الكتاب : تفسير ابن أبى زمنين
الذنب ثم لا يعود فيه عسى ربكم وعسى من الله واجبة أن يكفر عنكم سيئاتكم قال محمد من قرأ نصوحا بفتح النون فعلى صفة التوبة ومعناه توبة بالغة في النصح ومن قرأ نصوحا بضم النون فمعناه ينصحون فيها نصوحا يقال نصحت له نصحا ونصوحا يحيى عن الفرات عن عبد الكريم عن زياد بن الجراح عن عبد الله بن معقل قال كان أبي عند عبد الله بن مسعود فسمعته يقول لعبد الله أسمعت رسول الله يقول الندم توبة قال نعم
يحيى عن سفيان الثوري عن عاصم الأحول عن الشعبي قال التائب من الذنب كمن لا ذنب له قوله نورهم يسعى بين أيديهم أي يقودهم إلى الجنة وبأيمانهم كتبهم هي بشراهم بالجنة يقولون ربنا أتمم لنا نورنا قال مجاهد يقولونه حين يطفأ نور المنافقين يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم تفسير قتادة يعني جاهد الكفار بالسيف واغلظ على المنافقين بالحدود تفسير سورة الحريم من آيه ضرب الله مثلا للذين كفروا إلى قوله فخانتاهما تفسير ابن
عباس كانتا منافقتين تظهران الإيمان وتسران الشرك فلم يغنيا عنهما من الله شيئا لم يغن عمل نوح ولوط عليهما السلام عن امرأتيهما من الله شيئا وهذا مثل ضربه الله يحذر حفصة وعائشة للذي كان مما قص في أول السورة وضرب لهما أيضا مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون ومريم يأمرهما بالتمسك بطاعة الله وطاعة رسوله وهو قوله وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأت فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ل تسأل الثبات على الإيمان فامرأة فرعون ومنزلتها عند الله لم تغن عن فرعون من الله شيئا إذ كان كافرا قال ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها يعني جيب درعها عن الفواحش فنفخنا فيه من روحنا تناول جبريل جيبها بإصبعه فنفخ فيه فصار إلى بطنها فحملت قال وصدقت بكلمات ربها وكتابه يعني جميع الكتب في تفسير الحسن وكانت من القانتين من المطيعين لربها قال محمد العرب تقول للعفيف هو نقي الثوب وهو طيب الحجزة
(2/259)

تفسير سورة الملك
وهي مكية كلها بسم الله الرحمن الرحيم تفسير سورة الملك من الآية قوله تبارك هو من باب البركة الذي بيده أي في يده الملك ليبلوكم ليختبركم أيكم أحسن عملا وهو العزيز في نقمته الغفور لمن آمن الذي خلق سبع سماوات طباقا بعضها فوق بعض غلظ كل سماء منها مسيرة خمسمائة عام وبين كل سماءين مسيرة خمسمائة عام ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت أي اختلاف يعني مستوية فارجع البصر أي فانظر إلى السماء هل ترى من فطور من شقوق أي أنك لا ترى فيها شقوقا قال محمد من كلام العرب فطر ناب البعير إذا شق اللحم فظهر ثم ارجع البصر كرتين مرة بعد مرة ينقلب إليك البصر يرجع إليك
البصر خاسئا فاترا وهو حسير أي كليل قد أعيا لا يجد منقذا قال محمد خاسئا أصل الكلمة الإبعاد تقول خسأت الكلب إذا أبعدته وقوله حسير حقيقة الكلمة منقطع عن أن تلحق ما نظر إليه وهو معنى قول يحيى وقالوا حسر الرجل وحسر وهو الإعياء الشديد ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وهي الكواكب وجعلناها يعني الكواكب رجوما للشياطين يعني ما جعل منها رجوما وأعتدنا لهم أعددنا لهم عذاب السعير في الآخرة يعني للذين يرجمون من الشياطين تفسير سورة الملك من الآية إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا صوتا وهي تفور تغلي تكاد تميز أي تبين بعضها من بعض وتتفرق تغيظا على أعداء الله ألم يأتكم نذير نبي ينذركم عذاب جهنم قالوا بلى إن أنتم يعنون الرسل والمؤمنين إلا في ضلال في الدين كبير وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل لآمنا في الدنيا فلم نكن من أصحاب
(2/260)

السعير والسعير اسم من أسماء جهنم فسحقا فبعدا لأصحاب السعير قال محمد سحقا منصوب على المصدر المعنى أسحقهم الله سحقا أي باعدهم من رحمته مباعدة والسحيق البعيد وتقول سحق الرجل وسحق سحوقا إن الذين يخشون ربهم بالغيب في السر بذكر ذنوبه في الخلاء الله منها تفسير سورة الملك من الآية ألا يعلم من خلق على الاستفهام أي هو خلقكم فكيف لا يعلم سركم وعلانيتكم وهو اللطيف بلطفه خلق الخلق الخبير بأعمال العباد هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا أي سهل لكم السلوك فيها وذللها لكم فامشوا فامضوا في مناكبها طرقها وهو تفسير الحسن ومجاهد
وكلوا من رزقه الذي أحل لكم وإليه النشور البعث أأمنتم من في السماء على الاستفهام يعني نفسه أن يخسف بكم الأرض أي أنكم تأمنون ذلك قال فإذا هي قبل أن تخسف بكم تمور تحرك حتى يخسف بكم أم أمنتم أي أأ منتم من في السماء يعني نفسه أي تأمنون أن يرسل عليكم حاصبا كما حصب قوم لوط يعني الحجارة التي أمطرها عليهم ل ولقد كذب الذين من قبلهم قبل قومك يا محمد فكيف كان نكير على الاستفهام أي كان شديدا ونكيري عقوبتي قال محمد ذكر ابن مجاهد أن ورشا روى عن نافع نذيري و نكيري بياء في الوصل قال وقرأ الباقون بكسر الراء من غير ياء في وصل ولا وقف تفسير سورة الملك من آية
(2/261)

أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات بأجنحتها أي قد رأوها ويقبضن يعني إذا وقف الطائر صافا بجناحيه لا يزول في تفسير بعضهم أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن على الاستفهام إن أراد عذابكم أي ليس أحد ينصركم من دونه إن الكافرون ما الكافرون إلا في غرور يعني في غرور الشيطان بل لجوا في عتو وهو الشرك ونفور عن الإيمان أفمن يمشي مكبا على وجهه لا يبصر موضع قدميه وهذا مثل للكافر أهدى أمن يمشي سويا عدلا يبصر حيث يسلك وهذا مثل المؤمن أي أن المؤمن أهدى من الكافر قال محمد يقال أكب على وجهه بالألف وكبه الله بغير ألف قليلا ما تشكرون أي أقلكم من يؤمن تفسير سورة الملك من الآية قل إنما العلم عند الله يعني علم الساعة لا يعلم قيامها إلا هو وإنما أنا نذير أنذركم عذاب الله مبين أبين لكم عن الله فلما رأوه يعني
العذاب زلفة قريبا سيئت وجوه الذين كفروا ساء العذاب وجوههم وقيل لهم عند ذلك هذا الذي كنتم به تدعون لقولهم ائتنا بعذاب الله استهزاء وتكذيبا قال محمد ذكر أبو عبيد أن من القراء من قرأ الذي كنتم به تدعون خفيفة لأنهم كانوا يدعون بالعذاب في قوله اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة الآية قال وقرأ أكثرهم تدعون بالتشديد قال وهي القراءة عندنا والتشديد مأخوذ من التخفيف تدعون تفعلون و تدعون تفتعلون مشتقة منه قوله قل يا محمد أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي من المؤمنين أو رحمنا فمن يجير أي يمنع الكافرين أي ليس لهم مجير يمنعهم من عذاب الله فستعلمون يوم القيامة من هو في ضلال مبين أي أنكم أيها المشركون في ضلال مبين إن أصبح ماؤكم غورا أي قد غار في الأرض فذهب والغور الذي لا يقدر عليه ولا تدركه الدلاء فمن يأتيكم بماء معين جاء عن عكرمة المعين الظاهر قال الحسن المعين الذي أصله من العيون
قال محمد غورا مصدر موصوف به تقول ماء غور وماءان غور ومياه غور كما تقول هذا عدل وهذان عدل وهؤلاء عدل
(2/262)

تفسير سورة ن وهي مكية كلها بسم اله الرحمن الرحيم تفسير سورة ن من الآية قوله ن والقلم تفسير الحسن يعني الدواة والقلم هذا القلم الذي يكتب به وبعضهم يقول هو الحوت الذي عليه قرار الأرض وما يسطرون يكتبون يعني الملائكة ما أنت بنعمة ربك بمجنون بهذا للنبي لقول المشركين له إنه لمجنون ومقرأ العامة بالوقف والإسكان ووقع القسم على القلم وما يسطرون قال محمد قراءة نافع نون ظاهرة في رواية قالون عنه وروى غيره عنه أنه
أخفاها ذكره ابن مجاهد وإن لك لأجرا يعني الجنة غير ممنون به أي لا يمن عليك به من أذى في تفسير الحسن قال محمد وقيل معنى غير ممنون غير مقطوع يقال مننت الحبل إذا قطعته وإنك لعلى خلق عظيم يعني دين الإسلام فستبصر يوم القيامة ويبصرون يعني المشركين أي سيبصرون أنك كنت المهتدي وأنهم الضلال بأيكم المفتون يعني أيكم الضلال في تفسير الحسن بجعل الباء صلة فلا تطع المكذبين كانوا يريدون أن يترك النبي صلى الله عليه وسلم ما جاء به ودوا لو تدهن فيدهنون تفسير بعضهم يقول لو تداهن في دينك فيداهنون في أديانهم ل في الخير هماز أي يهمز الناس أي يغتابهم مشاء بنميم يفسد ذات البين مناع للخير يمنع حق الله عليه معتد أي ظالم أثيم أي آثم عتل بعد ذلك أي مع ذلك والعتل الفاحش زنيم تفسير الحسن الزنيم اللين الضريبة يعني الطبيعة
قال محمد وقيل الزنيم المعروف بالشر كما تعرف الشاة بزنمتها يقال شاة زنمة وهو ما تعلق عند حلوق المعزى والعتل عند أهل اللغة الغليظ الجافي والله أعلم قوله إن كان بأن كان ذا مال وبنين أساطير الأولين يعني كذب الأولين وباطلهم سنسمه على الخرطوم على أنفه بسواد يوم القيامة يعرف به تفسير سورة القلم من الآية إنا بلوناهم يعني أهل مكة ابتلوا بالجوع حين كذبوا النبي كما بلونا أصحاب الجنة تفسير الكلبي أنهم كانوا أبناء قوم صالحين وأن آباءهم كانوا جعلوا من جنتهم حظا للمساكين وأبناء السبيل فخلف من بعدهم
(2/263)

أبناؤهم فقالوا كبرنا وكثر عيالنا فليس للمساكين عندنا شيء فتقاسموا ليصرمنها ليجذنها مصبحين أي صبحا ولا يستثنون أي ولم يقولوا إن شاء الله فطاف عليها طائف عذاب من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم الصريم بمعنى المصروم وهو الهالك الذاهب فتنادوا مصبحين حين أصبحوا وهم يتخافتون يتسارون بينهم ألا يدخلنها اليوم عليكم مسكين أي ألا تطعموا اليوم مسكينا وغدوا على حرد قادرين على جد من أمرهم قادرين على جنتهم في أنفسهم قال محمد والحرد أيضا في اللغة المنع يقال منه حاردت السنة إذا لم يكن فيها مطر وحاردت الناقة إذا لم يكن فيها لبن فلما رأوها خرابا سوداء وعهدهم بها بالأمس عامرة قالوا إنا لضالون أي ضللنا الطريق ظنوا أنها ليست جنتهم ثم أيقنوا أنها جنتهم فقالوا بل نحن محرومون حرمنا خير جنتنا قال أوسطهم أعدلهم ألم أقل لكم لولا هلا تسبحون تستثنون كذلك العذاب أي هكذا كان العذاب كما قصصته عليكم يعني ما عذبهم به من إهلاك جنتهم ولعذاب الآخرة أكبر من عذاب الدنيا لو كانوا يعلمون يعني قريشا رجع إلى قوله إنا بلوناهم يعني قريشا لو كانوا يعلمون لعلموا أن عذاب الآخرة أكبر من عذاب الدنيا تفسير سورة القلم من آية
(2/264)

تفسير سورة القلم من آية أفنجعل المسلمين كالمجرمين كالمشركين أي لا نفعل ثم قال للمشركين ما لكم كيف تحكمون أي ليس حكمنا أن نجعل المسلمين في الآخرة كالمشركين ام لكم يقوله للمشركين كتاب فيه تدرسون تقرءون ان لكم فيه في ذلك الكتاب لما تخيرون أي ما تخيرون واللام صلة أي ليس عندكم كتاب تقرءون فيه إن لكم لما تخيرون أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة إن لكم لما تحكمون أي ما تحكمون يقول أم حلفنا لكم بأن لكم ما تحكمون به أي لم نفعل سلهم أيهم بذلك زعيم حميل يحمل عنا لهم بأن لهم ما يحكمون يوم القيامة لأنفسهم هذا لقول أحدهم ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى للجنة إن كانت جنة أم لهم شركاء خلقوا مع الله شيئا أي قد أشركوا بالله آلهة لم يخلقوا معه شيئا يوم يكشف عن ساق قال قبل هذا أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة يعني ببالغة يوم القيامة يوم يكشف عن ساق قال مجاهد كل كرب أو شدة فهو ساق ومنه
قوله والتفت الساق بالساق أي كرب الدنيا بكرب الآخرة ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون خاشعة أبصارهم أي ذليلة ل ويبقى المنافقون ظهورهم طبقا واحدا كأن فيها السفافيد فيقولون ربنا فيقول كذبتم قد كنتم تدعون إلى السجود وأنتم سالمون وذلك أن سجودهم في الدنيا لم يكن لله إنما كان رياء حتى لا يقتلوا ولا تسبى ذراريهم فذرني ومن يكذب بهذا الحديث يعني القرآن
(2/265)

وهذا وعيد لمن كذب بالقرآن سنستدرجهم يعني المكذبين من حيث لا يعلمون أي نأخذهم قليلا قليلا ولا نباغتهم وأملي لهم أي أطيل لهم وأمهلهم حتى يبلغ الوقت الذي يعذبهم فيه إن كيدي متين شديد وكيده أخذه إياهم بالعذاب أم تسألهم يقول للنبي أم تسأل المشركين على القرآن أجرا فهم من مغرم مثقلون أي قد أثقلهم الغرم أي أنك لم تسألهم أجرا أم عندهم الغيب علم الغيب فهم يكتبون لأنفسهم الجنة إن كانت جنة لقول أحدهم ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى للجنة إن كانت جنة تفسير سورة القلم من الآية فاصبرلحكم ربك أي الذي يحكم عليك وكان هذا قبل أن يؤمر بقتالهم ولا تكن كصاحب الحوت يعني يونس إذ نادى يعني في بطن الحوت وهو مكظوم مكروب وقد مضى تفسير قصة يونس لولا أن تداركه نعمة من ربه فتاب لنبذ بالعراء بالأرض وهو مذموم يعني حين أخرج من بطن الحوت في تفسير بعضهم قال محمد العراء الأرض التي لا تواري من فيها بجبل ولا شجر فاجتباه ربه فاصطفاه فأنقذه مما كان فيه فجعله من الصالحين وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك لينفذونك بأبصارهم لشدة نظرهم عداوة وبغضا لما سمعوا الذكر
قال محمد يزلقونك في اللغة معناه يصرعونك ومنه قول الشاعر يتقارضون إذا التقوا في مجلس نظرا يزيل مواطئ الأقدام وقراءة نافع ليزلقونك من زلقت بفتح الياء قوله ويقولون إنه يعنون محمدا لمجنون وما هو يعني القرآن إلا ذكر للعالمين يذكرون به الآخرة والجنة والنار
(2/266)

تفسير سورة الحاقة
وهي مكية كلها بسم الله الرحمن الرحيم تفسير سورة الحاقة من آية قوله الحاقة ما الحاقة وما أدراك ما الحاقة أي أنك لم تك تدري ما الحاقة حتى أعلمتكها والحاقة اسم من أسماء القيامة أحقت لأقوام الجنة وأحقت لأقوام النار يحيى وبلغني أن كل شيء في القرآن وما أدراك فقد أدراه إياه وكل شيء وما يدريك فهو ما لم يعلمه إياه بعد قال محمد قوله الحاقة ما الحاقة اللفظ لفظ الاستفهام والمعنى تفخيم شأنها كما تقول فلان ما فلان كذبت ثمود وعاد بالقارعة تفسير الكلبي القارعة اسم من أسماء القيامة فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية قال الكلبي الطاغية الصاعقة التي أهلكوا
(2/267)

بها وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر باردة شديدة البرد عاتية عتت على خزانها بأمر ربها كانت تخرج بقدر فعتت يومئذ على خزانها وهي ريح الدبور سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما أي تباعا ليس فيها تفتير وكان ذلك من يوم الأربعاء إلى الأربعاء الآخر والليالي سبع من ليلة الخميس إلى ليلة الأربعاء قال محمد قوله حسوما يقال هو من حسم الداء لأنه يكون مرة بعد مرة يتابع عليه بالكي وقيل المعنى تحسمهم حسوما أي تذهبهم وتفنيهم فالله أعلم فترى القوم فيها صرعى أخبر عنهم كأنهم أعجاز نخل شبههم بالنخل التي قد انقعرت فوقعت وقوله خاوية يعني بالية أخذت أبدانهم من أرواحهم كالنخل الخاوية وقوله فهل ترى لهم من باقية يعني من ل بقية أي قد أهلكوا فلا ترى منهم أحدا وجاء فرعون ومن قبله ممن كذب الرسل والمؤتفكات وهي قريات قوم لوط بالخاطئة يعني الشرك فعصوا رسول ربهم عصى كل قوم رسول ربهم الذي أرسل إليهم فأخذهم أخذة رابية شديدة في تفسير مجاهد قال محمد رابية المعنى تزيد على الأخذات وهو معنى قول مجاهد إنا لما طغى الماء على خزانه بأمر ربه كان يخرج بقدر فطغى يوم غرق الله قوم نوح حملناكم يعني نوحا ومن معه الذين من ذريتهم في الجارية يعني السفينة لنجعلها لكم تذكرة فيذكرون أن جميع من في الأرض غرق غير أهل السفينة وتعيها أذن واعية حافظة وهي أذن المؤمن سمع التذكرة فوعاها بقلبه
(2/268)

