمجبر [ فجبر الصبي ] وهو يصيح من الالم، وكل ذلك لا يسمعه. فلما أصبح رأى يد الصبي مربوطة إلى عنقه، فقال: ما هذا ؟ فأخبروه. [ فرزدق وقصيدته ] [ 1169 ] وكان عليه السلام ورعا حليما وقورا جميلا، وحج في بعض السنين فجعل الناس ينظرون إلى جماله وكماله. ويقول من لم يعرفه لمن عسى أن يعرفه، من هذا ؟ ! ليخبروه. قال قائل من الناس لفرزدق (1) من هذا ؟ (1) وهو همام بن غالب بن صعصعة، وامه: ليلى بنت عابس، قيل إنه ولد سنة 10 ه. دخل أبوه على أمير المؤمنين في البصرة ومعه ابنه فرزدق، فأخبره أنه يقول الشعر. وكان له أخ وهو هميم بن غالب واخت جعثن وكانت امرأة صدق، وكان جرير يذكرها في مهاجاته لفرزدق، وكان يقول: أستغفر الله فيما قلت لجعثن. تزوج ابنة عمه، النوار بنت أعين بن صعصعة. توفي سنة 110 ه عن عمر يناهز المائة سنة.
[ 264 ]
فأنشأ يقول: هذا الذي تعرف البطحاء وطأته * والبيت يعرفه والحل والحرم هذا ابن خير عباد لله كلهم * هذا التقي النقي الطاهر العلم يكاد يمسكه عرفان راحته * ركن الحطيم إذا [ ما جاء ] يستلم يغضي حياء ويغضي من مهابته * فلا يكلم إلا حين يبتسم إذا رأته قريش قال قائلها * إلى مكارم هذا ينتهي الكرم ودفن في مقابر البصرة. وأما القصيدة فمؤلفة من 28 بيتا ذكرها عبد الوهاب المكي في طبقات الشفافعية الكبرى 1 / 153. وقال ابن شهر آشوب في المناقب 4 / 169: إنها مؤلفة من 41 بيتا وذكر تمام القصيدة. وكذا في حلية الابرار 2 / 50، وفي مجمع فنون الشعر ص 70 ط حجر 1335: عدها 40 بيتا. المناسبة: لما حج هشام بن عبد الملك، فلم يقدر على استلام الحجر من الزحام، فنصب له منبر، وجلس عليه، وأطاف به أهل الشام. فبينما هو كذلك، إذ أقبل علي بن الحسين عليه السلام وعليه ازار ورداء من أحسن الناس وجها وأطيبهم رائحة، بين عينيه سجادة كأنها ركبة عنز، فجعل يطوف، فإذا بلغ موضع الحجر تنحى الناس حتى يستلمه هيبة. فقال له شامي: من هذا يا أمير المؤمنين ؟ فقال: لا أعرفه ! لئلا يرغب فيه أهل الشام. فقال الفرزدق: أنا أعرفه (وكان حاضرا). فقال الشامي: من هو، يا أبا الفراس ؟ فأنشأ القصيدة التي مطلعها: يا سائلي أين حل الجود والكرم * عندي بيان إذا طلابه قدموا هذا الذي تعرف البطحاء وطأته * والبيت يعرفه والحل والحرم إلى آخر الابيات. فغضب هشام ومنع جائزته، وقال: ألا قلت فينا مثلها، فحبسه بعسفان (بين مكة والمدينة) فبلغ ذلك علي بن الحسين فبعث إليه باثني عشر ألف درهم، وقال: اعذرنا يا أبا فراس. فلو كان عندنا أكثر من هذه لوصلناك به، فردها، وقال: يابن رسول الله ما قلت هذا الذي قلت إلا غضبا لله ولرسوله، وما كنت لارزأ عليه شيئا، فردها عليه. فقال له علي بن الحسين عليه السلام: بحقي عليك لما قبلتها، فقد رأى الله مكانك وعلم نيتك، فقبلها. فجعل فرزدق يهجو هشاما، وهو في الحبس، فكان مما جاء به قوله: أيحبسني بين المدينة والتي * إليها قلوب الناس يهوى منيبها يقلب رأسا لم يكن رأس سيد * وعينا له حولاء تبدو عيونها فاخبر هشام بذلك فأطلقه. وفي رواية أبي بكر العلاف: أنه أخرجه إلى البصرة.
[ 265 ]
أي القبائل (1) ليست في رقابهم * لاولية هذا أوله نعم [ علي الاكبر ] وكان للحسين عليه السلام ابنان، يدعى كل واحد منهما عليا. فالعامة تزعم أن المقتول منهما معه هو الاكبر (2). وأهل العلم من [ أوليائهم ] وشيعتهم وغيرهم من علماء العامة [ العارفين ] بالانساب والتواريخ يقولون: إن المقتول مع الحسين عليه السلام هو الأصغر وان الباقي منهما هو الاكبر، وانه كان يوم قتل الحسين عليه السلام دنفا شديد العلة فذلك كان سبب بقائه. وقد تقدم ذكر ذلك. ذكر محمد بن عمر الواقدي: أن علي بن الحسين ولد سنة ثلاث وثلاثين من الهجرة، وقتل الحسين عليه السلام يوم عاشوراء سنة إحدى وستين، وكان على هذا يوم قتل أبوه عليه السلام ابن ثمان وعشرون سنة. وذكر غير الواقدي: أنه ولد في أيام عثمان، فيما ذكر الواقدي وغيره، قتل في ذي الحجة من سنة خمس وثلاثين، وهذا قريب المعنى فيما تقدم ذكره. وزعم عوام الناس: أنه كان يوم قتل أبوه طفلا، وأن أباه أوصى به إلى غيره ليعدلوا بالامامة عنه (3). أما أهل العلم بالاخبار والانساب والتواريخ منهم فقد قالوا مثل ما ذكرنا أنه كان رجلا، وان زعموا أنه الاصغر. (1) وفي رواية اخرى: أي الخلائق ليست. (2) الاصابة لابن الحجر 3 / 412، البداية والنهاية لابن كثير 9 / 103، الاخبار الطوال للدينورى ص 254، لوائح الانوار للشعراني 1 / 23، المعارف لابن قتيبة ص 93، حياة الحيوان 1 / 169، الكامل لابن الاثير 4 / 30، الروض الانف 2 / 326، تاريخ الطبري 6 / 260، الفصول المهمة لابن الصباغ ص 469. (3) كتاب عبيدالله المهدي ص 80. وذكر الطبري في الذخائر: أنه كان صغيرا.
[ 266 ]
[ 1170 ] وروى الزبير البكاري (1) عن مصعب بن عبد الله، أنه شهد علي بن الحسين الاصغر مع أبيه [ في ] كربلاء، وهو ابن ثلاث وعشرين سنة (2)، وكان مريضا، وكان ابن ام ولد. [ امه ] واختلفوا في امه، فقال بعضهم: كانت سندية. وقال آخرون: تسمى جيدة. وقال بعضهم: كانت تسمى سلامة (3). وقال ابن الكلبي: ولى علي بن أبي طالب عليه السلام الحريث بن جابر الحنفي جانبا من المشرق، فبعث إليه ببنت يزد جرد شهرياران بن كسرى، فأعطاها علي عليه السلام ابنه الحسين عليه السلام (4) فولدت منه عليا (5). (1) وهو الزبير بن بكار بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام. كنيته: أبو عبد الله المدني، ولد بالمدينة سنة 172 ه وهو أحد النسابين المعروفين، وكان شاعرا صدوقا راوية نبيل القدر، ولي قضاء مكة، توفي في مكة 256 ه (رجال المامقاني 1 / 437، الاعلام 1 / 332). (2) غاية الاختصار لتاج الدين ابن زهرة المتوفى 753 ه ص 156. (3) قال ابن قتيبة في المعارف ص 94: إن اسمها سندية، ويقال لها: سلافة، ويقال: غزالة. وفي مرآة الجنات لليافعي 1 / 190 هكذا. وفي النجوم الزاهرة لابن التغربردي 1 / 229: أن اسمها سندية. (4) وفي الارشاد ص 139: وكان أمير المؤمنين عليه السلام ولى حريت بن جابر الحنفي جانبا من المشرق، فبعث إليه بابنتي يزدجرد بن شهرياران بن كسرى، فنحل ابنه الحسين شاه زنان منهما، فأولدها الامام زين العابدين. وفي اصول الكافي 1 / 466: إن اسمها شهر بانويه بنت يزدجرد بن شهريار. وفي المناقب 4 / 176: إن اسمها شهربانويه، ويسمونها أيضا شاه زنان. وفي الفصول المهمة لابن الصباغ ص 199: اسمها شاه زنان بنت كسرى. ولم يتعرض المؤلف إلى اسمها في هذا النقل. ومعنى شاه زنان أي ملكة النساء وشهر بانويه أي ملكة المدينة. وربما يعود اختلاف الروايات في تسميتها إلى ما قيل إن أمير المؤمنين عليه السلام سألها يوما عن اسمها، فقالت: شاه زنان. فقال عليه السلام: أنت شهربانويه. وأظن هذا التغير لاجل اختصاص الزهراء بذلك كما مر في ج 11 أن فاطمة هي سيدة نساء العالمين. (5) والى هذا يشير أبو الأسود الدؤلي:
[ 267 ]
وقال غيره: إن حريث بن جابر بعث إلى أمير المؤمنين ببنتي يزدجرد بن شهرياران بن كسرى، وأعطى واحدة منهما ابنه الحسين عليه السلام فأولدها علي بن الحسين، وأعطى الاخرى محمد بن أبي بكر فأولدها قاسم بن محمد بن أبي بكر فهما ابنا خاله. فهذا نقض الخبر الاول الذي فيه أن علي بن الحسين عليه السلام ولد في سنه ثلاث وثلاثين من الهجرة (1) في أيام عثمان، وذلك قبل أن يصير ظاهر الامر إلى علي عليه السلام. والاول أثبت، ويؤيد ذلك أن علي بن الحسين عليه السلام قد روى عن علي بن أبي طالب أخبارا حملت عنه منها: [ ما يتبع الرجل بعد موته ] [ 1171 ] ما رواه عن سعيد بن طريف، أنه قال: حدثني علي بن الحسين عليه السلام، أنه قال: سمعت علي بن ابي طالب عليه السلام يقول: أيها الناس أتدرون ما يتبع الرجل بعد موته ؟ فسكتوا. فقال عليه السلام: يتبعه الولد، يتركه فيدعو له بعد موته ويستغفره. ويتبعه الصدقة أوقفها في حياته، فيتبعه أجرها بعد موته. ويتبعه السنة الصالحة يعمل بها، فيعمل بها بعد موته فيتبعه أجرها وأجر من عمل بهامن غير أن ينقض من أجرهم شيئا. [ موقفه الصمودي ] [ 1172 ] وروي عن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أنه وان غلاما بين كسرى وهاشم * لاكرم من نيطت عليه التمائم (1) دلائل الامامة للطبري ص 81، وبحار الانوار 11 / 4.
[ 268 ]
قال: قدم بنا على يزيد بن معاوية لعنه الله بعدما قتل الحسين عليه السلام ونحن اثنا عشر غلاما ليس منا احد إلا مجموعة يداه إلى عنقه وفينا علي بن الحسين. فقال لنا يزيد: صيرتم أنفسكم عبيدا لاهل العراق، ما علمت بمخرج أبي عبد الله حتى بلغني قتله. (كذب عدو الله بل هو الذي جهز إليه الجيوش وقد ذكرت خبره فيما مضى). فتلا علي بن الحسين: " ما اصاب من مصيبة في الارض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير. لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور " (1). فأطرق مليا وجعل يعبث بلحيته وهو مغضب ثم قرأ " ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير " (2). ثم قال: يا أهل الشام ما ترون في هؤلاء ؟ فقال قائلهم: قد قتل (3) ولا تتخذ جروء من كلب سوء. فقال النعمان بن بشير: انظر ماكنت ترى أن رسول الله صلى الله عليه وآله يفعله فيهم لو كان حيا، فافعله. فبكى يزيد، فقالت فاطمة بنت الحسين عليه السلام: يا يزيد ما تقول في بنات رسول الله صلى الله عليه وآله سبايا عندك. فاشتد بكاؤه حتى سمع ذلك نساؤه، فبكين حتى سمع بكاؤهن من كان في مجلسه. (1) الحديد: 22 و 33. (2) الشورى: 30. (3) هكذا في الاصل.
[ 269 ]
وقيل: إن ذلك بعد أن أجلسهن في منزل لا يكنهن من برد ولا حر. فأقاموا فيه شهرا ونصف حتى اقشرت وجوههن من حر الشمس، ثم اطلقهم. [ دين الحسين عليه السلام ] [ 1173 ] وروي عن جعفر بن محمد، أنه قال: اصيب الحسين عليه السلام وعليه دين بضع وسبعون ألف دينار. قال: وكف يزيد عن أموال الحسين عليه السلام، غير أن سعيد بن العاص هدم دار علي بن أبي طالب ودار عقيل ودار الرباب بنت امرئ القيس، وكانت تحت الحسين، وهي ام سكينة. قال: واهتم أبي - علي بن الحسين عليه السلام - بدين أبيه هما شديدا حتى امتنع من الطعام والشراب والنوم في اكثر أيامه ولياليه. فأتاه آت في المنام، فقال له: لا تهتم بدين ابيك فقد قضاه الله بمال بجيش. (فقال علي له: والله ما أعرف في أموال أبي مالا يقال له: بجيش) (1). فلما كان في الليلة الثانية رأى مثل ذلك، فسأل عنه أهله. فقالت له امرأة من أهله: كان لابيك عبد رومي يقال له بجيش، استنبط له عينا بذى خشب، فسال عن ذلك، فاخبر به. وأن الحسين كان [ قد ] أعطى الرباب بنت امرئ القيس منها سقي يوم السبت وليلة السبت نحلة فورثت ذلك سكينه بنتها. فما مضت بعد ذلك قلائل حتى أرسل الوليد بن عتبه بن ابي (1) قال ابن شهر آشوب في المناقب 4 / 144: بجنس. وفي سفينة البحار 1 / 477: نحيس بالحاء المهملة.
[ 270 ]
سفيان إلى علي بن الحسين عليه السلام يقول له: انه ذكرت لي عين أبيك بذي خشب تعرف بجيش، فان أحببت بيعها ابتعتها منك. قال له علي بن الحسين عليه السلام: خذها بدين الحسين عليه السلام، وذكر له. قال: أخذتها. واستثنى منها ما كان لسكينة. وأوفى دين الحسين عليه السلام. [ دعاؤه على قاتل أبيه ] وكان علي بن الحسين عليه السلام يدعو في كل يوم وليلة أن يريه الله قاتل أبيه مقتولا. فلما قتل المختار (1) قتلة الحسين عليه السلام بعث برأس عبيدالله بن زياد ورأس عمر بن سعد (2) مع رسول الله من قبله إلى علي بن الحسين عليه السلام. وقال لرسوله: إنه يصلي من الليل فإذا أصبح وصلى الغداة هجع (3) ثم يقوم [ فيستاك ]، يؤتى بغدائه، فإذا أتيت بابه، فاسأل عنه، فإذا قيل لك إن المائدة وضعت بين يديه فاستأذن عليه وضع الرأسين على [ مائدته ]، وقل له: (1) وهو المختار بن أبي عبيدة مسعود الثقفي، كنيته: أبو إسحاق، ولد في السنة الاولى للهجرة، وهو من أهل الطائف. انتقل منها إلى المدينة مع أبيه في زمن عمر، وتوجه أبوه إلى العراق، فاستشهد يوم الجسر، وبقى المختار في المدينة منقطعا إلى بني هاشم وعمه سعد بن مسعود الثقفي أمير المدائن، وسكن البصرة. ولما قتل الحسين عليه السلام قبض عليه ابن زياد أمير البصرة ونفاه بشفاعة عبد الله بن عمر (زوج اخت المختار) إلى الطائف، ولما مات يزيد بن معاوية رجع إلى العراق ودخل الكوفة وقتل قتلة الحسين عليه السلام، قاتله مصعب بن الزبير، فقتله (تاريخ الطبري 7 / 146، الحور العين ص 182، الكامل 3 / 404). (2) وهو عمر بن سعد بن أبي وقاص، أرسله عبيدالله بن زياد على أربعة الآف لقتال الديلم، وكتب له عهده على الري. ثم لما علم ابن زياد بمسير الحسين عليه السلام من مكة إلى الكوفة، كتب إلى عمر بن سعد أن يعود بمن معه فولاه قتال الحسين عليه السلام، فاستعفاه أولا، ثم أطاع فكانت الفاجعة بمقتل الحسين عليه السلام، وعاش إلى أن خرج المختار فقتل بيده (طبقات ابن سعد 5 / 935، الكامل 4 / 31). (3) وفي المناقب 4 / 144: نام.
[ 271 ]
المختار يقرئ عليك السلام ويقول لك: يابن رسول الله قد بلغك الله ثارك. ففعل الرسول ذلك. فلما رأى علي بن الحسين رأسين على [ مائدته ] خر لله ساجدا، وقال: الحمد لله الذي أجاب دعائي (1) وبلغني ثاري من قتلة أبي. ودعا للمختار وجزاه خيرا (2). [ 1174 ] وروي عن عبد الله بن موسى، عن أبيه، عن جده، أنه قال: كانت امي فاطمة بنت الحسين عليه السلام تأمرني أن أجلس إلى خالي علي بن الحسين عليه السلام، فما جلست إليه مجلسا قط إلا أفدت منه علما (3). [ زهده عليه السلام ] [ 1175 ] سعيد بن كلثوم، قال: كنت عند أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام فذكر علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: والله ما أكل من الدنيا حراما قط حتى مضى لسبيله، وما عرض عليه أمران هما رضاء الله إلا أخذ بأشدها عليه في دينه، [ وما نزلت ] برسول الله صلى الله عليه وآله نازلة [ قط ] إلا ودعاه يقدمه أمامه لها ثقة به، وما أطاق عمل رسول الله صلى الله عليه وآله من هذه الامة غيره، وأنه كان ليعمل عمل رجل كان وجهه بين الجنة والنار يرجو ثواب هذه ويخاف عقاب هذه. (1) وفي المناقب أيضا: دعوتي. (2) وعن الامام الباقر عليه السلام: لا تسبوا المختار، فانه قتل قتلتنا وطلب ثارنا وزوج أراملنا وقسم فيئنا (بحار الانوار 10 / 283). قالت فاطمة بنت أمير المؤمنين عليه السلام: ما تحنأت امرأة منا ولا أجالت في عينها مرودا، ولا امتشطت حتى بعث المختار برأس عبيدالله بن زياد. قال الكشي في رجاله ص 115: وصفوة القول في شأن المختار: كان رجلا صادقا في أخذه لثار الحسين عليه السلام. (3) وفي بحار الانوار 46 / 73: فما جلست إليه قط إلا قمت بخير قدافدته إما خشية لله تحدث لله في قلبي لما أرى من خشيته لله، أو علم استفدته منه.
[ 272 ]
ولقد أعتق من ماله ألف مملوك ابتغاء وجه الله، والنجاة من النار مما كد فيه بيده ورشح فيه جبينه، وأنه كان ليقوت بالخل والزبيب والعجوة، وما كان لباسه إلا الكرابيس، إذا فصل شئ من يده من كمه قطعه بالجلم، وما أشبهه من أهل بيته أحد، وان كان أقرب القوم شبها في أحواله وأفعاله علي بن الحسين عليه السلام. [ عبادته عليه السلام ] [ 1176 ] وجاء عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام: أنه دخل على أبيه علي بن الحسين عليه السلام فرآه في حال رق له بها، لما بلغت به العبادة، وقد اصفر لونه من السهر والصيام ورمضت عيناه من البكاء ودثرت [ جبهته ] وانخرم [ أنفه ] من السجود، وورم كفاه وقدماه من القيام فلم يملك أن بكى رحمة له. قال: فعلم أني بكيت لما رأيت منه. فقال: يا بني أعطني بعض الصحف التي فيها ذكر عبادة علي عليه السلام. فأعطيته منها صحيفة، فنظر في شئ منها، ثم وضعها بين يديه، وقال: ومن يقوى على عبادة علي. ثم لم يمت حتى عمل بعمل علي عليه السلام. [ 1177 ] وعن أبي جعفر عليه السلام، أنه قال: كان علي بن الحسين عليه السلام يصلي في كل يوم وليلة ألف ركعة وان كانت الريح لتميله إذا هو قائم في الصلاة كما تميل السنبلة. [ 1178 ] وعن سفيان بن عيينة، أنه قال: ما رؤي علي بن الحسين عليه السلام جائرا بيده فحدثه فهو يمشي زاره (1). [ 1179 ] وروي عن زرارة بن أعين، أنه قال: كانت لعلي بن الحسين (1) وفي بحار الانوار 46 / 93: جائزا بيديه فخذيه وهو يمشي.
[ 273 ]
عليه السلام ناقة، حج عليها أربعا وعشرين حجة ما أقرعها قرعة قط. [ 1180 ] إبراهيم بن علي الواقفي (1)، عن أبيه، قال: حججت مع علي بن الحسين عليه السلام يوما وهو على ناقة له، فالتأتت عليه، فرفع القضيب، فأشار عليها به، وقال: لولا خوف القصاص لفعلت. [ 1181 ] ومر علي بن الحسين عليه السلام يوما على سعيد بن المسيب وعنده رجل [ قرشي ] فقال له: من هذا ؟ فقال ابن المسيب. هذا سيد العابدين علي بن الحسين. [ 1182 ] أبو حمزة اليماني، قال: سمعت علي بن الحسين يقول: ما احب أن لي بنصيبي من الدنيا حمر النعم. وما تجرعت جرعة هي أحب الي من جرعة غيظ لا اكاف عليها صاحبها. [ الانفاق في سبيل الله ] [ 1183 ] وروي عن جعفر بن محمد، أنه قال: كان علي بن الحسين عليه السلام يعجبه العنب، فدخل منه إلى المدينة شئ حسن، فاشترت منه ام ولده شيئا، وأتت به عند افطاره، فأعجبه، فمن قبل أن يمد يده إليه وقف بالباب سائل، فقال لها: احمليه إليه، فقالت: يا مولاي بعضه يكفيه، قال: لا. وأرسله إليه كله. واشترت له من غد، وأتت به إليه فوقف السائل، ففعل مثل ذلك [ فارسله إليه ]. واشترت له في الليلة الثالثة، ولم يأت السائل، فأكل، وقال: ما فاتنا عنه شئ والحمد الله. [ مسرف يهدد السجاد ] [ 1184 ] وانتهى إلى علي بن الحسين عليه السلام: أن مسرفا استعمل على (1) هكذا في الاصل، وقد أورد المفيد في الارشاد: الرافعي. وفي نسخة ز: الواثقي.
[ 274 ]
المدينة وأنه يتواعده بسوء وكان يقول عليه السلام: لم أر مثل التقدم في الدعاء له لان العبد [ ليس يحضره ] الاجابة في كل [ وقت ] فجعل يكثر من الدعاء لما اتصل به عن مسرف. وكان من دعائه: رب كم من نعمة أنعمت بها علي قل لك عندها شكري، وكم من بلية ابتليتني بها قل لك عندها صبري، فكم من معصية أتيتها فسترتها علي ولم تفضحني. يامن قل له عند نعمته شكري، فلم يحرمني، [ و ] يا من قل له عند بليته صبري فلم يخذلني ويا من رآني على المعاصي فلم يفضحني. يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبدا، [ و ] يا ذا النعم التي لا تحصى عددا، صل على محمد وعلى آل محمد وبك أدفع نحره وبك أستعيذ من شره. فلما قدم مسرف إلى المدينة أرسل إلى علي بن الحسين وعنده مروان بن الحكم، وقد علم ما ذكره من وعيده، فجعل يغريه به، فلما دخل عليه، قام إليه، فاعتنقه وقبل رأسه، وأجلسه إلى جانبه، وأقبل عليه بوجهه ليسأله عن حاله وأحوال أهله، فلما رأى ذلك مروان جعل يثني على علي بن الحسين عليه السلام ويذكر فضله. فقال مسرف: دعني عن كلامك، فاني إنما فعلت ما فعلت من بره واكرامه وقضاء حوائجه ما قد أمرني به أمير المؤمنين. ثم قال لعلي بن الحسين عليه السلام: إنما جعلت الاجتماع معك لما سبق اليك عني لان لا تستوحش مني، وأنا احب الاجتماع معك والانس بك، والتبرك بقربك، والنظر فيما تحب من صلتك وبرك وأنا على ذلك، لكني أخاف أن يستوحش أهلك إن طال عندي مقامك، فانصرف إليهم ليسكنوا ويعلموا ويعلم الناس مالك عند أمير المؤمنين وعندي من الجميل. ثم قال: قدموا دابته.
[ 275 ]
قالوا: ماله دابة. قال مسرف: قدموا له دابتي. فقدموها له بين يديه، وعزم عليه أن يركبها، فركب، وانصرف إلى أهله، وهم والناس ينظرون ما يكون منه فيه. [ وفاته ] توفي علي بن الحسين عليه السلام بالمدينة أول سنة أربع وتسعين (1)، وكان يكنى: أبا الحسين (2). [ 1185 ] وغسله أبو جعفر ابنه محمد بن علي، فلما أراد أن يغسل فرجه، قال: لقد كنت أجلك عن أمس فرجك حيا، وأنت ميتا كما كنت حيا فما كنت لامس عورتك، ودعا بام ولد له فتولت غسل عورته. ودفن في البقيع. وضربت امرأته على قبره فسطاط (فلما كان العشي جاءت ناقة له فوضعت جرانها على الفسطاط) وجعلت تحن. فقال أبو جعفر عليه السلام لبعض مواليه: نحها لان لا يرى الناس. فأخذ بمشفرها ونحاها عن الفسطاط. وتوفي علي بن الحسين وهو ابن ثمان وخمسين سنة. [ ضبط الغريب ] الجران: مقدم العنق من مذبح البعير إلى منحره، فإذا برك البعير ومد عنقه على الارض قيل ألقى بجرانه على الارض. مشفر البعير: شفته السفلى المتدلية. (1) وفي الارشاد واصول الكافي 1 / 469: قبض في سنة خمس وتسعين وله سبع وخمسون سنة. (2) وفي نسخة ز: أبا الحسن.
[ 276 ]
الامام محمد الباقر عليه السلام وأما أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين عليه السلام كانت امه ام عبد الله [ فاطمة ] بنت [ الحسن ] بن علي بن أبي طالب. وقيل إنه أول من اجتمعت له ولادة الحسن والحسين. [ 1186 ] وروى يحيى بن الحسن، عن أبي برة قال: حدثنا عبد الله بن ميمون القداح، عن جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي عليه السلام قال: دخلت على جابر بن عبد الله الانصاري، وقد كف بصره، فسلمت عليه، فرد علي السلام، وقال: من أنت ؟ قلت: محمد بن علي بن الحسين عليه السلام، فقال لي: بأبي وامي ادن مني. فقبل يدي ثم أهوى إلى رجلي ليقبلهما، فاجتذبتهما. ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله يقرئك السلام. فقلت: على رسول الله السلام ورحمة الله وبركاته، وقلت له: وكيف ذلك يا جابر ؟ قال: كنت ذات يوم، فقال لي: يا جابر ستلقى بعدي محمد بن علي بن الحسين من ولدي، وهو رجل يهب الله له النور والحكمة، فأقرئه مني السلام. وحديث جابر هذا مع محمد بن علي عليه السلام حديث مشهور معروف يرويه عند الخاص والعام، رواه فقهاء أهل المدينة وأهل العراق من العامة،
[ 277 ]
ويؤثر عن كبرائهم، يرويه أبو حنيفة ومالك والشافعي وغيرهم. ومنه أخذوا ذكر حجة رسول الله صلى الله عليه وآله لان أبا جعفر محمد بن علي عليه السلام سأل عنها جابر بن عبد الله الانصاري في هذا المجلس لانه شهدها مع رسول الله صلى الله عليه وآله، وأخبره بها شيئا فشيئا مذ خرج رسول الله صلى الله عليه وآله من المدينة إلى قضاء الحج، وهو أتم حديث جاء في ذلك يروي عن أبي جعفر [ محمد ] بن علي عليه السلام. وكان أفقه أهل زمانه، وأخذ عنه ظاهر علم الحلال والحرام أهل الفقه من الخواص والعوام (1). وسمي باقر العلوم لانه أول من يقرأ عنه من الائمة من آل محمد صلى الله عليه وآله، فاظهره، وذلك لانه وجد من الزمان لينا من بني امية لقرب انقطاع أيامهم ولشغل من بقي منهم بلهوهم وآثامهم (2). [ 1187 ] وروي عن عبد الرحمان بن صالح الازدي، عن ابي مالك الحسني، عن عبد الله بن العطاء المكي، قال: ما رأيت العلماء عند أحد قط أصغر منهم عند أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين لتواضعهم (1) قال محمد بن مسلم: سألت الباقر عليه السلام عن ثلاثين الف حديث (المناقب 4 / 195). (2) وقد أشار المؤلف إلى هذا في ارجوزته: أظهر ما رواه عن آبائه * من جملة الفقه على استوائه وحدث الناس بما كان سمع * من ظاهر الحديث عنهم فاتبع واحتاج للذي روى كل أحد * فأقبلوا إليه من كل بلد وضرب الناس من الآفاق * إليه في الركب وفي الرفاق ودخلوا في جملة الوفود * وعدد الجماعة العديد إلى أن يقول: ووجدت شيعته بعض الفرج * وزال عنها كل أسباب الحرج وكان ذاك من ولي النعمة * حياطة لدينه ورحمة ولو تمادت شدة البلية * لا نقطع الدين على الكلية والله ذو النعمة والآلاء * يمتحن العباد بالبلاء (الارجوزة المختارة ص 188).
[ 278 ]
له ولمعرفتهم لحقه ولعلمه واقتباسهم منه. ولقد رأيت الحكم بن عيينة على حالته في الناس وسنه وهو بين يديه يتعلم منه، ويأخذ منه كالصبي بين يدي المعلم. [ الخضر مع الامام الباقر ] [ 1188 ] وروي عن جعفر بن محمد بن علي، أنه قال: حججت مع أبي محمد بن علي، فبينا هو يصلي من الليل في الحجر في ليالي العشر، وأنا خلفه إذ جاء رجل أبيض الرأس واللحية جليل العظام بعيد ما بين المنكبين عريض الصدر عليه ثوبان غليظان أبيضان في هيئة المحرم، فجلس إلى جانبه فكأنه ظن أنه يريد حاجة، فخفف الصلاة، فلما سلم أقبل إليه بوجهه، فقال له الرجل: يا أبا جعفر أخبرني عن بدء خلق هذا البيت كيف كان ؟ فقال أبو جعفر عليه السلام: ممن أنت ؟ فقال له الرجل: من أهل الشام. فقال له عليه السلام: إن أحاديثنا إذا اسقطت إلى الشام جاءتنا صحاحا، وإذا اسقطت إلى العراق جاءتنا وقد زيد فيها ونقص. (يعني أن شيعتهم بالعراق كثيرا بأخذ ذلك بعضهم من بعض، فيقع من ذلك الزيادة والنقصان بين النقلة: وهم بالشام قليل، فإذا سقط الحديث إلى من يسقط إليه بقي على حاله). قال: ثم أقبل عليه فقال: بدء خلق هذا البيت، إن الله تعالى لما قال للملائكة " إني جاعل في الارض خليفة " (1). فردوا عليه بقولهم: " أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك (1) البقرة: 30.
[ 279 ]
الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ". وقالوا بأنفسهم: نحن الحافون بعرشه والمسبحون بحمده، فيستخلف غيرنا، ونحن أقرب إليه. قال الله عزوجل: " إني أعلم ما لا تعلمون ". " وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون ". فعلموا أنهم قد وقعوا في الخطيئة، فعاذوا بالعرش، فطافوا سبعة أشواط ليسترضوا ربهم عزوجل، فرضي عنهم. وقال لهم: اهبطوا إلى الارض فابنوا لي بيتا يلوذ به من أذنب من عبادي، ويطوف حوله كما طفتم أنتم حول عرشي، فأرضي عنهم كما رضيت عنكم. فبنوا هذا البيت، فهذا يا عبد الله بدء هذا البيت. قال له الرجل: صدقت يا أبا جعفر، فما بدء هذا الحجر ؟ قال عليه السلام: إن الله عزوجل لما أخذ ميثاق بني آدم أجرى نهرا أحلى من العسل، وألين من الزبد، ثم أمر القلم [ فاستمد ] من ذلك النهر وكتب اقرارهم، وما هو كائن إلى يوم القيامة ثم ألقم الكتاب هذا الحجر. فهذا الاستلام الذي ترى إنما هو بيعة على إقرارهم. قال جعفر بن محمد عليه السلام: وكان أبي إذا استلم الركن قال: " اللهم أمانتي أديتها وميثاقي تعاهدته ليشهد لي عندك بالوفاء ". فقال له الرجل: صدقت يا أبا جعفر. ثم قام، فلما ولى [ قال لي ] أبي: اردده علي. فخرجت وراءه وأنا وراءه إلى أن حال الزحام بيني وبينه حتى إلى الصفا، فعدت إلى الصفا، فلم أره. (فذهبت إلى المروة فلم أره، فجئت إلى أبي، فأخبرته. قال [ أبي ]: إني أراه الخضر عليه السلام).
[ 280 ]
فهذا يؤثر عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام على ظاهر القول فيه وتحته من سر الحكمة في الباطن ما هو جوهره ولبابه وسر الحكمة فيه. [ مع هشام بن عبد الملك ] [ 1189 ] ويروى عن الزهري، أنه قال: حج هشام بن عبد الملك، فدخل المسجد الحرام معتمدا على يد سالم مولاه، ورأى محمد بن علي جالسا في المسجد والناس حوله يسألونه. فقال له سالم: يا أمير المؤمنين هذا محمد بن علي بن الحسين عليه السلام. قال له هشام: المفتون به أهل العراق ؟ قال: نعم. قال [ هشام ]: اذهب إليه، وقل له يقول لك أمير المؤمنين: ما الذي يأكل الناس يوم القيامة ويشربون إلى أن يفصل بينهم. فجاء إليه فذكر له ذلك. فقال له أبو جعفر: إن الله عزوجل يقول: يوم تبدل الارض غير الارض " (1). فيحشر الناس يوم القيامة على الارض. وتكون لهم الخبزة النقية يأكلون منها [ وأنهار متفجرة يشربون منها ] إلى أن يفرغ من حسابهم. فانصرف سالم إلى هشام، فأخبره بجوابه، فرأى هشام أنه ظفر به. فقال: الله اكبر، ارجع إليه، فقل له: ما شغلهم عن الاكل والشراب يومئذ ما هم فيه من هول يوم القيامة. فرجع إليه فقال له ذلك. (1) ابراهيم: 48.
[ 281 ]
فقال له أبو جعفر عليه السلام: هم في النار أهول من ذلك وما شغلهم ماهم فيه أبدا عن أن قالوا لاهل الجنة: " أفيضوا علينا من الماء أومما رزقكم الله " (1). وأكلوا الضريع (2) والزقوم (3) وشربوا الصديد (4) والحميم (5). فرجع إلى هشام، فأخبره، فأفحم، فلم يحر جوابا. [ 1190 ] قيس بن ربيع، قال: سألت أبا اسحاق [ السبيعي ] عن المسح (يعني: على الخفين)، فقال: أدركت الناس يسحبون حتى لقيت محمد بن على بن الحسين وما رأيت مثله. فسألته عن المسح، فنهاني عنه، وقال: لم يكن علي عليه السلام يمسح [ عليها ]، [ وكان يقول ] (6): وسبق [ الكتاب ] الكعبان الخفين (يعني قول الله عزوجل " وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين " (7) قال أبو إسحاق: فما مسحت مذنهاني. قال قيس: فما مسحت مذ سمعت هذا من أبي اسحاق. [ 1191 ] الزبير [ بن ] أبي بكر، قال: كان محمد بن علي بن الحسين يدعى باقر العلم لاهل التقى، وله يقول القرضي (8) شعرا: (1) الاعراف: 50. (2) الغاشية: 6. (3) الواقعة: 52. (4) ابراهيم: 16. (5) يونس: 4. (6) هكذا صححناه وفي الاصل: قال علي عليه السلام. (7) المائدة: 6. (8) هكذا في الاصل، وفي نسخة ز: القويطي، وفي المناقب 4 / 197: القرطي، وفي الارشاد القرطبي.
[ 282 ]
يا باقر العلم لاهل التقى * وخير من أبى على الاجيل قال الزبير: وقال مالك بن أعين [ الجهني ] في محمد بن علي بن الحسين شعرا: إذا طلب الناس علم القرآن * كانت قريش عليه عيالا وان قيل هذا (1) ابن بنت النبي * رأيت (2) لذلك فرغا طوالا نجوم تهلل للمد لجي * ن جبال تورث علما جبالا (3) [ أردت أن أعظه فوعظني ] [ 1192 ] وكان محمد بن المنكدر، يقول: ما كنت أظن أني أرى مثل علي بن الحسين عليه السلام حتى رأيت ابنه محمد بن علي عليه السلام، ولقد أردت مرة أن أعظه فوعظني. فقيل له: وكيف ذلك ؟ قال: خرجت إلى بعض نواحي المدينة في ساعة حارة فلقيني أبو جعفر عليه السلام، وكان رجلا بدينا ثقيل الجسم وهو معتمد على غلامين له أسودين. فقلت في نفسي: شيخ من شيوخ قريش في هذه الساعة على هذه الحالة في طلب الدنيا، لاعظه. فدنوت منه، فسلمت عليه، ورأيته قد [ تصبب ] عرقا. فقلت: أصلحك الله شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحالة في طلب الدنيا، أرأيت لو جاءك الموت وأنت على هذه (1) وفي الارشاد: قيل قلت أين. (2) وفي الارشاد أيضا: ابن لذلك. (3) ونقلها ابن المهنا في عمدة الطالب ص 195 بهذه الصورة: إذا طلب الناس علم القرآن * كانت قريش عليه عيالا وان قيل هذا ابن بنت النبي * نال بذاك فروعا طوالا نجوم تهلل للمد لجي * ن جبالا تورث علما جيالا
[ 283 ]
الحال في طلب الدنيا. قال: فخلا الغلامين من يده، ثم تساند إلى الحائط، فقال: لو جاءني [ والله ] الموت وأنا على هذه الحال جاءني وأنا على طاعة من طاعة الله عزوجل، اكف بها نفسي وأهلي عن الناس، وانما كنت أخاف الموت لو جاءني وأنا على معصية من معاصي الله. قلت: رحمك الله أردت أن أعظك فوعظتني. [ 1193 ] وقيل: إن أبا جعفر محمد بن علي بن الحسين عليه السلام كان يحبو قوما يغشون مجلسه الخمسمائة إلى الالف [ درهم ] كل رجل منهم، وكان يحب مجالستهم ولا يملهم، منهم: عمرو بن دينار، وعبد الله بن عبيدة بن عميرة. قال سفيان: وكان يحمل الصلة والكسوة ويقول: هنيئا لكم من أول السنة. [ هكذا الاخوة ] [ 1194 ] الحسن بن كثير، قال: جلست إلى جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام، فسألني عن حالي، فشكوت إليه تخلل المال وجفاء الاخوان. فقال: ليس الاخ أخا يرعاك غنيا ويقطعك فقيرا. ثم أمر إلى غلام كان بين يديه كلام. فأخرج كيسا، فدفعه الي، وقال: استعن بهذا، وإذا نفذ فأعلمني. فوجدت فيه سبعمائة درهم. [ 1195 ] الحسن بن صالح، قال: سمعت أبا جعفر يقول: ما شيب شئ بشئ أحسن من حلم بعلم (1). (1) يشير الامام عليه السلام إلى النتيجة الطيبة التي تستحصل من خلط وشيب الحلم بالعلم. وقد نقل
[ 284 ]
[ مع أبي هاشم ] [ 1196 ] عبد الله بن الحسين، قال: وقف أبو هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية (1) على أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عليه السلام، وهو في المسجد وحوله جماعة من الناس قد اختلفوا يأثرون عنه ويستفتونه، فحسده أبو هاشم، فشتمه وشتم أباه، وقال: تدعون وصية رسول الله صلى الله عليه وآله بالاباطيل وهي لنا دونكم. فأقبل عليه أبو جعفر غير مكترث، فقال: قل ما بدا لك، أنا ابن فاطمة وأنت ابن الحنفية، فوثب الناس على أبي هاشم يرمونه بالحصاة ويضربونه بالنعال حتى أخرجوه من المسجد. [ مع زيد بن علي ] ولما نظر زيد بن علي بن الحسين إلى اقبال الناس على أخيه محمد والد الشيخ البهائي في كتابه نور الحقيقة ص 212: أنه قيل للاسكندر: إن فلانا وفلانا ينتقصانك ويثلبانك فلو عاقبتهما. فقال: هما بعد العقوبة أعذر في نقصي وثلبي. (1) ذكر اسمه في كتاب منتقلة الطالبيين المخطوط بمكتبة أمير المؤمنين العامة في النجف الاشرف ص 42، وقال: حبسه الوليد بن عبد الملك في شئ كان بينه وبين زيد بن الحسن، وأراد قتله، فوفد عليه علي بن الحسين، وسأله في اطلاقه، فأطلقه، وقتله سليمان بن عبد الملك سقاه السم، فمات بالحمية والبلق من أرض الشام. وقال عبدالقاهر البغدادي في كتابه الفرق بين الفرق ص 309: إنه من شيوخ واصل بن عطاء. وقال السيد الخوئي في رجاله 10 / 321: قال السيد ابن امهنا في عمدة الطالب (الفصل الثالث من الاصل الثالث في عقب محمد بن الحنفية): فأما أبو هاشم المعروف بعبدالله الاكبر إمام الكيسانية، وعنه انتقلت البيعة إلى بني العباس. وعن ابن شهر آشوب في المناقب: إن أبا هاشم هذا كان ثقة جليلا من العلماء. روى عنه الزهري وأثنى عليه، وعمرو بن دينار وغيرهما مات سنة تسع أو ثمان وتسعين. أقول (والكلام للامام الخوئي دام ظله): لم نجد هذا في المناقب والله العالم.
[ 285 ]
بن علي (وعلو ذكره فيهم حسده) وقال له: مالك لا تقوم وتدعو الناس إلى القيام معك ؟ فأعرض عنه وقال عليه السلام له: لهذا وقت لانتعداه. فدعا إلى نفسه، وقال له: انما الامام منا من أظهر سيفه، وقام يطلب حق آل محمد لا من أرخى عليه سترا وجلس في بيته. وأوهم الشيعة أنه انما قام بأمر أخيه، فأجابه جماعة منهم، وأظهر نفسه. فقال أبو جعفر: يا زيد إن مثل القائم من أهل هذا البيت قبل قيام مهديهم مثل فرخ نهض من عشه من قبل أن يستوي جناحاه، فإذا فعل ذلك سقط فأخذه الصبيان يتلاعبون به (1)، فاتق الله في نفسك أن لا تكون غدا المصلوب بالكناسة. فلم يلتفت إلى قوله، فأظهر البراءة منه، فلما أحس الشيعة، توقف كثير من كان انتدب للقيام معه. [ 1197 ] وجاء بعضهم (2)، فقال له: هذا الذي تدعونا إليه عندك فيه (1) وفي اصول الكافي 8 / 264، عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن رفعة... الخبر، وذكر قسما من الخبر ابن شهر آشوب في المناقب 1 / 188 و 260. أقول: إن هذا لا يفيدنا وقفة في زيد بعد انقطاع الخبر عن الاسناد ومن المحتمل أن الامام عليه السلام لم يكن بصدد بيان حرمة الخروج وانما هو بصدد تعريف زيد بخفايا الحوادث وما قدره الله تعالى وانقضاء دولة الباطل حيث جعل لها حدا محدودا وأمدا تنتهي إليه أسرار منها امتحان الخلق، واختبار مقدار طاعتهم له. فما لم يبلغ الكتاب أجله لا تزول تلك الدولة الغاشمة ولا ينتصر حزب الله إلا بعد تكامل جميع العوامل المؤثرة في الانتصار. فعليه يكون كلامه عليه السلام جاريا مجرى الشفقة على تلك النفس الطاهرة من أن تنالها يد السوء والعدوان. فالمراد من قوله عليه السلام " فاتق الله في نفسك أن لا تكون غدا المصلوب بالكناسة " بيان الخوف من القتل، فيذهب ذلك الدم الزاكي ضياعا. وهذا نظير ما جاء في بعض الاخبار من قول الباقر عليه السلام حين استشاره زيد على الخروج، فقال: لا تفعل أن تكون المقتول والمصلوب على ظهر الكوفة. فان النهي فيه للشفقة. وبعبارة اخرى هو نهي إرشادي لا نهي تحريمي (بعنوان أنه حكم تكليفي) وبهذا يتضح أن تهجم المؤلف على زيد رحمة الله عليه في غير مورده. (2) قال أبو مالك الاحمسي: إنه صاحب الطاق وهو محمد بن النعمان بن أبي طريقة الملقب بأبي جعفر الاحول.
[ 286 ]
عهد من أبيك أو من وصية أوصى بها اليك ؟ قال [ زيد ]: لا. فقال: فإن أخاك أبا جعفر يذكر إن أباه عهد إليه عهده، وأوصى إليه وعرفنا من أشهده علينا من ثقات أوليائه. قال [ زيد ]: معاذ الله فلو كان ذلك لاطلعني عليه، والله لقد كان ربما ينفض المخ من العظام ليطعمني اياه، فما يضعه في فمي حتى يبرده، فهو يتوقى علي من حرارة المخ ولا يتوقى علي من حرارة النار ! ويطلع غيري على ذلك ويستره عني ! قال الرجل: نعم قد يكون ذلك، وهذا كتاب الله يشهد به. قال: وأين هذا من كتاب الله ؟ قال: فيما حكاه الله تعالى عن يعقوب عن قوله ليوسف لما أخبره بما رآه وأعلمه أن الامر يصير إليه. فقالا له: " يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للانسان عدو مبين " (1) وأمره بكتمانه عنهم، وأخبره بما يصير إليه من الامر " و كذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الاحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم و إسحاق " (2) ولم يطلع اخوته على ذلك. فافحم ولم يحر جوابا (3). (1) يوسف: 5. (2) يوسف: 6. (3) ذكر السيد علي بن الحسين بن شد قم ص 74: قال الحافظ علي بن محمد بن علي الخزاز القمي في كفاية الاثر: كان زيد بن علي عليه السلام معروفا بالستر والصلاح مشهورا عند الخاص والعام وهو بالمحل الشريف الجليل، وكان خروجه على سبيل الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لا على سبيل المخالفة لابن أخيه (جعفر بن محمد)، وإنما وقع الخلاف من جهة الناس، وذلك أن زيد بن علي عليه السلام لما
[ 287 ]
وسمع ذلك من بقي معه ممن كان أجابه، فافترقوا عنه، فظفر به هشام بن عبد الملك، فقتله، وصلبه على كناسة الكوفة، وأحرقه بالنار. فكان كما حذره أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين عليه السلام، وكما وصف له بالفرخ نهض عن عشه من قبل أن يستوي جناحاه، فأخذه الصبيان يتلاعبون به. خرج ولم يخرج جعفر بن محمد توهم قوم من الشيعة أن امتناع جعفر كان للمخالفة، وإنما كان ضربا من التدبير. وقالوا: ليس الامام من جلس في بيته وأغلق بابه وأرخى عليه ستره، وإنما الامام من خرج بسيفه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فهذا سبب وقوع الخلاف بين الشيعة. وأما جعفر وزيد فما كان خلاف بينهما. والدليل على صحة قولنا قول زيد بن علي عليه السلام: من أراد الجهاد فالي، ومن أراد العلم فالى ابن أخي جعفر بن محمد. فلو ادعى الامامة لنفسه لم ينف كمال العلم عن نفسه إذ الامام أعلم من الرعية. ومن المشهور قول جعفر عليه السلام: رحم الله عمي زيدا لو ظفر لوفى إنما دعا إلى الرضا من آل محمد صلى الله عليه وآله وأنا الرضا. أقول: فلو فرضنا صحة الروايتين التى نقلهما المؤلف في شأن زيد عليه السلام، وأغمضنا العين عن الاشكالات السابقة فإنها معارضة مع الروايات الصحيحة المستفيضة التي تدل على صحة سلوكه وعلو مقامه وعظيم قدره، منها: قال رسول الله صلى الله عليه وآله للحسين عليه السلام: يخرج رجل من صلبك يقال له زيد يتخطى هو وأصحابه يوم القيامة رقاب الناس غرا محجلين يدخلون الجنة بغير حساب. وعن أنس بن مالك، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يقتل رجل من ولدي يقال له زيد: بموضع يعرف الكناسة يدعو إلى الحق ويتبعه كل مؤمن. وقال الكشي في رجاله في ترجمة الحميري: عن فضيل الرسان، قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام بعدما قتل زيد بن علي عليه السلام فادخلت بيتا في جوف بيت، وقال لي: يا فضيل قتل عمي زيد بن علي ؟ قلت: نعم، جعلت فداك. فقال: رحمه الله أما أنه كان مؤمنا وكان عارفا وكان عالما وكا صدوقا. أما أنه لو ظفر لوفى، أما أنه لو ملك لعرف كيف يصنعها. قال الامام الصادق عليه السلام: لا تقولوا خرج زيد، فان زيدا كان عالما (اصول الكافي 8 / 264).
[ 288 ]
[ وفاته ] واختلف في سنة وفاته، فقال الواقدي: توفي أبو جعفر محمد بن علي بالمدينة سنة تسع عشر ومائة، وهو ابن ثلاث وسبعين سنة. وقال سفيان بن عيينة: سمعت جعفر بن محمد عليه السلام يقول: سمعت أبي عليه السلام يقول لعمتي فاطمة بنت الحسين عليه السلام وقد كلمته في شئ: لي ثمان وخمسون سنة، وتوفي [ تلك ] السنة. وقال مصعب بن عبد الله: توفي أبو جعفر محمد بن علي في المدينة سنة أربع عشر ومائة. قال الزبير: قال لي محمد بن الحسين بن زوالة: توفي محمد بن علي بن الحسين عليه السلام في آخر أيام هشام في سنة أربع وعشرين ومائة. وتوفي هشام سنة خمسة وعشرين ومائة، وكانت ولايته سنة غير شهر واحد، والله أعلم. تم الجزء الثالث عشر من كتاب شرح الاخبار في فضائل الائمة الاطهار سلام الله عليهم، وحسبنا الله ونعم الوكيل، من تأليف سيدنا الاجل القاضي النعمان بن محمد بن منصور قدس الله روحه بحق سيدنا محمد وآله أجمعين. * * *
[ 289 ]
شرح الاخبار في فضائل الائمة الاطهار للقاضي ابي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي المتوفى سنة 363 ه. ق الجزء الرابع عشر
[ 290 ]
..
[ 291 ]
بسم الله الرحمن الرحيم الامام الصادق عليه السلام أما جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام فهو وصي أبيه محمد بن علي عليه السلام، واليه صار الامر من بعده، وبه كان يكنى: أبو جعفر. وكان جعفر يكنى: أبو عبد الله. وكان أعلم أهل زمانه، وعنه تفرع العلم بالحلال والحرام في الخاص والعام. ومن رواه (1) عنه من الكبراء المذكورين بالفقه من العامة: أبو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي (2)، ومالك بن أنس المدني (3)، وسفيان الثوري، وشيبة بن عيينة (4)، والحسن بن صالح (5)، وأيوب السختياني (6)، وعمرو بن (1) أي روى العلم عنه. (2) التيمي الكوفي، امام الحنفية أحد الائمة الاربعة عند أهل السنة أصله من فارس ولد سنة 80 ه ونشأ بالكوفة وتوفي سنة 150 ه ودفن ببغداد. (3) قال مالك: ما رأت عين ولا سمعت اذن ولا خطر على قلب بشر، أفضل من جعفر الصادق فضلا وعلما وعبادة وورعا. وهو أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك الاصبحي الحميري امام دار الهجرة وأحد الائمة الاربعة عند أهل السنة واليه تنسب المالكية ولد سنة 93 ه بالمدينة وتوفي بها سنة 179 ه. (4) هكذا في الاصل وأظنه سفيان بن عيينة. (5) هكذا صححناه وفي الاصل: حي بن صالح. وهو أبو عبد الله الحسن بن صالح بن حي الهمداني الثوري الكوفي المولود سنة 100 ه من زعماء الفرقة البترية من الزيدية توفي مختفيا في الكوفة سنة 168 ه. (6) هكذا صححناه وفي الاصل: أيوب ابن السجستاني. هو أبو بكر أيوب بن أبي تميمة كيسان
[ 292 ]
دينار (1)، وكثير من علماء العامة. وكان موصوفا بالعلم والفضل والورع، لا ينكر فضله ولا يجهل مقامه عند الخاص والعام. [ 1198 ] عن حمزة بن حمران (2)، والحسين بن زياد (3)، قالا: صلينا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله ثم توجهنا إلى أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام، فدخلنا عليه في داره (4)، فأذن وأقام [ الصلاة ] (5) وتقدم فصلى، فتنحينا ناحية، فلما ركع قلنا: نحسب تسبيحه، فعد أحدنا ثلاثا وثلاثين تسبيحة، وعد الآخر أربعا وثلاثين تسبيحة. [ 1199 ] وحج جعفر بن محمد، فأتى جمرة العقبة، فوجد الناس وقوفا عندها فقال: إنا لله، تستبدعون بدعة، ودعا غلاما يقال له: سعيد، فأتاه. فقال له: ناد عني الناس أن ليس هذا موضع وقوف. فنادى سعيد: أيها الناس يقول لكم مولاي جعفر بن محمد، انفضوا، فليس هذا موضع وقوف. فانفض الناس. [ سلوني قبل أن تفقدوني ] [ 1200 ] صالح بن أبي الاسود (6)، قال: سمعت جعفر بن محمد عليه السختياني البصري ولد 66 ه سيد فقهاء عصره (حلية الاولياء 3 / 3) تابعي من النساك الزهاد توفي 131 ه. (1) أبو محمد الاثرم عمرو بن دينار الجمحي بالولاء كان مفتي أهل مكة ولد 46 ه وتوفي 126 ه. (2) وهو حمزة بن حمران بن أعين الشيباني. (3) وفي بحار الانوار 50 / 47: والحسن بن زياد. (4) وفي بحار الانوار أضاف: وعنده قوم. (5) وفي الاصل: أقام الصلاة. (6) وفي بحار الانوار 47 / 33: عن صالح بن الاسود.
[ 293 ]
السلام يقول: سلوني قبل أن تفقدوني فانه لا يحدثكم أحد بعدي مثلي حتى يقوم صاحبكم. وكذلك استترت الائمة من بعد للتقية، فلم يقم أحد منهم بظاهر علم، ولا أظهره حتى قام المهدي (1). والى أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام نسبت الجعفرية، وهي قرية من قرى الشيعة (2) كانوا قبل ذلك يقولون بإمامة محمد بن الحنفية ثم اختلفوا، فتفرقوا فرقا كثيرة بعد ذلك، وحسبت هذه القرية على أن الامام في زمانه محمد بن الحنفية، ثم جعفر بن محمد من بعده، وفي ذلك يقول السيد الحميري - وكان منهم - شعرا: تجعفرت باسم الله والله اكبر * وأيقنت أن الله يعفو ويغفر في شعر طويل (3). وقال يعتذر إلى جعفر بن محمد صلوات الله عليه: (1) ومراده المهدي الفاطمي وهو الذي يعتقد المؤلف أنه المهدي الموعود الذي أشار إليه الامام الصادق عليه السلام بقوله: صاحبكم. وأما الصحيح فقد انتقل العلم إلى ابنه الامام موسى بن جعفر عليه السلام. (2) هكذا في الاصل ولم أعثر على اسم هذه القرية في الكتب. (3) ودنت بدين غير ما كنت دائنا * به، ونهاني سيد الناس جعفر فقلت هب إني قد تهودت برهة * وإلا فديني دين من يتنصر فإني إلى الرحمان من ذاك تائب * وإني قد أسلمت والله اكبر فلست بغال ما حييت وراجع * إلى ما عليه كنت أخفي وأضمر ولا قائلا حي برضوى محمد * وإن عاب جهال مقالي وأكثروا ولكنه ممن مضى لسبيله * على أفضل الحالات يقفي ويخبر مع الطيبين الطاهرين الاولى لهم * من المصطفى فرع زكي وعنصر والسيد الحميري هو اسماعيل بن محمد بن يزيد بن ربيعه الحميري - أبو هاشم - ولد 105 ه. ونشأ بالبصرة ومات ببغداد 173 ه.
[ 294 ]
أيا راكبا نحو المدينة جسرة * همرجانة نطوي بها كل سبسب (1) إذا ماهداك الله عاينت جعفرا * فقل لولي الله وابن المهذب ألا يا ولي الله وابن نبيه (2) * أتوب إلى الرحمان ثم تأوبي اليك من الذنب الذي كنت مطنبا * اجاهد فيه دائبا كل معتب (3) وما كان قولي في ابن خولة مبطنا * معاندة مني لنسل المطيب ولكن روينا عن وصي محمد (4) * ولم يك فيما قال بالمكذب بأن ولي الامر يفقد لا يرى * سنينا كفقد الخائف المترقب ويقسم أموال الفقيد كأنما * تغيبه بين الصفيح المنصب (5) فان قلت لا فالحق قولك والذي * تقف فحتم غير ما متعصب فان ولي الامر والقائم الذي * تطلع نفسي نحوه يتطرب (1) وفي اعلام الورى ص 279: عذافرة يطوى بها كل سبسب. (2) وفي المناقب 4 / 246: ألا يا أمين الله وابن وليه. (3) وفي اعلام الورى ص 279: احارب فيه جاهدا كل معرب. (4) وفي اعلام الورى: وصي نبينا. (5) وذكر الطبرسي بقية القصيدة في اعلام الورى ص 281 هكذا: فيمكث حينا ثم يشرق شخصه * مضيئا بنور العدل إشراق كوكب يسير بنصر الله من بيت ربه * على سؤدد منه وأمر مسبب يسير إلى أعدائه بلوائه * فيقتلهم قتلا كحران مغضب فلما روى أن ابن خولة غائب * صرفنا إليه قوله لم نكذب وقلنا هو المهدي والقائم الذي * يعيش به من عدله كل مجدب فإن قلت: لا، فالقول قولك والذي * أمرت فحتم غير ما متعتب واشهد ربي أن قولك حجة * على الناس طرأ من مطيع ومذنب بأن ولي الامر والقائم الذي * تطلع نفسي نحوه بتطرب له غيبة لا بد من أن يغيبها * فصلى عليه الله من متغيب فيمكث حينا ثم يظهر حينه * فيملا عدلا كل شرق ومغرب بذاك أدين الله سرا وجهرة * ولست وإن عوتبت فيه بمعتب
[ 295 ]
له غيبة لا بد أن يستغيبها * فصلى عليه الله من متغيب [ ضبط الغريب ] الجسرة: الناقة الطويلة، ويقال العظيمة. والهمرجانة: السريعة. والسبسب: المفازة. والمهذب: الذي هذب نفسه عن عيوبه، أي خلص منها. قال الشاعر: ولست بمستبق أخا لا تلمه * على شعث، أي الرجال المهذب ؟ والتأوب من أوب: أي ترجع (1). والتأوب من السير. والمطنب: البليغ. والمنطق في المدح والذم إذا بالغ في ذلك. قيل: أطنب فيه، وهو المطنب. والمعتب: العاتب. والمعاتبة المفاعلة من العتاب يكون بين الاثنين يعاتب كل منهما صاحبه يذكران الموجدة. والاسم من ذلك العتبى. يقول: كان يجاهد في ذلك لعاتبه عليه. والجهاد: القتال، اخذ من اجتهدت نفسه في الشئ إذا بلغت فيه المجهود. وعنى بابن خولة: محمد بن علي - ابن الحنفية - وهي خولة بنت جعفر بن قيس بن مسلمة بن عبد الله (2) بن بلغة بن الدول بن حنيفة بن لجيم (3). وقال قوم: هي خولة بنت أبا بسر بن جعفر. وقال قوم: كانت أمة من سبي اليمامة صارت إلى علي عليه السلام. قالوا: ولم تكن من أنفس بني حنيفة، فكان خالد بن الوليد صالحهم على (1) لسان العرب 1 / 218. (2) وفي بحار الانوار 42 / 99: ابن عبيد. (3) هكذا صححناه وفي الاصل: حتم. وفي بحار الانوار هكذا ذكره: خولة بنت جعفر بن قيس بن مسلمة بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن الدول بن حنفية بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل.
[ 296 ]
الرقيق (1). والصفح من الصفاح: وهي الحجارة العراض واحدتهما صفاحة، فكانوا ينصبونها في قبورهم ليتقي الموتى من التراب. والمنصب والمنصوب في معنى مفعل. وكان الذين يقولون محمد بن الحنفية من الشيعة يزعمون أنه المهدي الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه يقوم فيملا الارض عدلا. فلما مات ولم يكن ذلك كرهوا أن ينقضوا قولهم ويرجعوا عنه. فقالوا: لم يمت وهو في غار في جبل رضوى (2) حماقة منهم وجهالة. وفي ذلك يقول السيد الحميري إذ كان يتولاه: الأقل للوصي فدتك نفسي * أطلت بذلك الغار المقاما (3) أضر بمعشر وألوك منا (4) * وسموك الخليفة والاماما (1) قال المجلسي في بحار الانوار 42 / 99: قال قوم: إنها سبية من سبايا الردة، قوتل أهلها على يد خالد بن الوليد في أيام أبي بكر لما منع كثير من العرب الزكاة، وارتدت بنو حنيفة وادعت نبوة مسيلمة، وإن أبا بكر دفعها إلى علي عليه السلام من سهمه في المغنم. وقال قوم منهم أبو الحسن علي بن محمد بن سيف المدائني: هي سبية في أيام رسول الله صلى الله عليه وآله، قالوا: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام إلى اليمن، فأصاب خولة في بني زبيد، وقد ارتدوا مع عمرو بن معدي كرب، وكانت زبيد سبها من بني حنيفة في غارة لهم عليهم فصارت في سهم علي عليه السلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن ولدت منك غلاما فسمه باسمي وكنه بكنيتي، فولدت له بعد موت فاطمة عليها السلام محمدا فكناه أبا القاسم. وقال - قوم وهم المحققون وقولهم الاظهر -: إن بني أسد أغارت على بني حنيفة في خلافة أبي بكر فسبوا خولة. وقدموا بها المدينة فباعوها من علي عليه السلام وبلغ قومها خبرها فقدموا المدينة على علي فعرفوها، وأخبروه بموضعها منهم. فأعتقها ومهرها وتزوجها فولدت له محمدا فكناه أبا القاسم. وهذا القول هو اختيار أحمد بن يحيى البلاذري في تاريخ الاشراف. (2) بين أسدين ونمرين تؤنسه الملائكة ويحرسه النمران (المقالات والفرق ص 28). (3) وفي اعيان الشيعة 3 / 409: بذلك الجبل المقاما. (4) هكذا صححناه وفي الاصل: حيا.
[ 297 ]
وعادوا أهل هذا الارض طرا * مقامك عندهم ستين عاما (1) وما ذاق ابن خولة طعم موت * ولا وارت له أرض عظاما ولكن حل في شعب برضوى (2) * تراجعه الملائكة السلاما وأن به له لمحل صدق * وأندية تحدثه كلاما هدانا الله اوحزادك أمر (3) * به وعليه فلتمس التماما قام مردة المرسدي حتى (4) * نرى راياتنا تترى نظاما وقال الكثير (5) فيه - وكا ممن يقول بامامة ابن الحنفية -: ألا إن الائمة في قريش * ولاة الامر أربعة سواء علي والثلاثة من بنيه * هم الاسباط ليس بهم خفاء (6) فسبط سبط إيمان وبر * وسبط غيبته كربلاء وسبط لا يذوق الموت حتى * يقود الخيل يقدمها اللواء يغيب لا يرى فيهم زمانا (7) * برضوى عنده عسل وماء وانما أخذت هذه المقالة ممن قال بها بعد موته بمدة طويله. وأما موته فلم يكن خفيا ولا مستورا ولا مات في غيبة غابها وانما مات في المدينة. [ 1201 ] روي عن الواقدي، أنه قال: حدثني زيد بن سائب، قال: سمعت أبا هاشم عبد الله بن محمد بن علي يقول: توفي أبي في المحرم (1) وفي اعيان الشيعة: وعادوا فيك اهل الارض طرا * مقامك عنهم ستين عاما (2) وفي اعيان الشيعة: لقد أوفى بمورق شعب رضوى. (3) وفي اعيان الشيعة: هدانا الله إذ جرتم لامر. (4) وفي اعيان الشيعة: تمام مودة المهدي حتى. (5) وهو الشاعر كثير بن عبد الرحمان. (6) وفي اعلام الورى ص 280: هم أسباطنا والاوصياء. (7) وفي المقالات والفرق ص 29: مغيب لا يراعيهم سنينا.
[ 298 ]
أول سنة إحدى وثمانين، فلما وضعناه في البقيع لنصلي عليه أتانا أبان بن عثمان وهو الوالي يومئذ ليصلي عليه. قال: فقلت له: إنك لا تصلي عليه ابدا إلا أن تطلب الينا ذلك. فقال له أبان: أنتم أولى بجنازتكم فيصلي عليها من شئتم. قلنا له: فتقدم فصلي عليها. فزعم من تعلق بالمقالة التي قالها فيه من أنه لم يمت، وكانوا على ذلك إلى أن كلم بعض رؤسائهم أبا جعفر محمد بن علي عليه السلام في مثل ذلك، فقال له: ويحك ما هذه الحماقة، أنتم أعلم به منا أم نحن، قد حدثني أبي علي بن الحسين عليه السلام أنه قد شهد موته وغسله وتكفينه والصلاة عليه وأنزله في قبره. فقال له: شبه على أبيك كما شبه عيسى بن مريم على اليهود. فقال محمد بن علي عليه السلام: أفتجعل هذه الحجة قضاء بينك وبيننا. قال: نعم. قال: أرأيت اليهود الذين شبه عيسى عليهم كانوا أولياءه أو أعداءه ؟ قال: بل كانوا أعداءه. قال: أفكان أبي عدو محمد بن علي فشبه عليه ؟ قال: لا. وانقطع وترك ما كان عليه ورجع إلى قول محمد بن علي، وتتابعوا على ذلك من الرجوع في أيام جعفر بن محمد عليه السلام، فسموا بالجعفرية. * * *
[ 299 ]
[ مع أبي حنيفة ] [ 1202 ] وجاء أبو حنيفة من أهل العراق يوما إلى أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام ليستمع منه، وخرج أبو عبد الله عليه السلام يتوكأ على عصا. فقال له أبو حنيفة (1): يابن رسول الله ما بلغت من السن ما تحتاج منه إلى العصا. قال: هو كذلك، ولكنها عصا رسول الله صلى الله عليه وآله أردت التبرك بها. فوثب أبو حنيفة إليه، وقال: اقبلها يابن رسول الله. فحسر أبو عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام عن ذراعه، وقال له: والله لقد علمت أن هذا من بشرة رسول الله صلى الله عليه وآله، وأن هذا من شعره فما قبلته وتقبل عصا. [ 1203 ] وكان مالك بن أنس يستمع من جعفر بن محمد عليه السلام، وكثيرا ما يذكر من سماعه عنه. وربما قال: حدثني الثقة، يعنيه. [ 1204 ] دخل سفيان الثوري يوما، فسمع منه كلاما أعجبه، فقال: والله يابن رسول الله الجوهر. فقال له جعفر بن محمد عليه السلام: بل هذا خير من الجوهر، وهل الجوهر إلا حجر. [ 1205 ] [ وجاء ] إليه يوما الحسن بن صالح بن حي وأصحابه، فقال له: يابن رسول الله ما تقول في قول الله عزوجل " يا أيها الذين آمنوا (1) وهو النعمان بن ثابت المتوفى 150 ه المولود بالكوفة وأخذ من الامام الصادق كما مر، ثم أسس مذهب القياس.
[ 300 ]
أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم " (1) من اولي الامر الذين أمر الله عزوجل بطاعتهم ؟ قال: العلماء. فلما خرجوا قال الحسن بن صالح لاصحابه: ما صنعنا شيئا، ألا سألناه من هؤلاء العلماء ؟ فرجعوا إليه فسألوه. فقال [ عليه السلام ]: الائمة منا أهل البيت. [ 1206 ] [ إن الصادق عليه السلام قال لابي حنيفة لما دخل عليه: من أنت ؟ قال: أبو حنيفة. قال عليه السلام: مفتي أهل العراق ؟ قال: نعم ] (2). قال عليه السلام لابي حنيفة: الذي تعتمد عليه في الفتيا ؟ قال: كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله. قال: فلما لم تجد له نصا في ذلك ؟ قال: أقيسه على ما وجدته. قال: ويحك يا نعمان، إن أول من قاس إبليس، فأخطأ، قال: " خلقتني من نار وخلقته من طين " (3) فرأى أن النار أشرف من الطين، وأن من خلق من الفاضل أن لا يسجد للمفضول. ثم قال: يا نعمان، أيهما أطهر عندك البول أو المني ؟ قال: المني. (1) النساء: 59. (2) ما بين المعقوفتين غير موجود في الاصل نقلناه من كتاب الاحتجاج للطبرسي ص 361. (3) سور: 76.
[ 301 ]
قال: فكيف جعل الله عزوجل في البول الوضوء، وفي المني الغسل وهو الاطهر، هل يقاس هذه ؟ قال: لا. قال: أيهما أعظم الزنا أم القتل ؟ قال: القتل. قال: فقد جعل الله عزوجل في قتل النفس شاهدين إذا شهدا بالقتل على إنسان قتل إذا طلب قتله ولي الدم، ولا يحل من شهد عليه بالزنا إلا أن يشهد عليه أربعة، ولو كان الدين جاريا على القياس لكان القتل [ بالشاهدين ] (1) الذي هو أعظم يكون الشهود فيه اكثر. وأيهما أعظم الصلاة أم الصوم ؟ قال: الصلاة [ أفضل ]. قال: فقد أمر رسول الله صلى الله عليه وآله الحائض أن تقضي الصوم، ولا تقضي الصلاة. ولو كان على القياس لكان الذي هو أعظم أحق أن يقضى. فسكت أبو حنيفة ولم يحر جوابا. * * * (1) الزيادة غير موجودة في الاصل.
[ 302 ]
[ من دعائه عليه السلام ] [ 1207 ] لما قتل داود (1) المعلى بن خنيس (2)، فدخل عليه أبو عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام، وقد قال لابنه إسماعيل عليه السلام: اتبعني بالسيف. فقال لداود: قتلت مولاي، وأخذت مالي ؟ قال داود: ما أنا قتلته. قال: من قتله ؟ قال: هذا - وأومى بيده إلى شرطي بين يديه -. قال جعفر بن محمد عليه السلام لاسماعيل ابنه: خذ هذا - يعني الشرطي - فقبض عليه إسماعيل. فجعل الشرطي يقول لداود: تأمرني بقتل الرجل، فلما قتلته بأمرك، قلت: هذا قتله. قال له أبو عبد الله عليه السلام: قد صدقت فيما قلت، وما قتله إلا هو. ولادعون الله عليه. ثم خرج، فقال داود: يهددنا بدعائه. (1) وهو داود بن علي بن عبد الله بن العباس - عم السفاح - والي المدينة. (2) وهو أبو عبد الله مولى الامام الصادق عليه السلام.
