القائمة الرئيسية:
 Ø£Ù‚سام أخبار المستبصرين:
 Ø£Ù‚سام المقالات:
 Ø£Ù‚سام مكتبة الكتب:
 ÙƒØªØ§Ø¨ عشوائي:
 ØµÙˆØ±Ø© عشوائية:
 Ø§Ù„قائمة البريدية:
البريد الإلكتروني:
 Ø§Ù„مقالات
المسارالمقالات » إدانتهم من كتبهم » الإمامة » عمر يتهم الرسول ص بأنه لم يدبر أمر المسلمين قبل موته

عمر يتهم الرسول ص بأنه لم يدبر أمر المسلمين قبل موته

القسم: الإمامة | 2009/09/25 - 07:40 AM | المشاهدات: 2941

عمر يتهم الرسول ص بأنه لم يدبر أمر المسلمين قبل موته_!
بسم الله الرحمن الرحيم،،،

جاء ابليس فجلعني أضع تلك القناة البالية، قناة النفاق والإستغلال المادي، فوجدت المنافق الحامدي وهو واضع حوارا (بل خواراً) بشأن عمر بن الحطاب، يطلب فيه سيرته وفي نفس الوقت، عليكم بالتأذب مع عمر واذكروا محاسنه فقط، ولعمري ليس لديه حسنة أبداً، وأكبر حسناته عندهم من أنه قال إن الرسول ليهجر،،،

فلعنة الله على القوم الظالمين،،،


جاء في سيرة ابن هشام في ج: 4 ص: 1074 :
قال ابن إسحاق : وحدثني الزهري ، قال : حدثني أنس بن مالك ، قال : لما بويع أبو بكر في السقيفة وكان الغد ، جلس أبو بكر على المنبر ، فقام عمر فتكلم قبل أبي بكر ، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال : أيها الناس ، إني كنت قلت لكم بالأمس مقالة ما كانت مما وجدتها في كتاب الله ، ولا كانت عهداً عهده إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكني قد كنت أرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيدبر أمرنا (1)، يقول : يكون آخرنا ، وإن الله قد أبقى فيكم كتاب الله الذي به هدى الله رسوله صلى الله عليه وسلم ، فإن اعتصمتم به هداكم الله لما كان هداه له ، وإن الله قد جمع أمركم على خيركم صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثاني اثنين إذ هما في الغار ، فقوموا فبايعوه ، فبايع الناس أبا بكر بيعة عامة ، بعد بيعة السقيفة ...إنتهى..!!

هامش
_____________
(1) يعني أن عمر يتهم الرسول صلوات الله عليه بترك الأمة دون راعٍ يرعاها، أي أن الرسول صلوات الله عليه وآله رحل وترك الأمة ضائعة ، تنهشها ذؤبان المنافقين والكفرة،،،



وسؤالٌ على الهامش:
فطرة عمر بن الحطاب لا تقبل بأن يترك الله ورسوله صلوات الله عليه وآله الأمة دون خليفة..!!

نسأل: كـيـف تـرضـون بـأن يـتـرك رسـول الله صـلـوات الله عـلـيـه وآلـه الأمـة دون خـلـيـفـة وإمـام عـلـيـهـا بـالـنـص..؟؟ وبـعـدهـا كـيـف تـقـبـلـون بـأن يـتـرك الله الأمـة دون راعٍ بـعـد جـهـاد رسـولـه صـلـوات الله عـلـيـه وآلـه..؟؟

شيء مما ذكرناه في بحثنا خلافة الله في الأرض:
ماذا صنع الرسول الأعظم صلوات الله عليه وآله بالبشرية؟؟
فالإجابة على هذا السؤال المهم، هو إجابة على سؤال عقائدي هام وهو:
الهدف من بعثة الأنبياء والرسل عليهم أفضل الصلاة والسلام!

کانت البشرية في ذلک الوقت، أهل جاهلية يعبدون الأصنام، ويأکلون الميتة، ويأتون الفواحش، ويقطعون الأرحام، ويسيئون الجوار، ويأکل القوي منهم الضعيف، هذا في الوقت الذي کانت فيه مراکز القوى تلک تتضخّم وتتعاظم على حساب ضياع البشرية وموت مبادئها!

