رسالة في إمامة الأئمة الاثني عشر
الميرزا جواد التبريزي
[1]
بسم الله الرحمن الرحيم رسالة مختصة في النصوص الصحيحة على إمامة الائمة الاثني عشر عليهم السلام تثار بين فترة وأخرى اسئلة تتعرض للمسلمات العقائدية الموجودة لدي المسلمين وبالذات لدي الطائفة المحقه اتباع اهل البيت عليهم السلام، وتختلف دوافع تلك الاسئلة، فان البعض بدافع التعرف والبحث عن الدليل يسال عن تلك المراضيع، ويحتاج إلى إجابة شافية: وافية سوف نضعها - باذن الله بين يديه -. وربما كان هدف أخرين من طرح هذه الاسئلة هو التشكيك في تلك المسلمات وإلقاء الشبهة في قلوب العوام من اتباع هذا المذهب.. ومن علامة هولاء أهم لا يطرحون إشكالاتم ومناقشاتهم على علماء الدين المتخصصين في العقائد والقادرين على إثباتها بالدليل القاطع، وإنما يقومون بنشر تلك الشبهات، والتشكيكات ما بين عامة الناس من الذين لم يطلعوا - بشكل دقيق - على حدود تلك المسائل ولم يفحصوا في ادلتها، ولذا يجدون فيهم سوقا رائجة وعملة نافقة. وتختلف طرق هولاء وشبهاتم، وذلك ان هدفهم هو القاء الشبهة، وتشكيك أبناء الطائفة في عقيدتهم، فلا يهم عندهم ما هو نوع السؤال ؟ ولا ينتظرون الاجابة عليه، بل لو اجيبوا بجواب مقنع بالنسبة له، فإنهم يتركونه للبحث عن سؤال أخر وشبهة اخرى، فالمهم عندهم هو التشكيك والسؤال المؤدى إلى الشبهه، فهم في يوم يشككون في بعض الوقائع التاريخية المتصله بقضية الامامة، وفي أخر يشككون في حياة الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، أو انه ما فائدة هذه الغيبة ؟ وثالثة يشككون في النص على الائمة المعصومين عليهم السلام بان يقولوا إنه لا يوجد نص على الائمة أو على الائمة بعد الحسين عليه السلام.. وهؤلاء نحن لا نتحدث معهم في هذه الرسالة، ولا نوجه لهم هذه الكلمات، بل لا نرحو هدايتهم بعد أن اختاروا لانفسهم هذا الطريق، طريق التشكيك * (اولئك لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا) *، وإنما يتوحه حديثنا إلى اهل الانصاف * (الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه) *، وإلى العامة من ابناء المذهب الحق الذين يترقبون الدليل الواضح للرد به على مزاعم المشككين وشبهات المنحرفين.. لمثل هؤلاء الذين ربما وردت أسئلة من
[2]
قبل بعضهم وطلبوا الاجابة عليها فيما يرتبط بهذا الموضوع أي النص على إمامه الائمه المعصومين عليهم السلام، نكتب هذه الرسالة المختصرة، علما بانه لا يسعنا استقصاء الادلة، ولا بد لذلك من الرجوع إلى الكتب المدونة لمظ هذا المضمار خصوصا كتب الحديث والمجاميع الروائية. وسيكون منهجنا ق هذه الرسالة ان نتعرض إلى ذكر بعض الروايات الصحيحه والصريحة التى تعين اسماء الا ئمة عليهم السلام، مما يقطع الطريق على من يدعى عدم وحود النص عليهم أو على بعضهم، وسيثبت هذا ان المدعى لعدم وجود النص - لو سلمت نيته - فانه ضعيف الاطلاع جدا على اخبار اهل البيت وغير بصير باحاديثهم عليهم السلام.. وسنلتزم ان يكون النص الذى نورده صحيحا من غير شبهة أو مناقشة، وإلا فالنصوص الاخرى كثيرة جدا. وهذه النصوص تنقسم كما سيأتي إلى ما هو نص على العنوان مثل ابناء الحسين، وما هو نص على قسم منهم مثل النصوص الواردة الناصة عليهم إلى الامام الباقر، واهمية هذه ان المشككين يدعون أنه لا نص بعد الحسين، والقسم الثالث ما هو نص عليهم جملة واحدة. ثم سنتعرض إلى ذكر - النصوص الواردة بشأن امامة كل إمام بخصوصه، ونحن وإن كنا لا نحتاج إلى ذكرها، بل كان يكفينا ويكفي من يريد الدليل رواية صحيحة واحدة تذكرهم جملة من غير حاجه إلى ذكر سائر الروايات سواء كانت بالعنوان أو لكل شخص، إلا اننا نورد هذه للتأكيد، وان النص عليهم كان حاصلا بطرق مختلفة، وهو كاف * (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد) *. هذا كله مع ما سنذكره