[ 303 ]
وبات جعفر بن محمد بن علي عليه السلام في ليلته قائما يصلي ويدعو على داود، وكان مما سمع من دعائه عليه السلام عند وجه السحر، وهو ساجد: يا ذا القوة والقدرة، ويا ذا المحال الشديد، وياذا العزة، التي خضع لك كل خلقك قائما ذليلا، عجل أخذك لداود، وانتقامك منه. وبات داود هائما قد اغمي عليه. قالت لبابة بنت عبد الله بن عباس (1): فقمت، أفتقده في الليل، فوجدته مستلقيا في قفاه، وثعبان قد انطوى على صدره، وجعل فاه على فيه. فأدخلت يدي في كمي، فناولته، فعطف فاه علي. فرميت به فانساب في ناحية البيت، وانبهت [ إلى ] داود، فوجدته حائرا قد احمرتا عيناه، فكرهت أن اخبره بما كان منه، وخرجت عنه (2) فانصرفت إليه ثانية، فوجدت ذلك الثعبان كذلك، ففعلت مثل الذي فعلت المرة الاولى، وحركت داود فاصبته ميتا. فما رفع جعفر بن محمد رأسه من السجود حتى سمع الهاتفة (3) والناس يقولون: مات داود. [ 1208 ] وسعي بجعفر بن محمد عليه السلام إلى أبي الداوانيق، فقال للربيع (4) - حاجبه -: يا ربيع، ائتني بجعفر، قتلني الله إن لم أقتله. فجاء به الربيع. (1) وفي بحار الانوار 47 / 176: وفي رواية لبابة بنت عبد الله بن العباس: بات داود تلك الليلة حائرا قد اغمي عليه، فقمت... مع اختلافات يسيرة. (2) وفي المناقب 3 / 357 والبحار: وجزعت عليه. (3) وفي بحار الانوار: سمع الواعية. (4) هو أبو الفضل الربيع بن يونس بن محمد بن أبي فروة ولد 111 ه عاش إلى خلافة الهادي العباسي وتوفي 169 ه.
[ 304 ]
قال الربيع: فلما قرب منه حرك شفتيه. فلما دخل عليه قال له: يا جعفر تحاول الفتنة وتريد سفك دماء المسلمين وتلحد في سلطاني وتبتغي (1) الغوائل. فقال له جعفر بن محمد: يا أمير المؤمنين ما فعلت ذلك ولا أردته فقد علمت قديما ما أنا عليه، فلا تقبل علي من كاذب إن كذب، وساع إن سعى بي عندك. فسكت. ثم قال: يا أبا عبد الله والله اني لاعلم أنت عليه قديما كما ذكرت، ولو كنت قد فعلت ما قيل لك فقد ابتلي أيوب (2)، فصبر. وظلم يوسف (3)، فغفر. وأعطى سليمان (4)، فشكر. [ فقال: ] وهؤلاء أنبياء الله إليهم يرجع أنسابنا، ارتفع إلى هاهنا. فرفعه إليه، وأجلسه على فراشه إلى جانبه، ثم دعا برجل فقال: ألست القائل عن هذا كذا وكذا ؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين. قال: فسمعت ذلك منه، أو بلغك عنه. قال: بل سمعت بأذني. قال: أفتحلف على ذلك ؟ قال: نعم. قال: فقل: والله الذي لا إله إلا هو الطالب الغالب. فقال جعفر بن محمد عليه السلام: يا أمير المؤمنين إن رأيت أن (1) وفي اعلام الورى ص 270: تبغيني الغوائل. (2) النبي الصابر ذكره تعالى في القرآن الكريم. (3) يوسف بن يعقوب النبي وقصته مع اخوته كما في القرآن الكريم. (4) سليمان بن داود الذي أعطاه الله الملك والنبوة.
[ 305 ]
تجعل استحلافه إلي، فأستحلفه بما شئت. [ ثم ] قال: يا أمير المؤمنين، إن العبد إذا وحد الله ومجده وحلف بعد ذلك لم ينتقم الله منه، وان كذب في الدنيا. ثم أقبل على الرجل فقال له: تحلف بما أستحلفك به ؟ قال: نعم. قال عليه السلام: فاتق الله في نفسك ولا تحلف كاذبا، واستقبل أمير المؤمنين، وقل الحق. قال: ما قلت إلا ما سمعته منك ولا أرجع. قال جعفر بن محمد عليه السلام: اللهم أنت الشاهد عليه والعالم بقوله. ثم أقبل عليه، وقال له: قل إن كنت حالفا: (برئت من [ حول ] الله وقوته، وأسلمت إلى حولي وقوتي إن لم يكن جعفر بن محمد قال كذا وكذا) (1). فقال الرجل ذلك، فما برح مكانه حتى صرع، فمات. قال أبو الدوانيق: خذوا برجليه لعنه الله (2). فجروه حتى أخرجوه. وعطف أبو الدوانيق على أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام يسترضيه، ثم قال: انصرف يا أبا عبد الله فاني أخشى أن يسوء ظن أهلك بنا فيك. فلما انصرف لحقه الربيع فقال: يابن رسول الله لقد دخلت عليه، وما ظننت إلا أنه سيقتلك لما رأيت من حنقه عليك، ويمينه أنه ليقتلك، فلما دخلت إليه رأيتك حركت شفتيك، فنظرت إليه قد (1) وفي اعلام الورى ص 271 أضاف: والتجأت إلى حولي وقوتي لقد فعل كذا وكذا جعفر. (2) وفي اعلام الورى: جروا برجليه.
[ 306 ]
حال عما كان لك عليه، وما أراك إلا دعوت الله تعالى، فعلمني ما دعوت. قال: دعوت بدعاء جدي الحسين بن علي عليه السلام. قال: وما هو، جعلت فداك ؟ قال: قلت: يا عدتي عند شدتي، ويا غوثي عند كربتي، احرسني بعينك التي لا تنام، واكفني برحمتك (1) التي لا ترام (2). [ توضيح وبيان ] وقول جعفر بن محمد لابي الدوانيق (3): قد علمت قديما ما أنا عليه. وقول أبي الدوانيق: إنه يعلم ذلك. وانما ذكره شيئا قد كان شاهده منه، وذلك أنه يوما في أيام بني امية وجعلوا يستحثونه على القيام، ويذكرون كثرة أوليائه، وكان أكثرهم قولا أبو الدوانيق، فضرب أبو عبد الله عليه السلام [ على ] فخذ أبي الدوانيق. ثم قال له: أما بلغك قول أبي لاخيه زيد لما هم بالقيام: ويحك يا زيد احذر أن تكون غدا المصلوب بالكناسة، إنا أهل بيت لا يقوم منا قائم قبل أوان قيام مهدينا إلا كان كمثل فرخ طائر نهض عن عشه قبل أن يستوي جناحاه فما هو أن يستقل مرة أو مرتين بالطيران حتى سقط، فيأخذه الصبيان يتلاعبون به (4). (1) وفي اعلام الورى: بركنك. (2) قال الربيع: فحفظت هذا الدعاء فما نزلت بي شدة قط فدعوت به إلا فرج الله عني (اعلام الورى ص 271). (3) وهو أبو جعفر المنصور الدوانيقي ثاني خلفاء بني العباس. والدانق وحدة عملة نقدية كانت رائجة في ذلك الزمان سمي بها لبخله الشديد. (4) وقد مر البحث حول هذه الرواية في الجزء الثالث عشر.
[ 307 ]
فقال له: متى يكون قيام مهديكم يابن رسول الله فقال: والله لا يكون ذلك حتى يتلاعب أنت وذريتك من بعدك بهذا الامر دهرا طويلا. فقال له أبو الدوانيق: أنا يابن رسول الله ؟ قال: نعم، أنت. فكان ذلك مما صرف الله عنه به شره. فإذا سعى به إليه، وقيل له فيه ذكر هذا الحديث، فعلم أنه لا يقوم عليه. [ 1209 ] وأرسل إليه يوما، وقد سعى به إليه، وأكد عليه أمره، وعلم كثرة أتباعه، فلما دخل أبو عبد الله عليه السلام حرك شفتيه، فرأى منه أبو الدوانيق فقال: ما تقول يا جعفر، تسبني، وتلعنني. فقال: لا والله يا أمير المؤمنين ما سببتك، ولا لعنتك. قال: فما حركت به شفتيك ؟ قال: دعوت الله عزوجل. قال: بما دعوت ؟ قال: قلت: اللهم إنك تكفي من كل شئ، ولا يكفي منك شئ، فاكفنيه يا كافي كل شئ. فقال له أبو الدوانيق: لا والله ما مثلك يترك. فقال أبو عبد الله عليه السلام: يا أمير المؤمنين إني بلغت من السنين ما لم يبلغه أحد من آبائي في الاسلام، وما أراني أن أصحبك إلا قليلا، وما أرى هذه السنة تتم لي، فلا تعجل علي فتبوء بإثمي (1). فرق له وخلى سبيله. وتوفي تلك السنة سلام الله عليه، وكانت وفاته في المدينة في شوال سنة ثمان وأربعين ومائة. وهو ابن ثمان (1) وفي بحار الانوار 47 / 206 أضاف: فقال أبو جعفر: احسبوا له. فحسبوا، فمات في شوال.
[ 308 ]
وستين (1). ويقال: تسع وستين وقال مالك بن أعين الجهني يرثيه شعرا: فيا ليتني ثم يا ليتني (2) شهدت الذي كنت لم أشهد فآسيت في بثه جعفرا * وشاهدت في لطف العود فان قيل نفسك قلت الفداء * وكف المنية بالموصد عشية يدفن فيك الهدى * وغرة زهرة بني أحمد (3) وقال الآخر: يا عين ابك جعفر بن محمد * زين المشاعر كلها والمسجد (4) (1) توفي في الخامس والعشرين من شهر شوال متأثرا بسم دسه إليه المنصور العباسي علي يد عامله على المدينة محمد بن سليمان. (2) وفي المناقب 4 / 277: وغيبت عنك فيا ليتني. (3) وفي المناقب أيضا: وغرة من بني أحمد. (4) وقال العوني أيضا: عج بالمطي على بقيع الغرقد * واقرأ التحية جعفر بن محمد وقل ابن بنت محمد ووصيه * يا نور كل هداية لم تجحد يا صادقا شهد الاله بصدقه * فكفى مهابة ذي الجلال الامجد يابن الهدى وابا لهدى وأنت الهدى * يا نور حاضر سر كل موحد يابن النبي محمد أنت الذي * أوضحت قصد ولاء آل محمد يا سادس الانوار يا علم الهدى * ضل امرؤ بولاتكم لم يهتد وقال أبو هريرة الابار: أقول وقد راحوا به يحملونه * على كاهل من حامليه وعاتق أتدرون ماذا تحملون إلى الثرى * ثبيرا ثوى من رأس علياء شاهق غداة حثا الحاثون فوق ضريحه * ترابا وأولى كان فوق المفارق أبا صادق ابن الصادقين إليه * بآبائك الاطهار حلفة صادق لحقا بكم ذوالعرش أقسم في الورى * فقال الله تعالى رب المشارق نجوم هي اثنا عشرة كن سبقا * إلى الله في علم من الله سابق.
[ 309 ]
[ بعض فرق الشيعة ] وكان لجعفر من الاولاد الذكور خمسة: عبد الله، وإسماعيل. امهما فاطمة بنت الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام. وامها: ام حبيب بنت عمرو بن علي بن أبي طالب عليه السلام. وامها: أسماء بنت عقيل بن أبي طالب. ولم يكن جعفر بن محمد عليه السلام تزوج عليها ولا اتخذ سرية حتى ماتت. [ الاسماعيلية ] وكان إسماعيل أحبهما إليه وأبرهما به. وولد لاسماعيل [ محمد ] بن إسماعيل، وبلغ مبلغ الرجال في حياة أبيه، وتوفي أبوه في حياة أبيه جعفر بن محمد عليه السلام بالعريض، فحمل على رقاب الرجال حتى دفن بالبقيع. وكان أبوه جعفر بن محمد عليه السلام يأمر به، فينزل، ثم يكشف عن وجهه، وينظر إليه، ففعل ذلك، وهو يسار به إلى البقيع مرارا. وكان ذلك سببا (1). وكان قوم من الشيعة يقولون: توفي إسماعيل في حياة أبيه. ويقولون: انه عهد إليه، وانه هو عهد إلى ابنه محمد (2) وهم على ذلك إلى (1) هكذا في الاصل. (2) اقول: كيف يعهد إليه أبوه وهو لم يستلم العهد بعد، لان أباه كان حيا ومات هو في حياة أبيه.
[ 310 ]
اليوم يقولون بامامة ولده واحد بعد واحد. [ الفطحية ] وقال فريق من الشيعة بإمامة عبد الله بن جعفر [ الافطح ] (1) بعد أبيه جعفر بن محمد. ومات عبد الله بعد أبيه جعفر عليه السلام سبعين يوما، ولم يدع ولدا ولا عقب له. وانقرض الذين كانوا يقولون بامامته، فليس يقول أحد بذلك. * * * وولد لجعفر بن محمد عليه السلام بعد وفاة فاطمة ام عبد الله وإسماعيل، موسى ومحمد وعلي لام ولد. فقال قوم: بامامة موسى بعد أبيه جعفر بن محمد عليه السلام (2). ثم اختلفوا بعد موته، فزعم قوم أنه حي لم يمت ولا يموت حتى يقوم ويملا الارض عدلا. [ القطيعية ] وقوم منهم قطعوا على موته، وقالوا: بامامة علي ابنه من بعده (3)، وسموه علي (1) سمي بذلك لانه كان أفطح الرأس. (2) ومما يدل على امامته عليه السلام: ما رواه الطبرسي عن محمد بن يعقوب الكليني، باسناده، عن أحمد بن ادريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن سليمان بن خالد، قال: دعا أبو عبد الله أبا الحسن موسى - ونحن عنده - فقال لنا: عليكم بهذا بعدي فهو والله صاحبكم بعدي. وروى أيضا عن محمد بن الوليد، قال: سمعت علي بن جعفر، قال: سمعت أبي جعفر ابن محمد عليه السلام يقول لجماعة من خاصته وأصحابه: استوصوا بابني موسى خيرا فإنه أفضل ولدي ومن أخلف من بعدي وهو القائم مقامي والحجة لله تعالى على كافة خلقه من بعدي. (3) ومما يدل على امامته عليه السلام: ما رواه محمد بن يعقوب، عن أحمد بن مهران، عن محمد بن سنان واسماعيل بن عباد القصري، جميعا عن
[ 311 ]
الارض، وهذه الفرقة سميت القطيعية، لقطعهم بالموت على موسى. [ في حبس هارون الرشيد مسموما ]. ثم اختلفوا بعد الموت على ابن موسى. [ 1 ] فقال قوم منهم: مات علي، ولم يخلف ولدا بالغا، وانما خلف ابنه محمدا صغيرا طفلا لا يؤتم به ولا علم عنده. [ 2 ] وقال قوم منهم بامامته، وسموه محمد التقي النقي (1). ثم قالوا: بإمامة ابنه علي وسموه علي الناصح (2). ثم قالوا: بامامة ابنه من بعده الحسن، وسموه داود الرقي، قال: قلت لابي ابراهيم: جعلت فداك إنه قد كبر سني فخذ بيدي وانقذني من النار من صاحبنا بعدك. قال: فأشار إلى ابنه أبي الحسن علي الرضا، فقال: هذا صاحبكم من بعدي. وعنه، عن ابن مهران، عن محمد بن علي، عن الضحاك بن الاشعث، عن داود بن زربي، قال: جئت إلى أبي ابراهيم عليه السلام بمال فأخذ بعضه وترك بعضه. فقلت: جعلت فداك اصلحك الله لاي شئ تركته عندي ؟ فقال: إن صاحب هذا الامر يطلبه منك. فلما جاء نعيه بعث إلي أبو الحسن الرضا عليه السلام فسألني ذلك المال فدفعته إليه. (1) ومما يدل على امامته عليه السلام: ما رواه محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن صفوان بن يحيى قال: قلت للرضا عليه السلام: قد كنا نسألك قبل أن يهب الله لك أبا جعفر فكنت تقول: يهب الله لي غلاما، فقد وهبه الله لك، فأقر عيوننا فلا أرانا الله يومك فإن كان كون فإلى من ؟ فأشار بيده إلى أبي جعفر عليه السلام وهو قائم بين يديه، فقلت له: جعلت فداك هذا ابن ثلاث سنين ! ؟ قال: وما يضره من ذلك قد قام عيسى بالحجة وهو ابن أقل من ثلاث سنين. وعنه، عن علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الوليد، عن يحيى بن حبيب الزيات، قال: أخبرني من كان عند الرضا عليه السلام جالسا، فلما نهضوا قال لهم أبو الحسن الرضا عليه السلام: ألقوا أبا جعفر فسلموا عليه وأحدثوا به عهدا. فلما نهض القوم، إلتفت إلي، فقال: رحم الله المفضل إنه كان ليقنع دون هذا. (2) ومما يدل على امامة علي بن محمد الهادي عليه السلام: ما رواه الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مهران، قال: لما خرج أبو جعفر في.
[ 312 ]
الحسن الفاضل (1). ثم مات الحسن ولم يدع ولدا ذكرا، واختلف هؤلاء الذين كانوا على ولايته. فقال قوم منهم بولاية جعفر بن علي، وأنكروا امامة الحسن في حياته. وقالوا: قد امتحناه فلم نجد عنده علما. ولما أن مات ولم يدع ولدا احتجوا بعد ذلك، وقالوا: لا يكون الامام إماما إلا وله خلف وعقب. وحاز جعفر بن علي (2) على ميراث أخيه بعد دعاو ادعاها من قال بامامته، من حمل زعم انه ترك في بعض جواريه، ومنعوا من تسوية ميراثه حتى بطلت دعاواهم وانكشف أمرهم عند الخاص والعام والسلطان. ثم تفرقوا فرقا كثيرة. وقال قوم منهم كما ذكرنا بامامة جعفر بن علي، وقالوا: بعده بامامة ابنه علي واخته فاطمة بنت علي. الدفعة الاولى من المدينة إلى بغداد فقلت له: إني أخاف عليك في هذا الوجه فإلى من الامر بعدك ؟ قال: فكر بوجهه إلي ضاحكا وقال: ليس حيث ظننت في هذه السنة. فلما استدعى به لمعصتم سرت إليه فقلت: جعلت فداك أنت خارج فإلى من الامر بعدك ؟ فبكى حتى اخضلت لحيته، ثم إلتفت إلي، فقال: عند هذه يخاف علي. الامر من بعدي إلى ابني علي. (1) ومما يدل على إمامة أبي محمد الحسن بن علي العسكري عليه السلام: ما رواه محمد بن يعقوب، عن علي بن محمد عن جعفر بن محمد الكوفي، عن بشار بن أحمد البصري، عن علي بن عمر النوفلي، قال: كنت مع أبي الحسن عليه السلام في صحن داره فمر بنا محمد ابنه، فقلت: جعلت فداك هذا صاحبنا بعدك ؟ فقال: لا، صاحبكم بعدي ابني الحسن. وعنه، عن علي بن محمد، عن محمد بن أحمد القلانسي، عن علي بن الحسين بن عمرو، عن علي بن مهزيار، قال: قلت لابي الحسن عليه السلام. إن كان كون - وأعوذ بالله - فإلى من ؟ قال: عهدي إلى الاكبر من ولدي - يعني الحسن عليه السلام -. (2) وهو المعروف بجعفر الكذاب وبعد توبته سمي بجعفر التائب.
[ 313 ]
وقال قوم بامامة علي دون فاطمة. ثم اختلفوا بعد موت علي وفاطمة، وغلوا في الائمة. وزعم بعضهم: أنهم آلهه، تعالى عن قولهم علوا كبيرا. وقال بعضهم: هم أنبياء، هم يعلمون الغيب واكثروا في التخليط، والدعاوى الباطلة. وافترق الذين قالوا بامامة الحسن فرقا كثيرة. [ 1 ] فقال قائل منهم: إن الحسن لم يمت، ولا يجوز أن يموت، ولم يكن له ولد، لان الارض لا تخلو من امام. وقد روينا أن القائم له غيبتان، فهذا احدى الغيبتين، وسيظهر ويعرف، ثم يغيب غيبة اخرى. [ 2 ] وقالت فرقة اخرى: إن الحسن مات ولكنه يحيى وهو القائم. قالوا: ومعنى القائم أن يقوم بعد الموت. قالوا: والحسن قد مات، ولا شك فيه ولا ولد له وسوف يحيى بعد الموت. [ 3 ] وقالت فرقة اخرى: إن الحسن قد كان لما أن أحتضره الموت ولا ولد له أوصى إلى أخيه جعفر. وقالوا بامامة جعفر بعد الحسن. [ 4 ] وقالت فرقة اخرى: كان مبطلا في دعواه للامامة، وكانوا مخطيئن في انتحال إمامته. وجعفر هو الامام في حياة الحسن وبعد وفاته. [ 5 ] وقالت فرقة اخرى: الامام محمد أخو الحسن وجعفر، وهو المتوفى في حياة أبيه (1)، وقد كنا أخطأنا في القول بامامة الحسن لانه مات، ولا عقب له. وقالوا: وجعفر لا يستحق الامامة لما وجدنا فيه من الفسق الظاهر والاعلان. وكان الحسن على مثل هذا. فلما بطلت إمامتهما جميعا علمنا أن الامام محمد إذ له عقب. وكانت من أبيه إليه اشارة، وهو القائم المهدي. [ 6 ] وقالت طائفة اخرى منهم: إن الامام الحسن بن علي، وليس الامر (1) وهو المدفون بالقرب من سامراء وعليه بني مشهد بهي، يعرف بالسيد محمد.
[ 314 ]
على ما ذكر، انه مات وانه لا عقب له، ولكن للحسن ابن يقال له: محمد، ولد للحسن من قبل وفاته سنتين وهو مستور خائف من جعفر وغيره من أعدائه. وقالوا: هو القائم الامام (1). [ 7 ] وقالت فرقة اخرى: بل له ولد، ولد بعد وفاته بثمانية أشهر، وان الولد الذي يدعيه من زعم أنه ولد له قبل وفاته بسنتين باطل لانه لم يكن يخفى لو كان. [ 8 ] وقالت فرقة اخرى: ليس للحسن ولد أصلا لانا قد امتحنا ذلك، فطلبناه غاية الطلب فلم نجده (2)، ولا يجوز ذلك بدعوى لا برهان لها. ولكنه قد ترك حملا قد صح وعرف في سيرته له وستلد ولدا ذكرا، وهو الامام القائم. [ 9 ] وقالت فرقة اخرى: قد صح موت الحسن، وصح أن لا ولد له، ويبطل ما ادعي من أمر الحمل. وثبت أنه لا إمام بعد الحسن. وهذا جائز في العقول أن يرفع الله الحجة من أهل الارض بمعاصيهم، وهي فترة وزمان لا امام فيه، والارض اليوم بغير حجة، كما كانت الفترة قبل ظهور النبي صلى الله عليه وآله (3). [ 10 ] وقالت فرقة اخرى: إن الحسن عليه السلام مات، وصح موته، وقد اختلف الناس هذا الاختلاف، فلا ندري كيف هو ؟ لكنا لا نشك له ولدا، ولا ندري ولد قبل موته أو بعده إلا أن نعلم أن الارض لا تخلو من حجة، وان اسمه محمد، وهو الخلف الغائب المستور، ونحن متمسكون بهذا حتى يظهر. (1) والى هذا القول يذهب اصحابنا الامامية. ومما يدل عليه ما رواه الكليني، عن محمد بن علي، عن جعفر بن محمد الكوفي، عن جعفر بن محمد المكفوف عن عمرو الاهوازي قال: أراني أبو محمد ابنه، وقال: هذا صاحبكم بعدي. (2) وقديما قيل إن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود. (3) وهذه الدعوى باطلة لان اوصياء عيسى كانوا موجودين ومنهم آباء النبي صلى الله عليه وآله الموحدين. (*)
[ 315 ]
[ 11 ] وقالت فرقة اخرى: إن الحسن مات (1)، ولا بد من إمام للناس، ولا تخلو الارض من حجة، ولا ندري من ولده، أو من ولد غيره. فهذه جملة فرق القطيعية من الشيعة. وقيل لهم القطيعية، لانهم قطعوا على وفاة موسى بن جعفر بن محمد. وتولوا بعده عليا ابنه. ولم يقولوا بقول من زعم أن موسى حي لم يمت، وهو القائم الذي يملا الارض عدلا كما ملئت جورا وظلما (2). [ الكيسانية ] وسموا الكيسانية بكيسان (3) رئيسهم، وكان فيما قيل مولى لعلي عليه السلام، وكان مع المختار يتتبع قتلة الحسين عليه السلام فيقتلهم ويخرب منازلهم، وزعموا أن ابن الحنفية أمر المختار بذلك. وكان ابن الزبير لما قام بمكة قبض على محمد بن الحنفية في خمسة عشر رجلا من بني هاشم. فبعث المختار قوما يكمنون النهار ويمشون الليل حتى كسروا الحبس واستخرجوهم منه، وأوصلوهم إلى أمانهم، وكان المختار عاملا لابن الزبير. فلما اتصل به ذلك عزله (4) عنه، واشخصه إليه، فامتنع. وكتب إليه: من المختار بن عبيدالله (5) [ الثقفي ] خليفة الوصي (6) محمد بن علي إلى عبد الله اسما، ثم ختم الكتاب بسبه، وذكر مساويه، وبعث به إليه، واظهر القول بامامة محمد بن الحنفية، ولهم اختلاف كثير، وأخبار طويلة. تخرج عن حد هذا الكتاب. (1) وفي نسخة الاصل: إنه الحسن، ولا بد... (2) وهم الواقفية. (3) وأظنه أبا عمرة، كيسان بن عمران. (4) هكذا صححناه وفي الاصل: عن له. (5) هكذا صححناه وفي الاصل: عبد الله. (6) في نسخة ز: من المختار بن الخليفة الوصي.
[ 316 ]
وجملة ذلك أن بعضهم زعم أن الامامة في الحسن والحسين عليهما السلام. ثم في محمد بن علي - ابن الحنفية - وفي ذلك يقول بعضهم شعرا: ألا إن الائمة من قريش * ولاة الحق أربعة سواء علي والثلاثة من بنيه * هم الاسباط ليس بهم خفاء فسبط سبط ايمان وبر * وسبط غيبته كربلاء وسبط لا يذوق الموت حتى * يقود الخيل يقدمها اللواء يغيب فلا يرى فيهم زمانا * برضوى عنده عسل وماء وقال آخرون منهم بابطال إمامة الحسن والحسين عليهما السلام، وزعموا أن محمد بن الحنفية هو وصي أبيه علي عليه السلام. ثم اختلفوا فيه وفيمن بعده. [ 1 ] فزعمت فرقة اخرى، كما ذكرنا أنه حي لم يمت. [ 2 ] وقالت فرقة اخرى، بل مات، وأوصى إلى ابنه أبي هاشم، اسمه عبد الله قد مات، وانه يرجع، وانه هو المهدي الذي يخرج فيملا الارض عدلا. [ 3 ] وقال آخرون: بل مات أبو هشام، وأوصى إلى أخيه علي، وأوصى علي إلى ابنه الحسن، وأوصى الحسن إلى ابنه علي. وزعموا أن الامامة في ولد محمد بن الحنفية لا يخرج إلى غيرهم، وأن القائم المهدي منهم يكون. [ 4 ] وزعمت فرقة اخرى منهم أن أبا هاشم مات، وأوصى إلى عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب (1)، وهو غلام صغير. وأنه دفع إلى صالح بن مدرك، وأمره أن يحفظه إلى أن يبلغ عبد الله بن معاوية، فدفعها إليه، ففعل. وعبد الله هذا هو صاحب إصبهان (2) الذي قتله أبو مسلم في حبسه (3). (1) وامه ام عون بنت عون بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب. (2) وهي المدينة التاريخية في ايران وتعرف الان باصفهان. (3) المقالات والفرق: ص 39 وأبو مسلم هو الخراساني.
[ 317 ]
[ 5 ] وقالت فرقه اخرى منهم: عبد الله بن معاوية حي لم يمت، وانه مقيم في جبال إصبهان، ولا يموت حتى يقوم، وأنه هو القائم المهدي الذي يبشر به رسول الله صلى الله عليه وآله ولا يموت حتى يلي أمر الناس، فيملا الارض عدلا كما ملئت جورا. [ 6 ] وقالت فرقة اخرى منهم: قد مات عبد الله بن معاوية، ولم يوص إلى أحد. وقالوا: بامامة رؤسائهم. [ 7 ] وقالت فرقة اخرى (1): إن أبا هشام أوصى إلى محمد بن علي بن عبد الله بن العباس (2). ودفع الوصية إلى أبيه علي بن عبد الله بن العباس، لانه مات عنده بأرض السراة من الشام، وكان محمد الوصي. قالوا: إليه يومئذ [ دفع الوصية وكان ] صبيا صغيرا. [ 8 ] وقالت فرقه اخرى منهم: إن محمد بن علي، أوصى إلى ابنه ابراهيم صاحب أبي مسلم الذى كان دعا إليه، وادعوا أن الامامة صارت إلى أبيه محمد بن علي، من جهة أبي هاشم، وأنها إنما صارت إلى محمد في ولد العباس من جهة محمد بن الحنفية. وزعموا أن محمد بن الحنفية كان الامام بعد أبيه علي بن أبي طالب عليه السلام. وبهذا القول تعلق بنو العباس. [ الزيدية ] الزيدية من الشيعة، فزعموا أن من دعا إلى طاعة الله عزوجل من آل محمد فهو إمام مفترض الطاعة. قالوا: وكان علي إماما حين دعا الناس إلى نفسه، ثم الحسن والحسين، ثم زين العابدين، ثم زيد بن علي، ثم يحيى بن زيد، ثم عيسى بن زيد، ثم محمد بن عبد الله بن الحسن [ بن الحسن بن علي ] بن أبي (1) وهم: الرياحية. (2) وامه العالية بنت عبد الله بن العباس بن عبد المطلب.
[ 318 ]
طالب (1). فهؤلاء عندهم أئمة قاموا، ودعوا الناس إلى أنفسهم. قالوا: وكل من قام من ولد الحسن أو ولد الحسين دون سائر الناس فهو إمام حق وجائز له أن يخرج ويقوم ويدعو إلى نفسه، ويدعي الامامة. وهم كلهم عندهم شرعا سواء من قام منهم، فهو امام مفترض الطاعة، ومن تخلف عنه - قالوا: وهو يستطيع القيام معه - فهو كافر. فأول من قام بهذا القول زيد بن علي بن الحسين بن علي، وبه سميت هذه الفرقة الزيدية. ولكل من ذكرنا من هذه الفرقة احتجاج فيما ذهبوا إليه وذكروه، والحجة عليهم تخرج عن حد هذا الكتاب، ونحتاج إلى كتاب مثله. وقد ذكرنا ما يكتفى به من ذلك في كتاب " اختلاف اصول المذاهب ". وكتاب " الامامة " وغيرهما مما جمعته. والله الموفق للصواب بفضل رحمته. فتاهت هذه الفرق في مهاوي الضلالة، وتعكست في العمى والجهالة، وأولياء الله ائمة دينه كاد لا يعرفهم إلا خواص أوليائهم، ومن من الله عليهم بمعرفتهم إلى أن يتم الله جل ذكره، وبلغ الكتاب أجله، فأنجز تبارك وتعالى وعده، وأظهر (1) قال المؤلف في ارجوزته ص 214: وقالت الطائفة الزيدية * مقالة لم تك بالمرضية بأن كل قائم يقوم من * نسل الحسين بن علي الحسن بسيفه يدعو إلى التقدم * فهو الامام دون من لم يقم منهم ومن كل امرئ في وقته * مستترا قد انزوى في بيته واتبعوا زيدا على ما رتبوا * من الدعاوى وإليه نسبوا حتى إذا قتل قاموا بعده * مع الحسين حين قام وحده واتبعوا يحيى بن زيد إذ بدا * ثم تولوا بعده محمدا أعني ابن عبد الله من نسل حسن * وكلهم ظل قتيلا مرتهن فهؤلاء عندهم أئمة * ومن يقوم بعدهم للامة وكل من سواهم الرعية * كسائر الامة بالسوية.
[ 319 ]
حجة وليه المهدي الذي يبشر به رسول الله صلى الله عليه وآله من العنصر الزكي، والركن الرضي، من ولد الصادق جعفر بن محمد بن علي [ بن الحسين ] بن علي عليهم السلام. والذي ادعى من ذكرناه من الفرق أنه لمن ذكره، وأكذب الله عزوجل دعاواهم، بذهاب من ادعوا ذلك له، ولم يظهر لاحد منهم شئ مما رووه حتى ادعوا لهم الحياة بعد الممات إغراقا في الجهالة، ونهوكا في الضلالة، ولئلا يكذبوا أنفسهم فيما ادعوه لهم من ذلك، وكثير ممن ادعوه ذلك له لم يدعه لنفسه، وكثير منهم من ادعاه فاهلك بنفسه، إذ قام بما ليس له. وقد ذكرنا قصة زيد بن علي بن الحسين عليهم السلام، وهو أول من قام بذلك وادعى الامامة، فكان من قتله وصلبه ما تقدم ذكره (1). [ يحيى بن زيد ] ثم قام من بعده ابنه يحيى بن زيد بن علي بن الحسين. وامه: ريطة بنت أبي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية. وخرج يريد خراسان في أيام الوليد بن عبد الملك، فلحصه نصر بن بشار قبل أن يعبر النهر بالجوزجان (2). فقاتل حتى قتل وصلب، وأرسل نصر بن بشار (3) برأسه إلى يوسف بن عمرو مع قيس بن زيد الحنظلي. وأنفذ يوسف بن عمرو الرأس [ أي رأس زيد عليه السلام ] (4) إلى الوليد (1) في الجزء الثالث عشر. (2) هكذا صححناه وفي الاصل: بالخورخان. قال الشاعر: ألا يا عين ويحك اسعديني * لمقتل ماجد بالجوزجان (3) وفي أنساب الاشراف 3 / 260: نصر بن سيار. (4) وأظن هنا جملة أو كلمة سقطت من الاصل أو خطأ من الناسخ. قال البلاذري في أنساب الاشراف 3 / 263: وصلبت جثته على باب الجوزجان سنة خمس وعشرين.
[ 320 ]
بن عبد الملك، فأخبره أنه صلبه. فكتب إليه بأن يحرق جثته بالنار. فكان في كتابه: احرق العجل، ثم انسفه في اليم نسفا. وكان الذي تولى ذلك منه خراش بن حواشب بن زيد بن وريم (1). وقال يحيى في أبيه زيد هذا البيت شعرا: لكل قتيل معشر يطلبونه * وليس لزيد في العراقين طالب (2) [ أبو هاشم ] وقام أبو هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية (3)، فادعى الامامة، فسمه سليمان بن عبد الملك، فمات. وكان ذلك أنه انتهى إلى سليمان خبره، فأرسل إليه، فوقف عليه وأظهر بره وإكرامه، فلما أراد الانصراف دخل إلى سليمان ليودعه في يوم شديد الحر، وقد تقدم ثقله، فحبسه يتغدى عنه. ثم خرج ليلحق ثقله، فمر [ بالحميمة ] (4) وقد عطش، فاستسقى، وقد أعد له سم، فسقي. وأرسل ومائة، فلم تزل جثة يحيى مصلوبة إلى أن ظهرت المسودة بخراسان، فأنزلوه وغسلوه وكفنوه وصلوا عليه ودفنوه... وما ذكره المؤلف من أمر الوليد ليوسف فهذا كان بالنسبة إلى جسد زيد رحمة الله عليه، كما ورد ذلك في أنساب الاشراف 3 / 257 وعمدة الطالب ص 258، والله اعلم. (1) وبهذا الصدد بقول الشاعر: لعن الله حوشبا * وخراشا ومزيدا إنهم حاربوا الاله * وآذوا محمدا يا خراش بن حوشب * أنت أشقى الورى غدا (2) وهذا الشطر الاخير من ثلاثة اشطر ذكرها لبني هاشم حيث قال: خليلي عني بالمدينة بلغا * بني هاشم أهل النهى والتجارب فحتى متى لا تطلبون بثأركم * امية إن الدهر جم العجائب لكل قتيل معشر يطلبونه * وليس لزيد بالعراقيين طالب (3) وامه ام ولد تدعى نائلة. (4) هكذا صححناه وفي الاصل: فمر بأمسه. والحميمة من أرض الشام.
[ 321 ]
رسولا إلى محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، وكان هنالك، فأتاه، وحضر وفاته، ودفنه، ومن هناك قيل إنه أوصى إليه. [ عبد الله بن معاوية ] وقام عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن [ أبي ] طالب (1) وادعى الامامة، وهو الذي قيل إن أبا هاشم أوصى إليه، ودعا لنفسه بالكوفة، فاجابه جماعة بها، وذلك في سنة سبع وعشرين ومائة. وقال له رجال من أهل الكوفة: قد فني رجالنا بسببكم وقتل أكثرنا معكم، فاخرج إلى فارس فانهم أهل مودة. [ فخر إليها ] فنزل إصبهان ودعا إلى نفسه، فأجابه ناس كثير من العرب والعجم، فاستخرج الاول، واستولى [ على ] ارض فارس كلها وإصبهان وما والاها من البلاد، واستعمل أخاه الحسن بن معاوية على اصطخر (2)، ويزيد بن معاوية على شيراز، وعلي بن معاوية على كرمان، وصالح بن معاوية على قم. وجاءه بنو هاشم، فمن أراد منهم عملا فاستعمله، وم أراد صلة وصله. وقدم إليه معهم أبو العباس وأبو جعفر ابنا محمد بن علي بن عبداالله بن العباس، فوالاهما بعض الكور. ولم يزل عبد الله بن معاوية باصطخر حتى أتاه عامر بن صالح مع داود بن زندة، فقاتلهم، فانهزم عبد الله بن معاوية فيمن معه من أصحاب عبد الله بن معاوية، فهزمهم ابن ضبارة، وأسر منهم أربعين رجلا، وكان فيمن أسر منهم عبد الله بن العباس. فقال له ابن ضبارة: ما جاءك به إلى ابن معاوية، فقد عرفت خلافه على (1) وأمه أسماء بنت العباس بن ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب (الاغالني 11 / 72). (2) هكذا صححناه وفي الاصل: اصطبحر. قال الحموى بين اصطخر وشيراز 12 فرسخا (معجم البلدان 1 / 211).
[ 322 ]
أمير المؤمنين - يعني مروان بن محمد - ؟ فقال: كان علي دين فأتيته لاصيب منه فضلا. فقام إليه ابن وطن، فقال: ابن أخينا. فوهبه له، وخلى سبيله، وكان اسر منهم، وبعث به وبهم إلى ابن هبيرة (1)، وحمل ابن هبيرة إلى مروان بن محمد، وابن ضبارة يومئذ في مفازة كرمان (2) يطلب عبد الله بن معاوية. ومر عبد الله بن معاوية وأخوه هاربين إلى أن صاروا إلى هزلة، فقبض [ عليهم ] مالك بن الهيثم، وكتب بأخبارهم إلى أبي مسلم. وقد قام بخراسان وقوى أمره، فأمره بقتل عبد الله، فقتله. وأمره بأن يرفع إليه يزيد والحسن بن معاوية أخوي عبد الله، فرفعهما إليه، فحبسهما أبو مسلم مدة، ثم خلى سبيلهما وأما علي بن معاوية، فقتله ابن ضبارة. [ محمد بن عبد الله ] ثم قام محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام (3) يدعو سرا إلى نفسه، ويخلو بالواحد بعد الواحد في ذلك، ويدعي الامامة، وزعم أنه المهدي الذي بشر به رسول الله صلى الله عليه وآله وكان أبوه قدادعي ذلك له لما ولد. وقال: قد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه قال: المهدي من ولدي ويواطي اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي. وهو ابني هذا. وبشر به، وهنئ به. وكان محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن قد أظهر أمره في أيام بني امية. (1) وأظنه سعيد بن عمرو بن جعدة بن هبيرة. (2) بلدة في جنوب ايران. (3) وأمه: هند بنت أبي عبيدة بن عبد الله. وكنيته: أبو عبد الله.
[ 323 ]
وقيل: إنه اجتمع رجال من بني هاشم في منزل، منهم أبو العباس، وأبو جعفر بن علي بن عبد الله بن عباس، وجعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام، وإبراهيم بن محمد بن علي، وغيرهم، وحضرهم محمد بن عبد الله بن الحسن [ بن الحسن ] بن علي بن أبي طالب عليه السلام. فتذاكروا من بني امية، فقام (1) محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي وآله، وذكر فضله، وما اكرمه الله عزوجل به. ثم قال: إنكم أهل بيت قد فضلكم الله عزوجل بالرسالة واختاركم لها واكثركم ذرية محمد صلى الله عليه وآله (2) وسائركم بنو عمه، وعترته، وأولى الناس بالمخافة من الله عزوجل، إن ضيعتم أمره أن ينزع منكم ما أعطاكم كما انتزع مثل ذلك عن بني إسرائيل بعد أن كانوا أحب خلقه إليه ضيعوا أمره، وقد ترون كتاب الله معطلا وسنة نبيه صلى الله عليه وآله متروكة، والباطل حيا، والحق ميتا. فأيكم يري لنفسه للقيام بحق الله أهل ونحن نراه لذلك، وهذه أيد مبسوطة لبيعته، ومن أحس لنفسه عجزا أو خاف، وهنا فلا يحل له التوالي على الامة، فليس بأفقهها في الدين ولا بأعلمها بالتأويل مع ما يعرف مما نحن به جاهلون، وأقول قولي واستغفر الله لي ولكم. فلم يجبه أحد بشئ، وسكتوا غير أبي جعفر، فانه قال له: أمنع الله بك قومك فلن تزال فينا تسمو إلى خير وترجى لدفع الضر (3) ما كنت حيا. ثم حضرت صلاة العصر، فخرجوا إلى الصلاة، وفشى ذلك عن محمد بن عبداالله من الدعاء إلى نفسه، ودعا له أخوه إبراهيم فلم يتمكن له أمر حتى غلب (1) وفي مقاتل الطالبيين ص 170: فقام عبد الله بن الحسن. (2) وفي مقاتل الطالبيين ص 171: واكثركم بركة يا ذرية محمد صلى الله عليه وآله. (3) هكذا صححناه وفي الاصل: مضر.
[ 324 ]
أبو مسلم على مروان بن محمد، وولي أبو العباس، فسأل من محمد وابراهيم ابنا عبد الله بن الحسن بن الحسن (1). فاختفيا، ووفد عليه من وفد من بني هاشم أبوهما عبد الله بن الحسن بن الحسن، فقربه واكرمه وخصه وسأل عن ابنيه فذكر أنه لا يدري أين توجها. وجعل يكرر السؤال عنهما وقتا بعد وقت، كل ذلك ينكر أن يكون يعلم حيث هما. وذكر ذلك لاخيه الحسن بن الحسن، فقال له: إن أعاد عليك المسألة فقل له: علمهما عند عمهما. فأعاد عليه المسألة، فقال ذلك له. فأرسل أبو العباس إلى عمهما الحسن، فسأله عنهما، فقال: يا أمير المؤمنين اكلمك على هيئة الخلافة أو كما يكلم الرجل ابن عمه ؟ فقال له أبو العباس: بل كما يكلم الرجل ابن عمه. فقال له الحسن: أناشدك الله يا أمير المؤمنين إن كان الله عزوجل قدر لمحمد وابراهيم أن يليا من هذا الامر شيئا، فجهدت وجهد أهل الارض معك أن ترد ما قدر الله لهما، أتردونه ؟ قال: لا. قال: فاناشدك الله إن كان الله لم يقدر لهما شيئا منه فجهدت، وجهد أهل الارض معهما على أن ينالا ما لم يقدر لهما أن ينالا [ أينالا ] ؟ قال: لا. قال: فما تنغيصك على هذا الشيخ النعمة التي أنعمت بها عليه ؟ قال أبو العباس: لا أذكرهما بعد هذا اليوم. فما ذكرهما حتى مات. فلما مات وولي أخوه أبو جعفر يوم وفاته، وأمر يومئذ زياد بن عبد الله بن الحارث أن يطلب محمد وإبراهيم ابني عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، وضمنه القبض عليهما. فأرسل إلى المدينة، فقبض على أبيهما عبد الله بن الحسن واخوته: الحسن وداود وإبراهيم (1) المعروف بالحسن المثلث.
[ 325 ]
فحملوا إلى أبي جعفر مصفدين في الحديد على الجمال بلا أوطية. فوافوا أبا جعفر في طريق مكة بالربذة، فسأله عبد الله أن يأذن له عليه. فابى أبو جعفر وصيرهم إلى السجن، فمات عبد الله في السجن (1) بعد ثلاث سنين، ومات إخوته، وتغيب محمد وابراهيم في البادية. ثم ظهر محمد بن عبد الله بن الحسن في المدينة أول يوم من رجب من سنة خمس وأربعين ومائة ودخل مسجد المدينة قبل الفجر. فخطب حتى حضرت الصلاة، فنزل وصلى بالناس، وذلك بعد أن اجتمع إليه من كان يبايعه، وبايعه سائر الناس طوعا، واستعمل العمال، و غلب على المدينة ومكة والبصرة وجبى الاموال، وانتهى أمره إلى أبي جعفر، وكان ابراهيم أخوه قد صار إلى البصرة يدعو إليه، وأنفذ أبو جعفر اليهما عيسى بن موسى في أربعة آلاف من الجند (2)، فلما أحس محمد بن عبد الله به قد أتى حفر خندق النبي صلى الله عليه وآله الذي كان احتفره للاحزاب، فاجتمع زهاء ألف رجل. فلما قرب منه عيسى، قام خطيبا فيهم، فقال: أيها الناس إن هذا الرجل قد قرب منكم في عدد وعدة، وأحللتكم من بيعتي، فمن أحب القيام، فليقم، ومن أحب الانصراف، فلينصرف. فلما سمعوا ذلك تسلل اكثرهم عنه، وبقي في شرذمة (3) ونزل عيسى بن موسى بالخندق على أربعة أميال من المدينة يوم السبت لاثني عشرة ليلة من شهر رمضان سنة خمس وأربعين ومائة. فأقام يوم السبت ويوم الاحد. وبرز إليه محمد غداة يوم الاثنين في أهل المدينة. فلما ترأت الفئتان نادى عيسى بن موسى بنفسه: يا محمد إن أمير المؤمنين أمرني أن لا اقاتلك حتى أعرض الامان على نفسك وأهلك ومالك وولدك وأصحابك، وتعطي من المال كذا وكذا، (1) بالهاشمية في العراق. (2) أما في مقاتل الطالبيين لابي فرج الاصفهاني فقد ذكر أن عيسى بن موسى أرسله إلى محمد بن عبد الله. ووجه إلى ابراهيم خازم بن خزيمة في أربعة آلاف إلى أهواز. (3) المجموعة القليلة.
[ 326 ]
ويقضي عنك دينك ويفعل بك. فصاح إليه محمد: دع عنك هذا، فوالله ما يثنيني عنكم جزع، ولا يقربني منكم طمع. واستحر القتال، وانهزم أصحاب محمد بن عبد الله بن الحسن، ونزل وقاتل، وقتل بيده جماعة وجمل عليه ابن قحطبة، فطعنه في صدره، فصرعه، ثم نزل فأحتز رأسه وأتى به عيسى بن موسى. وكان أخوه ابراهيم قد صار إلى البصرة في أول سنة ثلاث وأربعين ومائة يدعو إليه، وأجاب دعوته بشر كثير. فأرسل إليه أبو جعفر عيسى بن موسى (1)، والتقيا، فتناجزا، فقتل إبراهيم بن عبد الله يوم الاثنين لخمس بقيت من ذي الحجة سنة خمس وأربعين ومائة، واتي أبو جعفر برأسه وهو بالكوفة، فلما وضع بين يديه سجد، وكان عيسى بن يزيد فيمن خرج مع محمد بن عبد الله بن الحسن، ومع أخيه ابراهيم، وطلبه أبو جعفر واختفى، ومات بالكوفة عند الحسن بن صالح بن حي مختفيا هاربا من أبي جعفر. وهرب عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الحسن المعروف بالاشتر، فلم يزل مختفيا لا يعرف له خبر حتى ظهر بطبرستان، ودعا إلى نفسه، فقتل هناك (2). وخرج موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب في حياة إخوته محمد وإبراهيم إلى الشام يدعو إلى محمد أخيه، فلما قتل محمد وابراهيم قدم موسى من الشام، فصار إلى منزل بني العنب بالبصرة، وعليها يومئذ عامل - محمد بن سليمان - لابي جعفر. فاخبر بخبره. فأرسل إليه، وأخذ وأتى إليه وهو خاله. فقال له محمد بن سليمان: قطع الله رحمك، ما أردت إذ قصدت بلدا أنا فيه إن أنا وجهتك إلى المنصور قال الناس: قطع رحمه وأساء إلى أخواله، وإن (1) لقد مر أنه ذكرنا عن مقاتل الطالبين: أنه خازم. (2) وفي مقاتل الطالبين ص 208: إن هشام بن عمرو قتله في أرض السند.
[ 327 ]
أطلقتك أغضب أمير المؤمنين. ثم وجه به ومن كان مع إلى المنصور. فلما وصلوا إليه قدم موسى بن عبد الله، فضربه خمسمائة سوط، وموسى لا ينطق ولا يتحرك. فعجب المنصور، لصبره، وقال: يصبني عذر (1) أهل الجرائم على صبرهم، فكيف بهذا الفتى الذي لم يصبه الشمس. فقال: يا أمير المؤمنين، إذا صبر أهل الباطل على باطلهم كنا على الحق أولى بالصبر. فلما دفع عنه، قال له الربيع: لقد كنت عندي من رجال أهلك حتى رأيتك، وكأنه يحز في جلد غيرك. فقال موسى هذا البيت: أني من القوم الذين تزيدهم * قسوا وصبرا شدة الحدثان وبلغ أبا جعفر عن حمزة بن إسحاق بن علي بن عبد الله بن جعفر (2) أنه يريد القيام عليه، فبعث به إلى المدينة فاوقف بها، وشتم وحبس حتى مات. * * * وكان أبو جعفر قد ولى الحسن بن يزيد بن الحسين بن علي بن أبي طالب المدينة، فكان أحد من أعان على أبي عبد الله. ثم بلغ أبا جعفر عنه أنه يريد القيام عليه. فعزله، وأمر به فاوقف، وشتم، وقبضت أمواله وحبس معه ابنه علي. وأما علي فتوفي في السجن في حياة أبيه، ولم يزل الحسن أيضا محبوسا حتى مات أبو جعفر، فأطلقه ابنه المهدي فيمن أطلق من بني هاشم. [ صاحب فخ ] وأما الحسين بن علي بن الحسن بن االحسن المقتول بفخ (3)، فانه كان مقيما (1) هكذا في الاصل. (2) ابن جعفر بن أبي طالب. (3) روى أبو الفرج الاصفهاني في مقاتل الطالبيين ص 289: بسنده عن الحسين بن الحكم، عن
[ 328 ]
ببغداد لا يؤمر بالخروج حتى توفي المسمى بالمهدي بن أبي جعفر وبويع ابنه الملقب بالهادي. وقدم وفد من جرجان، فأذن الحسين بن علي له بالخروج، فلم يلبث أن خرج عليه بالمدينة، وذلك سنة تسع وستين ومائة، وبايعه فيها كثير من الشيعة. ثم خرج إلى مكة، فدخلها، فسار إليه سليمان بن أبي جعفر - وكان على الموسم - ومعه موسى بن عيسى بن محمد بن علي بن عبد الله، فصيره على ميسرته، ومحمد بن سليمان على ميمنته، والعباس بن محمد وسليمان [ بن أبي جعفر ] في القلب. فلما لقيهم الحسين بفخ تطارد له سليمان، فحمل عليه الحسين مع أصحابه حتى انحدروا في الوادي، وحمل عليهم محمد بن سليمان من خلفهم فطعنهم طعنة واحدة، ورمى الحسين بن علي بن الحسن رجل من الاتراك - يقال له: حماد - بسهم، فقتله. فأعطاه محمد بن سليمان مائة الف درهم ومائة ثوب وقتل خلق من الشيعة والطالبيين، وذلك في يوم التروية سنة تسع وستين ومائة، وحمل رأسه إلى موسى - المعروف بالهادي -، فادخل إلى بغداد في أول سنة سبعين ومائة (1). الحسن بن الحسن عن الحكم بن جامع الثمالي عن الحسين بن زيد، عن ريطة بنت عبد الله، عن زيد بن علي، قال: انتهى رسول الله صلى الله عليه وآله موضع فخ فصلى بأصحابه صلاة الجنازة، ثم قال: يقتل هاهنا رجل من أهل بيتي في عصابة من المؤمنين ينزل لهم بأكفان وحنوط من الجنة تسبق أرواحهم أجسادهم إلى الجنة... الحديث. وبسنده أيضا عن الحسن بن عبد الواحد، عن عبد الرحمان بن القاسم، عن الحسين بن المفضل العطار، عن محمد بن فضيل، عن محمد بن اسحاق، عن أبي جعفر محمد بن علي قال: مر النبي صلى الله عليه وآله بفخ، فنزل فصلى ركعة، فلما صلى الثانية بكى وهو في الصلاة، فلما رأى الناس النبي صلى الله عليه وآله يبكي بكوا. فلما انصرف، قال: ما يبكيكم ؟ قالوا: لما رأيناك تبكي بكينا يا رسول الله. قال: نزل علي جبرائيل لما صليت الركعة الاولى فقال: يا محمد إن رجلا من ولدك يقتل في هذا المكان، وأجر الشهيد معه أجر شهيدين. (1) وقبل ارسال الرؤوس المطهرة إلى بغداد حمل إلى موسى بن جعفر وعنده جماعة من ولد الحسن
[ 329 ]
وقتل مع الحسين يومئذ سليمان بن عبد الله بن الحسن بن الحسن، وعبد الله بن إسحاق بن ابراهيم بن الحسن بن الحسن قتلا في المعركة. وكان فيهم الحسن بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، فطلب الامان، فأمنه العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، فصار إليه، فاستسقاه ماء، فأمر له بماء فهو يشرب إذ أتاه محمد بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس بن خلفه، وهو واقف يشرب، فضربه بسيفه، فرمى برأسه، فلما قتله شد عليه موسى بن عيسى بالسيف، فقال له: بابن الخنا، أقتلت خالي بعد الامان، فقد أحل الله دمك. فزجرهما العباس بن محمد حتى يكفا. واستأمن منهم علي بن إبراهيم، فأومن، وحمل إلى الهادي، فحبسه، وأمر في عبد الله بن الحسن بن علي بن الحسن، فحمل ايضا، ثم حبس حتى خليا بعد ذلك، وتفرق كل من كان مع الحسين بعد أن قتل من قتل بفخ من الطالبيين. والحسين، فلم يتكلم أحد منهم بشئ إلا موسى بن جعفر عليه السلام. فقيل له: هذا رأس الحسين. قال: نعم، إنا لله وإنا إليه راجعون، مضى والله مسلما صالحا صواما قواما آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر ما كان في أهل بيته مثله. فلم يجيبوه بشئ. وقال عيسى بن عبد الله يرثي الحسين صاحب فخ: فلابكين على الحسين * بعولة وعلى الحسن وعلي ابن عاتكة الذي * أتوه ليس بذي كفن تركوا بفخ غدوة * في غير منزلة الوطن كانوا كراما فانقضوا * لاطائشين ولا جبن غسلوا المذلة عنهم * غسل الثياب من الدرن هدي العباد بجدهم * فلهم على الناس المنن وقال آخر: يا عين ابكي بدمع منك منهمر * فقد رأيت الذي لاقى بنو حسن صرعى بفخ تجري الريح فوقهم * أذيالها وغوادي الدلج المرن حتى عفت أعظم لو كان شاهدها * محمد ذب عنها ثم لم تهن
[ 330 ]
[ يحيى بن عبد الله ] فلحق يحيى بن عبد الله (1) بالديلم فظهر فيهم، ودعا إلى نفسه، وجمع الجموع هناك واستعد للحرب واستجأش بالديلم، وغيرهم. وعلم هارون الرشيد، فارسل إليه الفضل بن يحيى بن يرمك، وعقد له على الخيل وثغور الديلم وطبرستان وما يليهما، وضم إليه خلقا كثيرا من الجنود من قواد خراسان وغيرهم، فسار إليه الفضل بن يحيى، ونزل بازائه وكاتبه وآتاه الامان والعهود المؤكدة، ووعده بالاحسان والهبات والصلاة والجوائز والقطائع، وأرغبه، ومشت السفراء بينهما بذلك حتى أجابه إلى قبول ما عرض عليه من الامان، والدخول فيه بغير حرب، ولا قتال، فتقدم به الفضل به يحيى على الرشيد، وقد كان يتخوف سوء كتمه وشدة أمره وهاله وكبر في صدره موقع ما كان من الفضل بن يحيى في ذلك عنده وسربه. وكان الفضل يلاطف يحيى بن عبد الله ويبره، فبلغ ذلك الرشيد فجفا الفضل وغضب عليه، حتى كلمته فيه ام محمد بنت الرشيد، فرضي عنه. ثم بعث الرشيد بعد ذلك بيحيى بن عبد الله إلى المدينة فحبسه بها، فلم يزل محبوسا حتى مات (2). وقيل: إنه حبسه في بئر، فوجد فيها ميتا قد غص على حملها (3). (1) وهو من أصحاب الحسين صاحب فخ الناجين من القتل فاستتر مدة يجول في البلدان ويطلب موضعا يلجأ إليه حتى لحق بالديلم. (2) قال ادريس بن محمد بن يحيى بن عبد الله: قتل جدي بالجوع والعطش في الحبس. (3) هكذا في الاصل. قال علي بن إبراهيم العلوي يرثيه: يا بقعة مات بها سيد * ما مثله في الارض من سيد مات الهدى من بعده والندى * وسمي الموت به معتدي فكم حيا حزت من وجهه * وكم ندى يحيى بن المجتدي لا زلت غيث الله يا قبره * عليك منه رائح مغتدي.
[ 331 ]
[ إدريس بن عبد الله ] وكان إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، قد شهد مع الحسين بن علي فخ، فلما كان من الامر ما كان اخرجه مولى له يقال له: راشد، مختفيا حتى سار به إلى مصر. ثم أخرجه منهما حتى سار إلى المغرب، فأظهره وعرفه أهل البلاد من البربر، فأجابوه، وتولوه. فلم يزل فيهم أمره يقوى ويزيد إلى أن بلغ ذلك الرشيد، فوجه إليه مولى كان يسمى المهدي، يقال له: شماخ، وكان شيخا مجربا محكما وأمره بأن يحتال عليه ويقتله، فخرج شماخ حتى صار إلى المغرب، وتوصل إلى إدريس بعلم الطب، وليس في موضع طبيب (1)، فقربه، وأنس به أنسا شديدا. ثم شكا إليه علته، فصنع له دواء، وجعل فيه سما، فسقاه إياه، ومات، وهرب شماخ فلم يقدر عليه، وصار إلى الرشيد، فأخبره، وأجازه، وأحسن إليه، وخلف إدريس حملا بام ولد، فولدت ولدا سمي إدريس. وبلغ وضبط الامر، وولد له فسماه محمد، فتناسلوا وكثروا وهم في المغرب. [ أحمد بن عيسى ] وصار أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب إلى عبادان ناحية البصرة. فبلغ هارون أنه تحرك بها للقيام، فارتحل هارون لما بلغ إليه الخبر من الكوفة إلى مدينة السلام، وذلك في سنة خمس وثمانين ومائة كان لنا غيثا به نرتوي * وكان كالنجم به نهتدي فإن رمانا الدهر عن قوسه * وخاننا في منتهى السؤدد فمن قريب نبتغي ثاره * بالحسني الثائر المهتدي إن ابن عبد الله يحيى ثوى * والمجد والسؤدد في ملحد (1) قال أبو الفرج الاصفهاني في مقاتل الطالبيين ص 326: وكان طبيبا.
[ 332 ]
وأرسل إلى العمال بالقبض عليه. وكان أحمد بن عيسى بن زيد وابن ادريس يترددان من البصرة وكور الاهواز ونواحيها وأطرافها. فكتب الرشيد إلى أبي [ الساج ] (1) مع أخيه الرشيد الخادم وكان على البحرين، والى خالد بن الازهر وكان بالاهواز، بالسمع والطاعة لعيسى الدوراني (2). وأمر عيسى بطلب أحمد بن عيسى بن زيد، فقدم الاهواز، وأظهر أنه قدم لاخذ الزنادقة، وانصب إليه الهدايا والالطاف، وجاء العمال، وهابه الناس. وجعل يسأل سرا عن أحمد بن عيسى. فجاءه رجل من البربر، وكان يختلف إلى أحمد بن عيسى، ويخدمه ويمشي في حوائجه وأموره فذكر له أنه وابن ادريس يختلفان إلى عبادان والى ربط، اخرى والى البصرة اخرى. فقدم عيسى البصرة، وأخبر أن هناك رجلا من شيعتهم لا يدين الله إلا بمحبتهم وموالاتهم، وأنه رجل مؤثر ومكثر، وله جمع وعدة، ومنعة. فدس رجلا عنه االيهما برسالاته وكتابه، وضرب فيه على خطه حتى داخلهما الرسول، وعلم مكانهما ووثقا به واطمأنا إليه، فأخبرهما بأخبار عيسى، وأخافهما عنه، فسألاه عن حيلة إن كانت عنده لهما، فقال: أنا اخرجكما إن شئتما إلى مصر، وإن شئتما إلى المغرب. قالا: فأي طريق تأخذ بنا ؟. قال: على واسط، ثم اخرجكما على الدواب وآخذكما على طريق الكوفة. فوثق القوم به واطمأنوا إليه، وكان معهم الخضر كاتب إبراهيم بن عبد الله. فحملهم من البصرة في سفينة إلى واسط، وقال: اسبقكم إليها لاكري لكم الدواب حتى تقدموا، وقد فرغت من حوائجكم. فقالوا: امض على اسم الله. فمضى، وجاء إلى أبي [ الساج ]، فأخبره. فأرسل أبو الساج معه قوما من (1) هكذا صححناه وفي الاصل: ابن شماخ. (2) وفي مقاتل الطالبيين ص 412: عيسى الرواوزدي.
[ 333 ]
ثقاته، وأمرهم ولا يعلمونهم أنهم من أسباب السلطان في شئ حتى يوافوا بهم. ومضى إلى مدينة السلام (1)، فدخل على الرشيد، وأخبره انه ظفر بهم وحملتهم السفينة، وأرسل الرشيد من ينزلهم ويأتيه بهم. وجاءهم الرجل مع أعوان أبي الساج، فذكر لهم أنهم قوم سيارة، وأنه قد اكترى لهم. فلما صاروا إلى [ بعض الطريق ] (2) أتاهم أهل الصدقة ليأخذوا ما يجب عليهم. فخلى أصحاب أبي الساج بهم، وأخبروهم الخبر أنهم أعوان أبي الساج، وعرفوهم أمرهم، فتركوهم، وسمع ذلك أحمد بن عيسى، ومن معه، فعلموا ما صاروا إليه، فلما حضرت صلاة الظهر نزلوا ليصلوا، فتسللوا من بين النخيل وتركوا السفينة وما فيها لهم من قليل وكثير (3). فلما انتهوا إلى واسط وجدوا رسل الرشيد الذين بعث بهم ليستلموهم منهم. فأخبروهم بخبرهم. فمضى بهم أعوان الرشيد، فأوصلوهم إليه، فضربهم ضربا مبرحا، وصيرهم إلى المنطبق (4)، وأمر بقتل أبي الساج وصلبه، وقال: صانعت وداهنت علي. فسأله فيه أخوه، واستعان عليه، فتركه. وامر بطلبهم، فثبت عنده أن الخضر - كاتب ابراهيم - مات فامر به فنبش، واحرق بالنار، وأفلت الباقون، وصار أحمد بن عيسى وابن ادريس إلى البصرة واستتر بها. ثم خرجا إلى الكوفة. ثم عاد أحمد إلى البصرة وكان بها مختفيا إلى أن مات على ذلك. وخلف ابنيه محمدا وعليا مستترين. وتوفي محمد بالشام، واليه انتمى الناجم بالبصرة (1) اسم لمدينة بغداد الحالية. (2) هكذا صححناه وفي الاصل: صاروا إلى الجاز الاكبر. (3) وأظن أن هنا كلمة ساقطة، وطال انتظار الموكلين بهم، فلم يعرفوا خبرهم وما الذي أبطأ بهم، فخرجوا يطلبونهم فلم يجدوهم، وتتبعوا آثارهم وجدوا في أمرهم، فرجعوا إلى الزورق خائبين حتى وصلوا واسط. (4) السجن المظلم تحت الارض.
[ 334 ]
سنة خمس وخمسين ومائتين سنة المعروف العلوي (1). [ أبو السرايا ] ثم قام أبو السرايا - وهو السري بن المنصور من بني ربيعة [ بن ذهل بن شيبان ] (2) سنة تسع وتسعين ومائة يدعو إلى محمد بن إبراهيم طباطبا ولم يسمه، وأظهر الدعاء إلى الوصي من آل محمد والى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله، وكان ذلك سبب أن أبا السرايا من الجند مع هرثمة (3) بن أعين، فمنعوه إذرافه، فغضب، وخرج حتى أتى الابصار، فقتل العامل بها. وأتى بن طباطبا محمد بن إبراهيم، وكان في حبس الرشيد، كانت فتنة محمد بن رشيدة وفتحت السجون، خرج فيمن خرج إلى ناحية الرقة مع محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر، وكان معه في حبس الرشيد، وكان محمد قد سار إليها يدعو إلى نفسه، فمات قبل أن يصل إليها، ووصل محمد بن ابراهيم طباطبا فحاول الدعوة إلى نفسه بها، فلم يمكنه ذلك، فصار إلى الكوفة واستتر بها إلى أن دخل أبو السرايا، فبايعه، وقام يدعو إليه، واستجاب له بشر كثير، وأقبل بهم وأخذوا واسط الكوفة، واظهر أمر محمد بن إبراهيم طباطبا العلوي، وسار بهم حتى دخل إلى نهر صرصر. فارسل حسن بن سهل [ عبدوس بن عبد الصمد وهارون بن محمد ] (4) بن أبي خالد في عسكر إليهم، فالتقوا بهم، فلم يصنعوا شيئا، فبعث الحسن بن سهل إلى هرثمة (5)، وهو يخلو أنه يريد إلى خراسان نحو المأمون فرده، وبعثه إليهم - إلى [ نهر ] صرصر - والتقى بهم، فهزمهم، واتبعهم إلى قصر ابن هبيرة (6)، (1) هكذا في الاصل. (2) هكذا صححناه وفي الاصل: الحسن بن المنصور بن رسعة. (3) و (5) هكذا صححناه وفي الاصل: هزيمة. (4) هكذا صححناه وفي الاصل: عدوس بن محمد وابن أبي خالد. (6) أنساب الاشراف 3 / 266.
[ 335 ]
وقتل منهم خلقا كثيرا، وانهزموا. وادخلوا الكوفة. ومات محمد بن إبراهيم طباطبا العلوي. وقام أبو السرايا مكانه فتى من العلويين، يقال له: محمد بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين، ولم يزل هرثمة يحاربهم حتى ضعفوا وهرب أبو السرايا، ودخل هرثمة الكوفة وأقام بها أياما، ثم توجه إلى المأمون وهو بخراسان، فظفر بعد ذلك بأبي السرايا والعلوي الذي كان معه قد أقامه. فقتل أبا السرايا (1)، وحمل العلوي إلى المأمون إلى خراسان. فكان الذي.. منهما الحسن بن سهل. وقطع أبا السرايا نصفين وصلبه على باب الجسر (2)، وبعث بمحمد بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين إلى المأمون إلى خراسان (3). [ ابن الافطس ] وقتل في أيام المأمون عبد الله بن الحسن بن علي بن علي بن الحسن (1) قال الهيثم بن عبد الله الخثعمي في رثائه: وسل عن الظاعنين ما فعلوا * وأين بعد ارتحالهم نزلوا يا ليت شعري والليت عصمة من * يأمل ما حال دونه الاجل أين استقرت نوى الاحبة أم * هل يرتجى للاحبة القفل ركب الحت يد الزمان على * إزعاجهم في البلاد فانتقلوا إلى أن يقول أبا السرايا نفسي مفجعة * عليك والعين دمعها خضل من كان يغضي عليك مصطبرا * فان صبري عليك مختزل هلا وقاك الردى الجبان إذا * ضاقت عليه بنفسه الجبل ام كيف لم تخشك المنون ولم * يرهبك إدحان يومك الاجل فاذهب حميدا فكل ذي أجل * يموت يوما إذا انقضى الاجل والموت مبسوطة حبائله * والناس ناج منهم ومحتبل (2) قال أبو الفرج الاصفهاني: فصلب رأسه في الجانب الشرقي وصلب بدنه في الجانب الغربي. (3) فأقام مدة يسيرة - 40 يوما - ثم دست إليه شربة فكان يختلف كبده وحشوته، حتى مات.
[ 336 ]
المعروف بابن الافطس (1). وكان ممن حضر وقعة فخ، وأخذ الامان، ثم حبس بعد ذلك، ثم أقدم عليه جعفر بن يحيى بن خالد بن برمك، فضرب عنقه. [ الحسن بن الحسين بن زيد ] والحسن بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام، قتل مع أبي السرايا بالتنوين. [ زيد بن عبد الله ] وزيد بن عبد الله بن الحسن [ بن الحسن ] بن علي بن أبي طالب عليه السلام، قتل أيضا بالتنوين. [ علي بن عبد الله ] وعلي بن عبد الله بن الحسن بن محمد بن عبد الله بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، قتل باليمن مع ابراهيم بن موسى (2). [ محمد بن جعفر بن محمد ] وقام جماعة من العلويين في سنة المائتين على المأمون، وكان من قام منهم عليه محمد بن جعفر بن محمد، قام بمكة، فبايعه أهل الحجاز وتهامة على الخلافة ولم يبايعوا أحدا من ولد علي قبله، وادعى الامامة. وكانت قد أصاب إحدى عينيه شئ، فاستبشربه. وقال: إني لارجو أن (1) هكذا صححناه وفي الاصل: عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن الحسن المعروف بالافطس. (2) وفي نسخة: قتله باليمن ابراهيم بن موسى.
[ 337 ]
أكون [ المهدي ] القائم، فقد بلغني أنه يكون في إحدى عينيه شئ. فانفذ إليه الحسن بن سهل وهارون بن موسى المسيب، وعيسى بن زيد الجلودي ورقا بن محمد الشيباني وهم من جملة قواد المأمون وأوقعوا على أصحابه بالمدينة ومكة وقتلوا منهم خلقا كثيرا، وتفرق عامتهم واستأمن، واكذب نفسه فبما ادعاه من الامامة، فأومن وحمل إلى المأمون إلى خراسان، فمات بها (1). وقام بالبصرة ابنه علي بن محمد بن جعفر وأقامه معه العباس بن محمد بن عيسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. ثم قام معهما بها زيد بن موسى بن جعفر، فظفر بهم أجمعين، وحملوا إلى المأمون فعفا عنهم ولطف بهم، وأقاموا عنده بخراسان. * * * (1) راجع مقاتل الطالبيين ص 360.
