القائمة الرئيسية:
 Ø£Ù‚سام أخبار المستبصرين:
 Ø£Ù‚سام المقالات:
 Ø£Ù‚سام مكتبة الكتب:
 ÙƒØªØ§Ø¨ عشوائي:
 ØµÙˆØ±Ø© عشوائية:
 Ø§Ù„قائمة البريدية:
البريد الإلكتروني:
 Ø§Ù„مقالات
المسارالمقالات » كتابات المستبصرين » لماذا وكيف تحوّل هؤلاء إلى مذهب أهل البيت.. دعوة للتأمل! (2)

لماذا وكيف تحوّل هؤلاء إلى مذهب أهل البيت.. دعوة للتأمل! (2)

القسم: كتابات المستبصرين | 2009/08/26 - 01:10 AM | المشاهدات: 3372

لماذا وكيف تحوّل هؤلاء إلى مذهب أهل البيت.. دعوة للتأمل! (2)

يتناول المفكر الإسلامي المصري صالح الورداني في كتابه، (الخدعة، رحلتي من السنة إلى الشيعة) مسألة تضخيم الرجال، ويستعرض التناقض الذي وقع فيه رواة أحاديث المناقب الموضوعة لكل من أبو بكر وعمر وعثمان ومحاولتهم تلميع صورة فئة معينة من المسلمين على حساب فئة أخرى لأجل مصالح سياسية تتصل بالحكم والهيمنة على السلطة، يقول الورداني في ذلك:

عمــر ويروي البخاري عن ابن عباس قوله: إني لواقف في قوم فدعوا الله لعمر بن الخطاب وقد وضع على سريره - حين طعن - إذا رجل من خلفي قد وضع مرفقه على منكبي يقول: رحمك الله إن كنت لأرجو أن يجعلك الله مع صاحبيك لأني كثيرا ما كنت أسمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: كنت وأبو بكر وعمر. وفعلت وأبو بكر وعمر. وانطلقت وأبو بكر وعمر. فإن كنت لأرجو أن يجعلك الله معهما فالتفت أي ابن عباس - فإذا هو علي بن أبي طالب (1)..
وهذه الرواية كحال سابقتها التي نصت على اعتراف الإمام بالخلفاء حين سأله ولده ابن الحنفية الهدف منها هو هدف ساقتها وهو دعم مشروعية خلافة أبي بكر وعمر بعلي. ودعم مكانتهما به. وإثبات أفضليتهما عليه بلسانه..
ويبدو أن القوم يتخيرون إسناد مثل هذه الروايات إلى عناصر موالية للإمام علي حتى يقطعوا دابر الشك فيها ويؤكدوا وقوعها على لسان الإمام..من هنا فإن مثل هذه الروايات كثيرا ما ينسبونها لابن عباس وأبي سعيد الخدري وجابر بن عبد الله وعمار بن ياسر ومحمد بن الحنفية وغيرهم من شيعة الإمام..
وبخصوص مناقب عمر فحالها كحال مناقب أبي بكر. فمعظم الروايات تربط بينهما في الفضائل وهذا الأمر إن دل على شئ فإنما يدل على أن كليهما مكانته واحدة..ولكن إذا صح هذا الاستنتاج فلماذا قدم أبو بكر عليه؟..

إن محاولة الربط بين أبي بكر وعمر إنما هي من صنع السياسة. فالمتأمل في الأحداث التي وقعت بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله، يكتشف أن كليهما لم يكن له ما يميزه عن الصحابة. ولو كان الأمر كذلك لما حدث الصدام معهما في سقيفة بني ساعدة (2).
وحتى إن أبا بكر أعلن أمام الناس حين ولي الخلافة قوله: وليت عليكم ولست بخيركم (3) وكانت ممارسات عمر ومواقفه في حياة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وبعد وفاته قد ولدت جبهة معادية له حتى أن البعض عاتب أبا بكر حين وصى له بالخلافة من بعده وقالوا: أتولي علينا فظا غليظ القلب (4)..
والذي يستريح إليه العقل أن مشروعية كل منهما تعتمد على الآخر. ولولا اتحادهما سويا ما كان من الممكن أن يسود على المسلمين. هذا مع ملاحظة أن شخصيتي أبي بكر وعمر أكثر الشخصيات ملائمة لتبنى عليهما مشروعية بني أمية (5)..وحتى تتضح لنا الصورة أكثر سوف نعرض لبعض الروايات الخاصة بعمر..
يروي البخاري عن جابر بن عبد الله قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) رأيتني دخلت الجنة. فإذا أنا بالرميضاء امرأة أبي طلحة. وسمعت خشفة فقلت من هذا؟ فقال: هذا بلال. ورأيت قصرا بفنائه جارية فقلت لمن هذا؟فقال: لعمر. فأردت أن أدخله فأنظر إليه. فذكرت غيرتك..فقال عمر بأبي وأمي يا رسول الله. أعليك أغار (6)..
إن الحقيقة التي تتجلى إمام كل ذي عقل عند قراءته هذه الرواية هي أن عمر أعلى مرتبة من الرسول. إذ حصل على مكان في الجنة دهش الرسول لرؤيته وبهر به حتى أنه أراد أن يدخله فخاف من غيرة عمر..هل يجوز مثل هذا الكلام في حق الرسول؟..ألا يعني هذا أن ما حصل عليه عمر في الجنة يفوق نصيب الرسول؟..ثم هل هناك غيرة في الآخرة؟..