قال محمد وعيت العلم و ووعيت ما قلت أي حفظته وكذلك كل شيء حفظته في نفسك ويقال لكل شيء حفظته في غير نفسك أوعيته ومنه أوعيت المتاع في الوعاء تفسير سورة الحاقة من آية فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة وهي النفخة الآخرة قال محمد القراءة نفخة واحدة بالرفع على ما لم يسم فاعله المعنى نفخ نفخة واحدة في الصور وحملت الأرض والجبال تحمل من أصولها فتذهب فدكتا دكة واحدة تصير أرضها مستوية فيومئذ وقعت الواقعة يعني وقع العذاب بأهل العذاب وانشقت السماء فهي يومئذ واهية كقوله وفتحت السماء فكانت أبوابا يعني تشققها والواهية الضعيفة ليست في الشدة كما كانت والملك يعني جميع الملائكة على أرجائها على حافات السماء يعني أطرافها قال محمد رجا كل شيء ناحيته مقصور والتثنية رجوان والجمع أرجاء
ويحمل عرش ربك فوقهم فوق الخلائق يومئذ ثمانية قال قتادة هم اليوم أربعة من الملائكة وهم يومئذ ثمانية يحيى عن إبراهيم بن محمد عن محمد بن المنكدر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لي أن أحدث عن ملك من حملة العرش رجلاه في الأرض السفلى وعلى قرنه العرش وبين شحمة أذنه إلى عاتقه خفقان الطير مسيرة سبعمائة سنة يقول سبحانك حيث كنت
يحيى بلغني أن اسمه رزوفيل تفسير سورة الحاقة من آية يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية لا يخفى على الله من أعمالكم شيء فأما من أوتي كتابه بيمينه فيعرف أنه من أهل الجنة فيقول هاؤم أي هاكم اقرءوا كتابيه وذلك حين يأذن الله له فيقرأ كتابه فإذا كان الرجل في الخير رأسا يدعو إليه ويأمر به ويكثر عليه تبعه دعي باسمه واسم أبيه
(2/269)

فيتقدم حتى إذا دنا أخرج له كتاب أبيض بخط أبيض في باطنه السيئات وفي ظاهره الحسنات فيبدأ بالسيئات فيقرؤها فيشفق ويتغير لونه فإذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه هذه سيئاتك قد غفرت لك فيفرح ثم يقلب كتابه فيقرأ حسناته قلا يزداد إلا فرحا حتى إذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه هذه حسناتك وقد ضوعفت لك فيبيض وجهه ويؤتى بتاج فيوضع على رأسه ويكسى حلتين ويحلى كل مفصل منه ويطول ستين ذراعا وهي قامة آدم ويقال انطلق إلى أصحابك فبشرهم وأخبرهم أن لكل إنسان منهم مثل هذا فإذا أدبر قال هاؤم أي هاكم اقرءوا كتابيه إني ظننت علمت أني ملاق حسابيه قال الله فهو في عيشة راضية أي مرضية قد رضيها في جنة عالية قطوفها ثمارها وعناقيدها دانية أدنيت منهم فيقول لأصحابه هل تعرفونني فيقولون قد غيرتك كرامة الله من أنت فيقول أنا فلان بن فلان أبشر كل رجل منكم بمثل هذا كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم قدمتم في أيام الدنيا و إذا كان الرجل في الشر رأسا يدعو إليه ل ويأمر به فيكثر عليه تبعه نودي باسمه واسم أبيه فيتقدم إلى حسابه فيخرج له كتاب أسود بخط أسود في باطنه الحسنات وفي ظاهره السيئات فيبدأ بالحسنات فيقرؤها فيفرح ويظن أنه سينجو فإذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه هذه حسناتك وقد ردت عليك فيسود وجهه ويعلوه الحزن ويقنط من الخير ثم يقلب كتابه فيقرأ سيئاته فلا يزداد إلا حزنا ولا يزداد وجهه إلا سوادا فإذا بلغ آخر الكتاب وجد فيه هذه سيئاتك وقد ضوعفت عليك أي يضاعف عليه العذاب ليس المعنى أنه يزاد عليه ما لم يعمل
(2/270)

قال فيعظم للنار وتزرق عيناه ويسود وجهه ويكسى سرابيل القطران ويقال له انطلق إلى أصحابك فأخبرهم إن لكل إنسان منهم مثل هذا فينطلق وهو يقول يا ليتني لم أوت كتابيه ولم أدر ما حسابيه يا ليتها كانت القاضية يتمنى الموت هلك عني سلطانيه تفسير ابن عباس هلكت عني حجتي قال الله خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه أي اجعلوه يصلي الجحيم ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا الله أعلم بأي ذراع فاسلكوه فيسلك فيها تدخل من فيه حتى تخرج من دبره ولو أن حلقة منها وضعت على جبل لذاب فينادي أصحابه هل تعرفونني فيقولون لا ولكن قد نرى ما بك من الخزي فمن أنت فيقول أنا فلان ابن فلان إن لكل إنسان منكم مثل هذا قال الله فليس له اليوم ها هنا حميم أي شفيق ينفعه ولا طعام إلا من غسلين يعني غسالة أهل النار القيح والدم لا يأكله إلا الخاطئون المشركون قال محمد الاختيار أن يوقف على الهاءات التي مضت في قوله كتابيه حسابيه و ماليه و سلطانيه وتوصل وقد حذفها قوم في الوصل وهو خلاف المصحف ذكره الزجاج تفسير سورة الحاقة من آيه
(2/271)

تفسير سورة الحاقة من آيه قوله فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون أقسم بكل شيء أن القرآن لقول رسول كريم على الله يعني محمد صلى الله عليه وسلم وما هو ما القرآن بقول شاعر قليلا ما تؤمنون أقلكم من يؤمن ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون أقلكم من يتذكر أي يؤمن تنزيل يعني القرآن من رب العالمين ولو تقول علينا يعني محمدا بعض الأقاويل فزاد في الوحي أو نقص منه لأخذنا منه باليمين أي بالحق عقوبة وتفسير الحسن يقول لقطعنا يده اليمنى ثم لقطعنا منه الوتين وهو العرق الذي القلب معلق به فإذا إنقطع مات الإنسان فما منكم من أحد عنه حاجزين قال محمد حاجزين من نعت أحد و أحد في معنى جميع المعنى فما منكم قوم يحجزون عنه وإنه يعني القرآن لتذكرة للمتقين هم الذين يقبلون التذكرة وإنه يعني القرآن لحسرة على الكافرين يوم القيامة إذ لم يؤمنوا به في الدنيا وإنه يعني القرآن لحق اليقين أنه من عند الله فسبح باسم ربك العظيم قال محمد التسبيح معناه تنزيه الله من السوء وتبرئته تبارك وتعالى
تفسير سورة سأل سائل وهي مكية كلها بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة المعارج
قوله تعالى سأل سائل العامة يهمزونها من باب السؤال قال الحسن إن المشركين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم لمن هذا العذاب الذي تذكر أنه يكون في الآخرة فقال الله سأل سائل بعذاب أي عن عذاب واقع للكافرين وكان بعضهم يقرؤها سال سيل بغير همز من باب السيل وقال هو واد من نار يسيل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع يدفعه من الله ذي المعارج ذي المراقي إلى السماء تعرج الملائكة والروح إليه في يوم يعني يوم القيامة كان مقداره خمسين ألف سنة يقول هذا كان مقداره لو ولي غير الله حساب الخلائق والله تعالى يفرغ منهم في مقدار
(2/272)

ل نصف يوم من أيام الدنيا وهو قوله وهو أسرع الحاسبين فاصبر صبرا جميلا ليس فيه جزع على تكذيب المشركين لك إنهم يرونه بعيدا يعني يوم القيامة يقولون ليس بكائن ونراه قريبا جائيا وكل ما هو آت قريب يوم تكون السماء أي ذلك يوم تكون السماء كالمهل كعكر الزيت في تفسير زيد بن أسلم وتكون الجبال كالعهن كالصوف الأحمر وهو أضعف الصوف وهي في حرف ابن مسعود كالصوف الأحمر المنفوش ولا يسأل حميم حميما تفسير الحسن لا يسأل قريب قريبه أن يحمل عنه من ذنوبه شيئا كما كان يحمل بعضهم في الدنيا عن بعض قال محمد الحميم القريب والحميم أيضا الماء الشديد الحر تفسير سورة المعارج من آيه قوله يبصرونهم يبصر الرجل قرابته أي يعرفهم في بعض المواطن وفي بعضها لا يعرف بعضهم بعضا يود المجرم يعني المشرك ومعنى فصيلته عشيرته ومعنى تؤويه تنصره في الدنيا ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه ذلك من عذاب الله كلا إنها لظى نزاعة يعني أكالة للشوى يعني الهام في تفسير الحسن تدعو من أدبر عن الإيمان
(2/273)

وتولى عن طاعة الله وجمع فأوعى يعني جمع المال فأوعاه تفسير سورة المعارج من آية إن الإنسان يعني المشرك خلق هلوعا يعني ضجرا إذا مسه الشر يعني الشدة جزوعا لم يصبر ليست له فيها حسبة وإذا مسه الخير يعني إذا أعطي المال منوعا أي يمنع حق الله فيه إلا المصلين يعني المسلمين الذين هم على صلاتهم دائمون يدومون عليها في تفسير الحسن والذين في أموالهم حق معلوم وهي الزكاة المفروضة للسائل والمحروم تفسير الحسن السائل المسكين الذي يسأل عند الحاجة والمحروم الفقير الذي لا يسأل على حال فحرم ان يعطى عن المسألة كما يعطى السائل وإن أعطي شيئا قبل والذين يصدقون بيوم الدين بيوم الحساب والذين هم من عذاب ربهم مشفقون خائفون فمن ابتغى وراء ذلك وراء أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فأولئك هم العادون الزناة تعدوا الحلال إلى الحرام والذين هم لأماناتهم يعني ما افترض الله عليهم والأمانات فيما بينهم وبين الناس وعهدهم ما عاهدوا
عليه راعون حافظون يعني يؤدون الأمانات ويوفون بالعهد فيما بينهم وبين الناس فيما وافق الحق والذين هم بشهاداتهم قائمون وهي شهادات فيما بين الناس يقومون بها إذا كانت عندهم والذين هم على صلاتهم يحافظون على وضوئها ومواقيتها وركوعها وسجودها تفسير سورة المعارج من آية فمال الذين كفروا قبلك مهطعين يعني منطلقين يأخذون يمينا وشمالا يقولون ما يقول هذا الرجل عزين أي متفرقين في تفسير الحسن عن النبي يكذبون بما جاء به قال محمد مهطعين منصوب على الحال و عزين جمع عزة والعزة الجماعة أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم لقول أحدهم ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى للجنة إن كانت جنة كما يقولون قال الله كلا ليسوا من أهل الجنة ثم قال إنا خلقناهم مما يعلمون
(2/274)

يعني من النطف فلا أقسم برب المشارق والمغارب قال قتادة للشمس ثلاثمائة وستون مشرقا وثلاثمائة وستون مغربا إنا لقادرون على أن نبدل خيرا منهم أي على أن نهلكهم بالعذاب ونبدل خيرا منهم آدميين أطوع لله منهم وما نحن بمسبوقين بمغلوبين على ذلك أن أردناه فذرهم يخوضوا في كفرهم ويلعبوا فقد قامت عليهم الحجة حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون يعني يوم القيامة ثم أمر بقتالهم يوم يخرجون من الأجداث القبور سراعا إلى صاحب الصور كأنهم إلى نصب أي إلى علم منصوب في قراءة من قرأها بنصب النون وإسكان الصاد يوفضون يسرعون خاشعة أبصارهم أي ذليلة ترهقهم تغشاهم ذلة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون ل
تفسير سورة إنا أرسلنا نوحا وهي مكية كلها بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة نوح
من آية قوله إنا أرسلنا نوحا إلى قومه إلى قوله عذاب أليم أي موجع يغفر لكم من ذنوبكم أي يغفر لكم ذنوبكم كلها و من صلة ويؤخركم إلى أجل مسمى إلى مدتكم فيكون موتكم بغير عذاب إن أجل الله يعني القيامة في تفسير الحسن لو كنتم تعلمون لعلمتم أن القيامة جائية وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم أي كلما دعوتهم أن يتوبوا من الشرك ويؤمنوا فتغفر لهم أبوا جعلوا أصابعهم في آذانهم يتولون ويكرهون ذلك واستغشوا ثيابهم غطوا رءوسهم لكي لا يسمعوا دعائي
(2/275)

إياهم إلى الإيمان وأصروا أقاموا على الكفر واستكبروا عن عبادة الله ثم إني دعوتهم جهارا مجاهرة ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا أي خلطت دعاءهم في العلانية بدعاء السر يرسل السماء عليكم مدرارا أي تدر عليكم بالمطر ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا قال محمد جنات بساتين وقيل إنهم كانوا قدأجدبوا فأعلمهم أن إيمانهم بالله يجمع لهم مع الحظ الوافر في الآخرة الخصب والغنى في الدنيا تفسير سورة نوح من آية قوله ما لكم لا ترجون لله وقارا أي لا تخافون لله عظمة وقد خلقكم أطوارا تفسير قتادة يعني نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظما ثم لحما قال محمد أطوارا أي طورا بعد طور نقلكم من حال إلى حال وهو معنى قول قتادة وقوله ترجون تخافون ومثله قول الشاعر محلتهم ذات الإله ودينهم قويم فما يرجون غير العواقب أي ما يخافون إلا خواتم الأعمال قوله سبع سماوات طباقا يعني بعضها فوق بعض
قال محمد طباقا من نعت سبع أي خلق سبعا ذات أطباق وجعل القمر فيهن نور ا أي معهن ضياء لأهل الأرض في تفسير الكلبي والله أنبتكم من الأرض نباتا خلقكم من الأرض خلقا يعني خلق آدم قال محمد نباتا محمول في المصدر على المعنى لأن معنى أنبتكم جعلكم تنبتون نباتا ويخرجكم إخراجا منها يوم القيامة لتسلكوا منها سبلا فجاجا تفسير قتادة يعني طرقا بينة واتبعوا اتبع بعضهم بعضا على التكذيب من لم يزده ماله وولده إلا خسارا عند الله باتباعهم إياه ومكروا مكرا كبارا عظيما وهو الشرك قال محمد يقال مكر كبير وكبار في معنى واحد تفسير سورة نوح من آية
(2/276)

تفسير سورة نوح من آية وقالوا لا تذرن آلهتكم إلى قوله ونسرا وهي أسماء آلهتهم أي لا تدعوا عبادتها وقد أضلوا كثيرا تفسير الحسن يعني الأصنام أي ضل كثير من الناس بعبادتهم إياها من غير أن تكون الأصنام دعت إلى عبادتها ولا تزد الظالمين المشركين إلا ضلالا هذا دعاء نوح على قومه حين أذن الله له بالدعاء عليهم مما خطيئاتهم أي بخطاياهم أغرقوا فأدخلوا نارا أي وجبت لهم النار قال محمد مما خطيئاتهم قيل إن المعنى من خطيئاتهم و ما زائدة لا تذرعلى الأرض من الكافرين ديارا أي أحدا وهذا حيث أذن الله له بالدعاء عليهم ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا أي أنهم إن ولدوا وليدا فأدرك كفر وهو شيء علمه نوح من قبل الله وهو قوله وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن قال نوح رب اغفر لي ولوالدي قال الحسن كانا مؤمنين ولمن دخل بيتي مؤمنا تفسير بعضهم يعني دخل قال محمد إسكان الياء من بيتي وفتحها جائز وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا
تفسير سورة الجن
وهي مكية بسم الله الرحمن الرحيم تفسير سورة الجن من آية قوله قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن وهم ل فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد أي يبين سبيل الهدى فآمنا به وكانوا قبل ذلك فيما ذكر على اليهودية وأنه تعالى ارتفع جد ربنا عظمته وكبرياؤه وأنه كان يقول سفيهنا وهو المشرك منهم على الله شططا أي جورا وكذبا قال الله وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا تفسير الكلبي أن رجالا من الإنس كان أحدهم في الجاهلية إذا كان مسافرا فأمسى في الأرض القفر نادى أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه فيبيت في منعة منه حتى يصبح فزادوهم رهقا زادت الجن لتعوذهم بهم إثما وأنهم ظنوا ظن المشركون من الجن كما ظننتم يقوله للمشركين من الإنس أن لن يبعث الله أحدا
(2/277)

يجحدون البعث تفسير سورة الجن من آية وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا هذا قول الجن من كان يفعل ذلك منهم وأنا كنا نقعد منها من السماء مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا أي حفظة تمنع من الاستماع قال محمد الشهاب الرصد أي قد أرصد به للرجم و شهبا جمع شهاب قال يحيى وكانوا يستمعون أخبارا من أخبار السماء وأما الوحي فلم يكونوا يقدرون على أن يستمعوه يحيى عن عبيد الصمد قال سمعت أبا رجاء العطاردي يقول كنا قبل أن يبعث النبي ما نرى نجما يرمى به فبينما نحن ذات ليلة إذا النجوم قد رمي بها فقلنا ما هذا إن هذا الإ أمر حدث فجاءنا أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا تفسير
الحسن أنهم قالوا هذا أمر حدث حين رمي بالنجوم فلا ندري أشر أراد الله بأهل الأرض أن يهلكهم أم أراد بهم ربهم رشدا أم أحدث لهم منه نعمة وكرامة وأنا منا الصالحون المؤمنون ومنا دون ذلك يعنون المشركين كنا طرائق قددا وفي الجن مؤمنون ويهود ونصارى ومجوس وعبدة الأوثان قال محمد طرائق أي كنا فرقا والقدد جمع قدة وهي بمنزلة قطعة وقطع قوله وأنا ظننا علمنا أن لن نعجز الله أن نسبق الله حتى لا يقدر علينا فيبعثنا يوم القيامة وأنا لما سمعنا الهدى القرآن آمنا به صدقنا به فلا يخاف بخسا يعني أن ينقص من عمله ولا رهقا ظلما أن يزاد عليه ما لم يعمل قال محمد أصل الرهق في اللغة العيب والظلم يقال رهق وترهق في دينه إذا ظلم تفسير سورة الجن من آية
(2/278)