[ 338 ]
[ ولاية العهد للامام الرضا عليه السلام ] وقيل: إنه وقع إلى المأمون رجل من الشيعة فكاسره (1)، فقامت الحجة عليه، وانقطع المأمون وأراه القبول لما أجابه، وجعل يستحثه عن إمام الزمان عندهم، فأومى له علي بن موسى بن جعفر بن محمد، فرأى أنه قد ظفر ببغيته، ودبر امرا وأدار الحيلة فيه أن يظهره ويدعو إليه، ثم يعمل في قتله، ولم يطلع أحدا من الناس على باطن مراده في ذلك [ كي ] لا يفشوا ذلك عنه غير أنه دعا الفضل بن سهل فقال له: هل أنت مانعي من أمر أردته. قال: وما ذاك يا أمير المؤمنين ؟ قال: ابايع الرجل من ولد علي بن أبي طالب عليه السلام وأختاره وأسر هذا الامر إليه. فقال له الفضل: ما أردته يا أمير المؤمنين، فأنا معك عليه. وبلغ ذلك الحسن بن سهل، فأنكره على الفضل، واجتمعا عند المأمون، فقال للفضل: أما علمت أبا محمد ؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين. قال: فما قال فيه ؟ قال: نفر منه، فأنكره علي. (1) أي خاصمه.
[ 339 ]
فقال الحسن: أياذن لي أمير المؤمنين بالكلام ؟ قال: تكلم. فتكلم وعظم دولة بني العباس وقدر المأمون، وذكر ما يتخوفه من الانحراف إن فعل ما ذكر. فقال المأمون: قد رأيت أما يكون على هذا الامر ثلاث ما رآني واحد منا. قد ذهب، ثم أغلظ في القول ووكد قوله. وذكر أنه لم ير في أهله من يصلح لذلك، وان كان عاهد الله أن يظفر بالمخلوع أن يصير هذا الامر إليه في ولد علي عليه السلام. فلما سمع الحسن منه ذلك ورأى عزمه عليه قال: رأيي مع رأيك يا أمير المؤمنين. فأمر أن يخرج إلى بغداد وأن يتلطف بإشخاص علي بن موسى إليه برفق واكرام (1)، وكان علي بن موسى بالشام (2). فلما صار الحسن إلى بغداد، وكان المأمون كتب معه إلى علي بن موسى، وأرسل به الحسن رسولا إليه، وكتب معه كتابا، وكان ذلك الكتاب قبل أن يشخص إليه من كان قام عليه من الطالبيين، وأمره بإشخاصهم معه وكتب إلى الجلودي في حمل محمد بن جعفر، وعلي بن موسى، وعلي بن الحسن بن زيد، وإسماعيل بن موسى، وابن الارقط، ومن كان قد خرج. فحملهم الجلودي وأخذ بهم على طريق البصرة وإبراهيم بن المهدي بها، وقد انتهى الخبر إليه، وما اريد به علي بن موسى بن جعفر، وذكر ذلك لمن يخصه من العباسيين وغيرهم، فأشار عليه إسماعيل بن جعفر بن سليمان بن علي بقتل علي بن موسى بن جعفر بن محمد، فلم يقدر إبراهيم على ذلك. وحملوا على طريق الاهواز، وصاروا إلى فارس فلقيهم رجاء (1) هكذا صححناه وفي الاصل: برواكرام. (2) لم يكن الامام الرضا عليه السلام بالشام أبدا.
[ 340 ]
بن الضحاك وتسلمهم من الجلودي، وقدم بهم على مرو وعلى المأمون لعشر خلون من جمادى الآخر سنة إحدى ومائتين، فصيروا في دار ميدان الفضل، ويقال لها: داراسي، أنزل علي بن موسى منها في بيت وحده، والباقون في بيت آخر بجماعتهم وفرش لهم. وجاء الفضل فدخل إلى علي بن موسى بن جعفر متعظما له، [ فأخبره ] (1) أنه يوجب حقه، ثم ذكر ما أراد له، فرأى عنه انقباض. ثم ادخل على المأمون فأكرمه وشكره كما كان من تركه التعرض لما دخل فيه أهلا. وأن محله عنده محل العم لسنه وقدره، وأمر له بوسادة، فصيرت له بقربه، وأجلسه عليها، وأذن الناس حتى رأوا ذلك، وانصرف، ثم نقلهم من تلك الدار إلى غيرها. وادخل علي بن موسى عليه في حجره من داره ليس بينه وبينه إلا ستر، وجعل الفضل يراسله ويكاتبه في أن يبايع له وهو في كل ذلك يأبى. ثم لقيه الفضل بنفسه في ذلك، فقال له: إن أمير المؤمنين أعطى الله عهدا أن يصير هذا الامر في خير من يعلم، وليس ذلك إلا أنت. قال [ عليه السلام ]: فلست كذلك. وامتنع، وأدخله المأمون إلى نفسه، فقال: يا أبا الحسن إني أعطيت الله عهدا، ولست تاركه حتى أصير هذا الامر اليك من بعدي، وقد علمت أن عمر بن الخطاب أدخل عليا في الشورى، وأمر بضرب عنقه إن لم يصر إلى أمره (2). ولم يزل به حتى أجابه بعد قدومه شهر رمضان سنة احدى ومائتين، وكان المأمون قبل ذلك بأيام لبس الخضرة، وكساها رجاله، وأمر الناس بلباسها، ولبسها الناس جميعا، ولبسها القاضي، وجلس المأمون للبيعة لعلي بن موسى، وسماه الرضا، وأمر بوسادتين، فاكثر حشوهما حتى لحقا بفراشه، ثم (1) هكذا صححناه وفي الاصل: فخبره. (2) الارشاد ص 310.
[ 341 ]
أجلس عليا عليهما وعليه عمامة وسيف، ثم أمر العباس ابنه بالبيعة له والناس، فرفع علي بن موسى يده فتلقها بظهره وجه نفسه، ينظر وجوههم. فقال له المأمون: ابسط يديك ليبايعك القوم. قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا بايع فعل هكذا. فبايعه القوم من الهاشميين وغيرهم من الصحابة والقواد. وخرج الفضل بن سهل على الناس، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي وعلى أهل بيته، وبشرهم بما من الله به عليهم من رأي أمير المؤمنين في البيعة للرضا إذا كان ابن علي بن أبي طالب عليه السلام وابن رسول الله صلى الله عليه وآله. وأمر للناس برزق سنة. ثم جلس المأمون في يوم الخميس بعد أربعة أيام، فأذن للناس فدخلوا، والرضا في المجلس الذى كان فيه بويع، والفضل بينهما على كرسي، والعباس بن المأمون على يسار أبيه على وسادة واحدة ومحمد بن جعفر في أول الصف يسرة وعبد الله بن الحسن بن عبد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب عليه السلام على اليمين دون إسحاق بن موسى بن عيسى بن محمد بن علي بن إسماعيل بن عبد الله بن العباس، والى جنب عبد الله بن الحسن بن الفضل، ثم عبد الصمد. ثم دخل باقي الطالبيين والعباسيين، واجلسوا دون هؤلاء في الايوان متصلين بهم. واقيم للناس سماطين على رسومهم، وأتى بالمال، فصبوا بدرا (1) في وسط الدار. وقالت (2) الخطباء والشعراء، فذكروا فضل أمير المؤمنين، وما كان منه في الشعر وذكر فضل علي بن أبي طالب عليه السلام. ثم قام أبو العباد في آخر الايوان، فبدا بالعباس بن المأمون، فقام العباس، (1) بدرا جمع بدرة وهو ما يصرفيه المال. (2) وفي نسخه ز: وقامت.
[ 342 ]
فدنا من أبيه، فقبل يده، وأمره بالجلوس. ثم نادى محمد بن جعفر بن محمد، فلم يقم، فأشار إليه الفضل أن قم، فقام، فدنا من أمير المؤمنين، ثم مضى نحو حارسه، وهكذا كانت السنة عندهم، فلما كان في وسط الايوان ناداه المأمون (1): يا أبا جعفر ارجع إلى مجلسك. ثم نودي بعلوي وعباسي حتى انفض المجلس (2). وأعطى محمد بن جعفر ستين ألف دينار، وأعطى كذلك عبد الله بن الحسن، وعيسى بن يعقوب، وعبد الصمد بن علي، وإسحاق بن موسى، وعيسى لكل واحد منهم ستين ألف دينار. وأعطى علي بن الحسن وزيد العلوي أربعين ألف دينار. وأعطى إسماعيل بن موسى وغيره من الطالبيين لكل واحد منهم ثلاثين ألف دينار. وجلس علي بن موسى في مجلس المأمون يوم الجمعة بعد الصلاة. ودخل الناس إليه كما كانوا يدخلون إلى المأمون، وطرز الطراز، وضرب السكة باسمه، وزوج المأمون ابنته ام الفضل من محمد بن علي بن موسى. واقام علي بن موسى على ذلك مع المأمون باقي سنة إحدى ومائتين وشهرا واحدى عشرة ليلة من سنة ثلاث ومائتين، ثم سقي السم. [ شهادة الامام الرضا عليه السلام ] [ 1210 ] قال أبو الصلت (3) للعراقي: دخلت على علي بن موسى حين بويع له، فقال لي: ما ترى ما وقعت فيه ؟ قلت: خير إن شاء الله تعالى. (1) هكذا صححناه وفي الاصل: المؤمنون. (2) قال الطبرسي في اعلام الورى ص 321: ثم جعل أبو عباد يدعو بعلوي وعباسي فيقبضان جوائزهما حتى نفذت الاموال. (3) هكذا في الاصل وأظنه كما في الروايات أبا الصلت الهروي.
[ 343 ]
قال: أي خير في هذا ؟ ثم عدت إليه بعد، فقال: يا ابا الصلت قد والله فعلوها - يعني أنهم سقوه (1) -. واعتل يوم الاحد لاربع عشرة ليلة خلت من صفر سنة ثلاث ومائتين. وأظهر المأمون [ الحزن ] عليه. وان ذلك انما نالهما من طعام أكلاه جميعا، فلما كان ليلة السبت لثلاث بقين من صفر سنة ثلاث ومائتين صرخ على علي بن موسى، وأرسل إلى اسماعيل وزيد ومحمد بن جعفر فجئ بهم في جوف الليل، وأصبح علي ميتا. وخرج المأمون إلى الناس، فقال: أصبح الرضا صالحا فالحمد لله. وانصرف الناس وأمر باحضار الناس دار المأمون في نصف النهار، وأجمعوا، وأظهروا موته، فلما خرجت جنازته قام المأمون باكيا. ثم قال: لقد كنت اريد أن يجعلني الله المقدم قبلك للموت، فأبى الله إلا ما أراد، لولا أني خفت أن يقول قوم إنك لم تمت ما اظهرتك للناس طبابك (2). ثم حمل لبنة لقبره، فقال له بعضهم: يا أمير المؤمنين، أنا أحملها. فقال: استكثر هذا لاخي. ثم مشى إلى القبر، وأظهر من الجزع عليه شيئا عجيبا. وروي عن منصور بن بشير، قال: سمعت عبداالله بن بشير، يقول: أستغفر الله، وما أظنه يغفر لي. فقلت: سبحان الله، وكيف ذلك ؟ (1) أي السم. (2) هكذا في الاصل.
[ 344 ]
قال: دخلت يوما على المأمون - ونحن بخراسان - فقال لي: متى أخذت أظفارك، يا أبا عبد الله ؟ قلت: مذ جمعة. فقال: طولها إلى جمعتين. ففعلت، ثم جئته، فقلت له: يا أمير المؤمنين قد فعلت ما أمرتني به من تطويل أظفاري. فأمر بخادم، فجاء بجام مختوم، ففك ختامه، وكشف عنه، وإذا فيه شئ شبيه بالتمر الهندي، فقال لي: امرس هذا بيدك. ففعلت. ثم قال لي: دع يديك حتى تجفا. وأمر بالاسراج، وقد كان الرضا عليلا. فركب إليه، وأمرني أن أركب، فركبت معه، فلما دخل عليه سأله عن حاله، فأقبل يخبره. فقال له: ألم يأتك أحد من هؤلاء المترفقين ؟ فقال: لا. فجرد (1)، وصاح على غلمانه، فقال: أفلم تأخذ شيئا ؟ قال: لا. قال: فماء الرمان مما ينبغي ألا تفارقه، يا غلام عشر رمان. فجئ بها، فرماها الي، وقال: قشرها يا أبا عبد الله، وامرسها ففعلت (ويداي على حالهما. ثم أخذ قدحا من ماء الرمان بيده وسقاه) (2) إياه. فما اقام إلا يوما حتى مات (3). * * * (1) وفي الارشاد: فغضب المأمون. (2) ما بين القوسين من نسخة ز. (3) وفي الارشاد واعلام الورى: إلا يومين حتى مات.
[ 345 ]
[ أيام المعتصم ] وقام على المعتصم: محمد بن القاسم بن علي بن عثمان (1) بن علي بن الحسين بالطالقان، ودعا إلى نفسه، واستجاب له جماعة، ثم أخذه عبد الله بن طاهر، وأرسله إلى المعتصم في سنة تسع عشر ومائتين مقيدا في محمل بلا وطاء، وعليه جبة من صوف، فحبسه المعتصم، فاحتال في الخلاص، وخلص من الحبس، وهرب. وقام عبد الله بن الحسن بن عبد الله بن اسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ودعا إلى نفسه، فاخذ، وحبس [ في سامراء ]، ومات في الحبس. [ أيام المتوكل ] وقام منهم في أيام المتوكل: الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسين بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب. وقام بالري، أحمد بن عيسى بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب. وقام هارون بن الحسين - ويعرف بالكركي - بن أحمد بن محمد بن اسماعيل بن محمد المعروف - بالارقط - بن عبد الله بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. وقام بالحجاز اسماعيل بن يوسف بن ابراهيم بن موسى بن عبد الله بن [ الحسن بن ] الحسن بن علي بن أبي طالب، وهو ابن عشرين سنة. وقام بعده محمد بن يوسف وهو أخوه الاكبر منه عشرين سنة، ويعرف بالاخصير. (1) وفي مقاتل الطالبيين ص 382: محمد بن القاسم بن عمر بن علي بن الحسين.
[ 346 ]
وقام أيضا عبد الله بن موسى [ بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ]. [ أيام المستعين ] وممن قام منهم في أيام المستعين: قام بالكوفة، يحيى بن عمر بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (1). وقام أيضا معه عبد الله بن اسماعيل بن ابراهيم بن محمد بن علي بن محمد بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. وصالح، وابراهيم ابنا عثمان بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب. وأحمد بن محمد بن يحيى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب. [ أيام المهتدي ] وممن قام منهم في أيام المهتدي: يحيى بن عبد الرحمان بن القاسم بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب. ومحمد بن عبد الله [ بن اسماعيل بن ابراهيم بن محمد بن عبد الله بن أبي الكرام بن محمد بن علي ] (2) بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. ومحمد بن الحسن بن محمد بن الحسن بن زيد بن محمد بن ابراهيم بن الحسن بن زيد بن علي بن أبي طالب. (1) هكذا صححناه وفي الاصل: يحيى بن عمير بن يحيى بن الحسين. (2) هكذا صححناه وفي الاصل: محمد بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.
[ 347 ]
ومحمد بن الحسن بن محمد بن عبد الرحمان بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب. وجعفر بن محمد بن اسحاق بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. وممن قام منهم في أيام المهتدي أيضا: موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب. وابنه ادريس بن موسى. وابن أخيه محمد بن يحيى بن عبد الله بن موسى. وأحمد بن زيد بن الحسن بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن [ علي بن ] أبي طالب. وابراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن ابراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (1). وعيسى بن اسماعيل بن جعفر بن ابراهيم [ بن محمد بن علي ] بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. [ أيام المعتمد العباسي ] وممن قام منهم في أيام المعتمد: محمد بن أحمد بن موسى بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسن بن علي بن أبي طالب (2). وأحمد بن محمد بن عبد الله بن ابراهيم طباطبا [ بن الحسن ] بن اسماعيل بن ابراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، وكان لقيه: نعثل. (1) هكذا في الاصل. (2) وأظنه محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن بن علي بن عمر بن علي.
[ 348 ]
وحمزة بن الحسن بن محمد بن جعفر بن القاسم بن إسحاق بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. ومحمد بن جعفر بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. وعبد الله بن علي بن يحيى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. ومحمد بن أحمد [ بن محمد ] بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. والحسن بن ابراهيم بن علي بن عبد الرحمان بن القاسم بن الحسن بن زيد بن [ علي بن الحسين بن ] علي بن أبي طالب. ومحمد بن عبد الله بن عبد الله [ بن ] الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب ويعرف بالعصفي. والحسين بن محمد بن حمزة بن عبد الله بن الحسين بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب. ومحمد بن ابراهيم بن موسى بن ابراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن القاسم بن اسحاق بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. وعبد الله بن الحسن بن ابراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب. وعلي وعبد الله ابنا موسى بن عبد الله بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. وعلي بن جعفر بن هارون بن اسحاق بن الحسن بن زيد [ بن الحسن ] بن علي بن أبي طالب. ومحمد بن عبد الله بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن جعفر بن ابراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.
[ 349 ]
[ أيام المعتضد العباسي ] وممن قام منهم في أيام المعتضد: محمد بن عبد الله بن محمد بن القاسم بن حمزة بن الحسن بن عبيدالله بن العباس بن علي بن أبي طالب. ومحمد بن زيد بن محمد بن اسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، وابنه زيد بن محمد. [ أيام المكتفي العباسي ] وممن نسب إلى القيام أيام المكتفي: محمد بن علي بن ابراهيم بن محمد بن [ الحسن بن جعفر بن عبيدالله بن الحسين بن علي ] بن الحسين بن علي بن أبي طالب. ومحمد بن حمزة بن عبيدالله بن العباس بن [ الحسن بن عبيدالله بن العباس ] بن علي بن أبي طالب. * * * فهذه أسماء الذين قاموا يدعون الامامة من الطالبيين إلى أن قام المهدي بالله أمير المؤمنين (1)، وكانوا كما وصفهم الامام محمد بن علي عليه وعلى الائمة من آبائه وذريته أفضل السلام: مثل أفراخ نهضت من أعشاشها قبل أن تستوي أجنحتها كما كان إلا أن نهض كل فرخ نهضة أو نهضتين حتى أخذه الصبيان يتلاعبون به. فمن هؤلاء من قتل، ومنهم من حبس فمات في الحبس، ومنه من غلب عليه، فهرب، فمات مطلوبا مختفيا. وهذا عاجل الجزاء في الدنيا (2). (1) اشارة إلى الخليفة الفاطمي. (2) فهذا حكم مستعجل على ثوار قاموالله ودافعوا عن دينه وطلبوا الشهادة لاجل مرضاته.
[ 350 ]
فمن سمي بغير اسمه وطلب ما ليس له، وتعجيل ما أجل الله تعالى، ووضع الامر في غير موضعه الذي وضعه سبحانه. وقد كان من هؤلاء ما كان و من غيرهم ممن قام منهم بغير أسباب السلطان بل بالبغي من بعضهم على بعض وعلى النساس ما يطول ذكره وذكر أخبارهم. وكيف تفرقت الاحوال بهم، وقتل من قتل منهم (1)، وذلك ما يخرج ذكره عن حد هذا الكتاب لطوله، ولان ذلك لو ذكر في هذا الكتاب لقطع المراد به. وانما ذكرنا هذه الجملة من أخبارهم عن تشبهم من افرد الله جل اسمه بالقيام بحقه، وتقدم الخبر أن رسول الله صلى الله عليه وآله بصفته وحاله ووقته، وعن آبائه بذلك بالدلالة عليه والتحذير من ادعى مقامه والتقدم بين يديه، والاخبار بأن ذلك يوجب هلاك من فعله، وادعاه، وقام بما ليس له به منه، وكان ما حل بهؤلاء مصداق ما قاله الائمة من آبائه صلوات الله عليهم، فلم يزالوا واحدا بعد واحد منهم مستترين لتغلب أعداء الله عليهم حافظين لامانة الله عندهم التي... من الامامة التي أوجبها على العباد لهم وما استودعهم من مكنون علمه بنقله واحد إلى واحد منهم صار ذلك عنهم إليه، صلوات الله عليه (1). (1) أقول: نستنتج من مفاد كلام المؤلف أن من ادعى الامامة والمهدوية فيما سبق الدولة الفاطمية باطلة لانها لم تدم، ولو استقامت لفترة من الزمان فسرعان ما غلب عليهم الظالمون أو أزلامهم وأبادوهم أو فرقوهم. وأن المهدي الفاطمي هو الحق المهدي الموعود لان دولته تدوم إلى الابد وتشمل البلدان شرقا وغربا، وتجسد فيها كل ما ذكره النبي صلى الله عليه وآله والائمة الاطهار عليهم السلام من التنبوءات والعلامات. وبما أن هذه الدولة ازيلت كسابقتها ولم تدم بعد غزوة صلاح الدين الايوبي على مصر وقتله الفاطميين بطلت هذه الدعوى، وأن المهدي الذي ركز المؤلف عليه وادعاه وجعله مصداقا للاحاديث والاخبار التي يذكرها المؤلف فيما يأتي وادعى صحتها متنا وسندا ودلالة لم يكن هو المهدي الموعود. وأظن أن الذي أوقعه في هذا الالتباس هو عدم مراجعته للروايات التي تحدد عدد الائمة والخلفاء بعد الرسول. وبهذا التحديد نعرف أن المهدي الذي هو المصداق الحقيقي لما اسرده ونذكره من الروايات هو خاتمة هذه الائمة والخلفاء.
[ 351 ]
..................................... والعجيب أ الاحاديث الواردة في أن الائمة عليهم السلام اثنا عشر متواترة بشكل يمكن القول بأنها من المسلمات، مما حدى ببعض الحاقدين والمناوئين أن يخرجوها عن مداليلها الاصلية حتى تنطبق على أناس آخرين، فمهما حاولوا تجاوز العدد أو قل فالخلفاء الراشدون دون العدد والامويون أو العباسيون أكثر وكذلك الفاطميون. وصفوة القول أن هذه الاحاديث لا يمكن تأوليها ولا انطباقها إلا على أئمة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام. وقد ألف بعض الاعلام كتابا يبحث عن الاحاديث الواردة عن الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله في الائمة الاثني عشر سندا ومتنا ودلالة، أمثال الشيخ علي بن محمد الرازي في كتابه كفاية الاثر في النصوص على الائمة الاثني عشر، والشيخ أحمد بن محمد بن عبد الله بن عياش في كتابه مقتضب الاثر في النص على الائمة الاثني عشر، والشيخ محمد الكراجكي في الاستنصار في النص على الائمة الاطهار، وغيرهم. وهنا نذكر عدة روايات فهي غيض من فيض: 1 - روى الحر العاملي في اثبات الهداة 1 / 546 الحديث 366: عن محمد بن عثمان، عن أحمد بن أبي خيثمة الاصبحي، عن يحيى بن معين، عن عبد الله بن صالح، عن الليث بن سعد، عن خلف بن يزيد، عن سعد بن أبي هلال، عن ربيعة بن سيف، قال: كنا عند شقي الاصبحي فقال: سمعت عبد الله بن عمر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: يكون خلفي اثنا عشر خليفة. 2 - وعن زهير بن معاوية، عن زياد بن علاقة، وسماك بن حرب، وحسين بن عبد الرحمان، كلهم، عن جابر بن سمرة: أن النبي صلى الله عليه وآله، قال: يكون بعدي اثنا عشر خليفة. ثم تكلم بكلام لم أفهمه. قال بعضهم: فسألت القوم، فقالوا: قال: كلهم من قريش. 3 - وعن جعفر بن محمد بن مسرود، عن الحسن بن محمد بن عامر، عن المعلى بن محمد البصري، عن الحسن بن علي الوشا، عن أبان بن عثمان، عن زرارة بن أعين، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: نحن اثنا عشر اماما منهم الحسن والحسين ثم الائمة من ولد الحسين عليه السلام. 4 - وعن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن غياث بن ابراهيم، عن الصادق عليه السلام، عن آبائه، عن الحسين بن علي عليه السلام قال: سئل أمير المؤمنين عن معنى قول رسول الله صلى الله عليه وآله: اني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي. من العترة ؟ فقال: أنا والحسن والحسين والائمة تسعة من ولد الحسين تاسعهم مهديهم وقائمهم، لا يفارقون كتاب الله ولا يفارقهم حتى يردوا على رسول الله صلى الله عليه وآله على الحوض. 5 - وعن علي بن أحمد بن محمد الدقاق، عن محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن موسى بن عبد الله.
[ 352 ]
......................... النخعي، عن الحسين بن يزيد النوفلي، عن الحسن بن محمد بن أبي حمزة، عن أبيه، عن يحيى بن القاسم، عن جعفر بن محمد الصادق، عن أبيه، عن جده عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الائمة بعدي اثنا عشر أولهم علي بن أبي طالب وآخرهم القائم هم خلفائي وأوصيائي وأوليائي وحجج الله على امتي بعدي المقربهم مؤمن والمنكر لهم كافر. 6 - وعن أحمد بن محمد بن يحيى العطار، عن أبيه، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن ثابت بن دينار الثمالي، عن علي بن الحسين عليه السلام، عن الحسين بن علي عليه السلام، عن علي بن أبي طالب عليه السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الائمة من بعدي اثنا عشر أولهم أنت يا علي وآخرهم القائم الذي. يفتح الله تعالى ذكره على يده مشارق الارض ومغاربها. 7 - وعن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن أبي الصلت الهروي، قال: سمعت دعبل بن علي الخزاعي يقول: أنشدت مولاي علي بن موسى الرضا عليه السلام قصيدة التي أولها: مدارس آيات خلت عن تلاوة * ومهبط وحي مقفر العرصات فلما انتهيت إلى قوله: خروج امام لا محالة خارج * يقوم على اسم الله والبركات يميز فينا كل حق وباطال * ويجزي على النعماء والنقمات بكى الرضا عليه السلام شديدا ثم رفع رأسه الي، ثم قال: يا خزاعي، نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين، فهل تدري من هذا الامام، ومتى يقوم ؟ فقلت: لا يا مولاي، إلا أني سمعت بخروج امام منكم يطهر الارض من الفساد ويملاها عدلا. فقال: يا دعبل الامام بعدي محمد ابني، وبعد محمد ابنه علي، وبعد علي ابنه الحسن، وبعد الحسن ابنه الحجة القائم المنتظر في غيبته، المطاع في ظهوره، لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيملاها عدلا كما ملئت جورا... الحديث. 8 - وعن محمد بن الحسين، عن ابن محبوب، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام، عن جابر بن عبد الله الانصاري، قال: دخلت على فاطمة عليها السلام وبين يديها لوح فيه أسماء الاوصياء من ولدها، فعددت اثني عشر آخرهم القائم، ثلاثه منهم محمد وثلاثة منهم علي.
[ 353 ]
[ ظهور المهدي الفاطمي ] فلما آن وقته وحان حين قيامه الذي قدره الله عزوجل فيه وحده له، ودعت الدعاة إليه، وسلم من كان الامر بيده إليه ما كان بيده منه عليه السلام، فقام وحده وأولياءه والدعاة إليه بايعون عنه وحيدا فريدا، كما جاء الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك عنه، وقد طلبه أعداء الله، وأمروا بالقبض عليه، فخرج من محل داره ومكان قراره بنفسه لم يصحبه من أوليائه، ولا حضره أحد، ولا كان معه غير وديعة الله في يديه حجته ووصيه ولي الامر بعده، وهو حينئذ طفل صغير يقطع به وبنفسه المفاوز، ويجوز المخاوف ويقتحم المتالف، والعيون والرصد عليه، والرسل قد انفذت إلى كل سلطان بين يديه بأخذه بالقبض عليه بقطع من لدن المشرق إلى أقصى المغرب، سبق أعداء الله المتغلبين في أرضه سبقا، وقد وكلوا بأخذه ويترصدوا الرصد سرا عيونهم عليه، وتفجروا أعينهم إليه، وهو مع ذلك في الهيئة الحسنة، والزي الانيق، والنعمة الظاهرة، واللباس الحسن، والمركب السني، غير مشهور بزي الفقراء، ولا يظهر حالا من أحوال الوضعاء، ومعه الحدة والاموال والاثقال والجمال والاحمال، يظهر أنه من التجار، وبهاء منظره وظاهره وسره ومخبوبه يدل على ما هو عليه في باطن أمره وانكشف ذلك عنه لكثرة من رآه وصحبه ممن فيه أقل تمييز. وذكر بعضهم ذلك له وتفاوضوا مما بينهم فيه، والشمس لا يخفي عن ذوي الابصار، والقمر لا يستتر عن النظار، فلم يزل على ذلك، والله يحميه ويستره
[ 354 ]
ويقيه، ويدفع عنه حتى أظهر منه وأعز نصره وأنجز وعده. وقام طالعا من المغرب في أوانه كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الشمس تطلع من مغربها على رأس ثلاثمائة - وسنذكر ذلك في موضعه بيانه إن شاء الله تعالى، ذلك بالقهر والعز الظاهر - المغرب من أقصى إلى أدنى - وانتشرت دعوته دعاؤه وأولياؤه بالمشرق، وعم ذلك كل من فيه ظاهرا ومستورا إلى أن ينجز الله وعده لمن أوجب له من ولد ظهره على جميع الارض ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، كما وعد الله عزوجل بذلك في كتابه (1) فيملا الارض عدلا، كما أخبر بذلك عنه رسول الله صلى الله عليه وآله كان ما كان في حياته، وما يكون بعد ذلك من ولده فهو منسوب إليه صلوات الله عليه، كما أن جميع ذلك ينسب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله إذ كان أول ما جاء به، وعنه تأصل وتفرع، ولم يزل صلى الله عليه وآله في عز ومنعة وسلطان وقوة إلى أن مضى لسبيله (2) بعد أن قام بما افترض الله عليه من القيام بدينه وكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وآله عزيزا في نفسه قويا في اموره مذلا لاعدائه، معزا لاوليائه، وكل من سميناه وذكرناه ممن ادعى من أهل بيته مقامه، وأقام طمعا في نيل ما أفرده الله عزوجل به، فلم يقم أحد منهم إلا بعد أن أعد العدة والرجال، وجمع الاموال، ورأى أنه يغلب ويبلغ ما دام وطلب ولم يكن أحد منهم في ذلك إلا معذرا بنفسه، وملقيا إلى التهلكة بيده، فمحقوا عن آخرهم، وبددت جموعهم، وأعز الله وليه وأظهر كذلك وأعز محمدا صلى الله عليه وآله وحده، فلو لم يكن من آياته ودلائله، والشواهد له ومعجزاته غير هذا لكفى من تأملها بحقيقة الانصاف، وانقاد إلى الحق بعد الاعتراف، وان كنا إنما ذكرنا من أمره في هذا الباب جملا ونكتا إذ كان ذكره ذلك يخرج عن حد هذا الكتاب، وقد ذكرنا ذلك واثبتناه في كتاب الدولة. (1) التوبة: 33. (2) اشارة إلى المهدي الفاطمي.
[ 355 ]
[ معالم المهدي ] ونحن نذكر الآن أيضا جملا، مما جاء به صفاته والبشارة فيه بمقدار ما اتسع له هذا الكتاب، وان كنت أفردت كتابا قبل هذا لذلك، وهو كتاب معالم الهدى، ولكنا نجعل في هذا الكتاب بابا نذكره فيه جملا إن شاء الله تعالى. [ ذكر معالم المهدي ] قصدنا في هذا الباب نحو ما قصدنا في جملة هذا الكتاب مما اثبته في أوله من الاقتصار على الاخبار الصحيحة المشهورة مع حذف الاسانيد، وإطراح التكرار لكثرة الروايات في الخبر الواحد من الطريق الواحد لئلا يطول بذلك الكتاب، ويختصر الباب. مما جاء من البشرى بالمهدي عليه السلام ومما يكون من الخبر المشهور المأثور. [ 1212 ] عن رسول الله صلى الله عليه وآله الذي يرويه الخاص والعام، أنه قال: لو لم يبق من القيامة (1) إلا يوم واحد لطول الله حقا بذلك (2) (1) وفي سنن أبي داود 4 / 106: لو لم يبق من الدنيا. (2) وفي سنن أبي داود: لطول الله ذلك اليوم.
[ 356 ]
اليوم حتى يبعث فيه رجلا من أهل بيتي يملا بها عدلا كما ملئت جورا. [ 1213 ] وعن علي السلام مثله. [ 1214 ] وعن عبد الله بن عباس، أنه قال: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم وليلة لخرج فيه المهدي. [ 1215 ] وعن أبي جعفر - محمد بن علي بن الحسين عليه السلام - أنه قال في قول الله عزوجل " اعلموا أن الله يحيي الارض بعد موتها " (1) يعني بموتها: كفر أهلها. والكافر (2) ميت، فيحييها الله عزوجل بالقائم منا أهل البيت، ويحيي الارض ويحيى أهلها بعد موتها. [ المتشبه بالمهدي ] وما جاء في هلاك من تشبه بالمهدي عجل الله فرجه: [ 1216 ] مما جاء عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام، أنه سئل عن الفرج، متى يكون ؟ فقال: إن الله عزوجل يقول: " فانتظروا إني معكم من المنتظرين " (3). ثم قال: يرفع لآل جعفر بن أبي طالب راية ضلال، ثم يرفع آل عباس راية أضل منها وأشر، ثم يرفع لآل الحسن بن علي عليه السلام رايات وليست بشئ، ثم يرفع لولد الحسين عليه السلام راية فيها الامر. [ 1217 ] وعن أبي جعفر محمد بن علي، أنه قال: كل خارج منا مقتول (1) الحديد: 17. (2) هكذا صححناه وفي الاصل: والكافرين. (3) الاعراف: 71.
[ 357 ]
فلا تتبعوه إن كان ابني هذا - ووضع يده على أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام - فلا تتبعوه حتى تروا ما تعرفون (1). [ 1218 ] وعن علي بن الحسين عليه السلام، أنه قال: لا يخرج منا أحد قبل خروج القائم إلا كان مثله مثل فرخ [ طار ] من وكره قبل أن يستوي جناحاه، فأخذه الصبيان يتلاعبون به. [ حديث في الانتظار ] ومما جاء في انتظار المهدي [ عجل الله فرجه ] [ 1219 ] ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه قال: من حبس نفسه لداعينا، وكان منتظرا لقائمنا كان كالمتشحط [ بدمه ] بين سيفه وترسه في سبيل الله. [ فضل المهدي عليه السلام ] ومما جاء في فضل المهدي [ عجل الله فرجه: ] [ 1220 ] روي عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عليه السلام، أنه قال: إذا قام قائمنا أهل البيت نزع البخل والجبن عن قلوب شيعتنا، فيقتل الرجل منهم المائة فلا يبالي بهم ويشرف أهل هذا الامر، ويحفظ نسلهم حتى تنقضي الدنيا. ويتقرب الناس إلى الامام بزيارة قبور المؤمنين، ويزار قبر كل مؤمن من عهد رسول الله صلى الله عليه وآله في مشارق الارض ومغاربها، ويقف المؤمن فيقول: يا أخي قد وددت أنك باق حتى تشهد هذه الدولة فقد كنت توليت أهلها وتناصبت عدوها، فبارك الله لك فيما أنت فيه، وثبتنا على ما كنت عليه. (1) راجع تخريج الاحاديث.
[ 358 ]
[ 1221 ] وعن أبي بشرين (1)، أنه قال: المهدى يعدل نبينا. [ 1222 ] وعن المشا (2)، أنه قال: داود النبي تمنى أن يلحق المهدي ويكون من أصحابه. [ 1223 ] ابراهيم بن مسيرة، قال: قلت لطاووس: إن قوما يقولون: إن عمر بن عبد العزيز هو المهدي. قال طاووس: وليس كما يقولون، إن المهدي إذا كان زاد المحسن في احسانه وخفف المسئ في اساءته، والمهدي جواد بالمال شديد على العمال رحيم بالمساكين. * * * (1) وفي عقد الدرر ص 148: عن محمد بن سيرين، راجع تخريج الاحاديث. (2) هكذا في الاصل.
[ 359 ]
[ اتباع المهدي والقيام معه ] ومما جاء من الامر في اتباع المهدي عليه السلام والقيام معه، وغير ذلك من الاخبار عنه: [ 1224 ] أنه روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه ذكر المهدي، فقال: من رآه فليتابعه ولو حبوا على الثلج - النار - فانه خليفة الله في أرضه. [ 1225 ] وعنه عليه السلام، أنه قال: يقوم رجل من ولدي على مقدمته رجل يقال له: المنصور يوطئ له - أو قال: يمكن له (1) - واجب على كل مؤمن نصرته - أو قال: إجابته -. هذا حديث عبد الرزاق، باسناده عن النبي صلى الله عليه وآله. وكان بين يدي المهدي صلوات الله عليه أبو القاسم صاحب دعوة اليمن، وكان يسمي المنصور، وهو وطأ ومكن للمهدي صلوات الله عليه عن المنصور أخذوا به ما سار إليه، ارسل لما أطلق الدعوة ليتمثل سيرته وينتفي أفعاله، وكان قد أظهر أمره باليمن وعزت دعوته وكثر أتباعه. فأقام أبو عبد الله عنده مدة ثم توجه نحو المغرب، ففتح الله على يديه، ووطأ لوليه البلاد تلك، وهاجر إلى الجهة التى كان بها. (1) وفي سنن أبي داود 6 / 163: يواطئ أو يمكن لآل محمد كما مكنت قريش لرسول الله صلى الله عليه وآله.
[ 360 ]
[ 1226 ] ومن رواية محمد بن عيسى بن مسكين القاضي، عن سحر يرفعه إلى [ ابن ] مسعود، أنه قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله يوما إذ جاء إليه فئة (1) من بني هاشم، فلما رآهم تغير وجهه، وأطرق، فقلنا: يا رسول الله إنا نرى وجهك الذى تنكره. فقال: إنا أهل بيت اختار الله لهم الاخرة على الدنيا، و [ إن أهل بيتي ] سيلقون بعدي تطريدا وتشريدا حتى يقوم رجل من أهل بيتي يملاها عدلا وقسطا، كما ملئت ظلما وجورا، فمن أدركه فليأته ولو حبوا على الثلج. [ 1227 ] وعن مجاهد، يرفعه، وذكر أخبارا مما يكون، أنه قال: ثم بعث قائم آل محمد في عقابه لهم أدق في أعين الناس من الكحل، يفتح الله عليه مشارق الارض ومغاربها، ألا وهم المؤمنون حقا، ألا وانه خير الجهاد في آخر الزمان. وكذلك كان أنصار المهدي صلوات الله عليه عند عامة الناس في حال جهال ينظرون إليهم بعين القلة والجهل. [ 1228 ] وعن رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه قال: لا يلبث العدل بعدي إلا قليل حتى ينقطع، فكلما انقطع من العدل شئ جاء من الجور مثله حتى يولد في الجور من لا يعرف غيره ثم يأت الله عزوجل بالعدل. وكلما جاء من العدل شئ ذهب من الجور مثله حتى يولد في العدل من لا يعرف غيره. فقيل: يا رسول الله، من أهل الجور ؟ قال: بنو عمنا إذا أسلمت لهم الدنيا. قيل: فمن أهل العدل ؟ (1) وفي سنن ابن ماجة 2 / 26: فتية.
[ 361 ]
قال: نحن أهل البيت. فعلى هذا يجئ الامر شيئا بعد شئ على يد واحد بعد واحد من الائمة من أهل بيت محمد صلوات الله عليهم ولا يكون ذلك دفعة واحدة. وكان سبب ذلك ومفتاحه وأول من جرى على يديه المهدي صلوات الله عليه. [ 1229 ] وعن أمير المؤمنين عليه السلام، أنه قال: لا يزال الناس ينقصون حتى لا يقال الله إلا خفية، فإذا كان ذلك بعث الله من يملاها عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما. [ 1230 ] وعنه عليه السلام، أنه قال: كان ذلك ينقص الناس حتى لا يقول أحد الله إلا خفية، فإذا كان ذلك بعث الله يعسوب الدين، فضرب بذنبه (1)، فيجتمعون [ إليه يجتمع ] قزع الخريف (2)، إني لا أعلم اسم أميرهم، ومتاخر رجالهم (3). [ ضبط الغريب ] اليعسوب: أمير النحل الذي يلاذ به ويجتمع إليه، والقزع واحده قرعة، وهي قطعة من السحاب دقيقة كذلك يجتمع سحاب الخريف شيئا إلى شئ من مثل ذلك حتى يعظم. فشبه أمير المؤمنين علي عليه السلام اجتماع أنصار المهدي بذلك وكذلك كان أمرهم إنما اجتمعت الدعوة التي هاجر إليها، وأظهر الله عزوجل أمره بها، ونصره بأهلها، إلى القائم بدعوتهم، الواحد بعد الواحد والثلاثة إلى أن كثر الله عددهم ونصرهم وأظهرهم على أهل السلطان والقوة والعدد والعدة (1) هكذا صححناه وفي الاصل: بنانيه. (2) وفي الاصل: فيجتمعون كقزع الخريف. (3) وفي الملاحم والفتن ص 81: ومناخ ركابهم.
[ 362 ]
الذين كانوا قبل ذلك يملكونهم ويظهرون عليهم، وكانوا قبل ذلك أذلة فيهم فملكهم الله عزوجل أمره، وقتل الجبابرة بينهم بأيديهم وورثهم ملكهم وديارهم وأموالهم وكذلك يورث الله الارض ومن فيها أولياءه كما وعدهم عزوجل ذكره وهو لا يخلف وعده. [ 1231 ] وعن علي عليه السلام، أنه قال: بنا يبتر الله الكذب، وبنا يدرك ثاره المؤمن، وبنا يتخلع ربق الذل من أعناقكم لا بكم، وبنايختم لا بكم. [ ضبط الغريب ] قوله: يبتر: أي يقطع. والبتر: قطع الذنب ونحوه إذا استوصل، يقال منه: بتره، فانبتر. وكذلك قطع أولياءه الله الكذب الذي كذبه الظالمون على الله عزوجل وعلى رسوله وأوليائه بما أتوا به من الحق عن الله وعن رسوله فقطعوا بذلك كذب الظالمين، وانتحال المبطلين. البترة: الظلامة في الدم وغيره، فباولياء الله يدرك المؤمنون ما ظلموا به من ذلك، ويدرك أولياء الله ثاراتهم ممن نال ذلك من أسلافهم. وقوله: بنا يتخلع ربق الذل من أعناقكم. الربق جمع ربقة، وهو الخيط الواحد أيضا منه ربقة، وهو ما يجعل في العنق يربط به الشاة وغيرها. وفي الحديث: من فعل كذا وكذا فقد خلع ربقة الاسلام من عنقه، أي في عنقه من عقد الاسلام. وقتل منه شاة مربقة ومربوقة كل ذلك صفات التي يربط في عنقها خيط، فبأولياء الله يزول ربق الذل من اعناق المؤمنين التي كان أعداء الله أوثقوهم بها في غلبهم عليهم. [ 1232 ] وعن أبي سعيد الخدري، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه
[ 363 ]
وآله يقول: أبشروا (1) بالمهدي فانه يبعث [ في امتي ] على اختلاف من الناس شديد وزلازل (2) يملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، ويرضى به ساكن السماء، وساكن الارض، ويملا الله به قلوب عباده سرورا وسعهم (3) عدله. [ 1233 ] وعن رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه قال: المهدي من نسل فاطمة سيدة نساء هذه الامة - طالت الايام أو قصرت - يخرج فيملا الارض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما. قيل: ومتى يخرج يا رسول الله ؟ قال: إذا كان زلازل في أطراف الارض وارتشت القضاة، وفجرت الامة، يخرج من المغرب في ساقه شامة وبين كتفيه شامة فردا غريبا. قيل: وكيف يكون فردا غريبا يا رسول الله ؟ قال: لانه ينفرد من أهله ويتغرب عن وطنه. وكذلك قام فردا غريبا من المغرب. وكانت قبل قيامه زلازل، وكانت به العلامة التي وصفها رسول الله صلى الله عليه وآله، ولم يقم حتى ارتشت القضاة، وصار القضاء كذلك يتقبل بالمال، وفجرت الامة. [ 1233 ] وعنه صلى الله عليه وآله، أنه قال: لا بد من قائم من ولد فاطمة يقوم من المغرب بين الخمسة إلى السبعة يكسر شوكة المبتدعين، ويقتل الضالين. (1) وفي كتاب الفتن لابي نعيم لوحة 94: ابشركم بالمهدي. (2) هكذا صححناه وفي الاصل: بلابل، راجع تخريج الاحاديث. (3) هكذا صححناه وفي الاصل: سيعمهم.
[ 364 ]
وكذلك قام المهدي عليه السلام من المغرب، وظهر فيه أمره بعد أن كان مستترا بوصول صاحب دعوته المغرب بجموع عساكر أوليائه المستجيبين لدعوته إليه في سنة ست وتسعين ومائتين، وصار إلى دار مملكته بالمغرب - بأفريقية - في سنة سبع تسعين تتلوها. [ 1234 ] وعن جعفر بن محمد بن على صلوات الله عليهم، أنه ذكر المهدي عليه السلام. فقال: تطلع الرايات السود. وأومى بيده إلى المشرق، وتطلع رايات المهدي من هاهنا، وأومى بيده إلى المغرب. وذلك في أيام بني امية قبل قيام بني العباس. وطلعت راياتهم السود من قبل المشرق من جهة خراسان، فطلعت رايات المهدي بعد ذلك من المغرب كما قال صلوات الله عليه. [ 1235 ] عبد الرحمان بن بكار الاقرع القيرواني، قال: حججت، فدخلت المدينة، فأتيت مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله، فرأيت الناس مجتمعين على مالك بن أنس يسألونه ويفتيهم. فقصدت نحوه، فإذا أنا برجل وسيم حاضر في المسجد وحوله حفدة يدفعون الناس عنه، فقلت لبعض من حوله: من هذا ؟ قالوا: موسى بن جعفر. فتركت مالكا، وتبعته، ولم أزل أتلطف حتى لصقت به، فقلت: يابن رسول الله إني رجل من أهل المغرب من شيعتكم وممن يدين الله بولايتكم. قال لي: اليك عني يا رجل، فانه قد وكل بنا حفظة أخافهم عليك. قلت: باسم الله، وانما أردت أن أسألك. فقال: سل عما تريد ؟
[ 365 ]
قلت: إنا قد روينا أن المهدي منكم، فمتى يكون قيامه، وأين يقوم ؟ فقال: إن مثل من سألت عنه مثل عمود سقط من السماء رأسه من المغرب وأصله في المشرق، فمن أين ترى العمود يقوم إذا اقيم ؟ قلت: من قبل رأسه. قال: فحسبك من المغرب يقوم وأصله من المشرق وهناك يستوي قيامه ويتم أمره. وكذلك كان المهدي عليه السلام ونشأتة بالمشرق ثم هاجر إلى المغرب، فقام من جهته. وبالمشرق يتم أمره، ويقوم من ذريته من يتم الله به ذلك فيما هناك، ويورثه الارض كما قال عزوجل في كتابه المبين: " ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الارض يرثها عبادي الصالحون " (1) وكله ينسب إلى المهدي عليه السلام لانه مفتاحه وبدعوته امتد أمره، وكل قائم من ولده من بعده مهدي قد هداهم الله عزوجل ذكره، وهدى بهم عباده إليه سبحانه، فهم الائمة المهديون والعباد الصالحون الذين ذكرهم الله في كتابه أنه يورثهم الارض وهو لا يخلف الميعاد. [ 1236 ] أبو وهاب، باسناده يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه قال: يخرج ناس من المشرق، فيعطون المهدي سلطانه (2) يدعونه. ودعوة المهدي عليه السلام والائمة من ولده عليهم السلام قد انتشرت بحمد الله في جميع الارض، وغرت في غير موضع من أقطارها بالمشرق والمغرب فيوشك أن يكون بعض أوليائهم يقومون من قبل المشرق يدعوهم في تمام أمرهم فيقومون لولي الزمان هناك سلطانه والله يقرب ذلك وينجز وعده لاوليائه (1) الانبياء: 105. (2) وفي كنز العمال ج 14 / الحديث 386 57: فيوطئون للمهدي.
[ 366 ]
بفضله ورحمته لعباده وحوله وقوته. وقد يكون المراد بالذين يخرجون من المشرق من خرج منه من الدعاة إليه كما كان أبو عبد الله صاحب دعوة المغرب ومن كان معه ممن أرسله داعي اليمن، وقد ذكرت خبرهم في كتاب الدولة. [ 1237 ] الحبري، باسناده، عن علي عليه السلام، وسلمان، وحذيفة بن اليمان يرفعونه إلى [ النبي صلى الله عليه وآله ]: تمام أمر آل محمد عليهم السلام عند ظهور رايات تخرج من السند (1). ودعوة ولي الزمان قد ظهرت بالسند، وعن أوليائه بها من غلب داعية هناك على صاحب مملكة السند، فقتله، وكان على المجوسية، وقتل رجاله، وهدم الصنم الذي كانوا يعبدونه، وجعل الهيكل كل الذي كان فيه مسجدا جامعا، وعز سلطانه، وذلك بحول الله وقوته، يشهد انجاز وعده لاوليائه على ما جاء في هذا الخبر من ظهور رايات السند، إذ قد ظهرت رايات السند في دعوة أولياء الله هناك، وعن أهلها وظهر سلطان ولي الزمان بها. [ الصادق عليه السلام مع قوم من أهل الكوفة ] [ 1238 ] عن جعفر بن محمد عليه السلام، أنه قال لقوم من أهل الكوفة: أنصارنا غيركم ما يقوم مع قائمنا من أهل الكوفة إلا خمسون رجلا، وما من بلدة إلا ومعه منهم طائفة إلا أهل البصرة فانه لا يخرج معه منهم إنسان. فأهل الكوفة في قدم الزمان هم كانوا اكثر أنصار من قام من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله يدعي الامامة ممن قدمنا ذكره. وكان في هذا (1) بكسر أوله وسكون ثانيه وآخره دال مهملة، بلاد بين الهند وكرمان وسجستان (معجم البلدان 3 / 267).
[ 367 ]
الحديث ما يوجب إبطال ما ادعوه فيما قدمنا ذكره، ودعوة ولي الزمان اليوم بحمد الله قد ظهرت، وقامت دعاته في أكثر البلدان، وأجاب إليها في كل بلدان عالم منه، وأقل ذلك اليوم بالكوفة كما جاء في الخبر. وأما البصرة: فالغالب على أهلها اليوم القول بالاعتزال، ويوشك أنه متى ظهر القائم بالمشرق لا تقوم معه منهم لبعد المعتزلة من قول أهل الحق حتى يغلب عليهم قهرا، وعلى أمثالهم بحول الله وقوته إن شاء الله تعالى. [ 1239 ] ومن رواية محمد بن حميد القيرواني، وكان شيعيا يرفعه، إلى سالم بن أبي الجعد، أنه قال: كنت أطوف بالبيت أنا وسعيد بن حمير، فطفنا ما شاء الله، ثم أتينا حلقة في هذا المسجد فيها عبد الله بن عمر، وابن العاص، وابن صفوان، وناس من قريش، فقال عبد الله بن عمرو: لنا من أين أنتم ؟ قلنا: من أهل العراق. قال: ومن أي أهل العراق ؟ قال له عبد الله بن صفوان الجمعي: سواء أهل الكوفة وأهل البصرة. فقال عبد الله بن عمرو: أهل الكوفة خير من أهل البصرة لانهم اكثر تتبعا للمهدي. وهذا مما لم يقله عبد الله بن عمرو برأيه، ولا من قبل نفسه، وإنما هو شئ سمعه من رسول الله صلى الله عليه وآله أو بلغه عنه، لان هذا ومثله من علم ما يكون لا يؤخذ إلا عن أنبياء الله. وهذا مما ذكرنا قبله مما يعلو أهل البصرة بالقول بالاعتزال إلى اليوم، وذلك مما يخلفهم من القيام مع ولي الزمان إذا انتهى إليهم حتى يظهر عليهم وعلى غيرهم من أمثالهم كما ذكرنا بحول الله وقوته. [ 1240 ] وروى سليمان بن جعفر حديثا يرفعه إلى علي بن أبي طالب عليه (*)
[ 368 ]
السلام، أنه ذكر أمر القائم من آل محمد المهدي، وما يكون منه على يديه من الامر، ثم قال: صاحب هذا الامر الطريد الشريد الفريد الوحيد. وكذلك كان المهدي عليه السلام لما فشت دعوته بالمشرق وكثرت دعاته وبنو أخيه والمستجيبون لهم، نقم الاعداء [ عليه ]، فطلبوه، واتصل الخبر به، فخرج من بني أهله وأسلم أمواله، طريدا لخوفهم شريدا لما اتقاه منهم، فريدا لا صاحب له في هجرته، ولا أنيس له من وحدته غير ولي الامر من بعده وهو حينئذ طفل صغير لم ينتصر من أهله إلا عليه (1) ليؤدي أمانة الله عزوجل إليه، وكان همه واشتغاله به أكثر من همه واشتغاله، بنفسه، وكان سبيله في ذلك سبيل جده رسول الله صلى الله عليه وآله إذ خرج من مكة خوفا من المشركين لما اجتمعوا على قتله، وأبى الله إلا نجاتهما وظهورهما على من ناواهما، واظهار دينه بهما وعلى أيديهما، ولو كره الكافرون. تم الجزء الرابع عشر من كتاب شرح الاخبار في فضائل الائمة الطاهرين الابرار، والحمد لله وحده، وصلاته على رسوله سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين، وسلامه عليهم أجمعين، من تأليف سيدنا الاجل القاضي النعمان بن محمد بن منصور، قدس الله روحه وانسه. * * * (1) هكذا في الاصل.
[ 369 ]
شرح الاخبار في فضائل الائمة الاطهار للقاضي ابي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي المتوفى سنة 363 ه. ق الجزء الخامس عشر
[ 370 ]
...
[ 371 ]
بسم الله الرحمن الرحيم [ حول ظهور المهدي عليه السلام ] [ 1241 ] عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام يقول: إن الاسلام بدأ غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء. (وهذا حديث معروف يروى عن رسول الله صلى الله عليه وآله، رواه كثير من الخاص والعام، وإنما حكاه جعفر بن محمد الصادق عنه صلوات الله عليه، وتركت إسناده إليه) (1). قال أبو بصير: فقلت له: إشرح لي هذا، جعلت فداك يابن رسول الله. قال عليه السلام: يستأنف الداعي منا دعاء جديدا كما دعا رسول الله. وكذلك المهدي استأنف دعاء جديدا إلى الله لما غيرت السنن وكثرت البدع، وتغلب أئمة الضلال، واندرس ذكر ائمة الهدى الذين افترض الله طاعتهم على العباد وأقامهم للدعاء إليه، والدلالة بآياته عليه، ونسي ذكرهم، وانقطع خبرهم لغلبة ائمة الجور عليهم. فلما أنجز الله بالدعاء للائمة ما وعدهم به من ظهور مهديهم احتاج (1) ما بين القوسين هو كلام المؤلف.
[ 372 ]
أن يدعوهم دعاء جديدا كما ابتدأهم رسول الله صلى الله عليه وآله بالدعاء أولا. [ خطبة أمير المؤمنين في الكوفة ] [ 1242 ] وعن أمير المؤمنين عليه السلام، أنه خطب الناس في الكوفة، وندبهم إلى الجهاد، وحذرهم الفشل، وما يخشى من سوء عواقبه. فلما فرغ من خطبته قام إليه رجل، فقال: يا أمير المؤمنين، من ذا يرومنا (1) وأنت فينا أخو رسول الله صلى الله عليه وآله، وابن عمه، وصهره، ومعنا لواء رسول الله ورايته، ومعنا ابنا رسول الله الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، فلو اجتمعت الجن والانس علينا ما أطاقونا. فقال له علي عليه السلام: وكيف يكون ذلك، ولم يشتد البلاء وتظهر الحمية وتستبي الذرية، ويطحنكم طحن الرحى ببقالها حتى لا يبقى إلا نافع لهم، أو غير ضار لهم. فإذا كان ذلك ابتعث الله خير هذه الامة (أو قال: البرية) فيقتلهم هرجا هرجا حتى يرضى الله، وحتى يقول قريش والعرب: والله لو كان هذا من آل محمد لرحمنا. ويتمنون أنهم رأوني ساعة من نهار لاشفع لهم الله. فقام إليه رجل، فقال: يا أمير المؤمنين، ومتى يبلغ رضا الله ؟ قال: يقذف الله في قلبه الرحمة، فيرفع السيف عنهم. فقال له: متى يكون ذلك ؟ قال: إن شاء الله. * * * (1) يرومنا: يريدنا.
[ 373 ]
[ ضبط الغريب ] قوله: طحن الرحى ببقالها. البقال: خرقة أو جلدة تلقى تحت الرحى إذا كانت تطحن. قوله: هرجا هرجا: القتال، والاختلاط فيه. وكذلك لم يقم المهدي حتى اشتد البلاء وظهرت الحمية من بني العباس ومن بني امية، وسبيت الذرية - ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله - عند مقتل الحسين عليه السلام، وطحنت الفتنة طحن الرحى ببقالها، وحتى لم يبق من المؤمنين إلا نافع لاعداء الله لما ينالون منهم، أو غير ضار لهم. فعند ذلك قام ابن خير هذه الامة وهو المهدي ابن علي الوصي (1) وابن خير البرية لانه ابن رسول الله صلى الله عليه وآله. فقتل من أعداء الله أيام مدته من وصلت إليه يده. ويقتل كذلك من ولده منهم من بقي حتى يجعل الله في قلبه الرحمة، فيرفع السيف عنهم كما قال علي عليه السلام، ولم يقل عليه السلام من ذلك إلا ما أخبره به رسول الله صلى الله عليه وآله، وأطلعه على ما يكون من مثل ذلك وغيره، وذلك من شواهده وبراهينه عليه السلام. [ سيرة المهدي ] [ 1243 ] وعن جعفر بن محمد عليه السلام، أنه قال: لو قام قائمنا ما أقام الناس على الطلاق إلا بالسيف، ولو قد كان ذلك لم يكن إلا بسيرة علي بن أبي طالب عليه السلام. وكذلك كان الامر لما قام المهدي، أقام الناس على طلاق العدة (2) (1) أقول كما ذكرت في ج 14: إن هذه كلها تدل وتشير على بقية الله الاعظم المهدي ابن الحسن العسكري عجل الله فرجه وليس كما تصوره المؤلف. (2) وهو أن يطلق على الشرائط ثم يرجع في العدة ويطأ.
[ 374 ]
والسنة (1) على مانصه الله في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وآله، وقطع طلاق البدعة (2)، وكل ما ابتدعه المبتدعون في الدين والاحكام، والقول في الحلال والحرام، وأقام الناس بالسيف على سيرة علي عليه السلام التي سار بها في الامة على ما عهد إليه رسول الله صلى الله عليه وآله، ومما آثره على ذلك الائمة من ولده، فأحيوا ما أماته المبطلون من أحكام الدين، وقطعوا بدع المبتدعين، ولا يزال ذلك حتى يعود الدين جديدا غضا كما ابتدأ في الاسلام صفوا محضا كما نشأ. ويكون الدين لله كما وعد تعالى في كتابه، ويظهر على كل دين كما أوجب في ايجابه، ويكون ذلك على أيدي ائمة دينه وأوليائه، وينسب إلى المهدي أولهم إذا كان سبب ابتدائه، وعنه تفرع ما تفرع فيه إلى غاية انتهائه كما ينسب ذلك وما قبله إلى محمد النبي صلى الله عليه وآله إذ هو في شريعته وملته ولاهل دعوته وامته وعلى يد الائمة من ذريته. [ 1244 ] ومما جاء مما يؤكد ذلك مما هو في معناه ما روي عن سلمان الفارسي رحمة الله عليه مما آثره عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه ذكر المهدي عليه السلام وقال: إنه لقاتل الظالمين ويقتل الزنادقة، ولا يقبل منهم توبة، ولا يأخذ منهم جزية، ولا يدع في الارض أحدا على غير دين الاسلام إلا قتله، ويهلك الترك والخزر والديلم والحبش، ويؤتي بملوك الروم مصفدين في الحديد، ولا يدع يهوديا ولا نصرانيا، ولا يوجب لهم ذمة، ويرد الناس جميعا على ملة إبراهيم ومحمد عليهما السلام. فهذا مما ذكرنا أنه يجري شيئا بعد شئ على يد المهدي والائمة من ولده، وينسب إليه إذ هو أول من فتحه وقام به، والى رسول الله إذ هو صاحب (1) وهو الطلاق مع الشقاق بينهما وعدم التلاءم فيما بينهما وينقسم إلى بائن ورجعي. (2) وهو الطلاق مع عدم تمامية الشروط مثل طلاق الحائض.
[ 375 ]
الشريعة والملة وولي الائمة والامامة وصاحب الرسالة والدعوة كما قيل أنه يكون لبعض الائمة فلم يكن فيه حتى قبض وهو يكون في وليه من بعده وينسب إليه. [ 1245 ] وقد جاء هذا أيضا عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام فيما رواه حمزة بن حمران عنه، أنه قال: عددت عليه الائمة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله واحدا بعد واحد حتى بلغت إليه، وشهدت أن الله تعالى فرض طاعتهم، فلما سميته أومى بيده الي أن أسكت، فسكت. فقال: ما كانت الائمة على حال مذ قبض الله نبيه، ألا ومن سميت أولى الناس بالناس. ثم قال: إذا حدثتكم في رجل منا بشئ بأنه يكون فيه فلم يكن فيه فهو كائن في ولده من بعده. فهذا بيان ما ذكرته ومصداقه، ويؤيد ذلك ويشده ويؤكده قول الله تعالى في محمد صلى الله عليه وآله: " هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون " (1) هذا وعد من الله لرسوله صلى الله عليه وآله أنجز له بعضه في حياته، ثم أظهر عليه من الاديان، وأنجز ذلك وينجز باقيه على أيدي الائمة من ذريته. [ 1246 ] ومن مثل ذلك ما رواه الحسن بن محبوب، باسناده، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام، أنه قال: إذا قام القائم منا عرض الايمان على كل ناصب، فان دخل فيه بحقيقة والا ضرب عنقه، أو يؤديه (2) الجزية كما يؤديها أهل الذمة اليوم، ويشد (3) على وسطه (1) التوبة: 33. (2) وفي بحار الانوار 52 / 375: أو يؤدي. (3) هكذا صححناه وفي الاصل: يشتد.
[ 376 ]
الهميان، ويطردهم من الامصار إلى السواد. وهذا مما لم يكن بعد ممن مضى من الائمة، وهو كائن لمن يقول منهم إذا دان العالم، وقوى أمره، وكان الدين واحدا كما وعد الله تعالى. [ 1247 ] ومما رواه زادان، عن سلمان الفارسي (رحمة الله عليه)، ومن ذلك مما آثره عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: لا بد من قائم من ولد فاطمة يقوم من المغرب يقتل الزنادقة، ويملك الترك، والخزر، والديلم، والحبش، ويؤتى بملوك الروم مصفدين في الحديد، ولا تقوم راية إلا راية الايمان. وهذا من معنى ما تقدم ذكره وشرحناه. [ المهدي هو الفاتح للقسطنطينية ] [ 1248 ] ومن رواية الشعبي، عن حذيفة بن اليمان، مما آثره عن رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه قال: لا يفتح بلنجر، ولا جبل الديلم، ولا القسطنطينية إلا رجل من بني هاشم (1). يعنى امام ذلك الزمان من ولد المهدي، ولم يكن ولا يكون إمام من بني هاشم، إلا علي عليه السلام والائمة من ذريته، نسل رسول الله صلى الله عليه وآله، وذريته من فاطمة الزهراء سيدة نساء العالم، كما جاء ذلك فيما تقدم ذكره من هذا الكتاب، ولا يفتح هذا الموضع إلا هم عليهم السلام (2). [ 1249 ] ومن ذلك أيضا ما رواه الشعبي، أنه قال: أخبرني مالك بن (1) وفي عقد الدرر ص 223: إلا على يدي رجل من آل محمد. (2) وقد زالت الدولة الفاطمية ولم تفتح هذه الاماكن، وهذه هي علامات للحجة المنتظر عجل الله فرجه.
[ 377 ]
صحار الهمداني، قال: غزونا بلنجر في خلافة عثمان، فنكثنا، وجرح أخي فحملته بين يدي جريحا، وقد انصرفنا، فاني لاسير يوما إذ أدركني رجل من خلفي، فضرب ظهري بسوط في يده، فالتفت فإذا هو حذيفة (بن اليمان) فسلمت عليه. فقال: من هذا بين يديك ؟ فقلت: أخي مجروحا، ولقد رأيت ما لقينا في غزوتنا، ولكنا نرجو أن نفتحها من قابل إن شاء الله تعالى. فقال حذيفة: الذي يفتح الديلم وبلنجر، والقسطنطينية رجل من بني هاشم، بهم فتح الله الامر وبهم يختم. فما أنه فتح، ويفتح من هذه المواضع وغيرها، فلا بد أن يفتحه الفتح الكامل الذي لا يكون بعده دين غير دين الاسلام قائم ذلك الزمان من آل محمد صلى الله عليه وآله الذي يجمع الله له أمر العباد ويظهر دينه على الدين كله كما وعد سبحانه ذلك في الكتاب. [ 1250 ] ومن حديث وكيع بن الجراح، يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله، أنه قال: ليفتحن القسطنطينية، ولنعم الامير أميرهم، ولنعم الجيش ذلك الجيش. والقسطنطينية بعد لم تفتح، والذي يفتحها كما جاء في الخبر قبل هذا، قائم من الامة من آل محمد صلى الله عليه وآله. * * *
[ 378 ]
[ صفة المهدي ] [ 1251 ] ومن حديث سفيان الثوري، يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه قال: المهدي رجل من ولدي، أرى وجهه كالكوكب الدري، اللون لون عربي، والجسم جسم إسرائيلي. فكذلك كان المهدي صلى الله عليه وآله، وسيما من أجمل الرجال وجها كأن وجهه كوكب دري كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله في صفته. [ ضبط الغريب ] والكوكب الدري: هو المضئ من الكواكب، وجمعها دراري. وكذلك كان وجه المهدي مشرقا مضيئا كأنما هو نور يلوح منه لمن نظر إليه. قوله: اللون لون عربي. وكذلك كان لونه كلون رسول الله صلى الله عليه وآله سيد العرب، أبلج الوجه، يشوبه حمرة، وهو الذي يقول له أهل المعرفة بالحلي من العرب: الرفق والسمرة، ولا يقولون: أبيض في ألوان الناس، وهذا أفضل ألوان الناس عند العرب، وهو أكثر ألوان أشرافهم. وقوله: الجسم جسم إسرائيلي: وأجسام بني اسرائيل أجسام جسيمة، وهم في الاكثر والاغلب أجسم من العرب. وكذلك كان المهدي وسيما جسيما بساطا لا يكاد أحدى يماشيه إلا
[ 379 ]
قصر عنه، وصغر إلى جانبه، وكذلك كان من صارت إليه الامامة من بعده إلى اليوم، قد أتاهم الله تعالى بالفضل والجمال والكمال. ولقد حاول المهدي بالله في حين استتاره أن يخفي نفسه ويخملها فما قدر على ذلك، وكان حيثما مر ورآه من يحصل أمره، يقول: والله ما هذا إلا ملك من الملوك، وما هذا سوقة ولا تاجر كما يقول. وكذلك حاول المنصور مرارا أن يخفي نفسه لبعض من أراد أن يسمع كلامه فتزيا بغير زيه، ولبس خلاف لباسه، ودخل بين جماعة تقدم إليهم في اطراح اجلاله وتبجيله، وأن يحلوه محل أحدهم. ففعلوا، فما خفي على من رآه. وفعل ذلك في بعض أسفاره ودخل إلى بعض حصون المرابطين في بعض الاطراف، وبها من لم يره قط، فما خفي عنهم. وفعل مثل لك لما ظفر باللعين مخلد، وصار في أسره. وبمعتد بن محمد بن جرز لما صار في الاسر إليه أيضا، فما خفي عن واحد منهما بل عرفاه، وما كانا قبل ذلك رأياه. والعرب تقول في مثل هذا في بعض امثالها: هيهات لا يخفى القمر. [ 1252 ] وروى عبد الله بن عمر، وذلك مما آثره أو نقله عن رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: يعطى المهدي قوة عشرة. وكذلك كان المهدي قويا معروفا بذلك من حداثة سنه. [ 1253 ] ومن حديث قتادة، يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله، أنه قال: المهدي أجلى الجبهة أقنى الانف، يملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما. وكذلك كانت صفة المهدي أقنى وأجلى، وهاتان الصفتان من أحسن صفات الجباه والانوف، وملا عدله ما وصل إليه سلطانه من الارض، ويملا باقيها من يأتي بعده. وقيل لبعض الائمة الماضين: أنت المهدي ؟
[ 380 ]
قال: كيف أكون المهدي، وقد بلغت من السن ما ترون. وأخذ ساعده فمد جلده، وقال: المهدي لا يؤخذ له بالركاب. [ 1254 ] وعن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام، أنه قال: يقوم المهدي عليه السلام وليس في رأسه ولا لحيته طاقة بيضاء. وكذلك كان المهدي لما قام بالامامة، وسلمها إليه إمام الزمان الذي كان في عصره ونص عليه بأنه مهدي الائمة، ودعت بذلك إليه دعاته. وهو يومئذ حدث السن مقتبل الشباب من الفتيان وأحسن الشبان. [ 1255 ] وروي عن عبد الله بن مسعود مما آثره عن رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه قال: إنكم معشر هذه الامة تصيرون أربع امم. امة قائمة على الحق لا ينقص الباطل منها شيئا. قيل: ولا يقاتلون ؟ فقال: بلى، ويزلزلون زلزالا شديدا. وامة على الباطل ليسوا من الحق على شئ. قيل: وهم يصلون ؟ قال: نعم، وتكون صلاتهم عليهم شاهدا. وامة يذهبون يريدون الحق، فيخطئونه، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ولا يعودون فيه حتى يعود السهم على فوقه. وامة برأيهم يقولون هؤلاء أهدى بل هؤلاء أهدى فيلبثون في ذلك ما شاء الله أن يلبثوا. ثم يوشك الاسلام أن يعود إلى الباب الذي خرج منه. قيل: إلى أين يا عبد الرحمان ؟ قال: إلى بني عبد المطلب. * * *
[ 381 ]
[ ضبط الغريب ] قوله: يمرقون. المروق: الخروج من الشق من غير مدخله. والمروق من الدين: الخروج عنه بالنفاق، وذلك خلاف الدخول فيه بالايمان. ومروق السهم خروجه منها من غير موضع الذي دخل منه، وهو أن يرمي الرامي الصيد، أو ما رمى بسهمه فينفذه ويخرج السهم كله منه من الموضع الذي انفذ منه لشدة الضربة ولا يعلق بالسهم شئ من الدم لسرعة خروجه لشدتها. وقد وصف رسول الله صلى الله عليه وآله الخوارج بهده الصفة، فقال: يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية. والرمية: هي المرمية فعيلة في مكان مفعولة. وقوله: ثم لا يعودون حتى يعود السهم على فوقه. والفوق من السهم الشق الذي في طرفه الذي يجعل في الوتر في حين الرمي به، وللسهم إذا رمى به، فانما يقع على نصله، وليس يعود إلى فوقه. فأراد أنهم لا يرجعون إلى الاسلام بعد خروجهم منه. وقوله: يصيرون أربع امم. أمة قائمة على الحق فانهم يقاتلون ويزلزلون زلزالا شديدا. فهم علي عليه السلام وأصحابه ومن تولاهم، وكذلك قوتلوا معه عليه السلام ومن بعده، وزلزلوا زلزالا شديدا. والامة الذي ذكر أنهم على الباطل ليسواهم من الحق على شئ، وأنهم يصلون وتكون صلاتهم عليهم شاهدا، فهم اهل التغلب والتوثب، ائمة الضلال من بني امية وبني العباس، ومن والاهم واتبعهم. والامة الذي ذكر أنهم يريدون الحق فيخطئونه، وأنهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية فهم الخوارج، وبذلك وصفهم رسول الله صلى الله عليه وآله. والامة الذين يقولون هؤلاء أهدى بل هؤلاء أهدى، هم العوام المنسوبين
[ 382 ]
إلى العلم من العامة الذين ترأسوا على الامة بما انتحلوه من العلم بآرائهم وأهوائهم، واختلفوا في تفضيل الرؤساء والاتباع في الحلال والحرام والقضايا والاحكام، فقوم يقولون هؤلاء أهدى. ولبثوا كما قال على ذلك ما شاء الله حتى قام مهدي الامة، فعاد الاسلام إلى الباب الذى خرج منه كما قال بما اقامه فيه مدة أيامه، وحيث انتهت طاعته، وأقامه ويقيمه كذلك الائمة من ذريته على ما قدمنا ذكره بدعوته وسيرته حتى يجمع الله تعالى على طاعتهم ويورثهم الارض كما وعدهم، ويكون الدين - كما قال تعالى - " كله لله ويظهره " على الدين كله ولو كره المشركون " (1). [ 1256 ] وروي عن أبي صادق أنه سمع رجلا يقول: فتح الملهب طبرستان (2). فقال أبو صادق: حكاه عن حذيفة، فيما آثره عن رسول الله صلى الله عليه وآله أن الذي يفتتح طبرستان والديلم ومدينة بلنجر والقسطنطينية رجل من بني هاشم. فما أفتحه المسلمون من هذه البلدان وغيرها من سلطان من كانت في يديه من المشركين وغيرهم قائم وأمرهم ثابت يحاربون من افتتحها ويغلب هؤلاء مرة وهؤلاء مرة عليها وينال كل فريق منهم من الفريق الآخر، فليس ذلك مما يعد فتحا. وإنما الفتح ما كان مع هلاك العدو، والظهور عليه وحسم أثره، وانقطاع مدته وخبره، وزوال سلطانه، وذلك ما يكون على يدي أولياء الله الذين وعدهم الله في كتابه أنهم يرثون الارض، وأنه يظهر بهم دينه على الدين كله والله (1) التوبة: 33. (2) وهو ما يعرف الآن بمازندران شمال ايران.
