القائمة الرئيسية:
 Ø£Ù‚سام أخبار المستبصرين:
 Ø£Ù‚سام المقالات:
 Ø£Ù‚سام مكتبة الكتب:
 ÙƒØªØ§Ø¨ عشوائي:
 ØµÙˆØ±Ø© عشوائية:
 Ø§Ù„قائمة البريدية:
البريد الإلكتروني:
 Ø§Ù„مقالات
المسارالمقالات » حقائق عن الامام المهدي » الامام المهدي في الاديان » من هو (مسيّا)؟ وما قصته؟

من هو (مسيّا)؟ وما قصته؟

القسم: الامام المهدي في الاديان | 2009/10/15 - 02:29 PM | المشاهدات: 2848

من هو (مسيّا)؟ وما قصته؟

القصة ليست معقّدة, ولكنها تحتاج إلى تبسيط وربط بسيط؛ ليفهم القارئ الكريم, كلّ النصوص الآتية بشكل مترابط. فـ (مسيّا) هو اسم آرامي, أو سرياني, لا تظهر ترجمته إلاّ من خلال العبرية, وسيأتي معناه. واليهود ينتظرون (مسيّا). كما أن النصارى _ أيضاً _ ينتظرون (البركليت) أو (الباركليت). والمسلمون _ كما تبين لنا آنفاً _ ينتظرون _ كذلك _ (المهدي عليه السلام). ونحن سنبحث _ هنا _ هذا الترابط الغريب بين هذه المسميات:
(مسيّا) كلمة آرامية, أو سريانية, معناها: (محمّد), أو (أحمد), وكتبت: (حمدا) باللغة العبرية كما سيأتي. و(البركليت) كلمة يونانية, معناها (أفعل) التفضيل من (حَمَدَ) أي: (أحمد) أو (محمّد) كما سيأتي الاعتراف بذلك. و(محمّد) هو (محمّد) سواء كان النبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم, أو حفيده الإمام المهدي عليه السلام, ولا مشكلة في تعدد المسميين, لاختلاف نوع البشارتين, أو لاتحاد الديانة والتبشير, وكأن الزمن يتوقف عند (محمّد).
إذن نحن أمام حالة تطابق في المعنى, وفي اللفظ _ في بعض الأحيان _ كما هو حال كتابة: (مسيّا) في اللغة العبرية. فـ (مسيّا) لم تكتب في العبرية (حِمدا) اعتباطاً. وإنما هي الترجمة الحرفية للكلمة الآرامية, أو السريانية. فلهذا كتبت: (حمدا). وليس اعتباطاً _ أيضا _ حين يقال: إن (البركليت) هو (أحمد) وإنما لأن (البركليت) هو (أحمد) بالذات. والتفسير المذهبي لاسم المصلح المنتظر ولظهوره في اليهودية الحاضرة هو الحيرة, والترقب في انتظار (مسيّا) وعدم معرفته, بل استحالة معرفته حتّى لو ظهر. لأنهم دمروا معنى الكلمة (الاسم) التي ينتظرون صاحبها.
والتفسير المذهبي المسيحي, الحالي, لاسم المصلح هو أن المصلح المنتظر إذا كان (مسيّا) فقد ظهر, وهو نفسه المسيح عليه السلام, رغم الغموض في التطبيق, وإذا كان (البركليت) فهو قد ظهر للتلاميذ. وهو روح القدس. وهم يفرّقون _ ظاهراً _ بين (مسيّا) و(البركليت). مع أن معناهما في اللغات _ مدار الكلمات _ واحد, وهو (محمّد) أو (أحمد).
والتفسير المذهبي الإسلامي, مختلف حول شخصية المصلح المنتظر. ولكنه مجمع على أن اسمه محمّد المهدي عليه السلام.
إلاّ أن أغلب علماء المسلمين يقولون: إن (مسيّا) و(البركليت) هو النبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم. وهذا مصدر اضطراب لدى المسلمين. لعدم التطابق مع قضية شمول دينه لكل الأرض, وستأتي معالجة ذلك.