ولنترك هذا الحديث إلى حديث آخر يرويه البخاري أيضا: قال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بينما أنا نائم شربت - يعني اللبن - حتى أنظر إلى الري يجري في ظفري - أو من أظفاري - ثم ناولت عمر. قالوا: فما أولته يا رسول الله - أي فسرته - قال: العلم (7)..وهذه الرواية إن صحت فإنها تعني أن عمر أفقه الصحابة وأفقه من أبي بكر.إلا أن القوم لا يقولون بذلك. أي لا يقولون بتفوقه على أبي بكر ولكن على غيره صحيح..إلا أن الواقع لا يشهد بذلك. فالثابت أن عمر اجتهد على نصوص كثيرة وأوقع الناس في حرج. كما وقع في أخطاء كثيرة لا تدل على محصلة علمية لديه (8)..ولو كان عمر فقيها ما طاف في المدينة يهدد الناس حين توفى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) زاعما أنه ما مات وأنه سوف يعود ليقطع أيدي رجال وأرجلهم حتى جاء أبو بكر فبين له حقيقة الأمر فسكن (9)..ولو كان عمر فقيها ما قال لعلي: لولا علي لهلك عمر (10)..ولو كان فقيها ما صعد المنبر ليتكلم في أمر فيخطئ وترده امرأة. فيقول:أصابت امرأة وأخطأ عمر (11)..ولو كان فقيها لاستغنى بفقهه عن الآخرين وما اضطر إلى حجز كبار الصحابة في المدينة ليسترشد بهم ويستفتيهم (12)..
ويروي البخاري عن قيس قال: قال: عبد الله: ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر (13)..ولا شك أن مثل هذه الرواية التي تربط عزة الإسلام بعمر إنما توجه ضربة قاضية للإمام علي وتمحو دوره بالكلية من تاريخ الإسلام. والحمد لله أنها لم تأت على لسان الرسول وإنما وردت على لسان صحابي..
وإن الباحث في سيرة الرسول لا يجد دورا بارزا لعمر يستحق أن تربط عزة الإسلام به. فهو من الذين فروا في أحد. ولم يجرؤ على الخروج لمبارزة عمرو بن ود في غزوة الخندق وخرج إليه الإمام وقتله ولم يفتح الله على يديه في خيبر وفتح على يد الإمام..

ويروي البخاري أن عمر دخل على الرسول وعنده نسوة من قريش يكلمنه.فلما ظهر عمر قمن فبادرن الحجاب. فقال عمر: يا عدوات أنفسهن. أتهبنني ولا تهبن رسول الله؟ فقلن نعم. أنت أفظ وأغلظ من رسول الله. فقال الرسول: إيها يا ابن الخطاب. والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجا قط. إلا وسلك فجا غير فجك (14)..
وهذا الحديث لا ينطق بمدح لعمر بل ينطق بذم له كما هو واضح من قول النسوة: أنت أفظ وأغلظ. ولو كان عمر بهذه المكانة التي تصورها الروايات ما تجرأت النسوة عليه..ويحتار العقل في محاولة الربط بين حادثة عمر مع النسوة وبين قول الرسول له:ما لقيك الشيطان سالكا فجا قط. إلا وسلك فجا غير فجك. ما هي الصلة بين هذه الحادثة وبين الشيطان؟ هل يريد الرسول أن يقول أن النسوة شياطين لما هبن عمر تذكر الرسول عمر وشيطانه؟..
يبدو أن الراوي لم يحسن ضبط الرواية. وكان من الأجدر به أن يفصل الحادثتين عن بعضهما ويجعل كلا منهما في رواية مستقلة..
إلا أن هناك رواية عند مسلم تكذب هذه الرواية وتكشف تناقض القوم في اختلاقهم الأحاديث باسم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)..