تفسير سورة الجن من آية وأما القاسطون الجائرون عن الهدى قال محمد يقال قسط إذا جار وأقسط إذا عدل فأولئك تحروا رشدا أصابوا الرشد وألوا استقاموا على الطريقة على الإيمان لأسقيناهم ماء غدقا أي لأوسعنا لهم من الرزق في تفسير الحسن لنفتنهم فيه لنختبرهم فيه فنعلم كيف شكرهم قال محمد قالوا غدقت الأرض وأغدقت إذا ابتلت وقالوا مطر غيداق أي كثير وسنة غيداق إذا أخصبت نسلكه ندخله عذابا صعدا تفسير قتادة لا راحة فيه قال محمد يقال تصعدني الأمر إذا شق علي وأن المساجد لله قال محمد المعنى ولأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا تفسير الحسن قال يقول ليس من قوم غير المسلمين يقومون في مساجدهم إلا وهم يشركون بالله فيها فأخلصوا لله
وأنه لما قام عبد الله يدعوه يدعو الله كادوا كاد المشركون يكونون عليه لبدا تفسير من الحرد عليه قال محمد كل شيء ألصقته بشيء إلصاقا شديدا فقد لبدته تفسير سورة الجن من آية قل إني لا أملك لكم ضرا أن أدخلكم في الكفر ولا رشدا أن أكرهكم على الهدى قل إني لن يجيرني من الله أحد ولن أجد من دونه ملتحدا ملجأ ألجأ إليه ل إلا بلاغا من الله فسيعلمون من أضعف ناصرا أي أنكم أيها المشركون لا ناصر لكم وأقل عددا أي يفرد كل إنسان بعمله قل إن أدري أقريب ما توعدون أيها المشركون من مجيء الساعة أم يجعل له ربي أمدا عالم الغيب والغيب ها هنا في تفسير قتادة الوحي فلا
يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا من الملائكة يحفظونه حتى يبلغ عن الله الرسالة ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم ليعلم ذلك الرسول أن الرسل قبله قد بلغوا رسالات ربهم وأحاط الله بما لديهم يعني ما أرسلوا به فلا يوصل إليهم حتى يبلغوا عن الله الرسالة وأحصى كل شيء من خلقه عددا قال محمد عددا حال المعنى وأحصى كل شيء في حال العدد
(2/279)

تفسير سورة المزمل
وهي مكية كلها بسم الله الرحمن الرحيم تفسير سورة المزمل من آيه قوله يا أيها المزمل يعني النبي صلى الله عليه وسلم والمزمل هو المتزمل بثيابه قال محمد يقال تزمل فلان إذا تلفف بثيابه وكل شيء لفف فقد زمل وجاء عن ابن عباس أنه قال يقول للنبي يا أيها المزمل بثيابه يعني يلبسها للصلاة قم الليل إلاقليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه قال محمد نصفه أي قم نصفه ورتل القرآن ترتيلا أي ترسل فيه ترسلا إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا تفسير قتادة يعني فرائضه وحدوده والعمل به إن ناشئة الليل قيام الليل قال ابن عباس وهي بلسان الحبش فإذا قام الرجل قالوا قد
نشأ فلان قال قتادة وما كان بعد العشاء فهو من ناشئة الليل هي أشد وطئا وهي تقرأ وطأ مفتوحة الواو مقصورة ووطاء مكسورة الواو ممدودة فمن قرأها وطئا بفتح الواو فتفسيرها عند قتادة أثبت في الخير ومن قرأها بكسر الواو والمد فتفسيرها عند ابن عباس أشد مواطأة للقلب لفراغه لأن الأصوات تهدأ في الليل قال محمد وطاء مصدر واطأت وأراد مواطأة القلب والسمع على الفهم للقرآن والأحكام لتأويله وإليه ذهب يحيى وقوله وأقوم قيلا أي أصدق في التلاوة وأجدر ألا يلبس عليك الشيطان تلاوتك إن لك في النهار سبحا أي فراغا طويلا لحوائجك وتبتل إليه تبتيلا أخلص له إخلاصا رب المشرق والمغرب مشرق الشمس ومغربها فاتخذه وكيلا واصبر على ما يقولون ما يقول لك المشركون وهي منسوخة نسختها القتال وذرني والمكذبين أولي النعمة في الدنيا فسأعذبهم يوم القيامة وهذا وعيد يقال إنها نزلت في بني المغيرة وكانوا ناعمين ذوي غنى قال محمد النعمة التنعم والنعمة اليد الجميلة والصنع من الله للإنسان
(2/280)

ومهلهم قليلا أي أن بقاءهم في الدنيا قليل ثم يصيرون إلى النار إن لدينا عندنا أنكالا وهي القيود قال محمد واحدها نكل وطعاما ذا غصة تغص به الحلوق تفسير سورة المزمل من آيه يوم ترجف الأرض أي ذلك لهم يوم ترجف الأرض تتزلزل والجبال وكانت أي وصارت يعني الجبال كثيبا أي رملا مهيلا أي سائلا فأخذناه أخذا وبيلا شديدا قال محمد يقال استوبلت البلد ويقال كلأ م ستوبل أي لا يستمرأ يوما يجعل الولدان شيبا أي فكيف تتقون ذلك اليوم الذي يجعل الولدان فيه شيبا أي إن كفرتم لم تتقوه السماء منفطر به أي منشق فيه قال محمد قوله السماء منفطر به أي ذات انفطار كما تقول امرأة مرضع أي ذات رضاع
إن هذه تذكرة أي أن هذة السورة تذكرة للآخرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا وطاعته تفسير سورة المزمل آية إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى أقل من ثلثي الليل إلى قوله علم أن لن تحصوه الليل فتاب عليكم تفسير ل قتادة كان الفرض قيام الليل في أول هذه السورة يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولا حتى انتفخت أقدامهم وأمسك الله خاتمتها في السماء اثني عشر شهرا ثم أنزل إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وبعضعم يقرؤها وثلثه إلى قوله فاقرءوا ما تيسر منه وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فريضتان واجبتان فصار قيام الليل تطوعا وأقرضوا الله قرضا حسنا تفسير الحسن هذا في التطوع وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا
قال محمد المعنى تجدوه خيرا لكم من متاع الدنيا ودخلت هو فصلا وأعظم أجرا أي يثيبكم عليه الجنة واستغفروا الله إن الله غفور رحيم لمن آمن
(2/281)

تفسير سورة المدثر
وهي مكية كلها بسم الله الرحمن الرحيم تفسير سورة المدثر من آيه قوله يا أيها المدثر المتدثر بثيابه يعني النبي صلى الله عليه وسلم قال جابر بن عبد الله هذه أول آية نزلت على النبي قال يحيى والعامة على أن أول ما نزل اقرأ باسم ربك الذي خلق قال محمد وكان ابن عباس يفسر المدثر تدثر بثيابه وتلثم قم فأنذر من النار وربك فكبر وثيابك فطهر تفسير قتادة لا تلبسها على معصيتي ويقال للرجل الصالح إنه لطاهر الثياب والرجز فاهجر يعني الأوثان لا تعبدها قال محمد أصل الرجز العذاب فسميت الأوثان رجزا لأنها تؤدي إلى العذاب
ولا تمنن تستكثر تفسير الضحاك بن مزاحم هي الهدية تهديها ليهدى إليك خير منها قال حماد بن سلمة وهي في قراءة أبي ولا تمنن أن تستكثر وذلك تفسيرها على قراءة من قرأها بالرفع قال محمد قيل إنه خاطب بهذا النبي صلى الله عليه وسلم خاصة لأن الله عز وجل أدبه بأشرف الآداب وأسنى الأخلاق وليس على الإنسان إثم أن يهدي هدية يرجو بها ما هو أكثر منها قال يحيى وكان الحسن يقرؤها تستكثر موقوفة قال وفيها تقديم وتأخير يقول لا تستكثر عملك فتمن علينا ولربك فاصبر على ما أوذيت فإذا نقر في الناقور أي إذا نفخ في الصور فذلك يومئذ يوم عسير أي عسير على الكافرين غير يسير ليس لهم من يسره شيء وإنما يسره للمؤمنين تفسير سورة المدثر من آية
(2/282)

ذرني ومن خلقت وحيدا نزلت في الوليد بن المغيرة وهذا وعيد له وجعلت له مالا ممدودا واسعا وبنين شهودا يعني حضورا معه بمكة لا يسافرون كان له اثنا عشر ولدا رجالا ومهدت له تمهيدا بسطت له في الدنيا بسطا ثم يطمع أن أزيد تفسير الحسن ثم يطمع أن أدخله الجنة لقول المشرك ولئن رجعت إلى ربي كما يقولون إن لي عنده للحسنى للجنة إن كانت جنة قال كلا لا ندخله الجنة إنه كان لآياتنا عنيدا معاندا لها جاحدا بها سأرهقه صعودا أي سأحمله على مشقة من العذاب قال محمد ويقال العقبة الشاقة صعود وكذلك الكئود إنه فكر وقدر إلى قوله إن هذا إلا قول البشر تفسير الكلبي أن الوليد بن المغيرة قال يا قوم إن أمر هذا الرجل يعني النبي صلى الله عليه وسلم قد فشا وقد حضر الموسم وإن الناس سيسألونكم عنه فماذا قال إذا والله يستنطقونه فيجدونه فصيحا عالا فيكذبونكم إذا والله يلقونه فيخبرهم بما لا يخبرهم به الكاهن قالوا فنخبر يعرفون الشعر ويروونه فيستمعونه فلا يسمعون شيئا قريش صبأ والله الوليد لئن قريش ل كلها قال أبو جهل فأنا أكفيكموه فانطلق أبو جهل فجلس إليه وهو كهيئة الحزين فقال له الوليد ما يحزنك يا ابن أخي قال ومالي لا أحزن وهذه قريش تجمع لك نفقة يعينوك بها على كبرك وزمانتك
(2/283)

قال أولست أكثر منهم مالا وولدا قال فإنهم يقولون إنك قلت الذي قلت لتصيب من فضول طعام محمد وأصحابه قال والله ما يشبعون من الطعام فأي فضل يكون لهم ولكني أكثرت الحديث فيه فإذا الذي يقول سحر وقول بشر فاجتمع إليه قومه فقالوا كيف يا أبا المغيرة يكون قوله سحر أو قول بشر قال أذكركم الله هل تعلمون أنه فرق بني فلانة وزوجها وبين فلان وابنه وبين فلان وابن أخيه وبين فلان مولى بني فلان وبين مواليه يعني من أسلم فقالوا اللهم نعم قد فعل ذلك قال فهو ساحر فأنزل الله فيه إنه فكر وقدر فقتل أي فلعن كيف قدر ثم قتل لعن كيف قدر ثم نظر ثم عبس وبسر كلح قال محمد عبس وبسر أي قطب وكره يقال بسر وبسر وأصل الكلمة من قولهم بسر الفحل الناقة إذا ضربها قبل وقتها ثم أدبر واستكبر فقال إن هذا يعني القرآن إلا سحر يؤثر يروى إن هذا إلا قول البشر يعنون عداسا غلام عتبة كقوله ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر هو عداس في تفسير الحسن قال سأصليه سقر وسقر اسم من أسماء جهنم وما أدراك ما سقر أي أنك لم تكن تدري ما سقر حتى أعلمتك لا تبقي ولا تذر لا تبقي إذا دخلها شيئا من لحمه ودمه وشعره وبشره وعظامه وأحشائه حتى تهجم على الفؤاد فيصيح الفؤاد فإذا انتهت إلى فؤاده لم تجد شيئا تتعلق به ثم يجدد الله خلقه فتأكله أيضا لواحة للبشر أي محرقة للجلد
(2/284)

قال محمد البشر جمع بشرة ومعنى لواحة مغيرة تقول لاحته الشمس إذا غيرته عليها تسعة عشر لما نزلت هذه الآية قال أبو جهل يا معشر قريش أرى محمدا يخوفكم بخزنة النار ويزعم أنهم تسعة عشر أفيعجز كل مائة منكم أن يبطشوا بواحد منهم فتخرجوا منها فقال أبو الأسود الجمحي أنا أكفيكم منهم سبعة عشر عشرة على ظهري وسبعة على صدري فاكفوني أنتم اثنين فأنزل الله تفسير سورة المدثر من آية وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة أي فمن يطيقهم وما جعلنا عدتهم إلا فتنة بلية للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا كتاب لأنهم في كتبهم تسعة عشر ويزداد الذين آمنوا إيمانا تصديقا ولا يرتاب يشك
الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون فيما أنزل الله من عددهم ويقول الذين في قلوبهم مرض شك والكافرون الجاحدون ماذا أراد الله بهذا مثلا أي ذكرا وذلك منهم استهزاء وتكذيب قال الله كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك إلا هو يحيى عن صاحب له عن أبان بن أبي عياش عن الحسن أن سائلا سأل رسول الله عن خلق الملائكة من أي شيء خلقت فقال من نور الحجب السبعين التي تلي الرب كل حجاب منها مسيرة خمسمائة عام فليس ملك إلا وهو يدخل في نهر الحياة فيغتسل فيكون من كل قطرة من ذلك الماء ملك فلا يحصي أحد ما يكون في يوم واحد فهو قوله وما يعلم
جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر رجع إلى قوله سأصليه سقر وما أدراك ما سقر كلا والقمر والليل إذ أدبر إذ ولى وبعضهم يقرأ إذا أدبر إذا ولى قال محمد يقال دبر الليل وأدبر كقولك قبل الليل وأقبل ويقال دبرني فلان وخلفني يعني إذا جاء بعدي والصبح إذا أسفر إنها لإحدى الكبر لإحدى العظائم يعنى
(2/285)

قال محمد الكبر جمع كبرى مثل أولى وأول وصغرى وصغر ولجهنم ل سبعة أبواب جهنم ولظى والحطمة وسقر والجحيم والسعير والهاوية قوله نذيرا للبشر يعني محمد صلى الله عليه وسلم رجع إلى أول السورة يا أيها المدثر قم نذيرا للبشر فأنذر قال لمن شاء منكم أن يتقدم في الخير أو يتأخر في الشر كقوله فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر وهذا وعيد كل نفس يعني من أهل النار بما كسبت بما عملت رهينة في النار إلا أصحاب اليمين وهم أصحاب الجنة كلهم في هذا الموضع في جنات يتساءلون عن المجرمين أي يسائلون المجرمين ما سلككم ما أدخلكم في سقر فأجابهم المشركون قالوا لم تك من المصلين إلى قوله حتى أتانا اليقين قال الله فما تنفعهم شفاعة الشافعين أي لا يشفع لهم الشافعون يحيى عن أبي أمية عن المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم القيامة شفع النبي لأمته والشهيد لأهل بيته والمؤمن لأهل بيته وتبقى شفاعة الرحمن يخرج الله أقواما من النار قد احترقوا وصاروا فحما فيؤمر بهم إلى نهر في الجنة يقال له الحياة فينبتون كما ينبت الغثاء في بطن المسيل ثم يقومون فيدخلون الجنة فهم آخر أهل الجنة دخولا وأدناهم منزلة
تفسير سورة المدثر من آية قوله فما لهم عن التذكرة عن القرآن معرضين كأنهم حمر مستنفرة أي حمر وحش فرت من قسورة تفسير بعضهم القسورة الأسد قال محمد معرضين منصوب على الحال ومعنى مستنفرة مذعورة استنفرت فنفرت قيل إن اشتقاق قسورة من القسر وهو القهر لأن الأسد يقهر السباع بل يريد كل امرئ منهم يعني مشركي قريش أن يؤتى صحفا منشرة إلى كل إنسان باسمه أن آمن بمحمد قال الله كلا أنتم أهون على الله من ذلك ثم قال بل لا تخافون الآخرة لا يؤمنون بها كلا إنه تذكرة يعني القرآن فمن شاء ذكره هو أهل التقوى أي أهل أن يتقى وأهل المغفرة أهل أن يغفر ولا يغفر إلا للمؤمنين
(2/286)

تفسير لا أقسم بيوم القيامة وهي مكية كلها بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة القيامة
من آية قوله لا أقسم بيوم القيامة المعنى أقسم و لا صلة وكذلك قوله ولا أقسم بالنفس اللوامة معناه أقسم قال الحسن وهو نفس المؤمن إن المؤمن لا تلقاه إلا وهو يلوم نفسه يقول ما أردت بكلامي ما أردت بكذا ما أردت بكذا يندم على ما فات ويلوم نفسه أيحسب الإنسان وهو المشرك أن لن نجمع عظامه أي أن لن نبعثه بلى قادرين على أن نسوي بنانه يعني مفاصله قال محمد قادرين حال بمعنى بلى نجمعها قادرين
بل يريد الإنسان ليفجر أمامه وهو المشرك يعني أنه يمضي على فجوره لا يعاتب نفسه حتى يلقى ربه يسأل أيان يوم القيامة متى يوم القيامة أي ليست بجائية يكذب بها قال الله فإذا برق البصر يعني يوم القيامة أي شخص لإجابة الداعي كقوله لا يرتد إليهم طرفهم هذا تفسير الحسن قال محمد من قرأ برق البصر بفتح الراء أراد بريقه إذا شخص يقال برق يبرق ومن قرأ برق بكسر الراء فمعناه فزع وتحير يقال منه برق يبرق وجمع الشمس والقمر أي جمعهما جميعا في تفسير الحسن يقول الإنسان يومئذ أين المفر قال إلى ربك يومئذ المستقر المرجع ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر بل الإنسان على نفسه بصيرة شاهد على نفسه أنه كافر لم يقبل منه قال محمد وقيل إن المعاذير الستور بلغة لا تحرك بها لسانك لتعجل به تفسيرالحسن كان رسول الله إذا
(2/287)