في الخاتمة من أن الظروف التي احاطت بائمة اهل البيت عليهم السلام وشيعتهم الكرام في ادوار التاريخ كانت من الصعوبة بحيث كان نقل الحديث الذى ينص على إمامة المعصومين خصوصا الذين كانوا ق فترات متأخرة، كان أمرا في غاية الخطورة. * * * النصوص التي تعين اسماء الا ئمة المعصومين عليهم السلام يوجد في مصادرنا الحديثية العديد من الروايات التي تنص على تحديد أسماء الائمة المعصومين عليهم السلام، ولكن حيث ان بناء نا هو على الاختصار في هذه الرسالة، لذلك سنكتفي بذكر رواية صحيحه صريحة في كل باب (أو روايتين)، وفيها لمن أراد الدليل كفاية وغنى. وهذه الروايات تنقسم بحسب المدلول إلى اقسام:
[3]
القسم الاول: ما ورد من الروايات في تحديد ان الائمة عليهم السلام هم من (ولد الحسين عليه السلام) وهذه الروايات - بهذا العنوان - تجيب على عدة أسئلة، فهي من جهة تجيب على نقطة هي مركز التشكيك عند المشككين المدعين عدم وجرد نص على الا ئمة بعد الامام الحسين عليه السلام، بينما هذه الروايات تعتبر نصا على العنوان أي اولاد الحسين، وايضا فهي تحدد نسب ائمة بعده وتحصرهم في هذه الذرية الطاهرة، فتنفي هذا المنصب عمن ليس من هذا البيت، فكل من ادعى الامامة من غيرهم فادعاؤه باطل، ولو كان هاشميا قرشيا، بل حتى لو كان من أولاد أمير المؤمنين من غير نسل الحسين عليه السلام. وأيضا فهذه الروايات تدل بالدلالة الالتزامية على أنهم من قريش بل هي مفسرة لذلك العنوان، ولهذا فما ورد من غير طرق الشيعة كثيرا من أن الائمة من قريش يكون مفسرا بهذه الروايات حيث ان من كان من ابناء الحسين فهو بالضرورة قرشي فمن تلك الروايات: (صحيحة) ما رراه الشيخ الكليني رحمه الله عن محمد بن يحيحي عن احمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن إسحاق بن غالب عن ابي عبد الله الصادق عليه السلام من كلام يذكر فيه الائمة.. إلى أن قال (.. فلم يزل الله يختارهم.: لخلقه من ولد الحسين من عقب كل إمام، كلما مضى منهم إمام نصب لخلقه من عقبه إماما وعلما هاديا..) الكافي 1 / 203. ومنها (صحيحة) ما رواه الشيخ الصدوق رحمه اللهعن محمد بن الحسن بن احمد بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن احمد بن محمد بن عيسى ومحمد بن الحسين بن ابي الخطاب والهيثم بن مسروى النهدي، عن الحسن بن محبوب السراد عن على بن رئاب عن ابي حمزة الثمالى، عن ابي جعفر عليه السلام قال سمعته يقول: إن اقرب الناس إلى الله عز وجل واعلمهم به وارأفهم بالناس محمد صلى الله عليه وأله، والائمة فادخلوا أين دخلوا وفارقوا من فارقوا، عنى بذلك حسينا وولده فان الحق فيهم وهم الاوصياء ومنهم الائمة، فاينما رأيتموهم فاتبعوهم وإن اصبحتم يوما لا ترون منهم احدا منهم فاستغيثوا بالله عز وجل وانظروا السنه التي كنتم عليها وأتبعوها واحبوا من كنتم تحبون وأبغضوا من كنتم تبغضون فما اسرع ما ياتيكم الفرج !) كمال الدين / 328. ويؤيدها ما رواه في كمال الدين، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن يعقوب بن يزيد عن حماد بن عيسى عن عبد الله بن مسكان عن أبان عن سليم بن قيس الهلالي عن سلمان الفارسي قال دخلت على النبي صلى الله عليه وآله، فإذا الحسين بن علي على فخذه وهو
[4]
يقبل عينيه ويلثم فاه ويقول: انت سيد ابن سيد، انت إمام ابن إمام ابو أئمة أنت حجة الله بن حجته وابو حجج تسعة من صلبك تاسعهم قائمهم) 1 / 262. القسم الثاني: الروايات التي تنص على اسماء الائمة عليهم السلام بدءأ من الامام أمير المؤمنين عليه السلام حتى الامام محمد بن علي الباقر عليه السلام وهى متعددة نكتفي منها بروايتين: الصحيحة الاولى: رواها الشيخ الكليني رحمه الله على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس، وعلي بن محمد عن سهل بن زياد أبي سعيد عن محمد بن عيسى عن يونس، عن ابن مسكان عن ابى بصير قال: سألت ابا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل (اطيعوا الله واطيعوا الرسول وأولي الامر منكم) فمال: نزلت في على بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم السلام. فقلت: إن الناس يقولون فما باله لم يسم عليأ وأهل بيته في كتاب الله عزوجل ؟ فقال: قولوا لهم: إن رسول الله نزلت عليه الصلاة ولم يسم الله لهم ثلاثا ولا أربعا، حتى كان رسول الله هو الذي فسر ذلك ونزلت الزكاة ولم يسم لهم من كل اربعين درهما درهم، حتى كان رسول الله هو الذى فسر لهم ذلك، ونزل الحج فلم يقل لهم طوفوا أسبوعا حتى كان رسول الله هو الذي فسر لهم ذلك ونزلت * (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم) * ونزلت في علي والحسن والحسين فقال رسول الله في علي (من كنت مولاه فعلي مولاه)، فقال (ص) أوصيكم بكتاب الله وأهل بيتي فإني سألت الله ان لا يفرق بينهما حتى يوردهما علي الحوض فأعطاني ذلك، وقال لا تعلموهم فهم أعلم منكم، وقال إنهم بن يخرجوكم من باب هدى ولن يدخلوكم باب ضلالا. فلو سكت رسول فلم يبين من أهل بيته لادعاها ال فلان وأل فلان، لكن الله أنزل في كتابه تصديقا لنبيه * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) * فكان علي والحسن والحسين وفاطمة فأدخلهم رسول الله تحت الكساء في بيت أم سلمه ثم قال: اللهم ان لكل نبى أهلا وثقلا وهؤلاء أهلى وثقلي. فقالت أم سلمة: ألست من أهلك ؟ قال: إنك إلى خير، ولكن هؤلاء أهلي وثقلي، فلما قبض رسول الله كان على أولى الناس بالناس، لكثرة ما بلغ فيه رسول الله وإقامته للناس وأخذه بيده، فلما مضى علي لم يكن يستطيع علي - لم يكن ليفعل - أن يدخل محمد بن على ولا العباس بن على ولا واحدا من ولده.. إذن لقال الحسن والحسين إن الله تبارك وتعالى أنزل فينا كما أنزل فيك فأمر بطاعتنا كما امر بطاعتك، وبلغ فينا رسول الله كما بلغ فيك، وأذهب
[5]
عنا الرجس كما أذهبه عنك، فلما مضى علي، كان الحسن أولى بها لكبره فلما توفي لم يستطيع أن يدخل ولده ولم يكن ليفعل ذلك، والله عزوجل يقول * (وأولو الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) * فيجعلها في ولده.. إذن لقال الحسين أمر الله بطاعتي كما أمر بطاعتك وطاعة أبيك، وبلغ في رسول الله كما بلغ فيك وفي ابيك وأذهب الله عني الرجس كما أذهب عنك وعن أبيك، فلما صارت إلى الحسين لم يكن أحد من أهل بيته يستطيع ان يدعى عليه كما كان هو يدعي على أخيه وعلى أبيه، لو أرادا أن يصرفا الامر عنه، ولم يكونا ليفعلاه، ثم صارت حين أفضت إلى الحسين فجرى تأويل هذه الآيه * (وأولو الارحام بعضهم أولى ببعض في كلماب الله) * ثم صارت من بعد الحسين لعلى بن الحسين ثم صارت من بعد علي بن الحسين إلى محمد بن على، ثم قال. الرجس هو الشك، والله لا نشك في ربنا أبدا) الكافي 1 / 286. وينبغي التوجه إلى نقطتين هامتين توضحهما هذه الرواية. أولاهما أنها تجيب على سؤال ربما طرحه البعض وهو أنه لو كانت الامامة بتلك الاهمية فلماذا لم ينص القران عليها، ولم لم يذكر القرأن اسم أمير المؤمنين وائمة حتى يرتفع الشك والتردد بصورة قاطعه ؟ ولا يضل الناس ؟ والرواية تجيب بأنه كما نزل أصل وجوب الصلاة والزكاة والحج في القران، ولم يبين فيه تفاصيل الاحكام، فكذلك الحال في الامامة حيث نزل وجوب الطاعة للائمة وأولى الامر، وأوكل تعيين اسمائهم إلى النبي صلى الله عليه واله وقد قام بذلك خير قيام. وثانيتهما: أن قضية الامامة ونصب الامام هي امر إلهى لا يرتبط بقضية الوراثة، أو إرادة الامام السابق في تعيين اللاحق، فإنه لا يستطيع - ولم يكن ليفعل - ان يغير مجراها عما هو عليه من الغصب الالهي. وفى هذه القضية كما أن أمير المؤمنين قد نصب نصبا إلهيا، فكذلك زين العابدين علي بن الحسين والباقر محمد بن علي عليهما السلام، من