يروي مسلم عن عائشة قالت: خرج رسول الله ليلا فغرت عليه. فجاء فرأى ما أصنع فقال: ما لك يا عائشة أغرت؟ فقلت: وما لي لا يغار مثلي على مثلك. فقال: أقد جاءك شيطانك قلت يا رسول الله أو معي شيطان. قال:نعم. قلت: ومع كل إنسان. قال: نعم. قلت: ومعك يا رسول الله.قال: نعم ولكن ربي أعانني عليه فأسلم. وفي رواية أخرى: فلا يأمرني إلا بخير (15)..
فإذا كان كل إنسان معه شيطان حتى عائشة أم المؤمنين فلماذا يستثنى عمر من هذا؟ وإذا كان الرسول معه شيطان أعانه الله عليه. فمن الذي أعان عمر على شيطانه بحيث أصبح يفر منه كلما رآه؟..
يروي البخاري عن أبي هريرة أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:لقد كان فيمن قبلكم من بني إسرائيل رجال يكلمون من غير أن يكونوا أنبياء.فإن يكن من أمتي منهم أحد فعمر (16)..

إن المتابع لسيرة عمر الفقهية يتبين له مدى اختلاق هذه الرواية. فلم يكن عمر من متكلمي القوم ولا كان من فلاسفتهم. ولو كانت هذه المكانة حقا له لكان أجدر به أن يتولى الخلافة بعد رسول الله لا أن يفسح الطريق لأبي بكر ويعلن الحرب على خصومه من الأنصار وغيرهم..
ويروي أحمد والترمذي وابن حبان قول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): لو كان بعدي نبي لكان عمر..ويقول ابن حجر: والسبب في تخصيص عمر بالذكر لكثرة ما وقع له في زمن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من الموافقات ولكن ما الذي جعل أبا بكر يتقدم على عمر؟..
وهل يجوز للرسول أن يفترض وجود نبي بعده وهو خاتم الأنبياء؟..
يروي مسلم على لسان عمر قوله: وافقت ربي في ثلاث: في مقام إبراهيم.وفي الحجاب. وفي أسارى بدر (18)..ويقول ابن حجر: والمعنى وافقني ربي فأنزل القرآن على وفق ما رأيت. ولكن لرعاية الأدب أسند الموافقة إلى نفسه (19)..
إن مثل هذا القول لا يعني إلا شيئا واحدا وهو أن القرآن كان يتنزل على رأي عمر. وهذا يعني أن عمر تفوق على الرسول. وهو يشكك من جهة أخرى في القرآن. الذي كان يتنزل على حسب رأي عمر..والنصوص لا تقول بذلك فالقرآن كان يتنزل بأمر الله ليبلغه رسوله إلى الناس. فلم يكن الرسول يعلم ما سوف ينزل عليه. وإذا كانت هناك موافقة حقا فإن الحقيقة بها هو الرسول وليس عمر..

يروي مسلم أنه لما توفي عبد الله بن أبي سلول جاء ابنه عبد الله إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فسأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه أباه فأعطاه.
ثم سأله أن يصلي عليه فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليصلي عليه. فقام عمر فأخذ بثوب الرسول. فقال يا رسول الله أتصلي عليه وقد نهاك الله أن تصلي عليه. فقال الرسول: إنما خيرني الله فقال استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة وسأزيد على سبعين. قال - أي عمر - إنه منافق.فصلى عليه رسول الله وأنزل الله عز وجل ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم علي قبره (20)..
وهذا الحديث يشير إلى دلالات خطيرة ليست في صالح عمر بل تضعه في موقف محرج شرعا. فالقوم أرادوا أن يثبتوا له منقبة الفقه فطعنوا في الرسول..وأرادوا أن يثبتوا له الموافقة مع القرآن فأوقعوه في الرسول..أما الدلالات التي يشير إليها الحديث فهي:
- أن الرسول كان يجهل النهي وذكره به عمر..
- أن الرسول أصر على موقفه المخالف للقرآن..
- أن عمر جذبه من ثوبه كي يمنعه من ارتكاب هذه المخالفة..
- أن الرسول تحايل على النص القرآني بمنع الاستغفار للمنافقين..
- أن القرآن نزل يوافق عمر..
وما يثير الشك في هذا الحديث هو أن آية النهي عن الصلاة على المنافقين نزلت بعد صدام عمر مع الرسول. بينما عمر يقول للرسول: أتصلي عليه وقد نهاك الله أن تصلي عليه قبل نزولها. فهل كان عمر يعلم الغيب؟ أم كان على اتصال بالوحي؟..