ل نزل عليه القرآن يدئب نفسه في قراءته مخافة أن ينساه فأنزل الله لا تحرك به لسانك لتعجل به إنا علينا جمعه وقرآنه أي نحن نحفظه عليك فلا تنساه فإذا قرأناه نحن فاتبع أنت قرآنه يعني فرائضه وحدوده والعمل به ثم إن علينا بيانه تفسير بعضهم نحن نبينه لك تفسير سورة القيامة من آية كلا بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة أي لا تؤمنون أنها جائية يقوله للمشركين وجوه يومئ ذ ناضرة ناعمة إلى ربها ناظرة تنظر إلى الله ووجوه يومئ ذ باسرة عابسة تظن تعلم أن يفعل بها فاقرة أي داهية وشر قال محمد فاقرة يقال إنها من فقار الظهر كأنها تكسره تقول فقرت الرجل إذا كسرت فقاره كلا إذا بلغت التراقي يعني النفس سلت من الرجلين حتى إذا بلغت الترقوتين وقيل من راق أي من يرقيه في تفسير قتادة وظن علم أنه الفراق فراق الدنيا والتفت الساق بالساق تفسير الحسن هذا عند الموت اجتمع أمر الدنيا وأمر الآخرة قال محمد يعني كرب الدنيا وكرب الآخرة
إلى ربك يومئذ يعني يوم القيامة المساق يساقون إلى الحساب فلا صدق ولا صلى أي لم يصدق ولم يصل قال يحيى نزلت في أبي جهل قال محمد من كلام العرب لا فعل يريد لم يفعل قال الشاعر وأي فعل سيئ لا فعله أراد لم يفعله ثم ذهب إلى أهله يتمطى يتبختر قال محمد قوله يتمطى أصله يتمطط فقلبت الطاء ياء كما قالوا يتظنى وأصله يتظنن تفسير سورة القيامة من آية أولى لك فأولى تفسير الحسن أن أبا جهل قال للنبي ما بين هذين
(2/288)

الجبلين أحد أعز مني فاجهد أنت وربك يا محمد جهدكما فأنزل الله أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى وعيد بعد وعيد فقتله الله يوم بدر وصيره إلى جهنم أيحسب الإنسان يعني المشرك أن يترك سدى أي هملا فلا يبعث ولا يحاسب ألم يك نطفة من مني تمنى يمينها الرجل يعني النطفة ثم كان علقة فخلق فسوى أي خلقه الله فسواه فجعل من الزوجين الذكر والأنثى الذكر زوج والأنثى زوج أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى يقوله على الإستفهام أي هو قادر على ذلك يحيى عن إبراهيم عن إسماعيل بن أمية عن أبي اليسع عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا ختم أحدكم آخر لا أقسم بيوم القيامة فليقل بلى
تفسير سورة هل أتى على الإنسان وهي مكية كلها بسم الله الرحمن الرحيم تفسير سورة الإنسان من آية
تفسير سورة الإنسان من آية قوله هل أتى يعني قد أتى على الإنسان يعني آدم حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا في الخلق وهو عند الله مذكور أنه خالقه خلق الله أصول الخلق في الأيام الستة وخلق آدم يوم الجمعة آخر الأيام الستة يحيى عن الخليل بن مرة قال قرأ عمر بن الخطاب هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا فرفع صوته وقال يا ليتها تمت يحيى عن أشعث عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه أن عمر بن الخطاب أخذ تبنة من الأرض فقال يا ليتني هذه التبنة يا ليت أمي لم تلدني يا ليتني كنت نسيا منسيا يا ليتني لم أكن شيئا يذكر إنا خلقنا الإنسان من نطفة يعني نسل آدم أمشاج تفسير الحسن يعني مشج ماء الرجل بماء المرأة
(2/289)

قال محمد يريد اختلاط ماء الرجل بماء المرأة يقال مشجته فهو مشيج نبتليه نختبره إنا هديناه السبيل أي بصرناه سبيل الهدى وسبيل الضلالة إما شاكرا مؤمنا وإما كفورا قال محمد إما شاكرا وإما كفورا هما نصب على الحال المعنى شاكرا أو كفورا كأنه قال هديناه في هذه الحال تفسير سورة الإنسان من آية إن الأبرار يشربون من كأس يعني الخمر كان مزاجها كافورا تفسير الكلبي كافورا عين في الجنة اسمها كافورا عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا أي تجري لهم بعين كما أحبوا يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا ل أي قاسيا وشره على الكفار
قال محمد يقال استطار الحريق إذا انتشر و استطار الفجر إذا انتشر الضوء ويطعمون الطعام على حبه أي على حاجاتهم إليه مسكينا ويتيما وأسيرا يعني الأسير من المشركين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدفع الأسير إلى الرجل فيقول احبس هذا عندك فيكون عنده الليلة والليلتين فكانوا يؤثرون على أنفسهم أولئك الأسرى فأثنى الله عليهم بذلك إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا تفسير مجاهد قالوا هذا في أنفسهم ولم ينطقوا به فعلم الله ذلك منهم فأثنى به عليهم يوما عبوسا قمطريرا قال بعضهم يعني تعبس فيه الوجوه والقمطرير الشديد قال محمد يقال للمعبس الوجه قمطرير وقماطر ولقاهم نضرة في وجوههم وسرورا في قلوبهم متكئين فيها على الأرائك على السرر في الحجال لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا الزمهرير البرد الشديد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس في الجنة شمس ولا ليل مظلم ولا حر ولا برد يؤذيهم ودانية عليهم ظلالها يعني ظلال الشجر
(2/290)

قال محمد الأرائك واحدها أريكة وهي الحجال فيها الفرش والأسرة ونصب متكئين على الحال المعنى وجزاهم جنة في حال اتكائهم فيها وكذلك ودانية عليهم ظلالها قوله وذللت قطوفها تذليلا أي ذللت لهم ثمارها يتناولون فيها كيف شاءوا قال مجاهد إن قام ارتفعت بقدره وإن قعد تدلت إليه حتى ينالها وإن اضطجع تدلت إليه حتى ينالها قال محمد واحد القطوف قطف ومعنى ذللت أدنيت وأكواب كانت قواريرا قواريرا من فضة الأكواب الأكواز واحدها كوب وهو المدور القصير العنق القصير العروة ومعنى كانت قواريرا قواريرا من فضة أي يجتمع فيها صفاء القوارير في بياض الفضة وذلك أن لكل قوم من تراب أرضهم قوارير وإن تراب الجنة فضة فهي قوارير من فضة يشربون فيها يرى الشراب من وراء جدر القوارير وهذا لا يكون في فضة الدنيا قال محمد قرأه أهل الحجاز وأهل الكوفة قواريرا قواريرا بإثبات الألف والتنوين ذكره أبو عبيد قال وكان حمزة يسقط الألف منهن ولا يصرفن وذكر الزجاج أن الاختيار عند النحويين أن تقرأ بغير صرف قال ومن قرأه
(2/291)

قواريرا بصرف الأول فلأنه رأس آية ومن صرف الثاني أتبع اللفظ اللفظ لأن العرب ربما قلبت إعراب الشيء لتتبع اللفظة اللفظة وكذلك قوله إنا أعتدنا للكافرين سلاسلا وأغلالا وسعيرا الأجود في العربية ألا يصرف ولكن لما جعلت رأس آية صرفت ليكون آخر الآي على لفظ واحد قدروها تقديرا أي في أنفسهم فأتتهم على نحو ما قدروا واشتهوا من صغار وكبار وأوساط هذا تفسير قتادة ويسقون فيها كأسا وهي الخمر كان مزاجها زنجبيلا أي طعم ذلك المزاج طعم الزنجبيل عينا فيها تسمى سلسبيلا السلسبيل اسم العين قال محمد المعنى يسقون عينا سلسبيلا وكانت العرب تستطيب الزنجيل وتضرب به المثل وبالخمر ممتزجين فخاطبهم الله بما كانوا يعرفون ويستحبون في الدنيا يقول لكم في الآخرة مثل ما تستحبون في الدنيا إن آمنتم والسلسبيل في اللغة صفة لمكان غاية في السلامة وصرف لأنه رأس آية تفسير سورة الإنسان من آية
تفسير سورة الإنسان من آية قوله ويطوف عليهم ولدان مخلدون لا يموتون أبدا إذا رأيتهم حسبتهم أي شبهتهم لؤلؤا منثورا في صفاء ألوانهم والمنثور أحسن ما يكون وإذا رأيت أي عاينت ثم يعني في الجنة رأيت نعيما وملكا كبيرا الملك من عند ربه إلى الرجل من أهل الجنة بالتحفة والهدية الله فلا يدخل ل حتى يستأذن فيقول البواب سأذكره للبواب الذي يليني فيذكره للذي يليه حتى يبلغ البواب الذي يلي ولي الله فيقول له ملك بالباب يستأذن فيقول ائذنوا له فيؤذن له فيدخل فيقول إن ربك يقرئك السلام ويخبره أنه عنه راض ومعه التحفة فتوضع بين يديه عاليهم ثياب سندس خضر وبعضهم يقرؤها عاليهم الإستبرق والديباج الصفيق الكثيف والسندس الخفيف وحلوا أساور من فضة ليس من أهل الجنة أحد إلا وفي يده ثلاثة أسورة سوار من فضة وسوار من ذهب وسوار من لؤلؤ وسقاهم ربهم شرابا طهورا يحيى عن أبي أمية عن الحجاج بن أرطاة عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي قال إذا توجه أهل الجنة إلى الجنة مروا
(2/292)

بشجرة يخرج من تحت ساقها عينان فيشربون من إحداهما فتجري عليهم بنضرة النعيم فلا تغبر أبشارهم ولا تشعث أشعارهم بعدها أبدا ثم يشربون من الأخرى فيخرج ما في بطونهم من أذى ثم تستقبلهم الملائكة خزنة الجنة فتقول لهم سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين قوله إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم عملكم في الدنيا مشكورا شكره الله لكم فجزاكم به الجنة فاصبر لحكم ربك لما حكم عليك فيه وفرض ولا تطع منهم آثما وهو المنافق في تفسير الحسن أظهر الإسلام وقلبه على الشرك أو كفورا وهو المشرك الجاحد تفسير سورة الإنسان من آية واذكر اسم ربك بكرة صلاة الصبح وأصيلا صلاة الظهر والعصر ومن الليل فاسجد له صلاة المغرب والعشاء وسبحه ليلا طويلا هذا تطوع إن هؤلاء يعني المشركين يحبون العاجلة الدنيا ويذرون وراءهم أمامهم يوما ثقيلا عسيرا عليهم يعني يوم القيامة نحن
خلقناهم وشددنا أسرهم يعني خلقهم قال محمد أصل الكلمة من الإسار وهو القد يقال ما أحسن ما أسر قتبه أي ما أحسن ما شده وإذا شئنا بدلنا أمثالهم أي أهلكناهم بالعذاب وبدلنا أمثالهم خيرا منهم إن هذه تذكرة إن هذه السورة تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا بطاعته إن الله كان عليما بخلقه حكيما في أمره يدخل من يشاء في رحمته في دينه الإسلام والظالمين المشركين أعد لهم عذابا أليما موجعا قال محمد نصب الظالمين على معنى يدخل من يشاء في رحمته ويعذب الظالمين ويكون أعد لهم تفسيرا لهذا المضمر نصب الظالمين على معنى يدخل من يشاء في رحمته ويعذب الظالمين
(2/293)

تفسير سورة والمرسلات وهي مكية كلها بسم الله الرحمن الرحيم تفسير سورة المرسلات
من آية قوله والمرسلات عرفا تفسير الحسن أنها الرياح وقال عرفها جريها قال محمد يقال هم إليه عرف واحد إذا تتابعوا فالعاصفات عصفا الرياح إذا إشتدت والناشرات نشرا الرياح أيضا فالفارقات فرقا يعني الملائكة تنزل بالوحي فتفرق بين الكفر والإيمان وبين الحلال والحرام فالملقيات ذكرا الملائكة تلقي الوحي أي تنزل به على الأنبياء عذرا أو نذرا أي يعذر الله به إلى عباده وينذرهم قال السدي المعنى عذرا ونذرا والألف صلة
قال محمد نصب عذرا أو نذرا على معنى الإعذار والإنذار وقرأه نافع عذرا بالتخفيف ونذرا بالتثقيل وهذا قسم أقسم به إنما توعدون من عذاب الله يقوله للمشركين لواقع فإذا النجوم طمست أي ينزل عذاب الله يوم تطمس فيه النجوم فيذهب ضوؤها وإذا السماء فرجت إنشقت وإذا الجبال نسفت ذهبت من أصولها وسويت بالأرض وإذا الرسل أقتت أجلت في تفسير الحسن لأي يوم أجلت يعظم ذلك اليوم ليوم الفصل القضاء وما أدراك ما يوم الفصل تفسير الحسن أي أنك لم تكن تدري ما يوم الفصل حتى أعلمتك ل ألم نهلك الأولين على الاستفهام أي بلى قد أهلكناهم يعني الأمم السالفة حين كذبوا رسلهم ثم نتبعهم الآخرين يعني كفار آخر هذه الأمة الذين تقوم عليهم الساعة قال محمد من قرأ ثم نتبعهم بالرفع فعلى الاستئناف ومن قرأ نتبعهم بالجزم فهو عطف على نهلك تفسير سورة المرسلات من آية
(2/294)

ألم نخلقكم من ماء مهين ضعيف يعني النطفة فجعلناه في قرار مكين الرحم إلى قدر معلوم اليوم الذي يولد فيه المخلوق فقدرنا من قرأها بالتثقيل فهي من باب التقدير ومن قرأها مخففة فمن باب القدرة فنعم القادرون ألم نجعل الأرض كفاتا تكفتهم أي تضمهم والكفت الضم والجمع أحياء وأمواتا أي يكونون على ظهرها أحياء ويكونون في بطنها أمواتا قال محمد تقول كفت الشيء أكفته وتقول أكفت إليك كذا أي ضمه وكانوا يسمون المقبرة كفتة لأنها تضم الموتى وجعلنا فيها رواسي شامخات يعني الجبال المرتفعة وأسقيناكم ماء فراتا عذبا انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون يقال لهم يوم القيامة انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون في الدنيا من العذاب تفسير سورة المرسلات من آية
انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب يخرج من النار لسانان قبل أن يدخلوا النار فيحيط بالمشركين ثم يسطع من النار دخان أسود ثم يصير ثلاث فرق فيلجئون إليه يرجون أن يظلهم من شدة حر النار فلا يظلهم ويجدون منه من الحر مثل ما وجدوا قبل أن يلجئوا إليه لا ظليل ولا يغني من اللهب أي لا بارد في الظل ولا كريم في المنزل إنها تزمي يعني النار بشرر كالقصر يعني قصرا من القصور في قراءة من قرأها بجزم الصاد كأنه جمالات صفر يعني النوق السود في قراءة من قرأها بكسر الجيم قال محمد يقال للإبل التي هي سود تضرب إلى الصفرة إبل صفر وجمالات بكسر الجيم جمع جمال هذا يوم لا ينطقون بحجة ولا يؤذن لهم فيعتذرون وقد يؤذن لهم في الكلام في بعض المواطن ولايؤذن لهم في بعض فإذا أذن لهم في الكلام لم يعتذروا بعذر قال محمد يقرأ يوم بالرفع والنصب فمن نصب جعله ظرفا بمعنى هذا الوعيد يوما ومن رفع جعل هذا لليوم كما تقول هذا يومك
(2/295)

فإن كان لكم كيد تنجون به من عذاب الله فكيدون أي أنكم لا تقدرون على ذلك تفسير سورة المرسلات من آية كلوا وتمتعوا الآية يقوله للمشركين وعيدا لهم وانقطعت القصة الأولى من أمر أهل النار وإذا قيل لهم اركعوا أي صلوا لا يركعون فبأي حديث بعده يعني القرآن يؤمنون يحيى عن إبراهيم عن إسماعيل بن أمية عن أبي اليسع عن أبي هريرة قال إذا ختم أحدكم والمرسلات فليقل آمنت بالله وبما أنزل من حديث يحيى بن محمد
تفسير سورة عم يتساءلون وهي مكية كلها بسم الله الرحمن الرحيم تفسير سورة النبأ
من آية قوله عم يتساءلون يعني المشركين أي ما الذي يتساءلون عنه ثم قال عن النبإ العظيم الذي هم فيه مختلفون يعني البعث أختلف فيه المشركون والمؤمنون فآمن به المؤمنون وكفر به المشركون كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون وعيد بعد وعيد ألم نجعل الأرض مهادا بساطا والجبال أوتادا للأرض وخلقناكم أزواجا ذكرا وأنثى وجعلنا نومكم سباتا يعني نعاسا قال محمد أصل السبت انقطاع الحركة يقال رجل سبوت وقد سبت وجعلنا الليل لباسا سترا يغطي الخلق فيسكنون فيه وجعلنا النهار
معاشا يجلبون فيه معايشهم وبنينا فوقكم سبعا شدادا السماوات وجعلنا سراجا وهاجا ل في تفسير الكلبي يعني الشمس وأنزلنا من المعصرات الرياح في تفسير مجاهد وبعضهم يقول السحاب ماء ثجاجا منصب ا بعضه على بعض لنخرج به حبا البر والشعير ونباتا من كل شيء وجنات ألفافا قال محمد يعني بساتين ملتفة ومن كلامهم امرأة لفاء إذا كانت عظيمة الفخذين تفسير سورة النبأ من آية إن يوم الفصل القضاء كان ميقاتا يوافونه كلهم يوم ينفخ في الصور قال محمد يوم ينفخ بدل من يوم الفصل فتأتون أفواجا أمة أمة وسيرت الجبال فكانت سرابا مثل هذا السراب تراه ليس بشيء إن جهنم كانت مرصادا أي ترصد من حق عليه العذاب والصراط عليها فمن كان من أهلها هوي فيها ومن لم يكن
(2/296)