دون فرق في هذه الجهة مما يرد بذلك على دعوى المشككين بأن النص إنما هو على الثلاثة الاوائل من الائمة. ويؤيدها ما رواه الكليني عن علي بن إبراهيم عن ابيه عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني وعمر بن أذينة عن أبان عن سليم بن قيس قال: شهدت وصية أمير المؤمنين حين أوصى إلى إبنه الحسن وأشهد على وصيته الحسين ومحمدا وجميع ولده ورؤساء شيعته وأهل بيته ثم دفع إليه الكتاب والسلاح وقال لابنه الحسن يا بني أمرني رسول الله أن أوصي إليك وأن أدفع إليك كتبه وسلاحه، وأمرني أن أمرك إذا حضرك الموت أن تدفعها إلى أخيك الحسين، ثم أقبل على ابنه الحسين فقال: وأمرك رسول الله ان تدفعها إلى ابنك هذا
[6]
. ثم أخذ بيد علي بن الحسين وقال وأمرك رسول الله أن تدفعها إلى ابنك محمد بن على واقرأه من رسول الله ومني السلام) الكافي 1 / 297. القسم الثالث: فا نص على اسماء الائمة عليهم السلام جميعا، ومع هذه الروايات التي سوف نذكر بعضها ينقطع عذر كل متعلل لصراحتها وقوتها، وما يحف بها، ففي الاولى نلتقي مع أسماء الائمة عليهم السلام في سجدة الشكر عقيب كل صلاة، حيث يشهد المصلى ربه والملائكة والخلق. بمجمل اعتقاداته التي ينبغي أن يلقاه بها، ومنها توليه للائمة الطاهرين من أهل البيت عليهم السلام وأنه يتولاهم ويتبرأ من أعدائهم، ولا يخفى الارتباط بين الصلاة وبين ذكر الائمة الهادين وفضلهم على الخلق في تعليمهم معالم الدين. وسنشير إلى هذه الجهه أيضا في الخاتمة،. فمن هذه الروايات: الصحيحة التى رواها الصدوق بإسناده عن عبد الله بن جندب عن موسى بن جعفر عليه السلام أنه قال: تقول في سجدة الشكر: اللهم إني أشهدك وأشهد ملائكتك وأنبيائك ورسلك وجميع خلقك أنك أنت الله ربي والاسلام ومحمدا نبيي وعليأ والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلى بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن على والحجة بن الحسن أئمتئ بهم أتولى ومن أعدأئهم أتبرء..) الوسائل 7 / 15. والصحيحة الاخرى التى رواها الكليني عن عدة من اصحابنا عن احمد بن محمد البرقي عن أبى هاشم داود بن القاسم الجعفري عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال: اقبل أمير المؤمنين عليه السلام ومعه الحسن بن على وهو متكئ على يد سلمان فدخل المسجد الحرام فجلس، إذ اقبل رجل حسن الهيئة واللباس، فسلم على أمير المؤمنين، فرد عليه السلام فجلس، ثم قال: يا أمير المؤمنين أسألك عن ثلاث مسائل إن أخبرتني بهن علمت أن القوم ركبوا من أمرك ما قضى عليهم وإن ليسوا بمأمونين في دنياهم وأخرتهم، وأن تكن الاخرى علمت أنك وهم شرع سواء ! فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: سلني عما بدا لك. قال: أخبرني عن الرجل إذا نام أين تذهب روحه ؟ وعن الرجل كيف يذكر وينسى ؟ وعن الرجل كيف يشبه ولده الاعمام والاخوال ؟. فالتفت أمير المؤمنين عليه السلام إلى الحسن، فقال: يا أبا محمد أجبه ! قال: فأجابه الحسن. فقال الرجل أشهد أن لا إله إلا الله ولم أزل أشهدها، وأشهد أن محمدا رسول الله ولم أزل أشهد بها، وأشهد أنك وصي رسول الله والقائم بحجته - أشار إلى أمير المؤمنين - ولم ازل أشهد بها، واشهد انك وصيه والقائم بحجته - أشار إلى الحسن -، وأشهد أن الحسين بن على وصى أخيه
[7]
