القائمة الرئيسية:
 Ø£Ù‚سام أخبار المستبصرين:
 Ø£Ù‚سام المقالات:
 Ø£Ù‚سام مكتبة الكتب:
 ÙƒØªØ§Ø¨ عشوائي:
 ØµÙˆØ±Ø© عشوائية:
 Ø§Ù„قائمة البريدية:
البريد الإلكتروني:
 Ø§Ù„مقالات
المسارالمقالات » حقائق عن الامام المهدي » علامات الظهور » شخصيات عصر الظهور:اليماني والحسني

شخصيات عصر الظهور:اليماني والحسني

القسم: علامات الظهور | 2009/10/16 - 08:19 PM | المشاهدات: 2667

شخصيات عصر الظهور

اولا:اليماني والحسني


ورد في جملة من الروايات منها: ما رواه النعماني بسنده عن أبي بصير عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليهما السلام أنّه قال في حديث يذكر عليه السلام فيه علامات الظهور الحتميّة، كالصيحة لجبرئيل في شهر رمضان، ثمّ صوت إبليس اللعين، وخروج السفياني والخراساني كفرسي رهان يستبقان إلى الكوفة، ثمّ قال: (خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة، في شهر واحد، في يوم واحد، نظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضاً، فيكون البأس من كلّ وجه، ويل لمن ناواهم، وليس في الرايات أهدى من راية اليماني، هي راية هدى؛ لأنّه يدعو إلى صاحبكم، فإذا خرج اليماني حرم بيع السلاح على النّاس وكلّ مسلم، وإذا خرج اليماني فانهض إليه، فإنّ رايته راية هدى، ولا يحلّ لمسلم أن يلتوي عليه، فمن فعل ذلك فهو من أهل النّار؛ لأنّه يدعو إلى الحقّ وإلى صراط مستقيم) _ الحديث.(25)
ورواه الراوندي في الخرائج.(26)
وفي الرواية جملة نقاط:
الأولى: أنّها تحدّد علامة اليماني بعلامة الظهور الحتميّة، وهي الصيحة السماوية، وقد ذكر في أوصاف تلك الصيحة، والتي هي نداء جبرئيل من السماء أنّه يسمعه أهل الأرض، كلّ أهل لغة بلغتهم
(27)، واستيلاء السفياني على الشام، وهكذا التحديد للخراساني الذي قد يعبّر عنه في روايات اُخرى بالحسني.
وهذا التحديد يقطع الطريق على أدعياء هذين الاسمين قبل الصيحة والنداء من السماء، وقبل استيلاء السفياني على الشام.
وبعبارة اُخرى: التحديد لهما هو بسنة الظهور وعلاماتها من الصيحة والخسف بالبيداء وخروج السفياني.
الثانية: أنّ مقتضى تعليل الرواية لراية اليماني بأنّها راية هدى؛ لأنّه يدعو إلى صاحبكم، هو إبداء التحفّظ على راية الحسني، وعدم خلوص دعوته إلى المهدي عجل الله فرجه، ويظهر من روايات اُخرى أنّ ذلك لتضمّن جيشه جماعة تقول إنّ الإمام والإمامة هي لمن يتصدّى علناً بقيادة اُمور المسلمين وإصلاحها لا أنّها بالنصّ الإلهي، وقد اصطلحت الروايات عليهم بالزيديّة، والمراد باللفظة المعنى النعتي والإشارة إلى ذلك المقال والمعتقد لا المسمّين بالزيديّة كاسم علم.
وبعبارة اُخرى: أنّ الحسني والخراساني يتبنّى الإمامة بالتصدّي للاُمور والإصلاح العلني، بينما يتبنّى اليماني أنّ الإمامة بالنصّ الإلهي على الاثني عشر آخرهم المهدي عجل الله فرجه.
الثالثة: أنّ الرواية تعلّل حرمة الالتواء على اليماني بأنّه يدعو إلى الحق والصراط المستقيم وإلى المهدي عجل الله فرجه، فالمدار في مناصرته على توفّر الميزان والحدود الشرعيّة.
وبعبارة أدقّ: الرواية تدلّ على حرمة العمل المضادّ لحركته لإفشالها، ففرق بين التعبير بالإلتواء عليه والالتواء عنه، فكلمة (عليه) تفيد السعي المضاد لحركته لا صرف المتاركة لحركته بخلاف كلمة (عنه)، فإنّها تفيد الانصراف والابتعاد عن حركته. نعم الأمر بالنهوض إليه يفيد المناصرة، والظاهر أنّ مورده لمن كان في معرض اللقاء به والمصادفة لمسيره؛ إذ سيأتي استعراض طوائف من الروايات تحثّ على النهوض والتوجّه إلى مكّة المكرّمة للانخراط في الإعداد لبيعة الحجّة في المسجد الحرام.
وبعبارة اُخرى: أنّ الرواية كما تحدّد استعلام علامته بأنّه يدعو إلى المهدي عجل الله فرجه بنحو واضح وشفّاف، أي أنّ برنامجه الذي يدعو إليه متمحّض في إعلاء ذكر الإمام المنتظر والنداء باسمه والدعوة إلى ولاية المهدي عليه السلام ، والالتزام بمنهاج أهل البيت عليهم السلام، كما أنّ هناك علامة اُخرى تشير إليها الرواية، وهي كون خروجه من بلاد اليمن، وهو وجه تسميته باليماني، كما أنّ استعمال الروايات لليمن بنحو يشمل كلّ تهامة من بلاد الحجاز، أي بنحو شامل لمكّة دون المدينة المنوّرة، لكن في بعض الروايات الإشارة إلى خروجه من صنعاء، كما سيأتي. ويتحصّل أنّ الرواية لا يستفاد منها أنّ اليماني من النوّاب الخاصّين والسفراء للإمام المنتظر عجل الله فرجه، ولا تشير إلى ذلك من قريب ولا بعيد، ولا دلالة لها على وجود ارتباط واتّصال له مع الحجّة عليه السلام ، وإنّما تجعل المدار على كون البرنامج الذي يدعو هو على الميزان الحقّ لأهل البيت عليهم السلام، وأنّه لا ينادي إلى تشكيل دولة هو يترأّسها، بل يواكب خروجه زمان الصيحة والنداء من السماء الذي يدعو إلى نصرة المهدي عجل الله فرجه، فيكون خروج اليماني على ضوء برنامج الصيحة السماويّة ونداء جبرئيل.


كما أنّ ظاهر الرواية دالّ على كون خروج الخراساني من خراسان، وهو وجه تسميته تارة بالخراساني، واُخرى بالحسني، كما في هذه الرواية قبيل القطعة التي نقلناها: (حتّى يخرج عليهم الخراساني والسفياني، هذا من المشرق وهذا من الغرب، يستبقان إلى الكوفة كفرسي رهان: هذا من هنا وهذا من هنا حتّى يكون هلاك بني فلان على أيديهما).
(28)
وروى الشيخ في الغيبة بسنده عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام ، قال: (تنـزل الرايات السود التي تخرج من خراسان إلى الكوفة، فإذا ظهر المهدي بعث إليه بالبيعة).(29)
وقد روى الصدوق في إكمال الدين بسنده عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام في حديث عن القائم عجل الله فرجه، وأنّه منصور بالرعب، وعلامات ظهوره القريبة: (وخرج السفياني من الشام واليماني من اليمن، وخسف بالبيداء، وقتل غلام من آل محمّد صلى الله عليه وآله بين الركن والمقام... )،(30) وهي صريحة في خروج اليماني من اليمن.
وكذلك روى النعماني بسنده عن عبيد بن زرارة، قال: ذكر عند أبي عبد الله عليه السلام السفياني فقال: (أنّى يخرج ذلك ولم يخرج كاسر عينه بصنعاء).
(31)
وروى الشيخ الطوسي في أماليه بإسناده عن هشام، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال: (لمّا خرج طالب الحقّ قيل لأبي عبد الله عليه السلام: ترجو أن يكون هذا اليماني؟ فقال: (لا، اليماني يتوالي عليّاً، وهذا يبرأ منه)(32)، ومفاد الرواية هو ما سبق من التزام اليماني ولاية أهل البيت عليهم السلام، ومنهاجهم. كما قد يظهر منها أنّ في زمنهم عليهم السلام حصلت حركات قام بها أدعياء بأسماء مسرح الظهور، كتقمّص اسم اليماني، كما حفل التاريخ الإسلامي بالمنتحلين للمهدويّة.
ومنها: ما أخرجه في بحار الأنوار عن بعض مؤلّفات الإماميّة بسنده عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام _ في حديث الظهور _ (ثمّ يخرج الحسني الفتى الصبيح الذي نحو الديلم! يصيح بصوت له فصيح: يا آل أحمد، أجيبوا الملهوف والمنادي من حول الضريح، فتجيبه كنوز الله بالطالقان، كنوز وأي كنوز، ليست من فضّة ولا ذهب، بل هي رجال كزبر الحديد، على البراذين الشهب، بأيديهم الحراب، ولم يزل يقتل الظلمة حَتّى يرد الكوفة وقد صفا أكثر الأرض، فيجعلها له معقلاً، فيتّصل به وبأصحابه خبر المهدي عليه السلام، ويقولون: يا بن رسول الله، مَن هذا الذي قد نزل بساحتنا؟ فيقول: اخرجوا بنا إليه حتّى ننظر مَن هو؟ وما يريد؟ وهو والله يعلم أنّه المهدي، وأنّه ليعرفه، ولم يرد بذلك الأمر إلاّ ليعرّف أصحابه من هو، فيخرج الحسني فيقول: إن كنت مهدي آل محمّد فأين هراوة جدّك رسول الله صلى الله عليه وآله، وخاتمه، وبردته، ودرعه الفاضل، وعمامته السحاب، وفرسه اليربوع، وناقته العضباء، وبغلته الدلدل، و****ه اليعفور، ونجيبه البراق، ومصحف أمير المؤمنين؟ فيخرج له ذلك، ثمّ يأخذ الهراوة فيغرسها في الحجر الصلد وتورق، ولم يرد ذلك إلاّ أن يرى أصحابه فضل المهدي عليه السلام حتّى يبايعوه. فيقول الحسني: الله أكبر، مدّ يدك يا بن رسول الله حتّى نبايعك فيمدّ يده فيبايعه ويبايعه سائر العسكر الذي مع الحسني إلاّ أربعين ألفاً أصحاب المصاحف المعروفون بالزيديّة، فإنّهم يقولون: ما هذا إلاّ سحر عظيم. فيختلط العسكر فيقبل المهدي عليه السلام على الطائفة المنحرفة، فيعظهم ويدعوهم ثلاثة أيّام، فلا يزدادون إلاّ طغياناً وكفراً، فيأمر بقتلهم فيقتلون جميعاً، ثمّ يقول لأصحابه: (لا تأخذوا المصاحف ودعوها تكون عليهم حسرة كما بدّلوها وغيّروها وحرّفوها ولم يعملوا بما فيها).
(33)
ويظهر من هذه الرواية جملة من النقاط تعزّز ما تقدّم:
الاُولى: أنّ ظاهر دعوة الحسني ليس متمحّضة في الدعوة إلى المهدي عجل الله فرجه، بل شعاره عامّ في رفع الظلم، ومن ثمّ يشاهد جملة من قاعدته وأتباعه من الزيديّة، والمراد منهم _ كما مرّ _ المعنى النعتي الوصفي لا العلمي، أي من يرى أنّ الإمامة هي بالتصدّي العلني لتدبير الاُمور السياسيّة الاجتماعيّة وتغييرها.