من أهلها حاد عنها إلى الجنة للطاغين المشركين مآبا مرجعا لابثين فيها أحقابا أي تأتي عليهم الأحقاب لا تنقطع أبدا والحقب ثمانون عاما والسنة ثلاثمائة وستون يوما كل يوم ألف يوم من أيام الدنيا لا يذوقون فيها بردا هي مثل قوله لا بارد ولا كريم وقال بعضهم البرد النوم قال محمد سمي بذلك لأنه يبرد فيه عطش الإنسان ولا شرابا إلا حميما وغساقا الحميم الذي لا يستطاع من حره والغساق القيح الغليظ المنتن وبعضهم يقول الغساق الذي لا يستطاع من شدة برده وهو الزمهرير جزاء وفاقا أي وافق أعمالهم الخبيثة قال محمد وفاقا من وافقه موافقة إنهم كانوا لا يرجون لا يخافون حسابا لا يقرون بالبعث وكذبوا بآياتنا كذابا تكذيبا وكل شيء أحصييناه كتابا أحصت الملائكة على العباد أعمالهم وهي عند الله محصاة في أم الكتاب قال محمد كل منصوب بمعنى وأحصينا كل شيء أحصيناه و كتابا توكيدا لأحصيناه المعنى كتبناه كتابا قوله فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا قال عبد الله بن عمرو ما نزل
على أهل النار آية هي أشد منها فهم في زيادة من العذاب أبدا تفسير سورة النبأ من آية إن للمتقين مفازا نجاة مما أعد للكافرين حدائق جنات وأعنابا أي فيها أعناب وكواعب أترابا على سن واحدة بنات ثلاث وثلاثين سنة وكأسا دهاقا أي ممتلئة لا يسمعون فيها لغوا اللغو الباطل ولا كذابا تفسير الحسن يقول لا يكذب بعضهم بعضا قال محمد من قرأ كذابا مثقلة فمن قولهم كذاب كذب بمعنى واحد جزاء من ربك عطاء حسابا تفسير مجاهد يعني على قدر أعمالهم وذلك أنهم يعطون المنازل على قدر أعمالهم ثم يرزقون فيها بغير حساب
(2/297)

قال محمد جزاء منصوب بمعنى جزاهم جزاءا رب السموات والأرض رب بالرفع كلام مستقبل في قراءة من قرأها بالرفع وما بينهما الرحمن لا يملكون منه خطابا تفسير الحسن لا يستطيعون مخاطبته كقوله يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه قوله يوم يقوم الروح تفسير الحسن يقوم روح كل شيء في جسده والملائكة صفا لا يتكلمون لا يشفعون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا في الدنيا لا إله إلا الله فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا مرجعا بعمل صالح وقال في آية أخرى وما تشاءون إلا أن يشاء الله قوله إنا أنذرناكم عذابا قريبا يحيى عن المبارك عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما مثلي ومثل الساعة كهاتين فما فضل إحداهما على الأخرى وجمع بين أصبعيه الوسطى والذي يقول الناس السبابة يوم ينظر المرء ما قدمت يداه الآية يحيى عن الصلت بن دينار عن علقمة بن قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم أول من يدعى يوم القيامة إلى الحساب البهائم فتجعل القرناء جماء والجماء قرناء فيقتص لبعضها من بعض حتى تقتص الجماء من القرناء ثم يقال لها كوني ترابا فعند ذلك يقول الكافر يا ليتني كنت ترابا
تفسير سورة النازعات
وهي مكية كلها بسم الله الرحمن الرحيم تفسير سورة النازعات من آية قوله والنازعات غرقا تفسير الحسن هي النجوم تنزع من المشرق وتغرق في المغرب والناشطات نشطا ل قال الحسن هي النجوم تنشط من مشارقها إلى مغاربها والسابحات سبحا النجوم لقوله كل في فلك يسبحون يدورون فالسابقات سبقا تفسير الحسن هي الملائكة سبقوا إلى طاعة الله فالمدبرات أمرا الملائكة يدبر الله بهم ما أراد قال محمد قيل إن جواب والنازعات محذوف المعنى والله أعلم كأنه أقسم فقال وهذه الأشياء لتبعثن يوم ترجف الراجفة النفخة الأولى تتبعها الرادفة النفخة الأخرى قلوب يومئذ واجفة مضطربة شديدة الاضطراب أبصارها أبصار تلك القلوب خاشعة ذليلة يقولون يقول المشركون في الدنيا أئنا
(2/298)

لمردودون في الحافرة أي في أول خلقنا إذا كنا عظاما نخرة بالية ينكرون البعث قال محمد يقال رجع فلان في حافرته إذا رجع في الطريق الذي جاء فيه تلك إذا كرة خاسرة كاذبة أي ليست بكائنة قال محمد وقيل المعنى تلك إذا رجعة يخسر فيها قال الله فإنما هي زجرة واحدة أي نفخة فإذا هم بالساهرة أي بالأرض قد خرجوا من بطنها قال محمد الساهرة عند أهل اللغة وجه الأرض وهو معنى قول يحيى تفسير سورة النازعات من آية هل أتاك حديث موسى أي قد أتاك إذ ناداه ربه بالوادي المقدس يعني المبارك طوى قال الحسن المعنى طوي بالبركة قال محمد لم يبين يحيى كيف القراءة في طوى وذكر أبو عبيد أن الحسن كان يقرؤها طوى منونة بكسر الطاء على معنى قدس مرتين
وقرأها نافع طوى بالضم غير مصروفة وذكر الزجاج أن من قرأها طوى بحرف نافع فهو اسم الوادي فقل هل لك إلى أن تزكى إلى أن تؤمن وأهديك إلى ربك أي وأبين لك دين ربك فتخشى الله قال فأراه الآية الكبرى يعني اليد وهي أكبر الآيات التسع التي أتاه بها فأخذه الله نكال أي عقوبة الآخرة والأولى قال مجاهد الآخرة قوله أنا ربكم الأعلى والأولى قوله ما علمت لكم من إله غيري فعذبه به الله في الدنيا بالغرق ويعذبه في الآخرة بالنار إن في ذلك لعبرة لمن يخشى تفسير الحسن لمن يخشى أن يفعل به ما فعل بفرعون وقومه فيؤمن قال محمد نكال منصوب مصدر مؤكد لأن معنى أخذه الله نكل الله به نكال الآخرة والأولى تفسير سورة النازعات من آية
(2/299)

تفسير سورة الناعات من آية أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها بغير عمد رفع سمكها فسواها بينكم وبينها مسيرة خمسمائة عام قال وأغطش ليلها أظلم ليلها وأخرج ضحاها شمسها ونورها قال والأرض بعد ذلك دحاها بسطها بعد خلق السماء قال محمد من قرأ والأرض بالنصب بعد ذلك دحاها فالمعنى ودحا الأرض بعد ذلك وكذلك قوله بعد هذا والجبال أرساها تفسير نصب الجبال كتفسير نصب الأرض قال يحيى وكان بدء خلق الأرض فيما بلغنا أنها كانت طينة في موضع بيت المقدس ثم خلق السموات ثم دحا الأرض فقال لها اذهبي أنت كذا واذهبي أنت كذا ومن مكة بسطت الأرض ثم جعل فيها جبالها وأنهارها وأشجارها قال أخرج منها ماءها ومرعاها والجبال أرساها أثبتها جعلها أوتادا للأرض لئلا تتحرك بمن عليها متاعا لكم ولأنعامكم تستمتعون به إلى الموت
قال محمد متاعا منصوب على معنى أخرج منها ماءها ومرعاها للإمتاع لكم فإذا جاءت الطامة الكبرى النفخة الآخرة يوم يتذكر الإنسان ما سعى أي يحاسب الناس بأعمالهم فأما من طغى كفر وآثر الحياة الدنيا لم يؤمن بالآخرة فإن الجحيم هي المأوى وأما من خاف مقام ربه أي موقفه بين يدي الله ونهى النفس عن الهوى يعني عن هواها فإن الجنة هي المأوى أي هي منزله يسألونك عن الساعة أيان مرساها مجيئها فيم أنت من ذكراها تفسير الكلبي فيم أنت من أن تسأل عنها ولم أخبرك بها متى تجيء إلى ربك منتهاها منتهى علم مجيئها إنما أنت منذر من يخشاها إنما يقبل نذارتك من يخشى الساعة كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها أي أو ضحوة تضحى الدنيا
(2/300)

تفسير سورة عبس
وهي مكية كلها بسم الله الرحمن الرحيم تفسير سورة عبس من آية قوله عبس وتولى أن جاءه الأعمى أي لأن جاءه الأعمى كان النبي صلى الله عليه وسلم مع رجل من المشركين من وجوههم وأشرافهم وهو يدعوه إلى الإسلام ورجا أن يؤمن فيتبعه ناس من قومه فهو يكلمه وقد طمع في ذلك منه إذ جاء ابن أم مكتوم وكان أعمى فأعرض النبي صلى الله عليه وسلم عنه فجعل ابن أم مكتوم لا يتقار لما أعرض عنه النبي مخافة أن يكون حدث فيه شيء فأنزل الله عبس وتولى أن جاءه الأعمى
وما يدريك لعله يزكى يؤمن أو يذكر فتنفعه الذكرى قال السدي المعنى لعله يزكى ويذكر والألف صلة أما من استغنى عن الله فأنت له تصدى تتعرض وما عليك ألا يزكى ألا يؤمن وأما من جاءك يسعى يسارع في الخير وهو يخشى الله يعني ابن أم مكتوم
فأنت عنه تلهى تعرض كلا إنها تذكرة أي هذا القرآن تذكرة فمن شاء ذكره وقال في آية أخرى وما تذكرون إلا أن يشاء الله قال محمد من قرأ فتنفعه بالرفع فعلى العطف على تزكى ومن قرأ فتنفعه بالنصب فعلى جواب لعل وقوله تلهي يقال لهيت عن الشيء ألهى عنه إذا تشاغلت عنه في صحف مكرمة مرفوعة عند الله في السماء مطهرة من الدنس بأيدي سفرة كتبة يعني الملائكة كرام بررة لا يعصون الله قال محمد واحد السفرة سافر مثل كاتب وكتبة ويقال إنما قيل للكتاب سفر وللكاتب سافر لأن معناه أن يبين الشيء ويوضحه ومنه سفرت المرأة إذا كشفت النقاب عن وجهها وبررة جمع بار قوله قتل الإنسان أي لعن وهذا للمشرك ما أكفره تفسير الكلبي ما أشد كفره من نطفة خلقه فقدره نطفة ثم علقة إلى أن نفخ فيه الروح ثم السبيل يسره تفسير بعضهم يعني خروجه من بطن أمه ثم أماته فأقبره جعل له من يدفنه في القبر ثم إذا شاء أنشره أحياه يعني البعث أي كيف يكفر كقوله كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا الآية
(2/301)

قال محمد يقال أقبرت الرجل جعلت له قبرا وقبرته دفنته ويقال أنشر الله الموتى فنشروا فواحدهم ناشر تفسير سورة عبس من آية قال كلا لما يقض أي يصنع ما أمره يعني الكافر لم يصنع ما أمره الله ثم ضرب مثلا آخر فقال فلينظر الإنسان إلى طعامه من أي شيء كان أنا صببنا الماء صبا يعني المطر ثم شققنا الأرض شقا أي بالنبات إلى قوله وحدائق غلبا قال الكلبي يعني شجرا طوالا عراضا وفاكهة وأبا قال الحسن الفاكهة ما تأكلون والأب ما تأكل الأنعام متاعا لكم ولأنعامكم أي رزقا إلى الموت فإذا جاءت الصاخة اسم من أسماء القيامة يصيخ لها الخلق من الفرق
لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه قال محمد من قرأ يغنيه بالغين منقوطة فالمعنى يصرفه ويصده عن قرابته يقال أغن عني وجهك أي اصرفه وجوه يومئذ مسفرة يعني ناعمة ضاحكة مستبشرة برضى الله قال محمد مسفرة حقيقته مضيئة يقال أسفر الصبح إذا أضاء ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة أي يغشاها سواد أولئك هم الكفرة الفجرة
تفسير سورة إذا الشمس كورت وهي مكية كلها بسم الله الرحمن الرحيم تفسير سورة التكوير
من آية قوله إذا الشمس كورت تفسير الحسن يعني ذهب ضوؤها قال محمد كورت حقيقته جمع ضوؤها ومن كلامهم كرت العمامة على رأسي أكورها وكورتها أكورها إذا لففتها وهو الذي أراد الحسن وإذا النجوم انكدرت انتثرت وإذا الجبال سيرت تذهب تصير في حالات أما أول ما تحول عن منزلة الحجارة فتكون كثيبا وتكون كالعهن المنفوش وتكون هباء منبثا وتكون سرابا مثل هذا السراب تراه وليس بشيء وإذا العشار عطلت وهي النوق عطلها أهلها فلم تحلب من الشغل بأنفسهم
(2/302)

ل قال محمد العشار من الإبل الحوامل واحدها عشراء وهي التي أتى عليها في الحبل عشرة أشهر ثم يزال ذلك اسمها حتى تضع وبعدما تضع وإذا الوحوش حشرت جمعت ليقتص لبعضها من بعض ثم يقال لها كوني ترابا وإذا البحار سجرت قال الحسن يعني فاضت قال محمد سجرت حقيقته ملئت فيفضي بعضها إلى بعض فتصير شيئا واحدا وهو معنى قول الحسن وإذا النفوس زوجت تفسير الحسن أي تلحق كل شيعة بشيعتها اليهود باليهود والنصارى بالنصارى والمجوس بالمجوس وكل من كان يعبد من دون الله شيئا بضهم ببعضهم والمنافقون بالمنافقات والمؤمنون بالمؤمنات وإذا الموءدة سئلت وهي بنات أهل الجاهلية كانوا يدفنونهن أحياء لخصلتين أما إحداهما فكانوا يقولون إن الملائكة بنات الله فألحقوا البنات به فهو أحق بهن وأما الخصلة الأخرى فمخافة الحاجة بأي ذنب قتلت قال الحسن أراد الله أن يوبخ قاتلها لأنها قتلت بغير ذنب فسئلت فلم يوجد لها ذنب وبعضهم يقرأ وإذا الموءدة سألت بأي ذنب قتلت فتتعلق الجارية بأبيها فتقول بأي ذنب قتلتني
قال محمد يقال وأدت المولود إذا دفنته حيا فأنا وائد والمصدر إدة وإذا الصحف نشرت للحساب وهو ما كتبت الملائكة على العباد من أعماهم وإذا السماء كشطت أي طويت وقال مجاهد يعني اجتبذت قال محمد يقال كشطت السقف أي قلعته فكأن المعنى قلعت فطويت وإذا الجحيم سعرت أوقدت وهي توقد منذ خلقت السموات والأرض في الستة الأيام وإذا الجنة أزلفت أدنيت علمت نفس ما أحضرت من عملها تفسير سورة التكوير من آية فلا أقسم المعنى فأقسم ولا صلة بالخنس تفسير الحسن هي النجوم تخنس بالنهار أي تتوارى وهي في ذلك جارية الجواري يعني جريها في السماء الكنس تفسير الكلبي يعني أنها تكنس بالنهار كما تتوارى الظباء في كناسها والليل إذا عسعس تفسير الحسن إذا أظلم
(2/303)

قال محمد قال قوم عسعس الليل إذا أظلم وقيل عسعس أدبر وأنشد بعضهم حتى إذا الصبح لها تنفسا وانجاب عنها ليلها وعسعسا الصبح إذا تنفس إذا أضاء أقسم بهذا كله إنه لقول رسول كريم يعني جبريل يرسله الله إلى النبيين ذي قوة عند ذي العرش مكين في المنزلة والقربة مطاع ثم يعني في السماء قال الحسن أمر الله أهل السماء بطاعة جبريل كما أمر أهل الأرض أن يطيعوا محمدا امين عند الله وعند الملائكة وما صاحبكم بمجنون يعني محمدا صلى الله عليه وسلم وذلك لقول المشركين إنه مجنون ولقد رآه بالأفق المبين يعني المشرق الذي منه مطالع النجوم والشمس والقمر يعني أن محمدا رأى جبريل في صورته مع الأفق فسد ما بين السماء والأرض وما هو على الغيب الوحي بضنين ببخيل يبخل عليكم به وبعضهم يقرأ بظنين أي بمتهم وما هو يعني القرآن بقول شيطان رجيم ملعون فأين تذهبون تعدلون عنه يقوله للمشركين ان هو يعني ما هو أي ما القرآن
إلا ذكر للعالمين يعني من آمن به يذكرون به الآخرة لمن شاء منكم أن يستقيم على أمر الله والتذكرة وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين
تفسير سورة إذا السماء انفطرت وهي مكية كلها بسم الله الرحمن الرحيم تفسير سورة الانفطار
من آية قوله إذا السماء انفطرت يعني انشقت وذلك يوم القيامة وإذا الكواكب انتثرت تساقطت وإذا البحار فجرت فجر ملحها في عذبها وعذبها في ملحها في تفسير قتادة وإذا القبور بعثرت أخرج ما فيها من الأموات علمت نفس ما قدمت وأخرت ما قدمت من خير أو شر وما أخرت من سنة حسنة فعمل بها بعده فله مثل أجر من عمل بها لا ينقص من أجورهم شيئا أو سنة سيئة فعمل بها بعده فعليه مثل وزر من عمل بها لا ينقص من أوزارهم شيئا يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم قرأ عمر بن الخطاب هذه الآية يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم فقال غره حمقه وجهله
(2/304)