[ 383 ]
تعالى هو ينجز لهم وعده، ولا يخلف الميعاد. فما جاء أنهم يفتحونه، وقد فتحه غيرهم من قبل ظهور أمرهم، وتمام الوعد لهم، فليس ذلك الفتح مما يعد فتحا حتى يكون الفتح لهم بهلاك أعداء الله أجمعين على ايديهم وايراثهم جميع الارض. وظهور دين الله تعالى على الدين كله كما وعد في كتابه، وهلاك أعدائه، وانقطاع أمرهم، وانحسام ذكرهم، وما كانوا به يدينون وآلهتهم وما كانوا يعبدون، فذلك هو الفتح المبين كما قال الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وآله " إنا فتحنا لك فتحا مبينا " (1) وكان ذلك فتح مكة عليه وظهوره على أهلها وانقطاع دينهم الذي كانوا به يدينون، وعبادتهم وما كانوا يعبدون، وكذلك وعد الله تعالى عباده الصالحين وهم أولياء الائمة الطاهرين أن يورثهم ويظهر دينه به " على الدين كله ولو كره المشركون " (2) فهذا هو الفتح المبين، والله ينجز وعده، ولا يخلف الميعاد. [ 1257 ] ومما رواه عنان بن إبراهيم، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام، أنه قال: لو كان لي من الامر شئ لهدمت كل بناء يحول بين الصفا والمروة، ولا يكون ذلك إلا على يدي رجل من بني هاشم. فما بين الصفا والمروة ولا يكون ذلك الا سعي الحجيج. وأول من سعى فيه آدم عليه السلام، فلما صار ببطن الوادي ترائى له ابليس اللعين الذي أخرجه من الجنة، وقد انحدر من الصفا يريد المروة، فلما رآه سعى عليه السلام، فصار السعي هناك سنة، وأحدث الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله هناك أبنية حالت بين الصفا والمروة، فأخبر الصادق صلوات الله عليه ما أحدثوه، وابتدعوه، فان هدمه من الواجب، وأخبر أن ذلك لا يكون إلا على يدي رجل من بني هاشم فلم يكن ذلك إلى اليوم، وسيكون لمن يظهره الله من ائمة الحق وشيكا إن شاء الله. (1) الفتح: 1. (2) التوبة: 33.
[ 384 ]
[ 1258 ] وعن علي عليه السلام، أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وآله: أمنا المهدي أم غيرنا (1) ؟ قال: بل منا. بنايختم الدين كما افتتح بنا، وبنا يؤلف الله بين قلوبهم بعد عداوة [ الفتنة ] كما ألف بنا بين قلوبهم بعد عداوة الشرك. فهذا مما قدمنا ذكره، مما تواترت الاخبار به من أن المهدي من ذرية محمد النبي صلى الله عليه وآله ومن ولد علي بن أبي طالب عليه السلام. وقول رسول الله صلى الله عليه وآله: بنا يختم الدين كما افتتح بنا. فافتتاح الدين كان برسول الله. وبما أقام وصيه عليا من القيام بما أسند إليه منه. وكذلك يختم بالمهدي وبالائمة من ولده حتى يكون انقطاع الدنيا، وقيام القيامة في عصر إمام منهم، ويجمع الله الامم كلها على دين محمد صلى الله عليه وآله الذي ابتعثه كما أخبر تعالى في كتابه أنه يظهره على الدين كله، ويكون الدين كله لله، وأنه يورث الارض عباده الصالحين، وهم أولياؤه ائمة دينه من ذرية محمد صلى الله عليه وآله وولد علي، وأنه كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وآله، أن الله تعالى يؤلف بهم بين قلوب عباده بعد عداوة الفتنة كما ألف بين قلوبهم بعد عدواة الشرك. وذلك قول الله تعالى " يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا " (2). [ المهدي من أهل البيت ] [ 1259 ] وعن علي عليه السلام، أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة واحدة. قوله: يصلحه الله في ليلة واحدة ليس ذلك أنه كان فاسدا فيصلحه، ولكنه (1) وفي عقد الدرر ص 25: أمنا المهدي، أو من غيرنا ؟ (2) آل عمران: 103.
[ 385 ]
من قول القائل: فلان يصلح لامر كذا، إذا كان أهلا لذلك الامر، كذلك رآه الله تعالى أهلا لما صار إليه ورآه كذلك بتوفيقه من كان أمر الامامة إليه في وقته قبل مصيره إليه. فسلم أمرها إليه في ليلة واحدة أراه الله ذلك فيها. وقد كان قبل ذلك أهل غيره لها فما اهل لذلك أحد إلا مات لما أراد الله تعالى من مصيرها إلى مستحقها، ولذلك قيل إن الامام الذي سلمها إليه يمثل في وقت تسليمها إليه، فقال عند ذلك: الله أعطاك التي لا فوقها، وكم أرادوا صرفها وعوفها عنك، ويأبى الله إلا سوقها اليك حتى طوقوك طوقها. [ 1260 ] وعن عبد الله بن مسعود، أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله، يقول: لا تنقضي الدنيا حتى يليها (1) رجل من عترتي، ويحكم بما أنزل الله. [ 1261 ] ومن رواية عبد الرزاق، يرفعه إلى أبي سعيد الخدري، أنه قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله بلاء يصيب هذه الامة حتى لا يجد الرجل ملجأ يلجأ إليه من الظلم. ثم قال: ثم يبعث الله رجلا من أهل بيتي فيملا الارض قسطا وعدلا، كما ملئت جورا وظلما، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الارض لا يبقى السماء (2) من قطرها [ شيئا إلا صبته ] مدرارا، ولا [ تدع ] الارض من نباتها شيئا إلا أخرجته حتى يتمنى الاحياء الاموات. [ ضبط الغريب ] قوله: عترتي أهل بيتي. العترة في لغة العرب القرابة من ولد الولد، وبني (1) وفي فرائد السمطين 2 / 328: حتى يلي امتي. (2) وفي مشكاة المصابيح 3 / 27: لا تدع السماء.
[ 386 ]
العم دينا. فالمهدي وولده قرابة رسول الله صلى الله عليه وآله من ولد فاطمة عليها السلام ومن ولد علي عليه السلام، وهو ابن عمه دينا ووصيه ومن تقدم ذكر فضله واثبات إمامته، وإمامة الائمة من ذريته. وما ذكر رسول الله في هذا الخبر من أنه يملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، فقد ذكرنا فيما تقدم ما كان ويكون من ذلك، وبينا الوجه فيه، فأغنى ذلك عن اعادته. [ 1262 ] وروى الشعبي، عن تميم الداري (1)، أنه قال: ما دخلت مدينة من مدائن الشام أحب الي من مدينة أنطاكية (2)، قال رسول الله: بها كسر ألواح موسى، ومائدة سليمان ومنبره، وعصا موسى في غار من غاراتها، فما من غمامة شرقية ولا غربية ولا جنوبية ولا قبلية إلا إذا جاءت تلك الغار أرخت عليه من بركاتها لما فيه. أما أنه لا تذهب الايام والليالي حتى يتولاها رجل من ولدي من عترتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي (3)، اشبه الناس بخلقي خلقا وبخلقي خلقا. [ 1263 ] وروى محمد بن سلام، باسناده عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام، أنه قال: إذا قام القائم منا سار إلى انطاكية، فيستخرج منها (1) أبو رقية تميم بن أوس بن خارجة الداري أسلم 9 ه مات بفلسطين 40 ه (2) انطاكية: قصبة العواصم من الثغور الشامية بينها وبين حلب يوم وليلة (معجم البلدان 1 / 382). (3) ومن الملاحظ أن الحديث الذي نقله صاحب عقد الدرر لم يكن جملة (يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي)، ولكن الذي لا يمكن انكاره كثرة الاحاديث الواردة والمتضمنة لهذه الجملة. قال يحيى بن الحسن: اعلم إن الذي قد تقدم في الصحاح مما يماثل هذا الخبر من قوله صلى الله عليه وآله: اسمه اسمى، واسم أبيه اسم أبي. وهو أن الكلام في ذلك لا يخلو من أحد قسمين: إما أن يكون النبي صلى الله عليه وآله أراد بقوله: اسم أبيه اسم أبي، انه جعله علامة تدل على أنه ولد الحسين دون الحسن لان لا يعتقد معتقد ذلك. فان كان مراده ذلك، فهو المقصود، وهو المراد بالخبر لان المهدي عليه السلام بلا خلاف من ولد الحسين عليه السلام، فيكون اسم أبيه مشابها لكنية الحسين، فيكون قد انتظم اللفظ والمعنى وصار حقيقة فيه.
[ 387 ]
التوراة من غار هي فيه مع عصا والحجر. وقوله: يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي فكذلك جاء في غير موضع أن القائم بالامامة من آل محمد صلى الله عليه وآله من ولد المهدي الذي يجمع الله تعالى له الامم ويكون له الدين واحدا ويظهر الله تعالى دينه على الدين كله، كذلك اسمه محمد بن عبد الله وهذا لا يكون كما ذكرنا دفعة واحدة بل تعالى الله بالائمة من ولد المهدي أمره ودينه والايمان والمؤمنين شيئا شيئا، ويفتح على يدي كل واحد منهم ما يفتحه حتى يكون الذي يدين له جميع أهل الارض يفتح ما بقي منها، ويقتل باقي من فيها من أعداء الله، ويكون الدين كله لله كما أخبر تعالى بذلك في كتابه ووعده عباده الصالحين ائمة دينه يوم القيامة، ويكون النقلة من الدنيا إلى الآخرة. [ ممن هو المهدي ؟ ] [ 1264 ] ومن رواية ابن غسان، باسناده، عن عبد الله بن عباس، أن والقسم الثاني: أن يكون الراوي وهم من قوله: ابني إلى قوله أبي فيكون قد وهم بحرف تقديره انه قال: ابني، فقال: هو " أبي "، والمراد بابنه الحسن لان المهدي عليه السلام محمد بن الحسن باجماع كافه الامة. وقال الكنجي في كفاية الطالب ص 485: ولا يرتاب اللبيب أن هذه الزيادة لا اعتبار بها مع اجتماع هؤلاء الائمة على خلافها. وذكر أبو داود: وفي معظم روايات الحفاظ والثقات من نقلة الاخبار اسمه اسمي فقط، والذي روي واسم أبيه اسم أبي فهو زائدة وهو يريد في الحديث وان صح فمعناه واسم أبيه اسم أبي، أي الحسين وكنيته أبو عبد الله، فجعل الكنية اسما كناية عن أنه من ولد الحسين دون الحسن، ويحتمل أن يكون الراوي توهم قوله ابني فصحفه، فقال: أبي، فوجب حمله على هذا جمعا بين الروايات. وقال علي بن عيسى: أما أصحابنا الشيعة فلا يصححون هذا الحديث لما ثبت عندهم من اسمه واسم أبيه، وأما الجمهور فقد نقلوا أن زائدة كان يزيد في الاحاديث فوجب المصير إلى أنه من زيادته ليكون جمعا بين الاقوال والروايات. انتهى. أقول: وأقل ما يمكن أن يقال هنا إذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال، وبهذا يتضح فساد ما استدله المؤلف في ذيل الحديث (1263) على ما فيه.
[ 388 ]
رجلا سأله عن السماء مما هي ؟ وعن البرق مما هو ؟ وعن أول شئ عاذ بالبيت ؟ وعن المهدي ممن هو ؟ قال له ابن عباس: لقد سالت عن عظيم، وهو في علم الله يسير. أما السماء فهي ماء مكفوف. وأما البرق فهو من الماء. وأما أول شئ عاذ بالبيت فان الحيتان الكبار كن يأكلن الصغار منهم في زمن الطوفان، فاستعذن بالبيت فأعاذهن الله. فأما المهدي، فانه من أهل البيت أكرمكم الله بأولهم وسينقذكم بآخرهم. قوله: أكرمكم بأولهم، يعني محمد صلى الله عليه وآله، أكرم الله المؤمنين بأن أوجب لهم بطاعته الجنة في الآخرة، وهي أعظم ما يكرم الله به المطيعين من عباده، واكرامه وانعامه اكثر من أن يحصيه عباده كما قال تعالى " وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها " (1) وبالائمة من ذريته يستنقذ آخرهم من فتنة المنافقين الضالين، وغلبة المشركين حتى يكون له الدين كما أخبر في كتابه المبين. [ الفتن ثلاث ] [ 1265 ] من رواية ابن سلام، باسناده، عن أمير المؤمنين علي عليه السلام، أنه قال: الفتن ثلاث: فتنة الضراء، وفتنة السراء، وفتنة يمحص الناس فيها تمحيص ذهب المعدن، ولا يزالون كذلك حتى يخرج رجل منا عترة النبي صلى الله عليه وآله فيصلح الله أمرهم. [ ضبط الغريب ] قوله: فتنة السراء، ما قد فتن به من مضى من هذه الامة بما اعطوه من (1) ابراهيم: 34.
[ 389 ]
الدنيا بغير حلة، واستمالهم به أعداء الله المتغلبين على أمر أولياء الله. وفتنة الضراء: ما فتن به العباد وابتلوا به من جور ائمة الجور عليهم وتغلبهم وانتهاكهم اياهم. وأما قوله: فتنة يمحص الناس فيها تمحيص ذهب المعدن. فالمحص - في لغة العرب -: خلاص الشئ، تقول محصته محصا، أي أخلصته من كل عيب، قال الله تعالى: " وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين " (1) فيما امتحن الناس به من افتتان أعداء الله بائمة الجور واتباعهم الناس ببذل الدنيا لمن أسعدهم، وتتابع المكروه على من تمسك بدينه صابرا على مكروههم. محص الله تعالى المؤمنين وأخلصهم، وأبانهم ممن مال إلى اعدائه للرغبة والرهبة، فلم يزالوا على ذلك حتى قام مهديهم، فاستنقذ من بلغت إليه دعوته ومدته وأيامه، ونالته يده من المؤمنين، واستنقذ بعده وتستنقذ كذلك الائمة من ذريته من بقي منهم حتى ينجز الله وعده لاوليائه وعباده المؤمنين، ويحق وعيده على أعدائة الكافرين ويكون الدين كله كما قال. فالسعيد كل السعيد من صبر لذلك وأخلص وانتظر، كما قال وهو أصدق القائلين: " فانتظروا إني معكم من المنتظرين " (2). [ 1266 ] وروى أحمد بن عمر، باسناده، عن علي عليه السلام أنه قال لبعض شيعته وقد ذكر تغلب أهل الباطل: يا معشر شيعتنا صلوا معهم الجمعات، وأدوا إليهم الامانات، فإذا جاء التمييز قامت الحرب على ساق، فمعنا أهل البيت باب من أبواب الجنة من اتبعه كان محسنا، ومن تخلف عنه كان ممحقا، ومن لحق به لحق بالحق. ألا إن الدين [ بنا ] فتح وبنا يختم، ولو لم يبق من الدنيا إلا يوم (1) آل عمران: 141. (2) الاعراف: 71.
[ 390 ]
واحد لولاه الله تعالى رجلا منا يملاها عدلا كما ملئت جورا. وقوله: فمعنا أهل البيت باب من أبواب الجنة: يعني امام الزمان في كل عصر فهو باب الجنة، من قصده ودخل في جملته وعمل بأمره صار إلى الجنة، ومن تخلف عنه محق. وقد ذكرنا فيما تقدم معنى قوله: يملاها عدلا كما ملئت جورا. وأن أصل ذلك وأول ما فعله المهدي، ويتم الله ذلك من بعده بالائمة من ولده، وينسب ذلك إليه إذ كان ابتداؤه ومفتاحه وسببه وأول قائم به. [ 1267 ] وروى عبد الله بن حبلة، باسناده، عن علي عليه السلام، أنه قال: ليخرجن الاسلام نادا من أيدي الناس كأنه البعير الشارد من الابل، لا يرده الله إلا برجل منا. [ أقول ] سمعت الامام المعز لدين الله عزوجل يحدث عما كان من أمر المهدي، وقول بعض شيوخ الاولياء: يا مولانا، أأنت المهدي المنتظر الذي يجمع الله لك العباد ويملكك الارض، ويكون لك الدين واحدا ؟ فقال له المهدي: فضل الله تعالى كثير واسع، ولنا منه قسم جزيل، ولمن يأتي من بعدنا فضله، ولو كان الفضل لواحد لما وصل الينا منه شئ. ثم قال المعز: كان المهدي مفتاح قفل الفضل والرحمة والبركات والنعمة فيه فتح الله تعالى ذلك للعباد، وذلك يتصل عنه من ذريته حتى يتم لهم وعد الله الذي وعدهم اياه بفضله وقوته وحوله. وقول علي عليه السلام: ليخرجن الاسلام نادا من أيدى الناس. فالندود: الشرود. يقال منه: ندا البغير، إذا شرد واستقصى، وهو ناد إذا فعل ذلك. * * *
[ 391 ]
[ احذروا ثلاثا ] [ 1268 ] ومن رواية ابن غسان، باسناده، عن علي عليه السلام، أنه قال: احذروا على دينكم ثلاثا: رجلا آتاه الله القرآن وكان يدين الاسلام غير ذلك ما لله، ثم انسلخ ونبذه وراء ظهره وسل سيفه على جاره، ورماه بالاشراك. قالوا: يا أمير المؤمنين فأيهما أولى بها ؟ قال: الرامي. ورجلا استخفته الاحاديث، فكلما وضع احدوثة كذب، وانقطعت أمطها باطول منها أن يدارك الرجال سعته. ورجلا هو كأحدكم، آتاه الله سلطانا، فقال: من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله وكذب، ليس لمخلوق طاعة في معصية الخالق. ألا وانه لا بد من رحى سلطان يقوم على ضلالة، فإذا قامت طحنت، وان لطحنها رؤفا، وان رؤفها حدتها، وعلى الله فكها. ألا وان أطائب ارومتى، وأبرار عترتي، أحكم الناس صغارا، وأعلم الناس كبارا، بنا يبتر الله الزمان الكدي، وبنا يبتر الكذب، وانا أهل بيت من حكم الله حكمنا، ومن قول صدق سمعنا، فان تتبعوا آثارنا تهدوا ببصائرنا، وان تحيدوا عنا تهلكوا بأيدينا، أو ما شاء الله. ويح للفروخ فروخ آل محمد من خليفة غير مستخلف يقتل خلفي، وخلف الخلف، والله لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوله الله حتى يخرج منا رجل يقال له: المهدي، يملاها قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.
[ 392 ]
[ ضبط الغريب ] قوله: أمطها، يقول: أمدها، أي: ابتعها باخرى. يقال من ذلك: تكلم فمط حاجته، أي مده. قوله: وهو رجل كأحدكم آتاه الله سلطانا، فقال: من أطاعني فقد أطاع الله... الخ. يعني من وصف المتغلبين سلطان الدنيا يبين بذلك. قوله: رجل هو كأحدكم، يعني من سائر الناس يدعي أن من أطاعه أطاع الله، ومن عصاه عصى الله وكذب. ولم يقل أنه نبي ولا امام، أما أنبياء الله وائمة دينه فمن أطاعهم فقد أطاع الله، ومن عصاهم فقد عصى الله لقوله تعالى: " ومن يطع الرسول فقد أطاع الله " (1) وقوله: " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم " (2) وشرحنا هذا لئلا يحمله من لم يتسع في العلم على العموم إذا سمعه. وقوله: لا بد من رحى سلطان يقوم. يعني ما يدور عليه أمره، والرحى يضرب مثلا لذلك، وللحرب يقال: دار رحى الحرب إلى حومته، ورحى الموت إلى موقعه. قال الشاعر: والناس في غفلاتهم * ورحى المنية تطحن وقال: إن لطحنها رؤفا. الرؤف: القرن، شبه حدثها بحدة القرن. وعلى الله فكها. يقول: إن الله سيفك ذلك الحد. وقوله: ألا وإن أطائب ارومتى. الارومة: أصل الشجرة. وأصل الخشب يعني بارومته اياه وبعترته، ولده وولد ولده. وقد شرحنا ذلك فيما تقدم. (1) النساء: 80. (2) النساء: 59.
[ 393 ]
وعني بالخليفة الذي استخلفه الناس. فسن ذلك لمن بعده. فقتلوا فروخ آل محمد يعني من قتل من ذريته، والخلف: الذرية الصالحة - بفتح اللام -. والخلف - بجزم اللام - الذرية السوء. وقال الله تعالى: " فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات " (1). [ 1269 ] ومن رواية ابن غسان، باسناده، عن علي عليه السلام، أنه قال: يخرج منا رجلان، أحدهما من الآخر، يقال لاحدهما المهدي، وللآخر المرضي. فالمهدي قد كان. والرضي يكون من ذريته كما قال علي عليه السلام: إنه منه. [ 1270 ] وفي رواية اخرى عن علي عليه السلام، أنه قال: كأني أنظر إلى دينكم موليا يحصحص بذنبه ليس بأيديكم منه شئ حتى يرده الله عليكم برجل منا. قوله: يحصحص بذنبه، شبه الدين إذا ذهب من أيدي الناس ببعير قد ند واشتد عدوا وهو يحرك دنبه. والحصحصة في اللغة: الحركة في الشئ حتى يستقر. والحصص - الحصحصة أيضا -: السرعة في العدو. [ 1271 ] وعنه عليه السلام، أنه قال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو لم يبق من الدنيا غير يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يملك فيه رجل مني، فإذا رأيتم ذلك اليوم لم يرم رام بسهم ولا بحجر ولا يطعن برمح فاحمدوا الله، فان ابتليتم فاصبروا فان العاقبة للمتقين. فهذا مما تقدم القول فيه أنه يكون من ذرية المهدي في الائمة من يجمع الله العباد على طاعته وتقطع الحرب ويكون الدين كله لله كما أخبر تعالى وليظهر دينه على الدين كله. (1) مريم: 59.
[ 394 ]
[ المهدي من نسل فاطمة ] [ 1272 ] ومن رواية مخنف بن عبد الله، باسناده عن رسول الله صلى الله عليه وآله، [ أنه ] قال: المهدي من نسل فاطمة سيدة نساء العالمين. طالت الايام أم قصرت يخرج فيملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما، ويطيب العيش في زمانه، ويصيح صائح بلعنة بني امية وشيعتهم، والصلاة على محمد والبركة على علي وشيعته، فيومئذ يؤمن الناس كلهم أجمعون. فهذا ما ذكرنا أنه يكون لبعض الائمة من نسل المهدي، وينسب إليه، لانه سببه ومفتاحه. وأول من قام من آل محمد كما يكون ذلك أيضا، ينسب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله لانه نبي الامة وصاحب الشريعة والملة، وقد قال الله تعالى: " هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله " (1) وينسب ذلك إليه، إذ كان أول من قام بذلك وسنه وأصله. [ 1273 ] ومن حديث عبد الرزاق، عن معمر بن سعيد بن أبي عروفة، عن قتادة، قال: قلت لسعيد (2): المهدي حق ؟ (1) الفتح: 28. (2) وهو سعيد بن المسيب.
[ 395 ]
قال: حق. قلت: ممن ؟ قال: من قريش. قلت: من اي قريش ؟ قال: من بني هاشم. قلت: من أي [ بني ] هاشم ؟ قال: من بني عبد المطلب. قلت: من أي بني عبد المطلب ؟ قال: من ولد فاطمة. ولو سأل من أي ولد فاطمة هو، لاخبره من ولد الحسين، لانه قد روى ذلك، وسنذكره. ولم يقل سعيد هذا برأيه ولكنه سماع سمعه. [ 1274 ] وروى أبو المليح، عن زياد بن بشار، عن ابن نفيل، عن سعيد بن المسيب، عن ام سلمة، أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: المهدي من عترتي من ولد فاطمة ابنتي. فما جاء فيما تقدم ذكره من أن المهدي من قريش ومن بني هاشم فانما روي ذلك على مثل ما جاء الخبر فيه عن سعيد بن المسيب ولم يسأل السائل من روى ذلك له عما بعد، ولو سأل عن ذلك لاوقف عليه، وسنذكر بعد هذا من أوقف عليه النص إن شاء الله. [ 1275 ] وروى زاذان، عن سلمان الفارسي، أنه قال: لا بد من قائم من ولد فاطمة يقوم من المغرب فيكسر شوكة المبتدعين، ويقتل الظالمين. وكذلك قام المهدي من المغرب، وهو من فاطمة، ولما جاءت به الروايات من هذا خاف بنو العباس من ادريس بن الحسين لما صار إلى المغرب، واحتالوا في أن سموه - وقد ذكرت فيما مضى - وكانوا في ذلك كما قال الله تعالى: " يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره
[ 396 ]
الكا فرون " (1). [ 1276 ] حبيب بن أبي ثابت، عن ابن إدريس، قال: كنت قاعدا في حلقة المسجد فيها المسيب، فسمعته يقول: سمعت عليا عليه السلام يقول: ألا اخبركم عن أهل بيتي، أما عبد الله بن جعفر فصاحب لهم. وأما الحسن بن علي فصاحب جفنة وخوان، ولو قد التفت بحلف البطان لم يغن عنكم في الحرب حبالة عصفور. وأما ابن عباس فلا يقرأكم. وأما أنا والحسين فنحن منكم وأنتم منا. وإن هؤلاء القوم سيدولون عليكم بمعصيتكم إمامكم في الحق، وبطاعتهم إمامهم في الباطل، وبفسادكم في أرضكم، وصلاحهم في أرضهم، ويطول دولتهم عليكم حتى لا يبقى منكم إلا نافع أو غير ضار حتى يكون نصرتكم منهم نصرة العبد من سيده، إذا رآه أطاعه، وإذا غاب منه شتمه، وحتى يكون الناس باكين. باك يبكي على دينه، وباك يبكي على دنياه، وحتى لا يدعو الله حرمة إلا استحلوها، وحتى يدخل ظلمهم كل بيت شعر ومدر. فإن أتاكم الله بالعافية بالعلل فاحمدوه. وان ابتليتم فاصبروا، فان العاقبة للمتقين. وفوالذي فلق الحبة وبرئ النسمة لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لبعث الله لهم من يسقيهم كأسا مصبرة (2)، حتى يتمنوا أن اكون فيهم فأشفع لهم عنده، وحتى يقول الناس من قريش: لو كان هذا من قريش لرحمنا. [ ضبط الغريب ] قوله: حبالة عصفور: الحبالة الشرك الذي يصاد به الطائر وغيره من (1) التوبة: 32. (2) أي فيها الصبر وهو نبات مر المذاق.
[ 397 ]
الصيد. وقوله: إن هؤلاء القوم سيدلون عليكم. يعني بنو اميه وبنو العباس يدالون لتكون لهم الدولة. والباكي على دينه لما يراه قد انتقص فيهم. والباكي على دنياه هو لما يظلمونه فيه ويأخذون منها من يديه. [ 1277 ] وروي عن جعفر بن محمد عليه السلام، عن جده علي بن الحسين عليه السلام، أنه سئل عن المهدي، فقال: هو من ولدي. [ 1278 ] وروى شريك بن عبد الله، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام، أنه قال: إذا قام قائمنا أهل البيت قسم بالسوية، وعدل في خلق الرحمان، البر منهم، والفاجر منهم، من أطاعه أطاع الله، ومن عصاه عصى الله (1)، ويستخرج التوراة والانجيل وسائر كتب الله [ من غار ] بأنطاكية، فيحكم بين أهل التوراة بتوراتهم، وبين أهل الانجيل بإنجيلهم، [ وبين أهل الزبور بزبورهم ]، وبين أهل القرآن بقرآنهم. وتخرج الارض كنوزها من الذهب والفضة، فيقول: أيها الناس هلموا، فخذوا ما سفكتم فيه الدماء، وقطعتم فيه الارحام، ويعطي ما لم يعطه أحد قبله، ولا يعطه أحد بعده. اسمه اسم نبي، يملا الارض [ قسطا و ] عدلا كما ملئت ظلما وجورا. فهذا ما ذكرنا أنه يكون لبعض الائمة من آل محمد صلى الله عليه وآله من ولد المهدي وينسب ذلك إليه لانه أول قائم منهم ومفتاح أمرهم. [ 1279 ] ومما رواه ونسخه يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه (1) وفي بحار الانوار 51 / 29 بعد كلمة عصى الله: فانما سمي المهدي لانه يهدي لامر خفي يستخرج... الخ.
[ 398 ]
قال: إني رأيت بني امية على منابر الارض وسيملكونكم، فتجدونهم أرباب سوء، فانتظروا وأخلاف سفهائهم، فإذا اختلف سفهاؤهم ارتدوا على أعقابهم لا يرتقون فتقا إلا فتق الله عليهم أعظم منه حتى يخرج مهدينا. واهتم رسول الله بالرؤيا التي رآها فأنزل الله عليه: " وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن " (1). فقوله: إن بني امية لا يزالون يملكون حتى يختلف سفهاؤهم فإذا اختلفوا ارتدوا على أعقابهم حتى يخرج المهدي هو فيما قدمنا ذكره يعني يخرج المهدي خروج من يملك الارض من ذريته وبني امية، وان انقطع ملكهم من المشرق وبقيت لهم بقية المغرب بجزيرة الاندلس، وسيكون أمرهم على ما وصفه رسول الله صلى الله عليه وآله، وينجز الله ما وعده في كتابه المبين من ايراث الارض عباده الصالحين. وقوله: لا يرتقون فتقا إلا فتق الله عليهم أعظم منه. الرتق الحلم. الفتق واصلاحه حتى يعود بحال ما كان قبل أن يتفتق، وكذلك قال أصحاب التفسير في قول الله تعالى: " السماوات والارض كانتا رتقا ففتقناهما " (2). قالوا: كانتا السماء لا تمطر، والارض لا تنبت، ففتق الله السماء، فامطرت السماء وفتق الارض فانبتت. [ 1280 ] ومن رواية يحيى بن محمد بن سلام، يرفعه إلى عبد الله بن مسعود، أنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله يوما: انطلق معي بابن مسعود. فمضيت معه حتى أتينا بيتا قد غص ببني هاشم. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله: من كان معكم من غيركم، (1) الاسراء: 60. (2) الانبياء: 30.
[ 399 ]
فليقم. فقام من كان معهم من غيرهم حتى لم يبق إلا بنو هاشم خاصة - بنو عبد المطلب وبنو العباس - فقال [ لهم ] النبي: يا علي أخبرني جبرائيل أنك مقتول بعدي، فأردت أراجع ربي. فأبى علي. قال: كأنه ولينكم ولاة بني امية يقصدون بكم الضرورة يلتمسون بكم المشقة، ثم تكون دولة لبني العباس يعملون فيها عمل الجبارين، فالويل لعترتي ولاهل بيتي ولبني امية مما يلقون من بني العباس، ويهرب من بني امية رجال، فيلحقون بأقصى المغرب، فيستحلون فيه المحارم زمانا. ثم يخرج رجل من عترتي غضبا لما لقى أهل بيتي وعترتي، فيملا الارض عدلا كما ملئت جورا وظلما يسقيه الله من صوب الغمام. فقال ناس من بني العباس: يا رسول الله، أيكون هذا ونحن أحياء. فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله إليهم كالماقت لهم، ثم قال: والذي نفسي بيده إن في أصلاب فارس والروم [ لمن هو ] أرجى عندي لاهل بيتي من بني العباس. وقوله: صوب الغمام، الصوب: المطر. والغمام: السحاب الرقيق. * * *
[ 400 ]
[ الائمة اثنا عشر ] [ 1281 ] وعن علي بن الحسين عليه السلام، أنه قال: يقوم القائم منا (يعني المهدي) ثم يكون بعده اثنا عشر مهديا (يعني من الائمة من ذريته) (1). [ 1282 ] وعن أبي الحارث بلال بن فروة، يرفعه (إلى النبي صلى الله عليه وآله)، أنه قال: لن تهلك هذه الامة حتى يليها اثنا عشر خليفة كلهم من أهل النبي، كلهم يعمل بالحق، ودين الهدى، منهم رجلان، يملك أحدهما أربعين سنة، والآخر ثلاثين سنة. وهذا مثل الحديث الذي قبله. [ 1283 ] ومن رواية يحيى بن السلام (2)، يرفعه إلى عبد الله بن عمر، أنه قال: ابشروا فيوشك أيام الجبارين أن تنقطع، ثم يكون بعدهم الجابر الذي يجبر الله به امة محمد صلى الله عليه وآله، المهدي، ثم المنصور، ثم عدد ائمة مهديين. فهذا مما لم يقله عبد الله إلا مما سمعه عن رسول الله صلى الله عليه وآله، أو بلغه عنه لان ذلك من أخبار ما يكون، ولا يقول ذلك إلا من جاء فيه علم من (1) راجع تخريج الاحاديث. (2) يحيى بن سلام بن أبي ثعلبة التيمي ولد 124 ه وتوفي بمصر 200 ه.
[ 401 ]
عند الله تعالى. وقد كان المهدي والمنصور و [ من ] كان بعدهما ويكون كذلك ائمة مهديون وينز الله لهم ما وعدهم في كتابه، وعلى لسان رسوله بحوله وقوته. [ 1284 ] ومن رواية الدغشي، يرفعه إلى أبي الحارث، أنه قال: يكون المهدي وسبعة من بعده من ولده كلهم صالح لم ير مثلهم. وهذا أيضا مما انتهى إليه من رسول الله صلى الله عليه وآله [ ويحقق ] ما قدمناه. [ 1285 ] وعن الدغشي، يرفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه قال: يخرج بعدي من بني هاشم رجل يبايع بين الركن والمقام، فيغلب صاحب الشام أربعة آلاف يخسف لهم بالبيداء (1)، ثم يسير إليهم. والمحروم من حرم غنيمتهم، ثم يملك بعد ذلك سبع سنين. فهذا مما ينتظر ويكون يبابع الناس الامام يومئذ بين الركن والمقام، يهلك الله تعالى عدوه كما وعد بذلك على لسان نبيه بحوله وقوته. [ 1286 ] وعنه، يرفعه إلى عبد الله بن مسعود، أنه قال: بينا النبي صلى الله عليه وآله جالس في جماعة من أصحابه، إذ مر به فتية من قريش (2)، فتغير وجهه، فقال له بعض من حضره: يا رسول الله قد ساءنا ما رأينا في وجهك. فقال: إن أهل بيتي اختار الله لهم الآخرة على الدنيا، وسيصيبهم بعدي تطريد وبلاء وتشريد. حتى يخرج قوم من هاهنا - وأومى إلى جهة المشرق - ومعهم رايات سود يسألون الحق فلا يعطونه، ثم يدفعونها إلى رجل من أهل بيتي، فيملاها عدلا. [ 1287 ] (ومن) صفوان الجمال، قال: قلت يوما لابي عبد الله جعفر بن (1) بين مكة والمدينة. (2) وفي سنن ابن ماجة 2 / 25: من بني هاشم.
[ 402 ]
محمد عليه السلام، وأنا عنده: يابن رسول الله، أمنكم السفاح ؟ فأطرق إلى الارض مليا. ثم قال: يا ثابت منا السفاح، ومن النفاخ، ومنا الصديق، ومنا الفاروق، ومنا الهادي، ومنا المهدي، ومنا المهتدي، ومنا من يهتدي به، ومنا من تغرب الشمس على رأسه، وتطلع من مغربها، نحن ثلة الله، منا أسد الله، ونحن خزان الله. يا ثابت، ما نحن خزانة على ذهب ولا فضة، ولكن على المكنون من علمه. نحن دعائم الله، نحن ذخيرة الله، ورسوله أبونا الاكبر، وعلي أبونا الاصغر، وفاطمة امنا، وخديجة بنت خويلد والدتنا، وجعفر الطيار في الجنة عمنا، وحمزة سيد الشهداء عم أبينا. فمن له (1) حسب كحسبنا، ونسب كنسبنا ؟ استودعنا الله سره، وائتمننا على وحيه وعلمه، وأنطقنا بحكمته، فهذه حالنا عنده. فالذين سماهم ائمة منهم قد مضى، ومنهم من يأتي، كنى عنهم لصفاتهم وأفعالهم. وقوله: نحن ثلة الله. الثلة في لغة العرب الجماعة. ويقال لخاصة الرجل جماعته يعني أنهم أهل الخاصة عند الله تعالى الذين اختصهم بفضله. [ 1288 ] وعن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام، أنه قال: إذا قام قائم آل محمد اوتي عصى موسى، وأخرج التوراة من أنطاكية، ونزع الله الرعب من قلوب شيعته، وألقى في قلوب عدوهم حتى يكون قلوبهم كزبر الحديد، وحتى يدعو الرجل، فيضرب عنقه، فيقال: فيما قتلته فلا يكون قتله بعلمه (2). (1) هكذا صححناه وفي الاصل: فمن ذا له. (2) هكذا صححناته وفي الاصل: بعمله.
[ 403 ]
[ بدء الدعوة الفاطمية ] المهدي والدلائل عليه [ في اليمن ] ما أخبره الثقات من أصحاب أبي القاسم - صاحب دعوة اليمن - وهو الحسن بن فرج بن حوشب بن دادان الكوفي، وكان من أجلة الدعاة، وخيارهم، وثقاتهم، ومن أهل الصدق والورع والفضل والدين، وإخلاص الولاية لاولياء الله تعالى، وكذلك كان، وعليه مات رضوان الله عليه. وكان بسبب اتصاله بأولياء الله شواهد للحق يطول ذكره، وقد ذكرنا في كتاب الدولة الطاهرة المرضية. وكان اتصاله واطلاقه داعيا باليمن من قبل أن يظهر المهدي في أيام الامام الذي سلم الامر إليه في حياته إذ كان أمانة في يديه، فصار أبو القاسم إلى اليمن في جملة من حج منهم في ذلك العام، وصار إلى اليمن في أول سنة تسعين ومائتين بعد اذن له في ذلك وفي الجهاد، فنصر، ولم يقم أحد فسمي المنصور. وقد ذكرت جاء في الخبر قيل: إنه يقوم باليمن رجل يقال له [ أبو القاسم ] قبل قيام المهدي يوطئ له. وكان إذا سمع من يسميه المنصور يقول: المنصور إمام آل محمد، أما سمعتم قول الشاعر: إذا ظهر المنصور من آل أحمد * فقل لبني العباس قوموا على رجل وهذا مما ذكر أنه من خبر ما يكون، فان ذلك لم يكن إلا عن رسول الله صلى الله عليه وآله مما أتاه عن الله.
[ 404 ]
فقال قائل: هذا البيت لما بلغه عنه، وكذلك كان الامر لما قام المنصور وهو أمر بني العباس، وان كان واهيا من قبل ذلك الوقت والى اليوم كالقائم على رجل كما قال صاحب البيت: من ترفع سقط وما هي إلا رجل واهية، والله يغرب [ ويظهر وليه ] عليهم وعلى جميع أعدائه بحوله وقوته. فذكر أن الثقات من أصحاب أبي القاسم هذا الذي قدمنا ذكره صاحب دعوة اليمن، أنه قال: بشرت مرارا بدعوة المهدي، وبأني أقوم بها قبل أن أقوم بذلك، وأن أعرفه، فمن ذلك أني لما توجهت إلى اليمن قصدت صنعاء (1) واني لسائر يوما يقرب قرية من قراها إذا انقطع شسع نعلي، فملت إلى الصخرة كانت بقربي، فجلست عليها لاصلحه، فنظرت إلى الشيخ قصد إلي مسرعا حتى وقف علي، وقد أدركه النفس، فقال لي: ممن الرجل ؟ فقلت له: رجل غريب. فقال: هل معك خبر من المهدي ؟ قلت: ومن المهدي، ما أعرفه ؟ قال: إذا كنت لا تعرفه، فأظن هذا شئ جرى باتفاق. قلت: وما هو ؟ قال: كان بهذه القرية شيخ لحقناه من الشيعة، وكان يقول لنا: سيدخل داعي المهدي هذا البلد، ويمر بهذه القرية، فينقطع شسع نعله، فيجلس هذه يصلحه. قلت: كلام الشيعة كثير. قال: اي والله كثير. وولى عني ولم أر فيه قبولا افاتحه. قال: دخلت صنعاء، فقصدت المسجد الجامع بها، فصليت ركعتين، وقد (1) وهي عاصمة جمهورية اليمن.
[ 405 ]
أدركني كلل (1): فلففت ردائي، واستلقيت، وجعلته تحت رأسي، ورفعت إحدى رجلي على الاخرى، فلما اطمأن بي المكان حتى وقف علي شيخ، فرفسني برجله، وقال: قم. وانتهرني. قلت: مالي أيها الشيخ، قصدت دون هؤلاء الجماعة في المسجد قد تضجعوا. فقال: قم، لا تشبه بمن له هذا المضجع. قلت: ومن هو ؟ قال: نأثر (2) من شيوخ لنا أن داعي المهدي يدخل هذا المسجد، فيضطجع على هذه الاسطوانة مثل هذا الاضطجاع، فنحن لا ندع أحدا يتشبه به. فقمت وجلست، وأقبل عليه رجل. قال: ما أعجب أمرك، أفترى هذا هو داعي المهدي. وأخذ في الكلام في مثل ذلك. ولم أر فيهما قبولا فافاتحهما، وقمت وتنحيت عن المكان. قوله: رفسني. الرفسة: الصدمة بالرجل في الصدر. وسمع أبو القاسم صاحب دعوة اليمن حديثا يرويه الشيعة باليمن، وقد تمكن أمره، وذلك أن الشيعة قديما كانوا كثيرا باليمن لمقام علي أمير المؤمنين عليه السلام فيهم لما بعثه رسول الله صلى الله عليه وآله إليهم. [ 1289 ] وقيل: إن رجالا منهم وفدوا على جعفر بن محمد عليه السلام ليأخذوا عنه، ويسمعوا منه. فسألهم عن مواضعهم، فذكر بعضهم أنه من المذيخرة (3)، وذكر أنها من قرى اليمن. فقال جعفر بن محمد عليه السلام: هي مدينة صفتها كذا (1) أي تعب. (2) ننقل عن. (3) اسم قلعة حصينة في رأس جبل صبر وفيها عين ماء يسقي عدة قرى باليمن (معجم البلدان 5 / 90).
[ 406 ]
وكذا (1). وصفها بصفتها حتى كأنه يراها بين يديه. قالوا: نعم. ثم قال عليه السلام: أما أنه لا يزال لنا فيها عدو. وقال آخرون: إنهم من مدينة، يقال لها: الجند (2) من صفتها كيت وكيت. فوصفها حتى كأنه من أهلها. قالوا: نعم. قال: ما أبعد بينها وبين المذيخرة، إن الجند لا يزال لنا فيها مواليا بقيت. وقام قوم: نحن من جيشان (3). قال: مدينة من صفتها كذا وكذا. قالوا: نعم. قال: هي مدينة، وبأعلاها سدرة وأسفلها سدرة. قالوا: نعم. قال: إن بين السدرتين لكنز لآل محمد. فلما حدثوا أبا القاسم صاحب دعوتهم، قال: مولاي جعفر بن محمد عليه السلام، قال: ولقد انكشف لي من أمر هذه المدائن كلما ذكر فيها. أما الكنز الذي ذكر أنه من جيشان بين السدرتين، فأنا والله استخرجته. لقد استخرجت منها سبعين رجلا أعدتهم دعاة كلهم، ولقد أقام الله تعالى بهم لآل محمد أمرا عظيما. (1) وفي هامش الاصل: كيت وكيت. (2) وهي من المدن النجدية باليمن بينها وبين صنعاء 58 فرسخا (معجم البلدان 2 / 169). (3) بالفتح ثم السكون وشين معجمة وألف ونون مدينة باليمن.
[ 407 ]
وكان الغالب على أهل جيشان التشيع، وابن جيران الشاعر منهم. قال أبو القاسم: وأما المذيخرة فما زلت أعرف فيها عدوا لآل محمد صلى الله عليه وآله كما قال الصادق عليه السلام: ولقد مخضتها مخض السقاء، وأكفيتها إكفاء الاناء، وهم على مثل ذلك إلى اليوم كما علمهم. وأما الجند، فاني كان لي بها خير عظيم، دخلتها وأنا مستتر، فقصدت المسجد الجامع بها، فصليت به الظهر والعصر والمغرب، ونظرت إلى قوم معهم هيئة المبيت، فقلت لهم: [ هل ] يبيت في هذا المسجد، فاني رجل غريب أردت المبيت فيه ؟ قالوا: نعم، وكلنا غرباء، ونحن نبيت فيه. وجلست، فلما صلينا العشاء الاخرة، تحلق فيه جماعة يتناظرون في العلم، فأقاموا على ذلك من الليل، وكانوا على حلقتين، حلقة من الشيعة وحلقة من الجماعة، فجلست فيما بين الحلقتين أسمع كلام هؤلاء وهؤلاء، حتى انصرف الشيعة، وقام الآخرون لينصرفوا، فقال لهم رجل منهم: اجلسوا. فجلسوا، وجعل ينظر إلى اولئك الشيعة وهم ينصرفون، حتى انصرف آخرهم، فعطف وأصحابه، وقال: أتعرفون لهذه الليلة خبرا تقدم ؟ قالوا: لا. فاستخرج كتابا من كمه، قال: ما تعرفون هذا الكتاب الذي يروي ما فيه عن فلان أو سماه هؤلاء الشيعة ؟ وسمى الكتاب. قالوا: نعم. فقرأ عليهم منه أخبارا كثيرة من روايات الشيعة وأخبار المهدي، وما يكون من أمره، وذكر أن داعيه يدخل أرض اليمن، وأنه يبيت
[ 408 ]
ليلة كذا وكذا في جامع الجند. ثم عطف على القوم، فقال: ألم تسمعوا هذا الخبر ؟ قالوا: بلى والله قد سمعناه. قال: فانظروا إلى غفلة هؤلاء - يعني الشيعة عن هذه الليلة أن يذكروها. قال أبو القاسم: فاقشعر جلدي، وتداخلني خوف شديد. ثم قال: ما ترون ؟ قالوا: نرى ما تريد. قال: الذي أرى أن نخرج جميع من في المسجد، ولا يبيت فيه الليلة أحد، فإذا كان غدا عرفناهم فساد روايتهم وكذب من روى ذلك لهم. قالوا: هذا هو الرأي. فقام قائما، وقال: ليخرج كل من كان في المسجد، [ لا يبيت ] الليلة فيه أحد. وجعل اصحابه يخرجون الناس، فآويت إلى ركن من أركان المسجد حتى خرج عامتهم ولم يبق إلا رجل يطفئ القناديل وانتهى الي، فرآني، فقال: من هذا ؟ فقلت: رجل غريب. قال: قم، فاخرج، أما سمعت ما قال الشيوخ. قلت: إني رجل والله ما اعرف أين أتوجه، فأحتسب ثوابي، وآوني هذه الليلة في بيتك. قال: والله ما عندي لك مكان. قال: قلت: يا هذا تخرجني من بيت الله ولا تؤويني في بيتك وتعرض بي الهلاك. فكأنه استحيى، فقال: قم إن شئت. وخرج وأغلق الباب، فناولني لذلك خوف شديد، وبت على حذر ولم آمن أن يختبروا
[ 409 ]
المسجد من غد، وهل بات فيه أحد ؟ فما اختبروا لذلك، وسلم الله وأحسن. وذكر ذلك أبو القاسم بعد أن ظهر أمره لمن حضر تلك الليلة منهم المسجد، وكان ذلك عندهم من البراهين (1). قال أبو القاسم: وخرجت من الجند اريد ناحية من نواحي اليمن، فاني لسائر على الطريق الذي أخذته اني رأيت عسكرا عظيما قد أقبل، وكان معي نفر، قالوا: هذا والله جيش أبي يعفر، وقد جاء لحرب جعفر بن إبراهيم صاحب المذيخرة، وتفرقوا في وعرجبل كنا فيه يستترون إلى أن يجوز العسكر خوفا من معرفتهم. وقصدت وحدي ناحية من الوعر، فوافقت كهفا، فدخلت فيه، فاني جالس، فدخل علي رجل، فسلم علي، وجلس، وقال: ممن الرجل ؟ قلت: من هذه السيارة أتانا الجيش، فتخوفنا، وافترقنا نستتر إلى أن يمضي [ الجيش ]. فدعا بالخير، وأقبل يحدثني، ثم قال لي: أعندك علم من الفتيا ؟ قلت: عندي من ذلك مثل ما يكون عند مثلي. فسألني عن مسائل، فأجبته فيها. فلما أتيت على آخرها ملا عينيه مني، وأهملتا دموعا، ثم قبل رأسي ويدي ورجلي، وقال: يا سيدي، رسول الله صلى الله عليه وآله أرسلني اليك لتستنقذني، وتأخذ بيدي. قلت: وكيف ذلك أيها الرجل ؟ قال: كنت رجل أرى رسول الله صلى الله عليه وآله في منامي في كل عام في ليلة معروفة من السنة، وكنت أتأهب لتلك (1) أقول: والبرهان كما ترى.
[ 410 ]
الليلة فلا يحرم رؤياي. فلما كانت تلك الليلة من هذا العام، فلم أر فيها ولا بعدها. اغتممت غما شديدا، فلما بت البارحة رأيته، فجعلت أبكي إليه، فأقول: يا رسول الله، لقد طال شوقي اليك، وحرمت منك ما كنت تعودته، وساء ظني بنفسي لذلك. فقال: لا يسوء ظنك فهذا داعي المهدي قد حل بالبلد الذي أنت فيه بين ظهراني أهله، فاذهب إليه. قلت: وأين أجده يا رسول الله ومن هو ؟ قال: اذهب غدا إلى الكهف الفلاني - وسماه لي هذا الكهف - فانك تجده مستترا. قلت له: يا رسول الله صفه لي. فوصفك بصفتك، وقال: سله كذا وكذا - وذكر لي المسائل التي سألتك عنها، فان أجابك بكذا وكذا - وذكر لي ما أجبتني - فهو صاحبك. قال أبو القاسم: فأدركتني خشية، وقلت في نفس: ما عسى أصنع فيمن أرسله رسول الله صلى الله عليه وآله، فكشفت له أمري، ودعوته، فأجاب، فأخذت عليه العهود في مقامه. وكان هذا الرجل معروفا من أجلة أصحابه. قال أبو القاسم: وكان الامام لما بعثني إلى اليمن، أمرني أن أقصد عدن لاعة (1). فلما سرت إلى اليمن سالت عدن لاعة، فكل من سألته عن ذلك، قال: انما نعرف بعدن أبين (2)، فقلت في نفسي: لعل هذا الاسم قد غير وبدل عما يعرفه الامام. فقصدت عدن أبين لما أجد، وسألت عما يحمل إليه من التجارة، (1) وهي قرية بجنب مدينة لاعة من أعمال صنعاء (معجم البلدان 4 / 89). (2) الساحلية.
[ 411 ]
ولاستتر بذلك، فقيل: العطب - يعنون القطن -، وقيل لي: إن بها ناس من الشيعة فانها فرضة الهند وام البلد. فاشتريت قطنا، وقصدت إليها، فلما وصلت إليها سألت عن [ سوق ] بيع القطن، فدللت إليها، فاكتريت فيه حانوتا فيها بما معي منه، ورأيت في [ ذلك ] (1) السوق قوما يتذاكرون فضائل علي عليه السلام، فأصابنا مطر دائم، فاني يوما لجالس في داخل الحانوت، والمطر يسكب إذ دخل علي جماعة منهم، فجلسوا وتحدثوا عندي، ثم أخذ أحدهم بيدي فخلا بي، فقال: ما هذا وجه بياع قطن، ولكن معك شئ من علم آل محمد. قلت: أنا رجل تاجر. قال: دعني من هذا، لعلك سمعت ببني موسى ؟ قلت: نعم. قال: فنحن هم، ونحن شيعته، وهذا أوان ننتظر فيه دخول داعي المهدي الينا على ما تقدمت به الروايات عندنا، وانا لنجد صفته فيك، ولهذا جئناك، فهات ما عندك، فنحن إخوانك. قال أبو القاسم: ولم يزل بي حتى كشفت له الامر وما برح حتى أخذت عليه العهد. وقام فأتاني بأصحابه، فأخذت عليهم، فعزموا علي، فنقلوني إلى محلهم، وكنت عندهم، وآتوني برجال ممن كان بالموضع من أصحابهم، فأخذت عليهم. ثم قالوا: إن اخواننا من الشيعة بعدن لاعة فترى نرسل إليهم ؟ قلت: وثم عدن لاعة ؟ قالوا: نعم. (1) وفي الاصل: تلك.
[ 412 ]
قلت: واليها أرسلت ولم أجد أحدا يخبرني عنها. فارسلوا إليها، فأتاني رجال منهم، وأخذت عليهم وسرت معهم، فأصبت دار شيعة وأخبروني عن رجل منهم يقال [ له ] (1): أحمد بن عبد الله بن خليع، كان فيهم ذا علم وأنه كان ينتظر قدومي ويقول لهم: بهذا العام يدخل عليكم داعي المهدي. واشترى سلاحا، وأعده لقدومي، وأتوني بذلك. قالوا: خبره اتصل بابن يعفر صاحب اليمن، فرفعه إليه فحبسه، فمات في محبسه. قال: وأنزلوني بدار من دوره. وتزوج أبو القاسم بنت أحمد هذا المتونى. وبعث بابن أخيه - الهيثم - داعيا [ له ]، فكان أول [ داع ] له، واستجاب له خلق عظيم من أهله. والدعوة إلى اليوم بها قد قويت، وظهرت، وقهرت من خالفها، وغلب أمرها بحمد الله تعالى. قال أبو القاسم: ولما تمكنت لي الامور ببعض ما احب كتبت إلى الامام بذلك، فورد على جواب كتابي (2) وبأنه الامام المهدي، وبأنه سلم الامر إليه، فمن قبل أن يصل الي جوابه تمكنت لي الامور وقويت، ورأيت من النصر والفتح ما لم أكن أعرفه. فلما صار الي الكتاب بما كان من أمر المهدي علمت أن ذلك إنما كان ببركته وبمن دعوته ودولته، وتهيأت لي امور من أعمال المؤمنين فبعثت بها إليه، وطرائز وظرائف من طرائز اليمن وظرائفها، فكان ذلك أول شئ وصل إليه. (1) وفي الاصل: يقال لهم. (2) وفي الاصل: جواب كتابه.
[ 413 ]
واستأذنه أبو القاسم بعد ذلك بالحرب، فأذن له، فأظهر أمره، وقام بالحرب، وافتتح مدائن باليمن، وغلب على ملوكها، وافتتح صنعاء، وأخرج بني يعفر منها، وفرق الدعاة في سائر اليمن وما يليه من البلدان، ولم يزل أمره يعلو ويزيد إلى أن كانت فتنة محص الله تعالى المؤمنين منها ومحق الكافرين والمنافقين من بناحيه منها ما نال غيرهم في أخبار يطول شرحها. وتوفي أبو القاسم رحمة الله عليه باليمن في غربة ومنعة وفي وفد من المؤمنين وسعد من الدين، وكانت بعده أحداث وأخبار يطول شرحها. [ في شمال إفريقيا ] وآيات المهدي في الدعوة التي أيده الله تعالى بها وأعز نصره بأيدي أهلها وهي الدعوة التي قام بها أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن زاكي (1) الكوفي ببلد كتامة، وقد ذكرنا سيرته فيها من أولها إلى آخرها في كتاب الدولة. ولكنا نذكر في هذا الكتاب طرفا من ذلك لما جرى للمهدي. ونبتدئ أنه قدم إلى المغرب من قبله مدة طويلة رجلان من أهل المشرق ويعرفان [ الاول ] بالحلواني، والثاني بأبي سفيان. فنزل كل واحد منهما بناحية. فلما صارا إلى مرما جنة نزل أحدهما - وكان يعرف بأبي سفيان - بها بموضع يقال له: تالا في موضع بارض مرما جنة. بنى فيه مسجد الروم، وتزوج امرأة. وكان له عبد وأمة، وكان عابدا (1) هكذا في الاصل والصحيح: زكريا. وهو أبو عبد الله الشيعي المعروف بالمعلم. الممهد لخلافة المهدي والمبشر للمذهب الاسماعيلي، اتبعه خلق كثير من أهل المغرب، وقوى أمره وثار على الحاكم وانتزع الحكم من إبراهيم بن الاغلب وسلمه إلى المهدي الذي بدوره لما استقرت له الامور فتك بأبي عبد الله وأخيه أبي العباس في مدينة رقادة ثم أمر له بتشييع رسمي. (الدولة الفاطمية لعباس الحمداني ص 169، الاعلام للزركلي 2 / 249، دول الشيعة في التاريخ لمغنية 62.
[ 414 ]
عالما يصوم النهار ويقوم الليل ملازما لمسجده، وكان أهل تلك الناحية قد عرفوا فضله، وكان يروي عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام، وكان ورعا زاهدا فاضلا، ويروي عنه في ذلك اخبار كثيرة، وتشيع على يديه بشر كثير، ومن أجل ذلك استقرت الشيعة قديما بمدينتي الاندلس ومجانة. [ أما الحلواني ] ونزل الحلواني بسوجمار بالقرب من بلد كتامة، وكان أحواله كأحوال أبي سفيان. وتشيع على يديه كذلك عالم كثير من أهل تلك الناحية. ومما كان يؤثر، أنه قال: بعثت أنا وأبو سفيان إلى هذه الجهة، ووصف لنا. وقيل لنا: إنكما تأتيا أرضا بورا واحرثاها وذللاها إلى أن يأتي صاحب البذر، فيبذر. وكان يقول: سيأتي داعي المهدي. ووصف أبا عبد الله بصفته، ويقول: إن في فيه اصبعا في اخبار له ذكرها. [ داعي المغرب ] وكان الامام الذي أخرج أبا القاسم، فلما تمكنت الدعوة واظهر أمرها أرسل إلى أبي القاسم داعي اليمن أبا عبد الله الحسين بن أحمد داعي المغرب بالمقام عنده ليقتدي بسيرته، وأفعاله، ويشاهد ذلك، ثم يسير إلى المغرب، ويقصد بلد كتامة، فصار إلى اليمن، وأقام عند أبي القاسم شهورا. وكان أبو القاسم به معجبا يذكر فضله ويثني بالجميل عليه. وقيل: إنه لما ودعه لينصرف عنه وهو بقلعة لاعة - بالموضع الذي بنى فيه - نظر إليه منصبا منحدرا منها، ومعه جماعة من أصحابه. فنظر أبو القاسم إليه، ثم قال لهم - وأشار إلى أبي عبد الله -: إن بين كتفيه لنجاة خلق عظيم.
[ 415 ]
وكان أبو عبد الله من خيار المؤمنين وأفضلهم من الدين في نهايته، ومن الورع في غايته، لطيفا عاقلا عالما بالتأويل، يحسن منه ما يقول. وانصرف من عند أبي القاسم من اليمن في وقت خروج الحجيج من اليمن للحج، فصار إلى مكة. فلما استقر الحجيج بمنى في أيام التشريق، جعل أبو عبد الله يسأل عن موضع نزول أهل المغرب ليخرج في جملتهم إذا نفروا. فمر برجال من كتامة قد كانوا حجوا في ذلك العام ممن كان تشيع بأسباب الحلواني ممن لم يلحقه، فسمعهم يتذاكرون فضل أمير المؤمنين علي عليه السلام، وجلس إليهم وفاتحهم في ذلك، فمالوا إليه، ووجدوا عنده من ذلك ما لم يكونوا سمعوا به، واعجبوا به، وسالوه عن بلده، فذكر لهم أنه من أهل المشرق ولكنه يريد المغرب، فسروا بذلك، واغتبطوا بصحبته، وكان منهم إليه اكرام واجلال، وجرى من حضره معهم ما يطول ذكره مما قد ذكرناه في غير هذا الكتاب مما ذكرنا إنا ألفناه. وخرج معهم من مكة حتى صاروا إلى سوجمار حيث كان الحلواني، فهو من بلد كتامة، مسيرة يوم، نزلوا عند شيوخ لهم من الشيعة قد أدرك بعضهم الحلواني، واجتمع اولئك الشيوخ عند أبي عبد الله فوجد عندهم المعرفة والتهيؤ للقبول ما لم يجده عند الذين قدم معهم، ففتح لهم بعض ما عنده، فخلوا به في ليلتهم تلك، وذعنوا إليه في تعريفهم أمره. وقال - من أدرك الحلواني منهم -: والله لقد وصفك لنا شيخنا بصفتك ما غادر غير أنه ذكر أن في فيك اصبع. فتبسم أبو عبد الله ولم يزالوا حتى أظهر لهم أمره، وأخذ عليهم في ليلتهم تلك، ولما أخذ عليهم بالكتمان وضع اصبعه في فيه كما يفعل من يأمر بالصمت، وقال لهم: هذا الاصبع الذى ذكر الحلواني في في.
[ 416 ]
ولما أصبحوا أجلسوا أصحابهم، وأظهروا من تعظيم أبي عبد الله ما لم يكن قبل منهم، وقالوا لاصحابهم: نحن نخرج معكم، فأقيموا عندنا اليوم. ثم أطلعوه على خبره، فأخذ عليهم. ودخل بلد كتامة في سنة ثمان ومائتين، ومضى معه الرجال الذين أخذ عليهم بسوجمار. فلما صار إلى جبل بلد كتامة تنازع الذين قدموا معه من الكتاميين فيه، وأراد كل فريق منهم أن يكون قصده إليه، ونزوله عليه. ثم اتفقوا على أن يخبروه في ذلك، فقال لهم: أين فج الاخيار ؟ فنظر بعضهم إلى بعض بما قال، قالوا له: ومن أين تعلم أنت هذا الفج ؟ قال: ما أعلمه، ولكن امرت أن يكون دخولي إلى بلد كتامة منه، فأيكم كان طريقه عليه، وقصد موضعه من جهته كنت معه. فكان ذلك طريق جيملة، فسار معهم. وقال للآخرين: أنا أزوركم، وآتي كل قوم منكم في مواضعهم. ونزل ايكجان من بلد كتامة في حد بني سكتان. أبو عمر، قال: اشتريت ثوبا من الزهافي ومتاع كنت اشتريته سرت به إلى بغداد. وطلب الثوب مني لخليفة كان يقرب ما استخلف وأدخلت إلى القصر لاقبض ثمنه، فدفعت إلى شيخ له هيئة حسنة، وهو جالس، وعن يمينه فتى جميل الوجه حسن الهيئة، فاشترى الشيخ الثوب مني، وأمر لي بثمنه، ثم سألني عن بلدي، فقلت: من أهل المغرب. قال: من أي المغرب أنت ؟ قلت: من مدينة يقال لها: مجانة. قال: وأين أنت من مكان يقال له جيحل ؟
[ 417 ]
قلت: وثم موضع يقال له: جيجل ؟ قال: ما سمعت بهذا الموضع ؟ ثم أنكرت، فقلت له: تريد جيحن (1). قال: وثم موضع يقال له: جيجن. قلت: هو من موضع كتامة بيننا وبينه مسافة خمسة أيام. قال: قد يكون صحف. ثم ضرب بيده على كتف الفتى، فقال: إذا خرج الخارج من جيجن هذه، فان خروجه سبب انقطاع دولتكم يا بني العباس. وكان كثير ما يرد كتب بني العباس إلى عمالهم بافريقية وفي أواخرها. وأحسن الرباط خيلا، ورجلا، وعدة، فان السجل إنما يطوى من آخره. وذلك كما صح عندهم من الروايات في اخبار ما يكون انقطاع دولتهم هناك. وهذا ما يجري مجراه من الاخبار عما يكون انما يأتي من أنبياء الله الذين أطلعهم عليه من عليم غيبه الذى لا يطلع عليه إلا من ارتضى من رسوله، كما قال تعالى (2). فصار من ذلك ما صار، إلى من صار إليه عنهم عليهم السلام، ورفع إلى من حدث به وذكره على ما قدمنا القول فيه من ذلك من مثل هذا، ومن غيره مما هو في معناه. [ 1290 ] ومن هذا المعنى ما رواه محمد بن سلام الكوفي، باسناده، عن عبد الله بن الحسن، أنه كان في أيام بني امية، إذا خلا بمن يثق به (1) هكذا صححناه وفي الاصل: جيجل. (2) اشارة إلى الآية: " عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا. إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا " الجن: 26 و 27.
[ 418 ]
ذكر له سر أحوال بني امية، واومى إلى القيام عليهم. فلما ظهر أبو مسلم بخراسان، سكت عن ذلك. فقيل له: هذا أبو مسلم قد قام يدعو إلى الرضا من آل محمد، ولبس السواد، وسود راياته على الحسين عليه السلام، وقد كنت تذكر مثل هذا، وأنت اليوم لا تذكره، فما الذي فيه ؟ فقال: والله لهذه الرايات أضر عليكم وأغلظ عليكم من رايات بني امية. ولكن انظروا هل طلعت رايات من المغرب ؟ قالوا: لا. قال: فهي التي يكون الفرج معها، فإذا طلعت فبادروا إليها. [ 1291 ] وروى يحيى بن سلام - صاحب التفسير - رفعه باسناده إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه قال: تطلع الشمس من مغربها على رأس الثلاثمائة من هجرتي. وهذا حديث مشهور، ولم تطلع الشمس من مغربها في هذا الوقت ولا قبله ولا بعده، وإنما عنى عليه الصلاة والسلام بذلك قيام المهدي بالظهور من المغرب. والعرب تقول: طلع علينا فلان، وطلع من مكان كذا وكذا إذا أقبل منه. ويسمون الرجل الفاضل شمسا، قال الشاعر: فانك شمس والملوك كواكب * إذا طلعت لم يبد منهن كوكب وقد سمى الله تعالى نبيه سراجا، فقال: " إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا * وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا " (1). وسمى الله تعالى الشمس سراجا، فقال: " وجعل الشمس سراجا " (2) وقال: " سراجا وهاجا " (3) يعني الشمس. (1) الاحزاب: 45 و 46. (2) نوح: 16. (3) النبأ: 13.
[ 419 ]
والمهدي هو المراد بالشمس التي ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله أنها تطلع من المغرب على رأس الثلاثمائة من هجرته، وكذلك طلع هو عليه السلام في سنة سبع وتسعين ومائتين، ورأس الثلاثمائة ما دخل في عقد آخر عدها أعني العشرة الاخرة من عدد الثلاثمائة، ولم يطلع في ذلك الوقت، ولا فيما قرب منه من قبله ولا من بعده شمس من المغرب، ولا انسان يشبه بالشمس ويضاف اسمها إليه غيره. ومن ذلك ما قاله الفهري في المهدي عليه السلام في قصيدة له طويلة: فعند الست والتسعين قطع القول والعذر * لامر ما يقول الناس بيع الدر بالبعر وصار الجوهر المكنون علفا غير ذي قدر * يتيم كان خلف الباب فانقض على الوكر ففي سنة ست وتسعين ظهر أبو عبد الله على مملكة إفريقيا، وأقام دعوة المهدي، ورأى الناس أن الاشراف فيهم، وهم الارذلون، وقد سلب ملكهم قوم لا خلاق لهم وهم أصحاب أبي عبد الله وأنصار دولة الحق. وقوله: يتيم كان خلف الباب، يعني المهدي، وكذلك كان. مات أبوه وهو صغير وكذلك كان رسول الله صلى الله عيه وآله. وهذا مما قدمنا ذكره أن قائله قالوامنه ما انتهى إليهم عن أنبياء الله تعالى، ومن أخبار ما يكون. ومن ذلك قول الحربي، وكان شيخا من قرية من قرى تونس، يقال لها: أعرابي، قد خرف، وكان عنده أخبار ما يكون، فانتهى خبره إلى إبراهيم بن أحمد الاغلبي (1)، وكان قد بحث عن هذه الاخبار، فطلبها، ولحق أيام أبي (1) وهو ابن الاغلب ابراهيم بن أحمد بن محمد بن الاغلب من أمراء الاغالبة، المولود 237 ه تولى الحكم في افريقية سنة 261 ه وانتقل إلى تونس سنه 281 فسكنها واتخذ بها القصور، وغزا الافرنج، فاتتح كثيرا من حصونهم وقلاعهم. وأخيرا اصيب بالماليخوليا فقتل كثيرا من أصحابه وكتابه وحجابه ونسائه، وقتل اثنين من أبنائه وثمانية إخوة له وبناته. عزله المعتضد العباسي سنة 289 ه ومات في نفس السنة في صقلية ودفن بها وقيل حمل إلى القيروان ومدة ولايته 28 سنة وستة اشهر (ابن خلدون 4 / 203، البيان المغرب 1 / 116، الاعلام 1 / 22).