_ فهنا _ ثلاثة أسماء, تجب دراستها؛ لرؤية نقاط اللقاء, والافتراق بينها. لتكون دالة على الشخصية المنتظرة. وهل هي شخصية واحدة, أم شخصيات متعددة؟
ولو تجرد الإنسان من الميول الشخصية, والتمذهب, فإنه سيخلص إلى نتيجة خطيرة جدّاً. وهي أن الشخصيات المنتظرة هي شخصية واحدة, ولا فرق بينها أبداً. وهذه النتيجة خطيرة على مستوى الديانات الثلاث. فـ (المسيّا) هو: (البركليت) وهو: (روح الحق) وهو: (محمّد المهدي المنتظر). وقد لا يقبل هذه النتيجة كل من المسلمين, والمسيحيين, واليهود, لما استقر في أذهانهم من الاختلاف في صورة الأشخاص.
لننظر إلى مواصفات (مسيّا) حتّى نطابق بشكل دقيق:
مسيّا: مصلح من الله ينشر العدل والسلام على كل الأرض, في آخر الزمان, وينتشر الخير في زمنه.
ولننظر إلى (البركليت) فإنه: مصلح إلهي يمثل روح الحق, والحقيقة, سيأتي آخر الزمان, لنشر العدل والحقيقة, ويخضع جميع الأمم بسلامه, وينشر الخيرات في الأرض.
والمهدي المنتظر عليه السلام: يأتي في آخر الزمان, لينشر العدل, والحق في كل الأرض, ويخضع جميع الأمم, وينشر الخير في كل الأرض.
فإخضاع العالم كله, وجمع كلمته, ونشر العدل, والخير هي صفات كل واحد من هؤلاء, في آخر الزمان. وهذه صفات شخص واحد, منتظر, من قبل جميع الديانات, إذ لا يمكن التعدد في نفس الوقت لمثل هذه الحالة؛ لأن كل دين يقول: إنه واحد, لا يتعدد في زمن واحد, هو آخر الزمان, وفي جميع الأرض, فلا مكان لغيره. وهم متفقون على هذا.
_ وهنا _ نجد أنفسنا أمام استنتاج جديد, قد لا يرغب اليهودي أو المسيحي في التفكير به. وهذا مفهوم؛ لأن معناه التحوّل القهري عن الديانة التي يتمسك بها, باستبعاد فهمه الشخصي, لشخصية المصلح المنتظر. ولكن لماذا لا يقبل المسلمون _ أيضاً _ هذه النتيجة؟
المشكلة تقع بسبب أن المسلمين (سُنّة, وشيعة) يقولون: إن (مسيّا) و(البركليت) هو النبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم ذاته, وليس المهدي عليه السلام. فهي بشارة بالدين الحنيف. وليست بشارة بالمنقذ الأخير, حامل لواء محمّد صلى الله عليه وآله وسلم. وهنا يقع المسلمون (سُنّة, وشيعة) في اضطراب لا بدَّ من حلّه, لتكون النظرة منسجمة _ تماماً.
أهل السُنّة يرون بلا خلاف: أن كل مواصفات (مسيّا) و(البركليت) هي للنبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم, ولا يقبلون التفكير في التناقضات, التي تنشأ بين النصّ والواقع, فالنص ينص على أن مهمة (البركليت) عالمية وحاسمة, وهو يُخضع جميع العالم, وأنه يقطع حجة جميع الأمم, وتبقى حجته فقط. وهذا لم يحدث للنبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم, فتطبيقها عليه فيه تكلّف ظاهر, وإغفال هذه الحقيقة يعني سقوط التطبيق، وسقوط الاستدلال, فإن المسلمين حين يقولون: إن (البركليت) هو النبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم يخسرون قوة نص إلهي, وجُد في كتب اليهود والنصارى قبل النبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم بمئات السنين.
ولكن لا بدَّ من حل لهذه القضية, بالنسبة لأهل السُنّة وهو لحد الآن بلا حل...