أو کما عبرت عن ذلک سيدتى ومولاتي الزهراء البتول صلوات الله عليها في خطبتها الفدکية:
وَکنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النّارِ، مُذْقَةَ الشّارِبِ، وَنُهْزَةَ الطّامِعِ، وَقُبْسَةَ الْعَجْلانِ، وَمَوْطِئَ الأقْدامِ، تَشْرَبُونَ الطّرْقَ، وَتَقْتاتُونَ الْوَرَقَ، أذِلَّةً خاسِئِينَ، تَخافُونَ أنْ يَتَخَطَّفَکمُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِکمْ!

حتى بعث الله سبحانه وتعالى رسوله الأعظم صلوات الله عليه وآله في مواجهة هذه المراکز بامتداداتها الرهيبة وقدراتها العظيمة، والتي شکلت أعنف مواجهة شرسة وقتال ليس له مثيل صبغ أرض الجزيرة ورمالها الصفراء، بلون أحمر قاني لسنوات لم يعرف فيها رسول الله صلوات الله عليه وآله وخيرة أصحابه للراحة طعماً وللسکون مسکناً!

تقول مولاتنا الزهراء صلوات الله عليها في نفس الخطبة:
فَبَلَّغَ الرِّسالَةَ صادِعاً بِالنِّذارَةِ، مائِلاً عَنْ مَدْرَجَةِ الْمُشْرِکينَ، ضارِباً ثَبَجَهُمْ، آخِذاً بِأکظامِهِمْ، داعِياً إلى سَبيلِ رَبِّهِ بِالحِکمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنةِ، يَکسِرُ الأَصْنامَ، وَيَنْکتُ الْهامَ، حَتَّى انْهَزَمَ الْجَمْعُ وَوَلُّوا الدُّبُرَ، حَتّى تَفَرَّى اللَّيْلُ عَنْ صُبْحِهِ، وَأسْفَرَ الحَقُّ عَنْ مَحْضِهِ، وَنَطَقَ زَعِيمُ الدّينِ، وَخَرِسَتْ شَقاشِقُ الشَّياطينِ، وَطاحَ وَشيظُ النِّفاقِ، وَانْحَلَّتْ عُقَدُ الْکفْرِ وَالشِّقاقِ، وَفُهْتُمْ بِکلِمَةِ الإْخْلاصِ فِي نَفَرٍ مِنَ الْبيضِ الْخِماصِ!

فبعد جهدٍ جهيد، وجهاد مرير، وتضحية لا مثيل لها، أقلها أن سقطت الرؤوس، وسالت الدماء الطاهرة على حر الهجير، برجالٍ أوقفوا أنفسهم وأرواحهم من أجل هذا الدين وصاحبه صلوات الله عليه وآله، أُنقدت البشرية من الضلال والضياع، فتقول مولاتنا الزهراء صلوات الله عليها:
فَأنْقَذَکمُ اللهُ تَبارَک وَتَعالى بِأبي مُحَمَّدٍ صلوات الله عليه وآله بَعْدَ اللّتَيّا وَالَّتِي، وَبَعْدَ أنْ مُنِيَ بِبُهَمِ الرِّجالِ وَذُؤْبانِ الْعَرَبِ وَمَرَدَةِ أهْلِ الْکتابِ، کلَّما أوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أطْفَأها اللهُ، أوْنَجَمَ قَرْنٌ لِلْشَّيْطانِ، وَفَغَرَتْ فَاغِرَةٌ مِنَ الْمُشْرِکينَ قَذَفَ أخاهُ (أي علياً) في لَهَواتِها، فَلا يَنْکفِئُ حَتَّى يَطَأَ صِماخَها بِأَخْمَصِهِ، وِيُخْمِدَ لَهَبَهَا بِسَيْفِهِ، مَکدُوداً في ذاتِ اللّهِ، مُجْتَهِداً في أمْرِ اللهِ، قَرِيباً مِنْ رِسُولِ اللّهِ سِيِّدَ أوْلياءِ اللّهِ، مُشْمِّراً ناصِحاً، مُجِدّاً کادِحاً!