إن مثل هذا الموقف من عمر - على فرض التسليم بصحة هذه الرواية - يضعه في زمرة المنافقين إذ كيف لصحابي أن يعترض على الرسول بهذه الطريقة ويخاطبه بهذا القول الذي هو من أخص خصائصه وهو الحي. وكأن الرسول لا يعرف الأمر والنهي ثم هو يجذبه من ثوبه. أليس مثل هذا الموقف يشكك في مصداقية الرسول ويقلل من هيبته أمام المسلمين؟ وكيف تبارك السماء مثل هذا السلوك من عمر مع رسول الله وتنزل القرآن موافقة لموقفه. ألا يعني هذا أن ثقة السماء قد ضعفت برسول الله؟..

ويروي مسلم عن عائشة قالت: أن أزواج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كن يخرجن بالليل إذا تبرزن إلى المناصع وهو صعيد أفيح. وكان عمر يقول لرسول الله أحجب نساءك فلم يكن رسول الله يفعل. فخرجت سودة بنت زمعة زوج النبي ليلة من الليالي عشاء وكانت امرأة طويلة فناداها عمر ألا قد عرفناك يا سودة حرصا على أن ينزل الحجاب. قالت عائشة: فأنزل الله الحجاب.. (21) وفي رواية يقول عمر لسودة: والله ما تخفين علينا فانظري كيف تخرجين.فرجعت سودة وأخبرت الرسول بقول عمر.. (22) قال القسطلاني: فيه - أي في الحديث - منقبة عظيمة ظاهرة لعمر. وفيه تنبيه أهل الفضل والكبار على مصالحهم ونصيحتهم وتكرار ذلك.. (23) وقال ابن حجر: والحاصل أن عمر وقع في قلبه نفرة من اطلاع الأجانب على الحريم النبوي. حتى صرح بقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): أحجب نساءك. وأكد ذلك إلى أن نزلت آية الحجاب.. (24) وهذا الحديث كسابقه يضع عمر في موضع الحرج في محاولة لصنع منقبة له وإثبات موافقة القرآن لرأيه. فهو قد تطاول على الرسول وتطاول على نسائه.
وبالتأمل فيه نخرج بالنتائج التالية:
- أن عمر كان يأمر الرسول بأن يحجب نساءه..
- أن الرسول كان يهمل أمر الحجاب..
- أن عمر كان يعرض بامرأة الرسول..
- أن عمر كان يرصد حركات نساء الرسول ليلا..
- أن الوحي نزل مؤيدا لموقف عمر..
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: هل كان عمر حريصا على نزول الأحكام من السماء إلى هذا الحد الذي يجعله يتربص بنساء النبي ليلا وينادي عليهم ليحرجهم كي لا يخرجن من بيوتهن ثم يظل يلح على النبي بالحجاب حتى ينزل أمر الله به؟..إن مثل هذا الأمر لأكبر مهانة لرسول الله. إذ يصوره بلا غيرة على نساءه وأن غيرة عمر عليهن أكبر من غيرته. حتى أنه وقع في قلبه نفرة من هذا الوضع كما يعبر ابن حجر - من كشف نساء النبي أمام الأجانب. بينما الرسول لا يبالي بشئ..ويبدو أن الذين اخترعوا هذه الرواية أحسنوا حبكها بوصفهم سودة بأنها كانت امرأة طويلة أو امرأة جسيمة لا تخفى على من يعرفها حسب نص الروايات. ولو لم يقولوا ذلك لشك القوم فيها إذ كيف لعمر أن يحدد في الليل البهيم شخصية زوجة النبي؟..