والشيعة يقولون: إنه النبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم, وحين يصلون إلى الإمام المهدي عليه السلام يقولون: إن هذه الأسماء هي للمهدي _ أيضاً لأنَّهم يرونه ينطبق عليه، لموضوع إخضاع العالم، وعندهم نصوص على تطبيقه على المهدي. وهذا اضطراب واضح(1). وعلينا حل كل هذه المشكلات _ الآن؛ لنفهم القضية بشكل صحيح, وبلا عوائق فكرية, أو نفسية.
وقبل كل شيء, يجب أن ننبه إلى أن المتتبع يرى فرقاً في النصوص التوراتية, وغيرها, بين النص على النبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم وبين النص على الإمام محمّد المهدي عليه السلام, فتارة هناك نص على (أحمد) وهو النبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم وتارة على (أحمد) وهو محمّد المهدي, والتفريق هو في الصفات, والزمن, وقوة الانتشار, فحين تكون البشارة براكب ال***** وراكب الجمل _ مثلاً _ فهذه محصورة بالنبي عيسى عليه السلام, والنبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم _ قطعاً _ ولا علاقة للإمام المهدي عليه السلام بها, ولكن حين تكون البشارة بمن يأتي آخر الزمان ليطوّع الأرض جميعها, فهذا لا يكون إلاّ للإمام المهدي عليه السلام, الامتداد الحقيقي لرسالة النبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم, وعليه فالفكر الإسلامي يحتاج إلى إعادة بحث وتنقيب لمعالجة ظاهرة اتحاد اسمين أو شخصين في النصوص الدينية القديمة, ومحاولة التفريق بينها بدقة, ومحاولة إيجاد صدقية الإخبار القرآني بنبوة النبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم نفسه.
وكما هناك تفريق كبير بين النبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم والإمام محمّد عليه السلام, فهناك إتحاد _ أيضاً _ يجب أن لا نغفل عنه, وهذا الاتحاد ناشئ عن كون النبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم هو صاحب الرسالة, والإمام محمّد المهدي عليه السلام هو صاحب النشر العالمي والتمكين في الأرض قاطبة، وبصورة عامة فهما يمثلان قطبي الإسلام ابتداءً, وتعميماً على الأرض, فالنبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم بُشّر بأن يكون هو صاحب السيادة على الأرض. ولكن من الناحية الواقعية, سيكون ذلك على يد ابنه الإمام المهدي عليه السلام, فهذا الاتحاد قد يفسر _ جزئياً _ التبشير بالنبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم, وأن دينه سينتشر على جميع الأمم ويعم الأرض. وهو ما يثير مشكلة خلط النصّ بين النبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم والإمام المهدي عليه السلام(2). ولهذا, فلو ورد ما لا يمكن إلاّ أن يكون تبشيراً, بمحمّد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وإنه سيملأ الأرض عدلاً, فيكون تبشيراً بالنبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم, من جهة كونه إماماً عاماً, وهو صاحب الرسالة التي ستنتشر على يد ابنه الإمام المهدي عليه السلام, في جميع بقاع الأرض.