وبذلک وکما قلنا في مقدمة الموضوع، بأنه قد تجلت وظهرت حکومة الله في الأرض کالنار على المنار وکالشمس في وضح النهار بعد بعثة الرسول الأعظم صلوات الله عليه وآله والذي -بأبي هو وأمي ونفسي-، أسس الدولة الإسلامية الإلهية مباشرة بعد وصوله للمدينة المنورة، فمارس کلّ ما هو من شأن الحاکم السياسي من تشکيل جيش منظّم، وعقد معاهدات ومواثيق مع الطوائف الأخرى، وتنظيم الشؤون الإقتصاديّة والعلاقات الإجتماعيّة ممّا يتطلّبه أيُّ مجتمع منظّم ذو طابع قانونيّ، وصفة رسميّة وصيغة سياسيّة، واتخاذ مرکز للقضاء والإدارة متمثلاً في مسجد رسول الله صلوات الله عليه وآله، ووضع رواتب وعين المسؤوليات الإداريّة، وووجه رسائل إلى الملوک والأمراء في الجزيرة العربيّة وخارجها، وسير الجيوش والسرايا!

ماذا بعد شهادة ورحيل الرسول الأعظم صلوات الله عليه وآله
عِلْمُ الله جلَّ وعلا بالإنقلاب على الأعقاب

فمن النصوص الواضحة على هذا التغير وهذا الإنقلاب، هو قول الله تعالى، بسم الله الرحمن الرحيم: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِکمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاکرِينَ...آية 144 سورة آل عمران!

هذه الآية الکريمة لا تحتاج إلى تأويل وتفسير، فهي واضحة، وقاطعة الدلالة على أن الإنقلاب واقعٌ لا محال وذلک في قوله جلّ وعلا « انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِکمْ » بعد شهادة الرسول الأعظم صلوات الله عليه وآله!

والسؤال البديهي:
هل من عدل الله عزَّ وجلَّ ترک الناس دون راعٍ يرعاها، وبعد ذلک يحاسبهم؟

أم هل من عدل الله، علمه بهذا الإنقلاب على الأعقاب، ثم لا ينصب من يخلفه بعد شهادة رسوله صلوات الله عليه وآله؟


عِلْمُ الرسول الأعظم صلوات الله عليه وآله بالإنقلاب، فمن العدل والحکمة أن يُنصَّب خليفة لله بعد الرسول صلوات الله عليه وآله
وبعد هذه التضحية، يأتي السؤال الفطري الذي لابد منه:
هل بقية الأمة مجتمعة کلمتها؟
ألم تتفرق؟

هل هناک دلالات ونصوص قطعية واضحة على أنها ستتفرق؟


لقد کان رسول الله صلوات الله عليه وآله يدرک عياناً أنّ نقطة ضعف هذه الأمّة يکمن في تفرّقها وفي تبعثر جهودها ممّا سَيُمَکن من ظهور منافذ مشرعة في هذا البنيان الکبير لا تتردد أرکان الکفر وأعداء الدين المتلوّنين والمتسترين من النفوذ خلالها والتسلل بين أهلها، وفي ذلک الخطر الأکبر!

يقول العلامة الکبير الشيخ محمد رضا المظفر قدس سره في کتابه السقيفة، مخاطباً أصحاب العقول:
هل کان يعلم –يعني رسول الله صلوات الله عليه وآله- بأمر الخلافة؟

هل تجد من نفسک الميل إلى الاعتقاد بأن النبي صلوات الله عليه وآله کان لا يعلم بما سيجري بعده: من خلافات وحوادث من أجل الخلافة ؟ وهل تراه کان غافلا عما يجب في هذا السبيل؟
إذا کان لک هذا الميل فلا کلام لي معک، وأرجو منک - يا قارئي العزيز عليَّ - أن تلقي الکتاب عندئذ عنک ولا تتعب نفسک بالاستمرار معي إلى آخر الحديث، لأني أفرض قارئي مسلما يؤمن بالنبي ورسالته، ويعرف من تأريخه ما يکفيه في طرد هذا الوهم!

فإن من يمت إلى الإسلام بصلة العقيدة لا بد أن يثبت عنده على الأقل أن صاحبه صرح في مقامات کثيرة بما ستحدثه أمته من بعده فقد قال غير مرة :
ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة فرقة ناجية والباقون في النار!

أقول: راجع العديد من المصادر في هذا الباب مثل:
صحيح ابن حبان ج: 14 ص: 140: ح6247، صحيح ابن حبان ج: 15 ص: 125:ح6731، المستدرک على الصحيحين ج: 1 ص: 47: ح10، سنن الترمذي ج: 5 ص: 25: باب ما جاء في افتراق هذه الأمة: ح2640، المستدرک على الصحيحين ج: 4 ص: 477: ح8325، سنن البيهقي الکبرى ج: 10 ص: 208، فيض القدير ج: 5 ص: 384، التدوين في أخبار قزوين ج: 2 ص: 79، تاريخ بغداد ج: 13 ص: 309، کشف الخفاء ج: 1 ص: 169، المغني ج: 4 ص: 5، وغيرها من کثير من المصادر!