عثمــان
ونكتفي بهذا القدر من الروايات القوم في تضخيم عمر ونتجه إلى عثمان..
يروي مسلم: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مضطجعا في بيت عائشة كاشفا عن فخذيه أو ساقيه فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على تلك الحال ثم استأذن عمر فأذن له وهو كذلك. فتحدث. ثم استأذن عثمان فجلس رسول الله وسوى ثيابه. فسألته عائشة عن ذلك.؟..فقال: ألا أستحيي من رجل تستحيي منه الملائكة؟.. (25)..
مرة أخرى يحاول القوم تضخيم شخصية فيحطون من الرسول ويمتهنونه.!!ويصورونه كاشفا فخذيه أمام الناس دون حياء حتى إذا جاء عثمان استحيا منه.
فهل يعني هذا أن الرسول لم يكن يضع اعتبارا لأبي بكر وعمر الجالسين إلى جواره ويضع هذا الاعتبار لعثمان؟ ألا يشير ذلك إلى أن مكانة عثمان أكبر من مكانة الشيخين؟..

ويروي البخاري أن رجلا من أهل مصر سأل ابن عمر عن عثمان.
فقال:هل تعلم أن عثمان فر يوم أحد؟
قال ابن عمر: نعم.
فقال الرجل: تعلم أنه تغيب عن بدر ولم يشهد؟
قال: نعم.
قال الرجل: هل تعلم أنه تغيب عن بيعة الرضوان فلم يشهدها؟
قال: نعم
قال الرجل: الله أكبر.
فقال ابن عمر:تعال أبين لك. أما فراره يوم أحد فأشهد أن الله عفا عنه وغفر له. وأما تغيبه عن بدر فإنه كان تحت بنت رسول الله وكانت مريضة. فقال له الرسول: إن لك أجر من شهد بدر وسهمه. وأما تغيبه عن بيعة الرضوان فلو كان أحد أعز ببطن مكة من عثمان لبعثه مكانه. فبعث رسول الله عثمان وكانت بيعة الرضوان بعدما ذهب عثمان إلى مكة. فقال رسول الله بيده اليمني: هذه يد عثمان فضرب بها على يده فقال: هذه لعثمان. فقال ابن عمر للرجل: اذهب بها الآن معك (26)..

إن مثل هذه الرواية إنما تكشف أمامنا عدة حقائق:
- أن المدافع عن عثمان هو ابن عمر..
- أن الأسئلة الثلاثة تكشف أن هناك مواقف عدائية من عثمان..
- أن ابن عمر قد أقر بفرار عثمان يوم أحد..
- أن ابن عمر لم يأت بالدليل على أن الله قد غفر له فعلته هذه..
- أن راوي الحديث قد أخطأ في ترتيب الأحداث وكان يجب أن يسأله عن تغيبه عن بدر أولا ثم يسأله عن أحد. لأن أحدا بعد بدر.. وأمر مثل هذا ما كان يجب أن يخفى عن البخاري وفقهاء القوم فهو يشكك في الرواية..
- أن الثابت تاريخيا أن الرسول لم يكن له بنات سوى فاطمة. وأن رقية وأم كلثوم وزينب ربائبه..
- أن زواج عثمان من رقية وأم كلثوم فيه خلاف والأرجح عدم حدوثه..
- أنه لم يثبت أن الرسول بعث عثمان إلى أهل مكة وقت بيعة الرضوان..

وينقل ابن حجر رواية للبزار أن عثمان عاتب عبد الرحمن بن عوف فقال له: لم ترفع صوتك علي؟ فذكر الأمور الثلاثة غيابه عن بدر وفراره من أحد وتخلفه عن بيعة الرضوان. فأجابه عثمان بمثل ما أجاب به ابن عمر (27)..ورواية البزار هذه إنما تؤكد التهم الموجهة لعثمان إذ أن الذي يتهمه بها واحد من أنصاره وحلفائه وهو الذي مهد له للوصول إلى الحكم. فهو ممن يعرفون تاريخ. عثمان جيدا.. ويلاحظ في كتب الأحاديث خاصة البخاري ومسلم تكرار الأحاديث التي تربط الخلفاء الثلاثة ببعضهم عند الحديث عن مناقب وفضائل كل خليفة على حده..
فحديث: أثبت أحد فإن عليك نبيا وصديقا وشهيدين..
وحديث: إئذن له وبشره بالجنة..
وحديث: كنا في زمن النبي لا نعدل بأبي بكر أحدا ثم عمر ثم عثمان ثم نترك أصحاب رسول الله..
وحديث ابن الحنفية: أي الناس خير بعد رسول الله..
وحديث: إني لكنت أرجو أن يجعلك الله مع صاحبيك..