وهنا, يجب أن نلتفت لقضية غاية في الأهمية, وهي أن القرآن الكريم صرّح بأن النبي عيسى عليه السلام بشّر بنبي بعده اسمه (أحمد). وهذا النصّ الذي لم يكذّب في وقتها من قبل الكنيسة, رغم الاتصال المؤكد, بل والتنازع بين النبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم والكنيسة, والوصول إلى مرحلة المحاججة والمباهلة, كما هو الحال مع قساوسة نجران, ولكن لم يجرؤ أحد من الكنيسة ولا من غيرها, على نفي هذا القول إلاّ بعد خمسة قرون أو أكثر, فيجب أن يكون موجوداً في الإنجيل _ قطعاً _ ولكن في أيّ إنجيل, وفي أيّ موقع منه؟ فهذا ما نسميه تغيير التراث لمصالح سياسية.
فهذا ما خفي على الجميع, نتيجة تحرّك النصوص الإنجيلية بالترجمة. ولعلَّه موجود في النصوص نفسها, التي يستدل بها المسلمون. ولكن حركة النصوص, وتغيير ألفاظها, حَرَمَ الجميع من الكشف الواضح, أو هناك إضافات, أو حذف, أو هو في نصوص غير موجودة _ أصلاً, أو أن الإنجيل الذي يستدل به القرآن هو غير هذه الأناجيل. فقد كان الإنجيل المتداول بين نصارى العرب هو إنجيل بطرس, الذي حرمته الكنيسة, بعد مدة من ظهور النبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم, وأخفي هذا الإنجيل كلياً من الساحة الكنسية. فعليه, يجب أن نكون حذرين, إزاء التطابق بين النصّ القرآني وبين نصوص الأناجيل والكتب المقدسة المتوفرة _ حالياً. فلا نسلّم حين النفي للنص, ولا نسلّم حين يتشبث المتشبث بما هو موجود في النص المتداول المعترف به، لمشكلة تحريك النصوص بشكل دائم.
فيجب علينا _ وفق ذلك _ أن نميّز بين ألفاظ وردت في الكتب المقدسة, وقد قيل: إنها تنطبق على النبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم أو الإمام المهدي عليه السلام, وأن نختبرها ونختبر صفاتها, ليتميّز ذلك بدقة.
على أنني أنبه إلى أن هذا البحث, ليس مخصصاً لمناقشة هذه القضية؛ لأن هذه القضية تأخذ بحثاً طويلاً جدّاً, حيث إن الحوار حول إثبات النصوص التوراتية والإنجيلية _ في النبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم بشكل عام _ دخلت في نفق الصراعات, والتحريك للألفاظ والمعاني, والتعقيد الشديد في تناول النص الكنسي, لتحركه الهلامي, ولتداخل الكثير من المعاني التي يجب الرجوع إلى أصول ألفاظها بصورة دقيقة. فهناك الكثير من الألفاظ والكلمات التي دخلت في دهاليز الظلام, فلا يعرف لها قرار, مثل إصرارهم على أن روح الحق _ الكلمة المهمة في النص الإنجيلي _ هو الروح القدس نفسه. وأن الروح القدس هو جبرائيل عليه السلام, ويدّعون في نفس الوقت أن روح الحق هو الله المتجسد بالمادة (الله المتجسد = المسيح), الذي لا يحده مكان ولا زمان, فكيف يكون هذا؟ أيكون جبرائيل هو الله؟ وهو المسيح نفسه(3)؟ وكيف يكون متجسداً, والله غير مرئي عندهم, وممتنع عن التعريف؟ وهذا مثال بسيط لمطبّات فكرية خارجة عن اختصاص هذا الكتاب.