وأکثر من ذلک أنه لم يستثن من أصحابه إلا مثل همل النعم، ثم هم يدخلون النار بارتدادهم بعده على أدبارهم القهقري، أو يردون عليه الحوض فيختلجون بما أحدثوا بعده،

أقول: راجع العديد من المصادر في هذا الباب مثل:
صحيح البخاري ج: 5 ص: 2407: ح6215 والکثير من الأحاديث في نفس الباب والکثير من المصادر الأخرى!

وفي بعض الأحاديث، فيقال لي :
إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم، کما في صحيح مسلم 8 : 107 وغيره!

وأخبرهم أنهم يتبعون سنن من قبلهم شبرا بشبر وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لتبعوهم!

أقول: راجع العديد من المصادر في هذا الباب مثل:
صحيح مسلم ج: 4 ص: 2054: ح2669، صحيح البخاري ج: 3 ص: 1274: ح3269، صحيح البخاري ج: 6 ص: 2669: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لتتبعن سنن من کان قبلکم، صحيح ابن حبان ج: 15 ص: 95: ذکر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم سنن من قبلکم أراد به أهل الکتابين، المستدرک على الصحيحين ج: 4 ص: 502: ح8403، وغيرها من المصادر!

والخلافة أمر کانت تحدثه به نفسه الشريفة، ويشير إليها أنها ستکون ملکا عضوضا بعد الثلاثين سنة!

أقول: راجع العديد من المصادر في هذا الباب مثل:
کما في سنن البيهقي الکبرى ج: 8 ص: 159، المعجم الأوسط ج: 6 ص: 345: ح6581، مسند الطيالسي ج: 1 ص: 31: ح228، مسند أبي يعلى ج: 2 ص: 177: ح873، المعجم الکبير ج: 1 ص: 156: باب ما جاء في فساد الناس ثم إظهار الخمور واستحلال الحرير والفروج، المعجم الکبير ج: 20 ص: 53: ح91، شعب الإيمان ج: 5 ص: 16: ح5616، السنن الواردة في الفتن ج: 3 ص: 699: ح334، الفتن لنعيم بن حماد ج: 1 ص: 98: ما يذکر من الخلفاء بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وغيرها العديد!

ويقول الشيخ المظفر أعلى الله مقامه:
وسيرته والأحاديث عنه - وما أکثرها - تشهد شهادة قطعية على ما کان من اختلاف أمته، وعلى أن الخلافة والإمامة من أولى القضايا التي کانت نصب عينيه!

هل وضع حلا للخلاف ؟
إذاً کان صلوات الله عليه وآله عالما بأن الدهر سيقلب لأمته صفحة مملوءة بالحوادث والفتن، والخلافات والمحن، وأن لا بد لهم من خلافة وإمارة!

فلا بد أن نفرض أنه قد وضع حلا مرضيا لهذا الأمر يکون حدا للمنازعات وقاعدة يرجع إليها الناس، لتکون حجة على المنافقين والمعاندين، وسلاحا للمؤمنين، ما دمنا نعتقد أنه نبي مرسل جاء بشيرًا ونذيرًا للعالمين إلى يوم يبعثون، فلم يکن دينه خاصا بعصره، ليترک أمته من بعده سدىً من غير راعِ أو طريقة يتبعونها، مع علمه بافتراق أمته في ذلک..؟!

ولا يصح من حاکم عادل أن يحکم بنجاة فرقة واحدة على الصدفة من دون بيان وحجة تکون سببا لنجاتهم باتباعها، وسببا لهلاک باقي الفرق بترکها..؟!؟

لنفرض أن الحديث والتأريخ لم يسجلا لنا الحل الذي نطمئن إليه، فهل يصح أن نصدقهما بهذا الإهمال، ونوافقهما على أن النبي ترک أمته سدىً، وفي فوضوية لا حد لها يختلفون ويتضاربون؟

ثم يتقاتلون، وتراق آلاف، آلاف الدماء السلمة، ساکتا عن أعظم أمر مني به الإسلام والمسلمون، مع أنه کان على علم به؟

ولو کنا نصدقها مستسلمين لکذبنا عقولنا وتفکيرنا، فإن الإسلام جاء رحمة لينقذ العالم الإسلامي من الهمجية والجاهلية الأولى، فکيف يقر تلک المجازر البشرية في أقصى حدودها، تلک المجازر التي لم يحدث التأريخ عن مثلها ولا عن بعض منها في عصر الجاهليين!