[ 420 ]
عبد الله، وأرسل إليه وهو ببلد كتامة يدعوه إلى الرجوع عما هو عليه، ويحذره نفسه. وقد ذكرت ما جرى بينهما في كتاب الدولة. ولما تبين أنه صاحب الامر أعرض عنه، وكان إذا خلا مع من يثق به فجرى ذكره يقول: والله لو دخل من آخر أبواب مدينتي هذه لاخرجن من باب آخر. ثم ظهر يومه، فخرج من إفريقيا إلى بلد الروم (1) غازيا، وأسلم ملكه (2) لما علم أن أمر أبي عبد الله وظهوره على إفريقيا قد قرب. وكان لما بلغه أمر الحربي هذا بعث في طلبه، فحمل إليه وهو ابن أربع وتسعين سنة، فسأله أن يخبره بما عنده في أمر مدتهم ودولتهم، فأنكر أن يكون عنده علم من ذلك ويلوك منه، فجزم عليه، وآمنه، وحلف له أن اخبره ليحسن إليه، وأن لا يناله إلا كل ما يحبه، وتواعده بالمكروه إن تمادى على كتمان ذلك عنه، وكان الحربي شاعرا، وكان له قصيدة في ذلك تعرف بقصيدة الحربي طويلة، عرض فيها لخبر ما يكون تعريضا دون التصريح لما خاف أن يهيجه ذلك، فيناله مكروه منه، أولها: أقول وأسلمت القريض لاهله * وعشت زمانا وهو خير مكاعب أمن بعد تسعين سنينا أعدها * وأربعة من بعد ذاك رواتب ازاحم أهل الشعر بالشعر راجزا * أبى الله هذا بعد أن جب غاربي ولكنني أرجو من الله عفوه * بأوبة مأمون السريرة تائب وآمل غفرانا بفضل تلاوة * ارددها ليلي بفكرة آيب صرفت اموري للذي أنا عبده * لعى رب العرش معطي الرغائب فلست حياتي سائلا غير ذي العلى * وإلا فجبت من يميني رواجبي ألا يا أمين الله وابن أمينه * وعاشر سادات الملوك الاغالب (1) إلى صقلية. (2) إلى ابنه أبي العباس عبد الله.
[ 421 ]
وجدت كتابا قد تقادم عهده * رواية أشياخ كرام المناسب رواية وهب عن سطيح ودينل * مشايخ علم صادق غير كاذب تتابع رايات من الشرق سبعة * إلى الغرب سود خافقات الذوائب يسين بأخزر العيون تراهم * مباسمهم سمط طوال الشوارب ويقول فيها هذه الابيات: ولاة بني العباس عشرون واليا * تدين لهم بالرغم أرض المغارب وفي الست والتسعين تهبط راية * من الغرب في جمع كثيف المواكب يمزق أرض البربرية جمعهم * بخيل كأمثال القطا المتسارب وتطلع شمس الله من غرب أرضه * فلا توبة ترجى هناك لتائب سمي نبي الله وابن وصيه * واكرم مولود وأشرف طالب فيملا أرض الله عدلا ورحمة * بأيام صدق طيبات المكاسب وبالاعور الدجال ينهد جمعه * سوى عصبة في باذخ الطود راتب ويقتله من بعد عيسى بن مريم * بقدرة رب ماله من مغالب ومن بعدها موت ابن مريم مفضيا * إلى الله في حكم من الله واجب فرمز له فيها، وأغمض معانيها، وجعل كلامها شعرا ليحمل الحذف والاغماض. [ ضبط الغريب ] وأما قوله: وأسلمت القريض. يقول: تركت قول الشعر، يعني من قبل ذلك. والقريض، في اللغة: قول الشعر، والنطق به. يقال منه: فلان يقرض الشعر أي يصنفه. والقريض الاسم من ذلك القصيدة. والرواتب: القوائم. يقال منه: رتب يرتب الرجل: إذا نفض قائما. وقوله: إن جب غاربي. الجب: استئصال ما يقطع من السنام وغيره إذا قطعه بأجمعه. قيل: جبه،
[ 422 ]
وهو مجبوب، وقد جبه، أي قطعه كلا (1). الغارب: أعلى الظهر، وأعلى السنام، ولهو الغارب أيضا، ومنه قيل: حبلك على غاربك (2)، شبهتها بالبعير الذي يلقى رسنه على ظهره، ويثبت، وإذا قطع سنام البعير ضعف، فشبه نفسه بضعف الكبر بالبعير المجبوب الغارب. الاوبة: الرجوع يعني الرجوع إلى الله بالتوبة، والآيب: الراجع. وقوله: وإلا فجبت من يميني رواجبي، جب كما ذكرنا قطعت واستأصلت. والرواجب، جمع راجبة. والراجبة: يجمع ما بين الرجبين من كل اصبع ومن السلامي ما بين المفصلين. والراجبة الطائرة التي [ في ] الدائرة من الحامين الوجنتين من رجليه يقول: وإلا قطعت أصابعه من ذلك الحدين يمينه تقسم بذلك على ما ذكره (3). خزر العيون: الخزر في العين انقلاب الحدقة نحو اللحاظ وهو حول قبيح. وفعل ذلك ناظر الشئ من غير حول. قيل: خزر فلان عورا ذلك إذا نظر إليه بلحظ عينيه كالمغضب. ومنه قول الراجز: لقد تخازرت وما بين من خزر ثم كسرت العين من غير عور يصفهم بالغضب، ويقال للرجل الطويل الاصابع: انه أبسط الاصابع (4). والكثيف من الكثافة: وهي الكثرة والتفاف. والفعل منه كثف يكثف كثافة، والكثيف اسم كثرية يوصف به العسكر والسحاب والماء (5). (1) ومنه قال الشاعر: ونأخذ بعده بذناب عيش * أجب الظهر ليس له سنام وفي الحديث: أنهم كانوا يجبون أسنمة الابل وهي حية. (لسان العرب 1 / 248). (2) هذه الجملة كناية عن الطلاق يعني أنت مرسلة مطلقة غير مشدودة ولا ممسكة بعقد النكاح (3) راجع لسان العرب 1 / 412. (4) لسان العرب 4 / 236. (5) ومنه قول الشاعر:
[ 423 ]
والمواكب جمع موكب، وهو ما اجتمع من الخيل وانفرد من الكثير منها. والجم: الكثير. والطود: الحبل الباذخ المشرف. والراتب: القائم. فهذا شرح ما في هذه الابيات من الغرائب. [ شرح القصيدة ] وأما شرح معانيها وما كان مما ذكر فيها. فأما قوله: تتابع رايات من الشرق سبعة، فهي الرايات التي دخلت إفريقيا من أرض المغرب. وقيل: إنه لا بد من راية ثامنة تدخل وهي التي تفتح المغرب. وهذا إنما يكون لاولياء الله إذا ملكوا المشرق وأنفذوها مما هناك إن شاء الله تعالى. وقوله: وفي الست والتسعين، يعني ما قدمنا ذكره أن ذلك في سته وتسعين ومائتين، أعني فتح أبي عبد الله إفريقيا، وازالة دولة بني العباس منها. وقوله: وتطلع شمس الله من غرب أرضه وقد ذكرنا معناه قبل هذا. وقوله: بالاعور الدجال ينهد جمعه. الاعور الدجال هو ذوالعوار المبين مخلد (1) اللعين هد بباطله جموع الله فلم يبق منهم إلا من لحق بالجبل الابيض بالمهدية. فمن كان ساكنا بها فزع إليهم ممن كان ساكنا في نواحي إفريقيا. وقوله: ويقتله من بعد ذلك ابن مريم. يعنى المنصور وفي بعض الروايات: ويقتله المنصور وهو ابن مريم، ومن هذا المعنى قول ابن أعقب شعرا: قد قلت لما طار عني الكرى * حتى متى ذا الليل لا يصبح عذبني الحزن وفقد الكرى * كلاهما أقسم لا يبرح وكيف لا يحزن من لا يرى * بانه ببلع يا مسطح وتحت كثيف الماء في باطن الثرى * ملائكة تنحط فيه وتصعد (1) هو أبو يزيد مخلد كيداد المغربي. (اسماعيليان در تاريخ ص 171).
[ 424 ]
دهرا يرى فيه امام الهدى * بأسه بالمعروف يستفتح ويبتني البيضاء في لجة * خضراء فيها نونها يسبح ينجو من الاهوال سكانها * والارض منها كلها تفتح لومد من عمري إلى عمره * لكنت في القرن الذي يفلح هيهات ماذا العمر مما أرى * فيما أرى الموت به يسمح [ ضبط الغريب ] الكرى: النوم. وعنى بالبيضاء: مدينة المهدية (1). وقوله: ينجو من الاهوال سكانها. وكذلك نجوا من أهوال فتنة مخلد الدجال. ومن ذلك قول ابن أعقب، شعرا: اسمع الحق ودع عنك اللعب * وهاك قولا صادقا غير كذب في الست والتسعين يأتيك العجب * بعد كمال المائتين في رجب ينفض من جيحل جيش ذولجب * امضى من الجمر إذ الجمر التهب من بربر يسعون من كل حدب * ركبا ورجلا ما يملون التعب قد ملاوا المشرق خوفا ورهب * وأنزلوا المغرب ذلا ونصب إذا رأى الكوكب الطويل الذنب * فذاك حدث ظاهر قد اقترب تسعين ألفا بين رأس وذنب * سيماهم الحقد واظهار الغضب يعززها الراكب في عذر الركب * يقودهم كهل عظيم بالكتب يأوى إلى الحزم إذا الجبل اضطرب * ويأخذ الامر البعيد من كتب تنقلب الدولة فيما تنقلب * مهدية في نص انتظار الكتب عن دانيال وسطيح للعرب (1) بناها عبيدالله المهدي تقع على سبعين ميلا جنوب القيروان يحيط بها البحر من ثلاث جهات.
[ 425 ]
[ ضبط الغريب ] قوله: جيش ذولجب. اللجب صوت العسكر يقال من ذلك (1). والحدب: ما ارتفع من الارض. والكتب: القرب. وقوله: في الست والتسعين بعد المائتين. كذلك كان دخول أبي عبد الله إفريقيا، وازالته ملك بني الاغلب منها في سنة ستة وتسعين ومائتين في رجب. وكذلك دخول الخوف من أجله على أهل المشرق، فأزال أعداء الله تعالى من المغرب وكذلك كان جيشه عامته بربر وفيهم أخلاط من قريش ومن العرب، ممن كان في المدائن التي افتتحها قبل ذلك، وكذلك كان أبو عبد الله في حين ذلك أهلا عليما بالكتب ذا سياسة بالامور، وكذلك انقلبت الدولة به إلى المهدي. وما سمعنا من أخبارها يكون بأصح من هذا الشعر في المعنى. وأنشد أبو اليسر إبراهيم بن محمد الشيباني (2) أبا عبد الله هذا الشعر لما صار إلى إفريقيا، وعنده وجوه أهل القيروان. فقال أبو عبدون القاضي ما سمعنا من الحدثان شيئا أصدق من هذا الشعر. وكان ابراهيم بن أحمد قد نقم على أهل بلزمة أمرا فعلوه ولم يكن يقدر عليهم، فلطف بهم وأظهر بر من يأتيه منهم واكرامه وأقطعهم القطائع ووفر لهم الصلات وأتاه جماعة منهم، أنزلهم برفادة في موضع بنى عليه سورا ونصب عليهم أبوابا، فلما اجتمع إليه منهم من رأى أنه لا يأتيه غيرهم فتك بهم في ليلة من الليالي، فقتلهم عن آخرهم. وكان ببلزمة يومئذ رجل من الشيعة يقال [ له ]: محمد بن رمضان من أهل (1) لسان العرب 1 / 735. (2) البغدادي أصلا ولد 223 واستقر في القيروان فترأس ديوان الانشاء لبني الاغلب ثم للفاطميين إلى أن توفي سنة 298 ه.
[ 426 ]
نفطة من مدائن قسطنطينة وكان شاعرا. وصار إليه علم من علم ما يكون ويذكر انقطاع دولة بني الاغلب، ويصف المهدي ويذكر قرب ظهوره، فانتهى ذلك عنه إلى إبراهيم بن أحمد، فأمر بطلبه، وأحسن بذلك فلجا إلى بلزمة ومدح رؤساءها، فأووه وحموه، فلما وقع إبراهيم بن أحمد بمن أوقع به، وانتهى إليه، قال في ذلك هذه الابيات: جل المصاب لئن كان الذي ذكروا * مما أتتنا به الانباء والخبر عن ألف أروع كالاساد قد قتلوا * في ساعة من سواد الليل إذ غدروا لو كان من بيت الاساد أيقظهم * حلت به منهم الاحداث والغير قل لابن أحمد ابراهيم مالكه * عن الخبير بما يأتي ولا يذر عن المشرد في حب الائمة من * آل النبي وخير الناس إن ذكروا اعلم بأن شرار الناس أطولهم * يدا يمكروههم يوما إذا قدروا لا سيما الضيف والجار القريب ومن * أعطوه ذمتهم من قبل ما خفروا فما اعتذارك من عار ومنقصة * أتيتها عامدا إن قام معتذر جرعت ضيفك كأسا أنت شاربها * عما قليل وأمر الله ينتظر فدولة القائم المهدي قد أزفت * أيامها في الذي أنبا به الاثر عن النبي وفيها قطع مدتكم * يا آل أغلب أهل الغدر فاقتصروا وقطع أمر بني العباس بعدكم * وقطع أمر بني مروان إذ بطروا المالكة: الرسالة. أزفت: قربت وأخبر بقرب قيام المهدي وكان كما قال، وأدرك قيامه وأيامه، واستقضاه على الناحية التي كان بها، ومات في أيامه، وقد قارب المائة سنة. ومما قاله قبل ذلك في ظهور المهدي، قوله في قصيدة: كأني بشمس الارض قد طلعت لنا * من الغرب مقرونا إليها هلالها فيملا أرض الله قسطا بعدله * بما ضم منها سهلها وجبالها إذ آمن منها ما أخاف وأتقي * فأظفر بالزلفى به وأنالها
[ 427 ]
فقال: شمس الارض: يعني المهدي على ما قدمنا شرحه وما جاءت به الروايات في ذلك. وقوله: مقرونا إليها هلالها. فالهلال الذي ذكرناه ولي عهده القائم من بعده، وما علمنا أحدا قبله. ذكر مثل ذلك ولحق مما قال بإمامته وظفر بالزلفى لديه به كما ذكرنا عنه. وبما أخبرنا به بعض من أدركنا من شيوخ إفريقيا ممن كان يصحب ولاتها الاغالبة وأقاربهم. وكان الغالب عليهم التشيع. وكان من جملتهم أعني الغالبة رجل يقال له: يعقوب بن المصا، فأخبرنا من أدركه وصحبه ممن كان يجامعه على التشيع أنه كانت له ضيعة بالساحل، وبالقرب من الجزيرة التي ابتنيت مدائن من بعد، فكان إذا خرج إلى ضيعته يأتي هذه الجزيرة، فيصلي فيها، ويمشي بها، وينظر إليها، ويقول: هذه والله صفة الجزيرة التي يقال إن المهدي يبتني فيها مهدية، وما أعلم ساحل إفريقيا الذي يقال إن المهدي يبني فيها مدينة موضعا هو أشبه بما وصف من هذه الجزيرة. وكان ابن أحمد المعروف بالحلواني قديم الاختلاف إلى حصون الرباط الساحل من وقت حداثته للرباط والحرس. ثم بعد ذلك حصن المفسر منها واشتهر ذكره، وترأس به فكان يحدث أنه أتى مرة قصر جمة الذي هو بقرب الجزيرة التي بنيت بها المهدية. قال: وكان لهذا القصر رجل فاضل متعبد يقال له: سليمان الغلفاني، وكان يغشاه ليتبارك به، فأتيناه مرة، فأقمنا بقصر جمة مختلف إليه وكانت الجزيرة بنيت بها المهدية بقرب هذا القصر ينزل بها الروم في فوارن بحلوها ويستترون، فيختطفون ما قدروا عليه من الناس والاموال. قال: وكان المرابطون إذا نزلوا قصر جمة في وقت اجتماعهم للمشي بالعدة على ساحل البحر يدخلون هذه الجزيرة ويختبرون أن لا يكون فيها أحد من العدو. قال: فدخلناها مرة مع الغلفاني، فاختبرناها فلم نجد فيها أحدا. ثم سرنا مع الغلفاني إلى غار كان فيها بالموضع الذي ابتنى فيه المهدي قصره، فاختبرناه فلم
[ 428 ]
نجد به أحدا، وخرجنا منه وصلى الغفلاني ركعات عند الغار، وصلينا كذلك معه. ثم جلس يحدثنا فكان مما قال: إن الله تعالى سيعرف (1) هذا الموضع بأحب خلق الله إليه. وهذا مما بلغه على ما قدمنا ذكره وانما جاء مما ذكرناه مما انتهى الينا من بشرى رسول الله صلى الله عليه وآله بالمهدي وبالائمة من ولده، وما يكون منه ومنهم في ذلك، كما بشرت الانبياء به صلى الله عليه وآله من قبل مبعثه. وكذلك جاءت عنه الاخبار عمن كان آثر العلوم وقبل ذلك في الشعر كما جاء عن امية بن أبي الصلت، وورقة بن نوفل، وزيد بن عمرو، وأسعد بن أبي كرب، وسيف بن ذى يزن، والقس (2) بن ساعدة، وخالد بن سنان، وغيرهم. ومما كان في أمر المهدي والائمة من ولده صلوات الله عليهم أجمعين من البراهين والآيات المشاهدة لامامتهم بعد الذي ذكرناه من خروج المهدي من وطنه إلى المغرب في هجرته وما حرسه الله تعالى به وصرفه عنه كيد الظالمين بعد بذلهم المجهود في تطلبه، وتعم الرسل من بين يديه، بصفته وخبره إلى جميع عمالهم ليقبضوا عليه، وأعمى الله تعالى عيونهم عنه، ووقاه، وسلمه إلى أن حل مدينة سجلماسة، وكلما حل ببلد أفضل على العامل عليه، ووصله، فأهدى إليه، فمنهم من لم يعرفه واكرمه لذلك، ومنهم من عرفه وترك التعرض له لما كان منه ومنهم من عرفه ذلك حذره. واخبارهم بذلك مما يطول ذكره، وذلك كله لما ألقاه الله تعالى في قلوبهم له حتى إذا حل سجلماسة عامل ابن مدرار سلطانها بذلك، فكان يخصه ويكرمه ويوجب حقه إلى أن وصلت رسل صاحب بغداد وافريقيا إليه واتصلت الاخبار من جهات كثيرة به، وبأنه هو الذي يدعو إليه أبو عبد الله، وأمر بالقبض عليه، وحذر من أن يفوته أو أن (1) هكذا في الاصل. (2) هكذا صححناه وفي الاصل: القيس.
[ 429 ]
يداهن في أمره. فسأله عن نفسه، فعرفه أنه من ولد الحسين عليه السلام لصلبه. فقال: لم لم تعرفنا بذلك قبل هذا ؟ فقال: ما كان لي من حاجة إلى ذكر ذلك، فأذكره [ عندما ] تسألني عنه، فإذا سألتني عنه لم يسعني أن أنتفي من [ نسبي ولا ] أن اكتمه، فأطلعتك على ما سألتني. فقال له: فهذا الرجل [ يذكر ] ببلد كتامة، وغلب على نواحي إفريقيا اليك يدعو. قال: ما رأيت الرجل ولا أعرفه. وكذلك كأن لم يكن [ يتذكر ]، كما قدمنا الخبر بذلك. قال: ولكنه بلغني أنه يدعو [ للمهدي ] من آل محمد. قال: فإنه أخذ إفريقيا وأقبل بعساكره، وما يدعو إلا اليك. قال: أهل النسب بالمغرب كثير، فان كان [ لي يدعو ] نفعتك عنده، ولم أضرك، وإن كان إلى غيري لم [ يكن لي ] في ذلك مقال. فحرم الشقي حظه منه وغلبت الشقوة [ عليه ] واختطفه، وجعل الحرس عليه وأقصاه، وأظهر جفوته وهرب أبو عبد الله منه، وكتب إليه بخير، فانه إليه جاء ويسأله [ أن لا ] يتعرض، ويعده بالجميل. فقتل رسل أبي عبد الله ومزق الكتاب وأظهر الغضب والانفة مما كتب به إليه، وغل الله يده عنه، وقصرها أن يناله بمكروه حتى نزل أبو عبد الله سجلماسة، وخرج بمجموعة إليه وحاربه. فتغلب أبو عبد الله عليه وولى هاربا، فأدرك فأتي به إليه بعد أن خرج المهدي وتلقاه أولياؤه. وأمر بقتل الفاسق ابن مدرار، وكان [ قد ] كف يده عنه، وهو في حوزته، وقد أصر عليه لشقوته، آية عبرة وبرهان للمهدي. وقد كان أبو عبد الله يقول لاصحابه الذين استجابوا لدعوته: إن الله يحفظ المهدي ويقيه ويدفع عنه حتى يظهر ويعز نصره. فلما رأوا ذلك قويت بصائرهم وخلصت نياتهم، وكان أبو العباس أخو أبي عبد الله وهو اكبر منه،
[ 430 ]
وأخص بالولاية قديما قد قدم مع المهدي حتى وصل معه إلى طرابلس. ثم أرسله المهدي إلى أخيه مقدما بين يديه، وهو يومئذ ببلد كتامة، وكان عزم المهدي أن يقصد قصد أبي عبد الله، وأراد أن يعرفه ذلك فظهر على أبي العباس بالقيروان. وعلم أنه أخو أبي عبد الله، وبأنه قدم مع المهدي فعاقبه [ على ] ذلك وأخرجه إلى جهة قسطنطينة. فلم ير المهد ي أن يقصد إلى أبي عبد الله خوفا على أبي العباس أن يعلم بحقيقة أمره فيقتل. فحمل نفسه على المكروه، وسار إلى سجلماسة، وكتب إلى أبي عبد الله بذلك، وكان أبو العباس ردئ السيرة. ولما ثار مدلج على زيادة الله خرج أهل السجن وخرج أبو العباس فيمن خرج وتوجه راجعا إلى المشرق، فلحقه زيادة الله في وقت هروبه بطرابلس، وقبض عليه ثم خلاه. ولما اجتمع مع أبي عبد الله أحدث نفاقا واستفسد رجال الدولة بعد أن صار المهدي إلى إفريقيا، ووسوس إلى أخيه أبي عبد الله واستفسده، وأراد أن يكون الامر والنهي والاصدار والايراد لهما دون المهدي، وأن يكون المهدي كالمولى عليه معهما. وكان أبو عبد الله قد عود شيوخ المياميين قبل ذلك امور عشائرهم بأيديهم والاموال التي أفاء الله بها على وليه في أيديهم. فلما وصل المهدي قبض ذلك، وصار إليه، وانفرد بالامر كما أفرده الله به، وأخل أبو العباس الشيوخ من هذا الوجه، ويشبه عليهم دل اكثرهم عليه، وعاقده على الوثوب على المهدي كما تعاقد المنافقون على الوثوب على رسول الله صلى الله عليه وآله من قبله، فكلما عقدوا عقدا انحل في أيديهم، وكلما أبرموا أمرا أحله الله عليهم، وإذا دخلوا إليه ليخاطبوه بما أبرموه وتوثبوا عليه أفحموا عما أرادوا أن يقولوه، وغلت أيديهم عنه، وهو في ذلك قد علم أمرهم فلم يرعه ذلك ولا غير شيئا من حاله، وكانوا يدخلون إليه بسلاحهم فلا يحجبهم، ولا يتعديهم، ولم يبق له على الوفاء بما أخذ له عليهم إلا قليل منهم حتى شتت الله أمرهم، ومحقهم، وقتل من قتل منهم، ثم هرب من هرب منهم عن بابه، ولحقوا ببلد كتامة، وأقاموا وغدا من أوغادهم يدعون إليه، وأحدقوا دعوة، واستحلوا فيها المحارم، وأتوا فيها بالعظائم، فأخرج
[ 431 ]
إليهم المهدي ولي عهده (1) فهدم جمعهم وقتل رجالهم، وأسر المناجم فيهم، وتاب أكثرهم، فعفا عنهم، وأصلح امورهم، وكانت في ذلك أيات وبراهين ومعجزات وأخبار يطول شرحها ويخرج عن حد هذا الكتاب استقاصاؤها وشرحها. فأما من ثار عليه وعلى الائمة من ولده من الوثاب، وخرج عليهم من الخوارج، وما كان في ذلك أيضا لهم من البراهين فهوما إن ذكرناه قطع ما أردناه من بسط هذا الكتاب الذي عليه بسطنا وخرج عن حده. وأعظم ذلك ما كان في فتنة الدجال اللعين مخلد في أيام القائم والمنصور والمعز (صلعم) لما قام من بعد [ هم ]، وقد بسطنا من أخبار فتنة الدجال اللعين مخلد، وما كان من الآيات والبراهين والمعجزات فيها للقائم والمنصور (صعلم) كتابا ضخما كبيرا استقصينا فيه جميع ما جرى في ذلك، وبسطنا أيضا كتابا عددا في سير المعز إلى حين انتهى إليه. ومما أفرده الله به وخصه بالفضل فيه، وما له في ذلك من البراهين الواضحة والشواهد البينة في أقل القليل من ذلك ما يكتفي به أولو الالباب، ومن هدى الله إلى الحق، ووفق للصواب. وانما رسمنا كتابنا هذا برسم الاختصار والاقتصار على عيون الاخبار، وإن كان قد طال، وان كنا قد اختصرنا وتركنا كثيرا مما ينبغي أن نذكره، فحذفنا ذلك لكثرة فضائل أولياء الله التي قصدنا إلى ذكرها، وما وهبه الله تعالى، واختصهم به منها، والله يصل ذلك بالمزيد لهم من فضله كما وعدهم وهو لا يخلف الميعاد. تم الجزء الخامس عشر من كتاب شرح الاخبار في فضائل الائمة الاطهار من تأليف سيدنا القاضي النعمان بنمحمد قدس الله روحه وأنعم. (1) وهو القائم الفاطمي.
[ 432 ]
..
[ 433 ]
شرح الاخبار في فضائل الائمة الاطهار للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي المتوفى سنة 363 ه. ق الجزء السادس عشر
[ 434 ]
.....
[ 435 ]
بسم الله الرحمن الرحيم [ صفات شيعة أمير المؤمنين عليه السلام ] [ 1292 ] [ بشير ] بن أبي بشير (1) قال: تخلفت عن زيارة أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام سنينا لتعذر الاشياء علي. ثم لطفت في شئ حتى اجتمع لي، فخرجت إلى الحج، فلما قضيت حجي قصدت المدينة إلى أبي جعفر عليه السلام، فدخلت عليه، فقال لي: يا أبا بشير لم أرك سنين ؟ فقلت له: جعلت فداك، كبر سني، ودق عظمي، وقلت ذات يدي، فلما كان هذا العام وقع في يدي شئ، فاشتريت نضوا (2) وزادا، وتركت لاهلي نفقة بما شئت عنه اكثر مما ركبته، فلما قضيت حجي، قلت: أمر بأبي جعفر، فأقضي من حقه ما يجب. فقال لي يا أبا بشير إذا كان يوم القيامة فزعتم الينا، وفزعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، وفزع إلى الله، فأين تذهب يا أبا بشير ؟ قلت: إلى الجنة. (1) وأظنه بشير بن ميمون الوابشي النبال الكوفي. راجع اعيان الشيعة 3 / 586. (2) أي بعيرا هزيلا.
[ 436 ]
قال: إلى الجنة، والله إلى الجنة، والله إلى الجنة - يقولها ثلاث -. [ محبة الاخوة ] [ 1293 ] [ سماعة ] بن مهران، قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا سماعة، كيف حبك لاخوانك ؟ قلت: جعلت فداك، والله اني احبهم وأودهم. قال: يا سماعة إذا رأيت الرجل شديد الحب لاخوانه فهكذا هو في دينه. يا سماعة إن الله يبعث شيعتنا يوم القيامة على ما فيهم من عيوب، ولهم من ذنوب، مبيضة وجوههم، مستورة عوراتهم، آمنة روعاتهم قد سهلت مواردهم وذهبت عنهم الشدائد، يحزن الناس ولا يحزنون، يفزع الناس ولا يفزعون، وذلك قوله تعالى " من فزع يومئذ آمنون " (1). [ أعينونا بورع واجتهاد ] [ 1294 ] عمران بن مقدم، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام يقول: خرجت مع أبي إلى مسجد النبي صلى الله عليه وآله حتى إذا كنا بين القبر والمنبر نظر إلى ناس من أصحابه، فدنا منهم وسلم عليهم. ثم قال لهم: إني والله احب ريحكم وأرواحكم، فأعينونا على ذلك بورع واجتهاد. [ واعلموا أن ولايتنا لا تنال إلا بالعمل والاجتهاد ] (2) أنتم والله شيعتنا، فأنتم شرطة الله، وأنتم أنصار الله، (1) النمل: 89. (2) ما بين المعقوفتين من أمالي الصدوق ص 500.
[ 437 ]
وأنتم السابقون الاولون [ والسابقون ] الآخرون، السابقون في الدنيا إلى الخير، والسابقون في الآخرة إلى الجنة. ضمنا لكم (1) الجنة بضمان الله، وضمان رسول الله صلى الله عليه وآله. والله ما على درج الجنة اكثر أرواحا منكم، وانكم لفي الجنة. فتنافسوا في الدرجات أنتم الطيبون، ونساؤكم الطيبات، كل مؤمنة حوراء عينا، وكل مؤمن صديقكم. ولقد قال أمير المؤمنين عليه السلام: أبشروا فوالله لقد مات رسول الله صلى الله عليه وآله وهو راض عنكم ايها الشيعة، الا إن لكل شئ ذروة (2)، وذروة الاسلام الشيعة، ألا لكل شئ دعامة، ودعامة الاسلام الشيعة، الا إن لكل شئ شرف، وشرف الاسلام الشيعة، ألا إن لكل شئ سيد، وسيد المجالس الشيعة، ألا إن لكل شئ أمانا، وأمان الارض الشيعة. والله لولا من في الارض منكم ما استكمل أهل خلاقكم [ ولا أصابوا ] الطيبات ما لهم في الدنيا، وما في الآخرة نصيب، كل ناصب وان تعبد واجتهد منسوب إلى هذه الآية " عاملة ناصبة. تصلى نارا حامية " (3). [ ضبط الغريب ] قوله: ذروة الاسلام الشيعة. ذروة كل شئ أعلاه، ودعامة الشئ: أصله الذي يثبت عليه. والناصب هو الذي نصب العداوة لآل محمد، وقد (1) هكذا صححناه وفي الاصل: هنيئا لكم (2) وفي أمالى الصدوق: لكل شئ عروة. (3) الغاشية: 3 و 4.
[ 438 ]
أمر الله تعالى في كتابه بمودتهم، فمن عاداهم فقد خالف الله ورسوله وكتابه ولم ينفعه عمل يعمله ما كان مصرا على ذلك غير تائب. وقوله: وأنتم شرطة الله، القيام بأمره من ذلك. شرطة الجيش: هم شراطة السلطان الذين يقومون بالامور. [ من مات على الولاية ] [ 1295 ] موسى بن عباس، باسناده، أنه قال لي أبو عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام: من مات منكم على أمرنا كمن ضرب فسطاطه إلى روات القائم، بل بمنزلة من استشهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله. [ 1296 ] [ حماد ] بن أعين، قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام: أما ترضون - يعني الشيعة - أن تقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة وتكفوا ألسنتكم، فتدخلوا الجنة. أما ترضون بأن يأتي قوم يلعن بعضهم بعضا. الا أنتم ومن قال مثل قولكم من مات منكم على أمرنا هذا كان بمنزلة من استشهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله (1). [ من سر أخاه المؤمن ] [ 1297 ] أبو بصير، عن أبي حمزة، قال: دخلت على أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام وعنده أبان، فقال له أبان: حدثني جعلت فداك عن فضل المؤمن. قال: نعم يا أبان. المؤمن منكم إذا توفي أتاه رجل في أحسن ما يكون من الصور إليه في حين خروج نفسه، وعند دخوله قبره، وعند (1) وفي البرهان 4 / 293: على هذا الامر لشهيد بمنزلة الضارب بسيف في سبيل الله.
[ 439 ]
نشوره، وعند وقوفه بين يدي ربه، فيقول: أبشر يا ولي الله بكرامته ورضوانه. فيقول له المؤمن: يا عبد الله، ما أحسن صورتك وأطيب رائحتك، وتبشرني عند خروج نفسي، وعند دخول قبري، وعند نشوري، وعند موقفي بين يدي ربي، فمن أنت جزيت خيرا ؟ فيقول له: أنا السرور الذي أدخلته على فلان يوم كذا وكذا، بعثني الله اليك لاقيك الاهوال حتى تلقاه. يا أبان، المؤمن منكم إذا مات عرج الملكان، فيقولان: إنا كنا مع ولي لك، فنعم المولى كنت له، وقد أمرت بقبض روحه، وجئنا أن نعبدك في سماواتك. فيقول تعالى: لا حاجة لي أن تعبداني في سماواتي يعبدني غيركما، ولكن اهبطا إلى قبر وليي، وآنساه، وصليا عليه في قبره إلى يوم أبعثه. فيصلي ملك عند رأسه، وملك عند رجليه، الركعة من صلاتهما أفضل من سبعين ركعة من صلاة الآدميين. [ مقام الموالي ] [ 1298 ] زيد بن أرقم، قال الحسين عليه السلام: ما من شيعتنا إلا صديق وشهيد. [ قلت ]: جعلت فداك أنى يكون ذلك، وهم يموتون على فراشهم ؟ فقال: أما تتلو كتاب الله تعالى في الذين آمنوا بالله ورسوله: " اولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم " (1). قلت: جعلت فداك، كأني والله ما قرأت هذه الاية [ من كتاب (1) الحديد: 19.
[ 440 ]
الله ] قط. قال:: إنه لو لم يكن الشهداء إلا من قتل بالسيف لقال الله الشهداء (1). [ الشرح ] وهذا خبر يحتاج إلى الشرح. ومجمل [ القول ]: الشهداء والصديقون هم الائمة من آل محمد في كل قرن منهم شهيد كما قال الله تعالى " جئنا من كل امة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا " (2) يعني الذين هم في عصره لان قوله هؤلاء لا يكون إلا لقوم أشار إليهم قد حضروا ولا يكون لمن لم يأت بعد، والشهيد على كل امة امام زمانهم والائمة هم الشهداء لقول الله تعالى: " وجئ بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق " (3) والنبيون هم الرسل إلى العباد، والشهداء هم الائمة بين كل نبيين وبعد محمد صلى الله عليه وآله من ذريته إلى أن تقوم الساعة لقول الله تعالى " والذين آمنوا بالله ورسله اولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم " (4) عنى به الائمة، فهم رؤوس المؤمنين. واسم الايمان يجمع الرسل والائمة وسائر المؤمنين لانهم كلهم آمنوا بالله والائمة أيضا هم الصديقون بالحقيقة لانهم صدقوا الرسول بما بلغوا عنهم وقاموا بما قاموا له من دين الله الذي شرعه لعباده بهم، وهم الشهداء عليهم، كل امام شاهد على أهل عصره يشهد لهم وعليهم عند الله تعالى بما شاهد من أعمالهم والله تعالى أعلم بذلك من الخلق أجمعين ولا يسأل عما يفعل كما قال الله تعالى " وهم يسألون "، ولا يكون الشاهد إلا على من شاهده ورآه ووقف عليه. (1) وفي البرهان 4 / 292: قال: لو كان لس إلا كما تقولون كان الشهداء قليلا. (2) النساء: 41. (3) الزمر: 69. (4) الحديد: 19.
[ 441 ]
والشهداء والصديقون بالحقيقة كما ذكرناهم ائمة العباد، ومن تولاهم ينسب إليهم، وكان منهم بالتولي كما قال الله تعالى حكاية عن خليله إبراهيم " فمن تبعني فإنه مني " (1). فمن هذا المعنى قول الحسين عليه السلام في هذا الحديث الذى شرحناه: ما من شيعتنا إلا صديق وشهيد. نسبهم إلى الصديقين والشهداء الذين هم الائمة عليهم السلام بتوليهم إياهم على نحو ما قدمنا ذكره. [ 1299 ] ابن حفص، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام يقول: إذا اجتمع الخلائق يوم القيامة لفصل القضاء وضع للائمة منابر من نور، فصير الله تعالى حساب شيعتنا الينا، فما كان بينهم وبين الله استوهبناه، وما كان بينهم وبين العباد قضيناه، وما كان بيننا وبينهم فنحن أحق بالعفو عنهم، ومن ذلك قول الله تعالى " إن إلينا إيابهم. ثم إن علينا حسابهم " (2). [ 1300 ] ابن الهيثم، عن بشير الدهان، قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا بشير أقررتم وأنكر الناس، وتوليتم وعادى الناس، وعرفتم وجهل الناس، وأحببتم وأبغض الناس، فهنيئا لكم. [ المحب لاهل البيت عليهم السلام ] [ 1301 ] عن أبي بصير، باسناده، عن علي عليه السلام، أنه قال: يجئ من يجيئنا (3) يوم القيامة حتى يرد على نبينا محمد صلى الله عليه وآله الحوض كهاتين - وجمع بين اصبعيه -. [ 1302 ] [ وبآخر ] يرفعه إلى علي عليه السلام، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لي: (1) ابراهيم: 36. (2) الغاشية: 25 و 26. (3) هكذا في الاصل وأظنه: من يحبنا.
[ 442 ]
يا علي، إذا كان يوم القيامة وضعت عن يمين العرش موائد من يواقيت ولؤلؤ يجلس حولها رجال يأكلون ويشربون والناس في الحساب. قال علي عليه السلام، فقلت: من هؤلاء يا رسول الله ؟ قال: شيعتك يا علي، وأنت امامهم يوم القيامة. [ 1303 ] أبو عبد الله الجدلي، قد قال: قال علي بن أبي طالب عليه السلام: يا أبا عبد الله ألا احدثك بالحسنة (1) التي من جاء بها أمن فزع يوم القيامة، وبالسيئة (2) التي من جاء بها أكبه الله في النار لوجهه ؟ قلت: بلى يا أمير المؤمنين. قال: الحسنة حبنا، والسيئة بغضنا. [ 1304 ] حماد بن أعين، قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي عليه السلام يقول: والله لنشفعن، والله لنشفعن، والله لنشفعن. قلت: لمن يابن رسول الله ؟ قال: لشيعتنا حتى يقول عدونا " فما لنا من شافعين. ولا صديق حميم. فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين " (3). [ 1305 ] أبو عبد الله، عن [ أبي ] جعفر عليه السلام، أنه قال: إن الله تعالى تعالى بعث شيعتنا يوم القيامة على ما فيهم من ذنوب وعيوب مبيضة وجوههم، مستورة عوراتهم، آمنة روعاتهم، قد سهلت لهم الموارد، وذهبت عنهم الشدائد، يركبون نوقا من نواقيب يدورون خلال الجنة، يوضع لهم الموائد، فلا يزالون يطعمون والناس في الحساب، وهو قول (1) هكذا صححناه وفي الاصل: بالجنة. (2) هكذا صححناه وفي الاصل: السنة. (3) الشعراء: 100.
[ 443 ]
الله تعالى " إن الذين سبقتلهم منا الحسنى اولئك عنها مبعدون. لا يسمعون حسيسها وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون. لا يحزنهم الفزع الاكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون " (1). [ 1306 ] ابن مصعب، عن أبي عبد الله عليه السلام، أنه قال: من أحبنا لا لدنيا يصيبها منه ولا لقرابة بيننا وبينه، وعادى عدونا لا [ لاحنة كانت ] (2) بينه وبينه ثم أتى إلى الله يوم القيامة وعليه ذنوب مثل زبد البحر ورمل عالج وقطر السماء وعدد أيام الدنيا بدلها الله له حسنات. [ الرسول وشيعة علي ] [ 1307 ] أبو بصير، عن أبي عبد الله، عن آبائه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه قال لعلي عليه السلام: بشر شيعتك إن الله قد رضي عنهم إذ رضيك لهم إماما، ورضوا بك وليا. يا علي، أنت أمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين. يا علي، شيعتك المنتجبون، لولا أنت وشيعتك ما قام لله دين، ولولا من في الارض منكم ما أنزلت السماء قطرها. يا علي، شيعتك القائمون بالقسط، وخيرة الله من خلقه. يا علي، أنت وشيعتك على الحوض تسقون من أحببتم، وتمنعون من كرهتم، وأنتم الآمنون (3) يوم الفزع الاكبر في ظل العرش، يفزع (1) الانبياء: 101 - 103. (2) هكذا صححناه وفي الاصل: لا تره بينه. (3) هكذا صححناه وفي الاصل: المؤمنون.
[ 444 ]
الناس ولا تفزعون، ويحزن الناس ولا تحزون، أنت وشيعتك بالموقف تطلبون، وأنتم في الجنان تتنعمون. يا علي، إن الملائكة وخزان الجنة يشتاقون اليكم، ويفرحون بمن قدم عليهم منكم كما يفرح أهل الغائب بقدوم غائبهم بعد طول الغيبة. يا علي، شيعتك يخافون الله في السر والاعلان. يا علي، شيعتك الذين يتنافسون في الدرجات لانهم يلقون الله تعالى وما عليهم ذنوب. يا علي، إن أعمال شيعتك ستعرض علي في كل جمعة، فأفرح بصالح ما بلغني من أعمالهم، وأستغفر لسيئاتهم. يا علي، ذكرك في التوراة، وذكر شيعتك قبل أن يخلقوا بكل خير، وكذلك في الانحيل. فاسأل أهل التوراة والانجيل فانهم إن صدقوك أخبروك، فانهم ليعظمون عليا وشيعته. يا علي، اخبر شيعتك إن ذكرهم في السماء (1) في رقادهم وعند وفاتهم، فينظر الملائكة إليها كما ينظر الناس إلى الهلال شوقا إليهم، ولما يرون من منزلتهم عند الله. يا علي، قل لاصحابك العارفين بك يتنزهون عن أعمال السوء التي لا يفارقها عدوهم، فما من يوم وليلة إلا ورحمة الله تغشاهم، فليجتنبوا الدنس. يا علي، اشتد غضب الله على من قلاهم وبرئ منك ومنهم، واستبدل بك وبهم، ومال إلى غيرك وتركك وشيعتك واختار الضلال ونصب لك ولشيعتك وأبغضنا أهل البيت، وابغض من (1) وفي بشارة المصطفى ص 181: لن أرواح شيعت لتصعد إلى السماء. (*)
[ 445 ]
تولانا. وعظمت محبة الله لمن أحبك ونصرك واختارك وبذل مهجته وماله فينا. يا علي، أقرئهم مني السلام من لم أرمنهم ولم يرني، وأعلمهم أنهم إخواني الذين أشتاق إليهم، وكذلك من جاء من بعدهم منهم، فليتمسكوا (1) بحبل الله، وليعتصموا به، وليجتهدوا في العمل، فاني لا اخرجهم من هدى إلى ضلال أبدا. وأخبرهم أن الله تعالى راض عنهم وأنه يباهي بهم ملائكته، وينظر إليهم في جمعه برحمة، ويأمر الملائكة أن يستغفروا لهم. يا علي، لا ترغب عن نصرة قوم بلغهم أني احبك، فأحبوك لحبي إياك، ودانوا الله بمودتك وأعطوك [ صفوة ] (2) المودة من قلوبهم، واختاروك على الآباء والاخوة والاولاد، وسلكوا طريقك وقد حملوا على المكاره فينا مع الاذى وسوء القول، وما يستقبلون به من مضاضة، وكن بهم رحيما، واقنع بهم، فان الله اختارهم بعلمه لنا من الخلق. خلقهم من طينتنا، واستودعهم سرنا، وألزم قلوبهم معرفته حبنا وشرح صدورهم، وجعلهم مستمسكين بحبلنا لا يؤثرون علينا من خالفنا مع ما يرون من الدنيا عندهم. ليس الرياء منهم وليسوا [ منه ] (3) اولئك مصابيح الدنيا. [ 1308 ] محمد بن سلام، باسناده، عن علي بن الحسين عليه السلام، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أحب عليا بقلبه أتاه الله يوم القيامة مثل ثلث ثواب هذه الامة. (1) هكذا صححناه وفي الاصل: فيتمسكوا. (2) هكذا صححناه وفي الاصل: صفقة. (3) هكذا صححناه وفي الاصل: منهم.
[ 446 ]
ومن أحبه بقلبه وأظهر ذلك بلسانه [ أعطاه الله تعالى يوم القيامة مثل ثواب ثلثا هذه الامة. ومن أحبه بقلبه وأظهر ذلك بلسانه ] وأعانه بيده أعطاه الله تعالى يوم القيامة مثل ثواب هذه الامة كاملا. فمن فعل ذلك بالائمة من ولده فقد فعله به لان حبهم حبه، ونصرتهم نصرته. * * *
[ 447 ]
[ صفة من يبغض عليا أمير المؤمنين عليه السلام ] [ 1309 ] وكيع الجراح (1)، عن الاعمش (2)، عن علي عليه السلام، أنه قال: عهد الي رسول الله صلى الله عليه وآله أنه لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق. [ 1310 ] عطاء (3)، عن عبد الله بن عباس، أنه قال: ما أبغض عليا إلا من هو لغير رشده، أو من حملته أمه وهو حائض. [ 1311 ] حوثرية بن سهر، قال: مررت بعلي عليه السلام وسلمت عليه، فأدناني ثم قال لي: يا حوثرية إني إذا رأيتك أحببتك فاحبب حبيب آل محمد ما أحبهم، فإذا [ أبغضت ] (4) فابغض مبغض آل محمد ما أبغضهم، وإذا أحبهم فاحببه. [ 1312 ] بشر بن غالب، [ الاسدي الكوفي ] (5) قال: سمعت الحسين بن علي عليه السلام يقول: (1) الرواسي: أبو سفيان ولد بالكوفة 129 وتوفي بفيد 197 ه. (2) وهو سليمان بن مهران. (3) عطاء بن السائب. (4) وفي الاصل: أبغض. (5) اعيان الشيعة: 3 / 575.
[ 448 ]
من أحبنا بقلبه وأعاننا بلسانه ونصرنا بيده فهو معنا في الرفيق الاعلى يوم القيامة، ومن احبنا بقلبه ولم ينصرنا بلسانه ولا بيده فهو معنا في الجنة دون ذلك بمنزلة، ومن أبغضنا بقلبه وأعان (1) علينا بلسانه ويده فهو في الدرك الاسفل من النار، ومن أبغضنا بقلبه وأعان علينا بلسانه ولم يعن علينا بيده فهو في النار فوق ذلك بدرجة. [ 1313 ] [ سفيان ] بن ليلي الهمداني، قال: دخلت على علي بن الحسين عليه السلام، قال لي: يا سفيان من أحبنا ولا يحبنا إلا لله وقرابتنا من رسول الله صلى الله عليه وآله، وحق الله الذي افترضه فأحبنا بقلبه، ونصرنا بلسانه، وقاتل عنا بسيفه كان معنا في الدرجات العلى. ومن أحبنا بقلبه، ونصرنا بلسانه، وضعف أن يعيننا بسيفه كان في الجنة دون ذلك. يا سفيان، ومن أبغضنا بقلبه ولعننا بلسانه وقاتلنا بسيفه كان في أسفل درك من النار. ومن أبغضنا بقلبه ولعننا بلسانه وجبن أن يقاتلنا بسيفه فهو في النار فوق ذلك. ومن أبغضنا ولم يلعننا بلسانه ولم يقاتلنا بسيفه فهو في النار فوق ذلك. قال: يا سفيان، إن لم اكن سمعت هذا من الحسين عليه السلام فاكلت مع الرجال يوم يخرج (2). [ 1314 ] ابن اكتم الخزاعي، قال: كنا مع علي عليه السلام يوم الجمل بالبصرة، فسمعته يقول: اشهدوا قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله: ترد علي أنت وشيعتك رواء، ويرد علي عدوكم عطاشا مقمحين، وجمع كتفيه إلى ذقنه. (1) وفي الاصل: أعلن. (2) هكذا في الاصل.
[ 449 ]
[ ضبط الغريب ] قوله: يرد علي عدوكم مقمحين. القامح من الابل: الذي قد اشتد عطشه حتى فتر لذلك فتورا شديدا. ويقال للذليل: مقمح لا يكاد يرفع بصره من الذل، وفي القرآن: " وهم مقمحون " أي خاشعون لا يرفعون أبصارهم من الذل. ويقال: القامح من الابل: الذى يرد الحوض ولا يشرب. فهذا كله يكون على أعداء آل محمد يوم القيامة يكونون أذلة خاشعين لا يرفعون رؤوسهم من الذل. [ 1315 ] عمران بن [ ميثم ]، قال: دخلت على حبابة [ الوالبية ] (1)، فسمعتها تقول (2): والله ما أحد على الفطرة إلا نحن وشيعتنا، والناس براء. وهذا صحيح لان من لم يكن من شيعة محمد وآل محمد فهو من عدوهم، وقال الله تعالى " هذا من شيعته وهذا من عدوه " (3) ومن كان عدوا لمحمد وآله لم يكن على فطرة الاسلام حتى يتولاه. [ الرسول يستغفر لشيعة علي ] [ 1316 ] أبو رافع، قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: يا (1) وهى ام الندى حبابة بنت جعفر الوالبية الاسدية. (2) وفي اعيان الشيعة 4 / 383: عن عمران بن ميثم، قال: دخلت أنا وعبابة الاسدي على امرأة من بني أسد يقال لها حبابة الوالبية فقال لها عبابة: تدرين من هذا الشاب الذي معي ؟ قالت: لا. قال لها: هذا ابن أخيك ميثم. قالت: ابن أخي والله حقا ألا احدثكم بحديث سمعته من أبي عبد الله الحسين بن علي عليه السلام ؟ قلنا: بلى. قالت: سمعت الحسين بن علي يقول: نحن وشيعتنا على الفطرة... الحديث. (3) القصص: 15.
[ 450 ]
علي ثلاث لامتي وعلمت الاسماء كلها كما علمتها. ورأيت أصحاب الراية فلما مررت عليك وعلى شيعتك استغفرت لكم. [ 1317 ] عبد الرحمن بن قيس (1)، عن رجل من قومه، قال: رأيت عليا عليه السلام جالسا في الرحبة يتحدث، فأطال الحديث حتى اضطره الشمس إلى حائط القصر. فقام فتعلق بثوبه رجل من همدان، فقال: يا أمير المؤمنين حدثني حديثا جامعا ينفعني الله به. فقال عليه السلام: أخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله أرد أنا وشيعتي [ الحوض ] رواء مرويين، ويرد عداتنا ظماء مظمئن [ مسودة وجوههم ]. خذها اليك قصيرة من طويلة، أنت مع من أحببت ولك ما اكتسبت. [ أرسلني يا أخا همدان، ثم دخل القصر ] (2). [ 1318 ] ابن المنذر عن محمد بن علي عليه السلام أنه قال: لا تنتصروا لنا بألسنتكم من الناس فانكم لا تزيدوهم إلا غراء بنا، إنا لنسمع الحسنة فنقبلها.، ونسمع السيئة فنتركها. يحبوننا إلا حبونا (3)، ألا إن الله قد أخذنا وشيعتنا، فما من أحد هو يستطيع أن يدعنا، ولا أحد لم يأخذه معنا فيستطيع أن يكون فينا، إنا يوم القيامة أخذنا بحجز أبينا، وان شيعتنا آخذون بحجزنا. [ أول أربعة يدخلون الجنة ] [ 1319 ] أبو رافع، قال: شكا علي عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وآله بغض قريش وحسدهم إياه. (1) وفي أمالي المفيد: عبد الرزاق بن قيس الرحبي. (2) أمالي المفيد ص 208. (3) هكذا في الاصل.
[ 451 ]
فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أما ترضى يا علي إنك أخي، وأنا أول اربعة يدخلون الجنة، أنا وأنت والحسن والحسين وذرياتنا خلف ظهورنا وشيعتنا عن أيماننا وشمائلنا، انك وشيعتك تردون علي الحوض رواء مرويين، وان عدوك يردون علي ظماء مقمحين. [ 1320 ] [ عن ] أبي الحجاف (1)، قال: بلغني أن الحارث أتى علي بن أبي طالب عليه السلام ليلا، فقال له: يا حارث ما جاء بك هذه الساعة ؟ فقال: حبك يا أمير المؤمنين. قال: والله ما جاء بك إلا حبي ؟ قال: والله ما جاء بي إلا حبك. قال عليه السلام: فأبشر يا حارث لن تموت نفس تحبني إلا رأتني حيث تحب، والله لا تموت نفس تبغضني إلا رأتني حيث تبغضني (2). يعني: إن أولياءه يرونه حيث يقتصون، يبشرهم برحمة الله إياهم، وأعداؤه يرونه حينئذ وقد نزل بهم الموت يبشرهم بعذاب لهم. وقد مضى مثل هذا فيما تقدم (3). [ 1321 ] عبد الرحمان بن قيس الاربحي، عن أبي جعفر محمد بن علي عليه (1) وهو داود بن أبي عوف. أعيان الشيعة 2 / 369. (2) قال الشاعر: يا حار همدان من يمت يرني * من مؤمن أو منافق قبلا يعرفني طرفه وأعرفه * بعينه واسمه وما عملا (3) راجع الجزء الاول، الحديث 121.
[ 452 ]
السلام، أنه قال: إن الرجل من شيعتنا ليخرج من بلية، فيغشاه أن لا يتكلم بكلمة ولا يعمل عملا حتى يرجع إلى بيته، وما يرجع حتى يملا الله صحيفته برا. يمر على من يحبنا فإذا رأوه ذكرونا به، ويمر على عدونا فيؤذنه فينا ويشتمونه، فيأجره الله كما آذوه فينا، ما ننتظر نحن وشيعتنا إلا إحدى الحسنيين، إما فتح يقر الله به أعيننا، وإما قبض إلى رحمة الله، فما عند الله خير للابرار. [ 1322 ] جابر، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام قال: شيعتنا من يأمن إذا آمنا، ويخاف إذا خفنا. [ 1323 ] أبو وقاص العامري، عن ام سلمة - زوج النبي صلى الله عليه وآله - [ قالت ]: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعلي عليه السلام: الا ابشرك يا علي ؟ قال: نعم، قبلت البشرى من رسول الله صلى الله عليه وآله. قال: هذا مقام جبرائيل عليه السلام من عندي الآن، وقد أمرني أن ابشرك لانك ومحبك في الجنة، وعدوك في النار. [ 1324 ] ابن سماك، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يدخل الجنة سبعون ألفا بغير حساب. قال علي عليه السلام: من هم يا رسول الله ؟ قال: شيعتك يا علي أنت امامهم. [ 1325 ] وعن جعفر بن محمد عليه السلام، أنه قال: نزلت هذه الآية فينا وفي شيعتنا " فمالنامن شافعين. ولا صديق حميم " (1) وذلك أن الله تعالى يفضلنا ويفضل شيعتنا حتى إنا لنشفع ويشفعون، فلما رأى (1) الشعراء: 100 و 101.
[ 453 ]
ذلك من ليس منهم، قالوا: " فما لنا من شافعين. ولا صديق حميم ". [ 1326 ] ابن فاختة، عن أبيه، قال: كنت عند أمير المؤمنين علي عليه السلام فجاءه رجل عليه أثر سفرة (1). فسلم عليه، ثم قال: قدمت يا أمير المؤمنين من بلد لم أجد لك فيها محبا، فلم أر المقام به. قال: وأي بلد هو ؟ قال: البصرة. قال: أما والله لو استطاعوا أن يحبوني لاحبوني، إني وشيعتي لفي ميثاق الله لا يزداد فينا رجل ولا ينقص منا رجل. والله لو ضربت المؤمن على أنفه بالسيف ما أبغضني، ولو أعطيت المنافق الذهب والفضة ما أحبني. وكان هذا بعقب ما أوقعه علي عليه السلام بأهل البصرة لما قاموا مع عائشة لم يكن حينئذ من يحبه، فأما اليوم ففيهم كثير يتوالونه، وأن اكثرهم يذهب مذهب الاعتزال. [ 1327 ] حسن بن حسين (1)، عن أبي جعفر عليه السلام، أنه قال: إن لله ملائكة يسيرون في الارض، فإذا مروا بقوم يذكرون محمدا وآل محمد احتفوا به، وفتحت أبواب السماء لهم، ثم تقول الملائكة لهم: إن سبحتم سبحنا، وان مجدتم مجدنا، وان قدمتم قدمنا، فلا يزالون يؤمنون عليهم حتى يتفرقوا. [ من دمعت عيناه فينا ] [ 1328 ] ربيع [ ابن ] المنذر، عن أبيه، قال: سمعت الحسين بن علي عليه (1) هكذا في الاصل وأظنه: السفر. (2) وأظنه الحسن بن الحسين الكوفي السكوني.
[ 454 ]
السلام يقول: من (1) دمعت عيناه فينا دمعة، أو قطرت قطرة فينا بوأه الله بها في الجنة أضعافا (2). [ 1329 ] يحيى بن علاء، عن أبان، قال: سمعت جعفر بن محمد عليه السلام يقول: إن العبد ليكون على طريقه حسنة فهو لا يعرف شيئا من أمرنا، فلا يقبل الله منه ذلك، فإذا أراد الله به خيرا عرفه أمرنا، وكتب له بكل حسنة عشر أمثالها. [ 1330 ] جابر، عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام، قال: قالت ام سلمة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: علي وشيعته هم الفائزون يوم القيامة. [ 1331 ] أبو ولاد الحناط (3)، قال: كنت عند أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام، فدخل عليه من أصحابنا، فقال له: يابن رسول الله ماذا نلقى فيكم من الناس إذا علموا [ إنا ] نحبكم أبغضونا وكرهونا واستثقلوا مجالسنا ونلقي منهم. وكان أبو عبد الله عليه السلام متكئا، فاستوى جالسا، فقال: وما عليكم والله ما في النار واحد منكم، محسنكم والله سيد مسود في الجنة، ومسيئكم مغفور له اي والله. إذا كان يوم القيامة فزع نبينا إلى الله، وفزعنا إلى نبينا، وفزع محبونا الينا. ثم نظر فقال: يا أبا ولاد، فالى أين ترى أنه يراد بنا وبكم ؟ قلت: إلى الجنة إن شاء الله. قال: إلى الجنة والله، إلى الجنة والله. (1) وفي بشارة المصطفى ص 62: ما من عبد. (2) وفي بشارة المصطفى: حقبا. (3) هكذا صححناه وفي الاصل: أبو ولاد الخياط، واسمه حفص.
[ 455 ]
[ الاصناف الخمسة ] [ 1332 ] حصين الازدي، قال: قال لي أبو جعفر محمد بن علي عليه السلام: الناس يوم القيامة خمسة أصناف: صنف أخذوا الملك بالجبر به كما أخذ كسرى ملكه. وصنف لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا، اولئك المبتدعة. - يعني المرجئة -. وصنف وضعوا السيوف على عواتقهم وقادوا المقدر إلى أهوائهم - يعني الخوارج -. وصنف ساقوا الناس في حبنا إلى النار، اولئك الغالية. وصنف أحبونا في الله تعالى وجاهدوا عدونا لله فأولئك منا ونحن منهم. [ 1333 ] قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي عليه السلام يقرأ: " كل نفس بما كسبت رهينة. إلا أصحاب اليمين " (1) ثم قال: نحن وشيعتنا أصحاب اليمين. [ 1334 ] [ الحارث ]، عن علي عليه السلام، أنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله: مثلي [ ومثل علي بن أبي طالب ] شجرة أنا أصلها، وعلي فرعها، والحسن والحسين ثمرها، والشيعة ورقها، فهل يخرج من الطيب [ إلا ] الطيب. [ 1335 ] قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي عليه السلام يقول: وشيعتنا في الناس كالنحل في الطير، لو يعلم الطير ما في أفواهها اكلتها (2)، (1) المدثر: 38 و 39. (2) وفي بحار الانوار 24 / 112: ما في أجواف النحل ما بقي شئ إلا اكلته. راجع التخريج.
[ 456 ]
فمثل العلم الذي في صدور شيعة أولياء الله كالعسل الذي في بطون النحل، وكان الناس لو علموا في صدورهم من ذلك لاخذوه منهم. [ 1336 ] وعن جابر، عن جعفر بن محمد عليه السلام، أنه قال: ليس من شيعتنا من ظلم الناس، ولن ينال ولايتنا إلا بالورع. [ 1337 ] وعنه، أنه قال: كنت عند أبي جعفر عليه السلام جالسا إذ جاء شاب فجلس عنده وجعل ينظر إليه، ويبكي. فقال له أبو جعفر عليه السلام: يا فتى [ مالك ] ؟ قال: من حبكم أهل البيت. فقال له أبو جعفر عليه السلام: نظرت حيث نظر الله، واخترت من اختار الله. [ 1338 ] سالم بن [ أبي ] جعدة، قال: قال علي عليه السلام شيعتنا ذيل شفاههم، خمص بطونهم، تعرف الرهبانية في وجوههم. [ الشيعة حراس في الارض ] [ 1339 ] وعن جعفر بن محمد عليه السلام، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال [ لعلي ]: إن في السماء حرسا، وهم الملائكة، وفي الارض حرسا، وهم شيعتك يا علي. [ بنا فتح الله وبنا يختم ] [ 1340 ] الاعمش، [ عن ] (1) قيس بن غالب الاسدي، قال: ولما وفد الناس على يزيد بن معاوية لما استخلف، قلت لاهل بيتي: هل أن نجعل نحن وفادتنا على ابن رسول الله صلى الله عليه وآله الحسين بن (1) وفي الاصل: الاعمش بن قيس.
[ 457 ]
علي عليه السلام، فأجابوني، فخرجت أنا وأخي عبد الله بن غالب، وزر بن حبيش (1)، وهاني بن عروة، وعبادة بن ربعي في جماعة من قومنا حتى انتهينا إلى المدينة، فأتينا منزل الحسين بن علي عليه السلام، فاستأذنا عليه، فخرجت الينا جارية، فقلت لها: استأذني لنا على ابن رسول الله، وأعلميه أن مواليه بالباب. فأذنت لنا، فدخلنا عليه، فقال: ما أقدمكم هذا البلد في غير حج ولا عمرة ؟ قلنا: يابن رسول الله، وفد الناس على يزيد بن معاوية، فأحببنا أن وفادتنا عليك. قال: والله ؟ قلنا: والله. قال: ابشروا. يقولها ثلاثا، ثم قال: أتأذنون لي أن أقوم ؟ قلنا: نعم. فقام فتوضأ ثم صلى ركعتين، وعاد الينا. فقال ابن ربعي: يابن رسول الله، إن الحواريين كانت لهم علامات يعرفون بها، فهل لكم علامات تعرفون بها ؟ فقال له: يا عبادة نحن علامات الايمان في بيت الايمان، من أحبنا أحبه الله ونفعه ايمانه يوم القيامة ويقبل منه عمله، ومن أبغضنا أبغضه الله ولم ينفعه ايمانه ولم يتقبل عمله. قال: فقلت: وان دأب ونصب ؟ قال: نعم، وصام وصلى. ثم قال: يا عبادة نحن ينابيع الحكمة وبنا جرت النبوة وبنا يفتح وبنا يختم لا بغيرنا. (1) زربن حبيش بن حباشة الكوفي عاش 120 سنة ومات 83 ه.
[ 458 ]
[ 1341 ] [ عاصم بن ] (1) حميد، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام، أنه قال: إذا مات العبد المؤمن دخل معه قبره ستة صور منهن صورة حسنة أحسنهن وجها [ وأبهاهن هيئة ] وأطيبهن ريحا، وأنظفهن صورة، فيكون منهن عن يمينه، والاخرى عن يساره، والاخرى خلفه، والاخرى قدامه، والاخرى عند رجليه. [ وتقف ] التي هي أحسنهن عند رأسه. فان أتى عن يمينه منعته التي عن يمينه، ثم كذلك تمنعه من جميع الجهات الست، فيقول لاحسنهن صورة، وهي التي عند رأسه: من أنت جزاكن الله خيرا ؟ فتقول التي عن يمينه: أنا الصلاة. وتقول التي عن يساره: أنا الزكاة. وتقول التي بين يديه: أنا الصيام. وتقول التي من خلفه: أنا الحج والعمرة. وتقول التي عند رجليه: أنا [ برمن ] وصلت إخوانك. ثم [ يقول ] (2) للتي عند رأسه: من أنت ؟ فأنت [ أحسنهن وجها ] وأطيبهن ريحا وأبهاهن هيئة. فتقول: أنا الولاية لآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين. [ يشهدون مجالس المؤمنين ] [ 1342 ] ابن الكيسان الصنعاني، قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام يقول: إن لله ملائكة سياحين في الارض ليس لهم عمل إلا السياحة، فإذا مروا بملا يذكرون آل محمد صلوات الله عليهم أجمعين ينادون: هاهنا، إلى ذكر أولياء الله، ويشهدونهم في مجلسهم، ويسمعون حديثهم، ثم يعرجون إلى السماء، فيكتبون ذلك فيها، () 1) بحار الانوار 6 / 135 الحديث 50. (2) وفي الاصل: قال.
[ 459 ]
ويقولون: ذكر محمد وآل محمد في مجلس كذا وكذا. [ 1343 ] وهب عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر يقول: ما من مجلس فيه أبرار ولا فجار يتفرقون عنه من غير أن يذكروا الله فيه أو يذكروننا إلا كان ذلك المجلس حسرة عليهم يوم القيامة. [ 1344 ] علي بن حمزة، قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام: ما اجتمع من أصحابنا جماعة في ذكر الله أو في شئ من ذكرنا إلا بعث إبليس شيطانا في عنقه شريط ليفرق جماعتهم. ثم قال علي بن حمزة: جاءني قوم من أصحابنا ليستمعوا مني شيئا، فتجللت بهم موضعا حتى جئنا إلى مسجد بني كاهل (1)، فدخلنا المسجد، فلما أخذنا في الحديث، فلم نلبث أن جاء صبيان يرموننا بالآجر، فذكرت الحديث. قوله: في عنقه شريط: ستة خيوط تفتل من خوص. [ 1345 ] [ عبد الله ] بن الوليد السمان، قال: دخلنا على أبي عبد الله عليه السلام [ في زمن بني مروان ]، وأربعون شابا من أهل الكوفة. [ فقال عليه السلام: ممن أنتم ؟ قلنا: من أهل الكوفة ] (2). فقال: ما من بلد من البلدان اكثر محبا لنا من أهل الكوفة ولا سيما هذه العصابة، إن الله تعالى هداكم لامر جهله الناس، فأحببتمونا وأبغضنا الناس، وتابعتمونا وخالفنا الناس، وصدقتمونا وكذبنا الناس، فأحياكم الله محيانا، وأماتكم مماتنا. وأشهد على أبي [ عليه السلام ] أنه كان يقول: ما بين أحدكم وبين أن يرى ما تقربه عينيه (1) وأظنه مسجد بني وائل، والله اعلم. (2) ما بين المعقوفتين زيادة من بشارة المصطفى ص 79.
[ 460 ]
أو يغتبط إلا أن تبلغ نفسه هاهنا - وأومى بيده إلى حلقه - وان الله تعالى قال لجدنا محمد صلى الله عليه وآله: " ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية " (1). [ 1346 ] ابن زياد عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: من أحبنا لله تعالى وصلى الصلاة لوقتها فله أن يدخل الجنة من حيث شاء. [ 1347 ] وقال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تعالى: " يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولو الالباب " (2). قال: هو والله ما أنتم عليه من المعرفة. [ 1348 ] جعفر بن محمد عليه السلام، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لعلي عليه السلام: إن الله قد غفر لك ولولدك ولشيعتك ولمحبي شيعتك ومحبي محبي شيعتك. وهذا خبر يشهده القرآن ويؤيده غيره من الحديث المشهور، وذلك أن ولد علي عليه السلام ذرية الرسول لان الله تعالى قد أخبر في كتابه بأن عيسى عليه السلام من ذرية ابراهيم عليه السلام، وذلك من قبل امه بقوله: " ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين * و زكريا وعيسى وإلياس " (3) وقد قال تعالى: " والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم " (4) فرسول الله صلى الله عليه وآله أول المؤمنين، فمن آمن من ذريته فهو مغفور له لان الله تعالى يلحقهم به، ومن أحبهم وكان من شيعتهم فهو منهم. وقوله حكاية عن ابراهيم عليه السلام: " فمن تبعني فإنه مني " (5) وقول رسول (1) الرعد: 38. (2) البقرة: 269. (3) الانعام: 84 و 85 (4) الطور: 21 (5) ابراهيم: 36.
[ 461 ]
الله صلى الله عليه وآله: من أحب قوما حشر معهم. وقوله عليه الصلاة والسلام: أنت مع من أحببت. [ 1349 ] أبو الجارود، قال: قلت لجعفر بن محمد عليه السلام بأن الناس يعيبونا بحبكم. قال: أعد علي. فأعدت عليه. فقال: لكني اخبرك أنه إذا كان يوم القيامة جمع الله تعالى الخلائق في صعيد واحد، فيسمعهم الداعي ويفقدهم البعيد، ثم يأمر الله النار فتزفر زفرة يركب الناس لها بعضهم على بعض، فإذا كان ذلك قام محمد نبينا صلى الله عليه وآله فيشفع، وقمنا فشفعنا، وقام شيعتنا فشفعوا، فعند ذلك سواهم: " فما لنامن شافعين ولا صديق حميم. فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين " (1). والله يا أبا الجارود، ما طلبوا الكرة إلا ليكونن من شيعتنا. [ 1350 ] ابن زيد، عن محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي عليه السلام يقول: كان عند رسول الله صلى الله عليه وآله نفر من أصحابه وفيهم علي عليه السلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله تعالى إذا بعث الخلق يوم القيامة خرج قوم من قبورهم، بياض وجوههم كبياض الثلج، عليهم ثياب بياضها كبياض اللبن [ و ] نعال من ذهب شركها [ من لؤلؤ ] (2) يتلالا، يؤتون بنوق من نوق الجنة بيض عليها رحائل الذهب، فيركبونها حتى ينتهون إلى الجبار، والناس يحاسبون ويفزعون ويعتبون وهم يأكلون ويشربون. فقال علي عليه السلام: يا رسول الله من هؤلاء ؟ (1) الشعراء: 102. (2) من البرهان 2 / 24، وفي الاصل: نور.
[ 462 ]
قال: هم شيعتك يا أبا الحسن. وذلك قوله تعالى: " يوم نحشر المتقين إلى الرحمان وفدا " (1). [ 1351 ] وقال أبو بصير، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ما يضر من اكرمه الله بأن يكون من شيعتنا ما أصابه في الدنيا ولو لم يكن يقدر على شئ يأكله إلا الحشيش. [ 1352 ] قال: وسمعته يقول: قال أبو جعفر - يعني أباه -: ما من مؤمن من يحضره الموت إلا رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وعليا وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام حيث يسره ولا كافرا إلا رآهم. [ 1353 ] مثنى، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام، أنه قال: إن حول العرش رجال لهم وجوه من نور على منابر من نور [ بمنزلة الانبياء ] وليسوا بأنبياء [ وبمنزلة الشهداء ] ولا شهداء ليعظمهم النبيون والمرسلون. قال: جعلت فداك، ما أعظم منزلة هؤلاء القوم. [ قال: ] فانهم والله شيعة علي، وهو امامهم. [ 1354 ] خالد الكناسي، قال: قال رجل لابي عبد الله عليه السلام: ألا أصف لك ديني، يابن رسول الله ؟ قال: بلى. قال: فاني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عليا بعد رسول الله الامام الذي افترض الله طاعته، ثم الحسن، ثم الحسين ثم علي بن الحسين، ثم محمد بن علي، ثم أنت تلك المنزلة. فقال أبو عبد الله عليه السلام: يرحمك الله، والله لا يلقى الله عبد (1) مريم: 85.