الثانية: أنّه مع كون الشعار والمنهاج المعلن للحسني ليس بتلك الدرجة من الاستقامة، إلاّ أنّ ذلك بسبب الأجواء والوسط الذي يقوم فيه، ومع ذلك فلا تغيب البصيرة بتمامها عن الحسني في الانقياد والاتّباع للإمام عجل الله فرجه.
وإلى ذلك تشير رواية النعماني في الغيبة، بإسناده عن أبي خالد الكابلي، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال: (كأنّي بقوم قد خرجوا بالمشرق يطلبون الحقّ فلا يعطونه، ثمّ يطلبونه فلا يعطونه، فإذا رأوا ذلك وضعوا سيوفهم على عواتقهم فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه حتّى يقوموا، ولا يدفعونها إلاّ إلى صاحبكم، قتلاهم شهداء، أما أنّي لو أدركت ذلك لأبقيت نفسي لصاحب هذا الأمر).
(34)
فإرشاده إلى التحفّظ على النفس حتّى يظهر الحجّة عجل الله فرجه، وادّخار النفس لنصرته مؤشّر عامّ على اتّخاذ الحيطة في التيارات والرايات التي تظهر قبيل المهدي عجل الله فرجه في سنة ظهوره، وعدم خلوص تلك الجماعات عن شوب الاختلاط في الأوراق والبصيرة، كما أنّه دالّ على أرجحيّة ادّخار النفس والنصرة إلى خروج المهدي عجل الله فرجه من مكّة على الالتحاق براية اليماني، فضلاً عن غيرها من الرايات.
وفي رواية اُخرى للنعماني في الغيبة بإسناده عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام في حديث في الظهور، ومجيء جيش السفياني إلى الكوفة وقتله لأهل الكوفة وتنكيله بهم، قال: (فبينا هم كذلك إذ أقبلت رايات من قِبل خراسان تطوي المنازل طيّاً حثيثاًَ، ومعهم نفر من أصحاب القائم، ثمّ يخرج...).
(35)
ويظهر منها وجود بعض ذوي البصائر في جيش الخراساني في حين وجود جماعات اُخرى غير متوفّرة على بصيرة مستقيمة.
والحاصل: أنّ أهمّ ما ورد في اليماني لا يرقى إلى إثبات نيابته الخاصّة عن الحجّة، وكونه سفيراً لناحيته المقدّسة، بل غاية الأمر كون دعوته هي إلى الحقّ، وهو منهاج أهل البيت عليهم السلام وولايتهم وولاية المهدي عجل الله فرجه، ولا يدعو إلى برنامج إصلاحي يترأّس هو فيه، ويعيّن فيه نفسه للقيادة. هذا مع كون علامات خروجه هو في سنة ظهور الحجّة عليه السلام ، أي مواكباً للصيحة السماوية، واستيلاء السفياني على الشام، والخسف لجيش السفياني بالبيداء حوالي المدينة المنوّرة في الطريق باتّجاه مكّة المكرّمة. وأنّ خروجه من اليمن باتّجاه الكوفة، وأنّ من كان في معرض لقياه ومسيره فلا يسعى لمعارضته وإضعافه بعد التحقّق من العلامات الآنفة، والتأكّد من توفّر العلامات فيه، ووضوح برنامج دعوته إلى ولاية أهل البيت عليهم السلام، والبراءة من أعدائهم، والولاية لإمامة المهدي عجل الله فرجه، وأمّا مناصرته والالتحاق به فهو وإن كان بلحاظ انطباق ميزان وضابطة الحقّ والصواب في دعوته من منهاج أهل البيت عليهم السلام وولايتهم وولاية الإمام المنتظر، إلاّ أنّه يظهر من روايات اُخرى _ واحدة منها سبق الإشارة إليها، وسيأتي الباقي _ أنّ الدعوة العامّة الشاملة اللازمة على جميع شيعة أهل البيت عليهم السلام هو النفر إلى مكّة المكرمة للانخراط في بيعة المهدي عجل الله فرجه وفي جيشه.
هذا كلّه في اليماني فضلاً عمّا ورد في الحسني الخراساني الذي يخرج من خراسان، فإنّه قد مرّ ورود التعريض برايته من حيث شعارها وبرنامجها ووسط القاعدة الشعبيّة الذي يتشكّل منه جيشه، وإن انضمّ ذلك إلى مديح لبعض الفئات المشاركة في نهضته ولشخصه عندما يسلّم الأمر إلى المهدي عجل الله فرجه، وباعتبار مقاومته للظالمين، ولكن ليس فيها إعطاء أيّة صفة رسميّة للحسني لا كنائب خاصّ، ولا كسفير للناحية المقدّسة.
هذا مع تحديد الروايات لخروجه بنفس سنة الظهور وعلاماتها الحتميّة من الصيحة السماويّة، واستيلاء السفياني على بلاد الشام، وخسف فرقة من جيشه ببيداء المدينة المنوّرة.
ثانيا:ذو النفس الزكيّة، وشعيب بن صالح وغيرهما