وتكرار مثل هذه الأحاديث التي تجمع الثلاثة إنما يؤكد أن هناك محاولات متعمدة لربط الثلاثة ببعضهم بصورة تجعل من الصعب التفريق بينهم. وإذا ما تطرق الشك إلى أحدهم فإن الآخر سوف يدعمه ويبدد هذا الشك عنه. وغالبا ما سوف يتجه الشك لعثمان إذ أن تاريخه لا يبرر له هذه المكانة التي وضعوه فيها فمن ثم فإن ربطه بأبي بكر وعمر سوف يقوي من موقفه ويغطي على مساوئه..ولما كانت محاولة المساس بعثمان سوف تكون نتيجتها المساس بأبي بكر وعمر.فقد وضع القوم المحاذير الصارمة التي تحول دون الخوض في عثمان والتي هي نفس المحاذير التي تمنع من الخوض في أبي بكر وعمر..

ومن هنا فقد أحاط القوم الخلفاء الثلاثة بهالة من القداسة وكم هائل من النصوص التي تشكل حاجزا منيعا يحول دون الخوض أو حتى مجرد التفكير في نقدهم..أما الإمام علي فإنهم وإن كانوا قد وضعوه رابع الخلفاء فهم لم يوقروه ويعظموه كما عظموا الثلاثة ويكفي أن وضعوه رابعهم ونقلوا الكثير من الروايات التي تحط من قدره وتشكك في علمه ومكانته وتبرر وضعه في مؤخرة الخلفاء على ما سوف نبين عند عرض مناقب الإمام في روايات القوم..ومثل هذا الأمر إنما يؤكد أن مسألة الخلفاء إنما هي مسألة مخترعة من قبل السياسة وأن القوم يتخبطون في محاولة دعم هذه المسألة بالنصوص..
يروي مسلم: سئلت عائشة من كان رسول الله مستخلفا لو استخلف.
قالت: أبو بكر فقيل لها ثم من بعد أبي بكر. قالت: عمر. ثم قيل لها من بعد عمر. قالت: أبو عبيدة بن الجراح وكما يظهر من هذه الرواية أن عائشة أطاحت بعثمان من بين الثلاثة الذين أجمع عليهم القوم ووضعت مكانه أبي عبيدة مناقضة بذلك كل النصوص الأخرى التي تضع عثمان من وراء عمر. فمن نصدق:عائشة أم القوم؟..
يروي الحاكم في مستدركه عن أبي هريرة قال: دخلت رقية بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) امرأة عثمان وبيدها مشط. فقالت: خرج رسول الله من عندي آنفا رجلت شعره فقال لي: كيف تجدين أبا عبد الله عثمان؟قلت: قال: أكرميه فإنه من أشبه أصحابي بي خلقا (28)..
ويعلق الحاكم على هذه الرواية بقوله: هذا حديث صحيح الإسناد واهي المتن. فإن رقية ماتت سنة ثلاث من الهجرة عند فتح بدر وأبو هريرة إنما أسلم بعد فتح خيبر سنة سبع (29)..
وقال الذهبي: هذا حديث منكر المتن. فإن رقية ماتت وقت بدر وأبو هريرة أسلم وقت خيبر (30) ومثل هذه الرواية التي نجد منها كثيرا في كتب القوم إنما تدل على محاولات الوضع والتضخيم لشخصيات مهزوزة. وتخبط القوم فيها إنما يعود سببه إلى حيرتهم بين نكران السند ونكران المتن. فهم قد أنكروا المتن هذه المرة ولم ينكروا السند كما جرت على ذلك عادتهم. وهذا قمة التناقض. وليتهم ساروا على هذا النهج مع الروايات الأخرى لكان من الممكن أن يريحونا من كم كبير من الروايات المخترعة لتضخيم الرجال. ولكنها السياسة..
بقية العشرة المبشرون بالجنة..
أما ما يتعلق ببقية العشرة فقد جاء القوم بروايات تسهم في زيادة الحيرة وترفع من درجة الشك في المسألة من أساسها.
فعن الزبير بن العوام أحد العشرة يروي البخاري، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة عن مروان بن الحكم قوله: كنت عند عثمان إذ أتاه رجل فقال:استخلف؟ قال: وقيل ذلك؟ قال: نعم. الزبير. قال: أما والله إنكم لتعلمون أنه خيركم. ثلاثا..
ومثل هذه الرواية لا تدل عن منقبة ولا شئ. وليست سوى شهادة من عثمان لصالحه. وهي شهادة لا ترفع من قدره لكونها صادرة ممن يحتاج إلى من يرفع قدره.. ويكفي أن الراوي هو مروان بن الحكم الذي لعنه الرسول وهو في صلب أبيه..