والقائم بحجته بعده، وأشهد على علي بن الحسين أنه القائم بأمر الحسين بعده، وأشهد على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن الحسين، وأشهد على جعفر بن محمد أنه القائم بأمر محمد، وأشهد على موسى أنه القاثم بأمر جعفر بن محمد، واشهد على على بن موسى أنه القائم بأمر موسى بن جعفر، واشهد على محمد بن على انه القائم بأمر على بن موسى، واشهد على علي بن محمد انه القائم بأمر محمد بن على، وأشهد على حسن بن على انه القائم بامر على بن محمد، واشهد على رجل من ولد الحسن لا يكنى ولا يسمى حتى يظهر أمره فيملاها عدلا كما ملئت جورا، والسلام عليك يا أمير المؤمنين، ورحمة الله وبركاته، ثم قام فمضى. فقال أمير المؤمنين: يا ابا محمد اتبعه ! فانظر أين يقصد ؟ فخرج الحسن بن على عليهما السلام، فقال: ما كان إلا ان وضع رجله خارجا من المسجد فما دريت أين أخذ من أرض الله، فرجعت إلى أمير المؤمنين فأعلمته، فقال: يا أبا محمد أتعرفه ؟ قلت: الله ورسوله وأمير المؤمنين أعلم، قال: هو الخضر) الكافي 1 / 525. * * * الروايات التى تنص على كل إمام بشخصه بعد أن ذكرنا الروايات التي تذكر أسماء الائمة الطاهرين، نعود ونذكر الروايات الخاصة التي تنص على كل إمام بشخصه، وهى قد تذكر الامام باسمه وأخرى بالقرينة والصفة، فإن بعض الروايات تعتمد على ذكر أمر، ذلك الامر يلازم كونه إماما كما سيأتي في وصية الامام الباقر لابنه الصادق عليهما السلام ان يغسله ويجهزه ويكفنه، فإن هذا من النص عليه، لما ثبت عندنا من النصوص والاجماع على أن الامام لا يتولى - في زمن الحضور - تجهيزه إلا إمام مثله، وقد لا ينتبه لمثل هذه الاشارات إلا من كان على مستوى من الاحاطة بتعابير الائمة، كما نرى ان هشاما بن الحكم عندما سمع من على بن يقطين قول الكاظم أن عليا الرضا سيد ولده وأنه قد نحله كنيته، فقد استنتج هشام من ذلك انه نص عليه بالامامة من بعده، ومثل ان يعطيه السلاح والكتب، وهكذا ما يرافق إمامتهم من الكرامات مثلما حصل في قضيه شهادة الحجر الاسود لعلى بن الحسين بالامامة في مناقشة محمد بن الحنفيه إياه، كما ورد في رواية صحيحة رواها الكليني في الكافي 1 / 348، فانه بعدما احتج السجاد عليه لان سلاح رسول الله عنده وأن الحسين قد أوصى إليه دعاه للحجر الاسود ليحتكما إليه فتكلم محمد فلم يحصل على شئ ثم تكلم على بن
[8]
الحسين فنطق الحجر بقدرة الله (ان الوصية والامامة بعد الحسين بن على إلى علي بن الحسين) فانصرف محمد بعد ذلك وهو مؤمن بإمامة على بن الحسين عليه السلام. وحيث اننا قد ذكرنا في القسم الثاني من الروايات ما ينص على إمامة الائمة من الامام أمير المؤمنين إلى الامام محمد بن علي الباقر عليه السلام، فسنتعرض هنا لذكر النصوص في امامة الائمة بدئنا من الامام الصادق وسنكتفي بنص واحد بالنسبة لكل إمام، سنذكر نصوصا متعددة لخاتم الاوصياء والائمة صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف. فمن ما ورد من النص علي إمامة جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام، الرواية الصحيحة التي نقلها الكليني رحمه الله في الكافي عن على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس بن عبد الرحمن عن عبد الاعلى عن ابي عبد الله الصادق عليه السلام: ان أبي استودعني ما هناك فلما حضرته الوفاة قال: ادع لى شهودا فدعوت له أربعة من قريش فيهم نافع مولى عبد الله بن عمر، فقال: اكتب: هذا ما اوصى به يعقوب بنيه * (يا بني ان الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون) * وأوصى محمد بن علي إلى جعفر بن محمد وامره أن يكفنه في برده الذى كان يصلي فيه الجمعه وأن يعممه بعمامته وأن يربع قبره ويرفعه مقدار أربع أصابع وان يحل عنه أطماره عند دفنه.. ثم قال للشهود انصرفوا رحمكم الله. فقلت له. يا أبت - بعد ما انصرفوا - ما كان في هذا بأن تشهد عليه ؟ فقال: يا بني كرهت أن تغلب وأن يقال: انه لم يوص إليه، فاردت ان تكون لك الحجه) الكافي 1 / 307. وهنا كما تقدم بضميمة ما دلت عليه النصوص، وقام عليه الاجماع أن الامام عندنا لا يولى تجهيزه الا امام مثله، وان الوصية هي من علائم الامامة ينتج ذلك النص على امامة الصادق عليه السلام. ومما ورد في النص على إمامة إلامام موسى بن جعفر عليه السلا م، الصحيحة التي رواها في الكافي عن علي بن ابراهيم عن أبيه عن أبن أبي نجران عن صفوان الجمال عن أبي عبد الله، قال له منصور بن حازم: بأبى انت وامى إن الانفس يغدا عليها ويراح فإذا كان ذلك فمن ؟ ففال ابو عبد الله: إذا كان ذلك فهو صاحبكم وضرب بيده على منكب أبي إلحسن الايمن - فيما أعلم - وهو يومئذ حماسي وعبد الله إبن جعفر جالس معنا) 1 / 309. ومن النص على إمامة الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام، ما ورد في الصحيح عن محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن بن محبوب عن الحسين بن نعيم الصحاف قال:
[9]
كنت انا وهشام بن الحكم وعلي بن يقطين ببغداد، فقال على بن يقطين: كنت عند العبد الصالح جالسا فدخل عليه ابنه علي فقال لى: يا على بن يقطين هذا على سيد ولدى ! أما انى قد نحلته كنيتي، فضرب هشام بن الحكم براحته جبهته ثم قال: ويحك ! كيف قلت ؟ فقال علي بن يقطين: سمعت والله منه كما قلت. فقال هشام: أخبرك أن الامر فيه من بعده) 1 / 311. فانت عزيزى القارئ ترى هنا أن هشاما بن الحكم لما كان متبحرا في العقائد، وعارفا بأشارات الا ئمة في ما يرتبط. بموضوع الامامة، والصفات التي لا بد من توفرها في الامام، فانه بمجرد ان سمع تلك الكلمات وضمها إلى الكبريات الموجودة في ذهنه المرتبطة بموضوع الامامه، فقد انتقل فررا إلى معنى نص الامام الكاظم على الرضا عليهما السلام، وان كان مثل علي بن يقطين على جلا لته ربما لم يتوجه إلى ذلك المعنى بنفس السرعة. ومن النص على إمامة محمد بن علي الجواد عليه السلام، الصحيحة التي نقلها في الكافي أيضا عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن معمر بن خلاد، قال: سمعت الرضا عليه السلام، وذكر شيئا فقال: ما حاجتكم إلى ذلك ؟ هذا ابو جعفر اجلسته مجلسي وصيرته مكاني. وقال: انا أهل بيت يتوارث أصاغرنا عن أكابرنا القذة بالقذة) 1 / 320 ومن الروايا ت التي تنص على إمامة الامام علي بن محمد بن الهادي عليه السلام، ما رواه صحيحا في الكافي عن علي بن ابراهيم عن أبيه عن اسماعيل بن مهران قال. لما خرج من المدينة إلى بغدا د في الدفعة الاولى من خرجتيه، قلت له عند خروجه: جعلت فداد اني اخاف عليك في هذا الوجه، فالى من الامر من بعدك ؟، فكر إلي بوجهه ضاحكا: ليس الغيبه حيث ظننت في هذه السنة، فلما خرج به الثانية إلى المعتصم، صرت إليه، فقلت له: جعلت فداك انت خارج فالى من الامر من بعدك ؟ فبكى حتى اخضلت لحيته ثم التفت الي فقال: عنده هذه يخاف علي، الامر من بعدى إلى ابني علي) 1 / 323. وقد وردت روايات مصرحة بأمامة الامام الحسن بن علي العسكري عليه السلام، منها ما رواه في الكافي عن علي بن محمد عن محمد بن أحمد النهدي عن يحيي بن يسار القنبرى، قال: اوصى ابو الحسن إلى ابنه الحسن قبل مضيه باربعة أشهر وأشهدني علي ذلك وجماعة من الموالي) 1 / 325. وأما الروايات الواردة في إمامة الامام الحجة بن الحسن العسكري صاحب الزمان عجل الله فرجه الشريف، وفي وصفاته وعلامات ظهوره، وما يرتبط بخريطة تحركه بعد الظهور، وانصاره، فهي كثيرة جدا، حتى لقد ألفت كتب ومجلدات خاصة في هذا الامر
[10]
، وحيث ان بناء نا هو على الاختصار في هذه الرسالة كما ذكرنا في البداية، فسوف نذ كر عدة مع عناوينها: - في النص عليه صلوات الله عليه: ما روا. الصدوق عن محمد بن على بن ماجيلويه عن محمد بن يحيى العطار عن جعغر بن محمد بن مالك الفزارى عن معاوية بن حكيم ومحمد بن ايوب بن نوح ومحمد بن عثمان العمرى قالوا: عرض علينا ابو محمد الحسن بن علي ونحن في منزله وكنا اربعين رجلا فقال: هذاا أمامكم من بعدى وخليفتي عليكم اطيعوه ولا تتفرقوا من بعدى في اديانكم فتهلكوا، اما انكم لا ترونه بعد يومكم هذا. قالوا فخرجنا من عنده فما مضت الا ايام قلائل حتى مضى أبو محمد عليه السلام) كمال الدين 335 / 2. - في أن الايمان كل لا يتجزأ وأن الاعتراف بهم من دون الامام الحجة