ورد التعبير به عن شخصيّتين: إحداهما _ وهي الأقلّ وروداً في الروايات _ على شخصيّة يقتل بظهر الكوفة، وثانيها: الذي يُقتل بين الركن والمقام، بل في بعض روايات الأدعية(36) الواردة عنهم إطلاق النفس الزكيّة على المهدي عجل الله فرجه.
وقد روى الشيخ المفيد في الإرشاد في علامات الظهور ممّا قد جاءت به الآثار: (وقتل نفس زكيّة بظهر الكوفة في سبعين من الصالحين، وذبح رجل هاشمي بين الركن والمقام).
(37)
فذكر كلّ منهما، ولكنّ الثاني أكثر وروداً في الروايات، وفي جملة منها أنّ قتله بين الركن والمقام من العلامات الحتميّة، وانّ اسمه محمّد بن الحسن، وأنّه من ذرّيّة الحسين عليه السلام ، وأنّه من خواص أصحاب المهدي عجل الله فرجه، لكنّ خروجه في مكّة مرتبط بفاصل أيّام وبينه وبين ظهور الحجّة عجل الله فرجه للبيعة عند الركن خمسة عشرة ليلة، ففي صحيح عمر بن حنظلة، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: (خمس علامات قبل قيام القائم: الصيحة، والسفياني، والخسف، وقتل النفس الزكيّة، واليماني)، فقلت: جعلت فداك، إن خرج أحد من أهل بيتك قبل هذه العلامات أنخرج معه؟ قال: (لا)، فلمّا كان من الغد تلوت هذه الآية: (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ)
(38)، فقلت له: أهي الصيحة؟ فقال: (أما لو كانت خضعت أعناق أعداء الله عزّ وجلّ)(39)، فيظهر من الصيحة أنّ قتل النفس الزكية، والمراد به الذي يقتل في الكعبة بين الركن والمقام، من العلامات الحتميّة للظهور، كما أنّ في الصيحة تحذيراً أكيداً، وتنبيهاً بالغاً على عدم الانخداع وراء أدعياء أسماء الظهور قبل تحقّق العلامات الحتميّة من الصيحة والسفياني والخسف لجيشه في صحراء المدينة المنوّرة، وإنّ من أهمّ علامات الظهور الصيحة والنداء من السماء.
وروى النعماني بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال: قلت له: جعلت فداك، متى خروج القائم عليه السلام ؟ فقال: (يا أبا محمّد، إنّا أهل البيت لا نوقّت، وقد قال محمّد عليه السلام: كذب الوقّاتون يا أبا محمّد، إنّ قدّام هذا الأمر خمس علامات، أوّلهنّ: النداء في شهر رمضان، وخروج السفياني، وخروج الخراساني، وقتل النفس الزكيّة، وخسف بالبيداء) الحديث.
(40)
وروى الصدوق في إكمال الدين بإسناده عن محمّد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: (القائم منصور بالرعب، مؤيّد بالنصر، تطوى له الأرض...)، فقلت له: يا بن رسول الله، متى يخرج قائمكم؟ قال: (إذا... وخرج السفياني من الشام، واليماني من اليمن، وخسف بالبيداء، وقتل غلام من آل محمّد صلى الله عليه وآله بين الركن والمقام، اسمه محمّد بن الحسن النفس الزكيّة، وجاءت الصيحة من السماء بان الحقّ فيه وفي شيعته، فعند ذلك خروج قائمنا)(41) _ الحديث.