فما علينا إلا أن نتهم التأريخ والحديث بالکتمان وتشويه الحقيقة بقصد أو بغير قصد؟!

ولئن لم يکن محمد نبياً مرسلا يعلم عن وحي ويحکم بوحي فليکن - على الأقل - أعظم سياسي في العالم کله لا أعظم منه:
فکيف يخفى عليه مثل هذا الأمر العظيم لصلاح الأمة بل العالم بأسره مدى الدهر، أو يعلم به ولا يضع له حدا فاصلا؟

وهل يرضى لنفسه عاقل يتولى شئون بلده فضلا عن أمة، أن يترکها تحت رحمة الأهواء واختلاف الآراء ولو لأمد محدود، وهو قادر على إصلاحها أو التنويه عن إصلاحها، إلا أن يکون مسلوبا من کل رحمة وإنسانية؟

حاشا نبينا الأکرم من جاء رحمة للعالمين ومتمماً لمکارم الأخلاق وخاتماً للنبيين!

وقد قال الله تعالى على لسانه نبيه صلوات الله عليه وآله بعد حجة الوداع : الْيَوْمَ أَکمَلْتُ لَکمْ دِينَکمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْکمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَکمُ الإِسْلاَمَ...آية 3 سورة المائدة!

وقد وجدناه نفسه صلوات الله عليه وآله لا يترک حتى المدينة المنورة، إذا خرج لحرب أو غزاة، من غير أمير يخلفه عليها، فکيف نصدق عنه أنه أهمل أمر هذه الأمة العظيمة بعده إلى آخر الدهر، من دون وضع قاعدة يرجعون إليها أو تعيين خلف بعده؟

أکتفي بهذه الکلمات من قول العلامة المظفر أعلى الله مقامه!

ولذا، فإنّ رسول الله صلوات الله عليه وآله کان يصرّح ويحذّر من افتراق أُمّته، ويلوح للمفترقين بالنار والجحيم!

بيد أنّ ما حذّر منه صلوات الله عليه وآله وما کان يخشاه، بدت أوّل معالمه الخطرة تتوضح في اللحظات الأولى لرحيله صلوات الله عليه وآله وانتقاله إلى عالم الخلود، وعندها وجد أعداء هذا الدين الفرصة مؤاتية للولوج إلى داخل هذا البناء والعمل على هدمه بمعاول أهله لا بمعاولهم هم!

فتفرّقت هذه الأُمّة فرقاً فرقاً وجماعات جماعات، لا تتردد کل واحدة من أن تکفّر الأخرى وتکيل لها التهم الباطلة والافتراءات الظالمة، وانشغل المسلمون عن أعدائهم بقتال إخوانهم والتمثيل بأجسادهم، وحل بالأمّة وباء وبيل بدأ يستشري في جسدها الغض بهدوء دون أن تنشغل بعلاجه!

وخير وصفٍ لهذا الإنقلاب، هو ما جاءت به الصديقة الطاهرة فاطمة بنت محمد صلوات الله عليهما وآلهما، حيث قالت في خطبتها الفدکية العظيمة، بعدما ذکرت جهاد النبي وابن عمه صلوات الله عليهما وآلهما:
وأَنْتُمْ فِي رَفاهِيَةٍ مِنَ الْعَيْشِ، وَادِعُونَ فاکهُونَ آمِنُونَ، تَتَرَبَّصُونَ بِنا الدَّوائِرَ، وتَتَوَکفُونَ الأَخْبارَ، وَتَنْکصُونَ عِنْدَ النِّزالِ، وَتَفِرُّونَ عِنْدَ القِتالِ!

فَلَمَّا اخْتارَ اللّهُ لِنَبِيِّهِ دارَ أنْبِيائِهِ وَمَأْوى أصْفِيائِهِ، ظَهَرَ فيکمْ حَسيکةُ النِّفاقِ وَسَمَلَ جِلبْابُ الدّينِ، وَنَطَقَ کاظِمُ الْغاوِينِ، وَنَبَغَ خامِلُ الأَقَلِّينَ، وَهَدَرَ فَنيقُ الْمُبْطِلِين!