لا يساوى شيئا وهو كانكار أمير المؤمنين عليه السلام: ما نقله في كفاية الاثر عن الحسن بن علي عن احمد بن محمد بن يحيى العطار عن سعد بن عبد الله عن موسى بن جعفر البغدادي قال: سمعت ابت محمد الحسن بن علي العسكري عليهما السلام يقول: كاني بكم وقد اختلفتم بعدى في الخلف مني الا ان المقر، لا ئمة بعد رسول الله المنكر لولدي كمن اقر بحميع الانبياء والرسل ثم انكر نبوة رسولا لله صلى الله عليه واله وسلم، لان طاعة أخرنا كطاعة اولنا، والمنكر لاخرنا كالمنكر لاولنا، اما ان لولدي غيبة يرتاب فيها الناس إلا من عصمه الله) ص 291. - وروى الصدوق عن ابيه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن ابي عبد الله عليه السلام انه قال في قول الله عزوجل * (يوم ياتي بعض ايات ربك لا ينفع نفسا ايمانها لم تكن امنت من قبل) * فقال عليه السلام: الآيات هم الائمة والايه المتنظرة القائم (عج) فيومئذ لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن امنت، من قبل قيامه بالسيف وان امنت بمن تقدمه من أبائه عليهم السلام) كمال الدين / 336 - في انه اشبه الناس لرسول الله، وله اسمه وكنيته: ما رواه الصدوق في كمال الدين عن ابيه ومحمد بن الحسن ومحمد بن موسى المتوكل، عن سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري ومحمد بن يحيي العطار جميعا، عن احمد بن محمد بن عيسى وإبراهيم بن هاشم راحمد بن ابي عبد الله البرقي ومحمد ابن الحسين بن ابى الخطاب جميعا، عن ابي علي الحسن بن محبوب السراد عن داود بن الحصين عن ابي بصير عن الصادق جعفر بن محمد
[11]
عليه السلام عن أبائه قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله: المهدى من ولدى اسمه اسمي، وكنيته كنيتي. أشبه الناس خلقا وخلقا تكون له غيبة وحيرة حتى تضل الخلق عن أديانهم فعند ذلك يقبل كالشهاب الثاقب فيملؤها قسطا وعدلا كما ملئت ظلم وجورا) ص، 287. - في أن من الابتلاء للخلق في زمان. غيبته ان يشك البعض في ولادته: ما رواه الشيخ الصدوق في كمال الدين عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار عن سعد بن عبد الله عن احمد بن محمد بن عيسى عن عثمان بن عيسى الكلابي عن خالد بن نجيح عن زرارة بن أعين، قال: سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول: إن للقائم غيبة قبل ان يقوم. قلت له: ولم ؟ قال: يخاف وارما بيده إلى بطنه، ثم قال. يا زرارة هو المنتظر وهو الذي يشك الناس في ولادته منهم من يقول هو حمل ومنهم من يقول هو غائب، ومنهم من يقول ما ولد ومنهم من يقول ولد قبل وفاة ابيه بسنتين، غير أن الله تبارك وتعالى يحب أن يمتحن الشيعة، فعند ذلك يرتاب المبطلون) ص 342. * * * وفي الختام ينبغي ذكر ملاحظة هامة وهي: ان الوضع العام الذى عاش فيه الا ئمة عليهم السلام خصوصا بعد شهادة الامام الحسين كان وضعا ضاغطا وعصيبا، وقد حاول فيه الظالمون بكل جهدهم أن * (يطفئوا نور الله بافواههم) * فكانوا يتربصون بالا ئمة الداوائر ويبغونهم الغوائل للقضاء عليهم. وهؤلاء الظالمون - في العهدين الاموى والعباسي وان لم يكونوا يقدمون على قتلهم جهرا وعلانية، الا انهم كانوا يحاولون ذلك غيلة، وشاهد ذلك ما نجده من إقدامهم علي دس السم لائمة عليهم السلام.. وهذه الظروف والاوضاع غير خافية على المتتبع لاحوالهم، والعارف بتاريخهم، ويكفى لمعرفة ذلك، النظر إلى كيفية نص الامام الصادق عليه السلام على إمامة الكاظم ووصيته له حيث كان العباسيون ينتظرون ان يعين بنحو صريح الامام بعده ليقتلوه، فكان ان اوصى لخمسة، فضيع عليهم هذه الفرصة، ثم ما ما جرى على مولانا الكاظم عليه السلام من سجنه ثم قتله، وأيضا ما جرى من التضييق والاضطهاد للامام الهادى عليه السلام ومن بعده ابنه الحسن العسكري، ومحاولتهم القبض على خليفته الامام المهدى وقتله - بزعمهم -.