ويروي البخاري قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أن لكل نبي حواريا. وأن حواريي الزبير بن العوام..كما يروي أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قال للزبير: فداك أبي وأمي..
وبالطبع فإن المقصود من جعل الزبير من حواريي الرسول هو منازعة الإمام علي في مكانته الخاصة القريبة من الرسول. ثم إن تعميم هذه الفضائل من شأنه أن ينفي الشك عن أن تكون الفضائل خاصة بفئة محددة..ويروي مسلم أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: لكل أمة أمينا وإن أميننا أيتها الأمة أو عبيدة بن الجراح..
ويروي مسلم عن سعد بن أبي وقاص: قالت عائشة أرق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ذات ليلة فقال ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة. قالت وسمعنا صوت السلاح. فقال الرسول من هذا؟ قال سعد بن أبي وقاص يا رسول الله جئت أحرسك. قالت عائشة فنام رسول الله حتى سمعت غطيطه..ومثل هذه الرواية إنما تثير عدة تساؤلات..
الأول: هل كان الرسول يخاف من شئ ما؟ وما هو هذا الشئ؟..
الثاني: أين بقية الصحابة ولماذا تركوا الرسول بلا حواسة؟..
الثالث: وجود عائشة معه هل يعني أنه كان في بيته أم في غزوة من الغزوات؟
فإذا كان في بيته فلماذا يخاف؟ وإذا كان في غزوة أين الصحابة..
الرابع: لماذا سعد بالذات الذي تطوع لحراسة الرسول؟ هل يعني هذا أن الإمام عليا تقاعس عن حراسته؟..
ويروي البخاري أن أناسا وشوا به - إي بسعد - إلى عمر. قالوا: لا يحسن أن يصلي..وعن طلحة يروي البخاري قول عمر: توفي النبي وهو عنه راض..ويروي عن أبي حازم قوله: رأيت يد طلحة التي وقى بها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد شلت..أما بقية العشرة سعيد بن زيد وعبد الرحمن بن عوف فلم يرو البخاري أو مسلم شيئا عن مناقبهما. فإذا كانا بلا مناقب فكيف يوضعان ضمن العشرة المبشرين بالجنة؟..
وإذا ما تطرقنا إلى الآخرين من الصحابة أتباع الإمام مثل بلال وسلمان وعمار وحذيفة والمقداد وأبي ذر فإن القوم قد مروا عليهم مرور الكرام وكأن هؤلاء ليس لهم دور في الإسلام وليست لهم مكانة..

لقد جعل البخاري لمعاوية بابا أسماه باب ذكر معاوية في الوقت الذي لم يذكر شيئا عن مناقب أبي ذر الغفاري. وجمع عمارا وحذيفة في باب واحد وبرواية واحدة..
يروي البخاري عن عمار وحذيفة وأن علقمة قال: قدمت الشام فصليت ركعتين ثم قلت اللهم يسر لي جليسا صالحا فأتيت قوما فجلست إليهم فإذا شيخ قد جاء حتى جلس إلى جنبي. قلت من هذا؟ قالوا: أبو الدرداء. فقلت: أني قلت من أهل الكوفة. قال أو ليس عندكم ابن أم عبد صاحب النعلين والوسادة المطهرة؟ أو ليس فيكم الذي أجاره الله من الشيطان عمار يعني على لسان نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم). أو ليس فيكم صاحب سر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي لا يعلم أسماء المنافقين أحد غيره حذيفة (31)..
وعن بلال يروي البخاري عن عمر قوله: أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا يعني بلالا (32)..ويروي أيضا أن بلالا قال لأبي بكر: أن كنت اشتريتني لنفسك فأمسكني.وإن كنت إنما اشتريتني لله فدعني أعمل لله (33)..