قال محمد معنى غرك أي خدعك ل وسول لك حتى أضعت الذي خلقك فسواك يعني سوى خلقك فعدلك يعني اعتدال الخلق أي جعل عينيك سواء ويديك سواء ورجليك سواء وجنبيك سواء في أي صورة ما شاء ركبك تفسير مجاهد إن شاء حسنا وإن شاء قبيحا وإن شاء ذكرا وإن شاء أنثى كلا بل تكذبون بالدين بالحساب يوم القيامة وإن عليكم لحافظين يعني الملائكة التي تكتب أعمال العباد كراما على الله يعلمون ما تفعلون من الظاهر فيكتبونه إن الأبرار لفي نعيم في الجنة وإن الفجار يعني المشركين لفي جحيم وما هم عنها عن النار بغائبين وما أدراك ما يوم الدين ثم ما أدراك ما يوم الدين ثنى ذكره تعظيما له يوم لا تملك نفس لنفس شيئا أي لا تنفعها والأمر يومئذ لله
تفسير سورة المطففين
وهي مكية كلها بسم الله الرحمن الرحيم تفسير سورة المطففين الآية قوله ويل للمطففين في الآخرة أي يدعون بالويل والثبور في النار بلغني أنها نزلت في مشركي أهل مكة الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون قال محمد ويل رفع بالابتداء والخبر للمطففين والويل كلمة تقال لكل من وقع في عذاب وهلكة والمطففون الذين ينقصون المكيال والميزان وقوله على الناس أي من الناس وإذا كالوهم أو
وزنوهم أي كالوا لهم أو وزنوا لهم يخسرون يقال أخسرت الميزان وخسرته والقراءة على أخسرت قوله يوم يقوم الناس لرب العالمين يحيى بلغني أنهم يقومون مقدار ثلاثمائة سنة قبل أن يفصل بينهم يحيى عن خداش عن عوف الكوفي عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما طول يوم القيامة على المؤمنين إلا كرجل دخل في صلاة مكتوبة فأتمها وأحسنها وأجملها
(2/305)

كلا إن كتاب الفجار المشركين لفي سجين تفسير ابن عباس قال سألت كعبا عن قوله إن كتاب الفجار لفي سجين فقال حجر أسود تحت الأرض السابعة تكتب فيه أرواح الكفار قال وما أدراك ما سجين أي ليس ذلك مما كنت تعلمه أنت ولا قومك ثم فسره فقال كتاب مرقوم أي مكتوب وما يكذب به إلا كل معتد أي ظالم أثيم آثم وهو المشرك إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين كذب الأولين وباطلهم كلا بل ران على قلوبهم قال الكلبي يعني طبع على قلوبهم ما كانوا يكسبون قال محمد واحد الأساطير أسطورة مثل أحدوثة وأحاديث ومعنى كلا عند أهل اللغة ردع وتنبيه و ران بمعنى غطى يقال ران على قلبه الذنب يرين رينا كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون يحتجب الله عن المشركين فلا يرونه وأما المؤمنون فيرونه في كل جمعة فيتجلى لهم حتى ينظروا إليه هذا الذي كنتم به تكذبون في الدنيا يقال ذلك للمشركين وهم في النار تفسير سورة المطففين من آية
كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين تفسير مجاهد عليون في السماء السابعة قال وما أدراك ما عليون أي أنك لم تدر ما عليون حتى أعلمتك كتاب مرقوم مكتوب يكتب في عليين يشهده المقربون مقربو أهل كل سماء يشهدون كتاب عمل المؤمن حيث يكتب فيه ويشهدون عليهم يوم القيامة أنها أعمالهم على الأرائك ينظرون الأرائك السرر في الحجال قال مجاهد وهي سرر من لؤلؤ وياقوت يسقون من رحيق يعني الشراب وهي الخمر مختوم ختامه مسك قال مجاهد يختم به آخر جرعة قال محمد يعني أنهم إذا شربوا هذا الرحيق فقني ما في الكأس وانقطع الشرب انختم ذلك بطعم المسك ورائحته قال وفي ذلك فليتنافس المتنافسون في الدنيا بالأعمال الصالحة قال ومزاجه من تسنيم ومزاج ذلك الشارب من تسنيم عينا يشرب بها المقربون قال قتادة يشرب بها المقربون صرفا وتمزج لسائر أهل الجنة
(2/306)

و تسنيم أشرف شراب في الجنة قال ونصب عينا لأن المعنى من عين كما قال أأسجد لمن خلقت طينا أي من طين إن الذين أجرموا أشركوا كانوا من الذين آمنوا يضحكون في الدنيا أي يسخرون بهم وإذا مروا بهم يتغامزون كان المشركون إذا مر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يقول بعضهم لبعض انظروا إلى هؤلاء الذين تركوا شهواتهم في الدنيا ل يطلبون بذلك زعموا نعيم الآخرة وإذا انقلبوا يعني المشركين إلى أهلهم في الدنيا انقلبوا فاكهين أي مسرورين وإذا رأوهم رأوا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا إن هؤلاء لضالون يتركون شهواتهم في الدنيا قال الله وما أرسلوا عليهم حافظين يحفظون أعمالهم يعني المشركين فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون تفسير الحسن هذه والله الدولة الكريمة التي أدال الله المؤمنين على المشركين في الآخرة فهم يضحكون منهم وهم متكئون على فرشهم ينظرون كيف يعذبون كما كان الكفار يضحكون منهم في الدنيا والجنة في السماء قال الحسن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاء بالمستهزئين يوم القيامة فيفتح لهم باب إلى الجنة فيقال لهم ادخلوا فإذا جاءوا أغلق دونهم فيرجعون ثم يدعون فإذا جاءوا أغلق دونهم فيرجعون فيدعون ليدخلوا فإذا جاءوا أغلق
دونهم حتى إنهم يدعون فما يجيئون من اليأس قوله هل ثوب الكفار هل جوزي الكفار ما كانوا يفعلون أي قد جوزوا شر الجزاء
تفسير سورة إذا السماء انشقت وهي مكية كلها بسم الله الرحمن الرحيم تفسير سورة الانشقاق
من آية قوله إذا السماء انشقت وذلك يوم القيامة وأذنت لربها سمعت وأطاعت وحقت وحق لها أن تفعل وإذا الأرض مدت تمد مد الأديم وهذا إذا بدلت بأرض بيضاء كأنها فضة لم يعمل عليها خطيئة وألقت أخرجت مأ فيها يعني الأموات وتخلت إلى الله منهم فصاروا على وأذنت لربها وحقت هي مثل الأولى قال محمد يقال أذنت للشيء أذن أذنا إذا استمعت قال الشاعر صم إذا سمعوا خيرا ذكرت به وإن ذكرت بسوء عندهم أذنوا
(2/307)

قوله يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا أي عامل إلى ربك عملا فملاقيه فملاق ثواب ذلك العمل إن خيرا فخير وإن شرا فشر قال محمد الكدح في اللغة السعي والدءوب في العمل في باب الدنيا وفي باب الآخرة وجواب إذا يدل عليه فملاقيه المعنى إذا كان يوم القيامة لقي الإنسان عمله فأما من أوتي كتابه بيمينه الآية سألت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم عن الذي يحاسب حسابا يسيرا فقال يعرف بعمله ثم يتجاوز الله عنه وينقلب إلى أهله إلى أزواجه من الحور العين مسرورا وأما من أوتي كتابه وراء ظهره تخلع كتفه اليسرى فتجعل خلفه فيأخذ بها كتابه فسوف يدعو ثبورا في النار يقول يا ويلاه ويا ثبوراه ويصلى سعيرا أي يكثر عذابه ويشوى في النار إنه كان في أهله في الدنيا مسرورا لا يؤمن بالبعث إنه ظن حسب أن لن يحور أي يرجع إلى ربه قال محمد حار يحور حورا وحئورا أي رجع وقال لبيد
وما المرء إلا كالشهاب وضوئه يحور رمادا بعد إذ هو ساطع قوله بلى إن ربه كان به بصيرا أي أنه سيبعثه تفسير سور الانشقاق من آية فلا أقسم بالشفق يعني الحمرة إذا غابت الشمس ما بين المغرب والعشاء والليل وما وسق وما جمع مما عمل فيه الخلق من خير أو شر والقمر إذا اتسق إذا استوى فاستدار وهذا قسم من قوله فلا أقسم بالشفق إلى هذا الموضع أقسم بهذا كله لتركبن طبقا عن طبق أي حالا بعد حال في تفسير الحسن فما لهم يعني المشركين لا يؤمنون وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون لا يصلون والله أعلم بما يوعون أي يخفون في صدورهم إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر ثواب وهي الجنة غير ممنون تفسير الحسن غير ممنون عليهم من أذى
(2/308)

تفسير سورة والسماء ذات البروج وهي مكية كلها بسم الله الرحمن الرحيم تفسير سورة البروج
من آية قوله والسماء ذات البروج تفسير ابن عباس ذات النجوم واليوم الموعود يعني يوم القيامة وشاهد يعني يوم الجمعة ومشهود يعني يوم عرفة هذا تفسير الحسن ورواه عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله قتل لعن أصحاب الأخدود النار ذات الوقود إلى قوله شهود الأخدود الشق في الأرض وجمعه أخاديد قال الحسن كان أصحاب الأخدود ثمانين بين رجل وامرأة فأخذهم المشركون فخذوا لهم أخدودا في الأرض ثم أوقدوا لهم نارا ضخمة ثم ل فجعلوا يقولون
للرجل وللمرأة منهم إما أن تترك دينك وإما أن نقذفك في النار فيقول ما أنا بتارك ديني لشيء فيقذف فيها فيحترق حتى أتوا عليهم فبقيت امرأة ومعها صبي فتهيبت فقال لها الصبي امضي ولا تنافقي فمضت فاحترقت قال يحيى كان صغيرا لم يتكلم قبل ذلك وقال مجاهد وذلك بنجران قال وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود من تحريقهم إياهم بالنار وما نقموا منهم ما كرهوا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد ما سفكوا لهم دماء ولا أخذوا لهم مالا والله على كل شيء شهيد شاهد على كل نفس بعملها إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات يعني أحرقهم بوالنار في تفسير السدي قال محمد يقال فتنت الشيء أحرقته والفتين حجارة سود كأنها محرقة تفسير سورة البروج من آية إن بطش ربك عقوبة ربك لشديد قال محمد إن بطش ربك لشديد هو جواب القسم والسماء ذات البروج
(2/309)

إنه هو يبدئ أي يخلق ويعيد أي يبعث يوم القيامة وهو الغفور للذنوب ولا يغفر إلا لمن آمن الودود تفسير الحسن يتودد إلى خلقه بما يعطيهم من النعم في وأرزاقهم وما يغفر لهم من الذنوب ذو العرش رب العرش المجيد يقرأ المجيد بالرفع والجر فمن قرأ بالرفع رجع إلى قوله وهو الغفور الودود المجيد ذو العرش ومن قرأها بالجر جعله من صفة العرش وتفسير المجيد الكريم هل أتاك أي قد أتاك حديث الجنود فرعون وثمود كيف أهلكهم الله حين كذبوا رسلهم والله من ورائهم محيط حتى يجزيهم بأعمالهم قال محمد المعنى إن قدرته مشتملة عليهم لا يعجزه منهم أحد وهو الذي أراد يحيى بل هو قرآن مجيد كريم على الله في لوح محفوظ وهو أم الكتاب قال محمد قال و أبو عبيد قرأ نافع محفوظ بالرفع وقرأه غيره محفوظ بالخفض والخفض في هذا أحب إلي ليكون من نعت اللوح
تفسير سورة والسماء والطارق وهي مكية كلها بسم الله الرحمن الرحيم تفسير سورة الطارق
من آية قوله والسماء والطارق وما أدراك ما الطارق النجم الثاقب والنجم في هذا الموضع جماعة النجوم والثاقب المضيء قال محمد يقال ثقب يثقب ثقوبا إذا أضاء ويقال للموقد أثقب نارك أي أضئها وهذا قسم إن كل نفس لما عليها حافظ وهي تقرأ على وجهين لما خفيفة و لما مثقلة فمن قرأها بالتخفيف يقول لعليها حافظ و ما صلة ومن قرأها بالتثقيل يقول إلا عليها حافظ يعني حافظا من الملائكة يحفظ عليها عملها
(2/310)

قال محمد إنما قيل للنجم الطارق لأن طلوعه بالليل وكل ما أتى ليلا فهو طارق فلينظر الإنسان مم خلق خلق من ماء دافق يعني النظفة قال محمد دافق قال قوم معناه مدفوق وقال قوم المعنى من ماء ذي اندفاق يخرج من بين الصلب والترائب يعني صلب الرجل وترائب المرأة وهو نحرها قال محمد الترائب موضع القلادة من الصدر واحدها تريبة إنه إن الله على رجعه على أن يبعثه بعد الموت لقادر يوم تبلى السرائر أي تختبر وتظهر يعني سرائر القلوب فما له من قوة يمتنع بها من عذاب الله ولا ناصر ينصره وهذا المشرك ثم أقسم فقال والسماء ذات الرجع بالمطر عاما فعاما والأرض ذات الصدع بالنبات إنه يعني القرآن لقول فصل حق وما هو بالهزل بالكذب قال محمد الرجع في اللغة المطر سمي بذلك لأنه يجيء ويرجع ويتكرر إنهم يكيدون كيدا يعني المشركين يكيدون بالنبي صلى الله عليه وسلم وأكيد كيدا
أي أعذبهم في الدنيا والآخرة قال محمد وأكيد كيدا يعني أجازيهم جزاء كيدهم وهو معنى ما ذهب إليه يحيى فمهل الكافرين أمهلهم رويدا أي قليلا وهذا وعيد تفسير الكلبي يعني يوم بدر قال محمد رويدا صفة للمصدر المعنى أمهلهم إمهالا رويدا
تفسير سورة سبح اسم ربك الأعلى وهي مكية كلها بسم الله الرحمن الرحيم تفسير سورة الأعلى
من آية ل قوله سبح اسم ربك الأعلى صل لربك الأعلى الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى أي قدره في خلقه نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظما ثم لحما ثم شعرا ثم نفخ فيه الروح قال فهدى بين له السبيل سبيل الهدى وسبيل الضلالة في تفسير الحسن والذي أخرج المرعى فجعله غثاء أحوى فيها تقديم فجعله أحوى غثاء والأحوى عند الحسن الأسود من شدة الخضرة والغثاء الهشيم اليابس وهو كقوله فأصبح هشيما تذروه الرياح أي فصار هشيما بعد إذ كان خضرا
(2/311)

قال محمد الحوة السواد ولذلك قيل للشديد الخضرة أحوى لأنه يضرب إلى الحوة والغثاء في كلام العرب الذي تراه فوق ماء السيل يقال منه غثى الوادي يغثي إذا جمع غثاءه وواحد الغثاء غثاءة قوله سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل عليه القرآن يجعل يقرأ ويدئب فيه نفسه مخافة أن ينسى وقوله إلا ما شاء الله هو كقوله ما ننسخ من آية أو ننسها ينسيها الله نبيه قال محمد فلا تنسى المعنى فأنت لا تنسى لم يرد الأمر قوله إنه يعلم الجهر العلانية وما يخفى السر ونيسرك لليسرى لعمل الجنة فذكر أي بالقرآن إن نفعت الذكرى أي إنما ينتفع بالتذكرة من يقبلها سيذكر من يخشى الله ويتجنبها يتجنب التذكرة الأشقى يعني المشرك الذي يصلى النار الكبرى وهي نار جهنم والصغرى نار الدنيا ثم لا يموت فيها فيستريح ولا يحيى حياة تنفعه قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى وكانت الصلاة يومئذ ركعتين غدوة وركعتين عشية بل تؤثرون الحياة الدنيا يقوله للمشركين أي يزعمون أن الدنيا باقية وأن الآخرة لا تكون والآخرة خير من الدنيا
وأبقى أي وأن الدنيا لا تبقى وأن الآخرة باقية يعني بهذا الجنة إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى تفسير بعضهم يقول فيها إن الآخرة خير من الدنيا وأبقى
(2/312)

تفسير سورة هل أتاك حديث الغاشية وهي مكية كلها بسم الله الرحمن الرحيم تفسير سورة الغاشية
من آية قوله هل أتاك قد أتاك حديث الغاشية يعني القيامة في تفسير الحسن تغشى الناس بعذابها وعقابها وجوه يومئذ خاشعة ذليلة يعني وجوه أهل النار عاملة ناصبة كفرت بالله في الدنيا فأعملها وأنصبها في النار تسقى من عين آنية حارة قد انتهى حرها ليس لهم طعام إلا من ضريع قال الكلبي نبت ينبت في الربيع فإذا كان في الصيف يبس فاسمه إذا كان عليه ورقه شبرق وإذا تساقط ورقه فهو الضريع فالإبل تأكله أخضر فإذا يبس لم تذقه وجوه يومئذ ناعمة وهم أهل الجنة لسعيها لثواب عملها راضية
في جنة عالية في السماء لا تسمع فيها لاغية يعني اللغو فيها عين جارية يعني جماعة العيون وهي الأنهار فيها سرر مرفوعة عالية وأكواب موضوعة واحدها كوب وهو المدور القصير العنق القصير العروة ونمارق مصفوفة وهي الوسائد وزرابي وهي البسط مبثوثة مبسوطة بلغنا أنها منسوجة بالدر والياقوت تفسير سورة الغاشية من آية وقوله أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت قال محمد قيل أراد أنها تنهض بأحمالها وهي باركة وليس يفعل ذلك غيرها من الدواب وإلي السماء كيف رفعت بينكم وبينها مسيرة خمسمائة عام وإلى الجبال كيف نصبت مثبتة وإلى الأرض كيف سطحت يقول أفلا ينظرون إلى هذا فيعلمون أن الذي خلق هذه الأشياء قادر على أن يبعثهم يوم القيامة لست عليهم بمصيطر أي بمسلط تكرههم على الإيمان
إلا من تولى وكفر أي فكله إلى الله وكان هذا قبل أن يؤمر بقتالهم فيعذبه الله العذاب الأكبر جهنم إن إلينا إيابهم رجوعهم ثم إن علينا حسابهم يعني جزاءهم في تفسير السدي
(2/313)

