مناظرة الكراجكي مع Ø£Øد المعتزلة ÙÙŠ مسألة البداء
القسم: مناظرات عقائدية | 2009/08/20 - 03:15 AM | المشاهدات: 3999
مناظرة الكراجكي مع Ø£Øد المعتزلة ÙÙŠ مسألة البداء اعلم Ù€ أيدك الله تعالى Ù€ أن أصØابنا دون المتكلمين يقولون بالبداء، ولهم ÙÙŠ نصرة القول به كلام، ومعهم Ùيه آثار. وقد استشنع ذلك منهم مخالÙوهم، وشنَّع عليهم به مناظروهم، وإنّما استشنعوه لظنّهم أنّه يؤدي إلى القول بأن الله تعالى علم ÙÙŠ البداء ما لم يكن يعلم، Ùإذا قدر الناصر للبداء على الاØتراز من هذا الموضع Ùقد Ø£Øسن ØŒ ولم يبق عليه أكثر من إطلاق اللÙظ، وقد قلنا إن ذلك قد ورد به السمع، وقد اتÙÙ‚ لي Ùيه كلام مع Ø£Øد المعتزلة بمصر، أنا Ø£Øكيه، لتق٠عليه. كنت سألت معتزلياً، Øضرت معه مجلساً، Ùيه قوم من أهل العلم، Ùقلت له: Ù„ÙÙ…ÙŽ أنكرت القول بالبداء ØŸ وزعمت أنّه لا يجوز على الله تعالى. Ùقال: لاَنّه يقتضي ظهور أمر لله سبØانه كان عنه مستوراً، ÙˆÙÙŠ هذا أنّه قد تجدد له العلم بما لم يكن به عالماً. Ùقلت له: أَبÙنْ لنا من أين علمت أنّه يوجب ذلك ØŒ وتقتضيه، ليسع الكلام معك Ùيه ØŸ Ùقال: هذا هو معنى البداء، والتعار٠يقضي بيننا، ولسنا نشك أن البداء هو الظهور، ولا يبدو للآمر إلا لظهور شيء٠تجدد من علم٠أو ظن٠لم يكن معه من قبل. وبيان ذلك: أن طبيباً لو وص٠لعليل أن يشرب ÙÙŠ وقته شراب الورد، Øتى إذا أخذ العليل Ø§Ù„Ù‚Ø¯Ø Ø¨ÙŠØ¯Ù‡ ليشرب ما أمره به، قال له الطبيب ÙÙŠ الØال: صÙبَّه ولا تشربه، وعليك بشرب النيلوÙر(1)بدله، Ùلسنا نشك ÙÙŠ أن الطبيب قد استدرك الاَمر وظهر له من Øال العليل ما لم يكن عالماً به من قبل، Ùغير عليه الاَمر لما تجدد له من العلم، ولولا ذلك لم يكن معنى لهذا الاختلاÙ. Ùقلت له: هذا مما ÙÙŠ الشاهد وهو من البداء، Ùيجوز عندك أن يكون ÙÙŠ البداء قسم غير هذا ØŸ Ùقال: لا أعلم ÙÙŠ الشاهد غير هذا القسم، ولا أرى أنّه يجوز ÙÙŠ البداء قسم غيره ولا ÙŠÙعلم. Ùقلت له: ما تقول ÙÙŠ رجل له عبد، أراد أن يختبر Øاله وطاعته من معصيته، ونشاطه من كسله، Ùقال له ÙÙŠ يوم شديد البرد: سر لوقتك هذا إلى مدينة كذا، لتقبض مالاً لي بها، ÙØ£Øسن العبد لسيده الطاعة، وقدم المبادرة، ولم ÙŠØتج بØجة، Ùلما رأى سيده مسارعته، وعر٠شهامته ونهضته، شكره على ذلك، وقال له: أقم على Øالك، Ùقد عرÙت أنك موضع للصنيعة، وأهل للتعويل عليك ÙÙŠ الاَÙمور العظيمة، أيجوز عندك هذا ØŸ وإن جاز Ùهل هذا داخل ÙÙŠ البداء أم لا ØŸ Ùقال: هذا مستعمل ورأينا ÙÙŠ الشاهد، وقد بدا Ùيه للسيد، وليس هو قسماً ثانياً، بل هو بعينه الاَوّل، هو الذي لا يجوز على الله عزّ وجلّ. Ùقلت له: Ù„ÙÙ…ÙŽ جعلت الجمع بينهما من Øيث ذكرت أولى من التÙرقة بينهما، من Øيث كان Ø£Øدهما مريداً لاÙتمام قبل أن يبدو له Ùيه Ùينهى عنه ØŒ وهو الطبيب، والآخر غير مريد٠لاÙتمامه على كل وجهÙØŒ وهو سيد العبد، بل كي٠لم تÙرق بينهما من Øيث أن الطبيب لم يجز قط أن يقع منه اختلا٠الاَمر إلا لتجدد علم٠له لم يكن، وسيد العبد يجوز أن يقع منه النهي بعد الاَمر من غير أن يتجدد له علم، ويكون عالماً بنهضته ÙÙŠ الØالين، ومسارعته إلى ما Ø£Øب، وإنّما أمره بذلك ليعلم الØاضرون ØÙسن طاعته، ومبادرته إلى أمره، وأنّه ممن يجب اصطÙاؤه، والاÙØسان إليه، والتعويل ÙÙŠ الاÙمور عليه. قال: Ùإذا سلمت لك الÙرق بينهما، Ùما تنكر أن يكون دالاً على أن مثالك الذي أتيت به غير داخل٠ÙÙŠ البداء ØŸ قلت: أنكرت ذلك من Ù‚Ùبَل٠أن البداء عندنا جميعاً نهي الآمر عمّا أمر به قبل وقوعه ÙÙŠ وقته، وإذا كان هذا هو الØد المراعى Ùهو موجود ÙÙŠ مثالنا، وقد أجمع العقلاء أيضاً على أن السيد Ùيه قد بدا له Ùيما أمر به عبده. قال: Ùإذا دخل القسمان ÙÙŠ البداء، Ùما الذي تجيز على الله تعالى منهما ØŸ Ùقلت أقربهما إلى قصة إبراهيم الخليل عليه السلام وأشبههما لما أمر الله تعالى ÙÙŠ المنام Ø¨Ø°Ø¨Ø ÙˆÙ„Ø¯Ù‡ إسماعيل عليه السلام ØŒ Ùلما سارع إلى المأمور راضياً بالمقدور، وأسلما جميعاً صابرين، وتلّه للجبين، نهاه الله عن Ø§Ù„Ø°Ø¨Ø Ø¨Ø¹Ø¯ متقدم الاَمر، وأØسن الثناء عليهما، وضاع٠لهما الاَجر. وهذا نظير ما مثلت من أمر السيد وعبده، وهو النهي عن المأمور به قبل وقوع Ùعله. قال: Ùمن سَلَّم لك أن إبراهيم عليه السلام مأمور بذلك من قبل الله سبØانه ØŸ قلت: سلَّمه لي من يقر بأن منامات الاَنبياء عليهم السلام صادقة، ويعتر٠بأنها ÙˆØÙŠ الله ÙÙŠ الØقيقة، وسلَّمه لي من يؤمن بالقرآن، ويصدق ما Ùيه من الاَخبار. وقد تضمن الخبر عن إسماعيل أنّه قال لاَبيه : ( يَا أَبت٠اÙعَل مَا تÙؤمَر٠سَتَجÙدÙني Ø¥ÙÙ† شَاءَ الله٠مÙÙ†ÙŽ الصَّابÙرÙينَ )(2)ØŒ وقول الله تعالى لاÙبراهيم : ( قَد صَدَّقتَ الرّÙؤيَا ) وثناؤه عليه، Øيث قال: ( ÙƒÙŽØ°ÙŽÙ„ÙÙƒÙŽ نَجزÙÙŠ المÙØسÙÙ†Ùينَ )(3). وليس بمØسن٠من امتثل غير أمر الله تعالى ÙÙŠ Ø°Ø¨Ø ÙˆÙ„Ø¯Ù‡ØŒ وهذا ÙˆØ§Ø¶Ø Ù„Ù…Ù† أنص٠من Ù†Ùسه. قال: Ùإنّي لا Ø£Ùسمّي هذا بداءً. Ùقلت له: ما المانع لك من ذلك، أتوجه الØجّة عليك به، أم مخالÙته للمثال المتقدّم ذكره ØŸ Ùقال: يمنعني من أن Ø£Ùسميه البداء، أن البداء لا يكش٠إلا عن متجدد علم٠لمن بدا له، وظهوره له بعد ستره، وليس ÙÙŠ قصة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ما يكش٠عن تجدد علم الله سبØانه، ولا يجوز ذلك عليه ØŒ Ùلهذا قلت إنه ليس ببداء. Ùقلت له: هذا خلا٠ما سلمته لنا من قبل، وأقررت به ØŒ من أن سيد العبد يجوز أن يأمره بما ذكرناه، ثم يمنعه مما أمره به وينهاه، مع علمه بأنه يطيعه ÙÙŠ الØالين لغرضه ÙÙŠ كش٠أمره للØاضرين. ثمّ يقال لك : ما تنكر من إطـلاق اللÙظ بالبتداء ÙÙŠ قصـة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، لاَنها كشÙت لهما عن علم