ويروي عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله في بلال: سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة (34)..أما مسلم فقد روى في بلال الرواية السابقة بينما روى في أبي ذر رواية واحدة هي قصة إسلامه ولقائه الرسول بمكة ولم يرو شيئا من فضائل حذيفة أو عمار أو غيره من أصحاب الإمام بينما جعل بابا في فضائل أبي هريرة وابن عمر وأبي سفيان (35)..
ويروي مسلم عن بلال وسلمان وصهيب الرواية التي ذكرناها سابقا حين اصطدم بهم أبو بكر لمهاجمتهم أبي سفيان وقال له الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك وما نخرج به من هذه الروايات هو ما يلي:- أن حذيفة وعمارا لهما مكانة خاصة فالأول صاحب سر النبي والثاني مجار من الشيطان..
- أن هذه المكانة لم تضعهما في المكان الصحيح والملائم لهما عند القوم..
- أن القوم لم يبينوا لنا لماذا اختص حذيفة دون غيره بسر النبي عن المنافقين؟..
- أن رواية البخاري في بلال على لسان عمر لا تعطي قدرا له فإنما هي شهادة لصالح أبي بكر أكثر منها لصالح بلال..
- أن قول بلال لأبي بكر يشير إلى صدام وقع بينهما بعد وفاة الرسول (36)..
- أن قول الرسول في بلال يؤكد أنه من المبشرين بالجنة. وهذا يفرض طرح السؤال التالي: لماذا لم يوضع بلال ضمن العشرة المبشرين بالجنة؟..
- أن رواية مسلم عن بلال وسلمان وصهيب تؤكد أن مكانتهم أعلى من مكانة أبي بكر..

المراجع:
(1) - البخاري كتاب فضائل الصحابة. باب مناقب عمر بن الخطاب.
(2) - أنظر كتب التاريخ. وأنظر كتابنا السيف والسياسة.
(3) - هذا الكلام قاله أبو بكر في خطبة له حين تولى الخلافة. أنظر كتب التاريخ.
(4) - أنظر كتب التاريخ.
(5) - أنظر كتابنا السيف والسياسة.
(6) - البخاري. باب مناقب عمر.
(7) - المرجع السابق.
(8) - أنظر كتاب النص والاجتهاد ط بيروت. وأنظر كتابنا فقه الهزيمة.
(9) - البخاري. باب فضل أبي بكر.
(10) - أنظر تاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي. وأنظر طبقات ابن سعد (ح 2 / 339). وكان عمر يقول: علي أقضانا. وعن سعيد بن المسيب قال: كان عمر يتعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو الحسن.
(11) - أنظر تاريخ الخلفاء للسيوطي وكتب التاريخ.
(12) - كان عمر قد وضع كبار الصحابة تحت الإقامة الجبرية في المدينة بحجة المشورة. ويبدو أنه كانت هناك أهدافا أخرى لهذا الاحتجاز. أنظر تاريخ عمر لابن الجوزي وكتب التاريخ.
(13) - البخاري. باب مناقب عمر.
(14) - المرجع السابق.
(15) - مسلم كتاب صفة القيامة والجنة والنار. باب تحريش الشيطان.
(16) - البخاري. مناقب عمر.
(17) - فتح الباري (ج 7).
(18) - مسلم. كتاب فضائل الصحابة. باب من فضائل عمر بن الخطاب.
(19) - أنظر فتح الباري (ج 7) مناقب عمر.
(20) - مسلم. فضائل عمر.
(21) - مسلم. كتاب السلام. باب إباحة الخروج للنساء لقضاء حاجة الإنسان.
(22) - المرجع السابق.
(23) - المرجع السابق (ص 7).
(24) - أنظر فتح الباري.
(25) - مسلم. كتاب فضائل الصحابة. باب من فضائل عثمان.
(26) - البخاري. كتاب فضائل الصحابة. باب مناقب عثمان.
(27) - فتح الباري (ج 7 / 59).
(28) - مستدرك الحاكم (ج 4).
(29) - المرجع السابق.
(30) - تلخيص المستدرك.
(31) - البخاري. كتاب فضائل الصحابة. باب مناقب عمار وحذيفة.
(32) - البخاري. كتاب فضائل الصحابة. باب مناقب بلال.
(33) - المرجع السابق.
(34) - المرجع السابق. ومسلم كتاب الفضائل باب من فضائل بلال.
(35) - أنظر كتاب الفضائل.
(36) - كان هذا الصدام في خلافة أبي بكر حين رفض بلال أن يؤذن لأحد بعد الرسول وقرر الرحيل من المدينة وأراد أبو بكر منعه. ومثل هذا الحدث يدل على أصحاب الإمام كانت لهم مواقف من أبي بكر ومن عمر.. أنظر فتح الباري (ج 7 / 99). وكتب التاريخ.

المصادر:
كتاب (الخدعة، رحلتي من السنة إلى الشيعة) للمفكر الإسلامي صالح الورداني
صفحة (عقائد) الالكترونية
مقالات
جميـــع


 Ø¹Ø±Ø¶ التعليقات
لا توجد تعليقات!
 Ø¥Ø¶Ø§ÙØ© تعليق
الإسم: *
البلد:
البريد الإلكتروني:
التعليق: *
التحقق اليدوي: *