تفسير سورة والفجر وهي مكية كلها بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة الفجر
من آية إلى آية قوله والفجر وليال عشر عشر ذي الحجة أيام عظمها الله والشفع والوتر تفسير قتادة الشفع الخلق والوتر الله تعالى قال محمد ومن كلامهم شفع زيد خالدا أي كان واحدا فصيره اثنين ولغة تميم الوتر بكسر الواو وأهل الحجاز بالفتح وأما الوتر من الترة فبالكسر يقال وتره يتره ترة وهو الظلم والليل إذا يسري ذهب وهذا كله قسم ثم قال هل في ذلك قسم لذي حجر عقل يقول فيه قسم لذي عقل وجواب القسم
إن ربك لبالمرصاد قال محمد ذكر ابن مجاهد أن قراءة نافع يسري بياء في الوصل وبغير ياء في الوقف قوله ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم وهذا على وجه الخبر أي أهلكهم حين كذبوا رسولهم و إرم في تفسير بعضهم قبيلة من عاد قال محمد إرم هي في موضع خفض ولم تصرف لأنها اسم للقبيلة ذات العماد تفسير الحسن ذات البناء الرفيع التي لم يخلق مثلها في البلاد يعني عادا في طولهم وأجسامهم وثمود أي وكيف فعل بثمود أهلكهم حين كذبوا رسولهم الذين جابوا الصخر بالواد جابوه نقبوه فجعلوه بيوتا قال محمد قراءة نافع في رواية ورش بالوادي بياء وروى عنه غيره بالواد بغير ياء ذكره ابن مجاهد وفرعون ذي الأوتاد أي وكيف فعل بفرعون ذي الأوتاد أهلكه بالغرق وكان إذا غضب على أحد أوتد له في الأرض أربعة أوتاد على يديه
(2/314)

ورجليه في تفسير قتادة فصب عليهم ربك سوط عذاب لونا من العذاب فأهلكهم إن ربك لبالمرصاد جواب القسم قال محمد قوله لبالمرصاد قيل المعنى يرصد من كفر به بالعذاب تفسير سورة الفجر من آية فأما الإنسان وهو المشرك إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه أي وسع عليه من الدنيا فيقول ربي أكرمن أي فضلني وأما إذا ما ابتلاه فقدر فقتر عليه رزقه فيقول ربي أهانن كلا قال الحسن أكذبهما جميعا بقوله كلا ومعناها لا أي لا بالغنى أكرمت ولا بالفقر أهنت قال محمد ذكر ابن مجاهد أن قراءة نافع أكرمني وأهانني بياء في الوصل بل لا تكرمون اليتيم يقوله للمشركين ولا تحضون على طعام
المسكين وذلك أن المشركين كانوا يقولون أنطعم من لو يشاء الله أطعمه وتأكلون التراث أكلا لما أي لا تبالون من حرام أو حلال قال محمد لما شديدا وهو من قولك لممت الشيء إذا جمعته والتراث أصله الوارث من ورثت التاء فيه منقلبة عن واو يقال إنه أراد تراث اليتامى وتحبون المال حبا جما كثيرا كلا إذا دكت الأرض دكا دكا أي صارت مستوية قال محمد معنى دكت دقت جبالها وأنشازها حتى استوت وجاء ربك والملك صفا صفا تفسير السدي يعني صفوف الملائكة كل أهل سماء على حدة قال يحيى وحدثني رجل من أهل الكوفة عن ليث عن شهر بن حوشب قال إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم العكاظي ثم يحشر الله فيها الخلائق من الجن والإنس ثم أخذوا مصافهم من الأرض ثم ينزل أهل السماء الدنيا بمثل من في الأرض وبمثلهم معهم من الجن والإنس حتى إذا كانوا على رءوس الخلائق أضاءت الأرض لوجوههم وخر أهل الأرض ساجدين وقالوا أفيكم ربنا قالوا ليس فينا وهو آت ثم أخذوا مصافهم من الأرض ثم ينزل أهل السماء الثانية بمثل من في الأرض من الجن والإنس
(2/315)

والملائكة الذين نزلوا قبلهم ومثلهم معهم حتى إذا كانوا مكان أصحابهم أضاءت الأرض لوجوههم وخر أهل الأرض ساجدين وقالوا أفيكم ربنا قالوا ليس فينا وهو آت ثم أخذوا مصافهم من الأرض ثم ينزل أهل السماء الثالثة بمثل من في الأرض من الجن والإنس والملائكة الذين نزلوا قبلهم ومثلهم معهم حتى إذا كانوا مكان أصحابهم أضاءت الأرض لوجوههم وخر أهل الأرض ساجدين ل وقالوا أفيكم ربنا قالوا ليس فينا وهو آت وينزل أهل السماء الرابعة على قدرهم من التضعيف ثم ينزل أهل السماء الخامسة على قدر ذلك من التضعيف ثم ينزل أهل السماء السادسة على قدر ذلك من التضعيف ثم ينزل أهل السماء السابعة على قدر ذلك من التضعيف حتى ينزل الجبار تبارك وتعالى قال ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية تحمله الملائكة على كواهلها بأيد وقوة وحسن وجمال حتى إذا جلس على كرسيه ونادى بصوته لمن الملك اليوم فلا يجيبه أحد فيرد على نفسه لله الواحد القهار اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب
وقوله وجيء يومئذ بجهنم يحيى عن أبان بن أبي عياش عن أبي العالية عن أبي بن كعب قال يجيء الرب يوم القيامة في ملائكة السماء السابعة وهم الكروبيون لا يعلم عددهم إلا الله فيؤتى بالجنة مفتحة أبوابها يراها كل بر وفاجر عليها ملائكة الرحمة حتى توضع عن يمين العرش فيوجد ريحها من مسيرة خمسمائة عام قال ويؤتى بالنار تقاد بسبعين ألف زمام يقود كل زمام سبعون ألف ملك مصفدة أبوابها عليها ملائكة سود معهم السلاسل الطوال والأنكال الثقال وسرابيل القطران ومقطعات النيران لأعينهم لمع كالبرق ولوجوههم لهب كالنار شاخصة أبصارهم لا ينظرون إلى ذي العرش تعظيما له فإذا أدنيت النار فكان بينها وبين الخلائق مسيرة خمسمائة عام زفرت زفرة لم يبق أحد إلا جثا على ركبتيه وأخذته الرعدة وصار قلبه معلقا في حنجرته فلا يخرج ولا يرجع إلى مكانه وذلك قوله إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين
(2/316)

فينادي إبراهيم رب لا تهلكني بخطيئتي وينادي نوح ويونس وتوضع النار عن يسار العرش ثم يؤتى بالميزان فيوضع بين يدي الجبار تبارك وتعالى ثم يدعى الخلائق للحساب قوله يومئذ يتذكر الإنسان أي يتوب وهو المشرك وأنى له الذكرى أي وكيف له التوبة وهي لا تقبل يوم القيامة يقول يا ليتني قدمت في الدنيا لحياتي بعد الموت يتمنى لو آمن في الدنيا فيحيا في الجنة فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد يقول لا يعذب عذاب الله أحد و يوثق وثاق الله أحد يا أيتها النفس المطمئنة وهو المؤمن نفسه مطمئنة آمنة ارجعي إلى ربك راضية قد رضيت الثواب مرضية قد رضي عنك فادخلي في عبادي تفسير السدي مع عبادي وادخلي جنتي
تفسير سورة لا أقسم بهذا البلد وهي مكية كلها بسم الله الرحمن الرحيم تفسير سورة البلد
من آية قوله لا أقسم أي أقسم بهذا البلد يعني مكة وأنت حل بهذا البلد وهذا حين أحلت له مكة ساعة من النهار يوم الفتح تفسير مجاهد يقول لا تؤاخذ بما فعلت فيه وليس عليك فيه ما على الماس ووالد يعني آدم وما ولد وهذا كله قسم لقد خلقنا الإنسان في كبد تفسير قتادة يكابد عمل الدنيا وإذا كان مؤمنا كابد أيضا عمل الآخرة أيحسب أن لن يقدر عليه أحد يعني ألا يقدر الله عليه وهذا المشرك يحسب أن لن يبعثه الله بع الموت يقول أهلكت مالا لبدا كثيرا أي
(2/317)

أكلت وأتلفت فمن ذا الذي يحاسبني في تفسير مجاهد قال محمد لبدا هو من التلبيد كأن بعضه على بعض أيحسب أن لم يره أحد أي لم يره الله حين أهلك ذلك المال أي بلى قد رآه الله ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين فالذي جعل ذلك قادر على أن يبعثه فيحاسبه وهديناه النجدين أي بصرناه السبيلين سبيل الهدى وسبيل الضلالة فلا اقتحم العقبة أي لم يقتحم العقبة وهذا خبر أي أنه لم يفعل قال محمد العرب تقول لا فعل بمعنى لم يفعل قال وما أدراك ما العقبة يقوله ل للنبي صلى الله عليه وسلم أي أنك لم تكن تدري حتى أعلمتك ما العقبة فك رقبة أي عتق رقبة من الرق أو إطعام في يوم ذي مسغبة مجاعة يتيما ذا مقربة قرابة أو مسكينا ذا متربة يعني اللاصق بالتراب من الحاجة في تفسير الحسن قال محمد من قرأ فك رقبة فالمعنى اقتحام العقبة فك رقبة أو إطعام وهو معنى قول يحيى وقالوا ترب الرجل تربا بإسكان الراء إذا لصق بالتراب وترب تربا بفتح الراء إذا افتقر وأترب إترابا إذا استغنى قال الحسن وقد علم الله عز وجل أن قوما يفعلون هذا الذي ذكر لا يريدون
الله به ليسوا بمؤمنين فاشترط فقال ثم كان الذي فعل هذا من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر على ما أمرهم الله به وعما نهاهم عنه وتواصوا بالمرحمة بالتراحم فيما بينهم قال محمد ثم هاهنا في معنى الواو أولئك أصحاب الميمنة يعني الميامين على أنفسهم وهم أهل الجنة يحيى عن المبارك بن فضالة عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعتق رقبة مؤمنة فهي فكاكه من النار يحيى عن الجارود عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما مسلم أطعم مسلما على جوع أطعمه الله يوم القيامة من ثمار الجنة
والذين كفروا بآياتنا هم أصحاب المشئمة أصحاب الشؤم على أنفسهم وهم أهل النار عليهم نار مؤصدة
(2/318)

تفسير والشمس وضحاها وهي مكية كلها بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة الشمس
من آية قوله والشمس وضحاها أي وضوئها والقمر إذا تلاها إذا تبعها ليلة الهلال والنهار إذا جلاها يعني ظلمة الليل فأذهبها والليل إذا يغشاها إذا غشي الشمس فأذهبها والسماء وما بناها أي والذي بناها أقسم بالسماء وبنفسه والأرض وما طحاها أي والذي بسطها يعني نفسه ونفس وما سواها أي والذي سواها يعني نفسه فألهمها فجورها وتقواها بين الله لها الفجور والتقوى قد أفلح من زكاها يعني من زكى الله نفسه فهداها وقد خاب من دساها أي من دسى الله نفسه أي أشقاها قال محمد دساها أصل الكلمة دسسها فقلبت السين الواحدة ياء المعنى جعلها قليلة خسيسة
قال يحيى هذا كله قسم من أول السورة إلى هذا الموضع كذبت ثمود بطغواها أي بطغيانها وعلى هذا وقع القسم إذ انبعث أشقاها وهو أحمر ثمود الذي عقر الناقة وقد مضى تفسيرها في سورة هود فقال لهم رسول الله صالح عليه السلام ناقة الله وسقياها أي اتقوا ناقة الله لا تمسوها بسوء واتقوا سقياها شربها لا تمنعوها منه فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم أهلكهم فسواها بالعقوبة ولا يخاف عقباها أي لا يخاف الله أن يتبع بذلك
تفسير والليل إذا يغشى وهي مكية كلها بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة الليل
من آية إلى آية قوله والليل إذا يغشى إذا غشي النهار فأذهب ضوءه والنهار إذا تجلى ظهر وما خلق الذكر أي والذي خلق الذكر والأنثى يعني نفسه وهذا كله قسم إن سعيكم لشتى يعني سعي المؤمن وسعي الكافر وهو عملهما فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى بالثواب وهو الجنة فسنيسره لليسرى لعمل الجنة وأما من بخل بما عنده أن يتقرب به إلى ربه واستغنى عن ربه فسنيسره للعسرى لعمل النار وما يغني عنه ماله إذا تردى تفسير بعضهم إذا تردى في النار وقيل تردى مات
(2/319)

إن علينا للهدى أي نبين لكم سبيل الهدى وسبيل الضلالة لا يصلاها لا يخلدها إلا الأشقى الذي كذب وتولى كذب بكتاب الله وتولى عن طاعة الله وسيجنبها يجنب النار الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى يتقرب به إلى ربه تفسير الحسن إن هذا تطوع وما لأحد عنده من نعمة تجزى أي ليس يفعل ذلك لنعمة ل يجزى بها أحدا إلا ابتغاء أي ليس يفعل ذلك إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى الثواب في الجنة ويقال إنها نزلت في أبي بكر الصديق حين أعتق بلالا وستة معه
تفسير والضحى وهي مكية كلها بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة الضحى
من آية إلى آية قوله والضحى يعني ضحى النهار وهو ضوؤه والليل إذا سجى إذا أظلم قال محمد وقيل سجى سكن وذلك عند تناهي ظلامه وركوده قال يحيى وهذا قسم ما ودعك ربك وما قلى وهي تقرأ على وجهين ودعك مثقلة و ودعك خفيفة فمن قرأها بالتثقيل يقول لم يودعك فيكون آخر الفراغ من الوحي ومن قرأها بالتخفيف يقول ما تركك ربك من أن ينزل عليك الوحي وذلك أن جبريل أبطأ عن النبي صلى الله عليه وسلم بالوحي فقال المشركون قد ودعه ربه وأبغضه قوله وما قلى أي وما أبغضك وللآخرة خير لك من الأولى
يعني من الدنيا ولسوف يعطيك ربك في الجنة فترضى ألم يجدك يتيما فآوى قال محمد قال ابن عباس يقول وجدك يتيما عند أبي طالب فآواك إلى خديجة ووجدك ضالا فهدى كقوله وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا يعني القرآن ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ووجدك عائلا أي فقيرا فأغنى قال محمد جاء عن ابن عباس في قوله فأغنى أي فرضاك بما أعطاك من الرزق ذهب إلى غنى النفس ويقال عال الرجل إذا افتقر وأعال إذ كثر عياله فأما اليتيم فلا تقهر لا تقهره فتمنعه حقه الذي أمر الله به وأما السائل فلا تنهر أي لا تنهره إما أعطيته وإما رددته ردا لينا وأما بنعمة ربك بالقرآن فحدث قال محمد يقول بلغ ما أرسلت به وحدث بالنبوة وهي أجل وهو معنى قول يحيى
(2/320)

تفسير ألم نشرح لك صدرك وهي مكية كلها بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة الشرح
من آية إلى آية قوله ألم نشرح لك صدرك يعني بالإيمان في تفسير الحسن ووضعنا عنك وزرك الوزر الحمل وهي الذنوب التي كانت عليه في الجاهلية الذي أنقض ظهرك أي أثقله ورفعنا لك ذكرك بالنبوة فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا بلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن بعض أصحابه أنه قال لن يغلب عسر يسرين
قال فإذا فرغت فانصب تفسير الكلبي فإذا فرغت من الصلاة فانصب في الدعاء وإلى ربك فارغب تضرع قال محمد قوله فإن مع العسر يسرا فذكر العسر مع الألف واللام ثم ثنى ذكره فصار المعنى إن مع العسر يسرين
تفسير والتين والزيتون وهي مكية كلها بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة التين
من آية إلى قوله والتين والزيتون تفسير قتادة التين جبل دمشق والزيتون جبل بيت المقدس وطور سنين الطور الجبل وسنين الحسن وهو الجبل الذي نادى الله منه موسى في تفسير الحسن وهذا البلد الأمين يعني الآمن يريد مكة يقول إنكم تأمنون فيه من القتل والسباء والعرب تقتل بعضها بعضا وتسبي بعضها بعضا وكان هذا قبل أن يؤمر بالقتال لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم في أحسن صورة أقسم بهذا كله من أول السورة إلى هذا الموضع ثم رددناه أسفل سافلين تفسير الحسن يعني بالإنسان هاهنا المشرك و أسفل سافلين يريد جهنم قال محمد قيل المعنى رددناه إلى أماكن سافلة يقال سفل الرجل فهو سافل إذا كان ذليلا إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات استثنى من آمن فلهم أجر أي
ثواب غير ممنون قال الحسن غير ممنون عليهم من أذى فما يكذبك بعد بالدين تفسير الكلبي قال يقول للمشرك فما يكذبك أيها الإنسان بعد بالحساب يوم القيامة ثم قال أليس الله بأحكم الحاكمين أي بلى هو أحكم الحاكمين
(2/321)

تفسير اقرأ باسم ربك الذي خلق وهي مكية كلها بسم الله الرحمن الرحيم تفسير سورة العلق
من آية إلى آية ل قوله اقرأ باسم ربك الذي خلق أول ما كلم جبريل النبي صلى الله عليه وسلم حين تبدى له قال له اقرأ باسم ربك الذي خلق إلى قوله إن إلى ربك الرجعى قوله الذي علم بالقلم وهو الكتاب بالقلم كلا قال الحسن معناها حقا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى تفسير الكلبي يعني يرتفع من منزلة إلى منزلة قال بعضهم نزلت في أبي جهل إن إلى ربك الرجعى المرجع يوم القيامة أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى كان أبو جهل ينهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة أرأيت إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى وهو محمد كان على الهدى وأمر العباد بطاعة الله
أرأيت إن كذب وتولى يعني أبا جهل كذب بكتاب الله وتولى عن طاعة الله ألم يعلم بأن الله يرى عمله كلا لئن لم ينته أبو جهل عن كفره وتكذبيه لنسفعن بالناصية لنأخذن بناصيته تجره الملائكة بناصيته فتلقيه في النار قال محمد يقال سفعت بالشيء إذا قبضت عليه و جبذته جبذا شديدا فليدع ناديه سندع الزبانية فليدع أبو جهل إذا دعونا بالزبانية خزنه النار فجروا بناصيته إلى النار فليدع حينئذ ناديه يعني عشيرته وجلساءه فليمنعوه من ذلك قال محمد واحد الزبانية زبنية مأخوذ من الزبن والزبن الدفع كأنهم يدفعون أهل النار إليها كلا لا تطعه لا تطع أبا جهل فيما يأمرك به يقوله للنبي صلى الله عليه وسلم واسجد أي وصل لربك واقترب وهو الدنو أقرب ما يكون العبد إلى الله إذا كان ساجدا
(2/322)