وروى الصدوق أيضاً في إكمال الدين، بإسناده عن صالح مولى بني العذارء، قال: سمعت أبا عبد الله الصادق عليه السلام يقول: (ليس بين قيام آل محمّد وبين قتل النفس الزكيّة إلاّ خمس عشرة ليلة).
(42)
ورواه الشيخ في الغيبة، والمفيد في الإرشاد.
وفي رواية الشيخ الطوسي في الغيبة بإسناده عن عمّار بن ياسر أنّه قال: (إنّ دولة أهل بيت نبيّكم في آخر الزمان، ولها أمارات، فإذا رأيتم فالزموا الأرض، وكفّوا حتّى تجيئ أماراتها،... ثمّ يسير _ أي السفياني بعد استيلاءه على الشام _ إلى الكوفة، فيقتل أعوان آل محمّد صلى الله عليه وآله، ويقتل رجلاً من مسمّيهم، ثمّ يخرج المهدي على لوائه شعيب بن صالح، فإذا رأى أهل الشام قد اجتمع أمرها على ابن أبي سفيان التحقوا بمكّة، فعند ذلك يقتل النفس الزكيّة وأخوه بمكّة ضيعة، فينادي منادي من السماء: أيّها النّاس، إنّ أميركم فلان، وذلك هو المهدي الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً).
(43)
ويظهر من هذه الرواية أنّ النفس الزكيّة يقتل مع أخيه، وأنّ شعيب بن صالح من رؤساء وقوّاد جيش المهدي، وعلامته ظهوره في جيشه معه.
وفي رواية العيّاشي عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام في حديث الظهور: (...ثمّ يخرج من مكّة هو ومن معه الثلاثمائة وبضعة عشر يبايعونه بين الركن والمقام، معه عهد نبيّ الله صلى الله عليه وآله ورايته وسلاحه ووزيره معه، فينادي المنادي بمكّة باسمه وأمره من السماء، حتّى يسمعه أهل الأرض كلّهم، اسمه اسم نبيّ، ما أشكل عليكم فلم يشكل عليكم عهد نبيّ الله صلى الله عليه وآله ورايته وسلاحه، والنفس الزكيّة من ولد الحسين، فإن أشكل عليكم هذا فلا يشكل عليكم الصوت من السماء باسمه وأمره، وإيّاك وشذاذ من آل محمّد عليهم السلام، فإنّ لآل محمّد وعليّ راية، ولغيرهم رايات، فالزم الأرض ولا تتّبع منهم رجلاً أبداً، حتّى ترى رجلاً من ولد الحسين معه عهد نبيّ الله ورايته وسلاحه، فإن عهد نبيّ الله صار عند عليّ بن الحسين، ثمّ صار عند محمّد بن عليّ، ويفعل الله ما يشاء، فالزم هؤلاء أبداً. وإيّاك ومن ذكرت لك، فإذا خرج رجل منهم معه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، ومعه راية رسول الله صلى الله عليه وآله عامداً على المدينة...) _ الحديث.
(44)
ومفاد الرواية أنّ قتل النفس الزكيّة في المسجد الحرام من العلامات البارزة الجليّة الظهور، كما تؤكّد الرواية _ كما مرّ في غيرها _ على الحذر الشديد، واليقظة البالغة من الانجرار والانجراف وراء أدعياء رايات الظهور، وشعارات الإصلاح، وقد جعل العلامات الفاصلة بين الملتبس المشتبه وبين الظهور الحقيقي هو الصيحة السماويّة.