الهوامش

(1) لا بأس أن نشير إلى ما كررناه في هذا الكتاب - دفعاً للالتباس. وذلك بما أن هذه الكلمات - لغةً - هي نص على كلمة (محمّد) أو (أحمد) فلا مانع - مطلقاً - أن تكون في النبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم كصاحب رسالة, بينما يكون المهدي هو نفس النبي محمّد اعتباراً؛ لأنه هو صاحب نشر نفس الرسالة عالمياً, وبهذا الاعتبار, فهذه الألفاظ تكون نصاً على النبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم, ولكن الصفات التطبيقية هي في الإمام محمّد عليه السلام, وريث النبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم, وبهذا يصح الاستدلال بهذه النصوص على نبوة النبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم لعدم الفصل الحقيقي بين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبين المهدي عليه السلام.

وسيأتي: أن النص على النبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم في غير هذه النصوص, موجود في الكتب القديمة, وقد استدل بها جمع من القساوسة الذين تحولوا إلى الإسلام, وقالوا: إنهم كانوا يدرسون هذه النصوص, على أساس أنها بشارة بالنبي الموعود, وهي لا تنطبق إلاّ على النبي محمّد صلى الله عليه وآله وسلم خصوصاً.
(2) هذا التطابق, قد يدعونا إلى التفكير في سرّ المنع الشديد, من تسمية الإمام المهدي عليه السلام باسمه الحقيقي: (محمّد, أو أحمد).
(3) هذه المشكلة, نابعة - أيضاً - من النصوص المضطربة نتيجة الترجمة. ففي إنجيل يوحنا: الإصحاح 14/ العدد 26: (وأما المعزي الروح القدس, الذي سيرسله الأب باسمي, فهو يعلمكم كل شيء, ويذكركم بكل ما قلته لكم). بينما في العدد 17, من الإصحاح نفسه 14 من إنجيل يوحنا: (روح الحق, الذي لا يستطيع العالم أن يقبله؛ لأنه لا يراه ولا يعرفه, وأما أنتم فتعرفونه؛ لأنه ماكث معكم, ويكون فيكم). وهم يفسرون روح الحق في هذا النص: بأنه لا يمكن أن يحده زمان ولا مكان, وهو روح الله نفسه. بينما يقولون: بأن روح القدس هو جبرائيل, أو الملاك. ولهذا فإن تداخل ثلاثة آلهة - في التسمية والعنوان - أصبح لازماً, بعد مثل هذا التفكيك والجمع. فروح الحق هو الله وهو الروح القدس جبرائيل, وهو نفسه الكلمة المتجسدة, المسيح روح الحق، وهذه النتيجة حتمية لمثل هكذا (تفكيك, وجمع) في النصوص حتّى يمكن التخلص من التناقض.
وقد أورد أحد القساوسة المحاورين تفسيره لروح الحق - بكل صراحة - وقد فسّره بأنه روح من الله, أو روح من الحق, بنفي الفرق بين الصفة والإضافة والظرفية. وهو يكتب في الانترنت باسم مستعار باسم (CADAVRADAVADA) يشرح فكرة روح الحق:
(( فهو روحاً غير مرئياً (كذا) للبشر, وغير مادياً (كذا) وغير ملموساً (كذا). والحق - هنا - هو الله، فهو روح الله، الذي انبثق، أي يصدر من ذات الله الأب: (رُوحُ الْحَقّ الَّذِي مِنْ عِنْدِ الأب يَنْبَثِقُ فَهُوَ يَشْهَدُ لِي) (يوحنا 15/ 26)... اقتطاع... (الروح القدس) (يوحنا 14/ 26) أي: روح الله القدوس، كما يوصف دائمًاً. ثانياً: فهو غير محدود بمكان, وزمان: (وَأنَا أطْلُبُ مِنَ الأب فَيُعْطِيكُمْ مُعَزّياً آخَرَ... لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إلى الأبَدِ رُوحُ الْحَقّ الَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ الْعَالَمُ أنْ يَقْبَلَهُ لأنَّهُ لاَ يَرَاهُ وَلاَ يَعْرفُهُ) (يوحنا 14/ 16 و17). انتهى كلام القس. وفيه شيء عجيب, وهو أنه اعتبر: أن المسيح غير مرئي وغير معروف؟! وهذه حيرة عجيبة في تشخيص (الله, والمسيح, وروح القدس)؛ لأن المسيح مرئيٌ ومعروف, بينما النص يقول: إن روح الحق غير معروف وغير مرئي, فإذا كان المسيح هو الله، فإنه مرئي، وإذا كان روح الحق غير مرئي, فكيف يرى الله نفسه, ما دم المنبثق منه غير مرئي؟ إنها خلطة يصعب تصورها، ولكن المسيحيين يرون أن العزاء في ذلك هو (قبول الإيمان بها), فالإيمان هو القبول حتّى لما لا يقبله العقل ولا قدرة له على تصوّره, ورغم تناقض الفهم فيه. والدليل عندهم المحبة, والرؤية القلبية، وليس التناسق المنطقي للصورة، فعندهم أنه لمقبول جدّاً أن يكون المسيح هو روح الحق, ويخبرهم بأنه سيأتي روح الحق, يبشرهم بكل الأمور من قبله. فمَنْ بعثَ مَنْ؟ هذا غير مهم, المهم الحب والقناعة القلبية. (يمكن لمن يريد المزيد أن يراجع الدراسات والحوارات الكثيرة حول هذا الموضوع).


المصدر
الحداثوية والقضية المهدوية
الشيخ نزيه محيي الدين


 Ø¹Ø±Ø¶ التعليقات
لا توجد تعليقات!
 Ø¥Ø¶Ø§ÙØ© تعليق
الإسم: *
البلد:
البريد الإلكتروني:
التعليق: *
التحقق اليدوي: *