تفسير إنا أنزلناه في ليلة القدر وهي مكية كلها بسم الله الرحمن الرحيم تفسير سورة القدر
من آية إلى آية قوله إنا أنزلناه في ليلة القدر تفسير ابن عباس قال أنزل القرآن ليلة القدر إلى السماء الدنيا جملة واحدة ثم جعل بعد ذلك ينزل نجوما ثلاث آيات وأربع آيات وخمس آيات وأقل من ذلك وأكثر ثم تلا هذه الآية فلا أقسم بمواقع النجوم قال وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر تفسير ابن عباس العمل في ليلة القدر خير من العمل في ألف شهر لا توافق ليلة القدر يحيى عن المسعودي عن محارب بن دثار أو عن القاسم بن عبد الرحمن عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم التمسوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان
يحيى عن فطر عن عبد الرحمن بن سابط قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوقظ أهله في العشر الأواخر من رمضان ويشمر فيهن للصلاة قوله تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم الروح جبريل في تفسير السدي من كل أمر يعني بكل أمر في تفسير السدي سلام هي حتى مطلع الفجر يعني هي خير كلها إلى مطلع الفجر قال محمد المطلع بفتح اللام طلوع الشمس والمطلع بالكسر من حيث تطلع وقالوا القدر والقدر بمعنى واحد يريدون ما يقدر الله عز وجل
تفسير لم يكن الذي كفروا وهي مدنية كلها بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة البينة
من آية إلى آية قوله لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين أي منتهين عن كفرهم حتى تأتيهم البينة رسول من الله وهو محمد صلى الله عليه وسلم يتلو صحفا يعني القرآن مطهرة من الشرك والكفر فيها كتب قيمة أي مستقيمة لا عوج فيها يعني التي جاءت بها الأنبياء وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة قال محمد قيل يعني ما تفرقوا في مللهم وكفرهم بالنبي صلى الله عليه وسلم إلا أن تفطنوا أنه الذي وعدوا به في التوراة والإنجيل وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء والحنيف في تفسير
(2/323)

الحسن المخلص ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة أي يقرون بها وذلك دين القيمة تفسير السدي الملة المستقيمة أولئك هم شر البرية يعني الخلق قال محمد أكثر القراءة البرية ل بلا همز لكثرة الاستعمال واشتقاق اللفظة من برأ الله الخلق ابتدأه يحيى عن حماد عن أبي المهزم عن أبي هريرة قال المؤمن أكرم على الله من الملائكة الذين عنده قوله رضي الله عنهم ورضوا عنه أي ورضوا ثوابه ذلك لمن خشي ربه
تفسير إذا زلزلت وهي مدنية كلها بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة الزلزلة
من آية إلى آيه قوله إذا زلزلت الأرض زلزالها يعني تحركت من نواحيها كلها وذلك يوم القيامة وأخرجت الأرض أثقالها ألقت ما فيها من الأموات وقال الإنسان المشرك ما لها تحركت قال الله يومئذ تحدث أخبارها بما ألقت مما كان في بطنها من الأموات بأن ربك أوحى لها أي أمرها في تفسير مجاهد أن تلقي ما في بطنها يومئذ يصدر الناس أشتاتا من بين يدي الله أي مختلفين بعضهم إلى الجنة وبعضهم إلى النار ليروا أعمالهم فمن يعمل مثقال ذرة وزن ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره في عمل الآخرة
تفسير العاديات وهي مكية كلها وقيل إنها مدنية بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة العاديات
من آية إلى آية قوله والعاديات ضبحا تفسير ابن عباس هي الخيل وضبحها أنفاسها إذا جرت فالموريات قدحا تصيب الحجارة بحوافرها فتخرج منها النار قال محمد وقد قيل إن ضبحها صوت أجوافها إذا عدت قوله فالمغيرات صبحا قال الحسن هي الخيل تغير على العدو إذا أصبحت قال أنس بن مالك إن قوما كان بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم عهد فنقضوه وهم أهل فدك فبعث إليهم رسول الله خيله فصبحوهم وهم الذين أنزل الله فيهم والعاديات ضبحا
(2/324)

فأثرن به نقعا تثير التراب بحوافرها في تفسير الحسن قال محمد النقع حقيقة في اللغة الغبار وقال به ولم يتقدم ذكر المكان إذ في الكلام دليل عليه فوسطن به جمعا أي جمعا من الناس أغارت عليه يعني من العدو قال محمد معنى وسطن توسطن قال يحيى وهذا كله قسم إن الإنسان لربه لكنود وهو الكفور في تفسير العامة وإنه على ذلك لشهيد يعني على كفره يوم القيامة وإنه لحب الخير المال لشديد لبخيل أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور أخرج ما فيها من الأموات وحصل ما في الصدور أي ميز كقوله يوم تبلى السرائر إن ربهم بهم يومئذ لخبير لعالم
تفسير سورة القارعة
وهي مكية كلها بسم الله الرحمن الرحيم تفسير سورة القارعة من آية إلى آية قوله القارعة ما القارعة يعظمها بذلك وهو اسم من أسماء القيامة قال محمد سميت بذلك لأنها تقرع بالأهوال يقال أصابتهم قوارع الدهر يوم يكون الناس كالفراش المبثوث المبسوط في تفسير الحسن قال محمد الفراش ما تساقط في النار من البعوض وتكون الجبال كالعهن كالصوف المنفوش وهو أضعف الصوف قال محمد واحد العهن عهنة مثل صوفة وصوف قال يحيى وهي في قراءة ابن مسعود كالصوف الأحمر المنفوش فأما من ثقلت موازينه وهو المؤمن فهو في عيشة أي معيشة راضية قد رضيها وهي الجنة
(2/325)

قال محمد راضية معناه مرضية وقد قيل ذات رضا وأما من خفت موازينه وهو المشرك فأمه هاوية والهاوية اسم من أسماء جهنم وهو الباب الأسفل قال محمد معنى أمه مسكنه وقيل أمه لمسكنه لأن الأصل في السكون إلى الأمهات قال يحيى عن الحسن بن دينار عن الحسن البصري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أرواحكم تعرض على عشائركم وقرابتكم من موتاكم فإذا مات الميت استقبلوه كما يستقبل البشير فيقولون دعوه حتى يسكن فإنه قد كان في كرب وغم فيسألونه ل عن الرجل فإذ ذكر خيرا حمدوا الله واستبشروا وقالوا اللهم سدده وإذا ذكر شرا استغفروا له فإذا سألوه عن إنسان قد مات قبله قال أيهات مات ذلك قبلي أما مر بكم فيقولون إنا لله وإنا إليه راجعون ذهب به إلى أمه الهاوية بئست الأم وبئست المربية فما يزالون يسألونه حتى يقولون هل تزوج فلان هل تزوجت فلانة
تفسير سورة ألهاكم التكاثر وهي مكية كلها بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة التكاثر
من آية إلى آية قوله ألهاكم التكاثر أي في الدنيا عن الآخرة وهو التكاثر في المال والولد حتى زرتم المقابر أي حتى متم يحيى عن همام عن قتادة عن مطرف بن عبد الله عن أبيه أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعه يقرأ ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر فقال يقول ابن آدم مالي مالي وما لك من مالك يا ابن آدم إلا ما أكلت فأفنيت
أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون وهذا وعيدا بعد وعيد كلا لو تعلمون علم اليقين أي أن علمكم ليس بعلم اليقين يعني المشركين وأن علم المؤمنين هو علم اليقين لترون الجحيم قال محمد الاختيار في القراءة لترون بفتح التاء وضم الواو غير مهموزة
ثم لترونها عين اليقين يعني بالمعاينة ثم لتسألن يومئذ عن النعيم يحيى عن خالد عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث ليس لك منهن بد وليس عليك فيهن تبعة بيت يكنك وثوب تواري به عورتك وطعام تقيم به صلبك
(2/326)

تفسير سورة والعصر وهي مكية كلها بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة العصر
من آية إلى آية قوله والعصر يعني عصر النهار وهو ما بين زوال الشمس إلى الليل وهو قسم إن الإنسان لفي خسر من الجنة ثم استثنى من الناس فقال إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق بالتوحيد وتواصوا بالصبر على الفرائض قال محمد والعصر أيضا ليلة واليوم عصر أيضا قال الشاعر وكن يلبث العصران يوم وليلة إذا طلبا أن يدركا ما تيمما والدهر عصر أيضا
تفسير سورة ويل لكل همزة وهي مكية كلها بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة الهمزة
من آية قوله ويل لكل همزة لمزة وهو الذي يطعن على الناس الذي جمع مالا وعدده وهي تقرأ على وجهين بالتثقيل والتخفيف فمن قرأها بالتثقيل يقول أحصى عدده ومن قرأها بالتخفيف يقول أعده يحسب أن ماله أخلده أي يحسب أنه يخلد فيه حياته كلا لينبذن ليرمين به في الحطمة وهو اسم من أسماء جهنم التي تطلع على الأفئدة يقول تأكل كل شيء منه حتى ينتهى إلى الفؤاد فيصيح الفؤاد ثم يجدد خلقهم ثم تأكلهم أيضا حتى يتنهى إلى الفؤاد إنها عليهم موصدة مطبقة في عمد ممددة قال قتادة لها عمد هي ممددة بها
(2/327)

تفسير ألم تر كيف وهي مكية كلها بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة الفيل
من آية قوله ألم تر تفسير السدي يعني ألم تخبر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل تفسير الحسن هذا خبر أخبر الله به النبي صلى الله عليه وسلم وذلك أن العرب أهل الحرم هدموا كنيسة للحبشة وهم نصارى فقال أبرهة بن الصباح لنهدمن كعبة العرب كما هدموا كنيستنا وكان أبرهة من أهل اليمن ملكته الحبشة عليهم فبعث بالفيل وبالجنود فجاء حتى إذا انتهى إلى الحرم ألقى بجرانه فسقط فوجهوه نحو منازلهم فذهب يسعى فإذا وجه نحو الحرم ألقى بجرانه ل ولم يتحرك وإذا وجه نحو منازلهم ذهب يسعى قال محمد الجران عند أهل اللغة ما بين النحر والصدر قوله ألم يجعل كيدهم في تضليل أي في ذهاب وأرسل عليهم طيرا أبابيل تفسير بعضهم الأبابيل الزمر زمرة متتابعة قال محمد واحد الأبابيل إبالة وقد قيل لا واحد لها ترميهم بحجارة من سجيل أي من طين
قال محمد وقد جاء لابن عباس أن السجيل الآجد قال يحيى كان مع الطائر منها ثلاثة أحجار حجران في رجليه وحجر في فيه فكان إذا وقع الحجر منها على رأس أحدهم ثقبه حتى يسقط من دبره فجعلهم كعصف مأكول تفسير الكلبي العصف ورق الزرع والمأكول الذي قد أخرقه الدود الذي يكون في البقل
تفسير لإيلاف قريش وهي مكية كلها بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة قريش
من آية قوله لإيلاف قريش إيلافهم تعودهم رحلة الشتاء والصيف تفسير بعضهم كانت لهم رحلة في الشتاء إلى اليمن لأنها حارة وأخرى في الصيف إلى الشام لأنها باردة قال محمد وقيل لإيلاف مصدر ألفت تقول ألفت فلانا كذا إيلافا كما تقول ألزمته إياه إلزاما المعنى فعل هذا بأصحاب الفيل ليؤلف قريشا هاتين الرحلتين فتقيم بمكة فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وهو ما كان أصابهم يومئذ من الشدة وآمنهم من خوف وهو الأمن الذي كان فيه أهل الحرم وأهل الجاهلية يقتل بعضهم بعضا ويسبي بعضهم بعضا وهم آمنون مما فيه العرب
(2/328)

تفسير سورة أرأيت الذي وهي مكية كلها بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة الماعون
من آية قوله أرأيت الذي يكذب بالدين بالحساب وهو المشرك لا يقر بالبعث فذلك الذي يدع اليتيم يدفعه عن حقه ولا يحض على طعام المسكين وذلك أن المشركين كانوا يقولون أنطعم من لو يشاء الله أطعمه فويل للمصلين وهم المنافقون الذين هم عن صلاتهم ساهون تفسير الحسن هو المنافق إن صلاها لوقتها لم يرج ثوابها وإن تركها لم يخش عقابها الذين هم يراءون لا يصلونها في السر ويصلونها في العلانية يراءون بذلك المؤمنين ويمنعون الماعون تفسير بعضهم الماعون القدر والدلو والرحى والفأس وما أشبه ذلك
تفسير إنا أعطيناك الكوثر وهي مكية كلها بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة الكوثر
من آية قوله إنا أعطيناك الكوثر يحيى عن عثمان عن قتادة عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما أنا في الجنة إذا بنهر حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف فضربت بيدي إلى الماء فإذا مسك أذفر فقلت ما هذا يا جبريل قال هذا الكوثر الذي أعطاك الله
فصل لربك وانحر تفسير الحسن يقول فصل لربك صلاة العيد يوم النحر وانحر يوم النحر إن شانئك مبغضك هو الأبتر قال الكلبي إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من المسجد والعاص بن وائل داخل المسجد فالتقيا عند الباب فقالت قريش للعاص من الذي استقبلك عند الباب فقال ذلك الأبتر فقال الله لنبيه إن شانئك هو الأبتر وقال لا أذكر إلا ذكرت معي وأما عدو الله العاص بن وائل فأبتر ذكره من كل خير فلا يذكر بخير أبدا قال محمد وإنما قال ذلك الأبتر لأن العرب تسمي من كان له بنون وبنات فمات البنون وبقي البنات أبتر كذلك رأيته عن ابن عباس
(2/329)

تفسير قل يا أيها الكافرون وهي مكية كلها بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة الكافرون
من آية قوله قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون من الأوثان ولا أنتم عابدون ما أعبد أي إنكم تعبدون الأوثان ولا تعبدون الله ولا أنا عابد ما عبدتم من الأوثان ولا أنتم عابدون ما أعبد أي أنكم تعبدون الأوثان لكم دينكم الكفر ولي دين الإسلام قال محمد جاء عن ابن عباس أنه قال اجتمع رهط من قريش إلى العباس بن عبد المطلب فقالوا له يا أبا الفضل لو أن ابن أخيك استلم بعض آلهتنا لصدقناه فيما يقول ولآمنا بإلهه قال فأتى العباس إلى النبي فأعلمه بذلك فنزل عليه جبريل بهذه السورة فغدا بها رسول الله إلى جماعة قريش فقرأها عليهم
تفسير سورة إذا جاء نصر الله وهي مدنية كلها بسم الله الرحمن الرحيم تفسير سورة النصر
من آية قوله إذا جاء نصر الله إلى قوله أفواجا تفسير الحسن قال لما فتح الله على رسوله مكة قالت العرب بعضهم لبعض ليس لكم بهؤلاء القوم يدان فجعلوا يدخلون في دين الله أفواجا أي قبائل قبائل فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا قال الكلبي فعند ذلك نعيت إليه نفسه وقيل اعلم أنك ستموت عند ذلك
تفسير تبت يدا وهي مكية كلها بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة المسد
من آية قوله تبت يدا أبي لهب أي خسرت ما أغنى عنه ماله وما كسب يعني ولده أي إذا صار إلى النار قال محمد أبو لهب اسمه عبد العزى بن عبد المطلب وكنيته أبو عتبة وإنما قيل له أبو لهب فيما ذكر ابن عباس لأن وجهه كان يتلهب جمالا وامرأته حمالة الحطب تفسير بعضهم كانت تضع الشوك على طريق رسول الله قال محمد من قرأ حمالة بالرفع فعلى معنى سيصلى هو وامرأته حمالة الحطب حمالة نعت لها ومن قرأها بالنصب حمالة فنصبه على الذم أعني حمالة الحطب في جيدها عنقها حبل من مسد تفسير الحسن المسد خيوط صفر وحمر وقال ابن عباس كان في عنقها قلادة فيها ودعات في مسد
(2/330)

تفسير سورة قل هو الله أحد وهي مكية كلها بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة الإخلاص
من آية قوله قل هو الله أحد يعني الواحد الله الصمد تفسير قتادة الصمد الباقي وتفسير بعضهم الصمد السيد الذي قد انتهى سؤدده ولم يكن له كفوا أحد ولم يكن له أحد كفوا له أي مثل وشبه تفسير الكلبي إن المشركين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم انسب لنا ربك وصفه فأنزل الله هذه السورة
صفحة فارغة
تفسير سورة قل أعوذ برب الفلق وهي مكية كلها في قول قتادة وبعضهم يقول مدنية بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة الفلق
من آية قل أعوذ برب الفلق تفسير عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم الفلق سجن في جهنم ومن شر غاسق إذا وقب تفسير السدي يعني الليل إذا أطبق الأفق بظلمته ومن شر النفاثات في العقد هي السواحر ينفثن في العقد للسحر ومن شر حاسد إذا حسد يحيى عن الحسن بن دينار عن الحسن قال قال رسول الله عموا هذا الحسد بينكم فإنه من الشيطان وإنه ليس من أحد إلا وهو يعرض له منه شيء وإنه ليس بضائر عبدا لم يعد بلسان أو يد
تفسير سورة قل أعوذ برب الناس وهي مكية في قول قتادة وبعضهم يقول مدنية نزلت هي وقل أعوذ برب الفلق معوذتين للنبي حين سحرته اليهود
بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير سورة الناس
من آية قوله قل أعوذ بربر الناس إلى قوله الخناس قال قتادة الشيطان جاثم على قلب ابن آدم فإذا ذكر الله خنس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة قال محمد يعني الذي هو من الجن قوله والناس
قال يحيى ومن شر شياطين الإنس
(2/331)