وروى السيّد عليّ بن عبد الحميد يرفعه إلى أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام _ في حديث _ قال: (يقول القائم عليه السلام لأصحابه: يا قوم، إنّ أهل مكّة لا يريدونني، ولكنّي مرسل إليهم لأحتجّ عليهم بما ينبغي لمثلي أن يحتجّ عليهم، فيدعو رجلاً من أصحابه فيقول له: امض إلى أهل مكّة فقل: يا أهل مكّة، أنا رسول فلان إليكم، وهو يقول لكم: إنّا أهل بيت الرحمة، ومعدن الرسالة والخلافة، ونحن ذرّيّة محمّد، وسلالة النبيّين، وإنّا قد ظلمنا واضطهدنا وقهرنا وابتزّ منّا حقّنا منذ قبض نبيّنا إلى يومنا هذا، فنحن نستنصركم فانصرونا، فإذا تكلّم هذا الفتى بهذا الكلام أتوا إليه فذبحوه بين الركن والمقام، وهي النفس الزكيّة، فإذا بلغ ذلك الإمام قال لأصحابه: ألا أخبرتكم أنّ أهل مكّة لا يريدوننا فلا يدعونه حتّى يخرج فيهبط من عقبة طوى في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً...).
(1)
ويظهر من هذه الرواية أنّ ذا النفس الزكيّة (محمّد بن الحسن) الحسيني له نيابة خاصّة من الحجّة عجل الله فرجه لإبلاغ رسالته إلى أهل مكّة، ولكنّ ذلك بعد الصيحة السماويّة، أي في الظهور الأوّل الأصغر الذي يبتدأ بعد الصيحة السماويّة في رجب، أو في شهر رمضان بحسب تعدّد لسان الروايات. وأمّا الظهور الأكبر فهو يبتدأ عندما يسند ظهره الشريف إلى الركن من الكعبة لأخذ البيعة في ابتداء دولته العالميّة.
وروى الطوسي في الغيبة عن حذلم بن بشير، قال: قلت لعليّ بن الحسين: صف لي خروج المهدي، وعرّفني دلائله وعلاماته؟ فقال: (يكون قبل خروجه خروج رجل يقال له عوف السلمي بأرض الجزيرة، ويكون مأواه تكريت، وقتله بمسجد دمشق، ثمّ يكون خروج شعيب بن صالح من سمرقند، ثمّ يخرج السفياني الملعون من الوادي اليابس).
(2)
ويظهر من هذه الرواية أنّ بدء طلوع اسم شعيب بن صالح هو من مدينة سمرقند. وأمّا عوف السلمي فيحتمل من الرواية أنّه من غير الموالين لأهل البيت عليهم السلام، حيث يكون مأواه تكريت وساحة حركته في المدن غير الموالية.
وروى النعماني في الغيبة معتبرة البزنطي عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أنّه قال: (قبل هذا الأمر السفياني واليماني والمرواني وشعيب بن صالح، فكيف يقول هذا هذا).
(3)
ويشير عليه السلام إلى مَن خرج في زمانه وادّعى أنّه القائم. وهذه الرواية تعضد مفاد الرواية السابقة من أنّ شأن شعيب بن صالح الخروج بحركة قبل حركة المهدي عجل الله فرجه من مكّة المكرمة حيث يكون شعيب أحد قوّاد جيشه حينئذٍ.