[ 463 ]
هذا دينه إلا بعثه الله تعالى مع محمد وعلي وإبراهيم عليهم السلام. [ المؤمن لا تمسة النار ] [ 1355 ] الحضرمي، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: والله لا يموت عبد يحب الله، ورسوله، وولايتنا أهل البيت فتمسه [ النار ] أبدا. قال ذلك ثلاثا.
[ 464 ]
[ الامام الصادق مع أبي بصير ] [ 1356 ] أبو بصير، قال: دخلت على أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام، وقد كبر سني وذهب بصري وقرب أجلي، مع أني لست أدري ما أرد عليه. فقال: وإنك لتقول هذا يا أبا محمد، أما علمت أن الله يكرم الشباب منكم ويجل الشيخ. قلت: هذا لنا يابن رسول الله ؟ فقال: نعم، وأكثر منه. قلت: زدني يابن رسول الله. قال: أما سمعت قول الله تعالى: " رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر " (1) أما أنه إياكم عنى [ إذ ] وفيتم بما أخذ عليكم من عهدنا ولم تستبدلوا بنا غيرنا، هل سررتك يا أبا محمد ؟ قلت: نعم جعلت فداك، فزدني. قال: رفض الناس الخير ورفضتم الشر، وافترقوا على فرق وتشعبوا على شعب، وتشعبتم مع أهل بيت نبيكم، فابشروا ثم ابشروا، فأنتم (1) الاحزاب: 23.
[ 465 ]
والله المرحومون المتقبل من محسنكم المتجاوز عن مسيئكم، من لم يكن على ما أنتم عليه لم يتقبل منه حسنة، ولا يتجاوز له سيئة، هل سررتك يا أبا محمد ؟ قلت: بلى زدني، جعلت فداك. قال: فان الله تعالى وكل ملائكة من ملائكته يسقطون الذنوب عن شيعتنا كما يسقط الورق عن الشجر أو ان سقوطه، وذلك قوله: " الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك " (1) فاستغفار الملائكة والله لكم دون هذا الخلق كلهم، هل سررتك يا أبا محمد ؟ قلت: نعم، فزدني جعلت فداك. فقال: ذكركم الله تعالى في قوله: " وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الاشرار. أتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الابصار " (2) فأنتم والله في الجنة تحبرون وفي النار تطلبون، هل سررتك يا أبا محمد ؟ قلت: نعم جعلت فداك، [ فزدني ]. قال: ذكركم الله تعالى في كتابه، فقال: " يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون. إلا من رحم الله " (3) والله ما استثنى أحدا غير علي وأهل بيته وشيعته. ولقد ذكركم الله في موضع آخر من كتابه، فقال: " اولئك مع (1) غافر: 7. (2) ص: 62 و 63. (3) الدخان: 41 و 42.
[ 466 ]
الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا " (1) فرسول الله صلى الله عليه وآله في هذا الموضع من النبيين ونحن الصديقون والشهداء، وأنتم الصالحون، هل سررتك يا أبا محمد ؟ قلت: نعم جعلت فداك، فزدني. قال: قد ذكركم الله تعالى في كتابه، فقال: " يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا " (2) والله ما عنى غيركم، هل سررتك يا أبا محمد ؟ قلت: نعم جعلك فداك، فزدني. قال: ذكركم الله تعالى في كتابه: " هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر اولو الالباب " (3)، فأنتم والله اولو الالباب، هل سررتك يا أبا محمد ؟ قلت: نعم، فزدني جعلت فداك. قال: قال الله تعالى: " إن عبادي ليس لك عليهم سلطان " (4) أنتم عباده الذين عنى بذلك، هل سررتك يا أبا محمد. [ قلت ] (5): نعم، فزدني جعلت فداك. قال: كل آية في كتاب الله تسوق إلى الجنة وتذكر الخير فهي فينا، وكل آية تحذر الناس وتذكر أهلها فهي في عدونا ومن خالفنا. (1) النساء: 69. (2) الزمر: 53. (3) الزمر: 9. (4) الحجر: 42. (5) وفي الاصل: قال.
[ 467 ]
ثم سمع الناس يعجون يومئذ بالابطح، فقال عليه السلام: ما أكثر العجيج وأقل الحجيج، والله ما يقبل إلا منك ومن أصحابك يا أبا محمد... الحديث. [ 1357 ] أبو سعيد الخدري، عن رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه قال: سيأتي على أهل الجنة ساعة يرون فيها نور الشمس والقمر (1). يقولون: أليس قد وعدنا ربنا أن لا نرى فيها شمسا ولا زمهريرا ؟ (2). فيقال لهم: صدقتم، ولكن هذا رجل من شيعة علي عليه السلام يتحول من غرفة إلى غرفة [ فهذا الذي أشرق عليكم من نور وجهه ] (3). [ 1358 ] جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، عن رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه قال: إذا كان يوم القيامة أوحى الله تعالى إلى جهنم أن اخمدي، فانه يريد أن يمر عليك شيعة علي عليه السلام. قال: فيمرون عليها ولا يحسون بها، فتناديهم من تحت أقدامهم: عجلوا، عجلوا، فقد أطفأ نوركم لهيبي. [ 1359 ] فضل بن الزبير، قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إنا أهل بيت خلقنا من عليين وخلقت قلوبنا من الذي خلقنا، وخلقت شيعتنا من اسفل ذلك، وخلقت قلوب شيعتنا [ من ] الذي خلقوا منه. وان عدونا خلقوا من سجين، وخلقت قلوبهم من الذي خلقوا منه. فهل يستطيع أهل عليين أن يكونوا أهل سجين ؟ (1) هكذا صححناه وفي الاصل: نورا لا شمس ولا قمر. (2) اشارة إلى الاية الكريمة " لا يرون فليها شمسا ولا زمهريرا " الانسان: 13. (3) ما بين المعقوفتين زيادة من بشارة المصطفى ص 159.
[ 468 ]
[ 1360 ] جعفر بن محمد، عن آبائه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه قال لعلي عليه السلام: يا علي، إن شيعتنا يخرجون من قبورهم يوم القيامة على ما بهم من العيوب، ولهم من الذنوب، وجوههم كالقمر ليلة البدر وقد فرجت عنهم الشدائد، وسهلت لهم الموارد، وأعطوا الامن والامان، وارتفعت عنهم الاحزان، يخاف الناس ولا يخافون، ويحزن الناس ولا يحزنون، شرك نعالهم يتلالا نورا، على نوق لها أجنحة قد ذللت من غير مهانة، ونجبت من رياضة أعناقها ذهب أحمر ألين من الحرير لكرامتهم على الله تعالى. [ 1361 ] ابن أبي الجعد، عن زيد بن أرقم، قال: خرجت ام سلمة على قوم وهم يذكرون عليا وعثمان، فقالت: أي شئ يقولون ؟ شيعة علي هم الفائزون، وهذا مما سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله يقوله. وقد ذكرناه عنه وهو خبر مشهور. [ 1362 ] الثوري (1)، يرفعه إلى علي عليه السلام، أنه قال: نحن ومن يحبنا كهاتين - وجمع بين اصبعيه المسبحة والوسطى - حتى نرد على نبينا الحوض. [ 1363 ] عن عمار بن ياسر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله، يقول: نوديت ليلة اسري بي إلى السماء - إلى ربي -: يا محمد، قلت: لبيك وسعديك. قال: إني اصطفيتك لنفسي وانتجبتك لرسالتي، وأنت نبيي ورسولي وخير خلقي، ثم الصديق الاكبر علي وصيك، خلقته من طينتك وجعلته وزيرك، وابناك الحسن والحسين. أنتم من شجرة، (1) سفيان الثوري.
[ 469 ]
أنت يا محمد أصلها وعلي غصنها والحسن والحسين ثمارها، خلقتكم من طينة عليين، وجعلت شيعتكم منكم، فقلوبهم تهوي اليكم. قلت: يا رب هو الصديق الاكبر ؟ قال: نعم، هو الصديق الاكبر. [ 1364 ] الحكم بن سليمان، باسناده، عن عبد الله بن محمد، عن عمرو بن علي بن أبي طالب، قال: نزلت في علي عليه السلام وشيعته آية من كتاب الله وهو قوله: " الذين آمنوا وعملوا الصالحات اولئك هم خير البرية " (1). [ 1365 ] أبو بصير، قال: قال لنا أبو جعفر محمد بن علي عليه السلام: ليهنكم الاسم الذي نحلكم الله تعالى إياه. قلنا: وما هو يابن رسول الله ؟ قال: الشيعة، إن الله يقول: " إن من شيعته لابراهيم. إذ جاء ربه بقلب سليم " (2) وقال: " هذا من شيعته وهذا من عدوه " (3). وشيعة الرجل - في اللغة -: أنصاره وأصحابه والموافقون له، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وآله: شيعة علي هم الفائزون. وذكر عليه السلام شيعة علي عليه السلام في غير حديث، وقد ذكر بعض ذلك، ولم يأت عنه صلى الله عليه وآله مثل ذلك لاحد من أصحابه - فيما علمناه - لم يقل شيعة أبي بكر ولا عمر ولا غيرهما، ولا ذكر إلا شيعة علي الذين هم أنصاره، ودعا لهم بذلك، ودعا على مخالفيهم، فقال صلى الله عليه وآله: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من (1) البينة: 7. (2) الصافات: 83 و 84. (3) القصص: 15.
[ 470 ]
نصره، واخذل من خذله. ولم يقل ذلك لاحد غيره، وفي ذلك بيان لاستخلافه إياه وامامته دون من سواه. ومن هذا الوجه أيضا أن شيعة الرجل أنصاره وأصحابه وموافقوه قول الله تعالى في قصة نوح عليه السلام: " وإن من شيعته لابراهيم. إذا جاء ربه بقلب سليم " (1). وكان ابراهيم ثالث النطقاء المرسلين، أرسله الله تعالى بعد نوح عليه السلام مصدقا له، ولما جاء به من الرسالة من عند الله ناصرا بذلك له موافقا لما جاء به من الرسالة، فكان بذلك من شيعته كما اخبر الله تعالى بذلك. وكذلك قوله: " فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه " (2). كان الذي استغاث موسى عليه السلام رجل مؤمن من أنصار موسى عليه السلام وأتباعه، والشيعة في اللغة - أيضا -: كل قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة أصنافهم (3)، ومن ذلك قول الله تعالى: " ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الاولين " (4)، وقوله: " كما فعل بأشياعهم من قبل " (5) اي: بأمثالهم من الشيع الماضية. والمشايعة - في اللغة -: المتابعة في الامر، ويقال منه: شايعت فلانا على كذا: إذا تابعه عليه. وقد كان لعلي عليه السلام في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله قوم اتبعوه على أمر وتولوه وعرفوا حقه وحفظوا ما استحفظهم رسول الله صلى الله عليه وآله من أمره يعرفون بذلك، ولم يكن مثل ذلك لاحد من الصحابة غيره، إذ لم [ يكن ] أحد منهم في مقام من يتبع ويتولى من له أمر يتبع، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يعرفهم بذلك ويثني به عليهم. ويسميهم: " شيعة علي " ويذكر فضله مثل سلمان وأبي ذر والمقداد وعمار. (1) الصافات: 83 و 84. (2) القصص: 15. (3) في نسختنا هذه العبارة كما يلي: فهم شيعة اصنافهم شيعة. والظاهر أنه سهو من النساخ. (4) الحجر: 10. (5) سبأ: 54.
[ 471 ]
وقال لعمار: تقتلك الفئة الباغية. وقد علم أنه من فئة علي عليه السلام ومن شيعته، فتبين [ من ] ذلك أن فئته فئة العدل، فقتله اصحاب معاوية بصفين، وقد تقدم ذكر خبره بتمامه وشرحه (1). [ قارئ القرآن يزهر ] [ 1366 ] عبدالعلي بن أعين، قال: سمعت أبا عبد الله - يعني: جعفر بن محمد - عليه السلام يقول: إنا وأتباعنا، ليكون منا الرجل في البيت يتلو القرآن، فيزهر لاهل السماء كما يزهر الكوكب الدري لاهل الارض. [ 1367 ] وعنه عليه السلام، أنه قال: والله لا يحبنا عبد إلا كان معنا يوم القيامة، فاستظل بظلنا، ورافقنا في منازلنا. والله لا يحبنا عبد حتى يطهر الله قلبه، ولا يطهر قلبه حتى يسلم لنا، وإذا سلم لنا سلمه الله من سوء الحساب، وآمنه من الفزع الاكبر. [ 1368 ] وعنه عليه السلام، أنه قال لقوم من أصحابه: عرفتمونا وأنكرنا الناس، وأحببتمونا وأبغضنا الناس، فرزقكم الله موافقة محمد وسقاكم من حوضه. [ 1369 ] ميمون الايادي، عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام، أنه ذكر أبا هريرة الشاعر [ العجلي ] رحمة الله عليه قال: فقلت: إنه كان يشرب الخمر !. فقال: ويحك ! يا ميمون أعزيز على الله أن يغفر لرجل من شيعة علي مثل هذا (2) ؟ (1) راجع الجزء الرابع. (2) إن هذا محمول على عدم اصراره على شرب الخمر وعدم استحلاله ذلك، وإلا فان شارب الخمر مع علمه بحرمته واصراره على ذلك لا يكون من شيعة علي، انما شيعته من اتبع هداه وأطاعه.
[ 472 ]
[ 1370 ] رفاعة، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام قال: ما ضر من كان على هذا الرأي ألا يكون له ما يستظل به إلا الشجر، ولا يأكل إلا من ورقها ؟ [ 1371 الرازي، قال: قال أبو جعفر محمد بن علي عليه السلام: ما يقول من قبلكم (1) في هذه الآية: " ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير. جنات عدن يدخلونها " (2). قال: قلت: يقولون: نزلت في أهل القبلة. قال: كلهم ؟ قلت: كلهم. قال: فينبغي أن يكونوا قد غفر لهم كلهم. قلت: يابن رسول الله فيمن نزلت ؟ قال: فينا. قلت: فما لشيعتكم ؟ قال: لمن اتقى وأصلح - منهم - الجنة، بنا يغفر الله ذنوبهم وبنا يقضي ديونهم، ونحن باب حطتهم كحطة بني اسرائيل (3). اسرائيل [ 1372 ] وقال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: أخذ الناس يمينا وشمالا ولزمتم بني (4) نبيكم فأبشروا. (1) يريد: من لم يكن على هذا الامر وهم أبناء العامة. (2) فاطر: 32 و 33. (3) باب حطة، باب كان في بني اسرائيل من دخله كان آمنا وغفر له خطاياه. (4) العبارة هنا غير واضحة في نسختنا وانما وضعناها استظهارا. وفي الاصل: ولزمتم بين نبيكم. وفي بشارة المصطفى ص 92: وانكم لزمتم صاحبكم.
[ 473 ]
قال: قلت: جعلت فداك إني لارجو أن لا يجعلنا الله واياهم سواء. فقال: لا والله ولا كرامة. [ 1373 ] عقبة بن خالد قال: دخلت أنا والمعلى [ بن خنيس ] على أبي عبد الله عليه السلام في مجلسه وليس هو فيه، ثم خرج علينا من جانب البيت من عند سارية، فجلس، ثم قال: أنتم أولو الالباب في كتاب الله، قال تعالى: " إنما يتذكر أولو الالباب " (1) فأبشروا، فأنتم على إحدى الحسنيين من الله، إن أبقيتم حتى ترون ما تمدون إليه رقابكم، شفى الله صدوركم، واذهب غيض قلوبكم، وأحادلكم (2) على عدوكم وهو قول الله عزوجل: " ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم " (3) وان مضيتم قبل أن تروا ذلك مضيتم على دين الله تعالى الذي رضيه لنبيه صلى الله عليه وآله وبعثتم على ذلك. ثم أقبل علي، فقال: يا عقبة، إن الله تعالى لا يقبل من العباد - يوم القيامة - إلا ما أنتم عليه، وما بين أحدكم وبين أن يقربه عينه إلا أن تبلغ نفسه إلى هذه - وأهوى بيده إلى حلقه -. [ 1374 ] وعنه عليه السلام، أنه قال لجماعة من شيعته اجتمعوا عنده: أخبروني أي هذه الفرق اسوأ حالا عند علمة (4) الناس ؟ فقال له بعضهم: جعلت فداك ما أعلم أحدا اسوأ حالا عندهم منا. قال: (1) زمر: 9. (2) أحال: من الحول والقوة. والمعنى: نصركم. وفي البرهان 2 / 108: أدانكم. (3) التوبة: 15. (4) علمة الناس أي علماؤهم، ومن يدعي منهم العلم.
[ 474 ]
فاستوى جالسا، ثم قال: أما والله ما في النار منكم اثنان، والله ولا واحد، وما نزلت هذه الآية إلا فيكم: " وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الاشرار. أتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الابصار " (1). ثم قال: أتدرون لم ساءت حالكم عندهم ؟ قالوا: لا. قال: لانهم أطاعوا ابليس وعصيتموه فأغراهم بكم. [ 1375 ] سليمان بن خالد، قال: كنت في طريق الحج أسير ليلا في محملي وأنا أقرأ في آخر " تبارك الذي نزل الفرقان على عبده " إذ خامرني النوم فإذا أبو عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام في محمله إلى جانبي يقول: اقرأ يا سليمان، فقرأت " والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما " (2). فقال لي: هذه فينا، أما والله لقد وعظنا وهو يعلم إنا لا نزني، اقرأ يا سليمان. فقرأت حتى انتهيت إلى قوله: " إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات " (3). فقال لي: قف. فوقفت. فقال: هذه فيكم، إنه يؤتى بالمؤمن المذنب منكم يوم القيامة فيكون هو الذي يلي [ حسابه ] (4) فيوقفه على سيئاته شيئا فشيئا (1) ص: 62 و 63. (2) الفرقان: 68. (3) الفقران: 70. (4) هكذا صححناه وفي الاصل: حسناته.
[ 475 ]
فيقول: عملت كذا في يوم كذا. فيقول: نعم يا رب. [ قال: حتى يوقفه على سيئاته كلها ]. فيقول: سترتها عليك في دار الدنيا، وأغفرها لك اليوم، ابدلها لعبدي حسنات. ثم ترفع صحيفته للناس فيقولون: سبحان الله أما كان لهذا العبد ولا سيئة واحدة ؟ فذلك قوله: فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات. ثم قال: اقرأ. فقرأت حتى انتهيت إلى قوله: " والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما " (1). قال: هذه فينا، اقرأ، فقرأت حتى انتهيت إلى قوله: " والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا " (2). قال: هذه فيكم، إذا ذكرتم فضلنا لم تشكوا فيه. ثم قال: اقرأ، فقرأت حتى انتهيت إلى قوله: " والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما " (3) إلى آخر هذه السورة. قال: هذه فينا. [ إنكم على دين الله ] [ 1376 ] عقبة (4)، عن ميسر، قال: كنت أنا وعلقمة الحضرمي وأبو حسان [ العجلي ] (5) وابو عبد الله بن عجلان (6) جلوسا ننتظر أبا جعفر (1) الفرقان: 72. (2) الفرقان: 73. (3) الفرقان: 74. (4) واظنة عقبة بن شيبة الاسدي. (5) الكوفي واسمه موسى بن عبدة. (6) هكذا صححناه وفي الاصل: عجلاف.
[ 476 ]
عليه السلام، فخرج علينا، فقال: مرحبا وأهلا، والله اني لاحب ريحكم وأرواحكم، وانكم على دين الله. فقال علقمة: فمن كان على هذا الدين تشهد له بالجنة يابن رسول الله ؟ فمكث هنيئة، ثم قال: انظروا، فان تكونوا فارقتم الكبائر، فأنا أشهد. قالوا له: وما الكبائر ؟ قال: هذا في كتاب الله سبع: الشرك بالله العظيم، واكل مال اليتيم، واكل الربا بعد البينة، وعقوق الوالدين، والفرار من الزحف، وقتل المؤمن، وقذف المحصنة. قال: قلنا: ما منا أحد أصاب من هذه شيئا. قال: أنتم إذا. [ أنتم أخذتم من رسول الله ] [ 1377 ] وعنه، عن أبيه، قال: سمعت أبا عبد الله - يعني: جعفر بن محمد - عليه السلام يقول: اجعلوا أمركم هذا لله ولا تجعلوا للناس، فانه ما كان لله فهو لله، وما كان للناس فلا يصعد إلى الله، ولا تخاصموا الناس بدينكم فان الخصومة عرضة القلب (1)، إن الله قال لنبيه محمد: " إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء " (2) وقال: " أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين " (3). (1) وفي البرهان 3 / 233: فان الخصومة ممرضة للقلب. (2) القصص: 56. (3) يونس: 99.
[ 477 ]
ذروا الناس، فان الناس أخذوا عن الناس وانكم أخذتم من رسول الله صلى الله عليه وآله، واني سمعت أبي يقول: إن الله عزوجل إذا كتب لعبد أن يدخل هذا الامر كان أسرع إليه من الطير إلى وكره. [ 1378 ] [ محمد الحلبي ] قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام يقول: من اتقى الله [ منكم ] وأصلح، فهو منا أهل البيت (1). يعني عليه السلام: أن يكون منهم بالتولي لهم لقول الله حكاية عن خليله ابراهيم عليه السلام: " فمن تبعني فإنه مني " (2) وقوله تعالى " ومن يتولهم منكم فإنه منهم " (3). [ 1379 ] وقال: دخلت المسجد أنا وأبان بن تغلب (4)، فرأينا أبا عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام جالسا والناس حوله يستفتونه، فقصدنا إليه، فقال له أبان: يابن رسول الله صلى الله عليه وآله هذه الكعبة ؟ قال: نعم إذا رأيتها فقل: الحمد لله الذي شرفك وكرمك وجعلك مثابة للناس وأمنا. ثم قال: إن الله تعالى أول ما خلق من الارض الكعبة، ثم بث الارض من تحتها وجعلها جوفاء، وهي بازاء البيت المعمور، وما بينهما حرم، ولو أن رجلا كان يطوف بها فأتاه أخوه المسلم في كل حين يسأله أن يمضي معه في حاجة، لكان قطع طوافه وذهابه معه أفضل. ولو أن رجلا من أهل ولايتنا لقي الله تعالى بعدد رمل عالج ذنوبا لكان حقا على الله أن يغفر له. (1) البرهان 2 / 318. (2) ابراهيم: 36. (3) المائدة: 51. (4) وهو أبو سعيد أبا بن تغلب بن رياح الكوفي البكري الكندي توفي في حياة الامام الصادق عليه السلام سنة 141 ه.
[ 478 ]
[ عبد مات على حب علي ] [ 1380 ] عبد الله بن مالك، عن ابي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام، أنه قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وآله يوما بالمدينة جالسا وحوله نفر من أصحابه إذ نظر إلى سواد عظيم نازل من السماء، فقام فزعا وقام معه أصحابه، فتخلل طرق المدينة، وهو ينظر إلى السواد حتى أتاه، فإذا بنعش يحمله أربعة من العبيد، وليس وراءه تبع، فقال: من هذا الميت ؟ قالوا: يا رسول الله عبد كان لبني رباح مسرفا على نفسه أوثقه مواليه، فمات في الوثاق، فأمرونا بدفنه. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله [ لعلي ] (1): انظر إليه لعلك أن تعرفه. فكشف عنه علي عليه السلام فإذا باسود في عنقه غل وفي رجليه قيد. فقال علي عليه السلام: بلى والله يا رسول الله إني لاعرفه، وما لقيته - قط - إلا وقال لي: يا مولاي أنا والله احبك، وأشهد أنه لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا كافر. (1) زيادة منا اقتضاه السياق.
[ 479 ]
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا جرم أنه قد نفعه ذلك، هذا - والله - سبعون قبيلا (1) من الملائكة، ففي كل قبيل (2) سبعون ألف ملك هبطوا من السماء يشهدون جنازته ويصلون عليه. وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله بقطع الغل من عنقه والقيد من رجليه وصلى عليه ودفنه وترحم عليه. [ 1381 ] ثروة الرماح (3) قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام: قول الله: " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى " (4) ثم قال لي: ما يقول هؤلاء في هذه الآية ؟ قلت: جعلت فداك لا أدري. قال: لكني أدري، يزعمون أنها لهم على العموم، ولا والله ما هي إلا لكم خاصة، أنتم الحجيج والناس سواد. [ العبادة بدون الولاية ] [ 1382 ] أبو حمزة الثمالي، قال: قال علي بن الحسين عليه السلام: أي البقاع أفضل ؟ قلت: الله ورسوله [ وابن رسوله ] أعلم. قال: أفضل البقاع ما بين الركن والمقام، ولو أن رجلا عمر ما عمر نوح عليه السلام في قومه [ الف سنة إلا خمسين ] (5)، يصوم النهار (1) القبيل: الجماعة. (2) وفي الاصل: قبيلة - وهو خطأ -. (3) وفي البرهان 1 / 204: اسماعيل بن نجيح الرماح. (4) البقرة: 203. (5) ما بين المعقوفتين زيادة من بشارة المصطفى ص 71.
[ 480 ]
ويقوم الليل في ذلك الموضع، ثم لقي الله تعالى بغير ولايتنا لم ينفعه ذلك [ شيئا ]. [ 1383 ] أبو حمزة، قال: سمعت أبا جعفر - محمد بن علي عليه السلام - [ يقول: ] لو أن عبدا عبد بين الركن والمقام حتى ينقطع أوصاله ثم لم يلق الله بحبنا وولايتنا - أهل البيت - ما قبل الله منه. [ 1384 ] وعنه، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن الجنة تشتاق، وليشتد ضوؤها لمجئ شيعة علي، وهم في الدنيا قبل أن يدخلوها. [ 1385 ] ابراهيم بن أبي السبيل، قال أبو عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام - ونحن جماعة من أوليائه جلوسا بين يديه، ابتدأ من قبل نفسه -: احببتمونا وأبغضنا الناس، وصدقتمونا وكذبنا الناس، فجعل الله محياكم [ ومماتكم ] (1) محيانا ومماتنا، والله ما بين أحدكم وبين أن يرى ما تقربه عينه إلا أن تبلغ نفسه إلى هذا المكان - وأومى بيده إلى حلقه، ومد جلده -. ثم أعاد ذلك، والله ما رضي بذلك حتى حلف لنا، فقال: والله الذي لا الله إلا هو يحدثني ابن عمي - ابن علي - بذلك، أما ترضون أن تصلوا ويصلو [ ن ] (2) فيقبل منكم ولا يقبل منهم، والله لا تقبل (3) الصلاة إلا منكم، ولا الزكاة إلا منكم، ولا الحج إلا منكم، فاتقوا الله فانكم في هدنة، وأدوا الامانة، فإذا تميز الناس فعند ذلك يذهب كل قوم إلى جهة أهوائهم، وتذهبون حيث ذهب رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي عليه السلام. (1) و (2) ما بين المعقوفات زيادة منا اقتضاه السياق. (3) هكذا صححناه وفي الاصل: يقبل.
[ 481 ]
إن الناس أخذوا من هاهنا وهاهنا وأنتم أخذتم أخذ الله، إن الله اختار لكم من عباده محمدا صلى الله عليه وآله واخترتم خيرة الله، فمحمد خيرة الله، ونحن خيرة الله، فاتقوا الله وأدوا الامانات إلى الاسود والابيض، وان كان حروريا (1)، وان كان شاميا (2). [ 1386 ] يزيد بن حلقة الحلواني، عن عبد الرحمن، قال: قال أبو جعفر عليه السلام: انما يغبط أحد حتى يبلغ نفسه إلى هاهنا، فينزل عليه ملك [ الموت ] فيقول: أما ما كنت ترجوفقد اعطيت، وأماما كنت تخاف فقد أمنت منه، ويفتح له باب إلى منزله من الجنة، فيقال له: انظر إلى مسكنك من الجنة، وهذا رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي والحسن والحسين هم رفقاؤك، وذلك قول الله: " الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة " (3). [ 1387 ] الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: [.. ] (4) إن أدرك الدجال آمن به، وان لم يدركه كتب من أصحابه. وان ربي مثل لي امتي في الطين، وعلمني الاسماء كلها كما علمها ندم، فمر بي أصحاب الرايات، فاستغفرت لعلي وشيعته، إن ربي وعدني في شيعة علي عليه السلام خصلة، قيل: وما هي يا رسول الله ؟ قال: المنفرة لمن آمن منهم واتقى، [ وان الله ] لا يغادر صغيرة ولا (1) الحرورية هم الخوارج. (2) لعله اشارة إلى أصحاب معاوية بن أبي سفيان - فقد كان اكثرهم من أهل الشام - وذلك لما أبدوه لامير المؤمنين عليه السلام وشيعته من العداوة والبغضاء. (3) يونس: 63. (4) إن في الحديث سقط، راجع تخريج الاحاديث.
[ 482 ]
كبيرة، ولهم تبدل السيئات حسنات. [ 1388 ] الفضل بن بشار، قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: ترى اننا ننزل بذنوبنا منزلة المستضعفين ؟ قال: فقال: لا والله لا يفعل الله ذلك بكم أبدا. [ 1389 ] أبو بكر الحضرمي (1)، قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: قول أبيك: لو أدركت عكرمة قبل أن يموت لعلمته كلمات لا تطعمه النار. قال: نعم. قلت: جعلت فداك وما هن (2). قال: ما أنتم عليه. ثم قال: من تولى محمدا لم تطعمه النار. [ 1390 ] وعنه، عن أبي عبد الله عليه السلام، أنه قال: إذا مات المؤمن منكم جعل روحه مع النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين. [ 1391 ] وعن أبي عبد الله ابن يحيى، قال: سمعت عليا عليه السلام يقول: إن ابني فاطمة اشترك في حبها البر والفاجر، وانه كتب لي: لا يحبني كافر ولا يبغضني مؤمن، وقد خاب من افترى. [ 1392 ] صفوان عن عبد الله بن مسكان، عن سليمان [ بن ] (3) هارون العجلي، عن أبي عبد الله عليه السلام، أنه قال لقوم كانوا عنده من الشيعة: أما والله انكم على دين الله، قال الله تعالى: (4) " إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا (1) اسمه عبد الله بن محمد. راجع اعيان الشيعة 2 / 293. (2) في نسختنا: وما هي، وما أتبتناه هو الصحيح. (3) يحتمل وجود سقط هنا وهو كلمة بن أو و. (4) في الاصل: قال الله تعالى لهم.
[ 483 ]
كريما " (1). [ 1393 ] عبد الله بن مسكان، عن زيد بن الوليد، عن يحيى بن سابق، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال يحيى: دخلت عليه لاودعه مع قوم من أصحابه، فلما ودعناه، قال لنا: أما والله إنكم لعلى دين الله وان من خالفكم لعلى غير الحق، والله - ما اشده (2) - انكم في الجنة، واني لارجو أن يقر الله أعينكم من قريب. [ 1394 ] حبيبة (3) الاعشى، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: عاديتم فينا الامة، والآباء والابناء والازواج والاخوة فتوابكم على الله والرسول، وان أحوج ما يكون فيه إلى حبنا إلى أن بلغت النفس إلى هذه - وأهوى بيده إلى حلقه -. [ 1395 ] أبو جارود بن المنذر، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام قول: إذا بلغت أحدكم هذه - وأومى بيده إلى حلقه - قرت عينه. [ 1396 ] ابن مسكان، عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا أبا محمد لا تعجبك كثرة صلاتهم وصيامهم فان الامر - والله - هاهنا، نحن السبيل والوجه الذي يؤتى الله تعالى منه. [ 1397 ] كليب الصنداني، قال: قال لنا أبو عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام: أما والله إنكم على دين الله، وعلى دين ملائكته، فأعينونا على ذلك بالورع والاجتهاد، أما والله ما يتقبل إلا منكم، فاتقوا الله، وكفوا ألسنتكم، وصلوا في مساجدكم، وعودوا مرضاكم، فإذا تميز الناس، فتميزوا. (1) النساء: 31. (2) كذا ظاهر الكلمة. (3) هذه الكلمة غير واضحة وانما وضعناها استظهارا.
[ 484 ]
[ تفرحون لفرحنا ] [ 1398 ] وعن أبي كهمس، قال: دخلنا على أبي عبد الله نعزيه بابنه اسماعيل، فقال: رحمكم الله تفزعون لفزعنا، وتفرحون لفرحنا، أما يحسبكم إذا نادى منادي عدل من ربكم أن يكون كل قوم مع من تولوا في دنياهم، فنفزع إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وتفزعون الينا ؟ [ 1399 ] عبد الله بن مسكان عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تعالى: " يا عبادي الذين اسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا " (1) أخاصة هي أم عامة ؟ قال: بل هي لك ولاصحابك. [ 1400 ] عباد بن زياد، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا عباد ما على ملة ابراهيم أحد غيركم، ولا يقبل الحج إلا منكم، ولا يغفر الذنوب إلا لكم، وان ارواحنا لتحب أرواحكم، وانا لنحب رؤياكم وزيارتكم. [ 1401 ] علي بن النعمان، عن يزيد بن خليفة الحلواني، قال: قال لنا أبو عبد الله عليه السلام: والله ما على (2) أحدكم لوقد كان على قلة جبل حتى ينتهي إليه أجله. انه من عمل لله كان ثوابه على الله، وان كل رياء فهو شرك. [ 1402 ] أبو هارون الجرجاني، عن مبشر، قال: سمعت أبا جعفر محمد بن (1) الزمر: 53. (2) في الاصل: على ما. (*)
[ 485 ]
علي، يقول: من لقي الله لا يشرك به شيئا، ويجتنب المحارم التي أوجب الله عليها النار (1). [ 1403 ] ابن مسكان، عن معلى بن خنيس، عن أبي عبد الله عليه السلام، أنه قال: إن الله تعالى إذا اراد بعبد خيرا وكل به ملكا حتى يأخذ بعنقه - وأشار باصبعه - فيدخله في هذا الامر شاء أو ابى. [ 1404 ] عمرو بن زيد، عن اسحاق بن حبيش، عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام، أنه قال: يخرج شيعتنا يوم القيامة من قبورهم على ما فيهم من عيوب ولهم من ذنوب على نوق لها (2) أجنحة، شرك نعالهم من نور يتلالا، قد سهلت لهم الموارد، وذهبت عنهم الشدائد آمنة روعاتهم، مستورة عوارتهم، قد اعطوا الامن والامان، وانقطعت عنهم الاحزان، يخاف الناس ولا يخافون، ويحزن الناس ولا يحزنون، فتنطلق بهم إلى ظل العرش، فتوضع بين أيديهم موائد، يأكلون منها ويشربون، والناس في الحساب. [ 1405 ] أبو إسحاق النحوي، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن الله أثنى على نبيه محمد صلى الله عليه وآله [ بقوله: ] (3) " وإنك لعلى خلق عظيم " (4) ثم فوض إليه فقال: " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " (5) وان نبي الله فوض إلى علي عليه السلام فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، وائتمنه. وانكم سلمتم وجحد [ الناس ] والله لنحبكم أن تقولوا إذا قلنا، (1) كذا في الاصل. (2) في نسختنا: لها على. ولعل كلمة على نسخة بدل. (3) زيادة منا اقتضاه السياق. (4) القلم: 4. (5) الحشر: 7.
[ 486 ]
وتصمتوا إذا صمتنا، ونحن فيما بينكم وبين الله تعالى واقية، ما جعل الله لاحد [ خيرا ] خلاف أمرنا (1). [ 1406 ] ابن العلي، قال: كنت عند أبي عبد الله وزرارة ومحمد بن مسلم، فقال أبو عبد الله عليه السلام: لا تطعم النار من كان على هذا الامر. فقال له زرارة: يابن رسول الله إن في من ينتحل هذا الامر من يربي ويشرب الخمر. قال: إذا كان، ضيق الله عليه في معيشته وابتلاه في الدنيا وعاقبه فيها حتى يخرج منها وليس له ذنب. [ 1407 ] حماد بن عيسى، عن ابراهيم، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن الله تعالى خصكم باربع، الولاية: وهى خير ما طلعت عليه الشمس، وعفا عنكم عن ثلاث: الخطأ، والنسيان، وما اكرهتم عليه. [ 1408 ] حماد بن عيسى، عن ابراهيم، عن بعض أصحابه، عن أبي جعفر عليه السلام، أنه قال لقوم من شيعته: مامن يوم إلا يذكركم الله فيه بخير، وما من ليلة إلا يكفيكم الله تعالى فيها بعافية، ولقد نزلتم من الله بمنزلة ما ينظر معها إلى غيركم إلا أن يتوب تائب فيتوب عليه، فأنتم سيف الله، وأنتم سوط الله، وأنتم أنصار الله، وأنتم السابقون الاولون والآخرون، السابقون في الدنيا إلى الايمان، والسابقون في الآخرة إلى الجنة، وما من شئ في أيدي مخالفيكم من أهل ولا مال إلا وهو لنا. وقد تجاوز الله عن سيئاتكم، وقد ضمنا لكم الجنة بضمان رسول الله صلى الله عليه وآله وضمان الله تعالى لكم. (1) هكذا صححناه وفي الاصل: لاحد من خلاف فيما أمر به. راجع تخريج الاحاديث.
[ 487 ]
فأنتم أهل الرشاد والتقوى، وأهل الخير والايمان، وأهل الفتح والظفر. [ 1409 ] أبو عبيدة [ زياد الحذاء ] قال: دخلت على أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام فقلت: بأبي وامي أنت، خلابي الشيطان فخشيت نفسي، ثم أذكر حبي إياكم، وانقطاعي لكم، وموالاتي لكم، قتطيب نفسي. فقال لي: يا زياد، وهل الدين إلا الحب، ألم تسمع قول الله تعالى: " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم " (1) وقال: " يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون.. " (2). فالدين هو الحب. [ 1410 ] ابن شعيب، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: يسأل الرجل في قبره عن امام زمانه، فإذا اثبته وسع له في قبره سبعة أذرع، وفتح منه باب إلى الجنة وقيل له: نم نومة العروس قرير العين. [ 1411 ] ابن جعفر، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: كان الناس بعد نبيهم أهل جاهلية إلا من عصم الله تعالى من أهل البيت. [ 1412 ] ابن عبد الله، باسناده، عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: أمرني ربي بحب أربعة، قيل: ومن هم يا رسول الله ؟ قال: علي وسلمان والمقداد وعمار (3). [ 1413 ] عن أبي ليلى، عن الحسين بن علي عليه السلام، أنه قال: قال رسول الله: الزموا مودتنا أهل البيت، فانه من لقي الله يوم القيامة (1) آل عمران: 31. (2) الحشر: 9: ولا يجدون في صدورهم حاجة مما اوتوا ويؤثرون على أنفسهم... الاية. (3) وفي بحار الانوار 22 / 321 بدل كلمة عمار: كلمة أبا ذر الغفاري.
[ 488 ]
وهو يودنا دخل الجنة بشفاعتنا. [ والذي نفسي بيده لا ينتفع عبد بعمله إلا بمعرفته بحقنا ] (1). [ 1414 ] معمر بن حثيم، عن أخيه، قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: يا معمر ليس منا من قطعك (2) ولكن من وصلكم وتركهم، وليس منا ولا منكم من ظلم الناس. يا معمر زينونا بالورع. يا معمر أخذ الناس يمينا وشمالا وأخذتم القصد، اخترتم من اختار الله، ونظرتم بنور الله، واتبعتم الله وتقربتم من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فطوبى لمن كان في زمرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الطيبين الطاهرين غدا وأهل بيته. فالويل والخزي لمن حشره الله ضدا لرسوله ولاهل بيته صلى الله عليه وآله وسلم. يا معمر ما نحن وأنتم إلا كهاتين يوم القيامة - وجمع بين اصبعيه - المسبحة والوسطى -. يا معمر شيعتنا من أحب الله، وعدونا من أبغضنا لقرابتنا من رسول الله صلى الله عليه وآله. يا معمر أيستأثرون من رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ يا معمر من أهل بيت أضيع منا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟ وما يستطيع أحدنا أن يكلم خادمه بحاجته، فالله المستعان. [ 1415 ] بشر بن غالب، قال: سألني الحسين بن علي عليه السلام عن أهل (1) الزيادة من أمالي المفيد ص 35. (2) كذا في نسختنا، ولعل الصحيح: قطعهم.
[ 489 ]
الكوفة فقال: ما فعل أبناء العرب بها ؟ قلت: يابن رسول الله، أسبلوا الستور، وشربوا الخمور، ويزينون بالخلاهنات (1). قال: فما فعل أبناء الموالي ؟ قلت: يغدون ويروحون إلى الاسواق، فيقعدون على الكرسي، ويحلفون بالايمان الفاجرة. فقال: أما أنه لا تذهب الايام حتى يكونوا دفتين كدفتي المصحف، لا يحبنا أحد منهم إلا كان معنا يوم القيامة، له نور يعرف به حتى يؤتى بهم أبانا عليا عليه السلام، فيسقيهم من الحوض، ثم ندخل نحن وهم الجنة، يقدمنا أبونا رسول الله صلى الله عليه وآله. [ 1416 ] سليم بن قيس الهلالي، قال: قلت لامير المؤمنين علي عليه السلام: إن أهل بيتي يقطعوني وأوصلهم، ويحرموني فأعطيهم، ويكلموني وأعفو عنهم، ويشتموني ولا أشتمهم. فقال أمير المؤمنين علي عليه السلام: عهدت الناس ورقا لا شوك فيه، وهم اليوم شوك لا ورق فيه. فقلت: فكيف أصنع يا أمير المؤمنين ؟ قال: ولهم غرضك ليوم فقرك. شيعتنا ثلاثة أصناف: صنف يصلونا، وصنف يصلون الناس، وصنف والوا ولينا وعادوا عدونا. اولئك الاولياء الاخيار الحكماء العلماء وطوبى لهم وحسن مآب. [ 1417 ] محمد بن الهارون الهمداني، قال: خرج أبو جعفر عليه السلام يوما على أصحابه وهم جلوس على بابه ينتظرون خروجه فقال لهم: (1) الكلمة غير واضحة في نسختنا.
[ 490 ]
تنجز - والبشرى من الله -، والله ما أحد من الناس يتنجز لي البشرى من الله غيركم، ثم قرأ: " ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا " (1). ثم قال: نحن أهل البيت قرابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. [ 1418 ] الحسين بن محمد الطيالسي، قال: حدثنا اسحاق - مولى جعفر بن محمد قال: سمعت مولاي جعفر عليه السلام يقول: إن الله تعالى إذا جمع الخلق يوم القيامة لم يعتذر إلى أحد من خلقه إلا إلى فقراء شيعتنا، فيقول لهم: وعزتي وجلالي ما أفقرتكم في الدنيا لهوانكم علي ولكني ذخرت لكم ما عندي فتصفحوا وجوه الخلق، فمن كان صنع إلى أحد منكم معروفا في الدنيا فليأخذ بيده، فليدخله الجنة فانهم يومئذ ليتعلقون بفقراء شيعتنا فيقول كل واحد منهم: ألم أفعل بك في الدنيا كذا ؟ فمن عرفوه ممن كان فعل ذلك لهم أدخلوه الجنة. [ 1419 ] الفضل بن يسار، قال: حدثني الثقة من أصحابنا، عن عبد الله بن الحسين بن علي عليه السلام، أنه قال: والله الذي لا إله غيره لا يحب محبنا - على غير يد كانت منه إليه -، ولا يبغض عبد مبغضنا - على غير شحناء كانت بينه وبينه -، ثم لقي الله تعالى وعليه من الذنوب مثل زبد البحر إلا غفر الله [ له ]. [ 1420 ] أبو الجارود، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: أليس عدل من ربكم أن يقوم منادي يوم القيامة فينادي ليقم كل قوم إلى من تولوه في الدنيا، فتفزعون الينا فتجدونا عند النبي صلى الله عليه وآله ؟ (1) الشورى: 23.
[ 491 ]
[ مرحبا يا بشير ] [ 1421 ] يحيى بن مشاور، قال: أخبرني بشير النبال - وكان يرمي بالنبل - قال: أردت زيارة أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام فاشتريت بعيرا نضوا لم أجد بما تهيأ لي من الثمن غيره، فقال لي قوم: [ لا ] يحملك. فركبت ومشيت حتى قدمت المدينة وقد تشقق وجهي ويداي ورجلاي، فأتيت باب أبي جعفر عليه السلام فأصبت غلاما بالباب فقلت له: استأذن لي على ابن رسول الله وقل له: بشير النبال ماثل بالباب. فسمع صوتي فقال: ادخل يا بشير. فلما رآني قال: مرحبا يا بشير، ماهذا الذي أرى بك. قلت: جعلت فداك اشتريت بعيرا نضوا فركبت ومشيت. فقال: وما الذي دعاك إلى ذلك ؟ قلت: حبكم والله. قال: أفلا افيدك ؟ قلت: بلى. قال: إذا كان يوم القيامة، فزع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الله تعالى، وفزعنا إلى رسول الله، وفزع محبونا الينا فالى أين ترون نذهب بكم ؟
[ 492 ]
قال: إلى الجنة. قال: إلى الجنة ورب الكعبة، إلى الجنة - قالها مرتين -. [ 1422 ] عبد الحميد بن سعيد، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ما أحسبك تأنس بأحد في المدينة. قلت: لا يابن رسول الله. قال: فاني لك ذلك. فقال عليه السلام: يا عبد الحميد لكم والله يغفر الذنوب، ومنكم يقبل الحسنات، أبشروا، [ فاني ] (1) كثيرا ما [ كنت ] (2) أسمع أبي رضي الله عنه يقول لاصحابه: أبشروا، فما بين أحدكم وبين أن يغتبط ويلقى السرور إلا أن تبلغ نفسه إلى هاهنا - وأشار بيده إلى حلقه -. ثم قال: إنه إذا كان ذلك واحتضر، أتاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجبرئيل، وملك الموت، وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام. فيدنو منه علي عليه السلام، فينظر إليه، ثم يلتفت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فيقول: يا رسول الله هذا كان يحبنا فأحبه، فيقول رسول الله صلى الله عليه وآله: يا جبرئيل إن هذا كان يحب الله ورسوله وأهل بيته فأحبه. فيقول جبرئيل: يا ملك الموت إن هذا كان يحب الله ورسوله وأهل بيت رسوله فأحبه. فيدنو [ منه ] (3) ملك الموت، فيقول: يا عبد الله أخذت فكاك رهانك، أخذت براءة أمانك. ثم يقول (4): تمسكت بالعصمة الكبرى في الحياة الدنيا ؟ (1) و (2) ما بين المعقوفات زيادة منا اقتضاه السياق. (3) كملة " منه " لا بد لها هنا من أجل السياق. (4) في الاصل: قال.
[ 493 ]
فيوفقه الله فيقول: نعم. فيسأل ملك الموت عما تمسك به ؟ فيقول: ولاية علي بن أبي طالب. فيقول: أبشر، فقد أدركت ما كنت ترجوه، وأمنت مما كنت تخافه، أبشر بالسلف الصالح بمرافقة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلي بن أبي طالب عليه السلام وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام. ثم يسل روحه سلا رفيقا، ثم ينزل إليه بكفن من الجنة وحنوط وحلة خضراء يكفن بها ويحنط. فإذا وضع في قبره قيل له: نم نومة عروس على فراش، أبشر بروح وريحان ورب غير غضبان وجنة نعيم. ثم يفتح له في قبره مسيرة شهر أمامه وعن يمينه وعن شماله ومن خلفه، ويفتح له باب إلى الجنة، فيدخل عليه روحها وريحانها إلى أن يبعث. قال: وإذا احتضر الكافر حضره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلي وجبرئيل وملك الموت عليهم السلام، فيدنو منه علي عليه السلام، ثم يلتفت، فيقول: يا رسول الله إن هذا كان يبغضنا أهل البيت. فيقول النبي صلى الله عليه وآله لجبرئيل: يا جبرئيل إن هذا كان يبغض الله ورسوله وأهل بيت رسول الله، فابغضه. فيقول جبرئيل لملك الموت: إن هذا كان يبغض الله ورسوله وأهل بيت رسوله، فاعنف عليه وابغضه. فيدنو منه ملك الموت فيقول: يا عبد الله أخذ [ ت ] (1) فكاك (1) زيادة منا اقتضاه السياق.
[ 494 ]
رهانك ؟ أخذت براءة أمانك ؟ تمسكت بالعصمة الكبرى في الحياة الدنيا ؟ فيقول: لا، وما أعرف شيئا مما تقول. فيقو له ملك الموت: أبشر يا عدو الله بخزي الله وعذابه في نار جهنم، أما ما كنت ترجو فقد فاتك، وأما ما كنت تحذر فقد نزل بك. ثم يسل روحه سلا، ويوكل به ثلاثمائة شيطان فيبصقون بوجهه حتى يوضع في قبره، ويفتح له فيه باب إلى جهنم، فيدخل عليه زفيرها وحرها إلى أن يبعث، ثم ينطلق بروحه إلى برهوت (1). [ 1423 ] (وعنه) قال: سمعنى أبو عبد الله عليه السلام وأنا اقول: أسأل [ الله ] الجنة. فقال لي: يا أبا محمد أنت والله في الجنة، فاسأل الله أن لا يخرجك منها. قلت: وكيف ذلك - جعلت فداك -. فقال: من كان في ولايتنا فهو في الجنة. [ أقول: ] يعني عليه السلام أنه من أهل الجنة. فاسألوا الله أن لا يخرجكم منها إلى ولاية عدونا. [ 1424 ] الفضل، قال: تحدثنا عند أبي عبد الله عليه السلام، فذكرنا عين الحياة فقال عليه السلام: أتدرون ما عين الحياة ؟ قلنا: الله وابن رسوله أعلم. قال: نحن عين الحياة، فمن عرفنا وتولانا فقد شرب عين الحياة، وأحياه الله الحياة الدائمة في الجنة وأنجاه من النار. (1) برهوت واد بحضرموت تحضر فيه ارواح المشركين.
[ 495 ]
[ 1425 ] الاصبغ، قال: سمعت عليا عليه السلام يقول: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي إن لله تعالى قضبا (1) من ياقوت لا يناله إلا نحن وشيعتنا وسائر الناس براء. [ 1426 ] جابر بن عبد الله الانصاري، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لعلي: ألا أمنحك، ألا ابشرك ؟ قال: بلى يا رسول الله. قال: خلقت أنا وأنت من طينة واحدة ففضلت منها فضلة فخلق منها شيعتنا [ فإذا كان يوم القيامة دعي الناس بأسماء امهاتهم إلا شيعتك ] (2) فانهم يدعون بأسمائهم وأسماء آبائهم لطيب مولدهم. [ 1427 ] أبو عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين علي عليه السلام أنه قال: لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم و حسن مآب " (3) قال المقداد بن الاسود الكندي: يا رسول الله وما طوبى ؟ قال: يا مقداد، شجرة في الجنة، لو يسير الراكب الجواد في ظلها مائة عام ما قطعها، وورقها وقشرها [ زبرجد ] (4) أخضر، وزهرها رياض صفر، وضيعتها زنجبيل وعسل، وبطحاؤها ياقوت أحمر وزمرد أخضر، وترابها مسك وعنبر، وحشيشها زعفران، خلالها لجوج (1) القضب: جمع قضيب. (2) زيادة من بشارة المصطفى ص 15 وفيه " فإنهم يدعون بأسماء آبائهم... ". (3) الرعد: 29. (4) هذا ما استظهرناه والكلمة غير واضحة.
[ 496 ]
[ كذا ] يتأجج من غير وقود، يتفجر من أصلها السلسبيل، (1) ظلها مجلس من مجالس شيعة علي عليه السلام، يألفونه ويتحدثون فيه. فبيناهم يوما في ظلها إذا جاءتهم الملائكة تقود لهم (2) خيلا بسلاسل من ذهب كأن وجوهها المصابيح نضارة وحسنا، وبرها [ كذا ] خز أحمر ومرعر [ كذا ] أبيض محيطا لم ينظر (3) الناظرون إلى مثلها حسنا وبهاء، قد ذللت من غير مهانة ونجبت من غير رياضة، عليها رحال ألواحها من الدر والياقوت مضيئة بألوان المرجان، وصفاتها [ كذا ] من الذهب الاحمر ملبسة بالعبقري والارجوان فأناخوها لهم. ثم قالوا: ربكم يقرئكم السلام فقوموا فزوروه ليزيدكم من فضله، فانه ذو رحمة واسعة وفضل عظيم. فيستوي كل رجل منهم على راحلته وينطلقون صفا واحدا معتدلا لا يفوت أحد منهم أحدا، ولا يمرون بشجرة من شجر الجنة إلا اتحفتهم بثمارها، ورحلت لهم عن طريقهم كرامة لهم، من غير أن تفرق بينهم، حتى إذا انتهوا إلى الجبار تعالى، قالوا: ربنا أنت السلام ومنك السلام وأنت ذو الجلال والاكرام. فيقول تعالى: كذلك أنا ومرحبا بعبادي الذين حفظوا وصيتي في أهل [ بيت ] (4) نبيي، ورعوا حقي، وخافوني بالغيب وكأني مني على حال مشفقين. فيقولون: وعزتك وجلالك ما قدرناك حق قدرك ولا أدينا حقك فائذن لنا بالسجود. (1) السلسبيل: الماء العذب السهل المساغ. (2) في الاصل: تقودهم. (3) في الاصل: ولم ينظر. (4) زيادة منا اقتضاه السياق.
[ 497 ]
فيقول لهم ربهم: اني قد وضعت عنكم العبادة وأرحت أبدانكم فطال ما انصبتم لي الابدان، فالآن افضتم إلى روحي ورحمتي فاسألوني بما شئتم، فلا يزال يا مقداد ممنونا عليهم في العطايا والمواهب حتى أن المقصر من شيعة علي ليتمنى يومئذ في امنيته مثل جميع الدنيا مذ خلقها الله تعالى إلى يوم القيامة. فيقول لهم ربهم: لقد قصرتم في أمانيكم، ورضيتم بدون ما لحق لكم، فانظروا إلى مواهب ربكم. فينظرون، فإذا هم بقباب وقصور في أعلى علو، من الياقوت الاحمر والجوهر الاخضر والابيض والاصفر يزهر نورها، فلولا أنها مسخرة لم تكد الابصار أن تراها لشدة نورها، فما كان منها من الياقوت الاحمر فهو مفروش بالسندس الاخضر، وما كان منها من الياقوت الاصفر فهو مفروش بالرياض مشوب بالفضة البيضاء والذهب الاحمر، قواعدها وأركانها من الجوهر، يخرج من أبوابها وعرصتها (1) نور مثل شعاع الشمس، وعلى كل قصر من تلك القصور جنتان مدهامتنان فيهما عينان نضاختان، فإذا أرادوا الانصراف إلى منازلهم حولوا إلى فرس من نور بأيدي ولدان مخلدين، بيد كل واحد منهم حكمة (2) فرس من تلك الافراس، لجمها وأعينها من الفضة البيضاء والذهب الاحمر والجوهر، فلما دخلوا منازلهم أتتهم الملائكة بهنئونهم بكرامة الله لهم، حتى إذا استقروا قيل لهم: " هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا " (3). (1) كذا ظاهر الكلمة. (2) حكمة الفرس: لجامه (ط). (3) الاعراف: 33.
[ 498 ]
قالوا: نعم ربنا رضينا فارض عنا. قال: برضاي عنكم، وبحبكم أهل بيت نبيكم أحللتكم داري وصافحتكم الملائكة فهنيئا لكم عطاء غير مجذود ليس ينغص. فعندها قالوا: " الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور. الذي أحلنا دار المقامة من فضله ولا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب " (1). [ 1428 ] هاشم الصداني، قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا هاشم حدثني أبي، وأبي وهو خير مني، عن جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أنه قال: مامن رجل من شيعتنا يموت إلا خرج من قبره يوم القيامة مثل القمر ليلة البدر، فيقال له: سل. فيقول: أسأل في النظر إلى محمد عليه السلام. قال: فيأذن الله تعالى لشيعتنا في زيارة محمد صلى الله عليه وآله وسلم في الجنة، وينصب لمحمد منبر فيصعد عليه هو وعلي عليه السلام ويحف بذلك المنبر شيعة آل محمد ويلقى عليهم النور، حتى أن أحدهم إذا رجع إلى منزله لم تقدر الحور أن تملأ أبصارها منه. ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: فلمثل هذا فليعمل العاملون. [ 1429 ] الاصبغ، عن علي عليه السلام، أنه قال في قوله الله تعالى: " قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون " (2) قال: ليفرح شيعتنا بما اعطوا، فذلك خير مما اعطي عدونا من الذهب والفضة. [ 1430 ] أبو الجارود، عن أبي جعفر عليه السلام، أنه قال في قول الله (1) فاطر: 34 و 35 (2) يونس: 58.
[ 499 ]
تعالى: " ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه " (1) قال: قال علي عليه السلام: ليس من عبد امتحن الله قلبه [ بالايمان إلا وجد مودتنا في قلبه ] (2) فهو يودنا، وليس من عبد ممن سخط الله عليه إلا وهو يجد بغضنا على قلبه، فهو يبغضنا، فأصبحنا نفرح بحب للمحب. وأصبح محبنا ينتظر رحمة الله، وكأن أبواب الجنة قد تفتحت له وأصبح مبغضنا على شفا حفرة من النار ينهار به في نار جهنم. فهنيئا لاهل الرحمة برحمة ربهم، وتعسا لاهل النار بمثواهم، ولا يستوي من أحبنا ومن أبغضنا، ولا يجتمع حبنا وبغضنا في قلب واحد، إن الله لم يجعل لرجل من قلبين في جوفه، يحب بهذا ويبغض بهذا، أما المحب فيخلص الحب لنا كما يخلص الذهب بالنار لا كدر فيه. ومبغضنا على تلك المنزلة، ونحن النجباء، وأفراطنا أفراط الانبياء وأنا وصي الاوصياء وشيعتي من حزب الله، والفئة الباغية من حزب الشيطان. فمن أراد أن يعلم حبنا فليمتحن قلبه، فان شارك حبنا عدونا، فليس منا ولسنا منه، والله عدوهم وجبرئيل وميكائيل، والله عدو للكافرين. [ 1431 ] علي بن أسباط، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله عليه السلام، أنه قال: ما ابتلى الله به شيعتنا فلن يبتليهم بأربع، بأن يكونوا لغير رشدهم، أو يمنوا في أكفهم، أو يبتلوا في أدبارهم، أو يكونوا منهم خصي. [ 1432 ] أبو حمزة، عن أبي عبد الله عليه السلام، أنه قال: أربع خصال (1) الاحزاب: 4. (2) الزيادة من البرهان 3 / 290.
[ 500 ]
لا تكون في شيعتنا المؤمنين: لا يكون من شيعتنا مجبوبا، ولا يسأل على الابواب، ولا يولد له من الزنى، ولا ينكح في دبره. [ 1433 ] عبد الحميد الواسطي، عن أبي عبد الله عليه السلام، أنه قال: (1) إن الشفاعة لمقبولة، ولا تقبل عن ناصب، وان المؤمن [ من ] شيعتنا ليشفع في جاره، وماله من حسنة، فيقول: يا رب جاري كان يكف عني الاذى. [ فيشفع فيه ] (2) فيقول الله تعالى: أنا أحق لمكافأته عنك، فيشفعه فيه وماله من حسنة. فان أدنى المؤمنين شفاعة لمن يشفع لثلاثين انسانا، فعند ذلك يقول عدونا " فما لنامن شافعيين. ولا صديق حميم " (3). [ 1434 ] أبو بصير، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام، أنه قال في قول الله تعالى: " إن في ذلك لذكرى لاولي الالباب " (4) قال: هم شيعة علي عليه السلام. [ 1435 ] وعنه قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام عن قول الله تعالى: " هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون [ إنما يتذكر أولو الالباب " (5). قال: نحن وعدونا الذين لا يعلمون ] (6). وشيعتنا أولو الالباب. [ 1436 ] مالك، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا مالك، أما ترضون [ أنكم ] تقيمون الصلاة وتؤتون الزكاة [ ل ] امام آل محمد وتدخلون (1) إن المؤلف ترك ذكر صدر الحديث. راجع تخريج الاحاديث. (2) زيادة من البرهان 3 / 186. (3) الشعراء: 100. (4) الزمر: 21. (5) الزمر: 9. (6) الزيادة من البرهان 4 / 70.
[ 501 ]
الجنة بسلام ؟ إنه ما من قوم يأتمون برجل إلا جاء يوم القيامة يلعنهم ويلعنونه، وذلك قول الله يعنيهم: " يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا " (1) وانكم تدعون بامامكم من آل محمد فتأتون وجوهكم تزهر، وكتبكم بأيمانكم مسجلة من عند العلي الاعلى إلى النبي الرؤوف الرحيم: (اني امتحنت قلب فلان بن فلان بالهدى وولاية أهل بيتك الاصفياء) مختوم عليها بخاتم من مسك أذفر. يا مالك من مات على ما أنتم عليه فهو كالمتشحط بدمه في سبيل الله. [ صفات الشيعة ] [ 1437 ] علي بن زيد، عن أبيه، قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام إذ دخل عليه عيسى بن عبد الله القمي، فرحب به، وقرب مجلسه ثم قال له: يا عيسى بن عبد الله ليس منا ولا كرامة من كان في مصر فيه ألف أو يزيدون فكان [ في ] ذلك المصر أورع منه. [ 1438 ] محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام، أنه قال: لا تذهب بكم المذاهب، فوالله ما شيعتنا إلا من أطاع الله. [ 1439 ] جابر الجعفي، قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام: أيكفي من انتحل التشيع (2) أن يقول: هو يحبنا أهل البيت ؟ فوالله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه، وما كانوا يعرفون [ إلا ] بالتواضع والخشوع، وكثرة ذكر الله تعالى، والصوم، والصلاة، والبر بالوالدين، والتلطف (1) العنكبوت: 25. (2) هكذا صححناه من روضة الواعظين ص 394 وفي الاصل: الشيعة.
[ 502 ]
والتعاهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة وللغارمين واليتامى، وصدق الحديث، وتلاوة القرآن، وكف الالسن إلا من خير. قال: فقلت: يابن رسول الله، ما يعلم أحد بهذه الصفة. قال: يا جابر، لا تذهبن بك المذاهب، حسب الرجل أن يقول: احب عليا وأتولاه ثم لا يكون مع ذلك يعمل صالحا. فلو قال: إني احب رسول الله ثم [ لا يعمل بعمله ولا ] يتبع سيرته ما كان ينفعه حبه إياه، ورسول الله خير من علي. فاتقوا الله واعملوا لما عند الله، ليس بين الله وبين أحد قرابة. أحب العباد إلى الله وأكرمهم عليه أتقاهم له، فاعملوا - يا جابر - بطاعة الله وما يقربكم منه، فما يتقرب إلى الله إلا بطاعة، وما معي براءة من النار، ولا على الله لاحد من حجة. من كان مطيعا لله فهو لنا ولي، ومن كان له عاصيا فهو لنا عدو والله ما ينال ولايتنا إلا بالعمل الصالح والورع. [ 1440 ] عمرو بن سعيد، قال: دخلنا على أبي جعفر عليه السلام ونحن جماعة من الشيعة فقال: كونوا لنا النمرقة الوسطى، يرجع اليكم الغالي ويلحق بكم التالي، واعملوا صالحا يا شيعة آل محمد فانه ليس بيننا وبين الله قراءة، ولا لنا على الله حجة، ولا يتقرب إليه إلا بالطاعة، فمن كان مطيعا نفعته ولايتنا، ومن كان عاصيا لله لم تنفعه ولايتنا. [ 1441 ] السدي بن محمد، يرفعه إلى أمير المؤمنين علي عليه السلام، أن قوما اتبعوه - يوما -، فالتفت إليهم فقال: من أنتم ؟ فقالوا: شيعتك يا أمير المؤمنين. فقال: مالي لا أرى عليكم سيماء الشيعة ؟ فقالوا: وما سيماء الشيعة ؟ فقال: سيماهم أنهم صفر الوجوه من السهر والقيام، خمص
[ 503 ]
البطون من الصيام، ذبل الشفاه من التلاوة والدعاء، عليهم عبرة الخاشعين. [ 1442 ] جابر، قال: كان أبو جعفر عليه السلام يقول: شيعتنا ذبل شفاههم خمص بطونهم تعرف الرهبانية في وجوههم. [ 1443 ] أبو يعقوب، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام يوما لبعض شيعته: إن شيعة علي عليه السلام كانوا (1) خمص البطون ذبل الشفاه أهل رأفة ورحمة وعلم وحلم فأعينونا على ما أنتم عليه بالورع والاجتهاد. [ 1444 ] محمد بن النضر، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: قال علي عليه السلام: إن لله عبادا من أوليائنا، رسخ عظيم جلال الله في قلوبهم، وأمكن الخوف من ضمائرهم، وجل الحياء بين أعينهم، وأوطنت الفكرة أفئدتهم، فنفوا عن الله تحريف الضالين وكذب الملحدين وشكوك المرتابين وحيرة المتحيرين وغلو المعتدين الذين فارقوا (2) دينهمو كانوا شيعا، لا ترهقهم قترة، ولا ينظرون إلى الدنيا بغير مقت. فهم سنام الاسلام، ومصابيح العلم، كلامهم نور ومجانبتهم حسرة. وهم الحجة من ذي الحجة، المنصورون بحجج من احتج الله تعالى به على خلقه، فاتبعوهم واقتدوا بهم ترشدوا. [ 1445 ] الكلبي، قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: إذا أردت أن تعرف أصحابي فانظر من اشتد ورعه، وخاف خالقه، ورجا ثوابه، فإذا رأيت هؤلاء فهم أصحابي. [ 1446 ] الفضل، قال: قال رجل لابي عبد الله عليه السلام: إن أصحابك يقولون كذا وكذا - كلاما قبيحا -. (1) في الاصل: كان. (2) كذا في الاصل والصحيح: فرقوا.
[ 504 ]
فغضب أبو عبد الله عليه السلام، وقال: ما هؤلاء أصحابي إنما أصحابي - والله - الاتقياء الابرار. [ 1447 ] المفضل بن عمر، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: من عف فرجه وبطنه، واشتد اجتهاده، وعمل لخالقه، ورجا ثوابه، وخاف عقابه، فإذا رأيت اولئك فهم شيعة جعفر. [ 1448 ] ابراهيم بن عمر اليماني، عن رجل حدثه، عن أبي عبد الله عليه السلام، أنه قال: شيعتنا أهل الهدى والتقوى، وأهل الخير والايمان وأهل الفلاح والظفر. [ 1449 ] أبو المقدام، عن أبيه، عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام، أنه قال: شيعتنا المتباذلون في ولايتنا، المتحابون في مودتنا، الذين إن غضبوا لم يظلموا، وان رضوا لم يسرفوا [ وهم ] بركة على من جاوروا وسلم لمن خالطوا. [ 1450 ] محمد بن عجلان، قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام، فدخل عليه رجل، فسلم عليه، وجلس، فجعل أبو عبد الله عليه السلام يسأله، فقال له: كيف من خلفت من اخوانك ؟ فأحسن عليهم الثناء. فقال: كيف عيادة أغنيائهم لفقرائهم ؟ فقال: قليلة. فقال: كيف مشاهدة أغنيائهم لفقرائهم ؟ قال: قليلة. فقال: كيف صلة أغنيائهم لفقرائهم في ذات أيديهم ؟ قال: ذلك أقل، وانك تذكر أخلاقا ما هي عندنا. قال: فكيف تزعم أن هؤلاء شيعة ؟
[ 505 ]
[ 1451 ] اسماعيل، قال: قلت لابي جعفر عليه السلام: الشيعة عندنا كثير. قال: هل يتعطف الغني على الفقير، ويتجاوز المحسن منهم عن المسئ ويتواسون ؟ قلت: لا. قال: ليس هؤلاء شيعة، إنما الشيعة من يفعل هذا. * * *
[ 506 ]
[ كونوا لنا دعاة صامتين ] [ 1452 ] وعن أبي عبد الله عليه السلام، أنه أوصى بعض شيعته فقال لهم: كونوا لنا دعاة صامتين. قالوا: وكيف ذلك يابن رسول الله ؟ قال: تعملون بما أمرناكم به من طاعة الله وتنتهون عما نهيناكم عنه ومعاصيه، فإذا رأى الناس ما أنتم عليه علموا فضل ما عندنا فسارعوا إليه. أشهد لقد سمعت أبي عليه السلام يقول: شيعتنا فيما مضى خير من كان، إن كان امام مسجد في الحي كان منهم، وان كان مؤذن في القبيلة كان منهم، وان كان موضع وديعة وأمانة كان منهم، وان كان عالم يقصد إليه الناس لدينهم ومصالح امورهم كان منهم، فكونوا أنتم كذلك، حببونا إلى الناس، ولا تبغضونا إليهم. [ 1453 ] وعنه عليه السلام، أنه قال للمفضل: اي مفضل قل لشيعتنا كونوا دعاة الينا بالكف عن محارم الله، واجتناب معاصيه واتباع رضوانه، فانهم إذا كانوا كذلك كان الناس الينا مسارعين. [ 1454 ] وعن الفضل، أنه قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: انما شيعة جعفر من كف لسانه، وعمل لخالقه حتى يكون كالحنية من كثرة
[ 507 ]
الصلاة، وكالصافي من الصيام، وكالاخرس من طول السكوت. هل في من يدعي أنه من شيعتنا من قد أدأب ليله طول القيام وأدأب نهاره من الصيام أو منع نفسه لذات الدنيا ونعيمها خوفا من الله، وشوقا الينا أهل البيت ؟ أنى يكونون لنا شيعة وهم يخاصمون عدونا فينا حتى يزيدوه عداوة ويهرون هرير الكلب ويطمعون طمع الغراب. [ 1455 ] وعن أبي جعفر عليه السلام، أنه قال: رحم الله عبدا من شيعتنا حببنا إلى الناس ولم يبغضنا إليهم. أما والله لو يروون ما نقول، ولا يحرفونه، ولا يبدلونه علينا برأيهم ما استطاع أن يتعلق عليهم بشئ، ولكن أحدهم يسمع منا الكلمة فينيط عشرا ويتناولها برأيه. رحم الله من سمع ما يسمع من مكنون سرنا فدفنه في قلبه. ثم قال: والله لا يجعل الله من عادانا ومن تولانا في دار واحدة. [ 1456 ] وقال أبو عبد الله عليه السلام لرجل قدم عليه من الكوفة فسأله عن شيعته، فأخبره بحالهم. فقال أبو عبد الله عليه السلام: ليس اجتماع أمرنا بالتصديق والقبول فقط، ان احتمال أمرنا ستره وصيانته عن غير أهله، فأقرئهم السلام وقل لهم: رحم الله عبدا اجتر مودة الناس الينا وإلى نفسه، فحدثهم بما يعرفون وسترعنهم ما ينكرون ويجهلون. والله، ما الناصب لنا حربا بأشد علينا مؤونة من الناطق علينا بما ذكر، ولو كانوا يقولون عني ما أقول ما عبأت بقولهم ولكانوا أصحابي حقا. [ 1457 ] وعنه عليه السلام، أنه قال لبعض شيعته - يوصيهم -: اتقوا الله وأحسنوا صحبة من تصاحبونه، وجوار من تجاورونه، وادوا الامانات
[ 508 ]
إلى أهلها، ولا تسموا الناس خنازير - ان كنتم من شيعتنا -. فقولوا ما نقول، واعملوا من أمرناكم، فكونوا لنا شيعة ولا تقولوا فينا ما لا نقول في أنفسنا فلا تكونوا لنا شيعة. إن أبي حدثني، أن الرجل من شيعتنا كان في الحي فيكون ودائعهم عنده ووصاياهم إليه، فكذلك أنتم فكونوا. [ 1458 ] وعن أبي جعفر عليه السلام، أنه أوصى رجلا من أصحابه إلى قوم من شيعته فقال له (1): بلغهم عني السلام، وأوصهم (2) بتقوى الله العظيم وبأن يعود غنيهم على فقيرهم، ويعود صحيحهم عليلهم، ويحضر حيهم ميتهم [ وأن ] يتلاقوا في بيوتهم، فان لقاء بعضهم بعضا حياة لامرنا، رحم الله امرء أحيى أمرنا (3) وعمل بأحسنه. قل لهم: إنا لا نقني من الله شيئا إلا بعمل صالح تعملونه، ولن تنالوا ولايتنا إلا بالورع، وان أشد الناس حسرة - يوم القيامة - من وصف عملا ثم خالفه إلى غيره. والذي جاء في هذا الباب من وصايا الائمة عليهم السلام أولياءهم بطاعة الله وتنزيههم من أهل المعاصي منهم، فليس بخلاف لما جاء في الباب الذي قبله من رحمة الله تعالى لمن أذنب منهم، وعفوه عن جميعهم، لان الذي أمروهم به وندبوهم إليه من طاعة الله واجتناب معاصيه هو الذي يوجب لهم نيل الفضل عنده وكريم المنزلة لديه، ومن كانممن يقترف الذنوب منهم فهو دون هؤلاء في المنزلة، ومن المغفور لهم في الآخرة يبين ذلك ما رواه أبو بصير. [ 1459 ] ابن الحكم الخثعمي (4)، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه (1) في الاصل: لهم. (2) في الاصل: وأوصيهم. (3) في الاصل: بأمرنا. (4) في الاصل: الجشعمي.