فَخَطَرَ فِي عَرَصاتِکمْ، وَأَطْلَعَ الشيْطانُ رَأْسَهُ مِنْ مَغْرِزِهِ، هاتفاً بِکمْ، فَأَلْفاکمْ لِدَعْوَتِهِ مُسْتَجيبينَ، وَلِلْغِرَّةِ فِيهِ مُلاحِظِينَ. ثُمَّ اسْتَنْهَضَکمْ فَوَجَدَکمْ خِفافاً، وَأَحْمَشَکمْ فَأَلْفاکمْ غِضاباً، فَوَسَمْـتُمْ غَيْرَ اِبِلِکمْ، وَأَوْرَدْتُمْ غَيْرَ شِرْبِکمْ، هذا وَالْعَهْدُ قَريبٌ، وَالْکلْمُ رَحِيبٌ، وَالْجُرْحُ لَمّا يَنْدَمِلْ، وَالرِّسُولُ لَمّا يُقْبَرْ، ابْتِداراً زَعَمْتُمْ خَوْفَ الْفِتْنَةِ، ألا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَانَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطةٌ بِالْکافِرِينَ!

فَهَيْهاتَ مِنْکمْ، وَکيْفَ بِکمْ، وَأَنَى تُؤْفَکونَ..؟ وَکتابُ اللّه بَيْنَ أَظْهُرِکمْ، أُمُورُهُ ظاهِرَةٌ، وَأَحْکامُهُ زاهِرَةٌ، وَأَعْلامُهُ باهِرَةٌ، وَزَواجِرُهُ لائِحَةٌ، وَأوامِرُهُ واضِحَةٌ، قَدْ خَلَّفْتُمُوهُ وَراءَ ظُهُورِکمْ، أرَغَبَةً عَنْهُ تُرِيدُونَ، أمْ بِغَيْرِهِ تَحْکمُونَ، بِئْسَ لِلظّالِمِينَ بَدَلاً، وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ السْلامِ ديناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ!

ثُمَّ لَمْ تَلْبَثُوا إلا رَيْثَ أنْ تَسْکنَ نَفْرَتُها، وَيَسْلَسَ قِيادُها ثُمَّ أَخّذْتُمْ تُورُونَ وَقْدَتَها، وَتُهَيِّجُونَ جَمْرَتَها، وَتَسْتَجِيبُونَ لِهِتافِ الشَّيْطانِ الْغَوِيِّ، وَإطْفاءِ أنْوارِالدِّينِ الْجَلِيِّ، وَاهْمادِ سُنَنِ النَّبِيِّ الصَّفِيِّ، تُسِرُّونَ حَسْواً فِي ارْتِغاءٍ، وَتَمْشُونَ لأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ فِي الْخَمَرِ وَالْضَّراءِ، وَنَصْبِرُ مِنْکمْ عَلى مِثْلِ حَزِّ الْمُدى، وَوَخْزِ السِّنانِ فِي الحَشا!


والسؤال المطروح:
هل من عدل الله عزَّ وجلَّ هدر کل هذا الجهد من أحب الخلق إليه؟

أم هل من عدل الله عزَّ وجلَّ وحکمته، أن يرسل رسوله العظيم ويضحي کل هذه التضحيات العظام في سبيل رفع کلمته، وبعد ذلک، يترک الأمة تضيع وکأن لم يکن شيئاً؟

أم هل من عدل الله عزَّ وجلَّ وحکمته أن يرسل رسوله صلوات الله عليه وآله يخوض هذه الغمرات، فقط ليعمل بالعدل لفترة من الزمن، لم تتجاوز الربع قرن، وبعدها يهمل الرعية بلا راعٍ يرعاها ويحفظ جمعتها ويسکن نفرتها، ويُهدئ روعتها؟

أم هل من العدل أن يذکر الله آيات صريحة بأنه سيظهر هذا الدين على جميع الأديان حتى يسود الأرض، وبعد ذلک يظهر الفساد في البر والبحر؟


فقد قال العلي الأعلى في محکم کتابه العزيز: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ کلِّهِ وَلَوْ کرِهَ الْمُشْرِکونَ...(آية 33 سورة التوبة، آية 9 سورة الصف)!


 Ø¹Ø±Ø¶ التعليقات
لا توجد تعليقات!
 Ø¥Ø¶Ø§ÙØ© تعليق
الإسم: *
البلد:
البريد الإلكتروني:
التعليق: *
التحقق اليدوي: *