وروي في مختصر بصائر الدرجات في حديث الظهور عن الحسين بن حمدان بإسناده عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبد الله عليه السلام عند ذكره لخروج الحسني الفتى الصبيح من الديلم، وأنّه تجيبه كنوز الله بالطالقان، وهي الرجال كزبر الحديد، وفيه: (لكأنّي أنظر إليهم على البراذين الشهب، بأيديهم الحراب، يتعاوون شوقاً إلى الحرب كما تتعاوى الذئاب، أميرهم رجل من بني تميم يقال له شعيب بن صالح... ثمّ يسير _ أي الحسني _ بتلك الرايات كلّها حتّى يرد الكوفة، وقد جمع بها أكثر أهل الأرض يجعلها له معقلاً...) الحديث.
(4)
وهذه الرواية ترسم أن حركة شعيب بن صالح من سمرقند ونهضته حينما تقبل إلى شمال إيران (الديلم) تلتحم بحركة الحسني ويكون شعيب بن صالح أميراً لجيش الحسني، ولا بدّ أنّ شعيب بن صالح لا يبقى طويلاً مع الحسني بعدما تقع الصيحة السماويّة ونحوها من العلامات الحتميّة، بل يلتحق بمكّة المكرّمة للالتحاق بجيش المهدي عجل الله فرجه جمعاً مع رواية عمّار بن ياسر المتقدّمة، وعلى أي تقدير، فالرواية هذه تفصح عن نسب شعيب بن صالح أنّه من بني تميم، ولعلّه من مواليد الديلم حيث يكون بدأ حركته منها، كما هو الحال في الحسني، لعلّه من مواليد سمرقند بعد كون بدأ حركته من الديلم، وهي شمال ايران هذا، ولعلّ شعيب بن صالح الذي يكون على لواء جيش المهدي يغاير الذي يخرج من سمرقند، ويكون أميراً لجيش الحسني، كما احتمل ذلك الراوندي في (الخرائج والجرائح)، حيث روى عن ابن بابويه بإسناده عن الحسين عليه السلام ، قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وعنده أُبي بن كعب، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وآله: (مرحباً بك يا أبا عبد الله، يا زين السماوات والأرض...)، ثمّ ذكر المهدي من ولده وخروجه: (يخرج وجبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، وشعيب بن صالح على مقدّمته).(5)
وقال قطب الدين الراوندي في ذيل الحديث: (وأمّا شعيب بن صالح فقد ذكر ابن بابويه في كتاب النبوّة بإسناده عن سهيل بن سعيد، ثمّ ذكر رواية أمر هشام بن عبد الملك لحفر بئر في الرصافة، وأنّه بدت لهم جمجمة رجل عليه ثياب بيض، وفي ثوبه مكتوب أنا شعيب بن صالح رسول رسول الله شعيب النبيّ عليه السلام ، إلى قومه، فضربوني وأضرّوا بي وطرحوني في هذا الجبّ).(6)
وقد روى الراوندي قبل هذه الرواية أيضاً عن عبد الله بن يقطر رضيع الحسين عليه السلام شعراً في المهدي عجل الله فرجه أربعة أبيات منها:


وقام بنو ليث بنصر ابن أحمد



يهزّون أطراف القنا والصفائح


تعرفتهم شعث النواصي يقودها



من المنـزل الأقصى شعيب بن صالح(7)

وهذه الرواية _ لو صحّت _ فلا موجب لحمل اسم شعيب بن صالح الذي على مقدّمة جيش الإمام المنتظر عجل الله فرجه على إرادته، كما لا موجب لحمل اسمه على الذي يخرج من سمرقند، ويكون أميراً على جيش الحسني عند خروجه، فلعلّه شعيب بن صالح النبيّ عليه السلام المذكور في القرآن، حيث إنّه يخرج مع المهدي الخضر وإلياس، كما قد تشير إليه بعض الروايات، كما ينـزل عيسى بن مريم ويصلّي خلفه، وعلى أي تقدير، فالروايات الواردة في شعيب بن صالح ليس فيها إشارة إلى صفة تمثيل رسمي له عن الحجّة عليه السلام قبل خروج المهدي عجل الله فرجه. هذا مع أنّ خروجه هو في نفس سنة الظهور المشتملة على العلامات الحتميّة، وأمّا ذو النفس الزكية فهو وإن كان له تمثيل رسمي عن الحجّة عجل الله فرجه إلاّ أنّه بحسب الروايات في خصوص أيّام لا تعدو الخمسة عشر قل أخذ الإمام المهدي عليه السلام البيعة عند الركن في البيت في تلك المهمّة المذكورة في الروايات.
الهوامش
(25) الغيبة/ النعماني: 256/ باب 14/ ح 13.

(26) الخرائج والجرائح: 3/1163.

(27) بحار الأنوار: 52/ 221.

(28) بحار الأنوار: 52/192.

(29) الغيبة/ الطوسي: 425، ح 457.

(30) كمال الدين/ الصدوق: 331، باب 32، ح 16.

(31) الغيبة/ النعماني: 277، باب 14، ح 60، بحار الأنوار: 52/245.

(32) الأمالي/ الطوسي: 661، ح 1375/ 19، بحار الأنوار: 52/275.

(33) بحار الأنوار: 53/15.

(34) الغيبة/ النعماني: 273، باب 14، ح 50، بحار الأنوار: 52/243.

(35) الغيبة/ النعماني: 280، باب 14، ح 67، بحار الأنوار: 52/238.
(36) مهج الدعوات: 58. بحار الأنوار: 98/371.

(37) الإرشاد: 2/371، بحار الأنوار: 52/220.

(38) سورة الشعراء: الآية 4.

(39) الكافي: 8/310.

(40) الغيبة/ النعماني: 290، باب 16، ح 6، بحار الأنوار: 52/119.

(41) كمال الدين/ الصدوق: 331، باب 32، ح 16، بحار الأنوار: 52/191.

(42) كمال الدين/ الصدوق: 649، باب 57، ح 2، بحار الأنوار: 52/203.

(43) الغيبة/ الطوسي: 463، ح 479، بحار الأنوار: 52/207 و208.

(44) تفسير العياشي: 1/ 117ØŒ بحار الأنوار: 52/222 – 224.
(1) بحار الأنوار: 52/307.

(2) الغيبة/ الطوسي: 444/ 437، بحار الأنوار: 52/213.



المصدر
فقه علائم الظهور
الشيخ محمد السند


 Ø¹Ø±Ø¶ التعليقات
لا توجد تعليقات!
 Ø¥Ø¶Ø§ÙØ© تعليق
الإسم: *
البلد:
البريد الإلكتروني:
التعليق: *
التحقق اليدوي: *