[ 509 ]
السلام، أنه قال: المؤمنون رجلان فمن (1) صدق ما عاهد الله عليه ووفى بشرطه له فهو ممن قال الله تعالى: " من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه " (2) وذلك ممن لا يصيبه أهوال الدنيا ولا أهوال الاخرة وممن يشفع ولا يشفع له. ومؤمن كخامة الزرع يعوج أحيانا ويقوم أحيانا، فذلك ممن يصيبه أهوال الدنيا وأهوال الاخرة وهو ممن يشفع له. [ 1460 ] وما جاء عنه عليه السلام، أنه قال لقوم من شيعته: والله انكم كلكم في الجنة، ولكن ما أقبح بالرجل منكم يكون قد دخل الجنة مع قوم قد اجتهدوا وعملوا الاعمال الصالحة، ويكون هو بينهم قد هتك ستره وبدت عورته. قيل: وان ذلك لكائن ؟ ! قال: نعم إذا لم يحفظ بطنه ولسانه وفرجه. فهذا بيانما قلناه، فرحم الله امرء نافس في أعلى الدرجات ولم يرض نفسه بالدون في دار البقاء والخلود التي كما قال تعالى: " أكبر درجات وأكبر تفضيلا " (3). [ ضبط الغريب ] قوله: كخامة الزرع، فخامة الزرع أول ما ينبت على ساق واحدة. والخامة: القصبة، قال الشاعر: انما نحن مثل خامة زرع * فمتى بان بان محصده (1) كذا في الاصل ولعل الصحيح: " فمؤمن ". (2) الاحزاب: 23. (3) الاسراء: 21.
[ 510 ]
تم الجزء السادس عشر من كتاب شرح الاخبار، وتم بتمامه الكتاب بحمد الله العزيز الوهاب، من تأليف سيدنا القاضى النعمان بن محمد أعلى الله قدسه ورزقنا شفاعته وأنسه. * * *
[ 511 ]
تخريج الاحاديث
[ 512 ]
..
[ 513 ]
بسم الله الرحمن الرحيم [ 912 ] ذكر المؤلف ثلاث طرق للحديث: 1 - عن أبي سعيد الخدري، ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 167. 2 - عن أبي ذرالغفاري، ورواه الحاكم في المستدرك 2 / 343 والمتقي في كنز العمال 6 / 216. والهيثمي في مجمعه 9 / 168. والمجلسي في بحار الانوار 36 / 293 الحديث 122. والطبري في بشارة المصطفى ص 88. 3 - عن علي عليه السلام، ورواه المحب الطبري في ذخائر العقبى ص 20. [ 913 ] روى الصدوق في الخصال ص 336 الا حديث 37: عن أبيه، عن محمد بن يحيى، عن أبي سعيد الآدمي، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى الخزاز، عن الصادق عليه السلام قال: إن الله أعفى شيعتنا من ست خصال: عن الجنون، والجذام، والبرص، والابنة، وأن يولد له من زنا، وأن يسأل الناس بكفه. [ 914 ] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 311: عن ابن المقير، عن مبارك بن قيس، عن أحمد، عن عبيدالله بن محمد، عن محمد بن جعفر،
[ 514 ]
عن أحمد بن يحيى، عن زهير بن عباد، عن حسان بن ابراهيم، عن سفيان، عن أبي اسحاق، عن جبار الطائي، عن عبد الله بن قيس... الحديث. ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 184، قال: ورواه الطبراني. [ 915 ] رواه ابن جرير الطبري بسندين عن أبي حمراء في تفسيره 22 / 6. وأحمد بن حنبل في مسنده 2 / 252. والمجلسي في بحار الانوار 35 / 214 الحديث 18، وفي ص 223 أيضا، وفي 43 / 53. [ 916 ] رواه المحب الطبري في ذخائر العقبى ص 19. [ 917 ] رواه أبو نعيم في حليته 3 / 211. والترمذي في صحيحه 2 / 308. والحاكم في المستدرك 3 / 149. والخطيب في تاريخ بغداد 4 / 159. [ 918 ] رواه المحب الطبري في الرياض النضرة 2 / 209. وابن حجر في الصواعق المحرقة ص 96. والحاكم في المستدرك 3 / 211 وابن ماجة في صحيحه ص 309. [ 920 ] رواه الحبري في كتاب ما نزل من القرآن في علي عليه السلام ص 52: عن حسن بن حسين، عن حبان، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس... الخبر. [ 921 ] رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 318 الحديث 362: عن أحمد بن محمد، عن عمر بن عبد الله، عن جعفر بن محمد، عن قاسم بن محمد، عن جندل بن والق، عن محمد بن عثمان، عن الكلبي، عن كامل بن العلاء، عن أبي صالح، عن ابن عباس... الخبر. [ 922 ] رواه البحراني في البرهان 1 / 394 الحديث 3: عن سماعة، قال: سألت أبا عبد الله... الخبر. [ 923 ] روى الجويني هذا الحديث عن رسول الله في فرائد السمطين 1 / 36 الحديث 1: عن عبد القادر بن أبي صالح، عن هبة الله بن
[ 515 ]
موسى، عن هناد بن إبراهيم، عن الحسن بن محمد، عن محمد بن فرحان، عن محمد بن يزيد، عن الليث بن سعد، عن العلاء بن عبد الرحمان، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وآله: أنه لما خلق الله تعالى آدم أبو البشر ونفخ فيه من روحه التفت آدم يمنة العرش فإذا في النور خمسة أشباح... الحديث. [ 925 ] رواه المتقي الهندي في كنز العمال 1 / 251. [ 927 ] روى المتقي في في كنزل العمال 6 / 218، و 7 / 103: يا علي إن الاسلام عريان، لباسه التقوى، ورياشه الهدي، وزينته الحياء، وعماره الورع، وملاكه العمل الصالح، وأساس الاسلام حبي، وحب أهل بيتي. [ 928 ] روى الجويني في فرائد السمطين 2 / 40 الحديث 373 بسنده عن أبي بكر بن أبي قحافة، يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله خيم خيمة - وهو متكئ على قوس عربية - وفي الخيمة علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام فقال: يا معشر المسلمين أنا سلم لمن سالم أهل الخيمة. وحرب لمن حاربهم، وولي لمن والاهم، لا يحبهم إلا سعيد الجد طيب المولد، ولا يبغضهم إلا شقي الجد ردي الولادة. أما الحديث الذي ذكره المؤلف رواه الطبري في بشارة المصطفى ص 176: عن محمد بن الحسن، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن عبد الرحمان الكوفي، عن عبد الله بن محمد، عن الحسين بن يزيد، عن الصادق عليه السلام، عن آبائه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله... الحديث. [ 929 ] رواه البحراني في البرهان 2 / 27، الحديث 1: عن العياشي، عن يونس بن ظبيان قال:... الخبر. [ 930 ] رواه المجلسي في بحار الانوار 24 / 303 الحديث 15: عن أبي جعفر
[ 516 ]
الطوسي، باسناده، عن أبي عبد الله، أنه قال:... الخبر. [ 932 ] رواه الجويني في فرائد السمطين 1 / 79 الحديث 49: عن جعفر بن محمد العلوي، عن محمد بن عبد الله، عن محمد بن علي بن دحيم، عن أحمد بن حازم، عن عاصم بن يوسف، عن سفيان بن ابراهيم، عن أبيه، عن أبي صادق، عن علي عليه السلام... الحديث. [ 933 ] رواه المجلسي بتقديم وتأخير في الجملتين في بحار الانوار 36 / 291 الحديث 104: عن علي بن الحسين، عن محمد بن الحسين، عن جعفر بن الحسين، عن شقيق بن أحمد، عن سماك، عن زيد بن اسلم، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله: أهل بيتي أمان لاهل الارض كما أن النجوم أمان لاهل السماء. قيل: يا رسول الله فالائمة بعدك من أهل بيتك ؟ قال: نعم الائمة بعدي اثنا عشر، تسعة من صلب الحسين امناء معصومون، ومنامهدي هذه الامة، ألا إنهم أهل بيتي وعترتي من لحمي ودمى، ما بال أقوام يؤذونني فيهم لا أنالهم الله شفاعتي. ورواه المحب الطبري في ذخائر العقبى ص 17: عن أياس بن سلمة، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله... الحديث. [ 934 ] روى السيد المدني في الدرجات الرفيعة ص 224 رواية مشابهة فراجع [ 935 ] رواه الحاكم في مستدرك الصحيحين 3 / 148 بسنده عن مسلم بن صبيح، عن زيد بن أرقم، عن رسول الله صلى الله عليه وآله... الحديث. [ 936 ] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 346 الحديث 519: عن المفضل بن صالح، عن أبي اسحاق السبيعي، عن حنش بن المعتمر، عن
[ 517 ]
أبي ذر... الحديث. [ 937 ] رواه الحبري في كتابه ما نزل من القرآن في علي عليه السلام ص 44: عن حسن بن حسين، عن حسين بن سليمان، عن أبي الجارود، عن الاصبغ بن نباتة، عن علي عليه السلام... الحديث. [ 938 ] رواه ابن الاثير في اسد الغابة 4 / 107: عن عمرو بن شعراء اليافعي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:... الحديث. ورواه المتقي في كنز العمال 8 / 191. والذهبي في ميزان الاعتدال 2 / 119. والحاكم في المستدرك 1 / 36. وابن حجر في الصواعق المحرقة ص 143. [ 940 ] روى الحر العاملي في وسائل الشيعة 6 / 371 الحديث 21: عن محمد بن محمد بن النعمان، باسناده، عن الصادق عليه السلام قال: نحن قوم فرض الله طاعتنا في القرآن لنا الانفال ولنا صفو المال.... الحديث. [ 941 ] رواه المجلسي في بحار الانوار 23 / 126 الحديث 54: عن الحسن بن على بن شعيب، عن عيسى بن محمد العلوي، عن أحمد بن أبي حازم، عن عبيدالله بن موسى، عن شريك، عن الركين بن الربيع، عن القاسم بن حسان، عن زيد بن ثابت، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:... الحديث. [ 942 ] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 2 / 368 الحديث 867: عن أبي القاسم ابن السمرقندي، عن محمد بن الحسين، عن عبد الله بن جعفر، عن يعقوب بن سفيان، عن عبيدالله بن موسى، عن طلحة بن جبر، عن المطلب بن عبد الله، عن مصعب بن عبد الرحمان، عن عبد الرحمان بن عوف... الحديث. [ 943 ] راجع الحديث 933.
[ 518 ]
[ 944 ] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 331: عن يوسف بن خليل، عن يحيى بن أسعد، عن محمد بن الحسين، عن حسن بن علي بن محمد، عن أحمد بن جعفر، عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، عن تليد بن سليمان، عن أبي الجحاف، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: نظر النبي صلى الله عليه وآله إلى علي وفاطمة والحسن والحسين فقال: أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم. ورواه المجلسي في بحار الانوار 37 / 79 الحديث 48. [ 945 ] رواه الصدوق في الخصال ص 403 الحديث 113: عن أبيه، عن عبد الله بن الحسن، عن أحمد بن علي، عن ابراهيم بن محمد، عن مخول بن ابراهيم، عن عبد الجبار بن العباس، عن عمار بن معاوية، عن عمرة بنت أفعى، قالت: سمعت ام سلمة، تقول:... الحديث. [ 946 ] روى المجلسي في بحار الانوار 43 / 27 الحديث 31: عن أبي عبد الله رواية مشابهة. [ 947 ] رواه ابن المغازلي ص 337 الحديث 387: عن أحمد بن أبي خيثمة، عن موسى بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن عبد الرحمان بن أبي ليلى... الحديث. ورواه ابن ابن البطريق في العمدة ص 392 الحديث 782. [ 948 ] روى ابن بطريق في العمدة ص 393 الحديث 785 رواية مشابهة: عن سهل بن عثمان، عن حفص بن غياث، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة... الحديث. ورواه أيضا المجلسي في بحار الانوار 16 / 12. [ 949 ] رواه المجلسي في بحار الانوار 16 / 11 مرسلا، عن عروة بن الزبير... الخبر. ورواه الدولابي في الذرية الطاهرة ص 64 الحديث 32: عن
[ 519 ]
يونس بن عبد الاعلى، عن ابن وهب، عن يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير قال:... الحديث. [ 950 ] روى الدولابي في الذرية الطاهرة ص 64 الحديث 30: عن أبي الاشعث، عن زهير بن العلاء، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، قال: توفيت خديجة بمكة قبل الهجرة بثلاث سنين وهي أول من آمن بالنبي صلى الله عليه وآله. [ 951 ] روى ابن المغازلي في مناقبه ص 332 الحديث 378: عن أحمد بن أبي خيثمة، عن أبي سلمة، عن حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، عن ابن عباس... الحديث بتفاوت. [ 952 ] رواه ابن حجر في الاصابة 4 / 421: عن ابن مسهر، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة... الحديث. [ 953 ] رواه ابن البطريق في العمدة ص 387 الحديث 766: من تفسير الثعلبي، عن الحسين بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن عبد الملك بن محمود، عن محمد بن يعقوب الفرجي، عن زكريا بن يحيى، عن داود بن الزبرقان، عن محمد بن حجادة، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وآله، قال: حسبك من نساء العالمين... الحديث. ورواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 36. [ 954 ] راجع الحديث 950. [ 955 ] رواه الدولابي في الذرية الطاهرة ص 61 الحديث 25: عن ابن هشام قال: إن جبرائيل أتى رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: اقرئ خديجة السلام من ربها... الحديث. [ 956 ] روى الدولابي في الذرية الطاهرة ص 53 الحديث 17: عن محمد بن عبد الله، عن مروان بن معاوية، عن وائل بن داود، عن عبد الله
[ 520 ]
البهي، قال: قالت عائشة:... الحديث بتفاوت. ورواه المجلسي في بحار الانوار 16 / 12. [ 957 ] روى ابن البطريق في العمدة ص 394 الحديث 789: عن محمد بن اسحاق، عن ام سلمة، وعن أبي اسحاق باسناده، عن ام رومان، قالت:... الحديث بتفاوت. [ 958 ] رواه المجلسي في بحار الانوار 37 / 67 عن صحيح مسلم، عن فضيل بن حسين، عن أبي عوانة، عن فراس، عن عامر، عن مسروق، عن عائشة، قال: كن أزواج رسول الله صلى الله عليه وآله عنده لم يغادر منهن واحدة، فأقبلت فاطمة... الحديث. ورواه في 35 / 230، وفي 43 / 51. ورواه الطحاوي في مشكل الاثار 1 / 48. وأبو نعيم في حليته 2 / 29. [ 959 ] روى الصدوق في معاني الاخبار ص 107: عن أحمد بن زياد، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: أخبرني عن قول رسول الله صلى الله عليه وآله في فاطمة: إنها سيدة نساء العالمين. أهي سيدة نساء عالمها ؟ فقال: ذاك لمريم كانت سيدة نساء عالمها وفاطمة سيده نساء العالمين من الاولين والآخرين. [ 960 ] رواه ابن البطريق في العمدة ص 395 الحديث 793: عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، عن عفان، عن معاذ بن جبل، عن قيس بن الربيع، عن أبي المقدام، عن عبد الرحمان الازرق، عن علي عليه السلام... الحديث. ورواه المجلسي في بحار الانوار 37 / 72 الحديث 39. [ 961 ] رواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 316: عن أبي سعيد، عن رسول الله صلى الله عليه وآله... الحديث.
[ 521 ]
ورواه النسائي في خصائصه ص 124: عن يعقوب بن ابراهيم، عن مروان، عن الحكم بن عبد الرحمان، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري... الحديث. [ 962 ] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 367: عن محمد بن هبة الله، عن علي بن الحسن الشافعي، عن عبد الرحمان بن محمد، عن محمد بن علي بن محمد، عن عمر بن أحمد، عن أحمد بن محمد بن سليمان، عن محمد بن خلف، عن حسين بن حسين، عن قيس بن الربيع، عن أبي هارون، عن أبي سعيد... الحديث. ورواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 31 الحديث 38. ورواه المحب الطبري في ذخائر العقبى ص 45: عن أبي سعيد. [ 963 ] رواه الهيثمي في مجمع الزوائد 7 / 49. والذهبي في ميزان الاعتدال 2 / 228. والمتقي في كنز العمال 2 / 158. والسيوطي في الدر المنثور في ذيل تفسير قوله تعالى: وآت ذا القربى حقه. [ 965 ] روى الطبري في دلائل الامامة ص 50: عن ابراهيم بن أحمد، عن محمد بن جعفر بن محمد، عن أحمد بن عبيد بن ناصح، عن عبدالنور المسمعي، عن شعبة بن الحجاج، عن عمر بن عميرة، عن ابراهيم بن مسروق، عن عبد الله بن مسعود قال: لما قدم على الكوفة - يعني عبد الله بن مسعود - فقلنا له: حدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وآله. فقال... سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول في تبوك ونحن نسير معه: إن الله عزوجل أمرني أن ازوج فاطمة من علي، ففعلت، وقال لي جبرائيل:... الحديث. ورواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 41. ورواه المحب الطبري في ذخائر العقبى ص 31. [ 966 ] رواه المحب الطبري في ذخائر العقبى ص 32: عن ابن عباس
[ 522 ]
... الحديث. ورواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 92 الحديث 1. [ 967 ] رواه الشبراوي في الاتحاف بحب الاشراف ص 21. والمجلسي في بحار الانوار 43 / 116. وسوف يذكر المؤلف رواية مفصلة عن زفاف فاطمة عليها السلام راجع الحديث 976. [ 968 ] رواه الخوارزمي في مقتله ص 70: عن أبي الفضل الحفر بندي، عن الحسن بن أحمد، عن اسماعيل بن أبي نصر، عن أبي عبداالله، عن الحسن بن محمد، عن محمد بن زكريا، عن عبد الله بن المثنى، عن ثمامة بن عبد الله بن أنس، عن أنس بن مالك... الخبر. ورواه الطبري في دلائل الامامة ص 55. [ 969 ] رواه الصدوق في أماليه ص 313 المجلس 61: عن محمد بن علي بن الحسين، عن يحيى بن زيد بن العباس، عن علي بن العباس، عن علي بن المنذر، عن عبد الله بن سالم، عن حسين بن زيد، عن علي بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمد عليه السلام، عن علي بن الحسين، عن الحسين بن علي عن علي بن أبي طالب عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: يا فاطمة إن الله تبارك وتعالى ليغضب لغضبك ويرضى لرضاك. قال: فجاء صندل فقال لجعفر بن محمد:... الحديث. ورواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 54. ورواه المغازلي في مناقبه ص 352 الحديث 401. [ 970 ] رواه ابن شهر آشوب - في عدة روايات - في المناقب 3 / 332. [ 971 ] روى الخوارزمي في مقتله ص 82: عن أبي منصور الديلمي، عن الحسن بن أحمد، عن أحمد بن عبد الله، عن ابراهيم بن عبد الله، عن
[ 523 ]
أبي العباس السراج، عن قتيبة بن سعيد، عن محمد بن موسى، عن عون بن محمد بن علي، عن امه ام جعفر، وعن عبادة بن المهاجر، عن ام جعفر. قالت أسماء... الخبر بتفاوت مع حفظ المضمون. [ 972 ] رواه الخوارزمي في مقتله ص 53: عن علي بن الحسين، عن المسور بن مخرمة، عن علي أنه خطب بنت أبي جهل... الحديث مفصلا. [ 973 ] رواه البحراني في البرهان 2 / 414 الحديث 1: عن محمد بن يعقوب، عن علي بن محمد بن عبد الله، عن السياري، عن علي بن أسباط... الحديث بتفاوت. [ 974 ] ذكر الطبري في دلائل الامامة 30 وما بعدها سبع طرق للخطبة فراجع. [ 976 ] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 307: عن أبي الحسن البغدادي، عن المبارك بن الحسن، عن أبي القاسم بن اليسري، عن ابن بطة، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن حميد، عن هارون بن المغيرة، عن عمرو بن قيس، عن شعيب بن خالد، عن عثمان بن حنظلة، عن أبيه، عن جده، عن عبد الله بن عباس... الحديث مفصلا. [ 977 ] رواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 39: عن سهل بن عبد الله... الخبر. [ 978 ] رواه النسائي: في الخصائص ص 117: عن هلال بن بشير، عن محمد بن خلف، عن موسى بن يعقوب، عن هاشم بن هاشم، عن عبد الله بن وهب، عن ام سلمة... الخبر. [ 979 ] رواه النسائي في خصائصه ص 117: عن اسحاق بن ابراهيم، عن جرير، عن يزيد بن زياد، عن عبد الرحمان بن أبي نعيم، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:... الحديث.
[ 524 ]
[ 981 ] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 365: عن أحمد بن عبد الدائم، عن عبد الله بن عبد الله، عن أبيه، عن الحسن بن علي المقنعي، عن أحمد بن مالك، عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، عن هاشم بن أبي القاسم، عن الليث، عن عبد الله بن أبي مليكة، عن المسور بن مخرمة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله... الحديث. ورواه النسائي في الخصائص ص 120. وابن البطريق في العمدة ص 385. [ 980 ] رواه النسائي في خصائصه ص 118: عن محمد بن منصور الطوسي، عن محمد بن عبد الله، عن محمد بن مروان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة... الحديث. [ 982 ] رواه المتقي في كنز العمال 6 / 220. والمناوي في فيض القدير 4 / 421. وابن البطريق في العمدة ص 384 الحديث 757: عن أبي الوليد، عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن ابن أبي مليكة، عن المسور بن مخرمة... الحديث. [ 983 ] روى المجلسي في بحار الانوار 43 / 45 الحديث 44 عن ابي ذر الغفاري، قال: بعثني النبي صلى الله عليه وآله... الحديث. وفي دلائل الامامة ص 48 رواه عن سلمان. [ 984 ] رواه الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 204. والطبري في دلائل الامامة ص 50: عن ابراهيم بن أحمد، عن محمد بن جعفر، عن أحمد بن عبيد، عن عبدالنور المسمعي، عن شعبة بن الحجاج، عن عمر بن عميرة، عن ابراهيم بن مسروق، عن عبد الله بن مسعود... الحديث. ورواه الخوارزمي في مقتله ص 76. [ 985 ] رواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 64 الحديث 57: عن سهل بن أحمد الدينوري معنعنا عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام
[ 525 ]
قال: قال جابر لابي جعفر عليه السلام: جعلت فداك يابن رسول الله حدثني بحديث في فضل جدتك فاطمة إذا أنا حدثت به الشيعة فرحوا بذلك. قال أبو جعفر عليه السلام: حدثني أبي، عن جدي، عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال:... الحديث. [ 986 ] روى المجلسي في بحار الانوار 43 / 36: عن كتاب أبي بكر الشيرازي، وروى أبو الهذيل عن مقاتل، عن محمد بن الحنفية، عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله قرأ " إن الله اصطفاك وطهرك "... الاية، فقال لي: يا علي، خير نساء العالمين أربع: مريم بنت عمران، وخديجة بن خويلد، وفاطمة بنت محمد، وآسية بنت مزاحم. ورواه ابن عبد البر في الاستيعاب 2 / 720 وص 750 عن أبي هريرة... الحديث. [ 987 ] راجع الحديث 972. [ 988 ] رواه أبو نعيم في حلية الاولياء بسنده: عن عمرو بن دينار، قال: قالت عائشة:... الخبر. ورواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 84 الحديث 7. [ 989 ] روى الطبري في دلائل الامامة ص 23 عدة روايات تتضمن المعنى بتفاوت في الالفاظ. [ 990 ] رواه الترمذي في صحيحه 2 / 306 باب مناقب الحسن والحسين، بسنده عن حذيفة... الحديث. ورواه الحاكم في مستدرك الصحيحين 3 / 151. وأحمد بن حنبل في مسنده 5 / 391. وأبو نعيم في حلية الاولياء 4 / 190. والمتقي في كنز العمال 6 / 218. [ 992 ] رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 341: عن أحمد بن المظفر، عن
[ 526 ]
عبد الله بن محمد، عن علي بن العباس البجلي، عن علي بن المثنى، عن زيد بن الحباب، عن عبد الله بن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، قال: دخلت ام أيمن على النبي صلى الله عليه وآله... الحديث. ورواه الصدوق في أماليه - مضمونا - ص 336 الحديث 3. وأيضا المجلسي في بحار الانوار 43 / 98 الحديث 10. [ 993 ] رواه أبو نعيم في حلية الاولياء 1 / 69 بسنده عن شبث بن ربعي، عن علي بن أبي طالب... الحديث. ورواه مضمونا ابن البطريق في العمدة ص 383 الحديث 755 وأحمد بن حنبل في مسنده 1 / 153. [ 994 ] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 99 الحديث 410: عن محمد بن أبي القاسم، عن عبد اللطيف بن القبيطي، عن طاهر بن محمد، عن محمد بن الحسين، عن القاسم بن أبي المنذر، عن علي بن أبي تميم، عن محمد بن يزيد، عن محمد بن موسى، عن المعلى بن عبد الرحمان، عن ابن أبي ذئب، عن نافع، عن ابن عمر، عن رسول الله صلى الله عليه وآله... الحديث. ورواه الترمذي في صحيحه 2 / 306. وأحمد بن حنبل في مسنده 3 / 3 وص 62 ص 82. والمتقي في كنز العمال 6 / 217. والحاكم في المستدرك 3 / 167. وأبو نعيم في الحلية 4 / 139. والهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 183. والمحب الطبري في ذخائر العقبى ص 129. [ 995 ] رواه أحمد بن حنبل في الفضائل ص 788 الحديث 1406: عن العباس بن إبراهيم، عن محمد بن اسماعيل، عن عمرو العنقري، عن إسرائيل، عن ميسرة بن حبيب، عن المنهال بن عمرو، عن زربن حبيش، عن حذيفة... الحديث. ورواه أيضا في مسنده 5 / 391.
[ 527 ]
ورواه الطبري في بشارة المصطفى ص 271. والمتقي في كنز العمال 6 / 217. [ 996 ] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 355: عن أبي علي ابن شاذان، عن ابن درستويه، عن الفسوي، عن حماد بن حماد، عن أبي العلاء، عن أبي صالح، عن أبي هريرة... الحديث. ورواه الحاكم في المستدرك 3 / 167. وأحمد بن حنبل في مسنده 2 / 513. والمتقي في كنزل العمال 7 / 109. والهيثمي في مجمعه 9 / 181. [ 997 ] رواه أحمد بن حنبل في الفضائل ص 775 الحديث 1371: عن وكيع، عن سفيان، عن أبي الحجاف، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اللهم اني احبهما، فأحبهما. ورواه الترمذي في صحيحه 2 / 240. ورواه النسائي في خصائصه ص 36. وأحمد بن حنبل في مسنده 5 / 319. [ 998 ] رواه المتقي في كنزل العمال 6 / 220. [ 999 ] رواه النسائي في خصائصه ص 34 ضمن حديث مفصل. ورواه ابن سعد في الطبقات - مخطوط - عن عفان بن مسلم، عن خالد بن عبد الله، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمان بن أبي نعيم، عن أبي سعيد الخدري... الحديث. [ 1000 ] رواه أحمد بن حنبل في مسنده 2 / 288: عن أبي أحمد، عن سفيان، عن أبي الحجاف، عن أبي حازم، عن أبي هريرة... الحديث. ورواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 264 الحديث 17. [ 1001 ] روى ابن شهر آشوب في المناقب: 3 / 384: عن أبي صالح، عن أبي هريرة:... الحديث.
[ 528 ]
[ 1002 ] رواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 295 عن يزيد بن أبي زياد: خرج النبي صلى الله عليه وآله من بيت عائشة فمر على بيت فاطمة، فسمع... الحديث. [ 1003 ] رواه الخطيب البغدادي في تاريخه 3 / 209: عن الازهري، عن المعافي بن زكريا، عن محمد بن مزيد، عن علي بن مسلم، عن سعيد بن عامر، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن جده، عن جابر بن عبد الله... الحديث. [ 1004 ] روى الصدوق في الخصال ص 135 رواية مشابهة: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم. وسهل بن زياد، عن إسماعيل بن مرار، وعبد الجبار بن المبارك، عن يونس بن عبد الرحمان، عن الصادق عليه السلام... الخبر. وروى عبد الله البحراني في العوالم ص 99 أيضا رواية مشابهة. [ 1005 ] رواه الخوارزمي في مقتله ص 105: عن السيد أبي طالب باسناده إلى علي عليه السلام... الحديث. ورواه المتقي في كنزل العمال 7 / 107. وعبد الله البحراني في العوالم ص 37. [ 1006 ] رواه المتقي في كنز العمال 7 / 105. وابن حجر في الصواعق المحرقة ص 107 ولكنة قال: إن الحسن... الخ. ورواه ابن سعد في الطبقات: عن سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد الانصاري، عن عبيد بن حنين، عن حسين بن علي... في حديث طويل. [ 1007 ] روى المجلسي في بحار الانوار 43 / 286 رواية تتضمن المعنى: عن عبيدالله بن موسى، عن سفيان، نحن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود... الحديث.
[ 529 ]
ورواه المحب الطبري في ذخائر العقبى ص 130. والهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 181. [ 1008 ] رواه ابن شهر آشوب في المناقب 3 / 385: عن سفيان بن عيينة، باسناده، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله... الحديث. ورواه البلاذري في أنساب الاشراف 3 / 19 الحديث 24. ورواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 284 الحديث 50. وعبد الله البحراني في العوالم ص 55. [ 1009 ] رواه بتفاوت أحمد بن حنبل في مسنده 2 / 255: عن محمد بن أبي عدي، عن ابن عون عن عمير بن إسحاق، قال: كنت مع الحسن بن علي، فلقينا أبو هريرة... الخبر. ورواه أيضا في ص 488 و 427. ورواه البلاذري في أنساب الاشراف 3 / 18 الحديث 21. والمحب الطبري نصا في ذخائر العقبى ص 126. [ 1010 ] روى ابن شهر آشوب في المناقب 3 / 385: ومن ايثارهما على نفسه صلى الله عليه وآله أنه قال: عطش المسلمون عطشا شديدا، فجاءت فاطمة بالحسن والحسين إلى النبي، فقالت: يا رسول الله انهما صغيران لا يحتملان العطش. فدعا الحسن فأعطاه لسانه فمصه حتى ارتوى، ثم دعا الحسين فأعطاه لسانه فمصه حتى ارتوى. وروى ابن حجر في تهذيب التهذيب 2 / 298 قريبا منه. [ 1013 ] رواه ابن شهر آشوب في المناقب 4 / 71: عن الليث بن سعد... الحديث. [ 1014 ] رواه ابن شهر آشوب في المناقب 3 / 400: عن الليث بن سعد باسناده... الخبر. ورواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 319.
[ 530 ]
[ 1015 ] رواه الخوارزمي في مقتل الحسين ص 146: عن علي بن أحمد، عن إسماعيل بن أحمد، عن أحمد بن الحسين، عن عثمان بن مسلم، عن وهيب، عن عبد الله بن عثمان، عن سعيد بن أبي راشد، عن يعلى [ بن مرة ] العامري: أنه خرج رسول الله صلى الله عليه وآله... الحديث [ 1016 ] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 106 الحديث 413: عن محمد بن أبي بكر، عن محمد بن محمود، عن عبد الغني بن الحسن، عن هبة الله بن الحصين، عن أبي علي بن المذهب، عن أبي بكر القطيعي، عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، عن الحجاج، عن إسرائيل، عن أبي اسحاق، عن هاني بن هاني، عن علي عليه السلام... الحديث. ورواه الحاكم في المستدرك 3 / 165. والمتقي في كنزل العمال 6 / 221، وأحمد بن حنبل 1 / 98. والبيهقي في سننه 6 / 165 و 7 / 63. والمجلسي في بحار الانوار 43 / 251 الحديث 28. [ 1017 ] رواه عبد الله البحراني في العوالم ص 25 عن المناقب: عن عمران بن سلمان وعمرو بن ثابت... الخبر. [ 1018 ] رواه الحاكم في مستدرك الصحيحين 3 / 179: عن عبد الله بن أبي رافع، عن أبيه... الخبر. والمجلسي في بحار الانوار 43 / 282. والبحراني في العوالم - الامام الحسن عليه السلام ص 16 الحديث 2. [ 1019 ] رواه ابن البطريق في العمدة ص 396 الحديث 795: عن عثمان بن أبي شيبة، عن جرير، عن منصور، عن منهال، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس... الحديث. والمجلسي في بحار الانوار 43 / 282: عن ابن عمر. والترمذي في صحيحه 1 / 6. والمتقي في كنز العمال 5 / 195. وأبو نعيم في حلية
[ 531 ]
الاولياء 5 / 44. والهيثمي في مجمعه 10 / 188. والجويني في فرائد السمطين 2 / 112 االحديث 416. [ 1020 ] رواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 282 باختصار: عن أبي غسان. وأبي رافع... الحديث. [ 1021 ] رواه المجلسي في بحار الانوار 25 / 143 الحديث 26... الخبر. ورواه مختصرا في 43 / 228. والخوارزمي في مقتل الحسين عليه السلام ص 89. والجويني في فرائد السمطين 2 / 75 الحديث 397. ورواه نصا الامين العاملي في أعيان الشيعة 10 / 304. [ 1024 ] رواه الترمذي في سننه 5 / 659 الحديث 3779: عن عبد الله بن عبد الرحمان، عن عبيدالله بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي اسحاق، عن هاني بن هاني، عن علي عليه السلام... الحديث. وأحمد بن حنبل في مسنده 1 / 99. [ 1025 ] رواه أحمد بن حنبل في مسنده 2 / 288: عن أبي أحمد، عن سفيان، عن أبي الجحاف، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أحبهما فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني - يعني حسنا وحسينا -. والخطيب البغدادي في تاريخه 1 / 141. [ 1026 ] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 25 الحديث 366: عن عبد الرحمان بن عبد اللطيف، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن أحمد، عن عمر بن أحمد وعبد الله بن المبارك، عن نصر بن علي، عن الحسن بن علي بن اسحاق، عن أبي عبد الرحمان ابن أبي بكر، عن أبي علي الهروي، عن محمد بن يحيى، عن زكريا بن يحيى الساجي، عن نصر بن علي، عن علي بن جعفر بن محمد، عن أخيه موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جده، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي
[ 532 ]
طالب، قال:.. الحديث. ورواه ابن البطريق في العمدة ص 395 الحديث 792: عن نصر بن علي الجهضمي، عن علي بن جعفر، عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جده، عن علي... الحديث. ورواه أيضا أحمد بن حنبل في الفضائل ص 693 الحديث 1185. [ 1027 ] رواه الخوارزمي في مقتله ص 108: عن الحسين بن أحمد، عن أحمد بن عبد الله، عن محمد بن أحمد، عن يحيى بن محمد الجناني، عن عثمان بن عبد الله، عن ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي: يا علي ادن مني وضع خمسك في خمسي، يا علي خلقت... الحديث. [ 1028 ] رواه الدولابي في الذرية الطاهرة ص 119 الحديث 142: عن أحمد بن يحيى، عن عباد بن يعقوب، عن يحيى بن سالم، عن صباح، عن الحسن بن الحكم، عن الشمال بنت موسى، عن ام عثمان، قالت:... الخبر. ورواه المحب الطبري في ذخائر العقبى ص 134. ورواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 266 الحديث 23. [ 1030 ] رواه المتقي في كنز العمال 7 / 110: عن سعد بن مالك، قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وآله... الحديث. والهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 181. [ 1031 ] رواه الصدوق في الخصال 1 / 77 الحديث 122: عن الحسن بن محمد بن يحيى، عن جده، عن الزبير بن أبي بكر، عن ابراهيم بن حمزة، عن ابراهيم بن علي، عن أبيه، عن جدته [ زينب ] بنت ابي رافع قالت: أتت فاطمة... الحديث.
[ 533 ]
والمحب الطبري في ذخائر العقبى ص 129. والبحراني في العوالم ص 42. [ 1032 ] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 96 الحديث 408: عن محمد بن محمد بن علي، عن علي بن بندار، عن أحمد بن محمد، عن عبد الكريم بن ابي الفضل، عن محمد بن المطهر، عن حمزة بن محمد، عن عبد الصمد بن محمد، عن منصور بن اسماعيل، عن محمد بن عبد الله، عن أحمد بن نجدة، عن يحيى الحماني، عن قيس، عن محمد بن رستم، عن زياد عن سلمان، قال: قال النبي صلى الله عليه وآله:.. الحديث. [ 1034 ] رواه عبد الله البحراني في العوالم ص 50 الحديث 12: عن أبي بكر اللفتواني، عن أبي هريرة... الحديث. وروى الحديث فقط أبو داود الطيالسي في مسنده: 10 / 327. [ 1039 ] رواه الخوارزمي في مقتله ص 134: عن ابي علي الحداد، عن الطبراني، عن أبي خليفة، عن علي ابن المديني، عن سفيان، عن مجالد، عن الشعبي... الخبر بتفاوت. والمجلسي في بحار الانوار 44 / 63 الحديث 11. والتلمساني في الجوهرة ص 30. [ 1040 ] رواه الخوارزمي في مقتله ص 100: عن أحمد بن الحسين، عن محمد بن الحسن، عن أبي حامد الشرقي، عن أبي الازهر، عن أبي النصر، عن ورقاء، عن عبيدالله بن أبي يزيد، عن نافع بن جبير، عن أبي هريرة قال: كنت مع رسول صلى الله عليه وآله... الحديث. ورواه أبو نعيم في حلية الاولياء 2 / 35، والحاكم في المستدرك 3 / 178. [ 1041 ] رواه الخوارزمي في مقتله 1 / 94: عن عبد الملك بن أبي القاسم،
[ 534 ]
عن محمود بن القاسم، عن أبي محمد الجراحي، عن العباس المحبوبي، عن أبي عيسى الترمذي، عن الحسين بن حريث، عن علي بن الحسين بن واقد، عن أبيه، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه... الحديث. ورواه المحب الطبري في ذخائر العقبى ص 131. والمجلسي في بحار الانوار 43 / 284 الحديث 50. والنسائي في صحيحه، والحاكم في المستدرك 1 / 287 وأحمد بن حنبل في مسنده 5 / 354. [ 1042 ] رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 374 الحديث 421: عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن ابراهيم، عن ابن منيع، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن خالد بن مخلد، عن موسى بن يعقوب، عن عبد الله بن أبي بكر، عن مسلم بن أبي جهل، عن حسن بن اسامة، عن اسامة بن زيد... الحديث. ورواه الترمذي في صحيحة 2 / 240. والجويني في فرائد السمطين 2 / 70 الحديث 394. والنسائي في خصائصه ص 123. [ 1043 ] رواه الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 181 باسناده عن عمر بن الخطاب... الحديث. والمتقي الهندي في كنز العمال 7 / 106. [ 1045 ] رواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 251 الحديث 28. ورواه الصدوق في معاني الاخبار ص 58 الحديث 8: عن الحسن بن محمد، عن جده، عن أحمد بن صالح، عن عبد الله بن عيسى، عن جعفر بن محمد، عن أبيه... الحديث. ورواه عبد الله البحراني في العوالم ص 27. [ 1046 ] رواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 276 الحديث 46: عن إبراهيم الرافعي، عن أبيه، عن جده... الحديث.
[ 535 ]
[ 1047 ] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 122 الحديث: 423.: عن عبد الصمد بن أحمد، عن عبد الرحمان بن علي، عن محمد بن عبد الباقي، عن أبي محمد الجوهري، عن ابن حيويه، عن ابن معروف، عن الحسين بن الفهم، عن محمد بن سعد، عن علي بن محمد، عن خلاد بن عبيدة، عن علي بن زيد، قال:... الخبر. ورواه البيهقي في سننه 4 / 331. والحاكم في مستدرك الصحيحين 3 / 169. [ 1048 ] رواه الدولابي في الذرية الطاهرة ص 101 الحديث 109: عن الحسن بن علي بن عفان، عن معاوية بن هشام، عن علي بن صالح، عن سماك، عن حرب، عن قابوس بن المخارق، عن ام الفضل... الحديث. ورواه أحمد بن حنبل في مسنده: 6 / 339 و 340. والمجلسي في بحار الانوار: 43 / 342 الحديث 14. [ 1050 ] رواه محمد بن عيسى الترمذي في صحيحه 13 / 159: عن الحسن بن عرفة، عن اسماعيل بن عياشي، عن عبد الله بن عثمان، عن خثيم، عن سعيد بن راشد، عن يعلى بن مرة... الحديث. ورواه أحمد بن حنبل في مسنده 4 / 174. وابن ماجة في سننه 1 / 64. والجويني في فرائد السمطين 2 / 129 الحديث 428 و 429. ورواه ابن قولويه القمي المتوفى 367 ه في كامل الزيارات ص 52. [ 1052 ] رواه الخطيب البغدادي في تاريخه 2 / 238. والهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 184. والمتقي في كنز العمال 6 / 221. [ 1054 ] رواه الترمذي في صحيحه 2 / 306: عن أنس بن مالك... الحديث.
[ 536 ]
ورواه المناوي في فيض القدير 1 / 148. والمحب الطبري في ذخائر العقبى ص 122. والمجلسي في بحار الانوار 43 / 299. [ 1055 ] رواه ابن شهر آشوب في المناقب 3 / 385: عن يحيى بن أبي كثير وسفيان بن عيينة باسنادهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله... الحديث. ورواه البحراني في العوالم ص 55 الحديث 1. [ 1056 ] رواه ابن شهر آشوب في المناقب 4 / 14 عن عبد الله بن عمر، عن ابن عباس، قال: لما اصيب معاوية وقال: ما أسي على شئ إلا على أن أحج ماشيا، ولقد حج الحسن بن علي خمسا وعشرين حجة ماشيا، وأن النجائب لتقاد معه وقد قاسم الله ماله... الخبر. ورواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 339. [ 1058 ] راجع الحديث 1025. [ 1059 ] رواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 258 الحديث 47... الحديث بتفاوت. [ 1060 ] رواه ابن شهر آشوب في المناقب 3 / 384. وبتفاوت البلاذري في أنساب الاشراف 3 / 6 الحديث 2: عن الاعين، عن روح بن عبادة، عن محمد بن أبي حفصة، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة... الحديث. ورواه البحراني في العوالم ص 53. [ 1061 ] رواه ابن شهر آشوب في المناقب 3 / 400: عن اسماعيل بن بريد، باسناده، عن محمد بن علي... الحديث. ورواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 318 الحديث 2. [ 1062 ] رواه أحمد بن حنبل في مسنده 6 / 467: عن يزيد بن هارون، عن جرير بن حازم، عن محمد بن يعقوب، عن عبد الله بن شداد، عن
[ 537 ]
أبيه... الحديث. ورواه المجلسي في بحار الانوار 43 / 294 الحديث 55: عن عبد الله بن شيبة، عن أبيه: أنه دعي النبي صلى الله عليه وآله إلى صلاة والحسن متعلق به فوضعه النبي صلى الله عليه وآله مقابل جنبه، وصلى، فلما سجد أطال السجود فرفعت رأسي من بين القوم، فإذا الحسن على كتف رسول الله صلى الله عليه وآله، فلما سلم، قال له القوم:... الحديث. [ 1063 ] رواه ابن حجر في الصواعق المحرقة ص 83، قال: وأخرج ابن سعد عن عمير بن اسحاق أنه لم يسمع منه... الخبر. [ 1064 ] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 90 الحديث 406. والمجلسي في بحار الانوار 43 / 301، الحديث 65. والمتقي في كنز العمال 6 / 221. والهيثمي في مجمعه 9 / 184. وقد مر الحديث مفصلا، راجع الحديث 730. [ 1065 ] رواه بتفاوت ابن حجر في الصواعق المحرقة ص 83. والمجلسي في بحار الانوار 44 / 149 الحديث 18. [ 1066 ] رواه بتفاوت الخوارزمي في مقتله ص 136: عن أحمد بن الحسين، عن أبي عبد الله الحافظ، عن طاهر بن محمد، عن ابراهيم بن حماد، عن عباس بن محمد الدوري، عن عثمان بن عمر، عن ابن عون، عن عمير بن اسحاق... الخبر. ورواه نصا أبو نعيم في حلية الاولياء 2 / 38. والبلاذري في أنساب الاشراف 3 / 59. والاصفهاني في مقاتل الطالبيين ص 48. والمجلسي في بحار الانوار 44 / 148 الحديث 15. والمحب الطبري في ذخائر العقبى ص 141. [ 1067 ] رواه الاصفهاني في مقاتل الطالبيين ص 48: عن أحمد بن
[ 538 ]
عبيدالله بن عمار، عن عيسى بن مهران، عن عبيد بن الصباح، عن جرير، عن مغيرة... الخبر. ورواه الخوارزمي في مقتله ص 136. والبحراني في العوالم ص 278. والمجلسي في بحار الانوار 44 / 155 الحديث 25. [ 1069 ] رواه الاصفهاني في مقاتل الطالبيين ص 48: عن أحمد بن عبيدالله، عن عيسى بن مهران، عن يحيى بن أبي بكير، عن شعبة، عن أبي بكر بن حفص قال:... الخبر. [ 1070 ] رواه نصا الاصفهاني في مقاتل الطالبيين ص 49: عن أحمد بن سعيد، عن يحيى بن الحسن، عن محمد بن اسماعيل، عن فائد مولى عباد. وعن جرمي، عن زبير، عن عادل، عن يحيى بن عبيدالله بن علي... الخبر. ورواه مرسلا المحب الطبري في ذخائر العقبى ص 143. [ 1072 ] رواه الصدوق في الخصال ص 181 الحديث 248: عن الحسن بن محمد بن يحيى العلوي، عن جده، عن داود، عن عيسى بن عبد الرحمان، عن ابي مالك الجنبي، عن عمر بن بشر الهمداني، قال: قلت لابي اسحاق:... الخبر. ورواه أيضا الاصفهاني في مقاتل الطالبيين ص 50. [ 1073 ] رواه الاصفهاني في مقاتل الطالبيين ص 50: عن أحمد بن سعيد، عن يحيى بن الحسن، عن علي بن ابراهيم، عن ابن ابي عمير، عن هشام بن سالم، وجميل بن دراج، عن جعفر بن محمد: توفي وهو ابن ثماني وأربعين سنة. [ 1074 ] رواه الخوارزمي 1 / 159: عن أبي عبد الله، عن أحمد بن علي المقري، عن محمد بن عبد الوهاب، عن أبي عبد الوهاب بن حبيب، عن إبراهيم بن أبي يحيى المدني، عن عمارة بن يزيد، عن محمد بن
[ 539 ]
إبراهيم التيمي عن أبي سلمة، عن عائشة... الحديث. ورواه ابن شهر آشوب في المناقب 4 / 55. والاربلي في كشف الغمة 2 / 12. [ 1075 ] رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 1 / 181 الحديث 230: عن ام المجتبى العلوية، عن أبي بكر ابن المقرئ، عن أبي يعلى، عن عبد الرحمان بن صالح، عن عبد الرحيم بن سليمان، عن ليث بن أبي سليم، عن جرير بن الحسن العبسي، عن مولى زينب، عن زينب، قالت:... الحديث. [ 1077 ] رواه الخوارزمي في مقتله ص 165: عن علي بن أحمد، عن إسماعيل بن أحمد، عن أبيه، عن أبي عبد الله الحافظ، عن خلف بن محمد البخاري، عن صالح بن محمد، عن أحمد بن حيان، عن عيسى بن يونس، عن الاعمش، عن نشيط ابي فاطمة:... الخبر. ورواه ابن حجر في تهذيب التهذيب 2 / 347. والكنجي في كفاية الطالب ص 427. [ 1078 ] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 445: عن علي بن عبد العزيز، عن أبي نعيم، عن عبد الجبار بن العباس، عن عمار الدهني، قال: فمر علي عليه السلام على كعب، فقال:... الخبر. ورواه ابن حجر في تهذيب التهذيب 2 / 347. وفي مجمع الزوائد 9 / 193. والمحب الطبري في ذخائر العقبى 145. والصدوق في أماليه ص 121 الحديث 4. [ 1079 ] روى الاربلي في كشف الغمة 2 / 12 قول أمير المؤمنين الموجود في ذيل الخبر عن الاصبغ بن نباتة، علي عليه السلام قال: أتينا معه موضع قبر الحسين فقال علي عليه السلام: هاهنا مناخ ركاربهم وموضع رحالهم وهاهنا مهراق دمائهم، فتية من آل محمد صلى الله عليه وآله
[ 540 ]
يقتلون بهذه العرصة، تبكي عليهم السماء والارض. [ 1080 ] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 427: عن يوسف بن خليل، عن ابن ابي زيد، عن محمود، عن ابن فاذشاه، عن أبي القاسم الطبراني، عن محمد بن يحيى، عن ابن حماد، عن أبي عوانة، عن عطاء بن السائب، عن ميمون بن مهران، عن شيبان بن مخرم... الخبر. ورواه أيضا الخوارزمي في مقتله 1 / 161. والمجلسي في بحار الانوار 44 / 254. [ 1083 ] رواه الصدوق في أماليه ص 117 الحديث 6: عن أحمد بن الحسن، عن الحسن بن علي السكري، عن محمد بن زكريا، عن قيس بن حفص، عن حسين الاشقر، عن منصور بن الاسود، عن أبي حسان التيمي، عن نشيط بن عبيد، عن ر جل منهم، عن جرداء بنت سمين، عن زوجها هرثمة بن أبي مسلم... الخبر. [ 1086 ] رواه البلاذري في أنساب الاشراف 3 / 156: عن أبي مخنف، عن عبد الملك بن نوفل، عن أبي سعيد المقبري... الخبر. [ 1089 ] رواه ابن سعد في الطبقات مخطوط. [ 1091 ] رواه بتفاوت الطبري في تاريخ الامم والملوك 4 / 345: عن أبي مخنف، عن الحجاج بن عبد الله بن عمار بن يغوث البارقي، قال عبد الله بن عمار:... الخبر. [ 1092 ] روى الصدوق في أماليه ص 139 الحديث 1: عن محمد بن علي بن الحسين بن موسى، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن البرقي، عن داود بن أبي يزيد، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر الباقر، قال: اصيب الحسين بن علي عليه السلام ووجد به ثلاثمائة وبضعة وعشرين طعنة برمح أو ضربة
[ 541 ]
بالسيف أو رمية بسهم، فروي أنها كانت كلها في مقدمه لانه عليه السلام كان لا يولي. ورواه أيضا المجلسي في بحار الانوار 45 / 94 الحديث 36. والسيد البحراني في حلية الابرار 1 / 604. ورواه مرسلا البلاذري في أنساب الاشراف 3 / 203. [ 1094 ] روى البلاذري قسما منه في أنساب الاشراف 3 / 204 الحديث 44. والحر العاملي في إثبات الوصية 2 / 578 الحديث 24. [ 1095 ] روى المجلسي في بحار الانوار 45 / 310: عن أحمد بن الحسين، عن أبي عبد الله الحافظ، عن محمد بن يعقوب، عن العباس بن محمد الدوري، عن يحيى بن معين، عن جرير، عن زيد بن أبي الزناد، قال: قتل الحسين ولي أربعة عشر سنة وصار الورس الذى في عسكره رمادا واحمرت آفاق السماء، ونحروا ناقة في عسكرهم فكانوا يرون في لحمها النيران. وروى الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 196:... وكانت معه ابل فزجروها فصارت جمرة في منازلهم. [ 1096 ] رواه ابن حجر في تهذيب التهذيب 2 / 354: عن الحميدي، عن ابن عيينة، عن جدته - ام أبيه - قالت: لقد رأيت الورس عادت رمادا، ولقد رأيت اللحم كان فيه النارحين قتل الحسين عليه السلام. [ 1097 ] رواه الخوارزمي في مقتل الحسين 2 / 90: عن أحمد بن الحسين، عن أبي عبد الله الحافظ، عن محمد بن يعقوب، عن العباس بن محمد الدوري، عن يحيى بن معين، عن جرير، عن زيد بن أبي الزناد... الخبر. وقد مر ذكر هذا الخبر في الحديث 1095.
[ 542 ]
ورواه ابن حجر في تهذيب التهذيب 2 / 354. [ 1098 ] رواه المجلسي في بحار الانوار 45 / 300: عن محمد بن الحكم عن امه... الخبر. [ 1099 ] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 166 الحديث 453: عن ابن سليمان، عن ام سالم - خالة لجفعر بن سليمان - قالت:... الخبر. ورواه الطبري في ذخائر العقبى ص 145. ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 4 / 339. والذهبي في تاريخ الاسلام 2 / 349. [ 1100 ] روى الشبراوي في الاتحاف بحب الاشرف ص 42 مرسلا: ومما ظهر يوم قتله من الآيات أن السماء أمطرت دما، وأن أوانيهم ملئت دما. [ 1102 ] رواه ابن حجر في الصواعق المحرقة ص 116. والمحب الطبري في ذخائر العقبى ص 145. [ 1103 ] رواه أبو نعيم في حلية الاولياء 2 / 276 بسنده عن هشام، عن محمد... الخبر. والمتقي الهندي في كنز العمال 7 / 111. والهيثمي في مجمعه 9 / 197. [ 1104 ] روى الذهبي في تاريخ الاسلام 2 / 348: عن علي بن مدرك، عن جده الاسود بن قيس، قال: احمرت آفاق السماء بعد قتل الحسين ستة أشهر يرى فيها كالدم، فحدثت بذلك شريكا. فقال لي: ما أنت من الاسود ؟ فقلت: هو جدي أبو أمي فقال: أما والله انه لصدوق. ورواه المجلسي نصا في بحار الانوار 45 / 216. [ 1107 ] رواه الصدوق في أمالية ص 120 الحديث 2: عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن نصر بن مزاحم، عن عمر بن سعد، عن
[ 543 ]
عمرو بن الليث، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ام سلمة... الحديث بتفاوت. ورواه الخوارزمي في مقتله 2 / 94. والهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 199. والمحب الطبري في ذخائره ص 150. [ 1108 ] رواه المجلسي مرسلا في بحار الانوار 45 / 236. [ 1109 ] رواه ابن كثير الدمشقي بتفاوت يسير عن ام سلمة في البداية والنهاية 8 / 200: عن أحمد، عن الحسين بن إدريس، عن هاشم بن هاشم، عن امه، عن ام سلمة، قالت: سمعت الجن ينحن على الحسين وهن يقلن:... الخبر. [ 1110 ] رواه الخوارزمي في مقتله 2 / 94: عن أبي العلاء، عن هبة الله بن محمد الشيباني، عن الحسن بن على التميمي، عن أحمد بن جعفر القطيعي، عن ابراهيم بن عبد الله، عن سليمان بن حرب، عن حماد، عن عمار: أن ابن عباس رأى النبي صلى الله عليه وآله في منامه يوما... الخبر. ورواه الحاكم في المستدرك 4 / 397. وأحمد بن حنبل في مسنده 1 / 242. وابن الاثير في أسد الغابة 2 / 22. وابن عبد البر في الاستيعاب 1 / 144. والمحب الطبري في ذخائر العقبى ص 148. [ 1111 ] رواه الاربلي في كشف الغمة 2 / 56: عن منذر قال: كنا إذا ذكرنا عند محمد بن علي قتل الحسين عليه السلام قال: لقد قتلوا... الخبر. ورواه ابن سعد في الطبقات - مخطوط - عن الفضل بن دكين، عن فطر، عن منذر، قال: كنا إذا ذكرنا... الخبر. [ 1112 ] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 436: عن محمد بن محمود، عن زيد بن الحسن الكندي، عن أبي منصور الفزاز، عن أحمد بن علي
[ 544 ]
بن ثابت، عن أحمد بن عثمان بن مياح، عن محمد بن عبد الله بن ابراهيم الشافعي، عن محمد بن شداد المسمعي، عن الفضل بن دكين، عن عبد الله بن حبيب، عن ابن ثابت، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس... الخبر. ورواه الحاكم في مستدرك الصحيحين 2 / 290، وأيضا في 3 / 178. والمحب الطبري في ذخائر العقبى ص 150. والخوارزمي في مقتله 2 / 96. [ 1114 ] روى الخوارزمي في مقتله 2 / 97: عن أبي الفتح الهمداني، عن أبي الحسين بن يعقوب، عن عيسى بن علي بن الجراح، عن محمد بن الحسن المقري، عن أحمد بن يحيى، عن عمر بن شبة، عن عبيد بن حماد، عن عطاء بن مسلم، قال: قال السدي: أتيت كربلاء أبيع البزبها، فعمل لنا شيخ من طي طعاما فتعشينا عنده فذكر قتل الحسين عليه السلام. فقلت: ما شرك أحد في قتله إلا مات بأسوأ ميتة، فقال: ما اكذبكم يا أهل العراق فانا ممن شرك في قتله، فلم يبرح حتى دنا من المصباح وهو يتقد بنفط، فذهبت النار بلحيته فعدا فألقى نفسه في الماء فرأيته والله كأنه حممة. وروى مثله الجويني في فرائد السمطين 2 / 167 الحديث 456. [ 1115 ] روى ابن كثير الدمشقي في تفسير القرآن المطبوع بهامش فتح البيان 9 / 162: عن ابن أبي حاتم، عن علي بن الحسين، عن محمد بن عمرو زنيج، عن جرير، عن زيد بن أبي زياد، قال: لما قتل الحسين بن علي (رض) احمرت آفاق السماء أربعة اشهر. قال زيد: واحمرارها بكاؤها... الخبر. [ 1116 ] روى الخوارزمي في مقتله 2 / 46: عن أحمد بن الحسين، عن علي بن أحمد بن عبدان، عن أحمد بن عبيد الصفار، عن ابراهيم بن
[ 545 ]
عبد الله، عن حجاج بن منهال، عن عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، قال: سمعت ام سلمة لعنت أهل العراق لما نعي الحسين عليه السلام، وقالت: قتلوه قتلهم الله، غروه وأذلوه لعنهم الله. [ 1117 ] رواه الخوارزمي في مقتله 2 / 45: عن علي بن أحمد العاصمي، عن إسماعيل بن أحمد البيهقي، عن أحمد بن الحسين البيهقي، عن أبي عبد الله الحافظ، عن محمد بن يعقوب، عن عبد الله بن أحمد، عن إسماعيل بن امية، عن حبيب، عن أبي اسحاق، عن زيد بن أرقم... الخبر. ورواه ابن حجر في الصواعق المحرقة ص 118. [ 1118 ] رواه ابن سعد في الطبقات - مخطوط -: عن الفضل بن دكين، عن سفيان، عن شيخ، قال: لما اصيب الحسين بن علي قال الربيع... الخبر. [ 1120 ] رواه ابن المغازلي في مناقبه ص 405 بتفاوت في الكلمات مع حفظ المضمون، الحديث 459: عن الحسن بن أحمد بن موسى، عن عبيدالله بن أبي مسلم الفرضي، عن محمد بن القاسم الانباري النحوي، عن موسى بن اسحاق الانصاري، عن هارون بن حاتم، عن عبد الرحمان بن أبي حماد، عن ثابت بن اسماعيل، عن أبي النضر الحرمي، قال: رأيت رجلا سمج العمى... الخبر. ورواه الخوارزمي في مقتل الحسين 2 / 104. وابن الجوزي في التذكرة ص 291. وابن حجر في الصواعق ص 194. [ 1121 ] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 437 بتفاوت: عن أبي نصر بن الشيرازي، عن علي بن الحسن الشافعي، عن أبي القاسم ابن السمرقندي، عن أحمد بن الحسن، عن أبي علي ابن شاذان، عن محمد بن الحسن بن مقسم، عن أحمد بن يحيى، عن عمر بن شبة، عن عبيد
[ 546 ]
بن حناد، قال السدي:... الخبر. ورواه الخوارزمي في مقتله 2 / 97. وابن الجوزي في التذكرة ص 392. [ 1122 ] رواه القندوزي في ينابيع المودة ص 323. ورواه ابن سعد في الطبقات - مخطوط -: عن الفاضل بن دكين، عن سفيان، عن نسير بن ذعلوق، عن هبيرة بن خزيمة، قال: قال الربيع بن خثيم:... الخبر. [ 1123 ] روى الكنجي في كفاية الطالب ص 436: عن محمد بن هبة الله بن محمد الشافعي، عن أبي القاسم الحافظ، عن أبو عبد الله الخلال، عن سعيد بن أحمد العيار، عن محمد بن عبد الله بن محمد بن زكريا الشيباني، عن عمر بن الحسن بن علي بن مالك، عن أحمد بن الحسن الخزاز، عن أبيه، عن حسين بن مخارق، عن داود بن أبي هند، عن ابن سيرين، قال: لم تبك السماء على أحد بعد يحيى بن زكريا إلا على الحسين بن علي عليه السلام. وروى السيوطي في الدر المنثور في ذيل تفسير قوله تعالى: " فما بكت عليهم السماء والارض " الدخان: 29، قال: وأخرج ابن أبي الدنيا: إلا على اثنين (إلى أن قال) وتدري ما بكاء السماء ؟ قال: تحمر وتصير وردة كالدهان، إن يحيى بن زكريا لما قتل احمرت السماء وقطرت دما وإن حسين بن علي عليه السلام يوم قتل احمرت السماء. [ 1126 ] رواه ابن أبي الدنيا في مقتل أمير المؤمنين عليه السلام - مخطوط -: عن الحسين، عن عبد الله، عن الزبير، عن عمه، أنه قال: كان عمرو بن علي آخر ولد علي بن أبي طالب عليه السلام، ووفد على الوليد... الخبر. [ 1127 ] رواه ابن عبد ربه الاندلسي في العقد الفريد 4 / 401 ط 1363: قال أبو الحسن المدائني، قد جاء عمرو بن علي... الخبر.
[ 547 ]
ورواه المجلسي في بحار الانوار 42 / 91: عن المفيد في الارشاد: عن هارون بن موسى، عن عبد الملك بن عبد العزيز... الخبر. [ 1128 ] رواه ابن المغازلي في مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام ص 387: عن محمد بن القاسم، عن أحمد بن سعيد بن عبد الله، عن الزبير بن بكار، قال: لما [ أتى أهل المدينة مقتل الحسين ] خرجت زينب بنت عقيل بن أبي طالب وهي زينب الصغرى ترثي أهلها... الخبر. ورواه الكنجي في كفاية الطالب ص 441. وروى هذه الابيات المفيد في أماليه ص 196 منسوبة إلى اسماء بنت عقيل. [ 1129 ] رواه أبو الفرج الاصفهاني في مقاتل الطالبيين ص 4: عن العباس بن علي بن العباس النسائي، عن عبد الله بن محمد بن أيوب، عن الحسن بن بشر، عن سعدان بن الوليد، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: لما ماتت فاطمة ام علي بن أبي طالب... الحديث. [ 1130 ] رواه النسائي في خصائصه ص 139: عن أحمد بن حرب، عن قاسم بن يزيد الحرمي، عن اسرائيل، عن أبي اسحاق، عن هبيرة بن مريم، وهاني بن هاني، عن علي عليه السلام... الحديث. ورواه أحمد بن حنبل عن ابن عباس في مسنده 1 / 230 وص 115. وأحمد بن إسماعيل في الاربعين، الباب 20. [ 1131 ] روى الصدوق في أماليه ص 300 الحديث 15: عن محمد بن علي ماجيلويه، عن محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن علي بن فضال، عن أبي جميلة، عن عمرو بن خالد، عن الصادق جعفر بن محمد عليه السلام، قال: إن صدقة النهار تميث الخطيئة كما تميث الماء الملح، وان صدقة الليل تطفئ غضب الرب جل جلاله.
[ 548 ]
[ 1132 ] رواه مرسلا ابن هشام في السيرة النبوية 4 / 12. [ 1133 ] روى ابن البطريق في العمدة ص 408 الحديث 842: باسناده، عن نافع، عن عبد الله بن عمر، قال: وكنت فيهم في تلك الغزوة فالتمسنا جعفرا فوجدناه في القتلى ووجدنا ما في جسده بضعا وتسعين من طعنة ورمية. ورواه البخاري في صحيحه ج 5 باب غزوة مؤتة ص 143. [ 1134 ] روى الترمذي في صحيحة ج 5 باب مناقب جعفر بن أبي طالب ص 154: عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: رأيت جعفرا يطير مع الملائكة في الجنة. والطبراني من طريق سالم بن أبي الجعدة. وابن حجر في الاصابة 1 / 238. والطبري في ذخائر العقبى ص 216. [ 1135 ] رواه أبو الفرج الاصفهاني في مقاتل الطالبيين ص 6: عن محمد بن ابراهيم بن أبان السراج، عن بشار بن موسى الخفاف، عن أبي عوانه، عن الاجلح، عن الشعبي... الحديث. ورواه الصدوق في الخصال 1 / 76 الحديث 121، و 2 / 484، الحديث 58. وابن أبي الحديد في الشرح 3 / 407. وابن الاثير في أسد الغابة 1 / 287. [ 1136 ] رواه أيضا أبو الفرج الاصفهاني في مقاتل الطالبيين ص 10 في روايتين منفصلتين: 1 محمد بن الحسين الاشتاني، عن محمد بن عبيد المحاربي، عن علي بن غراب، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لجعفر: أنت أشبهت خلقي وخلقي. 2 - محمد بن الحسين الاشتاني، عن جعفر بن محمد الرماني، عن محمد بن جيلة، عن محمد بن بكر، عن أبي الجارود، عن عبد الله بن
[ 549 ]
معاوية بن عبد الله بن جعفر، عن أبيه، عن جده، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يقول: خلق الناس من أشجار شتى وأنا وجعفر من شجرة واحدة. [ 1137 ] رواه شمس الدين الموسوي المتوفى 630 ه في الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب: عن أبي الفتح الكراجكي، عن محمد بن علي بن صخر الاودي، عن عمر بن محمد بن سيف، عن محمد بن محمد بن سليمان، عن محمد بن ضوء بن صلصال بن الدلهمس، عن أبي ضوء ابن صلصال بن الدلهمس. قال: كنت أنصر النبي صلى الله عليه وآله مع أبي طالب في شدة الغيظ، إذ خرج أبو طالب الي - شبيها بالملهوف - فقال لي: يا أبا الغضنفر هل رأيت هذين الغلامين - يعني النبي وعليا فقلت: ما رأيتهما مذ جلست. فقال: قم بنا في الطلب لهما، فلست آمن قريشا أن تكون اغتالتهما. قال: فمضينا حتى خرجنا من أبيات مكة، ثم صرنا إلى جبل من جبالها، فاسترقيناه إلى قلته، فإذا بالنبي صلى الله عليه وآله وعلي علي يمينه، وهما قائمان بازاء عين الشمس يركعان ويسجدان، فقال أبو طالب لجعفر ابنه - وكان معنا -: صل جناح ابن عمك... الخبر. [ 1138 ] رواه اليافعي المتوفى 768 ه 1 / 14. والطبري في ذخائر العقبى 208. وفي كتاب رياحين الشريعة 2 / 302. [ 1139 ] قال اليعقوبي في تاريخه 1 / 66 ط لندن 1883 م: إن الامراء الذين عينهم الرسول ثلاثة: جعفر وزيد وعبد الله. [ 1140 ] رواه ابن هشام في السيرة 4 / 15 في حديث طويل: عن ابن اسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن ام عيسى الخزاعية، عن ام جعفر بنت محمد بن جعفر بن أبي طالب، عن جدتها أسماء بنت
[ 550 ]
عميس... الخبر. ورواه ابن الاثير في الكامل 2 / 238. وروى ابن اسحاق في المغازي: عن عبد الرحمان بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة... الحديث (الاصابة 1 / 238). [ 1141 ] رواه ابن حجر في تهذيب التهذيب 1 / 75: عن السري بن سهل الجند نيسابوري، عن محمد بن عمرو، عن جرير بن عبد الحميد، عن مغيرة، عن ابراهيم، عن الحسن البصري، عن الزبير بن العوام، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله... الحديث. [ 1142 ] رواه الصدوق في علل الشرايع ص 160: عن الحسن بن محمد بن يحيى العلوي، عن جده، عن بكر بن عبد الوهاب، عن عيسى بن عبد الله، عن أبيه، عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وآله دفن فاطمة... الحديث. [ 1143 ] رواه المجلسي في بحار الانوار 35 / 77 الحديث 13: عن الحسن بن محمد العلوي، عن جده، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام... الحديث. [ 1144 ] رواه باختلاف الواقدي في المغازي 2 / 828: عن ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن أبي مرة مولى عقيل، عن ام هاني... الخبر. [ 1145 ] روى ابن شهر آشوب: عن ابن عباس ومجاهد في قوله تعالى " ضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة " النحل: 112: جاء خباب بن الارت، فقال: يا رسول الله ادع ربك أن يستنصر لنا على مضر. فقال صلى الله عليه وآله: إنكم لتعجلون. ثم قال بعد كلام له: اللهم اشدد وطأتك على مضر، واجعل عليها سنين كسني يوسف. فقطع الله عنهم المطر حتى مات الشجر، وذهب الثمر واجدبت الارض وماتت المواشي وأكلوا الملهز فعطفوه وعطف ورغب إلى الله، فمطروا،
[ 551 ]
ومطر أهل المدينة مطرا خافوا الغرق وانهدام البنيان، فشكوا إليه ذلك، فقال صلى الله عليه وآله: اللهم حوالينا ولا علينا. وفي ص 137: فانجاب السحاب عن السماء وظهرت الشمس وقال صلى الله عليه وآله: لله در أبي طالب لو كان حيا لقرت به عيناه. وذكر رواية مشابهة بنفس المضمون البغدادي في خزانة الادب 2 / 68. [ 1146 ] رواه الهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 272. والصدوق في أماليه ص 111. وفي الخصال ص 76. وتاريخ الخميس 1 / 163. [ 1147 ] مناقب ابن شهرآشوب 2 / 146. [ 1148 ] رواه الواقدي في المغازي 2 / 918. [ 1149 ] رواه المجلسي في بحار الانوار 42 / 114. [ 1150 ] رواه الطبري في ذخائر العقبى ص 223. [ 1151 ] روى المجلسي في بحار الانوار 46 / 74 الحديث 63: عن عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: كان علي بن الحسين يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة. [ 1152 ] رواه ابن شهر آشوب في المناقب 2 / 254. والسيد هاشم في حلية الابرار 2 / 19 نقلا عن ابن بابوبه: عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن أسباط، عن اسماعيل بن منصور، عن بعض أصحابنا... الخبر. ونقل في ص 14 رواية اخرى فراجع. [ 1153 ] رواه المفيد في الارشاد ص 274. والمجلسي في بحار الانوار 46 / 56 الحديث 7: عن الحسن بن محمد بن يحيى، عن جده، عن أبي نصر، عن عبد الرحمان بن صالح، عن يونس بن بكير، عن ابن
[ 552 ]
اسحاق، قال: كان في المدينة... الخبر. ورواه المحب الطبري في تذكرة الخواص ص 328. [ 1154 ] رواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 80 باختلاف في العبارات. [ 1155 ] رواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 75 الحديث 66: عن الحسن بن محمد، عن جده، عن سلمة بن شبيب، عن عبيدالله بن محمد التيمي، قال: سمعت شيخا عن عبد القيس يقول: قال طاووس: دخلت الحجر.. الخبر. [ 1156 ] رواه المفيد في الارشاد 2 / 145 الحديث 11: عن الحسن بن محمد، عن جده، عن عماد بن أبان، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة بن أعين، قال: سمع سائلا. ورواه ابن شهرآشوب في المناقب 4 / 148. [ 1157 ] رواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 54 الحديث 1: عن الحسن بن محمد، عن جده، عن محمد بن جعفر وغيره.. الخبر. [ 1158 ] رواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 81. [ 1159 ] رواه ابن شهر آشوب في المناقب 4 / 159. [ 1161 ] رواه الصدوق في أماليه ص 201: عن الحسن بن محمد بن يحيى العلوي، عن يحيى بن الحسين بن جعفر، عن عبد الله بن محمد، عن عبد الرزاق.. الخبر. [ 1162 ] رواه المفيد في الارشاد ص 274: عن الواقدي، عن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي، قال: كان هشام بن إسماعيل.. الخبر. [ 1163 ] رواه المجلسي مرسلا في بحار الانوار 46 / 56 الحديث 6. والطبري في اعلام الورى ص 154. والمفيد في الارشاد ص 258. [ 1164 ] رواه الكنجي في كفاية الطالب ص 450: عن عبد اللطيف بن القببيطي، عن محمد بن عبد الباقي، عن حمد بن أحمد، عن محمد بن
[ 553 ]
أحمد، عن عبيدالله بن جعفر الرازي، عن علي بن رجاء الفارسي، عن عمرو بن خالد، عن أبي حمزة الثمالي... الخبر. ورواه المفيد في أماليه ص 127. وابن الصباغ في الفصول ص 203. [ 1165 ] رواه المفيد في الارشاد ص 258: عن الحسن بن محمد، عن جده، عن أبي نصر، عن محمد بن علي بن عبد الله، عن أبيه، عن عبد الله بن هارون، عن عمرو بن دينار، قال: حضرت زيد بن اسامة ... الخبر. [ 1166 ] رواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 96. وابن شهر آشوب في المناقب 4 / 158. [ 1167 ] رواه ابن شهر آشوب في المناقب 4 / 154. والمجلسي في بحار الانوار 46 / 90. [ 1168 ] رواه ابن شهر آشوب في المناقب 4 / 150. [ 1169 ] رواه الكشي في رجاله ص 118: عن محمد بن مسعود عن محمد بن جعفر، عن محمد بن أحمد بن مجاهد، عن العلاء بن محمد بن زكريا، عن عبيدالله بن محمد بن عائشة، عن أبيه: أن هشام بن عبد الملك... الخ. [ 1171 ] روى الحر العاملي في وسائل الشيعة 6 / 292 المجلد 12 باب 1 الحديث 2 - 3 عن الامام الصادق عليه السلام بنفس المضمون. [ 1173 ] رواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 52 الحديث 2. [ 1174 ] رواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 73 الحديث 59: عن الحسن بن محمد بن يحيى، عن جده، عن ادريس بن محمد بن يحيى بن عبد الله بن الحسن، وأحمد بن عبد الله بن موسى، واسماعيل بن يعقوب جميعا، عن عبد الله بن موسى، عن أبيه، عن جده، قال: كانت أمي فاطمة بنت الحسين... الخبر.