[12]
وهكذا ما عاشه الشيعه الكرام من ظروف القمع والتقية، بحيث كانوا لا يسلمون على عقائدهم في وقت كان يسلم فيه الكفار في بلاد الاسلام على ما كانوا عليه من ضلالة، ولا يسلم شيعة اهل البيت. مما عندهم من الهدى.. فكان الكشف في هذه الظروف عن اسماء الا ئمه المعصومين خصوصا من كان منهم في الفترات اللاحقة، وتناقل النصوص المصرحة بامامتهم بين الرواة امرا في غاية الخطورة على الامام وعلى شخص الناقل ايضا. ولكنهم مع ذلك قد حفظوا لنا - جزاهم الله خير الجزاء - تلك النصوص، وتناقلوها فيما بينهم بالرغم مما كان يكتنفها من المشاكل والضغوط حتى أوصلوها لنا، بجيث تمت بواسطتها الحجة على من أنكر، والاحتحاج بها والاستناد عليها لمن امن. ولهذا فقد اصبحت هذه القضية من المسلمات العقائدية لدى شيعة أهل البيت، والمتواترة إجمالا، بحيث انهم عرفوا حتى عند أعدائهم بتوليهم لهؤلاء الائمة الطاهرين، وميزوا بانهم (الاثنا عشرية) في اشارة إلى اعتقادهم بامامة الا ئمه الاثني عشر. وصار الامر عند الشيعه بحيث ان من كان لا يؤمن باحدهم أو جعل غيره مكانه لا يعد من هذه الطائفة المحقة. بل انه - كما ذكرنا سابقا - ارتبط ذكر أسمائهم عليهم السلام بالصلاة وسجدة الشكر كما في صحيحة بن جندب عن الامام موسى بن جعفر عليه السلام، وهذا لعله يراد منه ان يكون المؤمن ذاكرا لائمته في كل يوم، وحتى لا تنسى هذه الصفوة الطاهرة، أو يدعي أخرون عدم وجود الدليل أو النص عليهم أو على بعضهم.. نسال الله سبحانه وتعالى ان يثبتنا على ولايتهم في الدنيا، فلا ننجرف قي تيارات الفتن والشكوك التي تنبأ بها أئمتنا عليهم السلام وبالذات في زمان الغيبة، حيثما يرتاب المبطلون ويثبت المؤمنون، وان ينفعنا بشفاعتهم في الاخرة إنه على كل شئ قدير وبالاجابة جدير على خليفته الامام المهدى وقتله - بزعمهم -.
[12]
وهكذا ما عاشه الشيعه الكرام من ظروف القمع والتقية، بحيث كانوا لا يسلمون على عقائدهم في وقت كان يسلم فيه الكفار في بلاد الاسلام على ما كانوا عليه من ضلالة، ولا يسلم شيعة اهل البيت. مما عندهم من الهدى.. فكان الكشف في هذه الظروف عن اسماء الا ئمه المعصومين خصوصا من كان منهم في الفترات اللاحقة، وتناقل النصوص المصرحة بامامتهم بين الرواة امرا في غاية الخطورة على الامام وعلى شخص الناقل ايضا. ولكنهم مع ذلك قد حفظوا لنا - جزاهم الله خير الجزاء - تلك النصوص، وتناقلوها فيما بينهم بالرغم مما كان يكتنفها من المشاكل والضغوط حتى أوصلوها لنا، بجيث تمت بواسطتها الحجة على من أنكر، والاحتحاج بها والاستناد عليها لمن امن. ولهذا فقد اصبحت هذه القضية من المسلمات العقائدية لدى شيعة أهل البيت، والمتواترة إجمالا، بحيث انهم عرفوا حتى عند أعدائهم بتوليهم لهؤلاء الائمة الطاهرين، وميزوا بانهم (الاثنا عشرية) في اشارة إلى اعتقادهم بامامة الا ئمه الاثني عشر. وصار الامر عند الشيعه بحيث ان من كان لا يؤمن باحدهم أو جعل غيره مكانه لا يعد من هذه الطائفة المحقة. بل انه - كما ذكرنا سابقا - ارتبط ذكر أسمائهم عليهم السلام بالصلاة وسجدة الشكر كما في صحيحة بن جندب عن الامام موسى بن جعفر عليه السلام، وهذا لعله يراد منه ان يكون المؤمن ذاكرا لائمته في كل يوم، وحتى لا تنسى هذه الصفوة الطاهرة، أو يدعي أخرون عدم وجود الدليل أو النص عليهم أو على بعضهم.. نسال الله سبحانه وتعالى ان يثبتنا على ولايتهم في الدنيا، فلا ننجرف قي تيارات الفتن والشكوك التي تنبأ بها أئمتنا عليهم السلام وبالذات في زمان الغيبة، حيثما يرتاب المبطلون ويثبت المؤمنون، وان ينفعنا بشفاعتهم في الاخرة إنه على كل شئ قدير وبالاجابة جدير، اللهم ما عرفتنا من الحق فحملناه وما قصرنا عنه فبلغناه، برحمتك يا أرحم الراحمين.