متجدد، ظهر لهما، كان ظنهما سواه، وهو إزالة هذا التكلي٠بعد تعلقه ØŒ والنهي عن Ø§Ù„Ø°Ø¨Ø Ø¨Ø¹Ø¯ الاَمر به. قال : Ø£Ùتقول انّ الله تعالى أراد Ø§Ù„Ø°Ø¨Ø Ù„Ù…Ø§ أمر به أم لم يرده ØŸ واعلم أنك إن قلت: إنه لم يرده دخلت ÙÙŠ مذاهب المجبرة، لقولك إن الله تعالى أمر بما لا يريده. وكذلك إن قلت: إنه أراده دخلت ÙÙŠ مذهبهم أيضاً، من Øيث أنّه نهى عمّا أراده، Ùما خلاصك من هذا ØŸ Ùقلت له: هذه شبهة يقرب أمرها، والجواب عنها لازم لنا جميعاً، لتصديقنا بالقصة، وإقرارنا بها. وجوابي Ùيها أن Ø§Ù„Ø°Ø¨Ø ÙÙŠ الØقيقة هو تÙرقة الاَجزاء، ثمّ قد تسمَّى الاَÙعال التي ÙÙŠ مقدمات الذبØØŒ مثل القصد، والاÙضجاع، وأخذ الشÙرة، ووضعها على الØلق، ونØÙˆ ذلك، ذبØاً مجازاً واتساعاً. ونظير ذلك أن الØاج ÙÙŠ الØقيقة هو زائر بيت الله تعالى، على منهاج ما قررته الشريعة، من الاÙØرام، والطواÙØŒ والسعي، وقد يقال لمن شرع ÙÙŠ Øوائجه لسÙره ÙÙŠ Øجة من قبل أن يتوجه إليه، أنه Øاج اتساعاً ومجازاً. Ùأقول: إن مراد الله تعالى Ùيما أمر به لخليله إبراهيم عليه السلام من Ø°Ø¨Ø ÙˆÙ„Ø¯Ù‡ØŒ إنما كان مقدمات الذبØØŒ من الاعتقاد أولاً والقصد، ثمّ الاÙضطجاع للذبØØŒ ترك الشÙرة على الØلق، وهذه الاَÙعال الشاقة التي ليس بعدها غير الاÙتمام بتÙرقة أجزاء الØلق. وعَبَّرَ عن ذلك بلÙظ الذبØØŒ Ù„ÙŠØµØ Ù…Ù† إبراهيم عليه السلام الاعتقاد له، والصبر على المضض Ùيه، الذي يستØÙ‚ جزيل الثواب عليه، ولو ÙÙسّÙرَ له ÙÙŠ الاَمر المراد على التعيين لما ØµØ Ù…Ù†Ù‡ الاعتقاد للذبØØŒ ولا كان ما Ø£Ùمر به شاقاً، يستØÙ‚ عليه الثناء، والمدØØŒ وعظيم الاَجر، والذي نهى الله تعالى عنه هو Ø§Ù„Ø°Ø¨Ø ÙÙŠ الØقيقة، وهو الذي لم يبق غيره، ولم تتعلق الاÙرادة قط به، Ùقد ØµØ Ø¨Ù‡Ø°Ø§ أن الله تعالى لم يأمر بما لا يريد، ولا نهى عما أراد، والØمد لله. قال الخصم: Ùقد انتهى قولك إلى أن الذي أمر به غير الذي نهى عنه، وليس هذا هو البداء. Ùقلت له: أمَّا ÙÙŠ ابتداء الاَمر Ùما ظن إبراهيم عليه السلام إلا أن المراد هو الØقيقة، وكذلك كان ظن ولده إسماعيل عليه السلام ØŒ Ùلما انكشÙت بالنهي لهما ما علماه مما كان ظنّهما سواه، كان ظاهره بداءً، لمشابهته Ù„Øال من يأمر بالشيء، وينهى عنه بعينه ÙÙŠ وقته، وليستسلمه على ظاهر الاَمر دون باطنه. Ùلم يرد على ما ذكرت شيئاً، وهذا الذي اتÙÙ‚ لي من الكلام ÙÙŠ البداء(4) ____________ (1) النيْلَوْÙَر : نبات مائي من Ùصيلة النيلوÙريات ØŒ ورقه كبير مستدير يعوم على صÙØØ© الماء ØŒ وأزهاره جميلة كثيرة القÙعَالات ØŒ تعوم أيضاً ØŒ منه أنواع تعيش ÙÙŠ مستنقعات وبØيرات القارة القديمة ØŒ ومنه نوع جعل منه المصريون الاَقدمون موضوعاً. المنجد : ص 850. (2) سورة الصاÙات : الآية 102. (3) سورة الصاÙات : الآية 105. (4) كنز الÙوائد للكراجكي: ج1 ص 227 Ù€ 232.
|