[ 554 ]
ورواه المفيد في الارشاد ص 255. [ 1175 ] رواه المفيد في الارشاد ص 255: عن الحسن بن محمد بن يحيى، عن جده، عن أبي محمد الانصاري، عن محمد بن ميمون البزاز، عن الحسن بن علوان، عن أبي علي زياد بن رستم، عن سعيد بن كلثوم، قال: كنت عند الصادق عليه السلام... الخبر. ورواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 74 الحديث 65. [ 1176 ] رواه المفيد في الارشاد ص 256 ذيل حديث سعيد بن كلثوم الآنف الذكر. ورواه ابن شهر آشوب في المناقب 4 / 149. [ 1177 ] رواه المفيد أيضا في الارشاد ص 256: عن عمرو بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليه السلام... الخبر. ورواه ابن الصباغ في الفصول ص 201. والمجلسي في بحار الانوار 46 / 79. [ 1179 ] روى المجلسي في بحار الانوار 46 / 70 الحديث 46: نقلا عن كتاب ثواب الاعمال ص 46: عن ابن الوليد، عن الصفار، عن البرقي، عن يونس بن يعقوب، عن الصادق عليه السلام قال: قال علي بن الحسين عليه السلام لابنه محمد عليه السلام حين حضرته الوفاة: إنني حججت على ناقتي هذه عشرين حجة فلم أقرعها بسوط قرعة، فإذا نفقت فادفنها لا تأكل لحمها السباع فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ما من بعير يوقف عليه موقف عرفة سبع حجج إلا جعله الله من نعم الجنة، وبارك في نسله. فلما نفقت حفر لها ابو جعفر عليه السلام ودفنها. [ 1180 ] رواه المفيد في الارشاد ص 256: عن الحسن بن محمد، عن جده،
[ 555 ]
عن أحمد بن محمد الرافعي، عن إبراهيم بن علي، عن أبيه، قال: حججت مع علي بن الحسين عليه السلام... الخبر. ورواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 76 الحديث 69. [ 1181 ] رواه المفيد أيضا في الارشاد ص 257: عن الحسن بن محمد، عن جده، عن محمد بن أحمد، عن أبيه: أن فتى من قريش جلس إلى سعيد بن المسيب... الخبر. [ 1182 ] رواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 74 الحديث 64: عن ابن عبدون، عن علي بن محمد بن الزبير، عن علي بن فضال، عن العباس بن عامر، عن أحمد بن زرق، عن أبي اسامة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليه السلام يقول: ما تجرعت... الحديث. [ 1183 ] رواه البرقي في المحاسن 547: عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، قال: كان علي بن الحسين عليه السلام يعجبه العنب. ورواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 72 الحديث 55. [ 1184 ] رواه المفيد في الارشاد ص 259: عن الحسن بن محمد، عن جده، عن داود بن القاسم، عن الحسين بن زيد، عن عمه - عمر بن علي -، عن ابيه علي بن الحسين عليه السلام... الخبر. [ 1185 ] رواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 149 الحديث 6. [ 1186 ] رواه الصدوق في أماليه ص 353: عن ابن الوليد، عن الحميري، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن الصادق جعفر بن محمد عليه السلام... الحديث. ورواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 223 الحديث 1. ورواه المفيد نصا في الارشاد ص 262. [ 1187 ] رواه المفيد في الارشاد ص 263: عن الحسن بن محمد، عن جده عن محمد بن القاسم الشيباني، عن عبد الرحمان بن صالح الازدي... الحديث.
[ 556 ]
ورواه أيضا ابن شهر آشوب في المناقب 4 / 204. والسبط الجوزي في التذكرة ص 337. والسيد هاشم البحراني 2 / 106. [ 1189 ] رواه المفيد في الارشاد ص 264: عن الحسن بن محمد، عن جده، عن الزبير بن أبي بكر، عن عبد الرحمان بن عبد الله الزهري، قال: حج هشام بن عبد الملك... الخبر. ورواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 332 الحديث 14. والسيد هاشم البحراني في حلية الابرار 2 / 107. [ 1190 ] رواه المفيد في الارشاد ص 263: عن مخول بن ابراهيم، عن قيس بن الربيع: قال: سألت أبا اسحاق... الحديث. ورواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 287 الحديث 4. [ 1191 ] رواه المفيد في الارشاد ص 262 مرسلا. [ 1192 ] رواه الشيخ الطوسي في التهذيب 6 / 325: عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، ومحمد بن اسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمان بن الحجاج، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: إن محمد بن المنكدر... الخبر. ورواه المفيد في الارشاد ص 264. والمجلسي في بحار الانوار 46 / 350 الحديث 3. [ 1193 ] رواه المفيد في الارشاد ص 266: عن أبي نعيم النجعي، عن معاوية بن هشام، عن سليمان بن فزم، قال: كان أبو جعفر... الخبر. ورواه ابن شهر آشوب في المناقب 4 / 207. [ 1194 ] رواه أيضا المفيد في الارشاد ص 266: عن الحسن بن محمد، عن جده، عن أبي نصر، عن محمد بن السين، عن أسود بن عامر، عن حيان بن علي، عن الحسن بن كثير، قال: شكوت إلى أبي جعفر... الخبر.
[ 557 ]
ورواه المجلسي في بحار الانوار 46 / 288 الحديث 6. [ 1195 ] رواه المفيد في الارشاد ص 266: عن اسحاق بن منصور السلولي، قال: سمعت الحسن بن صالح يقول: سمعت أبا جعفر محمد بن على عليه السلام يقول: ما شيب شئ بشئ أحسن من حلم بعلم. ورواه الصدوق في الخصال ص 4، وفي أماليه ص 243 بسنده عن رسول الله صلى الله عليه وآله. ورواه أيضا عن رسول الله صلى الله عليه وآله الحر العاملي في وسائل الشيعة ج 6 الحديث 12 الباب 26 ص 212. [ 1197 ] رواه الكليني في اصول الكافي (باب الاضطرار): عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن أبان، قال: أخبرني الاحول. ورواه ابن شهر آشوب في المناقب 1 / 359: عن أبي مالك الاحمسي.. الخبر. [ 1198 ] رواه المجلسي في بحار الانوار 47 / 50 الحديث 81: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن حمزة بن حمران والحسن بن زياد، قالا:... الخبر. [ 1199 ] رواه الحر العاملي في وسائل الشعية 60 / 77 الحديث 3 عن عبد الله بن الحسن، عن جده علي بن جعفر قال: قال أخي موسى عليه السلام: اني كنت مع أبي بمنى، فأتى جمرة العقبة فرأى الناس عندها وقوفا.. الخبر. ورواه عبد الله بن جعفر الحميري في قرب الاسناد ص 107. [ 1200 ] رواه الاربلي في كشف الغمة 2 / 380: عن صالح بن الاسود، قال: سمعت جعفر بن محمد عليه السلام يقول... الخبر. ورواه المجلسي في بحار الانوار 47 / 33.
[ 558 ]
[ 1202 ] رواه المجلسي في بحار الانوار 47 / 28. وابن شهر آشوب في المناقب 4 / 248. [ 1203 ] رواه المجلسي في بحار الانوار 47 / 28: وسأل سيف الدولة عبد الحميد المالكي قاضي الكوفة عن مالك، فوصفه وقال: كان جره بنده جعفر الصادق أي الربيب. وكان مالك كثيرا ما يدعي سماعه وربما قال: حدثني الثقة يعنيه عليه السلام. [ 1204 ] رواه ابن شهر آشوب في المناقب 4 / 248: عن أبي جعفر الطوسى، قال: كان ابراهيم بن أدهم ومالك بن دينار من غلمانه ودخل إليه سفيان الثوري. [ 1205 ] رواه المجلسي في بحار الانوار 47 / 29 الحديث 29. [ 1206 ] رواه الطبرسي في الاحتجاج في حديث طويل بتقديم وتأخير في الجمل ص 360. [ 1207 ] وجدت القسم الاول من الخبر - أي إلى نهاية الدعاء - في اعلام الورى ص 270 مرسلا مع تفاوت. أما القسم الاخير، قول لبابة بنت عبد الله إلى آخر الخبر في بحار الانوار 47 / 177، والمناقب 3 / 357. [ 1208 ] رواه الطبرسي في اعلام الورى ص 271. [ 1209 ] رواه المجلسي في بحار الانوار 47 / 206 الحديث 47: عن يحيى بن الحسين بن جعفر بن عبد الله بن الحسين بن علي بن أبي طالب، قال: كتب الي عباد بن يعقوب يخبرني عن محمد بن إسحاق عن أبيه، قال... الخبر بتفاوت يسير. [ 1211 ] رواه شيخنا المفيد في الارشاد ص 315: عن محمد بن علي بن حمزة، عن منصور بن بشير، عن أخيه عبد الله بن بشير، قال: أمرني المأمون أن أطول اظفاري.
[ 559 ]
ورواه الطبرسي في إعلام الورى ص 324. [ 1212 ] رواه أبو داود السجستاني في سننه 4 / 106 الحديث 4282: عن مسدد، عن يحيى، عن سفيان. وعن أحمد بن ابراهيم، عن عبيدالله بن موسى، عن فطر. وعن محمد بن العلاء، عن أبي بكر - يعني ابن عياش -. كلهم، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وآله لو لم يبق... الحديث. وفي سنن الترمذي 4 / 34 الحديث 2231: عن أبي هريرة... الحديث. ورواه محمد بن طلحة الشافعي في مطالب السؤول في مناقب آل الرسول الجزء الثاني، الباب الثاني عشر: رواه عن عبد الله بن مسعود، عن رسول الله صلى الله عليه وآله... الحديث. ورواه أيضا الحافظ القرطبي في التذكرة ص 635. والخطيب التبريزي في مشكاة المصابيح 3 / 28 الحديث 5452. والسيوطي في الحاوي في الجزء الثاني (أخبار المهدي). [ 1213 ] رواه مبارك بن محمد في جامع الاصول 11 / 49 الحديث 7811: عن علي عليه السلام، عن رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه قال... الحديث. ومحمد بن طلحة في مطالب السؤول الجزء الثاني، الباب الثاني عشر. والسبط الجوزي في تذكرة الخواص ص 364. وفي مختصر سنن أبي داود للحافظ المنذري 6 / 159 الحديث 4114. وابن كثير في النهاية 1 / 25. [ 1215 ] رواه البحراني في المحجة فيما نزل في القائم الحجة ص 221: عن محمد بن العباس، عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن الحسن بن محبوب، عن أبي جعفر الاحول، عن سلام بن
[ 560 ]
المستنير، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى... الخبر. ورواه الصدوق أيضا في كمال الدين وتمام النعمة 2 / 668. [ 1216 ] روى البحراني في البرهان 2 / 23 الحديث 1: عن أحمد بن محمد، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام، قال: سمعته يقول: ما أحسن الصبر انتظار الفرج، أما سمعت قول العبد الصالح: وانتظروا إني معكم من المنتظرين. [ 1217 ] روى المجلسي في بحار الانوار 52 / 141: عن الكليني، عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن حريز، عن زرارة، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: اعرف إمامك فانك إذا عرفته لم يضرك تقدم هذا الامر أو تأخر. [ 1218 ] رواه المجلسي في بحار الانوار 52 / 139 الحديث 48: عن محمد بن همام، عن جعفر بن محمد بن مالك، عن أحمد بن علي الجعفي، عن محمد بن المثنى الحضرمي، عن أبيه، عن عثمان بن زيد، عن جابر، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام، قال: مثل من خرج منا أهل البيت قبل قيام القائم مثل فرخ طار ووقع في كوة فتلاعبت به الصبيان. [ 1219 ] روى المجلسي في بحار الانوار 52 / 123 الحديث 7: عن أمير المؤمنين عليه السلام: الآخذ بأمرنا معنا غدا في حظيرة القدس، والمنتظر لامرنا كالمتشحط بدمه في سبيل الله. [ 1221 ] رواه يوسف بن يحيى السلمي في عقد الدرر في اخبار المنتظر ص 148: عن محمد بن سيرين. قيل له: المهدي خير، أو أبو بكر وعمر ؟ قال: هو خير منهما، ويعدل نبيا. [ 1222 ] روى المجلسي في بحار الانوار 52 / 319 الحديث الحديث 21: عن عبد الله بن جعفر، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن حريز، قال: سمعت أبا
[ 561 ]
عبد الله عليه السلام يقول: لن تذهب الدنيا حتى يخرج رجل منا أهل البيت يحكم بحكم داود وآل داود لا يسال بينة. [ 1223 ] قال أحمد بن سهل البلخي في كتابه البدء والتاريخ، الجزء الثاني، الفصل السابع ص 182: قيل لطاووس: هو المهدي الذي سمع به ؟ - يعني عمر بن عبد العزيز - قال: لا، إن هذا لا يستكمل العدل وان ذاك يستكمله. وقال عبد الرحمان السيوطي في الحاوي للفتاوي الجزء الثاني ص 154، عن طاووس: إذا كان المهدي يبذل المال، ويشتد على العمال، ويرحم المساكين. ورواه ايضا في ص 150 حيث قال: وعن طاووس، قال: علامة المهدي أن يكون شديدا على العمال، جوادا بالمال، رحيما بالمساكين. [ 1225 ] رواه بتفاوت يسير ذكرناه كما أشرنا إليه في الحديث أبو داود في سننه 6 / 108 الحديث 419: عن هارون، عن عمرو بن أبي قبيس، عن مطرف بن طريف، عن أبي الحسن، عن هلال بن عمرو، عن علي عليه السلام، قال: قال النبي صلى الله عليه وآله... الحديث. ورواه أيضا في الحديث 4122. ورواه أيضا محمد بن عبد الله التبريزي في مشكاة المصابيح 3 / 27 الحديث 5458. وعبد الرحمان السيوطي في الحاوي للفتاوي 2 / 125. [ 1229 ] رواه بتفاوت السيد مصطفى الكاظمي في بشارة الاسلام في ظهور صاحب الزمان عليه السلام ص 204: عن محمد بن علي، عن وهب بن حفص، عن ابي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام، يقول: كان أمير المؤمنين عليه السلام، يقول: لا يزال ينقصون حتى لا يقال الله... الحديث. [ 1230 ] روى علي بن موسى في الملاحم والفتن ص 80 الباب 181: عن
[ 562 ]
نعيم، عن ابن معاوية وأبو أسامة ويحيى بن اليمان، عن الاعمش، عن ابراهيم التميمي، عن أبيه، عن علي عليه السلام، قال: تنقض الفتن حتى لا يقول أحد لا إله إلا الله - وقال بعضهم: لا يقال الله الله - ثم يضرب يعسوب الدين بذنبه، ثم يبعث الله قوما قزعا كقزع الحريف وإني لاعرف اسم أميرهم ومناخ ركابهم. [ 1231 ] قال ابن أبي الحديد في شرحه لنهج البلاغة ط قديم 1 / 92: قال شيخنا أبو عثمان، وقال أبو عبيدة. وزاد فيها في رواية: جعفر بن محمد، عن آبائه عليه السلام: ألا إن ابرار عترتي وأطايب أرومتي أحلم الناس صغارا وأعلم الناس كبارا، ألا وانا أهل بيت من علم الله علمنا، وبحكم الله حكمنا، ومن قول صادق سمعنا، فان تتبعوا آثارنا تهتدوا ببصائرنا، وان لم تفعلوا يهلككم الله بأيدينا، معنا راية الحق من تبعها لحق، ومن تأخر عنها عرق، الا وبنا يدرك ترة كل مؤمن، وبنا تخلع ربقة الذل من أعناقكم، وبنا فتح لا بكم، ومنا يختم لا بكم. وروى قريبا منه المجلسي في بحار الانوار 51 / 75 الحديث 29 عن رسول الله صلى الله عليه وآله. [ 1232 ] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 310 الحديث 561: عن محمد بن أبي القاسم الزورني، وغيره، عن عبد الله بن عمر الصفار. وعن عثمان بن الموفق، عن عبد الحميد بن محمد بن ابراهيم الخوارزمي، عن الحسن بن أحمد، عن أبي علي الحسن، عن أحمد بن عبد الله، عن أحمد بن جعفر بن مالك، عن عبد الله بن أحمد، عن أبيه، عن عبد الرزاق، عن جعفر بن سليمان، عن المعلى بن زياد، عن العلاء بن بشر، عن بكر بن عمرو، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ابشركم بالمهدي ببعث في أمتى على اختلاف
[ 563 ]
من الناس... الحديث. ورواه المتقي الهندي في كنز العمال ج 14 الحديث 38653. ورواه محمد صديق حسن الفتوحي في الاذاعة ص 143. والمجلسي في بحار الانوار 51 / 74 الحديث 23. ويوسف بن يحيى في عقد الدرر في أخبار المنتظر ص 156 و 164. [ 1236 ] رواه ابن ماجة في سننه 2 / 34 الحديث 4088: عن حرملة بن يحيى البصري وابراهيم بن سعيد الجوهري، قالا: حدثنا عبد الغفار بن داود الحراني، عن ابن لهيعة، عن ابي زرعة، عن عبد الله بن الحرث، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يخرج ناس من المشرق فيوطئون للمهدي " يعني سلطانه. ورواه الجويني في فرائد السمطين الجزء الثاني الحديث 584. وابن كثير في النهاية الجزء الاول. والسيوطي في الفتاوى 2 / 137. والمتقي الهندي في كنز العمال ج 14 الحديث 38657. [ 1241 ] رواه المجلسي في بحار الانوار 52 / 366 الحديث 147 رواه: عن الكناسي، عن أبي بصير، عن كامل، عن أبي جعفر... الحديث. والحديث 148: عن عبد الواحد، عن محمد بن جعفر القرشي، عن ابن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام... الحديث نصا. [ 1242 ] نقل المجلسي نبذا من الرواية في بحار الانوار 51 / 121. [ 1243 ] روى يوسف بن يحيى في عقد الدرر في أخبار المنتظر ص 227: عن عبد الله بن عطاء، قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي الباقر، فقلت: إذا خرج المهدي بأي سيرة يسر ؟ قال: يهدم ما قبله، كما صنع رسول الله صلى الله عليه وآله، ويستأنف الاسلام جديدا. وروى المجلسي في بحار الانوار 52 / 340 الحديث 88: قال أبو
[ 564 ]
عبد الله عليه السلام للمفضل بن عمر: لو كان هذا الامر إلينا لما كان إلا عيش رسول الله صلى الله عليه وآله وسيرة أمير المؤمنين عليه السلام. [ 1244 ] روى المجلسي في بحار الانوار 52 / 340 الحديث 90: عن ابن بكير، قال: سألت أبا الحسن عليهالسلام عن قوله " وله أسلم من في السماوات والارض طوعا وكرها ". قال: انزلت في القائم عليه السلام إذا خرج باليهود والنصارى والصابئين والزنادقة وأهل الردة والكفار في شرق الارض وغربها، فعرض عليهم الاسلام فمن اسلم طوعا أمره بالصلاة والزكاة، وما يؤمر به المسلم، ويجب لله عليه، ومن لم يسلم ضرب عنقه حتى لا يبقى في المشارق والمغارب أحد إلا وحد الله... الحديث. [ 1246 ] رواه المجلسي في بحار الانوار 52 / 375 الحديث 175 الكليني: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن الاحول، عن سلام بن المستنير، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يحدث: إذا قام القائم عليه السلام عرض الايمان... الحديث. [ 1248 ] رواه يوسف بن يحيى في عقد الدرر في أخبار المنتظر ص 223: عن حذيفه بن اليمان (ره) أنه قال: لا يفتح... الحديث. [ 1251 ] رواه ابن حجر في الفتاوى الحديثة ص 39: أخرج الرواياني في مسنده وأبو نعيم، أنه صلى الله عليه وآله قال: المهدي رجل من ولدي... الحديث. ورواه السيوطي في الحاوي للفتاوي، الجزء الثاني - أخبار المهدي -. والسفاريني في لوائح الانوار البهية، الجزء الثاني - أخبار المهدي - الفائدة الاولى. [ 1253 ] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 330 الحديث 582: عن أبي
[ 565 ]
نعيم، عن الوليد، عن سعيد، عن قتادة، عن أبي نصرة، عن أبي سعيد الخدري... الحديث. ورواه محمد بن عبد الله في مشكاة المصابيح 3 / 28 الحديث 5454. وابن الاثير في النهاية 1 / 27. والسيوطي في الفتاوى الحديثة 2 / 123. ورواه المتقي الهندي في كنز العمال الجزء الرابع عشر الحديث 38665. والقاري في مرقاة المفاتيح ص 180. [ 1254 ] روى يوسف بن يحيى في عقد الدرر ص 41: عن الباقر، قال: سئل أمير المؤمنين عليه السلام، عن صفة المهدي. فقال: هو شاب مربوع حسن الوجه يسيل شعره على منكبيه يعلو نور وجهه سواد شعره ولحيته ورأسه. [ 1258 ] رواه محمد صديق في الاذاعة ص 25: عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال للنبي صلى الله عليه وآله: أمنا المهدي أم من غيرنا ؟.. الحديث. ورواه يوسف بن يحيى في عقد الدرر ص 25. وابن حجر في الصواعق المحرقة ص 161. [ 1259 ] رواه اجويني في فرائد السمطين 2 / 331 الحديث 583: عن علي بن ابي عبد الله، عن محمد بن ناصر، عن أبي الحسن بن المبارك، عن الحسن بن أحمد، عن عثمان بن أحمد، عن عبد الملك بن محمد، عن أبي نعيم، عن أبي عمرو بن حمدان، عن الحسن بن سفيان، عن ابن نمير، عن ابيه، عن علي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: المهدي منا.. الحديث. ورواه القرطبي في التذكرة ص 616: عن أبي نعيم، عن محمد بن الحنفية، عن أبيه علي عليه السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه
[ 566 ]
وآله... الحديث. ورواه المجلسي في بحار الانوار 51 / 86. [ 1260 ] رواه الجويني في فرائد السمطين 2 / 328 الحديث 578: عن علي بن أنجب، عن عبد الله بن عمر الصفار، عن عبد الرحيم بن عبد الكريم القشيري، عن عبد الكريم بن هوازن، عن أبي سعيد الاسماعيلي، عن أبي محمد بن أحمد، عن عبد الله بن غنام، عن محمد بن العلاء، عن إسحاق بن منصور، عن سليمان بن قرم، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله، قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: لا تنقضي الدنيا حتى يلي امتى رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي. [ 1261 ] رواه المتقي في كنز العمال الجزء الرابع عشر الحديث 38708. والخطيب العمري في مشكاة المصابيح 3 / 27 الحديث 5457. ورواه يوسف بن يحيى في عقد الدرر في أخبار المنتظر ص 17 و 48 و 60. وابن البطريق في العمدة ص 436. والحاكم في المستدرك 4 / 465. والسيد مصطفى في بشارة الاسلام ص 21. والكنجي في كفاية الطالب ص 493. [ 1262 ] رواه بتفاوت يسير يوسف بن يحيى المقدسي الشافعي في عقد الدرر في أخبار المنتظر ص 219: عن التميم الداري... الحديث. وأخرجه أبو إسحاق الثعلبي في عرائس المجالس ص 186. [ 1263 ] روى المقدسي الشافعي في عقد الدرر ص 40: عن كعب، قال: إنما سمى المهدي لانه يهدي إلى أمر خفي ويستخرج التوراة والانجيل من أرض يقال لها انطاكية. [ 1265 ] روى السيوطي في الحاوي للفتاوي 2 / 138: عن نعيم بن حماد في كتاب الفتن بسند صحيح على شرط مسلم، عن علي، قال: الفتن أربع: فتنة ا السراء وفتنة الضراء وفتنة كذا، فذكر معدن الذهب، ثم
[ 567 ]
يخرج رجل من عترة الرسول صلى الله عليه وآله يصلح على يديه أمرهم. رواه يوسف بن يحيى في عقد الدرر في أخبار المنتظر ص 57. [ 1268 ] روى ابن أبي الحديد في شرحه لنهج البلاغة ط قديم 1 / 92، القسم الثاني من الرواية (أعني: الا إن أبرار عترتي... الخ): عن أبي عثمان... الحديث. وقد مر الحديث في الجزء الرابع عشر فراجع. [ 1273 ] رواه يوسف بن يحيى في عقد الدرر في أخبار المنتظر ص 23: عن قتادة، قال: قلت لسعيد بن المسيب: أحق المهدي ؟... الحديث. [ 1274 ] رواه ابن ماجة في سننه 2 / 24 الحديث 4086: عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن أحمد بن عبد الملك، عن أبي المليح الرقي، عن زياد بن بيان، عن علي بن نفيل، عن سعيد بن المسيب، قال: كنا عند ام سلمة فتذاكرنا المهدي، فقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: المهدي من ولد فاطمة. ورواه حمد بن محمد في معالم السنن ص 344. والبغوي في مصابيح السنة 1 / 193. والخطابي في مختصر سنن أبي داود 6 / 159 الحديث 4115. ومحمد بن أبي بكر الدمشقي في المنار المنيف في الصحيح والضعيف ص 146 الحديث 334. [ 1275 ] روى المجلسي في بحار الانوار، باسناده عن محمد بن أحمد الابادي يرفعه إلى أمير المؤمنين، قال: المستضعفون في الارض المذكورون في الكتاب الذين يجعلهم أئمة نحن أهل البيت يبعث الله مهديهم، فيعزهم، ويذل عدوهم. [ 1278 ] رواه المجلسي في بحار الانوار 51 / 29 الحديث 3: عن سعد، عن الحسن بن علي الكوفي، عن عبد الله بن المغيرة، عن سفيان بن
[ 568 ]
عبد المؤمن الانصاري، عن عمرو بن شمر، عن جابر، قال: أقبل رجل إلى أبي جعفر وأنا حاضر، فقال: رحمك الله اقبض هذه الخمسمائة درهم، فضعها في مواضعها، فانها زكاة مالي. فقال أبو جعفر عليه السلام: بل خذها أنت فضعها في جيرانك والايتام والمساكين وفي إخوانك من المسلمين، إنما يكون هذا إذا قام قائمنا فانه يقسم بالسوية... الخبر. [ 1281 ] روى المجلسي في بحار الانوار 51 / 133 الحديث 3: عن الهمداني، عن علي، عن أبيه، عن عبد السلام الهروي، عن وكيع بن الجراح، عن الربيع بن سعد، عن عبد الرحمان بن سليط، قال: قال الحسين بن علي عليه السلام: منا اثنا عشر مهديا أولهم أمير المؤمنين علي بن ابي طالب، وآخرهم التاسع من ولدي وهو الامام بالحق يحيي الله به الارض بعد موتها، ويظهر به دين الحق على الدين كله، ولو كره المشركون... الحديث. [ 1283 ] رواه السيوطي في الحاوي للفتاوي 2 / 61: عن نعيم، عن عبد الله بن عمرو، قال: يكون بعد الجبارين الجابر يجبر الله به امة محمد صلى الله عليه وآله، ثم المهدي، ثم المنصور، ثم السلام، ثم أمير العصب، فمن قدر على الموت بعد ذلك فليمت. [ 1285 ] رواه علي بن أبي بكر الهيثمي في موارد الضمان - ما يقرب منه - ص 464 الحديث 1881: عن أبي علي، عن محمد بن يزيد، عن وهب بن جرير، عن هشام بن ابي عبد الله، عن قتادة، عن صالح، عن مجاهد، عن أم سلمة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله.. الحديث. ورواه الخطيب العمري في مشكاة المصابيح 3 / 27 الحديث 5456. والمنذري في مختصر سنن ابي داود 6 / 160 الحديث 4117.
[ 569 ]
[ 1286 ] رواه ابن ماجة في سننه 2 / 25 الحديث 4082: عن عثمان بن أبي شيبة، عن معاوية بن هشام، عن علي بن صالح، عن يزيد بن أبي زياد، عن ابراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وآله إذ أقبل فتية من بني هاشم... الحديث. ورواه القرطبي في التذكرة ص 616 و 614. وابن قيم الجوزية في المنار المنيف في الصحيح والضعيف ص 149. وابن الصباغ في الفصول المهمة الفصل الثاني عشر. والسيوطي في الحاوي للفتاوي 2 / 127. وابن حجر في الصواعق المحرقة ص 162. ويوسف بن يحيى في عقد الدرر في أخبار المنتظر ص 124. [ 1287 ] روى القندوزي في ينابيع المودة ص 424: عن كتاب المحجة، عن أبي بصير قال: قال جعفر الصادق عليه السلام: ما كان قول لوط عليه السلام لقومه: " لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد " إلا تمنيا لقوة القائم المهدي وشدة أصحابه، وهم الركن الشديد، فان الرجل منهم يعطى قوة أربعين رجلا، وان قلب رجل منهم أشد من زبر الحديد، لو مروا بالجبال الحديد لتدكدكت، لا يكفون سيوفهم حتى يرضى الله عزوجل. [ 1292 ] روى محمد بن أبي القاسم الطبري في بشارة المصطفى لشيعة المرتضى ص 87: عن عمر بن محمد. وحميد بن محمد بن أحمد الثقفي، عن محمد بن عبد الرحمان العلوي، عن جعفر بن محمد الجعفري، وزيد بن جعفر، عن محمد بن القاسم المحاربي، عن الحسن بن محمد بن عبد الواحد، عن حرب بن الحسن الطحان، عن يحيى بن مساور، عن بشير النبال وكان يبري النبل: قد اشتريت بعيرا نضوا، فقال لي قوم: يحملك وقال قوم: لا يحملك. فركبت ومشيت حتى وصلت المدينة، وقد تشقق وجهي ويداي ورجلاي، فأتيت باب أبي جعفر
[ 570 ]
عليه السلام، فقلت: يا غلام استأذن لي عليه. قال: فسمع صوتي، فقال: ادخل يا بشير مرحبا، ما هذا الذى أرى بك ؟ فقلت: جعلت فداك اشتريت بعيرا نضوا، فركبت ومشيت، فشقق وجهي ويداي ورجلاي. فقال: فما دعاك إلى ذلك. قلت: حبكم والله جعلت فداك. قال: إذا كان يوم القيامة قزع رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الله وقزعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وقزعتم الينا. فالى أين ترون نذهب بكم ؟ إلى الجنة ورب الكعبة، إلى الجنة ورب الكعبة. [ 1293 ] رواه مضمونا الطبري في بشارة المصطفى لشيعة المرتضى ص 47: عن محمد بن أحمد بن شهريار، عن محمد بن محمد البرسي، عن عبيدالله بن محمد الشيباني، عن محمد بن الحسين، عن علي بن العباس البجلي، عن جعفر بن محمد الرماني، عن الحسن بن الحسين العابد، عن الحسين بن علوان، عن ابي حمزه الثمالي، عن الباقر عليه السلام، قال: إن الله تبارك وتعالى يبعث شيعتنا يوم القيامة من قبورهم على ما كان منهم من الذنوب والعيوب ووجوههم.. الخبر. [ 1294 ] رواه الصدوق في أماليه ص 500 الحديث 4: عن محمد بن الحسن، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن أبي عمير، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام... الحديث. ورواه النيسابوري في روضة الواعظين 2 / 295. ورواه المجلسي في بحار الانوار 7 / 303. [ 1295 ] روى المجلسي في بحار الانوار 52 / 126 الحديث 18: عن علي بن
[ 571 ]
النعمان، عن إسحاق بن عمار وغيره، عن الفيض بن المختار، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: من مات منكم وهو منتظر لهذا الامر كمن هو مع القائم في فسطاطه. قال: ثم مكث هنيئة، ثم قال: لا بل كمن قارع معه بسيفه. ثم قال: لا والله إلا كمن استشهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله. [ 1296 ] رواه البحراني في تفسير البرهان 4 / 292 الحديث 11: عن محمد بن يعقوب، باسناده، عن عبد الله بن مسكان، عن مالك الجهني، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: يا مالك أما ترضون... الخبر. [ 1298 ] رواه البحراني في البرهان في تفسير القرآن 4 / 292 الحديث 2: عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن حمزة بن عبد الله الجعفري، عن جميل بن دراج، عن عمرو بن مروان، عن الحارث بن حصيرة، عن زيد بن أرقم، عن الحسين بن علي عليه السلام، قال: ما من شيعتنا... الخبر. [ 1299 ] رواه البحراني في البرهان 4 / 455 الحديث 3 - بتفاوت -: عن ابن بابويه، عن أحمد بن أبي جعفر البيهقي، عن علي بن محمد بن مهرويه، عن داود بن سليمان، عن علي بن موسى، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا كان يوم القيامة ولينا حساب شيعتنا... الخبر. ورواه المجلسي في بحار الانوار 7 / 274 الحديث 48. [ 1300 ] ذكره السيد العاملي في أعيان الشيعة 3 / 582، عن تفسير العياشي: عن بشير الدهان، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: عرفتم في منكرين كثير واحببتم في مبغضين كثير وقد يكون حب في الله ورسوله فثوابه على الله... الحديث. [ 1301 ] روى ابن شهر آشوب في المناقب 2 / 162: عن طارق، قال
[ 572 ]
أمير المؤمنين عليه السلام: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لاقمعن بيدي هاتين من الحوض أعداءنا إذ أوردته أحباؤنا. [ 1302 ] روى الطبري في بشارة المصطفى ص 193: عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي: يا علي، إن عن يمين العرش لمنابر من نور ومواسيد من نور فإذا كان يوم القيامة جئت أنت وشيعتك تجلسون على تلك المنابر تأكلون وتشربون، والناس في الموقف يحاسبون. [ 1303 ] رواه الحبري في ما نزل من القرآن في علي عليه السلام ص 68: عن اسماعيل بن أبان، عن فضيل بن الزبير، عن أبي داود السبيعي، عن أبي عبد الله الجدلي، قال: دخلت على علي عليه السلام فقال: يا أبا عبد الله الا احدثك... الخبر. [ 1304 ] روى البحراني في البرهان 3 / 187 الحديث 10: عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن أبي اسامة، عن أبي عبد الله وأبي جعفر عليهما السلام، أنهما قالا: والله لنشفعن من المذنبين من شيعتنا حتى يقول أعداؤنا إذا رأوا ذلك " فمالنا من شافعين... الاية ". وقال أيضا: عن أبي علي الطبرسي، باسناده عن حمران بن أعين، عن الصادق عليه السلام، قال: والله لنشفعن لشيعتنا - ثلاث مرات - حتى يقول الناس " فمالنا من شافعين... الاية ". [ 1305 ] روى البحراني في البرهان 3 / 73، الحديث 3: عن محمد بن العباس، عن حميد بن زياد، باسناده يرفعه إلى أبي جميلة، عن عمرو بن رشيد، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال في حديث: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إن عليا وشيعته يوم القيامة على كثبان
[ 573 ]
المسك الاذفر، يفزع الناس ولا يفزعون ويحزن الناس ولا يحزنون وهو قول الله عزوجل " لا يحزنهم الفزع الاكبر. الاية ". ورواه أيضا المجلسي في بحار الانوار 7 / 185 الحديث 35. [ 1306 ] رواه الطبري في بشارة المصطفى لشيعة المرتضى ص 89: عن محمد بن محمد - المفيد -، عن محمد بن عمر الجعابي، عن أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، عن محمد بن القاسم الحارثي، عن أحمد بن صبيح، عن محمد بن اسماعيل الهمداني، عن الحسين بن مصعب، قال: سمعت جعفر بن محمد عليه السلام يقول: من أحبنا وأحب محبنا لا لغرض من الدنيا يصيبها منه... الخبر. [ 1307 ] رواه الطبري في بشارة المصطفى لشيعة المرتضى ص 180: عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن أبي عبداله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام، عن آبائه، عن أمير المؤمنين عليه السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله... الحديث مفصلا. [ 1309 ] راجع الحديث 81، الجزء الاول. [ 1310 ] راجع الحديث 91. [ 1311 ] راجع الحديث 861، الجزء الثاني. [ 1312 ] رواه المفيد في الارشاد ص 28: عن الحسن بن حمزة، عن أحمد بن عبد الله، عن ابيه، عن داود بن النعمان، عن عمرو بن المقدام، عن أبيه، عن الحسن بن علي... الخبر. [ 1314 ] روى ابن شهر آشوب في المناقب 2 / 162: عن أبي رافع من خمسة طرق، قال النبي صلى الله عليه وآله: يا علي ترد علي الحوض وشيعتك رواء مرويين، ويرد عليك عدوك ظماء مقمحين. [ 1315 ] روى المفيد في الاختصاص ص 102: أن أبي بصير، عن أبي
[ 574 ]
عبد الله الصادق عليه السلام، قال في حديث طويل ذكر في آخره، قال: قال علي بن الحسين عليه السلام: ليس على فطرة الاسلام غيرنا وغير شيعتنا، وسائر الناس من ذلك براء. [ 1316 ] روى الطبري في بشارة المصطفى ص 184: عن أبي محمد الفحام، عن المنصوري، عن عم أبيه موسى بن عيسى بن أحمد، عن عمر بن موسى بن عيسى بن أحمد، عن علي بن محمد، عن أبيه، عن موسى بن جعفر عليه السلام قال: قال الصادق عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي إن الله عزوجل قد غفر لك ولشيعتك ولمحبي شيعتك. [ 1317 ] رواه المفيد في أماليه ص 208: عن محمد بن عمر الجعابي، عن أحمد بن محمد بن سعيد، عن أبي عوانة، عن موسى بن يوسف بن يوسف القطان، عن أحمد بن يحيى الازدي، عن اسماعيل بن أبان، عن علي بن هاشم بن بريد، عن أبيه، عن عبد الرزاق بن قيس الرحبي. قال: كنت جالسا مع علي بن أبي طالب على باب القصر... الخبر. ورواه الطبري في بشارة المصطفى ص 50. [ 1318 ] روى الطبري في بشارة المصطفى ص 43: القسم الاخير من الحديث: عن عمر بن ابراهيم، عن سعيد بن محمد عن محمد بن علي بن الحسين، عن محمد بن الحجاج الجعفي، عن زيد بن محمد، عن علي بن الحسين بن عبيد، عن اسماعيل بن أبان الازدي، عن عمرو بن ثابت، عن ميسرة بن حبيب، عن علي بن الحسين عليه السلام، قال: إنا يوم القيامة آخذون بحجزة نبينا، وان شيعتنا آخذون بحجزتنا. [ 1319 ] رواه الصدوق في الخصال 1 / 254 الحديث 128: عن علي بن محمد بن الحسن، عن عبد الله بن زيدان، عن الحسن بن محمد، عن حسن بن حسين، عن يحيى بن مساور، عن أبي خالد، عن زيد بن
[ 575 ]
علي، عن آبائه، عن علي عليه السلام، قال: شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله... الحديث. [ 1320 ] رواه الطبري - بتفاوت - في بشارة المصطفى ص 154: عن أبي الحسين بن أبي الطيب، عن أحمد بن أبي القاسم الفارسي، عن عيسى بن مهران، عن مخول بن ابراهيم، عن جابر الجعفي، عن عبيدالله بن شريك عن الحارث، قال: أتيت أمير المؤمنين... الخبر. [ 1323 ] روى الطبري في بشارة المصطفى ص 153: عن أبي عبد الله بن أحمد، عن عبد الله بن محمد بن يعقوب، عن محمد بن الحسين بن حفص، عن أحمد بن عثمان، عن قصبة، عن سوار الاعمى، عن داود بن أبي عوف، عن محمد بن عمير، عن فاطمة، عن ام سلمة... الحديث بتفاوت. [ 1324 ] رواه ابن المغازلي في مناقبة ص 293 الحديث: 335: عن محمد بن اسماعيل العلوي، عن عبد الله بن محمد، عن أحمد بن علي الرازي، عن علي بن الحسين، عن إسماعيل بن أبان الازدي، عن عمرو بن حريث، عن داود بن سليك، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله... الحديث. [ 1325 ] راجع الحديث 1304. [ 1326 ] روى الطبري في بشارة المصطفى ص 107 القسم الاخير من الرواية... سمعت عليا يقول: والله لو صببت الدنيا على المنافق صبا ما أحبني، ولو ضربت بسيفي هذا خيشوم المؤمن لاحبني... الحديث. [ 1328 ] رواه الطبري في بشارة المصطفى ص 62: عن الحسن بن محمد، عن محمد بن الحسن الطوسي، عن محمد بن محمد بن النعمان، عن عثمان الدقاق، عن جعفر بن محمد بن مالك، عن أحمد بن يحيى الازدي، عن مخول بن ابراهيم، عن الربيع بن المنذر، عن أبيه، عن
[ 576 ]
الحسين بن علي عليه السلام... الحديث. ورواه بطريق آخر في ص 104. [ 1329 ] روى البحراني في البرهان 1 / 565 الحديث 4: عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن النضر، عن يحيى الحلبي، عن ابن مسكان، عن زرارة، قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام وأنا جالس عن قول الله: " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها " يجري لهؤلاء ممن لا يعرف منهم هذا الامر ؟ فقال: انما هي للمؤمنين خاصة... الخبر. [ 1330 ] رواه الطبري في بشارة المصطفى ص 161: عن ابراهيم بن أحمد، عن محمد بن العيص، عن هشام بن عمار، عن خالد بن عبد الله الطحان، عن أيوب السجستاني، عن أبي قلابة الحوبي، قال: سألت ام سلمة... الحديث. [ 1331 ] راجع الحديث 1292. [ 1333 ] روى الطبري في بشارة المصطفى ص 162: عن أبي الحسين ابن أبي الطيب، عن أحمد بن أبي القاسم القرشي، عن عيسى بن مهران، عن اسماعيل بن امية، عن عنيسة العابد، عن جابر بن عبد الله، عن الباقر عليه السلام: كنا جلوسا معه فتلا رجل هذه الاية " كل نفس... "، فقال رجل: ومن أصحاب اليمين ؟ قال عليه السلام: شيعة علي بن أبي طالب عليه السلام. [ 1334 ] رواه الطبري في بشارة المصطفى ص 63: عن محمد بن أحمد بن شهريار، عن محمد بن محمد بن الحسين، عن الحسن بن محمد بن عبد الله التميمي، عن علي بن الحسين بن سفيان، عن عباد بن يعقوب، عن يحيى بن بستان، عن أبي اسحاق، عن عاصم بن ضمرة، والحارث عن علي عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله.. الحديث.
[ 577 ]
[ 1335 ] رواه المجلسي في بحار الانوار 24 / 112 الحديث 4: عن الكليني، باسناده عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: اتقوا على دينكم واحجبوه بالتقية، فانه لا إيمان لمن لا تقية له، انما أنتم في الناس كالنحل في الطير، لو أن الطير يعلم ما في أجواف النحل ما بقي منها شئ إلا أكلته، ولو أن الناس علموا ما في أجوافكم أنكم تحبونا أهل البيت لاكلوكم بألسنتهم ولنحلوكم في السر والعلانية، رحم الله عبدامنكم كان على ولايتنا. [ 1336 ] روى الطبري في بشارة المصطفى ص 143: عن الحسن بن الحسين بن بابويه، عن محمد بن بابويه، عن محمد بن عيسى، عن عبد الله بن جعفر، عن ابراهيم بن هاشم، عن اسماعيل بن مراد، عن يونس بن عبد الرحمان، عن كليب بن معاوية الاسدي، قال: سمعت أبا عبد الله يقول: أما أنكم والله لعلى دين الله ودين ملائكته، فأعينونا على ذلك بورع واجتهاد، عليكم بالصلاة عليكم بالورع. [ 1337 ] روى الطبري في بشارة المصطفى ص 143: عن محمد بن الحسن بن الحسين، عن محمد بن علي، عن محمد بن علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن اسماعيل بن مرار، عن يونس بن عبد الرحمان، عن يحيى الحلبي، عن أبي المعزي، عن يزيد بن خليفة، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام - ونحن عنده -: نظر الله واخترتم ما اختار الله... الحديث. [ 1338 ] روى النيسابوري في روضة الواعظين ص 294: قال أبو جعفر: إنما شيعة علي عليه السلام: الشاحبون الناحلون الذابلون، ذابلة شفاههم، خمصة بطونهم، متغيرة ألوانهم، مصفرة وجوههم، إذا جنهم الليل اتخذوا الارض فراشا، واستقبلوا الارض بجباههم، كثيرة سجودهم، كثيرة دموعهم، كثير دعاؤهم، كثير بكاؤهم، يفرح الناس وهم يحزنون.
[ 578 ]
[ 1339 ] روى الخوارزمي في المناقب ص 235: عن جعفر بن محمد، آبائه، عن علي عليه السلام، أن النبي صلى الله عليه وآله قال له: إن في السماء حرسا وهم الملائكة... الحديث. [ 1341 ] رواه المجلسي في بحار الانوار 6 / 235 الحديث 50: عن ابن أبي نجران والبزنطي عن عاصم بن حميد، عن أبي بصير، عن أحدهما عليهما السلام... الحديث. [ 1342 ] روى الصدوق في أماليه ص 257 الحديث 11: عن محمد بن أحمد، عن محمد بن أبي بكر الواسطي، عن عبد الله بن يوسف، عن أبي اسحاق، عن سفيان الثوري. والاعمش، عن عبد الله بن السائب، عن زادان، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن لله ملائكة سياحين في الارض يبلغوني عن أمتي السلام. [ 1345 ] رواه الطبري في بشارة المصطفى ص 81: عن محمد بن محمد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن حمزة، عن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن عبد الله بن الوليد، قال: دخلنا على أبي عبد الله في زمن بني مروان، فقال: ممن أنتم... الخبر. [ 1347 ] روى البحراني في البرهان 1 / 255 الحديث الاول: محمد بن يعقوب، عن علي بن ابراهيم، عن محمد بن عيسى، عن أيوب بن الحر عن أبي بصير، عن أبي عبد الله في قول الله تعالى " ومن يؤتى الحكمة... ". فقال طاعة الله ومعرفة الامام. [ 1348 ] روى الطبري في بشارة المصطفى ص 184: عن أبي محمد الفحام، عن المنصوري، عن موسى بن عيسى بن أحمد، عن عمر بن موسى، عن علي بن محمد، عن أبيه عليه السلام، عن موسى بن جعفر عليه
[ 579 ]
السلام، عن الصادق عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي، إن الله عزوجل قد غفر لك ولشيعتك، ولمحبي شيعتك، فأبشر. [ 1350 ] رواه البحراني في البرهان 3 / 24 الحديث 2 مفصلا: عن علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن عبد الله بن شريك العامري، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: سال علي عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وآله عن تفسير قوله " يوم نحشر المتقين... "... الحديث. [ 1353 ] روى النيسابوري في روضة الواعظين ص 296: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله تعالى يبعث اناسا وجوههم من نور على كراسي من نور عليهم ثياب من نور في ظل العرش بمنزلة الانبياء وليسوا بالانبياء وبمنزلة الشهداء وليسوا بالشهداء. فقال: رجل: أنا منهم يا رسول الله ؟ قال صلى الله عليه وآله: لا. قال الآخر: أنا منهم، يا رسول الله ؟ قال: لا. قيل: من هم يا رسول الله ؟ قال: فوضع يده على رأس علي - وقال: هذا وشيعته. [ 1356 ] رواه المفيد في الاختصاص ص 101 مفصلا: محمد بن الحسن بن أحمد، عن الحسن بن متيل، عن ابراهيم بن اسحاق النهاوندي، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبي سليم الديلمي عن أبي بصير، قال: أتيت أبا عبد الله عليه السلام، بعد أن كبر سني وقد أجهدني النفس... الخبر. [ 1357 ] رواه الطبري في بشارة المصطفى ص 159: عن أحمد بن أبي جعفر
[ 580 ]
البيهقي، عن علي بن جعفر المدني، عن عبد الله بن محمد المروزي، عن لويز المصيصي، عن سفيان بن عيينة، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال... الحديث. ورواه المجلسي في بحار الانوار 8 / 149 الحديث 81. [ 1359 ] روى محمد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات ص 20، الحديث 2: عن عمران بن موسى، عن ابراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي، عن محمد بن سنان، عن اسماعيل بن جابر، وكرام، عن محمد بن مضارب، عن ابي عبد الله عليه السلام، قال: إن الله جعلنا من عليين... الحديث بتفاوت. وروى في ص 171: عن علي بن الحسين في حديث طويل بهذا المضمون. [ 1360 ] رواه الطبري في بشارة المصطفى ص 46: عن محمد بن أحمد بن شهريار، عن محمد بن محمد البرسي عن عبيدالله بن محمد، عن محمد بن الحسين، عن علي بن العباس البجلي، عن جعفر بن محمد الرماني، عن الحسن بن الحسين العابد، عن الحسين بن علوان، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام، قال: إن الله تبارك وتعالى يبعث شيعتنا يوم القيامة من قبورهم... الحديث. ورواه الدولابي في الذرية الطاهرة ص 168 الحديث 227: عن أحمد بن يحيى، عن يحيى بن محمد، عن محمد بن علي الكندي، عن محمد بن سالم، عن جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي... الحديث. [ 1362 ] روى المجلسي في بحار الانوار 44 / 59: عن أبي الفرج الاصفهاني، عن محمد بن أحمد، عن الفضل بن الحسن البصري، عن أبي عمرويه، عن مكي بن ابراهيم، عن السري بن اسماعيل، عن
[ 581 ]
الشعبي، عن سفيان، قال: أتيت الحسن بن علي...، فقال: فأبشر يا سفيان فاني سمعت عليا عليه السلام يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: يرد علي الحوض أهل بيتي ومن أحبهم من امتي كهاتين - يعني السبابتين - أو كهاتين - يعني السبابة والوسطى - إحداهما تفضل على الاخرى. [ 1363 ] رواه المجلسي في بحار الانوار 37 / 76 الحديث 42: يرفعه إلى عمار بن ياسر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لما اسري بي إلى السماء أوحى الله إلي... الحديث. [ 1364 ] روى الحبري في ما نزل من القرآن في علي ص 90: عن حسن بن حسين، عن يان، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس " إن الذين آمنوا وعملوا... الاية " في علي عليه السلام وشيعته. [ 1365 ] رواه البحراني في البرهان 4 / 20 الحديث 1: عن علي بن ابراهيم، عن أبي العباس، عن محمد بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن النضر بن سويد، عن سماعة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر، أنه قال: ليهنكم الاسم... الحديث. [ 1368 ] راجع الحديث 1300. [ 1369 ] روى الامين العاملي في أعيان الشيعة المجلد الثاني ص 441 مرسلا: عن أبي بصير، قال أبو عبد الله عليه السلام: من ينشدنا شعر أبي هريرة ؟ قلت: جعلت فداك إنه كان يشرب. فقال: رحمه الله، وما ذنب يغفره الله لولا بغض. [ 1371 ] رواه البحراني في البرهان 3 د 364 الحديث 12: عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن ابن أبي حمزة، عن زكريا المؤمن، عن أبي سلام، عن سورة بن كليب، قال: قلت لابي جعفر
[ 582 ]
عليه السلام: ما معنى قوله عزوجل " ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا... "... الحديث بتفاوت. [ 1372 ] رواه بتفاوت الطبري في بشارة المصطفى ص 91: عن الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي، عن أبيه، عن محمد بن محمد بن النعمان، عن محمد بن عمر الجعابي، عن احمد بن محمد بن سعيد الهمداني، عن الحسن بن عتبة، عن أحمد بن النصر، عن ممد بن الصامت الجعفي، قال: كنا عند أبي عبد الله عليه السلام جماعة من البصريين فحدثهم بحديث أبيه، عن جابر بن عبد الله في الحج املاه عليهم، فلما قاموا، قال أبو عبد الله عليه السلام: إن الناس أخذوا يمينا وشمالا وانكم لزمتم صاحبكم.. الحديث. [ 1373 ] رواه البحراني في البرهان 2 / 108: عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن أبي فضال، عن علي بن عقبة بن خالد، قال: دخلت أنا ومعلى بن خنيس على أبي عبد الله عليه السلام فأذن لنا وليس وهو في مجلسه.. الحديث. [ 1374 ] رواه مفصلا الطبري في بشارة المصطفى ص 187: عن أبي محمد الفحام قال: دخل سماعة بن مهران على الصادق عليه السلام، فقال: يا سماعة من شر الناس ؟ قال: نحن يابن رسول الله. قال: فغضب عليه السلام.. الحديث. [ 1375 ] رواه البحراني في البرهان 3 / 174 الحديث 2: عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن سليمان بن خالد، قال: كنت في محل أقرأ، إذ ناداني أبو عبد الله عليه السلام: اقرأ يا سليمان - وأنا في هذه الايات التي في آخر تبارك " والذين لا يدعون... "... الحديث.
[ 583 ]
[ 1376 ] رواه البحراني في البرهان 1 / 364 الحديث 6: عن العياشي، عن ميسر، قال: كنت أنا وعلقمة الحضرمي وأبو حسان العجلي وعبد الله بن عجلان ننتظر أبا جعفر عليه السلام... الحديث. [ 1377 ] رواه البحراني في البرهان 3 / 233 الحديث 22: عن ابن بابويه، عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن أبيه، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: اجعلوا أموركم لله ولا تجعلوه للناس.. الحديث. [ 1378 ] رواه البحراني في البرهان 2 / 318 الحديث 6: عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام، قال: من اتقى الله منكم وأصلح فهو منا أهل البيت. قلت: منكم أهل البيت ؟ قال: منا أهل البيت. [ 1380 ] راجع الحديث 1371. [ 1381 ] رواه البحراني في البرهان 1 / 204 الحديث 4: عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن التميمي، عن معاوية بن وهب، عن اسماعيل بن نجيح الرماح، قال: كنا عند أبي عبد الله عليه السلام بمنى ليلة من الليالي، فقال: ما يقول هؤلاء " فمن تعجل... "... الحديث. [ 1382 ] رواه في بشارة المصطفى ص 70: عن الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي، عن أبيه، عن محمد بن محمد بن النعمان، عن محمد بن عمر الجعابي، عن عبد الله بن أحمد بن مستور، عن عبد الله بن يحيى، عن علي بن عاصم، عن أبي حمزة الثمالي، قال: قال لنا علي بن الحسين عليه السلام: أي البقاء أفضل ؟... الحديث. [ 1383 ] روى الصدوق في الخصال ص 41 الحديث 29: عن أبيه، ومحمد
[ 584 ]
بن الحسن، عن سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث النخعي، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام:. ورجل يتدارك ذنبه بالتوبة، وأنى له بالتوبة، والله لو سجد حتى ينقطع عنقه ما قبل الله منه إلا بولايتنا أهل البيت. [ 1385 ] روى الطبري في بشارة المصطفى ص 69: بسنده عن أبي الجارود، عن الباقر عليه السلام قال: يا أبا الجارود أما ترضون تصلوا فيقبل منكم وتصوموا فيقبل منكم وتحجوا فيقبل منكم، والله إنه ليصلي غيركم فما يقبل منه ويصوم فما يقبل منه ويحج غيركم فما يقبل منه. [ 1386 ] رواه البحراني في البرهان 2 / 190 الحديث 8: عن عبد الرحيم، قال: قال أبو جعفر: إنما أحدكم حين تبلغ نفسه هاهنا... الحديث. [ 1387 ] روى الصدوق في أماليه ص 468 الحديث 2: عن محمد بن علي ماجيلويه، عن محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي، عن الفضل بن صالح الاسدي، عن محمد بن مروان، عن الصادق عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من أبغضنا أهل البيت بعثه الله يوم القيامة يهوديا. قيل: يا رسول الله، وإن شهد الشهادتين ؟ قال: فإنما احتجز بهاتين الكلمتين عن سفك دمه أو يؤدي الجزية عن يد وهو صاغر. ثم قال: من أبغضنا أهل البيت بعثه الله يهوديا. قيل: فكيف يا رسول الله ؟ قال: إن أدرك الدجال آمن به. أقول: ولعل السقط من الحديث ما نقلناه من أمالي الصدوق آنف الذكر. والقسم الاخير من الحديث رواه البحراني في البرهان 3 / 174 الحديث 6: عن محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن
[ 585 ]
أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إن الله مثل لي امتي في الطين... الحديث. [ 1388 ] روى البحراني في البرهان 1 / 407 الحديث 10: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عيسى، عن ابن محبوب، عن جميل بن دراج، قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: إني ربما ذكرت هؤلاء المستضعفين، فأقول: نحن وهم في منازل الجنة. فقال أبو عبد الله عليه السلام: لا يفعل الله تعالى ذلك بكم أبدا. [ 1392 ] راجع الحديث 1376. [ 1397 ] روى الصدوق في أماليه ص 326 الحديث 17: عن الحسين بن ابراهيم، عن أحمد بن يحيى بن زكريا، عن بكر بن عبد الله بن حبيب، عن تميم بن بهلول، عن جعفر بن عثمان الاحول، عن سليمان بن مهران، قال: دخلت على الصادق عليه السلام وعنده نفر من الشيعة، فسمعته، وهو يقول: معاشر الشيعة كونوا لنا زينا ولا تكونوا علينا شينا، قولوا للناس حسنا، احفظوا السنتكم، وكفوها عن الفضول، وقبيح القول. وروى الطبري في بشارة المصطفى ص 143 قريبا لما رواه المؤلف راجع تخريج الاحاديث 1336. [ 1398 ] راجع الحديث 1318. [ 1399 ] روى البحراني في البرهان 4 / 78 الحديث 1: عن محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث أبي بصير، قال: قد ذكركم في كتابه " يا عبادي الذين.. الاية " والله ما اراد بهذا غيركم. [ 1400 ] راجع الحديث 1294.
[ 586 ]
[ 1401 ] روى محمد بن محمد الشعيري في جامع الاخبار ص 34: عن زيد بن علي، عن أبيه، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن ابي طالب عليهم السلام، عن رسول الله صلى الله عليه وآله، يقول: لو أن المؤمن خرج من الدنيا وعليه مثل ذنوب أهل الارض لكان الموت كفارة لتلك الذنوب.. من شيعتك ومواليك.. الحديث. [ 1404 ] راجع الحديث 1294. [ 1405 ] رواه البحراني في البرهان 4 / 304 الحديث 1: عن محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن أبي زاهر، عن علي بن اسماعيل، عن صفوان بن يحيى، عن عاصم بن حميد، عن أبي اسحاق النحوي، قال: دخلت على ابي عبد الله عليه السلام، فسمعته يقول: إن الله عزوجل أدب نبيه على محبته، فقال: " وإنك لعلى خلق عظيم " ثم فوض إليه، فقال عزوجل: " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " وقال عزوجل: " من يطع الرسول فقد أطاع الله " ثم قال: وان نبي الله فوض إلى علي عليه السلام، وائتمنه. فسلمتم وجحد الناس فوالله لنحبكم أن تقولوا إذا قلنا، وأن تصمتوا إذا صمتنا، ونحن فيما بينكم وبين الله عزوجل، ما جعل الله لاحد خيرا في خلاف أمرنا. [ 1406 ] روى الطبري في بشارة ص 38: عن محمد بن أحمد، عن محمد بن محمد بن الحسين، عن محمد بن حمزة، عن الحسين بن علي بن الحسين، عن محمد بن الحسين النحوي، عن سعد بن عبد الله الاشعري، عن عبد الله بن أحمد، عن جعفر بن خالد، عن صفوان بن يحيى، عن حذيفة بن منصور، قال: كنت عند أبي عبد الله إذ دخل عليه رجل فقال: جعلت فداك إن لي أخا لا يؤلي من محبتكم واجلالكم وتعظيمكم غير أنه يشرب الخمر. فقال الصادق: إنه لعظيم أن يكون محبنا بهذه الحالة.. إلا أن هذا
[ 587 ]
لا يخرج من الدنيا حتى يتوب أو يبتليه الله ببلاء في جسده فيكون تحبيطا لخطاياه حتى يلقى الله عزوجل ولا ذنب عليه.. الحديث. [ 1408 ] راجع الحديث 1294. [ 1409 ] روى البحراني في البرهان 1 / 276 الحديث 4: عن أحمد بن محمد بن خالد البرقي، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن صفوان الجمال، عن ابي عبيدة زياد الحذاء، عن ابي جعفر عليه السلام، أنه قال: يا زياد ويحك، وهل الدين إلا الحب ؟ الا ترى إلى قول الله " إن كنتم.. الاية ". [ 1411 ] روى البحراني في البرهان 1 / 320 الحديث 7 بتفاوت في الالفاظ مع حفظ المضمون. [ 1412 ] رواه المجلسي باختلاف يسير في بحار الانوار 22 / 321 الحديث 10: عن السندي بن محمد، عن صفوان الجمال، قال أبو عبد الله عليه السلام: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله تبارك وتعالى أمرني بحب اربعة.. الحديث. [ 1413 ] رواه المفيد في أماليه ص 35: عن قيس، عن ليث بن ابي سليم، عن عبد الرحمان بن ابي ليلى، عن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: الزموا مودتنا. [ 1417 ] روى البحراني في البرهان 4 / 164 الحديث 10: عن محمد بن ابراهيم، عن عبد العزيز بن يحيى البصري، عن محمد بن زكريا، عن أحمد بن محمد بن يزيد، عن ابي نعيم، عن حاجب عبيدالله بن زياد، عن علي بن الحسين عليه السلام، قال لرجل: أما قرات كتاب الله عزوجل ؟ قال: نعم، قال: قرأت هذه الاية " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " ؟ قال: بلى. قال: نحن أولئك. [ 1418 ] روى ابن شهر آشوب في المناقب 2 / 120:
[ 588 ]
ولما نعى رسول الله صلى الله عليه وآله عليا بحال جعفر في أرض مؤتة، قال: إنا لله وانا إليه راجعون، فأنزل عزوجل: " الذين إذا اصابتهم مصيبه قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات.. الاية ". وقال له رجل: إني والله لاحبك في الله تعالى. فقال عليه السلام: إن كنت تحبني فأعد للفقر تجفافا أو جلبابا. [ 1419 ] روى الطبري في بشارة المصطفى ص 89: عن المفيد، عن محمد بن عمر الجعابي عن أحمد بن محمد، عن محمد بن القاسم الحارثي، عن أحمد بن صبيح، عن محمد بن اسماعيل الهمداني، عن الحسين بن مصعب، قال: سمعت جعفر بن محمد عليه السلام يقول: من أحبنا وأحب محبنا لا لغرض دنيا يصيبها منه وعادى عدونا لا لاحنة كانت بينه وبينه ثم جاء يوم القيامة وعليه من الذنوب مثل رمل عالج وزبد البحر غفرها له. [ 1421 ] راجع تخريج الحديث المرقم 1292. [ 1426 ] رواه الطبري في بشارة المصطفى ص 14: عن الحسن بن محمد الطوسى، عن ابيه، عن المفيد، عن محمد بن عمر الجعابي، عن جعفر بن محمد، عن أحمد بن عبد المنعم، عن عبد الله بن محمد عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي بن ابي طالب عليه السلام: الا ابشرك الا امتحنك.. الحديث. [ 1429 ] رواه البحراني في البرهان 2 / 188 الحديث 3: عن الاصبغ بن نباتة. [ 1430 ] رواه البحراني في البرهان 3 / 290 الحديث 2: عن علي بن ابراهيم، عن ابي الجارود، عن ابي جعفر. الخبر. وفي الحديث الاول عن الصادق بطريق آخر: محمد بن العباس، عن محمد بن الحسين،
[ 589 ]
عن جعفر بن عبد الله المحمدي، عن كثير بن عياش، عن أبي الجارود، عن الصادق عليه السلام.. الخبر. [ 1433 ] رواه البحراني في البرهان 3 / 185 الحديث 2: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن علي بن عقبة، عن عمر بن أبان، عن عبد الحميد الوابشي [ كذا ] عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: إن لنا جارا ينتهك المحارم كلها حتى أنه ليترك الصلاة فضلا عن غيرها. فقال: سبحان الله وأعظم ذلك، ألا أخبرك بمن هو شر منه ؟ فقلت: بلى. فقال: الناصب لنا شر منه. أما أنه ليس عبد يذكر عنده أهل البيت فيرق لذكرنا إلا مسحت الملائكة ظهره، وغفر له ذنوبه كلها إلا أن يجئ بذنب يخرجه عن الايمان، وان الشفاعة لمقبولة... الخبر. [ 1435 ] رواه البحراني في البرهان 4 / 71 الحديث 10: عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين، عن أبي داود المسرق، عن محمد بن مروان، قال: قلت لابي عبد الله عليه السلام: هل يستوي الذين يعلمون... الخ. ورواه المجلسي في بحار الانوار 24 / 120 في عدة طرق. وفي ج 8 / 56 الحديث 7. [ 1439 ] رواه النيسابوري في روضة الواعظين ص 394 عن أبي جعفر الباقر عليه السلام، مرسلا. [ 1441 ] رواه محمد بن محمد الشعيري في جامع الاخبار ص 35: عن أحمد بن عبدون البزاز، عن محمد بن عبد الله الشيباني عن أحمد بن عبد الله العبراني، عن عبد الله بن موسى، عن محمد بن سنان، عن محمد بن المفضل، عن موسى بن جعفر، قال: خرج أمير المؤمنين عليه السلام
[ 590 ]
.. الخبر. ورواه ابن شهر آشوب في المناقب 2 / 120. [ 1442 ] رواه مرسلا النيسابوري في روضة الواعظين ص 394. [ 1445 ] روى الصدوق في أماليه ص 326 الحديث 17: عن الحسين بن ابراهيم، عن أحمد بن يحيى، عن بكر بن عبد الله، عن تميم بن بهلول، عن جعفر بن عثمان الاحول، عن سليمان بن مهران، قال: دخلت [ 1442 ] رواه مرسلا النيسابوري في روضة الواعظين ص 394. [ 1445 ] روى الصدوق في أماليه ص 326 الحديث 17: عن الحسين بن ابراهيم، عن أحمد بن يحيى، عن بكر بن عبد الله، عن تميم بن بهلول، عن جعفر بن عثمان الاحول، عن سليمان بن مهران، قال: دخلت على الصادق عليه السلام وعنده نفر من الشيعة، فسمعته وهو يقول: معاشر الشيعة كونوا لنا زينا ولا تكونوا علينا شينا، قولوا للناس حسنا احفظوا السنتكم وكفوها عن الفضول وقبيح القول. [ 1456 ] روى الطبري في بشارة المصطفى ص 97: عن المفيد، عن جعفر بن محمد بن قولويه، عن محمد بن همام الاسكافي، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد الاهوازي، عن علي بن حديد، عن سيف بن عميرة، عن مدرك بن زهير، قال أبو عبد الله عليه السلام: يا مدرك إن أمرنا ليس بقبوله فقط ولكنه بصيانته وكتمانه من غير أهله، أقرئ أصحابنا السلام ورحمة الله وبركاته، وقل لهم: رحم الله امرء اجتر مودة الناس الينا وحدثهم بما يعرفون وترك ما ينكرون. [ 1458 ] روى الطبري في بشارة المصطفى ص 132: عن الحسن بن الحسين بن بابويه، عن عمه محمد بن الحسن، عن أبيه الحسن بن الحسين، عن محمد بن علي بن الحسين، عن سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن صفوان، عن خيثمة الجعفي، قال: دخلت على الصادق جعفر بن محمد عليه السلام، وأنا أريد الشخوض، فقال: ابلغ موالينا السلام وأوصهم بتقوى الله وأن يعود غنيهم فقيرهم وقويهم ضعيفهم.. الحديث.